01-04 الرسائل المجلد الاول – رسالة التحفة النجفیة ـ مقابله

الرسالة الرابعة التحفة النجفية

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی‌ الله مقامه

 

المقدمة: في بيان حصر نسب الاشياء في اربعة نسبة

الفصل الاول: في شرح النسبة بين القائم و بين زيد (المؤثر و الاثر)

الفصل الثاني: في معني المکمل و المتکمل و بيان الفرق بينهما و بين المؤثر و الاثر

الفصل الثالث: في نسبة المادة الي الصورة و بالعکس

الفصل الرابع: في نسبة الغيب بالشهادة و بالعکس

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 368 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه رب العالمين و الصلوة و السلام علي خيرته محمّد و عترته اجمعين و لعنة اللّه علي اعدائهم ابدا الابدين.

و بعد  يقول العبد القاصر ابن محمّدجعفر محمّدالباقر غفر اللّه له و لوالديه و لاخوانه المؤمنين انه لما اتفق لي المسافرة بتوفيق رب العالمين الي العتبات العاليات علي مشرفها الصلوات الناميات و لاقيت بعض المؤمنين امرني بعض بشرح لقول المشايخ انار اللّه برهانهم ان ما يعبر عنه بالوجود ثلثة اقسام فهل له قسم رابع ام لا؟ و امرني بعض بكتب مختصر جامع ينطوي فيه المفصلات في امور الاعتقادات و قد لزم علي الامتثال فوعدت ان اكتب مايغنيهما في فراغ البال فلماوصلت الي النجف مشهد مولانا اميرالمؤمنين عليه صلوات المصلين وجدت فراغاً لي في بعض الاحوال فرأيت ان انجز وعدي لهما مشترطاً علي احدهما الاعراض كل الاعراض عن القواعد التي رآها و سمعها من غير متبعي آل الرسول المختار عليهم صلوات‏ اللّه الملك الجبّار فانهم ما لهم بذلك من علم ان يتّبعون الا الظن و ان الظن لايغني من الحق شيئاً و لاتغتر بتسميتهم ظنونهم ادلة عقلية اذ لو كانت عقلية لماادتهم الي الاستبداد بالرأي و الي عدم الاحتياج الي الاوصياء المرضيين و الخلفاء الصالحين لخلافة رسول رب العالمين عليهم صلوات المصلين فاعرض عن من تولي عن ذكرنا و لم‏يرد الا الحيوة الدنيا فانك مادمت واجداً لكلمات غير متبعي آل اللّه الاطهار سلام ‏اللّه عليهم حلاوة لاتكاد تدرك حقيقة([1])

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 369 *»

كلمات المتبعين سلام ‏اللّه عليهم اجمعين لان مرادهم في([2]) كلامهم نور و مراد غيرهم ظلمة و لايجتمعان في قلب واحد و ما علينا الا البيان فاختر لنفسك مايحلو.

بالجملة فها انا ذا ذاكر@اذکر خ‌ل@ لكم مختصراً جامعاً نافعاً بعون اللّه تعالي و سميته بـ«‌التحفةالنجفية» علي مشرفه@مشرفها خ‌ل@ آلاف الثناء و التحية.

فاقول بواسطة آل الرسول: ان نسبة جميع ماسوي اللّه سبحانه اليه علي حد سواء اذ ليس له سبحانه جهات شتّي و حيوث مختلفة كل جهة و حيث موافق لشي‏ء مخالف لشي‏ء آخر و ذلك لاحديته الحقيقية و بساطته الذاتية و عدم نهايته و غايته الي ما لا نهاية اذ هو فوق اللانهاية اذ النهاية غير اللانهاية و اذا جاء الغيرية جاء الحد و اذا جاء الحد جاء التركيب و الحدوث و الاحتياج فكل ماسواه لديه علي حد سواء فـماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل‏ تري من فطور  و ما امرنا الا واحدة، سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم، و في انفسكم افلا تبصرون. فاذا كان الامر كذلك ففي كل شي‏ء([3]) تفكرت و تفطنت و وجدته علي ما خلقه اللّه و وضعه في محله تقدر علي اجراء حكمه فيماسواه لا علي سبيل الحدس و القياس بل علي الوزن بالمقياس و القسطاس المستقيم و ذلك خير و احسن تأويلا و قد قال الرضا7 قد علم اولواالالباب ان الاستدلال علي ماهنالك لايعلم الا بماهيهنا و قال الصادق7 العبودية جوهرة كنهها الربوبية فماخفي في الربوبية اصيب في العبودية و مافقد في العبودية وجد في الربوبية و قال7:

أتزعم انك جرم صغير   و فيك انطوي العالم الاكبر

و قال7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 370 *»

و قال7 من عرف نفسه فقد عرف ربه و قال7 اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه فاعرف نفسك تعرف ربك فاذ@فاذا خ‌ل@ عرفت ربك عرفت جميع ماسواه لانه باحاطته شهيد عليها أولم يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شي‏ء محيط.

بالجملة اذا عرفت شيئاً من الاشياء علي ما خلقه اللّه بفطرة اللّه التي فطر الناس عليها و لم‏تغير و لم‏تبدل@لم‌تتبدل خ‌ل@ خلق اللّه بالفطرة الثانية المغيّرة تعرف جميع الاشياء لاتري فيها عوجاً و لا امتاً لانه ان كان في جميعها جوهر و عرض كذلك في واحد منها ايضاً جوهر و عرض و ان كان فيها ذات و صفة بحسبها كذلك فيه ذات و صفة بحسبه و ان كان فيها اصل و فرع كذلك فيه اصل و فرع و ان كان فيها غيب و شهادة كذلك فيه غيب و شهادة و ان كان فيها ثابت و زائل فيه@کذلک فيه خ‌ل@ ايضاً ثابت و زائل و ان كان فيها اصول و اعراض كان@کذلک خ‌ل@ فيه ايضاً اصول و اعراض بحسبه و ان كان فيها دنيا و برزخ و آخرة بحسبها كذلك كان له دنيا و برزخ و آخرة و ان كان فيها سرمد و دهر و زمان و مكان كان له ايضاً بحسبه سرمد و دهر و زمان و مكان و ان كان لها اضافات و نسب و اوضاع كذلك له مثل ذلك بحسبه كائناً ماكان و بالغاً مابلغ بحيث لاتجد فيها شيئاً الا و قد وجدت فيه ذلك الشي‏ء بحسبه@در دو نسخه خطي «کائناً ماکان بالغاً مابلغ» در اينجا نوشته شده بود و در خط بالا نبود@من العرش الي الفرش بل ممايمكن ان‏يشير فيها باشارة اليه يوجد فيه بحسبه بحيث اذا عرفته علي ماينبغي لاتحتاج الي تحصيل علم جديد في شي‏ء من الاشياء فان كان فيها علة و معلول و مادة و صورة فيه ايضاً جميعها و ان كان فيها بساطة و تركيب فيه ايضاً بحسبه بساطة و تركيب و ان كان فيها ما لايسمي و لايوصف فيه ايضاً كذلك بحسبه و ان كان فيها فوق ذلك فيه ايضاً فوق ذلك بحسبه و ان كان فيها مراتب و مقامات فيه ايضاً مراتب و مقامات و ان كان فيها اثر و مؤثر فيه ايضاً اثر و مؤثر و ان كان فيها مكمل و متكمل فيه ايضاً كذلك و ان كان فيها اشراق من المراتب العالية الي الاداني فيه ايضاً اشراق من اعاليه الي

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 371 *»

ادانيه بحسبه و ان كان فيها اكسابات و اكتسابات فيه ايضاً اكسابات و اكتسابات و ان كان فيها صعود و نزول فيه ايضاً صعود و نزول و ان كان فيها مصاقعات فيه ايضاً مصاقعات الي غير ذلك من الاشياء فاصغ لما اقول و اعتبر من قول([4]) المشايخ انار اللّه برهانهم لتصل بالمأمول حيث قالوا «من عرف زيد قائم عرف التوحيد بحذافيره» و قالوا «من عرف زيد قام قياماً عرف حقائق الموجودات بتمامها».

فاقول و باللّه المأمول بوساطة آل الرسول: ان النسب الواقعة بين الاشياء تنحصر في اربعة لا خامسة لها([5]) و هي نسبة المؤثر الي اثره و كذا العكس و نسبة المكمل الي المتكمل و كذا العكس و نسبة المادة الي الصورة([6]) و كذا العكس و نسبة الغيب الي الشهادة و كذا العكس و تلك النسب الاربع موجودة في كل شي‏ء بحسبه فان له مؤثراً@مؤثر خ‌ل@ لامحالة و له اثر لامحالة و له مادة و صورة لامحالة و له اثر في غيره لامحالة و متأثر من غيره لامحالة و له غيب و شهادة لامحالة بحسبه و تلك النسب ظاهرة في «زيد قائم» كمال الظهور لمن ميّز الظلمات من النور و من لم‏يجعل اللّه له نوراً فما له من نور بل يوجد فيه مايوجد في جميع العالم مشروحاً مفصلاً و كأين من آية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون. فلنعنون لكل نسبة من تلك النسب فصلاً ليمتاز كل من كل و لاحول و لاقوة الا باللّه العلي العظيم.

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 372 *»

الفصل الاول

في شرح النسبة بين القائم و بين زيد و قد اصطلحوا لهما لفظ

المؤثر و الاثر للتميز([7]) بينهما و بين المكمل و المتكمل

فاعلم ان اللّه سبحانه احدث القائم بزيد و ابي ان‏يحدثه بغيره او بنفسه فانه لو احدثه بغيره لصار ذلك الغير قائماً دون زيد و كذا لو احدثه بنفسه لصار مستقلاً غير محمول علي زيد كعمرو المستقل الذي هو غير زيد فزيد يده سبحانه في اجراء فعل القيام و قد ابي ان‏يجري الاشياء الا باسبابها ففكر في زيد و قائم في قولك «زيد قائم» كل الفكر ان زيداً هو القائم علي الحقيقة ليس غيره قائماً ابداً مع انه قاعد علي الحقيقة ليس غيره قاعداً و هو المتحرك لا متحرك سواه و هو الساكن لا ساكن عداه وحده وحده لاشريك له فيها و في جميع ظهوراته متوحد متفرد ليس له شريك في ملكه ابداً ابداً فمن عرف واحداً منها فقد عرف زيداً علي الحقيقة و من جهل واحداً منها فقد جهل زيداً علي الحقيقة و من احبه احبه و من ابغضه فقد ابغضه و من اطاعه فقد اطاعه و من تولّي عنه فقد تولّي عنه و من انكره فقد انكره و من جحده فقد جحده و هكذا جميع النسب و الاضافات @التي خ‌ل@ تضاف الي واحد من ظهوراته لانها هي السبيل اليه لا سبيل له غيرها([8]) و لولاها لم‏يكن لزيد ظهور و لو لم‏يكن ظاهراً لكان خفياً بل@خفياً و خ‌ل@ الخفاء ايضاً من ظهوره بالخفاء بالقول الاعم. فلو لم‏يكن له ظهور لم‏يكن زيد اذ هو بها صار زيداً و لولاها لم‏يكن زيد@زيداً خ‌ل@ و لو جهلتها جهلت زيداً و ان عرفتها عرفت زيداً و ان خفيت خفي زيد و ان حضرت حضر زيد و لايعقل لزيد القيام الا في القائم و لا القعود الا في القاعد و لا التحرك الا في المتحرك و لا السكون الا في الساكن مع انه هو القائم القاعد المتحرك الساكن وحده لا شريك له ليس هو بذاته قائماً و لا قاعداً و لا متحركاً و لا ساكناً و هكذا في جميع صفاته

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 373 *»

ففكر فيه و في صفاته و لاتسامح فانه لو كان بذاته هذه الظهورات لكان متعدداً لانها متعددة /بالبداهة و لو كانت هي بذواتها اياه هو بذاته لكانت واحدة و هي متعددة بالبداهة فزيد واحد بالبداهة و صفاته متعددة بالبداهة و يمتنع ان‏يكون الواحد متعدداً و المتعدد واحداً/@اين قسمت در خ‌ل اين‌طور بود: بالبداهة و المتعدد ليس واحداً فزيد واحد بالبداهة و صفاته متعددة بالبداهة و يمتنع ان يکون الواحد متعدداً و لو کانت هي بذواتها هو بذاته لکانت واحدة و هي متعددة بالبداهة@ فكل ما يمكن في المتعددات ممتنع في الواحد و كل مايجب في الواحد يمتنع في المتعددات. ففكر كل الفكر لئلاتزل قدمك بعد ثبوتها فان كانت هي عين زيد فلم صارت متعددة و ان كانت غير زيد فاي شي‏ء هي؟ أهي عمرو او بكر او سماء او ارض؟ و اي شي‏ء هي غير زيد؟ فزيد هي و هي زيد لكن زيداً واحد و تلك متعددة و يمتنع ان‏يكون الواحد متعدداً و المتعدد واحداً فهو هي عياناً شهوداً@عياناً و شهوداً خ‌ل@ و ظهوراً و هو غيرها تعدداً و تكثراً و هي غيره بساطة و جمعاً و شمولاً فهو داخل فيها لا كدخول شي‏ء في شي‏ء و خارج عنها لا كخروج شي‏ء عن شي‏ء داخل فيها حين كونه خارجاً خارج عنها حين كونه داخلاً داخل فيها من حيث كونه خارجاً خارج عنها من حيث كونه داخلاً اذ هو في ذاته لاتعدد فيه و لاحيوث و لاشي‏ء غير نفسه وحده وحده.

فدقق كل التدقيق لئلاتقول ان زيداً بزيديته في ذاته و وحدته كل صفاته المتعددة المتكثرة ففكر في المتحرك و الساكن فاذا فكرت عرفت انهما شيئان متباينان متناقضان لايجتمعان و لايرتفعان فاذا كان المتحرك موجوداً يكون الساكن معدوماً و اذا كان الساكن موجوداً يكون المتحرك معدوماً و يمتنع وجودهما في الخارج كمايمتنع عدمهما فلو كان زيد هو المتحرك يمتنع ان‏يكون ساكناً و لو كان بذاته ساكناً يمتنع ان‏يكون متحركاً و لو كان كليهما جميعاً يلزم ان‏يكون هو في ذاته نقيض ذاته لان المتحرك نقيض الساكن فيلزم ان‏يكون هو في ذاته حين كونه موجوداً يكون معدوماً لان المتحرك حين كونه موجوداً يكون الساكن معدوماً فبمضادته بين المتضادات علم ان لا ضد له و بتنقيضه بين المتناقضات علم ان لا نقيض له و بتشبيهه بين

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 374 *»

المتشابهات علم ان لا شبه([9]) له و مجمل القول بتعديده بين المتعددات علم ان لا تعدد له ليس كمثله شي‏ء من الظهورات فهو سبوح قدوس عن جميع النسب الواقعة بينها فليس ‏بينها و بينه فصل و لا وصل و لا اتصال و لا انفصال و لا قرب و لا بعد و لا تشبيه و لا تعطيل و لا ربط و لا قطع هو هو و هي هي فمن عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة قال الصادق7 لهشام يا هشام الخبز اسم للمأكول و الماء اسم للمشروب و النار اسم للمحرق فافهم المثل الذي به يظهر الحق و لا تكن من اهل الجدل.

فالمتحرك ذات ثبت لها الحركة و الساكن ذات ثبت لها السكون و هكذا الامر في باقي الصفات فكل صفة تقوم بموصوفها و موصوفها هو الذات الظاهرة بها لا غيرها فكل موصوف محاط بصفته و صفته محيطة به من جميع اقطارها و هو محبوس محصور بها كالنار المحبوسة المحصورة بصورة الحرارة و اليبوسة فالحرارة و اليبوسة محيطة بالنار من جميع اقطارها فيهما@فبها خ‌ل@ صارت ناراً غير الماء و الماء محصور محبوس بصورة البرودة و الرطوبة و بهما صار ماء غير النار فصارا متباينين

فكذلك المتحرك بالحركة المحيطة به صار متحركاً غير ساكن و الساكن بالسكون صار ساكناً غير متحرك فصارا متباينين بينونة عزلة و زيد في ذاته غير محصور و لا محبوس بشي‏ء من حدود صفاته فلذلك صار ظاهراً لكل صفة بنفسها لا بنفسه فتجلي لها بها و بها امتنع منها الا انهم في مرية من لقائه الا انه بكل صفاته محيط فليس بينه و بينها بينونة عزلة و ان كان بينه و بينها بينونة صفة بمعني ان كل صفة منه غير الصفة الاخري لانها كلها محدودة محاطة و حدودها محيطة بها و بها صارت متعددة ولكنها لاتحيط بذات زيد بل ذاته تحيط بها فلاجل انه غير محدود صار فيها بلا نهاية ما من نجوي ثلثة الا هو رابعها و لا خمسة الا هو سادسها و لا ادني من ذلك و لا اكثر الا هو معها بمعية

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 375 *»

لا تناهي لها فانه مع المتقين و المحسنين و المتقون و المحسنون لايشركون و هم موحدون حق التوحيد لانها كلها ظهور زيد و زيد@ظهور زيد خ‌ل@ هو القائم القاعد المتحرك الساكن وحده وحده و لايكون عمرو في قولك زيد قائم بقائم و لا في زيد قاعد بقاعد و كذا في سائر صفاته هو بوحدته ظاهر فيها لايشاركه فيها احد سواه و لا ذكر فيها لماعداه فهم رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر زيد فاذا اتجروا اتجر زيد و اذا باعوا باع زيد و اذا تحركوا تحرك زيد و اذا سكنوا سكن زيد و اذا تكلموا تكلم زيد و اذا سكتوا سكت زيد و اذا اعطوا اعطي زيد و اذا منعوا منع زيد و هكذا و مع ذلك زيد واحد بالبداهة و هم متعددون بالبداهة و الواحد ليس بمتعدد بالبداهة و المتعدد ليس بواحد بالبداهة فله الاسماء التي تنبئ عن المسمي و المسمي واحد و الاسماء متعددة بل هو بنفسه ليس بمسمي لان المسمي موصوف و اسم مفعول ظاهر بالاسم و الاسم صفة لموصوف و هو بنفسه هو بل ان قلت هو هو فالهاء و الواو كلامه فالهاء لتثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغائب عن درك الحواس و الغائب محصور بالغيبية كما ان الشاهد محصور بالشهادة و هما متعددان و زيد واحد و الواحد ليس بمتعدد و يمتنع ان‏يكون الواحد متعدداً و المتعدد واحداً فكل معدود غير الاخر و هو ليس بغير الاخر و لا بعينه و غيوره تحديد لماسواه من المعدودات و المحدودات و ليس بعين المعدودات لانها محدودات و ليس بموادها لانها محدودات بصورها و المادة غير صادقة علي الصورة و ليس بصورها لانها مخصوصة بموادها و الصورة غير صادقة علي المادة و ليس بغيبها لانه غير صادق علي الشهادة و ليس بشهادتها لانها غير صادقة علي الغيب و ليس بارواحها لانها غير صادقة علي الابدان و لا بابدانها لانها غير صادقة علي الارواح و ليس بحقيقتها لان الحقيقة غير صادقة علي الحجب و ليس بحجبها لانها غير صادقة علي الحقيقة بل هو ظاهر و هي كلها ظهوره و الظاهر في الظهور اظهر من نفس الظهور موجود في حضرتها و غيبتها

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 376 *»

و سرها و علانيتها و غيبها و شهادتها و اوجد في جميع امكنتها منها بحيث اذا نظرت الي زيد لاتجد ماسواه فهو هو لا شي‏ء سواه بل اذا جسست الديار ديار القائم و القاعد لاتجد سوي زيد و اذا تعمدت النظر الي القائم بخصوصه وجدت زيداً لانه زيد قائم و ليس بغيره قائماً ولكن المتهيئ بهيأة القيام هو الظاهر بالقيام و المتهيئ بهيأة القعود هو الظاهر بالقعود فكل واحد منهما غير الاخر فالضمير المستتر في القائم و القاعد يرجع الي اعلي درجاتهما لا الي زيد المعري عن جميع الهيئات و اعلي درجة كل اسم هو المسمي و اعلي درجة كل صفة هو الموصوف.

فذات زيد ليست بموصوفة و لا بمسماة نعم لها ظهور جامع في اعلي درجات المسميات و الموصوفات فذلك هو الظاهر الجامع لجميع صفاته الكمالية المستجمع لكل صفة و اسم و ذلك هو الاسم الاعظم الاعظم ‏الاعظم و الذكر الاجل الاعلي الاعلي الاعلي و لهما ايضاً مسمي و موصوف اعظم و اعظم و اعظم و هو اعلي درجات الصفة و الاسم الاعظم الاعظم الاعظم فذاته اكبر من ان‏توصف و اجل من ان تنعت فبين هذا الاعظم الاشمل الاوسع و بين كل واحد من القائم و القاعد و هكذا سائر الظهورات مقام الواسطة الكبري و الاية العظمي و هو الذي يقدر ان‏يظهر باي ظهور و يتجلي لكل نور المتقلب@و يتقلب خ‌ل@ في جميع الصور كيفما شاء و اراد و هو اول التجليات و  مبدأ الكثرات و الكثرات ايابهم اليه و حسابهم عليه و اليه التفويض و عليه التعويض و اما المقام الاول فهو آية اللّه سبحانه فليس باول و لا آخر([10]) بل هو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شي‏ء عليم اذ كل شي‏ء بنفسه علمه و ذلك الذي كان قبل الكان و قبل القبل في ازل الازال في عرصة زيد و هو آية اللّه سبحانه في ملكه و يحذركم([11]) ان‏تجعلوه مخلوقاً

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 377 *»

اي اسم مفعول بل ليس وراءه المنتهي و اليه المنتهي و لديه الاخرة و الاولي و الذي فوق ذلك فلايمكن ان‏يعبر عنه بتعبير و لا اشارة و لا كناية كيف لا و ليس هو فوق شي‏ء و ليس وراء المقام الاول الحقيقي شي‏ء و اني؟ و هو الذي له ذات الذوات في عرصة زيد و هو آية اللّه سبحانه في ملكه و اما فوق ذلك فكيف يمكن التعبير عنه؟ و انما الحظ مايدركه اللحظ و السلام علي من عرف الكلام.

بالجملة فالمقام الاول مقام ذات زيد و المقام الثاني الذي يقدر ان‏يظهر بكل صفة هو مقام فعله و المقام الثالث الذي هو مقام القائم و القاعد هو مقام مفعوله المطلق ففي هذه المراتب زيد و فعله و مفعوله ليس شي‏ء سواه و سوي فعله و مفعوله و فوق ذلك مقام لاينسب اليه شي‏ء و لايقال في حقه انه مقام و ليس له فعل و مفعول لعلوه عن تلك التعبيرات بل هو هو بلا هو و بلا هاء و لا واو و انما يدرك جميع ذلك من كان له قلب او القي السمع و هو شهيد و من لم‏يجعل اللّه له نوراً فما له من نور فلايتعب نفسه.

فان عرفت مااقول احببت ان‏تعرف ماينفعك ان‌شاءاللّه و هو رمز مبهم و ان فصل في خلال البيان و هو انه قد عرفت ان‌شاءاللّه ان الخبز اسم للمأكول فابتغ موقع كل صفة تريد و ليس كل صفة يغنيك و ينفعك. الاتري انه يكون من صفاته المانع فالمانع يمنع البتة فابتغ المعطي لا المانع و ابتغ الرحيم لا المنتقم و لايخدعنك النفس و الشيطان بان زيداً هو المعطي و هو المانع و هو الرحيم و هو المنتقم و اني كشفت حجاب المنع و الانتقام و وصلت الي زيد و هو مرادي و مطلوبي فان سولت لك ذلك ففكر انك بنفسك ايضاً بالنسبة الي الاعلي كالقائم و القاعد و لاتحتاج@القاعد لايحتاج خ‌ل@ في الوصول الي العالي الي غيرك كما ان القائم في الوصول الي زيد لايحتاج الي القاعد و ان كان الامر كذلك ففيه ابطال للدين و السير الي اللّه رب العالمين و قد زلت فيه اقدام كثير من السالكين و ضلت احلام كثير ممن زعموا انهم

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 378 *»

من العارفين.

فاعلم ان القاصد و المقصود كليهما@کلاهما خ‌ل@ من الظهورات و الذات بنفسه معراة عن حدودهما و القاصد يقصد المقصود لا غير و من ابتغي وراء ذلك فاولئك هم العادون([12]) قال اميرالمؤمنين عليه صلوات المصلين الطريق مسدود و الطلب مردود دليله آياته و وجوده اثباته و قال7 رجع من الوصف الي الوصف و دام الملك في الملك و قال الجأه الطلب الي شكله.

ثم اعلم انه من لم‏يتمسك بزيد القائم او القاعد او واحد من ظهورات زيد كان له زيد لفظي ان تلفظ به و ليس له زيد المؤثر ابداً و الزاء و الياء و الدال ليست بزيد لا مرکبة و لا منفردة و انما الناس مشترکون مع المؤمنين في الزاء و الياء و الدال و لذلك انكروا علي القائم و القاعد و لم‏يبالوا في جهلهم بهما و المؤمن قليل و المؤمن قليل و المؤمن قليل و المؤمن اقل من الكبريت الاحمر و السلام علي من عرف الكلام و وصل الي المرام و لايعبؤ بباقي العوام الذين هم كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون فلايغررك تقلّب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم و لبئس المهاد و ليس لي مجال ازيد مما بان في هذا الميدان.

الفصل الثاني

في معني المكمل و  المتكمل و قلّ من فرق بينهما و بين المؤثر و الاثر

فالفرق بينهما ان الاثر بالنسبة الي المؤثر يوجد باحداث المؤثر و هو المفعول الحقيقي له و هو المفعول المطلق كقولك زيد ضرب ضرباً فزيد هو الفاعل و ضرب فعله و ضرباً مفعوله الحقيقي او كقولك زيد قام قياماً فزيد هو الفاعل و قام فعله و قياماً مفعوله المطلق الحقيقي فتلك المراتب الثلث كل واحد واقف في مقامه لاينزل العالي بذاته الي الرتبة

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 379 *»

الدانية و لايصعد الداني بذاته الي الرتبة العالية فزيد زيد ابداً و زيد ليس بضرب و ضرب ليس بزيد و انما ضرب فعله احدثه به لا بذاته و لا بشي‏ء سوي ضرب و ضرب ايضاً لاينزل بنفسه في رتبة ضرباً و انما احدث الضرب بنفسه لا بذاته فتجلي كل رتبة عالية للداني بنفس الداني فكل شي‏ء بالنسبة الي مؤثره القريب مخلوق بنفسه ماتري في خلق الرحمن من تفاوت ولكن ينبغي لك التفكر حقه في هذه المراتب بان يكون كل مرتبة مباينة مع الاخري بينونة عزلة او كل مرتبة دانية ظهوراً و صفة للمرتبة العالية و انما يكون البينونة بينهما بينونة صفة لا بينونة عزلة فتنبه و لاتغفل بان زيداً هو الظاهر بالضرب في ضرب و ليس ضرب الا ظهوره و ضرباً هو نفس ضرب و هو تأكيده لا شي‏ء آخر و ما في تلك الديار سوي زيد وحده وحده لا عمرو و لا بكر و لا سماء و لا ارض و لا غيرها و انما هي مراتب ظهورات زيد. فليس الا زيد و انواره و اسماؤه و قلّ من يعرف ذلك.

و اما المكمل و المتكمل فليس المفعول ظهور المكمل فذلك كقولك الفاخور صنع فخاراً او زيد كسر كأساً او زيد ضرب عمراً فالفخار و الكأس و عمرو و امثالها كالبناء و السرير و الباب ليست بمفاعيل مطلقة لفواعلها بل هي مظاهر عرضية للمفاعيل المطلقة فهذه المفاعيل يجب ان‏تقيد بانها مفعول‏به لا مفعول مطلق و تلك المفاعيل ليست صفة لفاعلها و معلولاً حقيقياً لعلتها و لذلك تري الفخار باقياً و الفاخور فانياً و بالعكس و تري الكاسر فانياً و المكسور باقياً و بالعكس و تري زيداً فانياً و عمراً باقياً و بالعكس بل تري العالم فانياً و المتعلم باقياً و بالعكس و الكاتب فانياً و الكتابة باقية و بالعكس فلما رأينا تخلف تلك المفاعيل عن فواعلها علمنا بانها ليست بمفاعيل مطلقة بل هم عباد مستقلون كالفواعل بموادها و صورها باقية بقيام مؤثراتها عليها فانية بفنائها و ان لم‏يظهر صورها عليها الا بيد الفواعل فهؤلاء الفواعل مكملات لتلك المفاعيل و هي متكملات لها و تكملها فعل

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 380 *»

المتكمل لا فعل المكمل و فعل المكمل هو التكميل لا التكمل فلايشتبهن عليك الفرق بين المكمل و المؤثر و بين المفعول المطلق و المفعول‏به فان الناس قنعوا بالمفعول‏به و لذلك ربما سموا مفعولاً@سموا المفعول‌به مفعولاً خ‌ل@ مطلقاً او اثراً او صفة او اسماً و مع ذلك لم‏يقدروا فيها علي رؤية الفاعل و معرفته و جاهدوا فيها و تكلفوا لينظروا الي الفاعل و لم‏يقدروا و لن‏يقدروا و انما حظهم من اثبات توحيدهم هذا القدر و ذلك مبلغهم من العلم و لذلك اثبتوا التوحيد بان العالم متغير و كل متغير حادث فالعالم حادث فله محدث و استدلوا بان البعرة تدل علي البعير و اثر الاقدام علي المسير و الدخان علي النار و هكذا و ذلك مبلغهم من العلم يشاركون فيه كل حكيم يهودي او نصراني او مخالف او منافق او خارجي او ناصبي و اين معرفة البعير من معرفة البعرة؟ فهل تدل علي ان البعير صغير او كبير او احمر او اصفر @او اصفر طويل او عريض خ‌ل@او غير ذلك و ربما وقع المستدل بامثال هذه الاستدلالات في واد سحيق كالذي رأي الجوز و شجرة فقال هذه الجوزة بهذا@بهذه خ‌ل@ الصغر لها شجرة بهذه العظمة فاللّه اكبر من شجرة البطيخ من العظمة و لنعم ماقيل بالفارسية :

پاي استدلاليان چوبين بود   پاي چوبين سخت بي‌تمكين بود

فان اردت معرفة زيد فابتغ اليه الوسيلة و الوسيلة هي القائم او القاعد و امثالهما و تلك هي الامثال العليا فيقول لك القائم ان لزيد وجهاً هكذا و عيناً هكذا و قامة هكذاً و علماً هكذا و حسن خلق هكذا فوجهي وجهه و عيني عينه و قامتي قامته و علمي علمه و حسني حسنه فمن عرفني عرفه و من جهلني جهله@و من جهل بي جهل به خ‌ل@ و من بايعني بايعه و من تخلف عني تخلف عنه و من اطاعني فقد اطاعه و من عصاني فقد عصاه و من احبني فقد احبه و من ابغضني فقد ابغضه و هكذا في جميع النسب و الاضافات فمن عرف الوسيلة عرف اللّه و من لم‏يعرفها لم‏يعرفه و انما استدلوا كما سمعت بان العالم متغير و كل متغير حادث فالعالم حادث و لابد له من محدث و ربما جاءه الوسيلة و انكر عليه

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 381 *»

كما انكر جميع اهل الباطل من المذاهب المختلفة الوسيلة و اقروا بان العالم متغير و كل متغير حادث فالعالم حادث و لابد له من محدث فليس هذه الاستدلالات الا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتي اذا جاءه لم‏يجده شيئاً فان كنت ممن ميّز الماء من السراب و الخمر من الشراب فابتغ اليه الوسيلة و تمسك به فانه هو الحبل الممدود بين اللّه و بين خلقه لا انفصام له ابداً غير مخصوص بوقت دون وقت و بمقاماتك و علاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك فذلك علم ينفع و عمل يغني و ماسوي ذلك لايسمن و لايغني من جوع فالمشبع هو الخبز لا الخاء و الباء و الزاء و المروي هو الجسم الرطب السيال البارد لا الميم و الالف و الهمزة.

و كل يدعي وصلاً بليلي   و ليلي لاتقر لهم بذاكا
فاذا انبجست دموع في خدود   تبين من بكي ممن تباكي

فالنار اسم للمحرق لا النون و الالف و الراء و كل مدع يقدر ان‏يدعي في اللفظ و لايقدر ان‏يفعل فالفعل تمام القوة و الظهور تمام البطون و المدعون و اتباعهم يشاركون في اللفظ وحده و ماكان صلاتهم عند البيت الا مكاء و تصدية فمااكثر الضجيج و مااقل@و اقل خ‌ل@ الحجيج و كل يقدر ان‏يقول ان اللّه سبحانه خلق المشية بنفسها و هو منزه مبري ثم خلق الاشياء بالمشية فاول صادر منها الفؤاد ثم العقل ثم الروح ثم النفس ثم الطبع ثم المادة ثم المثال ثم الجسم و الجماد اثر للنبات و النبات اثر للحيوان و الحيوان اثر للملك و الملك اثر للجن و الجن اثر للانسان و الانسان اثر للنبي او حقق و دقق و قال ان الجمادات الطيبة آثار للنباتات الطيبة و النباتات الطيبة آثار للحيوان الطيب و الحيوانات الطيبة آثار للملك و الملائكة آثار لمؤمني الجن و مؤمنوا الجن آثار لمؤمني الانس و مؤمنوا الانس آثار للانبياء و الانبياء آثار للائمة: و هم اول ما خلق اللّه و اشرف و اعلي و هكذا في الطرف الاخر الجمادات الخبيثة آثار للنباتات الخبيثة و النباتات الخبيثة آثار للحيوانات الخبيثة و هي آثار للشياطين

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 382 *»

و الشياطين آثار لكافري الجن و كافروا الجن آثار لكافري الانس و هم آثار رؤساء الضلال لعنهم اللّه فهذه و امثالها كلها اصوات و الفاظ يقدر كل متعلم ان‏يحفظها و يسردها سرداً و يصعد المنبر و يعظ و يجعلها وسيلة عزه و علاه و رزقه و من هذا القبيل بيان المراتب المتنزلة و الوانها فالعقل ابيض و الروح اصفر و النفس خضراء و الطبع احمر و للعرش([13]) اربعة الوان لون ابيض منه ابيض البياض و لون اصفر منه اصفرت الصفرة و لون اخضر منه اخضرت الخضرة و لون احمر منه احمرت الحمرة و ريش ميكائيل ابيض و من اسرافيل اصفر و من عزرائيل اخضر و من جبرائيل احمر و هكذا ليست هذه و امثالها من العلم اذ يقدر كل منافق ان‏يحفظها لنفسه و يجعلها دكاناً لمعاشه و عزته اعاذنا اللّه من هذه المهالك المردية و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم.

و لاتزعم ان الدنيا خالية من اهل الحقيقة بما هي([14]) بايدي هؤلاء اهل القيل و القال فرحل الائمة الماضية: و غاب الثاني‌عشر عجل اللّه فرجه و الحال ليس لهم عدول غير المنافقين لان ذلك رد علي اللّه و علي رسوله9 و ردّ علي الائمة الطاهرين صلوات اللّه عليهم اجمعين أليس اللّه سبحانه في هذه الازمان بكاف([15]) عباده؟ و مايكلفهم@لايکلفهم خ‌ل@ بمعرفته و مايكلفهم بالعبادات فان كلفهم أهو بذاته يبلغهم ام بوسائل كانوا من اهل الدنيا ام ابدانهم في الدنيا و قلوبهم معلقة بالملأ الاعلي فان قلت يجوز ان يكونوا من اهل الدنيا و يجوز انهم ان‏يكونوا طالبين لرياستها و متاعها فبم تثبت لزوم عصمة الانبياء و الاولياء: و رغبتهم الي الاخرة و زهدهم في الدنيا فان كان الامر كذلك و هو كذلك فلابد لهم:

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 383 *»

في كل خلف عدول@عدولا خ‌ل@ ينفون عن دينهم تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و ان كانت هذه صفتهم فهل يجوز ان‏يكونوا غائبين غير معروفين؟ فكيف ينفون عن دين ائمتهم: تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين؟ ففكر في وصف اولئك العدول أهم عدول ظاهريون يظهرون العدالة للناس و هم في باطن امرهم في خلواتهم فاسقون؟ ام هم عدول علي الحقيقة في الظاهر و الباطن في السر و العلانية؟ و يراهم@يريهم خ‌ل@ اللّه حيث امر و لايراهم@لايريهم خ‌ل@ اللّه حيث نهي فهم عدول علي الحقيقة عند اللّه تعالي و عند رسوله و عند خلفائه صلوات اللّه عليهم اجمعين.

ثم فكر فيهم هل تجوز انهم عدول ولكن هم جاهلون بمسائل الحلال و الحرام ام كانوا عالمين؟ أيکونون عالمين بالمسائل المتعلقة بانفسهم ام يکونون عالمين بجميع المسائل المتعلقة بالناس؟ ففكر أيكون الشبهات و التأويلات و الانتحالات الواردة علي دين اللّه تعالي منحصرة في الفقه الظاهر و المسائل المحللة و المحرمة الظاهرية ام تكون عامة واردة علي الدين كله اصولاً و فروعاً و اعتقاداً و عملاً و قولاً و فعلاً من اثبات التوحيد و صفاته التي وصف اللّه تعالي بها نفسه علي الحقيقة الواقعية التي ظهر اللّه تعالي بها و اثبات النبوة و صفاتها علي الحقيقة و اثبات الولاية و صفاتها علي الحقيقة التي قررها اللّه تعالي و كيفية صدور الفعل من الفاعل الاول و نفي الجبر و التفويض و اثبات الامور الاخروية الغيبية و كيفياتها و اثبات كيفية البدء و العود علي ما قرره اللّه تعالي و اخبر به النبي و الائمة: و اثبات عالم البرزخ و كيفيته و اثبات الرجوع للائمة: و كيفيته و كيفية حالات القبر و جميع مايتعلق بالخلق مما يمكن ان‏يعترض فيه معترض او يرد عليه راد او ينكر فيه منكر او يشك فيه شاك او يجعل فيه جاهل. فاذا تفكرت في ذلك كله تصدق قول النبي المختار

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 384 *»

عليه و آله صلوات اللّه الملك الجبار في حقهم حيث قال علماء حكماء كادوا من الحكمة ان‏يكونوا انبياء بالجملة و ليس لي مجال ازيد من ذلك كما كنت مشاهد@شاهد خ‌ل@ الحال@کماشهد به الحال خ‌ل@ فنكتفي في هذا الفصل بهذا المقدار.

الفصل الثالث

في نسبة المادة  الي الصورة و بالعكس

فاعلم ان المادة هي الحصة المحبوسة في الصورة و الصورة هي اطراف تلك الحصة و هما جميعاً شي‏ء واحد مركب منهما قائم بهما قيام ركن. ركن منه مادته و ركن منه صورته و هذان الركنان جزءان له معاً و لايعقل وجود المركب من جزئين بدون وجود الجزئين معاً و المادة و الصورة للشي‏ء متضايفتان لايعقل وجود احداهما بدون الاخري قائم كل واحدة بالاخري الا ان قيام المادة بالصورة قيام ظهور و قيام الصورة بها قيام تحقق لان المادة اصل الصورة و الصورة اطرافها عارضة عليها فهي فرعها فاذا علمت ذلك فاعلم انه اذا كان النسبة بينهما بالتضايف و لايعقل وجود احداهما بدون الاخري لايعقل زوال الصورة و بقاء المادة و لا العكس فاذا كان الشي‏ء كانتا معاً و اذا كانتا معاً كان الشي‏ء و اذا تحرك الشي‏ء تحركتا معاً و اذا تحركتا معاً تحرك الشي‏ء و اذا سكن الشي‏ء سكنتا معاً و اذا سكنتا معاً سكن الشي‏ء و اذا تحركت احداهما تحركت الاخري.

فاذا كان الامر كذلك فاعلم ان مابقي بعد زوال الصورة ليس بمادة تلك الصورة فانها زالت بزوال صورتها و لايعقل ذلك الا العاقل([16]) و الغافلون غافلون عن ذلك و يسمون الباقي بعد زوال الصورة عنه مادة و يزعمون انه من البديهيات و يحسبون انهم يحسنون صنعاً فلاتكن غافلاً عما يغفلون و لاجل ذلك قال مشايخنا العظام انار اللّه براهينهم الجميلة ان الكلي بنفسه لم‏يتحصص و لم‏يتبعض و انما المتحصص المتبعض ظهوره الكلي المجموعي و ذلك ظاهر لمن كان له ادني شعور من غير غفلة و انس

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 385 *»

بماسمعه من قبل. فليس الكلي مادة للجزئي و لا صورته لان مادته و صورته ابعاضه و اجزاؤه قائمة كل واحدة بالاخري و فانية كل واحدة بالاخري و الكلي باق علي ماكان و الجزئي فانٍ فاِنْ كان جزءاً للجزئي يفني بفنائه فتأمل في غاية التدبر لئلاتزل قدمك بعد ثبوتها ثم تفطن في هذا الامر غاية التفطن فان اغلب من سمع ان الكلي بنفسه لم‏يتحصص يزعم التحصص في الطول و العرض و العمق فقط و هو غافل من انه بعض التحصص فيزعم من سماعه ان الخشب بنفسه لم‏يتحصص بصورة العصا انه لم‏يتحصص في طولها و عرضها و عمقها فقط فهو يري الخشب باقياً بعد زوال طول العصا و عرضها و عمقها و يزعم ان مادة العصا باقية بعدها و يري مثلاً شكل الكلب و لونه علي العناصر و يري ان شكله و لونه قد زال و بقي العناصر فيزعم ان مادة الكلب باقية و قد زال صورته و هو غافل من ان الكلب بمادته و صورته نجس و قد زالت مادته بزوال صورتها و العناصر الباقية ليست بمادته و لا بصورته لا قبل وجوده و لا حين وجوده و لا بعد فنائه فانها بنفسها لم‏تتحصص للكلب و لن‏تتحصص ابداً فليست متحصصة بشكل الكلب و لا بلونه و لا بوزنه و لا بطعمه و لا برائحته و لا بمادته و لا بصورته و لا بشي‏ء منه ابداً ابداً فهي صالحة للظهور له به منه اليه عليه فيه لديه فالكلب بنفسه ظهور العناصر بالكلبية بمادته و صورته و ظاهره و باطنه و روحه و بدنه و جميع ماينبغي له و العناصر بنفسها كانت صالحة للكلب و غيره مما يتولد منها و بعد ظهورها للكلب بالكلب فيه منه عليه لم‏ينقص من صلوحها للكلب و غيره@لغيره خ‌ل@ شي‏ء و بعد فناء الكلب لايزيد في صلوحها شي‏ء و هي علي ما هي عليه قبل الكلب و مع الكلب و بعد الكلب فاذا صارت العناصر ملحاً بعد فناء الكلب بمادته و صورته لم‏يصر الكلب ملحاً و لم‏تصر العناصر بانفسها ملحاً و لم‏تتحصص بانفسها ابداً و انما الملح ظهورها بالملحية و الملح بنفسه نفس ظهورها له به منه عليه فيه لا بانفسها و لا بشي‏ء غيره و ليس لي مجال

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 386 *»

التفصيل ازيد من ذلك فأجر ذلك الحكم في جميع المراتب في الغيب و الشهادة ماتري في خلق الرحمن من تفاوت.

فالمادة اللطيفة لطيفة بصورتها و صورتها هي اللطافة و لو لم‏تكن اللطافة لايعقل ان‏تكون المادة لطيفة و المادة الكثيفة كثيفة بصورتها و صورتها الكثافة@هي الکثافة خ‌ل@ و لو لم‏تكن الكثافة لايعقل ان‏تكون المادة كثيفة و المادة الغيبية غيبية بالغيب و الشهادية بالشهادة و السعيد بالسعادة و الشقي بالشقاوة و العلية بالعلو و الدنية بالدنو و هكذا في كل شي‏ء@شيء بحسبه خ‌ل@ و الصالح لكل ذلك كله لم‏يتحصص و لن‏يتحصص ابداً و ظهر لكل شي‏ء له به منه عليه فيه و العجب انه اظهر من كل شي‏ء.

ثم اعلم ان لكل مكمل لابد له ان‏يكون صورة بالفعل علي مادته حتي يقدر ان‏يكمل مثل تلك الصورة فيما كان فاقداً لها و اذا القي من فضله اي من اثر صورته علي القابل استخرج مافيه بالقوة الي الفعلية فربما استعمل في مثل هذا المقام لفظ المادة و الصورة علي غير ما هو المتبادر الي الاذهان فيقال ان لتلك الفعلية المستخرجة مادة و صورة المادة من المكمل و الصورة من المتكمل و ذلك لان فعل المكمل يظهر علي قدر قبول المتكمل لا ازيد من قبوله و لا انقص فليس في فعله زيادة ظهور و نقصان كظهور حرارة النار فانها تظهر في الحديد اشد و في الخشب اضعف بقدر قبول الحديد و الخشب فليس الشدة و الضعف من النار و لا من فعلها فليس فيها اختلاف فعلها واحد ليس فيه اختلاف فهو مادة لا اختلاف فيها و انما اختلاف الشدة و الضعف في الحديد و الخشب و الصورة للامتياز و الاختلاف فيكون الفعل من الفاعل لا اختلاف فيه و يكون القبول من القوابل ففيها الصور و الاختلافات و لاتغفل ايضاً مما مرّ لان العالي بنفسه لم‏يتحصص و انما يتحصص بالحصة في الحصة لها منها عليها ففعل الفاعل و قبول القابل ايضاً

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 387 *»

من هذا القبيل فليس فعل الفاعل من ذاته و لا قبول القابل من ذاته فتجلي الفاعل بالفعل له منه عليه فيه فصار فاعلاً و ذاته ليست بفاعلة و الا لم‌تكن تاركة و كذلك القابل يقبل بالقبول له منه عليه فيه فصار قابلاً فليس بذاته قابلاً فذاتهما كلتاهما لم‏تتحصصا فكل واحدة بريئة في ذاتها عن التحصص و انما ظهرت بالحصص لها منها فيها عليها و الحادث حدث من فعل الفاعل و قبول القابل فسري سر الاختيار في جميع ممالك التكميل و التكمل كما سري في جميع ممالك الاثر و المؤثر فان الاثر بنفسه ظهور المؤثر ظهر له به منه عليه فيه فصار مؤثراً و ذاته بريئة عن جميع ما به الاثر اثر@اثرا خ‌ل@ فالجبر هو الفعل بلا قبول و التفويض هو القبول بلا فعل و هما ممتنعان غير مجعولين و لا مخلوقين و الاختيار هو الفعل من الفاعل و القبول من القابل سواء كان القابل مفعولا به كما في ممالك التكميل و التكمل او كان القابل مفعولاً مطلقاً كما هو واقع في ممالك التأثير و التأثر و هذا القدر كاف لمن فكر و تدبر ان شاء اللّه تعالي.

الفصل الرابع

في نسبة الغيب  بالشهادة و بالعكس

سواء كان الغيب حيوة و الشهادة جماداً و الغيب مثالاً و الشهادة جسماً و الغيب نفساً و الشهادة مثالاً و الغيب عقلاً  الشهادة نفساً او غير ذلك من المراتب البرزخية بين العقل و الجسم و سواء كان الغيب ما لايدرك بالحواس الخمس من الحيوة الي العقل و الشهادة مايدرك بها كهذه الاجسام المشهودة و انت تعلم ان تفصيل كل واحد واحد منها يقتضي وضع كتاب كبير و ذلك لايمكن لي في هذه العجالة الا اني اظهر لك النقير من القطمير و ذلك انموذج للعالم الكبير و لك ان‏تجري حكمه في الغيب بالنسبة الي شهادة ذلك الغيب.

فاعلم ان الغيب بنفسه حبة بالفعل موجودة في رتبة الغيب كما ان الشهادة ارض مثارة مزروعة فيها تلك الحبة و تلك الحبة في عالمها حبة

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 388 *»

واحدة مجملة ليس لها شئون و سنابل مختلفة الا اذا زرعت في مزرعة الشهادة و اشرقت عليها فواعلها علي قوابلها و تلك الحبة و النطفة محمولة الفواعل زرعت باشراقها في القوابل و دبرتها علي نهج الحكمة حتي ابرزتها منها الي الشهود و انبتها نباتاً حسناً و كفلتها@کفلها خ‌ل@ حتي قامت بسوقها يعجب الزراع نباتها فسقتها و ربّتها@فسقيها و ربيها خ‌ل@ شيئاً بعد شي‏ء حتي سنبلت سنابل متعددة في كل سنبلة حبات متعددة فتلك السنابل المختلفة و الحبات المتعددة لم‏تكن من قبل قط ابداً و انما كانت من قبل حبة مجملة بالفعل في عالمها غير مصبوغة بصبغ و لا مطبوعة بطبع شي‏ء من السنابل المختلفة و الحبات المتعددة حتي اذا دفنت في المزرعة و تلاشت بفعلها فيها لا بذاتها كما عرفت مما سبق و اضمحلت و ماتت و ما فنيت@و فنيت خ‌ل@ و الموت غير الفناء فان الفاني لم‏يقدر علي الفعل لانه معدوم بخلاف الميت فانه موجود و في ذلك سرّ لايطلع عليه مخالفوا اهل الحق و الحمد للّه و هم يحسبون الاموات فانيات و اهل الحق يقرؤن فلاتحسبن الذين قتلوا في سبيل اللّه امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون و فيما نحن فيه المراد بالرب هو الرب المربي المكون فكل الاموات مقتولون في سبيله مزروعون في قبورهم فلاتحسبنهم امواتاً فانية بل احياء عند ربهم يرزقون. بالجملة فلابد لنا في نوع البيان من ضرب المثال لتجري حكمه في كل غيب و شهادة اذ ماتري في خلق الرحمن من تفاوت.

فاعلم ان الغيب له مادة غيبية و صورة غيبية و مكان و وقت و جهة و رتبة غيبية و ليس مادته و لا صورته و لا مكانه و لا وقته و لا جهته و لا رتبته من عالم الشهادة و لها ايضاً مادة و صورة و مكان و وقت و جهة و رتبة شهادية و مثالهما جسمك الظاهري المحسوس بالحواس الخمس و مثالك الغيبي المستور عن ادراكها ففكر في مثالك الذي هو ابين مشاعرك الغيبية و اعرف النسبة([17]) الي جسمك الظاهري و سرّ نزوله فيه و صعوده منه و اجر حكمها

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 389 *»

في كل غيب بالنسبة الي شهادته فاعلم ان مثالك هو جوهر غيبي دراك للمبصرات و المسموعات و المشمومات و المذوقات و الملموسات فان لم‏يكن لك ذلك المثال لم‏يقدر بدنك علي احساس شي‏ء من ذلك و ان لم‏يكن بدنك ايضاً لم‏يقدر مثالك علي احساس شي‏ء من ذلك بالفعل و ان يقدر بالقوة علي نهج الاجمال و انما ضربت المثال في خيالك و جسمك لا في حياتك و جسمك و ان كان حكم الحيوة بالنسبة الي الجسم ايضاً كذلك لان المفارقة بين المثال و الجسم ابين مما بين الحيوة و الجسم و قد اردت بذلك تفهمك بعض مقتضيات عالم التجرد الدهري و عالم المادة الزمانية ففكر فيهما ففكر اولاً في جسمك بانه جوهر غليظ له مادة و صورة و كمّ و كيف و مكان و وقت و جهة و رتبة كلها شهادية فيكون محبوساً دائماً في مكان واحد فلايمكنك ان‏تكون في اماكن متعددة في وقت واحد و له ايضاً وقت واحد و وقته الحال فلايكون في الماضي و الاستقبال و لاتزعم انك كنت في الماضي و تكون في الاستقبال فتقول فكيف يكون وقتي الحال لانك حين كنت في الماضي كان الماضي حالاً لك و ان تعش و تكن في الاستقبال يصير الاستقبال ايضاً حالاً لك.

بالجملة فلجسمك الظاهري وقت و مكان لم‏يمكنه الوقوع في امكنة متعددة في وقت واحد و لا في ازمنة متعددة في حالة واحدة فهذا البدن الظاهري لم‏يكن قبل خمسين سنة مثلاً فلايكون بعد خمسين سنة فيكون محبوساً في مائة سنة فهذا البدن واقع في الحال ابداً لايدرك من خمسين الماضية و لا من خمسين المستقبلة شيئاً الا مايكون في الحال فتدرك@فيدرک خ‌ل@ حرها و بردها و جوعها و عطشها و صحتها و مرضها و هكذا و لاتدرك@لايدرک خ‌ل@ الحر و البرد و اخواتها الماضية و لا المستقبلة و كذلك تدرك المحسوسات الحالية و لاتدرك المحسوسات الماضية و المستقبلة فهذا البدن المحسوس@المحبوس خ‌ل@ في الحال بدن زماني من عالم الشهادة لم‏يكن قبل كونه و لايكون بعد فساده و بمثالك تدرك المحسوسات و تصورها بواسطة البدن الزماني المحسوس اولاً

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 390 *»

و لايحتاج في تصوره المواضي و المستقبلات الي البدن و تدركها متي شئت فلم‏يكن مثالك محبوساً في حال الزمان فان كان محبوساً كان كبدنك و ان كان مثل بدنك لم‏يدرك الحر و البرد و اللون و الصوت الماضية و المستقبلة و المراد بالادراك في كل موضع هو وجود الشبح في المدرك فلايوجد الاشباح الماضية و المستقبلة في العين الجسمانية فلاتدركها و كذلك حال سائر الحواس الجسمانية و اما مثالك فقد وجد فيه الاشباح الماضية بل و المستقبلة ان لم‏يكن منهمكاً فلو كان زمانياً يكون كجسمك ليس فيه الاشباح الماضية و المستقبلة فاذ لم‏يكن زمانياً يكون من عالم آخر و لايوجد في الزمان بل يوجد في عالم آخر فاذ لم‏يكن زمانياً و لا محبوساً فيه لايعقل ان‏يقال فيه انه يوجد في وقت من الاوقات الزمانية فبدنك قد وجد قبل حين بخمسين سنة و لم‏يوجد مثالك قبل حين بخمسين سنة و لا بالف سنة و لا بالف الف سنة و كذلك بدنك يموت بعد حين بخمسين سنة و لم‏يمت([18]) مثالك بعد حين بخمسين سنة و لا بمائة سنة و لا بالف سنة و لا بالف الف سنة بعد حين فيكون عمر بدنك مائة سنة و لايكون عمر مثالك بمائة سنة و لا باقل و لا باكثر بل عمره مقدر بالوقت المثالي و ساعة من المثال توازي جميع الازمنة و مع ذلك ما@ان خ‌ل@ لم‏يوجد بدنك في هذا الزمان لم‏يكن مثالك شاعراً لمبصر و لا مسموع و لا مشموم و لا مذوق و لا ملموس بل لم‏يكن مثالك مخصوصاً@مخصوصاً بک خ‌ل@ لان مثالك مركب من اعضاء عضو منه بصره و عضو منه سمعه و الاخر شامته و الاخر ذائقته و الاخر لامسته و ذلك انما حصلت له بواسطة هذه المشاعر الظاهرة فقبل هذه المشاعر لم‏يكن المثال الكلي المبهم المجمل متحصصاً بصورتك الشخصية فلم‏يكن مثالك قبل بدنك موجوداً و وجد بوجوده و مع ذلك وجد قبل جميع الاوقات الاوقات الزمانية

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 391 *»

بالف سنة رتبة لا الف سنة زماناً فمثالك عالم بواسطة([19]) عينك الجسمانية مبصراً من المبصرات مثلاً كان جاهلاً به فاذا ادركه بوساطة عينك الجسمانية في بدنك الجسماني كان مثالك عالماً بذلك المبصر قبل ذلك الحين بالف سنة و حين ذلك الحين بالف سنة و بعد ادراكه ذلك المبصر ان قلعت العين من مكانها و احرقت و تصير رماداً و هباءً منثوراً لم‏ينقص من مثالك و لا من مدركه و مبصره شي‏ء و هكذا حكم كل عالم اعلي غيبي بالنسبة الي ادناه.

و هذا القدر ان شاءاللّه كاف لك في تلك النسبة فهذا مجمل القول في النسب الاربع فلنختم بفذلكة من ذلك و ذلك:

ان الشيئين اما لايكونان مشتركين لا في المادة و لا في الصورة بل يكون احداهما بمادته و صورته احداثاً للاخر لا من شي‏ء و لا بشي‏ء و لا لشي‏ء و لا علي شي‏ء بل احدثه به له منه عليه فيه لديه و هكذا فذلك نسبة الاثر الي المؤثر كنسبة كل الظهورات الي الظواهر و اما يكون الشيئان مشتركين في شي‏ء واحد مختلفين في شي‏ء و هذا القسم علي قسمين فاما ان‏يكونا مشتركين في الكلي الاعم الاعلي الاعلي فذلك كاشتراك الجسم و العقل و البرازخ بينهما في الكلي الاعلي الاعلي و هو الممكن فالجسم ممكن كما ان العقل ممكن و كذلك البرازخ بينهما كلها ممكنات و هذه المراتب من العقل الي الجسم نسبتها نسبة الغيب و الشهادة و اللب و القشر و اللطيف و الكثيف و امثال ذلك و اما يكون الشيئان مشتركين في كل قريب منهما فهذا القسم ايضاً قسمان فان كان احدهما حداً و الاخر محدوداً فيكون الاول صورة و الثاني مادة و ان كان كل واحد منهما متميزاً عن غيره بمادته و صورته و كلاهما ظهوران لكلي قريب في احدهما صفة و صورة غالبة و تلك الصفة و الصورة في الاخر ضعيفة او معدومة فيكون

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 392 *»

الواجد للصفة مكملاً و الفاقد متكملاً كالعالم و المتعلم و الخمير للعجين و امثال ذلك و قد مر شرح جميع ذلك و ذلك فذلكة الكل.

و صلّي‏ اللّه علي محمّد و آله و لعنة اللّه علي اعدائهم. و قد فرغت منها في سابع شهر([20]) جمادي الاولي من شهور سنة 1287.

 

([1]) حلاوة. خ‌ل

([2]) من. خ‌ل

([3]) و في خلق كل شي‏ء خ ل.

([4]) من كلام. خ‌ل

([5]) في اربع لا خامس لها. ظ

([6]) الي صورتها. خ‌ل

([7]) للتمييز. خ‌ل

([8]) لا الي غيرها  خ ل.

([9]) شبيه. خ‌ل

([10]) و لا ظاهر و لا باطن. خ‌ل

([11]) اللّه. خ‌ل

([12]) الخاسرون. خ‌ل

([13]) و العرش له. خ‌ل

([14]) و هي. خ‌ل

([15]) كلف. خ‌ل

([16]) و لايغفل عن ذلك العاقل. خ‌ل

([17]) نسبته  خ ل.

([18]) و لايموت  خ ل.

([19]) بوساطة. خ‌ل

([20]) في السابع من شهر. خ‌ل