04-09 الرسائل المجلد الرابع – رسالة اجوبة مسائل ملا علي الخراساني ـ مقابله

اجوبة مسائل ملاعلي الخراساني

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی‌ الله مقامه

 

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 125 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه و سلامه علي عباده الذين اصطفي و لعنة اللّه علي من اضله فغوي.([1])

اما بعد فاعلم يا اخي و قرة عيني و من بولائه اعتمادي و بصالح دعائه استنادي سلمك اللّه من المهالك و حرسك من مرديات المسالك و اوصلك الي رضاه و بلغك الي غاية ما يتمني منه اوليائه و جعلني ممن اتبع آثاركم و اهتدي بهداكم بحرمة السادة القادة النقباء النجباء سلام اللّه عليهم اجمعين ان الدنيا دار مرور فوسع صدرك في مرارتها بمرورها و لايأخذنك ظلها و حرورها و لايغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأويهم جهنم و لبئس المهاد.

و اعلم ان القائل بالحق كثير كثير و العامل به قليل قليل فكن في جميع حالاتك من الاقلين و لاتكترث بالاكثرين الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا و هم يحسبون انهم يحسنون صنعاً و هم عن الاخرة لغافلون و ان عدوك من السفهاء فلايكن في صدرك حرج و ضيق الا انهم هم السفهاء ولكن لايشعرون و ان عدوا افعالك عبثاً و اقوالك من الاساطير الاولين.

و اعلم ان الناس اجتمعوا علي مائدة جوعها كثير و شبعها قليل فلاتكن منهم و ان كنت فيهم فخالطوهم([2]) بالبرانية و خالفوهم في الجوانية فاعلم ان النفس الحيوانية خلقت عوادة لمصالح عديدة فتسكن عند الكثرة و تضطرب لدي القلة و تسكن عند الكثرة و ان كانت قبيحة باطلة و تضطرب لدي القلة و ان كانت حسنة حقاً و لذلك تري الناس ساكنين في عاداتهم و ان قبحت مضطربين في خلافها و ان حسنت و لابد لنا العشرة في هذه الدار مع هؤلاء

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 126 *»

الاشرار فسكنت النفس معهم في عاداتهم المتعارفة لما خلقت عوادة من الشهوات النفسانية من طلب الرياسات المهلكة و معايش الدنيا الدنية من الاطعمة و الاشربة و الالبسة و السكن و السكني و غيرها من متاع حيوة الدنيا فاياك اياك ثم اياك اياك و الركون اليهم و السكون في اعمالهم و افعالهم و اقوالهم و خيالاتهم و ان كنت فيهم فادل دلوك في دلائهم و لاتكن معهم في عمائهم فانهم اجتمعوا علي مائدة شبعها قليل و جوعها كثير.

و اعلم ان جميع ما طلبوه و فكروا فيه و حصلوه و مهدوا له كل التمهيد و شيدوا بنيانه كل التشييد في آناء الليل و اطراف النهار فانما هو لسد فاقة هذا البدن الجمادي و اراحته من الحاضر و البادي فانظر فيه و في عمره القليل هل ترضي نفسك ان‏تتعب فيه كل هذا التعب الشديد فواللّه لايرضي بذلك الا الجاهل الغافل و لايتعب فيها ذو مسكة من الشعور نفسه و ان لم‏يعتقد بالاخرة فضلاً عن الشاعر العاقل الموحد المعتقد بالاخرة و وقوع المكاره فيها و احوالها و اهوالها و لذاتها و كدوراتها و نعيمها و شقائها فان كنت تريد هون الدنيا و متاعها و الاهانة بها و عدم التهجم و التهيج في طلبها و التمهيد و التأسيس في تحصيلها و ترك ما فيها بالوانها و انواعها حاضرة كانت ام بادية ذاهبة كانت ام جائية تعباً كانت ام راحة فقراً كانت ام غني مرضاً كانت ام صحة عزة كانت ام ذلة ام غير ذلك من المهالك المضلة و المسالك المزلة فانظر في مآل هذا البدن من الموت الذي لا مفر عنه قطعاً سواء كان العمر قصيراً او طويلاً فالتفت الان الي بدن بلا روح مطروح في التراب متعفناً مدوداً قد سال منه الصديد متقطعاً متفصل@منقطعاً منفصل خ‌ل@ الاوصال و استحكم النظر و الفكر الي تلك الحال التي تقع يقيناً فلاتغفل منها فتهلك فاذا نظرت اليه بخيالك في تلك الاحوال يهون لك الخطب ان‌شاءاللّه و يقل منك الطلب سواء كان في المأكل او المشرب او المنكح او المسكن او طلب العلوم التي لاينفع وجودها بعد الموت و لايضر فقدانها بعد و استرح من كثير من المشاق علماً كانت او عملاً.

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 127 *»

و لااقول اترك الدنيا و ما فيها لاجل ذلك بل اقول العب بها كما تريد ان‏تلعب بك فلاتحزن من فقدانها كثيراً و لاتفرح لوجدانها كثيراً فان حصل شي‏ء منها تصرف فيه و ان لم‏يحصل فلاتجزع و لاتحزن فان المقدرات لاتصرف بالاحزان فالمقدور واقع بلا شك و لا دافع له و غير المقدور ليس بواقع و لاتحتاج الي دافع فلاتنس نصيبك من الدنيا فالفرق بين العالم و الجاهل و المتذكر و الغافل ان العالم المتذكر في راحة و دعة لعلمه و تذكره و الجاهل الغافل في شدة و تعب دائماً و قس حالك بحال المحرومين من فيض صحبة الاولياء الذين بهم سكنت الارض و دارت السماء و بايديهم ازمة الامور في الاخرة و الاولي و اغتنم وصالك لاولئك المصطفين الاخيار فأي نعمة تكافئ لقاءهم الذي هو لقاء الجبار في جميع الادوار و الاكوار فبأي شي‏ء يحصل النشاط للانسان بعد ذلك و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء و ذلك هو الفضل العظيم و اسع في سعيك اليهم ان‏تنظر اليهم اي الي ما هم عليه و الي حقيقتهم لا الي ما تشترك فيه معهم فان ما به الاشتراك زبد جفاء فانظر الي الماء النافع لا الي السراب فانك بنفسك مالك للسراب و ليس فيه شي‏ء من النفع و الضرر فلايغرنك السراب فتصغر عظمة اللّه و تستكبر لدي كبريائه فلاتخضع له في القلب و اسع في زيادة الخضوع و الانقياد في سريرتك.

و اعلم انها امر قهري جبلي و لايحصل لك الا بان‏تتذكر مزاياهم لا ما يشترك فيه الناس معهم و لاتغفل من ذلك البتة فان اللّه عز و جل قد كلف الناس بمعرفته يقيناً و ليس ذلك مخصوصاً بوقت دون وقت و لا باناس دون اناس و لايكلف نفساً الا ما آتاها و الا وسعها فاياك ثم اياك و الغفلة عن ذلك فانك ان غفلت عنه فليس لك شي‏ء و ان عرفته و اقبلت اليه لاتفقد شيئاً فاذا تيقنت بانه عزّوجلّ قد كلف الناس بمعرفته و طلبت العلامة فاطلبها بالطرح و الجمع اي اطرح الذين ليس فيهم العلامة يقيناً فاطرح الجمادات و النباتات و الحيوانات و الاناسي طائفة طائفة من الذين ليس فيهم العلامة حتي تصل الي

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 128 *»

مطلوبك يقيناً فان لزوم المعرفة من اليقينيات فتنتج يقيناً البتة و ان وصلت اليه فلاتغفل من المقدمات اليقينية فتشك في النتيجة فتزل قدمك بعد ثبوتها فتهلك نعوذ باللّه فان هم الشيطان في آخر الزمان بل في جميع الازمان ليس الا القاء الشك في النتيجة بالاغفال عن المقدمات اليقينية فكلما عرض ريبة في النتيجة فلابد من الرجوع الي المقدمات حتي تستقر النتيجة فاذا استقرت قد فر منها الشيطان و ايس من اغواه عباد الرحمن كما قد حكي اللّه في كتابه لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين و قال لاتباعه اني اري ما لاترون اني اخاف اللّه رب العالمين. الا بذكر اللّه تطمئن القلوب فواللّه لايمكن للعاقل الاطمينان بشي‏ء كائناً ما كان و عدم الاضطراب الا بذكر اللّه عزّوجلّ فلايأمن عاقل خوف تلف الاموال و الاسباب و تغير الاحوال ابداً و قد اكتفيت بالاشارة لانك لاتحتاج و الحمدللّه@لاتحتاج بحمدالله خ‌ل@ الي التصريح بالعبارة و قد كنت ان‌شاءاللّه من اهل الديار فلاتغفل من الديار و لاتنساني من نظرك ان‌شاءاللّه و لاحول و لاقوة الا باللّه ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب.

فان وصلت الي مطلوبك فلاتسع كثيراً في تمييز المراتب فانها طرق للسالك و لايجوز الرجوع الي الطريق بعد الوصول الي الرحيق فالتمييزات العلمية مانعة في حال العمل فاقطع النظر عنها و لايلتفت منكم احد و امضوا حيث تؤمرون فاصدع بما تؤمر و اعرض عن المشركين فاذا استغنيت بالمطلوب عن غيره صرت ساكن القلب ثلج الفؤاد فينطبع فيك صور الاشياء و لاتحتاج الي زيادة فكر و جولان نظر في تحصيل المعلومات هذا و المعلومات ليست بمنجية يقيناً و المنجي هو المنجي وحده لا شريك له بأي سبب احب و اراد و لاحول و لاقوة الا باللّه و هو الكافي لا كافي سواه أليس اللّه بكاف عبده فلاتغفل من كفايته و استقم كما امرت و لايذهبن بك المذاهب.

ثم اعلم و تفطن و لاتشتغل بغير ما كنت ذاكره و هو انه لابد لك في

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 129 *»

تنشيط روحك دائماً فلاتطلب علماً واحداً و عملاً مخصوصاً ابداً فاطلب من العلم ما هو ميسور فان المقدور ميسور لامحالة و اعمل بما هو ميسور و لاتجعل مطلوبك في غير ميسورك من العلم و العمل فتمل فان الملال مانع من الوصول في كل حال فلاتتكلف في شي‏ء فان اللّه لايحب المتكلفين فتفرج و زر الاخوان و كل و اشرب ما تيسر و لاتتكلف و لاتترك البتة زيارة الاخوان فان في تركه تسليط للشيطان و لايأخذنك العجب بما عندك من العلم فزد و علم علمك من تعلم منك و تعلم ما ليس لك به علم فان في ذكر فضل اللّه و اوليائه تقوية للقلب و تنشيط و ثبات و استقرار بما لا مزيد عليه فلاتغفل من ذلك ايضاً فتقيم في مقامك و تخمد ما فيك و تجهل ما يعنيك. و اعلم ان كل ذلك ايضاً بيد اللّه عزّوجلّ فاذكر اللّه في نفسك دائماً دون الجهر من القول الا ما وافق قلبك فانه يسمن و يغني من جوع ان‌شاءاللّه تعالي.

و اما ما سألت من موافقة النفس مشية اللّه سبحانه فاعلم ان الانسان خلق في عالمه مطابقاً لمشية اللّه المحبوبة فانه خلق في عالم التجرد و لايقتضي في عالمه الا الاكتسابات المجردة فهو مع قطع النظر من نزوله في العوالم الدانية و اكتسابه من المواد الدنية@الدانية خ‌ل@ خلق علي الفطرة المستقيمة و مااقتضي الا الاستقامة و تلك هي فطرة اللّه التي فطر الناس عليها فلمانزل من عالم التجرد الي عالم المواد فمنهم من بدل الفطرة الاولي بتسويل شيطان الطبايع@من الطبايع خ‌ل@ و الشهوات و النواميس و العادات حتي صارت العادات طبيعة ثانية له خالف ما اقتضي فطرته الاولي فان لم‏يتنبه من غفلته و لم‏يتذكر اقتضاء فطرة اللّه يتخلد@يتحلل خ‌ل@ فيما هو خلاف طبعه الاول فيتألم لامحالة مخلداً و تعلق به المشية المبغوضة في هذه العوالم فليست المشية المبغوضة و المحبوبة متكافئتين بل المحبوبة هي السابقة و المبغوضة هي المسبوقة و ان تذكر بعد الغفلة و تاب و آمن و عمل صالحاً يتوب اللّه عزّوجلّ عليه و منهم من اذا نزل امتثل قول اللّه عزّوجلّ لا تبديل لخلق اللّه اي لا تبدل خلق اللّه فعمل و اكتسب بما اقتضي تلك الفطرة

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 130 *»

الاولية فصار في نزوله مطابقاً لما هو عليه في مبدئه و مبدؤه مطابق لمحبة اللّه@لمشية الله سبحانه خل@ فصار محبوباً للّه عزّوجلّ و لاتحتاج الي ازيد من ذلك في هذه المسألة ان شاء اللّه تعالي.

و اما ما سألت من امر الرجعة فاعلم ان عالم الحس المشترك الكلي فوق هذا العالم المحسوس بدرجة فأسفله متصل بهذا العالم و اعلاه متصل بالمثال و انت علمت ان المثال موقع للادراكات الانسانية و الحس المشترك موقع الاحساسات الحيوانية و انت تعلم ان المثال للطافته منجذب الي النفس فلذلك يسهل عليك الاعتقادات و الاقرار بحقها و الانكار لباطلها بخلاف الحس المشترك فانه لانهماكه في طبايع هذه الدار يعسر عليه التخلص منها فيتطبع@فينطبع خ‌ل@ بطبعها و ينصبغ بصبغها لامحالة لقربه منها في نظم الترتيب الحكمي الا ان‏يتخلص بالرياضات الاختيارية او الاضطرارية فالحس المشترك هو البدن الاصلي المثالي للروح المثالي و الروح المثالي هو المثال المحض المتخلص من الطبايع ان كان من الماحضين فلاجل ذلك اذا ارتاض الانسان بالرياضة الاختيارية حتي يصير روحه المثالي مجانساً مع بدنه المثالي الذي هو الحس الهورقلياوي يرجع روحه الي بدنه و يصير من اهل الرجعة اليوم.

و اما غيره فبدنه مقبور في طبايع هذه الدنيا مقهور فيها و هي علي خلاف كينونة الروح المتخلص المنعقد بالحق المعتقد به او الي خلافه فيطير الروح ساهرة لانجذابه الي عالم النفس الذي هو حي بالذات و يبقي البدن ميتاً بلا حراك شعور الحق من الباطل حتي يتخلص بالرياضات الاضطرارية و يدفع الفضول الملحقة به التي هي علي خلاف كينونة روحه و يرفع السدد السادة في مجاري روحه فيجري بعد التخلص روحه في بدنه و يرجع حياً و يشاهد اهل الرجعة و ذلك محسوس ان‌شاءاللّه كما تري في المنام ان افكارك و خيالاتك تطير لا مانع لها من الطيران و الجولان و اما بدنك القريب بهذه الطبايع لانهماكه فيها تابع@مانع خ‌ل@ لها لامحالة فان غلب فيك الرطوبة تري بدنك

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 131 *»

كسلاً غير قادر علي المشي و العدو حتي انك ان جمعت رجليك ربما تري في المنام لاتقدر علي المشي و ربما تري سبعاً و تريد الهرب منه و لم‏تقدر مع ان البدن المرئي غير هذه الاعراض يقيناً لانه نائم غير شاعر و هو شاعر يبصر و يسمع و يشم و يذوق و يلمس و يريد الانسان الهرب من السبع و لايطاوعك ذلك البدن ففكر فيما قلت استغنيت عن كثير من السؤال ان‌شاءاللّه تعالي.

و اما ما سألت من امر الملائكة و تصرفهم فقد علمت انهم انواع فمنهم متعلق بالحس المشترك اي هم اطرافه فطرف منه متصل بالمثال و طرف منه متصل بالجسم فالطرف المتصل بالجسم جسماني و فيه من خصال الجسم من الاتصال و الانفصال و القرب و البعد و التدرج و غير ذلك ففكر في الشعلة الجوالة و القطر النازل و قس ما تدركه بما تدرك من هذه المحسوسات و كذلك اعالي الجسم حسي حساس و ذلك قول المشايخ نور اللّه براهينهم ان زمان اعالي الجسم اسرع فتكون التدرجات فيه اقل و زمان ادانيه ابطأ فتكون التدرجات فيه اكثر و لايدرك ذلك احد من الحكماء الطبيعيين الا من شرب من كأس حكمتهم شربة.

فاذا تفكرت في ذلك حق الفكر و نظرت فيه بالتأمل حق النظر فاعلم ان الجسم من حيث هو هو ليس فيه حركة مطلقاً الا بتحريك الحس المشترك اياه و انت تعلم انه لايعقل تأثير شي‏ء في شي‏ء الا بالحركة و لا حركة في الجسم الا بالحس المشترك فأول ما تحرك به العرش باخراجه من العرش ما هو من جنسه من الحسية ثم الكرسي بواسطة العرش بما فيه من الحسية ثم الافلاك بواسطة الكرسي بما فيه من الحسية ثم العناصر بواسطة الافلاك بما فيها من الحسية ثم كل عنصر في كل عنصر علي هذا النسق و كل شي‏ء في شي‏ء علي هذا المنوال فتلك الحصص المتحصصة في كل شي‏ء من الحسية هي المحركة المؤثرة بواسطة طرفها المتصل بالجسم و ذلك الطرف هو الملك الرابط بين فعل الفاعل و مفعوله و تلك الاطراف اعوان للطرف الكلي للحس

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 132 *»

الكلي فكلما يصير الجسم الطف و انعم و اشبه بالحس يكون اثره فيه اكثر و اظهر و ان شئت قلت كما ان الجسم الاقوي يكمل الاضعف و يقويه و يستخرج ما في كمونه الي البروز من جنسه كذلك الحس الالطف الاقوي المتعلق بالجسم اللطيف القوي يكمل الحس الضعيف الذي يكون في الجسم الضعيف و يقويه و يستخرج من كمونه ما هو من جنسه من القوة فلايغير شي‏ء شيئاً في الجسم الا الحس المشترك بطرف من اطرافه و انت تعلم ان الحس المشترك جوهر كالجسم غاية الامر انه الطف منه بدرجة فكما يمكن تقريب جسم بجسم و تشكيله به و استحالته اليه و تبعيده عنه بالمعالجات كذلك يمكن تقريب الحس المشترك بجسم و تبعيده عنه بالمعالجات فمن المعالجات المقربة و المبعدة هو الادعية و الطلسمات و البخورات و غير ذلك من المعالجات الخفية من حواس الطبيعيين الظاهريين و هي عند اهله من اصحاب الرياضات و الاولياء و الانبياء: فلذلك يمكن دفع ضرر السم بالدعاء و المناتر لانها تبعد الحس المخصوص بالجسم الخاص المؤثر في جسم آخر و لايجب في عدم التأثير تبعيد الحس لامحالة بل ربما يكون بتقريب حس آخر و روح آخر في المتأثر([3]) فلايتأثر فربما يكون الشي‏ء مؤثراً في شي‏ء غير مؤثر في شي‏ء آخر كما ان سم الحية لايؤثر في المعزم و يؤثر في غيره و ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين الا خساراً و هذا القدر من البيان كاف لك ان‌شاءاللّه تعالي.

و قد تم هذه الرسالة علي يد الخاسر القاصر ابن محمد جعفر محمد باقر ببلدة همدان صانها اللّه من طوارق الحدثان في ليلة الثلثاء الثامن من شهر ذي‏القعدة سنة 1284 حامداً مصلياً مستغفراً.

 

 

([1]) الحمد للّه و صلواته علي من اصطفي و لعنته علي من اضله فغوي. خ‌ل

([2]) فجالسوهم. خ‌ل

([3]) بالمتأثر. خ‌ل