22-02 مکارم الابرار المجلد الثانی والعشرون ـ رسالة ضياء ‌البصاير في تعيين الكباير ـ مقابله

 

رسالة ضياء البصاير في تعيين الکباير

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 77 *»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي سيدنا محمد و آله‌ الطيبين الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

و بعــد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه كان برهة من الدهر يتلجلج في صدري ان افرد كتاباً في تعيين الكباير من الذنوب التي نص الله عليها في كتابه بقوله ان تجتنبوا كباير ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلاً كريماً لما فيه من عظيم المنفعة في معرفة العدول الذين يقبل شهاداتهم و يجوز الاقتداء بهم و يتبرك بمجاورتهم و يلزم اداء حقوقهم و يجب مواخاتهم و يستدفع بهم المضار و يستجلب بهم المنافع في الدنيا و الآخرة و لماتحتاج من زيادة‌ الاعتناء و التحرز و لمايقوي في اجتنابها رجاء تكفير السيئات من الله سبحانه و امثال ذلك الي ان استخرت الله سبحانه في هذه الاوان في تصنيفه و خرج الامر به فشرعت فيه مستهدياً من الله سبحانه سبيل الحق فيه و طالباً للتأييد و التسديد من حجة‌ العصر متوجهاً اليه مستعلماً منه صلوات الله عليه و علي آبائه و سميته بـ«ضياء البصاير في تعيين الكباير» و رتبته علي مقدمة و فصول:

المقدمة

في ذكر الاقوال التي بلغتني في المسألة

قال الشيخ يوسف ره في الحدايق اعلم انه قد اختلف كلمة العلماء في تفسير الكبيرة علي اقوال منتشرة: فقال قوم هي كل ذنب توعد الله عليه العقاب في الكتاب العزيز. و قال آخرون هي كل ذنب رتب عليه الشارع حداً او صرح بالوعيد. و قال طايفة هي كل معصية تؤذن بقلة اكتراث فاعلها بالدين. و قال جماعة هي كل ذنب علمت حرمته بدليل قاطع. و قيل كلما توعد عليه توعداً شديداً في الكتاب او السنة. و قيل هي ما نهي الله عنه في سورة النساء من اولها الي قوله تعالي ان تجتنبوا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 78 *»

كباير ماتنهون عنه الآية. و قال قوم انها سبع الشرك بالله و قتل النفس التي حرم الله و قذف المحصنة و اكل مال اليتيم و الربوا و الفرار من الزحف و عقوق الوالدين. و قيل انها تسع بزيادة السحر و الالحاد في بيت الله اي الظلم فيه الي غير ذلك من الاقوال الكثيرة المنسوبة الي العامة و المختار من هذه الاقوال هو القول الاول و الظاهر انه المشهور عند اصحابنا بل قال بعض افاضل متأخري المتأخرين بعد نسبة هذا القول الي الشهرة بينهم و لم‌اجد في كلامهم اختيار قول آخر انتهي. و قال الملامحسن في المفاتيح اختلف الفقهاء في الكباير اختلافاً لايرجي زواله و كان المصلحة في ابهامها اجتناب المعاصي كلها مخافة الوقوع فيها و قال المولي محمدباقر الخراساني في الكفاية نحو ما ذكره صاحب الحدايق الا انه ذكر في القول بالسبع بدل الربوا الزنا ثم قال و زاد عليه في بعض الروايات العامية اكل الربوا و عن علي7 زيادة علي ذلك شرب الخمر و السرقة و زاد بعضهم علي السبعة السابقة ثلث‌عشرة اخري اللواط و السحر و الربوا و الغيبة و اليمين الغموس و شهادة الزور و شرب الخمر و استحلال الكعبة و السرقة و نكث الصفقة و التعرب بعد الهجرة و اليأس من روح الله و الامن من مكر الله و قد يزاد اربعة عشر آخر اكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما اهل لغير الله به من غير ضرورة و السحت و القمار و البخس في الكيل و الوزن و معونة الظالمين و حبس الحقوق من غير عسر و الاسراف و التبذير و الخيانة و الاشتغال بالملاهي و الاصرار علي الذنوب و قد تعد منها  اشياء اخر كالقيادة و الغصب و النميمة و قطيعة الرحم و تأخير الصلوة عن وقتها و الكذب خصوصاً علي رسول‌الله9 و ضرب المسلم بغير حق و كتمان الشهادة و السعاية الي الظالم و منع الزكوة المفروضة و تأخير الحج عن عام الوجوب و الظهار و المحاربة لقطع الطريق. و عن ابن‌عباس لماسئل عن الكباير هي الي التسع‌مأة اقرب منها الي السبعة و المعروف بين اصحابنا القول الاول من هذه الاقوال و لم‌اجد في كلامهم اختيار قول آخر و هو الصحيح و يدل عليه اخبار متعددة الي آخر كلامه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 79 *»

و اقتصر في المدارك برواية فيها سبع الكفر بالله و قتل الانفس و عقوق الوالدين و اكل الربوا بعد البينة و اكل مال اليتيم ظلماً و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و عد فيها ترك الصلوة في الكفر و برواية اخري عد فيها اكبر الكباير الاشراك بالله ثم الاياس من روح الله ثم الامان من مكر الله و عقوق الوالدين و قتل النفس التي حرم الله الا بالحق و قذف المحصنة و اكل مال اليتيم و الفرار من الزحف و اكل الربوا و السحر و الزنا و اليمين الغموس و الغلول و منع الزكوة المفروضة و شهادة الزور و كتمان الشهادة و ترك الصلوة متعمداً او شيء ممافرض الله و نقض العهد و قطيعة الرحم. و قال الطبرسي في مجمع البيان اختلف في معني الكبيرة فقيل كل ما اوعد الله عز اسمه عليه في الآخرة عقاباً و اوجب فيه في الدنيا حداً فهو كبيرة و هو المروي عن سعيد بن جبير و مجاهد و قيل کل ما نهي الله عنه فهو کبيرة عن ابن‌عباس و الي هذا ذهب اصحابنا رضي الله عنهم فانهم قالوا المعاصي كلها كباير من حيث كانت قبايح لكن بعضها اكبر من بعض و ليس في الذنوب صغير و انما يكون صغيراً بالاضافة الي ما هو اكبر منه و يستحق العقاب عليه اكثر و القولان متقاربان و قالت المعتزلة الصغيرة مانقص عقابه عن ثواب صاحبه ثم ان العقاب اللازم عليه ينحبط بالاتفاق بينهم و هل ينحبط مثله من ثواب صاحبه فعند ابي‌هاشم و من يقول بالموازنة ينحبط و عند ابي‌ علي الجباعي لاينحبط بل يسقط الاقل و يبقي الاكثر بحاله و الكبيرة عندهم ما يكبر عقابه عن ثواب صاحبه قالوا و لايعرف شيء من الصغاير و لامعصية الا و يجوز ان‌يكون كبيرة فان في تعريف الصغاير اغراء بالمعصية لانه اذا علم المكلف انه لاضرر عليه في فعلها و دعته الشهوة اليها فعلها و قالوا عند اجتناب الكباير يجب غفران الصغاير و لاتحسن معه المؤاخذة بها و ليس في ظاهر الآية ما يدل عليه فان معناه علي مارواه الكلبي عن ابن‌عباس ان‌تجتنبوا الذنوب التي اوجب الله بها الحد و سمي فيها النار يكفر عنكم ماسوي ذلك من الصلوة الي الصلوة و من الجمعة الي الجمعة و من شهر رمضان الي شهر رمضان و قيل معني ذلك ان‌تجتنبوا كباير ما نهيتم عنه في هذه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 80 *»

السورة من المناكح و اكل الاموال بالباطل و غيره من المحرمات من اول السورة الي هذا الموضع و تركتموها في المستقبل كفرنا عنكم ماكان منكم من ارتكابها فيما سلف و لهذا قال ابن‌مسعود كلما نهي الله عنه من اول السورة الي رأس الثلثين فهو كبير و يعضد هذا القول من التنزيل قوله قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف و قوله و لاتنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف انتهي هذا ما وجدته من الاقوال في هذا المجال و لم‌اجد من احد تحقيقاً فيها و جمعاً لمختلفات الاخبار كما هو سنة العلماء في مختلفات الاخبار في ساير المسائل و الاحكام و رأيت منهم تسامحاً فيها مع ان معرفتها من المهمات و يجب الجري فيها علي نحو الجري في ساير المسائل الفقهية.

فصل

ان الاصل في اختلاف الاقوال بين الشيعة اختلاف الانظار في الاخبار و بين العامة اختلاف الاهواء و الاراء فاقول و من الله التأييد و من الحجة7 التسديد اعلم ان قوله سبحانه ان تجتنبوا كباير ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلاً كريماً و في جملة الاخبار الواردة في هذا المضمار نص صريح ان ما نهي الله سبحانه عنه منها كباير و منها غير كباير و غير الكباير هي السيئات المكفرة فلو كانت المنهيات كلها كباير لم‌يكن لهذا التخصيص اي قوله كباير ما تنهون عنه وجه بل كان الواجب ان‌يقول ماتنهون عنه ثم لم‌يكن يبقي سيئات تكفر فمن ذلك علم ان قول الطبرسي ان المعاصي كلها كباير لامعني له و كذا نسبته هذا القول الي اصحابنا مؤذناً بدعوي الاجماع لاوجه له و قد عرفت ان المشهور بين الاصحاب انها ما اوجب الله عليه النار قال الميرزا محمد بن المهدي القمي في كنز الدقايق بعد نقل كلام صاحب المجمع قيل و توفيقه مع الآية ان‌يقال من عن له امران و دعت نفسه اليهما بحيث لايتمالك فكفها عن اكبرهما كفر عنه ما ارتكبه لمااستحق من الثواب علي اجتناب الاكبر كمااذا تيسر له النظر بشهوة و التقبيل فاكتفي بالنظر عن التقبيل و لعل هذا ممايتفاوت ايضاً باعتبار الاشخاص

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 81 *»

و الاحوال فان حسنات الابرار سيئات المقربين و يؤاخذ المختار بمايعفي عن المضطرين و يرد علي هذا التوفيق ان من قدر علي قتل احد فقطع اطرافه كان قطع اطرافه مكفراً و ما نسبه في مجمع البيان الي اصحابنا لامستند له و ظاهر الآية و الاخبار الواردة في تفسيرها و تفسير الكباير يعطي تمايز كل من الصغاير و الكباير عن صاحبها انتهي. اقول القول بان الذنوب كلها كباير منقول عن الشيخ المفيد و ابن البراج و ابي‌الصلاح و الشيخ في العدة و ابن ادريس ايضاً و عن الشيخ البهائي بعد نقل ذلك عن الطبرسي ان كلام الشيخ الطبرسي مشعر بان القول بان الذنوب كلها كباير متفق عليه بين الامامية و كفي بالشيخ ناقلاً،

اذا قالت حذام فصدقوها   فان القول ما قالت حذام

قيل و لهذا القول شواهد في الاخبار مثل ما دل علي ان كل معصية شديدة و مادل علي ان كل معصية قد توجب لصاحبها النار و مادل علي التحذير عن استحقار الذنب و استصغاره و امثال ذلك و برواية لاكبيرة مع الاستغفار و لاصغيرة مع الاصرار اقول هذه الوجوه مخدوشة فان شدة كل معصية لاتنافي كون بعضها اشد و كل معصية قد توجب لصاحبها النار لعلها باسباب اخر و الا لم‌يقل قد توجب و استحقار الذنب ذنب آخر خارج عن اصل الذنب و الاصرار امر آخر اذا ضم بذنب يجعله كبيرة و هو لزوم الذنب و روي فيه ترك الاستغفار و حديث النفس و لاينافي اللزوم بل هو اللزوم و لاشك ان التهاون بمحو الذنب من الكباير فالقول بان كل ذنب كبيرة يخالف الكتاب و تواتر الاخبار الواردة في الباب.

فصل

الاخبار الواردة في هذا المجال علي اقسام و نذكر هنا ماورد فيها علي سبيل الابهام ففي كنز الدقايق نقلا عن التوحيد بسنده عن ابن ابي‌عمير قال سمعت موسي بن جعفر7 يقول لايخلد الله في النار الا اهل الكفر و الجحود و اهل الضلال و الشرك و من اجتنب الكباير من المؤمنين لم‌يسأل عن الصغاير و عن روضة الكافي بسنده عن الفضيل عن ابي‌جعفر7 انه قال

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 82 *»

في حديث انکم لاهل هذه الآية ان تجتنبوا الآية و عن الفقيه قال الصادق7 من اجتنب الكباير كفر الله عنه جميع ذنوبه و ذلك قول الله عزوجل ان تجتنبوا الآية فهذه الاخبار و ما يشاكلها تدل علي وجود كباير و صغاير مبهمة علي طبق الكريمة التي ذكرت و يأتي مايدل عليه.

فصل

و من الاخبار ما يدل علي انها ما اوجب الله عليه النار مبهماً فعن الكافي بسنده عن الحسن بن محبوب قال كتب بعض اصحابنا الي ابي‌الحسن7 يسأله عن الكباير و كم هي و ما هي فكتب: الكباير من اجتنب ما اوعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته اذا كان مؤمناً و السبع الموجبات و ذكرها كمايأتي.

و عنه عن الحلبي عن ابي‌عبدالله7 في قول الله ان تجتنبوا الآية قال الكباير التي اوجب الله عزوجل عليها النار و مثله عن تفسير العياشي عن كثير النوا عن الباقر7 و عن الفقيه عن عمار بن كثير النوا قال سألت اباجعفر7 عن الكباير فقال كلما اوعد الله عليه النار و عن الفقيه عن ابن ابي‌يعفور في رواية في صفة العدل يعرف باجتناب الكباير التي اوعد الله عليها النار من شرب الخمر و الزنا و الربا و عقوق الوالدين و الفرار من الزحف و غير ذلك و عن علي بن جعفر عن اخيه موسي7 قال سألته عن الكباير التي قال الله تعالي ان تجتنبوا الآية قال التي اوجب الله عليها النار و في كنز الدقايق عن ثواب الاعمال بسنده عن احمد بن عمر الحلبي قال سألت اباعبدالله7 عن قول الله عزوجل ان تجتنبوا كباير الآية قال من اجتنب ما اوعد الله عليه النار اذا كان مؤمناً كفر الله عنه سيئاته و يدخله مدخلاً كريماً و الكباير السبع الموجبات و عدها كمايأتي. و باسناده الي محمد بن الفضيل عن ابي‌الحسن الرضا7 في هذه الآية قال من اجتنب ما اوعد الله عليه النار اذا كان مؤمناً كفر عنه سيئاته و في تفسير البرهان عن سليمان الجعفري قال قلت لابي‌الحسن الرضا7 ما تقول في اعمال الديوان الي ان قال7 و النظر اليهم علي العمد من الكباير

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 83 *»

التي يستحق بها النار. و في الكافي عن ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله7 قال سمعته يقول و من يؤت الحكمة فقد اوتي خيراً كثيراً قال معرفة الامام و اجتناب الكباير التي اوجب الله عليها النار و في عقاب الاعمال عن ابي‌جعفر7 الكباير كل شيء اوعد الله عليه النار. الي غير ذلك من الروايات الدالة علي انها هي التي اوجب الله او اوعد الله عليها النار و هذا المعني كمانقلوا هو المشهور بين الاصحاب و هو الحق كمايأتي لكن لا علي ما فهموه بل علي ما سأذكره ان‌شاء‌الله فانهم رضوان الله عليهم زعموا ان افراد المعاصي من حيث انفسها منها ما اوعد الله عليه النار و منها ما لم‌يوعد فما اوعد عليه النار فهو كبيرة و ما لم‌يوعد فهو صغيرة ثم منهم من عين منها اعداداً معينة و منهم من لم‌يميز و لم‌يعرف اعيانها و الذي اعرف من لحن الاخبار ان كل معصية ممايقتضي النار فان الله سبحانه خلق الانسان من نور و ظلمة و جعل لنوره مقتضيات و لظلمته مقتضيات فالنور منه علي حسب مشية الله و محبته و رضاه و لايقتضي الا ما هو مطابق لمحبة الله و الظلمة منه تقتضي خلاف مشية الله و محبته في القدسي يا آدم روحك من روحي و طبيعتك علي خلاف كينونتي و قال ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي. و قد اعد للعاملين بمقتضي محبته الجنة و للعاملين بمقتضي سخطه النار و امر بمايحب و يرضي و نهي عمايكره و يسخط ففي الكافي عن النبي9 ياايها الناس والله ما من شيء يقربكم من الجنة و يباعدكم من النار الا و قد امرتكم به و ما من شيء يقربكم من النار و يباعدكم من الجنة الا و قد نهيتكم عنه و ان الله يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي‌القربي و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغي و قال و من يعص الله و رسوله فان له نار جهنم خالدين فيها ابداً و قال و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً و قال من يأت ربه مجرماً فان له نار جهنم خالداً فيها الآية و قال من يطع الله و رسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها و ذلك الفوز العظيم. و من يعص الله و رسوله و يتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها و له عذاب مهين. فكل معصية تقتضي النار و الخلود فيها نعوذبالله فلاتفاوت

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 84 *»

في افراد المعاصي من حيث الافراد و ليس يؤمي ذلك الي ما نقله الطبرسي عن الاصحاب لماعرفت فيه من وجه الخطاء و مخالفة الكتاب و السنة فلاحيلة لهم في رفع هذه الاختلافات من طريق ذهبوا فيها و انما المناص ما وهبنا الله و رسوله من فضله ببركة حجة العصر صلوات الله عليه كماسنذكره ان‌شاء‌الله.

فصل

فيما ورد انها سبع في الوسايل عن الكليني بسنده عن ابن‌محبوب قال كتب معي بعض اصحابنا الي ابي‌الحسن7 يسأله عن الكباير كم هي و ما هي فكتب الكباير من اجتنب ما اوعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته اذا كان مؤمنا و السبع الموجبات قتل النفس الحرام و عقوق الوالدين و اكل الربا و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنة و اكل مال اليتيم و الفرار من الزحف و عن عبيد بن زرارة قال سألت اباعبدالله7 عن الكباير فقال هن في كتاب علي7 سبع الكفر بالله و قتل النفس و عقوق الوالدين و اكل الربوا بعد البينة و اكل مال اليتيم ظلماً و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة قال فقلت هذا اكبر المعاصي فقال نعم قلت فاكل درهم من مال اليتيم ظلماً اكبر ام ترك الصلوة؟ قال ترك الصلوة قلت فماعددت ترك الصلوة في الكباير قال اي شيء اول ما قلت لك قلت الكفر قال فان تارك الصلوة كافر يعني من غير علة انتهي. فبدل في هذا الخبر قذف المحصنة بالكفر و انما المراد بالكفر في هذه الاخبار ما يحدث بالتهاون بالفرائض و الاستخفاف بحرمة من حرمات الله و تصغير شعاير الله و ترك ما امر الله كماقال الله سبحانه في الحج من كفر فان الله غني عن العالمين و قال تؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض و الا فالكفر بمعني جحود الله و جحود نبيه او وليه فلايعقل ان‌يعد في الكباير فانها فوق الذنوب و الكباير و لذا جعل ترك الصلوة كفراً اشعاراً بماذكرت و هو قرينة لما ذكرته.

و عن محمد بن مسلم عن ابي‌عبدالله7 قال الكباير سبع قتل المؤمن متعمداً و قذف المحصنة و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و اكل مال اليتيم ظلماً و اكل الربا بعد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 85 *»

البينة و كل ما اوجب الله عليه النار انتهي. بدل في هذا الخبر كلما اوجب الله عليه النار بدل عقوق الوالدين و يحتمل ان‌ الستة المذكورة اكبرها و اجمل السابع تحذيراً و ترهيباً لينزعج السامعون عن ساير المعاصي خوفاً من الوقوع في الكبيرة و خص الستة بالذكر تحذيراً و تعظيماً و عن ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله7 قال سمعته يقول الكباير سبعة منها قتل النفس متعمداً و الشرك بالله العظيم و قذف المحصنة و اكل الربا بعد البينة و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و عقوق الوالدين و اكل مال اليتيم ظلماً قال و التعرب و الشرك واحد انتهي و هذا الخبر مطابق مع الخبر الاول علي ما فسر و الذي اقطع به ان الشرك في هذه الاخبار ليس الشرك بالله سبحانه في ذاته فانه ليس من المعاصي و المعاصي قد يغفر و الشرك لايغفر و الشفاعة تلحق اصحاب الكباير و لاتلحق المشرك البتة فهذا الشرك هو شرك طاعة لاشرك عبادة فهو ان‌لايقبل الحق من محق كما في الحنظلية المقبولة فاذا حكم بحكمنا و لم‌يقبل منه فكما بحكم الله استخف و علينا رد و الراد علينا كالراد علي الله و هو علي حد الشرك بالله. او يطيع مبطلاً في خلاف الله سبحانه كماروي عن الصادق7 في حديث ان هو مال بهواه الي التدين بجهة التأويل و التقليد و التسليم و الرضا بقول الآباء و الاسلاف فقد اشرك و كذا الكفر الذي في هذه الاخبار فهو كفر ترك ما امر الله سبحانه كقولهم تارك الصلوة كافر و قوله سبحانه أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فان الكفر لايعقل ان‌يكون من المعاصي التي قد تغفر و يجري فيها الشفاعة و قوله7 و التعرب و الشرك واحد فان جميع ذلك تعرب فان التعرب الرجوع الي اهل الباطل بعد الاعراض عنهم و الهجرة الي اهل الحق.

و عن ابي‌الصامت عن ابي‌عبدالله7 قال اكبر الكباير سبع الشرك بالله العظيم و قتل النفس التي حرم الله الا بالحق و اكل اموال اليتامي و عقوق الوالدين و قذف المحصنات و الفرار من الزحف و انكار ما انزل الله عزوجل انتهي. علي ما فسر في الخبر السابق الشرك  هو التعرب فبدل فيه اكل الربا بانكار

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 86 *»

ما انزل الله و هذا الخبر يشعر بان هذه السبع اكبر الكباير و سواها كباير اخر و السر فيه ان المعاصي لها درجات لاتحصي و ليست منحصرة بدرجتين ممتازتين معينتين فهي بعضها اكبر من بعض و عن عبدالرحمن بن كثير عن ابي‌عبدالله7 قال ان الكباير سبع فينا انزلت و منا استحلت فاولها الشرك بالله العظيم و قتل النفس التي حرم الله و اكل مال اليتيم و عقوق الوالدين و قذف المحصنة و الفرار من الزحف و انكار حقنا. و هذا الخبر كسابقه بدل فيه التعرب بالشرك و هما بمعني واحد و بدل الربا بانكار حقهم و هو المراد بانكار ما انزل الله.

و عن احمد بن عمر الحلبي قال سألت اباعبدالله7 عن قول الله عزوجل ان تجتنبوا الآية قال من اجتنب ما اوعد الله النار اذا كان مؤمناً كفر عنه سيئاته و ادخله مدخلاً كريماً و الكباير السبع الموجبات قتل النفس الحرام و عقوق الوالدين و اكل الربا و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنة و اكل مال اليتيم و الفرار من الزحف انتهي و هو كالخبر الاول.

و عن ابي‌هريرة ان رسول‌الله9 قال اجتنبوا السبع الموبقات قيل و ما هن؟ قال الشرك بالله و السحر و قتل النفس التي حرم الله الا بالحق و اكل الربا و اكل مال اليتيم و التولي يوم الزحف و قذف المحصنات الغافلات المؤمنات انتهي فالشرك و التعرب كماعرفت واحد ولكن بدل السحر بعقوق الوالدين و عن محمد بن مسلم عن ابي‌عبدالله7 قال قلت له ما لنا نشهد علي من خالفنا بالكفر و بالنار و لانشهد لانفسنا و لاصحابنا انهم في الجنة فقال من ضعفكم ان لم‌يكن فيكم شيء من الكباير فاشهدوا انكم في الجنة قلت فاي شيء الكباير قال اكبر الكباير الشرك بالله و عقوق الوالدين و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنة و الفرار من الزحف و اكل مال اليتيم ظلماً و الربا بعد البينة و قتل المؤمن فقلت له الزنا و السرقة قال ليسا من ذلك انتهي. و هي ثمانية ولكن الشرك و التعرب واحد كماعرفت.

و عن الصدوق هنا الاخبار في الكباير ليست مختلفة لان كل ذنب بعد الشرك كبير بالنسبة الي ما هو اضعف منه و كل كبير صغير بالنسبة الي الشرك بالله انتهي.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 87 *»

اقول هذا الكلام يؤمي الي ما نقل الطبرسي عن الاصحاب ولكنه جمع لايرضي به صاحب الكلام فان الكتاب و السنة يشهدان بان الذنوب منها كبيرة و منها صغيرة و من اجتنب الكباير غفر له الصغاير فكيف يكون كل ذنب كبيراً بهذا المعني و لو اخذ بالنسبة لكان كل من اجتنب الشرك غفر له جميع الذنوب لانها صغاير بالنسبة الي الشرك و هذا خلاف ما يظهر من الاخبار فان الكباير ما اوجب الله عليها النار فلابد و ان‌يكون سوي الشرك ذنوب كبيرة اوجب الله عليها النار و تكون غير الصغاير المكفرة البتة هذا و الشرك بالمعني الظاهر لايعقل ان‌يكون من الذنوب الكباير بل هو فوق الكباير و خارج عن عرصة الايمان و الذنوب ما يصدر عن اهل الايمان و روي انما شفاعتي لاهل الكباير و لاشفاعة لاهل الشرك و الكفر فتدبر و في تفسير البرهان عن العياشي عن ميسر عن ابي‌جعفر7 قال كنت انا و علقمة الحضرمي و ابوحسان العجلي و عبدالله بن عجلان ننتظر اباجعفر7 فخرج علينا فقال مرحباً و اهلاً والله اني لاحب ريحكم و ارواحكم و انكم لعلي دين الله فقال علقمة فمن كان علي دين الله تشهد انه من اهل الجنة قال فمكث هنيئة‌ قال نوروا انفسكم فان لم‌تكونوا اقترفتم الكباير فانا اشهد قلنا و ما الكباير قال هي في كتاب علي سبع قلنا فعدها علينا جعلنا الله فداك قال الشرك بالله العظيم و اكل مال اليتيم و اكل الربا بعد البينة و عقوق الوالدين و الفرار من الزحف و قتل المؤمن و قذف المحصنة قلنا ما بنا احد اصاب من هذه شيئاً قال فانتم اذا انتهي. فبدل التعرب فيه بالشرك و هما كماعرفت واحد و عن معاذ بن كثير عن ابي‌عبدالله7 قال يا معاذ الكباير سبع فينا انزلت و منا استحقت و اكبر الكباير الشرك بالله و قتل النفس التي حرم الله و عقوق الوالدين و قذف المحصنات و اكل مال اليتيم و الفرار من الزحف و انكار حقنا اهل‌البيت فاما الشرك بالله فان الله قال فينا ما قال رسول‌الله ما قال فكذبوا الله و كذبوا رسوله

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 88 *»

و اما قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين بن علي8 و اصحابه و اما عقوق الوالدين فان الله قال في كتابه النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم و ازواجه امهاتهم و هو اب لهم فقد عقوا رسول‌الله9 في دينه و اهل‌بيته و اما قذف المحصنات فقد قذفوا فاطمة3 علي منابرهم و اما اكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا في كتاب الله و اما الفرار من الزحف فقد اعطوا اميرالمؤمنين7 بيعتهم غير كارهين ثم فروا عنه و خذلوه و اما انكار حقنا فهذا مما لايتعاجمون فيه. و عن تفسير فرات ابن ابرهيم مثله بادني تفاوت في الالفاظ و قال في آخره ان الله تعالي يقول في كتابه ان‌ تجتنبوا الآية انتهي. فبدل فيه التعرب بالشرك و الربا بانكار حقهم فاما التعرف فيمكن اتحاده بالشرك و لاينافي ما فسره فان تكذيب الله و رسوله تعرب بعد الهجرة كماروي المتعرب بعد الهجرة التارك لهذا الامر بعد معرفته فيبقي الاختلاف في الاخير و روايات السبع اكثر عدداً من غيرها و فيها من الاختلاف في بعضها كماعرفت و قد وردت روايات اخر باعداد اخر نذكرها في فصل آخر.

فصل

و منها روايات الخمسة ففي الوسائل عن محمد بن ابي‌عمير عن بعض اصحابه عن ابي‌عبدالله7 قال وجدنا في كتاب علي7 الكباير خمسة الشرك و عقوق الوالدين و اكل الربا بعد البينة و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة. و عن عبيدة بن زرارة قال قلت لابي‌عبدالله7 اخبرني عن الكباير فقال هن خمس و هن ممااوجب الله عليهن النار قال الله تعالي ان الله لايغفر ان‌يشرك به و قال ان الذين يأكلون اموال اليتامي ظلماً انما يأكلون في بطونهم ناراً و سيصلون سعيراً و قال ياايها الذين آمنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلاتولوهم الادبار الي آخر الآية و قال عزوجل ياايها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربوا الي آخر الآية و رمي المحصنات الغافلات المؤمنات و قتل

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 89 *»

مؤمن متعمداً علي دينه انتهي. و المعدود ست فلعل السهو من الراوي او الشرك خارج عن الخمس فانه ليس بذنب و انما هو فوق الذنوب.

و منها رواية التسعة و هي ما رواه عن الكراجكي في كنز الفوائد قال قال9 الكباير تسع اعظمهن الاشراك بالله عزوجل و قتل النفس المؤمنة و اكل الربا و اكل مال اليتيم و قذف المحصنات و الفرار من الزحف و عقوق الوالدين و استحلال البيت الحرام و السحر فمن لقي الله عزوجل و هو بريء منه كان معي في جنة مصاريعها الذهب. و مثله عن الطبرسي في المجمع مرسلاً الا انه قال سبع و ترك الاخيرتين.

و منها رواية‌ فيها كباير و هي ما رواه في الوسائل عن محمد بن سالم عن ابي‌جعفر7 في حديث طويل قال ان الله لمااذن لمحمد9 في الخروج من مكة الي المدينة انزل عليه الحدود و قسمة الفرايض و اخبره بالمعاصي التي اوجب الله عليها و بها النار لمن عمل بها ثم ذكر القتل و اكل مال اليتيم و تطفيف الكيل و نقض العهد و الزنا و رمي المحصنات انتهي و لعلها من باب التمثيل اذ ليس فيها ذكر حصر.

و منها ما رواه عن عبدالعظيم الحسني قال حدثني ابوجعفر الثاني7 قال سمعت ابي يقول سمعت ابي موسي بن جعفر7 يقول دخل عمرو بن عبيد علي ابي‌عبدالله7 فلما سلم و جلس تلا هذه الآية الذين يجتنبون كباير الاثم و الفواحش ثم امسك فقال له ابوعبدالله7 ما اسكتك قال احب ان اعرف الكباير من كتاب الله عزوجل فقال نعم يا عمرو اكبر الكباير الاشراك ثم عد بعده الاياس من روح الله ثم الامن لمكر الله و عقوق الوالدين و قتل النفس التي حرم الله الا بالحق و قذف المحصنة و اكل مال اليتيم و الفرار من الزحف و اكل الربوا و السحر و الزنا و اليمين الغموس الفاجرة و الغلول و منع الزكوة المفروضة و شهادة الزور و كتمان الشهادة و شرب الخمر و ترك الصلوة متعمداً او شيئاً ممافرض الله عزوجل و نقض العهد و قطيعة الرحم انتهي. و قد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 90 *»

استشهد بعد كل معصية بآية دالة علي عقوبته و هي عشرون او احدي و عشرون و ليس في الخبر ما عسي ان‌يدل علي الحصر الا انها تعارض الحاصرة في الاقل.

و منها ما رواه عن الفضل بن شاذان عن الرضا7 في كتابه الي المأمون قال و اجتناب الكباير و هي قتل النفس التي حرم الله تعالي و الزنا و السرقة و شرب الخمر و عقوق الوالدين و الفرار عن الزحف و اكل مال اليتيم ظلماً و اكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما اهل لغير الله به من غير ضرورة و اكل الربوا بعد البينة و السحت و الميسر و هو القمار و البخس في المكيال و الميزان و قذف المحصنات و الزنا و اللواط و اليأس من روح الله و الامن من مكر الله و القنوط من رحمة الله و معونة الظالمين و الركون اليهم و اليمين الغموس و حبس الحقوق من غير عسر و الكذب و الكبر و الاسراف و التبذير و الخيانة و الاستخفاف بالحج و المحاربة لاولياء الله و الاشتغال بالملاهي و الاصرار علي الذنوب انتهي. و هي ثلثة و ثلثون و هي مشعرة بالحصر ظاهراً و معارضة لما سبق و منها ما رواه عن الاعمش عن جعفر بن محمد8 في حديث شرايع الدين قال و الكباير محرمة و عد نحواً من حديث الرضا7 و زاد فيه الشرك بالله و شهادة الزور و بدل معونة الظالمين بترك معاونة المظلومين فهي خمسة و ثلثون و هي ايضاً مشعرة بالحصر و معارضة مع السوابق ظاهراً ثم في كتبنا اخبار منفردة اخر فيها ذكر البعض كمارواه في البرهان عن ابي‌خديجة عن ابي‌عبدالله7 قال الكذب علي الله و علي رسوله و علي الاوصياء من الكباير و عن العباس بن هلال عن ابي‌الحسن الرضا7 ذكر قول الله ان تجتنبوا كباير ما تنهون عنه عبادة الاصنام و شرب الخمر و قتل النفس و عقوق الوالدين و قذف المحصنات و الفرار من الزحف و اكل مال اليتيم انتهي. و ليس فيها حصر و الظاهر ان ذكرها من باب التمثيل و عن سليمان الجعفري قال قلت لابي‌الحسن الرضا7 ما تقول في اعمال الديوان فقال يا سليمان الدخول في اعمالهم و العون لهم و السعي في حوايجهم عديل الكفر و النظر اليهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 91 *»

علي العمد من الكباير التي يستحق بها النار.

و عن السكوني عن جعفر بن محمد عن ابيه عن علي: المسكر من الكباير و الحيف في الوصية من الكباير و في الوسايل عن الحسن بن زياد العطار عن ابي‌عبدالله7 في حديث قال قد سمي الله المؤمنين بالعمل الصالح مؤمنين و لم‌يسم من ركب الكباير و ما اوعد الله عزوجل عليه النار مؤمنين في قرآن و لااثر و لانسميهم بالايمان بعد ذلك الفعل انتهي. يعني لم‌يسمهم بالايمان الحقيقي المقابل للاسلام و الا سماهم بالمؤمنين بمعني المسلمين و اخرجت هذا الخبر هنا ليعلم ان مايخرج من الايمان كبيرة و روي ما يدل علي ان كل ذنب يخرج من الايمان و هو ما رواه عن محمد بن حكيم قال قلت لابي‌الحسن موسي7 الكباير تخرج من الايمان فقال نعم و مادون الكباير قال رسول‌الله9 لايزني الزاني و هو مؤمن و لايسرق السارق و هو مؤمن و لعل المراد الاخراج عن الايمان الكامل و لهذه الاخبار جمع يأتي ان‌شاء‌الله يرفع التنافي بالكلية بحول الله و قوته كماروي عن زرارة قال قلت لابي‌عبدالله7 أرأيت قول رسول‌الله9 لايزني الزاني و هو مؤمن قال ينزع منه روح الايمان و عن الاصبغ بن نباتة قال جاء رجل الي اميرالمؤمنين7 فقال يا اميرالمؤمنين ان ناساً زعموا ان العبد لايزني و هو مؤمن و لايسرق و هو مؤمن و لايشرب الخمر و هو مؤمن و لايأكل الربوا و هو مؤمن و لايسفك الدم الحرام و هو مؤمن فقال اميرالمؤمنين7 صدقت سمعت رسول‌الله9 يقول و الدليل كتاب الله و ذكر الحديث و عن الحلبي عن ابي‌عبدالله7 في حديث و استغفر لذنبك العظيم و قال كل ذنب عظيم و عن عبدالله سنان قال سمعت اباعبدالله7 يقول ان من الكباير عقوق الوالدين و اليأس من روح الله و الامن من مكر الله قال و روي اكبر الكباير الشرك بالله و في رواية من افطر يوماً من شهر رمضان متعمداً خرج من الايمان و عن مسعدة بن صدقة قال سمعت اباعبدالله7 يقول الكباير القنوط من رحمة الله و اليأس من روح الله و الامن من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 92 *»

مكر الله و قتل النفس التي حرم الله و عقوق الوالدين و اكل مال اليتيم ظلماً و اكل الربوا بعد البينة و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنة و الفرار من الزحف انتهي. و ليس فيه حصر و لعله من باب التمثيل و روي لاكبيرة مع الاستغفار و لاصغيرة مع الاصرار و هنا اخبار اخر تدل باللزوم علي كون بعض المعاصي كبيرة كماروي عن ابي‌عبدالله7 اصول الكفر ثلثة الحرص و الاستكبار و الحسد الخبر. فالمعاصي التي هي اصول الكفر ينبغي ان‌تكون من اعظم الكباير و عن النبي9 اركان الكفر اربعة الرغبة و الرهبة و السخط و الغضب و عنه9 ثلث من كن فيه كان منافقاً و ان صام و صلي و زعم انه مسلم من اذا ائتمن خان و اذا حدث كذب و اذا وعد اخلف و قيل لابي‌عبدالله7 رجل علي هذا الامر ان حدث كذب و ان وعد اخلف و ان ائتمن خان ما منزلته قال هي ادني المنازل من الكفر و ليس بكافر.

و عن النبي9 خمسة لعنتهم و كل نبي مجاب الزايد في كتاب الله و التارك لسنتي و المكذب بقدر الله و المستحل عن عترتي ماحرم الله و المستأثر بالفيء المستحل له و عن اميرالمؤمنين7 بني الكفر علي اربع دعائم الفسق و الغلو و الشك و الشبهة و الفسق علي اربع شعب علي الجفا و العمي و الغفلة و العتو و الغلو علي اربع شعب علي التعمق بالرأي و التنازع فيه و الزيغ و الشقاق و الشك علي اربع شعب علي المرية و الهوي و التردد و الاستسلام و الشبهة علي اربع شعب اعجاب بالزينة و تسويل النفس و تأول العوج و لبس الحق بالباطل و النفاق علي اربع دعائم علي الهوي و الهوينا و الحفيظة و الطمع و الهوي علي اربع شعب علي البغي و العدوان و الشهوة‌ و الطغيان و الهوينا علي اربع شعب علي الغرة و الامل و المماطلة و الحفيظة علي اربع شعب علي الكبر و الفخر و الحمية و العصبية و الطمع علي اربع شعب الفرح و المرح و اللجاجة و التكاثر و عن النبي9

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 93 *»

في وصيته لعلي7 يا علي خلق الله الجنة من لبنتين لبنة من ذهب و لبنة من فضة الي ان قال فقال الله جل‌ جلاله و عزتي و جلالي لايدخلها مدمن خمر و لانمام و لاديوث و لاشرطي و لامخنث و لانباش و العشار و لاقاطع رحم و لاقدري يا علي كفر بالله العظيم من هذه الامة عشرة القتات و الساحر و الديوث و الناكح المرأة حراماً في دبرها و ناكح البهيمة و من نكح ذات محرم و الساعي في الفتنة و بايع السلاح من اهل الحرب و مانع الزكوة و من وجد سعة فمات و لم‌يحج الخبر. و امثال ذلك مما لو شئنا الاستقصاء فيها لاقتضي مجلداً كبيراً و من نظر فيها بعين الاعتبار وجد بلاغبار انها علي حد الكباير و صفتها في الآثار فان شئت ان‌تعرفها فراجع كتب الاخبار و ان لم‌يصرح فيها بانها من الكباير.

فصل

اعلم اول ان هذه الاخبار كماسمعت علي اقسام منها مصرحة بوجود كباير في الذنوب و ذلك مما لاشك فيه و لاريب يعتريه و منها مصرحة بان الكباير ما اوعد الله عليها النار او اوجب الله و هما ايضاً لاتعارض فيهما فان الايجاب فيها ليس ايجاب حتم لايمكن ان‌يغفر بل له المشية فيها ان‌شاء ‌عذب عليها و ان شاء غفر كماقال الله تعالي ان الله لايغفر ان‌يشرك به و يغفر مادون ذلك لمن يشاء كماروي انه سئل ابوعبدالله7 الكباير فيها استثناء ان‌تغفر لمن يشاء قال نعم انتهي. و قال الله سبحانه ان الله يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم و روي انما شفاعتي لاهل الكباير من امتي فاذ لم‌يكن ايجاب حتم فهي ممااوعد الله عليها النار و ان شاء وفي و ان شاء عفي كماروي عن ابي‌عبدالله7 في قول الله عزوجل و من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم قال جزاؤه جهنم ان جازاه انتهي. فلاتنافي بين الايجاب و الايعاد و قد ثبت في الحكمة ان كل موجود ما لم‌يجب لم‌يوجد و ما جاز وجوده وجب عند وجوده و هذه الاخبار المفسرة بما اوعد الله او اوجب الله عليه النار لاتنافي الاخبار الناصة علي وجود كباير مجملاً بل هي مفسرة لها و كذلك لاتنافيهما الاخبار المتفرقة الناصة علي ان بعض المعاصي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 94 *»

المسمي فيها كبيرة من دون حصر بقي الاخبار المفيدة للحصر انها خمسة او سبعة او تسعة او عشرة و امثال ذلك ممانبهنا عليه عند سردها و لم‌اجد من جمع بينها من غير تكلف و لي كلام في معني الحصر لم‌اطلع علي من سبقني فيه.

فاقول لاشك ان الحكيم يحمل كلامه علي التأسيس و الحقيقة ما لم‌يقم دليل علي كونه تأكيداً او مجازاً فاذا قال ثلث تورث الحزن مثلاً مقتضي الحكمة اللايقة بشأن حجة الله صلوات الله عليه ان‌يكون حاصراً لجميع مايورث ا لحزن الا تري انه لو عد الثلث ثم ذكر له مورثاً آخر و سئل عنه فقال هو ايضاً يورث الحزن لكان ركيكاً كأن‌يقول ثلثة من بني‌آدم ينامون و الحال ان كلهم ينامون فلاوجه للتخصيص بالذكر مع ان كلهم ينامون فامثال هذه التعددات ممايدل علي الحصر في كلام الحكيم البتة و القول بانها تمثيل او حصر اضافي سخيف جداً و لايرضي به الحكيم العارف باسلوب البلاغة ابداً ولكن هنا مطلب دقيق و هو ان الحصر لجمع المشتركات في جهة النظر بمعني انه لايجامعها في هذه الجهة غيرها و لايجب ان‌لايجامعها غيرها من غير تلك الجهة مثلاً اذا حصرت البيض التي تحضرك في البيت في عدد مخصوص لايجب ان‌لايكون ابيض آخر في الدنيا فلو نصصت بعده علي شيء آخر بانه ابيض ليس يعارض هذا الكلام الكلام الاول و ليس ينافي حصرك الاول فان حصرك الاول لما هو حاضر لديك و هو حصر حقيقي لايشذ عنه شيء ممايحضرك و الابيض الآخر و ان كان ابيض الا انه غايب عنك و ليس من جنس الحاضرة لديك و للحكيم في مراتب البلاغة تصاريف فتدبر فيما مثلت لك و شرحت ثم ربما يكتفي من جنس المحصور بكونه معهوداً او بكونه حاضراً او مأنوساً او ميسوراً او شايعاً او قريباً او بعيداً او سهلاً او ممتنعاً او مناسباً او منافراً او داخلاً او خارجاً او عالياً او دانياً او جسمانياً او روحانياً او غيبياً او شهادياً او مشاكلاً او مخالفاً او غير ذلك من الصفات ثم يحكم عليها بالصفة المرادة مثلاً اذا قيل ثلث يجلين الحزن الماء و الخضراء و الوجه الحسن فالمراد ثلث من المنظور اليها مثلاً و ان كان في المسموعات ايضاً مايجلي الحزن و من المنظورات ايضاً المحللة منها و ان كان يوجد ايضاً منظور اليه حرام في الدنيا يذهب الحزن كنظر

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 95 *»

المشتاق الي الخمر مثلاً اليها و من الاشياء الشايعة القريبة السهلة السفلية و هكذا و هذه الامور تعرف بقرينة ‌الكلام و جمع المعدودات و المخاطب (بالكسر) و المخاطب (بالفتح) و ما يناسبهما و ما يحتاج المخاطب اليه و ينبغي له ان‌يستعمله و هكذا و بهذه الاسباب يحصر الحكيم معدودات في حكم و هو تأسيس لاتأكيد لما قبله و لاتأكيد له بعده البتة و الحصر حصر حقيقي بلاشك و انما يعرف ذلك بقراين خارجية و علي ذلك بناء اخبار الخصال و امثالها و حصورها المذكورة فيها و سأذكر آحاداً منها تمثيلاً لتتبين المقصود فقد روي الصدوق عن النبي9 اربع يفسدن القلب و ينبتن النفاق في القلب كماينبت الماء الشجر استماع اللهو و البذاء و اتيان باب السلطان و طلب الصيد و الحال ان ما يفسد القلب و ينبت النفاق اكثر من ان‌يحصي و كل معصية كذلك ولكن تخصيص هذه الاربعة لما جمعها خاصة دون غيرها فالمعني امثال ان‌يقال اربعة مماشاع بينكم او اربعة مماتشتهونه كثيراً او اربعة مما لايظن انه يضر او اربعة ممايستهان به او اربعة من صفات البطالين و امثال ذلك ممايخص بافساد القلب جنساً هذه الاربعة و الا لكان صدور مثل هذا الكلام من الحكيم اقبح قبيح و عنه9 اربع يمتن القلب الذنب علي الذنب و كثرة منافسة النساء يعني محادثتهن و مماراة الاحمق يقول و يقول و لايرجع الي خير ابداً و مجالسة الموتي فقيل له يا رسول الله و ما الموتي قال كل غني مترف انتهي. و الحال ان ترك ذكر الله مثلاً ايضاً يميت القلب و حب الدنيا ايضاً يميت القلب و الاربعة المذكورة في الحديث الاول تميت القلب و امثال ذلك ولكن الوجه في التخصيص امثال ما ذكرت و عنه9 ثلثة لايدخلون الجنة مدمن الخمر و مدمن سحر و قاطع رحم.  و الحال ان الذين لايدخلون الجنة لاتحصي اصنافهم و الوجه في ذلك و امثاله ماذكرت و الحجة اجل من ان‌يخص بالذكر و الحصر ما لم‌يكن مخصص حاصر اتجوز لنفسك ان‌تقول اربعة من اهل المسجد يصلون فان سألت عن الخامس تقول هو ايضاً يصلي و عن السادس فتقول هو ايضاً يصلي و هكذا الي الف الف مرة فان لم‌ترض لنفسك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 96 *»

بهذا كيف ترضاه للحجج فكل هذه الحصور حصور حقيقية بلاشك و لايعارضها اذا ورد غيرها ايضاً و حكم فيها بصفتها و لاينافي غير مفهوم عدد الحصر فلاينافي الحديث السابق ما روي عن ابي‌عبدالله7 ثلثة لايدخلون الجنة‌السفاك للدم و شارب الخمر و مشاء بالنميمة فلعل الاول مماشاع بين المستمعين عن النبي9 مثلاً و الثاني مماشاع في المستمعين عن ابي‌عبدالله7 و الحكمة من الامام و البلاغة منه و الحصر مع وجود غير خارج دليل علي ان المحصور من جنس او نوع او صنف او قبيل لايشاركه غيره و الا لادخله فيه بتة فاذا فهمت ذلك و تيقنت و فزت بما هنالك فاعلم ان الاخبار الحاصرة في الخمسة او السبعة او التسعة او ازيد من هذا القبيل فلعلها من اكبر الكباير او اكثرها شيوعاً و وقوعاً او اقربها بطبيعة الناس او اسرعها اهلاكاً او اشدها ضرراً في الدنيا او الآخرة او فيهما معاً و امثال ذلك ممايوجب الحصر و لاينافي اذا اثبت الكبر ايضاً لغير ما حصر فيها و اليه يؤمي ان اكبر الكباير فلان و فلان في بعض الاخبار كمامر فبما ذكرنا يرفع التنافي بين جميع الاخبار بل غير ما ذكر في الاخبار كباير لاتحصي لم‌ينص الشارع علي كونها اكتفاء باطلاق انها ما اوعد الله عليه النار و بعد القاء الاصل لايجب ذكر كل فرع و اما الاخبار المتفرقة غير الحاصرة فهي ايضاً غير معارضة بما ذكر بل نص علي بعض افراد الكبيرة نصوا عليها عند الحاجة فتبين و ظهر انه ليس في اخبار الباب اختلاف قطعاً و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً و ان لم‌نعرف وجه كل حصر حصر فان هذا اليقين من الفقيه يكفيه في رفع التنافي لانه يتمكن من العمل بالجميع و يعلم ان الكل حق يجب العمل به و الاعتقاد فتدبر تجده كماقلت و الحمدلله.

فصل

ان لي كلاماً آخر في معني الكباير يجتمع عليه الاخبار المشهورة بين العلماء الاخيار الا انه بعيد عن الفهم و الاعتبار اعلم ان للانسان ثلث مراتب طبيعة دنياوية مؤلفة من اخلاطها و روحانية‌ برزخية و نفسانية اخروية و لكل منها آثار و اعمال صالحة او طالحة فله ثلثة امكنة للزرع و ثلثة اوقات للحصاد فما زرعه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 97 *»

في الدنيا فوقت حصاده في الدنيا و ما زرعه في البرزخ فوقت حصاده في البرزخ و ما زرعه في الآخرة فوقت حصاده في الآخرة و قد نعبر عنها بالادوات الجسمانية و الحواس الصدرية و القلب و لكل منها علامات في الاعمال و الآثار.

فماصدر عن الانسان عن محبة او بغض ساكن القلب ثلج الفؤاد مسروراً بما اتي مستأنساً من غير اكتراث يحب ذلك العمل و من مدحه عليه و يبغض تركه و من ذمه عليه يسر بالترغيب و يحزن بالترهيب و التحذير فذلك العمل صادر عن قلبه و قد زرعه في مزرع القلب و النفس و وقت حصاده الآخرة و لربما لايحصد اذا تحول عنه و بدل حسناً بعد سوء و تاب و رجع قبل ان‌يخرج من دار العمل و لربما يأكل منه في البرزخ ايضاً اذا اشرق علي حواسه و في الدنيا اذا اشرق علي ادواته و لم‌يكن مانع من الاكل اقوي و لربما لايأكل حتي يحصد فمعني الدنيا مزرعة الاخرة انك تزرع في النفس حال توجهها الي الدنيا و حيوتها فيها و ركونها اليها لآخرتك.

و ما صدر عن حواسك البرزخية الصدرية فعلامته انك تتفكر فيه و تتخيله و تتروي فيه البتة ولكن لست تحبه بقلبك و لاتسكن اليه و انت متبلبل البال كلما توجهت مضطرب تلوم نفسك و تسخط عليها و تتأذي و تنقبض عن فعلها ولكن يدعوك الي ذلك الفعل غضب او شهوة اللذان هما من صفات الحيوانية و فروعهما فانت تذم نفسك عليه و تصدق من انكر عليك نادم علي ما فرطت البتة عالم ان الله سبحانه ان عذبك فبعدله و استحقاقك و ان عفا عنك فبفضله ولكن حين غلبة الغضب عليك او الشهوة‌ربما لاتلتفت الي سوء عملك ولكن بعد العمل و لو بعد حين تلتفت و تكون كما بينا و مع‌ذلك لست في اثناء العمل كالاول شقياً عصياً مبادراً صعباً حاساً بمحبة و رغبة غير متذكر ان ذكرت عدواً لمن انكر عليك ولكن غضب استولي و شهوة غلبت فاعمتك و اصمتك حتي وقعت فيما وقعت نعوذبالله فهذا النوع يزرع في البرزخ و يحصد في البرزخ و لربما لايحصد لاجل ما يشرق عليه من حسن قلبه و نفسه فيدفع عنه آفاته و يحرق ما زرعه فيه و لايتركه الي الحصاد و لربما يأكل الانسان منه في الدنيا ايضاً اذا اشرق علي ادواته الجسمانية

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 98 *»

ان لم‌يكن مانع منه و لربما لايأكل لوجود لمانع.

و ما صدر عنك عن طبيعتك الجسمانية و ادواتك الظاهرة‌ فعلاماته عدم وجود العلامات القلبية كمامر في البرزخي و عدم وجود العلامات البرزخية ولكنه يعمله من غير تر و بحرارة غالبة او برودة او رطوبة او يبوسة طبيعية و جاذبة و هاضمة و دافعة و ماسكة و مربية و مقتضياتها و بما تتقوي هذه الطبايع من مجالسة الاشرار و مرافقة الفجار و تنجذب اليها فيتكلم غفلة عن مقتضاه و اثره بما لايليق او يفعل ما لاينبغي و لو خلي و طبعه ليس في نفسه له داع و باعث و لايفعله و لاينطق به ابداً و لايؤسسه تأسيساً و ربما يدوم فيه هذا التطبع اياماً و ربما يكون فيه طبيعة من نفسها غالبة ولكن هو شانئ لها دائماً كلما يتذكر و يتوجه بل في اغلب الاوقات بل حين العمل و لايغطي ذلك الطبع حواسه الباطنة و عقله مطلقاً او الا قليلاً و يتذكر بسرعة و يلوم نفسه بسرعة و يعتذر عنه ابداً فغالب تروكه عن الكسل و الملالة و الضجر و غالب افعاله عن النشاط و الاشر و البطر و الفرح و مقتضي الطبع و هو متذكر غالباً بحسن مايفعله او يتركه او قبحهما و لربما يشبه عليه الشيطان و يزين له سوء عمله و يلبسه لباس الحسن فيفعله و الا لم‌يفعله لسلامة فكره و عقله ثم بعد سكون فورة الطبيعة التي هي مركب شيطانه يتنبه بقبحه و يعتذر و يسخط علي نفسه و لربما يجاهد نفسه علي تركه و لايقدر علي تركه لقهر الطبيعة اياه و غلبتها علي فكره و عقله من غير ابطال لهما و هذا النوع من الزرع في الدنيا و حصاده في الدنيا و لربما اشرق عليه حسن قلبه و سلامته و حسن خياله و فكره فاحرقه قبل الحصاد فلم‌يصبه آفة و غالب معاصي الفرقة الناجية من القسمين الاخيرين و قل فيهم من يصدر عنه القسم الاول و لو صدر عن بعض آحادهم قل من يتركه الي وقت الحصاد و لم‌يحرقه فان اعظم الحسن و اصله عندهم و هو حب علي بن ابيطالب صلوات الله عليه و آله و حب ابنائه الطاهرين و اوليائهم المنتجبين و حب خصالهم و صفاتهم و فضائلهم و اعتقاد وجوب طاعتهم و بغض اعدائهم و خصالهم و صفاتهم و مثالبهم و اعتقاد وجوب الاجتناب عن اعمالهم و خصالهم و ذلك يحرق مازرعوه في قلوبهم و لو بعد حين بل و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 99 *»

ربما يشرق ذلك علي صدورهم فيحرق ما زرعوه فيها و علي ظواهرهم فيحرق ما زرعوه فيها ايضاً و هذا معني حب علي حسنة لاتضر معها سيئة و بغضه سيئة لاتنفع معها حسنة و القدسي آليت علي نفسي ان ادخل الجنة من اطاع علياً و ان عصاني و ان ادخل النار من عصي علياً و ان اطاعني. فاذا كان الرجل من محبيهم حقيقة قل ما يصدر عنه المعاصي القلبية لحفظ قلوبهم بحبهم و لو صدرت عنهم بلطخ او خلط سيذكرون يوماً ما و يتوبون قبل ان‌يخرجوا من الدنيا و لو لم‌يتوبوا يشتد عليهم سكرات الموت حتي يزول اللطخ و يتذكروا و يخلصوا فان لم‌يزل فيعذبون نعوذبالله في البرزخ حتي يخلصوا فان لم‌يزل يعذبون في عرصات القيمة حتي يخلصوا فان خلصوا و الا فيعذبون في ضحضاح جهنم حتي يخلصوا و يطهروا من اقذار الذنوب فيليقوا بمجاورة الطيبين و معانقة الحور العين و لايعذبون بالنار الاصلية لان ذواتهم طيبة و اقذارهم عرضية و بذلك يشهد آثار الائمة الاطهار عليهم صلوات الله في آناء‌الليل و اطراف النهار و اتبرك بذكر بعضها و الا فهي اكثر من ان‌يحصيها العادون.

ففي العوالم عن النبي9 يا علي ان جبرئيل اخبرني فيك بامر قرت به عيني و فرح به قلبي قال لي يا محمد ان الله تعالي قال لي اقرأ محمدا9 مني السلام و اعلمه ان علياً امام الهدي و مصباح الدجي و الحجة علي اهل الدنيا فانه الصديق الاكبر و الفاروق الاعظم و اني آليت بعزتي ان لاادخل النار احداً تولاه و سلم له و للاوصياء من بعده و لاادخل الجنة من ترك ولايته و التسليم له و للاوصياء من بعده و حق القول لاملان جهنم و اطباقها من اعدائه و لاملأن الجنة من اوليائه و شيعته. و عنه9 يا علي ان الله قد غفر لك و لاهلك و لشيعتك و محبي شيعتك و محبي محبي شيعتك فانك الانزع البطين منزوع من الشرك بطين من العلم انتهي. و علامة صدق هذه المحبة ولاية اوليائهم و بغض اعدائهم كماروي عن المجالس و الامالي عن حبيش عن اميرالمؤمنين7 في حديث من سره ان‌يعلم امحب لنا ام مبغض فليمتحن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 100 *»

قلبه فان كان يحب ولياً لنا فليس بمبغض لنا و ان كان يبغض ولياً لنا فليس بمحب لنا ان الله تعالي اخذ الميثاق لمحبينا بمودتنا و كتب في الذكر اسم مبغضنا(مبغضينا ظ) نحن النجباء و افراطنا افراط الانبياء و عن المشارق عن حذيفة بن اليمان قال رأيت رسول‌الله9 آخذاً بيده الحسن بن علي8 و هو يقول ايها الناس هذا ابن علي فاعرفوه فو الذي نفس محمد بيده انه لفي الجنة و محبوه في الجنة و محبوا محبه في الجنة. و عن كنز الكراجكي عن النبي9 في حديث طويل ان الله يقول لفاطمة يوم القيمة يا فاطمة و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني لقد آليت علي نفسي من قبل ان اخلق السموات و الارض بالفي عام ان لااعذب محبيك و محبي عترتك بالنار. و عن كنز الكراجكي بسنده عن زيد بن يونس الشحام قال قلت لابي‌الحسن موسي7 الرجل من مواليكم عاص يشرب الخمر و يرتكب الموبق من الذنب نتبرؤ منه فقال تبرأوا من فعله و لاتبرأوا من خيره و ابغضوا عمله فقلت يسع لنا ان‌نقول فاسق فاجر فقال لا الفاسق الفاجر الكافر الجاحد لنا و لاوليائنا ابي الله ان‌يكون ولينا فاسقاً فاجراً و ان عمل ما عمل ولكنكم قولوا فاسق العمل فاجر العمل مؤمن النفس خبيث الفعل طيب الروح و البدن لا والله لايخرج ولينا من الدنيا الا والله و رسوله و نحن عنه راضون يحشره الله علي ما فيه من الذنوب مبيضاً وجهه مستورةً عورته آمنةً روعته لاخوف عليه و لاحزن و ذلك انه لايخرج من الدنيا حتي يصفي من الذنوب اما بمصيبة في مال او نفس او ولد او مرض و ادني ما يصنع بولينا ان‌يريه الله رؤية مهولة فيصبح (ظ) حزيناً لمارآه فيكون ذلك كفارة له او خوفاً يرد عليه من اهل دولة الباطل او يشدد عليه عند الموت فيلقي الله عزوجل طاهراً من الذنوب آمنة روعته بمحمد و اميرالمؤمنين8 فعندها تصيبه رحمة‌الله الواسعة التي كان احق بها و اهلها و له احسانها و فضلها انتهي. و ما عسي ان اكتب في فضايل من قال في حقه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 101 *»

النبي9 من صافح محباً لعلي غفر الله له الذنوب و ادخله الجنة بغير حساب و عن المناقب باسناده عن ابي‌الصلت الهروي قال سمعت الرضا7 يحدث عن آبائه: عن اميرالمؤمنين7 قال سمعت رسول‌الله9 يقول سمعت الله جل جلاله يقول علي بن ابيطالب حجتي علي خلقي و نوري في بلادي و اميني علي علمي لاادخل النار من عرفه و ان عصاني و لاادخل الجنة من انكره و ان اطاعني و عن فضائل الشيعة باسناده عن ابي‌عبدالله7 قال ان الرجل ليحبكم و مايدري ما تقولون فيدخله الله الجنة و ان الرجل ليبغضكم و مايدري ماتقولون فيدخله الله النار. و في تفسير الامام عن رسول‌الله9 ان ولاية علي حسنة لايضر معها شيء من السيئات و ان جلت الا ما يصيب اهلها من التطهير منها بمحن الدنيا و ببعض العذاب في الآخرة الي ان‌ينجو منها بشفاعة مواليه الطيبين الطاهرين و ان ولاية اضداد علي و مخالفة علي سيئة لاينفع معها شيء الا ماينفعهم بطاعتهم في الدنيا بالنعم و الصحة و السعة فيردوا الآخرة و لايكون لهم الا دائم العذاب ثم قال ان جاحد ولاية علي لايري الجنة بعينه ابداً الا ما يراه ممايعرف به انه لو كان يواليه لكان ذلك محله و مأواه و منزله فيزداد حسرات و ندامات و ان من توالي علياً وبرئ من اعدائه و سلم لاوليائه لايري النار بعينه ابداً الا مايراه فيقال له لو كنت علي غير هذا لكان ذلك مأواك الا مايباشره منها ان كان مسرفاً علي نفسه بمادون الكفر الي ان‌ينظف بجهنم كماينظف القذر قذر بدنه بالحمام الحامي ثم ينقل عنها بشفاعة مواليه ثم قال رسول‌الله9 اتقوا الله معاشر الشيعة فان الجنة لن‌تفوتكم و ان ابطأت عنكم قبايح اعمالكم فتنافسوا في درجاتها قيل فهل يدخل جهنم احد من محبيك و محبي علي7 قال من قذر نفسه بمخالفة محمد و علي و واقع المحرمات و ظلم المؤمنين و المؤمنات و خالف ما رسم من الشريعات جاء يوم القيمة قذراً طفساً يقول محمد و علي يا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 102 *»

فلان انت قذر طفس لاتصلح لمرافقة مواليك الاخيار و لا لمعانقة الحور الحسان و لالملئكة الله المقربين و لاتصل الي ما هناك الا بان‌يطهر عنك ماهيهنا يعني ما عليك من الذنوب فيدخل الي الطبق الاعلي من جهنم فيعذب ببعض ذنوبه و منهم من يصيبه الشدايد في المحشر ببعض ذنوبه ثم يلقطه من هنا و من هنا من يبعثهم اليه مواليهم من خيار شيعتهم كمايلقط الطير الحب و منهم من يكون ذنوبه اقل و اخف فيطهر منها بالشدايد و النوايب من السلاطين و غيرهم و من الآفات في الابدان في الدنيا ليدلي في قبره و هو طاهر و منهم من يقرب موته و قد بقيت عليه فيشتد نزعه و يكفر به عنه فان بقي شيء و قويت عليه و يكون له بطن او اضطراب في يوم موته فتفل من يحضره فيلحقه به من الذل فيكفر عنه فان بقي شيء اتي به و لمايلحد و يوضع فيه فيتفرقون عنه فيطهر فان كانت ذنوبه اكثر و اعظم طهر منها بشدايد عرصات القيمة فان كانت اكثر و اعظم منها طهر منها في الطبق الاعلي من جهنم و هؤلاء اشد محبينا عذاباً و اعظمهم ذنوباً ليس هؤلاء يسمون بشيعتنا ولكنهم يسمون بمحبينا و الموالين لاوليائنا و المعادين لاعدائنا ان شيعتنا من شيعنا و اتبع آثارنا و اقتدي باعمالنا انتهي. ذكرته بطوله لكثرة محصوله. فتبين و ظهر ان المعاصي منها ما يجازي في الدنيا و هي ما ذكرنا انها ما يصدر من طبع البدن او تطبعه و هو بقلبه و صدره مشمئز منه شانئ له ساخط علي نفسه نادم عليه و منها ما يجازي في القبر و البرزخ و هو ما صدر عنه بصدره و خياله و شهوته و غضبه و هو كلما يلتفت و ينجلي عنه سحائب الشهوة و الغضب يلوم نفسه و يستغفر و يتوب و يسخط علي نفسه و يخجل من ربه و منها ما يجازي في الآخرة و هو ما صنعه بقلبه عن حبه راضياً به محباً لمن يشاركه فيه و يأمره به مبغضاً لمن يخالفه و ينهاه ولكنه من اصل الطينة طيب و ليس من طينة النار يحب محمداً و اهل‌بيته: و يحب مواليهم و يعادي معاديهم و يتدين بدينهم فانه لو لم‌يكن كذلك كان من النار و الي النار و لايعد عاصياً بل كافراً مشركاً بالله العظيم فالمعاصي التي اوعد الله عليها النار هي المعاصي القلبية الصادرة عن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 103 *»

محبة القلب اذ هي التي اوجب الله عليها نار جهنم و تؤدي صاحبها الي نار جهنم و جميع المحرمات يمكن ان‌يصدر من القلب فيكون كبيرة و يمكن ان‌يصدر من الصدر و الظاهر فيكون صغيرة فان صدر عن القلب استحق به النار البتة فان كان له ما يخرجه منها و الا خلد فيها بمقتضي تلك المعاصي فان عذاب الآخرة ثمرة المعاصي القلبية و قد ذكر ان الشيعة و الموالين قل فيهم من يصدر عنهم امثال هذه المعاصي جداً و ان صدر عنهم نادراً يتذكرون و لو بعد حين و يتوبون و لو قبل ان‌يخرج نفسهم من حلقومهم و ان بقي احياناً و لم‌يتذكروا يطهرون منه في البرزخ او في الرجعة او في عرصات القيمة و قل قليلاً منهم من يعذب في ضحضاح جهنم فقد روي ان المؤمن لو كان عليه من الذنوب مثل ذنوب الانس و الجن لكان الموت كفارة له و لاجل ذلك روي عن الصادق7 والله مااخاف عليكم الا البرزخ فاما اذا صار الامر الينا فنحن اولي بكم و قال7 بعد ما قيل له نحن شر الناس عند الناس لانهم سمونا كفاراً و رافضة قال كيف بكم اذا سيق بكم الي الجنة و سيق بهم الي النار فينظرون اليكم فيقولون ما لنا لانري رجالاً كنا نعدهم من الاشرار يا فلان ان من اساء منكم اساءة مشينا الي الله تعالي يوم القيمة باقدامنا فنشفع فيه و نشفع والله لايدخل النار منكم عشرة ‌رجال والله لايدخل خمسة رجال والله لايدخل النار منكم ثلثة رجال والله لايدخل النار منكم رجل واحد الخبر.

و روي من توالي علياً و تبرأ من اعدائه و احل حلاله و حرم حرامه ثم دخل في الذنوب و لم‌يتب في الدنيا عذب عليها في البرزخ و يخرج يوم القيمة و ليس له ذنب يسأل عنه يوم القيمة و روي والله لايري منكم في النار اثنان لاوالله و لاواحد انتهي. بالجملة ان ما فيهم من حب محمد و آل‌محمد: يدعوهم الي التذكر و التوبة متي ماكان و يمنعهم عن المعاصي القلبية تسليم قلوبهم لمحمد و آل‌محمد و حبهم مايحبونه من ذوات و صفات و بغضهم ما يبغضونه من ذوات و صفات فالشيعي لايعصي بقلبه غالباً الا ان‌يعصي احياناً بلطخ او خلط فيعود ذلك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 104 *»

العصيان الي اصل اللطخ و يتذكر هو لامحالة و يتوب او يكفر عنه بصلوته و صيامه و ساير بره او بغلبة حبه و ان لم‌يتب فان الحسنات يذهبن السيئات اللهم الا ان‌يكون حبه ضعيفاً لاينشط الا في القيمة او بعد العذاب في الضحضاح.

فالحاصل مما ذكرنا ان الكباير هي ما اوعد الله عليه النار في القيمة و هي كل ذنب اذنبه الانسان نعوذبالله بقلبه عن حبه اياه اياً ماكان و كل ما اذنبه الانسان بصدره او طبيعته الظاهرة فهي صغيرة بالنسبة اليها و لايستحق الانسان بماجعل الله نار جهنم و لايعذب فيها بمن الله و فضله و جوده و كرمه فهي صغيرة فتبين ان الكبيرة هي ما اوعد الله عليه النار و ما اوعد الله عليه النار هي ما فعل بالقلب اي منهي كان فكل المعاصي يمكن ان‌يصير كبيرة علي ما شرحنا و بينا من فضل علوم آل‌محمد: و شيعتهم فلرب رجل كل ما يصدر منه كبيرة اذا عرف تهاونه بالدين و استخفافه بالمؤمنين و حبه للفاسقين و انزواؤه عن الناهين فكل ما يفعله مثل ذلك الرجل كبيرة البتة و لرب رجل كل ما يصدر منه نعوذبالله صغيرة اذا عرف تزلزله عند صدور المعاصي و سخطه علي نفسه و ندمه عليها و تداركه لها دائماً و انابته و استغفاره و توبته و تحفظه عنها مهما امكن فكل مايفعله مثل ذلك الرجل صغيرة و لذلك روي في ميزان العدالة ان يكون ساتراً لجميع عيوبه حتي يحرم علي المسلمين ماوراء ذلك من عثراته و عيوبه و تفتيش ماوراء ذلك و يجب عليهم تزكيته و اظهار عدالته في الناس و يكون منه التعاهد للصلوات الخمس الخبر. فاهل الكباير غالباً من ساير الموحدين المستضعفين من العامة المجازين باعمالهم او المنافقين المستترين بالتشيع و هم اكثر كثير اليوم بين الشيعة و اما الشيعي حقاً فليس من اصحاب الكباير الراسخة بالذات اللهم الا ان‌يوجد آحاد اصابهم لطخ ذاتي فيصدر عنهم و اغلب الشيعة لطخهم طبيعي او برزخي و سيزول عنهم فالذين تريهم يجترؤن علي الكباير بنواجذ كاشرة و قلوب ساكنة‌ بحيث اذا قيل لهم اتقوا الله اخذتهم العزة بالاثم و يحبون من يأمرهم بالسوء و يبغضون من ينهاهم عنه فليسوا من الشيعة ‌ابداً ولكن حكم الظاهر ادخلهم فيهم الي ان‌يملأ الله الارض

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 105 *»

قسطاً و عدلاً و صاحب اللطخ الذاتي اذا تناول كبيرة‌ نعوذ بالله ليس بهذه المثابة و هذا العتو و ليس يعادي الاولياء بنهيهم و ليس يوالي الاعادي بامرهم و تزيينهم و يلحقهم الشفاعة و الشفاعة لهم ان‌شاء‌الله فبفضل الله و برحمته فليفرحوا هو خير ممايجمعون فلو تتبعت الاخبار تجد ما ذكرت بلاغبار هذا بيان حقيقي حكمي باللسان الظاهر في بيان معني الكباير و الصغاير موافقاً للكتاب و السنة ‌علي ما عرفت و علي ما ذكرت يجتمع الآثار و الاخبار و كلام الملك الجبار و صلي الله علي محمد و اله الاطهار ما اختلف الليل و النهار و لايلزم من ذلك عدالة جميع الشيعة لوجود المتشيعين في الواقع المحسوبين في الشيعة ظاهراً و وجود اصحاب اللطخ العاصين برهة من الزمان الذين يتوبون بعد حين فلاجل ذلك لايمكن الحكم بعدالة كل من دخل في اظهار التشيع او تولد فيهم و نشأ و انما الذي ذكرنا هو حكم واقعي للامر فالذي يرتكب المعاصي بلااكتراث هو فاسق العمل خبيث الفعل لايحسب في زمرة العدول الا ان‌يري منه حالة نفسانية يتوقي بها عن المحرمات و يتحفظ علي الفرائض و يكون ساتراً لجميع عيوبه يعاشر الناس بالمعروف بحيث اذا سئل خلطاؤه يقولون لم‌نر منه الا خيراً و يرضونه و اذا عاملهم لم‌يظلمهم و اذا حدثهم لم‌يكذبهم و اذا وعدهم لم‌يخلفهم الا نادراً و يكون مبالياً بالدين معتنياً به مقتفياً اثر العلماء سائلاً عن حلاله و حرامه عاملاً بمقتضاهما او عالماً بهما مستخرجاً لهما عن الكتاب و السنة غير مخادع للمؤمنين غير غاش لهم معظماً لشعاير الله حافظاً لحدود الله محصلاً لعلم ما يجب له من اصول الدين و فروعه مراقباً لاوقات شرايع الله عاملاً بهما مكترثاً بفوتها عنه متداركاً لمافات مراعياً لما هو آت فان كان كذلك فهو عادل ثقة ‌يقبل شهادته علي المسلمين و لهم و يقتدي به و لايفتش عماوراء ذلك و حسابه في باطنه علي الله سبحانه و الغالب ان من كان كذلك حسن الظاهر كان حسن الباطن فان الله عزوجل لايصلح علانية احد ما لم‌يصلح سريرته و من كان سيئ الباطن منافقاً يخزيه الله سبحانه عند المؤمنين،

ثوب الرياء يشف عما تحته   و ان التحفت به فانك عاري

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 106 *»

و جماع القول الاعتناء بالدين و الحلال و الحرام و مراعات حرمتها و التسليم لآل‌محمد: فيما صدر عنهم و ليس ان مثل هذا الرجل لايصدر عنه سيئة قط فان المعصوم من عصمه الله ولكن المؤمن العادل متدارك لزلاته مكترث بها و تلك حالة‌ تعرف بمعاشرة قليلة و معاملات جزئية او سفر او ملازمة ايام و ليست تخفي من احد علي ذي‌مسكة فان الحسن و القبح ممتازان و حسن الظاهر لايخفي علي ذي‌عين وفقنا الله و اياكم لاتباع مرضاته و اجتناب مساخطه بحق سيدي و مولاي صاحب العصر و الزمان و بقية الله الرحمن عجل الله فرجه و فرجنا به.

فصل

ان درجات المعاصي لاتحصي و بعضها قريب بعض و مراتبها كمراتب نور السراج متصلة مرتبطة و ليست ممتازة حتي يقسم افرادها بكبيرة و صغيرة كالنظر بشهوة الي غير محرم و التأمل فيه و مسه و قبلته و ملاعبته و ضمه به و الاضطجاع به و تماس عورته و الاصطكاك و الزنا ثم الزنا بالابعد ثم الاقرب فالاقرب الي الام مثلاً نعوذبالله ثم في الاوقات المحترمة ثم في الاماكن المحترمة و هكذا فانها متدرجة تدرجاً لاتكاد تضبط فكيف يمكن ان‌يقال بعضها كباير خاصة و بعضها صغاير خاصة و ان قيل كل معصية ‌صغيرة بالنسبة الي ما فوقه كبيرة بالنسبة الي مادونه فهو و ان كان كذلك يعني ان العالي اكبر ممادونه اصغر ممافوقه لكن لايكون بمعني الكبيرة التي اوعد الله عليها النار و الصغيرة المغفورة فان نتيجة هذا القول اما مغفرة الذنوب كلها فان فوق كل ذنب مفعول ذنب متروك او من هم بالقتل فاكتفي بقطع الطرف و اجتنب القتل يجب ان‌يكون مغفوراً و هو من البطلان بمحل نعم بين الذنبين المتباعدين تفاوت محسوس ولكن ليس يغني في معرفة الكباير و الصغاير من طريق مشوا فيها مثلاً الذنوب الواقعة بالنسبة الي المعصومين كانكار فضايلهم او عقوقهم او الرد عليهم او اذيتهم او الكذب عليهم و امثال ذلك يكون في افراد المعاصي اعظمها و اكبرها البتة كمامر في رواية معاذ بن كثير سابقاً فراجع فلايعادل هذه المعاصي معصية فهي اكبر افراد الكباير

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 107 *»

ثم الذنوب الواقعة بالنسبة الي الشيعة العلماء العاملين الازكياء المتقين كاذيتهم و الوقيعة فيهم و التهمة‌ لهم و الافتراء عليهم و اغتيابهم و عقوقهم و الرد عليهم و جحود حقهم و تكذيبهم بعد ذلك اكبر من جميع انواع المعاصي البتة ثم الذنوب الواقعة بالنسبة الي الصالحين و العادلين المتقين اكبر ممادونها البتة ثم الذنوب الواقعة بالنسبة الي عرض الموالين كمامر اكبر ممادونها البتة ثم الذنوب الواقعة الي الموحدين من اهل القبلة المستضعفين غير الناصبين اكبر ممادونها البتة و علي ذلك تتدرج درجات افراد المعاصي بل في كل رتبة لها درجات بالنسبة اذا قيس الوقيعة في دينهم بالوقيعة في عرضهم و قيست هي بالوقيعة في دنياهم و اموالهم و مايضاف اليهم و هكذا فليس لها درجات مضبوطة الا علي نحو ما ذكرنا و هي ليست منحصرة بكبيرة و صغيرة بل هي اكبر فاكبر الي ما لانهاية فلعل بملاحظة‌ ما ذكرنا ذهب الطبرسي الي ما ذهب و ان لم‌ينقحه كماشرحنا و بينا بالجملة بملاحظة ما ذكرنا اختلفت الاخبار فمرة عبروا باكبر الكباير و هي نص بان هناك كبيراً و اكبر و مرة قالوا الكباير سبع فينا انزلت و منا استحلت اشعاراً بان الكباير التي ليس اعظم منها انزلت في معاملتنا بما نهي الله و مرة صرحوا بالزيادة و بالنقيصة كماعرفت فهي بملاحظات اشرنا الي نوعها و لااظنك تشك بعد ما اطلعت علي ما ذكرت و امعنت النظر في آي الكتاب و آثار الاطياب عليهم صلوات الله الوهاب فيما ذكرت لك بتسديد حجة‌ الله صلوات الله عليه و لايخفي عليك ان علماءنا رضوان الله عليهم لم‌يعضوا علي هذه المسألة بضرس قاطع و لم‌يأتوا فيه بشيء بين و لم‌يذهبوا الي ما ذهبوا بحجة واضحة و اكتفي الحجة7 فيهم بالقول بانها ما اوعد الله عليه النار و هو حق لاشك فيه لكن لم‌يتضح لهم حق تفصيل المسألة فالحمدلله علي ما من علينا ببركة سيدي بقية الله صلوات الله عليه بفهمها و فض لنا ختامها و كشف لنا لثامها فالحمدلله اولاً و آخراً و ظاهراً و باطناً و صلي الله علي ساداتي محمد و آل‌محمد و لعن اعداءهم من الجن و الانس و ثبتنا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الآخرة.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 108 *»

و قد فرغ مصنفها من تصنيفها و رسمها ليلة الاحد الثالث عشر من شهر صفر المظفر من شهور سنة احدي و سبعين بعد المأتين و الالف.