بيان نسبة الاثر و المؤثر
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی الله مقامه
«* الرسائل جلد 4 صفحه 99 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.
اذا سألت فع و راع و تدبر فيما اقول و لاتغتر بما تخيلت قبل ذلك من المنقول و المعقول و لاينبئك مثل خبير.
فاعلم ان لفظ الاثر و المؤثر و الفعل و الفاعل و المتكمل و المكمل و الشعاع و المنير و امثال ذلك مرة يستعمل كل واحد منها في مكان الاخر و قل من فرق بينهما و مرة يستعمل كل واحد منها في مقامه كلفظ الفقير و المسكين و الكلام الذي نقلته من السند المعتمد اعلي اللّه مقامه هو في مقام التفريق و التحقيق لا غير.
فاعلم ان الاثر بجميع مراتبه في كل ما ينبغي له صادر من المؤثر مستغن به عن غيره كقيامك لديك موجوداً باقامتك له به مستغن بك عن غيرك بدؤه منك و عوده اليك و لايقدر احد سواك انيوجده و انت موجده وحدك لا شريك لك و هو مفعولك المطلق الحقيقي وحده بجميع مراتبه من مادته و صورته و مكانه و وقته و رتبته و جهته و وضعه من جميع ما ينبغي له في ذاتيته فما تدركه من الامكنة و الاوقات و الرتب و الجهات و الاوضاع بل من المواد و الصور التي ليست من صنعك فهي ليست من آثارك و انما هي اشياء موجودة في ملك اللّه لكل واحد منها مؤثر اوجده اللّه تعالي به فصار بعضها مفعولاً فيه و بعضها مفعولاً له و بعضها مفعولاً معه و بعضها مفعولاً منه و بعضها مفعولاً عليه و كلها اعراض خارجة عن حقيقة قيامك و كان لها ذاتيات في مقامها كما كان لقيامك الذي هو المفعول المطلق منك ساير المفاعيل الذاتية بالنسبة اليه.
«* الرسائل جلد 4 صفحه 100 *»
بالجملة مفعول كل فاعل كائناً ما كان بالغاً ما بلغ ما فعل به دون غيره كقيامك لك في جميع العوالم الكونية و الشرعية و الذاتية و العرضية لايوجد شيء في ملك اللّه تعالي الا هكذا و ما امرنا الا واحدة ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فانت قبل قيامك الذي هو مفعولك الحقيقي المطلق لست بقائم و لا بمقيم له و انت المقيم له به و انت القائم به حين اقامتك له به و حين قيامك لا قبله و لا بعده فاذا اقمته صار قائماً و صرت به قائماً و القائم غير القاعد مباين له بينونة عزلة و انت اذا قعدت تكون قاعداً و القاعد غير القائم مباين له و هما غيرك مباينان لك بينونة صفة لا بينونة عزلة و انت في قيامك لست بقاعد و في قعودك لست بقائم و انت قائم في القيام و قاعد في القعود و نفسك غير قائمة و لا قاعدة في ذاتها فمن نظر اليك و الي نفسك مايراها قائمة و لا قاعدة فان نظر اليك و الي قيامك و قعودك يريك قائماً قاعداً فاذا يريك نفسك يريك@يريها خل@ قائماً قاعداً و كذا العكس و اذا يريك نفسك يريها قاعداً لايريك راكعاً ساجداً فيريك مهيمناً علي ذلك كله غير محبوس بحبس القيام او القعود او الركوع او السجود و اذا رأي حالة من حالاتك يريها محبوسة في هيأتها غير مهيمن في سائر حالاتك و المحبوس غير غير المحبوس و غير المحبوس غير المحبوس بالبداهة و تلك الغيرية غيرية صفة لا غيرية عزلة.
فان عرفت ما اقول لك لاتحتاج بعد ذلك الي سؤال و لايرد عليك اشكال في ان الاثر الذي هو القيام و امثاله و المؤثر الذي هو انت المهيمن علي الكل لايدركان بمشعر واحد انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها و كذا فعلك الكلي بالنسبة الي افعالك الجزئية لانه قادر علي اصدار كل حالة من حالاتك و لايقدر حالة من حالاتك علي اصدار حالة اخري مباينة لها و الفرق بين فعلك الكلي و افعالك الجزئية عند نفسك انه اول صادر منك بنفسه و هي صادرة به عند انفسها بانفسها و هو الفائض عليها
«* الرسائل جلد 4 صفحه 101 *»
لانه لايوجد واحد منها الا به بحيث لو لمتكن لماكانت فتدبر تجد كذلك.
فاذا عرفت ذلك فاعلم ان هذه النسبة واقعة بين كل فاعل و فعله و اثره لايوجد شيء في ملك اللّه تعالي الا بهذه النسبة سواء كان في الغيب او في الشهادة او في الحقائق او في الاعراض ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فاذا نظر اليك الناظر رآك في حالة من حالاتك و يجدك قادراً علي التحول منها الي غيرها و يجد قدرتك علي التحول فعلك الكلي الذي به تتحول و يجدك فاعلاً لذلك الفعل الكلي اذ وجدك عاجزاً حين عجزك فيجدك قادراً بالقدرة و عاجزاً بالعجز فيجدك غيرهما غيرية صفة لا عزلة فاذا قصر نظره في الحالة التي وجدها منك يري حالة ممتازة محدودة غير سارية في سائر حالاتك و اذا تفكر في تلك الحالة و سائر الحالات يجد قدرة سارية في جميعها و يجد سارياً غير غير السارية و يجد للفعل الساري فاعلاً و هو انت و له ايضاً مثلك مراتب له ذات و له فعل كلي يقدر به انينظر اليك اولاً و له فعل جزئي و هو نظره اليك فيدرك ذاتك بذاتيته و فعلك الكلي بكليته و اثر فعلك الذي هو ظهورك بالحالة الخاصة بفعله الجزئي الذي هو ابصاره لك و كذلك لبصرك ايضاً هذه المراتب الثلث فالبصر هو الفاعل و ابصر فعله الكلي و ابصر هذه الهيئة هو فعله الجزئي فصدق ان لكل مدرَك بالفتح مدرِك خاص بالكسر فلايري المؤثر و اثره بمشعر واحد و تشير الالات الي نظائرها فالمؤثر يدرك المؤثر و الاثر يدرك الاثر و الكلي يدرك الكلي و الجزئي الجزئي.
و اما قولك ان الابصار بالانطباع او بخروج الشعاع الي آخر قولك فلا مدخلية له في المقام لان المقام مقام التأثر و الابصار من باب الانفعال و الانطباع هو من باب التكميل و التكمل نعم لو قطعت (النظر ظ) عن كيفية الانطباع يمكن التعبير عن ادراكه المحض بنحو ما مر من التأثير و قد اشرنا اليه ان فهمت.
«* الرسائل جلد 4 صفحه 102 *»
بالجملة ان كنت من اهل الحكمة فتبصر تبصر رأي العين و الا فلاتتعب نفسك و علي الحكيم العليم نحت القوافي من مواقعها لاهلها و ليس عليه غيره كيف لا و قد قال انك لاتسمع الموتي و قد اعتذر لديك الزيارة لما تعلم من حالات المسافرة و قد تم في النجف الاشرف علي مشرفه الصلوة و السلام في اليوم الثاني شهر ربيع المولود من شهور سنة 1294 حامداً مصلياً مستغفراً.