02-02 الرسائل المجلد الثانی – رسالة في شرح دعاء الرجبیة ـ مقابله

الرسالة الثانية شرح الدعاء الرجبية

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی‌ الله مقامه

 

فهرس الرسالة الثانية

«شرح الدعاء الرجبية»

قوله7 و عجل الله فرجه: اللهم اني اسألک بمعاني جميع ما يدعوک به ولاة امرک

قوله7 و عجل الله فرجه: المأمونون علي سرک المستبشرون بامرک الواصفون لقدرتک المعلنون لعظمتک

قوله7 و عجل الله فرجه: و اسألک بما نطق فيهم من مشيتک

قوله7 و عجل الله فرجه: فجعلتهم معادن لکلماتک

قوله7 و عجل الله فرجه: و ارکاناً لتوحيدک

قوله7 و عجل الله فرجه: و آياتک و مقاماتک التي لاتعطيل لها في کل مکان يعرفک بها من عرفک

قوله7 و عجل الله فرجه: لافرق بينک و بينها الا انهم عبادک و خلقک

قوله7 و عجل الله فرجه: فتقها و رتقها بيدک

قوله7 و عجل الله فرجه: اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و رواد

قوله7 و عجل الله فرجه: فبهم ملأت سماءک و ارضک حتي ظهر ان لا اله الا انت

قوله7 و عجل الله فرجه: فبذلک اسألک

قوله7 و عجل الله فرجه: و بمواقع العز من رحمتک

قوله7 و عجل الله فرجه: و بمقاماتک و علاماتک

قوله7 و عجل الله فرجه: ان تصلي علي محمد و آله

قوله7 و عجل الله فرجه: و ان تزيدني ايماناً و تثبيتاً

قوله7 و عجل الله فرجه: يا باطناً في ظهوره و ظاهراً في بطونه و مکنونه

قوله7 و عجل الله فرجه:  يا مفرقاً بين النور و الديجور

قوله7 و عجل الله فرجه: يا موصوفاً بغير کنه و معروفاً بغير شبه

قوله7 و عجل الله فرجه: حاد کل محدود و شاهد کل مشهود و موجد کل موجود و محصي کل معدود و فاقد کل مفقود ليس دونک من معبود اهل الکبرياء و الجود

قوله7 و عجل الله فرجه: يا من لايکيف بکيف و لايؤين بأين يا محتجباً عن کل عين

قوله7 و عجل الله فرجه: يا ديموم يا قيوم

قوله7 و عجل الله فرجه: و عالم کل معلوم

قوله7 و عجل الله فرجه: صل علي عبادک المنتجبين و بشرک المحتجبين و ملائکتک المقربين و البهم الصافين الحافين

قوله7 و عجل الله فرجه: و بارک لنا في شهرنا هذا المرجب المکرم و مابعده من الاشهر الحرم و اسبغ علينا فيه النعم و اجزل لنا فيه القسم و ابرر لنا فيه القسم

قوله7 و عجل الله فرجه: باسمک الاعظم الاعظم الاجل الاکرم الذي وضعته علي النهار فاضاء و علي الليل فاظلم

قوله7 و عجل الله فرجه: و اغفر لنا ما تعلم منا و لانعلم و اعصمنا من الذنوب خير العصم

قوله7 و عجل الله فرجه:  و اکفنا کوافئ قدرک

قوله7 و عجل الله فرجه: و امنن علينا بحسن نظرک و لاتکلنا الي غيرک و لاتمنعنا من خيرک

قوله7 و عجل الله فرجه: و بارک لنا فيما کتبته لنا من اعمارنا

قوله7 و عجل الله فرجه: و اصلح لنا خبيئة اسرارنا

قوله7 و عجل الله فرجه: و اعطنا منک الامان

قوله7 و عجل الله فرجه: و استعملنا بحسن الايمان

قوله7 و عجل الله فرجه: و بلغنا شهر الصيام و مابعده من الايام و الاعوام يا ذاالجلال و الاکرام

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 104 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الذي هداني للاسلام و اكرمني بالايمان و عرفني الحق الذي عنه يؤفكون و النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و الصلوة علي البشير النذير السراج المنير محمد و آله الطيبين الاخيار الطاهرين المصطفين الابرار و الذين اتبعوهم باحسان رضي اللّه عنهم و رضوا عنه و اللعنة علي اعدائهم و مخالفيهم و منكري فضائلهم من الاولين و الاخرين الي يوم الدين.

اما بعد فيقول العبد المسكين الوحيد من غير معين و الحمد للّه رب العالمين اياك نعبد و اياك نستعين ما حداني الي الشرح و البيان دعاء صدر من صاحب الزمان عليه و علي آبائه الكرام صلوات الملك المنان عجل اللّه فرجه روحي فداه و هو المرجب الذي دعا به في كل يوم من شهر رجب روي في جنة الامان الواقية و جنة الايمان الباقية المتلقي بالقبول من حين الصدور فما بعده في الصدور النقية من متبعي آل الرسول و بلغوا به المأمول لم‏يوجد موهن له الي الان من المتقدمين و المتأخرين و متأخري المتأخرين فحيث ظهر منهم التمكين و هم اساطين الدين كشف للموقنين انه مقرر مصدق من رب العالمين علي القطع و اليقين فان عليه سبحانه احقاق الحق و ابطال الباطل في جميع القرون و السنين لجميع المكلفين ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و ادلة ذلك علي التفصيل موجودة في محالها و ان اقتضي الاجمال ضيق المجال فحري بأن يبان و يشتهر بين المؤمنين و حقيق بأن‏يعتقد بمضامينه علي اليقين و جدير بأن‏يتمسك به

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 105 *»

في الحوائج و المهمات للدنيا و الاخرة للسالكين و الفقراء و المساكين و الاغنياء و الاقوياء و السلاطين من زمرة المؤمنين([1]) الموقنين و ان اعرض عنه المعرضون من الجاهلين و المتوهمين و الشاكين و الظانين باللّه ظن السوء عليهم دائرة السوء الضالين المضلين فلايغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأويهم جهنم فلبئس المهاد. و قليل من عبادي الشكور و اليه ترجع الامور فقال طيب اللّه فاه و جعل الجنة مأواه قال ابن عياش و مما خرج علي يد الشيخ ابي‌جعفر محمد بن عثمان بن سعيد من الناحية المقدسة دعاء لكل يوم من رجب:

اللّهم اني اسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك.

الفرق بين السؤال و الدعاء في الاصطلاح ان السؤال يقع عن الجاهل العالم بالعالم ليتعلم منه ما يجهله ليعمل به او يقع عن المحتاج الي شيء لم‏يوجد عنده العالم بالغني المعطي الذي يوجد عنده لينتفع به فما لم‏يكن المسئول معروفاً للسائل يمتنع السؤال و لم‏يكن السؤال حينئذ الا مكاء و تصدية كماقال تعالي ماكان صلاتهم عند البيت الا مكاء و تصدية و الي هذا اشار ما روي عنهم: في جواب من سأل عنهم علة عدم الاستجابة لدعائهم فقال7 لانكم تدعون ما لاتعرفون فليتذكر المتذكرون ان من لم‏يعرف اللّه لم‏يقع سؤاله و دعاؤه الا مكاء و تصدية و كذلك المدعو به يجب ان‏يكون معروفاً للداعي فلايكون دعاء الجاهل ايضاً الا مكاء و تصدية نعم الدعاء يقتضي كفاية المدعو مؤنة الداعي بتمامها و كمالها بخلاف السؤال فان السائل بنفسه يستعمل ما سأله فالدعاء انفع للداعي من السؤال للسائل فلاتغفل و تذكر ان الداعي بقاؤه في فنائه بالكلية فهو مفقود بنفسه في نفسه موجود بربه و مدعوه بلا نهاية ان اللّه مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون بمعية غير متناهية بخلاف السائل لانه سأل المسئول موجوداً بنفسه مستعملا

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 106 *»

بعلمه و بما يعطيه المعطي و الفرق بينهما هو الفرق بين الرب و العبد فان عرفت ما اقول وصلت الي المأمول و الا فلاتتكلف فان اللّه لايحب المتكلفين فلنقبض العنان الا لمن له عينان و لهم اعين لايبصرون بها. ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون. لاتعمي الابصار و لكن تعمي القلوب التي في الصدور. و لهم آذان كآذان الانعام و لكن لايسمعون بها و لهم لسان كسائر الحيوانات([2]) و لكن لايتكلم بالحق صم بكم عمي فهم لايعقلون. يعلمون ظاهراً من الحيوة الدنيا و هم عن الاخرة هم غافلون. فلاتكن من الغافلين و ان كثروا و كن من المتذكرين و ان قلوا و زبروا و قليل ما هم. و قليل من عبادي الشكور. فلاتستوحشنك في طريق الحق قلة اهله فان الناس جمعوا و اجتمعوا علي مائدة جوعها طويل و شبعها قليل. متاع قليل و مأواهم جهنم و بئس المصير عند البصير.

ثم اعلم وتذكر و انما يتذكر اولوا الالباب لا كل من سمع الخطاب كما نطق به الكتاب اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة، في عمد ممددة ان الفاظ السؤال او الدعاء او غيرهما من الحروف و الكلمات من حيث هي هي من غير المعاني المستودعة فيها ان هي الا دعاء و نداء و مكاء و تصدية فلاجل ذلك قال القائل بالحق اسألك بمعاني جميع ما يدعوك به و ماقال روحي فداه اسألك بما يدعوك به اذ ما يدعونه به هي الالفاظ و معانيها هي المقصودة للقاصدين و المطلوبة للطالبين و المسلك للسالكين فالماء اسم للمشروب و المشروب هو المطلوب فالماء بجميع حروفه و مداده و مباديه اسم غير مقصود و المقصود منه لدي الطالب و المطلوب هو المشروب فمن عبد الاسم فقد كفر و من عبد الاسم و المعني معاً فقد اشرك بربه الاحد و من عبد المعني بايقاع الاسم([3]) عليه فقد عبد من

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 107 *»

استعبد و اولئك هم المؤمنون حقا و اصحاب اميرالمؤمنين عليه و آله صلوات المصلين صدقاً كما روي في الكافي عن الصادق الامين7 حين تعليمه للهشام فقال7 الخبز اسم للمأكول و الماء اسم للمشروب و الثوب اسم للملبوس و النار اسم للمحرق أفهمت يا هشام؟! فالمعاني جمع المعني و هو المسمي فالمسميات هي مصاديق الكلمات و معانيها سواء كانت اسماً او فعلاً او حرفاً بالاصطلاح و لفظ الجميع جمع المعاني و المقاصد كلها بحيث لم‏يشذ عنها شاذ و يحتمل ان‏تكون الباء للقسم او الاستعانة او الوساطة و ان كان الاول اقوي و اولي للتمسك بها الي اللّه في الاستكانة و الذل من غير استحقاق من السائل بل بابتداء من المسئول و شفاعة من شفعهم لنيل المأمول لكرامتهم عليه و جعله لهم وسيلة لديه و امره تعالي بقوله فابتغوا اليه الوسيلة و ان كانت الاستعانة كباء بسم اللّه كافية اللّهم الا ان العبد اذا دعا ينبغي له ان‏يفني بنفسه فلايبقي ليستعين فاللّه خير حافظاً و هو ارحم الراحمين قل بفضل اللّه و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ما عندكم ينفد و ما عند اللّه باق و هذه حالات عباده المكرمين الذين لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون لايملكون لانفسهم نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً. اللّهم افعل بي ما انت اهله و لاتفعل بي ما انا اهله و انت اهل التقوي و اهل المغفرة وقاية اللّه خير من توقينا اليس اللّه بكاف عبده و سيكفيكهم اللّه و هو السميع العليم فان كنت غير مستأهل لاجابته فهو اهل لاجابتك انه قريب مجيب فان انت غير مستأهل للاعتناء فالمعاني المدعو بها اهل لان‏يعتني بها اللّه فأقسم عليه بها ليعتني بك و هو قد اذن لك و له المنة بلسان اوليائه: ان‏تقسم عليه بها و الحمد للّه.

ثم اعلم ان تلك المعاني ليست بمعان مصدرية كما اشرنا اليه لمن له دراية فالمشروب معني الماء و المأكول معني الخبز و كذا لفظ المأکول

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 108 *»

و المشروب([4]) اسمان لمعناهما كالماء و الخبز فتنبه و لاجل ذلك قال7 عليك بالبيان و المعاني فقال جابر و ما البيان و ما المعاني؟ فقال7 اما البيان فأن‏تعبد اللّه وحده و لاتشرك به شيئاً و اما المعاني فنحن معانيه و ظاهره فيكم فهم: ليسوا بمعان مصدرية بل هم جواهر اوائل العلل و بهم صارت الجواهر جواهر معروضة للاعراض فما ظنك بجوهرية ذواتهم صلوات اللّه عليهم؟ فصارت الالفاظ التي يدعو بها اللّه ولاة امر اللّه جميعها اسماء معانيها هي الجواهر المؤثرة دون الفاظها كما ان الجسم البارد الرطب السيال هو معني الماء الذي به حيوة الارض بعد موتها و جعل اللّه حيوة كل حي به و كذا الجسم الحار اليابس هو معني النار المحرق دون لفظه و هكذا الامر في جميع الكلمات و معانيها. ماتري في خلق الرحمن من تفاوت.

فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا   و ان لم‏يكن فهم فيأخذه عنا
علي نحت القوافي من مواقعها   و ما علي اذا لم‏يفهم البقر

و السلام علي من عرف الكلام و وصل الي المرام و احترز عن اللئام الذين هم كالانعام بل هم اضل فان لسانهم كالسنان بل:

جراحات السنان لها الالتيام   و لايلتام ما جرح اللسان

بالجملة و الولاة جمع الوالي كالرعاة و الراعي مضاف الي امر اللّه تعالي و لهم اوصاف بها يمتازون عن غيرهم فتلك الاوصاف تجاه وجهك فترقب لرؤيتها ان شاء اللّه تعالي فالمضاف مكتسب التعريف من المضاف اليه و هو امر اللّه تعالي فالولاة معروفون بأمر اللّه تعالي فلو لم‏يكن الامر ما عرفوا فبه يعرفون في ظواهرهم و بواطنهم و سرهم و علانيتهم في جميع مقاماتهم و مراتبهم و ليس لهم شي‏ء غير مضاف و حقائقهم نفس الاضافة الي الامر كحقيقة قيامك فانه نفس الاضافة اليك و ليس له وجود الا باحداثك اياه

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 109 *»

به و منه و عليه و اليه و له فافهم ان كنت من اهل الديار و ان لم‏يعرفه الاغيار و لعلك عرفت الامر ان شاء اللّه بعكس ما مثلنا به اذ بظاهره اثبت قيام الولاة بالامر كقيام القيام بك و باطنه الذي فيه الرحمة قيام الامر بهم اذا الفعل قائم بفاعله لا العكس قال علي7 في صفته9 اقامه مقامه في سائر عوالمه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الواحد القهار فالسلام علي الذين من عرفهم فقد عرف اللّه و من جهلهم فقد جهل اللّه فان عرفت ما عرفت من غير غلو و لا تقصير فأنت انت و الا فذره في سنبله لاهله فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين و كانوا علي ذلك من الشاهدين و الشاكرين و الحمد للّه رب العالمين.

بالجملة فالامر المضاف اليه المضاف الي الكاف غير الذات اذ هي لاتضاف و ذلك الامر هو المذكور في الكتاب المضاف الي الضمير و ينحصر الامر في المسطور المستور اذ اليه ترجع الامور بقوله جل جلاله و عم نواله انما امره اذا اراد شيئاً ان‏يقول له كن فيكون فالضمير المستتر في اراد يرجع الي الامر فهو المريد و ذلك اسم من الاسماء ينبي‏ء([5]) عن المسمي و له الاسماء الحسني و هي متعددة لا شک في تعددها و لا تعدد في المسمي و هو الواحد القهار لا شك فيه قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني قال7 نحن واللّه الاسماء الحسني التي امر اللّه ان‏تدعوه بها فتبصر امرك و لاتكن من الذين يؤمنون ببعض الكتاب و يكفرون ببعض مثل الذين حملوا التورية ثم لم‏يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفاراً. فذرهم في خوضهم يلعبون. لاهية قلوبهم و تذكر انما يتذكر اولوا الالباب و من سواهم من وراء سور الحجاب و قد اغلقت عليهم الابواب و لو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 110 *»

انما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون فلنرجع الي الكتاب في شرح الامر المضاف و ما امرنا الا واحدة و التاء للوحدة مبالغة فيها اذ بغيرها ثبتت و دلت اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض و المراد بالوحدة الوحدة الجنسية لا الشخصية كما زعمه الجاهلون الذين يعلمون ظاهراً من الحيوة الدنيا و هم عن الاخرة هم غافلون. اماتري كثرة الخلق و مع كثرتها قال و ما امرنا الا واحدة و اما تشهد ان ارواحهم مع تعددها كانت من طينة واحدة طابت و طهرت و بعض تلك الارواح المتعددة من جنس البعض الاخر مع تعدد الابعاض كما تشهد ان المصنوعات([6]) من الذهب كلها من الذهب لا اختلاف بينها في جنس الذهب و كلها من ذهب واحد لايزيد شي‏ء منها في الذهبية كما لاينقص شي‏ء منها مما به الذهب ذهباً مع اختلاف هيآتها و اوزانها و كبرها و صغرها فلاتكن من الغافلين فكذلك الولاة للامر المضاف مع تعددهم و اختلاف اشخاصهم متحدون في جنس الامر المضاف بعضهم من بعض و ليس لاحد من الخلق فيه نصيب كما لا نصيب لشي‏ء مما يصنع([7]) من الفضة في الذهب فكل ما صنع([8]) من الذهب ممتاز عما صنع([9]) من الفضة بالذهبية فلاتغفل. فولاة الامر ايضاً ممتازون عن غيرهم بما لهم نصيب من الامر و ليس لغيرهم فيه نصيب فبلغ اللّه بهم اشرف محل المكرمين و اعلي منازل المقربين و ارفع درجات المرسلين حيث لايلحقهم لاحق و لايفوقهم فائق و لايسبقهم سابق و لايطمع في ادراك مقامهم طامع حتي لايبقي ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا صديق و لا شهيد و لا عالم و لا جاهل و لا دني و لا فاضل و لا مؤمن صالح و لا فاجر طالح و لا جبار عنيد و لا شيطان مريد و لا خلق فيما

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 111 *»

بين ذلك شهيد الا عرفهم جلالة امرهم و عظم خطرهم و كبر شأنهم و تمام نورهم و صدق مقاعدهم و ثبات مقامهم و شرف محلهم و منزلتهم عند اللّه و كرامتهم عليه و خاصتهم لديه و قرب منزلتهم منه و سر ذلك كله ان الاول الحقيقي لا اول له عقلا و نقلا و هو اول صادر منه سبحانه فلايعقل سابق له اذ لو كان لكان الاول الحقيقي اياه و لايعقل له لاحق اذ لو فرض الثاني اولاً لزم ان‏ لايكون الاول اولاً فلايكون الثاني ثانياً و ذلك امر محال ليس في الامكان له مجال و كذا الامر في الثالث و الرابع الي غير النهاية فيجب ان‏يكون الاول الحقيقي اولاً و يمتنع ان‏يكون ثانياً و يجب ان‏يكون الثاني الحقيقي ثانياً و يمتنع ان‏يكون اولاً او ثالثاً و يجب ان‏يكون الثالث الحقيقي ثالثاً و يمتنع ان‏يكون اولاً او ثانياً او رابعاً و هكذا الامر في جميع مراتب العدد لايتجاوز شي‏ء ماوراء مبدئه انا لنحن الصافون و لكل منا مقام معلوم فالدرجة الاولي خاصة لمن حل فيها لاتوجد في غيرهم بل هي من حدودهم الذاتية بها يمتازون عن غيرهم فمن الحدود التامة الذاتية للولاة المضافين الي امرك انهم هم؛

المأمونون علي سرك المستبشرون بأمرك الواصفون لقدرتك المعلنون لعظمتك.

فهذه الاوصاف الاربعة من الحدود التامة لولاة امر اللّه سبحانه اثنان منها لازمان لهم سابقان و الاخران متعديان لاحقان لو لم‏يكن الاولان لم‏يتحقق الثانيان و لم‏يوجد شي‏ء منها في غيرهم الا ما برز منهم الي غيرهم فالاول انهم هم المأمونون علي سر اللّه تعالي دون غيرهم و سر اللّه الحقيقي دون الاضافي هو ما اراد اللّه سبحانه ايجاده قبل الايجاد اذ بعد الايجاد لايكون سراً بل هو علانية لنفس الموجود بالايجاد بنفسه فالسر الحقيقي هو المخفي عن جميع الخلق و ما هو مخفي عن بعض الخلق دون بعض هو السر الاضافي فكل مجهول مستور عن الجاهل هو سر اضافي فالسر الحقيقي سابق علي

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 112 *»

جميع الخلق قبل الخلق مودع عند الولاة المأمونين عليه فصاروا بذلك عيبة سره و خزنة علمه و مهابط وحيه و ليس لاحد من الخلق ذلك السر علي الحقيقة الا للخلق الاول الذين هم عند اللّه و من عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون الا ما برز منهم عند احد علي نحو الاضافة فذلك السر الحقيقي هو علم ما كان و ما يكون الي يوم القيامة بل الي غير النهاية قبل ما كان و ما يكون فكان ذلك السر مودعاً عندهم قبل القبل في ازل الازال و بعد البعد من غير انتقال و لا زوال اذ كانوا بكينونته قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين موجودين ازليين ابديين و ليسوا بما هم عليه آلهة من دون اللّه لانه سبحانه احد ليس فيه شائبة العدد لم‏يلد و لم‏يولد و هم معدودون مربوبون قد تجلي لهم بهم و بهم امتنع عنهم من غير حركة و لا سكون و لا تغير و لا اشارة و لا كيف فصاروا بذلك حجبه و هو المحتجب و يأتي بعد ذلك ان شاء اللّه تعالي زيادة شرح لمن شرح اللّه صدره للاسلام فهو علي نور من ربه و من لم‏يجعل اللّه له نوراً فما له من نور.

فالانبياء و المرسلون و الملائكة المقربون: و جميع الخلق اجمعون غير محتملين لذلك السر لانه قبل الخلق و قد قالوا: ان امرنا سر و سر مستسر بالسر و ان امرنا صعب مستصعب لايحتمله ملك مقرب و لا نبي مرسل قيل: من يحتمله؟ قال7: نحن فذلك غير السر الذي اودعوه من شاؤا فهو من الاسرار الاضافية كما اشرنا اليه آنفاً فبعد استيمانهم ذلك السر الحقيقي بشّرهم به فصاروا مستبشرين بأمره سبحانه الذي هو التبشير فبعد ما استأمنهم علي سره و اختارهم لعلمه و اجتباهم بهداه امرهم بالتبليغ و الاداء لجميع ما اراد اللّه سبحانه علي الاطلاق في التكوين و التشريع في عالم الامكان و الاكوان و الاعيان و ما يري و ما

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 113 *»

لايري و استخلفهم([10]) له و اقامهم مقامه في الاداء كما ورد في الخطبة عن اميرالمؤمنين7 استخلصه في القدم علي سائر الامم اقامه مقامه في سائر عوالمه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار. فالمراد بالقدم هو قبل خلق الاوقات و المراد بسائر الامم جميع الخلق اجمعين اذ ان من شي‏ء الا يسبحه و لكن لاتفقهون تسبيحهم و كل قد علم صلاته و تسبيحه فالواصف المعلم لجميع العالمين هم سلام اللّه عليهم اجمعين بالتصريح من غير تلويح([11]) تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً. فالحمد للّه رب العالمين و الصلوة علي البشير النذير السراج المنير للعالمين و آله المهديين الهادين. قال9 انا المنذر و علي الهادي و لكل قوم هاد و قد ورد في قوله تعالي اولئك الذين انعم اللّه عليهم من النبيين و الصديقين اما النبيون فأنا و اما الصديقون فأخي علي صلوات اللّه عليهما و آلهما فهم الواصفون لقدرته و هي الموصوفة. و لهم: في هذا المقام الذي دون المقام الاول مقامان في الوصل و الفصل. اما الفصل فظاهر فانهم: حجج اللّه علي الخلق اجمعين من الانبياء و المرسلين و الملائكة المقربين و الجن و الانس و الشياطين و غيرهم كما هو ثابت في زياراتهم: و لاسيما في الجامعة: طأطأ كل شريف لشرفكم و بخع كل متكبر لطاعتكم و ذل كل شي‏ء لكم و اشرقت الارض بنوركم و كذا قال7 حتي لايبقي ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا صديق و لا شهيد و لا عالم و لا جاهل و لا دني و لا فاضل و لا مؤمن صالح و لا فاجر طالح و لا جبار عنيد و لا شيطان مريد و لا خلق فيما بين ذلك شهيد الا عرفهم جلالة امركم و عظم خطركم و كبر

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 114 *»

شأنكم و تمام نوركم و صدق مقاعدكم و ثبات مقامكم و شرف محلكم و منزلتكم عنده و كرامتكم عليه و خاصتكم لديه و قرب منزلتكم منه.

و اما في عالم الوصل فاعلم ان الواصف هو ظهور الموصوف و صفته و يكشف عن ذلك قولك زيد العالم فالعالم صفة زيد و ظهوره بالعالمية و لولا ظهوره بالعالمية لم‏يكن عالماً كما اذا لم‏يكن ظهوره بالقائمية لم‏يكن قائماً فالعالم و القائم ظهوران لزيد بالعلم و القيام واصفان له بهما قائمان به قيام صدور فاسم الفاعل مشتق من الفعل و هو من لوازم الفعل فاذا فعل زيد صار فاعلاً بتة و يمتنع ان‏يفعل زيد و لم‏يصر فاعلاً فالفاعل الذي هو اسم الفاعل يحكي عن الفاعل الذي فعل و ضمير فعل راجع اليه فتدبر فيما اقول لتصل الي المأمول فلنقبض العنان الا عن اهل اللسان في مقام البيان فان للحيطان آذاناً للاستراق فلابد من شهاب ثاقب فمن يستمع الان يجد له شهاباً رصداً الا من القي السمع و هو شهيد و من اتي اللّه بقلب سليم فما هو علي الغيب بضنين و اللّه يهدي من يشاء الي صراط مستقيم. انا هديناه السبيل اما شاكراً و اما كفوراً و قل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر.

و كذا المعلنون لعظمك فهو صفة اخري للولاة: و هم الواصفون الا ان الاعلان ابلغ من الوصف و العظمة اعظم من القدرة و اوقع في النفوس للتمكين للمكين فجميع القدرة و جميع العظمة المتعلقين([12]) بالعوالم في التكوين و التشريع راجعتان الي الواصفين و المعلنين الحقيقيين و اما الاضافيات فراجعة اليهم: اياب الخلق اليكم و حسابهم عليكم فهم لسان اللّه الواصف المعلن في اظهار امره و قدرته و عظمته و تمام ما اراد اظهاره في عوالمه سبحانه و كما ان اللسان لايتحرك بنفسه الا ان‏يحركه الروح فيتحرك كذلك حال الواصفين المعلنين لم‏يصفوا

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 115 *»

و لم‏يعلنوا الا بالروح الذي نفخ فيهم و هو الروح من امر اللّه تعالي كما قال يسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي و الذي نفخ في آدم علي نبينا و آله و عليه السلام و امر الملائكة بالسجود له فهو ظهور من ظهوراته فلذا قال تعالي فاذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين و لم‏يقل فاذا نفخت فيه روحي. فالروح بكله مخصوص بولاة الامر المضاف و هو الروح المضاف الي اللّه تعالي فهم عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون فالتوصيف و الاعلان و ان برز من اللسان الا انه لا حركة له الا بالروح و الروح هو الواصف المعلن حقيقة و القي في هوية اللسان مثاله و اظهر عنه افعاله فهو المتكلم و هو الناطق حقيقة بعد حقيقة و هي الحقيقة الثانية فلاجل ذلك نسب النطق الي الامر المضاف و المشية@المشير خ‌ل@ في قوله7:

و اسألك بما نطق فيهم من مشيتك.

ففاعل الفعل المبهم مبين بقوله من مشيتك فتلك المشية هو الامر المضاف كما في قوله عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون و كما في قوله و ماتشاؤن الا ان‏يشاء اللّه و كما في قوله و ماينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي فافهم و تدبر لتفوز مع الفائزين المهتدين الي الصراط المستقيم صراط الذين انعمت([13]) عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين و كن من الشاكرين و الشاهدين الذين شهدوا بالحق و به يعدلون فالمشية المضافة هي الذكر الاول كما روي عنهم: و الاول الحقيقي لا اول له و الاوائل الاضافية هي الثواني و الثوالث و هكذا و هو غير الاخر و هو غير الاول و هما اثنان فهما اسمان من اسماء اللّه تعالي و قد بطن الاول في الاخر و هو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شي‏ء عليم.

و الولاة المضافون حاملون لجميع ذلك بكم فتح اللّه و بكم يختم

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 116 *»

و هم الفواتح و هم الخواتم اذ هم المهيمنون بين ذلك كله و الذكر الاول الحقيقي هو قول اللّه الذي به قال له كما روي عنهم: خلق اللّه المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية و كما روي عنهم: تجلي لها بها و بها امتنع عنها و اليها حاكمها فجميع اقوال اللّه و اذكاره و كلماته و آياته و كتبه المنزلة الي انبيائه و رسله: راجعة الي الذكر الاول الحقيقي و هي المضافات اليه و هو المشية المضافة الي الكاف غير مضافة الي شي‏ء آخر و هو كاف لها مغنيها عن غيرها و قد قال و وجدك عائلا فأغني و الخلق كلهم عياله.

بالجملة فالذكر الاول الحقيقي نطق في الولاة و هم نطقوا لغيرهم من الروحانيين و الملائكة و الانبياء و المرسلين و المرسل اليهم من الجن و الانس اجمعين ان هذا لفي الصحف الاولي صحف ابراهيم و موسي فلاجل ذلك قال روحي فداه عليه و علي آبائه آلاف الثناء:

فجعلتهم معادن لكلماتك.

و ذلك لحصر نطق المشية فيهم و نطقهم لسائر الكلمات لسائر الخلق اجمعين فالولاة معادن لجميع كلماته و الجمع المضاف يفيد العموم كما انهم: ولاة امره فالمتكلم معدن الكلام و الوالي معدن الولاية كما انه جار في جميع الملك و الملكوت سار في جميع الخلق ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر و استعمل النظر هل تري من فطور؟ فالحار معدن الحرارة و البارد معدن البرودة و الرطب معدن الرطوبة و اليابس معدن اليبوسة و النبات معدن الجذب و الامساك و الهضم و الدفع و الربا و الزيادة و النقصان و الجاذبة معدن الجذب و الماسكة معدن الامساك و الهاضمة معدن الهضم و الدافعة معدن الدفع و المربية معدن الربا و الزائد معدن الزيادة و الناقص معدن النقصان و كذلك الحيوان معدن السمع و البصر و الشم و الذوق و اللمس و الشهوة و الغضب فالسامعة

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 117 *»

معدن السمع و الباصرة معدن الابصار و الشامة معدن الشم و الذائقة معدن الذوق و اللامسة معدن اللمس و الشاهية معدن الشهوة و الغضوب معدن الغضب و كذلك الامر في النفس المثالي البرزخي فهي معدن التصور و التخيل و التفكر و التوهم و الانكار و التصديق و الحفظ فالمتخيلة معدن التخيل و المتفكرة معدن التفكر و المتوهمة معدن التوهم و المصدقة معدن الحكم في الايجاب و النفي و الحافظة معدن الحفظ و كذلك الحال في النفس الملكوتي فهي معدن العلم و الحلم و الذكر و الفكر و النزاهة و الحكمة فالعليم معدن العلم و الحليم معدن الحلم و الذكور معدن الذكر و الفكور معدن الفكر و النزيه معدن النزاهة و الحكيم معدن الحكمة و كذا العاقل معدن العقل و الجاهل معدن الجهل و القول الكلي الجامع و الحد التام الجامع المانع كل فاعل معدن فعله و فعله اثره صادر منه عائد اليه ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور؟ و دقق النظر هل تجد بعد ذلك من فطور؟ و لاازعم انكار منكر من شدة الظهور و ضياء النور علي الطور بل نور علي نور.

خذه الهياً دليلاً حقا   محمدياً علوياً صدقا
فمن يك ذافهم يشاهد ما قلنا   و ان لم‏يكن فهم فلايضر لما نلنا
علي نحت القوافي من مواقعها   و ما علي اذا لم‏يفهم البقر

فالولاة المضافون الي امر اللّه تبارك و تعالي هم اولوا الامر و هم الناطقون عنه و هم المتكلمون و النطق نطقهم و الكلمات كلماتهم و هي آثارهم و هم معادنها عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون. ما ينطقون عن الهوي ان هو الا وحي يوحي قال تعالي خلقكم و ما تعملون و هم بأنفسهم مخلوقون كما ان نطقهم و فعلهم و عملهم مخلوق و قال تبارك و تعالي و مارميت اذ رميت و لكن اللّه رمي و قال انك لاتهدي من احببت

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 118 *»

و لكن اللّه يهدي من يشاء و قال ماتشاؤن الا ان‏يشاء اللّه. ان الذين يبايعونك انما يبايعون اللّه يد اللّه فوق ايديهم. من يطع الرسول فقد اطاع اللّه. ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا. اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم. أفمن يهدي الي الحق احقّ ان‏يتبع ام من لايهدّي الا ان‏يهدي؟ فما لكم كيف تحكمون. و الايات الباهرات المحكمات غير المتشابهات بالغات واضحات ظاهرات باطنات فالولاة امرهم امر اللّه و ولايتهم ولاية اللّه و نطقهم نطق اللّه و كلامهم كلام اللّه و فعلهم فعل اللّه و قولهم قول اللّه و امرهم امر اللّه و نهيهم نهي اللّه و اطاعتهم اطاعة اللّه و مخالفتهم مخالفة اللّه و مبايعتم مبايعة اللّه و يدهم يد اللّه و هدايتهم هداية اللّه و مشيتهم مشية اللّه و رميهم رمي اللّه و قتلهم قتل اللّه من اراد اللّه بدأ بهم و من وحده قبل عنهم و من قصده توجه بهم و الحق معهم و فيهم و بهم و اليهم يدور معهم حيث ماداروا فمعهم معهم لا مع غيرهم ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه بأبي انتم و امي و نفسي([14]) و مالي و اسرتي.

و القول الكلي الحق الذي لا مخصص له في شي‏ء كل ما اراد اللّه سبحانه ان‏يصل الي جميع خلقه في العالمين و الحمد للّه رب العالمين منهم برز اليهم قال تبارك و تعالي تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً فافهم الدقيقة و اسلك الطريقة بسر الحقيقة فلاجل تلك الاشارة لاهل البشارة قال روحي له الفداء عليه و علي آبائه الكرام الصلوة و السلام و الثناء:

و اركاناً لتوحيدك.

لانه تبارك و تعالي امر الخلق بتوحيده سواء كانوا انبياء مرسلين

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 119 *»

او الملائكة او الجن او الناس اجمعين بل الخلق في العالمين فما لم‏يصف الولاة الواصفون صفاته الكمالية التي تليق@يليق خ‌ل@ بها لم‏يشعر احد من خلقه كنه عظمته كما اخبر في القدسي عن نفسه كنت كنزاً مخفياً فأحببت ان‏اعرف فخلقت الخلق لكي‏اعرف و ذلك التوصيف اعم من ان‏يكون قولاً او فعلاً او تقريراً كما هو مقرر في محله و قد تمسك بكل واحد من الثلثة جميع العلماء الابرار و الحكماء الاخيار حتي الفقهاء رضوان اللّه عليهم في فقههم فتدبر في ما مر آنفاً ان كل فاعل معدن لفعله تصل الي المرام و تشاهد المقام لاولئك الاعلام عليهم الصلوة و السلام من الملك العلام.

فاعلم اولا و تدبر و لاتكن في عرصة الغفلة و تذكر ان العلم ركن من اركان التوحيد فان الجاهل لايقدر علي خلق الخلق المنظم المحكم كما تري ان الذي خلق للجنين في بطن امه اعضاء و جوارح من الرأس الي الرجل و الاجزاء من كل عضو من الرأس الي القدم علم انه يخرج من البطن الي صحن العالم و علم انه يحتاج في ذلك الفضاء الي الانتقال من مكان الي مكان فخلق له الرجل بحيث ينبغي له و يقدر علي الانتقال قبل خروجه الي ذلك الفضاء و احتياجه الي حركة و انتقال من حال الي حال فالجاهل بعواقب امور الجنين جاهل بأنه يحتاج@سيحتاج خ‌ل@ بعد حين الي انتقال من مكان الي مكان فلايقدر علي خلق رجل له بحيث يصل منها([15]) الحاجة بعد الخروج الي الفضاء و قس عليها سائر الاعضاء فهو عالم بأنه سيحتاج الي قبض و بسط في الفضاء و الي اكل و شرب و اكتساب فخلق له اليدين قبل ذلك بعلم سابق له سبحانه قبل ذلك و الجاهل عاجز عن علم ذلك و علي فرض قدرته علي شي‏ء يجري فعله عن غير علم بما يحتاج اليه الجنين بعد حين و كذلك انه سبحانه عالم بأنه سيحتاج الي اكل و شرب

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 120 *»

من غذاء هني‏ء و ماء معين بعد جذبه الدم من سرته بعد حين فخلق له الفم و اللسان و الحلق و المعدة و الامعاء و غير ذلك مما يحتاج اليه من آلات الجذب و الامساك و الهضم و الدفع و غير ذلك و ذلك تقدير العزيز العليم و الجاهل جاهل عاجز عن اجراء فعله علي هذا النظم المحكم و كذلك انه سبحانه عالم بأنه سيحتاج الي النظر و الرؤية فخلق له العين لتمييز([16]) النور و الظلمة و ادراك الالوان و الاشكال و الجاهل جاهل عاجز عن اجراء فعله مجري ذلك و كذلك انه سبحانه عالم بأنه سيحتاج الي السمع و الاستماع فخلق له الاذن و السمع الواعي و كذلك انه سبحانه عالم بأنه يحتاج الي الذوق و الشم و اللمس فخلق له الذائقة و الشامة و اللامسة علي ما تري و الجاهل اعجز من ان‏يجري فعله علي نظم قد عجز الحكماء البالغون عن ادراك جميع حكمته تبارك و تعالي فالعلم ركن من اركان التوحيد لاينكره الا العنود العنيد و اذعن له من القي السمع و هو شهيد و كذلك القدرة ركن من اركان التوحيد فما اوضح امرها في وجوب وجودها لمن اوجد ماسواه بجوده و ما ابين لزومها للذي صورهم بكرمه و ما ابده لدي ذي مسكة([17]) فضلاً عن العاقل ان العاجز عاجز غير قادر علي ايجاد شي‏ء بعجزه@يعجزه خ‌ل@ فالقدرة ايضاً ركن من اركان التوحيد.

و كذلك الحكمة ركن من اركان التوحيد اذ بدونها لايجري الفعل علي هذا النظم المحكم الذي عجز الحكماء عن بلوغ جميع وجوه حكمته و كذلك الارادة و الاختيار و عدم الاضطرار الي فعل شي‏ء ركن من اركان التوحيد اذ الفاعل المضطر الموجب لايسأل ان‏يغير فعله اذ لايقدر ان‏يغير اذ القادر علي تغيير فعله هو المختار دون المضطر فالذي ارسل الرسل و انزل الكتب و امر بالتبليغ و التعليم للجهال الغافلين ان‏يسألوه و يدعوه

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 121 *»

بقوله قل مايعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم و بقوله ادعوني استجب لكم له ان‏يغير فعله السابق بدعاء داع لاحق فهو المريد المختار في فعله غير مضطر الي شي‏ء و جميع اوامره و نواهيه الجارية علي السنة حججه: كاشفة عن ذلك فتدبر تجد كذلك و لاتكن من الغافلين الذين دونوا في كتبهم ليس للّه ان شاء فعل و ان شاء ترك علي خلاف ما جاء به جميع الانبياء و حججه: فله اختلاف الليل و النهار ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار و كل يوم هو في شأن و لايشغله شأن عن شأن و كل شأن غير سائر الشئون فهو المريد المختار الحقيقي في فعله فله ان شاء فعل و ان شاء ترك و ليس لشي‏ء ان شاء فعل الا ان‏يشاء اللّه و ان شاء ترك الا ان‏يشاء اللّه و ماتشاؤن الا ان‏يشاء اللّه و اللّه يفعل ما يشاء بقدرته و يحكم مايريد بعزته و لا حول و لا قوة الا باللّه فهو المريد الحقيقي و الارادة و الاختيار ركن من اركان التوحيد.

و كذلك رحمته التي وسعت كل شي‏ء و قوته و جبروته و عزته و عظمته و سلطانه التي ملأت اركان كل شي‏ء كماتدعو بها و تتوسل بها و تقسم بها اللّه تبارك و تعالي في دعاء كميل و سائر الادعية التي وردت عن خير البرية: و سائر المفاعيل المطلقة التي هي آثار افعال اللّه تبارك و تعالي سواء كانت لازمة او متعدية كالعلم المشتق من علم و الخلق المشتق من خلق كلها اركان لتوحيده و عددها بعدد الاسماء الحسني و الامثال العليا التي هي الصفات الكمالية للّه تبارك و تعالي و يختلف تعدادها بملاحظة الكلية و الجزئية و الاكبرية و الاصغرية و الاعظمية و العظيمية كلها اركان لتوحيده و كل واحد منها ركن من الاركان بحيث لو عدم ركن([18]) عدمت سائر الاركان فكل واحد قائم بنفسه مقيم للباقي فكلها قائمة. اماتري انه لو لم‏يكن العلم لاختل نظام الخلق و كذا القدرة و الحكمة و الرحمة و امثالها

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 122 *»

فلاجل ذلك يجب الاعتقاد بكلها و لاجل ذلك ان([19]) اعتقد معتقد بعضها و انكر بعضاً آخر لم‏يكن موحداً. أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض؟ الاتري انه اذا كان زيد عالماً عاملاً عادلاً في الواقع و انكر احد واحداً من صفاته انكر زيداً العالم العامل العادل الذي كان في الخارج و ان اقر ببعض صفاته و انكر الاخر فقد اقر بزيد الذي توهمه في خياله و اثبت بعض الصفات له و انكر الاخر و ليس في الواقع الخارج زيد كما توهمه فتدبر و تبصر من هذا امرك فمن اقر بجميع صفاته الكمالية فانه المؤمن الموحد للّه تبارك و تعالي في الواقع فالذي انكر واحداً منها كعدله مثلا فانه توهم في نفسه الهاً ظالماً و اتخذ الهه هواه و ليس هواه باله في الواقع اسماء سميتموها انتم و آباؤكم ماانزل اللّه بها من سلطان فلاجل ذلك لم‏يكن احد من اهل الضلال موحداً للّه تبارك و تعالي و يكون ضالا او مشركاً او كافراً باللّه العظيم و ان لم‏يكن مقراً بأنه لم‏يقر باللّه العظيم و كذا احتج اللّه عليه بأنه ضال او مشرك او كافر به.

بالجملة فاذا عرفت ان شاء اللّه ان المفاعيل المطلقة الصادرة من افعال اللّه تبارك و تعالي كلها اركان لتوحيده فما زعمك في نفس الافعال فهي اولي و اجدر بأن تكون اركاناً لتوحيده و ما زعمك في حق محال تلك الافعال و معادن تلك الانوار و قد ضربنا لك الامثال آنفاً في الفقرة الماضية و مايعقلها الا العالمون و قد نبه بذلك سيد الشهداء عليه و علي جده و ابيه و امه و اخيه و الائمة من بنيه آلاف الثناء روحي لهم الفداء في دعاء المروي في البلد الامين اللّهم منك البدو و لك المشية و لك الحول و لك القوة و انت اللّه الذي لا اله الا انت جعلت قلوب انبيائك([20]) مسكناً لمشيتك و

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 123 *»

مكمناً([21]) لارادتك و جعلت عقولهم مناصب اوامرك و نواهيك فأنت اذا شئت ما تشاء حركت من اسرارهم كوامن ما ابطنت فيهم و ابدأت من ارادتك علي السنتهم ما افهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوا اليك([22]) بحقائق ما منحتهم الي آخر الدعاء. فالمشية المطلقة المضافة ساكنة في قلوب اوليائه سبحانه و تعالي و الارادة المطلقة المضافة كامنة فيها قائمة بها قيام قيامك بك قيام صدور و كما ان قيامك ساكن فيك و انت مسكنه و معدنه و ارادة القيام كامنة في قلبك فاذا شاء اللّه تبارك و تعالي احداث قيامك حرك ما في قلبك مما ابطن فيه من امكان قيامك فتريده ثم تقوم و انت الفاعل لقيامك وحدك لا شريك لك و هو صادر عنك غير صادر من([23]) غيرك فأنت محمود بقيامك عند اللّه تبارك و تعالي و عند الخلق ان كان مأموراً به و انت مذموم به عند اللّه تبارك و تعالي و عند الخلق ان كان منهياً عنه اذ انت فاعله وحدك بدؤه منك و عوده اليك ايابه اليك و حسابه عليك بمقتضي عدله و حكمه و حكمته ليس للانسان الا ما سعي و ان سعيه سوف يري ثم يجزيه الجزاء الاوفي و بمقتضي ان احسنتم احسنتم لانفسكم و ان اسأتم فلها لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت و ماتجزون الا ما كنتم تعملون. سيجزيهم وصفهم انه حكيم عليم. من يعمل مثقال ذرة خيراً يره و من يعمل مثقال ذرة شراً يره. و ذلك تقدير العزيز العليم و مع ذلك كله و ماتشاؤن الا ان‏يشاء اللّه و لا حول و لا قوة الا باللّه وحده لا شريك له و انت و قيامك و جميع افعالك الصادرة عنك مخلوقات للّه سبحانه و تعالي بمقتضي اخباره عن نفسه جل جلاله قل اللّه خالق كل شي‏ء. خلقكم و ما تعملون. هو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 124 *»

شركائكم من يفعل من ذلكم من شي‏ء سبحانه و تعالي عما يشركون. فتدبر فيما اقول تصل الي المأمول ان كنت ممن سبقت له من الله الحسني من آل الرسول9 و لاتكن من المنكرين لمراتبهم التي رتبها اللّه لهم و الشاكين فيهم و المنحرفين عنهم و لايغررك تقلبهم في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم و بئس المهاد.

فاعلم و تدبر و تفكر و تذكر ان الافعال الصادرة عن الخلق اجمعين غير منافية لخلق اللّه رب العالمين فهم غير مشاركين له في الخلق و في شي‏ء مما له سبحانه و تعالي عما يشركون فهو هو لا شريك له قل هو اللّه احد اللّه الصمد لم‏يلد و لم‏يولد و لم‏يكن له كفواً احد والخلق كلهم في قبضته و السموات مطويات بيمينه و كلهم فاعلون عاملون دائبون راجعون الي حكمه له الخلق و الامر تبارك اللّه رب العالمين و قد اخبر عن ذلك بقوله كل يعمل علي شاكلته و ذلك بديهي للعقول بأن للخلق افعالا صادرة عنهم و هم فاعلون و مع ذلك هم مخلوقون محتاجون الي خالق يخلقهم و يخلق افعالهم بأيديهم فتفكر و لاتغفل بأن امثال عيسي علي نبينا و آله و عليه السلام اذا فعلوا ما فعل عيسي كما اخبر به بقوله واذ تخلق من الطين كهيأة الطير فتنفخ فيها فتكون طيراً باذن اللّه و اذ تبري‏ء الاكمه و الابرص و تحيي الموتي باذن اللّه و كثيراً ما احيي الائمة الطاهرون: الموتي باذن اللّه تبارك وتعالي فاذا فعلوا ذلك فذلك كسائر افعالهم صادرة عنهم: كسائر افعال سائر الخلق الصادرة عنهم فهم: غير مشاركين للخالق جل جلاله كما ان سائر الخلق مع صدور افعالهم عنهم غير مشاركين له جل جلاله فليس عيسي و الائمة: آلهة من دون اللّه كما ان سائر الخلق ليسوا بآلهة من دون اللّه فتدبر في ذلك لئلاتكون غالياً في حق عيسي و الائمة: و لا منكراً لفضائلهم و لا مزيلا لمراتبهم التي رتبها اللّه تعالي لهم: و هم النمرقة

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 125 *»

الوسطي و لزم ان‏يرجع اليهم الغالي و ان‏يلحق بهم التالي فلاتكونن منهما فان اليمين و الشمال مضلة و الطريق الوسطي هي الجادة و قل من يسلك فيها و المؤمن قليل و المؤمن قليل و المؤمن قليل و المؤمن اقل من الكبريت الاحمر و هل يري احدكم الكبريت الاحمر؟ فتدبر في قوله تبارك و تعالي قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم فهو قابض جميع الارواح من الابدان الا من شاء اللّه و هو المتوفي و التوفي فعل صادر منه و هو فاعله و هو غير مشارك للّه تبارك و تعالي في الاماتة و هو سبحانه مميت الاحياء وحده لا شريك له و كذا كل قاتل فاعل القتل والقتل صادر منه و كل مقتول مقتول قاتله و ليس القاتلون مشاركين للّه سبحانه في الاماتة و ليسوا بآلهة من دون اللّه بل ان كانوا قاتلين بغير حق اخذوا و قتلوا تقتيلا الحر بالحر و العبد بالعبد و الانثي بالانثي و من قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها فلو لم‏يكن القاتلون بغير حق فاعلين صدر منهم القتل فلم صاروا مؤاخذين و من انكر نسبة القتل اليهم فقد صار كافراً برب العالمين و ربما سمي القتل بالاماتة كما سمي فعل عيسي و امثاله: بالخلق و الاحياء كما سمي الاعطاء بالرزق في قوله تعالي و ارزقوهم فيها و اكسوهم فيها و مع ذلك كله هو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلك من شي‏ء؟ سبحانه و تعالي عما يشركون. و ليس له شريك في الملك و لا في الخلق و لا في الرزق و لا في الاماتة و لا في الاحياء و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم فان تحيرت في ذلك فألق الي السمع حتي تشاهد و تكون من الفائزين ان شاء اللّه رب العالمين.

فاعلم ان كل فاعل كائناً ما كان بالغاً ما بلغ سواء كان مادياً او مجرداً روحانياً او جسمانياً غيبياً او شهادياً يكون مبدأ لفعله و مسكناً و ممكناً و محلا له كالعلم فان مبدأه العالم و العقل فان منشأه العاقل و القيام فان مسكنه القائم و المشي فان مكمنه الماشي و القعود فان مقره القاعد

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 126 *»

و هكذا الامر في كل فاعل بالنسبة الي فعله فكل صفة تشهد انها غير الموصوف و الموصوف فاعلها و هي ليست بشي‏ء الا باحداث فاعلها و كل موصوف يشهد انه غير الصفة و هو محدثها و كلاهما يشهدان بالاقتران و التركيب الممتنعين عن الازل البسيط الذي ليس فيه شائبة التركيب و الاقتران بنحو من الانحاء و لو كان بالاعتبار و الفرض العقليين و قد صرح بذلك امير المؤمنين عليه صلوات المصلين و سائر الائمة: فقال صلوت اللّه عليه و آله كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادته بالحدوث الممتنع عن الازل فالازل سبحانه ليس بمبدأ شي‏ء من الاشياء كائناً ما كان و لا مسكناً و لا مكمناً و لا محلا و لا منشأ و هكذا لبساطته الحقية التي ليس فيها شائبة الحدوث و التركيب و الاقتران اذ كل ما يمكن في الحدوث يمتنع فيه کما ان کل ما يجب فيه من البساطة يمتنع في الحدوث ليس كمثله شي‏ء كائناً ما كان و الاشياء كائنة ما كانت مركبة محدثة فالفواعل كلها مبادي لافعالها و مساكن لاثارها و مكامن لانوارها و هو سبحانه خالق كل شي‏ء بلا اقتران و لا تركيب و لا حدوث فهو خالق الفواعل و جاعل افعالها بأيديها ليس كمثله شي‏ء و هو موصوف بالصفات في مرتبة الصفات و كمال توحيده نفي الصفات عنه کما برهن به اميرالمؤمنين و سائر الائمة الطاهرين صلوات اللّه عليهم اجمعين فان كنت ممن سبقت له من اللّه الحسني فزت بالمرام و ان كنت من الذين زعموا التعطيل فقد دخلت عرصة التشبيه اذ التعطيل فعل صادر عن المعطل و هو مبدؤه و مسكنه و هو فاقد لما لم‏يجد وهو منزه عن التعطيل كما كان منزهاً عن التشبيه فلاجل ذلك قال سبحانه و تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لم‏يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد. الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شي‏ء

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 127 *»

محيط فأني يعقل التعطيل للمحيط كما لايعقل التشبيه و اللّه من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ.

بالجملة، فتدبر في الايات حتي يتبين لك الحق الذات الذي ليس مسكناً و لا مكمناً لشي‏ء فالمساكن آياته و المكامن علاماته التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه كما يأتي ان شاء اللّه تعالي فالقضاء المثبت ما استأثرت به مشيتهم و الممحو ما لااستأثرت به ارادتهم كما ورد في زيارة آل يس المروية عن صاحب الزمان عليه و علي آبائه صلوات الملك المنان عجل اللّه فرجه القضاء المثبت ما استأثرت به مشيتكم و الممحو ما لااستأثرت به سنتكم و كما ورد في سائر الزيارت بألفاظ مختلفة و معان متحدة منها ما ورد في زيارة سيد الشهداء صلوات اللّه عليه من اراد اللّه بدأ بكم و بكم يبين اللّه الكذب و بكم يباعد اللّه الزمان الكلب و بكم فتح اللّه و بكم يختم اللّه و بكم يمحو اللّه ما يشاء و بكم يثبت و بكم يفك الذل من رقابنا و بكم يدرك اللّه ترة كل مؤمن يطلب بها و بكم تنبت الارض اشجارها و بكم تخرج الاشجار اثمارها و بكم تنزل السماء قطرها و رزقها و بكم يكشف اللّه الكرب و بكم ينزل اللّه الغيث و بكم تسبح الارض التي تحمل ابدانكم و تستقل جبالها علي مراتبها([24]) ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم و تصدر من بيوتكم الصادر عما فصل من احكام العباد الي آخر الزيارة و هذة الفقرات و فقرات خطبة البيان تشعبت من اصل واحد و قد اوحشت الخطبة القلوب و اشمأزت لانها ذكر اللّه وحده و اذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون و الزيارة المذكورة لا نكير لها حيث صدرت الي الان و الحمد للّه و هي حجة علي منكري فضائلهم لعنهم اللّه فانظر ماذا تري و ما الفرق بين قوله7 انا مورق الاشجار و انا مونع الاثمار و بين قوله بكم تنبت الارض اشجارها و بكم تخرج الاشجار اثمارها. أفتؤمنون ببعض

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 128 *»

الكتاب و تكفرون ببعض؟ فما جزاء من يفعل من ذلكم من شي‏ء الا خزي في الحيوة الدنيا و في الاخرة.

بالجملة، فتدبروا في هذه الايات البينات و لاتكونن من الخاسرين ففتح اللّه الملك بهم و ختم بهم و هم المهيمنون بين الفتح و الختم فبهم يبين اللّه الكذب و هم لسان تبيينه و بهم يباعد اللّه الزمان الكلب و هم يده في التبعيد و بهم يمحو اللّه ما يشاء و هم الماحون و بهم يثبت ما يشاء و هم المثبتون. فقوله7 لولا آية في كتاب اللّه: يمحو اللّه ما يشاء و يثبت لاخبرتكم بما كان و ما يكون مع انه ورد في الصحيفة السجادية المتواترة بل المتجاوزة حد التواتر علمهم اللّه علم ما كان و علم ما يكون فهو لاجل عدم تحمل السامعين و التقية من المنافقين كيف لا و لايعقل و لاينقل في من فتح اللّه بهم و بهم ختم ان‏لايكونوا مهيمنين بين ذلك و قد ورد في اغلب الموارد التي ورد بكم فتح اللّه و بكم يختم هذه العبارة و المهيمن بين ذلك كله فتدبر تكن من الفائزين و الممحو و المثبت بين الفتح و الختم و هم سلام اللّه عليهم اول ما خلق اللّه باجماع الفرقة المحقة و قد قامت الضرورة بين المسلمين بأنه9 اول ما خلق اللّه لم‏يسبقه سابق و قد اذنوا علي المنار بأعلي صوتهم الصلوة علي اول ما خلق اللّه و قد قامت الضرورة بين المؤمنين بأنهم كلهم من طينة واحدة اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض و منكر ذلك مرتد ضال مضل خارج عن دائرة اهل الحق الحقيق.

بالجملة فمما قاموا علي التصرف فيه فك رقاب المؤمنين من الذل و هم الفاكون في جميع القرون. قال الحجة عجل اللّه فرجه عليه و علي آبائه الكرام الصلوة و السلام في التوقيع الرفيع انا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم و لولا ذلك لاصطلمتكم اللاواء واحاطت بكم الاعداء و منها ادراك الثار لكل مؤمن و هم المدركون و منها انبات الاشجار

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 129 *»

و هم المنبتون و منها اخراج الاثمار من الاشجار و هم المخرجون أفرأيتم الماء الذي تشربون ءانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون؟ و في السماء رزقكم و ما توعدون و بهم جميع الخلق يرزقون و بهم يكشف اللّه الكرب و هم الكاشفون و بهم ينزل اللّه الغيث و هم الغائثون و بهم يسبخ(ظ)@يسبح خ‌ل@ اللّه الارض و هم الماسكون ان اللّه يمسك السموات و الارض ان‏تزولا و لئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده و قد ورد في الجامعة و غيرها و بكم يمسك السماء ان‏تقع علي الارض الا باذنه.

بالجملة القضاء المثبت ما استأثرت به مشيتكم و الممحو ما لااستأثرت به سنتكم فهم المحال لافعال اللّه المتعال و تعالي ربنا عن ان‏يكون محلا لشي‏ء من الاشياء و الحال و المحل كلاهما مخلوقان و لايكون الرب جل جلاله حالا في شي‏ء و لا محلا لشي‏ء و لايعقل كما لاينقل ان‏يكون حال بلا محل و لايمكن ان‏يوجد حال من غير محل و يمتنع وجوده الا في المحل و هكذا حال كل فعل فهو ممتنع الوجود الا في مبدئه الذي هو فاعله و قد كررنا العبارة لاولي الدراية و العناية ان صدور فعل زيد و فعل كل فاعل عن فواعلها لايدل علي انها آلهة بل اللّه خالق كل شي‏ء و الفعل شي‏ء و فاعله شي‏ء و الحال شي‏ء و محله شي‏ء و خالق الاشياء كلها هو اللّه الواحد القهار من غير ان‏يكون حالا فيها او محلا فتدبر فيما اقول لنيل المأمول ان كنت من ذوي العقول و نزهه عن الحدين حد التعطيل و حد التشبيه ليس كمثله شي‏ء.

ثم اعلم انه سبحانه قد جعل لكل شي‏ء سبباً و السبب و المسبب كلاهما مخلوقان الا ان خلق السبب اسبق من خلق المسبب لانه وجد بالسبب و لايعقل كما لاينقل ان‏يوجد المسبب من غير سبب فضلا عن تقدمه عليه و هو سبحانه مسبب الاسباب من غير سبب لان السبب الحقيقي ما ليس له سبب و الاسباب الاضافية مسببات تنتهي الي السبب الحقيقي الذي هو سبب

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 130 *»

بنفسه من غير سبب سابق عليه فهو موجود بنفسه و سائر الاشياء موجودة به و ذلك معني ما روي ان اللّه سبحانه خلق المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية و ذلك دليل عقلي صادر عن العقل الحقيقي مذكور في النقل و ذلك احد معاني قولهم: نحن سبب خلق الخلق فسبب الخلق سابق علي الخلق فليس بمخلوق كسائر المخلوقين و ان كان مخلوقاً بنفسه عند اللّه سبحانه بالمعني الاعم الذي يصدق علي غيره سبحانه انه مخلوق و لاجل ذلك روي في حديث المفضل رحمه اللّه ثبوت الكفر الصراح لزاعم الميم مخلوقاً.

بالجملة فبما اشرنا اليه و بشرنا علم ان اسماءه التي هي الاسباب كانت قبل المسببات و مع ذلك كانت حادثة بالمعني الاعم كما اشرنا اليه آنفاً و قد ورد من العقل الذي هو المعصوم عن الخطاء و الزلل ان اسماءه سبحانه و تعالي حادثة كما روي في باب معاني الاسماء من الكافي عن ابي‏جعفر7 كان اللّه و لا خلق ثم خلقها اي خلق الاسماء و الصفات وسيلة بينه و بين خلقه يتضرعون بها اليه و يعبدونه و هي ذكره و كان اللّه و لا ذكر و المذكور بالذكر هو اللّه القديم الذي لم‏يزل و الاسماء و الصفات مخلوقات و كما روي في باب حدوث الاسماء عن ابي‌عبداللّه7 قال ان اللّه عز و جل خلق اسماً بالحروف غير مصوت و باللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسد و بالتشبيه غير موصوف و باللون غير مصبوغ منفي عنه الاقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامة علي اربعة اجزاء معاً ليس منها واحد قبل الاخر فأظهر منها ثلثة اسماء لفاقة الخلق اليها و حجب منها واحداً و هو الاسم المكنون المخزون فهذه الاسماء التي ظهرت فالظاهر هو اللّه تبارك و تعالي و سخر سبحانه لكل اسم من هذه الاسماء اربعة اركان فذلك اثناعشر ركناً ثم خلق لكل ركن منها ثلثين اسماً فعلاً منسوباً اليها فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 131 *»

 الخالق البارئ المصور الحي القيوم لاتأخذه سنة و لا نوم العليم الخبير السميع البصير الحكيم العزيز الجبار المتكبر العلي العظيم المقتدر القادر السلام المؤمن المهيمن البارئ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الاسماء و ما كان من الاسماء الحسني حتي تتم ثلث‏مأة و ستين اسماً فهي نسبة لهذه الاسماء الثلثة و هذه الاسماء الثلثة اركان و حجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلثة و ذلك قوله تعالي قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني.

فاعلم ايدك اللّه و بصرك ان لكل فاعل فعلا صادراً منه فأخذ بذلك الفعل الصادر منه مادة و صورها في اي صورة ما شاء ركبها فذلك امر بديهي لاينكره الا الجاهل و لايعتني به العاقل و العاقل علم بالقطع و اليقين من غير شائبة الجهل و التخمين انه يمتنع ان‏توجد الكتابة الا بفعل الكاتب الذي هو صادر منه فوجود الحروف و الكلمات محتاجة الي فعل الكاتب و يمتنع وجودها في الوجود الا بفعل الكاتب و بقيت في امكان المداد معدومات غير موجودات بخلاف فعل الكاتب فانه قائم به قيام صدور مستغن به عما سواه غير محتاج الي الحروف و الكلمات و موادها و مدادها و الي شي‏ء غير الكاتب الفاعل فالكاتب موجود قبل الحروف و الكلمات و حين كتبه لها و بعد الفراغ منها و هي ممتنع الوجود الا بفعله المتعلق بالمداد و تصويره لها في اي صورة ما شاء ركبها فالكاتب و فعله و قدرته علي الكتابة كان قبل الحروف و الكلمات اذ لا مكتوب و كان حين المكتوب و كان بعد المكتوب ففعله شي‏ء موجود به صادر عنه غير مركب من المداد و الصور الحرفية فالصور الحرفية تابعة لفعله و المادة المدادية قابلة مسخرة منقادة له و هو اي فعل الكاتب قائم به قيام صدور مستغن به عن الحروف و جميع مباديها و

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 132 *»

امكاناتها من المداد و اجزائه الي اوائل([25]) الامكانات و القوابل.

فاذا علمت ذلك فاعلم ان ذلك الامر جار في جميع الملك و الملكوت من الدرة الي الذرة فالمادة المأخوذة لكل شي‏ء كالمداد المأخوذ للحروف و الكلمات و اجزاء الشيء المركب كالحروف و تركيب اجزاء المركب علي ما ينبغي له كالكلمة المركبة من الحروف و تأثير الشي‏ء المركب كالدلالة من الكلمة.

فاذا علمت ذلك فاعلم ان المادة المأخوذة للسحاب مثلاً هي البخار الذي كالمداد و السحاب المزجي و القطعات كالحروف و السحاب المتراكم كالكلمة و الودق الذي يخرج من خلاله كالدلالة من الكلمة و كذا المادة المأخوذة للباب و السرير و امثالهما هي الخشب الذي هو كالمداد للحروف و القطعات الخشبية من الالواح و الاعمدة هي كالحروف و تركيبها علي ما ينبغي لكل من الباب و السرير هو الكلمة الخشبية و فائدة كل من الباب و السرير هي الدلالة من تلك الكلمة و كذا المادة المأخوذة للحيوان هي النطفة التي هي كالمداد و العلقة و المضغة و العظام و اللحم حروف ذلك المداد و انشاء الخلق الاخر هو الكلمة و الافعال الصادرة منها هي الدلالة او المادة المأخوذة له الدم الذي هو كالمداد و الاعضاء الحاصلة منه من العظام و اللحوم و الاعصاب و العروق كالحروف و تركيبها علي ما ينبغي له هو الكلمة الحيوانية او المادة المأخوذة هي الاخلاط و الاعضاء المركبة كالرأس و الصدر و اليدين و الرجلين كالحروف و تركيبها علي ما ينبغي له هو الكلمة الحيوانية و الافعال الصادرة منها دلالتها او المادة المأخوذة هي القبضات العنصرية و الفلكية و كل واحد من حواسه الخمس حرف من حروفه و تركيبها علي ما ينبغي له هو الكلمة و الافعال الصادرة من مشاعره هي الدلالة و كذا المادة المأخوذة للانسان من الامكان الجائز كالمداد و

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 133 *»

كل واحد من عقله و روحه و نفسه و صدره و حياته و جسمه و جسده حرف من حروفه و تركيب تلك الحروف علي ما ينبغي هو الكلمة التامة الانسانية و الافعال الصادرة منها هي الدلالات و هكذا متولدات كل عالم من العوالم كل بحسبه قد اخذ اللّه سبحانه من عوالمها مادة كالمداد و صورها بالصور الحرفية ثم ركبها في اي صورة ما شاء ركبها بقلم قدرته علي الواح موادها ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور؟ خلق الانسان من صلصال كالفخار و خلق الجان من مارج من نار فالصلصال هو الطينة المأخوذة و الدرجات الحاصلة لها المصورة([26]) من بداية الصنعة الي النهاية هي الحروف و تركيبها هي([27]) الكلمات و افعالها هي الدلالات فبذلك عمر الديار و عرف الجبار و الملك للّه الواحد القهار و ذلك تقدير العزيز العليم و تبارك اللّه احسن الخالقين فالـ«نون» نهر المداد و القلم النابت في شفير النهر هو ايضاً من عرصة النهر و ما يسطرون هي الحروف و الكلمات المكتوبة علي اللوح المحفوظ ما كان و ما يكون و ذلك القلم بيمين القدرة و السموات مطويات بيمينه بها تحركت المتحركات و سكنت السواكن.

فاذا علمت ذلك و تفطنت ما هنالك و تذكرت قوله و لقد علمتم النشأة الاولي فلولا تذكرون فاعلم انه كما يمتنع تصور الخشب بنفسه من غير نجار بصورة الحروف و الكلمات الخشبية من السرير و الباب و امثالها و كما يمتنع تصور الطين بنفسه بصورة الفخار من غير فاخور مصور كذلك يمتنع تصور جميع المواد الامكانية بشي‏ء من الصور الا بمصور خارج عن عالم الامكان و هو اللّه الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسني فان اردت معرفته سبحانه و معرفة صفاته و اسمائه و اركانه فتوجه اليه و كن متذكراً

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 134 *»

لقوله سبحانه قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في اسمائه و قل من اراد اللّه بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم اذ بدون ذلك يمتنع التوجه اليه سبحانه.

فاعلم بعد ذلك بأنه سبحانه خلق اسماً بالحروف غير مصوت اي بالحروف التي هي تطورات المداد و المواد الامكانية غير مصوت اي ذلك الاسم لم‏يتركب من تلك الحروف الحاصلة من المواد الامكانية فالمراد من قوله غير مصوت غير مركب الا ان التناسب بين الحروف المنطوقة و الصوت ظاهر لكل ذي مسكة لانها حاصلة من الصوت الممتد من الحلق الي فضاء الفم و هو كالمداد الذي هو مادة للحروف المكتوبة فصورة كل حرف تحصل من مخرجها من الحلق الي الشفة فهي تصورات الصوت و تطوراته في مقاطعها فهي مصوتة اي مركبة من الصوت و هو مادتها و كذلك الكلمات الحاصلة من تلك الحروف ايضاً مصوتة اي مركبة من الصوت سواء كانت اسماً او فعلا او حرفاً فذلك الاسم المبارك غير مصوت بالحروف المصوتة المركبة من الصوت و قد صرح به لاهله قوله تعالي تبارك اسم ربك و قوله سبح اسم ربك اي قدسه و نزهه من المواد الامكانية و صورها.

بالجملة و اما قوله7 و باللفظ غير منطق فالمراد به ما عرفت ان عرفت و المنطق كمعظم @و خ‌ل@ هو رأس الجبل المرتفع من السحاب كأنه برز منه فهذه العبارة تعبير آخر عن المراد الا ان الصوت مشترك بين الحيوان و الانسان بل مشترك بين الجماد و النبات و الحيوان و الانسان و النطق فصل الانسان خاص به دون غيره بحسب الظاهر و ان كان الامر في الباطن علي غير ذلك و قد اشار الي ذلك قوله تعالي لم شهدتم علينا؟ قالوا انطقنا اللّه الذي انطق كل شي‏ء فعلي هذا يمكن ان‏يكون المنطق مفعولا من باب الافعال و علي اي حال يكون المراد ذلك الاسم المبارك المقدس

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 135 *»

قدوس سبوح منزه عن ان‏يكون منطقاً انطق اللّه سبحانه شيئاً من الاشياء الممكنة او الامكانية.

و اما قوله7 و بالشخص غير مجسد فزيادة بيان للتبيان لاهل العيان بأن ذلك الاسم لم‏يكن صوت مصوت و لا نطق ناطق من اهل عالم الامكان قد انطقه اللّه تبارك و تعالي و لم‏يكن شخصاً مشخصاً مجسداً مركباً من الجسد كسائر الاشخاص فلم‏يكن فعل فاعل من الفواعل الامكانية و لا فاعلا من الفواعل فليس كمثله شي‏ء فاذا كان قدوساً عن الذوات فكيف كان قدسه عن الصفات فهو قدوس عن الذوات الامكانية فضلا عن صفاتها و افعالها و اصواتها و الفاظها و اسمائها و حروفها و اصولها و فروعها و موادها و صورها.

و اما قوله7 و بالتشبيه غير موصوف فايضاح و تصريح لاهل الفلاح و التلويح و رفع النقاب عن وجه ذلك الجناب لئلايتوهم انه شخص و لكنه غير مجسد فلعله شخص روحاني مجرد عن الجسد فزاد7 بياناً لكشف المراد بأنه بالتشبيه غير موصوف فليس كمثله شي‏ء من الموجودات.

و اما قوله7 و باللون غير مصبوغ فزيادة في الايضاح بعد الايضاح و كشف بعد الكشف عن حقيقة الحال من ذلك المتعال بأنه مقدس عن الانفعال و كل ملون منفعل قد اثر فيه اللون و ذلك الاسم العلي و النور الجلي يؤثر في جميع الاشياء و لايتأثر من شي‏ء من الاشياء.

و اما قوله7 منفي عن الاقطار فبيان لاهل العيان بأن الواقع في قطر من الاقطار محجوب عنه الاغيار الواقفون في سائر الاقطار و الحال انه تعالي به قد وجدت الاقطار و عمرت الديار و الديّار فلايسكن بنفسه في دار فمنفي([28]) عنه الاقطار.

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 136 *»

و اما قوله7 مبعد عنه الحدود فهو الحادّ لكل محدود بحدوده فلو كان محدوداً بنفسه لامتنع وجود الموجودات و حدودها فهو بنفسه خارج عنها كما هو خارج عن الاقطار فبه وجدت الموجودات في حدودها.

و اما قوله7 محجوب عنه حس كل متوهم فلان حس كل حاس يحس ما هو من جنسه و لايمكنه حس ما لم‏يحس فالسامعة تحس الاصوات و الباصرة تحس الاضواء و الالوان و الشامة تشم المشمومات و الذائقة تذوق المطعومات و اللامسة تلمس الملموسات و كذا المتوهمة تحس الموهومات و هكذا الي ان العالمة تعلم المعلومات و العقل يعقل المعقولات فهو لاتدركه الاوهام و لاتراه الاحلام اذ هو بنفسه سابق و كل ماسواه مسبوق به لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير.

و اما قوله7 مستتر غير مستور فلان كل مستتر دونه مستور بستره عن غيره و هو قد كان و لايكون معه شي‏ء يستتر به و به و بتكوينه كانت المكونات في استارها و استترت بسترها عن اغيارها فهي كلها مستورات و هو غير مستور كما انه غير متوهم و لا منظور فسبح اسم ربك و قدسه عن جميع ما في العوالم من الظلمات و النور و الي اللّه ترجع الامور فمن سبقت له من اللّه الحسني يشاهد ما قلنا و من لم‏يجعل اللّه له نوراً فما له من نور.

فاذا عرفت الاشارة و كنت من اهل البشارة فاعلم ان جميع ما تلونا عليك من الذكر الحكيم الي الان كلها منفيات قد نفاها7 قبل الاثبات كما هو العادة الجارية بين الحكماء الابرار و حجج الجبار لتقريب الاغيار الي اهل الديار بل الي الديار كما تقول بعد الامر لا اله الا اللّه فتقدم النفي و تتبعه بالاثبات لتمام الثبات فلو كشف الحجاب من اول الباب لصار ما صار كالسراب فسري فيه الارتياب فشرع بعد التقريب في بيان

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 137 *»

ذلك الجناب بقوله7 فجعله كلمة تامة علي اربعة اجزاء معاً ليس منها واحد قبل الاخر يعني جعل اللّه سبحانه ذلك الاسم كلمة تامة لا نقصان فيها بوجه من الوجوه و اعتبار من الاعتبارات علي اربعة اجزاء معاً ليس واحد من هذه الاجزاء الاربعة قبل الاخر فان اردت المراد فأعرني لبك و اعرض عما يتبادر الي اغلب الاذهان لنيل المرام ان شاء اللّه تعالي.

فاعلم ان ذلك الاسم العظيم اول صادر صدر من الحكيم جل جلاله و عم نواله لم‏يسبقه سابق و لايلحقه لاحق و له علل اربع علة فاعلية و علة مادية و علة صورية و علة غائية كما ان لكل شي‏ء لابد من تلك العلل الاربع في عالم الفصل و في عالم الوصل اما في عالم الفصل فتلك الاربعة ظاهرة لكل ذي مسكة لانفصال بعضها من بعض كما ان للسرير علة فاعلية هي فعل النجار و علة مادية و هي الخشب و علة صورية و هي الهيأة الكرسية و علة غائية و هي الفائدة الحاصلة منه و اما في عالم الوصل فلايمكن تمييز تلك العلل الا بتزييل الفؤاد لشدة اتصال تلك العلل حتي يتراءي الاتحاد كما تري ان قائماً في قولك زيد قائم او قام زيد فهو قائم شي‏ء من الاشياء له علل اربع فالمبتدأ هو العلة الفاعلية و فعله هو العلة المادية و هيأة القيام هي العلة الصورية و فائدته هي العلة الغائية و تلك العلل مساوقة في الوجود ليس واحد منها قبل الاخر و هي واحدة في المنظر اربعة في المخبر لايقوم واحد منها الا بالباقي و قل من يعرف ذلك و العاثر عليها عارف بالتوحيد بحذافيره و فاقدها فاقد للتوحيد بحذافيره و اتخذ الهه هواه فلاتكن من اهل الاهواء و الاراء ان اردت اللّه وحده لا اله الا اللّه و من اراد اللّه بدأ بآل الله و من لم‏يأتهم فالهه هواه.

فاعلم ان الناس في هذه القضية وقعوا في التباس فقالوا ان زيداً في قولك زيد قائم هو المبتدأ و قائم خبره محمول علي زيد الموضوع فآل

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 138 *»

امرهم الي ان‏قالوا ان زيداً لابد و ان‏يكون من وجه عين الخبر لئلايلزم الكذب في الحمل و لابد و ان‏يكون غير الخبر لئلايرتفع الفائدة في الحمل فلاجل ذلك اجتمعوا علي بطلان حمل هو هو و حمل الشي‏ء علي نفسه غير معقول عندهم.

فأنت ان كنت من اهل ديارهم فامش في ادبارهم و ان كنت ممن سبقت له من اللّه الحسني فاعلم ان الهدي هدي اللّه لايوجد عند غير حجج اللّه: فاقتف آثارهم و اقتبس انوارهم و قد قال الصادق7 من عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة فاعلم ان زيداً بذاته كان قبل القيام و لم‏يكن له قيام فصار باحداثه القيام قائماً فزيد قبل قيامه ليس بقائم فليس بمبتدأ للقيام و القيام فعله صادر عنه به و لايعقل ان‏يكون الفاعل بنفسه نفس فعله ففعله فعله ليس بذاته ابداً قبل صدوره و حين صدوره و بعد صدوره نعم بظهوره للقيام صار فاعلا له و ظهوره غير ذاته كخفائه فذاته بخفائه مخفية و بظهوره ظاهرة و خفاؤه فعله كما ان ظهوره فعله و هو غير فعله مستقل بنفسه و فعله غيره غير مستقل بنفسه بل هو محتاج الي فاعله في وجوده من جميع جهاته فالمبتدأ للقائم هو المتلبس بالقيام فزيد الظاهر بالقيام هو المبتدأ الموضوع و هو الخبر المحمول فصارت القضية صادقة في قولك زيد قائم فذلك جهة اتحاد المبتدأ و الخبر التي هي سبب صدق القضية كما هو محل اتفاق اهل الفن و اما جهة الاختلاف التي جعلوها بينهما لحصول الفائدة علي زعمهم لئلاتقع القضية لغواً بلافائدة بملاحظة ان زيداً المعري عن قيد القيام هو المبتدأ و زيداً الظاهر بالقيام هو الخبر فهو نقض لفتلهم الاول الذي ابرموا عليه لصدق القضية و هم غافلون عن نقضهم لفتلهم فان زيداً المعري خبره معري فلو جعلت المعري مقيداً بالقيام تصير القضية كاذبة بتة فان المعري معري و المقيد مقيد فتأمل جيداً لئلاتزل قدمك بعد ثبوتها باثباتك جهة الاتحاد بين الموضوع و المحمول

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 139 *»

لتحصيل صدق القضية كما زلت الاقدام ممن عدوا انفسهم من الاعلام و لم‏يعلموا انهم لم‏يعلموا فتذكر انت بالتدبر و لاتغرنك التكثر و اخلع عنك لباس التقليد و احترز عن التدثر بدثار الغفلة و عمق في التفكر لتفوز مع الاقلين و ان ابطأ بك الفكر فحوله بالنظر([29]) الي المنظر فانه اعلي من ان‏يستتر.

فاعلم ان جهة الاتحاد بين المبتدأ و الخبر مما لابد منه بينهما من جميع الجهات و جهة الخلاف لاتحمل علي خلافه الا من جهة الكذب كائنة ما كانت فليس محل تحصيل الفائدة للكلام بين المبتدأ و خبره و بين الموضوع و محموله مطلقاً كما زعموا و غفلوا بل محل تحصيل الفائدة يكون بين المتكلم و المخاطب فالمعلم عالم بمعلومه و المتعلم جاهل به فاذا علم المعلم بكلامه و اخبر بكلامه عن علمه و تعلم المتعلم و ارتفع جهله بالتعلم([30]) حصلت فائدة الكلام الذي هوالقضية و فائدته رفع الجهل من الجاهل و حصول العلم له كما اذا علم زيد بأن عمراً قائم ليس بين عمرو و خبره الذي هو قائم جهة خلاف ابداً فان جهل بكر بأن عمراً قائم حصل الخلاف بين علم زيد و جهل بكر فاذا اخبر زيد بأن عمراً قائم و تعلم بكر حصلت الفائدة و هي حصول علم لبكر كعلم زيد. بالجملة، فزيد القائم قائم لا زيد القاعد فانه قاعد ليس بقائم و لا زيد المعري عن قيد القيام و القعود و عن سائر اوصافه فانه معري و المعري تجلي للقائم بنفس القائم لا بشي‏ء من سائر اوصافه و لا بتعريه عن القيام و عن سائر افعاله فالقائم هو مسكن القيام و مبدؤه و محله و معدنه و مرجعه. فافهم ان كنت تفهم و:

علي نحت القوافي من مواقعها   و ما علي اذا لم‏يفهم البقر

فاذا عرفت ذلك ان شاءاللّه و قدر لك فاعلم بتوفيقه ان اللّه سبحانه تجلي

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 140 *»

بذلك الاسم بنفس ذلك الاسم من غير تغير من ذاته سبحانه لا بحركة بعد سكون و لا بنطق بعد سكوت سوي نفس ذلك الاسم المقدس و هو بنفسه حركته بها لا بذاته سبحانه و هو بنفسه نطقه به لا بذاته سبحانه و له اربعة اجزاء كل جزء منه كسر من كسوره ليس منها واحد قبل الاخر فتفكر في الكسور ان اردت العثور علي الحقائق في البطون و الظهور فاعلم ان كل كسر من كسور الشي‏ء و ان كان غير الاخر كما ان‏نصفه غير ثلثه و ثلثه غير ربعه و هكذا الي منتهي كسوره هو غير سائر كسوره و مع ان كل كسر غير سائر كسوره لايوجد شي‏ء من كسوره قبل الاخر و لايعقل كما لاينقل ان‏يوجد واحد من كسور الشي‏ء مستقلا من غير وجود سائر كسوره فالمركب من الكسور توجد جميع كسوره مساوقة لايوجد كسر منه قبل الاخر بخلاف المركب من الاشياء المستقلة قبل التركيب فان كل واحد منها مستقل بنفسه غير محتاج الي شي‏ء مستقل آخر كالدرياق فان الفلفل غير محتاج في وجوده الي القرنفل و بالعكس و كذا سائر اجزاء الدرياق بخلاف الشي‏ء المركب من الكسور فان جميع كسوره متساوقة يبقي ببقاء جميع كسوره و يفني([31]) بفناء واحد من كسوره كما يفني([32]) سائر كسوره بفناء واحد منها.

فاذا عرفت ذلك و تفطنت ما هنالك فاعلم ان الاجزاء الاربعة من ذلك الاسم الرضي و الوجه المضي‏ء و الجنب العلي و النور الجلي و السر الخفي اربعة كسور ليس منها واحد قبل الاخر فالكسر الاول اوسع كسوره و هو المحتجب بسائر كسوره الثلثة و هي حجبه و هو المكنون المخزون عند اللّه سبحانه و خزائنه الثلثة فهي معانيه و ظواهره و هو بنفسه الاسم الفاعل بيان لماوراءه به اي بذلك الاسم و هو القائم مقامه في الاداء من وراء الاجزاء الثلثة اذ كانت الذات جل جلاله و ذلك الاسم جلاله كما ان الجزء

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 141 *»

المكنون جماله لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو العزيز الجبار فتلك الاربعة قد حوتها هيأة المجموع فصارت خمسة و هي الهاء لتثبيت الثابت فاشبعت الهاء بالواو اشارة الي الثابت الغائب عن درك الحواس و لمس الاخماس كما روي عن اميرالمؤمنين عليه صلوات المصلين فقال7 ان قلت هو هو فالهاء و الواو كلامه الهاء لتثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغائب و هو المصدّر في سورة النسبة قل هو اللّه احد فهو الغائب و اللّه ظاهر كما قال7 فالظاهر هو اللّه تبارك و تعالي و هو اسم جامع لثلثة اسماء و هي اللام و الالف و الهاء مع قطع النظر عن حرف التعريف قد اتي بها من جنس نفس الاسم للتنبيه للعاقل النبيه بأن حقيقة الاسم الشريف بنيت للتعريف فلاجل ذلك صار ظاهراً غير@لا خ‌ل@ مضمر و لا مستتر و من عجائب هذه الاسماء الثلثة ان جميع حروف لا اله الا اللّه مشتقة منها و تلك الاسماء الثلثة هي اصولها كما روي في معاني الاخبار عن ابي‏عبداللّه7 في معاني بسم اللّه فقال7 الباء بهاء اللّه و السين سناء اللّه و الميم ملك اللّه قال قلت اللّه؟ قال7 الالف آلاء اللّه علي خلقه من النعيم بولايتنا و اللام الزام اللّه خلقه ولايتنا قلت فالهاء؟ قال7 هوان لمن خالف محمداً و آل محمد صلوات اللّه عليهم اجمعين و قد ورد في تفسير الحروف المقطعة في اوائل السور و غيرها معان اخر تناسب المقام الا ان الاختصار يقتضي الاقتصار في الجملة([33]) فاللّه اسم جامع لجميع الصفات الكمالية كما يأتي ان‌شاءاللّه و لاجل ذلك يحمل عليه سائر الاسماء و يوصف بها فتقول اللّه الرحمن الرحيم القادر القاهر و لاتقول بعكس ذلك في اغلب الاحوال كما تقول زيد القائم الراكع الساجد لانه اصل الاصول و المقصود من الكل عند ارباب الوصول فلاتتبادر الي انكار ما

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 142 *»

نقول بأنه ثلثة اسماء جمعت في اسم واحد. الاتري ان بسم اللّه الرحمن الرحيم اسم واحد جمعت فيه ثلثة اسماء او اربعة او اكثر كما تقرأ في الدعاء: اللّهم اني اسألك باسمك بسم اللّه الرحمن الرحيم فلا اشكال في قوله7 فالظاهر هو اللّه تبارك و تعالي و قد اشكل علي بعض الشراح و قد حل الاشكال عن نفسه بأن الاسماء الثلثة الظاهرات للخلق لفاقتهم اليها هو اللّه العلي العظيم لما رأي في حديث آخر اول ما اختار لنفسه جل جلاله العلي العظيم فمعناه اللّه و اسمه العلي العظيم و قد حل بعضهم الاشكال بأن الاسماء الثلثة الظاهرات اللّه الرحمن الرحيم و قد رأيت قوله7 كما قال فالظاهر هو اللّه تبارك و تعالي و قد رأيت انه7 قد عد في جملة الثلثين اسماً لكل ركن الرحمن الرحيم و العلي العظيم فتلک الاسماء مسخرات لکل رکن او لبعض الاركان الاثني‏عشر و انت خبير ان‌شاءاللّه بأن لكل جزء من الاجزاء الثلثة اربعة اركان و لكل ركن ثلثون اسماً فالثلثون فروع لكل ركن و الاركان فروع لكل جزء و الاجزاء الظاهرة ثلثة و هي الاصول.

و قد علمت كما نبهنا و بينا لك ان الاجزاء هي الكسور التي ليس منها واحد قبل الاخر فاعلم ان الثلثين كسور لكل ركن و الاركان الاثناعشر كسور للاجزاء الثلثة لكل جزء اربعة اركان كما ان الاجزاء الثلثة ثلثة كسور للاسم الجامع للكسور فقد اوضح7 و بين بأوضح البيان لاهل العيان بأن الظاهر هو اللّه تبارك و تعالي و له كسور ثلثة فالالف كسر واحد و هو آلاء اللّه علي خلقه من النعيم بولايتنا و اللام كسر آخر له و هو الزام اللّه الخلق ولايتنا و الهاء كسر آخر له و هو الهوان لمن خالف محمداً و آل محمد صلوات اللّه عليهم و كل كسر اسم من اسمائه كما ان المجموع اسم و كما ان الاركان الاثني‏عشر اسماء و كما ان الثلثين @اسماً اسماء@اسماء خ‌ل@ فصارت الاسماء المسخرات ثلث‏مائة و ستين اسماً و هي غير الاسماء العظام الاثني‏عشر

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 143 *»

و اعظم منها هي الثلثة الاصول و اعظم منها هو المستجمع لجميع الصفات الكمالية و اعظم منه هو هو الغائب المخزون عنده المحتجب عن الخلق بحجب النور و قمص الظهور في جميع الادوار في جميع الدهور و الي اللّه ترجع الامور.

بالجملة فهذه الاجزاء الثلثة كيان ثلثة و لكل كون كيفيات اربع اذ لابد لكل كون من علل اربع علة فاعلية و علة مادية و علة صورية و علة غائية كما بينا سابقاً فما كان من الفواعل فهو الحركة الايجادية و ما من القابل هو قبول الحركة و الانفعال و الانوجاد فحدث من الحركة الايجادية الحرارة و حدث من ميل الحركة الي الايجاد الرطوبة([34]) كما حدث من انفعال القابل بعد القبول الجمود علي ما كان عليه و هو اليبوسة الترابية و تلك الكيفيات الاربع متضايفات متساوقات كالكسر و الانكسار ليست واحدة منها قبل الاخري كما عرفت سابقاً فتلك الكيفيات الاربع كسور لكل جزء من الاجزاء الثلثة فصارت الكيفيات مثلثات ثلثة نارية و ثلثة ترابية و ثلثة هوائية و ثلثة مائية علي ترتيب الافلاك المؤثرات فصارت اثنتي‏عشرة@اثني‌عشرة خ‌ل@ كل واحدة ركن من اركان كل جزء من الاجزاء الثلثة و كسر من كسوره و سعة كل واحد من الاركان الاثني‏عشر الذي دلت عليه الف اللّه سعة اللام منه و هي ثلثون و هي قلب الاسم و وسطه ماوسعني ارضي و لا سمائي و لكن وسعني قلب عبدي المؤمن و ان اللّه لمع المحسنين بمعية غير متناهية فقلب اسم الولي هو اللام كقلب علي7 و هي مطابقة للام اللّه التي هي الزام اللّه تبارك و تعالي الخلق بولاية آل محمد الاثني‏عشر صلوات اللّه عليهم و كل واحد ولي منه منه بدؤه و اليه عوده كما ورد في الدعاء الذي شغلنا و الحمد للّه شرحه بدؤها منك و عودها اليك. ان وليي اللّه الذي نزل الكتاب و هو يتولي الصالحين. ان اللّه مولي الذين آمنوا و ان الكافرين

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 144 *»

لا مولي لهم. اللّه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور و الذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. انما وليكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون.

فاللّه هو الولي و هو يحيي الموتي و هو علي كل شي‏ء قدير و هو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا و ينشر رحمته و هو الولي الحميد و كل واحد من الاركان الاثني‏عشر هاد لمن طلب الهداية منه و هوان لمن خالفه باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب نعمة اللّه علي الابرار و نقمته علي الفجار اشداء علي الكفار رحماء بينهم فقد دلت الهاء من اللّه علي ذلك كما دلت عليه الاخبار الواردة في تفاسير حروف المقطعة و غيرها و معانيها فمن ارادها فليراجعها في معاني الاخبار و غيرها فاللّه هو المحتجب و الاركان الاثني‌عشر حجبه كما روي عنهم: هو المحتجب و نحن حجبه و كل واحد حجاب له و هو بكله ظاهر فيه كظهور زيد في قيامه و الظاهر في ظهوره اظهر من ظهوره و استتر لعظم نوره و خفي لشدة ظهوره كشدة ظهور زيد في قيامه و قعوده.

بالجملة و المراد بالحرارة و البرودة و الرطوبة‏ و اليبوسة في امثال تلك المقامات و العلامات التي بها خلق من خلق هو الجذب و القبض من العالي و رحمته علي الداني و انقياد الداني و مطاوعته للعالي و السكون تحت تصرفه و عدم الانصراف منه و العصمة الكلية و امثال ذلك. الاتري الحكماء الذي كادوا من الحكمة ان‏يكونوا انبياء نطقوا بهذا المنوال في كيفية خلقة المشية بنفسها لينال من ينال فقال ان اللّه سبحانه قبض من رطوبة الرحمة اربعة اجزاء بها الي آخر اقواله فلاتبادر الي الانكار ان كنت من اهل الديار و ترجو لقاء الديّار.

بالجملة فالدرجات الرفيعة لكل ركن ثلثون و هي الحجب و الاركان

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 145 *»

محتجبون و تلك الحجب اسماء اللّه تبارك و تعالي و عددها ثلث‏مائة و ستون و قد عد: بعضها كما اوردناها فان عد معها الاركان الاثناعشر و الاجزاء الثلثة لصارت ثلث‏مائة و خمسة و سبعين اسماً فاعلم انه اذا عد الاسماء مرة بثلث‏مائة و ستين فبملاحظة الدرجات الفلكية التي هي آثار و مظاهر لها و اذا عدت باثنتي‏عشرة@باثني‌عشرة خ‌ل@ فبملاحظة البروج الاثني‏عشر التي هي المظاهر الكلية فلاينافي عدد البروج الاثناعشر عدد الدرجات الثلث‏مائة و الستين و كذا اذا عدت بتسعة و تسعين لاتقتضي التنافي فانها بملاحظة الميادين الاحدعشر من اهل التوحيد في المبادي الفلكية و هي التسعة و تلك الميادين مرموزة في قوي الهاء و الواو من لفظة هو هو الذي في السماء اله و في الارض اله و كذا اذا عدت بألف و واحد فبملاحظة البناء من اسم الفاعل و اسم المفعول و افعل التفضيل و جعل بعض الاسماء صفة لبعض و تركيب اسماء عديدة و جعلها واحداً و امثال ذلك كما تراها في الايات القرآنيه و الدعوات كالجوشن الكبير فلا منافاة و الحمد للّه.

ثم اعلم ان تلك الاسماء التي هي افعال منسوبة الي الاركان الاثني‏عشر التي هي افعال منسوبة الي الاجزاء الثلثة التي هي حجب الاسم المكنون المخزون عند اللّه تبارك و تعالي كانت قبل جميع المكونات المجردة و المادية بجواهرها و اعراضها و فواعلها و قوابلها و ذواتها و صفاتها و افعالها و آثارها و اشباحها و جميع ما يصدق عليه شي‏ء فهو شي‏ء بمشية اللّه و احداثه قل اللّه خالق كل شي‏ء فهي برمتها مسبوقة بها اي بتلك الاسماء المذكورة و هي سابقة علي الكل و كل قد كون بها فهي مخلوقة بها و هي مخلوقة بأنفسها كما روي خلق اللّه المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية تجلي اللّه سبحانه لها فأشرقت و طالعها فتلألأت فألقي في هويتها مثاله و اظهر عنها افعاله تجلي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمها كما ورد جميع ذلك عنهم صلوات اللّه عليهم و تلك الامثال نضربها للناس و للّه المثل الاعلي و ليس

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 146 *»

كمثله شي‏ء فالامثال العليا و الاسماء الحسني كلها للّه سبحانه فافهم ان كنت ممن سبقت له من اللّه الحسني و كن من الشاكرين و قل الحمد للّه رب العالمين و ذر الذين يلحدون في اسمائه و ذرهم يخوضوا و يلعبوا حتي يلاقوا يومهم الذي يوعدون.

فاعلم علمك اللّه ان تلك الاركان الاثني‏عشر لما تعلقت بالموجودات وجدت بعد تعلقها بها فكانت معدومات قبل التعلق فلما تعلقت احدثت اولا في جميع العوالم المبادي ثم المنتهيات بالمبادي فصارت المبادي في كل عالم في مكان ذلك العالم و وقته علي طبق الاركان الاثني‏عشر اثني‏عشر للزوم المطابقة بين الاثر و المؤثر و الاثر يشابه صفة المؤثر و ذلك حكم حتمي حكم الحكيم ما اتقن حكمته بين الخلق للاستدلال بها علي المؤثر و لولا ذلك لبطل النظام و فسد القوام و كانت الحكمة ناقصة من الحكيم العلام و الي ذلك يشير قوله الفاصل و امره الواصل ان عدة الشهور عند اللّه اثناعشر شهراً في كتاب اللّه يوم خلق السموات و الارض منها اربعة حرم فالشهور الاثناعشر هم الاركان الاثناعشر و هم عند اللّه ما عندكم ينفد و ما عند اللّه باق فالسلام علي شهور الحول في جميع الدور و هم قبل الدور في جميع الدور و قبل الكور في جميع الكور و الايام ثلثون لكل شهر و تلك الايام نداولها بين الناس في ستة منها خلقت السموات و الارض و ما بينهما اثنان لخلقهما و اربعة للاقوات و تلك الستة مذكورة مبذولة في جميع الصحف المنسوبة الي اللّه تبارك و تعالي سماها الصابئون و المجوس بـ«شش كاه» اي الاوقات الستة و سماها اليهود و النصاري بالايام الستة كما في القرآن فالسبت علي زعمهم يوم الراحة و به تمام الاسبوع فالسبت رسول اللّه9 كما روي و الاحد امير المؤمنين صلوات اللّه عليه لايشاركه في الامارة احد من الاولين و الاخرين و لايرضي بذلك الاسم المخصوص به7 احد لنفسه الا و هو مأبون كما هو متفق عليه بين الخاصة و العامة

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 147 *»

ان اكثر الصحابة مأبونون و ليس@ليست خ‌ل@ هذه العجالة محل ذكر ما ذكروا و قد ذكر الشيخ علي رحمه اللّه في كتابه المسمي بنهج المحجة ما هو مذكور في كتب اساطينهم.

بالجملة، و يوم الاثنين الحسن و الحسين8 لم‏تقع الامامة في اخوين سواهما و الثلثاء علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد: و الاربعاء موسي بن جعفر و علي بن موسي و محمد بن علي و علي بن محمد: و الخميس العسكري7 و يقال للعسكر الخميس لان له خمسة جوانب الميمنة و الميسرة و المقدم و المؤخر و القلب و الجمعة القائم صلوات اللّه عليه و علي آبائه و ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود فالشهود مكررات الاسابيع ليست شيئاً سواها و السنون مكررات الشهور ليست شيئاً سواها و عدتها عند اللّه اثناعشر شهراً في كتاب اللّه و الكتاب كتاب علم اللّه كما قال علما عند ربي في كتاب لايضل ربي و لا ينسي. قل كفي باللّه شهيداً بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب و انما انزل بعلم اللّه و هو تمام الدور المحتوي علي الشهور الاثني‏عشر قبل ان‏تكون سماء مبنية و لا ارض مدحية و لا شمس مضيئة و لا قمر منير و لا دنيا فانية و لا آخرة باقية و لا جنة عالية و لا نار حامية و لا آدم و لا حواء و لا روح و لا بدن و لا ماء و لا طين. قال9 كنت نبياً و آدم بين الماء و الطين.

بالجملة، ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه المستور فيه الشهور شهور الحول في رق منشور قبل اللوح و قبل القلم و قبل النون و النون نهر من جنة غرست بأيديهم و القلم جري بتحريكهم و سطر ما كان و ما يكون بترقيمهم و تحريرهم فالسلام عليكم يا اهل بيت منكم الصادر و اليكم الوارد بكم تحركت المتحركات و سكنت السواكن.

بالجملة، كان ذلك الكتاب المكتوب فيه الشهور لتمام النور و كمال الظهور قبل الكون و الكان و قبل الزمان و المكان فضلا عن المكونات

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 148 *»

الساكنات و الموجودات الجاريات فيهما و انما خلقت بعد امكنة ثلثة و ازمنة و اوقات ثلثة للموجودات الساكنة فيها و هي عالم الجبروت و عالم الملكوت و عالم الملك و كل واحد من هذه الثلثة مسكن اهله و لكل واحد وقت مخصوص به و قد يستعمل الجبروت لوقت عالم العقول و الملكوت لوقت عالم النفوس و الملك لوقت عالم الاجسام كما يستعمل الزمان لوقت عالم الاجسام و الدهر لوقت عالم النفوس و عالم العقول كما يستعمل اللاهوت لعالم الافئدة و اعالي العقول و الملكوت للمجردات و الناسوت للاجسام.

بالجملة، لما كانت العوالم المقدرة ثلثة و قد علم الله سبحانه انه يخلق بعد تلك العوالم الثلثة و علم انها تحتاج الي اسماء@الاسماء خ‌ل@ فجعل ثلثة اجزاء من الاسم الذي بالحروف غير مصوت لفاقة الخلق اليها اذ لو لم‏يكن العلم لم‏يكن المعلوم و لو لم‏يكن القدرة لم‏يكن المقدور المخلوق و هكذا الي تمام الاسماء الثلث‏مائة و الستين و متعلقاتها فكل متعلق بالفتح محتاج مفتاق الي متعلق بالكسر فكانت المتعلقات بالكسر قبل المتعلقات بالفتح و هي محتاجة اليها و هي غنية عنها. الاتري المكتوب محتاج في وجوده الي الكاتب([35]) يكتبه و الكاتب في وجوده غير محتاج الي كتابته غني عنه فافهم المثل الذي هو من الامثال التي يضربها الله تبارك و تعالي و مايعقلها الا العالمون و اجره في الاسماء الثلث‏مائة و الستين و متعلقاتها فاعلم ان الاسماء المذكور كانت قبل جميع المخلوقات غنية عنها و هي المتعلقات بالكسر ثم تعلق كل اسم بمتعلق من المخلوقات بالفتح و هي اي المخلوقات المتعقات بالفتح مفتاقة محتاجة من جميع جهاتها و حيوثها و اعتباراتها الي الاسماء المذكورة و ان اردت معني سبقتها علي المخلقوقات من اخبار آل اللّه الاطهار عليهم صلوات اللّه الملك الجبار فارجع الي ما رواه العلماء الاخيار في سبق نور محمد و آله الاطهار صلوات اللّه عليهم علي ما في كتاب الانوار لابي الحسن

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 149 *»

البكري استاد الشهيد الثاني رحمه اللّه عن امير المؤمنين عليه صلوات المصلين حيث قال روحي له الفداء و عليه آلاف الثناء كان اللّه و لا شي‏ء معه فأول ما خلق نور حبيبه محمد9 قبل خلق الماء و العرش و الكرسي و السموات و الارض و اللوح و القلم و الجنة و النار و الملائكة و آدم و حواء بأربعة و عشرين و اربع‏مائة الف عام فلما خلق اللّه نور نبينا محمد9 بقي الف عام بين يدي اللّه تعالي واقفاً يسبحه و يحمده و الحق تبارك و تعالي ينظر اليه و يقول يا عبدي انت المراد و المريد و انت خيرتي من خلقي و عزتي و جلالي لولاك لماخلقت الافلاك من احبك احببته و من ابغضك ابغضته فتلالا نوره و ارتفع شعاعه فخلق اللّه تعالي منه اثني‏عشر حجاباً اولها حجاب القدرة ثم حجاب العظمة ثم حجاب العزة ثم حجاب الهيبة ثم حجاب الجبروت ثم حجاب الرحمة ثم حجاب النبوة ثم حجاب الكرامة ثم حجاب المنزلة ثم حجاب الرفعة ثم حجاب السعادة ثم حجاب الشفاعة ثم ان اللّه تعالي امر رسوله9 ان‏يدخل في حجاب القدرة فدخل و هو يقول سبحان العلي الاعلي و بقي علي ذلك اثني‏عشر الف عام ثم امره ان‏يدخل في حجاب العظمة فدخل و هو يقول سبحان عالم السر و اخفي احدعشر الف عام ثم امره ان‏يدخل في حجاب العزة فدخل و هو يقول سبحان الملك المنان عشرة آلاف عام ثم دخل في حجاب الهيبة و هو يقول سبحان من هو غني لايفتقر تسعة آلاف عام ثم دخل في حجاب الجبروت و هو يقول سبحان الكريم الاكرم ثمانية آلاف عام ثم دخل في حجاب الرحمة و هو يقول سبحان رب العرش العظيم سبعة آلاف عام ثم دخل في حجاب النبوة و هو يقول سبحان ربك رب العزة عما يصفون ستة آلاف عام ثم دخل في حجاب الكرامة و هو يقول سبحان العظيم الاعظم خمسة آلاف عام ثم دخل في حجاب المنزلة و هو يقول سبحان العليم الكريم اربعة آلاف عام ثم دخل في حجاب الرفعة و هو يقول سبحان ذي الملك و الملكوت ثلثة آلاف عام ثم دخل في حجاب

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 150 *»

السعادة و هو يقول سبحان من يزيل الاشياء و لايزول الفي عام ثم دخل في حجاب الشفاعة و هو يقول سبحان اللّه و بحمده سبحان اللّه العظيم الف عام. قال7 ان اللّه خلق من نور محمد9 عشرين بحراً من نور في كل بحر علوم لايعلمها الا اللّه ثم قال لنور محمد9 انزل في بحر العز ثم في بحر الصبر ثم في بحر الخشوع ثم في بحر التواضع ثم في بحر الرضا ثم في بحر الوفاء ثم في بحر العلم ثم في بحر التقي ثم في بحر الخشية ثم في بحر الانابة ثم في بحر العمل ثم في بحر المزيد ثم في بحر الهدي ثم في بحر الصيانة ثم في بحر الحياء حتي([36])  تقلب في عشرين بحراً فلما خرج من آخر الابحر قال اللّه تعالي يا حبيبي و يا سيد رسلي يا اول مخلوقاتي و يا آخر رسلي انت الشفيع يوم الحشر فخر النور ساجداً ثم قام فقطرت منه قطرات كان عدده مائة الف و اربعة و عشرون([37]) الف قطرة فخلق اللّه من كل قطرة من نوره نبياً من الانبياء فلما تكاملت الانوار صارت تطوف حول نور محمد9 كما يطوف الحجاج حول بيت اللّه الحرام و هم يسبحون اللّه و يحمدونه و يقولون سبحان من هو عالم لايجهل سبحان من هو حليم لايعجل سبحان من هو غني لايفتقر الي آخر الحديث الشريف و ذكر الجميع مما يقول و ان كان مناسباً لنيل المأمول الا اني لما شرحت بعض اسراره المرزوقة في رسالة مخصوصة لم‏اذكر جميع فقراته هنا اكتفاء بها و اختصاراً و قد ظهر و الحمد للّه سبق حدوث الاسماء المقدسة علي جميع ماسواها.

و لعلك عرفت ان معاني هذا الحديث الشريف هي معاني حديث حدوث الاسماء المقدسة و ان كان الفاظهما متفاوتة في الجملة علي حد قول الشاعر:

عباراتنا شتي و حسنك واحد   و كل الي ذاك الجمال يشير

فتذكر ان الحجب الاثني‏عشر هي الاركان الاثني‌عشر التي هي الحجب

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 151 *»

للاجزاء الثلثة التي هي كسر الاسم الاعظم و النور الاقدم و الوجه الاكرم الذي هو نور محمد9و هو الاصل القديم و الفرع الكريم بشئونه و شئونه حجبه و حجب حجبه الي ثلث‏مائة و ستين حجاباً فعلاً منسوباً الي ذلك الاسم الاعظم فلنرجع الي المرجع و نعد الي المعاد لبيان المراد.

فاعلم ان الاثر في كل رتبة بحسبها يشابه صفة مؤثره فلاجل ذلك صارت المظاهر للاركان الاثني‏عشر اثني‏عشر في شهور الحول و بروج الدور فالشهور هي المكاييل الوقتية و البروج هي المقادير المكانية في كل عالم من العوالم الملكوتية و الملكية بحسبه فعدة الشهور عند اللّه اثناعشر شهراً في كتاب اللّه. ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فعدة البروج عنده اثناعشر برجاً في كتاب اللّه و كل عالم كتاب من كتب مكتوب في لوحه و مقامه بقلم قدرة اللّه تبارك و تعالي فتلك الاسماء الثلث‏مائة و الستون هي الاسباب للمسببات بالفتح و الاقلام المكتوبات الموجودات قبل اللوح و القلم اذ هما ايضاً من جملة الموجودات التي وجدت من انوار تلك الاسماء الثلث‏مائة و الستين التي هي كسور الاركان الاثني‏عشر و حجبها فأيام كل دور و كل سنة من السنين تحكي وقت ذلك الاسم الاعظم الذي هو قبل القبل في ازل الازال و الدرجات البروجية الفلكية تحكي مكانه الذي هو اقرب المكان للمكين من غير انتقال و لا زوال و ذلك كالروح في جسد الممكنات لا حراك لها الا به فبه تحرك@تحرکت خ‌ل@ المتحركات و سكنت السواكن و لا حول و لا قوة الا باللّه الا الي اللّه تصير الامور و قولي كالروح في الجسد اقتباس من قولهم: ان القدر في اعمال العباد كالروح في الجسد و ليس المراد انه الروح في الجسد بل هو نور الانوار و روح الارواح في الاجساد فأرواحهم في الارواح و اجسادهم في الاجساد بأبي انتم و امي و نفسي و مالي و اسرتي آيات الرحمن و حجج الجبار في جميع الاكوار و الادوار. قال اللّه تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 152 *»

ان لا اله الا انت فكأين من آية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون فاعرف التطابق بين الايات و الاثار ليتبين لك الحق بلا غبار من الوهم و الريب و الشك و الظن من الاغيار. الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شي‏ء محيط. فلنرجع الي ما كنا فيه من ذكر فقرات الدعاء و شرحها بعون اللّه تعالي. قال7:

و آياتك و مقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك.

عطف علي سابقها و شرح له فالولاة مجعولون للائية و الاية تري ذي الاية و لاتري نفسها اذ لو ارت نفسها لكانت مرية لنفسها فلم‏تكن حينئذ آية بل هي هي غير مرية لغيرها فحقيقة الاية و ما به هي هي ان‏تكون مرآة حاكية و مجعولة لاجل الحكاية فهم الذين من جالسهم يذكره اللّه رؤيتهم و يزيد في علمه منطقهم و يرغبه في الاخرة عملهم و كذا الولاة حقائقهم مجعولات مجبولات محلا لقيامه سبحانه بأمر خلقه كما نبه به اميرالمؤمنين عليه صلوات المصلين في توصيفه9 بقوله في خطبته: اقامه مقامه في سائر عوالمه في الاداء.

فاعلم ان المقام له لحاظان ثابتان فالاول ان مقام القيام هو المادة المتلبسة بهيأة القيام فالقيام هو القائم الحال في مقامه اي محله و الثاني بعكس الاول فالقائم الحال هو الجوهر و هو المادة و المحل هو هيأة القيام و هي ظرف لما حل فيه و كلا المعنيين معنيان مرادان لاهل العيان و ان لم‏يفهمه العميان فالقائم ذات ثبت لها القيام کما ان القادر ذات ثبتت@ثبت خ‌ل@ لها القدرة لا ذات زيد فانها ثبتت@ثبت خ‌ل@ لها الزيدية لا القيام لانه قد يفارقه و هو زيد. اماتري ان الزيدية لو زالت عن مادة زيد لفني([38]) زيد فتنبه و لاتغفل عما غفل عنه الغافلون و ان كثروا و اعقل كما عقله العاقلون و ان قلوا ان القائم ذات ثبت

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 153 *»

لها القيام و تلك الذات التي ثبت@ثبتت خ‌ل@ لها القيام ظهور زيد بالقيام كما ان القيام ايضاً ظهور منه([39]) و كلا الظهورين تجليه لهما بهما منسوبان اليه و هو ظاهر فيهما بهما و هو اظهر منهما من انفسهما فالظاهر في الظهور اظهر من نفس الظهور.

ما في الديار سواه لابس مغفر   و هو الحمي و الحي و الفلوات

فاجعل كل واحد من الظهورين شئت حالا و الاخر محلا و ان كان اللحاظ الاول ابين و اظهر فمن عرف زيداً القائم بالامر عرف زيداً و هو الظاهر بالقائم به و هو مقامه به و هو اظهر منه من نفسه اذ نفسه ظهوره و لا شي‏ء له سوي ظهوره فصار معرفته معرفته و الجهل به الجهل به و كل ما يضاف اليه يضاف اليه فمن لم‏يعرف الولاة المضافين هكذا لم‏يعرفهم بالنورانية و من لم‏يعرفهم بالنورانية لم‏يعرفهم اذ حقيقتهم نور اللّه و ظهوره و ليسوا سوي ظهور اللّه و نوره فليس كل من يقول بولايتهم مؤمنا و انما جعلوا انساً للمؤمنين و هم الاقلون عدداً الاعظمون خطراً فلايغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد المشمرون بساق الجد للعناد لاولئك الاقلين فان اكثرهم لايعقلون و لايهتدون سبيلا ان هم الا كالانعام بل هم اضل اذ ضلوا و اضلوا كثيراً اشكو بثي و حزني الي اللّه و كفي باللّه وكيلا. اللهم انا نشكو اليك فقد نبينا صلواتك عليه و آله و غيبة ولينا و كثرة عدونا و قلة عددنا و شدة الفتن بنا و تظاهر الزمان علينا فصل علي محمد و آل محمد و اعنا علي ذلك بفتح منك تعجله و بضر تكشفه و نصر تعزه و سلطان حق تظهره و رحمة منك تجللناها و عافية منك تلبسناها برحمتك يا ارحم الراحمين.

بالجملة فمن جملة ما هم به هم انهم في كل مكان و لا تعطيل لهم في كل مكان فهم الحجج الهادون لاهل السموات كما هم الهادون لاهل الارض فبهم ملأ اللّه سماءه و ارضه فهم الذي في السموات حججاً و في الارض حججاً

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 154 *»

و في الدنيا حججاً و في الاخرة حججاً فكما ان اللّه سبحانه اله و رب لجميع ماسواه كذلك هم: حجج لماسواهم و قد صرح بذلك من غير تلويح قوله تعالي تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً و العالمون ماسوي اللّه تعالي فنذيرهم محمد9 و اولوا امره الائمة: و قد صرح بذلك تصريحاً بقوله اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم.

بالجملة فلو وقف الولاة صلوات اللّه عليهم في مكان دون مكان لتعطل منهم مكان و ذلك تعطيل لامره جل جلاله و هو اجل من ان ‏لايصل امره الي احد من خلقه و ان‏ لايتم حجته علي احد من خلقه قل فلله الحجة البالغة فالحجة البالغة بلغت الي جميع خلقه في اي مكان كانوا و المبلغ لتلك الحجة البالغة هو الرسول و اوصياؤه و خلفاؤه صلوات اللّه عليهم فهم المبلغون عن اللّه جل جلاله الي جميع الخلق في جميع الامكنة و لايخلو منهم مكان كما لايخلو منهم زمان لايضاح الحجة و ابلاغ المحجة و اتمام النعمة علي اهل الرحمة و احلال الغضب علي اهل النقمة بعد الابلاغ و الايضاح و قطع الاعذار لاهل الديار بحيث لم‏تبق دار لاهلها اعذار فالولاة: مجعولون مجبولون علي ذلك لاجل ذلك فلاجل ذلك شرح اللّه جل جلاله و عم نواله و بين بقوله انما وليكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون فاولئك الولاة هم اولوا امر اللّه جل جلاله لجعله لهم لذلك و لاجل ذلك امر المؤمنين في اي مكان كانوا بالاطاعة و الانقياد لهم بقوله الحق و امره المطلق بلا تخصيص و تقييد يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم.

و لعلك عرفت مما عرفوا و بينوا و اوضحوا انه ان من شي‏ء الا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم و ذلك التسبيح من ايصال المبلغين و ابلاغهم و ايضاحهم الي كل شي‏ء بلسانه و لقد انطق اللّه كل شي‏ء و جعل الله الولاة

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 155 *»

: عالمين بكل نطق و كل لسان ليعلم كل اناس مشربهم و لولا ذلك لبطلت([40]) الحجة و ادحضت المحجة و اللّه سبحانه اجل و اعلي من ذلك علواً كبيراً قال7 الا و نحن النذر الاولي و نذر كل زمان و اوان فلايخلو منهم: مكان فلاتعطيل لهم في كل مكان يعرفه بهم من عرفه و يجهله من جهلهم فالسلام علي الذين من عرفهم فقد عرف اللّه و من جهلهم فقد جهل اللّه فتلك الفقرة من الجامعة المتفق عليها بين الفرقة المحقة بحيث لايوجد لها منكر انكرها هي الشارحة المبينة الموضحة لتلك العبارة يعرفك بها من عرفك.

فاعلم وفقك اللّه ان اللّه سبحانه حكم بحكمه المحكم بأن كل معروف يعرف بآياته و مقاماته و قد حكم بحكمه المحكم امتناع معرفة شي‏ء الا بآياته و مقاماته. الاتري زيداً المعروف انه معروف اما في حركته و اما في سكونه فبحركته الصادرة منه صار متحركاً و بسكونه الصادر منه صار ساكناً فالمتحرك آية من آياته و الساكن مقام من مقاماته و هو معروف بهما و لولاهما لم‏يكن معروفاً بل لم‏يكن موجوداً و يمتنع ان‏يوجد زيد من غير حركة او سكون و يمتنع ان‏يعرف زيد و يوصف الا بالمتحرك او الساكن و هو المتحرك و الساكن وحده لا شريك له و هما صفتان له و لم‏يصر زيد بعد وحدته اثنين و لم‏يصر نصف اثنين و لم‏يصر اثنان نصفين له و لم‏تصر الحركة صفة زائدة علي ذات زيد كما لم‏يصر السكون صفة زائدة له علي ذاته و هما اثنان و هو واحد و هو بوحدته لا شريك له متحرك كما هو بوحدته لا شريك له ساكن و لو لم‏يكن زيد قادراً علي الحركة و السكون لم‏يقدر علي احداث الحركة و السكون فالحركة فعل صادر منه كما ان السكون فعل صادر منه و هما فعلان صادران منه كما ان القدرة فعل صادر منه و هو فاعل واحد احدث كل واحد من الحركة و السكون بهما فأحدث الحركة بنفس الحركة

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 156 *»

لا بالسكون و احدث السكون بالسكون لا بالحركة و هما فعلان صادران منه و هو واحد و يمتنع ان‏يصير الفاعل فعله و يمتنع ان‏يصير الفعل فاعله فتبصر من هذا امرك و لاتكن من الضالين و المغضوب عليهم غضب اللّه عليهم فتلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الا العالمون.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الشي‏ء بنفسه غير معروف و لا منكور فاذا عرف صار معروفاً و ان جهل صار مجهولا منكوراً و هو هو سواء عرفه عارف او انكره منكر فالمعروف و المنكور صفتان ذاتيتان([41]) لذات الشي‏ء غير زائدتين علي ذاته كالمتحرك و الساكن كما عرفت من ضرب الامثال.

فان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا   و ان لم‏يكن فهم فتأخذه عنا

فان اردت الرمي فقد برينا لك القوس و نحتنا لك السهم و ان لم‏ترد الرمي فلاتلعب و لاتفسدن القوس و اعط القوس باريها.

بالجملة دليل كل مدلول عليه آياته و وجوده اثباته فمن اجل ذلك امر اللّه تبارك و تعالي عباده ما يمكن لهم ان‏يأتوا به و لايكلف اللّه نفساً الا وسعها فجعل آياته قائمات في مقاماته و قال سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق فتذكروا و تدبرا في آيات الله و لايذكر الا اولوا الالباب فلو كان للايات التي لا تعطيل لها في كل مكان اعتبار غير اللّه فيها لوسع الخرق بأنه باعتبار تري غير اللّه و باعتبار ادلاء الي اللّه فلم‏يتبين حينئذ للناس انه الحق و من اصدق من اللّه حديثاً و قد قال يتبين لهم انه الحق فلايوجد في الايات ما لم‏يكن عن([42]) اللّه تبارك و تعالي. فلاجل ذلك قال عجل اللّه فرجه:

لا فرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك.

شرحاً لتلك الاية المذكورة و بياناً لقوله تبارك و تعالي ان الذين يكفرون باللّه و رسله و يريدون ان‏يفرقوا بين اللّه و رسله و يقولون نؤمن

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 157 *»

ببعض و نكفر ببعض و يريدون ان‏يتخذوا بين ذلك سبيلا اولئك هم الكافرون حقاً و اعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً و الذين آمنوا باللّه و رسله و لم‏يفرقوا بين احد منهم اولئك سوف يوتيهم اجورهم و كان اللّه غفوراً رحيماً و تبياناً لقوله تعالي و الذين يصلون ما امر اللّه به ان‏يوصل و يخشون ربهم و يخافون سوء الحساب و تفسيراً و تحذيراً([43]) مما حذره اللّه بقوله و الذين ينقضون عهد اللّه من بعد ميثاقه و يقطعون ما امر اللّه به ان‏يوصل و يفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار فتدبر في آيات اللّه سبحانه و تذكر توافق الاثار معها بأنه لا فرق بينه و بينها الا انها آثار له و هو مؤثر لها كما انه لا فرق بين زيد و قائم في قولك زيد قائم الا انه احاط بلا نهاية بجميع جهات القائم بروحه و بدنه و عقله و نفسه و معلوماته و معقولاته و افعاله و اقواله و اوامره و نواهيه و حركاته و سكوناته و جميع ما له و به و منه و اليه و عليه فزيد احاط بجميع ذلك حتي نسب([44]) الجميع اليه وحده لا شريك له و كلها صادر منه راجع اليه حقيقة لا مجاز فيها و صدقاً لا كذب فيها و لا ريبة تعتريه فذلك مقام لا فرق بين زيد و قائم و مع ذلك كله هو خبر لزيد و زيد هو المراد و هو المبتدأ و الخبر غير المبتدأ و هو الاصل و ذلك الفرع و هو المحيط و ذلك([45]) المحاط و المحيط قد احاط بالمحاط هو هو وحده وحده لا شريك له و المحاط لايحيط بالمحيط فهو غيره فزيد هو القائم ظهوراً و عياناً و علماً و قدرة و حكمة و فعلا و قولا و امراً و نهياً و فعلا و تركاً و هو غيره كلا و جمعاً و احاطة فقد دخل الاستثناء بقوله عليه الصلوة و السلام و الثناء:

الا انهم عبادك و خلقك. و ذلك ما القي الصادق الامين عليه صلوات المصلين علي المفضل

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 158 *»

بمنه و جوده في حديثه في سؤاله عن الصورة الانزعية التي رؤيت علي المنابر بقوله هو هو وجوداً و عياناً و هو غيره كلا و جمعاً.

فان كنت ذاعين تعاين ما قلنا   و ان لم‏تكن عين فلاتنكر العينا

و احذر قوله تعالي صم بكم عمي فهم لايعقلون و منهم من يستمعون اليك أفأنت تسمع الصم و لو كانوا لايعقلون و منهم من ينظر اليك أفأنت تهدي العمي و لو كانوا لايبصرون لاتعمي الابصار و لكن تعمي القلوب التي في الصدور فتذكر قوله تعالي فبأي حديث بعد اللّه و آياته يؤمنون فهو سبحانه معروف بآياته و لا فرق بينه و بينها الا كما بينه روحي فداه و عليه التحية و الثناء بقوله الصريح للتصريح لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد الا انهم عبادك و خلقك فصرح و بين و اوضح بأن الايات و المقامات التي لا تعطيل لها في كل مكان التي يعرفه بها من عرفه لا فرق بينه و بينها الا انهم عباده و خلقه فاعرف النسبة بينه و بينها بالايجاب و السلب معاً و لاتكن واقفاً في احد الطرفين ابداً فمن الناس من يعبد اللّه علي حرف و الحرف هو الطرف و الطرف اما افراط او تفريط او غلو او تقصير فالواقف في احد الطرفين الهه هواه و قد سمي هواه الهاً و عبد سواه فاليمين و الشمال مضلة و الطريق الوسطي هي الجادة و هي الصراط المستقيم صراط الذين انعم اللّه عليهم غير المغضوب عليهم الواقفين في طرف و لا الضالين الواقفين في طرف آخر فالنمرقة الوسطي التي يرجع اليها الغالي و يلحق بها المقصر التالي انه لا فرق بينه و بينها وجوداً و عياناً و فعلاً و قولاً و امراً و نهياً و اطاعة و خلافاً و محبة و بغضاً و معرفة و جهلا و اذعاناً و جحوداً و انكاراً و مبايعة و نكثاً و امثال ذلك و هي غيره تعدداً و كثرة و افتقاراً اليه و صدوراً منه و رجوعاً اليه و هو غيرها احاطة و وحدة و غناء و امثال ذلك.

فتذكر قوله روحي فداه لا فرق بينك و بينها الا انهم عبادك فمرة اشار اليها بضمير الايات و المقامات و مرة اشار اليهم بضمير من يعقل في

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 159 *»

الاستثناء و جعل الخبر مصرحاً بالعباد المضاف و عباد الرحمن الذين يمشون علي الارض هوناً و اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً الي آخر الايات البينات التي هي الصفات لاولئك الموصوفين الي آخر السورة المباركة و هم عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون ماينطقون عن الهوي ان هو الا وحي يوحي علمهم شديد القوي بوساطة و غيرها قال امير المؤمنين عليه صلوات المصلين انا من محمد كالضوء من الضوء و قال9 علي مني و انا من علي و قال9 حسن مني و انا من حسن و قال9 حسين مني و انا من حسين و قال9 فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني صلوات اللّه عليهم فاولئك الذين انعم اللّه عليهم من المرضيين عصمهم اللّه من الزلل و آمنهم من الفتن و اذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً و امر من سواهم باطاعتهم فقال اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و قال انما وليكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون. أفمن يهدي الي الحق احق ان‏يتبع امن لايهدّي الا ان‏يهدي فما لكم كيف تحكمون أفحكم الجاهلية يبغون و من احسن من اللّه حكماً لقوم يعلمون و يعقلون. علي مع الحق و الحق مع علي يدور معه حيث ما دار و هو الممسوس في ذات اللّه كما قال في حقه رسول اللّه9 و اثبته له.

بالجملة، فالولاة المضافون من خصائصهم انهم لا فرق بينهم و بينه الا انهم عباده و خلقه كما عرفت ان عرفت.

و ان عرفت ما عرفناك فاعلم ان عبودية اولئك العباد و خلقتهم غير عبودية سائر العباد الذين اتقوا في البلاد و خلقتهم ليس كخلقة سائر الخلق. الاتري اللّه يقول سبحانه خلق الانسان من صلصال كالفخار و خلق الجان من مارج من نار و اماتري قوله تعالي و جعلنا من الماء كل شي‏ء حي

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 160 *»

فبدء الانسان من طين و بدء الجان من النار و بدء كل شي‏ء من الماء و الماء و الطين و النار و اشباهها ليست بأول صادر من اللّه تبارك و تعالي بل هي مخلوقة في مراتبها بمراتب شتي بعد خلق اول ما خلق اللّه كما تلونا عليك في حديث سبق خلقة نور محمد9 و لعلك تري مضمونه موافقاً لما قام عليه ضرورة اهل الاسلام فضلا عن ضرورة اهل الايمان و قد اذن المؤذنون بأعلي صوتهم في اذانهم علي رؤس الاشهاد في المنارات: السلام علي اول ما خلق اللّه فمن انكر ذلك فقد خرج عن دائرة الاسلام فضلا عن خروجه عن دائرة الايمان و قد قامت ضرورتهم بأنهم سلام اللّه عليهم اول ما خلق اللّه تبارك و تعالي و قد وردت منهم سلام اللّه عليهم زيارات و امروا الناس بتلك الخطابات باعتقادات منهم علي مضامينها في الزيارات و هي شهادة ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض كسائر الشهادات التي بها امتازت طائفة الحق عن اهل الباطل في جميع القرون و الاعصار الي عصر ظهور اولئك الاطهار و حضورهم صلوات اللّه عليهم و قد زارهم زوارهم في جميع الاعصار بتلك الخطابات المعتقدات من الحكماء و العلماء و غيرهم من شيعتهم الاخيار فلايقاسون: بالناس في عبوديتهم و خلقتهم و قد وقع الناس في الالتباس بقياسهم الذي قاس اول من قاس الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة و الناس و قد قالوا: نحن لانقاس بالناس فالناس اباً عن جد الي ابي البشر خلقهم من طين و كذا جميع الانبياء و المرسلين و الاوصياء المكرمين: و سائر الخلق اجميعن مما يري و مما لايري في السموات و الارضين بل نفس السموات و الارضين اذ ليس شي‏ء منها الا انها خلقت بمشية اللّه رب العالمين و قدرته التي علت علي الاشياء و وسعت و عمت و شملت و انماامره اذا اراد شيئاً ان‏يقول له كن فيكون.

و اما خلق ذلك الامر المضاف فليس بأمر سابق له كسائر الاشياء

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 161 *»

فخلقه به لا بشي‏ء سواه فهو صادر عنه سبحانه به و سائر الاشياء صادرة به لا بأنفسها فأين الثريا من يد المتناول؟! اين التراب و رب الارباب المحتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه؟! و هم: نوره و شعاع نوره و هو المحتجب و هم حجبه فلذا صارت معرفتهم بالنورانية هي معرفة اللّه عز و جل و معرفة اللّه عز و جل معرفتهم و هم عزته و جلاله و نوره كما قال امير المؤمنين عليه صلوات المصلين يا سلمان و يا جندب ان معرفتي بالنورانية هي معرفة اللّه عز و جل و معرفة اللّه عز و جل معرفتي فمن لم‏يقر بأنهم نور اللّه فهو شاك مرتاب و قد وقف من وراء الباب المبتلي به الناس و ظاهره و ذلك الجناب باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و تلك النورانية هي النازلة من عند اللّه في سورة النور لئلا يعتذر([46]) المعتذرون الموقوفون من وراء الحجاب بأن‏يقولوا الروايات ظني صدورها او تلك المروية موضوعة برأسها فقد صدر الصادر القطعي و الوارد اليقيني و النازل الحتمي و المنزل البتي في آيات بينات هن@من خ‌ل@ ام الكتاب غير متشابهات الا لدي من في قلوبهم زيغ فيجعلون المحكمات متشابهات و المتشابهات محكمات ابتغاء الفتنه و الكفر و ابتغاء تأويلها و مايعلم تأويلها الا اللّه او من علمهم اللّه و هم الراسخون في علم اللّه و تلك الايات المحكمات و البينات المتقنات قوله تبارك و تعالي اللّه نور السموات و الارض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضي‏ء و لو لم‏تمسسه نار نور علي نور يهدي اللّه لنوره من يشاء و يضرب اللّه الامثال للناس و اللّه بكل شي‏ء عليم في بيوت اذن اللّه ان‏ترفع و يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الاصال رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه و اقام الصلوة و ايتاء الزكوة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب و الابصار ليجزيهم اللّه احسن

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 162 *»

ما عملوا و يزيدهم من فضله و اللّه يرزق من يشاء بغير حساب.

فهب ان الروايات ظنية الصدور او المروية موضوعة فما تلك الايات الباهرات القطعيات صدوراً و نزولاً فهل يقدر من ادعي الاسلام علي انكار ذلك و هل يسع له ان‏يقول انها نزلت من غير مصداق لها فمن المصاديق و من المشكوة و من المصباح و من الزجاجة و من البيوت المأذونة من عند اللّه ان‏ترفع و من الذاكرون فيها بالغدو و الاصال و من الرجال الذين لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه و اقام الصلوة و ايتاء الزكوة فهل يقدر احد من منتحلي الاسلام ان‏يقول انها لا مصاديق لها فان كان لها مصاديق بالقطع و اليقين فهل المصاديق هم الجاهلون من اهل الاسلام الذين لايعرفون رباً و لايعلمون ذكره ام الفاسقون الفاجرون الطالبون لحطام الدنيا الراغبون عن الاخرة المغترون بالرياسة المغرورون بالسياسة كالسلاطين في البلاد و الحاكمين بين العباد بالقهر و الغلبة في جميع القرون و الاعصار تلهيهم همومهم في مهامهم عن ذكر اللّه و اقام الصلوة و ايتاء الزكوة و لايخافون سوء الحساب فهم العباد المكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لايشفعون الا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون؟ و هم الشافعون المشفعون لمن ارتضي؟ و لايدعي في الاسلام احد هذا المقام و لايدعي لاحد ذلك المرام الا لاولي امر اللّه تبارك و تعالي الذين امر اللّه من سواهم باطاعتهم بقوله يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و هم الائمة الاثناعشر عدد الشهور في الحول و البروج في الدور يوم خلق السموات و الارض صلوات اللّه عليهم الذين لهم خلق السموات و الارض و شهورها و بروجها اذ لولاهم لماخلقت الافلاك و الارضون و ما فيها. بالجملة، لا فرق بينهم و بينه جل جلاله و عم نواله و هم جلاله و نواله الا انهم عباده.

ثم اعلم و لاتكن من الغافلين انه فرق فارق بين لائح بين اولئك

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 163 *»

الذين لا فرق بينهم و بين ربهم جل جلاله و بين سائر الخلق اجمعين اذ سائر الخلق لايملكون انفسهم و لايملكون لانفسهم نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً و لا شيئاً فهم العاجزون و هو القادر و هم الفقراء و هو الغني و هم الجاهلون و هو العالم و هم الناقصون و هو الكامل و هكذا و هو المستجمع للصفات الكمالية و الاسماء الحسني و الامثال العليا فكل ما يجب له جل شأنه([47]) يمتنع في خلقه كائناً ما كان من الصفات الكمالية و كل ما يمكن في الخلق كائناً ما كان يمتنع فيه جل شأنه و كل ما يمكن لهم و فيهم فهو من عالم الامكان و من عالم الخلق خلق من الماء بشراً و البشر خلق و الماء خلق خلق الانسان من صلصال و الانسان مخلوق مصنوع و الصلصال مخلوق مصنوع و ان كان سابقاً و الانسان مسبوق فالسوابق منها كاللواحق و الابوان كالابناء و الاصول كالفروع و المبادي كالمنتهيات و البسائط كالمركبات و الفواعل كالمفعولات و الذوات كالصفات و المطلقات كالمقيدات و المؤثرات كالاثار و هكذا كل مايسمي باسم الشي‏ء فهو شي‏ء لانه مشاء فاللّه سبحانه خالق كل شي‏ء و كنهه تفريق بينه و بين خلقه و ليس بينهما ما يشاركان فيه فالحد المشترك مرتفع بينه و بين خلقه حق و خلق لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما و الحق ليس بخلق من جميع الوجوه و الامتيازات و الخلق ليس بحق من جميع الحيوث و الاعتبارات كيف لا و الحق غني عن خلقه بكل اعتبار و الخلق فقير محتاج الي خالق خلقه بكل اعتبار كل ما يمكن في الخلق يمتنع في الخالق كائناً ما كان و كل ما يجب له من الصفات يمتنع في الخلق كائناً ما كان فهو سبحانه هو العالم القادر السميع البصير الخبير الحكيم الحليم([48]) و هكذا الي آخر صفاته و اسمائه و انواره و العلم ذاته و لا معلوم و القدرة ذاته و لا مقدور و السمع ذاته و لا مسموع و البصر ذاته و لا مبصر

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 164 *»

و هكذا هو هو بجميع صفاته الكمالية من القدسية و الاضافية و الفعلية و هي ليست بعارضة له و لا بزائدة علي ذاته سبحانه و كمال توحيده تقديسه و تنزيهه و كمال تنزيهه نفي الصفات عنه لانها صادرة عنه مقترنة بموصوفاتها و هو غير مقترن بما هو صادر منه بل تجلي لكل واحد من صفاته به و به امتنع منه فلايقترن به فليس شي‏ء منها زائداً عليه فهو الموصوف بها في مقامها بها و هي المنفيات عنه في ذاته تعالي و اما الاشياء فهي المفتقرة المحتاجة اليه سبحانه فهي المعلومات له سبحانه فهي في كونها معلومات له مفتقرة الي علمه سبحانه بها و علمه سبحانه غير مفتقر الي كونها معلومات فهو عالم بها قبل كونها كما هو عالم بها حين كونها كما هو عالم بها بعد كونها لانقص في علمه بها قبل كونها و لايزيد في علمه بها حين كونها و لاينقص في علمه بها بعد كونها فعلمه بها قبل كونها كعلمه بها حين كونها و علمه بها قبل كونها و حين كونها كعلمه بها بعد كونها لايقبل علمه الزيادة و النقصان و هي مفتقرة الي علمه الذي هو ذاته و لا معلوم بأنها معلومات قبل كونها و حين كونها و بعد كونها فلو فرض بالفرض المحال الذي يمتنع وجوده في المجال كونها بغير علم منه سبحانه لامتنع كونها معلومات فهي بكل اعتبار مفتقرة الي علمه في جميع مراتبها و علمه سبحانه غير مفتقر الي اعتبار من اذكارها في مراتبها بوجه من الوجوه فهو اذاً عالم و لا معلوم.

فان عرفت ما عرفنا و بينا مما عرفنا اللّه اياه فأنت انت و الا فتكون من اهل السراب و تري ما تري بعيداً عن القرب([49]) و تدعي المشاهدة من غير ريبة و ليس السراب الا سراباً و قد قنعت بشي‏ء بل بلا شي‏ء لايسمن و لايغني من جوع الجهل و ظماء المهل لا شراب لك الا المهل فعليك بما تلونا عليك من الذكر الحكيم من لدن عليم حكيم و كذا كان قديراً و القدرة ذاته و لا مقدور و المقدور هو المخلوق سواء كان مقدوراً في الامكان غير مخلوق

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 165 *»

في الاعيان فيسمي مقدوراً غير مخلوق او كان موجوداً في الاعيان فيسمي مخلوقاً بعد كونه مقدوراً او مقدراً فهو سبحانه غير محتاج الي خلقه في كونه قديراً و قدرته غير مفتقرة الي شي‏ء من الموجودات المقدرة او المعينة في كونها قدرة صادرة منه سبحانه بها لا بذاته سبحانه و لا زائدة علي ذاته سبحانه و الاشياء كلها من الحيوث و الاعتبارات من مباديها الي منتهياتها مفتقرة الي قدرته تعالي و ليس حقائقها الا باحداثه تعالي لها و احداثه ايجاده لها بقدرته و مشيته و احدث الاحداث بنفس الاحداث ثم احدث الاشياء بالاحداث كما روي خلق اللّه المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية و هكذا حال جميع صفاته الكمالية فهي صادرة منه بأنفسها غير زائدة علي ذاته سبحانه غير مفتقرة الي شي‏ء من متعلقاتها بالفتح و هي مفتقرة الي متعلقاتها بالكسر فهو سبحانه موصوف بصفاته الكمالية في مراتبها و هو المسمي بأسمائه الحسني في مواقعها تجلي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمه لا فرق بينه و بينها الا انها عباده و ظهوره فتقها و رتقها بيده بدؤها منه و عودها اليه و هو هي ظهوراً و وجوداً و عياناً و شهوداً و هي هو كذلك و هو غيرها ذاتاً و وحدة و احاطة و جمعاً و غني و هي غيرها صفة و ظهوراً و نوراً و تعدداً و كثرة و احتياجاً فهو العالم القادر الظاهر الباطن الاول الاخر و هكذا هو الموصوف المسمي بجميع اسمائه الحسني و امثاله العليا و بينونتها منه تعالي بينونة صفة لا بينونة عزلة و قد روي عن الصادقين: نحن واللّه الاسماء الحسني التي امر اللّه ان‏تدعوه بها و روي عنهم: لنا مع اللّه حالات هو فيها نحن و نحن فيها هو و هو هو و نحن نحن و هو معني قول اميرالمؤمنين عليه و آله صلوات المصلين ان معرفتي بالنورانية هي معرفة اللّه عز و جل و معرفة اللّه عز و جل معرفتي و هو معني ما ورد في الجامعة الصغيرة المتفق علي صحتها صدوراً السلام علي الذين من عرفهم فقد عرف اللّه و من جهلهم فقد جهل اللّه و هو معني ما

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 166 *»

ورد في الجامعة الكبيرة و سائر الزيارات التي لا نكير لها من بين العلماء الابرار و الحكماء الاخيار من الفرقة المحقة الاثني‏عشرية من اراد اللّه بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم و هو معني ما روي عنهم: بناعرف اللّه و لولانا ماعرف اللّه و هو كما عرفت زيداً([50]) بصفاته من القائم و القاعد و الراكع و الساجد و امثالها و لولاها بأسرها ماعرف زيد فابتغوا اليه الوسيلة و الوسائل هم الايات التي اخبر عنها في كتابه بقوله سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لم‏يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شي‏ء محيط. فلا فرق بينه و بين آياته الا انها آياته فهو معروف بآياته دليله آياته و وجوده اثباته فدليل زيد صفاته و لولاها لم‏يعرف زيد و وجوده اثباته لصفاته و اثبت صفاته بها و لولا وجوده لم‏تكن الصفات موجودة مثبتة فتذكر الذكري فانها تنفع المؤمنين فلاتك في مرية من لقاء ربك بعد اثباته الايات لك حتي يتبين لك انه الحق فلو كان بينه و بينها فرق الا ما استثني هو بنفسه لكان المرتابون غالبين علي رب العالمين باقامة الحجة عليه بأنه فرق بينك و بين آياتك فكيف يتبين لنا انك انت المثبت لنا بأنك انت الحق و هو غالب علي امره غير مغلوب بمخاصمة احد من خلقه قل فلله الحجة البالغة الي جميع المكلفين الواضحة لهم باثبات الايات و اقامة الحجج: مقامه في الاداء و اقعاد الخلفاء: في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

ثم اعلم علمك اللّه و لاتكن من الغافلين انه سبحانه لايوصف بصفات احد من خلقه ليس كمثله شي‏ء فلايوصف بجوهر و لا بعرض و لا بمجرد و لا مادي و لا بغياب و لا حضور و لا بمادة و لا بصورة و لا بكم و لا بكيف

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 167 *»

و لا بغيب و لا بشهادة و هكذا الي ما لا نهاية لها من خلقه فليس بجسم و لا جسماني و لا بجسد و جسداني و ليس بنبات و لا نباتي و لا بحياة و لا حيواني و لا بخيال و خيالي و لا بطبع و طبعاني و لا بنفس و نفساني و لا بانسان و انساني و لا بروح و روحاني و لا بعقل و عقلاني و لا بفؤاد و لا فؤادي و لا بشي‏ء من مخلوقاته فمن وصفه بشي‏ء من مخلوقاته فقد الحد في آياته و صفاته و اسمائه و للّه الاسماء الحسني فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون. أفمن يخلق كمن لايخلق أفلاتذكرون. و الذين يدعون من دون اللّه لايخلقون شيئاً و هم يخلقون اموات غير احياء و مايشعرون ايان يبعثون. قد مكر الذين من قبلهم فأتي اللّه بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم و اتاهم العذاب من حيث لايشعرون. ثم يوم القيامة يخزيهم و يقول اين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين اوتوا العلم ان الخزي اليوم و السوء علي الكافرين. و لقد بعثنا في كل امة رسولاً ان اعبدوا اللّه و اجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدي اللّه و منهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين. و قال اللّه لاتتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد فاياي فارهبون. و له ما في السموات و الارض و له الدين واصباً أفغير اللّه تتقون. اللّه الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شي‏ء سبحانه و تعالي عما يشركون. أيشركون ما لايخلق شيئاً و هم يخلقون. فتذكر و لاتكن بعد الذكري مع القوم الذين لايؤمنون.

فاعلم ان معرفة اللّه و التفريق بينه و بين الخلق اجمعين من اسهل الامور و ابده البديهيات أفي اللّه شك فاطر السموات و لكن الشيطان لما ابي امر اللّه و استكبر فاخرج و صار من الصاغرين قال انظرني الي يوم يبعثون فأمهله اللّه و قال انك من المنظرين قال الشيطان فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم و من خلفهم و عن

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 168 *»

ايمانهم و عن شمائلهم و لاتجد اكثرهم شاكرين قال اللّه اخرج منها مذؤماً مدحوراً لمن تبعك منهم لاملأن جهنم منكم اجمعين فتذكر القرآن و آياته و تذكر انه9 جاء بالكتاب ليعلمهم الكتاب و الحكمة و الحكمة هي العلم بحقائق الاشياء علي ما وضعها اللّه فتذكر ان ادلته ادلة عقلية و ان عدها الغافلون نقلية و عدوا المزخرفات الصادرة علي السنة اولياء الشيطان عقلية و كذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الانس و الجن يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غروراً و لو شاء ربك مافعلوه فذرهم و ما يفترون و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون. أفغير اللّه ابتغي حكماً و هو الذي انزل الكتاب مفصلا و الذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلاتكونن من الممترين. و تمت كلمة ربك صدقاً و عدلاً لا مبدل لكلماته و هو السميع العليم و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل اللّه ان يتبعون الا الظن و ان هم الا يخرصون فاستعمل العقل المستنير في كلمات الخبير و لاينبئك مثل خبير و تذكر تباين تلك الايات مع كلمات من زعم انه كل الاشياء فمرة حمل الاشياء عليه و مرة حمله علي الاشياء و مرة مثله بالماء و الخلق بالجمد او بالبحر و الخلق بالامواج او بالمداد و الخلق بالحروف و امثال ذلك و العجب منهم انهم عدوا انفسهم من العقلاء العرفاء و العلماء الذين عاينوا حقائق الاشياء مع هذه المزخرفات الا انهم هم السفهاء و لكن لايشعرون و هم كالظمآن يتراءي لهم السراب و سموه ماء و ادعوا معاينة الماء و دخلوا عليه من كل باب غافلين بأن المحتاج باب المحتاج و جميع الخلق محتاجون الي خالق يخلقهم و هم بأنفسهم غير موجودين الا بعد ايجاده لهم و هم بعد الايجاد موجودون مخلوقون محتاجون و امتنع ان‏يكون واحد منهم خالق من سواه و الخالق جل شأنه خالق ماسواه و ليس بشي‏ء مماسواه لايحمل علي شي‏ء منها و لايحمل عليه شي‏ء منها فهو سبحانه ليس بجوهر و لا عرض

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 169 *»

و لا مجرد ولا مادي و لا بامكان و لا بكون و لا بعين و لا بمادة و لا بصورة و لا كماء و لا كثلج و لا كبحر و لا كموج اذ الجوهر يتولد منه العرض و الامكان يولد الكون و العين و المادة والدة للصورة و الجمد ولد الماء و الموج ولد البحر و هو سبحانه ليس بوالد و لا ولد ليس كمثله شي‏ء احد صمد لم‏يلد و لم‏يولد و لم‏يكن له كفواً احد فالخلق كلهم مباديهم و منتهياتهم مخلوق مصنوع لايصدق عليهم الخالق الصانع جل جلاله بنظر من الانظار و حيث من الحيوث و اعتبار من الاعتبارات و لو بكشف السبحات و محو الموهومات و قد ضل في ذلك البحر سوابح لاتحصي فزعموا انه يمكن الوصول الي المأمول بكشف السبحات عن اي شي‏ء اريد و هم غافلون عن ان كشف السبحة عن قيام زيد وصلة الي زيد و هو مخلوق مثل قيامه و كشف السبحة عن زيد وصلة الي الانسان و هو مخلوق مثل زيد و هكذا لو كشف عن الانسان السبحة وصل الي مادة صالحة للانسان و غيره و هكذا لو كشف عن المادة وصل الي الامكان الصرف و مادة المواد و هو ايضاً كسائر المتولدات المتنزلات منه مخلوق من المخلوقات و ليس بخالق البريات جل جلاله و لكنه جل جلاله هو الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسني و الامثال العليا تجلي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمها فان كنت من اهل الديار تري الديار و لولا خوف من فرعون و ملئه لارخيت العنان لاهل العيان فلنقبض العنان مادام للحيطان آذان.

فتلك الاسماء الحسني و الامثال العليا و ان تعددت لكنها اركان التوحيد و انوار التفريد بدؤها من اللّه و عودها اليه لا فرق بينها و بينه الا انها عباده و خلقه و قد اشرنا الي التفريق بين عبودية اسمائه و عبودية سائر المخلوقات التي خلقت بتلك الاسماء و بين حدوثها و حدوث سائر المحدثات و اين الثريا من يد المتناول و اين التراب و رب الارباب؟! الاتري انه روي خلق اللّه المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية؟ الاتري ان جميع

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 170 *»

المعلومات علمت بعلمه سبحانه و هو لم‏يزل و لايزال عالم([51]) اذ لا معلوم و جميع المقدورات حدثت بقدرته و هو لم‏يزل و لايزال قادر([52]) اذ لا مقدور و قدرته فعله و هو صادر منه ليس بزائد عليه لانه اوجده به لا بذاته بدؤه منه به و عوده اليه به لا الي ذاته و كذلك اللّه سبحانه سميع اذ لا مسموع و بصير اذ لا مبصر و لم‏يزل و لايزال سميعاً بصيراً و هما غير زائدين علي ذاته سبحانه بدؤهما منه و عودهما اليه و كذلك جميع اسمائه و صفاته التي اولها واحد مكنون مخزون عنده كما قال و ما امرنا الا واحدة و بعد ذلك ثلثة و بعدها اثناعشر و بعدها اربعة عشر و بعدها خمسة عشر و بعدها ثمانية و عشرون او ثلثون و بعدها ثلث‏مائة و ستون كما مر في حديث حدوث الاسماء فهي كلها صادرة منه تعالي بدؤها منه و عودها اليه و لم‏يزل و لايزال مسمي بجميعها غير زائدة و لا عارضة علي ذاته سبحانه تجلي لها بها و بها يمتنع منها و هو المحتجب و هي حجبه و هو الظاهر و هي ظهوره و هو المنير و هي انواره و الظاهر في الظهور اظهر من الظهور و المنير في النور انور من النور أولم‏يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد ألم‏تر الي زيد كيف ظهر في قيامه و قعوده فهل تري غير زيد فيهما فهو القائم القاعد وحده لا شريك له و هما اثنان بداهة و هو واحد بداهة و هو هما وجوداً و عياناً و هما غيره صفة و عدداً و هما اسمان له و هو المسمي وحده و ليسا بوكيلين و لا وزيرين و لا معينين و لا عارضين و لا زائدين علي زيد و هو وحده المسمي بهذين الاسمين و هو وحده الموصوف بهاتين الصفتين و لم‏يصر و لايصير زيد اثنين فهو الواحد و لو عرضا عليه لصار اثنين فتجلي لهما بهما من غير حلول و لا اتحاد و لا تغاير و لا عروض بل هما اسمان صادران بدؤهما منه و عودهما اليه و لولا زيد لم‏يكن قائم و لا قاعد فتفكر فيما

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 171 *»

اشرنا بل صرحنا فقد اسقيتك ماء غدقاً ان كنت ممن سبقت له من اللّه الحسني و اسماؤه هي الحسني من عين صافية جارية من عند اللّه و ما عند اللّه خير و ابقي للذين ارادوه غير آنية و لا فانية طهور تزيل الشك و الشرك و النفاق و الكفر و الفجور و العصيان عن شاربها لذة للشاربين لا ظماء بعد الشرب منها ابداً ابداً و هو الماء الجاري من بداهة العقول المستنيرة و الكتاب المستجمع علي تأويله و السنة الجامعة غير المتفرقة و الايات الافاقية و الانفسية قد تشعب من كل واحد منها ادلة الحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي احسن فمن شاء فليؤمن([53]) و من شاء فليكفر ان حسابهم الا علي ربي و هو اسرع الحاسبين و احكم الحاكمين.

بالجملة فقد ظهر المراد الي يوم التناد لمن نظر و ابصر لا لمن ادبر و استكبر و قال ان هذا الا سحر يؤثر انه لا فرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك.

اما قوله عجل اللّه فرجه و سهل مخرجه روحي فداه عليه و علي آبائه الكرام السلام:

فتقها و رقتها بيدك.

فالرتق هو الالتيام و الفتق هو الشق([54]) و المراد ان لهم: مقام الوحدة و مقام الكثرة و مقام الاجمال و مقام التفصيل و مقام الغيب و مقام الشهادة و مقام السماء و مقام الارض و مقام الروح و مقام البدن و امثال ذلك ففي مقام الوحدة اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض قال تعالي و ما امرنا الا واحدة و قد روي عنهم صلوات اللّه عليهم اولنا محمد آخرنا محمد كلنا محمد9 ففي ذلک المقام هم الاسم المكنون المخزون عند اللّه سبحانه لايجاوزه

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 172 *»

بر و لا فاجر و هو الجزء المكنون المخزون من الاسم الذي بالحروف غير مصوت كما مرت الاشارة لاهل البشارة و في مقام التفصيل فمنهم محمد و منهم علي و منهم فاطمة و منهم الحسن و منهم الحسين و منهم علي و منهم محمد و منهم جعفر و منهم موسي و منهم علي و منهم محمد و منهم علي و منهم الحسن و منهم محمد صلوات اللّه و صلوات ملائکته و انبيائه و رسله و جميع خلقه عليهم ذرية بعضها من بعض و اللّه سميع عليم بهم صلوات اللّه عليهم فوحدتهم و كثرتهم و اجمالهم و تفصيلهم: بيده سبحانه اي بقدرته و هي صادرة منه عائدة اليه كما ان فعل كل فاعل صادر منه عائد اليه و لكنها مجعولة بنفسها كما اشرنا اليه مراراً فمقام وحدتهم: صادر منه اولا رتبة و مقام تفصيلهم صادر منه ثانياً رتبة و كلاهما صادران منه بهما عائدان اليه بهما تجلي لهما بهما و امتنع عنهما بهما و اليهما حاكمهما فهذا احد المعاني المرادة من قوله7 فتقها و رتقها بيدك.

و المعني الثاني انهم هم الراتقون الفاتقون في جميع الممالك للّه رب العالمين كما تزورهم و تخاطبهم: به في خطابك بكم فتح اللّه و بكم يختم و بكم تحركت المتحركات و سكنت السواكن اذ هم: قدرته الصادرة منه سبحانه التي اقسمت عليه في الدعوات بها بقولك اللهم اني اسألك من قدرتك بالقدرة التي استطلت بها علي كل شي‏ء اللهم اني اسألك بقدرتك كلها فلما استطال سبحانه بها علي كل شي‏ء و هي انفسهم الصادرة منه سبحانه و هم اول الصادرات منه سبحانه و اول الاسباب في احداث المسببات صار فتقهم و فتحهم و تحريكهم و رتقهم و ختمهم و تسكينهم بيد اللّه سبحانه و هم بأنفسهم يد اللّه في الفتق و الرتق في العالمين عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون و هم بأنفسهم النفيسة امره و ليس للّه سبحانه امر قبلهم لايسبقهم سابق و لايفوقهم فائق و لايلحقهم

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 173 *»

لاحق فصار فتقهم فتق اللّه و رتقهم رتق اللّه و لا حول و لا قوة الا باللّه تبارك و تعالي و هم حوله و قوته صلوات اللّه عليهم فلاجل ذلك صارت الاطاعة لهم هي الاطاعة للّه رب العالمين كما صرح بقوله من يطع الرسول فقد اطاع اللّه و امر علي الاطلاق بقوله ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و قد اتي9 بقوله تعالي يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم فصارت الاطاعة لهم: عين اطاعة اللّه لا انها مثل اطاعة اللّه و شبهها فلذا اتي بلفظة قد في الماضي لتحقيق الحقيقة دون المجاز فلاجل ان فتقهم و رتقهم بقدرته سبحانه صار امرهم امر اللّه و نهيهم نهي اللّه و اطاعتهم اطاعة اللّه و مخالفتهم مخالفة اللّه و قولهم قول اللّه و فعلهم فعل اللّه و حكمهم حكم اللّه و معرفتهم معرفة اللّه و انكارهم انكار اللّه و العلم بهم العلم باللّه و الجهل بهم الجهل باللّه و الاقرار بفضائلهم هو الاقرار بصفات اللّه و الانكار لفضائلهم هو الانكار لصفات اللّه لانهم بأنفسهم في حقائقهم صفات اللّه العليا و هم في حقائقهم: اسماؤه الحسني و ليس لهم شي‏ء ليس من اللّه و من نور اللّه و هم بأنفسهم نور اللّه كما قال امير المؤمنين صلوات اللّه عليه ان معرفتي بالنورانية هي معرفة اللّه عز و جل و معرفة اللّه عز و جل معرفتي و كما قال اللّه عز و جل اللّه نور السموات و الارض الي قوله رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه فاولئك الرجال الذين عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون اذ لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه و تسبيحه و عبادته و لايعتري عليهم تعب و لا فتور و لا اعياء و لا استكبار و لا شي‏ء غير ذلك عن ذكر اللّه و عبادته و هم المعصومون بعصمة اللّه في جميع حالاتهم في آناء الليل و اطراف النهار عن معصية اللّه و مخالفته لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون فماينطقون عن الهوي و ماضلوا في سوابق اعمارهم و ما

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 174 *»

هووا([55]) و ماضعفوا و مااستكانوا في شي‏ء مما امرهم اللّه سبحانه فكان فتقهم و رتقهم بيده سبحانه و قدرته و تلك القدرة هي الروح المنفوخة في ابدانهم و هي الروح من امر اللّه سبحانه بل هي روح اللّه كما قال اللّه و لقد اوحينا اليك روحاً من امرنا و قال فاذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين و هم مؤيدون بها صادرون عن امرها و هي بنفسها امر اللّه و هو الروح القدس اعظم من جميع الارواح و الملائكة الروحانيين و هو لايسهو و لايلهو و لاينام و لايغفل و هم مملوؤن به فبه يتحركون و به يسكنون و به يقولون و به يأمرون و ينهون و به يعلمون و يعملون كما ان زيداً يتحرك بروحه و يسكن و يقول و يأمر و ينهي و يعلم و يعمل به و الفرق بينهم و بين ماسواهم ان ارواح ماسواهم ليست بروح اللّه بخلافهم سلام اللّه عليهم فان ارواحهم من روح اللّه فصار كل ما ينسب اليهم منسوباً الي اللّه فصار فتقهم و رتقهم بيده و قدرته.

هذه كلها في مقام البشرية الظاهرة و ان كانوا في بواطن امرهم هم اعلي مقاماً من الروح القدس كيف لا و قد قال العسكري7 ان روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة و ان الكليم لما عهدنا منه الوفاء البسناه حلة الاصطفاء ففي ذلك المقام كانوا: و لم‏يكن ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا شي‏ء سواهم صلوات اللّه عليهم كما مر تفصيلها في حديث تفصيل خلقتهم ففي ذلك المقام بدؤهم من اللّه و عودهم اليه لم‏يسبقهم سابق و لم‏يلحقهم لاحق و لايوجد فائق سابق حقيقي سواهم صلوات اللّه عليهم و هم مقام التفريد و اركان التوحيد و معاني التعريف و مظاهر التوصيف و ظواهر اللطيف الخبير.

ثم اعلم و تذكر انه7 وصف الولاة بما وصف من حيث صدورهم من اللّه سبحانه فالصفات المذكورة الي هنا نسبتهم: الي اللّه سبحانه و اما نسبهم الي الخلق فنسب اخري ينبغي بيانها بعد نسبتهم

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 175 *»

الي الخالق جل ذكره فشرع7 في بيان نسبهم الي الخلق فقال7:

اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و رواد.

اي الولاة الموصوفون بالصفات المذكورة الي هنا هم اعضاد للخلق و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و رواد لهم و هي اخبار عن المبتدأ المحذوف المعلوم مما سبق و قد غير التوصيف بالاخبار للتفريق بين النسبتين و التنبيه للنبيه فان الذكري تنفع المؤمنين فالاعضاد جمع عضد و هو المعين و العون لمن استعان به و الاشهاد جمع شهود و هو جمع شاهد او هو جمع شاهد كأصحاب و صاحب و هو الحاضر و المناة جمع ماني كرماة و رامي و دعاة و داعي و هو من مناه اللّه يمنيه كرمي يرمي اي قدره و اختبره و ابتلاه او من مناه يمنوه كدعا يدعو اي ابتلاه و اختبره و الاذواد جمع ذائد كأصحاب و صاحب و هو الحامي و الذاب عن الحمي و عما ينبغي ان‏يحامي و الحفظة جمع حافظ كقتلة و قاتل و الرواد جمع رائد كزوار و زائر و هو الخبير المطلع بمواضع الكلام و المواقع المناسبة لرعي الانعام المأمونة عن الذئاب و السباع كثيرة العشب و المياه معتدلة الهواء.

فاذا علمت ذلك فاعلم انهم سلام اللّه عليهم انصار دين اللّه تبارك و تعالي و وضع اللّه دينه للخلق لنجاتهم و المنع عن هلاكهم فوضعه لجلب منافعهم و دفع مضارهم في الدنيا و الاخرة و هم: مبلغوه و ناشروه و لولاهم لم‏يبق لدينه اثر و لا من رسمه خبر فهم العالمون بكل مكلف و احكامه في جميع احواله و هم القادرون علي التبليغ و الايصال في جميع الاحوال في جميع المواطن في الدنيا و الاخرة في سمائهما و ارضهما([56]) للاعانة علي الخلق في نجاتهم و الاستعانة من كل واحد واحد من الخلق منهم: في جميع الامكنة و الاوقات و لا غياث لهم سواهم في

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 176 *»

الدنيا و الاخرة و لا ملجأ و لا منجا لهم الا اليهم صلوات اللّه عليهم و لهم اذن واعية لنداء من استعان منهم ليعينوه و عيون ناظرة الي من انتصر منهم لينصروه و هم بأنفسهم اذن اللّه و عينه سبحانه كما قالوا ان لنا مع كل ولي اذناً سامعة و عيناً ناظرة و لساناً ناطقاً و ذلك باطن قوله تعالي انني معكما اسمع و اري حين قال موسي و هارون انا نخاف ان‏يفرط علينا او ان‏يطغي فأعانوهما بحضرة فرعون فلم‏يقدر علي الافراط و الطغيان عليهما حين ظهر له امير المؤمنين برمح من ذهب لوقعه لديه علي هيأة مهيبة و قد خر من سريره صعقاً فماامسك نفسه و ذلك معني قوله تعالي و لقد اريناه آياتنا كلها و هو7 كل آياته و اعظمها كما قال7 اي نبأ للّه اعظم مني و اية آية للّه اكبر مني.

بالجملة، فهم: خلفاء اللّه تعالي في اداء ما اراد اجراءه فيهم و رسول اللّه9 رئيسهم و قد قال امير المؤمنين7 في وصفه اقامه مقامه في سائر عوالمه في الاداء و قد صرح بذلك قوله تعالي تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً و العالمون جمع محلي([57]) يفيد العموم لماسوي اللّه و خلفاؤه9 هم الائمة: كما ورد في تفسير قوله تعالي انما انت منذر و لكل قوم هاد قال9 انا المنذر و علي الهادي و ذلك احد معاني قوله تعالي انما وليكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا لذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون والولي هو المعين للمستعين و العضد له و المولي عليهم جميع ماسواهم: فهم الممدون لعبيدهم و امائهم فيما يحتاجون اليه و ذلك غير ممكن ممن([58]) جهل بجميع المستمدين او غفل عنهم او عجز عن الامداد لهم فهم: عالمون قادرون شاهدون من عند اللّه

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 177 *»

و جميع الخلق بمرأي و مسمع منهم صلوات اللّه علهيم و هم شاهدون حاضرون في كل وقت و مكان فلاجل ذلك قال7 اعضاد و اشهاد اي الخلق بمشهد و مرأي و مسمع منهم: كما ورد في زيارة امير المؤمنين عليه صلوات المصلين السلام علي صاحب المرأي و المسمع و قد صرح بذلك قوله تعالي و كذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس و يكون الرسول عليكم شهيداً و قوله تعالي انا لننصر رسلنا و الذين آمنوا في الحيوة الدنيا و يوم يقوم الاشهاد و قوله تعالي و من اظلم ممن افتري علي اللّه كذباً اولئك يعرضون علي ربهم و يقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا علي ربهم الا لعنة اللّه علي الظالمين فالامة الوسط هم الخلفاء المعصومون: الذين هم شاهدون علي من سواهم من الناس و الشهيد فعيل بمعني فاعل فهم: شهداء علي الناس و الرسول9 عليهم: شهيد فاولئك الاشهاد الحاضرون في جميع الاوقات و الامكنة لا تعطيل لهم في كل مكان يعرفه بهم من عرفه كما مر البحث فيه و المشهود عليهم جميع الخلق و هم بمرأي و مسمع عنهم: و هم قد شاهدوا ما فعله كل فاعل من الخير و الشر بل شاهدوا ما في ضمائرهم و ما تخفي صدورهم بل شاهدوا ما في سرائرهم و امكاناتهم الكامنة فيهم و هم بأنفسهم جاهلون بها حتي امتحنوها و ابرزوها: و تلك سنة اللّه التي لن‏تجد لها تبديلا كما قال تبارك و تعالي الم. أحسب الناس ان‏يتركوا ان‏يقولوا آمنا و هم لايفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن اللّه الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين.

فاولئك الاشهاد لما كان الخلق بمرأي و مسمع منهم فهم المناة المختبرون الممتحنون بالكسر و عليهم احقاق الحق بالتقرير و التسديد و التأييد و عليهم ابطال الباطل باظهار ما في قلوبهم و ابراز ما في صدورهم من الاعراض و الامراض الزيغ@و الزيغ خ‌ل@ و الميل الي الباطل علي رؤس اشهاد المكلفين

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 178 *»

لاتمام الحجة و ابلاغ المحجة اذ عليهم التبليغ و البيان للمكلفين في جميع الازمان قال تعالي ان علينا جمعه و قرآنه ثم ان علينا بيانه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه قل فلله الحجة البالغة فتصديق الصادقين في الايمان عليهم: بتقريرهم و تسديدهم و تأييدهم و تكذيب المدعين و تفضيحهم لدي المكلفين ايضاً عليهم: لاطلاعهم بما في صدور الفريقين فريق في الجنة و فريق في السعير و قدرتهم: علي اظهار كذب المدعين و تفضيحهم لدي المكلفين و ان كرهوا و جهدوا في كتمان ما في صدورهم فمكروا و مكر اللّه و اللّه خير الماكرين فانظر كيف كان عاقبة مكرهم الي التدمير و التفضيح بما كانوا يكسبون و هذا هو المعني الحقيق للاختبار و الامتحان في كل مكان و زمان و ذلك علي اللّه سبحانه و تعالي في جميع الاوان فوجود الحجة7 و بقاؤه بين ظهراني العباد في البلاد الي يوم التناد لاجل ذلك فبقية اللّه خير لكم ان كنتم مؤمنين و لولا ذلك لساخت الارض بأهلها للزوم العبث في ايجادهم فعليه7([59]) الابلاغ و الايصال الي المؤمنين و الذب و المنع عنهم ايدي الظالمين كما قال روحي فداه و عليه و علي آبائه الكرام آلاف التحية و الثناء و السلام في التوقيع الرفيع الي المفيد و الي كل مستفيد منه من شيعته انا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم و لولا ذلك لاصطلمتكم اللاواء و احاطت بكم الاعداء فهم الاذواد الذابون عن الحمي حمي شيعتهم في الظاهر و الباطن شر الاشرار و كيد الفجار و مكر المكرة من شياطين الجن و الانس حيث جعلوا لكل نبي لاغواء من كان من جنسهم ليميز اللّه الخبيث من الطيب و يجعل الخبيث بعضه علي بعض فيركمه جميعاً و يجعله في جهنم و هذه السنة سنة اللّه التي قد خلت من قبل و لن‏تجد لسنة اللّه تبديلا حيث قال و جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الجن و الانس يوحي بعضهم الي بعض زخرف

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 179 *»

 القول غروراً فلهم: جنود مجندة ساكنون في الثغور لرفع الزخرف من القول غروراً و لدفع تلك الشياطين عن حمي المؤمنين و امرهم بالسير فيهم ليالي و اياماً آمنين من الشك و الشبهة و الظن و التخمين في جميع القرون و السنين فمن لم‏يعرفهم و لم‏يتمسك بذيل دليلهم و لم‏يسكن في ظل ظليلهم فاولئك علي شفا جرف هار فانهار بهم في نار جهنم قالوا: شيعتنا المرابطون في الثغر الذين يلي ابليس و عفاريته و قالوا: ان لنا في كل خلف عدولا ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين ففي كل خلف شياطين الانس و الجن محرفون غالون منتحلون بالدين في البسة اهله مأولون جاهلون في الواقع ظاهرون بلباس اهل العلم للتلبيس و هم مزابل ابليس باض و فرخ في صدورهم و دب و درج في جحورهم فنظر بأعينهم و نطق بألسنتهم فلابد لحفظ الثغور عن تلك الشرور عن([60]) شيعتهم المرابطين و لولا ذلك لالتبس علي المسلمين دينهم و لارتدوا علي اعقابهم بتسويلات هؤلاء الشياطين في كل آن و حين و اللّه من ورائهم محيط و علي كل شي‏ء شهيد ناصرهم و معينهم اين كانوا و حيث كانوا ان تنصروا اللّه ينصركم و يثبت اقدامكم بجنود لا قبل لهم بها و صوارم لاتنبو و اسماء لايجاوزهن بر و لا فاجر طأطأ كل شريف لشرفهم و بخع كل متكبر لطاعتهم و ذل كل شي‏ء لهم صلوات اللّه عليهم.

بالجملة من جملة صفات اولئك الولاة المضافين الي اللّه تبارك و تعالي انهم حفظة لحفظ كل من لم‏يقدر علي حفظ نفسه فجميع المخلوقين لايملكون لانفسهم نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً فهم: الحافظون في جميع مراتب الملك و الملكوت في جميع اصقاع عالم الامكان و الاكوان و الاعيان في السموات و الارضين فبهم:

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 180 *»

ملأ اللّه سمواته و ارضه كما يأتي ان شاء اللّه تعالي شرحه فلاجل حفظ كل مخلوق يمدونه بالمدد المناسب له في كل رتبة و جميع الخلق مستمدون منهم صلوات اللّه عليهم من بر و فاجر و مؤمن و كافر لايبقي ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا صديق و لا شهيد و لا عالم و لا جاهل و لا دني و لا فاضل و لا مؤمن صالح و لا فاجر طالح و لا جبار عنيد و لا شيطان مريد و لا خلق فيما بين ذلك شهيد الا عرفهم جلالة امركم و عظم خطركم و كبر شأنكم و تمام نوركم و صدق مقاعدكم و ثبات مقامكم و شرف محلكم و منزلتكم عنده و كرامتكم عليه و خاصتكم لديه و قرب منزلتكم منه بأبي انتم و امي و اهلي و مالي و اسرتي اشهد اللّه و اشهدكم اني مؤمن بكم الي آخر الزيارة فالمؤمن من آمن بهم بما هم عليه من الصفات المخصوصة بهم و الخصال الخاصة لهم دون غيرهم اذ كل شي‏ء يعرف بحدوده و رسومه و خاصته التي بها امتاز عن غيره فهم: ايضاً بحدودهم و رسومهم و خاصتهم ممتازون عن غيرهم فلايوجد شي‏ء مما هو مخصوص بهم في احد من الخلق كيف لا و هم اول الخلق فمن جملة ما هو مخصوص بهم انهم حفظة لجميع الخلق برهم و فاجرهم كلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ماكان عطاء ربك محظوراً ممنوعاً من شي‏ء من الاشياء و في قوله كلا نمد و قوله من عطاء ربك اشارة لاهل البشارة فتفهم ان كنت منهم.

بالجملة فالحافظ الممد لابد ان‏يكون عالماً بكل محفوظ و بما حفظه من الامداد فلابد ان‏يكون رائداً@ذائدا خ‌ل@ و هو المطلع بمواضع الكلاء و المياه و الامكنة المناسبة لرعي الاغنام و الاحشام و هو رسول القوم في طلب الكلاء المطلع بالمواضع العشبة المأمونة عن الذئاب الضارية فهم: رواد الخلق لاجل حفظهم و ايصالهم الي ما يستحقونه من مدد([61]) التوفيق و الخذلان راعيكم الذي استرعاه اللّه امر غنمه هو اعلم بمصالح غنمه ان شاء فرق بينها لتسلم و ان شاء جمع بينها لتسلم فهم:

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 181 *»

معطون كل ذي حق حقه و سائقون الي كل مخلوق رزقه اياب الخلق اليهم و حسابهم عليهم و اياب الخلق اليهم: هو ايابهم الي اللّه تعالي و حسابهم عليهم: هو حسابهم علي اللّه تبارك و تعالي و ليس اياب الخلق الي اللّه تبارك و تعالي الا بايابهم اليهم: کما لا حساب لهم علي اللّه تبارك و تعالي الا بحسابهم عليهم: كما عرفت ان عرفت انه لا فرق بينهم و بينه الا انهم عباده فتقهم و رتقهم بيده بدؤهم منه و عودهم اليه تبارك و تعالي فانظر الي قوله تعالي ان الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم و لاتفسرها برأيك فتتبوأ مقعدك في النار فتفسيرها هو ما فسروه: بقولهم@بقوله خ‌ل@ اياب الخلق اليكم و حسابهم عليكم و الي قوله سبحانه من يطع الرسول فقد اطاع اللّه فليس للّه اطاعة الا في اطاعة رسوله9 فاطاعته9 هي اطاعة اللّه و ليس لهما اطاعتان کل واحدة کاخته بل هي اطاعة واحدة هي اطاعة الله و هي اطاعة رسوله9 و لاجل ذلك جي‏ء بلفظة قد لتحقيق الحق فتفطن و كن من الشاهدين و الشاكرين و الحمد للّه رب العالمين و لاتكن من المفرقين بين اللّه و رسله فتكون من الهالكين.

ثم اعلم ان جميع المضافات الي اللّه سبحانه كاضافة الاطاعة اليه سبحانه كما قال و ما امرنا الا واحدة و قال ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و لاجل ذلك قال7 ان معرفتي بالنورانية هي معرفة اللّه عز و جل و معرفة اللّه عز و جل معرفتي و تري في الجامعة المتواترة غير المطعون فيها السلام علي الذين من عرفهم فقد عرف اللّه و من جهلهم فقد جهل اللّه كما قالوا: بنا عرف اللّه و لولانا ماعرف اللّه و كما تري في اغلب زياراتهم المروية عنهم: بطرق عديدة من احبكم فقد احب اللّه و من ابغضكم فقد ابغض اللّه و من اعتصم بكم فقد اعتصم بالله و من اطاعكم فقد اطاع اللّه و من عصاكم فقد عصي اللّه و امثال هذه العبارات صادرة منهم:

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 182 *»

و قد تجاوزت حد التواتر لفظاً و معني و الحمد للّه و هو بالغ امره قل فلله الحجة البالغة الي جميع المكلفين لا راد لحكمه و لا مانع لقضائه و لا قصور في امره و لا خفاء لنوره و لا ستر لظهوره لا تعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه لا فرق بينه و بينها الا انها صفاته و اسماؤه و انواره و آياته فلاجل عدم التعطيل قال7:

فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت.

مطابقاً لما نزل قطعاً و قطع عذر من زعم صدور غيره ظناً و هو قوله سبحانه و تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق أو لم‏يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد و قد طعن علي من ظن او وهم بقوله الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شي‏ء محيط كما قال آدم الاول صلوات اللّه عليه مطابقاً لما مر في دعاء كميل و بأسمائك التي ملأت اركان كل شي‏ء فتلك الاسماء التي ملأت اركان كل شي‏ء هم الولاة المضافون الي امره سبحانه فبهم ملأ([62]) اركان كل شي‏ء و كل شي‏ء اما سماوي او ارضي في كل عالم بحسبه ماتري في خلق الرحمن من تفاوت ففي عالم الجسم ليس غير الجسم و هو اما سماء او ارض او سماوي او ارضي و لا ثالث غيرهما غير الجسم و هكذا في عالم النفس لايوجد غير النفس و لها سماء و ارض نفسانيتان و في عالم العقل لايوجد غير العقل و له سماء و ارض عقلانيتان و في عالم الفؤاد لايوجد غيره و له سماء و ارض ففي جميع تلك المراتب بل في جميع مراتب الف الف عالم و الف الف آدم سماء و ارض و هما اركان كل شي‏ء موجود فيهما و له سبحانه اسماء ملأت اركان كل شي‏ء اذ كل شي‏ء موجود بتلك الاسماء اذ لولا تلك الاسماء لامتنع وجود الاشياء و الشي‏ء شي‏ء لانه مشاء كما روي عن اهل العصمة: و تلك الاسماء هي حقائق الولاة

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 183 *»

المضافين الي امر اللّه سبحانه كما قال الصادق7 نحن واللّه الاسماء الحسني التي امر اللّه ان‏تدعوه بها و هو قوله تعالي قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعو فله الاسماء الحسني فقد كشف النقاب عن وجه المراد المحتجب بالحجاب في هذا الدعاء بقوله7 فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت مطابقاً لقوله تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق أولم‏يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد اذ كل مصنوع دل بوجوده علي صانع له و دل علي امتناع وجوده من غير صانع صنعه أفي اللّه شك فاطر السموات و الارض و مع انه يتبين لهم انه الحق بمشاهدة الايات الظاهرات في الافاق و في انفسهم و رؤيتهم تلك الاسماء الطاهرات المقدسات المالئات اركان كل شي‏ء و هم في مرية من لقاء ربهم و هم الاكثرون و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم باتمام الحجة و ايضاح المحجة بحيث لا مرية فيها و لا ريبة ان الانسان علي نفسه بصيرة و لو القي معاذيره و العاقل البصير و الناقد الخبير يصدق اللّه سبحانه في اتمامه الحجة و ايضاحه المحجة و يكذب المعاذير من اليحامير و الخنازير و ان كثروا و لايغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم و بئس المهاد اعاذنا اللّه تعالي بفضله و رحمته من شرورهم و ردها في نحورهم الي يوم التناد. بالجملة

فبذلك اسألك.

و المشار اليهم هم الولاة الموصوفون المضافون الي اللّه تعالي و الباء تحتمل القسم و الوساطة كليهما كما مرت الاشارة سابقاً. اما قوله روحي فداه و عليه و علي آبائه آلاف التحية و الثناء:

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 184 *»

و بمواقع العز من رحمتك.

فقد مر بيانه لاهل العيان و ان اعرض عنه كل من له عينان من اشباه الحيوان من ان المواقع هي المحال للصفات و هي الموصوفات و بينونتها من الصفات ليست بعزلة فالموصوفات هي الظاهرات في الصفات و الصفات ظهوراتها و الظاهر في الظهور اظهر من الظهور و المنير في النور انور و اوجد من النور و الي اللّه ترجع الامور و الذات المقدسة ليست بمحل و لا موقع و قد غيبت الصفات و الموصوفات لديها ممتنعة عندها لا ذكر لها اثباتاً و لا نفياً فالاثبات يستلزم الزيادة و ليست الصفات زائدة علي الذات للزوم التشبيه و لا شبيه([63]) له سبحانه و النفي يستلزم التعطيل و هو كالتشبيه لا ذكر له عنده سبحانه و لا تعطيل له في كل مكان و لا مكان فمن عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة و اصلها و حقيقتها و حقها كما بين الصادق الامين عليه صلوات المصلين للمفضل بأوضح التبيين.

بالجملة و قد علّم الحجة عجل اللّه فرجه الخصيصين من شيعته هذه التعبيرات ليعلموا انه ينبغي للداعي ان‏يتوسل الي اللّه تبارك و تعالي بجميع الوسائل لاظهار الخضوع و ابراز الخشوع للاسترحام لدي العلام و الاعتراف لديه بأنه لا حول و لا قوة الا باللّه و ما توفيقي الا باللّه من غير استحقاق من نفسه شيئاً من الاجابة و الاعتناء فمرة توسل اليه تعالي بمعاني ما يدعوه به ولاة امره و مرة توسل اليه تعالي بدعائهم: و مرة توسل اليه تعالي ببواطنهم و مرة بظواهرهم و مرة بالجمع بينهما لاجل الاسترحام و طلب الاجابة فلاجل ذلك قال7 و بمواقع العز من رحمتك و العز هو الغلبة و السلطنة المطلقة علي جميع ممالكه و مماليكه في جميع المراتب و الرحمة المضافة هي الرحمة التي وسعت كل شي‏ء فالمواقع هم

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 185 *»

الاعزاء السلاطين في الدنيا و الاخرة و العز عزهم و السلطنة من اللّه لهم و هم سلاطينه و اما قوله عجل اللّه فرجه و سهل مخرجه:

و بمقاماتك و علاماتك.

فهي المقامات و الايات المضافة اليه سبحانه دون ماسواه التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه لا فرق بينه و بينها الا انها مقاماته فالفقرة الاولي جيئت لاجل توصيف الولاة المضافين الي اللّه تبارك و تعالي و هذه الفقرة لاجل التوسل بها وساطة او قسماً او كليهما و انما قال7:

ان‏تصلي علي محمد و آله.

لانه سبحانه ابي اللّه ان‏يجري الاشياء الا بأسبابها و هم السبب الاول و اول الاسباب في اجراء المسببات و الاجابات و الاستجابات و قد امر سبحانه بالتوسل بهم اليه بقوله فابتغوا اليه الوسيلة اذ بدون الوسيلة يمتنع الاجابة منه سبحانه اذ لايستحق الداعي الاجابة منه سبحانه الا بالتوسل بالوسيلة فلايصعد دعاؤه اليه سبحانه و ماكان دعاؤه الا مكاء و تصدية اذ كل داع دعا اللّه سبحانه توجه الي الوسيلة فتوجه اليه سبحانه من اراد اللّه بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم و قد جعل اللّه سبحانه من اسباب التوجه اليهم صلواته عليهم الصلوة عليهم@الصلوة عليهم در خ‌ل نبود@ كما قال ان اللّه و ملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليماً اذ بدون وصول الفيض الي العالي يمتنع وصوله الي الداني للزوم الطفرة و الضرورة قضت ببطلانها فكما انه يمتنع تلقي الوحي منه سبحانه من الداني الا بوسيلة العالي و يمتنع ادراك محابه و مساخطه سبحانه للداني الا بواسطة العالي كذا يمتنع وصول كل فيض منه سبحانه الي الداني الا بوساطة العالي.

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 186 *»

بالجملة، و لعلك عرفت ان مقام الوساطة هي مرتبة البشرية المعروفة للعارفين فلاتزعم كمن ادعي العرفان و هو بمعزل عنه و قد علم شيئاً و غابت عنه اشياء ان صلوات الرعية لاينفعهم: في مقام البشرية الاتري انهم: ان عطشوا و سقاهم ساق انتفعوا بسقيه و ان جاعوا و اطعمهم مطعم انتفعوا به و قد اهدوا بالهدايا و الصلات و انتفعوا بها فكذا الصلوات و التحيات و التسليمات من الرعية نافعة لهم: في هذه المرتبة و اداء لحقوقهم: و هي اقرب القربات اليهم: و اليه سبحانه نعم لاداء حقوقهم: و التجنب عن عقوقهم ثواب جسيم و اجر عظيم اعظم من جميع الاجور التي خلقها اللّه تعالي في عالم الامكان و كل ثواب و اجر دونه اذ به صار سائر الاجور اجوراً اذ لولاه لم‏يكن لعمل اجر عنده سبحانه فلاجل ذلك جعل سبحانه صلواتنا عليهم عليهم الصلوة و السلام طيباً لخلقنا و طهارة لانفسنا و تزكية لنا و كفارة لذنوبنا فهي اعظم الكفارات و اطيب الطيبات و ازكي الزاكيات و المزكيات و المطهرات من الادناس و الارجاس الظاهرة و الباطنة و هي الاكسير الاعظم و الكبريت الاحمر المزكي للنقائص و الاوساخ@الاسباخ خ‌ل@ الرذائل و الزوائل و هي المأخوذة من الرعية في الباطن المأمور بها النبي9 بقوله خذ من اموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها و صل عليهم ان صلاتك سكن لهم و هي السبب لارسال الرسل و انزال الكتب هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة.

بالجملة، فالصلوة و السلام عليهم: تصير سبباً للاستحقاق للداعي المصلي المسلم فاذا صار مستحقاً صارت الاجابة له من اللّه تعالي واجبة في حكمته و لاتحسبن الله مخلف وعده رسله كيف و قد امر بالدعاء و الامر اوكد و احكم من الوعد و قد امر اولا بقوله ادعوني ثم وعد بقوله استجب لكم. بالجملة، فالمتمسك المقدم آل محمد: بين يدي

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 187 *»

حوائجه و دعائه في الدنيا و الاخرة مستجاب الدعوة بل بمقتضي قوله تعالي في القدسي ان دعاني اجبته و ان سكت عني ابتدأته يبتدي‏ء اللّه الرؤف بالفضل و الرحمة عليه فكيف اذا دعاه و سأله و لعلك عرفت و تذكرت ان الولاية و المودة و المحبة لهم و لاوليائهم: روح الدعوات و معناها و لا اثر للالفاظ من حيث هي الا بأرواحها و معانيها و قد صارت المودة لهم: من ضروريات الاسلام فضلا عن الايمان بقوله تعالي قل لااسألكم عليه اجراً الا المودة في القربي و اولياؤهم: ايضاً من القربي بمقتضي قوله تعالي فمن تبعني فانه مني و لقولهم: مخاطبين لمواليهم انتم من آل محمد قال الراوي: من آل محمد؟! قال7 من آل محمد صلوات اللّه عليهم و قد امروا: في كيفية الصلوة عليهم بقول اللهم صل علي محمد و آل محمد لدخول شيعتهم في الصلوات و نهوا: عن قول اللهم صل علي محمد و اهل بيت محمد صلوات اللّه عليهم لان اهل بيت النبوة هم الائمة المخصوصون([64]) صلوات اللّه عليهم و علي اوليائهم فالمحبة لهم و لاوليائهم اول اسباب الاجابات و صعود الدعوات الي بارئ الموجودات و قد وردت في ادعيتهم: الاعاذة من دعاء لايسمع كما وردت الاعاذة من المعاصي و من امر بها و من الشيطان الرجيم فما دعاء الكافرين الا في ضلال و ما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء و تصدية و لا دعاء حقيقة الا للمؤمن المحب لهم و لاوليائهم صلوات اللّه عليهم اجمعين.

بالجملة، فلما صلي علي الوسائط بينه و بين اللّه تبارك و تعالي لانها اول اسباب التوسلات و اعظمها و ادي حقوقهم استدعي بعدها بأهم الامور بعدها و هو الايمان باولئك الوسائط صلوات اللّه عليهم و الاذعان و التسليم لهم و التثبيت عليه من غير اعارة فان المستعار بعد سلبه اشد علي المستعير من

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 188 *»

فقده رأساً الاتري الفقر اهون علي الفقير من غيره و الغني بعد افتقاره صار فقره اشد الامور عليه و اصعبها عنده فلاجل ذلك قال7 بعد الصلوة علي الوسائط صلوات اللّه عليهم:

و ان‏تزيدني ايماناً و تثبيتاً.

و ذلك قوله تعالي ليزدادوا ايماناً مع ايمانهم و هو الاعتقاد بالجنان و الاقرار باللسان و العمل بالاركان و الاعتقاد المراد من اللّه تبارك و تعالي هو المطابق للواقع و اليقين بأنه المطابق من غير شائبة ريبة و ارتياب و احتمال و توهم علي خلاف ما جعله اللّه تعالي ثابتاً في ملكه و هو اقل ما قسم بين العباد و العاثر عليه اقل من الكبريت الاحمر و ما عليه عامة الفرق و اغلبها هو السكون و الاطمينان من مشاهدة السراب و اين الماء من السراب و هذا الاطمينان المقسوم بين اغلب الفرق اثر من طبائعهم و عاداتهم و ليس من الايمان.

و كل يدعي وصلا بليلي   و ليلي لاتقر لهم بذاكا
اذا انبجست دموع في خدود   تبين من بكي ممن تباكي

و الدموع هي البراهين المورثة لليقين و اليقين هو الحاصل من البراهين و هو من خاصة المؤمنين لايوجد في غيرهم ابداً قال تعالي قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين فالساكنون المطمئنون في اي دين كانوا كانوا كاذبين و انما كان اطمينانهم كاطمينان الحيوانات كل مع جنسه و علي طبعه من غير برهان و انس الحيوان من الضياء و وحشته من الظلمة و من ذلك انس الشجعان بالمهالك و وحشة الجبان منها من غير برهان و من ذلك انس كل مولود يولد في كل طائفة برسومهم و وحشته من رسوم طائفة اخري علي خلاف رسوم طائفته و اقوالهم و افعالهم و عقائدهم من غير برهان مورث لليقين و في امثالهم نزل البرهان في الفرقان توبيخاً كما

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 189 *»

قال انا وجدنا آباءنا علي امة و انا علي آثارهم مقتدون و و انا وجدنا آباءنا علي امة و انا علي آثارهم مهتدون و قد قال رداً عليهم أولو كان آباؤهم لايعقلون شيئاً و لايهتدون و اخبر عن مآلهم بقوله و قدمنا الي ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً و بقوله كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لايقدرون علي شي‏ء مما كسبوا.

بالجملة قد سأل الايمان و الزيادة اقراراً بأنه لا حول و لا قوة الا باللّه و اعتقاداً بها و بقوله تعالي حكاية و ماكنا لنهتدي لولا ان هدانا اللّه و لاجل ذلك علمك السؤال في الحمد في كل صلوة بقوله اهدنا الصراط المستقيم و قد علمت ان المستودع من الايمان عدمه رأساً خير من اعارته و سلبه بعده و لاجل ذلك ورد في تفسير قوله تعالي اهدنا الصراط المستقيم اي ثبتنا عليه فالتثبيت عليه علي اللّه تبارك و تعالي كالهداية عليه و المطلوب هو التثبيت و هو المراد للّه تعالي في ارسال رسله و انزال كتبه و هو اهم من جميع الامور كائنة ما كانت بالغة ما بلغت و هو العلة الغائية في خلق الجن و الانس و لولاها لماخلقهما لقوله تبارک و تعالي ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون اي ليعرفون بل لولاها لماخلق الخلق كما قال في القدسي كنت كنزاً مخفياً فأحببت ان‏اعرف فخلقت الخلق لكي‏اعرف فيجب علي المكلفين سؤال الهداية من اللّه تبارك و تعالي و سؤال الايمان منه به و بوسائطه: بما وصفوه به و بما وصفوا انفسهم: به بأنه لا فرق بينهم و بينه سبحانه الا انهم صفاته و اسماؤه كما انه لا فرق بين زيد و القائم في قولك زيد القائم الا ان القائم صفة زيد غير بائن عنه استقر في ظله و لايخرج منه الي غيره ان الذين يكفرون باللّه و رسله و يريدون ان‏يفرقوا بين اللّه و رسله و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون ان‏يتخذوا بين ذلك سبيلاً اولئك هم الكافرون حقاً و اعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً فمن فرق بينه سبحانه و بين ولاة امره صدق فيه الايات القرآنية و

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 190 *»

من اصدق من اللّه حديثاً فقول القائم قول زيد و فعله فعل زيد و امره امره و نهيه نهيه و اطاعته اطاعته و عصيانه عصيانه و محبته محبته و عداوته عداوته و قصده قصده و ارادته ارادته و الاعتصام به هو الاعتصام به و التولي عنه هو التولي عنه و المعرفة به هي المعرفة به و الجهل به هو الجهل به و الانكار له هو الانكار له و الانكار لفضله هو الانكار لفضل زيد و الاقرار بفضله هو الاقرار بفضل زيد.

و القول الفصل الذي ليس بالهزل ان كل ما ينسب الي القائم ينسب الي زيد و كل ما يثبت له يثبت له و كل ما ينفي عنه ينفي عنه فمن آمن بولاة امره آمن به سبحانه و من ضل و اضل و كفر بهم فقد ضل و اضل عن سواء السبيل و كفر باللّه من غير دليل فلايغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم و بئس المهاد و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا. من يطع الرسول فقد اطاع اللّه و ماكان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي اللّه و رسوله امراً ان‏يكون لهم الخيرة من امرهم فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً فبأي حديث بعد اللّه و آياته يؤمنون و لا فرق بينه و بين آياته الا انها آياته و قد صرح للبصير الخبير بعدم الفرق بينه و بينها في قوله سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق أو لم‏يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد و ان اعرض عنه الحمير و ان حملوا القرآن فان مثلهم كمثل الحمار يحمل اسفاراً و كأين من آية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون و من اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكاً و من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين و الولاة المضافون اليه تعالي ذكره آياته و علاماته و صفاته و اسماؤه من اراد اللّه بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم فان اردت البرهان و الدليل المورث لليقين فعليك بالقرآن المبين و تفسيره من الائمة الطاهرين

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 191 *»

صلوات اللّه عليهم اجمعين و ان كنت ممن وجدت آباءك علي امة و لاتحتاج الي دليل و برهان و يقين و ايمان لكم دينكم و لي دين و الحمد للّه رب العالمين الذي هدانا للاسلام و اكرمنا بالايمان به و بأوليائه الذي عنه يؤفكون انا للّه و انا اليه راجعون.

بالجملة بعد الصلوة و السؤال لمزيد الايمان و التثبيت عليه ناداه سبحانه و تعالي بالنداء البعيد و الدعاء كدعاء العبيد المشتاقين الي اعانة الحبيب للرقيب من غير اتيان بمخاطبة اهل العيان استكانة و خضوعاً و اشارة الي انه لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و بشارة لمن آمن بما وصفه سابقاً و عرفه بطور انيق و طرز رشيق بقوله روحي فداه و عليه و علي آبائه آلاف التحية و الثناء:

يا باطنا في ظهوره و ظاهراً في بطونه و مكنونه.

فبين روحي فداه و عليه و علي آبائه الكرام آلاف الصلوة و السلام ببيان جامع كلي تحته جميع الجزئيات@جزئيات خ‌ل@ الاسماء و الصفات من مقامات البيان و المعاني له سبحانه و تعالي التي امر بها آباؤه: الخصيصين من شيعتهم بقولهم عليك بالبيان و المعاني فأتوا بلفظ المفرد في البيان و الجمع في المعاني تعليماً بأنه سبحانه متفرد في اسمائه و ان كانت متعددة كما قال جابر الحمد للّه الذي من علي بمعرفتكم فقال7 أو تدري ما المعرفة؟ قال لا فقال7 تعليماً و تبليغاً المعرفة اثبات التوحيد اولاً ثم معرفة المعاني ثانياً ثم معرفة الابواب ثالثاً ثم معرفة الامام رابعاً ثم معرفة الاركان خامساً ثم معرفة النقباء سادساً ثم معرفة النجباء سابعاً.

بالجملة فالبيان الجامع الكلي الذي لا مخصص له الشامل لجميع الجزئيات و ان كانت غير متناهية الجاري في جميع المراتب في كل مرتبة بحسبها حتي انه جار في زيد و ظهوره و في كل منير و نوره ان كل شي‏ء

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 192 *»

كائناً ما كان بالغاً ما بلغ باطن في ظهوره و ظاهر في بطونه و امتنع ان‏يعقل وجود شي‏ء الا في ظهوره كما يمتنع ان‏يعقل ظهور شي‏ء الا في بطونه و مكنونه و لابد لنا البيان لاهل العيان و ان اعرض عنه العميان في ضرب من الامثال التي هي نفس البيان من غير مصادرة علي المطلوب و ان حرم عنه المحجوب كما قال اللّه تبارك و تعالي و تلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الا العالمون فاعلم ان كل عالم باطن في علمه و علمه ظهوره و كل قادر باطن في قدرته و قدرته ظهوره و كل جاهل باطن في جهله و جهله ظهوره و كل عاجز باطن في عجزه و عجزه ظهوره و هكذا الامر في كل شي‏ء بحسبه و كذا العكس كل علم ظاهر في عالمه و كل قدرة ظاهرة في قادرها و كل جهل ظاهر في فاعله و كل عجز ظاهر في فاعله و هكذا كل فعل موجود في فاعله و امتنع ان‏يوجد علم الا في العالم و قدرة الا في القادر و جهل الا في الجاهل و عجز الا في العاجز كما يمتنع عالم بغير علم و قادر بغير قدرة و جاهل بغير جهل و عاجز بغير عجز و هكذا يمتنع فاعل بغير فعل و فعل بغير فاعل فهل في ذلك ريبة فضلاً عن الشك فضلاً عن الانكار و هل المنكرون له الا كالحمار بل هم اضل اولئك هم الغافلون.

و ان زعم زاعم ان هذه الامثال الجارية في الموجودات غير جارية في الذات اذ ليست صفات زائدة عليها فلاتضربوا للّه الامثال.

فأقول لااقول ان صفاته سبحانه زائدة علي ذاته بل الذات غيبت الصفات و كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالتركيب و شهادة التركيب بالحدوث الممتنع عن الاحد الفرد الصمد من جميع الحيوث و الاعتبارات فهو الحق البسيط الحقيقي البحت البات و كل ماسواه مركب و ان كان بسيطاً اضافياً بالنسبة الي ما كان تركيبه اكثر من ظهوراته و آثاره و لكني اقول ما هو المأمول بقول

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 193 *»

الرسول و آل الرسول9 انه سبحانه موصوف بالصفات بنفس الصفات و هي المقامات و العلامات له سبحانه في كل مكان يعرفه بها من عرفه لا فرق بينه و بينها الا انها مقاماته و علاماته تجلي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمها.

فان تك ذا فهم تشاهد ما قلنا   و ان لم‏يكن فهم فتأخذه عنا

فلو@فان خ‌ل@ ابي من ابي و استكبر فقد سعي في هلاك نفسه و اوقد ناراً لها في رمسه و قد قال سبحانه فقل الحق من ربك([65]) فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر فقد اتينا بما علينا و عليكم بما عليكم علي حد القول الفصل و ما هو بالهزل.

علي نحت القوافي من مواقعها   و ما علي اذا لم‏يفهم البقر

نعم علينا التكرير في التحرير و الايضاح في التحبير@التخبير خ‌ل@ و هو نفي التعطيل بينه و بين صفاته كما ننفي التشبيه فليس بينه و بينها فصل كما اخبر بنفسه سبحانه و من اصدق من اللّه حديثا؟ بقوله ان الذين يكفرون بالله و رسله و يريدون ان‏يفرقوا بين اللّه و رسله و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون ان‏يتخذوا بين ذلك سبيلا. اولئك هم الكافرون حقاً و اعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً و الذين آمنوا باللّه و رسله و لم‏يفرقوا بين احد منهم اولئك سوف يؤتيهم اجورهم و كان اللّه غفوراً رحيماً و بقوله الذين يوفون بعهد اللّه و لاينقضون الميثاق و الذين يصلون ما امر اللّه به ان‏يوصل و يخشون ربهم و يخافون سوء الحساب و الذي صبروا ابتغاء وجه ربهم و اقاموا الصلوة و انفقوا مما رزقناهم سراً و علانية و يدرؤن بالحسنة السيئة اولئك لهم عقبي الدار جنات عدن يدخلونها و من صلح من آبائهم و ازواجهم و ذرياتهم و الملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار و الذين ينقضون عهد اللّه من بعد ميثاقه و يقطعون

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 194 *»

ما امر اللّه به ان‏يوصل و يفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار.

فهذه الايات اخبارات من اللّه سبحانه عن نفسه و كفي باللّه شهيداً اما اتصالها به سبحانه اتصال بلا كيف و لا اشارة و محو الموهوم و صحو المعلوم و هتك الستر لغلبة السر و جذب الاحدية لصفة التوحيد و اطفاء السراج و طلوع الصبح و اضمحلال الصفات في جنب الذات بحيث لاتكون زائدة عليها فان شاهدت ما بينت و عاينت فاحمد اللّه بالهداية و الايمان به و برسله و ان زعمت انها زائدة فاسأل اللّه الهداية و الايمان به و برسله كما هو اهله و ان جسست في خلال البيان بعونه سبحانه رزقت العيان ان شاء اللّه فان الظاهر في الظهور اظهر من الظهور و المنير في النور انور و اوجد من النور و اليه ترجع الامور و مادمت تجد الزيادة فاعلم بأنك محجوب و سعيك غير مشكور و لا مرغوب فان الزيادة حالة في محل كما تراه في الموجودات و ليس كمثله شي‏ء فمن قاسه بخلقه فقد شبهه به و لابد لك ان‏تخرجه سبحانه عن الحدين حد التعطيل و حد التشبيه فان اردت الخروج من الغلو و التقصير و العروج الي اوج المعاينة و السير الي اللّه الخبير البصير فابتغ بين ذلك سبيلا اوسع ممابين السماء و الارض في الطول و العرض و هي النمرقة الوسطي اليها يرجع الغالي و بها يلحق التالي و اليمين و الشمال مضلة و الطريق الوسطي هي الجادة و اغلب الخلق واقفون في الطرفين طرف الافراط و التفريط([66]) سالكون علي الطريقين طريق الغلو و التقصير و المخصوص بأهل الحق الحقيق هو الصراط المستقيم و هم الاقلون عدداً و الاعظمون اجراً و هم العلة الغائية لخلق السموات و الارضين و الدنيا و الاخرة ربنا ماخلقت هذا باطلا و خلقت الخلق لكي‏اعرف و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون مااريد منهم من رزق و مااريد ان‏يطعمون

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 195 *»

ان اللّه هو الرزاق ذو القوة المتين و سبيل معرفته هم الانبياء و المرسلون و اولياؤه المكرمون و عباده الصالحون صلواته عليهم اجمعين المؤيدون بالروح روح القدس المحيون بحياته قال تعالي فاذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم اجمعون الا ابليس ابي و استكبر و كان من الغاوين([67]) و صار كما حكي عنه لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين و خذل بقوله تعالي و شاركهم في الاموال و الاولاد و عدهم و مايعدهم الشيطان الا غروراً.

بالجملة اولئك الاقلون هم الذين اذا ارادوا اللّه بدأوا باولئك الولاة المضافين اليه سبحانه و اذا وحدوه قبلوا عنهم و اذا قصدوه توجهوا بهم: و الضالون هم الجاهلون و الكافرون هم المنكرون لمراتبهم التي رتبهم اللّه فيها فمن المراتب مرتبة البيان و منها مرتبة المعاني فالمرتبة الاولي هي اعلي المراتب و هي الاسم المكنون و الرسم المخزون عنده سبحانه و المرتبة الثانية علمه و قدرته و حكمته و جماله و جلاله و عظمته و كبرياؤه و آلاؤه و نعماؤه و رحمته و رأفته و سائر المعاني التي وصف بها نفسه و عددها بعدد الاوصاف الكمالية له و كلها مخصوصة به سبحانه ممتنعة في عالم الخلق كما ان صفات الخلق ممتنعة في الواجب كما روي عنهم: كل ما يجب في القديم يمتنع في الحادث و كل ما يجوز في الحادث يمتنع في القديم جل شأنه.

بالجملة فلما اشار عليه و علي آبائه السلام اليهما بقوله يا باطناً في ظهوره و ظاهراً في بطونه و مكنونه اشار الي المرتبة الثالثة و الرابعة لهم: بقوله روحي فداه و عليه و علي آبائه آلاف التحية و السلام@الثناء خ‌ل@:

يا مفرقاً بين النور و الديجور.

فالنور هو الظاهر لنفسه المظهر لغيره و الديجور فيعول بمعني المظلم في مقابل النور غير ظاهر بنفسه فضلاً عن اظهاره لغيره فالنور نور الهداية كما ان الظلمة ظلمة الضلالة او المراد بالنور نور الوجود و المراد

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 196 *»

بالظلمة ظلمة العدم و قد دل علي الاول قوله تعالي اللّه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور و الذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات فالنور المخصوص بالمؤمنين هو نور الهداية الي الايمان فانها بتوفيق اللّه سبحانه حيث وفقهم علي الايمان به و برسله و اوليائه و كتبه كما وصف به نفسه و وصف رسله و اولياءه بما جعلهم عليه من الاوصاف و اخراجه من ظلمات الجهالة و الضلالة الي نور الهداية كما ان الظلمات المخصوصة بالكافرين هي ظلمات الضلالات و الاضلالات من الطواغيت الرؤساء الي المرؤسين يخرجونهم من النور الي الظلمات و دل علي الثاني قوله تعالي و جعل الظلمات و النور و خلق الليل و النهار و جعل الليل سكناً و الليل@النوم ظ@ سباتاً و النهار معاشاً و امثالها.

بالجملة و قد علم اولوا الالباب في كلا المعنيين ان الامر لابد و ان‏يكون من جنس المأمور و الهادي من جنس المهتدي و الفاعل من جنس المفعول اذ لولا ذلك لم‏يحس المأمور امر الآمر و المهتدي هداية الهادي و لم‏يتأثر القابل من فعل الفاعل فلاجل ذلك وجب في حكمة الحكيم ارسال الرسل و انزال الكتب الي المكلفين الذين هم من انفسهم كما قال سبحانه هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة و ان كانوا من قبل لفي ضلال مبين فلولا ارسل الي المكلفين رسولا من انفسهم لما هداهم اليه و لما بلغ امره اليهم كما قال و لو انا اهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا ارسلت الينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان‏نذل و نخزي و كذلك الامر في الاكوان هو الذي مد الظل و لو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلا و الشمس و ضحيها فجعل الشمس ضياء و القمر نوراً فجعل الضياء و النور الجسمانيين اثرين للشمس و القمر الجسمانيين ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و ما امرنا الا واحدة فتذكر انه سبحانه احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه و ابي ان‏يجري الاشياء

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 197 *»

الا بأسبابها و هو المحتجب و حجبه الاسباب كما روي هو المحتجب و نحن حجبه فهم: حجبه و حججه و خلفاؤه في مقام الابواب و الامامة فجعلهم سبحانه ابوابه في افاضة فيوضه الي ماسواه و ايصال امره الي ماعداه في التكوين و التشريع و امر باتيان الابواب بقوله و ليس البر بأن‏تأتوا البيوت من ظهورها و لكن البر من اتقي وأتوا البيوت من ابوابها فهم: الباب المبتلي به الناس من اتاهم فقد نجي و من لم‏يأتهم فقد هلك فضرب لهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب فهم: ابوابه سبحانه الي خلقه في الافاضة و ائمة الخلق الي اللّه في الاستفاضة و الاقتداء بهم و الاطاعة لهم: قال تعالي و جعلناهم ائمة يهدون بأمرنا و قال من يطع الرسول فقد اطاع اللّه و قال يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و قالوا في الزيارات من اطاعكم فقد اطاع اللّه و من تولي عنكم فقد تولي عن اللّه.

بالجملة فأول مقام وساطتهم و امامتهم في مقام الفؤاد فهم: ائمة لاهل الفؤاد و هم مؤتمون بهم مقتدون مطيعون لهم صادرون عن امرهم و نهيهم آخذون عنهم معرضون عن غيرهم و هم حقائق الكعبة و القبلة للانام و هم يسبحون اللّه بأسمائه و هم اسماؤه جل جلاله و عم نواله و هم: جلاله الظاهر لهم و نواله العام الشامل و انواره الفاضل الفاصل المفرقون بين الحق و الباطل و الباقي و الزائل و المحلي و العاطل يهدون بأمره و به يعدلون فصار تفريقهم تفريق اللّه بين النور و الديجور و الظل و الحرور بحيث لم‏يبق لذي حجة حجة و لذي مقال مقال لاتمامهم النور و ابلاغهم و ايضاحهم كمال الظهور حتي خوطبوا بالخطاب بلسان اولئك الابواب هل تستوي الظلمات و النور و قد فرقوا بنور كلامهم بين النور و الديجور و كلامهم نور علي جبل الطور و اندك الجبل و خر موسي صعقاً لشدة ظهور الظاهر في الظهور و المنير في النور لانه انور من نوره

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 198 *»

و اظهر من ظهوره انت دللتني عليك و لولا انت لم‏ادر ما انت متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدل عليك و متي بعدت حتي تكون الاثار هي التي توصلني اليك عميت عين لاتراك و لاتزال عليها رقيباً و خسرت صفقة عبد لم‏تجعل له من حبك نصيباً لم‏تره العيون بمشاهدة العيان و لكن رأته القلوب بحقائق الايمان و خرت لعظمته ساجدة بالانيات لاظهار الاذعان و ابراز الاعمال بالاركان و الاقرار باللسان و قد نطقت بتوحيده صادقة و بتوصيفه مادحة لايستحسرون عن عبادته و له يسجدون بالجملة فتلك الاشارة لاهل البشارة و لايتحمل التفصيل آلاف عبارة.

ثم المقام الثاني لوساطتهم و امامتهم: مقام العقل فهم: خلفاؤه بين العقول لنيل المأمول و هم ائمة للعقول و هم المقتدون فمن وافق عقله عقلهم فهو مستنير بنورهم و امامه يقين و من خالف عقله عقلهم: فهو اهل الظن و التخمين و قد هوي في مهاوي السجين و قد انقلب عقله جهلاً بوساوس الشياطين المغيرين للفطرة الاصلية فطرة اللّه التي فطر الناس عليها و قد ابلغ اللّه سبحانه امره اليهم بألسنة اولئك الهادين: و السنتهم لسان اللّه المتين و بلغوا عن اللّه سبحانه قوله حكاية عن ابليس اللعين انظرني الي يوم الدين فصار من المنظرين و قال لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين و ليغيرن خلق اللّه الذي هو الفطرة الاصلية الاصيلة مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة و هم الشجرة الطيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها و شجرة طوبي اصلها ثابت في دارهم: و الفطرة المغيرة بتغيير الشياطين شجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتي اذا جاءه لم‏يجده شيئاً فالسراب غرور لمن اغتر به و هم يحسبون انهم مهتدون و يحسبون انهم يحسنون صنعا و لهم: في كل خلف عدول ينفون عن دينهم تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 199 *»

الجاهلين و هم القري الظاهرة للسالكين بينهم و بين القري المباركة: آمنين من مكائد الشياطين الذين لهم اولياء في كل آن و حين في دولة الباطل و قد امهلهم بقوله حكاية لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين و المخلصون هم العدول و السائرون في مسالكهم آمنين و ليس له سلطان علي الذين آمنوا و علي ربهم يتوكلون انما سلطانه علي الذين يتولونه و الذين هم به مشركون.

بالجملة و المقام الثالث لمقام وساطتهم و امامتهم: مقام الروح الملكوتي و هم حجج اللّه سبحانه و خلفاؤه بين الروحانيين و ائمة لهم في التلقي و الاخذ عنهم معالم دينهم من اوامر رب العالمين و هم الكروبيون لشدة قربهم اليهم: و عصمتهم عن مخالفتهم و مسارعتهم في امتثال اوامرهم و نواهيهم.

و المقام الرابع مقام وساطتهم و خلافتهم: للناس اجمعين و ائمة لهم جميعاً و لهم الامر و النهي و علي من سواهم كائناً ما كان الاطاعة و يجب ان‏يكونوا لهم مطيعين بقوله تعالي اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم.

و المقام الخامس مقام وساطتهم في عالم الطبائع الغيبية غير الطبائع الشهودية و هو مرتبة الجن فهم: ائمة لهم و هم مقتدون و المتخلف منهم كالمتخلف من الانس و قد اخبر عنهم بقوله قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآناً عجباً الي آخر السورة المباركة.

ثم المقام السادس مقام وساطتهم بين اللّه و بين الملائكة الساكنين في عالم المواد الغيبية غير المواد الشهودية فهم صادرون عن امرهم: معصومون عن مخالفتهم فلايتحركون و لايسكنون و لاينزلون و لايصعدون و لايفعلون و لايتركون الا باذنهم و امرهم:.

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 200 *»

ثم المقام السابع مقام وساطتهم و امامتهم لاهل جابلقا و جابرسا([68]) و كل واحد منهم: في حال حياته ساكن في المدينتين و هما الان مسكن مولانا صاحب الزمان عليه و علي آبائه الكرام صلوات الملك المنان و اهلهما منتظرون لاذنه7 للخروج و الظهور بسلاحهم و سيوفهم عجل اللّه فرجه و سهل مخرجه و جعلنا ممن نصره و انتصر به روحي فداه.

ثم المقام الثامن مقام وساطتهم و امامتهم للحيوانات فكل جنس منها آمنت بهم: صارت طيبات كالانعام و الحمام و كل متمرد منها صارت خبيثات كالمسوخات و الكلاب و الخنازير و قد صرحت بذلك اخبار متوافقة للكتاب و السنة الجامعة و ان كانت بأنفسها محل حيرة المتحيرين و تأمل المتأملين و استبعاد المستبعدين و انكار المنكرين و ان يرونه بعيداً فنراه قريباً و الحمد للّه رب العالمين.

ثم المقام التاسع مقام وساطتهم و امامتهم للنباتات فالمؤمنات بهم: صارت طيبات و الكافرات صارت خبيثات.

ثم المقام العاشر مقام وساطتهم و امامتهم: للجمادات فالمؤمنات منها صارت محلاً للبركات كالاماكن المشرفة و مواضع العبادات و المساجد و الكافرات صارت خبيثات كالاراضي السبخة و الاماكن النجسة و المرابض و المزابل و الكنائف و البالوعات.

ثم المقام الحادي‏عشر مقام وساطتهم و امامتهم: للبسائط و الاصول و الاباء العلوية و الامهات السفلية التي يتولد منها المواليد من الجمادات و النباتات و الحيوانات و ظواهر الاناسي.

ثم المقام الثاني‏عشر مقام وساطتهم و امامتهم: للاشباح و الاثار الصادرة عن المؤثرات و الاعراض العارضة للجواهر كالامراض و

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 201 *»

الحميات فمنها سعداء و منها اشقياء باقرارها و انكارها و قد وردت بذلك اخبار متكاثرة متوافقة للكتاب المحكم و السنة المتقنة اما الكتاب فكأمثال قوله تعالي ان من شي‏ء الا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم فهي اعم الايات في الاستدلال علي ما نحن فيه و لا مخصص لها و التخصيص لها بالاراء تخصيص و تفسير بالرأي و قد نهي رسول اللّه9 عن ذلك في قوله المتواتر من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار و قوله تعالي و كل قد علم صلاته و تسبيحه و هي ايضاً كسابقها في العموم و قوله تعالي و للّه يسجد من في السموات و الارض طوعاً و كرهاً و ظلالهم بالغدو و الاصال و قد صرح سبحانه بسجود من في السموات و الارض و ظلالهم و ظلالهم يسجدون له كأنفس الساجدين و ان تحير في سجودها المتحيرون زعماً منهم بأنها غير ذوي عقول و شعور و لكن لايفقهون شعورها كما لايفقهون تسبيحهم و قوله تعالي ثم استوي الي السماء و هي دخان فقال لها و للارض ائتيا طوعاً او كرهاً قالتا اتينا طائعين.

و من زعم عدم القول و الشعور لها فقد محي زعمه قوله في قول الجوارح يوم القيامة قالوا انطقنا اللّه الذي انطق كل شي‏ء فالجوارح شاعرون ناطقون سامعون اقوال ذوي الجوارح مجيبون و حملهما علي ضرب من المجاز تفسير بالرأي و ماكنتم تستترون ان‏يشهد عليكم سمعكم و لا ابصاركم و لا جلودكم و لكن ظننتم ان اللّه لايعلم كثيراً مما تعملون و ذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فأصبحتم من الخاسرين اخبار من اللّه العليم الخبير عن حالهم و قوله تعالي و ورث سليمان داود و قال يا ايها الناس علمنا منطق الطير الي قوله تعالي و حشر لسليمان جنوده من الجن و الانس و الطير فهم يوزعون حتي اذا اتوا علي واد النمل قالت نملة يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان و جنوده و هم لايشعرون فتبسم ضاحكاً من قولها و قوله تعالي و تفقد الطير فقال ما لي لااري الهدهد ام كان من

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 202 *»

 الغائبين لاعذبنه عذاباً شديداً او لاذبحنه او ليأتيني بسلطان مبين فمكث غير بعيد فقال احطت بما لم‏تحط به و جئتك من سبأ بنبأ يقين اني وجدت امرأة تملكهم و اوتيت من كل شي‏ء و لها عرش عظيم وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون اللّه و زين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لايهتدون الي قوله تعالي قال سننظر أصدقت ام كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه اليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون و قوله تعالي و لقد اتينا داود منا فضلا يا جبال اوبي معه و الطير و قوله تعالي يا نار كوني برداً و سلاماً علي ابراهيم.

فهل يسع لمسلم آمن بهذا القرآن ان‏يحمل جميع هذه الحكايات من سليمان و من مكالماته مع النملة و الهدهد و حمده علي تعليم اللّه سبحانه له منطق الطير و تبسمه و ضحكه من قول النملة و خطابها لسائر النمل بقولها يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان و جنوده و هم لايشعرون و سماع النمل صوتها و فهمهم خطابها و امتثالهم امرها و شعور النملة بأن سليمان و جنوده يحطمنهم لو لم‏يدخلوا مساكنهم ان‏يحمل جميع ذلك علي ضرب من المجاز من رأيه و هوي نفسه و لعمري ان ذلك تفسير بالرأي و هو منهي عنه بالاتفاق من اهل الاسلام و قد تكلم الذئاب و الظباء و البعير و غيرها من سائر الحيوانات مع النبي و الائمة: في مواضع عديدة و عدم فهم نطقها سائر الرعية لايدل علي عدم نطقها كما لايفهم اهل كل لغة كلام اهل لغة اخري و هو لايدل علي عدم نطق اهلها و كيف لا و قد صرح بذلك قوله تعالي و ان من شي‏ء الا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم فلو كان تسبيحهم مجازاً لكان لاتفقهون تسبيحهم لا معني لها نعوذ باللّه اذ وجوه المجاز بأنواعه لاتخفي علي العالم بعلم المعاني و البيان و البديع لاسيما المفسرين و الحكماء المدققين فهم قد فهموا.

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 203 *»

فتبين لمن انصف ان المراد من قوله تعالي و لكن لاتفقهون تسبيحهم لاتفقهون لغتهم و لكل شي‏ء لغة و نطق و تسبيح و ان لم‏يفهم غير اهل لغاتهم و قد من اللّه علي سليمان و اضرابه بتعليم منطق الطير و النمل و قد تواتر الاخبار من الائمة الاطهار: بذلك و ان غفل عن ذلك جمع كثير و جم غفير فنحن و الحمد للّه و له المنة لانحتاج الي ضرب من المجاز في امثال قوله تعالي و النجم و الشجر يسجدان و ان لم‏يسجدا كسجدة بني‌آدم و ان لم‏نعرف معني سجدتهما و عدم الوجدان لايدل علي عدم الوجود و لايأباه الا المستبعد الغافل و محض الاستبعاد بعيد عن الصواب قريب للخطاء لدي العاقل و قد اخبره اصدق الصادقين بقوله و ان من شي‏ء الا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم و قد اتي بضمير العقلاء للتنبيه علي ان لكل شي‏ء عقل و فهم و لغة و نطق([69]) بحسبه و قد انطق كل شي‏ء و ما من شي‏ء الا و صدق عليه الشي‏ء علي الحقيقة من غير شائبة المجاز.

بالجملة، و قد تواترت الاخبار و تكاثرت الدعوات مطابقة لكثير من الايات كأمثال يسبح له ما في السموات و الارض كـسبحان من دانت له السموات و الارض بالعبودية و اقرت له بالوحدانية و شهدت له بالربوبية فهل يسع لعاقل ان‏يحملها علي المجاز و لو جاز لجاز في جميع حقائق الايات و الاخبار فجعل اعاليها اسافلها فلم‏يبق لمعانيها الحقيقية عمود و لايخضر لها عود و وسع الخرق و وقع الهرج و المرج فمادام للعاقل المتدين طريق الي الحقيقة لايسلك الي سبيل المجاز و قد اوجبوا: علينا الوقوف عند الشبهة و الاحتراز عن الوقوع في الهلكة و لم‏يأذنوا لنا المسارعة و المبادرة في تفسير الايات و الاخبار المشكلة بحملها علي المجاز بما تراءي للاراء و العقول الناقصة و لاجل ذلك امر سبحانه بالسؤال عن اهل الذكر و قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و اوجب الرجوع و الاطاعة لاشخاص

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 204 *»

معروفين بقوله يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و حرم الرجوع و الاطاعة لغيرهم بقوله تعالي فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم و بقوله تعالي لاتطع منهم آثماً او كفوراً و لاتطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا و غير الاشخاص المعروفين و هم الائمة الطاهرون: جميعهم غير مأمونين من الجهل و الغفلة و الاثم و السهو و النسيان.

بالجملة فهم: وسائط بين اللّه و بين الخلق اجمعين من الاولين و الاخرين و يجب علي جميعهم الاخذ منهم و الرجوع اليهم و الاقتداء بهم و هم الائمة لجميع الخلق كما صرح بذلك بقوله تعالي تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً فهو النذير المطلق9 من عند رب العالمين فالرب جل جلاله رب جميع ماسواه و محمد نذير لجميع ماسواه9 و له9 خلفاء و اوصياء معروفون كما هو بنفسه9 معروف و هم اولوا الامر من عند اللّه كما هو9 صاحب الامر الالهي من اراد اللّه بدأ بهم و من وحده قبل عنهم و من قصده توجه بهم و قد ورد عنهم ما يطابق الايات المحكمة بقولهم: الا و انا نحن النذر الاولي و نذر الاخرة و الاولي و نذر كل زمان و اوان. فبهم ملأ الله السماء و الارض لا تعطيل لهم في كل مكان يعرفه بهم من عرفه لا فرق بينه و بينهم الا انهم عباده و خلقه بدؤهم منه و عودهم اليه فهم اركان لتوحيده و معادن لكلماته و هم المحال و المصاديق في جميع المراتب و اللّه سبحانه هو المراد و من اراده بدأ بهم و لايمكن لاحد قصده و ارادته من غير البدء بهم فمن زعم انه اراده و قصده بغيرهم فالهه هواه و مأواه جهنم و بئس المهاد و هم: خزان علمه و مكامن قدرته و مشيته و قائمون بأمره و خلفاؤه بين بريته في التكوين و التشريع و ائمة يهدون بأمره و المهتدون المقتدون

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 205 *»

جميع من سواهم و جميع ماسواهم من الاولين و الاخرين من آدم الي خاتم الي يوم القيامة و كانوا: مع آدم و قبل آدم قال9 كنت نبياً و آدم بين الماء و الطين و كانوا مع نوح و قبله و مع ابراهيم و قبله و مع موسي و قبله و مع عيسي و قبله و هكذا يكونون مع كل ولي لهم و قبله الي يوم القيامة كما قالوا: ان لنا مع كل ولي اذناً سامعة و عيناً ناظرة و لساناً ناطقاً و كما قالوا ان لنا في كل خلف عدولا ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و قالوا: ما من عبد احبنا و زاد في حبنا و سأل عن مسألة الا و نفثنا في روعه جواباً لتلك المسألة و سر ذلك ان حجة اللّه هي الحجة البالغة الواضحة قل فلله الحجة البالغة و المبلغ من عنده سبحانه هم ولاة امره المستبشرون به فلاجل ذلك جميع ما وصل الي الخلق في التكوين و التشريع و ما يصل اليهم كائناً ما كان بالغاً ما بلغا هم الوسائط بينه و بينهم و الائمة لهم و هم اول الخلق و آخرهم و خلقهم اللّه جل جلاله من نور ذاته و فوض اليهم امور عباده اياب الخلق اليهم و حسابهم عليهم ان الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم و اياب الخلق اليهم ايابهم الي اللّه و حسابهم عليهم حسابهم علي اللّه فلاجل ذلك بلغوا: امر التوحيد الي ارش الخدش في الكون و الشرع الي الخلق اجمعين في مقام الوساطة و الامامة فمن جملة ذلك قوله7:

يا موصوفاً بغير كنه و معروفاً بغير شبه.

فعلم روحي فداه عليه و علي آبائه آلاف التحية و الثناء بما بدأ منه و عوده اليه انه سبحانه موصوف بغير كنه اذ كنه الشي‏ء جوهره و غايته و قدره و وقته و وجهه فهو سبحانه مولي الوجهة و موقت الوقت و مؤين الاين و مقدر الاقدار و مغيي الغايات و مجوهر الجواهر و لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه فالمراد من قوله7 بغير كنه هو الكنه

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 206 *»

الذي في مخلوقاته لان كنههم و جوهرهم اعراض عارضة زائدة عليه و ليس المراد انه لا كنه له سبحانه مطلقاً بل له سبحانه كنه ليس لمخلوقاته فيه نصيب كما روي في اخبار متواترة كنهه تفريق بينه و بين خلقه فلا اشتراك بينه و بين خلقه لفظياً كان او معنوياً في شي‏ء من ذاته و صفاته و افعاله و عبادته ليس كمثله شي‏ء فهو معروف بغير شبه([70]) فلمخلوقاته اضداد و انداد و اشباه و امثال و نظائر فبمضادته بين الاشياء علم ان لا ضد له و بتشكيله بين المتشاكلات([71]) علم ان لا مشاكل([72]) له و بتشبيهه بين المتشابهات علم ان لا شبيه له و بتجهيزه@بتجهيره خ‌ل@ الجواهر علم ان لا جوهر له و بتكييفه الكيفيات علم ان لا كيف له و هكذا كل ما يمكن في الامكان يمتنع فيه و كل ما يليق به يمتنع في الموجودات بأسرها و سر ذلك ان كل ما يمكن في الامكان كائناً ما كان بالغاً ما بلغ فهو من عطائه و اعطائه فهو من حيث الاضافة اليه سبحانه كان و لا حيث لنفسه و نفسه نفس الاضافة فلو لوحظ فيه حيث من نفسه من غير حيث الاضافة له سبحانه فهو حيث الامتناع فكل ما لم‏يخلقه اللّه سبحانه فهو ممتنع الوجود و الموجودات موجودات بايجاده سبحانه و لولا ايجاده لامتنع الموجودات و اما كل ما له سبحانه فهو منه و اليه و ليس شي‏ء منه من عطاء غيره سبحانه فليس كمثله شي‏ء و لا نظير و لا شبيه قل هو اللّه احد اللّه الصمد لم‏يلد و لم‏يولد و لم‏يكن له كفواً احد.

فهذه التعبيرات صدرت عنهم: و رجعت اليهم في مقام الوساطة و الامامة في جميع مراتب الخلق ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه بأبي انتم و امي طبتم لااحصي ثناءكم و قد اختاركم المختار لنفسه و هو اعلم حيث يجعل رسالته من عرفكم فقد

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 207 *»

عرف اللّه و من جهلكم فقد جهل اللّه و من اطاعكم فقد اطاع اللّه و من عصاكم فقد عصي اللّه و من احبكم فقد احب اللّه و من ابغضكم فقد ابغض اللّه و من اعتصم بكم فقد اعتصم باللّه و من اعرض عنكم فقد اعرض عن اللّه و هو ممن اخبر اللّه عنه بقوله و من اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكاً و نحشره يوم القيامة اعمي قال رب لم حشرتني اعمي و قد كنت بصيراً قال كذلك اتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسي و كذلك نجزي من اسرف و لم‏يؤمن بآيات ربه و لعذاب الاخرة اشد و ابقي الباب المبتلي به الناس من اتاكم فقد نجي و من لم‏يأتكم فقد هوي اليه تدعون و به تؤمنون و انتم المؤمنون لمن التجأ اليكم و انتم المهلكون لمن اعرض عنكم حبكم جنة من النار و انتم القسيم للجنة و النار من آمن بما انتم عليه و بما وصفكم اللّه به و وصفتم به لنا من الاوصاف و الفضائل فقد آمن باللّه و من انكر شيئاً مما انتم عليه و ازالكم عن مراتبكم التي رتبكم اللّه فيها فقد كفر باللّه و بصفاته و اسمائه و انتم صفاته و اسماؤه بأبي انتم و امي و نفسي و مالي و اسرتي و من اسمائه و صفاته ما بينه روحي فداه عليه و علي آبائه آلاف التحية و الثناء بقوله:

حاد كل محدود و شاهد كل مشهود و موجد كل موجود و محصي كل معدود و فاقد كل مفقود ليس دونك من معبود اهل الكبرياء و الجود.

و حذف حرف النداء دال علي شدة الفناء في جنب مولاه روحي فداه فان بقاء@بقائه خ‌ل@ في فنائه و قد تشرف بلقائه فارتفع النداء بمحو الموهوم و صحو المعلوم و اطفاء السراج و ايضاح الصبح الوهاج من غير كيف و لا اشارة و ذلك من احوال اهل البشارة و لايزيد لغيرهم الا الخسارة و لو اوتي بألف عبارة و هي الكافية للعاقل الخبير و الناقد البصير و لاينبئك مثل خبير و ان تحير فيه الحمير و لم‏تصل الي النقير و القطمير و اذا قرأت القرآن جعلنا بينك و بين الذين لايؤمنون بالاخرة حجاباً مستوراً و قد هتك الستر لغلبة السر.

بالجملة، فاعلم ان كل محدود دال علي ان له حاداً فكل بناء يدل علي

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 208 *»

بان و كل خراب فان دال علي فاقد عادم يعدمه فتدبر في ذلك تجد ما هنالك ثم اعلم ان جميع الموجودات محدودات فان وجد فيها بسيط فهو اضافي غير حقيقي فهو ايضاً مركب محدود كسائر المحدودات حقيقة. الاتري ان الجسم محدود متناه و هو غير الحيوة فهي ايضاً محدودة متناهية و هي غير الجسم و كذلك المثال غير الجسم و الحيوة و الخيال شاهد ما في البال و هو فعل النفس الملكوتية و هي غير فعلها و كذلك العقل الجبروتي غير النفس و هي غيره و هكذا([73]) جميع الجواهر غير الاعراض و الذوات غير الصفات و النسب و الاضافات و هي غيرها فكلها محدودات ثم اعلم ان كل محدود و ان دل علي حاد له و لكنه بحدوده دال علي ان الحاد بري‏ء عن حدوده اماتري حدود السرير و براءة النجار عنها و حدود البناء و براءة البناء و هكذا كل صانع و مصنوعه فاعلم و تدبر في ذلك انه سبحانه بمضادته بين الاشياء علم ان لا ضد له و بتحديده بين المحدودات علم ان لا حد له و تدبر([74]) فيما اقول و اتبع آل الرسول9 تصل الي المأمول و هو الحكمة التي بعث فينا الرسول9 ليعلمنا الكتاب و الحكمة لنفوز([75]) مع الفائزين العالمين بحقائق الاشياء علي ما وضعها اللّه و اعرض عن المشركين القائلين بوحدة الوجود و الموجود و سخافة قولهم بأنه مااوجد الا نفسه و مااظهر الا ذاته فهل يأكل و يشرب و ينكح و يتغوط و ينام و يتيقظ و يحيي و يموت و يتغير الا المصنوع المدبر المحتاج الذي لايملك لنفسه نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً فهو العالم الغني القادر القاهر المختار هو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شي‏ء سبحانه و تعالي عما يشركون

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 209 *»

فتدبر فيما اخبر به عن نفسه سبحانه و فيما اخبروه به عنه فهل تصدقه و تؤمن به ام تصدقهم و تكفر به فاختر لنفسك ما يحلو فهل تجد شيئاً سواه سبحانه خلق جميع ماسواه و رزق ماعداه و امات ماخلاه و احيي جميع ما كان غيره فلاتغتر بكثرة القائلين فان الناس اجتمعوا علي مائدة جوعها طويل و شبعها قليل فان اردت المأمول تمسك بالرسول و آل الرسول صلوات اللّه عليهم و تفكر فيما اقول و مااقول الا ما صدر عنهم و رجع اليهم: فخذ به تكن من الفائزين و قل الحمد للّه رب العالمين.

و هو ان الاسم غير المسمي و يكشف عن ذلك وحدة المسمي و تعدد الاسماء و لنضرب لك المثال ان كنت من الرجال لا من الرجال فزيد واحد عند اللّه و عند الخلق و له اسماء متعددة فالقائم اسم من اسمائه و القاعد اسم آخر منه و الراكع اسم آخر و الساجد اسم آخر و المتحرك اسم آخر و الساكن اسم آخر و المتكلم اسم آخر و الساكت اسم آخر و هكذا سائر اوصافه و كل واحد من تلك الاسماء و الصفات غير الاخر و هي متعددات بالبداهة عند اللّه سبحانه و عند الخلق و زيد فرد واحد عند اللّه و عند الخلق بالبداهة و الواحد غير المتعددات بالبداهة و اما بينونته([76]) تحديد للمتعددات لا تحديد و بينونة بينه و بين المتعددات فليس بينهما اي بين زيد و بين اسمائه بينونة عزلة بل بينهما بينونة صفة و قد ضرب دونه الاستار و اودع فيه الاسرار لاولي الابصار لطرد الاغيار و هداية الاخيار ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و تلك النمرقة الوسطي ليرجع اليها الغالي و يلحق بها التالي و خاب و خسر عنه القالي فتدبر قوله تبارك و تعالي قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني فادعوه بها و تدبر في قولك بسم اللّه بتعليم اللّه فبغير الاسم لا طريق الي المسمي و الصراط المستقيم هو الاسم الموصل الي المسمي فمن عرف المسمي عرف الاسم و من عرف

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 210 *»

الاسم عرف المسمي و من جهل الاسم جهل المسمي و من جهل المسمي جهل الاسم و السلام علي الذين من عرفهم فقد عرف اللّه و من جهلهم جهل اللّه من اراد اللّه بدأ بهم و من وحده قبل عنهم و من قصده توجه بهم و من اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكاً و نحشره يوم القيامة اعمي و الهه هواه و اتخذه الهاً و الحد في الاسم و مال عن الرسم انكم و ما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم.

بالجملة، فلاتغفل عما بينت و اوضحت بضرب المثال و تلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الا العالمون فزيد بوحدته محفوظ في القائم الذي اسمه و صفته و هو هو وجوداً و عياناً و هو غيره كلا و جمعاً و احاطة و هکذا هو بوحدته محفوظ في سائر اسمائه و صفاته من القاعد و الراکع و الساجد و غيرها فهو هي وجودا و عيانا و هو غيرها کلا و جمعا و احاطة و هي هو ظهوراً و بروزاً و هي غيره وحدة اذ هي متعددة بالبداهة و هو واحد بالبداهة.

ثم تدبر فيما اقول فانه من آل الرسول9 تجد المأمول ان شاؤا و ارادوا و مايشاؤن الا ان‏يشاء اللّه و هو ان كلما ينسب الي كل اسم من اسماء زيد ينسب اليه حقيقة من غير كذب و مجاز بحيث لايصلح سلب و نفي فمن عامل زيداً عامله في واحد من صفاته و اسمائه و هي السبيل اليه فمن اكرمه قائماً اكرم زيداً حقيقة من غير مجاز فان الظاهر اظهر من ظهوره و اوجد في وجوده و شهوده و من اهانه قائماً اهان زيداً حقيقة من غير مجاز و كذا الحال في جميع الحالات الراجعة الي زيد قاعداً كان او راكعاً او ساجداً او غيرها فمن احبه قائماً احب@فقد احب خ‌ل@ زيداً حقيقة و من ابغضه قائماً فقد ابغض زيداً حقيقة و من اطاعه فقد اطاع زيداً حقيقة و من خالفه فقد خالف زيداً حقيقة و هكذا الحال في سائر حالاته ثم تدبر من غير غفلة و لا مسامحة انه لو قتل زيد قائماً قتل زيد حقيقة من غير مجاز و قتل جميع

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 211 *»

اسمائه من القاعد و الراكع و الساجد و غيرها فلايمكن بقاء واحد منها مع قتل واحد منها بل يمتنع فتدبر من غير مسامحة و لا غفلة ان الباقي بعد قتل زيد قائماً ليس من اسماء زيد و صفاته فيكون الباقي بعد فناء زيد في حال القيام اسماً و صفة لغير زيد لامحالة و سر ذلك ان كل فاعل و كل مؤثر محفوظ في ضمن افعاله و آثاره لامحالة.

فاذا عرفت ذلك عرفت ان شاءاللّه ان الحي الذي لايموت و الذي لايأخذه نوم و لا سنة و الذي لم‏يتخذ صاحبة و لا ولداً ليس من اسمائه المقدسة و امثاله العليا الميتون و كل نفس ذائقة الموت ليست من اسمائه فانه سبحانه لو كان احداً من الاموات لصار كل من عليها فانياً فليس بميت و لا محتاج و لا آكل و لا شارب و لا نائم و لا ناكح و لا بشي‏ء من مخلوقاته بل كل ما يمكن فيهم ممتنع فيه و كل ما يجب فيه يمتنع في الحدوث فلايصدق انه سبحانه مااوجد الا نفسه و مااظهر الا ذاته بل كنهه تفريق بينه و بين خلقه نعم له الاسماء الحسني و الامثال العليا هي باقية بابقاء اللّه لها بها و بها امتنع منها فلايجري عليه سبحانه تعددها اذ لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه و لم‏يسبق عليها عدم و لايلحقها زوال و لايعرض عليها تحول و انتقال و تغير و ملال كانوا بكينونته كائنين غير مكونين موجودين ازليين ابديين صلوات اللّه عليهم اجمعين و ماتعددت القدماء لانهم بكينونة([77]) القديم الفرد سبحانه كانوا و به يكونون و مازال و لايزول عالماً قادراً حكيماً سميعاً بصيراً الي غيرها من الاسماء المقدسة المسبحة و هو وحده سبوح قدوس ربنا و رب الملائكة و الروح و رب كل شي‏ء لا اله الا هو وحده وحده حاد كل محدود و شاهد كل مشهود و موجد كل موجود و محصي كل معدود و فاقد كل مفقود.

و ذلك كله رد علي من زعم انه كل الاشياء المخلوقة الموجودة كما هو

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 212 *»

رد علي من زعم انه ليس بخالق للاعراض كما انه رد علي من زعم انه سبحانه غير جاعل للظلمات كما انه رد علي من زعم انه سبحانه جاهل بالجزئيات تعالي اللّه عن ذلك علواً كبيراً فقل اللّه خالق كل شي‏ء و اقرأ ما اخبر به عن نفسه سبحانه جعل الظلمات و النور و قوله سبحانه الايعلم من خلق و هو اللطيف الخبير ليس غيره من معبود وحده وحده و اسماؤه آياته و علاماته و مقاماته التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه و لايعرفه من لايعرفه بها بها عرف اللّه و لولاها ماعرف اللّه كما روي عنهم صلوات اللّه عليهم بنا عرف اللّه و لولانا ماعرف اللّه و بنا عبد اللّه و لولانا ماعبد اللّه و هو وحده اهل الكبرياء و الجود و الكبرياء رداؤه فكل من استكبر من خلقه فقد نازعه في كبريائه و كل من غالب اللّه غلب عليه و اذله و وضعه و هو غالب علي امره وحده و اهل الكبرياء و هو الملك و للّه ملك السموات و الارض و له الخلق و الامر تبارك اللّه رب العالمين و كذلك هو اهل الجود علي ماسواه وحده لا شريك له و ليس لاحد من الخلق ان‏يجود علي ماسواه و ان‏يتأهل لذلك اذ كل ماسواه مخلوق مرزوق لايملك لنفسه نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً فضلا ان‏يكون([78]) اهلاً للجود علي ماسواه. بالجملة فلما اثبت له7 صفاته اللائقة به و اسماءه التي قد سمي نفسه بها اراد روحي فداه عليه و علي آبائه آلاف الصلوة و السلام و الثناء ان‏يسلب عنه صفات المخلوقات الممتنعة عليه سبحانه اذ لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه فقال7:

يا من لايكيف بكيف و لايؤين بأين يا محتجباً عن كل عين.

و قد اعاد النداء اشارة عن بعده سبحانه عماسواه و قدسه عما يمكن فيهم فالكيف من صفات الممكنات بأسرها فانه بمعني القطع لغة يقال: كيفه اي قطعه و قد استعمل في السؤال عن حال الشخص من الصحة و المرض و الغني

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 213 *»

و الفقر و الحزن و الفرح و الرضي و الغضب و الشهوة و النفرة و امثال ذلك من العوارض العارضة علي الاشخاص كماً كانت او كيفاً و قد استعمله الحكماء في مقولة الاعراض التسعة المقابلة للجواهر كالالوان و الطعوم و الروايح و الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة و الملاسة و الخشونة و امثال ذلك و هو بجميع معانيه اللغوية و العرفية منفي عن اللّه سبحانه و قد روي عن امير المؤمنين عليه صلوات المصلين كيف اصف ربي و هو كيف الكيف و قد روي عنهم: لا كيف لفعله كما لا كيف له فلايجري عليه سبحانه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه فاذا كان فعله سبحانه لا كيف له فكيف لنفسه كيف و هو بفعله كيف الكيف بلا كيف و كذلك لايؤين بأين لانه بنفسه من الموجودات و من لوازم المخلوقات لانه بمعني الاعياء فهو من صفات المبروءات المسلوبة عن اللّه تعالي و لايؤده حفظهما و هو العلي العظيم و مصدر آن اينك اي حان حينك فهو بمعني الوقت و هو من لوازم الموجودات و هو سبحانه بفعله وقت الوقت بلا وقت و يقع اين سؤالا عن مكان الشي‏ء و هو سبحانه بفعله اين الاين بلا اين بجميع معانيه و كذلك الرؤية من صفات الممكنات المسلوبة عن اللّه سبحانه لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و كل ممكن مرئي لاحد لامحالة فان كنت في شك من ذلك فلاتشك من انه بصير بالعباد و لكنه لاتدركه الابصار فهو محتجب عن كل عين يا من احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه و قد روي عنهم: هو المحتجب و نحن حجبه فنواظر الخلق تقع علي الحجب و المحتجب هو اللّه سبحانه.

بالجملة، فلما كان سبحانه قبل الوقت و قبل المكان و قد احدث بفعله الوقت و المكان فلايجري عليه سبحانه ما هو مخلوق بفعله كماروي لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه فهو القديم الدائم لا ابتداء له سبحانه و لا انتهاء فلاجل ذلك قال صلوات اللّه عليه و علي آبائه الكرام

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 214 *»

عجل اللّه فرجه:

يا ديموم يا قيوم.

فالديموم كالقيوم من صيغ المبالغة في الدوام و القيام الدائم بأمر الخلق أفمن هو قائم علي كل نفس و قد ناسب المقام ذكر اعلال الاول فانه غير مشهور كثرة كالثاني و هو مشهور في عداد الاسماء الحسني فاعلاله اعلال الديمومة مصدر دام ديمومة كما صرح به اللغويون و هذا الوزن كثير في اللغة كالبيتوتة و البينونة و الحيلولة و الفيلولة و القيلولة و الكينونة مصادر بات و بان و حال و فال و قال و كان و القاعدة المطردة بين الصرفيين في اعلالها ان اصل الديمومة ديومومة علي وزن فيعلولة فاجتمعت الواو و الياء و السابقة ساكنة فقلبت الواو ياء و ادغمت الياءان فصارت ديمومة مشددة الياء ثم حذفت الثانية تخفيفاً لثقل المشددة علي اللسان في اواسط تلك المصادر فكذلك اعلال المشتق اعلال المشتق منه و هذه القاعدة ايضاً جارية في اعلال القيوم الا في حذف الياء لقلة حروفه فأصله قيووم علي وزن فيعول فبعد القلب و الادغام صار قيوماً. بالجملة، و صاحب القاموس زعم الديموم فيعولا فلاجل ذلك ادرجه في دم المضاعف مع الديمومة و فسرهما بالفلاة الواسعة و علي ما فسره لايخلو كون الديموم اسماً للّه سبحانه من تكلف هو باعتبار الوسعة و اما كونه من الاجوف فلا تكلف فيه و قد صرح في القاموس ايضاً بالديمومة مصدراً لدام يدوم و الجوهر غير متوهم و ان ذكره في القاموس متوهماً.

بالجملة، فالديموم القيوم هو القديم الدائم القائم علي كل نفس و علي كل شيء و لكل نفس و لكل شي‏ء مرتبة([79]) و مكان و وقت و اين و كم و كيف و ليس كمثله سبحانه شي‏ء اذ الاشياء برمتها صارت اشياء بمشيته سبحانه و ايجاده و الا كانت ممتنعة و في عرصة المحال و لا عرصة كما ان مصنوع كل

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 215 *»

صانع ممتنع الوجود الا بصنعه فبمشيته سبحانه صارت الاشياء ممكنة بعد ايجاد امكاناتها فهي برمتها من حيث انفسها و لا انفس لها ممتنعة و بنفس اضافتها الي فعله صارت موجودة كما شاء و اراد و هو سبحانه هو ليس كمثله شي‏ء.

بالجملة، فهو القديم الذي لم‏يكتسب وجوداً من غيره كما لم‏يكتسب كمالا من غيره اذ غيره خلقه كائناً ما كان و هو سبحانه كان قبل الكان و بعد الكان قبل القبل و بعد البعد و لا قبل له و لا بعد فجميع ما ينبغي له من الكمال من الصفات و السمات كلها بدئت منه ازلا ابداً من غير ترقب و انتظار غير قابلة للزيادة و النقصان و لاتغير فيها ابداً اذ التغيرات في المتغيرات كلها بفعله سبحانه كما روي لايغير الشي‏ء من جوهريته الي جوهر آخر الا اللّه فلايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه. قال7 كنا بكينونته قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين موجودين ازليين و لايلزم من وجود الكمالات له سبحانه ازلا ابداً تعدد القدماء اذ القديم هو اللّه سبحانه و هو وحده ازل الازال من غير انتقال و لا زوال و لكن القديم وحده هو العالم القادر الحكيم و هكذا له الاسماء الحسني ازلا ابداً و هي صادرة منه عائدة اليه لا فرق بينه و بينها الا انهم عباده و خلقه فتقها و رتقها بيده سبحانه و قد مر ما يغنيك ان اردت ما يعنيك.

بالجملة، فصفاته و اسماؤه كلها مخصوصة به سبحانه لاتوجد في غيره و اعلي جميع اسمائه العالم كما روي عنهم: بالعلم كانت المشية و بالمشية كانت الارادة الي آخر الحديث فلاجل ذلك اردفه7 بالـديموم القيوم فقال7:

و عالم كل معلوم.

فان اردت الدراية عن الرواية فأصغ لما اقول فانه من آل الرسول9 و قد روي عنهم: حديث تدريه خير من الف

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 216 *»

ترويه فاعلم ان كل صانع ما لم‏يعلم جميع ما يحتاج اليه مصنوعه من البداية الي النهاية قبل صنعه اياه لم‏يقدر عي صنعه اياه اللهم الا ان‏يكون آلة بيد الصانع العليم كما تري من فعل النباتات علي نظم الحكمة مع ان النفس النباتية جاهلة و كذلك الافعال الطبيعية من الحيوانات و ظواهر الاناسي جارية علي نظم الصواب و الطبيعة بنفسها غير قادرة و لا عالمة فيكون ذلك من صنع الصانع العليم الحكيم جلت حكمته فتدبر في ذلك و لاتكن([80]) من الغافلين أماتري اهل الصنائع لو لم‏يكن لهم علم بجميع مراتب صنائعهم من البداية الي النهاية و كل ما يحتاج اليه مصنوعاتهم من الاسباب و الالات و المواد و الصور و الهيئات لم‏يقدروا علي صنعة مصنوعاتهم فلابد للنجار مثلا من علم له بالنجارة قبل النجارة و بالخشب و بأن كل مصنوع يصلح لان‏يصنع من اي خشب فان الاخشاب مختلفة و لايصلح لكل مصنوع كل خشب فينبغي للسرير خشب من شجر خاص و للباب من شجر و للصندوق من شجر و هكذا في كل ما يصنع من الخشب لابد لكل مصنوع خاص خشب خاص و لابد للنجار من العلم بذلك و الا لم‏يقدر علي صنعة ما يريده من المصنوعات الخشبية و لابد له ايضاً من العلم بأسباب النجارة و آلاتها من المنشار و القدوم و المثقب و سائر ما يحتاج اليه النجارة من الاسباب و الجهل بكل واحد من الالات مانع لتحصيله و بدونه لاتتم النجارة كاملة و كذا لابد له من علم بكيفية استعمال كل واحد من الالات في الخشب فمنها ما ينبغي ان‏يستعمل بقوة قوية و منها ما ينبغي ان‏يستعمل بقوة ضعيفة فبأية كيفية اخلت فقد اختل امر النجارة فلاتتم و كذا لابد له من علم بكيفية التحريك للالات فمنها ما يقتضي تحريكه من الاعلي الي الاسفل و منها بالعكس و منها من اليمين الي الشمال و منها بالعكس و منها من القرب الي البعد و منها بالعكس و بالجهل بكل آلة و كيفية استعمالها من البداية الي

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 217 *»

النهاية لاتتم النجارة بتة و العمل بذلك كله كلية و جزئية لابد و ان‏يكون قبل الصنعة فبمحض القدرة علي شي‏ء من دون علم لاتتم الصنعة بتة فالعلم هو المتبوع الحقيقي و القدرة تابعة له كما ان تعلق القدرة بالالات و استعمالها في الخشب تابع له كما ان السرير من البداية الي النهاية تابع له فالعلم متبوع حقيقي و القدرة متبوع اضافية كما ان رؤس القدرة الجزئية بعد القدرة الكلية متبوعة اضافية كما ان الالات متبوعة اضافية بعد الرؤس و كل جزء من اجزاء السرير تابع للالات و الالات تابعة للرؤس و الرؤس تابعة للقدرة الكلية و هي تابعة للعلم و هو المتبوع الحقيقي و تري جميع ذلك ان كنت ذا عين بصيرة في صنعة كل صانع و كسب كل كاسب ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور الا ما كان بنفسه آلة من الالات كما اشرنا اليه سابقاً أفرأيتم النشأة الاولي فلولا تذكرون فتذكر و لاتكن بعد الذكري مع الغافلين و قل الحمد للّه رب العالمين.

فلاتقل ان العلم تابع للمعلوم و المعلوم انت و احوالك فليس للّه ان شاء فعل و ان شاء ترك و اترك اهواءهم و توهماتهم فقل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر و الحق اقول من آل الرسول9 بالعلم خلقت المشية و بالمشية كانت الارادة و بالارادة كان القدر و به كان القضاء فأمضي بعدها ما مضي و ما يأتي ما من شي‏ء في الارض و لا في السماء الا بسبعة بمشية و ارادة و قدر و قضاء و اذن و اجل و كتاب فمن زعم نقص واحدة منها فقد كفر فالاشياء كائنة ما كانت و بالغة ما بلغت تابعة للكتاب و الاجل و الاذن و هي تابعة للقضاء و هو تابع للقدر و هو تابع للمشية و هي تابعة لعلمه سبحانه و له الخلق و الامر يفعل ما يشاء بقدرته و يحكم ما يريد بعزته و هو يخلق ما يشاء و يختار و هو المختار الحقيقي ان شاء فعل عن علم منه و فعل و ان شاء ترك عن علم باقتضاء تركه و حكمته و له البداء في كل رتبة فليس

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 218 *»

كل ما في علمه سبحانه في مشيته ألم‏تر انه سبحانه علم انه لو خلق خلقاً كيف ما يكون و لعله سبحانه لم‏يخلقه و لايخلقه ابداً كما لم‏يخلق لنفسه سبحانه كذباً و لا خلفاً لوعده و لا ظلماً و قد علم سبحانه ان صدورها منه كان قبيحاً و كذا لم‏يجعل المشية ارادة اذ الاولي هي الذكر الاولي و الثانية هي العزيمة علي ما يشاء كما لم‏يجعل اول الاعداد ثانيها و كذا لم‏يجعل الارادة قدراً و القدر قضاء و القضاء امضاء كما لم‏يجعل الرابع ثالثاً و الثالث ثانياً و الثاني اولا ففي كل رتبة شي‏ء لم‏يجعله في رتبة اخري فهذا هو حقيقة البداء له سبحانه في كل رتبة الا في علمه سبحانه فانه ليس له بداء فيه و قل من يعرف ذلك و ما يعرفه العارفون انه سبحانه خلق النطفة ليجعلها بعد علقة و خلقها ليجعلها بعد مضغة و خلقها ليجعلها بعد عظاماً و خلقه ليجعله بعد مكسواً باللحم و خلقه لانشاء خلق آخر و نفخ الروح فيه و نفخ لاجل الولد و هو مركب([81]) من الروح و الجسد فلو لم‏يرد خلق الولد لم‏يخلق ما يتولد منه الولد و مع ذلك كله قداخبر عن نفسه سبحانه بقوله مخلقة و غير مخلقة و نقر في الارحام ما نشاء.

بالجملة فهو سبحانه عالم بجميع معلوماته مجملة و مفصلة و كلية و جزئية و غيبية و شهادية و جوهرية و عرضية و فعلية و انفعالية كائنة ما كانت بالغة ما بلغت كل ما صدق عليه اسم الشي‏ء في اي رتبة من مراتب الامكان و الاكوان و الاعيان و المواد و الصور و الجواهر و الاعراض فهي بجميع مراتبها محتاجة الي انها معلومة للّه سبحانه و تابعة لعلمه الازلي@الاولي خ‌ل@ و مع ذلك علمه غير محتاج الي معلوماته ازلا ابداً و هو المتبوع الحقيقي قبل جميع توابعه كائنة ما كانت([82]) و جميع ماسواه توابعه ألايعلم من خلق و هو اللطيف الخبير قل اي شي‏ء اكبر شهادة قل اللّه شهيد بيني و بينكم فكيف لايكون سبحانه عالماً بالجزئيات و هو خالقها و هو اللطيف الخبير و ان

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 219 *»

لم‏يعرفه الحمير فهو سبحانه كان عليماً في ذاته بجميع معلوماته من غير زيادة و لا نقصان في ذلك العلم ازلاً ابداً من غير تغير و تغيير و انتقال و زوال من الازل الي الحدث سرمداً في مر الدهور و تحول الازمان قبل الامكان و الاكوان و الاعيان و المؤثرات و آثارها و الفواعل و افعالها و الشواخص و اظلالها و عكوسها و اشباحها و اشباح اشباحها الي ما لا نهاية لها لايغادر صغيرة و لا كبيرة الا احصاها و ذلك العلم غير مكتسب من شي‏ء منها بل هو كينونة الذات البسيطة المقدسة عن الكثرات و ليست تلك المعلومات صوراً علمية له سبحانه اذ صورها العلمية منتزعة عنها كانتزاع العكوس من الشواخص في المرآة و هي فرع وجود الشواخص في مراكزها و ذلك العلم قبل جميع المخلوقات فضلاً عن عكوسها بحيث يمتنع في ذلك العلم وجود شي‏ء من الموجودات الممكنة بل شي‏ء من امكاناتها فضلا عن آثارها و عكوسها فاذاً هو عالم و لا معلوم كما هو كان في كينونته و لم‏يوجد شي‏ء من المرسوم و يقتضي ذواتها بما هي مذكورة به في كل رتبة من مراتب الامكان ان‏تكون معلومة له سبحانه قبل ايجادها بحيث لو لم‏تكن معلومة له سبحانه لم‏تكن موجودة في مراكزها في الامكان بل تكون وجوداتها ممتنعة محضة و عدماً صرفاً فذواتها في مراكزها الامكانية محتاجة الي ان‏تكون معلومة قبل القبل في ازل الازال من غير تغير و لا زوال و تلك الحاجة هي سؤالها الذاتية لها فبذلك السؤال استجاب اللّه سبحانه دعاءها فأوجدها في اماكنها كلا بحسبه و ذلك السؤال اذن من اللّه سبحانه لها قبل ايجادها فحكم لكل واحد منها ثانياً بسؤالها الذي اذن لها ما اقتضته من الوجود فأوجدها من@في خ‌ل@ مراكزها مطابقة لما علمه سبحانه قبل احداثها تابعة لذلك العلم المتبوع لكل معلوم و ذلك تقدير العزيز العليم.

فان علمت ما اقول لعلك تقدر علي النزول في ساحة ما كتبه بعض علماء آل الرسول9 في مسألة كيفية تعلق علمه الازلي

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 220 *»

بالمعلومات و الا فلاتتعب نفسك فتضل و تضل و هو الموفق للصواب في اشارات الخطاب فان تحيرت فيما اقول بأنه كيف نعقل ان‏تكون المعلومات قبل ايجادها و وجوداتها مقتضية محتاجة سائلة و الاقتضاء فرع المقتضي و الاحتياج فعل المحتاج و فرعه كما ان السؤال فعل السائل فكيف يعقل ان‏يكون الفعل قبل الفاعل فراجع الي ما مثلنا لك آنفاً من ان كل مصنوع لزم ان‏يكون معلوماً لصانعه قبل صنعه مع انه في عرصة العدم و علمه غير محتاج الي مصنوعه لانه موجود حاصل له و لما يصنع مصنوعه فليس الصانع محتاجاً الي مادة مصنوعة في علمه و لا الي صورته بخلاف مصنوعه فانه بمادته و صورته محتاج الي صانعه و الي علمه و الي سبق وجوده و علمه علي نفسه كما ان الولد محتاج الي والديه و الي سبق وجودهما عليه فتبصر مما مثلنا لك في امر الاقتضاء و السؤال قبل السائل المقتضي فاعلم ان هذا القبيل من السؤال و الاقتضاء و الحاجة امر حالي يجري في المقال للتفهيم و التعليم و ليس بأمر مقالي صادر عن قائل فتذكر و لاتغفل فتحير و لاتبادر الي الانكار من حيث لاتشعر بما في البال من اهل الحال فتذكر قوله سبحانه بل كذبوا بما لم‏يحيطوا بعلمه و لاتستهزء به فان اللّه يستهزئ بك بك.

ثم اعلم ان العلم المتبوع غير المعلوم التابع لوجود العلم و حضوره عند العالم و لا وجود للتابع المعلوم و الحكم بأن الموجود غير المعدوم من ابده البديهيات عند اولي الالباب و كذلك العلم المتبوع لاينقلب بعد كونه موجوداً لدي العالم الي المعلوم التابع بعد احداثه و لا الي مادته و لا الي صورته و لا الي شي‏ء من مراتبه العالية و امكاناته السابقة فلو انقلب العلم المتبوع الي شي‏ء من ذلك لصار جهلا بمقدار الانقلاب. الاتري ان الصانع لم‏يقبض حصة من علمه فيجعله سريراً او باباً فليس علمه سريراً و لا باباً و لا خشباً و لا صورة سرير و لا باب و لا ماءاً و لا طيناً و لا شيئاً من الامكانات و الخزائن النازل منها السرير و الباب فان العلم المتبوع لا تغير فيه و لا زوال و

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 221 *»

لا انتقال من حال الي حال و الاشياء النازلة من الخزائن العالية و الامكانات السابقة منتقلات من دار الي دار متغيرات مطويات بيمين الجبار فتدبر فيما اقول فانه مما عرفه العقول و عرفه العلماء من آل الرسول9 لئلاتزل قدمك بعد ثبوتها و ثبتها علي ما اثبتها اللّه عليه من الفطرة الاولية التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق اللّه و لكن الشيطان المغير لم‏يشذ من تغييره الا الشاذ كما حكي اللّه عنه بقوله لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين و بقوله لامرنهم فليغيرن خلق اللّه و ليبتكن آذان الانعام و اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون فلاتكن من الغافلين.

فاعلم ايدك اللّه ان العلم الذي هو عين المعلوم هو العلم الحادث و هو مخلوق كسائر المخلوقات بالمشية التي هي مسبوقة بعلمه الازلي و هو العلم المكتوب في الكتب و الالواح كما اخبر به الخبير بقوله علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي و لاينسي فذلك العلم المكتوب في اللوح المحفوظ و في صدور الملائكة و الانبياء و الاوصياء: علم مكتوب بالقلم ن و القلم و ما يسطرون و هو الذي علمه الانسان بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم فذلك القلم المأمور بنقش الموجودات و كتبها سأل ربه سبحانه فقال و ما اكتب فقال اللّه سبحانه اكتب ما كان و ما يكون الي يوم القيامة فالموجودات الماضية الكائنة و الاتية الي يوم القيامة مكتوبات القلم علي لوح الكائنات كائنة ما كانت فذلك العلم و ذلك النقش عين المنقوش المكتوب المعلوم فما تري في كتب المشايخ الاعلام اعلي اللّه مقامهم و نور برهانهم من قولهم العلم نفس المعلوم و عينه، فانما عنوا بذلك العلم التابع الحادث بالمشية و القلم لا العلم الازلي القديم المتبوع للعلم التابع و لجميع التوابع الموجودة كما صرحوا اعلي اللّه مقامهم في غير موضع من كتبهم و رسائلهم. نعم قد يقال في بعض المواضع ان العلم عين المعلوم و المراد من المعلوم هو المفعول المطلق الذي هو اثر العلم كما

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 222 *»

تقول علم علماً فالمصدر المشتق هو تأكيد علم علي مذهب الحق و هو الذي عمله عمل فعله لا فرق بينه و بين فعله الا انه اثره و لايملك الاثر شيئاً من غير مؤثره فهو هو و هو غيره و هو عينه وجوداً و هو غيره صفة و لم‏يقع بينهما بينونة عزلة بل بينونتهما بينونة الصفة و الموصوف كما اشرنا الي ذلك مراراً بل شرحنا لاهله و بينا و اوضحنا و الحمد للّه.

بالجملة فلما كان النداء موضوعاً للطلب من المنادي و السؤال من المنادي في طلب حوائجه و طلب الانجاح منه بالالحاح و الاجابة له كما وعده بقوله ادعوني استجب لكم و بقوله سبحانه قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني فبعد دعوته بالاسماء صلوات اللّه عليه و علي آبائه طلب منه سبحانه حاجته التي امره اللّه سبحانه بطلبه بقوله ان اللّه و ملائكته يصلون علي النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليماً بدعائه روحي فداه:

صل علي عبادك المنتجبين و بشرك المحتجبين و ملائكتك المقربين و البهم الصافين الحافين.

فعباده المنتجبون علي صيغة اسم المفعول هم الرسول و آل الرسول9 الذين انتجبهم اللّه لنوره و اختارهم لسره و اصطفاهم لقدرته و ارتضاهم لحكمته و اصطنعهم لنفسه و رضيهم خلفاء في ارضه و ائمة لبريته قبل خلق الخلق اجمعين من الانبياء و المرسلين و الملائكة المقربين و السموات و الارضين و ما بينهما من الجن و الانس اجمعين قال9 كنت نبياً و آدم بين الماء و الطين و سبقه9 علي جميع ما يري و ما لايري من الخلق اجمعين من ضروريات الدين و قد صرح بذلك الكتاب المبين بقوله تعالي تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً و المراد من العالمين ماسوي اللّه و سواه كما تقرأ الحمد للّه

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 223 *»

رب العالمين فقد ضاق الخناق لمنكري فضائل نذير للعالمين([83]) و صفاته التي جبل عليها من المنتحلين و قد صرح بذلك اميرالمؤمنين عليه صلوات المصلين في توصيفه له بقوله في خطبته استخلصه في القدم علي سائر الامم اقامه مقامه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار و سر ذلك انه سبحانه اصطنعهم لنفسه و اصطنع ماسواهم لهم كما قال لموسي و اصطنعتك لنفسي و قد ورد بذلك الخبر و تجاوز عن حد التواتر و اشتهر بحيث لم‏يقدر و لايقدر علي الانكار من ادبر و استكبر لولاك لماخلقت الافلاك اي خلقتك لاجلي و خلقت الخلق لاجلك كما ورد ايضاً و سر ذلك ان الخلق لايخلو من ان‏يكون اصلا او فرعاً و مبدأ و منتهي و اباً و اماً و متولداً بينهما و الافلاك هي الاصول و الاباء العلوية و الارضون هي الامهات السفلية و سائر الخلق اجمعين هي المتولدات بين الاباء و الامهات فهي بأجمعها خلقت لاجله9 و هو بنفسه النفيسة مجبول له سبحانه كما هو محبوبه سبحانه وحده لا حبيب الا هو و اهله كما هو رواية عن دراية.

بالجملة و قد قامت الضرورة بين الخاصة و امروا بالشهادة كما امروا بشهادة ان لا اله الا اللّه في زياراتهم: بقولهم اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض و ذلك صريح في الكتاب من غير ارتياب انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيراً فطينتهم نورهم و نورهم ارواحهم و ارواحهم روح اللّه فاذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فآدم علي نبينا و آله و عليه السلام نفخ فيه من بعض روحه سبحانه و امرت الملائكة بالسجود له تكريماً لآدم و تعظيماً للّه سبحانه فما زعمك بمن فسر فيهم آية النور اللّه نور السموات و الارض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح الي قوله تبارك و تعالي رجال

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 224 *»

لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه فهم النور و نور علي نور لتمام الظهور و ابلاغ الحجة و ايضاح المحجة قل فلله الحجة البالغة و لو شاء لهداكم اجمعين و لكنه يهدي لنوره من يشاء و هو اعلم بالمهتدين.

بالجملة فعباده المنتجبون هم عباده المكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون بدؤهم منه و عودهم اليه سبحانه لا فرق بينه و بينهم الا انهم عباده و خلقه كما مر في اوائل الدعاء و هم ولاة امره المضافون اليه سبحانه و اما قوله7 و بشرك المحتجبين بالبناء للفاعل فهم المنتجبون صفة معطوفة و هم الموصوفون و لهم الحجب و هم المحتجبون باولئك الحجب كما ان اللّه سبحانه و تعالي هو المحتجب و الائمة: حجبه و تلك الحجب حاجبة للاغيار مكشوفة للاخيار باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و الباب المبتلي به الناس من اتاهم فقد نجي و من لم‏يأتهم فقد هلك الي اللّه يدعون و به يؤمنون و الي سبيله يرشدون و لدينهم شارحون و تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين نافون في كل سلف و خلف و بهم تمت الكلمة و عمت النعمة و قامت الحجة و وضحت المحجة و لولاهم لاندرست آثار النبوة و انطفأت انوار الولاية و هم بأنفسهم انوار الولاية و رواة الحكاية و ابواب السعادة و جهات العبادة و السن العبارة و اعين الاشارة و رعاة اهل البشارة و هداة المهتدين و حماة حمي الدين الذابون للشاردين الدافعون لكيد المنافقين في كل حال و حين علي نور البراهين المورثة للقطع و اليقين دون الظن و التخمين و قد جعلوا بين الخلق و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياماً آمنين من كيد الشياطين شياطين الجن و الانس اجمعين فتلك الحجب انوار السالكين غير محجوب عنهم رب العالمين يا من احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه فتدبر فيما اقول و تفكر تجد المأمول.

فاعلم ان حجبهم: انوار كما ان حجبه سبحانه انوار و

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 225 *»

بتلك الانوار يهتدي الاخيار و يفر الاغيار كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة. بالجملة فأنوارهم: حجبهم التي يحتجبون بها فمنها الملائكة المقربون و منها البهم الصافون الحافون و الصلوة عليهم من تمام الصلوة علي القري المباركة صلوات اللّه عليهم و عليهم و لاجل ذلك نهي عن الصلوة علي محمد و اهل بيت محمد9 و امروا بالصلوة علي محمد و آل محمد9 ليدخل شيعتهم في الصلوة و قد روي من غير نكير انتم من آل محمد فقال الراوي من آل محمد؟! فقال7 من آل محمد9 و روي ايضاً خصوصاً في حق سلمان الفارسي سلمان منا اهل البيت و امروا: ان‏يقال له سلمان المحمدي و نهوا ان‏يقال سلمان الفارسي و روي في كل عصر سلمان و ابوذر و روي ان لنا في كل خلف عدولا ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين فهم الحجب و الانوار لهم: و هم المحتجبون بشعاع انوارهم عن نواظر سائر الخلق كما انه سبحانه محتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه كما تقرأ في دعاء الاحتجاب يا من احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه و لاتزعم الانوار و الحجب في امثال هذه المقامات اعراضاً غير متأصلة بل الانوار جواهر متأصلة كما روي هو المحتجب و نحن حجبه و هم جواهر اوائل العلل بهم صار سائر الجواهر جواهر.

بالجملة، فشيعتهم شعاع لهم و هم جواهر و قد روي انما سميت الشيعة شيعة لانهم خلقوا من شعاع نورنا و روي شيعتنا منا كشعاع الشمس من الشمس كما روي ينفصل نورنا من نور ربنا كما ينفصل نور الشمس من الشمس فهم: جواهر نورانيون و انوار اللّه تعالي بين ظهراني الخلق فكذلك شيعتهم منهم: جواهر نورانيون و انوارهم: و حجبهم و حججهم@حجتهم خ‌ل@ علي من سواهم و قد روي عن القائم الغائب

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 226 *»

عجل اللّه فرجه اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه و قد روي عن الصادق7 انظروا الي رجل منكم قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فارضوا به حكماً فاني قد جعلته عليكم حاكماً فاذا حكم بحكمنا و لم‏يقبل منه فكأنما بحكم اللّه استخف و علينا رد و الراد علينا كالراد علي اللّه و هو في حد الشرك باللّه.

بالجملة، فلتلك الحجب و الانوار و اولئك الاخيار الابرار مراتب عديدة صاعدة و نازلة فأعلاها مرتبة@مراتب خ‌ل@ العلماء الحكماء كادوا من الحكمة ان‏يكونوا انبياء و هم البرازخ من النقباء و حقائقهم قريبة من حقائق الانبياء: فحدودهم التامة و رسومهم الكاملة ما عرفه اميرالمؤمنين عليه صلوات المصلين و هي بقاء في فناء و نعيم في شقاء و فقر في غناء و صبر في بلاء و عز في ذل و الرضا و التسليم من غير وجدان حرج في قلوبهم و خلج في صدورهم و ادناها مرتبة الانسانية و الصعود عن المرابض البهيمية الحيوانية و هي ما@هي علي ما خ‌ل@ عرفه امير المؤمنين7 ايضاً علم و حلم و ذكر و فكر و نباهة و نزاهة و حكمة و لايمكن التفصيل لضيق المجال في كيفية كل واحد من هذه الخصال و قد تكفل الكتاب المستطاب المسمي بطريق النجاة بذلك فمن طلبها وجدها فيه و من نظر و فكر فيه فهو لاقيه.

بالجملة، و بين ذين مراتب عديدة لم‏تخرج من البين و قد صعد اهلها عن السمع و البصر و الشم و الذوق و اللمس و الشهوة و الغضب و الظلم و الغشم و سائر الحدود الحيوانية فضلا عن الحدود النباتية من الجذب و الامساك و الهضم و الدفع و الربا و الزيادة و النقصان و سائر الحدود النباتية فمن وجد فيه الحدود الحيوانية و النباتية فهو حيوان او نبات ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون و ان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة فكيف ان كانت قلوبهم اشد قسوة من الحجارة نعوذ باللّه من

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 227 *»

شرور انفسنا و شرور هؤلاء فليس هؤلاء بالحجب و الانوار للائمة الاطهار عليهم صلوات اللّه الواحد الجبار القهار و هم اجل و اعظم و اكرم من ان‏يجعلوا حيواناً او نباتاً او جماداً هادياً للخلق أفمن يهدي الي الحق احق ان‏يتبع امّن لايهدّي الا ان‏يهدي او حاكماً لهم و من لم‏يحكم بما انزل اللّه فاولئك هم الكافرون و الكافرون هم الظالمون الفاسقون و اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم اللّه اني يؤفكون و هم العدو للّه و لرسوله و انبيائه و اوليائه و مشايعيهم من عصر آدم الي زماننا هذا و بعد ذلك كما اخبر اللّه سبحانه و كذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الانس و الجن يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غرورا و هم الذين اسسوا اساس الظلم و الجور علي اولياء اللّه و بنوا عليه بنيانهم و قد نصب اللّه و رسوله و اوصياؤه صلوات اللّه عليهم في مقابلهم لعنهم اللّه علماء حكماء كادوا من الحكمة ان‏يكونوا انبياء مرابطين في الثغور لاتمام النعمة و اظهار الحجة و ابلاغها الي المكلفين لتبيين الرشد من الغي و قطع العذر عنهم في السلوك الي اللّه في المحجة ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و لولا وجود اولئك الابرار في مقابل هؤلاء الاشرار لالتبس علي المسلمين امر الاسلام بغلبة الظلام من هؤلاء الطغام اللئام و لذا ورد في تفسير الامام7 لولا من يبقي بعد غيبة الامام7 من العلماء الدالين لالتبس علي المسلمين دينهم و لذا روي ان لنا في كل خلف عدولا ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين.

بالجملة فلما كان من تمام الصلوة علي النبي و آله9 الصلوة علي انوارهم و حجبهم@محبيهم خ‌ل@ كما عرفت آنفاً طلب7 و سأل ربه ان‏يصلي علي الملائكة المقربين و البهم الصافين الحافين فان الملائكة المقربين و شيعتهم الممتحنين بالايمان خلقوا من شعاع انوارهم:

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 228 *»

فالبهم كغرف جمع بهمة كغرفة و هي الجيش كما صرح به في القاموس فمعني البهم لغة هو الجيوش و للّه جنود السموات و الارض و انما عبر عن شيعته بالبهم لان قلوبهم مبهمة علي الايمان بهم و بما جعل اللّه لهم: من المراتب كما يكون بعضها في هذا الدعاء الشريف و الحرز المنيف الذي صدر عن آخر الاوصياء المرضيين عجل اللّه فرجه في اول الاشهر الحرم الاربعة الذي يجب علي المسلمين ترجيبه و تعظيمه و حفظ شعائر اللّه فيه و هم: بواطن شعائر اللّه و حقائقها و الشهر شهرهم فقد شهر مراتبهم و مقاماتهم فيه و هي مقامات اللّه و علاماته كما عرفت ان عرفت ان شاء اللّه تعالي و ذلك من قول العرب فرس بهيم اي مصمت لايخالط لونه شي‏ء سوي لونه و منه الحديث شيعتنا البهم و فيه ايضاً قلوب المؤمنين مبهمة علي الايمان اي مصمتة لايخالطها شي‏ء سوي الايمان و كما ورد في الحديث يكره الحرير المبهم للرجال اي الخالص الذي لايمازجه شي‏ء فلاجل ذلك عبر عنهم: بالبهم و لكون البهمة بمعني الشجاع الذي لايهتدي من اين يؤتي و بمعني الجيش كما في القاموس و الجنود و الجيوش لابد فيهم من الشجاعة و لاسيما جنود اللّه و جيوشه فهم المجاهدون في سبيل اللّه الذابون الدافعون عن حمي اللّه و دينه و اهل دينه و لعلك عرفت ان الجهاد جهادان الجهاد الاصغر و الجهاد الاكبر كما روي عن النبي9 بعد مراجعته من الجهاد الاصغر عليكم بالجهاد الاكبر. قيل و ما الجهاد الاكبر؟ فقال9 عليكم بجهاد النفس و هو الجهاد الذي قال اللّه تبارك و تعالي و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا حيث اكد اللّه تبارك و تعالي بلام التأكيد و نون التأكيد الثقيلة التي ثقلها تأكيد علي تأكيد اللام و لعلك عرفت ان المجاهدين بالجهاد الاصغر ربما كانوا ضعفاء العقول جديدي الاسلام و ان كانوا اقوياء في الابدان و ربما كان بعضهم منافقين في الدرك الاسفل من النار و اما المجاهدون بالجهاد الاكبر

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 229 *»

مهتدون الي سبيل اللّه و دينه باخبار اللّه تبارك و تعالي و من اصدق من اللّه حديثاً و لاتحسبن اللّه مخلف وعده فلاجل ذلك روي ان مداد العلماء افضل من دماء الشهداء.

بالجملة و توصيفه7 لهم بالصافين الحافين يشعر بأنهم قائمون بأمر الجهاد الاكبر صفاً صفاً حافين محيطين غالبين قاهرين علي الاعداء بالادلة القاطعة للاعذار المورثة للقطع و اليقين للمؤمنين و الكافرين و المنافقين و المكلفين اجمعين بحيث لم‏يبق و لايبقي لذي مقال مقال و لذي اعتذار اعتذار و لذي حجة حجة لاتمام الحجة الالهية و ايضاح المحجة فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر. ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة فذلك شأنهم الظاهر بظاهر الادلة الثلثة الحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي احسن بحيث لايتطرق فيها الخطاء و شي‏ء من الاشتباه اذ خلق وجودهم لرفع الشبهات و دفع البليات و رفع المنازعات و الاختلافات و وضع الحاكم و فائدة وجوده و ثمرة حكمه رفع النزاع بين المتنازعين و الانتظام في امور الانام و ذلك سر ارسال الرسل و انزال الكتب و لولا ذلك لبطل النظام و هلك الانام و لم‏يميز الحق عن الباطل و المحلي عن العاطل و علي اللّه سبحانه احقاق الحق و ابطال الباطل و لو كره المبطلون فلم‏يخل بخلق امثال اولئك العلماء النافين عن الدين تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و شك الشاكين و وهم المتوهمين و تحير المتحيرين و خرص الظانين و تغيير المغيرين و تلبيس الشياطين من الانس و الجن اجمعين و لولا وجود اولئك العلماء الحاكمين من عند رب العالمين في كل عصر و زمان و سلف و خلف لم‏يخضر للاسلام عود و لم‏يبق للايمان عمود و لو رضي اللّه سبحانه بهلاك خلقه من حيث لم‏يشعروا به و لم‏يعتن بنجاتهم لم‏يرسل الرسل و لم‏ينزل الكتب فارسال الرسل و انزال الكتب و وضع الشرائع و الاحكام بين الانام ادل دليل و اوضح سبيل علي عدم

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 230 *»

رضاه سبحانه بهلاك خلقه و اعتنائه التام الكامل بنجاتهم و لايرضي لعباده الكفر و ان تشكروا يرضه لكم و اعتناؤه سبحانه بنجاة الخلق اكثر و اشد من اعتنائه بخلقهم و خلق السموات و الارضين لانه قال ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و قال ربنا ماخلقت هذا باطلا فالعبادة الحقة هي العلة الغائية لخلق انفس الخلائق اجمعين فلو لم‏تحصل الغاية لصار خلق وجودهم بل خلق السموات و الارضين باطلا. أفحسبتم انما خلقناكم عبثاً فتعالي اللّه عن ذلك علواً كبيراً و لم‏يخلق اللّه سبحانه فعلا من غير فاعل و لا علماً من غير عالم و لا ديناً من غير متدين و لا ايماناً من غير مؤمن و لا اسلاماً من غير مسلم و لا حقاً من غير محق و لا دليلا من غير مستدل و لا هداية من غير هاد و لا رعاية من غير راع و هكذا كل فعل فرع لفاعله و ذلك تقدير العزيز العليم الحکيم و ابي اللّه ان‏يجري الاشياء الا بأسبابها و حكمته مقتضية لان‏يخلق الممكن و الامكان و ان‏لايتعلق فعله بالمحال و خلق الفعل من غير فاعل امر محال و ذلك بديهي بحيث لايبقي لذي مجال مجال و لذي مقال مقال و لاينكره الا الجهال و حالهم حال الحمير لدي الرجال و لايعتني بهم عقلا و نقلا في كل حال.

بالجملة هذه نبذة من حال ظاهر امر اولئك الرجال و اما امرهم في عالم الغيب و التصرفات الغيبية فلا كل ما يعلم يقال و لا كل ما يقال حان وقته و لا كل ما حان وقته حضر اهله و المختصر الذي لاينافي قصد الاختصار و خير الكلام ما قل و دل انهم الدرجات من رفيع الدرجات ذي العرش في الكرسي و فلك البروج الاثني‏عشر صلوات اللّه عليهم فهم النواب البواب و الابواب للامام7 في اجراء ما اراد في الملك و الملكوت و اسماء و صفات له7 يحرم التسمية بخصوصهم في زمن الغيبة و دولة الباطل و طغيان الطغام و عموم الظلام و غلبة اللئام فهم رجال الغيب للغائب و الغوث الاعظم و سبب غيابهم سبب غياب الغوث الاعظم عجل اللّه فرجه و سهل

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 231 *»

مخرجه و قد اشير الي نوع من البيان في ذكر حديث حدوث الاسماء للّه تعالي فهم حجب النور و قمص الظهور لمن سبقت له من اللّه الحسني و من لم‏يجعل اللّه له نوراً فما له من نور و الي اللّه ترجع الامور و الحمد للّه رب العالمين له الملك و له الامر و هو بالغه كيفما شاء و اراد و هو يبدئ و يعيد.

بالجملة بعد الصلوة و اتمامها و الامتثال لامر اللّه سبحانه بقوله يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليماً و التوسل بالوسائل لقوله سبحانه فابتغو اليه الوسيلة علم7 الاعلام جوامع الحاجات و سؤالها من رفيع الدرجات و قاضي الحاجات و مجيب الدعوات بقوله7:

و بارك لنا في شهرنا هذا المرجب المكرم و مابعده من الاشهر الحرم و اسبغ علينا فيه النعم و اجزل لنا فيه القسم و ابرر لنا فيه القسم.

فالبركة هي الفضل و الزيادة و الفضل غير العدل. فالعدل هو معاملة المثل بالمثل كالثمن و المثمن و قد عامل اللّه العدل بالعدل من غير ظلم مع اهل السيئات و جعل جزاء سيئة سيئة المثل بالمثل و اما الفضل هو المعاملة و الاعطاء من غير استحقاق من المحتاج مجاناً بلا عوض فلاجل ذلك علم اللّه سبحانه عباده ان‏يسأله من فضله فقال و اسألوا اللّه من فضله و فضله رسوله9 قل بفضل اللّه و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون اي برسوله و رحمة رسوله9 او رحمته سبحانه و هو ايضاً رحمة للعالمين فبذلك الفضل و الرحمة و البركة فليفرحوا هو خير مما يجمعون من الاعمال و الاموال لانها من آثار العباد و اكتساباتهم و ما عندكم ينفد و ما عند اللّه باق و كل حزب بما لديهم فرحون و ما لديهم من آثارهم و هي المجتثة الا المؤمنين فانهم برسول اللّه و آله9 فرحون و هم الباقون عند اللّه و من عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون فقوله7 و بارك لنا اي تفضل علينا و بارك علينا و عاملنا بفضلك الصادر منك الراجع اليك و هو من عندك و هو خير

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 232 *»

و ابقي للذين آمنوا مما يجمعون بأنفسهم و ان زكت و لايرونها منجية لهم و ان صلحت الا بولايتهم: و الايتمام بهم و الاقرار بفضائلهم و فضائلهم انهم بأنفسهم فضل اللّه و نوره و ظهوره بين العباد و هو سبحانه اوجد و اظهر منهم من انفسهم بل انفسهم نفس اللّه القائمة فيه بالسنن و عينه التي من عرفها يطمئن.

بالجملة و اما قوله7 في شهرنا هذا المرجب فالمرجب هو المعظم و اشتق من لفظ رجب و هو نهر في الجنة اشد بياضاً من اللبن و احلي من العسل.

ان في الجنة نهراً من لبن   لعلي و حسين و حسن

روحي لهم الفداء و عليهم التحية و الثناء فرجب شهرهم و نهر في الجنة و هو المرجب بترجيب اللّه سبحانه له و المكرم بالتكريم منه سبحانه و لهم دار الكرامة عند ربهم و قد اسكنوا فيها شيعتهم فهي لهم قد ملكهم مواليهم: و لاجل ذلك قال7 في شهرنا هذا فرجب شهر مخصوص بهم: و هو اول شهر من اشهر الحرم الاربعة كما قال سبحانه منها اربعة حرم و قد حرم فيها القتال و الجدال و جعل النسي‏ء زيادة في الكفر و اما قوله7 و ما بعده من الاشهر الحرم فدال علي ان طلب الفضل و البرکة في الاشهر الحرم ينبغي ان‏يكون اكثر مما في سائر الشهور و يحتاج العبد الي عناية خاصة ربانية تتعلق به ليشتغل فيها بما هو يحب و يرضاه فلاجل ذلك لم‏يقل7: ومابعده من الاشهر من شعبان و رمضان مع انهما يكونان من بعده و ذلك لاجل التعليم بأن العناية الربانية في الاشهر الحرم و الاعتناء بها اوفر و اكثر من سائر الشهور فينبغي للعباد ايضاً ان‏يتوجهوا اليه مزيداً لزيادة التوفيق فيها.

بالجملة، و لاتزعم مما اشرنا ان الاشهر الحرم اكرم علي اللّه من شهر رمضان و هو شهر اللّه و رمضان اسم من اسماء اللّه و قد روي لاتقولوا جاء

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 233 *»

رمضان لانه اسم اللّه و قولوا جاء شهر رمضان اي جاء شهر اللّه و قد حبس فيه ابليس و جنوده عن الوسوسة و السلطنة علي المؤمنين فهم فيه آمنون من شره و انما سلطانه علي الذين يتولونه و الذين هم به يشركون في حال من الاحوال و هم لم‏يدخلوا في شهر رمضان تبارك و تعالي حقيقة و قد اهله اللّه سبحانه لاوليائه خاصة اهلالاً مباركاً و قد سبقت رحمته سبحانه علي المؤمنين في حبس الشياطين و مسهم و لم‏تكن تلك السبقة منه سبحانه في الاشهر الحرم مع انها حرم يجب علي المؤمنين تعظيم شعائره فيها فينبغي لهم ان‏يسألوا اللّه من فضله و بركته ان‏يبارك فيها لهم و لاسيما في اولها الذي هو المرجب المعظم وان‏يوفقهم للقصد الي الحج و العمرة للّه و ان‏لايخذلهم في الجدال و القتال فيه.

بالجملة، فلاجل ذلك قال7 و اسبغ علينا فيه النعم و هو سبحانه سابغ النعمة و السبوغ هو الشمول و الاسباغ من باب الافعال اشمل و اوسع فلاجل ذلك دعا و سأل اللّه7 اسباغ النعم فيه علينا و التوسعة من جميع جهاتها من اعلي عليين علي الادني الذي قد دل عليه لفظ علينا و النعم جمع النعمة المحلي بالالف و اللام يفيد العموم في الظاهر و الباطن فالنعم الظاهرة هي الامن و الامان و الصحة و السعة في الارزاق و الاهل و العيال و الخدم و الحشم و الثروة و العزة و امثالها من متاع الحيوة الدنيا و هي كائنة ما كانت و بالغة ما بلغت آئلة الي الفناء و الزوال بمفاد قوله تعالي ما عندكم ينفد و ما عند اللّه باق و اما النعم الباطنة فهي الهداية و التوفيق من اللّه سبحانه بالايمان به كما عرف نفسه به و الايمان برسوله و خلفاء رسوله9 كما عرفهم و كما عرفوا انفسهم به كما هو مذكور في اوائل هذا الدعاء في اوصاف ولاة امره سبحانه و الايمان بأنهم: خلفاؤه و القائمون في مقامه سبحانه بأمره و بأنهم اولياؤه سبحانه و اولياء

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 234 *»

النعم التي انعم اللّه علي عباده و جميع خلقه و الولاية و المحبة و المودة و الاطاعة لهم: و لاوليائهم و البراءة من اعدائهم و قد نطق بذلك صريح الكتاب في مواضع عديدة بحيث لايمكن انكاره الا بانكار اصل الكتاب و ذلك مثل قوله تعالي قل لااسألكم عليه اجراً الا المودة في القربي و مثل قوله تعالي انما وليكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون و مثل قوله تعالي النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم و ازواجه امهاتهم و اولوا الارحام بعضهم اولي ببعض في كتاب اللّه من المؤمنين و المهاجرين و مثل قوله تعالي يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و مثل قوله تعالي المؤمنون و المؤمنات بعضهم اولياء بعض و اما السنة فقد تجاوزت عن حد التواتر لفظاً و معني و بلغت عرصة الضرورة بل من الضروريات الاولية الدينية امثال هذه الكلمات التامات موال لكم و لاوليائكم مبغض لاعدائكم سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم و قد صار معناها كألفاظها من الضروريات الاولية الدينية و الحمد للّه رب العالمين و المنكر لها لفظاً او معني خارج عن الضرورة التي هي احكم المحكمات من الكتاب و السنة فذلك هو الباقي عند اللّه سبحانه و بعد ذلك من النعم الباطنة هو التوفيق في طلب العلم و العمل بالفرائض و السنن و ترك المحرمات و المكروهات مما هو من فروع الدين فان الايمان هو الاعتقاد في الجنان و الاقرار باللسان و العمل بالاركان فجميع ذلك من النعم الباطنة اصلا و فرعاً و الاصل كالروح و الفرع كالجسد@کالجسد و خ‌ل@ لاينفع الفرع الجسدي الا بالاصل الروحاني كما في دعاء الاعتقاد من لااثق بالاعمال و ان زكت و لااراها منجية لي و ان صلحت الا بولايته و الايتمام به و الاقرار بفضائله و القبول من حملتها و التسليم لرواتها الي آخر الدعاء.

و كذا قوله7 و اجزل لنا فيه القسم فالاجزال في الاعطاء هو

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 235 *»

الاكثار و القسم بكسر القاف و فتح المهملة جمع قسمة بالكسر و هي النصيب و لها معان ظاهرة و باطنة كما مر في النعم و اما قوله7 و ابرر لنا فيه القسم فأبرر من باب الافعال و القسم بفتحتين هو الحلف و اليمين اي اجعل يميني فيه مبروراً كما يقال ابر اللّه حجك([84]) اي قبله و الحج المبرور الذي لايخالطه شي‏ء من المئاثم و ابر اللّه قسمه اي صدقه اي اجعل قسمنا فيه صادقاً حتي تصدقه او من قولهم لو اقسم علي اللّه لابر قسمه اي لو دعا اللّه سبحانه و اقسم عليه بأسمائه و انبيائه و رسله و ملائكته: لاجاب سبحانه دعاءه و لم‏يرده خائباً فأبر القسم بمعني اجاب قسمه عليه و دعاءه و لم‏يرده فأبرر لنا فيه القسم يحتمل جميع ذلك الا ان المعني الاخير اوفق للمقام لان الابتداء بالدعاء بالقسم علي اللّه سبحانه بقوله اللهم اني اسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك الي كثير من المواضع التي اقسم عليه يقتضي ان‏يسأله سبحانه ان‏لايرد قسمه عليه و اجابه بحرمة من تمسك بهم: و جعلهم شفعاء و وسائل بينه و بين اللّه سبحانه و من ذلك ايضاً قوله7 عجل اللّه فرجه:

باسمك الاعظم الاعظم الاجل الاكرم الذي وضعته علي النهار فأضاء و علي الليل فأظلم.

اي اقسمت عليك باسمك الاعظم الاعظم فله سبحانه الاسماء المتعددة الحسني و الامثال العليا قد امر عباده في كتابه ان‏يدعوه بها بقوله تعالي قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ماتدعوا فله الاسماء الحسني فمنها عظيم و منها اعظم من عظيم و منها اعظم من اعظم و منها جليل و منها اجل من جليل و منها كريم و منها اكرم من كريم و هكذا و منها علي و منها اعلي و منها اعلي اعلي و منها اعلي اعلي اعلي كما ورد في سائر الادعية فالاعظم الحقيقي هو الواحد و سائر الاعاظم هم الاضافيون و كذا الاجل الاكرم و

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 236 *»

كذا الاعلي و كل ذلك هم الائمة النجباء النقباء لقول الصادق الامين7 نحن واللّه الاسماء الحسني التي امر اللّه ان‏تدعوه بها فمن عرفهم: بالنورانية و الاسمية للّه سبحانه فقد عرفهم و عرف انه لايمكن السؤال من اللّه الا بهم و لايمكن معرفته الا بهم و من لم‏يعرفهم بالنورانية و الاسمية له سبحانه فلم‏يعرفهم و لم‏يعرف اللّه سبحانه فالسلام علي الذين من عرفهم فقد عرف اللّه و من جهلهم فقد جهل اللّه من اراد اللّه بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم فلا تعطيل لهم في كل مكان يعرفه بهم من عرفه فمن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا و سعي لها سعيها و هو الد الخصام نعوذ باللّه و بأسمائه من اولئك اللئام ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون يأكلون كما تأكل الانعام و النار مثوي لهم. بالجملة، و قد مرت الاشارة لاهل البشارة في حديث حدوث الاسماء فلانطيل الكلام و اللّه متم نوره و لو كره المشركون و يهدي اللّه لنوره من يشاء.

فاعلم ان كل مخلوق خلق باسم من اسمائه سبحانه كما انه سبحانه خلق الخلق باسمه الخالق و رزقهم باسمه الرازق و اماتهم باسمه المميت و احياهم باسمه المحيي و هو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شي‏ء سبحانه و تعالي عما يشركون فالخالق و الرازق و المميت و المحيي كل واحد منها تعلق بأمر خاص به و اما القادر فهو اسم عام بالنسبة اليها فلايتم واحد منها الا بالقدرة فالقادر اعم و اعظم من كل واحد منها فلاجل ذلك صار صفة ذاتية للّه سبحانه غير مسلوب عنه ابداً و لكن كل واحد من الاربعة صفة فعل له مسلوب عنه حيناً ما فهو سبحانه قبل خلقه زيداً لايعقل ان‏يكون خالقاً له فهو خالق له حين خلقه و كذا الامر في سائر صفات الفعل بخلاف الصفات الذاتية فانها غير مسلوب عنه ابداً و ان كان له سبحانه اسم اعظم منه كالفاعل فانه اعظم من القادر الاعظم من الخالق فهو الاعظم الاعظم الاجل الاكرم من القادر فان الفاعل هو الحكيم

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 237 *»

القادر و اللّه سبحانه هو الاسم الاعظم الاعظم الاعظم اذ هو الفاعل الحكيم القادر الخالق فهو الذكر الاعلي الاعلي الاعلي. بالجملة، فالاعظمية امر اضافي الي ان‏ينتهي الامر الي الاعظم الحقيقي فهو واحد لا ثاني له.

بالجملة، فالاسم الاعظم الاعظم الاجل الاكرم الذي وضعه علي النهار فأضاء و علي الليل فأظلم فهو مكتوب في باطن الشمس اذ بطلوعها و غروبها اضاء النهار و اظلم الليل علي ما تري و لكن ان عممت الاضاءة و الاظلام و الليل و النهار في كل عالم بحسبه وصلت بذلك الاسم الذي وضعه سبحانه علي النهار المطلق فأضاء و علي الليل المطلق فأظلم اذ وراء هذا العالم عوالم و وراء هذه الشموس شموس الي ان‏ينتهي الامر الي قوله سبحانه و الشمس و ضحيها و القمر اذا تليها و النهار اذا جليها و الليل اذا يغشيها فتلك الشمس المطلقة واحدة حقيقية و ماامرنا الا واحدة فجميع الانوار اشرقت من نورها فيلوح علي هياكل التوحيد آثاره. بالجملة قد ضاق المجال من تفصيل الاحوال و الاشارة كافية لاهل البشارة.

ثم اعلم ان الفرق بين الاسماء العديدة للفرد الواحد ليس كالفرق بين الافراد المتباينة و ان كانت من نوع واحد. ألاتري ان الفرد الواحد سميع بصير متحرك ساكن متكلم ساكت و هكذا الي سائر كمالاته و كل واحد اسم من اسماء الفرد الواحد فانك ان اكرمت السميع اكرمت ذلك الفرد و اكرمت البصير الذي هو اسم من اسمائه و اكرمت المتحرك و الساكن و المتكلم و الساكت و باكرامك لاسم من اسمائه اكرمت نفسه و سائر اسمائه جميعاً و ان اهنت واحداً اهنت الجميع و ان قتلت واحداً قتلت الجميع و ان كان واحد منها مديوناً كان الجميع مديوناً و ان كان واحد منها دائناً كان الجميع دائناً بخلاف الافراد فان اكرام واحد ليس باكرام سائر الافراد و اهانة واحد ليست باهانة سائر الافراد لاتزر وازرة وزر اخري فليس البينونة بين الاسماء لفرد واحد بينونة عزلة بخلاف البينونة بين الافراد من نوع

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 238 *»

واحد فانها بينونة عزلة فتذكر و لاتغفل لتفوز مع الفائزين. الاتري المباينة بين زيد و عمرو بحيث لو قتل واحد واحداً لكان القاتل حياً و المقتول ميتاً فتذكر ان مقام الاسمية للّه تعالي غير مقام الفردية للنوع الواحد فهذه هي النمرقة الوسطي يرجع اليها الغالي و يلحق بها التالي فلاجل ذلك ليس اللّه تعالي بنوع واحد لاسمائه المتعددة و اسماؤه ليست بأفراده سبحانه بخلاف النوع الواحد فان له افرادا متباينة فاذا سمعتهم: يقولون نحن واللّه الاسماء الحسني التي امر اللّه ان‏تدعوه بها فاعلم ان مقام اسميتهم غير مقام فرديتهم لحقيقة واحدة و من لم‏يفرق بين المقامين فقد وقع بين الافراط و التفريط و الغلو و التقصير و يحسبون انهم يحسنون صنعاً فالمقام البشرية منهم يأكل و يشرب و ينكح و ينام و يموت و اما المقام الاسمية لهم: فلايأكل و لايشرب و لاتأخذه سنة و لا نوم و لم‏يتخذ صاحبة و لا ولداً و هو مودع في مقامهم البشرية و حقائقهم هي النورانية للّه سبحانه قال7 اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده و قال7 ينفصل نورنا من نور ربنا كما ينفصل نور الشمس من الشمس و قل من فرق بين المقامين و الاكثرون وقعوا في طرف الافراط و التفريط لعدم التفريق.

بالجملة و لما كان مقام البشرية من البشر بعيداً عن المبدأ لايخلو من النقصان لعروض العوارض و طرو العصيان قال تعالي ان النفس لامارة بالسوة الا ما رحم ربي و هي موجبة للحرمان عن جذب الفيوض الربانية حاجبة عن الوصول الي الاعطاف السبحانية و الاجابات الجوانية و الاستجابات البرانية عطف علي السؤالات السابقة ما هو مانع عنها و هي المعاصي و الذنوب فسأل الغفران منها ما هو واقع و التوفيق لتركها مما سيقع لولا التوفيق و العناية الربانية بقوله7:

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 239 *»

و اغفر لنا ما تعلم منا و لانعلم و اعصمنا من الذنوب خير العصم.

اما ما يعلمه سبحانه منا و لانعلم فهي المعاصي المحفوظة عند اللّه تعالي المنسية عندنا او هي كل ما عندنا فانها كلها ينفد و ما عند اللّه باق قل بفضل اللّه و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون فما نجمعه من حسنات او سيئات كلها سيئات علي النظر في نقصان الحسنات و عدم خلوصها فمن كانت محاسنه مساوي فكيف لاتكون مساويه مساوي و لا يغفرها الا هو وحده وحده و العصمة فعل من اللّه سبحانه و لا عاصم غيره وحده وحده و ماكنا لنهتدي لولا ان هدانا اللّه و ما تركنا معصية الا بعصمة اللّه و حفظه و هو خير حافظاً و هو ارحم الراحمين وقاية اللّه خير من توقينا و عصمته خير العصم و اما قوله7:

و اكفنا كوافئ قدرك.

فالظاهر ان الكوافئ جمع الكافئ مهموزاً من كفأه بمعني صرفه فالكوافئ هي الصوارف عن الخيرات فقوله7 و اكفنا كوافئ قدرك كقولك و اكفنا شر ما قضيت و قنا شر ما قضيت و امثاله فهو الكافئ المغني عن صوارف قدره عن نيل المني أليس الله بكاف عبده فهو الكافي لا كافي سواه و لا وجه عندي في اخذها من الناقص الا بضرب من التكلفات و اما قوله7:

و امنن علينا بحسن نظرك و لاتكلنا الي غيرك و لاتمنعنا من خيرك.

فالانعام علينا بحسن نظره سبحانه هو عدم الوكالة الي غيره فالانعام الذي يعقبه الخذلان ليس بحسن نظره و انما هو الامهال و هو المعاملة مع الكفار و المنافقين دون المؤمنين و اما خيره سبحانه فهو ما عنده و هو خير و ابقي و ما عندنا ينفد بقية اللّه خير لكم ان كنتم تعلمون. اما قوله7:

 

 

«* الرسائل جلد 2 صفحه 240 *»

و بارك لنا فيما كتبته لنا من اعمارنا.

فالعمر المبارك هو المختوم بالخير و الايمان و الزيادة في الايمان شيئاً بعد شي‏ء ليزدادوا ايماناً مع ايمانهم و علماً مع علمهم و انما يخشي اللّه من عباده العلماء. اما قوله7:

و اصلح لنا خبيئة اسرارنا.

فالخبيئة من الاسرار هي المستورة عن الاغيار من الضمائر و النيات فاصلاحها اهم للعبد من اصلاح الظاهر اذ هي بدونه مثمرة و هو بدونها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءاً. اما قوله7:

و اعطنا منك الامان.

فاعطاء الامان من المنان سبحانه من بلايا الدنيا و الاخرة و من الشك و الشبهة في الحق بأنه حق و في الباطل بأنه باطل و من الشرك الخفي و الجلي و من المعاصي الكبيرة و الصغيرة و من الكفر و النفاق و الختم علي الايمان و هو الامان الحقيقي من الملك المنان سبحانه و تعالي. و اما قوله7:

و استعملنا بحسن الايمان.

فحسن الايمان هو الختم به من غير اعارة. فالمستعار هو المورث للحسرة و الخسران نعوذ باللّه. اما قوله7:

و بلغنا شهر الصيام و مابعده من الايام و الاعوام يا ذاالجلال و الاكرام.

فهذا آخر الدعاء و الدعاء لبلوغ شهر الصيام من اهم الامور لان فيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر و كذا الايام بعده لبلوغ الاعوام التي فيها شهر الصيام و ليلة القدر من كل واحد من الاعوام خير من عمل الف شهر و انما ختم بذي الجلال و الاكرام لمسألة اتمام الحوائج فان مقتضي الاكرام الاتمام.

و قد وقع الاتمام يوم الجمعة التاسع‏عشر من شهر رمضان المبارك من شهور سنة 1302 حامداً مصلياً مستغفراً.

 

([1]) المؤملين. خ‌ل

([2]) الحيوان. خ‌ل

([3]) الاسماء. خ‌ل

([4]) المأکول و المشروب. خ‌ل

([5]) منبئ. خ‌ل

([6]) المصوغات. خ‌ل

([7]) صيغ. خ‌ل

([8]) صيغ. خ‌ل

([9]) صيغ. خ‌ل

([10]) استخلصهم. خ‌ل

([11]) التلويح. خ‌ل

([12]) المتعلقتين. خ‌ل

([13]) انعم الله. خ‌ل

([14]) طبتم و نفسي. خ‌ل

([15]) منه. خ‌ل

([16]) ليميز. خ‌ل

([17]) ما ابدي لذي مسکة. خ‌ل

([18]) لو فرض عدم رکن. خ‌ل

([19]) لو. خ‌ل

[20] اوليائک. خ‌ل

[21] مکمنا. خ‌ل

[22] تدعوك و تدعو اليك. خ‏ل

[23] عن. خ‌ل

[24] تستقر جبالها علي مراسيها. خ‌ل

[25] اول. خ‌ل

[26] المتصورة. خ‌ل

[27] هو. خ‌ل

[28] فنفي. خ‌ل

[29] بالنقل. خ‌ل

[30] بالتعليم. خ‌ل

[31] ينفي. خ‌ل

[32] ينفي. خ‌ل

[33] بالجملة. خ‌ل

[34] الرطوبة الهوائية. خ‌ل

[35] کاتب. خ‌ل

[36] ثم.‌ خ‌ل

[37] عشرين. خ‌ل

[38] لنفي. خ‌ل

[39] به.‌ خ‌ل

[40] لبطل. خ‌ل

[41] ثابتتان. خ‌ل

[42] من. خ‌ل

[43] تحذيراً و تفسيراً. خ‌ل

[44] نسبت. خ‌ل

[45] ذاک. خ‌ل

[46] يقدر. خ‌ل

[47] جل جلاله. خ‌ل

[48] العليم. خ‌ل

[49] القريب. خ‌ل

[50] عرف زيد. خ‌ل

([51]) عالماً. ظ

([52]) قادراً. ظ

[53] فليؤمن بقولي الحق. خ‌ل

[54] الفک. خ‌ل

[55] ماغووا. خ‌ل

[56] سمائها و ارضها. خ‌ل

[57] محلي باللام. خ‌ل

[58] لمن‌. خ‌ل

[59] فعليهم عليهم السلام. خ‌ل

[60] من. خ‌ل

[61] من المدد. خ‌ل

[62] ملأت. خ‌ل

[63] شبه. خ‌ل

[64] المعصومون. خ‌ل

([65]) في الاية: من ربكم.

[66] طرف التفريط. خ‌ل

([67]) يحتمل فيه النقل بالمعني او التركيب. الناشر

[68] جابلسا. خ‌ل

([69]) عقلا و فهماً و لغة و نطقاً. ظ

[70] بلاشبه. خ‌ل

[71] المتشکلات. خ‌ل

[72] شکل. خ‌ل

[73] کذلک. خ‌ل

[74] فتدبر. خ‌ل

[75] لتفوز. خ‌ل

[76] غيوره. خ‌ل

[77] بکينونته. خ‌ل

([78]) عن ان‏يكون. ظ

[79] رتبة.‌ خ‌ل

[80] ولکن لاتکن. خ‌ل

[81] المرکب. خ‌ل

[82] کانت ما کانت. خ‌ل

[83] العالمين. خ‌ل

[84] حجه. خ‌ل