04-03 الرسائل المجلد الرابع – رسالة اجوبة مسائل بعض الاعلام ـ مقابله

اجوبة مسائل بعض الاعلام

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی‌ الله مقامه

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 77 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين.

و بعد لما وفقني اللّه تعالي لزيارة العتبات علي مشرفها آلاف التحيات و وصلت في رجوعي الي الكاظمين8 امرني من يجب علي امتثاله بجواب سؤال بعض الاعلام وفقهم اللّه لما يحب و يرضي و قد عاقني حوادث الايام عن المبادرة الي ان وفقني اللّه لذلك في هذه الحال و اسأله الختام علي احسن ما ينبغي لشرح المرام فعنونت سؤاله سلمه اللّه تعالي اولاً و تلوت بالجواب و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم بوساطة اوصياء@اولياء اوصياء خ‌ل@ النبي الكريم.

سؤال الاول: فما حقيقة الايمان الكاشفة عن اصوله و ما حقيقة الكفر الكاشفة عن اصوله و ما الواسطة بينهما ان فرضت.

جواب: اعلم ان حقيقة الشي‏ء ما به الشي‏ء الشي‏ء بحيث اذا لم‏يكن لم‏يكن هو اياه من مبدأ وجوده الي منتهي شهوده من الجنس العالي الي الاجناس المتوسطة الي الجنس السافل القريب مع فصولها من فصل الجنس العالي الي فصول الاجناس المتوسطة الي الفصل القريب الذي هو فصل الجنس القريب فتلك المراتب بتمامها مجتمعاً هي حقيقة الشي‏ء و كل واحد واحد منها منفرداً بعض الحقيقة و ركن من اركانها فاذا اردت ان‏تعرف حقيقة شي‏ء فعليك بمعرفة جميع اركانه و كلما تتسامح فيه من اركانه تكون جاهلاً بحقيقته البتة و ان كنت عالماً ببعض اركانه.

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 78 *»

و اركان الشي‏ء و ابعاضه غير ذلك الشي‏ء كما ان السرير هو الجسم العنصري النباتي المربع فلو لم‏يكن بعض هذه الاركان لم‏يكن السرير سريراً و اليس@ليس خ‌ل@ الجسم بوحدته سريراً و كذلك العنصر و الخشب و المربع كل واحد منها بوحدته ليس سريراً مع ان كل واحد منها اصل من اصول السرير و ركن من اركانه فالاصل الاول هو الجسم و الثاني العنصر و الثالث الخشب و الرابع المربع فبذلك عرف الفرق بين حقيقة الشي‏ء و بين اصله فللشي‏ء حقيقة واحدة و اصول عديدة و الحقيقة هي الجامعة الحاوية للاصول الكاشفة عنها كماعرفت في المثال.

فاذا وجد السرير وجد الجسم و العنصر و الخشب و المربع و اذا عرف@عرفت خ‌ل@ عرفت بخلاف العكس فليس اذا وجد الاصول متفرقة وجد السرير بل اصول السرير اصوله اذا لوحظ الاتصال بينها و مع عدم الاتصال ليست اصولاً للسرير مضافة اليه مخصوصة به ابداً فكل واحد من الاصول شرط وجود الباقي في كونها اصلاً من اصول السرير فلذلك جاز ان‏يقال ان هذا الاصل مع سائر الاصول سرير و مع عدم الملاحظة لايجوز فيجوز ان‏يقال ان الجسم مع العنصر و الخشب و المربع سرير فكل واحد سرير مع اتصاله بسائر اصوله فمن عرف السرير عرف اصوله و من عرف اصوله عرف السرير و من جهل السرير جهل اصوله و من جهل اصوله جهل السرير و من جلس عليه جلس عليها و من جلس عليها جلس عليه فبذلك تقدر ان‏تعرف شرطية الاقرار بواحد من الاصول للباقي لان الحقيقة الحقة سارية في كل واحد منها بانضمامها اليه كاشفة عنها لانها معلومة غير مستورة بوجودها اي بوجود الحقيقة و لو لم‏تكن سارية لم‏يعقل الشرطية بينها فافهم و تنبه و لاتخاطر بنفسك و اعرف معني قوله7 اولنا محمد اوسطنا محمد آخرنا محمد كلنا محمد9 و الاخذ من كل واحد هو الاخذ من الكل و التخلف عن واحد هو التخلف عن الكل اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 79 *»

واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض.

و بالجملة فاعرف المقصود من المثال فان الحق يظهر بالمثل و اتقنه و تمسك به لان لاتكون من الضالين.

فحقيقة الايمان هو الاقرار و الاذعان و اليقين الساري الجاري الكاشف عن الاقرار بالتوحيد مع صفاته و هو اصل من اصوله و بالنبوة و صفاتها و هي اصل من اصوله و بالامامة و صفاتها و هي اصل من اصوله و بالولاية و صفاتها و هي اصل من اصوله و بالاقرار بضروريات الدين و المذهب و كل واحد منها اصل من اصوله سواء اصطلح فيها بانها من الاصول كمعرفة التوحيد و النبوة و الامامة و الولاية او لم‏يصطلح و يصطلح فيها بانها من الفروع كالصلوة و الزكوة و الخمس و الصوم و الحج و الجهاد الاتري ان منكر وجوب الصلوة كافر بضرورة الاسلام و ان اقر بالتوحيد و النبوة و الامامة و الولاية و سائر الضروريات بل منكر وجوب المسح في اجزاء الوضوء كافر بضرورة المذهب و لو اقر بسائر الاصول و الفروع و عمل بها ليلاً و نهاراً بل منكر وجوب المسح علي ظهر القدم و مجوزه علي بطنها كافر بضرورة المذهب و ان اقر بسائر الاصول و الفروع و عمل بها فهو مخلد في النار بالضرورة فكل واحدة منها اصل من اصول الايمان منضمة لا منفردة كما عرفت في المثال.

فالاقرار بالتوحيد اقرار به مع الاقرار بالنبوة و بدونها ليس اقراراً به حقيقة و ان كان بحسب اللفظ اقراراً به و كذا الاقرار بهما اقرار بهما منضماً بالاقرار بالامامة و بدونهما ليس اقراراً بهما حقيقة و كذا الاقرار بها اقرار بها جميعاً منضماً بالاقرار بالولاية و بدونها ليس اقراراً بما سبق حقيقة و هكذا الاقرار بها جميعاً اقرار منضماً بالاقرار بجميع الضروريات الاسلامية و المذهبية و ليس اقراراً بها علي الحقيقة بدون الاقرار بالضروريات و لذا يكون انكار واحد منها انكاراً للكل علي الحقيقة و صار المنكر مخلداً في

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 80 *»

النار و ان اقر بالباقي في الظاهر لان كل واحد منها شرط للباقي و الباقي مشروط به فان فقد الشرط فقد المشروط البتة و لذا قيد الرضا عليه التحية و الثناء قوله من قال لا اله الا اللّه دخل الجنة بقوله بشروطها([1]) و انا من شروطها فلا اله الا اللّه بدون الائمة: ليست كلمة توحيد علي الحقيقة و القائل بها بدون الاقرار بالامامة ليس موحداً و ليس ما يقوله به كلمة توحيد ابداً.

و كذا محض الاقرار بالاصول و الفروع ليس كافياً في تحقق الايمان بل شرطه العمل بالاركان و لذا ورد في بعض الاخبار ان العاصي ليس بمؤمن بل هو مسلم و من ذلك ما رواه الشيخ الحر قدس سره في باب ثبوت الكفر و الارتداد عن عبد اللّه بن سنان قال سألت اباعبداللّه7 عن الرجل يرتكب الكبيرة فيموت هل يخرجه ذلك من الاسلام و ان عذب كان عذابه كعذاب المشركين ام له مدة و انقطاع فقال من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم انها حلال اخرجه ذلك من الاسلام و عذب اشد العذاب و ان كان معترفاً انه ذنب و مات عليها اخرجه من الايمان و لم‏يخرجه من الاسلام و كان عذابه اهون من عذاب الاول انتهي و اورد في هذا الباب اخباراً اخر قد اكتفيت بواحد منها للمكتفي و كفاه فقد صرح7 بان مرتكب الكبيرة مستحلاً كافر و مقراً بانها محرمة مسلم ولكن ليس مؤمناً فالفرق بين الكافر و المسلم و المؤمن ان المؤمن لايرتكب الكبيرة و المسلم يرتكب مقراً بانها حرام و الكافر يرتكب مستحلاً فهذا حقيقة الايمان الكاشفة عن اصوله كما عرفت.

و اما حقيقة الكفر هي انكار واحد من الاصول الايمانية او جميعها و اما الواسطة بينهما فماذا بعد الحق الا الضلال فليس بينهما واسطة اللهم الا ان‏تجعل العصيان بينهما برزخاً فالعاصي ليس بمؤمن و لا بكافر بل هو مسلم

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 81 *»

ولكنه بعد التعذيب يخرج من الظلمات الي النور فليس واسطة بين الايمان و الكفر في عاقبة الامر و ان كان بينهما واسطة قبل العاقبة و ليس لي مجال التفصيل ازيد من هذا المجمل و العاقل يكفيه الاشارة و يؤمن و الغافل لايقنع بالف عبارة.

سؤال: و ما([2]) الاصل من اصول الايمان هل هو ما يمتنع دخول الجنة بعدمه ام غير ذلك و ما معني الاصل من اصول الكفر هل هو ما يوجب دخول النار بوجوده ام غير ذلك و ما الدليل علي ذلك.

جواب: كل واحد من الاصول الايمانية شرط للباقي كما عرفت آنفاً و مع ذلك ليس ما يمتنع دخول الجنة بعدمه هو الاصل بل ما يمتنع دخول الجنة بانكاره هو الاصل اذ ربما يكون المؤمن غافلاً او جاهلاً عن اصل من اصول الايمان فهو معدوم عنده و قددخل الجنة كما ان رسول اللّه9 قال في صدر الاسلام قولوا لا اله الا اللّه تفلحوا فمن قال حينئذ لا اله الا اللّه و مات فقد افلح ثم قال9قولوا لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فمن اكتفي بالاول و لم‏يقل محمد رسول اللّه لم‏يقل لا اله الا اللّه حقيقة و لم‏يدخل الجنة ان مات و اقد انكر محمد رسول اللّه فان اقر بمحمد رسول اللّه دخل الجنة ثم قال9من كنت مولاه فهذا علي مولاه و امر الناس بدعوته باميرالمؤمنين فمن اكتفي بالشهادتين و انكر الثالث بعد البيان لم‏يدخل الجنة و ان كان قبل البيان المقر بالشهادتين مؤمن([3]) قد دخل الجنة و الاصل الثالث معدوم عنده ثم امر9 بولاية اوليائه: و البراءة من اعدائه فمن لم‏يتول اولياءه و لم‏يعاد اعداءه لم‏يدخل الجنة بعد بيانه9.

فالمناط المعتبر في دخول الجنة و النار هو الاقرار و الانكار و هما غير معقولان الا بعد البيان لا الجهل و الغفلة لان صاحبهما معذوران و اي

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 82 *»

جهل([4]) لايسعه جوده تعالي فالاصل من اصول الايمان هو ما يمتنع دخول الجنة بانكاره بعد البيان و الاصل من اصول الكفر هو ما يوجب دخول النار بوجوده و هو الانكار بعد البيان ايضاً فان شئت عبرت عنهما بان الاصل من اصول الايمان ما يوجب دخول الجنة بايجاب اللّه تعالي بوجوده و هو الاقرار باللسان و الاذعان في الجنان و الاعمال بالاركان بعد البيان و الاصل من اصول الكفر ما يوجب دخول النار بوجوده و هو الانكار بعد البيان الا ان‏تتقوا منهم تقاة.

فان قيل ان من المعاصي ما اوعد اللّه عليه النار كالكبائر و صاحب الكبيرة يدخل النار بايعاد اللّه تعالي و هو عاص ليس بكافر بالاتفاق فكيف تقول ان الاصل من اصول الكفر ما يوجب النار.

فاقول اولاً ان اثبات الشي‏ء لاينفي ماعداه و ثانياً ان مرادي بدخول النار هو نار الخلد و لايدخلها الا الكافرون المشركون و هم المنكرون بعد البيان و اما العاصي فلاينكر الا انه عصي فان لم‏يتدارك و لم‏يلحقه العناية و الشفاعة اول مرة يدخل النار و هو غير مخلد فيها و يلحقه الشفاعة في العاقبة قال9 شفاعتي لاهل الكبائر من امتي و الدليل علي ذلك كله ضروريات الدين او المذهب و اي دليل اقوي و اتقن منهما و ان اردت الدليل من الكتاب او السنة فقد قال اللّه و مايجحد بآياتنا الا الكافرون فالجحود هو الانكار و هو محصور في الكفار و قال7 ان الناس اذا جهلوا وقفوا و لم‏يجحدوا لم‏يكفروا و قال الانكار هو الكفر و في هذا الباب آيات و اخبار من الكتاب و السنة اكثر من ان‏تحصي فعليك بالتفكر فيها حتي تجد ما قلنا مشاهداً ان‌شاء‌اللّه تعالي.

سؤال الثاني: اذا كان السعيد سعيداً في بطن امه و الشقي شقياً في بطن امه و لايختلف و لايتبدل ابداً علي ما هو مفاد بعض الروايات الطينة فلا

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 83 *»

يتصور ثمرة للتكليف اذ كل ينساق الغاية البتة.

جواب: لايعقل السعادة الا باجابة الداعي الحق و لايعقل الشقاوة الا بانكاره كما قال سبحانه كان الناس امة واحدة فبعث اللّه النبيين مبشرين و منذرين فمنهم من آمن و منهم من كفر و قال تعالي انا هديناه السبيل اما شاكراً و اما كفوراً فامثال هذه الايات و ما في معناها من الاخبار من آل اللّه الاطهار سلام اللّه عليهم اجمعين محكمات لانها مطابقة للعدل الذي هو من ضروريات المذهب فما اوردته من رواية و امثالها من المتشابهات و قال اللّه سبحانه منه آيات محكمات هن ام الكتاب و اخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله الخ.

فيجب علي المؤمن الاخذ بمحكمات الكتاب و السنة فان قدر علي رد معني المتشابهات الي المحكمات بحيث لم‏يجد اختلافاً بينهما لانه قال لو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً فهو من فضل اللّه عليه و ان لم‏يقدر يجب عليه التوقف في تأويلها و الاعتقاد بانها غير مخالف للمحكمات و ان لم‏يعلم تأويلها بخصوصها و ليس بين ذين شي‏ء سوي الخسران المبين.

فمعني الروايات الواردة في الطينة ان السعيد سعيد في بطن امه بسعادة مقدرة لا مقضية و الشقي شقي بشقاوة مقدرة لا مقضية بمعني ان السعيد سيولد و يبلغ الحلم و يظهر له البيان من الداعي@الداع خ‌ل@ الحق بالافصاح و الايضاح و يقر و يمتثل باختياره فيصير السعادة حينئذ مقضية له باختياره لها و ان الشقي سيولد و يبلغ الحلم و تقام عليه الحجة بالافصاح و الايضاح فينكر باختيار منه و يختار الشقاوة مختاراً فتصير الشقاوة مقضية له باختياره فربما لايبلغان الحلم و يموتان قبل البلوغ فيؤخر السعادة و الشقاوة المقضيتان الي البرزخ و النفخ و هما مقدرتان قبل ذلك و قدعلم اللّه سبحانه ان السعيد سعيد في بطن امه مقدراً الي ان‏يبلغ الحلم في هذه الدنيا او في البرزخ الي نفخ الصور و كذا حال الشقي في علمه تعالي و علم انهما باختيارهما يختاران

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 84 *»

السعادة و الشقاوة و لايختلف علمه سبحانه ابداً و كذلك سائر احوالات المولود من الغني و الفقر و الصحة و المرض و طول العمر و قصره كما روي ان الملك يكتب علي جبينه انه غني او فقير او صحيح او مريض او طويل العمر او قصيره.

فمعني جميع ذلك و امثالها سيقع بعد التولد و يقدر في البطن و ذلك غير مناف للتكليف اذ بدونه لايتحقق السعادة و الشقاوة ابداً و لايعقلان اذ السعادة هي قبول دعوة الحق و الشقاوة هي انكار دعوته و هما لايعقلان الا بعد البيان و الافصاح و الابلاغ و الايضاح و لايعقل ذلك الا بعد شعور المكلف و فهمه و تصوره و تعلقه و ذلك مفقود للجنين و الطفل و المستضعف الذين لايستطيعون حيلة و لايهتدون سبيلاً فهذا ظاهر معني امثال تلك الروايات المطابق للمحكمات التي هن ام الكتاب كتاب الدين و المذهب.

و لها معان اخر و نورد بعض ذلك مجملاً لتنبيه النبيه و هو ان الشي‏ء انما يتحقق و يتشخص بصورته و ليس في المادة تعين الشخصية مطلقاً كما تري ان السرير انما يتحقق في صورته الشخصية و ليس في الخشب قبل التصور بصورته تعين شخصي ابداً فاذا علمت ذلك فاعلم ان مقام الصورة مقام بطن الام في كل مقام بحسبه و يصوركم في الارحام كيف يشاء كما ان مقام المادة مقام صلب الاب في كل مقام بحسبه.

فاذا علمت ذلك فاعلم ان الاقرار بالتوحيد مقام المادة و لايصير بذلك الشخص مؤمناً معيناً الا في بطن صورة النبوة بعد البيان و كذلك مقام الاقرار بالنبوة مقام المادة بالنسبة الي مقام الاقرار بالامامة بعد البيان و مقام الاقرار بالامامة مقام الصورة المعينة المميزة للايمان بعد البيان و هكذا مقام الاقرار بالامامة مقام المادة بالنسبة الي مقام الاذعان بولاية الاولياء و عداوة الاعداء فيصير بذلك الشخص متعيناً بالايمان بعد البيان و بالكفر بالانكار بعد البيان كما ان الذكورة و الانوثة و الحسن و القبح انما تتحقق في رحم الام و ليس

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 85 *»

في صلب الاب تعين مطلقاً ففي كل مقام بحسبه يحصل تعين الايمان و الكفر في مقام الصورة التي هي بطن الام فيصير المعني ان السعيد سعيد في الاقرار بالرسالة دون الاقرار بالتوحيد منفرداً من يطع الرسول فقد اطاع اللّه و من تولي فماجعلناك عليهم حفيظاً و كذلك السعيد سعيد في الاقرار بالامامة و الشقي شقي بانكاره بعد البيان فليس الاقرار بالتوحيد و النبوة سبباً للسعادة و الشقاوة الا بعد الاقرار بالامامة و انكارها بعد البيان و كذلك الحال في ولاية اولياء اللّه و البراءة من اعداء اللّه و كذلك الحال في الاقرار بضروريات الاسلام و الايمان و انكارها و ليس لي مجال ازيد من ذلك في تفصيل الحال.

سؤال الثالث: ما الفرق بين المبدأ و المشتق في اصل الوضع.

جواب: الفرق بينهما في غاية الوضوح فان المبدأ هو المشتق منه و الاصل و المشتق هو الفرع و ذلك كالفعل الذي هو المبدأ و المشتق منه و المصدر الذي هو الفرع و المشتق و كالمصدر الذي هو المشتق منه و المبدأ و اسم الفاعل و المفعول و الصفة التي هي الفروع و المشتقات و كالمشية التي هي الاصل و المبدأ و المخلوقات المشتقات منها و كالشمس التي هي الاصل و المبدأ و نورها الذي هو المشتق و الفرع و كزيد الذي هو المبدأ و قائم الذي هو المشتق الي غير ذلك.

سؤال الرابع: ما ظهور وجود التشريعي فيحتاج الي تكليف النبي9 بل هو من اسباب وجوده كما سئل الامام7 هل يرد الدواء من القدر شيئاً قال7 ذلك من القدر.

جواب: اعلم ان الوجود التشريعي هو الغاية في الوجود التكويني كما قال تعالي ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون فلما كان الغاية كان مقدماً في الوجود مؤخراً في الظهور كما ان الجلوس علي السرير الذي هو الغاية مقدم في الوجود الذهني مؤخر عن السرير في الظهور كما هو ظاهر لكل عاقل و ذلك الوجود التشريعي كان في عالم الذر من نور الشارع7

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 86 *»

مقدماً علي هذه الدنيا كما ان ظهوره مؤخراً في هذه الدنيا من نور الشارع في هذه الدنيا و هو امره و نهيه فمن قبل الايمان في الوجود المقدم هناك يقبل مؤخراً في هذه الدنيا و من انكر هناك ينكر مؤخراً هيهنا و الدليل علي ذلك الايات و الاخبار الدالة علي وجود عالم الذر.

فمن الايات قوله تعالي و ماكانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل و المراد بالقبل هو عالم الذر و من الاخبار قوله7 ثبتت المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه يوماً ما انتهي فثبتت المعرفة في عالم الذر و نسوها و سيذکرونه يوما ما من ايام هذه الدنيا بتكليف الداعي الحق7 فنوره7 هو الوجود التشريعي في عالم الذر المقدم و يكون ظهوره في هذه الدنيا بواسطة دعوة الداعي7 و تكليفه فان كنت تريد ان الشارع7 و تكليفه كان سبباً في هذه الدنيا للوجود التشريعي فذلك غير واقع اذ لو كان سبباً لم‏يتخلف مسببه عنه و قدتخلف الكفار و ان كنت تريد انه بدعوته كاشف عما اختار الخلق في الوجود الاول المقدم من الايمان و الكفر فذلك واقع فلولا دعوة الداعي في الدنيا لم‏يظهر الايمان و الكفر اللذان مقدمان في عالم الذر فهذا هو المراد من امثال هذه العبارات.

و ينبغي لك ان‏تتفكر في معني الوجود و الظهور و لايعلم نسبتهما اكثر المنتحلين فيزعمون الوجود متعيناً فيما يزعمونه من الغيب كالشخص المتعين في الظلمات و يزعمون الظهور خروجه من عرصة الظلمات الي عرصة النور و يحسبون انهم يحسنون و ليس كذلك اذ لو كان الامر كذلك لكان الوجود متعيناً قبل الظهور فيكون الظهور لغواً اذ ليس له مدخلية في التعين فلاتكن من الغافلين.

فاعلم ان الظهور تمام البطون و لو لم‏يكن الحكمة تامة في بطونها تامة في ظهورها كانت الحكمة ناقصة من الحكيم كما روي في حديث المفضل عن الصادق7 فالمراد من الظهور هو التعين و المراد من الوجود

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 87 *»

الابهام لا غير فتذكر.

سؤال الخامس: كذلك التكليف سبب ظهور ايمان المؤمن و كفر الكافر فان النبي9 اذا دعاهم الي الايمان فان اجاب صار مؤمناً و ان لم‏يجب يصير كافراً فبالطاعة يصير مؤمناً و بعدمها يصير الكافر كافراً و الا قبل التكليف و الطاعة لم‏يحكم بايمانه و لا بكفره فالمؤمن مؤمن حين التكليف و الكافر كافر حين التكليف.

جواب: لاشك فيما قلت و هو حق واقع بلاريب و كأنك استشكل عليك ما اوردته سابقاً من ان السعيد سعيد في بطن امه و الشقي شقي في بطن امه و تلك الحالة قبل التكليف و البيان و قد عرفت ان‌شاءاللّه وجه عدم التنافي و الاختلاف فراجع تجد ما مر موافقاً لما قلت ان‌شاءاللّه تعالي.

سؤال السادس: ما معني الطفرة المنسوبة للنظام و ما حجته في اثباتها و ما الدليل في ابطالها.

جواب: الطفرة الباطلة الحاكمة عليها الضرورة هي السير من المبدأ الي المنتهي من غير مرور علي الوسائط الواقعة بينهما و ذلك من البديهيات في البطلان فزعم بعض المبتلين بمرض الماليخوليا انها جائزة واقعة غير محالة لما رأوا اختلاف السير و الحركة بين اجزاء الشي‏ء الواحد كحركة الكرة الواحدة فان قطبيها لايخرجان عن وضعهما و ما يليهما@بينهما خ‌ل@ من الاجزاء تتحرك شعرة و يليها شعيرة و هكذا الي محيط الكرة فيتحرك كثيراً و كل تلك الحركات من الشعرة الي محيط الكرة في ساعة واحدة.

و كذلك ان فرضت بئراً عمقها عشرة اذرع و فرضت حبلاً خمسة اذرع ثابتاً في وسط العمق و رأسه في قعر البئر و حبلاً آخر خمسة اذرع احد طرفيه في رأس البئر و الطرف الاخر ملحقاً متصلاً بالحبل الثابت في الوسط فبعد النزح قد تحركت الحلقة خمسة اذرع و الدلو عشرة اذرع في ساعة واحدة بجذب واحد فقد طفر الدلو خمسة اذرع فهذه و امثالها حجتهم في اثبات

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 88 *»

الطفرة و مرور الدلو بجميع اجزاء العمق مشاهد محسوس و لاينكره الا المبتلي بالماليخوليا و سبب ضعف حركة الدلو من حركة الحلقة ان الحلقة اذا تحركت الي العلو شبراً تحرك طرفين من الحبل الثابت في الوسط فتحرك كل طرف شبراً فيصير شبرين و هكذا و ذلك بديهي لذي عينين.

سؤال السابع: ما معني قوله جلّ‏ثناؤه ما ننسخ من آية او نُنسها نأت بخير منها او مثلها فما الفائدة في النسخ اذا كان الناسخ مثل المنسوخ.

جواب: اعلم ان اللّه سبحانه كلف الناس علي اقتضاء مصالحهم لا علي اقتضاء ذاته اذ لا اقتضاء له فاذا غير احوالهم غير اللّه تعالي احكامهم ان اللّه لايغيِّر ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم فينسخ اللّه تعالي حكم الحالة المنسوخة و يوضع حكم الحالة الموجودة و حكم الحالة الاولي خير لهم كما ان حكم الحالة الثانية خير لهم فهما مثلا@مثلان خ‌ل@ في صلاح امور العباد و المراد بالمماثلة في جميع التشبيهات جهة من الجهات كما اذا قلت زيد مثل الاسد لاتريد انه مثله([5]) في الهيئة الظاهرية بل تريد انه مثله في الشجاعة فكذلك الحال فيما نحن فيه الناسخ و المنسوخ مثلان في صلاح الخلق لا مثلان في جميع الوجوه.

سؤال الثامن: و ما معني ما ورد في تفسير الامام عن الرضا7 في سنقرئك فلاتنسي الا ما شاء اللّه ان‏ينسيك فيرفعه عن قلبك يا محمد ما معني رفعه عن قلبه9 و ما معني الحديث و حيث هو كله الي آخر كلامه ادام اللّه اكرامه.

جواب: اعلم ان النسيان مرة جاء بمعني المحو في مقابل الذكر و هذا القسم مرفوع عن الانبياء: للزوم الخلل في احكام العباد و البلاد و مرة جاء بمعني الترك كما قال نسوا اللّه فنسيهم و هذا القسم جائز علي اللّه تعالي فضلاً عن الانبياء فمعني الا ما شاء اللّه ان‏ينسيك ان‏يجعلك ان‏تترك

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 89 *»

ما تريد و يرفع عن قلبك العمل بما تريد و معناه ما روي عرفت اللّه بفسخ العزائم و نقض الهمم كما كنت تريد ان‏تعمل عملاً في خاطرك فتصرف خاطرك عن العمل به فتعرض عنه و لاتنساه كذلك يصرف عن قلب نبيه9 عن العمل بما يريد فيتركه و لاينساه هذا هو معني الحديث ولكني لم‏ار الحديث بهذه العبارة بعينها و مارأيته في تفسير الامام7 قريب منها.

سؤال التاسع: في معني الحديث القدسي المشهور لولاك لماخلقت الافلاك و لولا علي لماخلقتك.

جواب: اعلم ان اللّه سبحانه لم‏يخلق شيئاً فرداً قائماً بذاته دون غيره للذي اراد من الدلالة عليه كما قال الرضا7 فكل شي‏ء خلقه خلقه مركباً لان الفردية مخصوصة به سبحانه فكل شي‏ء خلقه له نصفان اذا كانا معاً كان ذلك الشي‏ء و ان لم‏يكن واحد منهما لم‏يكن الاخر و ذلك كالبنوة و الابوة مثلاً فاذا كان الاب و الابن معاً كان الاب اباً و الابن ابناً و ان لم‏يكن واحد منهما لم‏يكن الاخر و لاتزعم ان زيداً كان و لم‏يكن له ابن لان المراد هو وصف الابوة و البنوة لا زيد و عمرو فابوة الاب موقوف علي بنوة الابن و بنوة الابن موجودة بابوة الاب و هما متضائفتان لم‏يوجد احدهما بدون الاخر.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان وجود النبي9 موقوف علي وجود الولي و كذا العكس في وصف النبوة و الولاية فان النبوة بلا ولاية و وصاية و خلافة ليست من عند الحكيم كما برهن في محله فالنبوة و الخلافة المتضائفتان كانتا من عند الحكيم و كل واحد منهما شرط وجود الاخر و المراد بالافلاك هو افلاك الولاية و الخلافة لانها جهات تعلقات فعل المبدأ الي ارض القابليات و المبدأ هو النبي9 و جهات تعلقات فعله ظهرت في الائمة: و هم خلفاؤه المؤدون عنه بل هم نفسه بدليل آية انفسنا و اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة و كل واحد منهم

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 90 *»

شرط وجود الاخرين و هم منضمين نور واحد و طينة واحدة فلولا عرش النبوة و مبدأ المبادي لم‏يكن افلاك الولاية و جهات تعلقات فعله و لولاها لم‏يكن المبدأ مبدأ قال9 اما النبيون فانا و اما الصديقون فاخي علي و سئل عنه7 ما الشي‏ء و ما نصف الشي‏ء قال اما الشي‏ء فكافر مثلك و اما نصف الشي‏ء فمؤمن مثلي و راجع فيما مضي في العنوان الاول فانها معين في فهم المقصود هنا.

سؤال العاشر: بسم اللّه الرحمن الرحيم في الكافي في باب حدوث الاسماء علي بن محمد عن صالح بن ابي‌حماد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي بن ابي‌حمزة عن ابراهيم بن عمر عن ابي‌عبداللّه7 قال ان اللّه تبارك و تعالي خلق اسماً بالحروف غير مصوت و باللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسد و بالتشبيه غير موصوف و باللون غير مصبوغ منفي عنه الاقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامة علي اربعة اجزاء معاً ليس منها واحد قبل الاخر فاظهر منها ثلاثة اسماء لفاقة الخلق اليها و حجب منها واحداً و هو الاسم المكنون المخزون فهذه الاسماء التي ظهرت فالظاهر هو اللّه تبارك و تعالي و سخر سبحانه لكل اسم من هذه الاسماء اربعة اركان فذلك اثناعشر ركناً ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسماً فعلاً منسوباً اليها فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارئ المصور الحي القيوم لاتأخذه سنة و لا نوم العليم الخبير السميع البصير الحكيم العزيز الجبار المتكبر العلي العظيم المقتدر القادر السلام المؤمن المهيمن البارئ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الاسماء و ما كان من الاسماء الحسني حتي تتم ثلاثمائة و ستين اسماً فهي نسبة لهذه الاسماء الثلاثة و هذه الاسماء الثلاثة اركان و حجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة و ذلك قوله تعالي قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني و السلام.

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 91 *»

فضلاً من جنابكم بجواب الشافي عن اعتراضي([6]) هو اللّه العالم الفياض.

جواب: اعلم ان المؤثر ان كان مقيداً بقيد خاص يؤثر اثراً خاصاً و لايقدر ان‏يؤثر اثراً بخلاف ذلك الاثر الخاص سواء كان المخالف ضداً له او نقيضاً او غير ذلك و ذلك كالنار الحارة اليابسة فلما كانت في نفسها مقيدة بقيد الحرارة و اليبوسة محبوسة فيهما تؤثر فيماسواها بالحرارة و اليبوسة فقط و لاتقدر علي التبريد و الترطيب لانها في نفسها فاقدة للبرودة و الرطوبة ولكن الجسم لما كان مطلقاً غير مقيد في ذاته بقيد الحرارة و اليبوسة و لا بقيد البرودة و الرطوبة يقدر ان‏يسخن و ييبس بالنار و ان‏يبرد و يرطب بالماء و يصدق ان الجسم حار يابس بارد رطب مع انه في نفسه ليس بحار و لا بارد و لا رطب و لا يابس بل حار يابس في النار بالنار رطب بارد في الماء بالماء.

فتفكر في نفس الجسم بانه غير مقيد بهذه القيود و في النار و الماء المقيدين بهذه القيود و قس عليهما باقي المقيدات الجسمانية بالنسبة الي الجسم المطلق و اعتبر منها و منه انه لو كان في نفسه مقيداً بالحرارة لمايبرد كالنار و لو كان في نفسه مقيداً بقيد البرودة لمايسخن كالماء فاعلم انه بنفسه غير مقيد بقيد الافلاك كما كان غير مقيد بقيد العناصر فهو ليس بعال كالسماء و لا بدان كالارض و لا بمنير كالشمس و لا بمظلم كالجدار فلماكان في نفسه مطلقاً عن تلك القيود يقدر علي كل اثر جسماني و سر قدرته علي جميع تلك الاثار الجسمانية هو اطلاقه عن جميع ذلك.

فاذا تفكرت فيما قلت و تبصرت و اعتبرت فاعلم ان اسمه الاعظم الحقيقي الذي يؤثر في كل شي‏ء و كل شي‏ء اثره لايقيد بقيد شي‏ء من الاشياء اذ كلها من آثاره و لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه و من جملة الاشياء التي من آثاره الحروف و اللفظ و اللافظ الذي هو المجسد و الجسد

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 92 *»

الذي هو الملون و الحدود و المحدودات و الحجب و المحجوبات و الاقطار و الاطوار و المؤتلفات و المختلفات و الاضداد و الانداد و الامثال و الاقران و الموصوفات و الصفات و الاسماء و المسميات و الغيوب و الشهادات([7]) و النسب و الاضافات و الحيوث و الاعتبارات الي غير ذلك من الارواح و الاجساد و الفواعل و المفعولات و الافعال و الاثار و الاشباح و المشاعر و المدركات و الافعال و الانفعالات الي غير ذلك مما يسمي باسم و يرسم برسم و يحد بحد و يصرح بصراحة او يشار باشارة او يكني بكناية او يعبر عنه([8]) بعبارة كلها صارت موجوداً بذلك الاسم فهو مطلق عن كل حد و رسم فذلك الاسم بالحروف غير مصوت و باللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسد الي آخر قوله صلوات اللّه عليه و آله.

اما قوله7 محجوب عنه حس كل متوهم لان المتوهم و ما توهمه كلاهما من آثاره و المتوهم يحيط بما توهمه و هو محاط و المحيط و المحاط كلاهما من آثاره و لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه لانه هو المطلق عن قيد الاحاطة و المحاطية فلاجل ذلك محجوب عنه حس كل متوهم اذ هو الاية التي تقرأها في الكتاب المسطور في الرق المنشور في البطون و الظهور و الظلمة و النور لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير فليس بمحاط لمتوهم اذ الادوات تحد انفسها و الالات تشير الي نظائرها و لو كان الاشتغال بما لابد له يصرفني الي المجال لشرحت الحال بما يغني و يسمن من الجوع ولكن الاشارة كافية لاهل البشارة ان‌شاءاللّه تعالي.

اما قوله صلوات اللّه عليه مستتر غير مستور لان كل مستتر مستور بستره محجوب محبوس من ورائه و هو ايضاً من آثار هذا الاسم الوسيع بلاوسعة المستتر بلاستر فهو المستتر لشدة نوره و الخفي من شدة ظهوره اذ لا

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 93 *»

يري نور الا و هو من نوره و لا ظهور الا و هو ظهوره فهو غير مستور بظلمة و لا نور و لا خفاء و لا ظهور اذ كل هذه و امثالها من تلألؤ نوره و اشراق فيض ظهوره.

اما قوله صلوات اللّه فجعله كلمة تامة علي اربعة اجزاء معاً ليس منها واحد قبل الاخر فان جعلت الفاء للتراخي الرتبي في الجملة لكان حسناً تشير الي انه في نفسه واحد ليس له اجزاء اذ الاجزاء من آثاره فجعله في رتبة ادني من رتبة ذاته كلمة تامة علي اربعة اجزاء معاً ليس واحد منها قبل الاخر اذ هو مخلوق من الاجزاء لا من الاشياء لان الاشياء كلها من آثاره فالمخلوق من الاشياء يمكن ان لايكون و تكون الاشياء متفرقة بعضها موجودة و بعضها معدومة كالمعاجين فيمكن ان‏يوجد الدارصيني و لايوجد الزنجبيل او بالعكس و هكذا الحال في سائر الاجزاء التي هي الاشياء بخلاف المركب الذي هو مخلوق من الاجزاء التي ليست باشياء مستقلة بل كل واحد منها شي‏ء بشرط وجود الاخر و بدون وجود الاخر ليس شي‏ء.

و ذلك كالواحد الذي هو نصف الاثنين و ثلث الثلاثة و ربع الاربعة فالنصف و الثلث و الربع اجزاء الواحد و ليست باشياء مستقلة و انما يكون النصف شيئاً بشرط وجود الثلث و الربع و غير ذلك من الكسور التي هي الاشياء@اشياء خ‌ل@ غير مستقلة بل كل واحد منها شي‏ء بالاخر و الاخر شي‏ء به فتلك الكلمة هي المركبة من اربعة اجزاء ليس جزء منها موجوداً قبل الاخر و مثال ذلك ايضاً هو الجسم لانه جوهر ذو طول و عرض و عمق و لون و طعم و وزن و امثال ذلك و ليس شي‏ء منها قبل الاخر بل كلها وجدت معاً ليس شي‏ء منها قبل الاخر.

و المراد من الاربعة علي احد المعاني مرتبة علمه سبحانه و مرتبة فعله الذي هو المشية و مرتبة الغيب الذي هو اول ما خلقه بها و مرتبة الشهادة المخلوقة بالغيب فالمرتبة الاولي فوق عرصة الفعل و الفاعل و المفعول و هو سبب الاسباب بل هو مسبب الاسباب من غير سبب اذ السبب سبب بالتسبيب

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 94 *»

و ذلك معلوم لدي العاقل اللبيب فذلك الجزء المخزون المكنون عنده سبحانه هو اسمه العليم و علمه لايخرج منه الي غيره و لايعلمه غيره و قد علم المعلومات قبل ايجادها فاراد ان‏يخلق كما علم لانه علم ليس فيه جهل و كذب فخلق ما شاء كما علم فالمشاءات كلها تابعة لعلمه سبحانه خلقها كيف يشاء بعلمه الذي لايغيَّر و لايبدل اذ المتغيرات بفعله قد تغيَّرت و فعله قد حدث علي ما علم من غير جهل فعلي ما علمه في علمه خلق المشية في رتبتها بنفسها اذ هكذا علمها ثم خلق الاشياء بالمشية اذ هكذا علمها و ذلك العلم مخزون مكنون عنده يعلم ما في الامكان و ما في انفس الخلائق اجمعين و لايعلم خلق من الخلائق من اولهم الي آخرهم ما في نفسه تعالي.

و اما قوله عليه الصلوة و السلام فاظهر منها ثلاثة اسماء لفاقة الخلق اليها فاعلم ان مراتب الخلق باسرها ثلثة مرتبة المشية و مرتبة الغيب و مرتبة الشهادة فخلق تلك المراتب الثلاث بالاسماء الثلثة الظاهرة في عالم الخلق و تلك الاسماء مكتوبة في اعلي درجات تلك المراتب خلق كل درجة باعلي مرتبة التي هي اسمه تعالي العبودية جوهرة كنهها الربوبية و تلك الاسماء غير المسمي الواحد([9]) اذ هي ثلاثة و هو الواحد.

فالاول الاكبر الاعظم من تلك الاسماء هو في الباطن و اللّه في الظاهر و هو المستجمع لجميع الصفات الكمالية في مرتبة الفعل و الاحداث و المشية المخلوقة بنفسها و نفسها ذلك الاسم الذي اذا عرفته عرفت ربها فهو المبارك المتعالي و البركة هي اللطيفة الزائدة عن الشي‏ء الواصلة الي الغير كنور الشمس و السراج و اشباهه الا ان فضل الشمس مخصوص بالاضائة و نور اسم اللّه و فضله غير مخصوص بالاضائة و هو شامل لكل فيض يحتاج اليه الخلق اجمعون من الخلق و الرزق و الموت و الحيوة و القوة و القدرة و غير ذلك مما

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 95 *»

يحتاجون اليه و قد عم الكل بركته و فضله المتعالي عن([10]) كل شي‏ء لانه المفيض المطلق علي الكل و قد عبر عنهما([11]) بلفظ الفعل للاشارة الي اضمحلالهما([12]) في جنب اللّه تبارك و تعالي و لاجل ذلك عبر عنه ايضاً بغير عطف في الثاني لانه صفته و الصفة و الموصوف مقترنان و العطف فرع التفريق بخلاف الثالث لانه بالنسبة الي الثاني غيره و لابد في التعبير عنه بالعطف.

ثم خلق الغيب بتلك المشية بقوة ذلك الاسم المبارك المتعالي.

ثم خلق الشهادة بالغيب الذي هو مخلوق بالمشية باسمه المتعال المكتوب في اعلي درجات الشهود المتصل بالغيب المتعالي عن جمود عالم الشهود.

اما قوله7 و سخر سبحانه لكل اسم من الاسماء ـ اي الاسماء الثلاثة ـ اربعة اركان فذلك اثناعشر ركناً فذلك لان من اول تعلق الاسم في التأثير الي بلوغه الي المفعول المتأثر اربع@اربعة خ‌ل@ مراتب.

مرتبة الحركة المطلقة للاحداث و هي محدثة للحرارة و لذا عبر عنها بالنار في قوله تعالي و لو لم‏تمسسه نار و هي مرتبة المشية بالاطلاق الخاص كما نبه الرضا7 فقال هي الذكر الاول.

و مرتبة الميل الي المفعولات علي نهج الابهام و هي المعبر عنها بالرحمة و الارادة بالاطلاق الخاص كما قال7 هي العزيمة علي ما يشاء اي الارادة هي العزيمة علي ما يشاء.

و مرتبة الميل الخاص الي المفعول الخاص و هي مرتبة القدر و هي مقام التقدير و تهيئة الاسباب و الاوضاع و الكتب و الاجال الي غير ذلك مما يحتاج اليه الخلق الخاص و هذه المرتبة تسمي بالقدر و شرحه7 بالهندسة الايجادية و الهندسة معربة «اندازه» بالفارسية و معناه التقدير كما عرفت.

و المرتبة الرابعة مرتبة القضاء بالاطلاق الخاص و هي مرتبة تمام تركيب الشي‏ء و اتمامه كما قدر و اراد و شاء.

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 96 *»

و هذه المراتب الاربع لابد لها في كل شي‏ء بحسبه فاذا كان الشي‏ء مطلقاً فجميع هذه المراتب مطلقات و ان كان كلياً فكليات و ان كان جزئياً فجزئيات للزوم تطابق مراتب الفعل الي مراتب المخلوقات فلاجل ذلك جعل لكل واحد من هذه الاسماء الثلاثة اربعة اركان فيصير الكل اثني‏عشر ركناً و قدظهر ذلك الاركان الاثني‏عشر في كل عالم و كل شي‏ء بحسبه فظهرت في الافلاك بالبروج الاثني‏عشر و في الاوقات بالشهور الاثني‏عشر و في الاوصياء بالاوصياء الاثني‏عشر صلوات اللّه عليهم كما ان في الحواريين ظهرت بالاثني‏عشر للزوم تطابق العوالم اذ ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و ما امرنا الا واحدة و في حقيقة الامر ان جميع العوالم لما كانت من انوارهم: و النور مطابق للمنير لامحالة ظهر انوارهم في كل عالم مطابقة و لذا يمكن للعاقل ان‏يستدل علي الغيب بالشهادة و علي الشهادة بالغيب كما روي عنهم: العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما خفي في الربوبية اصيب في العبودية و ما فقد في العبودية وجد في الربوبية و كما روي عنهم: قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا.

اما قوله صلوات اللّه عليه ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسماً لان الثلاثين عدد فيه تمام القابلية كما اشار اليه قوله تعالي و واعدنا موسي ثلاثين ليلة و لاجل ذلك ظهر كل برج في ثلاثين درجة فلذلك@فکذلک خ‌ل@ البروج الباطنية فلكل واحد منهم ثلاثون رجلاً و هم رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه و هم رجال الغيب و الاوتاد للبلاد و الرقباء و النقباء في امور العباد فلكل امام7 رجال هم سفراؤه في اطراف الارض كما لايعرفون([13]) باعيانهم و يعرفون بآثارهم.

و قدروي نعم الارض طيبة و ما بثلاثين من وحشة لانهم ساكنون فيها غالباً و هم خواص القائم عليه السلام عجل اللّه فرجه و قد كتب في قلب كل

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 97 *»

واحد منهم اسماً من اسمائه تعالي اولئك كتب في قلوبهم الايمان و ايدهم بروح منه و اولئك هم النجوم الطالعة المستنيرة من شمس الغوث الاعظم الذين بهم يهتدي كل مهتدي([14]) و بالنجم هم يهتدون كما قال9 مثل اصحابي كالنجوم بايهم اقتديت اهتديت فاياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني و اولئك ثلاث‏مأة و ستين اسماً فهم نسبة الي الاركان الاثني‏عشر صلوات اللّه عليهم و هم نسبة الي الاسماء الثلاثة التي مرت ذكرها فما من نجوي ثلاثة الا هو رابعهم ان اللّه مع الذين اتقوا من المخالفة و الذين هم محسنون.

و هذا القدر من البيان كاف لمن له عينان عين الظاهر و عين الباطن و هما مقرونتان للذي لاتعمي عين قلبه و كلما عرض عليك اعتراض فعليك بالتدبر فيما مضي من البيان فان فيها كليات يمكن استخراج الجزئيات منها و اما شرح جميع الجزئيات فمما يمنعني الاشتغال و اللّه الموفق للايصال الي ما يقتضي الحكمة دون الجدال فلنختم الكلام بسؤال السلام و الزيارة في مشاهد سادات الانام و قدفرغت منها في عصر يوم السبت الخامس و العشرين من شهر شعبان من شهور سنة 1287 حامداً مصلياً مستغفراً.

 

([1]) بشرطها. خ‌ل

([2]) معني. ظ

([3]) مؤمناً. ظ

([4]) اي جهل و غفلة. خ‌ل

([5]) مثل الاسد. خ‌ل

([6])اعتراض. خ‌ل

([7]) و الشهاديات. خ‌ل

([8]) منه. خ‌ل

([9]) غير مسمي الواحد. خ‌ل

([10]) علي. خ‌ل

([11]) عنها. خ‌ل

([12]) اضمحلالها. خ‌ل

([13]) لايعرفونهم. خ‌ل

([14]) كل مهتد. خ‌ل