21-02 مکارم الابرار المجلد الحادی والعشرون ـ رسالة في الخمس في زمن الغيبة ـ مقابله

رسالة في الخمس في زمن الغيبة

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 327 *»

d

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.

و بعــد ان هذه رسالة شريفة قد كتبتها في مسألة الخمس في زمن الغيبة و هي من امهات المسائل و معضلات الاحكام قد اضطربت فيها الاراء و اختلفت فيها الاهواء و تزلزلت فيها الاقدام و ضلت فيها الاعلام لم‏يميزوا فيها الغث من السمين و السراب من الماء المعين و ارجو من اللّه سبحانه ان‏يوفقني لبسط القول فيها و ذكر الاقوال و الاخبار بقدر ما وصل الينا و احاط به باعنا و تحقيق ذلك يحتاج الي بيان مقدمة و ذكر فصول.

اما المقدمــة: فاعلم ان وجوب الخمس من ضروريات الدين و بديهيات الشرع المبين منكره كافر و مانعه ظالم و لاريب فيه و لاشك يعتريه قال اللّه تعالي في كتابه المحكم و اعلموا انما غنمتم من شي‏ء فان للّه خمسه و للرسول و لذي القربي و اليتامي و المساكين و ابن السبيل و تكاثرت بذلك الاخبار و تواردت به الاثار حتي صار من المتواترات ثم تضافر بين العلماء الاعلام بل بين الخواص و العوام حتي صارت من الضروريات في الملة الحنيفية و الشرع المبين ولكن ليس يخفي علي اولي الحجي و البصاير ان بين وجوب اصل الحكم و بين توقفه علي شرائط مخصوصة فرق واضح كالجهاد فان وجوبه من ضروريات الدين و بديهيات الشرع المبين ولكن فرضه موقوف علي ظهور الامام او وجود النبي الهمام عليه و آله صلوات الملك العلام و لايصح بدون ذلك و كذا لاشك و لاريب في وجوب صلوة الجمعة و كونه من اعظم ما شرع في الدين و اكبر اعلام الشرع المبين ولكن قد اجمع العلماء المحققون علي اشتراط وجوبه بحضور المعصوم7 و لايجب ذلك في ايام الغيبة و كذلك ان ما اختلف العلماء فيه من مسألة الخمس ليس من باب عدم فرضه او الاختلاف في فرضه حاشا و انما الاختلاف

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 328 *»

في شرطه هل وجوب اداءه موقوف علي حضور المعصوم او وجود نائبه الخاص ام لا؟ و علي فرض العدم كيف ينبغي ان‏يعمل فيه و كيف يقسم و الي من يؤدي؟ فقد تبين و ظهر ان الاختلاف في شروطه لانفسه و الادلة الواردة عن الشرع منها في اصل وجوبه مطلقاً و منها في شروطه و تقسيمه و ليس لاحد في جميع ابواب الفقه ان‏يتمسك في الشي‏ء بالمطلقات و يرجحها و يترك الاخبار الواردة في ساير حدوده و شروطه مثلاً اذا سمع ان الصلوة فريضة لايجوز له ان‏يقول هذا الكلام يدل علي وجوب الصلوة مطلقاً و يقول قد تواتر به الاخبار و ساعده الاجماع و الاعتبار ثم يترك ساير الاخبار الواردة في الشروط و القيود و يقول ان هذا المطلق اقوي و اصح من هذه المقيدات بل ينبغي في ذكر كل خصوصية و شرط و قيد اتباع الاخبار و اقتفاء الاثار كالمقلد بالنسبة الي الفقيه الذي يقلده فيتبع في كل جزئي جزئي نصوصه و احكامه فيحتاج بسط هذه المسألة الي فصول:

فصل

في ذكر الاقوال في هذه المسألة. اعلم انه قد اختلفت العلماء في هذه المسألة علي اقوال مختلفة و آراء متشتتة حتي انهم اختلفوا الي خمسة عشر قولاً:

الاول: عزله لصاحب الامر و حفظه له فان خشي ادراك الموت قبل ظهوره وصي الي ثقة يعتمد علي عقله و ديانته و تقواه حتي يسلم الي الامام ان ادركه و الا وصي الي من يقوم مقامه في الثقة و الديانة الي ان‏يظهر امام الزمان و ذهب الي هذا القول الشيخ المفيد و جماعة و استدلوا له ان الخمس حق واجب لصاحبه فوجب حفظه الي وقت ايامه و التمكن من ايصاله اليه او وجود من انتقل الحق اليه و يجري ذلك مجري الزكوة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلايسقط عند ذلك و لايحل التصرف فيه علي حسب التصرف في الاملاك و يجب حفظها بالنفس او الوصية الي من يقوم بايصالها الي مستحقها من اهل الزكوة من الاصناف و قال الشيخ المفيد رضي اللّه عنه و ان ذهب ذاهب الي ما ذكرناه في شطر الخمس الذي هو خالص للامام و جعل الشطر الاخر لايتام آل محمد: و ابناء سبيلهم

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 329 *»

و مساكينهم علي ما جاء في القرآن لم‏يبعد لاصابة الحق في ذلك بل كان علي صواب ثم قال و انما اختلف اصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ اليه من صريح الالفاظ و انما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع اقامة الدليل بمقتضي العقل في الامر من لزوم الايصال و حصر التصرف في غير المملوك الا باذن المالك و حفظ الودايع لاهلها و رد الحقوق.

الثاني: القول بسقوطه في زمن الغيبة مطلقاً و هو مذهب سلار و بعض من تقدم علي المفيد (ره) او عاصره ثم اختار هذا القول الفاضل الخراساني في الذخيرة و شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبداللّه بن صالح البحراني كما نقل عنهم و قال صاحب الحدائق و هذا القول مشهور الان بين جملة من المعاصرين و استدلوا لذلك ان ذلك و ان كان في زمنهم: ممنوع التصرف فيه الا باذنهم الا انهم في هذا الزمان حللوا التصرف فيه كرماً و فضلاً لنا خاصة.

الثالث: القول بكنزه في الارض لخبر ورد ان الارض تظهر كنوزها عند ظهور الامام و ذهب الي ذلك بعض من تقدم كما روي عن الشيخين نقله.

الرابع: دفع النصف الي الاصناف الثلثة و ايداع حقه من ثقة الي ثقة او كنزه و هو منقول عن الشيخ في النهاية و استصوبه الشيخ المفيد كما مر و استدلوا لذلك ان النصف مستحقه ظاهر و ان كان المتولي للتفريق فيهم الامام و هو غير ظاهر كما ان مستحق الزكوة ظاهر و المتولي لقبضها و تفريقها غير ظاهر و لا احد يقول انه لايجوز تسليمها الي مستحقها و قال الشيخ قد اختلف اقوال العلماء في ذلك و ليس فيه نص معين الا ان كل واحد منهم قال قولاً يقتضيه الاحتياط علي نحو قول المفيد (ره).

الخامس: صرف النصف الي الهاشميين و حفظ حقه7 الي ان‏يوصل اليه بالايصاء من ثقة الي ثقة و هو منقول عن ابي‏الصلاح و ابن‏البراج و ابن‏ادريس و استحسنه العلامة في المنتهي و اختاره في المختلف و شدد ابوالصلاح في المنع من التصرف في ذلك و جوز العلامة قسمته في المحاويج من الذرية الهاشمية و استدل لذلك باباحتهم البعض للشيعة حال حضورهم و انه

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 330 *»

يقتضي اولوية الاباحة لانسابهم مع الحاجة حال الغيبة و لاستغنائه7 و حاجتهم و بان في زمن حضورهم لو كان تقصر حصة الباقين عنهم كانوا: يتمونه من حصتهم فوجوب هذا حال حضورهم يقتضي وجوبه حال غيبتهم.

السادس: صرف الجميع الي الذرية و هو اختيار العلامة و نقله عن جماعة و هو اختيار المحقق في الشرايع و الشيخ علي في حاشيته عليه و هو المشهور بين المتأخرين كما نقله الشهيد الثاني في الروضة و عن الشيخ سليمن بن عبداللّه البحراني و خصوا تولي قسمة حصة الامام7 بالفقيه النائب عنه.

السابع: صرف النصف الي الاصناف و ايصال النصف الاخر الي الامام مع الامكان و الا فتصرف الي الاصناف مع الحاجة و مع عدمها تباح للشيعة و هو اختيار الشيخ الحر في الوسائل.

الثامن: صرف النصف الي الاصناف و سقوط حصة الامام في الغيبة لاباحتهم: ذلك للشيعة و هو عن المدارك و المحدث القاشاني.

التاسع: صرف النصف الي الاصناف و صرف النصف الاخر الي مواليه العارفين من اهل الفقر و الصلاح و السداد و هو منقول عن ابن‏حمزة.

العاشر: تحليل خمس الارباح للشيعة دون ساير الاقسام فانه للامام دون ساير الاصناف و اما ساير الخمس فهو مشترك بينهم: و بين الاصناف و عن المحقق الشيخ حسن بن شيخنا الشهيد الثاني في كتاب منتقي الجمان.

الحادي‏عشر: عدم اباحة شي‏ء بالكلية حتي المناكح و المساكن و المتاجر و هو عن ابن‏الجنيد و انه قال تحليل من لايملك جميعه عندي غير مبري‏ء من وجب عليه حق منه بغير المحل لان التحليل انما هو فيما يملكه المحل لا مما لايملك و انما اليه ولاية قبضه و تفريقه في الاهل الذين سماهم اللّه تعالي لهم.

الثاني‏عشر: قصر اخبار التحليل علي جواز التصرف في المال الذي فيه الخمس قبل اخراج الخمس منه و يضمن الخمس في ذمته و يؤديه الي فقيه عادل و هو يسد به حاجة الاصناف و ان فضل شي‏ء يحفظه بالايصاء الي فقيه عادل ان‏

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 331 *»

يسد به فاقة الاصناف و مع عدمها يوصي الي عالم مثله حتي يصل الي الامام و هو مختار شيخنا المجلسي قدس سره.

الثالث‏عشر: صرف حصة الاصناف عليهم و التخيير في حصة الامام بين الدفن و الوصية و صلة الاصناف مع الاعواز بأذن نائب الغيبة و هو الفقيه و هو عن الشيخ الشهيد في الدروس.

الرابع‏عشر: صرف النصف الي الاصناف وجوباً او استحباباً و حفظ نصيبه الي ظهوره و لو صرفه الي من يقصر حاله من الاصناف كان جائزاً و هو عن الشهيد في البيان.

الخامس‏عشر: صرف النصف الي الاصناف و صرف النصف الي الفقيه و هو يزوج به من يقصر حاله عن التزويج او يشتري بيتاً لمن ليس له بيت و يشتري كتباً و يوقف علي الشيعة او يعمل فيه بحسب ما يري من المصلحة و هو اختيار بعض المتأخرين و اكثر ما ذكرنا من هذه الاقوال منقول عمن نسبنا اليهم القول علي ما نسبنا فهذه جملة الاقوال فيما وصل الينا من اقوالهم فلنشرع الان في ذكر الاستدلال علي المختار و الواجب اولاً ذكر الاخبار في المسألة حتي يتضح الحق لطالبه.

فصل

فيما يدل علي وجوب اخراج الخمس مطلقاً و ايصاله اليهم:

منها: رواية زيد الطبري قال كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي ابي‏الحسن الرضا7 يسأله الاذن في الخمس فكتب اليه: بسم اللّه الرحمن الرحيم ان اللّه واسع كريم ضمن علي العمل الثواب و علي الخلاف العقاب لايحل مال الا من وجه احله اللّه ان الخمس عوننا علي ديننا و علي عيالاتنا و علي موالينا و ما نبذله و نشتري من اعراضنا ممن نخاف سطوته فلاتزووه عنا و لاتحرموا انفسكم دعانا ما قدرتم عليه فان اخراجه مفتاح رزقكم و تمحيص ذنوبكم و ما

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 332 *»

تمهدون لانفسكم ليوم فاقتكم و المسلم من يفي بما عهد اليه و ليس المسلم من اجاب باللسان و خالف بالقلب و السلام.

و منها: رواية علي بن ابرهيم عن ابيه قال كنت عند ابي‏جعفر الثاني7 اذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل و كان يتولي له الوقف بقم فقال يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل فاني انفقتها فقال له انت في حل فلما خرج صالح قال ابوجعفر7 احدهم يثب علي اموال آل محمد و ايتامهم و مساكينهم و فقرائهم و ابناء سبيلهم فيأخذه ثم يجي‏ء فيقول اجعلني في حل أتراه ظن اني اقول لاافعل واللّه ليسألنهم اللّه يوم القيمة عن ذلك سؤالاً حثيثاً. و منها رواية محمد بن زيد قال قدم قوم من خراسان علي ابي‏الحسن الرضا7 فسألوه ان‏يجعلهم في حل من الخمس فقال ما امحل هذا تمحضونا بالمودة بألسنتكم و تزوون عنا حقاً جعله اللّه لنا و جعلنا له و هو الخمس لانجعل لانجعل لانجعل احداً منكم في حل. و منها رواية ابي‏بصير عن ابي‏جعفر7 قال سمعته يقول من اشتري من الخمس لم‏يعذره اللّه اشتري ما لايحل له. اقول هذه الرواية ترد علي مختار المجلسي رحمه اللّه حيث جوز التصرف في المال قبل اخراج الخمس و حمل اخبار التحليل عليه.

و منها: ما ورد علي الشيخ ابي‏جعفر محمد بن عثمن العمري قدس اللّه روحه في جواب مسائل الي صاحب الدار7 و اما ما سألت عنه من امر من يستحل ما في يده من اموالنا و يتصرف فيه تصرفه في ماله من غير امرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصماؤه فقد قال النبي9 المستحل من عترتي ما حرم اللّه ملعون علي لساني و لسان كل نبي مجاب فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا و كانت لعنة اللّه عليه يقول اللّه عزوجل الا لعنة اللّه علي الظالمين الي ان قال و اما ما سألت عنه من امر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 333 *»

بعمارتها و اداء الخراج منها و صرف ما يفضل الي الناحية احتساباً للاجر و تقرباً اليكم فلايحل لاحد ان‏يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحل ذلك في مالنا انه من فعل شيئاً من ذلك بغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه و من اكل من مالنا شيئاً فانما يأكل في بطنه ناراً و سيصلي سعيراً.([1])

و منها: ما ورد عليه ايضاً ابتداء بسم اللّه الرحمن الرحيم لعنة اللّه و الملئكة و الناس اجمعين علي من استحل من مالنا درهماً الي ان قال فقلت في نفسي ان ذلك في كل من استحل محرماً فأي فضيلة في ذلك للحجة فواللّه لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب الي ما وقع في نفسي بسم اللّه الرحمن الرحيم لعنة اللّه و الملئكة و الناس اجمعين علي من اكل من مالنا درهماً حراماً. و منها رواية ابي‏بصير عن ابي‏جعفر7 في حديث لايحل لاحد ان‏يشتري من الخمس شيئاً حتي يصل الينا نصيبنا و منها رواية ابي‏بصير قال قلت لابي‏جعفر7 ما ايسر ما يدخل به العبد النار قال من اكل من مال اليتيم درهماً و نحن اليتيم و منها ما رواه الصدوق; مرسلاً قال قال الصادق7 ان اللّه لااله الا هو لماحرم علينا الصدقة انزل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال.

و منها: رواية عمران بن موسي عن موسي بن جعفر8 قال قرأت عليه آية الخمس فقال ما كان للّه فهو لرسوله و ما كان لرسوله فهو لنا ثم قال واللّه لقد يسر اللّه علي المؤمنين ارزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم واحداً و اكلوا اربعاً حلاً ثم قال هذا من حديثنا صعب مستصعب لايعمل به و لايصير عليه الا ممتحن قلبه للايمان و منها رواية ابي‏بصير عن ابي‏جعفر7 قال كل شي‏ء قوتل علي

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 334 *»

شهادة الا اله الا اللّه و ان محمداً رسول اللّه فان لنا خمسه و لايحل لاحد ان‏يشتري من الخمس شيئاً حتي يصل الينا حقنا و منها رواية حفص البختري عن ابي‏عبداللّه7 قال خذ مال الناصب حيثما وجدته و ادفع الينا الخمس.

و منها: رواية الحلبي عن ابي‏عبداللّه7 في الرجل من اصحابنا يكون في اوانهم و يكون معهم فيصيب غنيمة قال يؤدي خمسنا و يطيب له و منها رواية عبداللّه بن سنان قال قال ابوعبداللّه7 علي كل امرأ (امرئ ظ) غنم او اكتسب الخمس مما اصاب لفاطمة3 و لمن يلي امرها من بعدها من ذريتها الحجج علي الناس فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤا و حرم عليهم الصدقة حتي الخياط ليخيط ثوباً بخمسة دوانيق فلنا منه دانق الا من احللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة انه ليس من شي‏ء عند اللّه يوم القيمة اعظم من الزنا انه ليقوم صاحب الخمس فيقول يا رب سل هؤلاء بما ابيحوا و منها عن حماد بن عيسي عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح في حديث طويل و انما جعل اللّه هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس و ابناء سبيلهم عوضاً لهم من صدقات الناس تنزيهاً من اللّه لقرابتهم برسول اللّه9 و كرامةً لهم عن اوساخ الناس فجعل لهم خاصة من عنده مايغنيهم به عن ان‏يصيرهم في موضع الذل و المسكنة و لابأس بصدقات بعضهم علي بعض و هؤلاء الذين جعل اللّه لهم الخمس هم قرابة النبي9 الذين ذكرهم اللّه فقال و انذر عشيرتك الاقربين و هم بنوعبدالمطلب الخبر. الي غير ذلك من الاخبار الواردة بهذا المعني و بيان صنوف الاموال التي فيها الخمس و كيفية التقسيم و بيان ان الصدقة عليهم محرمة و عوضهم اللّه بذلك الخمس و هي كلها صريحة ناصة في وجوب اخراج الخمس من الاموال التي امر اللّه باخراج الخمس عنها بحيث لاشك فيها و لاارتياب و مؤيد باطلاق الكتاب و اجماع العلماء الانجاب.

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 335 *»

فصل

فيما يدل علي الاباحة و التحليل

فمنها: رواية ابي‏حمزة الثمالي عن ابي‏جعفر7 قال سمعته يقول من احللنا له شيئاً اصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال و ما حرمناه من ذلك فهو حرام و الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا الا اننا احللنا شيعتنا من ذلك و منها رواية ابي‏بصير و زرارة و محمد بن مسلم كلهم عن ابي‏جعفر7 قال قال اميرالمؤمنين علي بن ابي‏طالب هلك الناس في بطونهم و فروجهم لانهم لم‏يؤدوا الينا حقنا الا و ان شيعتنا من ذلك و آباؤهم في حل و روي و ابناؤهم و منها رواية علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب لابي‏جعفر7 الي رجل يسأله ان‏يجعله في حل من مأكله و مشربه من الخمس فكتب بخطه من اعوزه شي‏ء من حقي فهو في حل و منها رواية ضريس الكناني قال قال ابوعبداللّه7 أتدري من اين دخل علي الناس الزنا فقلت لاادري فقال من قبل خمسنا اهل البيت الا لشيعتنا الاطيبين فانه محلل لهم و لميلادهم و منها رواية ابي‏خديجة عن ابي‏عبداللّه7 قال قال رجل و انا حاضر حلل لي الفروج ففزع ابوعبداللّه7 فقال له رجل ليس يسألك ان‏يعترض الطريق انما يسألك خادماً يشتريها او امرأة يتزوجها او ميراثاً يصيبه او تجارة او شيئاً اعطيه فقال هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم و الغايب و الميت منهم و الحي و ما تولد منهم الي يوم القيمة فهو لهم حلال اما واللّه لايحل الا لمن احللنا له و لا واللّه ما اعطينا احداً ذمة و ما عندنا لاحد عهد و لا لاحد عندنا ميثاق. و منها رواية محمد بن مسلم عن احدهما8 قال ان اشد ما فيه الناس يوم القيمة صاحب الخمس فيقول يا رب خمسي و قد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم و لتزكو اولادهم. و منها رواية يونس بن يعقوب قال كنت عند ابي‏عبداللّه7 فدخل عليه رجل من القماطين فقال جعلت فداك تقع في ايدينا الارباح و الاموال

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 336 *»

و تجارات نعلم ان حقك فيها ثابت و انا عن ذلك مقصرون فقال ابوعبداللّه7 ماانصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم. و منها رواية داود بن كثير الرقي عن ابي‏عبداللّه7 قال سمعته يقول الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا الا انا احللنا شيعتنا من ذلك.

و منها: رواية حكيم مؤذن بني‏عبس عن ابي‏عبداللّه7 قال قلت له و اعلموا انما غنمتم من شي‏ء فان للّه خمسه و للرسول قال هي واللّه الافادة يوماً بيوم الا ان ابي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكو و منها رواية الحرث بن المغيرة النضري عن ابي‏عبداللّه7 قال قلت له ان لنا اموالاً من غلات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت ان لك فيها حقاً قال فلم احللنا لشيعتنا الا لتطيب ولادتهم و كل من والي آبائي فهو في حل مما في ايديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب و منها رواية الفضيل عن ابي‏عبداللّه7 قال من وجد برد حبنا في كبده فليحمد اللّه علي اول النعم قال قلت جعلت فداك ما اول النعم قال طيب الولادة ثم قال ابوعبداللّه7 قال اميرالمؤمنين7 لفاطمة3 احلي نصيبك من الفي‏ء لاباء شيعتنا ليطيبوا ثم قال ابوعبداللّه اللّهم انا احللنا امهات شيعتنا لابائهم ليطيبوا و منها رواية معاذ بن كثير يباع الاكسية عن ابي‏عبداللّه7 قال موسع علي شيعتنا ان‏ينفقوا مما في ايديهم بالمعروف فاذا قام قائمنا حرم علي كل ذي كنز كنزه حتي يأتيه يستعين به و منها رواية مسمع بن عبدالملك في حديث قال قلت لابي‏عبداللّه7 اني كنت وليت الغوص فأصبت اربع‏مأة الف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين الف درهم و كرهت ان احبسها عنك او اعرض لها و هي حقك الذي جعل اللّه تعالي لك في اموالنا فقال و ما لنا من الارض و مااخرج اللّه منها الا الخمس يا اباسيار الارض كلها لنا فما اخرج اللّه منها من شي‏ء فهو لنا قال قلت انا احمل اليك

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 337 *»

كله فقال يا اباسيار قد طيبناه لك و حللناك منه فضم اليك مالك و كل ما كان في ايدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك الي ان‏يقوم قائمنا فيحسبهم طسق ما كان في ايديهم و يترك الارض في ايديهم و اما ما كان في ايدي غيرهم فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم و يخرجهم عنها صغرة و منها رواية الحرث المغيرة النضري قال دخلت علي ابي‏جعفر7 فجلست عنده الي ان قال قال ابوعبداللّه7 ان لنا الخمس في كتاب اللّه و لنا الانفال و لنا صفو المال و هما واللّه اول من ظلمنا حقنا في كتاب اللّه الي ان قال اللّهم انا قد احللنا ذلك لشيعتنا الخبر و منها رواية زرارة عن ابي‏جعفر7 انه قال ان اميرالمؤمنين7 حللهم من الخمس يعني الشيعة ليطيب مولدهم و منها رواية محمد بن يعقوب الكليني عن اسحق بن يعقوب فيما ورد عليه من التوقيعات بخط صاحب الزمان7 اما ما سألت عنه من امر المنكرين الي ان قال و اما المتلبسون باموالنا فمن استحل منها شيئاً فأكله فأنما يأكل النيران و اما الخمس فقد ابيح لشيعتنا و جعلوا منه في حل الي ان‏يظهر امرنا لتطيب ولادتهم و لاتخبث و منها رواية عبدالعزيز بن نافع قال طلبنا الاذن علي ابي‏عبداللّه7 و ارسلنا اليه فارسل الينا ادخلوا اثنين اثنين فدخلت انا و رجل معي فقلت للرجل احب ان‏تستأذن بالمسألة فقال نعم فقال له جعلت فداك ان ابي كان ممن سباه بنوامية و قد علمت ان بني‏امية لم‏يكن لهم ان‏يحرموا و لايحللوا و لم‏يكن لهم مما في ايديهم قليل و لاكثير و انما ذلك لكم فاذا ذكرت الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما كاد يفسد علي ما انا فيه فقال له انت في حل مما كان من ذلك و كل ما كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك. قال فقمنا و خرجنا فسبقنا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 338 *»

معتب الي النفر القعود الذي ينتظرون اذن ابي‏عبداللّه7 فقال لهم قد ظفر عبدالعزيز بن نافع بشي‏ء ماظفر بمثله احد قط قيل له و ما ذاك ففسره لهم فقام اثنان فدخلا علي ابي‏عبداللّه7 فقال احدهما جعلت فداك ان ابي كان من سبايا بني‏امية و قد علمت ان بني‏امية لم‏يكن لهم من ذلك قليل و لاكثير و انا احب ان‏تجعلني من ذلك في حل فقال و ذلك الينا ما ذلك الينا ما لنا ان نحل و لا ان‏نحرم فخرج الرجلان و غضب ابوعبداللّه7 فلم‏يدخل عليه احد في تلك الليلة الا بدأه ابوعبداللّه7 فقال الا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلني مما صنعت بنوامية كأنه يري ان ذلك لنا و لم‏ينتفع احد في تلك الليلة بقليل و لاكثير الا الاولين فانهما غنيا بحاجتهما. و منها رواية ابي‏حمزة عن ابي‏جعفر7 في حديث قال ان اللّه جعل لنا اهل البيت سهاماً ثلثة في جميع الفي‏ء ثم قال تبارك و تعالي و اعلموا انما غنمتم من شي‏ء فان للّه خمسه و للرسول و لذي القربي و اليتامي و المساكين و ابن السبيل فنحن اصحاب الخمس و الفي‏ء و قد حرمناه علي جميع الناس ماخلا شيعتنا واللّه يا باحمزة ما من ارض تفتح و لاخمس يخمس فيضرب علي شي‏ء منه الا كان حراماً علي من يصيبه فرجاً كان او مالاً الحديث. و منها ما في تفسير العسكري7 عن آبائه عن اميرالمؤمنين7 انه قال لرسول اللّه9 قد علمت يا رسول اللّه انه سيكون بعدك ملك عضوض و جبر فيستولي علي خمسي من السبي و الغنائم و يبيعونه فلايحل لمشتريه لان نصيبي فيه فقد وهبت نصيبي منه لكل من ملك شيئاً من ذلك من شيعتي لتحل لهم منافعهم من مأكل و مشرب و لتطيب مواليدهم و لايكون اولادهم اولاد حرام فقال رسول اللّه9 ماتصدق احد افضل من صدقتك و قد تبعك رسول اللّه في فعلك احل الشيعة كل ماكان فيه من غنيمة و بيع من يصيبه علي واحد من شيعتي و لااحلها انا و لا انت لغيرهم.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 339 *»

فصل

اعلم انه لابد اولاً من ذكر ادلة الجماعة في اختيارهم الاقوال المذكورة و لو علي سبيل الاجمال و الاختصار لانه مذكور في كتب القوم ثم بيان ما يرد عليها ثم بيان ما هو المختار لان الاشياء تعرف باضدادها.

اما دليل القول الاول: علي ما مر دليله و هو اجتهاد صريح في مقابلة النصوص الواردة كما اوردناها في الفصلين السابقين و لم‏يأمروا في شي‏ء مما وصل الينا ما اختاره و قال به و هو قد صرح ان ذلك حكم بمقتضي العقل ولكن هو معذور لانهم لايعملون باخبار الاحاد علي زعمهم و يقولون انها لاتفيد علماً و لاعملاً فيضطرون في اغلب المواضع الي الاجتهادات و الادلة العقلية و الاخذ بموضع الاجماع و بالحد المجمع عليه.

و اما القول الثاني: و هو القول بسقوطه و هو من جهة العمل باخبار التحليل و حمل اخبار الاداء علي التخصيص بالمخالفين و يرد علي هذا الحمل ان ذلك و ان امكن في بعض مع الاضطرار الي الحمل كرواية ابي‏بصير و التوقيع الرفيع و امثالهما لكن لايحتمل في مثل رواية الطبري و ابرهيم بن هاشم و محمد بن زيد و امثالها فانها صريحة في الشيعة و المحبين ثم استشكلوا في هذا القول ان النصف حق للاصناف الثلثة فكيف يسوغ التحليل بالنسبة اليه ثم اجابوا لانفسهم عن ذلك بوجهين الاول المنع من كون النصف ملكاً لهم مطلقاً لجواز كون الارباح ملكاً للامام و كذا المعادن و الغوص و الغنائم التي تؤخذ بغير اذن الامام و ثانيهما انه يجوز ان‏يكون اختصاص الاصناف هو بالنصف او مالكيتهم له مشروطاً بحضور الامام لامطلقاً و يرد علي ذلك ان الوجهين خاليان عن التحقيق اما الوجه الاول فان اخبار التحليل اعم من المذكورات فانها مطلقة في تحليل الخمس و اما الوجه الثاني فانه محض احتمال و محض الاحتمال من غير دليل لايغني عن شي‏ء مع ان ظاهر القرآن يفيد اختصاص الاصناف و مالكيتهم من غير تقييد بزمان و يساعد ظاهر القرآن اخبار عديدة واردة في تقسيم الخمس و بعضها معلل بان اللّه عوضهم ذلك عن الزكوة المحرم عليهم و هم محرم عليهم الزكوة في الغيبة و الشهود.

و اما القول الثالث: علي ما مر دليله فهو قول من غير دليل و لم‏يرد خبر يأمر

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 340 *»

بذلك و الخبر الذي يذكرون ليس فيه امر بدفن الخمس و ان الامام اذا ظهر يطلع علي جميع الدنيا كما هو مطلع الان فليرموه في البحر لو كان الدليل ذلك.

و اما القول الرابع: فهو من تركيب القول الاول و الثالث و دليله دليلهما فهو ايضاً لادليل عليه من الاخبار فانه لم‏يرد خبر يأمر بذلك و الانسان ينبغي ان‏يكون في جميع اقواله تابعاً لهم و هو ايضاً قول يترك فيه جميع اخبار التحليل من غير وجه و تخصيصها بالمناكح و المتاجر و المساكن تخصيص من غير دليل و محض وجود تحليل المناكح و المتاجر و المساكن في بعض الاخبار لايقتضي تقييد الباقي كما لو قال قائل اكرم العلماء ثم قال اكرم زيداً لايقتضي تخصيص العلماء بزيد فان غاية ما في الباب ان قوله اكرم زيداً تأكيد لما يفهم من اكرام زيد في ضمن قوله اكرم العلماء فان زيداً احد العلماء فكذلك اذا قال وهبت لك هذا الكنز مرة و قال مرة اخري وهبت هذه الدرة المعينة في الكنز هذا يدل علي عظم الدرة حيث ذكرها في ضمن الكنز مرة ثم ذكرها بخصوصه كقوله تعالي حافظوا علي الصلوات و الصلوة الوسطي فليس هنا محل التقييد و التخصيص مطلقاً و مثل القول الرابع الخامس.

و اما السادس: فاستدلوا لذلك ان النصف حقهم و النصف الاخر لانه لو كان الامام ظاهراً كان يجبر به كسرهم فكذلك الان فانه محض قياس لحال الغيبة علي حال الحضور و ايجاب لما لم‏يوجبوا و اخذ بالمصالح المرسلة و قول بغير نص كتفصيل القول السابع و دليله يظهر مما سبق و كذا رده.

و اما القول الثامن: فاستدلوا لذلك ان النصف حق الاصناف بالنص فيؤدي اليهم و اما النصف فحقه و قد حلله للشيعة و ذلك للجمع و اعمال الدليلين تخصيص لاخبار التحليل من غير دليل و قولهم ان حصة الاصناف حقهم في الحضور و الغيبة فيجب الايصال اليهم اجتهاد اذ من الجايز ان‏يكون ذلك بيان المصرف و المقسم ينبغي ان‏يكون هو الامام يضع هو المال في المصارف و ليس ذلك شأن غيره كأكثر الامور الموقوفة الي الامام كالحد مثلاً فانه مما وضعه اللّه علي الجاني و يجب ان‏يجريه الامام او النائب الخاص علي القول بتخصيصه و كصلوة الجمعة

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 341 *»

علي القول بتخصيصه و يدل علي ذلك الحديث النبوي اربعة الي الولاة الفي‏ء و الحدود و الصدقات و الجمعة. و اما قولهم في النصف الاخر انه حيث لايمكن الوصول اليهم تسقط حصتهم لتعذر ذلك و غناهم عنه رأساً دون السهام الباقية لوجود مستحقها فهو قول بالرأي و الاستحسان و هم في ايام حضورهم غنيون عنه رأساً و مثل ذلك القول التاسع.

و اما القول العاشر: فدليلهم ان الذي يختص بالامام يمكن فيه فرض التحليل و ما لايختص به لايمكن فتمام الخمس الذي لهم خمس الارباح و اما من غير ذلك فلهم نصف الخمس لا الخمس فعليه يحمل اخبار التحليل و يبقي الباقي علي حاله فهو تخصيص النص بالعقل و تحقير لهم و زعم بقصور باعهم و عدم مالكيتهم للدنيا و ما فيها و يأتي ما يدل علي ان الدنيا كلها لهم و يضعونها حيث يشاؤون و قد اباحوا الخمس في عصرهم لكثير من الناس و حللوهم و قد صرح في اخبار التحليل بان التحليل وقع علي خمس جميع الافادات و الغنائم و قد مر بيانه.

و اما القول الحادي‏عشر: و قد مر دليله و هو ترك لاخبار التحليل رأساً و من المعلوم ان اخبار التحليل لاتحتمل التقية و لا السهو و لا النسيان عنهم ابداً فلاي شي‏ء قالوه و لاي حكمة القوه بين الفرقة فقد ورد عنهم: انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيهاً حتي يلحن له فيعرف اللحن فالذي يقول بقول ينبغي ان‏يضع كل شي‏ء موضعه.

و اما القول الثاني‏عشر: فهو قول يخالف فهم جميع الاصحاب و لايزعمه فقيه ابداً فانه اذا قال رجل ان ما اطلبه منك انت في حل منه لااطالبك به الي يوم القيمة لايفهم منه احد انك في حل من النظر اليه و يجب ان‏تؤديه الي يوماً ما او انت في حل ان‏تأكله و تضمن المال و القول بالاتيان به الي الفقيه قول من غير دليل فان غاية ما وصل من الشرع قبول رواية الفقيه و التحاكم اليه و لم‏يصل الينا ان جميع ما يرجع الي الامام يرجع الي الفقيه و هو النائب العالم بل ان اصل ذلك من مذاهب العامة حيث انهم يزعمون فقهاهم ائمة عصرهم يرجعون اليهم في كل شي‏ء و اما اعتقادنا في الفقيه انه ليس له شي‏ء بين الفرقة الا ان‏يروي رواية او يحكم بحكم

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 342 *»

بين المترافعين و ليس له شي‏ء آخر و هو و ساير الناس سواء في جميع الامور فأي دليل يدل علي ارجاع الامور الي الفقيه العادل بالجملة هذا القول ايضاً كسوابقه لادليل عليه و كذلك باقي الاقوال فانه لايخرج عما ذكرنا فلانطيل الكلام بذكرها فان جميعها قول بالمصالح المرسلة و القياس و الاجتهادات و الاراء و لايجوز القول بشي‏ء من ذلك و انصف الشيخ المفيد في ذلك حيث قال و انما اختلف اصحابنا في هذا الباب يعني في حكم الخمس في زمن الغيبة لعدم ما يلجأوا اليه من صريح الالفاظ و انما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة و قال الشيخ في النهاية علي ما نقل عنه و ما يستحقونه من الاخماس في الكنوز و غيرها حال الغيبة فقد اختلف قول اصحابنا فيه و ليس نص معين الا ان كل واحد منهم قال قولاً يقتضيه الاحتياط، اقول بلي النص موجود في الباب في حكم زمان الغيبة و هو عن صاحب الزمان7 و هو رواية الكليني عن اسحق بن يعقوب عن صاحب الزمان7 و قد مر في محله.

فصل

اعلم ان الذي يظهر من الاخبار بلاغبار اولاً ان الائمة: مفوض اليهم امر الدين كما ورد في اخبار متواترة انهم يحللون ما شاؤا و يحرمون ما شاؤا و ليس لاحد ان‏يتعرض عليهم ان ذلك ما كان لك كيف حللت و كيف حرمت بل لو وهب امرأة رجل لرجل آخر كان له بلااكتراث و من زعم غير ذلك ليس بمسلم لامرهم و لامنقطع اليهم و قد سمعت رواية الثمالي عن ابي‏جعفر7قال سمعته يقول من احللنا له شيئاً اصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال و ما حرمناه من ذلك فهو حرام و من المعلوم ان الاموال التي يحصل من اعمال بني‏امية و بني‏العباس و من هو مثلهم دمعة اعين اليتامي و فلذة كبد الايامي و هم يحللون ذلك فيكون حلالاً و يحرمون ذلك فيكون حراماً فان الذي حلله آخراً هو الذي حرمه اولاً و الحكم يدور مدار امره و حكمه و ماكان لمؤمن و لامؤمنة اذا قضي اللّه و رسوله امراً ان‏يكون لهم الخيرة من امرهم. فلا و ربك

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 343 *»

لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً. و قد ورد بذلك اخبار متواترة قد اوردها الشيخ عبداللّه بن نور اللّه في العوالم و الشيخ المجلسي في البحار و قد اوردناها في رسالتنا في الرد علي المقصرة و النواصب من اراد تلك الاخبار فليطلبها يجدها مقرونة بصحيح الاعتبار فاستبعاد من زعم انهم كيف يحللون ما ليس لهم محض استبعاد غير لايق للشيعة و لايقوم في مقابل ما ذكرنا من الاخبار المتواترة اجتهاد ان اللام للتمليك او للتخصيص و هل ظواهر القرآن حجة ام لا و المصالح المرسلة فبهذه الاخبار تبطل الارتياء و الاعتبار و يشهد بذلك ايضاً رواية مسمع و رواية عبدالعزيز بن نافع انهم كانوا يحللون جميع الخمس في عصرهم و لم‏يقلدوا من يقول ان اللام المقدر في قوله تعالي اليتامي و المساكين و ابن السبيل للتمليك و لا من يقول انها للتخصيص و حللوا كيف شاؤا و يظهر ايضاً ان الخمس في عصر حضورهم كان يجب علي الناس ان‏يؤدوه الي الامام فيفعل به ما يشاء و يشهد بذلك رواية عيسي بن المستفاد عن ابي‏الحسن موسي بن جعفر عن ابيه8 ان رسول اللّه9 قال في حديث ان مودة اهل بيته مفروضة واجبة علي كل مؤمن و مؤمنة مع اقام الصلوة لوقتها و اخراج الزكوة من حلها و وضعها في اهلها و اخراج الخمس من كل ما يملكه احد من الناس حتي يرفعه الي ولي المؤمنين و اميرهم و من بعده من الائمة و ولده الخبر. و يدل علي ذلك رواية زيد الطبري و رواية محمد بن زيد و اكثر الروايات التي مرت في فصل وجوب اخراج الخمس فكانوا يؤدون اليهم الخمس فكانوا يضعونه اين ما شاؤا بحسب المصلحة و النظر فلربما يهبونه كله من ليس من بني‏هاشم كما سمعت في رواية مسمع بن عبدالملك و عبدالعزيز و ساير اخبار التحليل حتي انه روي عن ابي‏خالد الكابلي قال قال ان رأيت صاحب هذا الامر يعطي كل ما في بيت المال رجلاً واحداً فلايدخلن في قلبك شي‏ء فانه انما يعمل بامر اللّه و عن احمد بن محمد بن ابي‏نصر عن الرضا7 في

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 344 *»

حديث الي ان قال احمد أفرأيت ان كان صنف من الاصناف اكثر و صنف اقل ما يصنع به قال ذاك الي الامام ارأيت رسول اللّه9 كيف يصنع أليس انما كان يعطي علي ما يري كذلك الامام. فتبين و ظهر انهم كان يرفع اليهم المال و كانوا يضعونه حيث شاؤا من بني‏هاشم و غيرهم و يدل علي ذلك ايضاً رواية عبداللّه بن سنان في فصل وجوب اخراج الخمس و ليس لنا ان‏نتعرض عليهم بان ظاهر القرآن كذا و الاخفش قال ان اللام حقيقة في التمليك و يجب علينا ان‏نسلم لامرهم فانهم لايسألون عما يفعلون و الناس يسألون و قد تكرر في اخبار التفويض ان اللّه فوض عليهم (اليهم ظ) امر الخلق فقال لهم هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب فاذا كانوا: يحللون ما شاؤا و يحرمون ما شاؤا حتي المال الذي ورثته و هو لك لو حرموه عليك يكون محرماً و لو حللوا لك اموال اليتامي هي لك حلال فنقول ان من جملة الاموال الخمس يحللونه لمن شاؤا و يحرمونه لمن شاؤا فلربما يحللون ثم يطلبون و يأخذون و يحرمونه بعد حين فيطالبون فلربما يحرمون اولاً ثم يحللون او يحرمون لرجل و يحللون لاخر و بالعكس و الشيعة المسلم ينبغي ان‏يقف في موقف امرهم و نهيهم من دون تعرض عليهم و الا ليس بمسلم لهم و لحكمهم فاذا عرفت ذلك فاعلم انه لاشك و لاريب ان الخمس واجب و هو فريضة من الفرائض اوجبه اللّه لآل‏محمد:علي ما هو المعروف في الشرع فالاخبار التي اوردناها في الفصل الاول لايدل علي اكثر من وجوب اخراج الخمس المعلوم وجوبه و حرمة منعه و كذا ساير الاخبار الواردة في تعيين الاموال التي فيها الخمس و هو لاشك فيه و لاريب يعتريه و لايقولن قائل انهم حرموا في بعض تلك الاخبار اكل الخمس فكيف حللوا فانا قدمنا اليك ان الامر لايفوتهم يحرمون ماشاؤا و يحللون ما شاؤا بل ربما كان تقتضي المصلحة اظهار التحريم لحضور بعض العامة او مع علم سماعهم بالخبر فيريدون بذلك ابلاغ الحجة و التشديد عليهم في وجوب اخراج الخمس عليهم ليزدادوا اثماً علي اثمهم و تتأكد الحجة عليهم فيحرمون علي الكل فانه لايمكن ان‏يقول عندهم

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 345 *»

حللنا ذلك لشيعتنا و حرمنا علي اعدائنا فيسوقون الكل مساقاً واحداً فيمكن حملها علي التقية بهذا المعني.

و اما اذا امنوا شرهم و وجدوا خلوة و رأوا ابتلاء شيعتهم بهذه البلايا العظيمة و تأذيهم عن النواصب في جنب ولايتهم حللوا لهم مناً منهم عليهم و تعطفاً فان بيدهم ازمة التحليل و التحريم و لرب ايضاً بعض الشيعة كانوا يثبون علي الخمس و يأكلون لضعف نفسهم و ازواءً لحق آل محمد: فيشددون عليهم او تقتضي مصلحة لامتحانهم و اختبارهم او غير ذلك فيطالبون بعض الشيعة بعد التحليل و يدل علي ذلك رواية ابرهيم بن هاشم و محمد بن زيد و رواية زيد الطبري و علي لسان الفقهاء ان التحليل يمكن في حق ثابت مستقر و لايمكن في الحق المتجدد الحادث قبل حدوثه و تجدده كما قالوا ان المرأة يصح لها اباحة نفقة يومه لزوجه و لايصح اباحتها نفقة الايام الاتية لانها ليس لها قبل حلولها فكذلك صاحب الخمس اذا حلل الخمس المستقر في ذمة المكلف يمكنه تحريم الخمس الذي يستقر في ذمته بعد حين بعد استقراره فان الذي لم‏يستقر لم‏يكن له حتي يحلل او يحرم فاذا حللوا خمسهم في سنة يمكن ان‏يطالبوا في سنة اخري لمصلحة حدثت فلربما يطالبون بعض الشيعة بعد التحليل لمصلحة هم اعلم بها و هذا قول ظاهري و الا فعلي الحقيقة لهم تحليل نفس المحرم و تحريم نفس المحلل فان اللّه فوض اليهم امر الدين كما سمعت فاذا هم: حللوا شيعتهم في عصرهم و طالبوا بعض الاحيان لمصالح حدثت كما مر و شددوا لاخري من التقية علي ما ذكرنا.

و قد حلل صاحب الزمان صلوات اللّه عليه و علي آبائه شيعته الي يوم ظهوره كما مر في رواية اسحق بن يعقوب لان الخمس كما يظهر من الاخبار يجب ان‏يؤدي اليهم و اخذه و تفريقه منصبهم و حقهم فيجب اداؤه اليهم او الي نائبهم الخاص و لايصح ذلك لغيرهم و الدليل علي ذلك ان ذلك عبادة و ولاية يعني اخذ الخمس و تفريقه في المستحقين و لاولاية لمن لم‏يجعله اللّه ولياً و لاعبادة الا علي ما امر اللّه سبحانه و لم‏يرد نص و لااثر علي توليتهم احداً علي ذلك عموماً الا نواباً مخصوصين في عصر ظهورهم و لا علي جعلهم ذلك عبادة لكل من ارتكبه و لايمكن التولية علي اموالهم الا بأذنهم و ان شئت الدليل

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 346 *»

فراجع في فصل وجوب اخراج الخمس الي التوقيع الرفيع انه7 نهي ان‏يتولي رجل الضيعة الوقف لعمارتها و اداء الخراج منها و صرف ما يفضل الي الناحية احتساباً للاجر و تقرباً اليهم و اجاب7 لايحل لاحد ان‏يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحل ذلك في مالنا انه من فعل شيئاً من ذلك بغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه الخبر. فنسئل المدعي للتصدي بتفريق البعض او الكل و اخذهما من ولاك علي هذا الامر؟ فان قال امامي كذب و ان قال انا و ليت نفسي فيرد في نحره فاذا عرفت ان ذلك منصبهم كما عرفت في رواية عيسي بن المستفاد و لايحل لاحد تولية هذا الامر بغير اذنهم فاذا كان الامر كذلك و كان لايصل ايدي شيعتهم اليهم ليؤدوا اليهم و لم‏يعينوا نائباً خاصاً لمصلحة احلوا لهم ذلك فانهم ان لم‏يحللوا ذلك ما كان يخلوا اما ان‏يكلفوهم بالايصال اليهم فهو تكليف لما لايطاق و اما ان يكلفهم بالحبس و الايصاء الي يوم ظهورهم فهو حبس البضاعة المزجاة ليوم الغني الذي لافقر معه و الشيعة يومئذ يأكلون من فوقهم و من تحت ارجلهم و تنزل السماء قطرها و الارض بركاتها و لاحاجة في ذلك اليوم الي هذه الدراهم البخس المعدودة و لعمري هو بعينه حبس الدراهم ليوم القيمة ليصرفها في الجنة و يشتري بها الاثمار فلاطائل في حبس الدراهم و هو مع ذلك تضييع المال و حبسه عن المحاويج و عما خلقه اللّه لاجله و يصدق عليه قوله تعالي الذين يكنزون الذهب و الفضة و لاينفقونها في سبيل اللّه الاية. و اما ان يكلفهم بالتولية و التفريق فهو ايضاً تولية الجاهل علي ما لايعرف الطريق فان هذا المال حق الامام يضعه حيث يشاء يعطي ما يشاء من يشاء و يصرفه عمن يشاء و ليس بلازم عليه تفريقه في الاصناف المشهورة و الوكلاء الذين كانوا في عصر الامام كانوا وكلاء في القبض و الجمع لا التفريق.

و انما التفريق كان بنظره و حكمه و من له هذا اليوم ذلك النظر حتي يضعه حيث يشاء اللّه و يحب و ما كان يمكن ان‏يعينوا مصارف و يأمروا بالوضع فيها فان المصالح يتغير بتغير الايام و الليالي و ليس لاحد معرفة تلك المصالح و لاتقولن ان الاية ظاهرها انه للّه و لرسوله و لهم و لذي القربي لكل

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 347 *»

سهم فكيف يكون جميعه لهم كما قال جماعة ذلك فاني استدل لك بروايات فاولاً استدل لك بان الدنيا كلها للامام يضعها حيث يشاء من غير منازع من ذلك فمن ذلك ما عن المرتضي في رسالة المحكم و المتشابه نقلاً من تفسير النعماني باسناده عن علي7 في حديث قال قال اللّه تعالي اني جاعل في الارض خليفة فكانت الارض باسرها لآدم ثم هي للمصطفين الذين اصطفاهم اللّه و عصمهم فكانوا هم الخلفاء في الارض الحديث. و رواية المعلي بن خنيس قال قلت لابي‏عبداللّه7 ما لكم من هذه الارض فتبسم ثم قال ان اللّه بعث جبرئيل و امره ان‏يخرق بابهامه ثمانية انهار في الارض منها سيحان و جيحان و هو نهر بلخ و الخشوع و هو نهر الشاش و مهران و هو نهر الهند و نيل مصر و دجلة و الفرات فما سقت او استقت فهو لنا و ما كان لنا فهو لشيعتنا و ليس لعدونا منه شي‏ء الا ما غصب عليه و ان ولينا لفي اوسع مما بين ذه الي ذه يعني بين السماء و الارض ثم تلا هذه الاية قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا المغصوبين عليها خالصة يوم القيمة بلاغصب. و رواية محمد بن الريان قال كتبت الي العسكري7 جعلت فداك روي لنا ان ليس لرسول اللّه من الدنيا الا الخمس فجاء الجواب ان الدنيا و ما عليها لرسول اللّه9 و ما رواه في الكافي عن احمد اللّه محمد بن عبداللّه عمن رواه قال الدنيا و ما عليها للّه و لرسوله9 و لنا فمن غلب علي شي‏ء منها فليتق اللّه تعالي و ليؤد حق اللّه و ليبر اخوانه فان لم‏يفعل ذلك فاللّه و رسوله و نحن برءآء منه. و رواية ابي‏بصير عن الصادق7 قال قلت له اما علي الامام زكوة فقال احلت يا ابامحمد اما علمت ان الدنيا و الاخرة للامام يضعها حيث يشاء و يدفعها الي من يشاء جايز له ذلك من اللّه ان الامام يا بامحمد لايبيت ليلة ابداً و للّه في عنقه حق يسأله عنه انتهي.

فهذه بعض الاخبار الدالة علي ان الارض بل الدنيا و الاخرة كلها للامام فاي اختصاص للاصناف بالنصف بحيث لايكون للامام جايزاً تغييره

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 348 *»

و اما خصوصية الخمس و انه يجب ان‏يؤدي الي الامام و هو يعمل فيه بحسب نظره فكثير مما يدل علي ذلك فقد مرت في اخبار التحليل انهم اباحوه للشيعة فلو كان لايجوز لهم التخلف عن الاصناف لكان التحليل تحليلاً لمال الغير و المعصوم معصوم عن ذلك و منها ساير الاخبار الواردة في التقسيم و هي مذكورة في بابها و مدلولها انه يجب ان‏يؤدي الخمس اليهم حتي يفرقوا علي حسب نظرهم و لم‏يكن ذلك لاحد غيرهم و لم‏يرد نص و لااثر ان ذلك شأن غيرهم.

و بعد ما علمنا ان الدنيا كلها لهم يضعونه حيث يشاء ليس لاحد ان‏يتعرض عليهم بان النصف سهم الاصناف لايجوز ان‏يحلله الامام لانهم اهل الذكر و فيهم و بهم نزل الكتاب و هم: حللوا الخمس لشيعتهم خاصة و ثمرات التحليل كثيرة من حل المساكن و التصرفات و الملابس و المآكل و المشارب و المراكب و غيرها اعظمها طيب المولد لانه اصل الولاية فلو لم‏يحللوا و هم لايمكنهم الايصال فيقصر طائفة و يمنع اخري مع ان اعداء الدين يمنعونه بالكلية و بذلك يصير جميع الاموال محرماً و بحرمة الاموال تصير الفروج محرمة و بحرمة الفروج تصير النطف خبيثة فيخرجون بذلك عن ولاية اميرالمؤمنين7 و الغرض الاصلي من جميع الشرايع هو هذه الولاية و تحريم الخمس و عدم تحليله كان اشد سبب في خبث النطفة فكانوا يخرجون بذلك عن الولاية فحللوا ذلك لئلايخبث النطف و يبقوا علي الولاية و لاتحسبن ان ما اذكر مصالح مرسلة بل هي كلها مصالح منصوصة في رواية ابي‏بصير و زرارة و رواية ضريس الكناني و رواية ابي‏خديجة و رواية محمد بن مسلم و رواية حكيم مؤذن بني‏عبس و رواية الحرث بن مغيرة النضري و رواية الفضيل و رواية زرارة و التوقيع الرفيع و رواية ابي‏حمزة و رواية العسكري7 فراجع تجد ان علة التحليل هو ذلك و ملاحظة طيب المواليد اولي و اعظم من فقر السادة فان النطف اذا خبثت و صاروا ولد الزنا خرجوا بالكلية عن الولاية هاشمياً كانوا او غيرهم و بطل الدين و فات الغرض الذي بعث النبي9 له و خلفوا لاجله فراعوا ما هو الاعظم الاولي و اعظم من ذلك كله ان المخالفين معلوم منهم منع الخمس فيكون

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 349 *»

جميع اموالهم مشتركة مشاعة و يحرم عليهم جميع مكاسبهم و متاجرهم و مآكلهم و مشاربهم و فروجهم و يعاملون الشيعة و الشيعة يعلمون انهم يمنعون آل محمد حقهم: فيكون ما يصير بايديهم من تلك الاموال و الفروج محرمة لولا تحليل الائمة: و يصير بذلك مأكلهم و مشربهم و مقعدهم و منامهم و فروجهم حراماً عليهم و هم ابداً في اثم بين لاشك فيه فحللوهم من ذلك جميعاً مناً و لطفاً منهم سلام اللّه عليهم علي غنمهم الضعفاء فلله الحمد و لهم الشكر علي جزيل انعامهم انظر الي رواية التفسير العسكري7 تجد عظم هذه المنة فاذا صار هذا النوع من الخمس علي الشيعة محللاً لافرق بينه و بين خمس ما بايديهم فان ما بايديهم منتقل يذهب و يجي‏ء فان اعطوا خمس ما بايديهم ثم اتجروا و عاملوا و استبدلوا الدراهم تقع في ايديهم ما فيه حرام بعينه فيجب اخراج خمسه و ينقص من رأس ما لهم خمسه ثم يستبدلونه و يقع في ايديهم حرام آخر و ينبغي ان‏يؤدوا خمسه و هكذا حتي يفني رأس مالهم سواء اتجروا و استربحوا ام لا، فانه يفني ما في ايديهم و ذلك تعب شديد لهم و تأثيمهم فلاجل ذلك حللوا شيعتهم من الخمس و اما ما يدل علي ان الاخذ و التفريق ليس شأن غيرهم و لم‏يوكلوا احداً علي ذلك ما رواه في الغوالي اللئالي عن الصادق7 انه سأله بعض اصحابه يابن رسول اللّه ما مآل شيعتكم في ما خصكم اللّه تعالي به اذا غاب غائبكم و استتر قائمكم فقال7 ما انصفناهم ان و اخذناهم و لااحببناهم ان عاقبناهم بل نبيح لهم المساكن لتصح صلوتهم و نبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم و نبيح لهم المتاجر ليزكو اموالهم انتهي. و لم‏يقل يجب عليهم ان‏يعطوه الي فقهائهم او عدولهم او الي ساير بني‏هاشم او غيرهم و انما حللوا لهم فانهم غاية ما في الباب يقدرون علي اخراج خمس ما يقع في ايديهم ولكن اذا استبدلوه يقع بدل ذلك المخمص بيدهم مال يجب ان‏يخمس و اذا استبدلوه يقع بدل ذلك المخمس ايضاً مال يجب ان‏يخمس فيفني عما قريب ما بايديهم و ان لم‏يستبدلوا في بعض المراتب يلحقهم ضرر كثير كما هو بين فلاجل ذلك و مثله حللوا شيعتهم و لعل

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 350 *»

من عطفهم ايضاً لاحظوا كثرة ضررهم من هذه الجهة و مما يلحقهم من اذي السلاطين و شدة المحنة منضماً الي ان ولاية اخذ الخمس و تفريقه حظهم فحللوا شيعتهم عن ذلك و هم يبدلون ساير بني‏هاشم من فضلهم و بتدبيرهم للملك كما ان في هذه الاعصار لايعطي خمس و مع‏ذلك يعيش الهاشميون واللّه ولي رزقهم.

و الذي زعمه قوم من ايجاب ذلك فقر السادة يدفع ايضاً بانه يحل لهم زكوة بعضهم علي بعض فهم في ذلك مساون مع العوام في الغني و الفقر فالخمس فضل عليهم اكراماً و قد احلوا ذلك لشيعتهم و هم شرذمة قليلون من المسلمين فضلاً و طولاً لما ذكرنا و للسادة زكوة بعضهم علي بعض و الصدقات المستحبة و الاكرام هذا و ليس عطاء الخمس لهم بممنوع فيعطي المؤمنون علي قدر سعتهم فتدبر. و يدل علي التحليل ايضاً لهذه الجهة رواية يونس بن يعقوب و قد مرت فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر و سلم لامر مولاه و اجتنب هواه و ترك المصالح المرسلة ان الخمس بتمامه محلل للفرقة الناجية المقرة بامامة الائمة الاثناعشر (الاثني‏عشر ظ) و المصدقين لفضائلهم و القابلين عن حملتها و المسلمين لرواتها و محرم علي غيرهم من النواصب و الغلاة و المفوضة و ساير طوائف المخالفين المنكرين لفضائل آل محمد: و هم غاصبون لحق آل محمد: و قد خبث بذلك نطفهم و اموالهم و اولادهم بل واللّه يأكلون حراماً و ينكحون حراماً و لو اكلوا من صلب ما لهم المزكي المخمس كما يدل عليه اخبار منها ما مر من رواية مسمع بن عبدالملك و في آخرها و اما ما كان في ايدي غيرهم يعني الشيعة فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم و يخرجهم عنها صغرة. و منها رواية المعلي بن خنيس و قد مرت و في آخرها و ليس لعدونا منه شي‏ء الا ما غصب عليه الخبر. الي غير ذلك من الاخبار الدالة علي انهم يأكلون حراماً و يعيشون في حرام الي ان‏يقوم القائم7فيبيدهم و قد انعموا علي شيعتهم ذلك في كثير من ازمان حضورهم و في زمن غيبتهم ليعيشوا في حل و يطيب بذلك نطفهم و اولادهم ليقوموا علي الولاية ولكن ما ذكرنا هو بيان منهم و عطفهم و لم‏يحرموا اعانة السادات و اكرامهم بل ذلك من اعظم الصدقات و

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 351 *»

القربات الي اللّه سبحانه فعن عبدالرحمن بن الحجاج عن ابي‏عبداللّه7 انه قال لو حرمت علينا الصدقة لم‏يحل لنا ان‏نخرج الي مكة لان كل ماء بين مكة و المدينة فهو صدقة و قيل له أتحل الصدقة لبني‏هاشم فقال انما تلك الصدقة الواجبة علي الناس لاتحل فاما غير ذلك فليس به بأس و لو كان ذلك ما استطاعوا ان‏يخرجوا الي مكة هذه المياه عامتها صدقة.

و هذا آخر ما كتبه مصنفه و مستنبطه في السادس و العشرين من شهر شوال سنة سبع و خمسين من المأة الثالثة عشرة حامداً مصلياً مستغفراً.

 

 

([1]) هذا الخبر يدل علي عدم جواز التصرف في مال الغايب و لو احتساباً للاجر الا بأذنه. منه اعلي اللّه مقامه.