رسالة عرفان الصواب
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 113 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.
و بعد يقول العبد الاثيم کريم بن ابرهيم اني لمارأيت ان مما شاع و ذاع حتي ملأ الاصقاع و غلب علي الطبايع الاستخارة بالمسباح و القرآن و الرقاع حتي انهم ربما يستخيرون في جميع الجزئيات من مآکلهم و مشاربهم وحرکاتهم و سکناتهم و معالجاتهم و مداواتهم بل بلغ بهم الحال الي ان يستخيروا في مجهولاتهم العلمية و العملية فلعلهم يستخيرون في ان الخلط الزيبق مثلاً مع الکبريت کيف هو ءاصيب به الاکسير مثلاً ام لا؟ و لربما يحضر عندهم المائدة فيستخيرون علي کل اناء اناء و اتفق لبعضهم اناحضر له مائدة فيها اوان کثيرة فاستخار علي کل اناء فطلع النهي عن کلها فغضب و استخار لاکل الخبز مع دهن السراج فطلع الامر و لعلهم يستخيرون علي انيقتدوا بهذا الامام المجهول عندهم ام لا؟ او يوالوا هذا الرجل الذي اختلف الناس فيه ام لا؟ او يقلدوا هذا المدعي للفقه ام لا؟ بل بلغ ببعضهم الحال انيستخيروا اناضرب فلاناً ام لا و اقتله ام لا؟ و هکذا حتي آل ببعضهم الحال الي الوسواس و يکررون علي الامر الواحد بتغيير بعض جهاته حتييطلع الامر فلربما يستخير لشرب المخيض مثلا فيطلع النهي فيستخير اناشربه مع الکاس کرعاً او مع الملعقة او مع فنجان و هکذا حتييطلع الامر و قدشاع انهم يسألون الصلحاء و المقدسين انيستخيروا لهم حتي انه قدالتمس مني بعضهم اناستخير له استخارة ذات الرقاع
و لما رأيت بلوغ الحال ذلک و خفاء مناهجها و مواردها و مصادرها علي اغلب الناس حتي المحصلين احببت اناکتب رسالة مستقلة جامعة في علم الاستخارة فلعلهم يفهمون مصدرها و موردها و مواضعها و ما يجوز و ما لايجوز اذ لماجد کتاباً في هذا الباب لاحد نعم صنفوا کتباً في انواع الصلوات و الادعية الواردة فصنفت هذه الرسالة و سميتها بعرفان
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 114 *»
الصواب و رتبتها علي مقدمة و ابواب.
المقدمــــــــة
فيما يجب تقديمه و فيها فصول:
فصل: اعلم ان الاستخارة علي ما في النهاية هي طلب الخيرة في الشيء و هي استفعال منه تقول استخر الله يخر لک و منه دعاء الاستخارة اللهم خر لي اي اختر لي اصلح الامرين و اجعل لي الخير فيه و قال و الخيرة بسکون الياء الاسم منه اي من خار الله لک اي اعطاک ما هو خير لک و قال فاما بالفتح فهي الاسم من قولک اختاره الله و محمد صلي الله عليه و آله خيرة الله من خلقه بالفتح و السکون انتهي فقولک استخير الله برحمته خيرة في عافية اي اطلب الخيرة في هذا الامر برحمته خيرة في عافية فالخيرة الثانية بدل من الخيرة المفهومة من استخير الله و الخيرة هنا بسکون الياء و قال في المجمع خار الله لک اي اعطاک الله ما هو خير لک و الخيرة بسکون الياء اسم منه و الاستخارة طلب الخيرة کعنبة و استخيرک بعلمک اي اطلب منک الخيرة متلبساً بعلمک بخيري و شري قيل و الباء للاستعانة او للقسم الاستعطافي و في الحديث من استخار الله راضياً بما صنع الله خار الله له حتماً اي طلب منه الخيرة في الامر و فيه استخر ثم استشر و معناه انک تستخير الله اولاً بانتقول اللهم اني استخيرک خيرة في عافية و تکرر ذلک مراراً ثم تشاور بعد ذلک فيه فانک اذا بدأت بالله اجري الله لک الخيرة علي لسان من شاء من خلقه و خر لي و اختر لي اي اجعل امري خيراً و الهمني فعله و اختر لي الاصلح و هذه خيرتي بالسکون و هو ما يختار انتهي
و قال فی القاموس خار يخير صار ذا خير و الرجل علي غيره خيرة و خيراً فضله علي غيره کخيره و الشيء انتقاه کتخيره و اخترته الرجال و اخترته منهم و عليهم و الاسم الخيرة بالکسر و کعنبة و خار الله لک في الامر جعل لک فيه الخير
و قال في المصباح المنير الخير بفتح الياء بمعني الخيار و الخيار الاختيار و منه يقال له خيار الرؤية و يقال هو اسم من تخيرت الشيء الي ان
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 115 *»
قال خرت الرجل علي صاحبه اخيره من باب باع خيراً وزان عنب و خيراً و خيرة اذا فضلته عليه و خيرته بين الشيئين فاختار احدهما و تخيره و استخرت الله طلبت منه الخيرة و هذه خيرتي بالسکون و هو ما تختار و في المعيار خار الرجل خيراً کباع صار ذا خير و النعت کفاعل و الرجل علي صاحبه و المصدر کعنب و بيت و صيغة و عنبة فضله کخيره تخييراً و الشيء انتقاه کتخيره علي تفعل و اخترته الرجال علي افتعل و منهم و عليهم انتقيته و اصطفيته من بينهم و خار الله لک في الامر يخير جعل لک فيه الخير و عن بعضهم الخيرة کصيغة اسم من الاختيار کالفدية من الافتداء و الخيرة کعنبة بمعني الخيار الي ان قال و يقال هو اسم من تخيرت الشيء علي تفعل کالطيرة من تطير و قيل هما لغتان بمعني واحد و هذه خيرتي کصيحة و هو ما تختار و عن آخر الخيرة کعنبة اسم من قولک اختاره الله علي افتعل يقال محمد صلي الله عليه و آله خيرة الله من خلقه و خيرة الله کصيحة الي ان قال استخرت الله علي استفعل طلبت منه الخيرة انتهي و قيل معني استخاره علي استفعل استعطفه و هو من الخوار و اصله ان الصايد يأتي ولد الظبية فيعرک اذنه فيخور يستعطف بذلک امه و تأتي الي ولدها فيصيدها و لا اراه سديداً.
فصل: قدتبين من تصريح اهل اللغة ان الاستخارة هي طلب الخيرة و طلب ان يجعل الله لک الخير في ما تريد و يجعل ما تريده خيرة و مختاراً و منتقي و ليس معناه اللغوي طلب انيدلک علي الخير و يعرفک انه الخير حتيتختاره بعد المعرفة بانه خير فعلي ذلک الاستخارة دعاء انيقدر الله لک الخير فيما تريد من سفر او نکاح او بيع او شراء او غير ذلک سواء عرفت وجه الخير فيه او لمتعرف و اما ما يدل عليه الاخبار صريحاً انها تأتي بالمعنيين و الاصل في الاستعمال الحقيقة فالمطلقات الواردة تحمل علي المعنيين کمارواه في الوسائل بسنده عن عمرو بن حريث قال قال ابوعبدالله عليه السلام صل رکعتين و استخر الله فوالله ما استخار الله مسلم الا خار الله له البتة فقوله و استخر الله اعم من انتدعو الله ليقدر لک الخيرة في ما تعمل و انتدعو الله ليعرفک الخير باسبابه الموظفة
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 116 *»
فاطلاقه کاطلاق صل رکعتين و ادع يعني اما بالمأثور او بغير المأثور و الذي يظهر من الاخبار ان خار له ايضاً بالمعنيين اي جعل له الخير في العمل او عرفه الخير و الدليل علي ذلک قوله عليه السلام في ذات الرقاع: استخير الله و اللهم خر لي و اختر لي فيحمل علي المعنيين ما عن هرون بن خارجة عن ابيعبدالله عليه السلام من استخار راضياً بما صنع خار الله له حتماً و ما عن عثمن بن عيسي عمن ذکره عن بعض اصحابه عن ابيعبدالله عليه السلام في حديث سألت من ابغض الخلق الي الله قال من يتهم الله قلت و احد يتهم الله قال نعم من استخار الله فجاءته الخيرة بما يکره فسخط فذلک الذي يتهم الله فان المراد بالخيرة الخيرة التي في عمله تأتي علي حسب التقدير او التعريف لما يکتب في الرقاع خيرة من الله العزيز الحکيم فالخيرة ايضا اعم و ما عن عبدالله بن ميمون القداح عن ابيعبدالله عليه السلام قال ماابالي اذا استخرت علي اي طريق وقعت و کان ابي يعلمني الاستخارة کما يعلمني السورة من القرآن الي غير ذلک من الاخبار المطلقة فيحمل جميعها علي الامرين لاستعمال لفظ الاستخارة و الخيرة و خار له في المعنيين و سيأتي في صفة الاستخارات مايدل علي ذلک ايضاً ان شاء الله فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان الاستخارة بحسب الاخبار اعم من طلب تقدير الفعل علي وجه الخير و تعريف الخير سواء کان بوقوع معرفة الخير في القلب و ثبات العزم علي عمل او علي لسان بعض الاخوان بالمشورة و الاشارة منهم او في الرقاع او البنادق او السبحة او الحصي علي الوجوه المأثورة کماروي عن اليسع القمي قال قلت لابيعبدالله عليه السلام اريد الشيء فاستخير الله فيه فلايوفق فيه الرأي افعله او اد عه فقال انظر اذا قمت الي الصلوة فان الشيطان ابعد ما يکون عن الانسان اذا قام الي الصلوة اي شيء يقع في قلبک فخذ به و افتتح المصحف فانظر الي اول ما تري فيه و خذ به انتهي. فتبين انه کانت استخارته طلب تعريف الخير في القلب فلميوفق له الرأي فلميعلم انه بعد الاستخارة و تردد الخاطر ماذا يکون الخيرة فسأله عليه السلام فعلمه انينظر الي قلبه حال الصلوة
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 117 *»
فان لميعرف الخيرة بذلک ايضاً انيفتتح المصحف فيأخذ بما يري کما سيأتي في بابه انشاء الله و کذلک ما روي عن هرون بن خارجة عن ابيعبدالله عليه السلام قال اذا اراد احدکم امراً فلايشاور فيه احداً من الناس حتييبتدأ فيشاور الله تبارک و تعالي قال قلت جعلت فداک و ما مشاورة الله قال تبتدأ فتستخير الله فيه اولاً ثم تشاور فيه فانه اذا بدأ بالله اجري الله الخيرة علي لسان من يشاء من الخلق و هذا الحديث نص علي ان المراد بالاستخارة طلب معرفة الخير فيعرفه الله اياه علي لسان من شاء من الخلق کما يأتي في بابه ان شاء الله و کذلک ما روي من الاعمال المأثورة في طلب معرفة الخير
و ان قلت ان طلب معرفة الخير طلب علم الغيب و قدقال الله سبحانه عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احداً الا من ارتضي من رسول و قال عز من قائل و ما کان الله ليطلعکم علي الغيب ولکن الله يجتبي من رسله من يشاء
قلت ان ذلک ليس معرفة غيب علي التفصيل و انما هو معرفة اجمالية بسبب علمه الله رسوله المرتضي و المجتبي و علمنا ذلک الرسول کما کان يخبر ببعض الغيوب اصحابه و ليس يرد علم الاصحاب بذلک الغيب قبل وقوعه هاتان الآيتان لانه کان بواسطة الرسول المرتضي و المجتبي و کذلک الامر هنا و قدمس حاجة الخلق بذلک لتحير الخلق في بعض المباحات و عدم علمهم بان ذلک الشيء الخاص في الوقت الخاص و المکان الخاص خير لدينهم او دنياهم او آخرتهم ام لا ففتح الله لهم هذا الباب حتييتعرفوا ذلک کمافتح باب القرعة لکل امر مشکل و لاتقل ان ما فيه خير الدين و الدنيا و الاخرة فقداخبر الشارع به و ما هو شر فيها فقداخبر و ماسواهما مباح لا خير فيه و لاشر فان الاشياء الخاصة قديعرضها اعراض خارجية اتفاقية تضربها بذلک الاعتبار او تنفع و ليس ذلک النفع و الضر فيهما علي نحو اللزوم حتييخبر به الشارع في شرعه فلاجل ذلک يحتاج الي فتح هذا الباب فلو خالف الاستخارة لحقه الضرر و العنت البتة کما يأتي في الخبر ان شاء الله و ما انکره ابن ادريس من طلب معرفة الخير بالرقاع و البنادق و امثالها فانما هو من
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 118 *»
باب اصله غير الاصيل حيث لميجوز العمل باخبار الاحاد و اما علي مذهبنا فلايتمشي انکاره.
فصل: اعلم انه لابد من تعيين ما يستخار فيه لانه مخفي علي اکثر الناس حاشا العلماء الماهرين فاقول ان الامور علي الحقيقة الاولية لاتخلو من قسمين فاما هي من مقتضيات النور الذي جعله الله في الانسان فهي فريضة و اما هي من مقتضيات الظلمة التي فيه فهي محرمة ولکن في مقام السلوک و عند ارباب القلوب تتنوع اربعة انواع فاما هي من مقتضيات النور و بالعمل بها بقاؤه و بترکه فناؤه فهي واجبة و ان کانت سبب قوة النور و بهائه و جماله فهي مستحبة و اما هي من مقتضيات الظلمة و بالعمل بها بقاؤها و بترکه فناؤها فهي محرمة او تکون سبب قوتها و غلبتها في الجملة فهي مکروهة و علي وجه آخر ان کانت لله و في الله فهي راجحة و ان کانت لغيره فهي مرجوحة و في الشريعة لضعف اهلها زيد فيها نوع آخر و هو المباح فالاربعة المذکورة فقدکشف الشرع عن خيرها و شرها مقروناً بالايات الباهرات فلاتحتاج الي استخارة مجددة اللهم الا انتستخير بمعني طلب الخير الظاهري من السلامة و العافية و ذلک جايز و وارد کما يأتيک في رواية جابر و اما الاستخارة بطلب معرفة الخير فلايجوز الا في مقارناتها کتقديم او تأخير او ترجيح مندوب علي مندوب و اما في اصل العمل فلا و اما المباح فيجوز لک الاستخارة فيه بجميع الانواع و لا کلام فيه ولکن الجهلة لربما يستخيرون في شرب دواء لايعرفون نفعه و ضره رجاء انيطلع الامر ان کان نافعاً او النهي ان کان ضاراً فذلک مما لايجوز و کذا ربما يستخيرون لخلط شيء بشيء ليحصل لهم شيء و يرجون انيطلع الامر ان کان الخلط ناجحاً في ما يتمنون و النهي ان لميکن ناجحاً و ذلک مما لايجوز و لو کان امثال ذلک جايزة لامکن الوصول الي الاکسير بالاستخارة و الوصول الي جميع العلوم الغريبة بالاستخارة و کذلک تصنيف کتاب طب بالاستخارة و معرفة طبايع جميع المفردات بها و يشهد العقل ببطلان هذه الامور و کذلک قديستخيرون للاقتداء بفلان او تقليد فلان و جميع ذلک علي
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 119 *»
خلاف وضع الاستخارة و جماع القول في ذلک ان کل شيء جعل الله له باباً ينبغي طلبه من ذلک الباب و کل شيء لميفتح الله له باباً الا الاستخارة فهي له و اري کثيراً من الناس يستنبطون علي زعمهم امزجتهم و امراضهم بالاستخارات و کل ذلک خبط عشواء و غلط و لايجوز شيء من ذلک نعم اذا وصف لک طبيب دوائين جاز لک شربهما استخرت في احدهما و اذا کان لک غذاء ان جاز لک اکلهما يجوز لک الاستخارة غير معتقد ان ما اطلع الامر به هو انسب بمزاجي فلعله خير لک من جهات اخر فلعله شيء اکثر حلية او مناسبة من جهات اخر بالجملة الاستخارة موضعها لطلب الخير في امر مباح مأذون فعله و الله اعلم بوجه الخير و ليست لاستنباط العلوم و معرفة الحقايق و الخفايا و الحوادث فتدبر و استبصر و لذلک نشاهد عياناً ان استخاراتهم تخالف مراداتهم فلربما يستخيرون لشرب دواء لمداواة مرض فيطلع الامر و يشربون و يضرهم و لربما يقتلهم او يستخيرون لخلط شيء بشيء لحصول شيء و يطلع الامر فيخلطون و يفسد عليهم ما يريدون و علي هذه فقس ماسواها و لاتبتدع في الدين و اعمل بما صدر الاذن به و وضعوا لاجله الاستخارة و لميجعلوها لاستکشاف الحقايق و الطبايع و الامزجة بالبداهة و انما هي دعاء بطلب جعل الخير في المباح او تعريف ما فيه الخير علي ما يعلمه الله لا علي ما تريد فلعل ما تريد شر عليک فافهم.
الباب الاول
في مطلق الاستخارة اي طلب الخيرة او تعريفها
فاعلم ان الاستخارة ليست بشيء موقت لايجوز التعدي عنه الي غيره بل هي مطلقة مجوز فيها کل لفظ بکل لسان و في اي وقت و مکان اتفقت و الدليل علي ذلک ما روي من المطلقات و منها ما مر کقولهم سلام الله عليهم من استخار الله راضياً بما صنع خار له حتماً و ما روي يا علي ما حار من استخار و ما ندم من استشار و هي بنفسها مستحبة في جميع الاعمال فقدروي عن محمد بن مصارف قال قال ابوعبدالله عليه السلام من دخل في امر بغير استخارة ثم ابتلي
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 120 *»
لميوجر و عنه عليه السلام قال قال الله عزوجل من شقاؤ عبدي انيعمل الاعمال فلايستخيرني و يستحب ايتار الاستخارة لما روي من استخار الله فليوتر و يجوز انتکون شفعاً لما روي من روايات الشفع کما يأتي و لاينبغي لمن يؤمن بالله و رسوله و خلفائه عليهم السلام انيشک في استجابة الاستخارة بعد ما توجه الي الله سبحانه و توکل عليه و فوض الامر اليه و رضي بما صنع له و يجب الاعتقاد بان الله يخير له حتماً لما روي في حديث خار الله له البتة و في رواية خار الله له حتماً و ما روي ان من کره و سخط بالخيرة فذلک الذي يتهم الله و هو ابغض الخلق الي الله فوجب انيعتقد الانسان بعد الاستخارة ان ما يقدر له او يعرفه الله هو خيره جزماً و ادني الاستخارة مرة واحدة اذا کان القلب مجتمعاً متوجهاً الي الله سبحانه و کلما کان القلب مقسماً کان الحاجة الي التکرار اکثر لانه دعاء و لايستجاب الدعاء الا بتوجه فعلي ذلک لو راعي فيه شرائط الدعاء من شرافة المکان و الوقت و اللباس و الحال و المقارنات و الکيفيات و الطهارة و غيرها مما هو مذکور في کتب الاصحاب کان اولي فانها من باب الدعاء فاذاً التکرار ايضاً من المکملات في الاستخارات المطلقة لا في الکيفيات الخاصة المأثورة فلو نقص من موظفات المأثورة لميأت بذلک المأثور و يقع تحت المطلقات و لوقوعه تحت المطلقات لايخلو عن الاعتبار ايضاً و يمکن الاعتماد عليه ولکن لايعتقد انه اتي بالمأثور و کذلک کلما يکون الامر اعظم يحتاج الي تکميل الدعاء اکثر في جميع شرايطه و عدده کمايأتي.
و بعد جواز مطلق الاستخارة باي لفظ اتفق و باي لسان و عدد امکن الاحسن اتباع المأثورات البتة فمن ذلک ما رواه في الوسائل عن عمرو بن حريث قال قال ابوعبدالله عليه السلام صل رکعتين و استخر الله فوالله ما استخار الله مسلم الا خار الله له البتة و عن حماد بن عثمن عن ابيعبدالله عليه السلام انه قال في الاستخارة
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 121 *»
انيستخير الله الرجل في آخر سجدة من رکعتي الفجر مائة مرة و مرة تحمد الله و تصلي علي النبي صلي الله عليه و آله ثم تستخير الله خمسين مرة ثم تحمد الله و تصلي علي النبي صلي الله عليه و آله و تمم المائة و الواحدة و عن محمد بن خالد القسري انه سأل اباعبدالله عليه السلام عن الاستخارة قال استخر الله في آخر رکعة من صلوة الليل و انت ساجد مائة مرة و مرة قال کيف اقول قال تقول استخير الله برحمته استخير الله برحمته و عن ناجية عن ابيعبدالله عليه السلام انه کان اذا اراد شراء العبد او الدابة او الحاجة الخفيفة او الشيء اليسير استخار الله فيه سبع مرات و اذا کان امراً جسيماً استخار الله فيه مائة مرة و عن معوية بن ميسرة عنه انه قال ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة الا رماه الله بالخيرة يقول يا ابصر الناظرين و يا اسمع السامعين و يا اسرع الحاسبين و يا ارحم الراحمين و يا احکم الحاکمين صل علي محمد و اهل بيته و خر لي في کذا و کذا و في رواية صل علي محمد و آله محمد و خر لي في کذا و کذا خيرة في عافية و عن الصادق عليه السلام اذا عرض لک امر اردت فعله فصل رکعتين و اقنت في الثانية منهما قبل الرکوع فاذا سلمت سجدت و قلت في سجودک استخير الله مائة مرة فاذا اتممت المائة قلت لا اله الا الله العلي العظيم الا اله الا الله الحليم الکريم رب بحق محمد و آل محمد صل علي محمد و آل محمد و خر لي في کذا و کذا للدنيا و الآخرة خيرة في عافية قال في المقنعة استخارة اخري و ان شئت صليت الرکعتين ثم دعوت بعدهما فقلت اللهم اني استخيرک بعلمک و استخيرک بعزتک و استخيرک بقدرتک و اسألک من فضلک العظيم فانک تقدر و لا اقدر و تعلم و لا اعلم و انت علام الغيوب ان کان هذا الامر الذي اريده خيراً لي في ديني و دنياي و آخرتي و خيراً في ما ينبغي فيه الخير فانت اعلم بعواقبه مني فيسره لي و بارک لي فيه و اعني عليه و ان کان شراً لي فاصرفه عني و اقض لي حاجتي بالخير حيث کان و رضني به
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 122 *»
حتي لا احب تعجيل ما اخرت و لا تأخير ما عجلت و عن شهاب بن عبدربه عن ابيعبدالله عليه السلام قال کان ابي اذا اراد الاستخارة في امر توضأ و صلي رکعتين و ان کانت الخادمة لتکلمه فيقول سبحان الله و لايتکلم حتييفرغ.
و عن زرارة عن ابيعبدالله عليه السلام في الامر يطلبه الطالب من ربه قال يتصدق في يومه علي ستين مسکيناً کل مسکين صاعاً بصاع النبي صلي الله عليه و آله فاذا کان الليل اغتسل في ثلث الليل الباقي و يلبس ادني ما يلبس من يعول من الثياب الا ان عليه في تلک الثياب ازاراً ثم يصلي رکعتين فاذا وضع جبهته في الرکعة الاخيرة للسجود هلل الله و عظمه و مجده و ذکر ذنوبه فاقر بما يعرف منها مسمي ثم رفع رأسه فاذا وضع في السجدة الثانية استخار الله مائة مرة يقول اللهم اني استخيرک ثم يد عو الله بما شاء و يسأله اياه کلما سجد فليفض برکبتيه الي الارض يرفع الازار حتييکشفها و يجعل الازار من خلفه بين الييه و باطن ساقيه.
و عن ابن ابييعفر قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول في الاستخارة تعظم الله و تمجده و تحمده و تصلي علي النبي صلي الله عليه و آله ثم تقول اللهم اني اسألک بانک عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم و انت عالم للغيوب (علام الغيوب خل) استخير الله برحمته ثم قال ان کان الامر شديداً تخاف فيه قلت مائة مرة و ان کان غير ذلک قلته ثلث مرات بالجملة يجوز لک انتسخير الله بهذه الوجوه المأثورة لتقدير الخير و لتعريفه بانيقع في قلبک او يصدر عن لسان بعض اخوانک.
و هل يجوز مطلق الاستخارة کيفما اراد الانسان و القبض علي المسباح او الحصي او غير ذلک من الامور المنصوص عليها فالظاهر انه يجوز لورود الاستخارة المطلقة و وعد ان الله يخير له حتماً و قدعرفت ان الاستخارة اعم من طلب معرفة الخير و من الد عاء بتقدير الخير فمن استخار و طلب معرفة الخير من الله تعالي خار له حتماً فما قاله بعض العلماء انه يجوز الاستعلام من اي شيء کان فلايخلو من وجه لکن في الوجوه المنصوص عليها من رقاع او سبحة او حصي او
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 123 *»
بنادق او مصحف او الهام او مشاورة و اما ما روي عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان انه کتب اليه يسأله عن الرجل تعرض له الحاجة مما لايدري يفعلها ام لا فيأخذ خاتمين فيکتب في احدهما نعم افعل و يکتب في الاخر لاتفعل فيستخير الله مراراً فيخرج احدهما فيعمل بما يخرج فهل يجوز ذلک ام لا و العامل به و التارک له اهو يجوز مثل الاستخارة ام هو سوي ذلک فاجاب الذي سنه العالم في هذه الاستخارة بالرقاع و الصلوة انتهي فليس فيه نهي عن الخواتيم بل في عدم تعرضه عليه السلام للجواز و عدمه و الجواب بالسنة فيه لحن الجواز نعم الاولي متابعة السنة کما انه ليس في هذا الخبر ذکر الاستخارة بالمسباح و البنادق مع کونهما مأثورين و کون السنة المعمولة الشايعة الرقاع لايدل علي عدم جواز الاستخارة بالمسباح و البنادق و الحصي و غيرها و لا احد عرف من هذا الخبر التعارض بينه و بين ساير الاستعلامات المأثورة بالجملة کلما يسمي استخارة و طلب خيرة او استعلام خير جايز فانه تحت من استخار الله راضياً بما صنع خار له حتماً و تحت ادعوني استجب لکم.
الباب الثاني
في الاستخارة بطلب تقدير الخيرة و تيسيرها و صرف الشر
و لها انحاء مأثورة بعد ما عرفت انها يمکن باي نحو اتفق للعمومات و بعد ما مر من الاستخارات المطلقة في الباب السابق فمن ذلک ما روي في مفتاح الغيب عن الصادق عليه السلام انک تقول في دعاء الاستخارة استخير الله و استقدر الله و اتوکل علي الله و لاحول و لاقوة الا بالله اردت امراً فاسأل الهي ان کان ذلک له رضاً انيقضي لي حاجتي و ان کان له سخطاً انيصرفني عنه و انيوفقني لرضاه.
و عن محمد بن مسلم قال اردت الشام فامرني الصادق عليه السلام ان اقرأ هذا الدعاء اللهم ان کان هذا الوجه الذي هممت به خيراً في ديني و دنياي و عاقبة امري و لجميع المسلمين فيسره و بارک لي فيه و ان کان ذلک شراً لي فاصرفه عني
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 124 *»
الي ما هو خير لي منه فانک تعلم و لا اعلم و تقدر و لااقدر و انت علام الغيوب ثم قل استخير الله مائة مرة فلما فعلت ذلک انفسخ عزمي عن سفر الشام و صرفت اهبتي في طريق الحق نقلته بالمعني. و روي في الوسايل عن ابن اسباط عمن قال حدثني ابوجعفر عليه السلام اني اردت الاستخارة في الامر العظيم استخرت الله فيه مائة مرة في مقعد و اذا کان شراء رأس او شبهه استخرت فيه ثلث مرات في مقعد اقول اللهم اني اسألک بانک عالم الغيب و الشهادة ان کنت تعلم ان کذا و کذا خير لي فخره لي و يسره و ان کنت تعلم انه شر لي في ديني و دنياي و آخرتي فاصرفه عني الي ما هو خير لي و رضني في ذلک بقضائک فانک تعلم و لا اعلم و تقدر و لا اقدر و تقضي و لا اقضي انک علام الغيوب و من ذلک ما عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام في حديث قال قل اللهم اني استخيرک برحمتک و استقدرک الخير بقدرتک عليه لانک عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم و اسألک انتصلي علي محمد النبي و آله کما صليت علي ابراهيم و آل ابراهيم انک حميد مجيد اللهم ان کان هذا الامر الذي اريده خيراً لي في ديني و دنياي و آخرتي فيسره لي و ان کان غير ذلک فاصرفه عني و اصرفني عنه و في رواية عنه عن جعفر بن محمد قال کان بعض آبائي يقول اللهم لک الحمد و بيدک الخير کله اللهم اني استخيرک برحمتک و استقدرک الخير بقدرتک عليه لانک تقدر و لا اقدر و تعلم و لا اعلم و انت علام الغيوب اللهم فما کان من امر هو اقرب من طاعتک و ابعد من معصيتک و ارضي لنفسک و اقضي لحقک فيسره لي و يسرني له و ماکان من غير ذلک فاصرفه عني و اصرفني عنه فانک لطيف لذلک و القادر عليه.
و عن معوية بن عمار عن ابيعبدالله عليه السلام قال کان ابوجعفر عليه السلام يقول ما استخار الله عبد قط مائة مرة الا رمي بخيرة الامرين يقول اللهم عالم الغيب و الشهادة ان کان امر کذا و کذا خيرا لامر دنياي و آخرتي و عاجل امري و آجله فيسره لي و افتح لي بابه و رضني فيه بقضائک و
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 125 *»
روي تقولها في الامر العظيم مائة مرة و في الامر الدون عشر مرات و عن جابر عن ابيجعفر عليه السلام قال کان علي بن الحسين عليهما السلام اذا هم بامر حج او عمرة او بيع او شراء او عتق تطهر ثم صلي رکعتي الاستخارة فقرأ فيها بسورة الحشر و سورة الرحمن ثم يقرأ المعوذتين و قل هو الله احد و هو جالس في دبر الرکعتين ثم يقول اللهم ان کان کذا و کذا خيراً لي في ديني و دنياي و عاجل امري و آجله فصل علي محمد و آله و يسره لي علي احسن الوجوه و اجملها اللهم و ان کان کذا و کذا شراً لي في ديني و دنياي و آخرتي و عاجل امري و آجله فصل علي محمد و آل محمد و اصرفه عني رب صل علي محمد و آله و اعزم لي علي رشدي و ان کرهت ذلک او ابته نفسي و في رواية مرة واحدة و عن مرازم قال قال لي ابوعبدالله عليه السلام اذا اراد احدکم شيئاً فليصل رکعتين ثم ليحمد الله و ليثن عليه و يصلي علي محمد و اهل بيته و يقول اللهم ان کان هذا الامر خيراً لي في ديني و دنياي فيسره لي و قدره و ان کان غير ذلک فاصرفه عني قال مرازم فسألته اي شيء اقرأ فيها قال ما شئت و ان شئت فاقرأ فيها بقل هو الله احد و قل يا ايها الکافرون و قل هو الله احد تعدل ثلث القرآن و عن زرارة قال قلت لابيجعفر عليه السلام اذا اردت امراً او اردت الاستخارة کيف اقول فقال اذا اردت ذلک فصم الثلثاء و الاربعاء و الخميس ثم صل يوم الجمعة في مکان نظيف رکعتين فتشهد ثم قل و انت تنظر الي السماء اللهم اني اسألک بانک عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم ان کان هذا الامر خيراً لي فيما احاط به علمک فيسره لي و بارک لي فيه و افتح لي به و ان کان ذلک لي شراً فيما احاط به علمک فاصرف عني بما تعلم فانک تعلم و لا اعلم و تقدر و لااقدر و تقضي و لا اقضي و انت علام الغيوب تقولها مائة مرة و في مفتاح الغيب من مکارم الاخلاق عن علي عليه السلام في الاستخارة يصلي رکعتين ثم يقول استخير الله مائة مرة ثم يقول اللهم اني قد هممت بامر قد
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 126 *»
علمته فان کنت تعلم انه خير لي في ديني و دنياي و آخرتي فاصرفه عني کرهت نفسي ذلک او احبت فانک تعلم و لا اعلم و انت علام الغيوب ثم يعزم علي ما اراد و فيه انه سأل الصادق عليه السلام رجل فقال جعلت فداک ربما افعل فعلاً ثم اندم عليه فقال له عليه السلام لم لاتستخير قال جعلت فداک کيف استخير قال عليه السلام اذا صليت الصبح ارفع يديک حذاء وجهک و قل اللهم انک تعلم و لااعلم و انت علام الغيوب فصل علي محمد و آل محمد وخر لي في جميع ما عزمت به من اموري خيار برکة و عافية و فيه من قرب الاسناد عن ابيالحسن موسي بن جعفر عليهما السلام انه اتاه رجل و قال جعلت فداک اريد سفراً و اريد انتعلمني استخارة حتي ان کان خيراً لي يسره الله و ان کان شراً لي يصرفه الله عني قال اقرأ اللهم قدر لي ما اردت و اجعله خيراً لي فانک تقدر علي ذلک نقلته بالمعني.
و في بلد الامين عن ابن طاوس عن الرضا عليه السلام عن ابيه الکاظم عن جده الصادق عليهما السلام قال من دعا به لمير في عاقبة امره الا ما يحبه و هو اللهم ان خيرتک تنيل الرغايب و تجزل المواهب و تطيب المکاسب و تغنم المطالب و تهدي الي احمد العواقب و تقي من محذور النوائب اللهم اني استخيرک فيما عقد عليه رأيي و قادني اليه هواي فاسألک يا رب انتسهل لي من ذلک ما تعسر و انتعجل من ذلک ما تيسر و انتعطيني يا رب الظفر فيما استاخرتک فيه و عوناً بالانعام فيما دعوتک و انتجعل يا رب بعده قرباً و خوفه امناً و محذوره سلماً فانک تعلم و لااعلم و تقدر و لااقدر و انت علام الغيوب اللهم انيکن هذا الامر خيراً لي في عاجل الدنيا و الاخرة فسهله لي و يسره علي و ان لميکن فاصرفه عني و اقدر لي فيه الخيرة انک علي کل شيء قدير يا ارحم الراحمين و في مفتاح الغيب عن الطوسي في المجالس عن ابيالحسن الثالث عليه السلام عن الصادق عليه السلام انه قال کان ابي يدعو في الاستخارة هذا
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 127 *»
الدعاء اللهم ان خيرتک تنيل الرغايب و تجزل المواهب و تغنم المطالب و تطيب المکاسب و تهدي الي احمد العواقب و تقي محذور النوائب اللهم يا مالک الملک استخيرک فيما عزم رأيي عليه و قادني هواي اليه فسهل من ذلک ما توعر و يسر منه ما تعسر و اکفني في استخارتي المهم و ادفع عني کل ملم و اجعل عاقبة امري غنماً و محذوره سلماً و بعده قرباً و جدبه خصباً اعطني يا رب لواء الظفر فيما استخرتک فيه و قرر الانعام فيما دعوتک له و من علي بالافضال فيما رجوتک فانک تعلم و لااعلم و تقدر و لااقدر و انت علام الغيوب.
و عن اميرالمؤمنين عليه السلام دعاء في الاستخارة و هو ما شاء الله کان اللهم اني استخيرک خيار من فوض اليک امره و اسلم اليک نفسه و استسلم اليک في امره و خلا لک وجهه و توکل عليک فيما نزل به اللهم خر لي و لاتخر علي و کن لي و لاتکن علي و انصرني و لاتنصر علي و اعني و لاتعن علي و امکني و لاتمکن مني و اهدني الي الخير و لاتضلني و ارضني بقضائک و بارک لي في قدرک انک تفعل ما تشاء و تحکم ما تريد و انت علي کل شيء قدير اللهم ان کان لي الخيرة في امري هذا في ديني و دنياي و عاقبة امري فسهله لي و ان کان غير ذلک فاصرفه عني يا ارحم الراحمين انک علي کل شيء قدير و حسبنا الله و نعم الوکيل.
و عن القائم عليه السلام يدعي به في الاستخارة و الحاجة بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اني اسألک باسمک الذي عزمت علي السموات و الارض فقلت لها ائتيا طوعاً او کرهاً قالتا اتينا طائعين و باسمک الذي عزمت به علي عصا موسي فاذا هي تلقف ما يأفکون و اسألک باسمک الذي صرفت به قلوب السحرة اليک حتي قالوا آمنا برب العالمين و اسألک بالقدرة التي تبلي بها کل جديد و تجدد بها کل بال و اسألک بکل حق هو لک و بکل حق جعلته عليک ان کان هذا الامر خيراً لي في ديني و دنياي و آخرتي انتصلي علي محمد و آل محمد و تسلم عليهم تسليماً و تهيئه لي و تسهله علي و تلطف لي فيه برحمتک يا ارحم الراحمين و ان کان شراً لي في ديني و دنياي و آخرتي انتصلي علي محمد
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 128 *»
و آل محمد و تسلم عليهم تسليماً و انتصرفه عني بم شئت و کيف شئت و ترضيني بقضائک و تبارک لي في قدرک حتيلااحب تعجيل شيء اخرته و لاتأخير شيء عجلته فانه لا حول و لا قوة الا بک يا علي يا عظيم يا ذا الجلال و الاکرام.
الباب الثالث
في الاستخارة بطلب تعريف الخيرة بالالهام في القلب و تثيبت الخاطر و العزم علي الامر
اعلم ان من انواع الاستخارة انيطلب المستخير ربه انيلهمه الخير و يثبت عزمه علي ما هو الخير من الفعل او الترک و هذا النوع مشکل جداً للذين قدغلب عليهم الشهوات و لايقدرون علي تخلية القلب عن الميول و المناسبات و من شرايط هذا النوع انيخلي الانسان قلبه عن الميل الي احد الجانبين طالباً للخير في الدين و الدنيا و الآخرة و يعمل بالاعمال المأثورة و يدعو الله بالدعوات المنقولة او بما يجري علي لسانه للاخبار المطلقة ثم ينظر الي قلبه فان الهمه الله محاسن الفعل فليعلم ان الفعل خير له و ان الهمه الله محاسن الترک فليعلم ان الترک خير له البتة فيمضي علي ما الهمه الله و ان لميلهم شيئاً فليعلم ان الخير له جهله بالخير في ذلک الزمان فليعد في العمل و الدعاء في وقت آخر يحتمل تغير الحال فيه فان الهمه الله و الا فليعد في وقت آخر و هکذا الي انيعرف الخير في الفعل او الترک و ان کان لايمکنه التأخير فليستکشف ذلک بساير انواع الاستکشاف کما يأتي و قدروي لطلب الالهام طرق:
منها ما رواه في مفتاح الغيب من المجالس عن الشيخ بسنده عن ابيالحسن الثالث عليه السلام انه قال الصادق عليه السلام اذا کان لاحدکم حاجة فليشاور ربه قيل کيف يشاور قال يسجد بعد الفريضة و يقول مائة مرة اللهم خر لي ثم يتوسل بنا و يصلي علينا و يستشفع بنا فما اوقع الله في قلبه عمل به.
و منها ما من العيون اذا اردت امراً فصل رکعتين و قل مائة مرة استخير
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 129 *»
الله ثم قل لا اله الا الله العلي العظيم لا اله الا الله الحليم الکريم رب بحق محمد و علي خر لي فيما اردت للدنيا و الآخرةخيرة من عندک لک فيه رضاً و لي فيه صلاح في خير و عافية يا ذا المن و الطول ثم اعمل بما عزمت عليه.
و منها ما عن السيد رحمه الله بسنده عن الباقر عليه السلام انه قال کل عبد استخار الله مائة مرة يقع في قلبه خيرة البتة يقول اللهم عالم الغيب و الشهادة ان کان ما اردت خيراً لامر دنياي و آخرتي و عاجل امري و آجله فيسره لي و افتح لي بابه و رضني فيه بقضائک.
و منها ما من العيون بسنده عن الرضا عليه السلام انه قال الصادق عليه السلام تسجد بعد الفريضة و تقول اللهم خر لي مائة مرة ثم تتوسل برسول الله و ائمه الهدي عليهم السلام و تصلي عليهم و تستشفع بهم فما الهمه الله فليعمل به لانه من الله البتة.
و منها ما روي في الوسائل عن ابن فضال قال سأل الحسن بن الجهم اباالحسن عليه السلام لابن اسباط فقال ما تري له و ابن اسباط حاضر و نحن جميعاً نرکب البحر او البر الي مصر و اخبره بخبر طريق البر فقال البر و ائت المسجد في غير وقت صلوة الفريضة فصل رکعتين فاستخر الله مائة مرة ثم انظر اي شيء يقع في قلبک فاعمل به و قال الحسن البر احب الي قال له و الي.
و منها ما عن علي بن اسباط قال قلت لابيا لحسن الرضا عليه السلام جعلت فداک ما تري آخذ براً او بحراً فان طريقنا مخوف شديد الخطر فقال اخرج براً و لا عليک انتأتي مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و تصلي رکعتين في غير وقت فريضة ثم تستخير الله مائة مرة و مرة ثم تنظر فان عزم الله لک علي البحر فقل الذي قال الله عزوجل بسم الله مرجيها و مرسيها ان ربي لغفور رحيم الحديث.
و منها ما عن اسحق بن عمار عن ابيعبدالله عليه السلام قال قلت له ربما اردت الامر يفرق مني فريقان احدهما يأمرني والآخر ينهاني قال فقال اذا کنت
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 130 *»
کذلک فصل رکعتين و استخر الله مائة مرة و مرة ثم انظر احزم الامرين لک فافعله فان الخيرة فيه ان شاء الله و لتکن استخارتک في عافية فانه ربما خير للرجل في قطع يده و موت ولده و ذهاب ماله.
و منها ما عن علي بن مهزيار قال کتب ابوجعفر الثاني الي ابرهيم بن شيبة فهمت ما استأمرت فيه من امر ضيعتک التي تعرض لک السلطان فيها فاستخر الله مائة مرة خيرة في عافية فان احلولي بقلبک بعد الاستخارة بيعها فبعها و استبدل غيرها ان شاء الله و لاتتکلم بين اضعاف الاستخارة حتيتتم المائة ان شاء الله و کذا روي مثل هذا الکتاب من الجواد عليه السلام الي علي بن اسباط الا انه زاد ولتکن الاستخارة بعد صلوتک رکعتين.
و منها ما عن ابيعلي اليسع القمي قال قلت لابيعبدالله عليه السلام اريد الشيء فاستخير الله فيه فلايوفق فيه الرأي افعله او ادعه فقال انظر اذا قمت الي الصلوة فان الشيطان ابعد ما يکون من الانسان اذا قام الي الصلوة اي شيء يقع في قلبک فخذ به و افتتح المصحف فانظر الي اول ما تري فيه فخذ به ان شاء الله.
و منها ما في الفقه الرضوي اذا اردت امراً فصل رکعتين و استخر الله مائة مرة و مرة و ما عزم لک فافعل و قل في دعائک لا اله الا الله العلي العظيم لا اله الا الله الحليم الکريم رب محمد و علي خر لي في امري کذا و کذا للدنيا و الآخرة خيرة من عندک ما لک فيه رضاً و لي فيه صلاح في خير و عافية يا ذا المن و الطول. و في مفتاح الغيب عن ابنطاوس عن الصادق عليه السلام انه يقرأ بعد صلوة الاستخارة هذا الدعاء اللهم انک خلقت اقواماً يلجؤن الي مطالع النجوم لاوقات حرکاتهم و سکونهم و تضرعهم و عقدهم و حلهم و خلقتني ابرأ اليک من اللجأ اليها و من طلب الاختيارات بها و اتيقن انک لمتطلع احداً علي غيبک في مواقعها و لمتسهل له السبيل الي تحصيل افاعيلها و انک قادر علي نقلها في مداراتها في مسيرها عن السعود العامة و الخاصة الي النحوس و من النحوس الشاملة و المفردة
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 131 *»
الي السعود لانک تمحو ما تشاء و تثبت و عندک ام الکتاب و لانها خلق من خلقک و صنعة من صنعتک و ما اسعدت من اعتمد علي مخلوق مثله و استمد الاختيار لنفسه و هم اولئک و لا اشقيت من اعتمد علي الخالق الذي انت هو لا اله الا انت وحدک لاشريک لک و سألک بما تملکه و تقدر عليه و انت به ملي و عنه غني و اليه غير محتاج و به غير مکترث من الخيرة الجامعة للسلامة و العافية و الغنيمة لعبدک من حدث الدنيا التي اليک فيها ضرورته لمعاشه و من خيرات الآخرة التي عليک فيها معوله و انا هو عبدک اللهم فتطول يا مولاي اختيار خير الاوقات لحرکتي و سکوني و نقضي و ابرامي و سيري و حلولي و عقدي و حلي و اشدد بتوفيقک عزمي و سدد فيه رأيي و اقذفه في فؤادي حتي لايتأخر و لايتقدم وقته عني و ابرم من قدرتک کل نحس يعرض بحاجز حتم من قضائک يحول بيني و بينه و يباعده مني و يباعدني منه في ديني و نفسي و مالي و ولدي و اخواني و اعذني به من الاولاد و الاموال و البهائم و الاعراض و ما احضره و ما اغيب عنه و ما استصحبه و ما اخلفه و حصني من کل ذلک بعياذک من الآفات و العاهات و البليات و من التغيير و التبديل و النقمات و المثلات و من کلمتک الخالقة و من جميع المخلوقات و من سوء القضاء و من درک الشقاء و من شماتة الاعداء و من الخطاء و الزلل في قولي و فعلي و ملکني الصواب فيهما بلاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم بلا حول و لاقوة الا بالله الحليم الکريم بلا حول و لاقوة الا بالله العزيز العظيم بلاحول و لاقوة الا بالله حرزي و عسکري بلاحول و لاقوة الا بالله سلطاني و مقدرتي بلاحول و لاقوة الا بالله عزي و منعتي اللهم انت العالم بجوائل فکري و جوائس صدري و ما يترجح في الاقدام عليه و الاحجام عنه مکنون ضميري و سري و انا فيه بين حالين خير ارجوه و شر اتقيه و سهو يحيط بي و دين احوطه فان اصابني الخيرة التي انت خالقها لهبتها لي لا حاجة بک اليها بل بجود منک علي بها غنمت و سلمت و ان اخطأتني حسرت و عطبت اللهم فارشدني منه الي مرضاتک
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 132 *»
و طاعتک و اسعدني فيه بتوفيقک و عصمتک و اقض بالخير و العافية و السلامة التامة الشاملة الدائمة لي فيه حتم اقضيتک و نافذ عزمک و مشيتک و انني ابرأ اليک من العلم بالاوفق من مباديه و عواقبه و فواتحه و خواتمه و مسائله و مواطيه و من القدرة عليه و انه اقر انه لا عالم و لا قادر علي سداده سواک فاستهديک و استعينک و استقضيک و استکفيک و ادعوک و ارجوک و ما تاه من استهداک و لاضل من استفتاک و لارهي من استکفاک و لا خال من دعاک و لا اخفق من رجاک فکن لي عند احسن ظنوني و آمالي فيک يا ذا الجلال و الاکرام انک علي کل شيء قدير و استنهضت لمهمي هذا و لکل مهم اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم الي آخر السورة قل اعوذ برب الناس الي آخر السورة قل اعوذ برب الفلق الي آخر السورة قل هو الله احد الي آخر السورة ثم اقرأ سورة تبارک الذي بيده الملک الي آخر السورة ثم قل و اذا قرأت القرآن جعلنا بينک و بين الذين لايؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً و جعلنا علي قلوبهم اکنة انيفقهوه و في آذانهم وقراً و اذا ذکرت ربک في القرآن وحده ولوا علي ادبارهم نفوراً اولئک هم الغافلون افرأيت من اتخذ الهه هواه و اضله الله علي علم و ختم علي سمعه و قلبه و جعل علي بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلاتذکرون و من اظلم ممن ذکر بايات ربه فاعرض عنها و نسي ما قدمت يداه انا جعلنا علي قلوبهم اکنة انيفقهوه و في آذانهم وقراً و ان تدعهم الي الهدي فلنيهتدوا اذاً ابداً الذين قال لهم الناس ان الناس قدجمعوا لکم فاخشوهم فزادهم ايماناً و قالوا حسبنا الله و نعم الوکيل فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لميمسسهم سوء و اتبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لاتخاف درکاً و لاتخشي لاتخافا انني معکما اسمع و اري و استنهضت لمهمي هذا و لکل مهم اسماء الله العظام و کلماته القوام و فواتح سور القرآن و خواتيمها و محکماتها و قوارعها و کل عوذة تعوذ بها نبي او صديق حم شاهت الوجوه وجوه اعدائي
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 133 *»
فهم لايبصرون و حسبي الله ثقة و عدة و نعم الوکيل و الحمد لله رب العالمين و صلواته علي سيدنا محمد رسوله و آله الطاهرين انتهي الدعاء و يحتمل وقوع السور بلا بسملة في موضع تقية فتنبه.
و منها ما رواه في بلد الامين من ادعية السر اللهم اختر لي بعلمک و وفقني بعلمک لرضاک و محبتک اللهم اختر لي بقدرتک و جنبني بعزتک مقتک و سخطک اللهم اختر لي فيما اريد من هذين الامرين و تسميها احبهما اليک و ارضاهما لک و اقربهما منک اللهم اني اسألک بالقدرة التي ذويت بها علم الاشياء عن جميع خلقک انتصلي علي محمد و آل محمد و اغلب بالي و هواي و سريرتي و علانيتي باخذک و اسفع بناصيتي الي ما تراه لک رضي و لي صلاحاً فيما استخيرک فيه حتيتلزمني من ذلک امراً ارضي فيه بحکمک و اتکل فيه علي قضائک و اکتفي فيه بقدرتک و لاتقلبني و هواي لهواک مخالف و لا ما اريد لما تريد لي مجانب اغلب بقدرتک التي تقضي بها ما احببت علي ما احببت بهواک([1]) هواي و يسرني لليسري التي ترضي بها عن صاحبها و لا تخذلني بعد تفويضي اليک امري برحمتک التي وسعت کل شيء اللهم اوقع خيرتک في قلبي و افتح قلبي للزومها يا کريم آمين.
و منها من ادعية الصحيفة اللهم اني استخيرک بعلمک فصل علي محمد و اله و اقض لنا بالخيرة و الهمنا معرفة الاختيار و اجعل ذلک ذريعة الي الرضا بما قضيت لنا و التسليم لما حکمت فازح عنا ريب الارتياب و ايدنا بيقين المخلصين و لاتسمنا عجز المعرفة عما تخيرت فنغمط قدرک و نکره موضع رضاک و نجنج الي التي هي ابعد من حسن العاقبة و اقرب الي ضد العافية حبب الينا ما نکره من قضائک و سهل علينا ما نستصعب من حکمک و الهمنا الانقياد لما اوردت علينا من مشيتک حتيلانحب تأخير ما عجلت و لاتعجيل ما اخرت و لانکره ما احببت و لانتخير ما کرهت و اختم لنا بالتي هي احمد عاقبة و اکرم مصيراً انک تفيد الکريمة و تعطي
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 134 *»
الجسيمة و تفعل ما تريد و انت علي کل شيء قدير.
الباب الرابع
في الاستخارة بطلب تعريف الخيرة بالرقاع
و هي اقسام اکملها ما رواه في الوسايل عن الکليني (ره) بسنده الي هرون بن خارجة عن ابيعبدالله عليه السلام قال اذا اردت امراً فخذ ست رقاع فاکتب في ثلث منها بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحکيم لفلان بن فلانة افعل و في نسخة افعله و في ثلث منها بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحکيم لفلان بن فلانة لاتفعل ثم ضعها تحت مصلاک ثم صل رکعتين فاذا فرغت فاسجد سجدة و قل فيها مائة مرة استخير الله برحمته خيرة في عافية ثم استو جالساً و قل اللهم خر لي و اختر لي في جميع اموري في يسر منک و عافية ثم اضرب بيدک الي الرقاع فشوشها و اخرج واحدة واحدة فان خرج ثلث متواليات (افعل) فافعل الامر الذي تريده و ان خرج ثلث متواليات (لاتفعل) فلاتفعله و ان خرجت واحدة (افعل) و الاخري (لاتفعل) فاخرج من الرقاع الي خمس فانظر اکثرها و اعمل به و دع السادسة لاتحتاج اليها انتهي و الذي يجول في الخاطر انه ان خرج ثلث من جنس واحد في ضمن اربع رقاع لايحتاج الي الخامسة ايضاً و انيکون الامام عليه السلام امر باخراج خمس لسرعة ضبط العوام الا ان الاحب عندي الامتثال و اخراج الخمس و الحکم علي الاکثر لانه يري ما لانري و يعلم ما لانعلم و لعل في ذلک اثراً خاصاً لانعرفه و لابد من اخراج الوتر ثلث او خمس غاية الامر انه يجول في الخاطر انه اذا خرج ثلث افعلات في اربع رقاع يکون اکثر خيراً من انيخرج ثلث في خمس و لربما يستدل بعضهم بترتب الرقاع من افعل و لاتفعل علي ترتب الخير و الشرفي الامر الذي تريد يعني اذا خرج في الاولي افعل فافتتاح ذلک العمل فيه خير فان خرج في الثانية افعل فکذا و الا فبعد ذلک تري فيه ما تکره و العکس بالعکس و هکذا علي ان لکل عمل اما ثلثة منازل او
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 135 *»
اربعة او خمسة و يستدل بالرقاع علي خير تلک المنازل و شرها و يدعون التجربة و لا نص في ذلک و الله اعلم بحقيقة الحال و عن ابن طاوس بسنده الي الصادق عليه السلام في حديث اذا عزمت علي السفر او حاجة مهمة فاکثر من الدعاء و الاستخارة فان ابي حدثني عن ابيه عن جده ان رسول الله صلي الله عليه و آله کان يعلم اصحابه الاستخارة کما يعلمهم السورة من القرآن و انا نعمل بذلک متي هممنا بامر و نتخذ رقاعاً للاستخارة فما خرج لنا عملنا عليه احببنا او کرهنا فقيل يا مولاي علمني کيف اعمل فقال اذا اردت ذلک فاسبغ الوضوء و صل رکعتين فاقرأ في کل رکعة الحمد و قل هو الله مائة مرة فاذا سلمت فارفع يديک بالدعاء و قل في دعائک يا کاشف الکرب و مفرج الهم و مذهب الغم و مبتدئاً بالنعم قبل استحقاقها يا من يفزع الخلق اليه في حوائجهم و مهماتهم و امورهم و يتکلون عليه امرت بالدعاء و ضمنت الاجابة اللهم فصل علي محمد و آل محمد و ابدأ بهم في کل امر و افرج همي و نفس کربي و اذهب غمي و اکشف لي عن الامر الذي قدالتبس علي و خر لي في جميع اموري خيرة في عافية فاني استخيرک اللهم بعلمک و استقدرک بقدرتک و اسألک من فضلک و الجأ اليک في کل اموري و ابرأ من الحول و القوة الا بک و اتوکل عليک و انت حسبي و نعم الوکيل اللهم فافتح لي ابواب رزقک و سهلها لي و يسر لي جميع اموري فانک تقدر و لااقدر و تعلم و لااعلم و انت علام الغيوب اللهم ان کنت تعلم ان الامر الذي عزمت عليه و اردته هو خير لي في ديني و دنياي و معاشي و معادي و عاقبة اموري فقدره لي و عجله علي و سهله و يسره و بارک لي فيه و ان کنت تعلم انه غير نافع لي في العاجل و الآجل بل هو شر علي فاصرفه عني کيف شئت و اني شئت و قدر لي الخير حيث کان و اين کان و رضني يا رب بقضائک و بارک لي في قدرک حتيلااحب تعجيل ما اخرت و لا تأخير ما عجلت انک علي کل شيء قدير و هو عليک يسير و اکثر
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 136 *»
الصلوة علي محمد و آل محمد و يکون معک ثلاث رقاع قداتخذتها في قدر واحد و هيئة واحدة و اکتب في رقعتين منها اللهم فاطر السموات و الارض عالم الغيب و الشهادة انت تحکم بين عبادک فيما کانوا فيه يختلفون اللهم انک تعلم و لا اعلم و تقدر و لا اقدر و تمضي و لا امضي و انت علام الغيوب صل علي محمد و آل محمد و اخرج لي احب السهمين اليک و خير هما لي في ديني و دنياي و عاقبة امري انک علي کل شيء قدير و هو عليک يسير و تکتب في ظهر احدي الرقعتين افعل و في ظهر الاخري لاتفعل و تکتب في ظهر الرقعة الثالثة لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم استعنت بالله و توکلت عليه و هو حسبي و نعم الوکيل توکلت في جميع اموري علي الله الحي الذي لايموت و اعتصمت بذي العزة و الجبروت و تحصنت بذي الحول و الطول و الملکوت و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد النبي و آله الطاهرين ثم تترک ظهر الرقعة ابيض و لاتکتب عليه شيئاً و تطوي الثلث رقاع طياً شديداً علي صورة واحدة و تجعل في ثلث بنادق شمع او طين علي هيئة واحدة و وزن واحد و ادفعها الي من تثق به و تأمره انيذکر الله و يصلي علي محمد و آله و يطرحها الي کمه و يدخل يده اليمني و يجيلها في کمه و يأخذ منها واحدة من غير انينظر الي شيء من البنادق و لايتعمد واحدة بعينها ولکن اي واحدة وقعت عليها يده من الثلث اخرجها فاذا اخرجها اخذتها منه و انت تذکر الله و تسأله الخيرة فيما يخرج لک ثم فضها و اقرأها و اعمل بما يخرج علي ظهرها و ان لميحضرک من تثق به طرحتها انت الي کمک و اجلتها بيدک و فعلت کما وصفتها لک فان کان علي ظهرها افعل فافعل و امض لما اردت فانه يکون لک فيه اذا فعلته الخيرة ان شاء الله و ان کان فيها لاتفعل فاياک انتفعل او تخالف فانک ان خالفت لقيت عنتاً و ان لمتکن لک فيه الخيرة و ان خرجت الرقعة التي لمتکتب علي ظهرها شيئاً فتوقف الي انتحضر صلوة مفروضة ثم قم فصل رکعتين کما وصفت لک ثم صل الصلوة المفروضة او صلهما بعد الفرض ما
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 137 *»
لمتکن الفجر او العصر فاما الفجر فعليک بالدعاء بعدها الي انتنبسط الشمس ثم صلهما و اما العصر فصلهما قبلها ثم ادع الله بالخيرة کما ذکرت لک ثم اعد الرقاع و اعمل بحسب ما يخرج لک و کلما خرجت الرقعة التي ليس فيها شيء مکتوب علي ظهرها فتوقف الي صلوة مکتوبة کما امرتک الي انيخرج ما تعمل عليه ان شاء الله و في نسخة في الصلوة بالحمد و قل هو الله احد و ليس فيها مائة مرة و لکن النسخة مغلوطة يحتمل فيها السقط و عن احدهم عليهم السلام انه قال لبعض اصحابه و قد سأله عن الامر يمضي فيه و لايجد احداً يشاوره فکيف يصنع قال شاور ربک فقال له کيف قال انو الحاجة في نفسک ثم اکتب رقعتين في واحدة (لا) و في واحدة (نعم) و اجعلهما في بندقتين من طين ثم صل رکعتين و اجعلهما تحت ذيلک و قل يا الله اني اشاورک في امري هذا و انت خير مستشار و مشير فاشر علي بما فيه صلاح و حسن عاقبة ثم ادخل يدک فان کان فيها (نعم9 فافعل و ان کان فيها (لا) لاتفعل هکذا شاور ربک. و عن عبدالرحمن بن سيابة قال خرجت الي مکة و معي متاع فکسد علينا فقال بعض اصحابنا ابعث به الي اليمن فذکرت ذلک لابيعبدالله عليه السلام فقال ساهم بين المصر و اليمن ثم فوض امرک الي الله عزوجل فاي البلدين خرج اسمه في السهم فابعث اليه متاعک فقلت کيف اساهم قال اکتب في رقعة بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انه لا اله الا انت عالم الغيب و الشهادة انت العالم و انا المتعلم فانظر في اي الامرين خير لي حتياتوکل عليک فيه و اعمل به ثم اکتب مصر ان شاء الله ثم رقعة اخري مثل ذلک ثم اکتب اليمن ان شاء الله ثم اجمع الرقاع و ادفعها الي من يسترها عنک ثم ادخل يدک فخذ رقعة و توکل علي الله و اعمل بها و في رواية يکتب رفعة ثالثة کما مر و يکتب اخيراً يحبس المتاع و لايبعث الي بلد منهما انتهي
و يلحق بهذا الباب القرعة فقدروي عن النبي صلي الله عليه و آله ليس من
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 138 *»
قوم تنازعوا ثم فوضوا امرهم الي الله الا خرج سهم المحق و عن ابيالحسن عليه السلام کل مجهول ففيه القرعة قيل ان القرعة تخطي و تصيب قال کلما حکم الله به فليس بمخطي و عن الصادق عليه السلام اي قضية اعدل من القرعة اذا فوض الامر الي الله اليس الله يقول فساهم فکان من المدحضين و عن احدهما عليهما السلام في المساهمة يکتب بسم الله الرحمن الرحيم اللهم فاطر السموات و الارض عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم انت تحکم بين عبادک فيما کانوا فيه يختلفون اسألک بحق محمد و آل محمد انتصلي علي محمد و آل محمد و انتخرج لي خير السهمين في ديني و دنياي و آخرتي و عاقبة امري في عاجل امري و آجله انک علي کل شيء قدير ما شاء الله لا قوة الا بالله صلي الله علي محمد و آله ثم تکتب ما تريد في الرقعتين و تکون الثالثة غفلاً ثم تجيل السهام فايما خرجت عملت عليه و لاتخالف فمن خالف لميصنع له و ان خرج الغفل رميت به
و روي القاشاني في خلاصة الاذکار عن علي عليه السلام للقرعة اللهم رب السموات السبع و رب الارضين السبع و رب العرش العظيم عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم اي الامرين اولي بي فاسألک انتقرع و تخرج سهمه و عن ابيجعفر عليه السلام في حديث جرت السنة ان السهام اذا کانت ثلث مرات انها لاتخطي.
الباب الخامس
في الاستخارة بطلب تعريف الخير بالسبحة و الحصي
فقد روي في الوافي مرسلاً عن الصادق عليه السلام و ربما تروي عن صاحب زماننا صلوات الله عليه ايضاً و صورتها ان يقرأ الحمد عشر مرات او ثلثاً او مرة و انا انزلناه کذلک و هذا الدعاء ثلث مرات او ثلثاً او مرة و انا انزلناه کذلک و هذا الدعاء ثلث مرات او مرة اللهم اني استخيرک لعلمک بعاقبة الامور و استشيرک لحسن ظني بک في المأمول و المحذور اللهم ان کان
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 139 *»
الذي قدعزمت عليه مما قدنيطت بالبرکة اعجازه و بواديه و حفت بالکرامة ايامه و لياليه فخر لي اللهم فيه خيرة ترد شموسه ذلولاً و تقعض ايامه سروراً اللهم اما امر فائتمر و اما نهي فانتهي اللهم اني استخيرک برحمتک خيرة في عافية ثم يقبض علي السبحة و ينوي ان کان المقبوض وتراً کان امراً و ان کان زوجاً کان نهياً او بالعکس انتهي و رواها في الوسائل عن صاحب الامر صلوات الله عليه و لميذکر القدر الا عشر مرات و في الدعاء اللهم ان کان هذا الامر الفلاني و روي ايضاً عن الصادق عليه السلام و ليس في الحمد الا عشر مرات و في انا انزلناه ايضاً الا عشر مرات و في الدعاء اللهم ان کان امري هذا و بعد سروراً يا الله اما امر فائتمر و اما نهي فانتهي اللهم خر لي برحمتک خيرة في عافية ثلث مرات ثم تأخذ کفاً من الحصي او سبحة و الذي رواه في باب القرعة فيه تغيير الفاظ و هي بعواقب الامور و بحسن ظني بک في المأمون و المحذور و خر لي فيه بخيرة انتهي و روي في مفتاح الغيب هذه الاستخارة عن العلامة بسنده عن صاحب الزمان و فيها الحمد عشراً و الدعاء ثلثاً و ليس فيها سورة القدر و في الدعاء قليل تغيير و هو اللهم اني استخيرک بعلمک و اللهم ان کان الامر الفلاني و الباقي کالدعاء برواية الوافي ولکن النسخة کانت مغلوطة و الکل موسع ان شاء الله لوقوعها تحت الاستخارة و الذي رأيت سيدي الاستاد اجل الله شأنه يعمل به في الامور اليسيرة انه کان يصلي علي النبي صلي الله عليه و آله ثلث مرات و يقبض علي السبحة فان کان وتراً اخذها نهياً و ان کان زوجاً اخذها امراً و قال ان الشيخ اعلي الله مقامه کان يتخذ بعکس ذلک و اظنه قال ان هذه الاستخارة روية العلماء يداً بيد عن الحجة صلوات الله عليه و رأيت ذلک في مفتاح الغيب للمجلسي رحمه الله رواه عن والده عن الشيخ البهائي عن العلماء يداً بيد عن صاحب الزمان عجل الله فرجه و في الحدايق حکاية عن کتاب السعادات لوالده قال قال فيه خيرة مروية عن الامام الناطق جعفر بن محمد الصادق عليه السلام يقرأ الحمد مرة و الاخلاص
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 140 *»
ثلثاً و يصلي علي محمد و آله خمس عشر مرة ثم يقول اللهم اني اسألک بحق الحسين و جده و ابيه و امه و اخيه و الائمة التسعة من ذريته انتصلي علي محمد و آل محمد و انتجعل لي الخيرة في هذه السبحة و انتريني ما هو الاصلح لي في الدين و الدنيا اللهم ان کان الاصلح في ديني و دنياي و عاجل امري و آجله فعل ما انا عازم عليه فمرني و الا فانهني انک علي کل شيء قدير ثم تقبض قبضة من السبحة و تعدها سبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله الي آخر القبضة فان کان الاخير سبحان الله فهو مخير بين الفعل و الترک و ان کان الحمد لله فهو امر فان کان لا اله الا الله فهو نهي انتهي و قدعرفتت ان طلب معرفة الخيرة بالسبحة استخارة و قدصدر الاخبار المطلقة بتجويز الاستخارة فعلي ذلک لو استخرت الله کيف شئت و قبضت علي السبحة قبضة ثم عملت بالفرد و الزوج او بسبحان الله و الحمدلله و لا اله الا الله و الله اکبر لکنت مصيباً.
الباب السادس
في الاستخارة بطلب معرفة الخيرة بالمصحف
و الذي رويناه فيها هنا هو رواية ابي علي اليسع القمي و قدمرت و يفهم منه انه ان ابا علي استخار اولاً بطلب تعريف الخيرة بالالهام في القلب فلميوفق بالرأي الجازم حتييعرف الخيرة فسأله عليه السلام عن وجه المعرفة فقال له انظر الي قلبک عند قيامک الي الصلوة فان وقع في قلبک شيء فهو من الهام الله و ان لمتوفق للرأي ايضاً افتح المصحف و انظر الي اول ما تري فيه و اعمل به و ليس في هذا الخبر استخارة جديدة بل يکفي الاستخارة السابقة و کذلک ليس فيه انک تنظر الي اول الصفحة اليمني بل ما وقع عينک عليه من اي سطر کان من اليمني او اليسري و هل ينبغي النظر الي اول الاية و آخرها و موقع ما رأي ام ينبغي العمل بما رأي بمعني انه يعتقد بمقتضي ما رأي في نفسه و ان کان مع الملاحظة مع سابقه او لاحقه و موقعه علي خلاف مدلول نفسه مثلاً اذا رأي نسارع لهم في الخيرات
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 141 *»
هل يحکم بحسن العمل او ينبغي ملاحظة قبلها ايحسبون انما نمدهم به من مال و بنين و بعدها بل لايشعرون و کذلک هل ينبغي ملاحظة الاية السابقة و اللاحقة اذا کان اول ما رأي و آيته مرتبطة بهما وجهان ناشئان من ظاهر لفظ الخبر و من ظاهر الامر في حقيقة الکلام و الثاني ارجح في النظر القاصر و الله اعلم بحقيقة احکامه و کيف کان درک الخيرة من القرآن في غاية الصعوبة و ليس حظ کل من عرف العربية او علم علم الاصول و الفقه او العلوم الغريبة بل يحتاج الي علم التفسير الظاهر و ظاهر الظاهر و الباطن و باطن الباطن و التأويل و باطن التأويل و علم الحکمة فان القرآن انزل بعلم الله و في الظاهر اذا کانت الآية للرحمة يحکم بالخير و ان کانت للنقمة يحکم بالشر و ما کان قصة خالية عن الرحمة و النقمة يحکم بالوسط و ما کان من امر بخير يحکم بالخير و ما کان نهي عن شر يحکم بالشر و ما کان من امتنان يحکم بالخير و ما کان من لوم و توبيخ يحکم بالشر و ما کان من مدح قوم يحکم بالخير و ما کان من ذم قوم يحکم بالشر و امثال ذلک و مع ذلک ليس فهمه حظ کل احد
و الاولي الرجوع الي الرقاع او السبحة هذا و لفظ الخبر يدل ظاهراً علي الاکتفاء باول ما يري من دون ملاحظة سابق المرئي و لاحقه مع ان رجحان ملاحظة السابق و اللاحق امر ظني و يحتمل ان الواقع خلافه نظراً الي ان القرآن علي خلاف ساير الکلام المتسمع ما روي خذ من القرآن ما شئت لما شئت و الا تري انه لو قرأ آية عذاب علي قبر ينزل عليه الرحمة فيمکن انيکون ما يري کافياً في اشارة الله فلو وقع نظره علي انک انت الحليم الرشيد يکون کافياً في الاشارة الي الخير فعلي ذلک لايمکن الاعتماد لکل احد علي ما يفهمه اللهم الا انينوي بينه و بين ربه احد الوجهين و يستخير عليه من باب مطلقات الاستخارة علي مذهب من يجوزها کيف اتفقت و علي اي وجه اتفقت و انا انما عملنا بالاطلاق في طلب الخيرة لا فيما يستخار منه فراجع و قدذکر الاصحاب في الاستخارة من القرآن انحاء غير معتبرة لمنذکرها و لعلهم ذکروها من باب ما شاع بينهم من التسامح في ادلة السنن و نحن لمنسلم ذلک علي ان السنن من دين الله کما ان الفرايض من دين الله و لابد فيها من دليل نحو دليل الوجوب بلاتفاوت.
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 142 *»
الباب السابع
قدشاع في زماننا ان العوام و الخواص يستدعون من العلماء او الصلحاء الاستخارة لهم من سبحة او قرآن کما لميکن له اثر في زمان النبي صلي الله عليه و آله و الائمة عليهم السلام و ليس في الاخبار منه ذکر حتي ان الناس ربما کانوا يستشيرونهم فيأمرونهم بالاستخارة و لا احد استدعي منهم ان استخيروا انتم فانتم اقرب الي الله ولکن في هذا الزمان قدبلغ الامر مبلغاً لو قلت لايجوز لايصدقک احد و يحملونه علي عدم الاعتناء بهم و لابد من الاستخارة لهم اعتقدت بصحة عملک ام لمتعتقد و من العجائب انه استدعي مني رجل اناستخير له باستخارة ذات الرقاع و ما امکنني رده لانه کان من الاعاظم فلما تمت خرج الامر فقلت له قدخرج الامر و لما فتشنا عما استخار له بهذا الاهتمام اظهر انه کان له زوجة مريضة و کان يريد انيسقيها خمراً بالجملة فلننظر هل يجوز فيها الوکالة ام لا فاقول اما العبادات و اعمال البر فيجوز عندي عن الحي کما يجوز عن الميت علي وجه التبرع و لا اقل و کما يقول بعضهم انه لايجوز الاعمال المستحبة عن الحي لانه بنفسه مکلف بها فانه لاتنافي بين کون الحي مکلفاً بها و بين جواز عمل الآخر عنه اذ ليس المراد من جواز عمل الآخر سقوط التکليف عنه بعمل الآخر له مثلاً ان زيداً مکلف بنافلة الظهر فلو صليت نافلة الظهر و جعلت ثوابها له ليس انه لايجوز له نافلة الظهر کما لايجوز انيصلي نافلتين لظهر واحد غاية الامر انک جعلت ثواب عبادتک له و اهديته اليه و لا مانع من ذلک علي هذا المعني عقلاً و لا شرعاً و يدل علي ذلک ما رواه في الواسئل بسنده الي محمد بن مروان عن ابيعبدالله عليه السلام قال قال ابوعبدالله عليه السلام ما يمنع الرجل منکم انيبر والديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يحج عنهما و يصوم عنهما فيکون الذي صنع و له مثل ذلک فيزيده الله عزوجل ببره و صلته خيراً کثيراً و عن علي بن ابيحمزة قال قلت لابيابراهيم عليه السلام احج و اصلي و اتصدق عن الاحياء و الاموات من قرابتي و اصحابي قال
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 143 *»
نعم تصدق عنه و صل عنه و لک اجر بصلتک اياه و اذا عرفت ان هذا الاهداء ايضاً بر و صلة فيدل عليه جميع الاخبار الآمرة بالبر و صلة الاخوان الاحياء ايضاً. و اما ما روي عن عبدالله بن جندب قال کتبت الي ابيالحسن عليه السلام اسأله عن الرجل يريد انيجعل اعماله من البر و الصلوة و الخير اثلاثاً ثلثاً له و ثلثين لابويه او يفردهما من اعماله بشيء مما يتطوع به و ان کان احدهما حياً و الآخر ميتاً فکتب الي اما الميت فحسن جايز و اما الحي فلا الا البر و الصلة فيمکن حمله علي التقية بمعين ايقاع الخلاف فان العامة يمنعون عن العمل للميت کما يظهر من خبر آخر فضلاً عن الحي فنهي عن الحي في هذه الرواية لعظم امره عندهم و ايقاع الخلاف بالجملة ان العمل علي الجواز لقوة ادلته و بعده عن مذهب العامة فاذاً هل يجوز التوکيل في الاعمال المندوبة ام لا فنقول ان الوکيل اذا عمل العمل سقط العمل عن الموکل کما اذا وکل احد علي اداء الدين برئ ذمته و لايجب عليه بعد اداء الدين مرة اخري او اذا وکل علي طلاق المرأة لايحتاج الي الطلاق مرة اخري فلو کان الوکالة جايزة في المندوبات لقام الوکيل مقامه و سقط عنه التکليف و لميصل من الشرع سقوط التکليف بفعل غير و العبادات توقيفية اللهم الا ما خرج بالنص لحکم راعوها کسقوط الحج عن العاجز اذا حج النائب و ذلک خارج بالدليل فما ورد النص فيه بانه مسقط للتکليف يجوز فيه التوکيل و اما ما لميرد فلا معني للوکالة فيه فلا معني للتوکيل في الاستخارة فانها عبادة مندوبة اليها لاتسقط بعمل غير فانها دعاء بطلب الخير و العجب من قوم اعترفوا بانه لا نص في التوکيل ثم قالوا لکنه مجرب انه احسن و يستدلون بالرؤيا من الصالحين و بوجوه استحسانية و العبادات توقيفية اللهم الا انيتبرع الانسان لغيره الاستخارة بانيطلب من الله لاخيه الخير او معرفة خير اخيه و الظاهر انه لا بأس به الا انه لميقع ذلک من احد من اصحاب الحجج و لميرد به نص و هو بعيد مع الجواز و هذا لو کان جايزاً لکان راجحاً و لو کان راجحاً لصدر عنهم عليهم السلام و علي اي حال الاستخارة بطلب الخير للغير مما لاشک
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 144 *»
في جوازه و انما الکلام في ذات الرقاع و امثالها و الظاهر جوازها مع الاستبعاد في الجملة و اما التوکيل فلا اري له وجهاً و القول بان عمومات التوکيل تشمله قول سخيف لما عرفت من الفرق بين الوکالة و اهداء الثواب و التبرع.
الباب الثامن
في الاستخارة بطلب تعريف الخيرة علي السنة الاخوان
کما روي في قوله تعالي و شاورهم في الامر يعني الاستخارة فانها ايضاً طلب خير و ذلک باب کامل في حده يرجي فيه الاطلاع علي حقيقة الخيرة و هو حري باننبسط القول فيه و کأنه قدانقرض هذا الامر في آخرالزمان لاعجاب کل ذي رأي برأيه و عدم اعتماد بعض الناس علي بعض و اختلاف القلوب و النفاق الشايع و عدم الصداقة بين الناس الا في قليل من المؤمنين فاني ابسط القول في هذا الباب عسي الله انيجدد هذا الامر بين اخواننا
اعلم ان الله سبحانه هو خالق الخلق العليم به الخبير بحقايقه الا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير هو اعلم بکم اذ انشأکم و اول ما خلق العقل فجعله جوهراً دراکاً علة للاشياء محيطاً بها من جميع جهاتها عارفاً بها قبل کونها و هو ملک استودعه الله علم ما کان و ما يکون و جعله بکليته في محمد و آل محمد عليهم السلام و هو الروح القدس کما شرحناه في ساير کتبنا و له رؤس بعدد الخلايق يشرق نور کل رأس في قلب مخلوق و به يکون ذلک المخلوق عالماً بما اريد له و منه فان اتبعه يکون علي حسب ما خلق له و يدعوه الي ما اراد الله منه و يکون بذلک مؤمناً محبوباً مرضياً لله سبحانه عارفاً بالاشياء علي حسب ما قدر له و ان اختار عليه النفس الامارة التي هي وزير الجهل و اتبعها يعني عن الحق و الحقايق علي الحق و يضل عن سواء السبيل فيکون کافراً و مشرکاً او منافقاً او ضالاً مبغوضاً لله سبحانه فالمؤمنون هم المتبعون للعقل العارفون بالحقايق بقدر ما قدر لهم من ذلک العقل العالمون بما يرضي الله سبحانه و يحبه فقد روي في الکافي بسنده عن ابيعبدالله عليه السلام من کان عاقلاً کان له دين و من کان له دين دخل الجنة و
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 145 *»
عن ابيجعفر عليه السلام انما يداق الله العباد في الحساب يوم القيمة علي قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا و عن ابيعبدالله عليه السلام في حديث ان الثواب علي قدر العقل و عن النبي صلي الله عليه و آله ما قسم الله للعباد شيئاً افضل من العقل فنوم العاقل افضل من سهر الجاهل و اقامة العاقل افضل من شخوص الجاهل و لابعث الله نبياً و لا رسولاً حتي يستکمل له العقل و يکون عقله افضل من عقول جميع امته و ما يضمر النبي في نفسه افضل من اجتهاد المجتهدين و ما ادي العبد فرايض الله حتي عقل عنه و لا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل و العقلاء هم اولوا الالباب الذين قال الله تبارک و تعالي انما يتذکر اولوا الالباب و عن موسي بن جعفر عليهما السلام في حديث هشام يا هشام ان العقل مع العلم فقال و تلک الامثال نضربها للناس و ما يعقلها الا العالمون الي ان قال يا هشام ما بعث الله انبياءه و رسله الا ليعقلوا عن الله فاحسنهم استجابة احسنهم معرفة و اعملهم بامر الله احسنهم عقلاً و اکملهم عقلاً ارفعهم درجة في الدنيا و الآخرة يا هشام ان لله علي الناس حجتين حجة ظاهرة و حجة باطنة فاما الظاهرة فالرسل و الانبياء و الائمة و اما الباطنة فالعقول الي ان قال يا هشام نصب الحق لطاعة الله و لا نجاة الا بالطاعة و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلم و التعلم بالعقل يعتقل و لا علم الا من عالم رباني و معرفة العلم بالعقل الي ان قال يا هشام ان اميرالمؤمنين عليه السلام کان يقول ان من علامة العاقل انيکون فيه ثلث خصال يجيب اذا سئل و ينطق اذا عجز القوم عن الکلام و يشير بالرأي الذي يکون فيه صلاح اهله فمن لميکن فيه من هذه الخصال الثلث شيء فهو احمق ان اميرالمؤمنين عليه السلام قال لايجلس في صدر المجلس الا رجل فيه هذه الخصال الثلث او واحدة منهن فمن لميکن فيه شيء منهن فجلس فهو احمق و قال الحسن بن علي عليه السلام اذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من اهلها قيل يا ابن رسول الله و من اهلها قال الذين قص الله في کتابه و ذکرهم فقال انما يتذکر اولوا الالباب قال هم اولوا العقول و عن ابيعبدالله عليه
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 146 *»
السلام دعامة الانسان العقل و العقل منه الفطنة و الفهم و الحفظ و العلم و بالعقل يکمل و هو دليله و مبصره و مفتاح امره فاذا کان تأييد عقله من النور کان عالماً حافظاً ذاکراً فطناً فهماً فعلم بذلک کيف و لم و حيث و عرف من نصحه و من غشه فاذا عرف ذلک عرف مجراه و موصوله و مفصوله و اخلص الوحدانية لله و الاقرار بالطاعة فاذا فعل ذلک کان مستدرکاً لما فات و وارداً علي ما هو آت يعرف ما هو فيه و لاي شيء هو هيهنا و من اين يأتيه و الي ما هو صاير و ذلک کله من تأييد العقل و عنه عليه السلام العقل دليل المؤمن و عنه عليه السلام قال قال اميرالمؤمنين عليه السلام اعجاب المرء بنفسه دليل علي ضعف عقله الي غير ذلک من الاخبار
فالعاقل هو الذي اجتباه الله و حباه العقل و جعله عارفاً بخيره و شره و صلاحه و فساده بل و حقايق الاشياء علي حسب عقله و قدفرق الله العقل في عباده و جعل في کل و احد شيئاً منه فکل احد يعرف شيئاً او اشياء او وجهاً منها او وجوهاً و جعل کل احد جاهلاً بشيسء او اشياء ليذله و يحوجه الي منه يعرف ذلک الشيء او تلک الاشياء و يرتبط بذلک الخلق بعضه ببعض و لايحيط بجميع الاشياء الا العقل الکلي فبذلک احتاجت العقول الجزئية الي ارسال الرسل و انزال الکتب من الله سبحانه و احتاج کل احد فيما يجهله الي انيتعلم ممن يعلمه فلو استبد فيما يجهله بجهله افسد عليه امره لامحالة فمن اراد صلاح امره و نجاته لزمه انيستعلم في ما يجهله من يعلمه حتي يکون عالماً و لذلک روي اعلم الناس من جمع الناس الي علمه و لاتقولن ان فلاناً اقل عقلاً مني و لا حاجة لي اليه فان کل احد يعلم شيئاً لايعلمه غيره حتي الحمقاء و لاجل ذلک لميأنف رسول الله و الائمة عليهم السلام من مشاورة الرعية تعليماً لنا و ان کان عقولهم کاملة فعن معمر بن خلاد قال هلک مولي لابيالحسن الرضا عليه السلام يقال له سعد فقال اشر علي برجل له فضل و امانة فقلت انا اشير عليک فقال شبه المغضب ان رسول الله صلي الله عليه و آله کان يستشير اصحابه ثم يعزم علي ما يريد و عن الفضيل بن يسار قال استشارني ابوعبدالله عليه السلام مرة في امر فقلت اصلحک الله مثلي يشير علي
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 147 *»
مثلک قال نعم اذا استشرتک و قال علي عليه السلام لعبدالله بن عباس و قداشار عليه في شيء لميوافق رأيه عليک انتشير علي فاذا خالفتک فاطعني و عن علي بن مهزيار قال کتب الي ابوجعفر عليه السلام ان سل فلاناً انيشير علي و يتخير لنفسه فهو اعلم بما يجوز في بلده و کيف يعامل السلطان فان المشورة مبارکة قال الله لنبيه في محکم کتابه و شاورهم في الامر فاذا عزمت فتوکل علي الله فان کان ما يقول مما يجوز کتبت اصوب رأيه و ان کان غير ذلک رجوت اناضعه علي الطريق الواضح ان شاء الله و شاورهم في الامر قال يعني الاستخارة فاحزم الناس من يسترشد العقلاء في امره و يستشير العلماء في جميع ما يستقبله و ان کان بحسب ظنه عالماً بما يريد فان کل احد لو انصف من نفسه علم انه ليس يحيط بجهات شيء واحد فضلاً عن جميع الاشياء فالعاقل من يستشير العقلاء في جميع اموره و ان کان عالماً بصلاحه فان اشاروا عليه علي حسب علمه يتأکد علمه و يستيقن ان ما علمه صواب و ان اشاروا عليه بخلاف علمه يطلع علي جهات الشيء و ادلتهم و يميز بين الخير و الشر کما اذا اراد الانسان تصنيفاً في علم من غير انيراجع کتب العلماء بذلک العلم کان اصابته قليلاً و کان معرفته باطراف مسائل ذلک العلم في غاية القلة و اذا جمع کتب القوم و اطلع علي ما عرفه کل واحد و ادلته و کان له مميزة عرف کثيراً من مسائل ذلک العلم و اطرافها و جهاتها و کان اصابته اکثر من خطائه و کذلک ساير امور العالم فاذا شاور الانسان اهل الخبرة بما يريد يطلع علي جهات معارفهم و ادلتهم و وجوه علومهم و صار علي بصيرة من امره فعن علي عليه السلام اضمم آراء الرجال بعضها الي بعض ثم اختر اقربها من الصواب و ابعدها من الارتياب الي ان قال قدخاطر بنفسه من استغني برأيه و من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطاء هذا مع ما فيها من المنافع العظيمة
فمنها ان الانسان يطلع علي جهات ما يريد و يصير علي يقين من خيره و شره و منها انيطلع علي مقدار عقول من يشاورهم و مقدار علمهم بالاختبار
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 148 *»
فيطيع من عرفه عاقلاً عالماً و يجتنب من عرفه غير عاقل فلايغتر بفهمه بعد و منها انيطلع علي وليه و عدوه و يعرف الناس في لحن قولهم و مما يشيرون عليه من الخير و الشر و منها انه اذا عمل بقولهم لايقدرون علي ملامته اذا اصابه نکبة فيما يستقبله و يفعله احياناً و منها ان بها يتألف القلوب و يزداد المحبة بين المؤمنين حيث يعرف المشير المستشير ساکناً اليه معتمداً عليه تابعاً له و منها انه يزداد عقول المؤمنين اذا استعملوها دائما في معرفة الخير و الشر و يکتسب بعضهم من بعض الخبرة و الاطلاع علي العواقب و منها ان الانسان يصير بذلک مستنبطاً للعواقب من المبادي و المقدمات و متسخرجاً للاقضية من المقادير و منها انه يصير مجرباً حازماً سديد الرأي سواء کان مشيراً او مستشيراً و يصير اصوب رأياً في اغلب الامور بعد و اذا بنوا علي ذلک يعتبر آراؤهم في اغلب الامور للممارسة و التجربة و يحصل لهم اعتبارات معتبرة في اغلب الامور فان اخطاوا مرة عرفوا وجه خطائهم و اجتنبوه في المرات الاخر فان رياضة المشاعر في استعمالها فيما خلقت لاجلها و منها ان کل احد يطلع علي ما يشهده و ليس يطلع علي ما يغيب عنه و صاحبه مطلع علي ما يغيب عنه فاذا ضم الانسان مقتضيات ما يشهده الي مقتضيات ما يغيب عنه کان اقرب الي الصواب و الاصابة لامحالة و منها انه اذا تألف المؤمنون و سکن بعضهم الي بعض و حصل بينهم التوالي و الاعتماد کان يد الله عليهم و ينظر اليهم فيؤيدهم و يسددهم و يهديهم الي سبيل الرشاد لاسيما اذا قدم المستشير الاستخارة من الله انيجري خيره علي لسان اخيه و سأل اخوه الله عزوجل انيجري الخير علي لسانه لاخيه و دعاء کل واحد في ظهر غيب اخيه لاخيه مستجاب فيجري علي السنتهم الخير لامحالة و منها ان الاستشارة يلين عريکة العدو الباطني اذا رآک رکنت اليه و اظهرت
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 149 *»
له امرک و ظننته ناصحاً فيميل اليک و يلين جانبه بالنسبة اليک و في ذلک منفعة کثيرة لک و منها ان المؤمنين اذا اجتمعوا علي امر و اجمعوا عليه و کان شوراهم في امر عدو وهن ذلک العدو امره و رعب قلبه و انکسر لما يطلع عليه من اتفاق الاخوان و عزمهم علي ذلک الامر و لربما يعين بعض الاخوان بعضاً ايضاً فيما اشار بعضهم علي بعض لتحقيق اختياره و رأيه الي غير ذلک من المنافع الجليلة التي يطلع عليها عند حصولها فلاجل ذلک امر الله سبحانه نبيه الذي هو عقل الکل بالشوري فقال و شاورهم في الامر فاذا عزمت فتوکل علي الله ان الله يحب المتوکلين و مدح قوماً يستعملونها و قال الذين استجابوا لربهم و اقاموا الصلوة و آتوا الزکوة و امرهم شوري بينهم و مما رزقناهم ينفقون و ورد الحث الاکيد عليها في الاخبار فلنعنون لبيان اطرافها فصولاً:
فصل: في الاخبار الواردة في الحث علي المشورة ففي الوسائل بسنده عن ابنالقداح عن جعفر بن محمد عليهما السلام عن ابيه قال قيل يا رسول الله ما الحزم قال مشاورة ذوي الرأي و اتباعهم و عن خالد عن ابيعبدالله عليه السلام قال فيما اوصي به رسول الله صلي الله عليه و آله علياً عليه السلام قال لا مظاهرة اوثق من المشاورة و لا عقل کالتدبير و عن ابيالجارود عن ابيجعفر عليه السلام قال في التورية اربعة اسطر من لايستشير يندم و الفقر الموت الاکبر کما تدين تدان و من ملک استأثر و عن سماعة بن مهران عن ابيعبدالله عليه السلام قال قال لنيهلک امرأ عن مشورة و عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه قال لا غني کالعقل و لا فقر کالجهل و لا ميراث کالادب و لا ظهير کالمشاورة قال و قال عليه السلام من استبد برأيه هلک و من شاور الرجال شارکها في عقولها قال و قال عليه السلام الاستشارة عين الهداية قال و قال عليه السلام خاطر بنفسه من استغني برأيه.
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 150 *»
فصل: فيمن يستشار منه للطاعة و معرفة ذلک من المهمات اذ رب مشير غاش لو اطعته لاوردک موارد الهلکة فلابد و انيکون فيه صفات:
الاولي: انيکون رجلاً لا امرأة لقول علي عليه السلام من شاور الرجال شارکها في عقولها و لقوله صلي الله عليه و آله لعلي عليه السلام في النساء لاتولي القضاء و لاتستشار يا علي سوء الخلق شوم و طاعة المرأة ندامة يا علي ان کان الشوم في شيء ففي لسان المرأة.
الثانية: انيکون ذا رأي و قدمر عن النبي صلي الله عليه و آله في معني الحزم انه مشاورة ذي الرأي و اتباعه.
الثالثة: انيکون خاشياً من الله سبحانه حتييخشاه فيک و لايضلک فقدقال ابوعبدالله عليه السلام استشر في امرک الذي يخشون ربهم و قال عليه السلام شاور في حديثک الذين يخافون الله.
الرابعة: انيکون عاقلاً لما مر من الادلة في فضل العاقل و استبصاره قدقال ابوعبدالله عليه السلام استشر العاقل من الرجال الورع فانه لايأمر الا بخير و اياک و الخلاف فان مخالفة الورع العاقل مفسدة في الدين و الدنيا و عنه عليه السلام قال قال رسول الله صلي الله عليه و آله مشاورة العاقل الناصح رشد و يمن و توفيق من الله فاذا اشار عليک الناصح العاقل فاياک و الخلاف فان في ذلک العطب و عنه عليه السلام ما يمنع احدکم اذا ورد عليه ما لاقبل له به انيستشير رجلاً عاقلاً له دين و ورع ثم قال ابوعبدالله عليه السلام اما انه اذا فعل ذلک لميخذله الله بل يرفعه الله و رماه بخير الامور و اقربها الي الله و عن ابيعبدالله عليه السلام ان المشورة لاتکون الا بحدودها فمن عرفها بحدودها و الا کانت مضرتها علي المستشير اکثر من منفعتها له فاولها انيکون الذي تشاوره عاقلاً و الثانية انيکون حراً متديناً و الثالثة انيکون صديقاً مواخياً و الرابعة ان تطلعه علي سرک فيکون علمه به کعلمک بنفسک ثم يسر ذلک و يکتمه فاذا کان عاقلاً انتفعت بمشورته و اذا کان حراً متديناً
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 151 *»
اجهد نفسه في النصيحة لک و اذا کان صديقاً مواخياً کتم سرک اذا اطلعته عليه و اذا اطلعته علي سرک فکان علمه به کعلمک به تمت المشورة و کملت النصيحة.
الخامسة: انيکون ورعاً متقياً يحترز المحارم و لايکون غير مبال بنکبتک و افساد امرک و اذاک غير مشير عليک بالمحرم و ما فيه فساد دينک و قددل عليه ما مر آنفاً.
السادسة: انيکون ناصحاً لک غير مشوب القلب بغل او غش بالنسبة اليک يقول لک خالص الرأي و لايکتم عليک خيرک و شرک و النصيحة للمسلمين امر لازم للمسلم کماقال رسول الله صلي الله عليه و آله انسک الناس انصحهم حبيباً و اسلمهم قلباً و قال ابوعبدالله عليه السلام عليک بالنصح لله في خلقه فلنتلقاه بعمل افضل منه و عن ابيعبدالله عليه السلام قال اتي رجل اميرالمؤمنين عليه السلام فقال له جئتک مستيشراض ان الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر خطبوا الي فقال اميرالمؤمنين عليه السلام المستشار مؤتمن اما الحسن فانه مطلاق للنساء ولکن زوجها الحسين فانه خير لابنتک و عن ابيعبدالله عليه السلام من استشار اخاه فلمينصحه محض الرأي سلبه الله عزوجل رأيه و قدمر ما يدل علي لزوم کون المستشار ناصحاً.
السابعة: انيکون ذا دين فلربما يکون الرجل عاقلاً ذا رأي و بصيرة مجرب ناصح لک ولکن من لادين له لا دين له لايبالي انتخرج من اي شيء و تدخل في اي شيء اذا کان لک منفعة دنياوية و يرشدک علي منفعة دنياک و ان کان فيه تلف دينک او تلف بعض اخوانک فلابد و انيکون المستشار متديناً معتنياً بالحلال و الحرام مراعياً لحدود الايمان و شرايطه و ارکانه حتييقول لک خير دينک و دنياک و آخرتک معاً و قدمر ما يدل عليه.
الثامنة: انيکون حراً اي عن القيود الباطلة الدنياوية و الاعتبارات الفانيةفلايکون رقاً للدنيا و اهله فان المقيد ببعض الاعتبارات الزايلة ربما يفوته کثير من الخير فکل شيء يراه مضراً ببعض الاعتبارات التي هو بنفسه مقيد بها يمنعک عنها
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 152 *»
و کلما يراه نافعاً بها يأمرک بها کما جربناه فلابد و انيکون المستشار حراً متديناً کما مر في الخبر يعني حراً عن الاعتبارات الزايلة رقاً للدين و اما الحر الظاهري فلايجب فلرب عبد اعقل من احرار کما روي عن ابيالحسن الرضا عليه السلام فذکر اباه عليه السلام فقال کان عقله لاتوازن به العقول و ربما شاور الاسود من سودانه فقيل له تشاور مثل هذا فقال ان الله تبارک و تعالي ربما فتح علي لسانه قال فکانوا ربما اشاروا عليه بالشيء فيعمل به من الضيعة و البستان.
التاسعة: انيکون صديقاً مواخياً فان الصديق اکثر اعتناء بامر صديقه و اشد استعمالاً لعقله و فکره في معرفة خير صديقه و انسب بصديقه و اولي بانيلهمه الله خير صديقه و اعلم بسراير الصديق و ساير احواله و اموره مما يرتبط بما استشاره فيه و الاجنبي قليل الاطلاع و الاعتناء لامحالة و قدمر ما يدل عليه فلايتجاوزن الاصدقاء و الاخوان فانه انتعداهم لايبقي له الا الاجانب و الاجنبي ربما يشير بخير ولکن لايکتم عليک سرک و اقل ما يفشي امرک عند صديقه ولکن احد صديق و کل قول جاوز الاثنين شاع و الاثنان هما الصديقان المواخيان في الدنيا و الدين.
العاشرة: انيکون من تشاوره متعدداً لاتکتفي بمشاورة واحد مع الامکان و اکمل ذلک عشرة من الاخوان فان يد الله علي الجماعة و ان لمتجد عشرة تکرر المشاورة فلعلهم يلتفتون في النظر الثاني الي ما لميلتفتوا اليه في النظر الاول حتيانک ان لمتجد الا واحداً کررت مشاورته عشر مرات حتيتکمل العدة لما يأتي من الرواية و المقصود من المشاورة ضم الآراء و کل احد يري ما لايراه غيره و يلتفت الي ما لايلتفت اليه غيره و في التعدد يتبين لک الآراء الطبيعية و العادية و الآراء العقلية و التدبيرية فلاتقتصرن بمشاورة واحد و اثنين ما امکنک الاستشارة من المتعددين الي العشرة و لااري مشاورة اکثر من ذلک و من امرک بهذا العدد يوقع خيرک في لسانهم و لا حاجة الي الازيد بل اذا کان الامر مما لايجوز اشاعته فقلل المستشارين و کرر الاستشارة و روي المجلسي رحمه الله في مفتاح الغيب عن النبي صلي الله عليه و آله ما معناه کل قوم تشاوروا و فيهم من اسمه محمد
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 153 *»
او حامد او محمود او احمد ظهر لهم خيرهم البتة انتهي فذلک يمن آخر ينبغي مراعاته في اهل الشوري و عدم اهماله.
فصل: و کما يجب انيکون المستشار موصوفاً بصفات ينبغي انلايکون فيه صفات اعد منها ما يتيسر:
الاولي: انلايکون امرأة فانها ضعيفة العقل و ضعيفة النفس و ضعيفة الايمان و قليلة التجربة و قليلة الاطلاع بالامور و عواقبها متصفة باغلب الصفات المنهي عنها من الجبن و البخل و الحرص و الشهوة و المکر و الخديعة و الحسد و امثال ذلک و ليست المرأة باهل الاستشارة ابداً و لذا قال النبي صلي الله عليه و آله فيها لاتولي القضاء و لاتستشار و في لسانها الشوم کما مر في الخبر و عن ابيعبدالله عليه السلام اياکم و مشاورة النساء فان فيهن الضعف و الوهن و العجز و عن علي عليه السلام کل امرأ تدبره امرأته فهو ملعون نعم يجوز مشاورة المرأة لانتخالفها ففيها البرکة و الخير وهي استخارة حسنة فان الغالب عليهن النفس الامارة يقيناً فکلما اشرن عليک انما هو هوي النفس الامارة و يجب مخالفتها کماقال اميرالمؤمنين عليه السلام في خلاف النساء البرکة و عن النبي صلي الله عليه و آله اعصوهن في المعروف قبل انيأمرنکم بالمنکر و روي کان رسول الله صلي الله عليه و آله اذا اراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن انتهي فهن رأيهن استخارة مقلوبة و لعلها اوفق من کثير من المشاورات بل الاستخارات اذا غلب علي الزمان السيئات و لميعلم ان ما يقول القائل من عقل او هوي فهن رأيهن مسلم معلوم انه من جهة النفس و في خلافها الخير و البرکة مسلماً فان عدمت رجالاً کاملي الشروط لمتعدم النساء فانهن کاملات الشروط لامحالة في حدهن و کفي في فضلهن ما قال اميرالمؤمنين عليه السلام معاشر الناس لاتطيعوا النساء علي حال و لاتأمنوهن علي مال و لاتذروهن يدبرن امر العيال فانهن ان ترکن و ما اردن اوردن المهالک و عدون امر المالک فانا وجدناهن لاورع لهن عند حاجتهن و لا @@@@
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 154 *»
صبر لهن عند شهوتهن التبرج لهن لازم و ان کبرن و العجب لهن لاحق و ان عجزئن لايشکرن الکثير اذا منعن القليل ينسين الخير و يحفظن الشر يتهافتن بالبهتان و يتمادين في الطغيان و يتصدين الشيطان فداروهن علي کل حال و احسنوا لهن المقال لعلهن يحسن الفعال.
الثانية و الثالثة: ان لايکون عبداً و لا سفلة و المراد من العبد الذي لايجوز استشارته العبد الدني الطبع السفيه کما عليه اغلب العبيد لا العبد العاقل الحر الطبع فنفس العبودية و الرقية ليستا بمؤثرتين في الامر و انما المراد ما ذکرنا فقد روي عن ابيعبدالله عليه السلام يا عمار ان کنت تحب انتستتب لک النعمة و تکمل لک المروة و تصلح لک المعيشة فلا تستشر العبيد و السفلة في امرک فانک ان ائتمنتهم خانوک و ان حدثوک کذبوک و ان نکبت خذلوک و ان وعدوک موعداً لميصدقوک و في رواية لاتشارک انتهي فتبين ان المراد بالعبد من کان موصوفاً بما ذکر و اما من جربته و وجدته عاقلاً متديناً اميناً فلا بأس بمشاورته کما مر و علي رواية لاتشارک يمکن الاستدلال علي المنع بها ايضا لما ذکر انهم ان ائتمنتهم خانوک و ان حدثوک کذبوک و لابد و انتطلع المستشار علي سرک و ترکن الي قوله فلايمکن استشارة العبيد و السفلة.
الرابعة: الفجار الذين لايخشون الله فان من لايخشي الله لايکون لسان الله في اداء خيرک اليک و لايؤتمن علي سر و لايبالي من الغش و قد روي عن ابيعبدالله عليه السلام انه قال کان ابي عليه السلام يقول قم بالحق و لاتعرض لما فاتک و اعتزل ما لايعنيک و تجنب عدوک و احذر صديقک من الاقوام الا الامين و الامين من خشي الله و لاتصحب الفاجر و لاتطلعه علي سرک و لاتأمنه علي امانتک و استشر في امورک الذين يخشون ربهم.
الخامسة و السادسة و السابعة و الثامنة: الکذاب و البخيل و الاحمق و قاطع الرحم فان هؤلاء لايؤتمنون علي شيء و روي منع محادثتهم فضلاً عن استشارتهم فعن ابيعبدالله عليه السلام عن ابيه قال قال لي ابي علي بن الحسين عليهم السلام
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 155 *»
يا بني انظر خمسة فلاتصاحبهم و لاتحادثهم و لاترافقهم في طريق فقلت يا ابه من هم عرفنيهم قال اياک و مصاحبة الکذاب فانه بمنزلة السراب يقرب لک البعيد و يبعد لک القريب و اياک و مصاحبة الفاسق فانه بايعک بأکله و اقل من ذلک و اياک و مصاحبة البخيل فانه يخذلک في ماله احوج ما تکون اليه و اياک و مصاحبة الاحمق فانه يريد انينفعک فيضرک و اياک و مصاحبة القاطع لرحمه فانه وجدته ملعوناً في کتاب الله في ثلثة مواضع قال الله فهل عسيتم ان توليتم انتفسدوا في الارض و تقطعوا ارحامکم اولئک الذين لعنهم الله فاصمهم و اعمي ابصارهم و قال الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما امر الله به انيوصل و يفسدون في الارض اولئک لهم اللعنة و لهم سوء الدار و قال في سورة البقرة الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما امر الله به انيوصل و يفسدون في الارض اولئک هم الخاسرون انتهي و اجمل لک القول ان المستشار اما لسان الله في ارشادک الخير و اما لسان الشيطان فان کان مؤمناً صالحاً تقياً مواخياً صديقاً کان لسان الله و يرشدک الي الخير و الا کان لسان الشيطان و هو لکم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليکونوا من اصحاب السعير فلاترکنوا الي الذين ظلموا فتمسکم النار و الاستشارة اعظم الرکون فانظر من تستشيره و لاتبد سرک الي غير المؤمن المواخي فتندم
بقي شيء و هو ان ما يستشار فيه امور شتي من امر نکاح او تجارة او زراعة او سفر او کسب و عمل او مصاحبة او غير ذلک و لکل امر اهل خبرة فلا کل مؤمن تقي له خبرة بالزراعة و لا بالتجارة و لا بالسفر و الطرق مثلاً و لابد في المستشار انيکون اهل خبرة و اطلاع في ذلک الامر الذي تستشيره و مثل الاستشارة کمثل الاستفتاء في علم الاديان و الابدان فلو استشرت في مسائل دينک طبيباً مؤمناً متقياً لميدر ما يقول لک و کذا لو شکوت الي فقيه حال مرضک لميقدر انيصف لک دواء فاطلب لحاجتک اهل خبرة تلک الحاجة و ليکن مؤمناً مواخياً و هما جماع الشروط
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 156 *»
و اعلم ان الناس ثلثة رجل لايجوز انتستشيره و تطلعه علي سرک و هو غير المؤمن المتقي و رجل يجوز انتستشيره و لايجوز العمل بقوله کالمؤمن الضعيف الذي ليس له ذلک العقل و رجل يجوز انتستشيره و تعمل بما يشير عليک فهو المؤمن المواخي العاقل الخبير کما روي عن النبي صلي الله عليه و آله استرشدوا العاقل و لاتعصوه فتندموا و عن ابيعبدالله عليه السلام استشر العاقل من الرجال الورع فانه لايأمر الا بخير و اياک و الخلاف فان مخالفة الورع العاقل مفسدة في الدين و الدنيا و عنه عن النبي صلي الله عليه و آله مشاورة العاقل الناصح رشد و يمن و توفيق من الله فاذا اشار عليک الناصح العاقل فاياک و الخلاف فان في ذلک العطب انتهي فمدار المستشار المؤمن المتقي علي العاقل المواخي فلاتتجاوزه الي غيره و ان ظفرت به فقدغنمت خير الدنيا و الآخرة.
فصل: في کيفية الاستشارة و الاشارة فاول ما يجب في ذلک انترجع الي الله سبحانه و تستخيره بما مر من الاستخارات المطلقة او الاستخارة الخاصة و تتضرع اليه و تنيب في طلب الخير و تعريفه ثم تراجع اهل الاستشارة و تستشيرهم مستشيراً من الله سبحانه راجيا اياه انيلقي خيرک علي السنتهم فان اجمعوا علي شيء و رأيک ايضاً معهم فتعمل به ان شاء الله ففيه الخير و ان اختلفوا فسل کل واحد عن دليله و رجح بين ادلتهم فکل رأي منهم يوافق کليات الکتاب و السنة او جزئياتها و يوافقه الادلة العقلية و التجربية ففيه الرشاد فاعزم عليه قال الله تعالي و شاورهم في الامر فاذا عزمت فتوکل علي الله و ان لمتقدر علي الترجيح و بقيت حيران فرأي اعقلهم و احزمهم و اکثرهم تجربة و اورعهم اقرب الي الصواب و ان کانوا في ذلک سواء فراجع ربک و استخرج الحق بالرقاع او السبحة او غير ذلک فقدروي عن النبي صلي الله عليه و آله ما حار من استخار و ما ندم من استشار و قدروي عن ابيعبدالله عليه السلام اذا اراد احدکم امراً فلايشاورن فيه احداً من الناس حتييبدأ فيشاور الله تبارک و تعالي قيل جعلت فداک و ما مشاورة الله قال
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 157 *»
تبتدأ فتستخير الله فيه اولاً ثم تشاور فيه فانه اذا بدأ بالله اجري الخيرة علي لسان من يشاء من الخلق و روي تقول مائة مرة استخير الله ثم تشاور الناس و روي في مفتاح الغيب عن السيد بسنده عن الصادق عليه السلام ما معناه اذا اراد احدکم انيشتري شيئاً او يبيع او يدخل في امر فليستخر الله اولاً بان يقول اللهم اني اريد امراً فان کان خيراً لي في ديني و دنياي و آخرتي و عاجل امري و آجله فيسره لي و ان کان شراً لي في ديني و دنياي فاصرفه عني رب اعزم لي علي رشدي و ان کرهته و ابته نفسي ثم يشاور عشرة من المؤمنين فيه و ان لميجد فخمسة منهم يشاور کل واحد مرتين و ان لميجد الا مؤمنين فليشاور کل واحد خمس مرات و ان لميجد الا مؤمناً فليشاوره عشر مرات انتهي نقلته بالمعني و سر التکرير انه يظهر للانسان في التفکر في الامر مرات امور لاتظهر في التفکر الاول فان اتفق الانظار فهو و لا فيحتاج الي الترجيح کما مر.
و اما آداب الاشارة فلاينبغي للمؤمن انيبادر الي الاشارة من غير روية و من غير فحص عن حال المستشير و اطراف المسئلة و مقتضياتها و موانعها و اسبابها و عللها و يجب عليه مراعاة الحلال و الحرام في جميع الامور و مراعاة عزة الدين و اهله و مراعاة ساير الاخوان فلا خير للمستشير في امر ينتفع به و يهلک فيه جمع من المؤمنين و يجب انيتفکر فيه و لايجب انيجيب في مجلس الشوري من غير روية، فان فهم يجيب و ان لهم يفهم فليرئجه حتي يقوم فيه و يقعد و يصلي و ينام و يتفکر حتييعرف بعقله خيره و ينبغي انيعتني بمشورة اخيه و يتفکر فيه جهده فان فهم شيئاً اجاب و ان لميفهم اقر عنده باني ما عرفت وجه الخير و لا ضير و ليرشده الي من يعرف ان کان يعرفه و يجب انينصح اخاه و يشير عليه بما عرفه خيراً حقيقة و لايغش معه فيخفي عنه خيره او يشير عليه بما هو شر عليه بزعمه فعن ابيعبدالله عليه السلام من استشار اخاه فلمينصحه محض الرأي سلبه الله عزوجل رأيه و عن النبي صلي الله عليه و آله انه قال انا بريء ممن استشاره مسلم فلمينصحه و عن ابيعبدالله عليه السلام يجب للمؤمن علي المؤمن انيناصحه و عن
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 158 *»
النبي صلي الله عليه و آله الدين نصيحة قيل لمن يا رسول الله قال لله و لرسوله و لائمة الدين و لجماعة المسلمين و في حديث الحقوق عن السجاد عليه السلام و حق المستشير ان علمت ان له رأياً حسناً اشرت عليه و ان لمتعلم ارشدته الي من يعلم و حق المشير عليک انلاتتهمه فيما لايوافقک من رأيه و ان وافقک حمدت الله عزوجل و حق المستنصح انتؤدي اليه النصيحة وليکن مذهبک الرحمة له و الرفق و حق الناصح انتلين له جناحک و تصغي اليه بسمعک فان اتي بالصواب حمدت الله عزوجل و ان لميوافق رحمته و لمتتهمه و علمت انه اخطأ و لمتؤاخذه بذلک الا انيکون مستحقاً للتهمة فلاتعبأ بشيء من امره علي حال و لاقوة الا بالله. هذا آخر ما اردنا ايراده في هذه العجالة و کتبها بيمناه الدائرة مصنفها کريم بن ابرهيم و فرغ منها في الليلة الثانية من شهر رجب المرجب من شهور سنة سبع و سبعين من المائة الثالثة عشرة حامداً مصلياً مستغفراً تمت.
([1]) باء بهواک للتعدية لاغلب اي اغلب هواک علي هواي بقدرتک.