04-14 الرسائل المجلد الرابع – رسالة اجوبة‌مسائل ميرزا ابوتراب النفيسي الکرماني ـ مقابله

اجوبة مسائل

الميرزا ابوتراب النفيسي الكرماني

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 209 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمدللّه رب العالمين و الصلوة و السلام علي سيد المرسلين و آله الطيبين الطاهرين ثم علي التابعين و اللعنة علي اعدائهم ابد الابدين.

و بعد يقول العبد لال الرسول صلوات اللّه عليهم محمد الباقر غفر اللّه له ان جناب لب الالباب العلام الفهام الميرزا ابوتراب الكرماني اعانه اللّه الوهاب بمواهبه قد سألني عن حقيقة مسائل معضلة لم‏يثلم الي الان لثامها و لم‏يكشف عنها نقابها و لم‏تصل الي غير اهلها و الاغلب غير مستأهلين لفهمها فنورد عبارته الشريفة اولاً فنتبعها بالجواب و علي اللّه قصد الصواب و هو حسبي و نعم الوكيل.

فقال ايده اللّه تعالي و سدده: يا سيدي و سندي و مولاي انتم تعلمون ان مشكوكاتي و مجهولاتي علي حسب تقصيراتي و سيئاتي اكثر من ان‏تعد و تحصي فأولاً استدعي من جنابكم العالي و بابكم السامي الستر و الاغماض و العفو عن الذنوب و الخطيئات حتي يصفو لوح قابليتي ثم تمنوا علي من فضلكم العظيم و كرمكم الجسيم برفع مشكوكاتي و تبديل مجهولاتي بالعلم و اليقين بأي نحو بيان ترون فيه مصلحتي فانكم اعلم بي مني و اني في ايام تشرفي بخدمتكم و استفاضتي من حضرتكم كنت متردداً في السؤال من تلك المجهولات استحياء منكم من كثرتها و عدم نهايتها و رجاء من اللّه برفعها يوماً فيوماً و شيئاً فشيئاً من بياناتكم الكافية و دروسكم الشافية فلاجل ذلك لم‏نصدعكم و لم‏نزاحمكم حتي ابتليت بما ابتليت و فتنت بما فتنت فبعدت عن قرب جواركم و حرمت من فيض افاضاتكم فالان لم‏نجد بداً سوي

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 210 *»

الجسارة علي السؤال و استدعاء الجواب من غير ستر و نقاب و رمز و حجاب.

فمن مجهولاتي ما معني الحيوة([1]) الاركان علي نبينا و آله و عليهم السلام و ما معني كون عيسي في السماء الرابعة و ما معني الاية الشريفة و ماقتلوه و ماصلبوه ولكن شبه لهم الي قوله بل رفعه الله و معني قوله تعالي متوفيك و رافعك الي و ما المراد من السماء هل هذه السماء الدنيوية العرضية الجسمانية ام غيرها و هل هم علي نبينا و آله و عليهم السلام احياء بالحيوة الدنيوية العرضية التي سبب فراقها تحلل@تخلل خ‌ل@ الالات الجسمانية فما معني كون عيسي علي نبينا و آله و عليه السلام الذي هو واحد منهم في السماء الرابعة ام احياء بالحيوة البرزخية او الاخروية الابدية فما الفرق بينهم و بين سائر الانبياء و المؤمنين سلام اللّه عليهم اجمعين.

ثم هم علي نبينا و آله و عليهم السلام و الغوث الاعظم عجل اللّه فرجه بأي مقام منهم يتصرفون في هذا العالم العرضي الدنيوي الجسماني و كيف يتصرفون و ما الفاعل المباشر هل هي الحس المشترك او غيره و ان كان بالحس فما سر الاحتياج بالامام الحي و الاركان و ما سر خراب الدنيا لولا الامام الحي بالحيوة الدنيوية العرضية بعد ما كان الحافظ هو الحس و العوالم العالية و ما معني خرابها لولا الامام الحي هل هو بموت العلم كما ورد في تفسير قوله تعالي ننقص الارض من اطرافها ام له معني آخر و ما معني سوخ الارض بأهلها و ما سره لولا الامام الحي مع بقائها قبل خلقة آدم علي نبينا و آله و عليه السلام و ما معني لايشغله شأن عن شأن في مقام الجزئية و ما كيفيته و ما مثله في الانفس.

اقول و باللّه المأمول بوساطة آل الرسول9 قد علمت ان البدن الدنيوي الذي تعلق به الارواح@ الروح خ‌ل@ الغيبية هو الروح البخاري المتشاكل الاجزاء الحاصل من الدم في القلب و هو محل روح الحيوة لا

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 211 *»

الاعضاء الكثيفة المختلفة الاجزاء التي منها اللحم و منها الشحم و منها العروق و الاعصاب المكتنفة بالعظام و قد احتوت الجميع بغشاء هو الجلد فهي كلها اوعية لذلك الروح البخاري المتعلق لروح الحيوة كالدخان المشتعل بالنار فذلك الروح البخاري هو الحي بالحيوة و قد سري الي جميع الاعضاء في المنافذ المتصلة بها من القلب و ذلك الروح البخاري يكون بلطافة جسم الفلك فان كان بلطافة جسم فلك القمر يتعلق به روح الحيوة وحدها فيصير الروح البخاري المشتعل بالحيوة في الاعضاء حساساً يبصر و يسمع و يشم و يذوق و يلمس فان صار بلطافة جسم فلك عطارد يتعلق به روح الفكر و ان صار بلطافة جسم فلك الزهرة يتعلق به روح الخيال و ان صار بلطافة جسم فلك الشمس يتعلق به روح المحبة و ان صار بلطافة جسم فلك المريخ يتعلق به روح الوهم و ان صار بلطافة جسم فلك المشتري يتعلق به روح العلم.

و ان صار بلطافة جسم فلك زحل يتعلق به روح العقل الجزئي و ان صار بلطافة جسم الكرسي تتعلق به النفس و ان صار بلطافة جسم العرش يتعلق به العقل الكل فتلك الاجسام الفلكية اجرام لطيفة ذوات طول و عرض و عمق كما تري الفلكيات بعينك لها طول و عرض و عمق ولكن لكل واحد منها مرتبة في الخفة و الثقل فالجسم العرشي فوق الجسم الكرسي و هو فوق جسم فلك زحل و هو فوق فلك المشتري و هو فوق فلك المريخ و هو فوق فلك الشمس و هو فوق فلك الزهرة و هو فوق فلك عطارد و هو فوق فلك القمر فتلك الاجسام كلها اجرام فلكية نباتية كل في درجته و مقامه لكلها جذب و امساك و هضم و دفع و زيادة و نقصان و لكل واحد منها روح متعلق به دون غيره.

و لعلك عرفت مما عرفنا ان ابدان الارواح كلها ابدان نباتية و كلها متشاكل الاجزاء مودعة في وعاء بدن ذي اعضاء مختلفة كما تري و هو البدن الجمادي الذي لو لم‏يكن فيه الروح النباتي و الاجسام الفلكية و ارواحها لايبقي علي حاله بل يتعفن و يتلاشي فيصير الي ما منه بدئ اول مرة و هو

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 212 *»

بجميع اعضائه و جوارحه بل اخلاطه وعاء حافظ لتلك الاجسام اللطيفة المتشاكلة الاجزاء كزجاجة فيها مصباح حافظة له عن الرياح المطفئة بلافرق ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و لعلك عرفت مما عرفناك ان‌شاءاللّه تعالي ان الاحتياج الي الزجاجة عند حركة الهواء و هبوب الرياح فلو لم‏يكن هبوب لايحتاج المصباح في وجوده و اضاءته الي زجاجة ابداً و انما احتياجه الي الدهن و سائر ممداته و اسبابه الموصلة لا غيرها.

و انت تعلم ان قوام البدن الغليظ الذي هو ذو اعضاء و جوارح بتلك الاجسام اللطيفة المتشاكلة بأرواحها فتقيمه علي الصحة و تحفظه عن العفونة و الدثور و تعيده الي الصحة بعد المرض و تلتئم جراحاته بها فان كانت قوية قد سهل عليها الخطب و ان كانت ضعيفة عسر عليها علي حسب ضعفها ألم‏تر الجواد صلوات اللّه عليه و علي آبائه العظام و ابنائه الكرام التئم بدنه بعد ما صار ارباً ارباً و تري رؤسهم صلوات اللّه عليهم بعد القطع و الانفصال في المحاورة و التكلم و اقامة الحجة و ايضاح المحجة.

بالجملة فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك لعلك عرفت ان‌شاءاللّه تعالي ان الموت يقع بتحلل@بتخلل خ‌ل@ الالات الجسمانية كلها لا بعضها دون بعض و الاجرام الفلكية المتشاكلة الاجزاء كلها اجسام و اجزاء للبدن الدنيوي فان وقع موت لبعض الاعضاء في بعض الامراض كالفلج و الاكلة و الشقاقلوس و قطع العضو المخصوص لم‏يمت الشخص لبقاء سائر الاعضاء بأرواحها في الدنيا عند اللّه تعالي و عند الخلق كذلك الامر ان وقع الموت لجميع البدن الذي هو ذو اعضاء و جوارح مختلفة مع بقاء الاجسام الفلكية علي حالها في تعيناتها في هذه الدنيا و الاجرام الفلكية كلها واقعة في هذه الدنيا فالمراد بالموت هو تخلل اجزاء البدن كلها و عودها الي اصولها عود ممازجة فتفطن و لاتغفل عن ذكرنا يسهل لك الخطب و ينقد لك العطب ان‌شاءاللّه تعالي و ينحل لك الاشكال و يكشف لك الاعضال و ان لم‏تر حلها في كتاب و لا خطاب و اللّه

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 213 *»

الموفق للصواب.

فالاركان الاربعة علي نبينا و آله و عليهم السلام كلهم احياء ثلاثة منهم صعدوا الي السماء و هم ادريس و الياس و عيسي: و قد تري في الاخبار ان ملك الموت قبض روح ادريس بين السموات و تري في الاخبار ايضاً ان لعيسي قميصاً كان عليه و كان ذلك القميص من نسج مريم فلمادني عيسي الي السماء نودي بأن الق قميصك الذي هو عليك من نسج مريم و من جنس العالم الادني و الملك و اصعد الي الملكوت ملكوت السموات فألقاه و اشار الي ذلك بقوله تعالي اني متوفيك و رافعك الي و مطهرك من الذين كفروا و اشار الي ذلك ايضاً حكايته بقوله تعالي كنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم.

فالمراد بتوفيه القاء القميص الذي من نسج مريم و ليس المراد موته لانه حي في السماء الرابعة و سينزل في ظهور الامام عجل اللّه فرجه لنصرته و لثبوت حياته قامت الضرورة بين المسلمين و النصاري اجمعين و ذلك لبقاء حياته في جسمه الدنيوي المركب من العناصر الفلكية بل من سائر العناصر الا انها متشاكلة الاجزاء غير مختلفة الاشكال كالقميص و اما الاموات فهم الذين تخللت آلاتهم الدنيوية بأسرها و عاد كل جزء من ابدانهم الفلكية و العنصرية الي اصله عود ممازجة كماء و ماء و هواء و هواء و صاروا الي البرزخ و ساروا فيه.

و اما خضر علي نبينا و آله و عليه السلام فهو في الارض كما رئي مراراً عديدة في زمن الائمة: كما ان الامام عليه و علي آبائه السلام يكون في الارض كما كان في الغيبة الصغري في الارض و هو بقية اللّه في الارض و هو خير لنا و الحمد للّه و الفرق بين الغيبتين انه7 رئي في الاولي الصغري اكثر و كثير من المؤمنين و المنافقين رأوه و قد كان غائباً فيها و اما في الثانية الكبري فقل من رآه.

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 214 *»

و قد رآه الذي به خراج في فخذه و قد عجز الاطباء و المعالجون عن علاجه و كان في زمن السيد المرتضي علم الهدي ببغداد فظهر له في سر من رأي و مس الخراج و برئ في ساعته بحيث لم‏يبق له اثر و عرف7 نفسه له و عاد الي بغداد و حكي السيد; حكايته فأرسل الي الاطباء و المعالجين و احضرهم جميعاً و قد رأوه قبل ذلك مبتلي بأيام قليلة قبل المسافرة الي سر من رأي و العود الي بغداد و قد عجزوا عن المعالجة فكشف عن موضع الخراج فلم‏يحسوا بأثر له فتعجبوا من ذلك فأخبرهم السيد; بقصته و مس الامام عجل اللّه فرجه عليه و قد ذكروا قصته العلماء الاعلام كماذكروا جميعاً اجتمعوا معه7 في الاحيان في الغيبة الكبري و قد ذكر كثيراً منها في غاية المرام.

و اما سر صعود عيسي7 الي السماء و كونه في الرابعة فلانه روح اللّه و اذا صعد الي الشمس و سكن فيها صارت كبدن جنين حدث الحيوة في قلبه و انتشرت الي سائر اعضائه فصارت قوته متزايدة بأضعاف كثيرة فكذلك كانت الشمس قبل صعود عيسي اليها كجنين لا حيوة له فبعد صعوده ازدادت قوة و اثراً باضعاف مضاعفة فاشرقت الي سائر الكواكب فازدادت الكواكب قوة و اثراً فأثرت الاباء العلوية في الامهات السفلية و كملتها فاستعدت الاصلاب الشامخة و تكلمت الارحام المطهرة لظهور خاتم النبيين و اوصيائه: فلاجل ذلك صار مبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه احمد9.

و قد ذكر في كتاب يوحنا الحواري المسمي بالانجيل انه قال للحواريين لابد من صعودي الي السماء و غيابي عنكم و انه خير لكم ان علمتم فلاتستوحشوا من غيابي عنكم فاني بعد صعودي الي اللّه ادعو لكم و استدعي منه تعالي ان‏يرسل اليكم فارقليطاً آخر يبين لكم كثيراً لعدم تحملكم الان و يخبر بما سيأتي بعد و انا مااخبرت عنه و ان لم‏اصعد الي السماء و الي اللّه لا

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 215 *»

يأتي ذلك الفارقليط بالجملة و لعلك عرفت مما بينا لك ان المراد من صعوده الي السماء الرابعة هو صعوده الي السماء الظاهرة الدنيوية من غير تأويل سخيف اعاذنا اللّه و اياكم منه.

و اما المراد من حياتهم فهو الحيوة الدنيوية كماعرفت آنفاً و سيموتون بعد حين و اما سائر الانبياء و الاوصياء: و المؤمنون و ان كانوا احياء بمقتضي قوله تعالي فلاتحسبن الذين قتلوا في سبيل اللّه امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون ولكنهم احياء بالحيوة البرزخية لا الحيوة الدنيوية بمقتضي قوله تعالي انك ميت و انهم ميتون ثم انكم يوم القيامة تبعثون.

و اما تصرف الغوث الاعظم عجل اللّه فرجه و تصرف الاركان بل تصرف النقباء: في هذه الدنيا كتصرف الشمس اذا جللها السحاب كماروي عنه روحي فداه عليه و علي آبائه آلاف التحية و الثناء و اما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكانتفاع الناس بالشمس اذا جللها السحاب فبدنه الجسماني كالقلب الجسماني في بدنك و جميع السموات و الارض له كسائر اعضائك منه و به تحركت المتحركات و سكنت السواكن يسبح اللّه باسمائه جميع خلقه فسبح اسم ربك الاعلي الذي يسبح له ما في السموات و ما في الارض فالفاعل المباشر العرش اولاً ثم الكرسي ثانياً ثم الافلاك و الكواكب و ارواحها و الحس المشترك و العناصر الفلكية و الارضية و الجوهرية و العرضية.

اما سر الاحتياج الي الامام الحي7 هو سر الاحتياج الي القلب الجسماني من سائر اعضائك حرفاً بحرف ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و اما سر خراب الدنيا و سوخ الارض بأهلها لولا الامام الحي7 فهو سر خراب جميع اعضائك العالية و الدانية لولا قلبك في مكانه حرفاً بحرف ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و اما المراد بسوخ الارض باهلها فهو ما عرفت بالمثال و الحق فيه فلاخصوصية لسوخ العلم بل المراد سوخ المتحركات و السواكن و هلاك العالم و العلم و العامل و العمل.

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 216 *»

و اما سر بقاء العالم في زمن آدم و ما قبله فهو سر نمو النطفة في الرحم الي ان‏تصير علقة و نموها الي ان‏تصير مضغة و نموها الي ان‏تصير عظاماً و نموها الي ان‏تكسي لحماً و نموه الي ان‏يصير@نموها الي ان‌تصير خ‌ل@ معدة و امعاء و كبداً و قلباً و دماغاً حرف بحرف فبعد حصول الاعضاء الرئيسة في البدن لايستغني سائر الاعضاء المرؤسة عن الرئيسة و ان كان قبل ذلك لا رئيسة فيه و لا مرؤسة حرفاً بحرف ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فالقلب بمعانيه سواء كانت بمعني القلب الصنوبري او بمعني الروح البخاري او بمعني الحيوة البخارية في البدن او بمعني المشاعر الباطنة او بمعني العقل الحاكم علي الكل بمنزلة الامام الحي7 في العالم الكبير و هو الاسم الاعظم الذي خلقه قبل خلق المخلوقات اجمعين كما ذكر في الكافي في باب حدوث الاسماء.

فهو صلوات اللّه عليه بالحروف غير مصوت و باللفظ غير منطق و بالجسم غير مجسد بري‏ء عنه الحدود و بعيد عنه الاقطار لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه فجعله علي اربعة اركان فالركن الاعلي منه مكنون مخزون عند اللّه تعالي لشدة اضمحلاله عنده بحيث لم‏يكن شي‏ء له لم‏يكن للّه و لم‏يكن للّه شي‏ء لم‏يكن له فهو الضمير الذي به يشير و يشار فلاحقيقة له الا منه و اليه و هو مقام البيان الذي عبر عنه في سورة النسبة بهو و حامله في زمن الخاتم و اوصيائه: في الرتبة الدنيا عيسي و لذا قالوا فيه ما قالوا و لعنوا بما قالوا و الثلاثة الباقية مقام المعاني و مقام الابواب و مقام الامامة المطلقة فظهر المعاني في الجبروت و الابواب في الملكوت و الامامة في الملك فحامل المعاني في الرتبة الدنيا في زمن الائمة: ادريس و حامل الابواب الياس فلذا صعدا كعيسي الي السماء.

و حامل الامامة في الرتبة الدنيا خضر علي نبينا و آله و عليهم السلام فلذا لم‏يصعد الي السماء لحفظ الارض و غاب عن الانظار لانه فعل بأمر اللّه ما هو عدل و فضل و احسان عنده و اما عند الخلق ظلم و ضنك و بخل و اساءة

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 217 *»

كيف لا و قد قال لموسي انك لن‏تستطيع معي صبراً و قد انكر فعله ثلاث مرات فلو فعل ما فعل بين ظهراني الناس لقتلوه اشد قتلة في لمحة فلابد له من غيبة لئلايصل اليه ايدي الناس و اشتغل بما امره اللّه تعالي من نوع ما فعل لتمرين موسي7.

بالجملة فجعل لكل جزء من الاجزاء الثلثة التي ليس شي‏ء منها قبل الاخر اربعة اركان فصار المجموع اثناعشر ركناً صلوات اللّه عليهم عدد البروج الاثني‏عشر و الشهور الاثني‏عشر ان عدة الشهور عند اللّه اثناعشر شهراً في كتاب اللّه فهم الذين عند ربك لايستكبرون عن عباده و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون و لكل واحد من الشهور الاثني‏عشر صلوات اللّه عليهم ثلثون يوماً نعم المنزل طيبة و ما بثلاثين من وحشة و لكل واحد من البروج الاثني‏عشر ثلثون درجة هم درجات عند اللّه رفيع الدرجات ذو العرش و الرحمن علي العرش استوي و علي الملك استولي و قلب المؤمن عرش الرحمن و هو المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر لايشغله شأن عن شأن و كل يوم هو في شأن.

و الضمير الظاهر يرجع الي كل يوم عند البصير و لاينبئك مثل خبير و استروا عن الحمير و لاتقلدوا الجواهر النفيسة علي اعناق الخنازير فكل يوم من الايام الثلثين هو في شأن و كل درجة من الدرجات الثلثين في التدبير فلاجل ذلك لايشغله شأن عن شأن انه المكنون المخزون لايجاوزه بر و لا فاجر و هو الغائب عن درك الحواس و لمس الناس و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم في غير مقام الاشارة و كلاهما لاهل البشارة باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب نعمة اللّه علي الابرار و نقمته@نقمة الله خ‌ل@ علي الفجار.

و لابد في كل عصر من الاعصار و شهر من الشهور من ثلثين يوماً و ثلثين درجة لكل برج من البروج الاثني‏عشر الاشراق و التحريك و التأثير و التمكين في كل آن و حين لتوليد المواليد و تركيب المركبات في التكوين و التشريع

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 218 *»

و سخر اللّه لهم السموات و الارضين و الكواكب و الشمس و القمر كمادل عليه الايات الكثيرة و الاخبار الوفيرة.

و كل واحد من الثلثين لابد و ان‏يكون في الدنيا و هم اسماء بقية اللّه في الارض صلوات اللّه عليه و علي آبائه الكرام: عجل اللّه فرجه بل هم اسماء اللّه تعالي عزّوجلّ كما صرح به حديث حدوث الاسماء و اجتمع معه عجل اللّه فرجه ثلثمائة و ثلثة‌عشر كل واحد منهم ذو لواء و حكومة و كل لواء قبل ظهوره7 لواء بدعة و ضلالة و اثناعشر منهم كليون و برازخ و هم الذين يتحملون من اسراره ما اظهره و الباقون جزئيون لايتحملون الا بعد السير و الفكر و النظر كيف لا و قد اضطرب موسي من فعل خضر و هو عالم بأن خضر معصوم عن العصيان.

بالجملة و تمام اجتماع الثلث‌مائة و الستين عدد الدرجات الدورية و عدد ايام السنة يكون بعد ذلك الوقت ظاهراً و العلم عند اللّه تعالي و قد اتينا بما علمنا و استرحنا عن التفصيل لاستغنائك و الحمد للّه و العاقل يكفيه الاشارة و الجاهل لايغنيه العبارة ماتغني الايات و النذر عن قوم لايؤمنون.

 

 

([1]) حيوة. ظ