رسالة جوامع الکلم
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 273 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و سلام علي عباده الذين اصطفي.
و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم ان هذه كلمات وجيزة كتبتها في ما يبني عليه اصول الدين و فرو عه اقتبستها من مصباح النبوة و مشكوة الولاية و اسئل الله العصمة و الهداية و سميتها بجوامع الكلم و من الله التوفيق و التسديد. اعلم ان جميع امور الاديان امران امر لا اختلاف فيه و هو اجماع الامة علي الضرورة التي يضطرون اليها و الاخبار المجتمع عليها المعروض عليها كل شبهة و المستنبط عنها كل حادثة و امر يحتمل الشك و الانكار و سبيل استيضاح اهله الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او دليل عقل تعرف العقول بحذافيرها عدله ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و ذلك في جميع الامور التي لمتبلغ حد الضرورة و ما لميثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او دليل عقل تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له كذلك هذان الامران من امر التوحيد فما دونه الي ارش الخدش فما فوقه فهذا المعروض الذي يعرض عليه امر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عنك ضوؤه نفيته فنستدل علي ساير المسائل التي تجب الديانة بها و لمتبلغ بنفسها حد الضرورة انه قد اجتمعت العامة و الخاصة علي ان النبي9 قال يوم وداعه للناس اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي اهل بيتي لن يفترقا حتي يردا علي الحوض ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا و قد نص الله في محكم كتابه و قال و انزلنا اليكم ذكرا رسولا و قال فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و قد اجتمع اهل الحل و العقد علي ان آية التطهير نازلة في الخمسة و قوله انما وليكم الله نازل في علي7 و قال تعالي كونوا مع الصادقين و قد اجمعت العامة
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 274 *»
و الخاصة علي ان اهل البيت صادقون لا مغمز فيهم و ان آية المودة في القربي فيهم و من البين ان الله لايأمر بمودة من لايحبه و لايحبه الا متبع النبي9 لاية ان كنتم تحبون الله فيجب اتباع متبعي النبي9 بالكتاب المستجمع علي تأويله الي غير ذلك من الايات و الاخبار التي لاتخفي علي ذي حجي لاسيما للشيعة و الفرقة الناجية فكل ما لمتبلغ حد الضرورة بنفسها و سمع عن اهل الطهارة و العصمة فهو مما ثبت لمنتحليه من الكتاب المستجمع علي تأويله و السنة التي لا اختلاف فيها فضاق علي مستوضح هذا الامر ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و اما النائي عن شقة اهل العصمة و الطهارة او المنقطع عنهم لغيبتهم و استتارهم فما علم انه قولهم يلزمه و ما لميعلم يرده اليهم و يرجئه حتي يراهم و يسئلهم و يستدل علي ذلك بقوله تعالي و لاتقف ما ليس لكم به علم و بقوله و ما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم الي غير ذلك من الايات و الاخبار التي اوردناها في مقدمة كتابنا الكبير فصل الخطاب و يحصل العلم بكون الخبر عنهم باخبار الثقات عنهم: فان حصول العلم امر قهري فطري لايرد اذا اقبل و لايتذلل اذا استصعب و القلب يتكل علي خبر الموثوق به سواء كان عن سماع منه عن الحجة او بوسائط كما يحصل العلم باخبار الثقات في ساير امور الدنيا و يحصل العلم باخبار عالم كل فن بقول من تقدم عليه من اهل ذلك كالفقهاء و الشعراء و الادباء و غيرهم لاسيما اذا كان ذلك العالم مما (ممن ظ) يحرم القول بالظن و الاجتهاد و يشترط العلم القطعي في روايته و علي ذلك اتفاق جميع الطبايع و الفطر اذا لمتكن مسبوقة بشبهة فاذا اخبر ثقة عن علم و يقين بصحة صدور خبر عنهم: يتكل القلب عليه لامحالة و قد فصلنا ذلك في كتابنا المسمي بالقواعد هذا مع ما تواتر عنهم من الامر بالاخذ باخبار الثقات سواء كان عن سمع و نطق او بوسائط و قد اوردناها في كتابنا الكبير فصل الخطاب فاذا تواتر عنهم شيء يجب الاخذ به لما مر فاذن جميع ما اخبر الثقات بصحة صدوره عنهم هو مما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله و سنة عن النبي
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 275 *»
9 لا اختلاف فيها و وجب لمستوضحه الديانة به و ضاق عليه رده كما ورد عن الحجة7 لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و قد عرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم بل بعد اخبار الثقة لو شك احد في الحكم لكان ممن انكر بعد المعرفة و كان لله عليه الحجة يوم القيمة كماقال ابوعبدالله7 في حديث اما اذا قامت عليه الحجة بمن يثق به في علمنا فلميثق به فهو كافر و اما من لميسمع ذلك فهو في عذر حتي يسمع ثم قال يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين فجميع مذهب الشيعة كثرهم الله من هذا القبيل ليس فيه شك و لا ارتياب و كل مسائلهم مقطوع بانها دين الله الذي اراده الله من عباده ليس فيه شك و لا ظن و لا اجتهاد و لا ارتياء و الحمد لله علي ما هدانا و له الشكر علي ما ابلانا ثم ما صح صدوره عن اهل العصمة و الطهارة ان كان واحدا و لميعلم من نفس ذلك الخبر او غيره من الاخبار انهم قالوه تقية يؤخذ به ما لميكن متشابها او مجملا و لايمكن ان يكون ذلك مخالفا للكتاب و السنة بل يمتنع و لايجب الفحص عن المعارض لانه لميبلغ وجوب الفحص عنهم الينا و موجبه موجب له بالارتياء و هو ليس من دين الشيعة و ان علم انه تقية يترك و يطلب غيرها فان وصل اليه يعمل به و الا فهو في سعة حتي يعلم حكمهم فيه و يتوقف في اصل الحكم و ان بلغ اليه خبر مما صح صدوره عنهم ثم وصل اليه ما يعارضه مثله فيسلم لامرهم فان لهم تصاريف و معان في كلامهم لاتخالف الحق فان علم يقينا ايهما الحق بسبب القرائن الدالة يعمل به و يترك الاخر و الا فلا يرجح احدهما بعقله و ظنه و اجتهاده و يزيف الاخر فانه شرك و رد علي الحق و حينئذ بايهما اخذ من باب التسليم وسعه و يتوقف في اصل الحكم و يرجئه حتي يلقي من يخبره و ان قلت قد ورد عنهم تراجيح كثيرة عند تعارض الاخبار اقول تلك التراجيح ايضا متعارضة و لايجوز ترجيح بعضها علي بعض و تقديم بعضها علي بعض و استعمال بعضها دون بعض فاذا نتوقف عن تلك التراجيح ايضا و نردها اليهم و لانقول فيها برأي و اجتهاد و ظن و قد فصلنا في القواعد و فصل الخطاب
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 276 *»
ان اكثرها مما لايمكن العمل بها في ازماننا لعدم حصول العلم بها و عدم كون الظن مغنيا عن الحق و الباقي قليل و متعارض بمثله فليس شيء احوط و لا اوسع من رد علم جميع المختلفات اليهم فان ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الي الله و الارجاء حتي يكحل الله مرحنا بنظرة منا اليهم فنسئلهم و الاخذ بما وسعوا فيه من الامر بقول مطلق في الخبرين المختلفين بايهما اخذت من باب التسليم وسعك و كل امر لميصح عنهم انت في سعة عنه الي ان تلقاهم ان شاء الله لقول العالم7 كل شيء لك مطلق حتي يرد فيه نص و لقوله الناس في سعة ما لميعلموا و قد جمعت لك في هذه الكلمات القليلة المطالب الجزيلة فاعرف قدرها و اغل مهرها و اعلم انه النمرقة الوسطي التي المتقدم عليها مارق و المتخلف عنها زاهق و اللازم لها لاحق و الحمد لله اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلي الله علي محمد و آله الطيبين الطاهرين كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم في سادس شهر ربيع الاول من شهور سنة سبع و خمسين بعد المأتين و الالف في محروسة كرمان صانها الله عن طوارق الحدثان حامدا مصليا مستغفرا.