جواب اشكال
محمد باقر السمناني
في حديثين مرويين في الصافي
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی الله مقامه
«* الرسائل جلد 4 صفحه 292 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين و الصلوة و السلام علي محمد و آله الطيبين الطاهرين و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين.
اما بعد فيقول المسكين@العبد المسکين خل@ محمد باقر غفر اللّه ذنوبه و ذنوب والديه و المؤمنين و المؤمنات انه قد ارسل الي العالم العابد الزاهد الراغب صاحب المفاخر و المناقب مولانا محمد باقر من سمنان صانه اللّه من الحدثان حديثين و امرني بحل ما يشكلان@يشکل خل@ عليه منهما فامتثلت امره مبادراً بجوابه لانه من اهل الاجابة ايده اللّه تعالي فقال في الصافي ان اللّه اتخذ ابراهيم عبداً قبل انيتخذه نبياً و اتخذ نبياً قبل انيتخذه رسولاً و اتخذه رسولاً قبل انيتخذه خليلاً و اتخذه خليلاً قبل انيتخذه اماماً يستنبط من هذا الحديث ان الامامة فوق كل المقامات ان كان المراد بالامامة الوجود المطلق باصطلاح الحكماء و هو باصطلاح الشيخ المرحوم الوجود الفعلي فالفعل هو ظل الفاعل و هو عبد حقيقي و ان كان المراد هو الوجود المقيد و باصطلاح شيخنا المرحوم الوجود الفعلي فالمفعول اثر للفعل و هو ايضاً عبد للمؤثر فاين الامامة حيث يكون اماماً و لايكون عبداً و اشهد ان محمداً عبده و رسوله و يخطر بالبال ان العبودية فوق المقامات و هي جوهرة كنهها الربوبية انشاءاللّه في طي الجواب يشرح لنا مفصلاً سر الولاية المطلقة و النبوة المطلقة و الفرق بينهما و اشرفيتهما.
اقول و باللّه التوفيق في المأمول بوساطة آل الرسول9 وفقك اللّه و ايدك بالنظر في آيات الكتاب و التفكر فيها فتري ان العبودية
«* الرسائل جلد 4 صفحه 293 *»
ثابتة لجميع الخلق سبحان من دانت له السموات و الارض بالعبودية حتي انه تعالي قال فاذا جاء وعد اوليهما بعثنا عليهم عباداً لنا اولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار و كان وعداً مفعولاً و هم بختنصر و عساكره الكفار فليس في العبودية بهذا المعني شرافة بل الخساسة لها ثابتة نعم اذا كان عين العبد علمه باللّه و باؤه بونه من الخلق و داله دنوه من الخالق له شرافة اشهد ان محمداً عبده و رسوله فاتخذه عبداً ثم اتخذه نبياً ثم اتخذه رسولاً فالعبودية سابقة و النبوة لاحقة و الرسالة تالية الا انيلاحظ ان كل ما كان مقدماً في الوجود يكون مؤخراً في الظهور.
بالجملة فالعبودية سابقة و ليست بأشرف من النبوة و الرسالة و كذلك اوحينا اليك روحاً من امرنا ماكنت تدري ما الكتاب و لا الايمان و هي سارية في جميع المراتب في جميع الانبياء و المرسلين: و اما الامامة فهي عامة و خاصة فالعامة ثابتة لكل رسول هاد الي اللّه تعالي كماقال في حق الانبياء و المرسلين ائمة يهدون بأمرنا فكل رسول هاد لقومه كان امامهم و ليس بامام غيرهم و اما الامامة الخاصة كامامة ابراهيم7 فهي امامة لجميع من دونه و ليست مخصوصة بقومه الذين كانوا في عصره بل هي شاملة لقوم موسي و عيسي و محمد9 و اتبع ملة ابراهيم امر من اللّه الي رسوله9 فكان7 امامنا و الختنة و القبلة كانتا من سننه7 حتي انه نفي من نفسه من ترك الختنة و قال من تبعني فانه مني و من عصاني فانك انت الغفور الرحيم فالامامة امر زائد علي الرسالة و اعلي منها و فوقها كما هو صريح هذا الحديث الشريف.
فان قلت فعلي هذا يكون الامام افضل من الرسول قلت ان الرسول هو الامام الاول كما كان ابراهيم اماماً فان كان رتبة الامامة فوق الرسالة يكون الرسول حائزاً لها ايضاً.
فان قلت فكيف يتعقل انيكون الامام حائزاً لما هو فوق الرسالة و لا
«* الرسائل جلد 4 صفحه 294 *»
يكون له الرسالة فاقول الامامة المطلقة اعلي من الرسالة المطلقة و هي الولاية المطلقة الاتري ان اللّه سبحانه هو ولي@الولي خل@ و الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور و ان الكافرين لا مولي لهم و اوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون و ليس اللّه بنبي و لا رسول قال علي7 انا مرسل الرسل و انا منزل الكتب.
فان قلت فاميرالمؤمنين عليه و آله صلوات المصلين كان اماماً و لميكن نبياً و لا رسولاً فاقول اما النبوة و الرسالة اللتان للانبياء و المرسلين غير خاتم النبيين9 فهو علي التحقيق بين العلماء المحققين افضل منهم اجمعين كيف لا و هو مرسلهم و منزل كتبهم: و اما خاتم النبيين9 فهو افضل منه بالاتفاق و هو بنفسه9 امام ايضاً و هو امام و علي7 مأموم له فلايلزم انيكون افضل منه بل هو9 افضل منه7.
فان قلت فما معني قوله9 انت مني بمنزلة هارون من موسي الا انه لا نبي بعدي و هو علي ما قلت افضل من الانبياء و المرسلين غير خاتم النبيين فهو نبي و رسول بعده الا انه افضل منه فاقول انه من محمد كالضوء من الضوء و الضوء الاول هو السابق ظاهراً و باطناً و الضوء الثاني مستضيء من الاول دائماً حتي انه7 يسأل منه9 مسائله الجزئية كحكم المذي و المدي فهو الرسول اليه و هو بنفسه لايستقل بنفسه دون الاخذ منه9 فصار هو المبلغ منه الي يوم القيامة فلايستعمل (فلايستقل ظ) بنفسه نبوة و لا رسالة بنفسه و كان تابعاً لرسول اللّه9 في كلي الامور و جزئيها و لايدعي النبوة و الرسالة لنفسه بنفسه مستقلاً عنه و معذلك كان مرسل الرسل و منزل الكتب الاتري المسيح7 يكون حياً بعده و ينزل من السماء في ظهور الامام7 و ينشر شرعه و دينه و ليس نبياً بعده و ان كان نبياً و رسولاً الي بنياسرائيل بل الانبياء و المرسلون جميعاً
«* الرسائل جلد 4 صفحه 295 *»
يرجعون في الرجعة كماقال سبحانه و اذ اخذ اللّه ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال ءاقررتم و اخذتم علي ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا و انا معكم من الشاهدين فهم: جميعاً مأمورون من عند اللّه مؤكداً بالايمان به9 و مأمورون بنصرته مؤكداً ليظهره علي الدين كله و ان الدين عند اللّه الاسلام و هو دين محمد9 /فهم في ذلك اليوم ولكنهم يومئذ لايؤمنون به و ينصرونه@فهم في ذلک اليوم يؤمنون به و ينصرونه خل@ و يكونون بعده9 ولكنهم يومئذ لايستقلون بانفسهم في دينهم و انما دينهم الاسلام فلايكون بعده نبي مستقل في دينه.
بالجملة و اما قولكم ان كان المراد بالامامة الي قولكم فاين الامامة حيث يكون اماماً و لايكون عبداً.
فاقول قد عرفت سابقاً انشاءاللّه ان العبودية سارية في جميع المراتب و النبي عبد و الرسول عبد و الخليل عبد و الامام عبد و الامام افضل من الخليل و الخليل افضل من الرسول من دون الخلة و الرسول افضل من العبد من دون النبوة و الرسالة و اما قولكم بان العبودية جوهرة كنهها الربوبية فحق ولكن عبودية الامام كنهها الربوبية لا عبودية كل عبد حبشي لانه هو نور اللّه بدؤه منه و عوده اليه و الاناسي كلهم عباد ولكنهم خلقوا من ماء و طين خلق الانسان من صلصال كالفخار و خلق الجان من مارج من نار و الامام كان و لميكن معه شيء و لا ماء و لا طين و لا نار. بالجملة قال7 اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده.
و لعلك عرفت مما بينا ان الامامة المخصوصة بالخليل7 و ان كانت فوق خلته و رسالته ولكنها ليست بصادرة من اللّه بلاوساطة اول ما خلق اللّه و له الامامة المطلقة و الولاية علي ما سوي اللّه هنالك الولاية للّه الحق و هو مرسل الرسل و منزل الكتب و ما هو برسول اعوذ بكلمات اللّه التامات
«* الرسائل جلد 4 صفحه 296 *»
التي لايجاوزهن برّ و لا فاجر من شر ما ذرأ و ما برأ فالفرق بين الولاية المطلقة و النبوة المطلقة هو الفرق بين المرسل و المرسل و الحمدللّه رب العالمين.
و قد عرفت انشاءاللّه انه لايلزم مما بينا انيكون اميرالمؤمنين7 افضل من رسول اللّه لانه9 له الامامة و الولاية عليه7.
قال سلمه اللّه تعالي: و ايضاً اسألكم عن هذا الحديث الغامض لمنسمع من احد جواباً شافياً لانهم مثلي و لا ميز في الاعدام في البحار دخل عباس بن عبدالمطلب علي رسول اللّه6 قال له فضل علينا علي بن ابيطالب و المعدن واحد فقال9 في جوابه ما معناه ان اللّه خلق نوراً ثم خلق روحاً فمزج بينهما و خلقني منهما ثم خلق من روحي علياً و خلق من نور علي نور الحسن و الحسين ثم فتق نوري فخلق منه العرش و فتق نور علي و خلق منه السموات و فتق نور الحسن و خلق منه الشمس و القمر و فتق نور الحسين و خلق منه الملائكة فانا اشرف من العرش الي آخر ثم في آخر الحديث ما معناه ان الملائكة ينظرون الينا و كنّا انواراً اربعة و يقولون ما اعظم هذه الانوار فارسل اليهم سحاباً من الظلمة حتي لايري اولهم آخرهم و لا آخرهم اولهم فالتجئوا الي اللّه اللهم بحق هذه الانوار الاربعة انتزيل عنا هذه الظلمة فخلق نور فاطمة الزهراء علي هيئة قنديل و علقها علي العرش فزهرت السموات و لهذا سميت بالزهراء.
ما النور و ما الروح و ما معني المزج بينهما و العالم عالم التجرد و التفرد و قد ثبت ان الحقيقة المحمدية شيء واحد و باعتبارات شتي يطلق عليها الاسامي ما معني الاثنينية في اول ما خلق اللّه و الواحد لايصدر منه الا الواحد و ما معني التراخي و التعقب بكلمة ثم و ما معني خلق سحاب الظلمة في عالم النور و معدن الظهور و اين المحيص عن هذا الاشكال و قد ثبت بالعقل
«* الرسائل جلد 4 صفحه 297 *»
و النقل ان الصديقة الطاهرة خلقت بعد الانوار الاثنيعشر فما معني خلقتها بعد الانوار الاربعة و قبل الباقي: و ما معني نزول الظلمة علي الانوار الاربعة و ما معني الكشف بوساطتها3 بينوا جزاكم اللّه سرَّ هذه الاسرار.
اقول و بالتوفيق من اللّه المأمول بوساطة آل الرسول9 اذا سألت فعه و اذا طلبت فراعه فاعلم ان النور هو الظاهر لنفسه المظهر لغيره كائناً ما كان و هو اسم اللّه المكنون و سره المخزون كمااخبر به بقوله اللّه نور السموات و الارض الي آخر الايات التي هي مقاماته و علاماته التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه لافرق بينه و بينها الا انهم عباده و خلقه المفسر لقوله تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لميكف بربك انه علي كل شيء شهيد الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شيء محيط و شرحه الكافي في الكافي خلق اسماً بالحروف غير مصوت و باللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسد و بالتشبيه غير موصوف و باللون غير مصبوغ منفي عنه الاقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامة علي اربعة اجزاء معاً ليس منها واحد قبل الاخر فاظهر منها ثلثة اسماء لفاقة الخلق اليها و حجب واحداً منها و هو الاسم المكنون المخزون فهذه الاسماء التي ظهرت فالظاهر هو الله تبارك و تعالي و سخر سبحانه لكل اسم من هذه الاسماء اربعة اركان فذلك اثناعشر ركناً.
و اما الروح فهي الحيوة و هي الماء الذي جعل اللّه منه كل شيء حي و هو الرحمة من اللّه تعالي كماقال و يرسل الرياح بين يدي رحمته فرحمته هي الماء النازل بعد الرياح و الرياح هي الهواء المتحرك و الهواء هو الحار الرطب حرارته من النار و رطوبته من الماء و سكونه في الارض وقوعه و شرح ذلك لتقريب الاذهان ان الفعل صدر من الفاعل و هو حركة احدثها بها لا
«* الرسائل جلد 4 صفحه 298 *»
بذاته لان الذات هو المحدث قد احدث الحدث بنفس الحدث ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فتعلقت الحركة الصادرة بالمفعول فتعلقها به ميله اليه من الاعلي الي الاسفل فحدث من الميل الهواء فاذا وصل الميل الي ارض القوابل حدث الماء و نفس القابلية المجعولة هي الارض فكل خلق حدث من العناصر الاربعة في كل عالم بحسبه ففي عالم الغيب غيبية و في عالم الشهادة شهادية و في عالم العقل عقلانية و في النفس نفسانية و في البرزخ مثالية و في الجسم جسمانية و في الافلاک فلکية و في مادونها عنصرية معروفة و في عالم الوصل متصلة ليست واحدة منها قبل الاخر و في عالم الفصل منفصلة كماتري و ماتري في خلق الرحمن من تفاوت اذا تعلمت من اللّه و نظرت بعينه و ان استقللت بنفسك الناقصة فتعلو مرة و تسفل اخري فلاتغفل.
ففي الحقيقة لكل فاعل فعل صدر منه و وقع الفعل علي المفعول و المفعول الحقيقي هو المفعول المطلق في اللازم و المتعدي كقعد قعوداً و ضرب ضرباً و لاينفك القاعد من قعد و لاينفك ضرب من الضرب و هو المفعول الصادر من الضارب و اما المفعولبه فلايصدر من الضارب فليس بمفعول حقيقي ولكنه به صار الضرب ضرباً فهو المفعولبه كما ان الزمان و المكان ليس بصادر من الضارب فصارا مفعولاً فيه كما ان التأدب ليس بصادر عن المؤدب و انما صدر عن المتأدب فصار مفعولاً له فاذا نظرت الي الفاعل و فعله الحقيقي و مفعوله الحقيقي و فكرت فيه حصل لك التصديق في تعدد ذلك و معذلك لاينفك شيء منها شيئاً و علي نحت القوافي من مواقعها.
و اما معني المزج ففي العوالم المنفصلة فمعلوم و اما مزج عالم الوصل هو مزج الفاعل بفعله و مزج فعله بمفعوله الحقيقي فلو لميكن الفاعل لميكن الفعل و لو لميكن الفعل لميكن المفعول و المفعول اثر الفعل و الفعل اثر الفاعل و الفاعل هو المؤثر و المؤثر غير الاثر و الاثر غير المؤثر لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة
«* الرسائل جلد 4 صفحه 299 *»
و الموصوف بالاقتران الممتنع عنه الازل فانظر في كلام الملك المعصوم الحقيقي اميرالمؤمنين عليه و آله صلوات المصلين فان كلام الملوك ملوک الكلام و لعمري لو تجاوزت عنه لمتصل الي شيء من الحكمة الالهية فاختر لنفسك ما يحلو.
و اما قولك و العالم عالم التجرد و التفرد فلو اردت التجرد و التفرد الحقيقي الحقي فذلك من الصفات الالهية و ان اردت التجرد في الخلق فلميخلق شيئاً فرداً قائماً بذاته دون غيره للذي اراد من الدلالة عليه و كل ممكن زوج تركيبي و التجرد النسبي لاينافي التركيب.
اما قولك قد ثبت ان الحقيقة المحمدية شيء واحد فاقول انها شيء واحد لا الاحد و الواحد من العدد و الذي ليس بتأويل العدد هو الاحد و الفرق بينهما هو الفرق بين اللّه سبحانه و بين خلقه و الواحد اول الاعداد و فيه التركيب الاتري انه نصف الاثنين و ثلث الثلاثة و هكذا الي غير النهاية و تلك الاسامي باعتبارات شتي اعتبارات حقيقية كل واحد من الكسور غير الباقي منها حقيقة.
و اما الاتيان بكلمة ثم فلاجل تراخي الرتب فالاول في المثل ثابت و ثبوت الاثنين متأخر عنه متفرع عليه كوجود الفاعل و وجود فعله.
و اما معني الظلمة فهي تستعمل مرة في مادة الشيء الصالحة القابلة للصورة الحسنة كما ان الصورة الحسنة هي النور كما دلَّ عليه قوله اللّه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور و مرة تستعمل في الصورة القبيحة كقوله تعالي و الذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات فالايمان نور و عدمه ظلمة و الكفر ظلمة و عدمه نور و كذلك الطاعة نور و العصيان الظلمة و العدل نور و الفسق ظلمة كما ان الظلم ظلمة و هي مشتقة منه او هو مشتق منها و في العوالم الغيبية كلاهما موجودان بجميع المعاني التي اشرنا اليها فلا اشكال ان شاء اللّه بعد ما اشرنا اليه.
«* الرسائل جلد 4 صفحه 300 *»
و اما قولك و قد ثبت بالعقل و النقل ان الصديقة الطاهرة خلقت بعد الانوار الاثنيعشر فما معني خلقتها بعد الانوار الاربعة و قبل الباقي: فاقول و الذي خلج بالبال ان الانوار الاربعة هي اركان وجود كل واحد منهم: كمااشرنا اليه سابقاً و كل واحد منه مركب من تلك الانوار و اجزاء المركب سابقة عن المركب في عالم الفصل و اما في عالم الوصل فالمركب و اجزاؤه خلقت مساوقة كمااشرنا اليه سابقاً.
فاما كشف الظلمة بوساطتها3 فلاجل انها تمام الكلمة التامة و الارض التي منها انبت اللّه النباتات الطيبات لان اثر الشيء يوجد بعد تمامه في ذاته فاذا اشتعل السراج بالنار صار وهاجاً و هو بنفسه مركب من النار و الدخان الحاصل من البخار الحاصل من الزيت فاذا تم اركان وجوده اضاء فاستضاء منه المستضيء.
و اما قولك و ما معني نزول الظلمة علي انوار@الانوار خل@ الاربعة فاقول قد اشرنا آنفاً ان الاطاعة نور و المخالفة ظلمة فلما استعظم امرهم علي الملائكة و استصعب عليهم حدث من عجبهم الظلمة و حالت بينهم و بين الانوار الاربعة فلما انابوا الي اللّه و دعوا ربهم بوساطتهم: و توسلوا بالوسيلة طلعت عليهم ثانياً شمس وجود الزهراء صلوات اللّه عليها و علي ابيها و بعلها و بنيها.
و قد تم الجواب في غاية الاجمال تكلاناً لفهم الآمر الثاقب و العاقل يكفيه الاشارة و العاقل لاينفع (لاينتفع ظ) من الف عبارة.
و الحمدللّه اولاً و آخراً و ظاهراً و باطناً و كان ذلك عصر يوم الاحد الخامسعشر من شهر ذيالحجة الحرام من شهور سنة 1312 حامداً مصلياً مستغفراً.