فائدة في ان العمل بالتواتر في جميع المسائل غير ميسر للناس
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 365 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة: بعد ما ثبت انه لايعبد الله بالظن و لايقوم حجة الله بالظن نقول ان امور الدين علي قسمين: منها ما ثبت بالضرورة و عليه اجماع اهل الحق فهو المقطوع به انه من الله لاشك فيه فيعمل به سواء كان الضرورة علي مسألة او آية او حديث و منها ما لميثبت بالضرورة فلابد و ان ينتهي اليها ففي هذا القسم نقول لاشك ان النبي9 لميلق كل شخص من امته في زمانه عند كل حكم حتي يبلغ اليه حكم تلك المسألة و لاشك انه لميوجب تحصيل المسائل عليهم بالمشافهة و لميوجب علي بنات التسع و ابناء خمسة عشر و السرايا و اهل القري و الجبال و البراري و غيرهم ان يحصلوا التواتر و ليس من دينه وجوب اقامة التواتر علي كل مسألة بالبداهة و انما كان في عصره يبلغ بواسطة الثقات و يأخذ الناس عن الثقات و قيام الحجة باخبار الثقة و لزوم القناعة به و الاخذ به من بديهيات المذهب سلفا و خلفا فوجوب الاخذ بخبر الثقة و قيام الحجة به اجماعي منته الي الضروري من الدين و المذهب و لا اظن عاقلا يشك فيه فما وصل الينا بثقة كماوصل الينا بضرورة و يؤكد ذلك قوله تعالي فلولا نفر الاية و قوله تعالي الم يأتكم نذير قالوا بلي قد جاءنا نذير فكذبنا و قوله ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا و الاخبار الواردة في الاخذ باخبار الثقات في المسائل و ساير امور العالم و جبلة النفس في السكون عند خبر الثقة و العسر و الحرج في غير ذلك و عمل المسلمين في جميع الاعصار بذلك و من هذا الباب الاخذ بفتوي الفقهاء في كل الاعصار بالجملة قيام خبر الثقة مقام المتواتر بل الضروري لاشك فيه بقي الكلام في خبره عن المعصوم بلا واسطة او وسائط اما خبره بلا واسطة فلاشك فيه و هو محل الاتفاق و اما مع الوسائط فمؤدي ادلتنا التي استدللنا بها عدم الفرق اذ كما انه لميعرف من دين النبي تشريع طريق آخر في اخذ الحكم و تقريره بل امره بالاخذ بخبر الثقة لميعرف منه فرق في الاخذ بخبر الثقة ان كان بلاواسطة
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 366 *»
و عدم الاخذ ان كان بواسطة بل كان الناس يأخذون باخبار الثقات سواء رووا بلاواسطة او مع الواسطة في جميع الاعصار و عليه القرار و لميرد نهي و تعنعن الحديث انما نشأ من ذلك اليوم و الاخذ عن كبار الصحابة مايروونه كان مستمرا سواء رووه بلا واسطة او مع الواسطة و لميرد نهي فيه من الحجج في كل تلك الاعصار بل امروا بالاخذ بروايات الاصحاب مطلقا مع انهم يروون اخبارا متفرقة و عن الائمة الماضية فالسيرة بعدم الفرق و في الفرق تكليف ما لايطاق و في الفحص امر بالعسر و تكليف بالغيب لاسيما في زمن الائمة حيث لميثبت علم الرجال و احوالهم و اغلب اهل بلادهم رجال الرواية لحصول الرؤية و السماع و عدم اطلاع اهل بلد باحوال رجال بلد آخر مع عدم ضبط احوالهم و قرروا الناس علي ذلك في ذلك اليوم و رضوا به و لميأمروا بضبط رجال اعصارهم و توثيقهم رجلا اذا سئلوا عن حاله لايدل علي تعليم علم الرجال و تشريع ضبط حالهم هذا و فهم وثاقة المعاصر و المشهور الغايب و الماضي ممكن و غيره متعذر و لميكلفونا بما لايطاق و الظنون الاجتهادية غير مجوزة الاخذ به من جانب الشارع و الثقات امناء كما ان كل ذي صنعة امين و يؤيد ذلك ورود الخبر بالرجوع الي الفقهاء و هم رواياتهم مسموعة لا غير و كذلك كان الامر في كل عصر فرواية الثقة مطلقا تقوم مقام الضرورة في الحجية بالاجماع ثم هل ذلك في رواية عمل به الثقة او صححه و لميعمل او روي مطلقا اما اذا قال قال الحجة7 فهو مسموع فانه ما لميتيقن لايرسل و لايجعله كالمسموع و ان قال حدثنا فلان و لميصححه فيصدق انه حدثه فلان و اما ان صححه فهو المقبول لانه الامين و عدم عمله به لايدل علي فسقه مع التصحيح فانه لعله لميفهم معناه او فهم و عنده معارض و رجح العمل بالمعارض لوجوه عنده و الحاصل ان صحة الصدور لاتنافي عدم العمل بوجه و ذلك لاشك فيه و ان عمل به فهو احسن فاذا جميع كتب اصحابنا الثقات التي صححوها او وافق اخبارها المصححات صحيحة يجوز العمل بها ثم عليك طلب ما يصح العمل به كما قرر الشارع من التحرز عن حديث التقية و المتشابه و المجمل و امثال ذلك مما بيناه
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 367 *»
في محله فاخبار اصحابنا الثقات المصححة تقوم مقام الضرورة في حصول العلم الشرعي به و لايبعد القول بحصول العلم العادي ايضا ان تكررت و استفاضت و تضافرت او اقترن بها القرائن المفيدة للعلم العادي و مما ذكرنا علم ان اخبارنا الصحيحة علي ما ذكرنا مما قد ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله فيجب الاخذ به و الحمد لله و ان قلت ان الثقات بانفسهم صححوا الاخبار بالاجتهادات و الظنون الاجتهادية قلت انه ثقة قد اخبر بخبر صحيح عنده و قد امرنا من جانب الشارع بالاخذ بخبره و انه الامين علي صنعته فنعمل به كما تعمل بتوثيق هذا الثقة رجلا من الرجال اذا لميكن لقوله معارض و ليس هناك جارح فكيف صار توثيقه جميع رجال سنده مسموعا و ليس تصحيحه مسموعا و بتوثيقه تصحح السند بالجملة اخذنا بخبر الثقة المصحح كيفما روي بتقرير الشارع جميع اهل عصره و كذلك كانوا قبل هذا و هنالك وجوه اخر غير الاجتهادات فيحمل عمل الثقة عليه اذا علم من شأنه انه لايجوّز العمل بالظن فانا اليوم نعلم ان الكافي كتاب الكليني قطعا و ان كان رجالنا اليه ضعافا فكذلك كان يمكنهم العلم باصحاب الاصول الاربعمأة و ان كان رجالهم اليها ضعافا و يمكنهم العلم بالكتب المعروضة و الكتب المشتهرة في الشيعة و ساير القراين و ذلك عليهم و نحن نعلم انهم لايعملون بالظن و صححوا و كان علمهم بالصحة ميسورا فيحمل عليه عملهم و كذلك كل ذي صنعة في صنعته امين و روي ان الفقهاء امناء الرسل و قال الحجة7 في الرواة انهم حجتي عليكم و ساير القراين ايضا قد ذكرت فوجب الاخذ باخبارهم بالاجماع و لو كان لايجوز لورد عنهم نهي البتة و شاع و ذاع و لاشك انهم كانوا يأخذون عن فقيه من الفقهاء و ليس يروي كل حكم بلاواسطة بلاشك و الاخبار مطلقة و الايات مطلقة و هذا التفريق بعينه كتفريق من يقول ان هذا القول في راو له عينان مسلم و محل اتفاق اما اذا كان له عين واحد فيحتاج الي دليل خاص فاقول اذا كانت الادلة مطلقة و التفريق مسكوتا عنه و السيرة مستمرة
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 368 *»
و عدم فحص الناس عن الوسائط قطعيا و عدم كتب الرجال قطعيا و امكان العلم متعذرا و عدم صدور خبر بالامر به قطعيا يحصل العلم العادي بان مذهب الامام جواز الاخذ بخبر الثقة ان صححه و يقوم مقام الضروري فافهم كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم في 17 شهر ربيع الثاني 1276.