21-04 مکارم الابرار المجلد الحادی والعشرون ـ رسالة في عدة شهر رمضان ـ مقابله

رسالة في عدة شهر رمضان

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 367 *»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطاهرين.

و بعــد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم اني لمارأيت اختلاف اصحابنا الامامية رضوان الله عليهم في عدة شهر رمضان و تمسك كل واحد منهم بخبر و طرحه اخباراً اخر و تزييفه لها و قدحه فيها بما لاينبغي من مثلهم بالنسبة الي اخبار اهل‌البيت سلام الله عليهم حداني ذلك الي كشف المراد من تلك الآثار و دفع ذلك القدح عن تلك الاخبار و ما ذلك الا ابتغاء وجه الله الرحيم الغفار و صلي الله علي محمد و آله الميامين الاطهار.

اعلم انه اختلف اصحابنا الامامية في عدة شهر رمضان فالمشهور منهم ذهبوا الي انه شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان و قال ابن‌طاوس في الاقبال اعلم انه اختلف اصحابنا في شهر رمضان يمكن ان‌يكون تسعة و عشرين يوماً علي اليقين او انه ثلثون لاينقص ابدا الآبدين فانهم كانوا قبل الآن مختلفين و اما الآن فلم‌اجد ممن شاهدته او سمعت به في زماننا الي آخر كلامه. و قال ايضاً في تعداد القائلين بالعدد فمن ذلك ما حكاه شيخنا المفيد في لمح البرهان فقال عقيب الطعن علي من ادعي حدوث هذا القول و قلة القائلين به ما هذا لفظه مما يدل علي كذبه و عظم بهته ان فقهاء عصرنا هذا و هو سنة ثلث و ستين و ثلث‌مأة و رواته و فضلاءه و ان كانوا اقل عدداً منهم في كل عصر مجمعون و متدينون و مفتون بصحته و داعون الي صوابه كسيدنا و شيخنا الشريف الزكي ابي‌محمد الحسيني ادام الله عزه و شيخنا الفقيه ابي‌جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه و شيخنا ابي‌عبدالله الحسين بن علي بن الحسين ايدهما الله و شيخنا ابي‌محمد هرون بن موسي ايده الله انتهي. و نقل في الاقبال القول بذلك عن ابن قولويه و ذكر ان محمد بن احمد بن داود صنف كتاباً في الرد علي جعفر بن محمد بن قولويه في ذلك بعد ما الف

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 368 *»

ابن قولويه كتاباً فيه اي في ان شهر رمضان لاينقص و ان الشيخ المفيد الف كتاباً في الانتصار لابن بابويه ثم انه رجع عن ذلك و صنف كتاباً في انه يجوز ان‌يكون تسعة و عشرين يوماً و انه كغيره من الشهور في ذلك و كذلك الكراجكي كان يقول اولاً بقول ابن‌قولويه و الف فيه كتاباً ثم رجع عن ذلك و الف كتاباً في الرد عليه و نقل في الدروس القول بان شعبان لايتم ابداً و شهر رمضان لاينقص عن ابن ابي‌عقيل و قال الشيخ جواد في شرح الدروس نقل السيد تمامية شهر رمضان ابداً عن شذاذ من اصحابنا علي ما عرفت و الذي ذكره العلامة في المختلف عن ابن ابي‌عقيل انه يذهب الي عد تسعة و خمسين يوماً من هلال رجب ثم الصيام يوم الستين و قال ابن بابويه في الفقيه بعد ما روي اخبار تمامية شهر رمضان قال مصنف هذا الكتاب من خالف هذه الاخبار و ذهب الي الاخبار الموافقة للعامة في ضدها اتقي كمايتقي العامة و لايكلم الا بالتقية كائناً من كان الا ان‌يكون مسترشداً فيرشد و يبين له فان البدعة انما تماث و تبطل بترك ذكره و لاقوة الا بالله و قال في الخصال مذهب خواص الشيعة و اهل الاستبصار منهم في شهر رمضان انه لاينقص عن ثلثين يوماً ابداً و الاخبار في ذلك موافقة للكتاب و مخالفة للعامة فمن ذهب من ضعفة الشيعة الي الاخبار التي وردت للتقية في انه ينقص و يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان و التمام اتقي كمايتقي العامة و لايكلم الا بما تكلم العامة انتهي. و هذا القول هو الظاهر من صاحب المجمع ايضاً و هو الظاهر من لحن ابن‌طاوس; انه يذهب الي العدد الا انه اتقي كماذكره الصدوق; لانه بعد ما نقل قاعدة تعيين اول شهر رمضان و الوقفة قال فصنه الا عمن يستحق التعريف بمعناه و تلك القاعدة‌ علي حساب شهر تام و شهر ناقص و ربما يظهر ذلك ايضاً من السيد هاشم صاحب البرهان و عن المعتبر و لا بالعدد فان قوماً من الحشوية يزعمون ان شهور السنة قسمان: ثلثون يوماً و تسعة و عشرون يوماً فرمضان لاينقص ابداً و شعبان لايتم ابداً محتجين باخبار منسوبة الي اهل‌البيت: يصادمها عمل المسلمين في الاقطار بالرؤية و روايات صريحة لايتطرق اليها الاحتمال فلاضرورة الي ذكرها انتهي. و تنحل هذه المسألة

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 369 *»

الي مسائل:

الاول: انه هل يجوز النقص في شهر رمضان كما عليه مشهور العلماء الاعيان ام هو تام في جميع الازمان كما هو عليه طائفة من علمائنا ذوي العز و الشأن.

الثاني: هل مدار ساير الاشهر علي الرؤية فلايعلم دخول كل شهر الا بالرؤية كما هو المشهور او يكون شهر تاماً و شهر ناقصاً سواء رأي ام لم‌ير كمايظهر من قاعدة ذكرها ابن‌طاوس; و ينقل عن الحشوية.

الثالث: اذا لم‌نقل في سائر الاشهر بالعدد علي ما مر هل يجزي اخذ رجب تاماً و شعبان ناقصاً كمانقله شارح الدروس من المختلف عن الاسكافي ام‌ يجزي اخذ شعبان وحده ناقصاً و شهر رمضان تاماً كما عن الصدوق ام هو علي المشهور من كون المدار علي الرؤية سواء نقص الشهر ام تم.

الرابع: ان مع عدم امكان الرؤية و غمة الشهور هل يبني علي اخذ كل شهر ثلثين كما عليه جمع من الاصحاب ام يعمل حينئذ بالعدد كما هو المنقول عن جماعة منهم الطوسي; كمانقل في الاقبال و قال قال ابوجعفر الطوسي يجوز عندي ان‌يعمل علي هذه الرواية التي وردت بان‌يعد من السنة الماضية خمسة ايام و يصوم يوم الخامس لان من المعلوم انه لايكون الشهور كلها تامة انتهي. و ممن ذهب الي ذلك ابن الجنيد حيث نقل في الاقبال و قال قد ذكر ابن الجنيد في الجزء الاول من مختصر كتاب تهذيب الشيعة لاحكام الشريعة فقال في كتاب الصوم ما هذا لفظه و الحساب الذي يصام به يوم الخامس من اليوم الذي كان الصيام وقع في السنة الماضية يصح ان لم‌يكن السنة كبيسة فانه يكون من اليوم السادس و الكبيس يكون في كل ثلثين سنة احدعشر يوماً مرة في السنة الثالثة و مرة في السنة الثانية انتهي. و هذه العبارة باطلاقها يفيد جواز العمل بالعدد مطلقاً و قد اختاره العلامة «ره» في التذكرة و غيرها اذا غمت الاهلة كلها و في العوالم نقلاً عن الشهيد الثاني ما هذا لفظه و ذهب جماعة عند ذلك اي اذا غمت الشهور كلها الي الرجوع الي عد خمسة من هلال الماضية و صوم الخامس

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 370 *»

و لابأس به و هذا في غير السنة الكبيسة و فيها تعد ستة كذلك و من شرح اللمعة بعد ما ذكر ان العدد لاعبرة به، نعم اعتبره بالمعني الثاني جماعة منهم المصنف في الدروس مع غمة الشهور كلها مقيداً بعد ستة في الكبيسة و هو موافق للعادة و به روايات و لابأس به و ذهب اليه الشيخ جواد في شرح الدروس فهيهنا اربع مقامات:

المقام الاول

في انه هل يجوز النقص في شهر رمضان ام لا؟

قد عرفت ان مشهور علمائنا علي انه كساير الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان و ذهب الشيخ المفيد في احد قوليه و الشيخ الصدوق و الاسكافي و القاضي ظاهراً كما مر و الكراجكي في احد قوليه و ابن قولويه و الحسين بن علي بن الحسين و هرون بن موسي و ابومحمد الحسيني و غيرهم الي انه لايجوز عليه النقصان و قال الشيخ جواد في شرح الدروس و في النفس من النزاع في تمامية شهر رمضان ابداً شيء فانه ان كان المقصود انه اذا تحقق اول شهر رمضان ثم غم آخره اكمل العدة ثلثين فهذا لانزاع فيه و لاغبار عليه بل هو الذي يقتضيه الادلة و ان كان المقصود انه مع الصحو لايري الا ثلثين تاماً فهذا نزاع لاطائل تحته و لاثمرة فيه اذ المرجع فيه المشاهدة و الرؤية و ان كان المقصود انه اذا تحقق اول شعبان و غم آخره اعتبر شعبان ناقصاً و يصام رمضان ثلثين يوماً فهذا بعيد و الحق انه يعد شعبان ثلثين تاماً لاناقصاً و يصام للواحد و الثلثون و يحتمل ان‌يكون هذا محل الخلاف، اقول نعم هذا محل الخلاف و يحتمل ان‌يكون مراد بعضهم ان شهر رمضان لاينقص في الواقع و قد يغم هلاله لاجل العقوبة فان نقص الشهر علمنا انه قد غم منه يوم و يجب قضاؤه كمايأتي و كل من الفريقين قد تمسك باخبار فلنبدء اولاً بادلة المشهور نصفة للخصم و نبذل جهدنا في تحسين الكلام و تبيين المرام حتي لايظن الظان اني ظلمتهم في المقام بتضييع دليلهم حتي يسقط عند الانام.

اعلم انه قد وردت روايات كثيرة عن الصادقين عليهم صلوات المصلين في

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 371 *»

ان شهر رمضان كساير الشهور يصيبه ما يصيب الشهور و ان الصوم للرؤية و الفطر للرؤية فلنسرد الاخبار اولاً و نذيل كل واحد بوجه الدلالة.

الاول: ما رواه العاملي عن الكليني بسنده عن الحلبي عن ابي‌عبدالله7 قال انه سئل عن الاهلة فقال هي اهلة الشهور فاذا رأيت الهلال فصم و اذا رأيته فافطر. فهذا الخبر صريح الدلالة في ان الصوم بالرؤية و الفطر بالرؤية. سواء كان بين الرؤيتين تسعة و عشرون او كان ثلثون.

و الثاني: بسنده عن الطوسي بسنده عن محمد بن مسلم عن ابي‌جعفر7 قال اذا رأيتم الهلال فصوموا و اذا رأيتموه فافطروا و ليس بالرأي و لا بالتظني ولكن بالرؤية و هذا الخبر اصرح من سابقه و وجه الدلالة كما قدمنا.

و الثالث: عن الطوسي بسنده عن ابي‌العباس عن ابي‌عبدالله7 قال الصوم للرؤية و الفطر للرؤية الخبر. وجه الدلالة كمامر.

و الرابع: عنه بسنده عن محمد بن الفضيل عن ابي‌الحسن الرضا7 في حديث قال صوموا للرؤية و افطروا للرؤية.

و الخامس: عنه بسنده عن رفاعة عن ابي‌عبدالله7 قال صيام شهر رمضان بالرؤية و ليس بالظن.

و السادس: عنه بسنده عن منصور بن حازم عن ابي‌عبدالله7 قال صم لرؤية الهلال و افطر لرؤيته فان شهد عندك شاهدان مرضيان بانهما راياه فاقضه وجه الاستدلال ان الشهر اذا كان بحسب الرؤية تسعة و عشرين هو المكلف به و لايجب قضاء يوم الا بشاهدين مرضيين بمفهوم الشرط.

و السابع: عنه بسنده عن عبدالرحمن بن ابي‌عبدالله قال سألت اباعبدالله7 عن هلال شهر رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال لاتصم الا ان تراه فان شهد اهل بلد آخر فاقضه. وجه الاستدلال كسابقه.

و الثامن: عنه بسنده عن اسحق بن عمار عن ابي‌عبدالله7 انه قال في كتاب علي7 صم لرؤيته و افطر لرؤيته و اياك و الشك و الظن فان

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 372 *»

خفي عليكم فاتم الشهر الاول ثلثين.

و التاسع: عنه بسنده عن الفضل بن عثمان عن ابي‌عبدالله7 انه قال ليس علي اهل القبلة الا الرؤية و ليس علي المسلمين الا الرؤية. وجه الاستدلال انه باطلاقه يدل علي الهلال الاول و الهلال الآخر بل كل شهر و قد صرح انه ليس عليهم الا العمل بالرؤية سواء نقص الشهر او تم.

و العاشر: عنه باسناده عن هرون بن حمزة عن ابي‌عبدالله7 قال سمعته يقول اذا صمت لرؤية الهلال و افطرت لرؤيته فقد اكملت صيام شهر و ان لم‌تصم الا تسعة و عشرين يوماً فان رسول‌الله9 قال الشهر هكذا و هكذا و هكذا و اشار بيده الي عشرة و عشرة و تسعة.

و الحادي‌عشر: عنه باسناده عن ابي‌خالد الواسطي عن ابي‌جعفر7 عن ابيه عن علي8 في حديث الا و هذا الشهر المفروض رمضان فصوموا لرؤيته و افطروا لرؤيته فاذا خفي الشهر فاتموا العدة شعبان ثلثين يوماً و صوموا الواحد و الثلثين. وجه الاستدلال كسابقه.

و الثاني‌عشر: عنه باسناده عن ابي‌علي بن راشد عن ابي‌الحسن العسكري7 في حديث قال لاتصم الا للرؤية.

و الثالث‌عشر: عن الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا7 في حديث انه كتب الي المأمون صيام شهر رمضان فريضة يصام للرؤية و يفطر للرؤية.

و الرابع‌عشر: عن الطوسي باسناده عن محمد بن مسلم عن احدهما8 قال شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور فاذا صمت تسعة و عشرين يوماً ثم تغيمت السماء فاتم العدة ثلثين وجه الاستدلال انه نص لاريب يعتريه و لاشك فيه انه يجوز عليه النقصان و لايتم الا بالرؤية او باتمام العدة بسبب الغيم.

و الخامس‌عشر: عنه بسنده عن اسحق بن جرير عن ابي‌عبدالله7 قال ان رسول‌الله9 قال ان الشهر هكذا و هكذا و هكذا يلصق

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 373 *»

كفيه و يبسطهما ثم قال هكذا و هكذا و هكذا ثم يقبض اصبعاً واحدة في آخر بسط يديه و هي الابهام فقلت شهر رمضان تام ابداً ام شهر من الشهور؟ فقال هو شهر من الشهور ثم قال ان علياً صام عندكم تسعة و عشرين يوماً فاتوه فقالوا يا اميرالمؤمنين قد رأينا الهلال فقال افطروا.

و السادس‌عشر: عنه بسنده عن حماد بن عثمن عن ابي‌عبدالله7 انه قال في شهر رمضان هو شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان.

و السابع‌عشر: عنه بسنده عن زيد الشحام عن ابي‌عبدالله7 انه سئل عن الاهلة الي ان قال أرأيت ان كان الشهر تسعة و عشرين يوماً قضي ذلك اليوم فقال لا الا ان‌يشهد لك بينة عدول انهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم. وجه الاستدلال انه صرح اذا كان بين الهلالين تسعة و عشرون لايجب القضاء الا ان‌تقوم بينة علي الرؤية قبل ذلك.

و الثامن‌عشر: عنه بسنده عن رفاعة عن ابي‌عبدالله7 في حديث و يكون شهر رمضان تسعة و عشرين يوماً و يكون ثلثين و تصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان.

و التاسع‌عشر: عنه باسناده عن الفضيل عن ابي‌الحسن الرضا7 في حديث شهر رمضان شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان فصوموا للرؤية و افطروا للرؤية و لايعجبني ان‌يتقدمه احد بصيام يوم. وجه الاستدلال بهذه الاخبار ظاهر.

و العشرون: عنه باسناده عن الحلبي عن ابي‌عبدالله7 في حديث قال قلت أرأيت ان كان تسعة و عشرين يوماً اقضي ذلك اليوم فقال لا الا ان‌تشهد لك بينة عدول فان شهدوا انهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم. وجه الاستدلال كمامر.

و الواحد و العشرون: عنه باسناده عن عبيد بن زرارة عن ابي‌عبدالله قال شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة و النقصان فان تغيمت السماء يوماً

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 374 *»

فاتموا العدة.

و الثاني و العشرون: عنه باسناده عن محمد بن قيس عن ابي‌جعفر7 قال قال اميرالمؤمنين7 اذا رأيتم الهلال فافطروا او شهد عليه عدل من المسلمين الي ان قال و ان غم عليكم فعدوا ثلثين ليلة ثم افطروا.

و الثالث و العشرون: باسناده عن هشام بن الحكم عن ابي‌عبدالله7 انه قال في من صام تسعة و عشرين يوماً قال ان كانت له بينة عادلة علي اهل مصر انهم صاموا ثلثين علي رؤية قضي يوماً.

و الرابع و العشرون: عنه باسناده عن يونس بن يعقوب قال قلت لابي‌عبدالله7 اني صمت شهر رمضان علي رؤية تسعة و عشرين يوماً و ما قضيت قال فقال و انا قد صمته و ماقضيت ثم قال لي قال رسول‌الله9 الشهور شهر كذا و كذا و شهر كذا و كذا.

و الخامس و العشرون: عنه باسناده عن ابي‌خالد الواسطي عن ابي‌جعفر7 في حديث ان رسول‌الله9 قال اذا خفي الشهر فاتموا العدة شعبان ثلثين يوماً و صوموا الواحد و الثلثين و قال بيده الواحد و اثنان و ثلثة واحد و اثنان و ثلثة و يزوي ابهامه ثم قال ايها الناس شهر كذا و شهر كذا و قال علي7 صمنا مع رسول‌الله9 تسعة و عشرين و لم‌نقضه و رأوه تاماً. وجه الاستدلال ظاهر.

و السادس و العشرون: عنه باسناده عن جابر عن ابي‌عبدالله7 قال سمعته يقول ماادري ماصمت ثلثين اكثر او ما صمت تسعة و عشرين يوماً فان رسول‌الله9 قال شهر كذا و شهر كذا يعقد بيده تسعة و عشرين يوماً.

و السابع و العشرون: عنه باسناده عن عبدالله بن سنان قال سألت اباعبدالله7 عن الاهلة الي ان قال قلت ان كان الشهر تسعة و عشرين يوماً أقضي ذلك اليوم؟ قال لا الا ان‌يشهد بينة عدول فان شهدوا انهم رأوا الهلال قبل ذلك

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 375 *»

فاقض ذلك اليوم.

و الثامن و العشرون: عنه باسناده عن صابر مولي ابي‌عبدالله7 قال سألته عن الرجل يصوم تسعة و عشرين يوماً و يفطر للرؤية و يصوم للرؤية أيقضي يوماً؟ قال كان اميرالمؤمنين7 يقول لا الا ان‌يجيء شاهدان عدلان فيشهدا انهما رأياه قبل ذلك بليلة فيقضي يوماً.

و التاسع و العشرون: عنه باسناده عن يعقوب الاحمر قال قلت لابي‌عبدالله7 شهر رمضان تام ابداً؟ قال لا بل شهر من الشهور.

و الثلثون: عنه باسناده عن عبدالملك قال قال يعني اباعبدالله7 يصيب شهر رمضان ما يصيب الشهور من النقصان فاذا صمت من شهر رمضان تسعة و عشرين يوماً ثم تغيمت فاتم العدة ثلثين. الي غير ذلك من الاخبار و دلالة الكل واضحة علي ان شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة و النقصان و تلك الاخبار الدالة علي انه تام ابداً اخبار متروكة عند الاكثر و العامل بها قليل لاسيما في المتأخرين بل لم‌ينقل من احد من المتأخرين العمل بها و قد رجع بعض من قال بها من المتقدمين عن قوله حيث تبين له ضعف تلك الاخبار و هذه الاخبار يبلغ حد التواتر و عليه عمل المسلمين في جميع الاعصار و الامصار الكاشف من كون ذلك مذهب رئيسهم و قد قال الشيخ يوسف في تقوية القول بالرؤية و يؤيده اعتضادها باجماع الفرقة الناجية خلفاً و سلفاً علي القول بمضمونه و هو مؤذن بكون ذلك هو مذهب اهل‌البيت: و قال السيد علي; في الشرح الكبير عليه اكثر الاصحاب بل عامة المتأخرين في اكثرها و في ظاهر الغنية و غيرها الاجماع خلافاً للمحكي في الخلاف عن شاذ منا فهذه الروايات مع تواترها و صحة اسنادها و متونها موافقة للشهرة بل الاجماع المحكي و موافقة لقوله تعالي و يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس. و تلك الاخبار مع قلتها و ضعف اسانيدها و متونها مخالفة للشهرة

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 376 *»

و الكتاب و متروكة فالعمل علي المشهور هو المنصور و سبيل تلك الاخبار ايقاع الخلاف و هذا الذي ذكرنا هنا هو احسن ما يستدل به علي القول المشهور كماستعرف من استدلالاتهم ان‌شاء‌الله. و قال السيد علي بعد اختياره المشهور خلافاً للمفيد فيما حكي عنه و الصدوق في الثاني اي في العدد فاعتبراه بالتفسير الاول و هو عد شعبان ناقصاً و شهر رمضان تاماً لاخبار كلها ضعيفة غير مكافئة لما مر من الادلة معارضة بالصحاح الصراح منها شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان و منها اذا كان علة فاتم شعبان انتهي.

و عن المحدث القاشاني في الوافي المسئلة مما تعارض فيه الاخبار لامتناع الجمع بينهما الا بتعسف شديد فالصواب ان‌يقال هنا روايتان احديهما موافقة لقاعدة الحساب و هي معتبرة الا انها معتبرة اذا تغيمت السماء و تعذرت الرؤية كمايأتي في باب العلامة عند تعذر الرؤية بيانه لامطلقاً و مخالفة للعامة العمياء علي ما قاله في الفقيه و ذلك مما يوجب رجحانها الا انها غير مطابقة للظواهر و العمومات القرآنية و مع‌ذلك فهي متضمنة لتعليلات عليلة تنبوا عنها العقول السليمة و الطباع المستقيمة و يبعد صدورها عن ائمة الهدي بل هي مما يستشم منها رايحة الوضع و الاخري موافقة للعامة كماقاله و ذلك مما يوجب ردها الا انها مطابقة للظواهر و العمومات القرانية‌ و مع‌ذلك فهي اكثر رواتاً و اوثق رجالاً و اسد مقالاً و اشبه بكلام ائمة الهدي: و ربما يشعر بعضها بذهاب بعض المخالفين الي ما يخالفها و الخبر الآتي آنفاً كالصريح في ذلك و فائدة الاختلاف انما تظهر في يوم الشك و قضائه من الفوات و قد مضي تحقيق ذلك في اخبار الباب الذي تقدم هذا الباب و فيه بلاغ و كفاية لدفع هذا الاختلاف و العلم عند الله.

و عن السيد في الناصريات في قول الناصر شهر رمضان قد يكون تسعة و عشرين يوماً هذا صحيح و اليه ذهب جميع اصحابنا الا شذاذ اذ لااعتبار بقولهم و هو مذهب جميع الفقهاء و من خالف في هذه المسألة فقد سبقه الاجماع و الذي يبطل قوله ان النبي9 رأي الاهلة و علق الاحكام بها في الصوم و الفطر و قال7 صوموا لرؤيته و افطروا لرؤيته فان غم عليكم فاكملوا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 377 *»

العدة ثلثين و هذا كله يبطل قول اصحاب العدد و من ادعي ان شهر رمضان لايكون الا ثلثين يوماً.

و عن الخلاف علامة شهر رمضان و وجوب صومه احد شيئين اما رؤية الهلال او شهادة شاهدين فان غم عد شعبان ثلثين يوماً و يصام بعد ذلك بنية الفرض فاما العدد و الحساب فلايلتفت اليهما و لايعمل به و به قالت الفقهاء اجمع و حكي عن قوم شذاذ انهم قالوا يثبت بهذين و اذا اخبر ثقتان من اهل الحساب و العمل بالنجوم بدخول الشهر وجب قبوله و ذهب قوم من اصحابنا الي القول بالعدد و ذهب شاذ منهم الي القول بالجدول دليلنا الاخبار المتواترة عن النبي و الائمة صلوات الله عليهم ذكرناها في تهذيب الاحكام و قد بينا القول فيما يعارضها من شواذ الاخبار و ايضاً قوله تعالي يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس و الحج. فبين ان الاهلة يعرف بها مواقيت الشهر و الحج و من ذهب الي الحساب و الجدول لايراعي الهلال اصلاً و ذلك خلاف القرآن. و عن مجمع‌البيان في تفسير هذه الآية فيه اوضح دلالة علي ان الصوم لايثبت بالعدد و انه يثبت بالهلال لانه سبحانه نص علي ان الاهلة هي المعتبرة في المواقيت و الدالة علي الشهور فلو كانت الشهور انما يعرف بطريق العدد لخص التوقيت بالعدد دون الاهلة لان عند اصحاب العدد لامعتبر برؤية الاهلة في معرفة المواقيت و نحوه في التبيان.

و عن التهذيب المعتبر في تعرف اوائل الشهور بالاهلة دون العدد علي ما يذهب اليه قوم من شذاذ المسلمين و الذي يدل علي ذلك قول الله عزوجل يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس و الحج فبين الله تعالي انه جعل هذه الاهلة معتبرة في تعرف اوقات الحج و غيره مما يعتبر فيه الوقت و لو كان الامر علي ما يذهب اليه اصحاب العدد لماكانت الاهلة مراعات في تعرف هذه الاوقات اذا كان الي العدد دون غيره و هذا خلاف التنزيل و الهلال انما يسمي هلالاً لارتفاع الاصوات عند مشاهدتها بالذكر لها و الاشارة اليها بالتكبير ايضاً و التهليل عند رؤيتها و منه قيل استهل الصبي اذا ظهر صوته بالصياح عند الولادة و سمي الشهر

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 378 *»

شهراً لاشتهاره بالهلال فمن زعم ان العدد للايام و الحساب للشهور و السنين يعني في علامات الشهور عن الاهلة ابطل معني سمات الاهلة و الشهور الموضوعة في لسان العرب علي ما ذكرنا و يدل علي ذلك ايضاً ما هو معلوم كالاضطرار غيرمشكوك فيه في شريعة الاسلام من فزع المؤمنين في وقت النبي9 و من بعده الي هذا الزمان في تعرف الشهور الي معاينة الهلال و رؤيته و ما ثبت ايضاً من سنة النبي9 و انه كان يتولي رؤية الهلال و يلتمس الهلال و يتصدق لرؤيته و ما شرعه من قبول الشهادة عليه و الحكم فيمن شهد بذلك في مصر من الامصار و من جاء بالخبر به عن خارج الامصار و حكم المخبر به في الصحو و سلامة الجو من العوارض و خبر من شهد برؤيته مع السوائر في بعض الاصقاع فلولا ان العمل علي الاهلة اصل في الدين معلوم لكافة المسلمين ما كانت الحال في ذلك علي ما ذكرناه و لكان اعتبار جميع ما ذكرناه عبثاً لافائدة فيه و هذا فاسد بلاخلاف و اما الاخبار في ذلك فهي اكثر من ان‌يحصي.

و عن الغنية و علامة دخوله اعني الشهر رؤية الهلال و بها يعلم انقضاؤه بدليل اجماع الامة باسرها من الشيعة و غيرها علي ذلك و عملهم به من زمن النبي9 و ما بعده الي ان حدث خلاف قوم من اصحابنا فاعتبروا العدد دون الرؤية و تركوا ظواهر القرآن و المتواتر من روايات اصحابنا و عولوا علي ما لايجوز الاعتماد عليه من اخبار آحاد شاذ و من الجدول الذي وضعه عبدالله بن معوية بن عبدالله بن جعفر و نسبه الي الصادق7 و الخلاف الحادث لايؤثر في دلالة الاجماع السابق كما لايؤثر حدوث خلاف الخوارج في رجم الزاني المحصن في دلالة الاجماع علي ذلك فكذلك حدوث خلاف هؤلاء و هذا عبدالله بن معوية مقدوح في عدالته بما هو مشهور من سوء طريقته مطعون في جدوله بما تضمنه من قبيح مناقضته و لو سلم من ذلك كله لكان واحداً لايجوز في الشرع العمل بروايته و يدل ايضاً علي اصل المسألة قوله تعالي يسألونك عن الاهلة الآية. و ذكر قوله تعالي هو الذي جعل الشمس ضياء و القمر نوراً و قدره منازل لتعلموا عدد السنين و الحساب الي ان قال و يعارض المخالف بما روي من

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 379 *»

قوله7 صوموا لرؤيته و افطروا لرؤيته فان غم عليكم فعدوا ثلثين.

و قال صاحب الحدائق و الذي اقوله في هذا المقام و يقرب عندي و ان لم‌يتنبه احد من علمائنا الاعلام هو انه لاريب في اختلاف الاخبار من الطرفين و تقابلهما في البين و دلالة كل منهما علي ما استدل به من ذينك القولين و ما ذكروه من تكلف جمعهما علي القول المشهور تكلف سخيف بعيد عن ظاهر المقصود و ان الاظهر من ذينك القولين هو القول المشهور لرجحان اخباره بما ذكره المحدث القاشاني المشاراليه آنفاً و يؤيده اعتضادها باجماع الفرقة الناجية خلفاً و سلفاً عن القول بمضمونه و هو مؤذن بكون ذلك هو مذهب ا‌هل‌البيت: و قول صدوق نادر و ان سجل عليه بما ذكره و اما اخبار القول الآخر فاظهر الوجوه فيها هو الحمل علي التقية لكن لا بالمعني المشهور بين اصحابنا لصراحتها في الرد علي المخالفين و ان ما دلت عليه خلاف ما هم عليه و انما التقية المرادة هنا هو ما قدمنا ذكره في المقدمة الاولي من مقدمات الكتاب الي آخر كلامه;.

و قال المفيد; في رسالته التي كتبها في جواب المسألة الموصلية و ننقل منها مواضع الاستدلال و لو علي الاجمال فذكر بعد استشهاده بآي ان القرآن علي لغة العرب فاذا ثبت ان القرآن نزل بلغة العرب و خوطب المكلفون في معانيه علي اللسان وجب العمل بما تضمنه علي مفهوم كلام العرب دون غيرهم و الاشهر عند العرب انما سميت بذلك لاشتهاره بالهلال قال الله عز اسمه ان عدة الشهور الآية. و قال تعالي شهر رمضان الآية. فسمي الله تعالي الاشهر بما وضعت لها العرب بهذه النسبة ثم ذكر علة تسمية الشهر بالشهر و الهلال بالهلال الي ان قال و ذلك ابطال قول اصحاب العدد في علامات الشهور و انها تخرج بالحساب و دفعهم بذلك الحاجة الي الاهلة و يؤكد ما ذكرناه قول الله تعالي و يسألونك عن الاهلة الآية. يريد به انه علامات الشهور و اوقات الديون و ايام الحج و شهوره و هذا بالضد مما ذكره اصحاب العدد في علامات الشهور و خالفوا نص القرآن و لغة العرب و فارقوا بمذهبهم فيه كافة علماء الاسلام و باينوا اصحاب علم النجوم فلم‌يصيروا الي قول المسلمين في ذلك و لا الي قول المنجمين الذين اعتمدوا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 380 *»

بالرصد و الحساب و ادعوا علم الهيئة و صاروا مذبذبين لا الي هؤلاء و لا الي هؤلاء و احدثوا مذهباً غير معقول و لا له اصل يستقر علي الحجاج و عملوا جدولاً باطلاً اضافوه الي الصادق7 لم‌اجد احداً من علماء الشيعة و فقهائها و اصحاب الحديث منها علي اختلاف مذاهبهم في العدد و الرواية (و الرؤية ظ) الا و هو طاعن فيه و مكذب لروايته ثم ذكر فصلاً و قال فيه ان شهر رمضان من جملة الشهور و الشهر قد يكون تسعة و عشرين يوماً و مع‌ذلك هو شهر تام في عدده ثم ذكر فصلاً و قال فيه من كان عليه كفارة و صام شهرين متتابعين اجزأ عنه كانا ناقصين او تامين او علي الاختلاف الي ان قال فثبت ان الشهر يكون شهراً و ان كان تسعة و عشرين يوماً ثم ذكر فصلين ذكر فيها بعض اخبار العدد و اولها و نذكر تأويلاته ان‌شاء‌الله في تلو الاخبار ثم ذكر فصلاً و ذكر فيه اخبار الرؤية ثم ذكر فصلاً آخر و قال فيه فاما ما نطق به من شذ من اصحابنا و مال الي مذهب الغلاة و بعض الشيعة في العدد و عدل عن ظاهر حكم الشريعة من قول ابي‌عبدالله7 اذا اتاكم عنا حديثان فخذوا بابعدهما من قول العامة فانه لم‌يأت بالحديث علي وجهه و الحديث المعروف قول ابي‌عبدالله7 اذا اتاكم عنا حديثان مختلفان فخذوا بما وافق منهما القرآن فان لم‌تجدوا لهما شاهداً من القرآن فخذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لاريب فيه فان كان فيه اختلاف و تساوت الاحاديث فخذوا بابعدهما من قول العامة. و الحديث في العدد يخالف القرآن فلايقاس بحديث الرؤية الموافق للقرآن و حديث الرؤية قد اجمعت الطايفة علي العمل به فلانسبة بينه و بين حديث يذهب اليه الشذاذ و هو موافق لمذهب اهل البدع من الشيعة و الغلاة و بعد فان حديث الرؤية قد عمل به معظم الشيعة و كافة فقهائهم و جماعة علمائهم و لو لم‌يعمل به الا فريق منهم لم‌يكن الجبر به بعيداً من قول العامة لقربه من مذهب الخاصة و ليس لقائل ان‌يقول انه قريب من قول العامة بعيد من قول الخاصة لان العامة تذهب اليه الا و لقائل ان‌يقول انه بعيد من قول العامة قريب من قول الخاصة لان جمهور الخاصة يذهبون اليه و انما المعني في قولهم خذوا بابعدهما من قول العامة يختص ما روي عنهم في مدائح اعداء الله و

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 381 *»

الترحم علي خصماء الدين و مخالفي الايمان فقالوا اذا اتاكم عنا حديثان مختلفان احدهما في تولي المتقدمين علي امير المؤمنين7 و الاخري في التبري منهم فخذوا بابعدهما من قول العامة لان التقية تدعوهم بالضرورة الي مظاهرة العامة بمايذهبون اليه من ائمتهم و ولاة امرهم حقناً لدمائهم و ستراً علي شيعتهم ثم قال فصل و بعد فان الذي يرد منهم علي سبيل التقية لاينقله جمهور فقهائهم و يعمل به اكثر علمائهم و انما ينقله الشكاك من الطوايف و يرويه خصماؤهم في المذهب و يرد علي الشذوذ دون التواتر و اخبار الرؤية و العمل بها و جواز نقصان شهر رمضان قد رواه جمهور علماء الامامية و عمل به فقهاؤهم و استودعته الائمة خاصتهم فدل ذلك علي انه محض الحق و ليس من باب التقية في شيء انتهي. و في رجال الشيخ ابي علي نقلاً من الفوايد النجفية عند ذكر الرسالة في الرد علي اصحاب العدد انه ربما نسب الي السيد المرتضي و الحق الاول كماصرح به ابن‌ادريس في السراير الي ان قال و مما يدل علي ان التي في الرد علي القائلين بالعدد له; انه قدس سره اشار فيها غير مرة الي كتاب له يسمي بمصابيح النور و قد ذكر النجاشي كمامر و كذا و محمد بن شهراشوب من جملة كتبه; مصابيح النور هـ.

و الذي يظهر من لحن هذه الرسالة و نوع استدلاله انه قد صنفها قبل القول بالعدد فانه; كمامر من الاقبال قد نصر القول بالعدد و ذكر ان علماء عصره و رواته و فضلائه مجمعون و متدينون و مفتون بصحته و داعون الي صوابه و يبعد ان‌يرجع بعد ذلك و ينكر هذا الانكار مع انه كان قال به اولاً و يقول هو مذهب الغلاة و شذاذ الشيعة و يظهر منه انه لم‌يكن مطلعاً علي اجماع الفضلاء فانكر ثم اطلع فاقر و علي اي حال قد ذكرنا هذه الاقوال مع ادلة‌ القائلين بالرؤية بما لامزيد عليه نصفة للخصم و ان لايقول قائل انك لمااخترت القول بالعدد اخفيت ادلتهم و لم‌تذكر القائلين باسمائهم و لم‌تستدل لهم حق الاستدلال.

فاذا عرفت ذلك فلنذكر ضعف استدلالهم واحداً بعد واحد علي نهج الانصاف دون الاعتساف و عليك ايضاً مراعات الانصاف حتي يظهر الحق

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 382 *»

في المصاف.

اما استدلالهم اعلي الله مقامه بالاجماع؛ فاعلم انه لاشك و لاريب ان هذا الاجماع ليس بضروري الدين و المذهب فان الضروري ما لايخفي امره علي الصغير و الكبير و الرجال و النساء و الابيض و الاسود و العرب و العجم ممن انتحل دين الاسلام او التشيع و مسألة الرؤية لاشك و لاريب انها ليست من هذا القبيل و الا لم‌يكن يخفي امرها علي اجلة ‌علماء المذهب و فقهاء الملة ‌مثل الشيخ المفيد السيد حين كان يقول بالعدد و مثل ابي‌محمد الحسيني و ابي‌جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه و اخيه علي بن الحسين و ابي‌محمد هرون بن موسي و ابن‌قولويه و الكراجكي و ابن ابي‌عقيل ثم يذكر الصدوق انه مذهب خواص الشيعة‌ و اهل الاستبصار منهم و غير ذلك فليست الرؤية من ضروريات المذهب بلاشك و كذلك ليس هذا الاجماع من المحصل العام المخصوص بالعلماء و الفقهاء و اهل الحل و العقد فان مثل هذه الفقهاء المعروفين قد خرجوا منه و اختاروا العدد و المحصل العام لابد و ان‌يكون بحيث لايمكن عنه النقل كما لايمكن النقل عن الضروريين لاشتهارهما و عدم الحاجة الي نقل ناقل فيهما فالمحصل العام لابد و ان‌يكون ظاهراً بين اهل الحل و العقد بحيث كل من دخل في جملتهم عرف المسألة ظاهرة باهرة بحيث لايحتاج فيها الي نقل ناقل مثل وجوب ذكر الركوع و السجود مثلاً فانه ليس من الضروريات لكنه مجمع عليه يعرف وجوبه كل من دخل في زمرتهم فلايحتاج الي نقل ناقل فليس هذا الاجماع من المحصل العام ايضاً لخروج الاجلة بل لخروج جمع كثير من اصحاب الاصول و المصنفات فان ديدن قدماء اصحابنا ممن تقدم علي الشيخ في استنباط الاجماع الرجوع الي الاصول و كتب الاخبار لانه لم‌يكن غيرها مصنف استدلالي في الفتاوي و انما كان كتب عملهم اصولهم فكانوا يستنبطون اجماع الشيعة من تلك الاصول فاذا كان في المسألة خمسون خبراً من طرق الشيعة و هي في الاصول المشتهرة المعتبرة التي عليها المدار كماستعرف و اصولهم كانت

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 383 *»

كتب عملهم فلايمكن ان‌يكون هذا الاجماع المدعي المحصل العام الذي هو اتفاق اهل الاصول و المصنفات فلابد و ان‌يكون محصلاً خاصاً او مشهورياً. اما المحصل الخاص فهو حجة لمحصله دون غيره غاية الامر انه كخبر صحيح ان كان الناقل ثقة مستنبطاً و لم‌يكن نقله عن اجماع مركب صار بسيطاً باستنباطه فانه قد يقصر في الطلب و لايطلع علي القول الثالث فلاعبرة بالنقل عنه و اما الاجماع المشهوري فهو اجماع و حجة علي محصله بعد سد طريق الترجيح من كل جانب و انحصار الامر في الترجيح بالشهرة هذا مع ان رب مشهور و لااصل له و قد ذم الله الكثرة في جل كتابه و مدح القلة‌ فاذا ادعاؤهم الاجماع مجدلهم دوننا و هو اجماع منقول عن محصل خاص فان عرفناه عملنا به و الا تركناه الاتري انه قد نقل الاجماع من قريب من سبعين طريقاً في وجوب صلوة الجمعة و قد تركه معظم الاصحاب لما رجح عندهم غيره و كم من فقيه يدعي الاجماع علي مذهب في كتاب ثم يرجع عنه و يدعي الاجماع علي خلافه في كتاب آخر، ها ان المفيد امامك يدعي الاجماع علي العدد في «لمح‌البرهان» ثم يدعي الاجماع علي خلافه في هذه الرسالة التي نقلنا فان كنت غير مقيد بقيد التقليد غير مندهش من ادعاء الاجماع فانظر بنظر العبرة و ارجع البصر هل تري من فطور فيما ذكرنا ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئاً و هو حسير فادعائهم الاجماع ان كان صحيحاً حجة عليهم دوننا و ربما لايعطي الفقيه النظر حقه فيغتر بكثرة ما يسمع من مسألة من اهل عصره و لايتجسس عن اقوال من يخالف ما سمع فيزعم ان ما سمع اجماعي او لايتفحص عن اخبار المسألة كماينبغي فيري خبراً او خبرين فيأولهما ثم يعمل بما يخالفهما زعماً منه انه لاخبر غيرهما مع ان الاخبار في خلاف ما ذهب اليه كثيرة و لاتقبل التأويل بوجه بالجملة هذا اجماعهم و قد عرفت.

و اما استدلالهم لاخبار الرؤية بموافقة الكتاب و هو قوله تعالي و يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس و الحج و قوله تعالي و القمر قدرناه منازل و قوله

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 384 *»

لتعلموا عدد السنين و الحساب. فاعلم ان كل آية من الكتاب ليس بحجة لكل احد فان الله سبحانه يقول منه آيات محكمات هن ام الكتاب و اخر متشابهات و قال سبحانه بشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه و قال تعالي ماننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها فليس الاستدلال بالكتاب الا حظ كل من عرف المحكم من المتشابه و الناسخ من المنسوخ و المجمع عليه من المختلف فيه و الكوني منه عن الشرعي فمن زعم انه يعرف ذلك كله من غير توقيف آل‌محمد: فليس كلامنا معه و من زعم انه يعرف ذلك بتوقيفهم فكما انهم فسروا هذه الآية فسروا الآية الاخري و هو قوله تعالي و لتكملوا العدة‌ و لتكبروا الله علي ما هديكم كمايأتي و الكتاب نزل في بيتهم و هم اعلم بالكتاب هذا جواب شاف كاف عن تمسكهم بالكتاب و جواب آخر ان الكتاب يكون حكماً بين المختلفين من الامة ‌اذا كان مجمعاً عليه و الا فيحتاج الي التحاكم الي غيره فيه الاتري ان الحكم يكون حكماً اذا كان محل اتفاق المتنازعين و ان كان نفس الحكم مما يتنازعان فيه يحتاج ذلك الي حكم آخر يحكم لهم و قال الله سبحانه و ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الي الله و قال و ان تنازعتم في شيء فردوه الي الله و الي الرسول و قد قال علي7 في حديث و اردد الي الله و رسوله ما يضلعك من الخطوب و يشتبه عليك من الامور فقد قال الله سبحانه لقوم احب ارشادهم ياايها الذين آمنوا اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الي الله و الي الرسول فالراد الي الله الآخذ بمحكم كتابه و الرد الي الرسول الاخذ بسنته الجامعة الغير المتفرقة و قد فسر ما يؤخذ به من الكتاب ابوالحسن7 في حديث فماثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة ‌عن النبي9 لااختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله ضاق علي من استوضح تلك الحجة‌ ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و ما لم‌يثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لااختلاف فيها او قياس

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 385 *»

تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له كذلك هذان الامران من امر التوحيد فمادونه الي ارش الخدش فمافوقه فهذا المعروض الذي يعرض عليه امر الدين فماثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عنك ضوؤه نفيته و لاقوة الا بالله و حسبنا الله و نعم الوكيل انتهي الحديث الشريف.

فلينظر ناظر بعقله و بانصافه ان هاتين الآيتين اللتين يستدلون بهما هل هما في دلالتهما علي نفي العدد و العمل برؤية الاهلة ناصتان محكمتان او ظاهرتان فان قال ناصتان مع انه لااظن احداً يقول ذلك مع ان القرآن ذلول ذووجوه، اقول هل هما محل اجماع  ام محل اختلاف؟ فان قال انه محل اجماع دلالتهما و بقاء حكمهما قلنا فما هذا الاختلاف البين الظاهر عن اجلاء الشيعة؟ فان قال محل اختلاف قلنا فالآية التي هي بنفسها مختلف فيها كيف تكون حجة في محل النزاع و حكماً لرفعه و معرضاً يعرض عليه امر الدين و قد روي عن الهادي7 في رسالته الي اهل الاهواء و ليس كل آية مشتبهة في القرآن كانت الآية حجة علي حكم الآيات التي امرنا بالاخذ بها و تقليدها و هي قوله هو الذي انزل الكتاب منه آيات محكمات الآية و قال فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه الخبر و كيف تكون الآيتان محكمتين و قد قال الصدوق في الخصال و الاخبار في ذلك اي في العدد موافقة للكتاب و مخالفة للعامة الي آخر قوله هب انا نقول ان الآيتين صريحتان في المراد فنقول انا لاننكر ان اصل وضع الهلال في الخلقة الالهية لمعرفة المواقيت و الحج و الشهور و السنين و الحساب ولكن قد يخفي لعارض و هذه القاعدة العددية انما هو لضبط الهلال اذا خفي فان الهلال قد يخفي عقوبة علي ظالمي آل‌محمد: كمارواه في الاقبال عن الفقيه باسناده عن رزين قال قال ابوعبدالله7 لماضرب الحسين بن علي8 بالسيف و سقط ثم ابتدروا لقطع رأسه نادي مناد من بطنان العرش الا ايتها الامة المتحيرة الضالة بعد نبيها لاوفقكم الله لاضحي و لافطر ثم قال ابوعبدالله7 فلاجرم و الله ماوفقوا و لايوفقون حتي يثور ثاير الحسين7.

و عن

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 386 *»

الكليني باسناده عن محمد بن اسمعيل الرازي عن ابي‌جعفر الثاني7 قال قلت له جعلت فداك ما تقول في الصوم فانه روي انهم لايوفقون لصوم فقال اما انه قد اجيبت فيهم دعوة‌ الملك قلت فكيف ذلك جعلت فداك قال  ان الناس لماقتلوا الحسين7 امر الله تعالي ملكاً ينادي ايتها الامة الظالمة القاتلة عترة نبيها لاوفقكم الله لصوم و لافطر فاذا كانوا لايوفقون لصوم و لافطر و لااضحي و قد اجيبت فيهم دعوة الملك و هم مجمعون علي العمل بالرؤية الظاهرة ظهر انه قد يخفي الهلال و يستر عنهم فوضع الائمة: هذه القاعدة السديدة المطابقة لسير القمر فاذا ظهر فهو و الا فالمدار علي العدد كما انهم يقولون ان الهلال للمواقيت و اذا غمت الشهور كلها او بعضها يعمل بالعدد فظهر ان العمل بالعدد تكليف عند غمة الشهور و لايبطل بذلك خاصية وضع القمر و كونه مواقيت للناس و غمة الشهور امر ممكن بل يقع كثيراً في جيلان و طبرستان و اطراف البحر و البلاد الشمالية فكما انهم جوزوا ذلك في الغمة الجلية الظاهرة جوزنا نحن خفاء الهلال بسبب الاغبرة و الادخنة و الغيم و ضعف بصر الناظر و وقوع جبل في مغرب محل الناظر او اشجار او ظلمة او ضعف الهلال او غير ذلك فمع وجود الهلال قد يخفي لاجابة دعوة الملك و لساير المصالح و العمل بالعدد يقوم مقام العمل بالهلال اذا ظهر.

و قال ابن‌طاوس رضي الله عنه في الاقبال و ان كان الامر كماقاله علماء المنجمين من ان الهلال يتعذر معرفته علي التحقيق ربما قوي ذلك دعوي من يدعي ان شهر رمضان لاينقص ابداً و يقول قد يهل قبل رؤية الناس له و ان لم‌يروه اقول و ربما وقفت عليه من قول المنجمين في ان رؤية الهلال لايضبط بالتحقيق كماذكره محمد بن اسحق المعروف بالنديم في كتاب الفهرست في الجزو الرابع عند ترجمة يعقوب بن اسحق القندي قال في مدحه له انه فاضل دهره و واحد عصره في معرفة العلوم القديمة باسرها ثم ذكر كتبه في فنون عظيمة من العلوم و قال في كتبه النجوميات كتاب رسالته في ان رؤية الهلال لاينضبط بالحقيقة و انما القول فيها بالتقريب انتهي كلام ابن‌طاوس و قال; و

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 387 *»

رأيت في المجلد الاول من دلايل الائمة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري عند ذكره للاسراء بالنبي9 ما هذا لفظه ولكن اخبركم بعلامات الساعة يشيخ الزمان و يكثر الذهب و تشح الانفس و تعق الارحام و تقطع الاهلة عن كثير من الناس انتهي كلامه.

اقول و قد اقر صاحب الزيج الجديد جيسنج ان الشهر بحسب الرؤية ليس قمرياً حقيقياً فان الرؤية تختلف بحسب ضعف الهلال و قوته و بحسب صفاء الهواء و كدورته و ضعف الابصار و قوتها فتكون الشهور بحسب الرؤية اصطلاحية لاحقيقية و امكان الرؤية يعلم بحسب الحساب و قد يري و قد لايري فالذي استخرج بالحساب هو الحقيقية لا المصطلح بالرؤية انتهي. و لقد اخطأ في ان القمري الحقيقي يستخرج بحسب حساب النجوم فان بحسب الحساب يعرف مقدار بعد القمر عن الشمس و اما الرؤية فهي امر يختلف بحسب ابصار الناظرين فرب شيء يراه حديد النظر و لايراه غيره و فوق كل حديد النظر من هو احدّ نظراً منه و فوق ذلك الادوات و الآلات و المناظر التي يصنع لرؤية الاشياء الدقيقة المخفية عن الانظار حتي انهم يرون بها السها في النهار فالقمري الحقيقي ليس يعلم بالحساب الا من جهة توقيف من خلق السموات و الارض و الانظار و الليل و النهار فمن عرف ذلك عرف ان الاهلة خلقت لاجل المواقيت ثم قد يظهر رحمة ‌و قد يخفي غضباً كما ان الشمس خلقت لمعرفة اوقات الصلوة ثم قد تغيب تحت الظلمة و السحاب في اوقاتها فلاتعرف فقد روي عن ابي‌عبدالله7 انه قال ما من يوم سحاب يخفي فيه علي الناس وقت الزوال الا كان من الامام للشمس زجرة حتي تبدو فيحتج علي كل قرية من اهتم بصلوته و من ضيعها انتهي.

و نحن قد راقبنا بخصوصه اياماً عديدة و لم‌تظهر الشمس عند الزوال مع ان كلام الامام7 حق و انما هو من باب العقوبة علي الخلق و امثال ذلك كثيرة كما ان القمح خلق لمعاش الناس و قد يفسد بالجراد و ان الماء خلق لشربهم و قد يمر و قد يملح و هكذا فالاهلة خلقت لمواقيت الناس ولكن قد يخفي بدوها عن الناس لاجل العقوبة او لمصلحة اخري و ضبط العدد باق في كل حال لايتفاوت الاتري

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 388 *»

ان الشمس خلقت لمعرفة الليل و النهار و قد تخفي فلاتعرف الطلوع و الغروب ولكن معلوم ان اليوم و الليلة اربعة و عشرون ساعة و ان من الزوال الي الزوال اي زوال النهار الي زوال الليل اثني‌عشر ساعة تامة و هكذا ساير اجزاء الخلق التي خلقت لاجل المنافع و عند اعوازها وضع شيء آخر يقوم مقامه رحمة علي من عرف بدله فاذا عرفت ذلك تعرف ان الآية ليس فيها دلالة علي نفي العدد و العمل بالرؤية و هم ايضاً معترفون عاملون بذلك كما اذا غم آخر الشهر يعملون بالعدد اي الثلثين و يذهب ثمرة الهلال عنهم و عند غمة ‌الشهور يعملون بالعدد علي اختلافهم فيه و يذهب ثمرة الهلال عليهم فهلا يحكمون ببقاء الشهر ما خفي الهلال عليهم فان قالوا بدليل فنقول ايضاً بدليل و كلما يجيبون به عن اطلاق الآية نجيب به.

فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان الآية ليست دالة علي ما ذهبوا اليه و انه علي ما فسرناها تكون محل وفاق بل ظهر للفقيه المستنبط انا عاملون باخبار الهلال مقرون به ايضاً علي ما يأتي فما اورد الشيخ علي في الدر المنثور علي الصدوق حيث قال انه يعني الصدوق قال باب ان الصوم للرؤية و الفطر للرؤية و نقل في هذا الباب عدة احاديث و ذكر بعض الاخبار الي ان قال و قد ذكر; انه يفتي بما في هذا الكتاب و يجزم بصحته و يجعله حجة بينه و بين ربه فما ادري كيف كان يفعل بالصيام اذا رؤي الهلال و كان تسعة و عشرين يوماً فان كان يصوم يوماً من شعبان قبل الرؤية علي انه من شهر رمضان ان ظهر نقصانه فهو مخالف لاحاديث الصوم للرؤية و الفطر للرؤية و لمايأتي من قول الرضا7 ليس منا من صام قبل الرؤية للرؤية و افطر قبل الرؤية للرؤية و سيأتي توضيحه مع انه يتفق نقصان شعبان ايضاً فيكون ثمانية و عشرين يوماً الي آخر كلامه.

و قال صاحب الحدايق العجب من الصدوق في الفقيه فانه وافق الاصحاب في هذه المسألة ايضاً اي صوم يوم الشك و قال باستحباب صومه بنية انه من شعبان و انه يجزي عن شهر رمضان لو ظهر انه منه و حرم صومه بنية كونه من شهر رمضان

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 389 *»

كما لايخفي علي من راجع كتابه و حينئذ فما ادري ما ظهر الخلاف عنده في القول بهذه الاخبار التي ذهب الي العمل بها فانه مع الرؤية يوجب العمل بها و مع عدم الرؤية لحصول المانع منها يمنع عن الصيام بنية شهر رمضان ففي اي موضع يتحقق الحكم عنده بان شعبان لايكون الا ناقصاً و رمضان لايكون الا تاماً اللهم الا ان‌يدعي ان الرؤية لاتحصل علي وجه يكون شعبان ثلثين يوماً و شهر رمضان تسعة و عشرين يوماً و هو مع كونه خلاف ظاهر اخبار الرؤية مردود بالضرورة و العيان كما هو المشاهد في جملة‌ الازمان في جميع البلدان الي آخر كلامه;.

فبحث هؤلاء الاعلام ليس بوارد عليه فانه يقول ان الهلال قد وضع للمواقيت في اصل الخلقة الالهية و قد يستر عن الخلق عقوبة و العدد كاشف عن الهلال الواقعي فان رؤي علي وفق العدد فهو رحمة ‌شملت و ان خالف فالعدد بايدي المؤمنين يعملون و استتاره نقمة علي العامة العمياء فعلي ذلك هو عامل باخبار الرؤية و اخبار العدد معا و يقول يجب الصوم بالرؤية و الفطر بالرؤية و اذا استتر الهلال فالعمل علي العدد و يكشف عن ذلك مارواه شارح الدروس عن العلامة في المختلف عن ابن ابي‌عقيل انه قال جاءت الآثار عنهم: ان صوموا رمضان للرؤية و افطروا للرؤية فان غم عليكم فاكملوا العدة من رجب تسعة و خمسين يوماً ثم الصيام من الغد يقال غم الشيء اذا غطاه فانغم و امر غمة بالضم مبهم و غم الهلال بالضم فهو مغموم حال دونه غيم رقيق فقوله7 فان غم عليكم اي ابهم عليكم و غطي عنكم او حال دون الهلال غيم رقيق فهو في الحقيقة اعم من ان‌يكون الهلال مستوراً بغيم او ابهم او غطي بشيء آخر من غبار او دخان او حائل و قد قال الفاضل الهندي الغمة يجوز في غينها الحركات فبالضم اما بمعني المبهم او بمعني الظلمة كما حكي عن ابي‌عبيد انها مجازها و بالفتح ليلة غمة‌ اذا لم‌ير فيها القمر فالصدوق عامل بالخبرين كمادل عليه رواية ابن ابي‌عقيل فلايرد ابحاثهم عليه و اما يوم الشك عند الصدوق فهو عند اشتباه الرؤية و العدد معاً و الذي ينكر يوم الشك مع العدد فانه يزعم ضبطه دائماً و الانسان قد ينسي حساب الاسبوع فضلاً عن العدد في الشهور بالجملة لايتمشي ما يقولون في العدد

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 390 *»

و يحتمل قوياً انه اراد ان الصوم بالرؤية و الفطر بالرؤية لانه لايعلم دخول الشهر و خروجه الا بها ولكن اذا رؤي ناقصاً علمنا انه غم منه يوم فان صمنا الثلثين بنية شعبان يجزي من رمضان و الا فنقضي يوماً فيوم الشك عنده يوم الثلثين من شعبان لاخبار آمرة بصومه و اخبار دالة علي ان شهر رمضان لاينقص فهو عامل بجميع الاخبار فتبين و ظهر ان اخبار العدد ليس مخالفاً للكتاب و لم‌يقم اجماع متبع علي خلافها.

و ان قلت ان جميع تكاليف الشرع علي حسب الظاهر لا الواقع فكذلك الهلال تكليفنا فيه الهلال الذي يظهر للناس لا الهلال الواقعي فالآية دالة علي الهلال الظاهري فيخالفها قولك انا عاملون بالهلال الواقعي، قلنا نعم التكليف علي الظاهر و نحن ايضاً عاملون بالظاهر فان الهلال ان ظهر فهو ظاهر و ان حجزه حاجز فالعدد ظاهر و هو موافق للهلال ان لم‌يمنعه عن ظهوره مانع كما انكم تعملون بالرؤية ان رأيتم و الا فبالشهود ان قام و الا فبعد ثلثين و عد ثلثين كاشف عن الهلال الواقعي. و ان قلت لولا المانع لكان يري ليلة الواحد و الثلثين لامحالة، قلت كذلك لولا الحاجز بين العباد و الهلال و حلول النقمة عليهم لكان يري علي وفق العدد لامحالة كمااخبر به الامام7 و حلف عليه بالايمان المغلظة الا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير فاذا اخبر الله سبحانه بشيء علي لسان اوليائه هو حق لامحالة.

و اما الجواب عن استدلالهم بتواتر اخبار الرؤية و صحة اسنادها و متونها ان تواتر الخبر و صحة سنده و متنه يورث القطع بصحة الصدور لا صحة العمل به فغاية ما ذكرتم حصول العلم بصدور هذه الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم صلوات الله الملك الجبار و نحن لاننكر ذلك و الشأن في معرفة انها صدرت تقية او هو الحكم الالهي الواقعي الذي لاتقية فيه و ذلك لايعرف بالتواتر و صحة الاسناد و المتون كما هو ظاهر لكل فقيه فاذا كانت اخبار في مقابل الخبر المتواتر

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 391 *»

و كانت ايضاً صحيحة الصدور بحيث يحصل الظن المعتبر شرعاً بصدورها عند من يعتبرها او العلم العادي عند من يشترطه و كانت راجحة بالوجوه المرجحة و كان الخبر المتواتر محفوفاً بقرائن التقية و موافقة العامة القطعية كان الرجحان لغير المتواتر قطعاً الاتري انه قد تواتر ان الائمة كانوا يمشون في احكام العامة و لست تعمل بذلك و تجوز ذلك الا في حال التقية فتواتر الخبر ليس موجباً لحقيته اللهم الا ان‌يكون الخبر متواتراً و كان في مقابله خبر غير معتبر شرعاً غير معلوم الصدور فحينئذ يكون العمل بالمتواتر واجباً و ترك الشاذ لازماً و هذا المقام ليس كذلك فان اخبار خلافه يبلغ خمسين خبراً بل ينيف عليه كماسيتلي عليك و هي موافقة للكتاب المفسر، مخالفة للعامة، موافقة للاحتياط و عمل به اكابر الاصحاب و ضمنوا صحتها و تلك الاخبار موافقة للعامة مصرحة في نفسها بالتقية كما سنبينها ان‌شاء‌الله و محفوفة بقرائن عدم جواز العمل بها كما سنذكرها فلايجدي تواترها نفعاً هذا علي مذهب العاملين بالظن و الذين يرون اخبارنا مظنونة و اما عندنا فالاخبار التي وردت في الكتب المعتبرة للاكابر فكلها معلومة الصدور بالعلم العادي فلايتفاوت عندنا المتواتر و غير المتواتر مع ان منهم من شهد بان جميع اخبارنا متواترة الا ما شذ و ندر مثل الشيخ البهائي فانه شهد بتواتر اخبارنا الا ما شذ و ندر و ما شذ و ندر ايضاً يستعلم صحتها بالقرائن و عمل الاصحاب و الاجماع و دليل العقل و غيرها فلايجدي نفعاً تواتر اخبار الرؤية هذا مع انا نقول انا غير تاركين لاخبار الرؤية بوجه بل عاملون بها متمسكون بمدلولها و هي غير منافية لاخبار العدد فماكان فيها من خبرين او ثلثة تنافي اخبار العدد فليس يبلغ حد التواتر علي ظنكم كماستعرف فاستدلالهم بتواتر الاخبار ايضاً لم‌يجد لهم نفعاً.

و اما استدلالهم بوجه تسمية الهلال و الشهر فوجوه غير شرعية و لاتفيد علماً و لاعملاً لاسيما بعد ما قلنا ان الاهلة معتبرة و الكلام في غمتها و ابهامها فالهلال هلال و الشهر شهر.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 392 *»

و اما استدلالهم بفزع المؤمنين قديماً و حديثاً و استهلال النبي9 و ما شرع من الاحكام علي ذلك.

اما فزع المؤمنين في الاعصار و الامصار الي رؤية الاهلة فلايقوم حجة علي نقصان شهر رمضان فانه لاتنافي بين العمل بالرؤية و تمامية شهر رمضان كمابينا و سنبين ان‌شاء‌الله و علي فرض التنافي ايضاً لايقوم حجة فان من يوم وفات النبي9 غلب الجور علي العالم و انتشر العدوان للحق و اهله و حرموا علي المنابر ما حلله النبي9 و غيروا الاحكام و شاع المنكر و تغيير الاحكام حتي انه روي انه لم‌يبق في ايديهم الا استقبال القبلة و كانت البلاد مملوة من قضاتهم و احكامهم و كانت الشيعة ضعيفة مضمحلة في جنبهم و ائمة الهدي: مَخفية او مُخفية لاحكامهم و شرايع دينهم و هل نسيتم ما مر علي الشيعة من شدة الخوف و القتل و التقية و ذهاب الكتب و الآثار و انطماس اعلام دينهم من شر الاشرار و قد كانوا مختلطين في كل بلاد العراقين و الشامات و الحجاز و النجد و الايران و الخراسان و غيرها و لم‌يفترقوا الي بعد بني‌عباس بزمان طويل يعني في قرب الالف من الهجرة و ذلك ايضاً في بعض البلاد لا كلها فمتي يكون فزعهم الي الاستهلال حجة اللهم الا ان‌يكون فزع العامة حجة و اما قولهم ان النبي9 كان يفزع الي تلك و يراعيها و يعمل بها فكذلك لاينافي العدد و علي فرض التنافي فاخبار عترته يمنع عن ذلك مؤكداً بالايمان المغلظة في خمسين خبراً و هم يقولون ان النبي ماصام اقل من ثلثين و هو كان يصوم بالعدد و اغلب اخباركم المتواترة في الرؤية ظاهر التقية كما سأبينها ان‌شاء‌الله و اما الاحكام الواردة عن اهل العصمة و الطهارة في ذلك فكغيرها جارية مجري التقية و ايقاع الخلاف و في نفس تلك الاحكام ايضاً اختلافات فاحشة كما هو معلوم في محالها و ليس بحكم واحد متواتر و انما وردت اخبار مختلفة متفرقة بحسب مصلحة كل مجلس مع انا نذكر شدة تقيتهم في امر الهلال في ما بعد ذلك ان‌شاء‌الله فترقب.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 393 *»

و اما قولهم ان الخلاف الحادث لايؤثر في الاجماع السابق فما ادري متي سبق هذا الاجماع و متي حدث هذا الاختلاف اما العترة فيقولون ان العدد سابق و كان عمل النبي9 و في ذلك خمسون خبراً مؤكداً بالايمان المغلظة و ان الرؤية بدعة و كذب قد احدثتها العامة فلو نقول نحن بان الخلاف الحادث لايؤثر في الاجماع السابق فله وجه لاسيما ان هذا الخلاف كان من عصر الائمة: الي الآن فانا لم‌نكذب هذه الاخبار عليهم و انما رويناه عن السلف الصالح و هم قد رووها عن الائمة: و تعلمون انتم ان كتب عمل اصحابنا المتقدمين علي المفيد هي اصولهم المصنفة و ليس لهم كتاب استدلالي الا كتب اخبارهم و هذه الاخبار قد رواها الصدوق من كتب مشهورة عليها المعول و اليها المرجع و رواها الكليني من الاصول المعتبرة و    ضمن صحتها و كان في عصر النواب المقدسين رضوان الله عليهم اجمعين و غيرهما فهذا الخلاف سابق علي ابن زهرة و من حذا حذوه و استدل بدليله فلم‌يحدث هذا الامر و كان من زمن الصادقين هذا الخلاف الي الآن و لولا بروز هذه المسألة في تلك الايام لم‌يك يسألهم احد عنه و قد بينا انه لااجماع في ذلك من الضروري و المحصل العام غير ان ابن‌زهرة نور الله رمسه سريع التحصيل للاجماع و كم من اجماع يحكي عنه و قد اكثر عنه حكاية الاجماع السيد علي في الشرح الكبير. و اما جدول عبدالله بن معوية فلانعرفه و لم‌نعرف احداً من اصحابنا يعمل به و هو ايضاً بنفسه مجهول و اما القاشاني و البحراني فقد انصفنا في تصديق اخبار العدد ولكن تأيد البحراني بالاجماع عجب و هو ليس بشيء عنده و اما حمله اخبار العدد علي التقية و ايقاع الخلاف فهذا الحمل جايز بعد رجحان المعارض لا حين كون المعارض ظاهراً بل صريحاً في التقية.

و اما نسبتهم القول بالعدد الي الشذاذ فعجيب مع ان هذه الاجلة الذين سميناهم ذهبوا الي القول به و المفيد ادعي اجماع جميع فضلاء عصره و فقهائه و رواته علي ذلك و الصدوق قال هو مذهب خواص الشيعة و اهل الاستبصار منهم

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 394 *»

و قد عرفت ان تلك الاخبار مدونة في الاصول و تلك الاصول كانت كتب عمل قدماء اصحابنا و كان القدماء يعرفون الاجماع من تلك الاصول فكيف يكون هذا القول شاذاً مع قول هؤلاء الاكابر. و اما استدلال المفيد بصيام شهرين متتابعين فاعجب عجب فان صوم شهرين متتابعين متفرع علي العدد و الرؤية فمن يفتي بالعدد يفتي بصومهما بالعدد و من يفتي بالرؤية يفتي بصومهما بالرؤية فاي معني يفيد هذا الاستدلال.

و اما قوله «ان ذلك مذهب الغلاة و بعض الشيعة» فاولاً شدة تصلب القميين في الغلاة معروفة فلو كان ذلك مذهب الغلاة لم‌يذهبوا اليه و ثانياً لو كان هذا عيباً فالقول بالرؤية مذهب جميع اهل السنة و بعض الشيعة فعيب بعيب و اما تخصيصه العرض علي العامة باخبار خاصة في مدح الخلفاء فكلام لم‌يتفوه به غيره و هو تخصيص بلامخصص و قد شاع و ذاع حتي ملأ الاصقاع و اطبق الاسماع ان في ترجيح جميع اخبار الائمة: يجب العرض علي العامة و ترك التقية و لااختصاص له بخبر دون خبر و هو احد المرجحات في كل الاخبار.

و اما قوله «الذي يرد منهم علي سبيل التقية لاينقله جمهور فقائهم و انما ينقله الشكاك من الطوائف» فجواز ذلك كتب الروايات منه و من غيره و قد رووا من اخبارهم الواردة مورد التقية ماشاء‌الله فاذن كل علمائنا شكاك نعوذبالله و عمل الاصحاب في كتبهم الاستدلالية في تركهم اخباراً كثيرة لاجل التقية واضح لكل فقيه، نعم ما ورد في مدح خلفاء الجور انما ينقله الشكاك دون غيرهم و اما يتبين تقيته لآحاد الناس فينقله كل فقيه بل يعمل به من لم‌يعرف التقية فيه كائناً من كان فقد تبين و ظهر ضعف هذه الاستدلالات و ان كانت في بادي النظر رايقة و انت حكم عقلك و حاكم ربك و اعرف الرجال بالمقال لا المقال بالرجال هذا استدلالهم علي القول بالرؤية و جوابه علي سبيل الاجمال و سيأتيك بعد ذلك ايضاً ادلة واضحة اخر في وهن ما ذهبوا اليه.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 395 *»

و اما ما يستدل به علي القول الآخر فمنها اخبار:

فالاول: ما رواه العاملي باسناده عن الطوسي باسناده عن حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير قال قلت لابي‌عبدالله7 ان الناس يقولون ان رسول الله9 صام تسعة و عشرين يوماً اكثر مماصام ثلثين فقال كذبوا ماصام رسول ‌الله9 منذ بعثه الله الي ان قبض اقل من ثلثين يوماً و لانقص شهر رمضان منذ خلق الله السموات و الارض من ثلثين يوماً و ليلة.

و الثاني: عنه باسناده عن معاذ بن كثير قال قلت لابي‌عبدالله7 ان الناس يروون ان رسول‌الله9 صام تسعة و عشرين يوماً قال فقال لي ابوعبدالله7 لاوالله مانقص شهر رمضان منذ خلق الله السموات و الارض من ثلثين يوماً و ثلثين ليلة.

و الثالث: عنه بسنده الي حذيفة بن منصور عن ابي‌عبدالله7 قال شهر رمضان ثلثون يوماً لاينقص ابداً. و عن الصدوق بسنده عن حذيفة بن منصور مثله.

و الرابع: عن الصدوق باسناده عن محمد بن سنان مثله و كذا عن الكليني بسنده الي محمد بن سنان مثله.

و الخامس: عن الكليني بسنده عن معاذ بن كثير مثله.

و السادس: عن الطوسي باسناده عن معاذ بن كثير عن ابي‌عبدالله7 قال شهر رمضان ثلثون يوماً لاينقص والله ابداً.

و السابع: عنه بسنده الي معاذ بن كثير قال قلت لابي‌عبدالله7 ان الناس يروون عندنا ان رسول‌الله9 صام هكذا و هكذا و هكذا و حكي بيده يطبق احدي يديه علي الاخري عشراً و عشراً و تسعاً اكثر مماصام هكذا و هكذا و هكذا يعني عشراً و عشراً و عشراً قال فقال ابوعبدالله7 ماصام رسول‌الله9 اقل من ثلثين يوماً و مانقص شهر رمضان من ثلثين يوماً منذ خلق الله السموات و الارض.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 396 *»

و الثامن: عنه عن عمران المنشد عن حذيفة بن منصور قال قال ابوعبدالله7 لاوالله لاوالله لاوالله مانقص شهر رمضان و لاينقص ابداً من ثلثين يوماً و ليلة فقلت لحذيفة لعله قال لك ثلثين ليلة و ثلثين يوماً كمايقول الناس الليل قبل النهار فقال لي حذيفة هكذا سمعت.

و التاسع: عنه باسناده عن معوية بن عمار عن ابي‌عبدالله7 في قوله تعالي و لتكملوا العدة قال ثلثين يوماً.

و العاشر: عنه باسناده عن محمد بن يعقوب بن شعيب عن ابيه قال قلت لابي‌عبدالله7 ان الناس يقولون ان رسول‌الله9 صام تسعة و عشرين يوماً اكثر مماصام ثلثين يوماً فقال كذبوا ماصام رسول‌الله9 الا تاماً و ذلك قول الله تعالي و لتكملوا العدة فشهر رمضان ثلثون يوماً و شوال تسعة و عشرون يوماً و ذوالقعدة ثلثون يوماً لاينقص ابداً لان الله تعالي يقول و واعدنا موسي ثلثين ليلة و ذوالحجة تسعة و عشرون يوماً و الشهور علي مثل ذلك شهر تام و شهر ناقص و شعبان لايتم ابداً. و بالاسناد مثله الا انه قال ماصام رسول‌الله9 الا تاماً و لاتكون الفرائض ناقصة ان الله تعالي خلق السنة ثلث‌مأة و ستين يوماً و خلق السموات و الارض في ستة ايام فحجزها من ثلث‌مأة و ستين يوماً فالسنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسون يوماً و شهر رمضان ثلثون يوماً و ساق الحديث.

و الحادي‌عشر: عن الصدوق عن محمد بن اسمعيل بن بزيع مثله. و في معاني‌الاخبار باسناده عن محمد بن الحسين مثله.

و الثاني‌عشر: عن الكليني بسنده الي محمد بن اسمعيل عن بعض اصحابه عن ابي‌عبدالله7 قال ان الله تبارك و تعالي خلق الدنيا في ستة ايام ثم اختزلها عن ايام السنة و السنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسون يوماً شعبان لايتم ابداً و رمضان لاينقص والله ابداً و لاتكون فريضة ناقصة ان الله عزوجل يقول و لتكملوا العدة و شوال تسعة و عشرون يوماً و ذوالقعدة ثلثون يوماً يقول الله عزوجل و

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 397 *»

واعدنا موسي ثلثين ليلة و اتممناها بعشر فتم ميقات ربه اربعين ليلة و ذوالحجة تسعة و عشرون يوماً و المحرم ثلثون يوماً ثم الشهور بعد ذلك شهر تام و شهر ناقص.

اقول: الذي افهم من اطلاق هذه الاخبار ان شهراً تام و شهراً ناقص من غير استثناء الكبيس هو ان حقيقة الشهور شهر تام و شهر ناقص ليس في واحد منها زيادة و لانقصان ولكن الكبيس يوم غير داخل في الشهور و يدل علي ذلك اطلاق ان السنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسون من غير استثناء في الاخبار فالكبيس يوم خارج عن الشهور و السنة فعلي قول مطلق شهر تام و شهر ناقص و السنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسون دائماً ولكن في بعض الشهور و السنين يلحق يوم لاجل الكبيسة المجتمعة من كسور السنين الغير البالغة يوماً او تلك الكسور ايضاً زايدة ليست من السنة و انما حدثت لاعراض خارجية فلو بقيت السنة علي فطرتها كانت علي فطرتها بلاكسر. و عن الطوسي باسناده عن الكليني مثله.

و الثالث‌عشر: باسناده عن الصدوق باسناده عن ابي‌بصير انه سأل اباعبدالله7 عن قول الله عزوجل و لتكملوا العدة قال ثلثين يوماً.

و الرابع‌عشر: عنه باسناده عن ياسر الخادم قال قلت للرضا7 هل يكون شهر رمضان تسعة و عشرين يوماً فقال ان شهر رمضان لاينقص من ثلثين يوماً ابداً. و من الخصال بسنده عنه مثله. و كذا الذي قبله بسنده عنه.

و الخامس‌عشر: عنه بسنده عن يعقوب بن شعيب عن ابي‌عبدالله7 في حديث طويل انه قال شهر رمضان ثلثون يوماً لقول الله عزوجل و لتكملوا العدة الكاملة التامة قال ثلثون يوماً.

و السادس‌عشر: في البحار عن الامالي بسنده الي معوية بن عمار عن الحسن بن ابي‌عبدالله عن ابيه عن جده الحسن بن علي بن ابي‌طالب8 قال جاء نفر من اليهود الي رسول‌الله9 و سألوه عن مسائل الي ان قال قال اليهودي صدقت يا محمد فاخبرني لاي شيء فرض الله عزوجل الصوم علي

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 398 *»

امتك بالنهار ثلثين يوماً و فرض علي الامم اكثر من ذلك قال النبي9 ان آدم لمااكل من الشجرة بقي في بطنه ثلثين يوماً ففرض الله علي ذريته ثلثين يوماً الجوع و العطش و الذين يأكلون تفضل من الله عزوجل عليهم و كذلك كان آدم ففرض الله علي امتي ذلك ثم تلا رسول‌الله9 كتب عليكم الصيام كماكتب علي الذين الي قوله اياماً معدودات. قال الشيخ علي بن محمد بن الحسن بن زين الدين العاملي الشهيد رضوان الله عليهم في الدر المنثور في تلو هذا الخبر و في الحديث دلالة علي ما ذهب اليه الصدوق; من كون شهر رمضان ثلثين يوماً و الجمع بينه و بين ما تقدم ممادل علي امكان النقص غير خفي الي آخر كلامه.

و السابع‌عشر: فيه من الخصال بسنده الي عبدالله بن عباس قال قدم اخوان من رؤساء اليهود المدينة و سألا عن مسائل ابابكر فلم‌يجبها الي ان قال جاء علي7 فسألاه عن تلك المسائل فاجابهما و من تلك المسائل قالا ما الثلثون؟ قال ثلثون يوماً شهر رمضان صيامه فرض واجب علي كل مؤمن الا من كان مريضاً او علي سفر الحديث.

و الثامن‌عشر: في الخصال بسنده عن اسمعيل بن مهران قال سمعت جعفر بن محمد8 يقول والله ماكلف الله العباد الا دون ما يطيقون انما كلفهم في اليوم و الليلة خمس صلوات و كلفهم في كل الف درهم خمسة و عشرون درهماً و كلفهم في السنة صيام ثلثين يوماً و كلفهم حجة واحدة و هم يطيقون اكثر من ذلك.

و التاسع‌‌عشر: في البرهان نقلاً عن العياشي عن ابن ابي‌عمير عن رجل عن ابي‌عبدالله7 قال قلت جعلت فداك مايتحدث به عندنا ان النبي صام تسعة و عشرين اكثر مماصام ثلثين أحق هذا؟ قال ماخلق الله من هذا الحديث حرفاً ماصامه النبي الا ثلثين لان الله يقول و لتكملوا العدة فكان رسول‌الله9 ينقصه.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 399 *»

هذا ما وجدنا نصاً علي شهر رمضان و كونه ثلثين و اما ما يدل علي الشهور كلها و علي شهر رمضان في جملتها فكثيرة و اذا تدبر الفقيه العالم باللحن و الحساب وجدها كلها جارية علي مجري واحد و ليس تخصيص شهر رمضان بالذكر في هذه الاخبار الا لوقوع السؤال عنها و الا هو شهر من الشهور و لماكانت الشهور شهراً تاماً و شهراً ناقصاً و كان شهر رمضان تاماً ابداً و سأل الناس عنه خصوه بالذكر مع انهم صرحوا في بعضها انه لاجل كونه شهراً من الشهور و كونه من الشهور التامة قيل انه ثلثون كمامر فاذا عرفت ذلك تعلم ان ساير الاخبار ايضاً من هذا الباب فنسردها ايضاً.

فالعشرون: عن الكليني عن محمد بن عثمن الخدري عن بعض مشايخه عن ابيعبدالله7 قال صم في المستقبل اليوم الخامس من يوم صمت فيه عام اول. قال المجلسي; هذا في غير سنة الكبيسة و في الكبيسة ينبغي ان‌يعد ستة ايام و السادس يكون اول الشهر المستقبل و في غالب الاوقات هذا الحساب يطابق الرؤية كما ان في سنة السابعة بعد المأة و الالف كان اول شهر رمضان يوم الاربعاء و في السنة الثامنة بعد المأة و الالف كان خامسه الذي هو يوم الاحد اول شهر رمضان و هذه السنة التي هي السنة التاسعة لماكانت كبيسة كان سادس الاحد الذي هو الجمعة اول شهر رمضان ثم اخذ يفسره بشهر تام و شهر ناقص كماذكرنا الي آخر كلامه نور الله رمسه.

و قال الفاضل الهندي و اما القول الثالث الاعتبار بعدّ خمسة ايام من الماضي و هو الموافق للعادة في غير السنة الكبيسة و في عجايب المخلوقات للقزويني و قد امتحنوا ذلك خمسين سنة فكان صحيحاً.

اقول هذا كلام لايعبؤ به و لابد من تقييد الخبر لشهادة العادة بذلك او نقول ان الامر بالصوم ليس لاجل شهر رمضان و انما هو لاستحبابه بنفسه استظهاراً لشهر رمضان فانه ليس في واحد منها انه لاجل شهر رمضان فيندرج الكبيسة فيها بلاتقييد.

و الواحد و العشرون: عنه بسنده عن عمران الزعفراني قال قلت لابي‌عبدالله7 ان السماء تطبق علينا بالعراق اليومين و الثلثة فاي يوم نصوم؟ قال انظر

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 400 *»

اليوم الذي صمت فيه من السنة الماضية و صم يوم الخامس. و عن الصدوق في المقنع عن عمران الزعفراني مثله. و عن الطوسي باسناده عن محمد بن يعقوب مثله.

و الثاني و العشرون: عن القمي قال قال ابوعبدالله7 اذا صمت شهر رمضان في العام الماضي في يوم معلوم فعد في العام المستقبل من ذلك اليوم خمسة ايام و صم يوم الخامس.

و الثالث و العشرون: عن علي بن طاوس في الاقبال نقلاً من كتاب الحلال و الحرام لاسحق بن ابرهيم الثقفي الثقة بسنده عن عاصم بن حميد عن جعفر بن محمد8 قال عدوا اليوم الذي تصومون فيه و ثلثة ايام بعده و صوموا اليوم الخامس فانكم لن تخطئوا ثم قال قال احمد بن عمران بن ابي‌ليلي قد ذكرت للعباس بن موسي بن جعفر يعني هذا الخبر فقال انا عليه ما انظر الي كلام الناس و الرؤية. و بسنده عن غياث مثله.

و الرابع و العشرون: عنه باسناده الي الكليني باسناده عن الصادق7 انه قال عد من هلال شهر رمضان في سنتك الماضية خمسة ايام و صم اليوم الخامس.

و الخامس و العشرون: عن الكليني بسنده الي السياري قال كتب محمد بن الفرج الي العسكري7 يسئله عماروي في الحساب في الصوم عن آبائك: في عد خمسة ايام بين اول السنة الماضية و السنة الآتية الذي يأتي فكتب صحيح ولكن عد في كل اربع سنين خمساً و في السنة الخامسة ستاً فيما بين الاولي و الحادث و ماسوي ذلك فانما هو خمسة خمسة قال السياري و هذه من جهة الكبيسة قال و قد حسبه اصحابنا فوجدوه صحيحاً قال و كتب اليه محمد بن الفرج في سنة ثمان و ثلثين و مأتين هذا الحساب لايتهيأ لكل انسان ان‌يعمل عليه انما هذا لمن يعرف السنين و من يعلم متي كانت السنة‌ الكبيسة ثم يصح له هلال شهر رمضان اول ليلة فاذا صح الهلال لليلته و عرف السنين صح له

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 401 *»

ذلك ان‌شاء‌الله. و الذي اظن ان في الخبر سقط و كان كذلك: و كتب اليه محمد بن الفرج في سنة فلان هذا الحساب لا يتهيأ لكل انسان ان‌يعمل عليه فكتب7 انما هذا الخ. فان تتمة الكلام علي سبيل الجواب و ليس جواب آخر في الخبر و يستبعد ان‌يكتب محمد هكذا و لاثمرة في كتب محمد بن الفرج هكذا و لحن تتمة الكلام لحن الجواب لاسيما بقرينة ان‌شاء‌الله في آخر الكلام و هو لحن اجوبة العسكري7 في فتاويه كما لايخفي علي من راجع كلماته7. بالجملة هذا الخبر من المشكلات و لم‌ار من تعرض لحله بل اغفلوه بالكلية و منهم من استدل به علي ان احاديث الخسمة مخصصة لسنة الكبيسة لهذا الخبر و لم‌يتفطنوا انه غير الكبيسة المعروفة فان المعروفة في كل ثلثين سنة احدي عشرة سنة علي حروف «بهزيجهح كادوط» او علي حساب «بهزيجوح كادوط» علي اختلاف مذاهب المنجمين الا المجلسي; فان تصدي لحله ولكن ماحله حق حله و هو انه قد ذكر في رسالته العددية ان حساب الكبيسة علي ثلثة اقسام: قسم ما هو المشهور بين المنجمين و هو الموافق للارصاد و قسم يزاد في كل ثلث سنين يوماً لاجل الكبيسة في كل ثلثين سنة عشرة ايام و هذا الحساب متروك مهجور و هذا الذي قاله7 اما مبتني علي الاحتياط في الصوم او موافق لقاعدة كانت في ذلك الزمان معروفة عند العرب كماقاله صاحب القاموس و السنة الكبيسة يسترق منها يوم و ذلك في كل اربع سنين و القرينة علي ذلك ماقاله الراوي قد حسبه اصحابنا فوجدوه صحيحاً انتهي كلامه نور الله رمسه.

اقول: فعلي ما في القاموس السنة الكبيسة ما ينقص منه يوم لا مايزاد عليه و هو خلاف المعروف فالاربع سنين كبيسات و الخامسة لا و المعروف العكس و لايخفي ان هذه الكبيسة اي في كل خمس سنين مرة قد حاسبناها و راقبناها فوجدناها تختلف في مر الشهور اختلافاً فاحشاً و يتقدم اول الشهر علي الرؤية شيئاً بعد شيء الي ان‌يتقدم اياماً و اشهراً و هو خلاف الحس الا ان‌يكون ذلك في اشهر اصطلاحية لا القمرية الحقيقية و الاشهر الاصطلاحية لاتكون مناط الحكم

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 402 *»

الشرعي و لايتعلق حكم الصوم بها و لايمكن ان‌تكون اشهراً حقيقيةً لانه خلاف المحسوس و كون ما يختلف هذا الاختلاف معروفاً عند العرب شايعاً و لم‌يطلعوا علي اختلافه في مر الدهور مع دهاهم بعيد غاية البعد و كلام صاحب القاموس يحتمل ان‌يكون في الكبيسة الشمسية فانها في كل اربع سنين مرة و من الناس من يحسب الكبيسة في كل خمس سنين مرتين في الثانية و الثالثة و اليه يلوح اختيار ابن الجنيد ولكن لادليل عليه ايضاً و العجب من قول الراوي انه قد حسبه اصحابنا فوجدوه صحيحاً، ماادري كيف حاسبوه و الوجه فيه انه من باب ايقاع الخلاف كماصدر اخبار الخمسة من باب ايقاع الخلاف و لعلها صدرت للاحتياط للصائمين فان في السنة الكبيسة اذا صامه في الخامس بنية شعبان لانه يوم الشك حسب له ان كان من رمضان و الذي افهمه انهم لم‌يخبروا شيعتهم بحقيقة الكبيسة لان‌يكون لهم يوم شك و يكون ذلك حفظاً لرقابهم و يشتبه امرهم فيوافقوا بذلك العامة و يحقن دماؤهم فانه اذا لم‌يعرفوا السنة الكبيسة يحتمل ان‌يتأخر شهر رمضان ستة ايام ان كانت كبيسة و يحتمل ان‌يتأخر خمسة ان لم‌تكن فبذلك يكون الامر مشتبهاً علي اكثرهم دائماً فيعملون باستصحاب شعبان لان يوم الشك يصام من شعبان ثم يوافقون في الجزم العامة قطعاً لان شهر رمضان لايتأخر سبعة ايام ابداً الا ان‌يتغيم او يكون علة و هذا هو السر في كتمانهم الكبيسة بل كتموا الشهر الكبيس ايضاً. اما علي قاعدة المنجمين فهو ذوالحجة و اما بحسب الشرع فلم‌يصل الينا نص في ذلك بالجملة هذه الاخبار دالة بدلالة الاشارة علي ان شهراً تام و شهراً ناقص و شهر رمضان تام ابداً.

و السادس و العشرون:  عن القمي مرفوعاً قال قال الصادق7 اذا صح هلال رجب فعد تسعة و خمسين يوماً و صم يوم الستين و عن المقنع عن الصادق7 مثله و في شرح الدروس عن محمد بن الحسن بن ابي‌خالد يرفعه الي ابي‌عبدالله7 مثله و كذا نقله عنه الفاضل الهندي و هذا الخبر ايضاً من باب ان رجب من الشهور التامة و شعبان من الناقصة فهما معاً تسعة و خمسون يوماً و الستون اول شهر رمضان فليس ذلك بقاعدة خارجة عن تلك القاعدة فمافرق

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 403 *»

الاصحاب هذه الاخبار و ذهب الي كل خبر واحد ليس في محله و كلها عبارات مختلفة من ان شهراً تام و شهراً ناقص.

و السابع و العشرون: عنه عن ابي‌الحسن الرضا7 قال يوم الاضحي في اليوم الذي يصام فيه و يوم عاشورا في اليوم الذي يفطر فيه. و عن الكليني مثله. قال المولي المجلسي تغمده الله برحمته الاكثر لم‌يفهموا هذه الاحاديث و تكلفوا في حلها و ظني انها ايضاً من باب كون شهر تاماً و شهر ناقصاً لانه لو كان اول شهر رمضان الاحد يكون اول شوال الثلثا لانه من الشهور التامة و يكون اول ذي‌القعدة الاربعاء لان شوال من الشهور الناقصة و يكون اول ذي‌الحجة الجمعة لان ذاالقعدة من الشهور التامة فيكون الاضحي الاحد موافقاً لاول شهر رمضان و اذا كانت السنة كبيسة يكون ذوالحجة تاماً فيكون اول المحرم الاحد فيكون العاشورا في اليوم الذي افطر فيه فيجب ان‌يحمل الحديث علي السنة الكبيسة او علي كثرة الوقوع او علي خصوص تلك السنة التي اخبروا بها و الاولي الحمل علي تلك السنة التي كان الرضا7 قاله فيها انتهي. و ظني انه نوع تورية و ليس من باب العدد و يريد به ان يوم عاشورا في اليوم الذي يفطر فيه اي لايصام يوم عاشورا و ينبغي افطاره رداً علي بني‌امية و هذا وجه قريب حسن.

و الثامن و العشرون: من كتاب فضائل شهر رمضان عن ابي‌عبدالله7 قال اذا صح هلال رجب فعد تسعة و خمسين يوماً و صم يوم الستين و هذا الخبر ايضاً موافق لاخبار العدد فانه مبني علي كون رجب ثلثين و كون شعبان تسعة و عشرين و هما معاً تسعة و خمسون و الستون اول شهر رمضان علي ان ذكر فرد من افراد كلي لايؤسس قاعدة جديدة.

و التاسع و العشرون: مارواه في الاقبال عن جده الشيخ الطوسي باسناده عن ابي‌الهيثم محمد بن ابرهيم عن العسكري7 قال دخلت علي الحسن العسكري7 في اول شهر رمضان و الناس بين شاك و متيقن فلمانظر بي قال تحب ان اعطيك شيئاً تعرف به شهر رمضان لم‌تشك فيه ابداً؟ فقلت بلي يا مولاي من علي بذلك فقال تعرف اي يوم دخل المحرم فانك اذا عرفت ذلك

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 404 *»

كفيت الشك في هلال رمضان قلت و كيف يجزيني معرفة هلال المحرم عن طلب هلال رمضان قال انه يدلك عليه فتستغني عن ذلك قلت يا سيدي بين لي كيف ذلك فقال انتظر اي يوم يدخل المحرم فان كان اوله الاحد فخذ واحداً و ان كان الاثنين فخذ اثنين و هكذا علي هذا عد الي ان قال و ان كان السبت فخذ سبعة ثم احفظ مايكون و خذ عليه عدد ائمتك و هو اثناعشر ثم اطرح ما معك سبعة سبعة فمابقي مما لايتم سبعة فانظر كم هو فان كان سبعة فالصوم السبت و ان كان ستة فالصوم الجمعة و ان كان خمسة فالصوم الخميس و هكذا عد الي ان قال و ان كان واحداً فالصوم الاحد و علي هذا فان حسابك يصيبه وفقك الله للحق ان‌شاء‌الله.

قال المولي المجلسي في كتابه في العدد بعد نقله اياه هذا الحديث اشتبه علي افاضل العلماء و لم‌يعلموا سره و لهذا لم‌يورده الاكثر في كتبهم و قال السيد بن طاوس عليه الرحمة لعل هذا الحديث مخصوص بوقت خاص او شخص خاص و ظن الفقير ان هذا الحديث ايضاً مبني علي حساب العدد و يوافق حديث الخمسة و بناء كليهما علي اصل واحد ثم فصل الحساب الي ان قال و يستنبط من هذه القاعدة اللطيفة قاعدة اخصر و هي ان كل يوم يكون اول شهر المحرم يكون اول شهر رمضان يومين قبله كما اذا كان اول شهر المحرم الجمعة يلقي الخميس و الاربعاء اول شهر رمضان او نقول سادس اول المحرم اول شهر رمضان كماعرفت في الخمسة الي ان قال فالاحتياط في اختيار هذه الاخبار في الصوم لا في الفطر الي آخر كلامه رضوان الله عليه.

و ذكر ابن طاوس قاعدة اخري و قال رأيته في ظهر كتاب عتيق و ذكر; تفصيل شهر شهر باسمائها و ايامها و نحن نختصره كماذكره الكفعمي; في حواشي كتابه و هو هذا: مهو، صجد، ربج، رزح، جوز، جده، رجد، شاب، رذح، شهو، ذده، ذطي. و تفسيره ان الحرف الاول يدل علي الشهر و الحرف الثاني هو يوم الوقفة و الحرف الثالث اول شهر رمضان مثلاً الميم علامة المحرم و الهاء خامسه فخامسه الوقفة اي يوم عرفة و سادسه اول شهر رمضان و هكذا ساير الشهور.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 405 *»

و قال المجلسي في المقصد الثامن من كتابه المقصد الثامن في توضيح حديث مشكل آخر قد ورد في هذا الباب قد رواه ابن طاوس عليه الرحمة ايضاً في الاقبال و قال قد رأيته في ظهر كتاب عتيق من كتب اصحابنا ثم ذكر الخبر ثم قال و الظاهر انه رواية منقولة من المعصومين: و يحتمل ان‌يكون من مستخرجات العرب و علي اي تقدير هو ايضاً مبني علي حساب العدد ثم ذكر الوجه فيه بالحساب الي ان قال لابد ان‌يتكلف فيها في الموضعين لانه ان كان اول شهر رمضان معلوماً بالرؤية لايحتاج بعده الي الاستعلام و لعله ذكر استطراداً أما انه يفيد المعرفة و كذا في ذي‌الحجة لانه ان كان اوله معلوماً بالرؤية يعلم يوم الاضحي الي ان قال و تأويل هذا الحديث ايضاً مثل تأويل الاحاديث السابقة و فائدتها عند اشتباه الاهلة او الغرض بيان القواعد المرتبة علي الحساب و العدد لابناء الحكم الشرعي عليه و ان كان بعيداً جداً انتهي كلامه زيد مقامه.

اقول اذا كان اول ذي‌الحجة ايضاً معلوماً يفيد لشهر رمضان اذا مضي علي الاشتباه فلاتكلف فيه ايضاً و بالجملة هذه القاعدة ايضاً من باب العدد و الاخبار السابقة.

و الثلثون: مارواه ابن طاوس في الاقبال باسناده عن الكليني و عن علي بن الحسن بن فضال من كتابه كتاب الصيام باسنادهما الي ابي‌بصير عن الصادق7 انه قال اذا عرفت هلال رجب فعد تسعة و خمسين يوماً ثم صم يوم الستين.

و الواحد و الثلثون: قال ابن طاوس في الاقبال و رأيت روايتين احدهما عن عبدالله بن معوية بن عبدالله بن جعفر بن ابي‌طالب و هو يتضمن شرحاً طويلاً نحو كراسين فلانطيل بذكره رواه عن الصادق7 في معرفة اول الشهور بالحساب.

و الثاني و الثلثون: مارواه في الاقبال قال و من ذلك ما سمعناه مذاكرة و لم‌نقف علي اسناده انه روي عن احدهم: انه قال يوم صومكم يوم نحركم. و قال المجلسي و الاكثر لم‌يفهموا هذه الاحاديث و ظن الفقير انه ايضاً موافق للاخبار السابقة و هذا ايضاً مبني علي اخبار العدد الي آخر كلامه. و من متعلقات اصل قاعدة الحساب مارواه في تفسير البرهان عن العياشي

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 406 *»

عن ابي‌جعفر7 و ابي‌عبدالله7 قال ان الله خلق السموات و الارض في ستة ايام فالسنة تنقص ستة ايام. و عن ابي‌الصباح بن سبابة عن ابي‌جعفر7 قال ان الله خلق السنة اثني‌عشر شهراً و هي ثلث‌مأة و ستون يوماً فحجز منها ستة ايام خلق فيها السموات و الارض فمن ثم تقاصرت الشهور. و في الخصال ايضاً مثله الا انه ذكر خلق الشهور و فيه مارواه عن بكر بن علي بن عبدالعزيز عن ابيه قال سألت اباعبدالله7 عن السنة كم يوماً هي؟ قال ثلث‌مأة و ستون يوماً منها ستة ايام خلق الله عزوجل فيها الدنيا فطرحت من اصل السنة فصارت السنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسين يوماً و هذه الاخبار من متعلقات اصل قاعدة الحساب عند اهله فان ذكر بعض قاعدة في الخبر لايؤسس قاعدة جديدة فهي عند اهله من متعلقات المسألة ولكن لاتقوم حجة علي الخصم.

بالجملة هذا ما وجدت ممايكون دليلاً للقائلين بان شهر رمضان لايكون اقل من ثلثين يوماً و تكلف لهم الفاضل الهندي دليلاً آخر و هو الحساب النجومي و قال هو حجة لابتنائه علي القواعد الرياضية المبتنية علي البراهين القاطعة المنتهية الي اليقين و هم لايرضون باستدلاله رضي الله عنه و كذا استدل لهم بقوله تعالي اياماً معدودات و قوله و لتكملوا العدة اما الآية الاولي فليست بنص في المطلوب ولكن النبي9 استشهد بها علي اليهود كمامر و كذا الآية الثانية فانها ايضاً ليست بنص ولكن استدل بها الامام7 في اخبار عديدة مرت و ما زعمه اقوام انها في القضاء بعد تفسير الامام عجيب لاسيما بعد الاشارة في قوله تعالي بعدها فانه يقول و لتكملوا العدة و لتكبروا الله علي ما هديكم فانه التكبير المعروف بعد الصلوات في ليلة العيد و يومه فالاكمال للشهر لا للقضاء و هي بعد قوله يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر. و هي دال علي الاداء و القضاء فانقطع الكلام عن القضاء مع ان آي القرآن اولها في شيء و آخرها في شيء فتنبه فدونك هذه الاخبار و انظر فيها بنظر الاعتبار و انصف ربك القهار فان دين الله سبحانه لايصاب بغير الانصاف و النظر لله و في الله

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 407 *»

فاذا نظرنا بعين الانصاف في الاخبار الاولة رأيناها صحيح الصدور متكثرة بل متواترة معني حقيقة مع انضمام عمل كثير من الاصاب اليها قديماً و حديثاً بحيث يحصل القطع بصدورها عن المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين و هي مع ذلك موافقة للمشهور بين المتقدمين و المتأخرين و يؤيدها الاجماعات المنقولة كمامر عن بعض الاصحاب و ليس في الكتاب آية تدل عليها نصاً صريحاً لايحتمل الخلاف الا ان آية الاهلة تؤيدها علي متفاهم الظاهر كمامر من غير نفي للعدد ولكن ما يعارض منها اخبار العدد موافق للعامة كماشهد به الاصحاب العاملون بها و غيرهم و كما هو المعروف من مذهب العامة و الخاصة قديماً و حديثاً و كمايشير اليه نفس اخبار العدد ان العامة كانوا يقولون ان شهر رمضان ينقص حتي انهم وضعوا اخباراً اغراقاً في باطلهم ان النبي9 صام تسعة و عشرين اكثر مما صام ثلثين و انكر الائمة: عليهم و ليس لموافقتها للعامة مجال انكار.

و اما اخبار العدد فهي اقل عدداً الا انها ايضاً صحيح الصدور عن الائمة: كماحققنا صحة هذه الاخبار في علم الاصول و الدراية و قد رواها الثقات في كتبهم المصححة المضمون عليها كالفقيه و الكافي و هي متكررة في الاصول الصحيحة و قد عمل بها كثير من القائلين بالرؤية ايضاً ولكن خصوها بغمة الشهور كلها او اكثرها من غير مخصص و لو لم‌تكن صحيحة لماجاز العمل بها في حال من الاحوال فلايزيد شهرة تلك الاخبار علي استفاضة هذه الاخبار فان المقصود حصول العلم العادي بصحة الصدور و هو حاصل في الطرفين فلايفيد هذه الشهرة رجحاناً شرعياً زايداً علي العلم العادي، هذا مع ان الاخبار الآمرة بالعمل بالرؤية لاتعارض بجملتها هذه الاخبار الدالة علي ان شهر رمضان مانقص و لاينقص من ثلثين ليلة و ثلثين يوماً قط فان في هذه الاخبار اخبار عن الواقع و في تلك الاخبار امر بالصوم للرؤية و الفطر للرؤية و لاتعارض بينهما فانه لاتنافي بين ان‌يكون الصوم و الفطر بالرؤية و بين ان شهر رمضان لايكون اقل من ثلثين يوماً فان الاول بيان التكليف قبل ظهور كاشف الخلاف و الثاني بيان اصل حقيقة شهر رمضان

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 408 *»

فان طابق بالرؤية فهو و الا يقضي يوم ليصادف الواقع و ما يعارض منها اخبار العدد لايبلغ حد التواتر و ما يعارض هذه الاخبار صريحاً اخبار ان شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان و ما روي انه اذا كان تسعة و عشرين يوماً بحسب الرؤية لايقضي يوم. هذا و اخبار العدد صريحة في الرد علي العامة ‌و انها مخالفة لهم و عملهم في جميع الاعصار علي الرؤية فقط و في بعض ما يعارض منها العدد لمح بالتقية كالحديث الخامس و العشرين حيث يروي عن علي7 انه قال صمنا مع رسو‌ل‌الله9 تسعة و عشرين يوماً و لم‌نقضه و رأوه تاماً فان سبكه صريح لاسيما رأوه تاماً لاسيما مع روايات صريحة في انكار ان رسول‌الله صامه ناقصاً. و السادس و العشرين في قوله ماادري ماصمت ثلثين اكثر او ما صمت تسعة و عشرين. و الثامن و العشرين حيث يقول كان اميرالمؤمنين7 يقول لا و لايفتي بنفسه ففي هذه الاخبار بانضمام اخبار العدد لحن في التقية يعرفه اهله فان الائمة: لم‌يكن ديدنهم في الفتاوي ان‌يقولوا كان رسول‌الله9 يقول كذا او كان علي يقول كذا او كان ابي يقول كذا فانهم لايقولون ذلك الا لمن لم‌يثق بقولهم قطعاً و من لايثق بقولهم محل التقية و ذلك ظاهر للمتدرب في الفقه العارف باللحن و لايمكن له ان‌يعرف ذلك لمن ليس بفقيه عارف لللحن فاخبار العدد صريحة في مخالفة العامة العمياء و في اخبار الرؤية المعارضة لحن بالتقية فموافقة العامة احد اسباب ترك الخبر و مخالفتهم احد اسباب الرجحان و ما ظنه بعض الاصحاب ان اخبار الرؤية موافقة للشهرة مخالفة للنادر فموافقة الشهرة صحيحة الا ان خلاف المشهور هنا ليس بنادر كماعرفناك في صدر المسألة فليست هذه الشهرة من اسباب الرجحان المنصوص الشرعي فان الاخذ بالاشهر ليس من المرجحات المنصوصة و انما هو من اسباب العمل بالظن و ما لانص فيه لايتمشي عندنا في الترجيح فانه لااحد يعرف وجه اختلاف الاخبار الا من حدث بها و هم قد امرونا بالاخذ بمشهور خلافه نادر فلايعارض الاشهر مخالفة العامة علي الحق الحقيق بالتحقيق.

و اما الاجماعات المنقولة فليست باجماع محصل عام

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 409 *»

لوجود المخالف للمشهور كثيراً فهي منقولة عن المحصل الخاص و هي حجة لمحصلها غاية الامر انها ايضاً كخبر صحيح من اخبار الرؤية و لايجوز العمل بها مع وجود المعارض و موافقتها للعامة العمياء هذا مع ان المفيد ايضاً ادعي اجماع علماء عصره علي العدد فاجماع باجماع. و اما الكتاب فقد حققنا ان الآية ليست ممااجمعوا علي تأويله لوجود المخالف كثيراً الا ان‌يفسروها بالخبر فان فسروها بالخبر فلنا ايضاً آية مفسرة بالخبر كمامر فآية بآية، هذا مع انا قد حققنا سابقاً عدم تعارضهما و المرجحات المنصوصة عن الائمة: واحد و عشرون:

فمنها الاخذ برواية الاعدل و الافقه و الاصدق و الاورع و الاوثق فمن روي تلك الاخبار روي هذه الاخبار فلايتمشي هذه المرجحات.

و منها الاخذ برواية الثقة و ترك غيرها و الخبران في ذلك ايضاً سواء قد رواهما الثقات.

و منها الاخذ بالمجمع عليه فلاواحد منهما مجمع عليه.

و منها الاخذ بالمشهور و ترك النادر و قد ذكرنا ان اخبار العدد ليس بنادر فلايتمشي هذا المرجح ايضاً و علي فرض تمشيه يعارضه الترجيح بموافقة العامة و ترجيح الراجح بالشهرة علي الراجح بمخالفة العامة غير منصوص و يمكن ترجيح الراجح بمخالفة العامة بان الحديث الذي فيه الترجيح بالشهرة مرفوعة زرارة و ليست من طرق الثقات و لا في الكتب المعتبرة فانما هي مذكورة في «الغوالي‌اللآلي» و هو كتاب غير مصحح و لابمعتبر فان قلت هذا الخبر مشهور معروف قلنا الكلام في الشهرة و مقبولة عمر بن حنظلة و هي موردها في فتوي الحكمين لاترجيح الخبرين عند الاجتهاد و ان قلت ان الاصحاب اجروها في الخبرين ايضاً قلنا الجواب الاول هذا مع ان الكليني راوي هذا الخبر لم‌يعمل به في مقام الترجيح كماينادي به اول كتابه في بيان كيفية الترجيح فراجع هذا مع انهما معارضان بآيات كثيرة في ذم الكثرة و مدح القلة و باخبار كثيرة في ذم الكثرة و مدح القلة هذا مع ان المشهور اقرب الي التقية من النادر فان مطمح نظر العامة جل الاصحاب لانادرهم فيخاف علي الكثير اكثر ممايخاف علي النادر المخمول الذكر الغير المعروف فبهذه الجهات يكون الترجيح بمخالفة العامة ارجح من الترجيح بموافقة الشهرة و قد اوضحناه ان كنت

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 410 *»

من اهله.

و منها الترجيح بموافقة الكتاب و موافقة السنة و قد عرفت ان الطرفين سواء في ذلك فانه لاكتاب مجمعاً علي تأويله و لاسنة جامعة غير متفرقة لهؤلاء و لهؤلاء و دعوي بعض الاصحاب ان عمل المسلمين من عصر النبي9 الي زماننا كان علي الرؤية فمع مخالفة اجلة الاصحاب و كون الخلاف في زمان الائمة: و اخبارهم بعمل النبي9 فعجيب و اي عجب و لاحاجة في رده الي ازيد من ذلك.

و منها المخالف للعامة و ما هم اليه اميل فاخبار العدد مخالفة لهم و لما هم اليه اميل و اخبار الرؤية موافقة لهم فالترجيح لاخبار العدد.

و منها مخالفة فقيه البلد و المخالف لاخبارهم و المخالف لمايشبه اقوالهم و هذه الثلثة ايضاً لنا و عليهم.

و منها الاخذ بالناسخ فلايعرف منه شيء لهم و لنا.

و منها الاخذ بالاحدث فكذلك.

و منها الاخذ بالاحتياط فليس ذلك ايضاً لهم و لا لنا الا ان‌نقول بالعمل بالرؤية و القضاء اذا نقص فيكون لنا لا لهم.

و منها الاخذ بالمحكم و رد المتشابه اليه فهو ايضاً لنا فان المتشابه ما يشبه الباطل او لايعلم الحق فيه من الباطل و اخبارهم ان لم‌يكن صريحاً في صدورها تقية يكون من المتشابهات يقيناً و علي فرض ان ‌يقوي عندهم العمل بالمشهور فيكون اخبارنا ايضاً متشابهة لمخالفة الشهرة فيجري التشابه في الطرفين و لايكون هذا الترجيح ايضاً لهم و لايكون لنا فليكن كغيره.

و منها الاخذ بما يشابه اخبارهم القديمة و في اخبارنا تصريح بعمل القديم و موافقة العدد للقديم فهذا الترجيح لنا. و ان قال الخصم ان في اخبارنا ايضاً تصريح بعمل القديم، قلنا قد ثبت ان ذلك التصريح كان من باب التقية فهذا الترجيح لنا.

و منها الاخذ بالمفسر فهو ليس لنا و لا لهم. فهذه احد و عشرون مرجحاً شرعياً لم‌يكن واحد منها لاخبار الرؤية و كان بعضها لاخبار العدد فالترجيح لاخبار العدد و ما علينا الا المجاهدة و علي الله هداية السبل و السلام علي من اتبع الهدي.

و اما المرجحات المذكورة في كتب الاصحاب فكثيرة ولكن لم‌يرد بها نص و ليس عملنا علي ما لانص فيه قال الله سبحانه فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه. و ليس لاحد ان‌يعرف الاحسن من غير الاحسن من كلام

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 411 *»

ائمة الهدي: الا من حيث اوقفوا شيعتهم عليه و ما اوقفونا عليه هذا و عملنا بالاحسن علي ما اوقفوا و الحمدلله و يدل علي صحة عملنا بهذه الاخبار و عدم الاثم علينا بعد ما مر الاخبار المخيرة في العمل باخبارهم المتعارضة فعلي فرض تكافؤ التراجيح و عدم غلبة مخالفة العامة علي المشهور يصح عملنا باخبار العدد من باب ما قيل للرضا7 يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلانعلم ايهما الحق فقال اذا لم‌تعلم فموسع عليك بايهما اخذت و ما قال ابوعبدالله7 اذا سمعت من اصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتي تري القائم فترده اليه. و اخبار كثيرة اخر قالوا فيها بايهما اخذت من باب التسليم وسعك. هذا مع ما وفقنا الله من الترجيح بما مر من فضله و الحمدلله.

و اما سبيل صدور تلك الاخبار و كثرتها فالتقية فانهم كانوا في زمن الخلفاء و السلاطين في تقية لاغاية لها و لامنتهي لاسيما في امر الشهور و كان للعامة تصلب شديد في امر الهلال كما هو الآن و كان الائمة: يخافون علي انفسهم من ذلك و لذا كانوا يتبعونهم و انا اسرد لك اخباراً يدلك علي شدة تقيتهم.

فمنها رواية ابي‌الجارود قال سمعت الباقر7 يقول صم حين يصوم الناس و افطر بفطرهم. و من عرف لحن الاخبار عرف ان المراد بالناس العامة و هو ظاهر للفقيه العارف.

و منها رواية اخري عنه قال انا شككنا سنة في عام من تلك الاعوام في الاضحي فلمادخلت علي الباقر7 كان بعض اصحابه يضحي فقال الفطر يوم يفطر الناس و الاضحي يوم يضحي الناس و الصوم يوم يصوم الناس.

و منها رواية عبدالحميد الازدي قال قلت للصادق7 اكون في الجبل في القرية فيها خمس‌مأة من الناس فقال ان كان كذلك فصم بصيامهم و افطر بفطرهم.

و منها رواية عيسي بن منصور قال كنت عند ابي‌عبدالله7 في اليوم الذي يشك فيه الناس فقال يا غلام اذهب فانظر اصام السلطان ام لا؟ فذهب ثم عاد فقال

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 412 *»

لا فدعا بالغدا و تغدينا.

و منها رواية رفاعة قال دخلت علي ابي‌العباس بالحيرة فقال يا اباعبدالله ما تقول في الصيام اليوم؟ فقال ذاك الي الامام ان صمت صمنا و ان افطرت افطرنا فقال يا غلام علي بالمائدة فاكلت معه و انا اعلم والله انه يوم من شهر رمضان فكان افطاري يوماً و قضاؤه ايسر علي من ان‌يضرب عنقي. و مثله رواية داود بن الحصين و ابن عمارة.

و منها رواية الزهري عن علي بن الحسين7 في حديث طويل و صوم يوم الشك امرنا به و نهينا عنه امرنا به ان‌نصومه مع صيام شعبان و نهينا عنه ان‌ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس. انظر في لحنه مع صيام شعبان اي اذا صام شعبان فلايتهم بصيام يوم يشكون فيه و الا فلاينفرد بصيامه فيؤخذ برقبته الي غير ذلك من الاخبار فاذا كانت التقية بهذه المثابة التي يخاف الامام ان‌يضرب عنقه بمخالفتهم و هو يقول بنفسه هكذا و جاء مع ذلك عنهم اخبار توافق العامة باجمعهم و اخبار تخالف جميعهم فهل يجسر الفقيه ان‌يفتي بما يوافق العامة الا في محل التقية بل اذا كانت سجية العامة علي ذلك بحيث بعد ما دخلوا في مذهب الشيعة و مضوا علي ذلك ظهوراً و بطوناً و تفرق بلادهم يستوحشون من غير الرؤية كيف لايجب ترك الاخبار الموافقة لهم في غير محل التقية و اين بعد مقام قولهم خذ ما خالف القوم فان الرشد في خلافهم، هذا مع انه روي انهم لايوفقون لصوم و لافطر و لااضحي و قد اجيبت فيهم دعوة‌ الملك فالبناء علي بنائهم يوجب عدم التوفيق لامحالة فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان الرجحان لاخبار العدد و ان اخبار الرؤية صدرت عن تقية.

فصـل

قد اعترض القائلون بالرؤية في ادلة العدد و اولوها تأويلات لايخفي ضعفها علي من انصف فقد اعترض الفاضل الهندي علي آية الايام المعدودة انها انما تفيد ان ايام الصيام معدودة و هو مما لاخلاف فيه و انما الخلاف فيما به يعلم الاول هذا العدد و آخره و ليس في الآية ما يدل عليه و صدق في اعتراضه و نحن

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 413 *»

ايضاً لانستدل بهذه الآية فانها ليست بصريحة في المطلوب لا من حيث نفسها و لا من حيث استشهاد النبي9 بها علي اليهودي فانه ربما كان موضع الاستشهاد قوله تعالي كتب عليكم الصيام كماكتب علي الذين من قبلكم الا انه استشهاده بها و قرائته اياها الي قوله اياماً معدودات يدل بدلالة الاشارة علي ان المراد بقوله اياماً معدودات ثلثون يوماً فانه9 اثبت ان ما فرض علي بني‌آدم ثلثون يوماً ثم قرأ قوله تعالي كتب عليكم الصيام كماكتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون اياماً معدودات فالايام المعدودات تفسير لاوقات الصيام و قد ثبت ان اوقات الصيام ثلثون يوماً فالايام المعدودة ثلثون يوماً. و عن ابن‌زهرة ان المراد بقوله معدودات قلائل و استشهد بآي اخر. اقول علي ما استشهد به النبي9 يكون المراد ثلثين يوماً و هي القلائل و لاتنافي بين المعنيين و قال علي ان اهل التفسير قد قالوا ان المراد بهذه الايام عشر المحرم و هي منسوخة. و قال الفاضل الهندي قيل انها ثلثة ايام من كل شهر و قيل انها ثلثة من كل شهر و عاشوراء.

اقول: و من العجب استدلال اصحابنا بكلام المفسرين و اجماعهم بعد اللتيا و التي مالنا و كلام المفسرين اهم مهبط الوحي و منزل القرآن حتي يعلموا ذلك بل هم من اهل النار لان من فسر القرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار و تفسير المفسرين لايتمشي في مذهبنا و ان كان التفسير منقولاً عن آل‌محمد: فهو الحق و الصدق و لانحتاج الي تفسير المفسرين فاذا كان كذلك فقد عرفت ان النبي استدل بالآية علي شهر رمضان فما لكم في المفسرين والله اركسهم بما كسبوا و انما هو كلام من سبقكم. و عن التبيان في الآية الثانية ان من استدل بها علي ذلك فقد ابعد من وجهين احدهما ان المعني و لتكملوا عدة الشهور سواء كان الشهر تاماً او ناقصاً و الثاني انه راجع الي القضاء لانه عقيب السفر و المرض و عن ابن‌زهرة ايضاً نحوه.

اقول: انه اجتهاد في مقابلة النص و لايحتاج الي كلام فيه بعد النص و الحق في الآيتين انهما ليسا بمعرض للاخبار المتعارضة لانهما ليسا بنص في المطلوب و انما نفسرهما

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 414 *»

بمعونة الاخبار و يجري في الاخبار المفسرة ما يجري في ساير الاخبار الا انا نعلم يقيناً ان العامة لايجمعون الا علي خلاف الكتاب و لذا قال الصادق7 في مقبولة عمر بن حنظلة ينظر فماوافق حكمه حكم الكتاب و السنة و خالف العامة فيؤخذ به و يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنة و وافق العامة فقارن بين موافقة الكتاب و مخالفة العامة و العكس لانهما لايجتمعان ابداً مع مخالفة الشيعة لهم و لماكان العامة مجمعين علي الرؤية و الكتاب كمارأيت عرفنا ان الكتاب علي خلافهم لامحالة فالآيتان مؤيدتان لاخبار العدد تأييداً قوياً و اما الاخبار فقد اعترضوا عليها اعتراضات نذكرها لتعتبر بها.

اما خبر حذيفة فعن الشيخ انه لايصح العمل به من وجوه: احدها ان متن هذا الحديث لايوجد في شيء من الاصول المصنفة و انما هو موجود في الشواذ من الاخبار و منها ان كتاب حذيفة بن منصور عري منه و الكتاب معروف مشهور و منها ان الخبر مختلف الالفاظ مضطرب المعاني و منها انه لو سلم من جميع ما ذكرناه لكان خبراً واحداً لايوجب علماً و لاعملاً ثم ذكر انه بعد التنزل لايفيد المدعي لانه انما يدل علي انه9 لم‌يصمه الا ثلثين يوماً فلعله لم‌يتفق في زمنه9 ناقصاً علي انه يحتمل ان‌يكون المراد انه9 لم‌يصم اقل من ثلثين علي ما يزعمه الناس من كونه اقل من صوم تسعة و عشرين و لم‌ينقص شهر رمضان منذ خلق الله السموات عن ثلثين علي هذا الوجه اي علي ان‌يكون اغلب من كونه ثلثين يوماً.

الجواب عن انها ليست في الاصول فشهادة نفي غير مقبولة و في مقابلة من هو في الوثاقة و العلم مثله يقول انها في كتب مشهورة عليها المعول و اليها المرجع و انها هي الصحيحة عن الصادقين: كثقة الاسلام الكليني و صدوق المذهب ابن‌بابويه رحمهماالله فانهما رويا كتبهما عن كتب مشهورة عليها المعول و اليها المرجع و ضمنوا صحة ما درجوا فيها و شهادتهما شهادة‌ اثبات و هي مسموعة و شهادة النفي غير مقبولة لان الشيخ لم‌يحط بجميع الاصول المروية.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 415 *»

و الجواب عن اختلاف اللفظ و اضطراب المعني. فهذا المعني لايتمشي في مذهبنا و انما هو عيب في اخبار العامة الملتزمين نقل الخبر باللفظ و اما في اخبارنا فلايتمشي للاذن الصادر بالنقل الي المعني كمايشهد بذلك ما قال ابوعبدالله7 و قد قيل له هؤلاء يأتون بالحديث مستوياً كمايسمعونه و انا ربما قدمنا و اخرنا و زدنا و نقصنا فقال ذلك زخرف القول غروراً اذا اصبت المعني فلابأس. و روايات حذيفة كلها علي معني واحد و ليس في معناها اختلاف كمامر فهذا ايضاً عيب غير مضر بحجية الخبر.

و اما الجواب عن انه خبر واحد فنرد عليه ما ذكره في العدة علي ما نقل عنه فانه اختار فيها العمل باخبار الآحاد و قال و الذي يدل علي ذلك اجماع الفرقة المحقة فاني وجدتها مجمعة علي العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم و دونوها في اصولهم لايتناكرون ذلك و لايتدافعونه حتي ان واحداً منهم اذا افتي بشيء لايعرفونه سألوه من اين قلت هذا فاذا احالهم علي كتاب معروف او اصل مشهور و كان رواية ثقة لاينكر حديثه سكتوا و سلموا الامر في ذلك و قبلوا قوله و هذه عادتهم و سجيتهم من عهد النبي9 و من بعده و من زمان الصادق جعفر بن محمد8 الذي انتشر العلم عنه و كثرة الرواية من جهته فلولا ان العمل بهذه الاخبار كان جائزاً لمااجمعوا علي ذلك و لانكروه لان اجماعهم فيه معصوم لايجوز عليه الغلط و السهو و قال بعد ورقة ان جميع ما يرويه هؤلاء اي من هو علي خلاف طريقة الحق اذا اختصوا برواية لايعمل بها و انما يعمل بها اذا انضاف روايتهم الي رواية من هو علي الطريقة المستقيمة و الاعتقاد الصحيح فحينئذ يجوز العمل الي آخر كلامه. فهذا مذهبه في العدة و تجويزه العمل باخبار الآحاد فكيف صارت هيهنا لاتفيد علماً و لاعملاً مع انها في كتب مشهورة عليها المعول و اليها المرجع و قد اجمعت العصابة علي جواز العمل باخبار الآحاد الا من شذ و ندر و ذرا اخبار آل‌محمد: ذرو الريح الهشيم.

و اما الجواب عن انكاره افادة المدعي و تأويله بما اول فذلك ايسر من الكل

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 416 *»

فانه اولها تأويلات سخيفة يستمجها الاسماع و تستهجنها الطباع و من ردد النظر في الاخبار راها ناصة علي المراد بحيث لايقبل التأويل والله علي ما نقول كفيل فان لم‌تصدق فها هي مضت في وريقات آنفاً فراجع و انظر هل تري من فطور و لو بني الانسان علي هذه التأويلات لم‌يستقم للاسلام عمود و لم‌يخضر له عود و السلام علي من اتبع الهدي.

و قال الفاضل يحتمل ان‌يكون صيامه9 ثلثين يوماً ابداً لالكون الجميع من شهر رمضان ابداً بل قد يكون لذلك و قد يكون لصوم يوم الشك ندباً و يؤيده ان‌ في الاخبار انه كان9 يصوم شعبان و كان يقول شعبان شهري فيكون بيانه7 لذلك للرد علي من يخطر صوم يوم الشك من العامة الي ان قال و يحتمل قوله7 انه لم‌ينقص شهر رمضان من ثلثين يوماً منذ خلق الله السموات انه لم‌ينقص العمل فيه من عمل ثلثين و ان نقصت ايامه و هذه التأويلات ايضاً مما لايجوز في اخبار اهل البيت: فانهم: امراؤ الكلام و لايخاطبون الناس الا بابلغ وجه و افصح كلام و يتكلمون لاستفادة الناس و لو شاؤا ان‌يذكروا ما ذكر هؤلاء لذكروا و لم‌يكن من الفصاحة و البلاغة ان‌يريدوا ما ذكر هؤلاء و يتكلموا بما تكلموا فان ذلك المراد ليس يفهم من هذه الاخبار باحدي الدلالات الثلث و الاخبار حاضرة و الافهام ان‌شاء‌الله مستقيمة فراجعوا و انظروا و عليكم بالانصاف. و عن الشيخ في جواب رواية محمد بن سنان عن حذيفة عن ابي‌عبدالله7 انه قال شهر رمضان ثلثون يوماً لاينقص ابداً بان قوله «ابداً» قيد للمنفي لا للنفي اي ليس مماينقص ابداً و قد ينقص و الجواب عن ان‌ترجع البصر الي الاخبار و تنصف ربك ان مثل هذا المطلب هل يحتاج الي هذه الايمان المغلظة و الاستشهاد بالآيات و ذكر القواعد في الشهور ام لا؟ فلانجيب ازيد من ذلك و لانسيء الادب الي الشيخ و اجاب الشيخ عن خبر محمد بن اسمعيل انه ايضاً خبر واحد لايوجب علماً و لاعملاً و لايعترض بمثله علي ظاهر القرآن و الاخبار المتواترة و انه ايضاً

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 417 *»

مختلف الالفاظ و المعاني و الخبر واحد و الاسناد واحد و ايضاً فان فيه من التعليل ما يكشف عن انه لم‌يثبت عن امام هدي لان قوله تعالي و واعدنا موسي ثلثين ليلة، لايوجب استمرار ذي‌القعدة علي الكمال الي ان قال و هو تعليل ايضاً لتمام شهر رمضان و ليس بينهما نسبة بالذكر.

قلت و هذا الاعتراض جوابه علي من صدر عنه الخبر و هو الامام7 و هل يجوز ذلك للفقيه ان‌يرد الخبر بمثل هذه الاعتراضات مع انه قد امرنا ان‌نسلم لهم و لو قالوا ان النهار ليل و الليل نهار فانا لانعلم لما ذا قالوا و كيف قالوا، هذا مع ان وجه ذلك الاستدلال ظاهر فانه7 بعد ان بين القاعدة الكلية من ان شهراً تام و شهراً ناقص قال شعبان لايتم ابداً و رمضان لاينقص والله ابداً ثم قال و لاتكون فريضة ناقصة اي فرائض الله تعالي ينبغي ان‌يكون علي اكمل وجه و لماكان وضع الصيام كفارة لما اكل آدم7 من الشجرة و قد بقي في بطنه ثلثين يوماً اوجب ذلك ان‌يصوم اولاده ثلثين يوماً كمامر من استدلال النبي9 فلماكان الصيام بازاء ذلك فلو كان في شهر ناقص كانت الفريضة ناقصة لاتقوم بحق المقتضي و ان الله سبحانه اجل من ان‌يجعل الفريضة انقص مماينبغي و غير وافية لحق المقتضي فلاجل ذلك فرضه ثلثين يوماً و جعله في شهر رمضان من ساير الشهور لانه اشرف و اكمل و لو عرف وجه الصيام و علة وجوبه لعرف انه لو كان تسعة و عشرين كان يلزم نقصان الفريضة مثل انه لو كان صلوة الظهر ثلث ركعات لكان ناقصاً فان الله سبحانه لم‌يفرض الفرائض لصرف التعبد و انما فرضها علي حسب الاسباب فلو كان الفرض انقص من السبب و العلة المقتضية لكان ناقصاً و لو لم‌يكن هذه الرسالة في الفقه لاوردنا العلل و الحكم في لزوم كونه ثلثين يوماً و انه لو فرض اقل من ذلك لكان الفرض غير واف لعلته ثم قال و شوال تسعة و عشرون يوماً و ذوالقعدة ثلثون يوماً يقول الله عزوجل و واعدنا موسي ثلثين ليلة فلمابين7 القاعدة الكلية ان شهراً تام و شهراً ناقص و بمقتضي تلك القاعدة كان ذوالقعدة تاماً استشهد بالآية انه كان ايضاً من اول الخلقة هكذا و من جملة ماكان ما كان فيه ميعاد موسي و اي اعتراض يرد علي ذلك يوجب عدم كونه عن امام

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 418 *»

هدي فمتي كان ذلك تعليلاً لتمامية شهر رمضان.

و اجاب الشيخ عن خبر معوية بن عمار بانه خبر واحد و ان المراد اكمال ثلثين اذا كان الشهر ثلثين يوماً او غم الهلال و يجاب عن كونه خبر واحد بما تقدم و عن تخصيصه بطلب الدليل علي جواز تخصيص العام و تقييد المطلق و انه اي خبر يدل علي ذلك ان هو الا قاعدة ‌تداولوها من غير دليل و قال الشيخ ايضاً ان اختزال الستة الايام من السنة لايمنع من اتفاق النقصان في شهرين و ثلثة علي التوالي و تمام ثلثة اشهر و اربعة متواليات فكيف يصح التعليل بمعني لايوجبه عقل و لاعادة و لالسان.

اقول: سبحان الله علي من يعترضون هؤلاء و علي من ينكرون ثم كيف يعترضون و كيف ينكرون من الذي جعل اختزال الستة الايام دليلاً علي كون شهر تاماً و شهر ناقصاً و انما يبين الامام7 كيفية الواقعة و بدأ الخلقة و متي جعل ذلك دليلاً علي ذلك و قد اعترض عليه الفاضل ايضاً فقال فيه انه7 لم‌يذكر الا السر في ذلك و هو لايدل علي انه موجب لذلك مانع لاتفاق النقصان او التمام في شهرين او ثلثة متوالية لكن علي انه لم‌يتفق كذلك و لايتفق و قال الفاضل في معني قوله7 ان الفريضة لايكون ناقصة انها لاينقص عمافرضت عليه فان قول السائل في الخبر الثاني ان الناس يروون ان رسول‌الله9 ماصام من شهر رمضان تسعة و عشرين يوماً اكثر مماصام ثلثين يدل علي نقصان الصيام مع تمامية الشهر و لاريب في انه كذب فلذا قال7 كذبوا ماصام رسول‌الله9 الا تاماً اي تمام شهر رمضان و لايكون الفرايض ناقصة اي لايجوز ان‌ينقص منها بان‌يترك صيام يوم من رمضان مثلاً كمادل عليه ما يروونه ثم قال7 شهر رمضان ثلثون يوماً اي يصام ثلثين يوماً اذا كان الشهر ثلثين يوماً و شوال تسعة و عشرون يوماً اي لايمكن ان‌يصام فيه ازيد من تسعة و عشرين يوماً و ان كان الشهر ثلثين لمكان العيد و كذلك ذوالقعدة ثلثون يوماً و ذوالحجة تسعة و عشرون يوماً بذلك المعني ثم الشهور علي مثل ذلك شهر تام و شهر ناقص علي معني ان منها ما يمكن صيامه ثلثين يوماً و ذلك اذا كان ثلثين يوماً و منها ما لايمكن فيه الا صيام تسعة و عشرين

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 419 *»

لانه لايكون الا تسعة و عشرين لا علي معني ان المحرم يكون ثلثين ابداً و صفر يكون تسعة و عشرين ابداً و هكذا و لا علي معني المماثلة لماسبق في حرمة الصيام من بعض الشهور و جواز صيام الكل في بعض و قوله شوال لايتم ابداً يحتمل ان‌يكون التأبيد قيداً للمنفي اي ربما دخل صوم يوم منه في رمضان و ذلك صوم يوم الشك اذا انكشف انه كان من رمضان او بمعناه الظاهر اي قد يكون ثلثين يوماً و قد يكون تسعة و عشرين و يمكن علي هذا ان‌يكون دليلاً علي بطلان ما يروونه من انه كان9 يصوم في رمضان تسعة‌ و عشرين اكثر مماكان يصوم ثلثين. و تقرير الدليل انه كان في الغالب يصل شعبان برمضان فكان مجموع صيامه فيهما اما ستين يوماً او تسعة و خمسين ان كان يصوم من اول شعبان و شعبان لايتم ابداً حتي يقال في الصورة الثانية اعني التسعة و الخمسين ان ثلثين يوماً من شعبان و الباقي من رمضان فلم لايكون تسعة و عشرين من شعبان و الباقي من رمضان و يحتمل ان‌يكون7 تنزل ثانياً فحمل ما يروونه علي معني له جهة هو انه9 صام صيام رمضان تسعة و عشرين اكثر مماصامه ثلثين لكون النقصان فيه اكثر من التمام فرده بقوله شهر رمضان ثلثون يوماً اي كثيراً ماكان ثلثين يوماً لا بحيث كان النقصان اكثر منه كمايزعمونه كمامر مثله من الشيخ فيما تقدم و تعرض له هنا في آخر كلامه او المعني انه يصام لرمضان ثلثون يوماً و ان كان صوم يوم الشك بنية الندب و كذا كان9 يفعل فكيف يقال انه صام تسعة و عشرين اكثر مماصام ثلثين و علي هذا القياس عدم تمامية شعبان ابداً فان يوماً منه في حكم رمضان و لايأتي عن ذلك ان كون شوال و ذي‌الحجة تسعة و عشرين لمكان العيد فيهما و كون ذي‌القعدة ثلثين بمعني امكان تمامه و هو ظاهر و يحتمل ان‌يكون المراد بتمامية شهر رمضان انه بحسب صيامه صيام ثلثين يوماً و ان نقص الشهر علي ما قلناه فيما تقدم و كون شعبان لايتم ابداً بمعني ان ثواب صيامه ناقص عن ثواب صيام رمضان و ان كان ثلثين يوماً و كون ذي‌القعدة ثلثين يوماً ايضاً بمعني كمال الصيام فيه و انه يحسب تاماً و ان نقص الشهر للشرافة الحاصلة بمواعدة الله موسي7 فهو وجه آخر لصحة هذا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 420 *»

التعليل و يحتمل ان الناس ارادوا بما رووه انه9 لم‌يصم رمضان الا تسعة و عشرين اما بان‌يكون الاكثر كناية عن انتفاء الطرف الآخر كماقيل في قوله تعالي فليضحكوا قليلاً و ليبكوا كثيراً و نحوه و هو كثير او بان‌يكون المراد ان الاكثر في الرواية او في الظن صيامه تسعة و عشرين فرد7 عليهم بانهم كذبوا فانه لايجوز النقص من فرائض الله و قد فرض الله صيام تمام شهر رمضان و هو كثيراً مايكون ثلثين يوماً فلو لم‌يصم9 الا تسعة و عشرين لزم ان‌يكون ترك صوم يوم منه و ايضاً فانه كان يصل شعبان برمضان و شعبان لايكون ابداً تاماً حتي يقال اذا كان مجموعهما تسعة و خمسين انه لم‌يكن من صيام رمضان الا صيام تسعة و عشرين يوماً ثم كأنه7 اكد تمامية رمضان و نقصان شعبان بما ذكره من حال ساير الشهور كانه قال كما ان هذه الشهور يكون تامة فكذا رمضان لانه شهر من الشهور يصيبه ما يصيبها و كما ان تلك الشهور يكون ناقصة يكون شعبان ايضاً ناقصاً لذلك انتهي كلامه رضوان الله عليه و انما ذكرناه بطوله لتعرف وهن تعليلاتهم و تعلم انهم كيف اولوا و جمعوا بين الاخبار.

اما قوله ان الفريضة الي آخر. فانظر هل ينطبق مع قوله7 شعبان لايتم ابداً و رمضان لاينقص والله ابداً و لاتكون فريضة ناقصة ان الله عزوجل يقول و لتكملوا العدة الخبر. و اني ما قال; مع معني الاثر لاسيما في رواية يعقوب بن شعيب حيث يقول في آخره و شهر رمضان ثلثون يوماً و ساق الحديث و اما قوله ثم قال7 ان شهر رمضان ثلثون يوماً اي يصام ثلثين يوماً اذا كان الشهر ثلثين فكيف اضمر هذا الشرط و لو بنينا علي امثال هذه التأويلات لم‌يمكن الاستدلال بخبر ابداً فانه يمكن ان‌يصرف اي خبر الي اي معني شاء الانسان و كذا تأويله في شهر شوال انه تسعة و عشرون اي لايمكن ان‌يصام فيه ازيد من تسعة و عشرين فانه ليس في الخبر ذكر صوم شوال و كلها تأويلات بعيدة ينبغي ان‌ينزه عنها كلام الحكيم و كذلك تأويله في ساير الشهور فيعرف الفقيه اللبيب سخافة كلها و كذلك تأويله في قوله7 ان شعبان لايتم ابداً

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 421 *»

و جعل نفي التأبيد منصرفاً الي انه ليس ابداً ناقصاً اي قد يكون تاماً و كذا تأويله ان ثواب صيام رمضان ثواب صيام ثلثين يوماً و ثواب صيام شعبان ثواب تسعة و عشرين فذلك قول مناف لعدله سبحانه بالجملة كل من تدبر تأويلاتهم عرف تنزه كلام الفقيه فضلاً عن كلام الحكيم فضلاً عن كلام المعصوم عن مثله و لقد انصف القاشاني حيث قال بعد تأويلات الشيخ و استبعادها بالجملة فالمسألة مماتعارض فيه الاخبار لامتناع الجمع بينهما الا بتعسف شديد ثم ذهب يرجح احد الطرفين علي حسب ما ظهر له و كذا انصف البحراني حيث قال و الذي اقوله في هذا المقام و يقرب عندي و ان لم‌يتنبه احد من علمائنا الاعلام هو انه لاريب في اختلاف الاخبار من الطرفين و تقابلهما في البين و دلالة كل منهما علي ما استدل به من ذينك القولين و ما ذكروه من تكلف جمعهما علي القول المشهور تكلف سخيف بعيد عن ظاهر المقصود ثم ذهب يرجح بالجملة قد ذكرنا تأويلاتهم حتي تعرف بعدها و سخافتها و تعلم ان الاخبار ناصة علي المقصود و صحيحة كماذكرنا و لابد من الترجيح بينهما و قد عرفت ان في مقام الترجيح يكون الترجيح لاخبار العدد.

فتبين و ظهر لمن انصف و نظر ان شهر رمضان ثلثون يوماً لاينقص ابداً و مانقص منذ خلق و ان القول بجواز نقصانها مذهب العامة العمياء الذي يجب مخالفتهم و ان تدبرت في الاخبار و التراجيح لاتكاد تشك في اختيارنا فان عمدة ما يرجح اخبار الرؤية في الباب الشهرة و قد عرفت ان الشهرة مرجحة اذا كان الطرف المقابل نادراً كما في الخبرين و ان الاصحاب لما لم‌يتجسسوا عن جملة القائلين زعموا المخالف نادراً حتي ان اكثرهم لم‌يذكروا الخلاف الا الصدوق و قد عرفت كثرتهم و ادعاء الاجماع فيه فبطل وجه رجحانهم و بقي اخبار الرؤية موافقة للعامة و اخبار العدد مخالفة فالرجحان لها و اظنك تفهم ما ذكرت و تراه رأي العين ان وضعت نير التقليد عن عنقك.

و اما القول بان في المتأخرين لم‌يقل به احد فذلك شهادة‌ نفي و العلم

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 422 *»

لايحصل لغير المعصوم و لو كان شرط اختيار المسألة العلم بالقائل به في كل عام عام لوجب ترك جميع الاحكام الا الضروريات و كم من فقيه اختار مسألة و لم‌يقل به غيره و لم‌يتعرض عليه احد كفرق المرتضي بين الوارد و المورود مع تصريحه بعدم وجدانه لمن فرق و كاختيار القاشاني في كتب كلام الله بغير وضوء مع تصريحه بانه لم‌يجد به قائلاً و هكذا و لو لم‌يختار الفقهاء الا ما يوافق الكثرة لماوجد نادر و لم‌يوجد الا الاجماع و الشهرة و من تدبر و تفحص في اقوال العلماء و اختياراتهم رأي ما لايحصي كثرة من المسائل و ليس به قائل الا آحاد العلماء أليس ان اولئك الآحاد اختاروا خلاف الكثرة حتي صاروا آحاداً و ليس عليهم نكير بل قد تحقق الاجماع علي انهم مثابون في العمل و الفتوي بما عرفوا بعد الجد و الجهد و استفراغ الوسع و لو كان ذلك قدحاً فيهم لم‌يبق فقيه الا و هو مقدوح فانه لايوجد فقيه الا و هو عامل بالنادر في مسألة ما فاذاً كلهم مقدوحون نعوذبالله و قد سمعت نقل الشيخ الاجماع علي جواز العمل بهذه الاخبار المدونة في الكتب الصحيحة و قد ذكرنا عبارته آنفاً فراجع بالجملة.

هذا اعتقادي فيه قد ابديته   فليقبل الواشون او فليمنع

و ما علي الا استفراغ الوسع و الفتوي و العمل بما عرفنا الله من فضله والله علي ما نقول كفيل.

المقام الثاني

في انه هل مدار ساير الاشهر علي الرؤية؟

فلايعلم دخول كل شهر الا بالرؤية كما هو المشهور بين الاصحاب رضوان الله عليهم او يكون شهر تاماً و شهر ناقصاً كمااختاره الصدوق; كمايظهر من كتابه «من لايحضره الفقيه» و نسب اليه المجلسي في رسالته العددية و كمايظهر من ابن‌طاوس رحمة‌ الله عليه في «الاقبال» حيث قال بعد قاعدة ‌العدد فصنه الا عمن يستحق التعريف بمعناه و كماينقل عن جماعة سموهم الحشوية انهم قالوا بذلك آخذين بروايات منقولة من اهل‌البيت: كمامر في صدر الكتاب. فأقول ان كان المراد بذلك اخذ شهر تاماً

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 423 *»

و شهر ناقصاً في مر الدهور و الاعوام فالعادة قاضية بتخلفه عن الاشهر الهلالية في مر الدهور حتي انه يتأخر اياماً و اشهراً و سنين و ذلك لمانري ان المنجمين يزيدون في كل ثلثين سنة احدعشر يوماً فيماشي الهلال فان تأخر شهر يوماً لحقه في الآخر فاذا اخذ شهر تاماً و شهر ناقصاً علي مر الدهور يتأخر في كل ثلثين سنة احد عشر يوماً و في كل ثلث‌مأة سنة‌ مأة يوم و عشرة ايام و هكذا هذا مع انا قد راقبنا و رأينا المخالفة فماحكي من عجايب المخلوقات في قاعدة الخمسة انهم جربوا ذلك فلم‌يتخلف في خمسين سنة كلام لايعبؤ به البتة. فتبين ان العمل بهذا النهج لايصح رأساً و يؤيد ذلك حديث محمد بن الفرج اللهم الا ان‌يكون ذلك قاعدة حسابية اصطلاحية كساير الشهور و السنين الاصطلاحية لانعرفها و لم‌يجر بها عمل المسلمين في الاعصار و الامصار فماذهب اليه الحشوية و غيرهم ان كان كذلك فمرغوب عنه لايمكن العمل به و هو مخالف للكتاب و السنة فان الله سبحانه يقول يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس و الحج و رويت روايات كثيرة اخر ان مدار الاشهر علي الاهلة فماتخلف عن الاهلة ظاهراً و حقيقة ليس يعتني به البتة و ما اخترنا من تمامية شهر رمضان ابداً لمااعتقدنا انه لايخالف الاهلة و انما قد يستر الهلال عن الناس عقوبة فينقص الشهر و لولا العقوبة النازلة لوافق الهلال القاعدة.

بالجملة اتخاذ شهر تاماً و شهر ناقصاً علي مر الدهور خلاف الكتاب و السنة و الاجماع و الحس فلابد و ان‌يكون بعض السنين كبيساً يلحق به يوم حتي يوافق الهلال الواقعي فان قلت فما السر في اطلاق الاخبار بان شهراً تام و شهراً ناقص؟ قلت لاينافي ما ذكرنا اطلاق الاخبار فانه يمكن ان‌يكون الاشهر هكذا في انفسها و السنة في نفسها ثلث‌مأة و اربعة و خمسون يوماً الا ان الكبيس يوم يلحق به او اطلقوها لاجل ايقاع الخلاف الذي هو رأس كل داء في اختلاف الفقهاء فلابد من الحاق يوم في بعض السنين كمايؤيد ذلك خبر محمد بن الفرج و لم‌يصل الينا عن الائمة: تعيين سنة الكبيسة الا من طريق محمد بن الفرج و هو كون الخامسة الكبيسة و قد جربنا ذلك فرأيناه يتخلف عن الهلال و يدخل الشهر علي الاخذ به

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 424 *»

و الهلال بعد في المشرق و لايمكن العمل به ايضاً فماقاله محمد بن الفرج ان الاصحاب حسبوه فوجدوه صحيحاً فانا قد حاسبناه و جربناه فلم‌نجده صحيحاً بل يتخلف عن الهلال في كل ثلثين سنة خمسة ايام و في كل ثلث‌مأة سنة خمسين يوماً فلايمكن العمل به ايضاً و وجه اخفاء الائمة: امرها لاجل ايقاع الخلاف و وجه صدور خبر محمد بن الفرج ايقاع الخلاف كوجه صدور اخبار الخمسة و اخبار ان شهراً تام و شهراً ناقص و لم‌يصل الينا من طريق الشرع كبيسة اخري و في الاخبار ايضاً وجه آخر يكفي مؤنة الكبيسة ان‌يبني في كل سنة علي رؤية و يمر عليها كخبر الاقبال في اخذ محرم علي الرؤية و القاعدة التي نقلها ابن‌طاوس في كتابه كمارويناه عنه و اخبار الاخذ بستين من هلال رجب فهذه القاعدة يمكن العمل بها اذا ساعدها الترجيح فنقول قد اختلف الاخبار في المسألة كما هو مشاهد اما اخبار الرؤية فمشهورة عملاً و روايةً كما هو ظاهر و خلافها نادر عملاً و ان كان مشهوراً رواية لما قدمنا ان صدوق قال ان كلما ذكر في كتابه منقول من كتب مشهورة عليها المعول و اليها المرجع و اما اخبار العدد علي ما ذكرنا فمخالفة للعامة و خلافها موافقة لهم فلكل ترجيح اما اخبار العدد في هذا المقام و ان كان مخالفاً لظاهر الكتاب الا انا بعد ما علمنا ان الهلال قد يستر عن الناس عقوبة يمكن ان‌يكون اخبار العدد موافقاً للهلال الواقعي كما انهم اذا استتر عنهم الهلال يعملون بالثلثين و في غمة الشهور كلها يعملون بالعدد كمامر و يأتي فليس يخالف الكتاب حقيقة و لما رأينا مكرراً ان مع عدم الحاجب الظاهري ربما لايري في البلد و يري في بعض القري القريبة او بعض البلاد القريبة و لماعلمنا ان الهلال لو كان ضعيفاً و كان قريباً من الافق يستتر بادني غبار رقيق و دخان رقيق او رطوبة في الهواء فلايري في البلد و يري خارج البلد فاذا رؤي خارج البلد يعملون به مع عدم رؤية اهله فيمكن ان‌يكون هذه القاعدة كاشفة عن الهلال الواقعي فلايخالف هذه القاعدة الهلال فلايكون مخالفاً للكتاب و الامام7 اعلم بالواقع من غيره.

بالجملة لكل من الخبرين رجحان، اما في رجحان اخبار العدد فنقول نفس

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 425 *»

مخالفة العامة ارجح من الشهرة فان الرشد في خلافهم البتة و اما المشهور فرب مشهور و لااصل له و ذم كثير في الاخبار و الآيات للكثرة و ان الشهرة اقرب الي التقية من النادر و ان غاية شهرة الخبر الدلالة علي صحة الصدور و اخبارنا كلها صحيحة الصدور فتقل فائدتها و اما الشهرة في العمل فهي اقرب الي التقية من النادر و ان جماعة الامة من كان علي الحق و ان قلوا فمناط الحق غير الكثرة و القلة اللهم الا ان لايكون للنادر ترجيح اصلاً و ينحصر الامر الي الشهرة و الندرة فحينئذ يؤخذ بالشهرة و الا فلابد من العمل بالحق و كذلك اختيار المحققين فعلي ذلك اخبار العدد ارجح و يؤ‌يدها ما روي من السعة في المتعارضات.

و اما في رجحان اخبار الرؤية فنقول لاشك في تواتر اخبار الرؤية و كون عمل الاصحاب في الاعصار و الامصار بها و عملهم بها كاشف عن تقرير الحجة7 و القائل بهذه القاعدة من العدد قليل نادر و قد امرنا بترك النادر و الاخذ بالمشهور معللاً بان المجمع عليه لاريب فيه و روي عن النبي9 دع ما يريبك الي ما لايريبك و اما العامة فقول كلهم بخلاف اخبار العدد، فغير معلوم لتشتت آرائهم و اختلاف اهوائهم و ربما يشير الي قولهم بذلك الرواية التي رواها معوية بن وهب قال قال ابوعبدالله7 ان الشهر الذي يقال انه لاينقص ذوالقعدة ليس في الشهور اكثر نقصاناً منه فاذا لايمكن ترجيح اخبار العدد علي اخبار الرؤية لعدم المرجح و ذهابهم في شهر رمضان بالرؤية ليس يلزم ذهابهم في كل شهر به و الاخبار التي مرت دالة علي تكذيبهم في ان النبي صام تسعة و عشرين اكثر من ثلثين و في ان شهر رمضان ينقص كما مر فعلي ذلك الترجيح لتلك الاخبار المتواترة و يؤيدها ايضاً اخبار السعة علي فرض التكافؤ فاذا صار لكل واحد منهما رجحان يشكل ترجيح احدهما علي الآخر فنردهما الي قائلهما فلااحد اعرف بكلامهم منهم صلوات الله عليهم و نرجع الي القواعد الكلية المسلمة و هي ان التكليف المتعلق بالشهر الآتي لايستقر في ذمة الانسان الا بعد حلوله ففي الشهر الحاضر ذمتنا بريئة من التكليف بالشهر الآتي فلاتشتغل ذمتنا بتكليف الشهر الآتي الا بعد القطع بحلوله و القطع بحلوله ليس يحصل الا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 426 *»

برؤية هلاله فلانحكم بدخول الشهر الآتي الا برؤية هلاله بمقتضي قول الصادق7 لاتنقض اليقين الا بيقين مثله. و لمامر ان الفرائض لاتؤدي بالرأي و التظني و لابد  من القطع فهذه القاعدة المسلمة ايدت اخبار الرؤية و لنا بمقتضي اخبار السعة ايضاً في المتعارضين الذين لانعلم ايهما الحق العمل باخبار الرؤية فنعمل باخبار الرؤية في التكليف الظاهري و لانحكم علي الواقع بل الادلة العقلية الحكمية تساعد اخبار العدد كما كتبنا في ذلك رسالة منفردة و اخبار العدد ايضاً جارية مجري بيان الواقع و لانعمل بها حتي يظهر لنا امر الكبيسة بتقريرهم: و بيان منهم فنحن الآن نعمل باخبار الرؤية الي ان ‌يشاء‌ الله صرفنا عنها.

المقام الثالث

اذا لم‌نقل في ساير الاشهر بالعدد علي ما مر هل يجوز اخذ رجب تاماً و شعبان ناقصاً كمانقله شارح الدروس من المختلف عن الاسكافي ام يجزي اخذ شعبان وحده ناقصاً و شهر رمضان تاماً كما عن الصدوق ام يكون الامر علي المشهور فيهما ايضا.

اقول: مدرك المسألة مع سابقتها واحدة مع ان الاخبار علي حسب الظاهر قاصرة عن الدلالة علي مرادهم الا بعد ضم ضمائم فان فيها الامر بصوم ستين من هلال رجب و ليس فيها ان رجب تام و شعبان ناقص فاذا لم‌نعمل بساير اخبار العدد يرجع الامر فيها الي الابهام هذا مع انه ليس فيها ازيد من الامر بصوم الستين فلعله من باب استحباب صوم الستين من رجب كما هو قول معظم الاصحاب كماذكره في المدارك من استحباب صوم الثلثين من شعبان و قال هو قول معظم الاصحاب او لعله من باب الاحتياط للصائمين فانه ان كان اول شهر رمضان فيوفق له و ان كان من شعبان فقد تطوع و له اجره و يؤيد ذلك رواية الزهري و وجه الترجيح بينها و بين اخبار الرؤية كمامر فراجع.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 427 *»

المقام الرابع

ان مع عدم امكان الرؤية و غمة ‌الشهور هل يبني علي اخذ كل شهر ثلثين كما عليه الاكثر او يعمل حينئذ بالعدد كما هو المنقول عن جماعة كماعرفت في صدر الرسالة.

اعلم ان نفس الاخبار كماعرفت لااختصاص لها بغمة الشهور كلها فانها مطلقة بل يفيد بعضها غمة شهر واحد كرواية الزعفراني قال قلت لابي‌عبدالله7 ان السماء تطبق علينا بالعراق اليومين و الثلثة فاي يوم نصوم؟ قال انظر اليوم الذي صمت فيه من السنة الماضية و صم يوم الخامس. و في شرح الدروس من المختلف عن ابن ابي‌عقيل انه قال قدجاءت الآثار عنهم: ان صوموا رمضان للرؤية و افطروا للرؤية فان غم عليكم فاكملوا العدة من رجب تسعة و خمسين يوماً ثم الصيام من الغد. و فيه عن هرون بن خارجة قال قال ابوعبدالله7 عد شعبان تسعة و عشرين يوماً فان كانت متغيمة فاصبح صائماً و ان كانت مصحية و تبصرته و لم‌تر شيئاً فاصبح مفطراً. و فيه عن عمران قال قلت لابي‌عبدالله انا نمكث في الشتاء اليوم و اليومين لانري شمساً و لانجماً فاي يوم نصوم قال انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية و عد خمسة ايام و صم اليوم الخامس و هذه الاخبار كماتري ظاهرة في غمة شهر واحد و لنا ان‌نقول في هذه الاخبار ايضاً بحسب الظاهر انه ليس فيها الا الامر بالصوم و ليس فيها انها من شهر رمضان الا ان‌نضم اليها ان الامر حقيقة في الوجوب و لايجب الا صوم شهر رمضان ولكن حديث الزهري قرينة بان الامر للندب و علي كونه من شعبان حيث يروي عن علي بن الحسين8 في حديث طويل قال و صوم يوم الشك امرنا به و نهينا عنه امرنا به ان‌نصومه مع شعبان و نهينا عنه ان‌ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس الخبر. فلعل الامر في هذه الاخبار من باب الامر بصوم يوم الشك و صار هذا اليوم يوم الشك لاجل الكبيسة فمن صامه و كان في الواقع من شهر رمضان فهو موفق فان الفرض وقع علي اليوم بعينه و الا فهو تطوع.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 428 *»

بالجملة ما ذهب اليه الاصحاب هو محض جمع و لامستند له من اخبار اهل‌البيت: ولكن لمارأوا ان الشهور محال عادة ان‌تكون كلها ثلثين و مع غمة الشهور كلها لاسبيل لهم الي معرفة الهلال و الي اخذ كل شهر ثلثين الجأهم ذلك الي القول بالعدد ولكن بعد ثلثة اشهر اخذوها تاماً فانه يمكن تمام ثلثة اشهر عادة و اما ازيد من ذلك فليس يمكن و لاسبيل الي الهلال فالعمل علي العدد.

و منهم من اوجب اخذ كل شهر تاماً نظراً الي ظاهر الادلة من ساير الاخبار فعن الشيخ انه قال متي غمت الشهور كلها عدها ثلثين فان مضت السنة كلها و لم‌يتحقق فيها هلال شهر واحد ففي اصحابنا من قال انه يعد الشهور كلها ثلثين و يجوز عندي ان‌يعمل علي هذه الرواية التي وردت بانه يعد من السنة الماضية خمسة ايام و يصوم اليوم الخامس لان من المعلوم انه لايكون الشهور كلها تامة و عن المختلف و قول الشيخ في المبسوط لابأس به فان العادة قاضية بعدم كمال الشهور ثلثين ثلثين فلايجوز بناء المشتبه علي ما يعلم انتفاؤه و انما يبني علي مجاري العادات و العادة قاضية بتفاوت هذا العدد في شهور السنة و كذا قال في التذكرة و كذا نقل من التحرير و من المراسم فان تعذرت رؤية الاهلة فالعدد و عن ابن الجنيد الحساب الذي يصام به يوم الخامس يصح اذا لم‌يكن السنة كبيسة فانه يكون فيها اليوم السادس و الكبيس في كل ثلثين سنة احد عشر يوماً مرة في السنة الثالثة و مرة في الثانية و نقل من التمهيد لو غمت الشهور فقيل يعمل في كل شهر بالاصل و هو التمام فيعد كل ما اشتبه ثلثين و قيل يرجع الي العدد و هو عد خمسة من هلال الماضية او عد شهر تاماً و شهر ناقصاً عملاً بالظاهر من نقصان بعض الاشهر و تمام بعض و هو الاقوي.

و قال الفاضل الهندي و المراد عد شهور السنة كلها كذلك حتي تكون ستة شهور في جملتها تامة‌ و ستة ناقصة لا علي التعيين فانه رجوع الي الحساب النجومي. و اما نقصان ستة ايام من جملة السنة فهو موافق للعادة لموافقته لعد الخمسة فان السنة الهلالية كماعرفت ثلث‌مأة و اربعة‌ و خمسون يوم و سدسه فاذا كان اول السنة الماضية الجمعة ‌مثلاً كان اول المستقبلة ‌الثلثا لان آخر ثلث‌مأة و خمسين يوماً يوم الخميس فاذا اكمل العدد باربعة ايام صادف

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 429 *»

آخرها الاثنين فيكون اول المستقبلة الثلثا. و عن الشهيد الثاني انه ذهب جماعة عند ذلك اي اذا غمت الشهور كلها الي الرجوع الي عد خمسة ‌من هلال الماضية و صوم الخامس و لابأس و هذا في غير السنة الكبيسة و فيها تعد ستة كذلك و من شرح اللمعة بعد ما ذكر ان العدد لاعبرة به نعم اعتبره بالمعني الثاني جماعة منهم المصنف في الدروس مع غمة‌ الشهور كلها مقيداً بعد ستة في الكبيسة و هو موافق للعادة و به روايات و لابأس به.

اقول: قد عرفت ان اقوالهم بين مطلق و مقيد فمنهم من اطلق عد خمسة ايام في اي سنة كان و منهم من قيده بغير الكبيس و كذا ابهموا الكبيس انه باي قاعدة من القواعد الماضية و ليس له حقيقة شرعية معروفة و عرفت مماسبق ان حديث محمد بن الفرج مجمل لايمكن العمل به و المصير اليه و كذلك اختيار ابن الجنيد الا انه يمكن صرفه الي مراد المنجمين من الكبيس و تفصيل بعض الاصحاب في ان الخمسة في غير السنة الكبيسة و فيها ستة لامستند لها من جهة الشرع و لايمكن الاستناد فيها الي حديث محمد بن الفرج لقصوره عن هذا المعني و ابهامه و اجماله و كذلك اخذ كل شهر تاماً علي مقتضي الاصل معارض مع الظاهر المقطوع به عادة فانه لم‌تجر العادة ‌بكون كل شهر تاماً كما هو بين و كذلك لايمكن العمل باخبار الخمسة علي اطلاقها لوجود الكبيس في بعض السنين قطعاً فحينئذ تكون المسألة من المشكلات ولكن لنا ان‌نقول ان غمة الشهور كلها امر نادر جداً و لو غم حيناً ما اول الشهور كلها فليس يغم عادة تمام ايام السنة فينكشف و يصحو في باقي الايام عادة فاذا صحي الهواء فليس يشتبه هلال ثاني الشهر و ثالثه بسادسه و سابعه و يعلم الانسان علماً قطعياً عادياً في سادس الشهر الواقعي و سابعه و ثامنه انه ليس هلال ثاني الشهر و ثالثه و انما يتردد الانسان في يوم و يومين و غايته الثلثة و كذلك يعرف في اوساط الشهر و اوائل المحاق فان العادة ‌قاضية ان القمر في العاشر من الشهر ليس يقارن طلوعه غروب الشمس و ان في الرابع و العشرين مثلاً ليس يقارن طلوع الفجر و لايتأخر عنه و هكذا فليس يشتبه الا يوم او يومان فيؤل الاشتباه في تمام السنة الي يوم او يومين و غايته ثلثة فيكون يوم الشك عند

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 430 *»

غمة الشهور يوماً او يومين او ثلثة نهايته و لنا حينئذ ان‌نقول ان الاخبار وردت بان ايام السنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسون يوماً و ما صرفنا عنها احتمال الكبيس في بعض السنين و في الكبيس لايزيد اكثر من يوم و هو القطعي و لم‌يقل بازيد منه احد و الاصل عدم الزايد فيؤل الاشتباه الي يوم فانه ان لم‌يكن كبيس يكون اول الشهر المستقبل الخامس من اول الشهر الماضي في السنة الماضية و ان كان كبيس فيكون اول الشهر المستقبل سادسه فيكون الخامس يوم الشك فآل الاشتباه الي يوم و هو يوم الشك فيصوم الخامس علي انه من شعبان لاحتمال الكبيس و يصوم السادس علي انه من شهر رمضان علي اليقين نظراً الي ان في الخامس لم‌يعلم بدخول الشهر و الاصل عدم الاشتغال بالتكليف الواقع الي ان‌نقطع بحلوله و يحصل القطع بحلوله بدخول السادس لمابينا من ان السنة علي النص ثلث‌مأة و اربعة و خمسون يوماً و صرفنا عنه احتمال يوم للكبيس و هو الحد المقطوع به و لايجوز العدول عن الخبر الا بقدر القطع و الزايد مما لم‌يقل به احد و هو منتف بالاصل فسادس العام الماضي اول الآتي قطعاً و يؤيد ذلك في الجملة خبر محمد بن الفرج و التجربة و العادة بل لنا ان‌نقول بذلك في كل شهر فان اخبار شهر تام و شهر ناقص كماعرفت معتبرة و صرفنا عن العمل بها احتمال الكبيس فاذا زدت يوماً علي ذلك الحساب تقع علي اول الشهر المطلوب فثالث شهر رمضان اول شوال قطعاً لانه لايزيد علي ثلثين و لو لم‌يكن كبيس كان رابعه اول ذي‌ القعدة فلاجل احتمال ان‌يكون الكبيس شرعاً في آخر شوال خامس شهر رمضان اول ذي‌القعدة قطعاً اذ لايمكن ان‌يكون شوال ازيد من ثلثين و كذلك سادسه كان اول ذي‌الحجة لو لم‌يكن كبيس فمع احتماله سابعه قطعاً اول ذي‌الحجة و هكذا فاذا اخرت اول الشهر عن تلك القاعدة يوماً تصادف الحق البتة و ذلك ايضاً لاينافي عمل الاصحاب و العادة فانهم مع الغمة جوزوا اخذ ثلثة اشهر ولاء تاماً و قد اخذت في الاول ثم قالوا كون الاشهر كلها تامة ‌خلاف العادة ففي جملتها شهر تام و شهر ناقص و انت ايضاً فعلت كذلك علي الابهام و اخذت شهراً تاماً و شهراً ناقصاً في جملة السنة من غير تعيين فانك تحتاط في كل شهر بيوم

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 431 *»

فلعلك عرفت ممابينا ان ما ذكرنا مستنبط من الاخبار و اوفق بالقواعد و عرفت مماقدمنا وهن اختيارهم لاجل ادلتهم و علي مقتضي قواعدهم كان ينبغي ان‌يقولوا ان موافق النصوص الواردة ان السنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسون و انا نعلم قطعاً ان في بعض السنين يزاد يوم لكن نعلم ان ذلك اليوم كسور تجتمع في عرض السنين الي ان‌يصير يوماً و يزاد في آخر تلك السنة و ليس ذلك اليوم امر يزاد دفعة و بلوغ تلك الكسور في كل سنة مبلغ يوم محل شك و مقتضي الاصل عدم بلوغها حد اليوم الي ان‌يحصل القطع اذ لاينقض اليقين الا بيقين فيجب العمل باخبار الخمسة عند الشك في السنة الكبيسة الا انا قد بينا في الاصول ان حكم الاستصحاب في الوقت غير جايز لعدم بقاء الموضوع و كون الوقت غير قار بنفسه و كل جزء منه غير الآخر و القطع المتعلق بجزء غير جار في الجزء‌ الآخر و مايري من اجراء الاستصحاب في اوقات الصلوة و الصيام و الحج فليس من باب استصحاب الوقت السابق بل استصحاب برائة الذمة عن الاشتغال بالتكليف اللاحق الي ان‌يحصل القطع بالاشتغال و لايحصل القطع الا في ذلك الجزء المستقبل و اما هنا فكذلك لاتشتغل الذمة بالتكليف المتعلق بذلك الوقت الآتي الا بعد حلوله فاستصحاب بقاء غير الكبيسة الي ان‌يحصل العلم بحلوله غير جايز لعدم بقاء الموضوع فعند غمة الشهور يعمل باخبار الخمسة و اخبار شهر تام و شهر ناقص علي ان الخامس يوم الشك و يصوم السادس و كذا يحتاط في كل شهر بيوم استظهاراً و استصحاباً لبرائة الذمة عن الاشتغال بالتكليف المتعلق بالشهر الآتي فافهم راشداً موفقاً.

و قد وقع الفراغ من تسويده قبيل الزوال من يوم السبت عاشر شهر رجب المرجب من شهور سنة ثنتين و ستين بعد المأتين و الالف حامداً مصلياً مستغفراً مستقيلاً تمت.