19-14 مکارم الابرار المجلد التاسع عشر ـ فائدة في ان علم القرآن عند آل محمد ـ مقابله

 

فائدة في ان علم القرآن عند آل‌محمد

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 389 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

فائدة: قد تواتر الاخبار ان علم الكتاب عند آل محمد: و فيه موانع من العلم ما لايحصي فلايجوز العمل به الا بتفسيرهم و لايجوز الاخذ بظواهره الا بعد السؤال عنهم و اخبارهم بعدم المنع من ظاهره و ذلك بامور منها السمع و النطق لمن تمكن منهما و من فقدهما يعرف ذلك بالاجماع الضروري او المحصل العام او الخاص و الا فبدليل عقل تعرف العقول عدله و من هذين ان يقوم الاجماع علي امر في الخارج و يوافقه ظاهر الكتاب او يدل العقل الصريح علي شيء و يدل عليه ظاهر الكتاب فهو المعمول به فالاول كما قام الاجماع بان العمل بالخير حسن ثم تسمع الاية و افعلوا الخير لعلكم تفلحون و الثاني كأن تعرف باجماع العقول ان العبد محتاج الي خالقه فتسمع يا ايها الناس انتم الفقراء الي الله و انما نأخذ بهما لان الحجة داخل في اهل الاجماع و العقلاء يقينا و ان فقدناهما و ورد خبر متواتر في تفسير الاية او في معني يوافقه ظاهر الاية ففيه الحجة فان ظاهرها هذا يقينا و يدل يقينا و المدلول حق يقينا فنعمل به و ليس يجب ان يرد حديث ان تفسير هذه الاية هكذا اذ الدلالة امر طبعي للكلام و فهمها طبعي للناس و ليس بتفسير و انما التفسير الممنوع هو التفسير بالرأي و الرأي الدليل العقلي و الدليل العقلي للامور الخفية فالعرب يفهم هذا الكلام قهرا و يعرف ان مدلوله هذا يقينا قهرا فان كان هذا الفهم تفسيرا فكل العرب مفسرون و الظاهر من التفسير بالرأي صرف الاية في غير موضع الدلالة اللفظية بلا شك و ان فقدنا الخبر المتواتر و ورد خبر محفوف بقرينة قطعية في تفسيرها او في معني يوافق مدلولها فنأخذ به كما مر و ان فقدناه و ورد خبر عن ثقة امرنا بالاخذ به في تفسيرها او في معني يوافقها فكذلك و ان فقدناه و ورد خبر عن غير ثقة في تفسيرها او في معني يوافقها و ليس في الاسباب الشرعية ما يمنع عن الاخذ بذلك الخبر من كتاب مجمع علي تأويله او سنة جامعة او اجماع او دليل عقل او قرائن دالة علي كذبه و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 390 *»

عدم صحة العمل به او اجمال او تشابه او لحن تقية او لحن فرية و من كونه عمن لايعتني بخبره عرفا و ليس بمعتبر يعني تشك في كذبه و صدقه و جده و هزله و وضعه او تحريفه لعدم مبالاته او تظن كذبه او لم‌يعمل به احد من الشيعة و امثال ذلك لانه حينئذ مقرر مسدد و نقول بان معني الاية هذا لتقريرهم لانه بمنزلة من فسر القرآن عندهم و هو غير ثقة ولكن قرروه و الوثاقة و عدمها للوساطة و اما اذا كان في حضور الامام فلاعبرة بالناقل فان سكت عنه الامام يقبل و ان رده الامام يرد و السنة الامام اليوم الكتاب و السنة اذا كانا مجمعا علي تأويلهما و دليل العقل الذي يعرف العقول عدله و القرائن و ساير الاسباب التي ذكرناها و عن النبي9 علي كل حق حقيقة و علي كل صواب نور فان قلت هم كانوا في جميع اعصارهم و مع ذلك نهوا عن خبر غير الثقة فيكفي في ردعهم نهيهم و الا فاين موضع وجوب ترك الاخذ بخبر غير الثقة اقول اذا كان خبر غير الثقة محفوفا بالقرائن القطعية يعمل به لامحالة و العمل بالقرائن لا بالخبر و ان لم‌يكن فيه قرائن فالعمل به منهي عنه فلو ورد خبر قطعي و خبر عن غير ثقة لايجوز العمل به بخلاف ان ورد خبران عن ثقات فانك تعمل بهما ان لم‌يكن مرجح و تترك كل واحد الي كل واحد فالخبر عن غير الموثق يعمل به عند عدم مانع و ان كان القرآن ظاهر الدلالة في امر و لم‌يرد خبر في معناه مطلقا و ليس عليه تصديق من الامور السالفة و لايكون مثل ذلك ولكن علي الفرض فيجب حينئذ الفحص عن الموانع فان كان عنه مانع من الامور الماضية اليقينية يعني آية جامعة اخري او سنة جامعة او دليل عقل او خبر متواتر او محفوف او موثوق به لايعمل به و ان لم‌تجد عنه مانع من آل محمد: فتركه رخصة و سكوتهم عنه تقرير بانه حق و ما دل عليه ظاهرا هو المراد لان الامة بمحضرهم و هم يعلمون انهم يفهمون من ظاهره كذا و ان المستنبط الراجع اليهم المسلم لهم فحص عن اذنهم و منعهم فلو كان ممنوعا لردعه عن العمل به و القول به و ان قلت اولا يكفي منعهم عن تفسير القرآن بالرأي و قولهم ان علم القرآن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 391 *»

 عندنا قلت قد عرفت ان ذلك ليس بتفسير و انما هو دلالة لفظ يعرفه كل ذي مسكة و كون علم القرآن بكله عندهم ليس معناه انه لايفهم ظاهر القرآن احد اذ ظاهر القرآن يكون عند العرب و ان قلت اولايكفي انه ورد انه لايجوز الاخذ بشيء من القرآن الا بالاخذ عنهم و الرد اليهم قلت انهم امرونا بالتمسك بالقرآن و عرض الخبر الواحد عليه و التدبر فيه و قرع القلوب به و معرفة صحيح الروايات و سقيمها و صحيحها و ضعيفها بالعرض بالكتاب و امرونا بالتمسك بالكتاب و السنة و ظواهر الكتاب حق كبواطنه و لو كان ظواهره باطلا نعوذ بالله لماكان يمكن التحدي به فظاهره حق لامحالة و يجب الاخذ به و مع ذلك لسنا نفسره و نصرفه عن ظاهره برأينا بل عند ذلك يجب القول بصرف ظاهره من دون صرف و هو كتاب عزيز لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه فلو علم آل محمد: ان معناه مما يجب التدين به و هو غير ظاهره لشرحوه او كان له ناسخ لبينوه و ان قلت لعلهم ليسوا مأمورين باخذ ظاهر تلك الاية و لذا سكتوا عنه و اكتفوا بالمنع العام عن الاخذ بالكتاب من دون تفسيرهم قلت اني لست افسره و انما آخذ بظاهره و ظاهر الكتاب حق لا مرية فيه و بظاهره تحدي العرب اللهم الا ان يكون متشابها اومجهول المعني او مشكوكة فليس يمكن الاخذ به بل في الحقيقة ظاهر الاية مجمع عليه بين اهل اللسان و هم في الاجماع فلو كان مراد الله غير الظاهر و فيه تكليفنا لماتركوا و يجب الايمان بظاهر الكتاب و باطنه و روي ان من القرآن ما يعلمه العالم و الجاهل كاطيعوا الله و اطيعوا الرسول و منه ما لايعرفه الا الذكي و منه ما لايعرفه الا الامام فافهم.