19-08 مکارم الابرار المجلد التاسع عشر ـ رسالة في ما رواه الملامحسن في عرض الاخبار ـ مقابله

 

 

رسالة في ما رواه الملامحسن في عرض الاخبار

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 327 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و سلام علي عباده الذين اصطفي.

و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم اني كنت ذات يوم مع اصحابي صانهم الله عن شرور اعدائهم في مجلس المذاكرة فمر بنا ما رواه الملامحسن القاشاني مرفوعا عن النبي9 اذا جاءكم عني حديث فاعرضوه علي كتاب الله فما وافق كتاب الله فاقبلوه و ما خالفه فاضربوا به عرض الحائط انتهي فدخلني من ذلك ما شاء الله و استعظمته بما يعلمه الله فلم‌املك نفسي الي ان حدثني ان اكتب في ذلك ما عرفني الله تعالي من بركات آل محمد: و علي حسب ما ادبونا فاقول و بالله التوفيق لاشك ان محمدا9 و آله: هم امراؤ الكلام و فيهم قد تنشبت عروقه و عليهم قد تهدلت غصونه و انهم خزان علم الله سبحانه ما ينطقون عن الهوي ان هو الا وحي يوحي و انهم الواقفون علي الطتنجين الناظرون في المغربين و المشرقين قد اشهدهم الله خلق السموات و الارض و اوقفهم علي حقايق الاشياء واراهم اياها كما هي فهم ناطقون بحكمة الله محدثون بعلم الله و ان لكلامهم سبعين وجها لهم من كلها المخرج كما روي عن الصادق7 لايكون الرجل منكم فقيها حتي يعرف معاريض كلامنا و ان الكلمة من كلامنا لتنصرف علي سبعين وجها لنا من جميعها المخرج و في معناه اخبار عديدة فهم: لكلامهم وجوه عديدة و لاشك انهم من عند الله الواحد ليس في علمهم اختلاف فليس في كلماتهم اختلاف و ان كانت بحسب الظاهر مختلفة كل الاختلاف فان لهم في ذلك وجوها تجتمع كلها علي الحق الواحد كماقال الصادق7 فيما ارسل به الي زرارة فلايضيقن صدرك من الذي امرك ابي7 و امرتك به و اتاك ابوبصير بخلاف الذي امرناك به

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 328 *»

 فلا والله ما امرناك و لا امرناه الا بامر وسعنا و وسعكم الاخذ به و لكل ذلك عندنا تصاريف و معان توافق الحق و لو اذن لنا لعلمتم ان الحق في الذي امرناكم فردوا الينا الامر و سلموا لنا و اصبروا لاحكامنا الي ان قال ثانيا فلذلك عندنا تصاريف و معان و لذلك ما يسعنا و يسعكم و لايخالف شيء منها الحق و لايضاده انتهي فهم: اذا تكلموا بالاختلاف فانما يتكلمون بما يوافق الحق الواحد في بعض تلك الوجوه و بما يكون حقا في محله و وقته و لاهله لايأتي كلامهم الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم فلايعلم احد اسرار اختلاف كلماتهم و جهاتها و ليس لاحد رد كلامهم و لو صدر منهم ان الابيض اسود و الاسود ابيض و الليل نهار و النهار ليل و الصلوة حرام و شرب الخمر حلال فانا لانعلم انهم كيف قالوا و لمن قالوا و لاي وجه قالوا و اين قالوا و ما ارادوا منه و معني كلامهم في نفوسهم فلايجوز لنا الرد عليهم و سوء القول و الادب في كلامهم و لو صدر في انكار جميع الضروريات و ان اذنوا لنا في التحول عن حديث الي حديث آخر منهم بارشادهم ايانا بترك اي حديث و العمل باي حديث كما اذا امرني امامي ان خذ بقولي الذي يخالف العامة و لا تأخذ بقولي الذي يوافق العامة لاني اقوله تقية ثم حضرته و قال قولا مخالفا للعامة لي ثم جاء رجل و قال له ما يخالف العامة فاني لااعمل بقوله الاخير لرخصته لي بالتحول عن قوله الثاني الي قوله الاول فاذا تحولت برخصته الي القول الاول ليس لي ان اسيءالادب و القول في كلامه الثاني فانه كلامه و فضله علي ساير كلمات الناس كفضلهم علي الناس و قولهم و قولهم قول الله و حكمهم حكم الله اي حكم كان و ان لم‌يجز لي العمل به ارأيت ان قال لي الامام و انا صحيح صل قائما و قال لاخر مريض صل قاعدا لايجوز ان آخذ بقوله الاخر و الحال انه حق لذلك المريض و حكم الله و دين الله و قول الله فكيف يجوز لي اذا لم‌يكن لي ان اعمل بحديث من احاديثهم ان اسيء القول و الادب بالنسبة الي قولهم ذلك بل يجب لي احترامه كقوله الذي قاله لي بلاتفاوت فاذا كان حديثهم مخالفا لكتاب الله سبحانه المجمع علي تأويله او السنة الجامعة غاية الامر انه ليس لي باذنهم العمل به و لايسقط بذلك عن كونه حديثهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 329 *»

و كلامهم و له شرفه و حرمته هذا اذا علم انه منهم و اما اذا لم‌يعلم انه منهم ام لا؟ و عرف من طريقتهم انهم قد يقولون مخالف كتاب الله و قد يقولون مخالف العامة و قد يقولون مخالف الضرورة لوجوه هم اعلم بها فاذا بلغ حديث عنهم و هو مخالف لكتاب الله فمحض المخالفة له لايدل علي عدم صدوره منهم يقينا حتي لم‌يكن عليّ بأس في سوء الادب بالنسبة اليه فلعله منهم صدروهم قالوه لوجه هم اعلم به و كذلك اذا كان موافقا للعامة او مخالفا للضرورة فنحن تكليفنا ترك العمل به و رده الي قائله فان كان منهم فهم اعلم بما قالوا و لم‌نكفر بالاستخفاف بكلامهم و ان كان من غيرهم فلايضرنا السكوت فليس شيء احوط لنا من رده الي قائله و ان كان الحديث ينسب الي النبي9 فكذلك فانه قد كان يحدث بحديث ثم ينسخه القرآن مثل صلوته الي بيت المقدس كان يصلي اليه و ليس في القرآن الامر به ثم نسخه القرآن فاذا روي مثلا من اول البعثة حديث عنه9 انه قال صلوا الي بيت المقدس ليس لنا ان نضرب به عرض الحائط و نسيء الادب اليه لانه بخلاف الكتاب و السنة الجامعة فانه قاله حين قال و هو حق و هو كلامه يتبرك به و ان كان منسوخا كالاية المنسوخة و ليس لاحد اساءة الادب بالاية المنسوخة و ان كان الواجب العمل بالناسخ فاذا كان يمكن ان يكون مخالف الكتاب ايضا صادرا عن النبي9 فكيف يجوز لنا سوء القول فيه و هذه الوجوه في احترام كلامهم ليست مني بل ورد بها اخبار عديدة فعن جابر عن ابي‌جعفر7 يا جابر حديثنا صعب مستصعب امرد ذكوان وعر اجرد و لايحتمله والله الا نبي مرسل او ملك مقرب او مؤمن ممتحن فاذا ورد عليك يا جابر شيء من امرنا فلان قلبك فاحمد الله و ان انكرته فرده الينا اهل البيت و لاتقل كيف جاء هذا او كيف كان هذا او كيف هو فان هذا والله الشرك بالله العظيم و عن جابر ايضا عن ابي‌جعفر7 انه قال قال رسول الله9 ان حديث آل محمد صعب مستصعب لايؤمن به الا ملك مقرب او

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 330 *»

 نبي مرسل او عبد امتحن الله قلبه للايمان فما ورد عليكم من حديث آل محمد صلي الله عليه و عليهم فلانت له قلوبكم و عرفتموه فاقبلوه و ما اشمأزت قلوبكم و  انكرتموه فردوه الي الله و الي الرسول و الي العالم من آل محمد: و انما الهالك ان يحدث احدكم بالحديث او بشيء لايحتمله فيقول والله ما كان هذا والله ما كان هذا و الانكار لفضائلهم هو الكفر و عن الحذاء قال سمعت ابا جعفر7 يقول ان احب اصحابي الي افقههم و اورعهم و اكتمهم لحديثنا و ان اسوأهم عندي حالا و امقتهم الي الذي اذا سمع الحديث ينسب الينا و يروي عنا فلم‌يحتمله قلبه و اشمأز منه جحده و اكفر من دان به و لايدري لعل الحديث من عندنا خرج و الينا اسند فيكون بذلك خارجا من ديننا و عن الحسن بن الجهم قال قلت للعبد الصالح7 هل يسعنا في ما ورد علينا منكم الا التسليم لكم فقال لا والله لايسعكم الا التسليم لنا و روي عن ابي‌الحسن الثالث7 ما علمتم انه قولنا فالزموه و ما لم‌تعلموا فردوه الينا و في البحار عن ابي‌بصير عن ابي‌جعفر او عن ابي‌عبدالله7 قال لاتكذبوا بحديث اتاكم احد فانكم لاتدرون لعله من الحق فتكذبوا الله فوق عرشه و عن ابي‌يعقوب اسحق بن عبدالله عن ابي‌عبدالله7 قال ان الله تبارك و تعالي حصن عباده بآيتين من كتابه ان لايقولوا حتي يعلموا و لايردوا ما لم‌يعلموا ان الله تبارك و تعالي يقول الم‌يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ان لايقولوا علي الله الا الحق و قال بل كذبوا بما لم‌يحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله و عن سفيان بن السمط قال قلت لابي‌عبدالله7 جعلت فداك ان الرجل ليأتينا من قبلك فيخبرنا عنك بالعظيم من الامر فيضيق بذلك صدورنا حتي نكذبه قال فقال ابوعبدالله7 اليس عني يحدثكم قال قلت بلي قال فيقول لليل انه نهار و للنهار انه ليل قال فقلت لا قال فقال رده الينا فانك ان كذبت فانما تكذبنا و عن ابي‌حصين عن ابي‌بصير عن احدهما8 قال لاتكذبوا بحديث اتاكم مرجيء و لاقدري و لاخارجي نسبه الينا فانكم لا تدرون

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 331 *»

 لعله شيء من الحق فتكذبوا الله عزوجل فوق عرشه و عن عبدالغفار الجازي قال حدثني من سأله يعني الصادق7 هل يكون كفر لايبلغ الشرك قال ان الكفر هو الشرك ثم قال قام فدخل المسجد فالتفت الي و قال نعم الرجل يحمل الحديث الي صاحبه فلايعرفه فيرده عليه فهي نعمة كفرها و لم‌يبلغ الشرك و عن الاربع‌مأة ‌قال اميرالمؤمنين7 اذا سمعتم من حديثنا ما لاتعرفون فردوه الينا و قفوا عنده و سلموا حتي يتبين لكم الحق و لاتكونوا مذاييع عجلي و عن ابي‌بصير قال قال ابوجعفر7 بعد ذكر صعوبة حديثهم فما عرفت قلوبكم فخذوه و ما انكرت فردوه الينا و عن جابر عن ابي‌جعفر7 بعد ذكر صعوبة حديثهم قال فاذا سمعتم منه شيئا و لانت له قلوبكم فاحتملوه و احمدوا الله عليه و ان لم‌تحتملوه و لم‌تطيقوه فردوه الي الامام العالم من آل محمد فانما الشقي الهالك الذي يقول والله ماكان هذا ثم قال يا جابر ان الانكار هو الكفر بالله العلي العظيم فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان الفرض علي الرعية قبول ما روي عنهم و التسليم لهم و الاخبات لهم سواء عملوا بذلك الحديث برخصتهم ام لم‌يعملوا برخصتهم فاذ لم‌يعملوا برخصتهم يجب رده اليهم و ليس للرعية غير ذلك و ان قلت ذلك الحديث الذي اشمأززت منه ايضا حديث روي اقول نعم فاولا لم‌نجده في كتب اخبار اصحابنا مسندا و الذي وجدناه عن رسول الله9 انه قال اذا اتاكم الحديث فاعرضوه علي كتاب الله و سنتي فما وافق كتاب الله و سنتي فخذوا به و ما خالف كتاب الله و سنتي فلاتأخذوا به انتهي و هو امر التكليف في العمل و كذا قال ما جاءكم عني من حديث وافق كتاب الله فهو حديث و ما خالف كتاب الله فليس من حديثي انتهي و هو اخبار عن الواقع و في بعض فيما خالف لم‌اقله و في بعضها فدعوه بالجملة ليس في شيء منها اضربوا به عرض الحائط فلعله من طرق العامة و يقرب هذا الوجه رواية الطبرسي له عن النبي9 مرسلا و من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 332 *»

عرف سياقه و نظر في كتابه يرجح عنده كونه من العامة كمايقرب ذلك كونه عن النبي9 و عن غير طرق الائمة: و عدم ذكره في كتب الاخبار و علي اي حال هو حديث روي و ما ذكرناه ايضا احاديث و هذه الاخبار موافقة لكتاب الله الامر بالتسليم و الرد الي آل محمد: و الاخبات و الخضوع لمحمد و آله صلي الله عليهم اجمعين و ذلك الحديث مخالف لما فيه من سوء الادب فيجب علينا العمل بهذه الاخبار و عدم الاهانة بكل ما روي و ترك العمل بذلك الخبر و رده الي قائله فانه اعلم بما قال و هي رواية ان وجب العمل بها وجب الاعراض عنها و ضربها علي الحائط و ان لم‌يجب فلا يوجب علما و لا عملا فنحن لانرويه و لانعمل به و لانترك الادب بالنسبة اليهم و الي اخبارهم فهو مردود اليهم فمن عمل به و اساء الادب و ترك هذه الاخبار الموافقة لكتاب الله و سنة نبيه و العقل السليم و العرف و الادب فقد انتقل من ما تري الي ما تري و لعله ليس من رسول الله و هو من مجعولات العامة مع انه حديث واحد مرسل شاذ ليس في كتاب الاخبار التي عليها المدار و يحتمل ان يقال فيه تفاديا عن الطرح انه7 قال فاضربوا به عرض الحائط و اراد بالحائط الحائطة للدين كمايقال عليك بالحائطة لدينك و الحائطة مؤنث الحائط و هو ما يحوط الشيء اي يحفظه و اما ضرب فهو قد حقق في العربية انه يطلق علي معني كثير من الافعال كما يقال ضرب له وقت اي عين فاضرب لهم طريقا اي حصل و اوجد و ضرب بينهم بسور اي بني و ضربنا علي آذانهم اي انمناهم و امثال ذلك في القرآن و الاحاديث كثيرة فقوله فاضربوا به عرض الحائط اي اسلكوا به في عرض الاحتياط و اجعلوه في عرض ما تحتاطون في دينكم كمايقال جعلته في عرض عيالي و عرض مالي اي في ضمنها و من جملتها فاضربوا به عرض الحائط اي اجعلوه في جملة ما يحوط الدين اي احتاطوا فيه و لاتكذبوه بل اسكتوا عن رده و لاتعملوا به و هذا المعني و ان كان بعيدا عن ظاهر متفاهم الناس الا انه ليس بعيدا عن سبعين وجه كلامهم انهم يرونه بعيدا و نريه قريبا هذا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 333 *»

و لا بأس به اذا اردنا به التفادي عن الطرح و الرد قد كتبه العبد كريم بن ابرهيم حامدا مصليا مستغفرا في 1270.