رسالة في جواب الآقا سيد حسن بن السيد المرحوم (1)
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 203 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و سلام علي عباده الذين اصطفي.
قال سيدي و ابن سيدي و مولاي و ابن مولاي ادام الله عزه و علاه و جعل اخريه خيراً من اوليه ما تقولون فيمن كان عليه فوائت و لايدري اي لايخطر بباله عددها و ترتيبها الا انه يعلم ان اغلب فوائته صلوة الصبح مثلاً لكنه لايعلم كم الفائتة منه ما يصنع و كيف يعمل لتبرأ ذمته.
اقول في هذا الكلام مسألتان احديهما من فاتت منه صلوات و لايدري كم هي و ثانيتهما من فاتت منه صلوات لايدري ترتيبها.
اما الاولي فاعلم اقر الله ببقائك عيون من والاك و اعلي كعبك علي رؤس من عاداك ان الصلوات الفائتة اشياء منفصلة متعددة يستقر في الذمة واحدة بعد واحدة و يبرأ منها الذمة واحدة بعد واحدة و لكل واحدة حكمها ليس يجري حكم بعضها علي بعض فالذي فاتته صلوات و هو خارج عن اوقاتها و قدحال بينه و بينها حائل فليتحر ما يعلم قطعاً انه فاته ففيها كمية قطعية لامحالة فهي التي ذمته الآن مشغولة بها قطعاً فعليه قضاؤها قطعاً لما سئل ابوجعفر7 عن رجل صلي بغير طهور او نسي صلوات لميصلها او نام عنها قال يقضيها اذا ذكرها في اي ساعة ذكرها و سئل ابوعبد الله (ع) عن الصلوة تجمع علي قال تحر و اقضها.
ويبقي هناك بقايا هو منها في شك هل اداها في اوقاتها او فاتته و هي صلوات منفصلة عن التي قطع بفواتها غير متصلة بها حتييجري عليها حكمها فهذه المشكوكات قدشك فيها بعد حلول حائل فلاعبرة بشكه لما قال ابوجعفر7 متي استيقنت او شككت في وقت فريضة انك لمتصلها او في وقت فوتها انك لمتصلها صليتها و ان شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قددخل حائل فلااعادة عليك من شك حتيتستيقن فان استيقنت فعليك ان تصليها في اي حالة كنت انتهي. فمن
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 204 *»
زعم ان ذمته مشغولة بها فلاتبرأ حتييستيقن فقدغفل عن انفصال اجزاء الفائتة بعضها عن بعض و تلك القاعدة جارية في صوم يوم فان اجزاء صوم اليوم متصل بعضه ببعض فما كان كذلك يجري حكم بعضه علي كله و كله علي بعضه و اما ما يشتغل الذمة بواحد منه بعد آخر فهو كما ذكرنا فاذا كان قدفاتتك صيام ايام تقضي علي قدر يقينك و البواقي مشكوك فيه بعد خروج وقته و اذا شككت في شيء و خرجت منه الي غيره فليس بشيء لقول ابي عبد الله7 اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك فليس بشيء انتهي. و كذلك اذا زعمت ان لرجل عليك دراهم لاتعلم عددها ترد اليه ما تقطع به منها و لاعليك مما تشك لان الدراهم اجزاء منفصلة لايلزم جزءاً منه ما ورد علي جزء.
و اما الثانية فاعلم ادام الله عزك و علاك و اعز بك من والاك و اذل بك من ناواك ان من فاتت منه صلوات و لايدري ترتيبها فعليه قضاؤها كيفما اتفق لانه مما غلب الله عليه و قدقال ابوعبد الله7 كل ما غلب الله عليه فالله اولي بالعذر و ما روي من الاخبار في الترتيب فانما هو في صورة العلم بتة و اما في صورة الجهل بالترتيب فلانص فيه و ليس تحصيل الترتيب مع كثرة الفائتة مما يبلغه عقول العامة حتييكلوه الي عقولهم و انما يحتاج الي محاسب كامل بالغ ثم يحصل منه عسر منفي في الدين و انما يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر هذا و هو غير منصوص قطعاً و خلو الاخبار منه مع حاجة العامة اليه في كل عصر دليل علي اطلاق الامر و كل شيء لك مطلق حتييرد فيه نص و يشمله قوله7 الناس في سعة مالميعلموا و تحصيل الترتيب علي زعم موجبه في صلوات كل يوم دون الايام جميعاً تحكم بغير دليل و ان اراد تحصيل الترتيب في الايام فلربما يجب عليه انيقضي لصلوة واحدة الف الف صلوة و الله ارحم و اكرم علي عبده المسكين من ذلك و نحن قدحاسبنا علي قولهم اذا اراد الانسان ترتيب ثمان صلوات لايدري ترتيبها و يريد انيوافق في قضائه اياها علي الواقع كيفما كان ينبغي انيصلي اربعين الف صلوة و ثلثمائة و عشرين صلوة فكيف بك
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 205 *»
اذا كان الفائتة صلوات شهر او سنة او سنين و الله جل و عز ارحم و احلم و اكرم و احكم فكلما كان في الدين من عسر فهو من نقصان افهام المحصلين و ليس في الدين من عسر فخذ اعزك الله بقول اجدادك الطاهرين سلام الله عليهم: الناس في سعة مالميعلموا و هو عام في جميع الموارد فاقض ما فاتتك كيف شئت حتيتأتي علي ما تستيقن.
قال شيد الله اركانه و انار برهانه و بعد ذلك فاذا فاتت منه احياناً احدي الصلوات مثلاً فمع علمه بغلبة فوائت الصبح مثلاً حيث لم يضبط عددها و ترتيبها بالنسبة الي الايام او الاشهر او السنين فهل يجب عليه تأخيرها حتييقضي ما فات منه سابقاً عليها سواء كان من نوعها المعلوم المجهول العدد و الترتيب كما عرضت ام من غير نوعها كلاً بالنسبة الي الصلوات في اوقاتها الخمسة او واحدة او اثنتان او ثلث علي فرض عدم العلم بالترتيب و العدد كما قدم عرضه اولا ام يجب عليه اتيان مافات منه لاحقاً ثم قضاء السابق بقسميه و نوعيه فالمستدعي التفضل بالجواب عن شقوق المسألة تفصيلاً.
اقول قدتبين الجواب مما سبق و ان التي تجدد فوتها يجوز لك قضاؤها ثم تقضي ما سبق متي امكنك و يجوز لك انتضبطها و تثبتها لئلاتقع في المشكوك ثم تصلي ما سبق و ما تجدد كيفما شئت ان شاء الله.
قال ايده الله و سدده ثم يامولاي مع مالدينا من فتاويكم هي يسوغ لنا العمل بما امر به مولانا الشيخ و مولانا السيد اعلي الله مقامهما تخييراً ام الاقتصار هو المتعين و اما مالميحضر لدينا من فتاويكم فقدعرفنا منكم صحة العمل بما امرا اعلي الله مقامهما به سواء كان مخالفاً او موافقاً لمالديكم و ترجح عندكم.
اقول اعلم يامولاي بلغك الله ما تمناه ان الله سبحانه يقول في كتابه العزيز اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم فامر باطاعته لانه الرب المبديء المعيد الذي خلق الخلق لعبادته مالك الملك و وليه و امر باطاعة الرسول لانه
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 206 *»
ظاهره و خليفته في الاداء و القائم مقامه و هو معصوم مطهر لايخطي و لايزل و لايسهو و لايلهو و لايتقول عليه و لايحكم بغير ما انزل الله لاعمداً و لاسهواً و امر باطاعة اولي الامر لانه ولاهم امره لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون معصومون مطهرون لايخطون و لايسهون و لايلهون لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و لما لميكن غيرهم معصوماً مطهراً لم يشرك معهم غيرهم بوجه من الوجوه بل قال لاتطع منهم آثماً او كفوراً فلاجل ذلك قال ابوعبدالله7 يغدوا الناس علي ثلثة اصناف عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء انتهي. ففرض الله سبحانه السؤال عنهم و قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون فان امكن الوصول الي حضرتهم و السؤال عنهم وجب و انلميمكن يؤخذ عن الرواة عنهم و حملة آثارهم و نقلة اخبارهم ممن يوثق بهم و لاعبرة بحيوة الراوي و موته سواء كان في زمان الغيبة او الحضور فان المدار علي الاطمينان بصدور الخبر عنهم سلام الله عليهم و لاتقليد الا لهم سلام الله عليهم و ان الله لايخلي الارض من حجة قائم لله بحجته حي شاهد ناظر قادر ان زاد المؤمنون شيئا ردهم و ان نقصوا اتمه لهم و لولا ذلك لالتبس علي المسلمين امورهم و لم يعرف الحق من الباطل و الرعية كلهم مقلدون له ما بين راو حامل لآثارهم و مروي اليهم فخذ دينك ممن تثق به من الرواة عنهم سلام الله عليهم بارد القلب ثلج الفؤاد و من البين ان الشيخ الجليل و السيد النبيل جزاهما الله عن الاسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين من اعظم السفن الجارية في هذا البحر القمقام المتلاطم لايتقولان علي ساداتهما و لايفتيان بغير ما افتي به قاداتهما و لايحكمان بهوي و لارأي و لامقاييس لايتجاوزان الثقلين و لايدينان بغير ما دان به حجج الله في العالمين فيجوز الاخذ عنهما حيين و ميتين و انت بالخيار فيما صح عنهما اذ ليسا الا راويين و اميني الله في الدارين اعلي الله مقامهما و انار في العالمين برهانهما و رفع في الدارين شأنهما فان وافقا في الفتوي فهو المتعين و ان خالفا فبأيهما اخذت من باب التسليم وسعك و ارجو الله سبحانه ان لاافتي الا بنص منهم سلام الله عليهم
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 207 *»
و لااحكم الا بما صدر عنهم و ان اردت الاكمل فانظر ان وافقتهما في الفتوي فخذ به و ان خالفنا فخذ باحوط الاقوال ففيه النجاة انشاءالله
هذا جناي و خياره فيه | و كل جان يده الي فيه |
چقال اجله الله و امده بفيوضه ثم يامولاي: المجنب في صورة عدم دخول وقت الصلوة او عدم تحقق ما يجب له الاغتسال هل ينوي القربة المطلقة ام الندب المطلق ام اذا احب الطهارة عن هذا الحدث الاكبر ينوي الاستحباب لاحدي الغايات المستحبة الميسور اتيانها في كل وقت.
اقول اعلم ادام الله علاك و جعل اخريك خيراً من اوليك ان الظاهر من الاخبار ان الوضوء و الغسل واجبان بانفسهما موسعان من حين حدوث الحدث الي دخول وقت الصلوة غاية الامر ان الصلوة مشروطة بالطهارة كاشتراط الطواف بالاختتان و ما استدلوا به من الآية اذا اقمتم الي الصلوة فاغسلوا وجوهكم معارضة بالمفهوم للمنطوق وكذلك قوله اذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلوة فان المفهوم لايعارض المنطوق و الاحاديث ناصة بان الوضوء و الغسل فريضتان مطلقاً و ما ذكروا من الاجماع فغير محقق و المشهور مع مخالفة النصوص لا اصل له فلاحجة فيه واني بعد ما تتبعت الاخبار وجدتها واضحة المنار في هذا المضمار وانما يجب الوضوء بعد دخول الوقت لمن ليس علي الوضوء و كذا الغسل و ذلك مما لاشك فيه و لاريب يعتريه وكيف كان نحن في فراغ و راحة من هذا التشاجر فان الذي ثبت لنا من الكتاب و السنة و حصل لنا الاجماع الذي لاريب فيه انه لايجب علي الرعية انيعرفوا ان هذا الامر واجب ام غير واجب و مستحب ام لا و مكروه ام لا و حرام ام لا و انما الواجب علي الرعية الامتثال فان امره الشارع بامر يفعل الا انيرخصه في الترك او يقيم علي الرخصة و ان نهاه يترك الا انيرخصه في الترك او يقيم قرينة علي الرخصة و ان نهاه يترك الا انيرخصه في الترك او يقيم قرينة عليها فلو اغتسلت لان الشارع امرك بالغسل او توضأت لانه امرك بالوضوء او صليت لانه امرك بالصلوة لأجزاك و لو ان الفقهاء سلكوا هذا المسلك لزال من بينهم الخلاف الا في مسائل معدودة لايعبأ بها و جميع نزاعهم
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 208 *»
في الوجوب و الندب لا الرجحان و الكراهة و الحرمة لا المرجوحية و نحن نشك في الشمس في رابعة النهار و لانشك في الاكتفاء بالراجحية و المرجوحية و ان لميعرف الوجه ولايجب نية الوجه و لاغايات العمل بل يكفيك انتعمل لأن مولاك امرك و تترك لأن مولاك نهاك كائناً ما كان بالغاً ما بلغ فخذ به و استرح و لاتنازع الفقهاء فانهم نازعوا فيما قدكفوه و لميكلفوا به و لاتتعب نفسك في معرفة ازيد من الراجح و المرجوح و يظهر من ذلك حكم المسألة الاخيرة في الوضوء ايضاً و السلام خير ختام كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم في همدان في العشر الاواخر من ربيع الاول من شهور السنة الثالثة و الثمانين من المائة الثالثة عشرة حامداً مصلياً مستغفراً تمت.