22-05 مکارم الابرار المجلد الثانی والعشرون ـ رسالة في صلوة الجمعة ـ مقابله

 

رسالة في صلوة الجمعة

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 177 *»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطيبين الطاهرين.

و بعــد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم عفي الله عن جرائمهما ان مسألة صلوة الجمعة و وجوبها مع كل امام او كل فقيه عيناً او تخييراً او عدمه و حرمتها او استحبابها و وجوبها مع اذن السلطان الجائر من اعظم مسائل الفقه و اهمها و اشملها و اعمها و قد اختلفت فيها العلماء حتي تفرقوا تحت كل كوكب و قد حدثت فيها اقوال:

احدها: المنع و تحريم فعلها علي ان شرط جوازها المعصوم او نائبه الخاص و نقل ذلك عن المرتضي و ابن‌ادريس و سلال و الشيخ في الخلاف و العلامة في التحرير و الشهيد في الذكري و جملة من المتأخرين.

و ثانيها: القول بالوجوب العيني مطلقاً و ذهب الي ذلك جمع كثير من اصحابنا كأبي‌الصلاح و الكراجكي و الشيخ زين‌الدين و صاحب المدارك و الشيخ حسين بن عبدالصمد و جماعة كثيرة ممن تأخر عنهم.

و ثالثها: القول بالوجوب التخييري مطلقاً و ذهب اليه الشيخ في المصباح و هو عن العلامة في احد قوليه و الشهيد و جمع آخر من المتأخرين.

و رابعها: الوجوب العيني مع الفقيه الجامع لشرائط الفتوي و هو عن العلامة في المختلف.

و خامسها: القول بالوجوب التخييري مع اشتراط الفقيه و هو عن العلامة في النهاية و الشيخ علي في شرح القواعد و ادعي عليه الاجماع و من اصحاب القول بالتخيير من ذهب الي انه اذا اذن السلطان الجائر للفقيه في عصر السلطان العادل يستحب الاجتماع اليه و ان اذن الجائر في غير عصره يجب الاجتماع عليه و هذا عن شيخنا الاستاد اعلي الله مقامه في الحيدرية و لابد من نقل الاقوال ليتبين الحال و يزول الاشكال.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 178 *»

اما ادلة القول الاول فامور:

الاول: الاجماع علي شرطية الامام العادل او من نصبه اياه كماحكاه جماعة مستفيضاً بل متواتراً بل قد قيل اطبق الاصحاب علي نقل الاجماع عليه لاراد له في الاصحاب. اقول دعوي الاجماع نفسه غريب في هذه المسألة و ادعاء اطباق الاصحاب علي نقله اغرب مع ما عرفت من الاختلاف اللهم الا ان‌يكون الاطباق علي نقله يعني علي نقله و لو عن مدعيه فعلي هذا يمكن ان‌يكون قد اطبق الاصحاب علي نقله لاغير.

و الثاني: القاعدة و المراد بها البرائة الاصلية من كل ما لم‌يرد به نص عن الشرع و كون العباداة توقيفية و يجب الاقتصار علي القدر المقطوع بصدوره و قالوا ليس هنا الا الجمعة بهذا الشرط و باقي الشروط الثابتة.

الثالث: الاخبار الواردة في هذا المضمار منها النبوي المشهور اربع الي الولاة الفئ و الحدود و الصدقات و الجمعة و منها النبوي الآخر ان الجمعة و الحكومة لامام المسلمين قالوا هذان الخبران و ان لم‌يكونا في كتبنا المعروفة الا انهما منجبران بالشهرة و منها دعاء الصحيفة السجادية اللهم ان هذا المقام لخلفائك و اصفيائك و مواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها و انت المقدر لذلك الي قوله حتي عاد صفوتك و خلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلاً و كتابك منبوذاً الي قوله و عجل الفرج و الروح و النصرة و التمكين و التأييد لهم.

و منها ما رواه في الكافي عن سماعة قال سألت اباعبدالله7 عن الصلوة يوم الجمعة فقال اما مع الامام فركعتان و اما من يصلي وحده فهي اربع ركعات و ان صلوا جماعة.

و منها الصحيح او القريب منه المروي في العلل عن الرضا7 انما صارت صلوة الجمعة اذا كان مع الامام ركعتين و اذا كان بغير امام ركعتين و ركعتين لان الناس يتخطئون الي الجمعة من بعد فاحب الله عزوجل ان‌يخفف عنهم لموضع التعب الذي ساروا اليه و لان الامام يحبسهم للخطبة و هم ينتظرون للصلوة و من انتظر للصلوة فهو في

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 179 *»

الصلوة في حكم التمام و لان الصلوة مع الامام اتم و اكمل لعلمه و فقهه و فضله و عدله و لان الجمعة عيد و صلوة العيد ركعتان و لم‌تقصر لمكان الخطبتين و قال انما جعلت الخطبة يوم الجمعة لان الجمعة مشهد عام فاراد ان‌يكون للامير سبب الي عظتهم و ترغيبهم في الطاعة و ترهيبهم عن المعصية و توقيفهم علي ما اراد من مصلحة دينهم و دنياهم و يخبرهم بماورد عليهم من الآفات.

و منها القوي المروي صحيحاً كماقيل عن محمد بن مسلم عن ابي‌جعفر7 قال تجب الجمعة علي سبعة نفر من المسلمين و لاتجب علي اقل منهم الامام و قاضيه و المدعي حقاً و المدعي عليه و الشاهدان و الذي يضرب الحد بين يدي الامام و قالوا ان جميع الاخبار الواردة التي فيها اشتراط الامام يتبادر منه المعصوم و ساير الاخبار في وجوبه و لاريب فيه.

و الرابع: ان وجوب الظهر ثابت بيقين و هو مجزي بالاجماع و ان اجزاء الجمعة عن الفرض مشكوك فيه فلاينقض اليقين بالشك.

و الخامس: انه يلزم من عدم القول بالتحريم الوجوب العيني لاقتضاء الادلة اليه و المسوغون لها لايقولون به. اقول هذا كلام عجيب و استدلال غريب كأنهم لم‌يكونوا في عرض العلماء كيف لايقول المسوغون لها بالوجوب العيني و قد ملأوا الاصقاع من هذا الدعوي هذا غاية ما استدلوا به هذه الجماعة و ان فصلوها و اطنبوها كثيراً الا ان حاصل الجميع ما ذكرنا.

و اما القائلون بالوجوب العيني فخلاصة ما استدلوا به وجهان:

الاول الكتاب قوله تعالي ياايها الذين آمنوا اذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا الي ذكر الله.

الثاني الاخبار: منها صحيحة زرارة عن الباقر7 فرض الله علي الناس من الجمعة الي الجمعة خمساً و ثلثين صلوة منها صلوة واحدة فرضها الله في جماعة و هي الجمعة و وضعها عن تسعة عن الصغير و الكبير و المجنون و المسافر

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 180 *»

و العبد و المريض و الاعمي و من كان علي رأس فرسخين و منها صحيحة ابي‌بصير و محمد بن مسلم عن الصادق7 ان الله فرض في كل سبعة ايام خمساً و ثلثين صلوة منها صلوة واجبة علي كل مسلم ان‌يشهدها الا خمسة المريض و المملوك و المسافر و المرأة و الصبي. و منها صحيحة منصور بن حازم عن الصادق7 قال يجمع القوم الجمعة اذا كانوا خمسة فمازادوا و ان كانوا اقل من خمسة فلاجمعة لهم و الجمعة واجبة علي كل احد لايعذر الناس فيها الا خمسة المرأة و المملوك و المسافر و المريض و الصبي. و منها صحيحة عمر بن يزيد عنه7 قال اذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة الخبر. و منها صحيحة الفضل بن عبدالملك عنه7 قال اذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة اربع ركعات فان كان لهم من يخطب جمعوا اذا كانوا خمسة نفر الخبر. و منها صحيحة ابي‌بصير و محمد بن مسلم عن الباقر7 قال من ترك ثلث جمع متوالية طبع الله علي قلبه. و منها صحيحة زرارة قال حثنا ابوعبدالله7 علي صلوة الجمعة حتي ظننت انه يريد ان‌نأتيه فقلت نغدوا عليك قال لا انما عنيت عندكم. و منها موثقة عبدالملك عن الباقر7 مثلك يهلك و لم‌يصل فريضة فرضها الله قال قلت كيف اصنع قال صلوا جماعة يعني صلوة الجمعة. و منها صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق7 تجب الجمعة علي من كان منها علي رأس فرسخين. و منها موثقة سماعة قال سألت اباعبدالله7 عن الصلوة يوم الجمعة فقال اما مع الامام فركعتان و اما من يصلي وحده فهي اربع ركعات بمنزلة الظهر يعني اذا كان امام يخطب فاما اذا لم‌يكن امام يخطب فهي اربع ركعات و ان صلي جماعة. و منها موثقة سماعة عن ابي‌عبدالله7 قال صلوا الجمعة مع الامام ركعتان فمن صلي وحدة فهي اربع ركعات. و منها صحيحة محمد بن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 181 *»

مسلم عن احدهما8 قال سألته عن اناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم يصلونها اربعاً اذا لم‌يكن لهم من يخطب. و منها حسنة زرارة قال كان ابوجعفر يقول لاتكون الخطبة و الجمعة و صلوة ركعتين علي اقل من خمسة رهط الامام و اربعة. و منها صحيحة زرارة قال قلت لابي‌جعفر7 علي من تجب الجمعة قال تجب علي سبعة نفر من المسلمين و لاجمعة لاقل من خمسة من المسلمين احدهم الامام و اذا اجتمع سبعة و لم‌يخافوا امهم بعضهم و خطبهم. و منها صحيحة اخري له عن ابي‌جعفر7 قال صلوة الجمعة فريضة و الاجتماع اليها فريضة مع الامام الخبر. و منها رواية محمد بن مسلم عن محمد بن علي عن ابيه عن جده عن النبي9 في الجمعة قال اذا اجتمع خمسة احدهم الامام فلهم ان‌يجمعوا. و بالجملة من هذا القبيل بعض المطلقات استدلوا بها تركناها خوف الاطالة.

و اما ما استدل به اصحاب القول الثالث ان شرط الوجوب العيني هو حضور الامام او اذنه الخاص و اذ ليس واحد منهما فقد المشروط و يستدل علي التخيير ان الاذن حاصل من الائمة الماضين فهو كالاذن من امام الوقت و يؤيده صحيحة زرارة قال حثنا الخبر. و بان الفقهاء حال الغيبة يباشرون ما هو اعظم من ذلك فهذا اولي و بان الاذن يعتبر مع امكانه اما مع عدمه فيسقط اعتباره و يبقي عموم القرآن و الاخبار خالية من المعارض و استدلوا عليه بصحيحة عمر بن يزيد ثم بموثقة عبدالملك و بان الاجتماع مظنة النزاع و الفتن و لايندفع الا بالامام العادل او من نصبه فيقسط وجوبها عيناً لمظنة‌ النزاع و يبقي التخييري فهو متعين.

و اما القول الرابع فلم‌اجد له دليلاً اللهم الا ان‌يستدل بالخبر المروي في العلل عن الرضا7 الذي اوردناه اولاً و يحمله علي الفقيه او يقال ان وجود الامام شرط في الوجوب العيني و مع فقده القائم مقامه و النازل منزلته هو الفقيه فيجب معه كما انه يجب القضاء عنده و لو كان الامام مشهوداً كان هو المتعين.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 182 *»

و اما الاستدلال علي القول الخامس فهو نوع هذا الاستدلال الذي مر و بان الفقيه هو النايب العام فيفعل ماكان يفعل فاذا ثبت وجوبها علي الناس تخييراً تعين كونها مع الفقيه لانه نائبه و برواية محمد بن مسلم و بالاجماع علي اشتراط كونه فقيها.

و لم‌اطلع علي دليل علي القول السادس و هو قول شيخنا الاستاد اعلي الله مقامه.

هذا جملة الاقوال و ما اطلعت من ادلتها و ان في كثير منها من الوهن ما لايخفي علي اللبيب و لايستتر عن الاريب و قد تعصب كل واحد من الفرق لماذهب اليه و تكلف في الاستدلال عليه بما لايخفي.

فنقول و بالله التوفيق و بيده ازمة التحقيق ان قناة الدين لاتقوم بالاستدلال فان كل شيء قومه استدلال كسره استدلال و كلما اصلح بتأويل افسد بتأويل و ينبغي الاستدلال في الفقه بامور بينة و الا فالتوقف طريق النجاة فان الامور ثلثة امر بين رشده فيتبع و امر بين غيه فيجتنب و امر اختلف فيه و هو مشكل فيرد حكمه الي الله و رسوله صلوات الله عليه و آله و لايجوز القول بالرأي و التظني و الاجتهاد فالامر الذي لااختلاف فيه هو الحجة التي اليه يرد كل شبهة و الامر الذي اختلف فيه يرد الي من امر الله بالرد اليه و ان كنت انت ايضاً اخترت قولاً بعقلك فانه يجب عليك ترك ما في يدك و الرد اليهم فان وجدت عنهم شيئاً فهو و الا فالتوقف و السعة تسليماً لامرهم و ائتماراً هذا و ان كان مختارك يقتضي خلاف ذلك لان الله تعالي يقول ماكان لمؤمن و لامؤمنة اذا قضي الله و رسوله امراً ان‌يكون لهم الخيرة من امرهم و هذا الذي ذكرت ما اختار الله و رسوله فلاتتخلف عنه فاذاً ينبغي لنا ان‌نستدل في هذه المسألة بامر بين لااختلاف فيه فان بقي شيء اختلف فيه نرده اليهم فان قالوا شيئاً نأخذ و الا نتوقف في ذلك.

فنقول اما وجوب الجمعة عيناً في حضور الامام معه او مع نائبه الخاص امر بين لااختلاف فيه بين المسلمين فهذا هو المتبع الذي لامحيص عنه.

و اما وجوبه عيناً في زمان الغيبة هذا هو المختلف فيه و يجب عند ذلك الرجوع الي الله و رسوله

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 183 *»

و ولاة الامر و الرجوع الي الله الرجوع الي محكم كتابه الذي لااختلاف فيه و الرجوع الي الرسول الرجوع الي السنة الجامعة الغير المتفرقة و الرجوع الي ولاة الامر الرجوع الي الخبر الصحيح المروي عنهم في غير تقية. فاذا رجعنا الي الكتاب لم‌نجد آية كذلك فان آية صلوة الجمعة مجملة و مجملات القرآن لانعرفها و ان كان اطلاقها حجة لكان كلما يقيدها مردوداً فيسوغ لك ان‌تقول لايشترط فيه ستر العورة و لااجتناب النجاسات و لاعدالة الامام و لايحرم فيه الكلام لان الكتاب مطلق و هو حجة‌ و بالجملة ليست آية هكذا ناصة علي المطلوب و علي عدم جواز الاستدلال بامثال هذه الايات وردت اخبار متواترة اوردناها في مقدمة كتابنا «فصل‌الخطاب» فنرجع الي السنة الجامعة فلم‌نجد فيها جامعة غير متفرقة لاختلاف الامة فيها فلابد لنا ان‌نرجع الي الولاة و آثارهم فان وجدنا فيها محكماً غيرمتشابه و لا في تقية في ان صلوة الجمعة لاهل كل زمان بنص او اطلاق او عموم فهو و الا فيجب علينا التوقف.

فاذا نظرنا في الاخبار من غير اغماض عن الحق رأينا بعض الاخبار ظاهراً و بعضها ناصاً في ان الجمعة مخصوصة بالائمة: و بالولاة كالنبويين المشهورين المنقولين المسموعين عن الثقات و هما و ان لم‌يكونا مسندين معنعنين الا انه قد رواهما الثقات و صححوا مضمونهما و قد روينا في مقدمة كتابنا «فصل‌الخطاب» انه لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و كدعاء الصحيفة الكاملة المتواترة و كذا رواية محمد بن مسلم و قد رواها الصدوق و ضمن صحة جميع كتابه و نقل عنه انه عمل بمضمونها وكذا روايته في العلل و موثقة سماعة المروية في الكافي كالصريح في ذلك و اما ساير الاخبار التي فيها لفظ الامام مطلقاً من دون قرينة فبعد الاطلاع علي هذه الاخبار ينصرف الذهن الي الامام7 و محض كونه في الجمعة لايصير قرينة لارادة امام الجماعة لانه لايمتنع ان‌يكون وجوده نفسه7 شرطاً في صحتها كماشهدت به تلك الاخبار الناصة في ان تلك مقامهم بل الامام المطلق ليس الا هم و اما غيرهم فيقيد بعمله كامام الجماعة و امام النحو و غيرهما و ذلك ظاهر في موثقة سماعة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 184 *»

جداً فانه جعل الصلوة مع الامام في مقابلة من صلي جماعة او غيرها فيظهر ان الامام في الصدر ليس امام الجماعة و ان قيل ان الامام في الجمعة لابد له من شرط زايد علي الامام في الجماعة و هو القدرة علي الخطبة و لذا جعله مقابلاً للجماعة فالامام هناك مطلق عن المعصوم7 او من يخطب. نقول ليس يمكن ان‌تقول بمحض انه مطلق فان للمخالف لك ان‌يقول الجماعة التي في ذيل الخبر ايضاً مطلقة يعني سواء صلي مع من يقدر علي ان‌يخطب او لايقدر فينحصر الامام في المعصوم7 و بالجملة بعد العلم باخبار الاختصاص يظهر ان ما فيه لفظ الامام مطلق منصرف اليهم صلوات الله عليهم و هي قرينة واضحة علي المراد و اما ساير الاخبار الدالة علي مطلق الفرض فلاتجديهم نفعاً فانه بمنزلة اخبار وجوب الجهاد و انه فرض علي جميع المسلمين باصل الشرع الا ان له شروطاً من وجود الامام و اذنه فلايصح مع غيره فكذلك اخبار فرض الجمعة فهي صحيحة مقبولة مطاعة و علي معناها اجماع المسلمين كما ان الصلوة الوسطي واجبة بالضرورة و لايمكن ان‌تصليها باطلاق الفرض في الضحي و لابد لك من توخي الزوال فاذا زالت حل فرضها كذلك صلوة الجمعة واجبة بلاريب و لاتحل الا عند حلول الشروط فلايجدي محض تلك الاخبار في معرفة الشروط نفعاً و اما ساير الاخبار التي فيها الامر بالصلوة بمحض وجود امام يخطب فهي باطلاقها غيرمعمول عند احد من الشيعة فهي الي التقية اقرب لانه طريقتهم. كما في رواية عمر بن يزيد اذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة فليس فيه ذكر شيء مما يشترط الشيعة و امر فيه بمحض وجود سبعة ان‌يصلوا جماعة و يحتمل ان‌يكون الجماعة في يوم الجمعة اذا اجتمعت سبعة اشتد تأكداً من الجماعة في غيرها و ليس فيه انهم يصلون ركعتين و يخطب لهم و كذا رواية محمد بن مسلم سألته عن اناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم و يصلون اربعاً اذا لم‌يكن من يخطب. و قد اجمعت الشيعة ان محض من يخطب ليس بكاف في امام الجمعة و لابد له من شروط اخر فاطلاقه محمول علي التقية و يظهر من صدره تأكد الجماعة في يوم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 185 *»

الجمعة و ان صلوا اربعاً و اما رواية زرارة فاذا اجتمع سبعة و لم‌يخافوا امهم بعضهم و خطبهم فاظهر ظاهر في التقية فانه من طريقة العامة ان‌يؤم القوم بعضهم سواء كان فاسقاً او عادلاً و ليس لتلك العمل باطلاقه فاذا طلبت الشروط و القيود فتجد منها انه لابد و ان‌يكون المصلي بالناس اماماً و والياً و ليس لغيرهم كما مر و اما رواية زرارة حثنا ابوعبدالله7 علي صلوة الجمعة حتي ظننت انه يريد ان‌نأتيه فقلت نغدوا عليك فقال لا انما عنيت عندكم فهو ظاهر في الاستحباب و فيه اشارة الي انه كان يعلم ان وجوبه مع الامام و لذا ظن ذلك فلماسئل قال لا انما عنيت عندكم و يدل صريحاً علي استحبابه ما رواه الشيخ في المصباح عن ابي‌عمير عن هشام عن ابي‌عبدالله7 قال اني لاحب للمؤمن ان لايخرج من الدنيا حتي يتمتع و لو مرة واحدة و ان‌يصلي الجمعة في جماعة و اما رواية عبدالملك مثلك يهلك و لم‌يصل فريضة فرضها الله قال قلت كيف اصنع قال صلوا جماعة يعني صلوة الجماعة فليس فيه مع من و بالجملة لم‌نجد دليلاً علي وجوبه في زمان الغيبة كماعرفت هذا هو الامر البين الذي لاغبار فيه و لاريب يعتريه و من نظر فيه بعين الانصاف و ترك الاعتساف وجد ما قلناه منطبقاً علي جميع الاخبار و الاستدلال بما قلنا ليس بخارج عن نفس الاخبار و الاقتصار عليها و انما علي ذلك يجتمع جميع الاخبار بحيث لايبقي فيها خلاف و لايحتاج مع ما قلنا و اوضحنا الاستدلال بالعقل و الاصل و الاستحسانات و القياسات فيستحب في زمان الغيبة ان‌يصلي الجمعة في جماعة و ركعتين بخطبة و اذا صلي بجماعة يكتفي بها و لايحتاج الي الاحتياط عملاً باطلاق رواية زرارة و هشام.

الي هنا انقطع الكلام و انتهي الي الختام و قد كتبه العبد الاثيم كريم بن ابراهيم حامداً مصلياً مستغفراً في سنة 1255 تمت.