فوائد فی تصحیح الاخبار
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 147 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطاهرين .
و بعد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم ان هذه فوائد في تصحيح الاخبار و العمل بها علي وجه الاختصار و اسئل التوفيق و التسديد في هذا المضمار .
فائدة في اقوال جماعة من علمائنا رضوان الله عليهم في صحة صدور اخبار الكتب الاربعة و بعض الكتب غيرها فعن الشهيد في الذكري في الاستدلال علي وجوب اتباع مذهب الامامية حيث قال ما حاصله انه كتب من مسائل ابيعبدالله عليه السلام اربعمائة مصنف لاربعمائة مصنف و دون من رجاله المعروفين اربعةآلاف رجل من اهل العراق و الحجاز و الخراسان و الشام و كذلك عن مولانا الباقر عليه السلام و رجال باقي الامة معروفون و الانصاف يقتضي الجزم بنسبة ما نقل عنهم اليهم الي ان قال بعد عد جملة من كتب الاخبار و غيرها مما يطول تعداده باسانيده الصحيحة المتصلة و الحسان و القوية فالانكار بعد ذلك مكابرة و تعصب صرف و عن الشهيد الثاني في شرح الدراية حيث قال كان قد استقر امر الامامية علي اربعمائة مصنف سموها اصولا فكان عليها اعتمادهم ثم تداعت الحال الي ذهاب معظم تلك الاصول و لخصها جماعة في كتب خاصة تقريبا علي المتناول و احسن ما جمع منها الكتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني و التهذيب للشيخ ابيجعفر الطوسي و لايستغني باحدهما عن الآخر لان الاول اجمع لفنون الاحاديث و الثاني اجمع للاحاديث المختصة بالاحكام الشرعية و اما الاستبصار فانه اخص من التهذيب غالبا فيمكن الغني عنه و كتاب من لايحضره الفقيه حسن الا انه لايخرج عن الكتابين غالبا انتهي ، و عن الشيخ بهاءالدين محمد العاملي في الوجيزة جميع احاديثنا الا ما ندر
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 148 *»
ينتهي الي ائمتنا الاثنيعشر سلام الله عليهم و هم ينتهون فيها الي النبي صلي الله عليه و آله فان علومهم مقتبسة من تلك المشكوة و ما تضمنه كتب الخاصة رضوان الله عليهم من الاحاديث المروية عنهم عليهم السلام تزيد علي ما في الصحاح الستة العامة بكثير لما يظهر لمن تتبع احاديث الفريقين و قد روي راو واحد و هو ابان بن تغلب عن امام واحد اعني الامام اباعبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ثلثينالف حديث كما ذكره علماء الرجال و قد كان جمع قدماء محدثينا رضي الله عنهم ما وصل اليهم من احاديث ائمتنا سلام الله عليهم في اربعمائة كتاب تسمي الاصول ثم تصدي جماعة من المتاخرين شكر الله سعيهم بجمع تلك الكتب و ترتيبها تقليلا للانتشار و تسهيلا علي طالبي تلك الاخبار فالفوا كتبا مضبوطة مهذبة مشتملة علي الاسانيد المتصلة باصحاب العصمة سلام الله عليهم كالكافي و كتاب من لايحضره الفقيه و التهذيب و الاستبصار و مدينةالعلم و الخصال و الامالي و عيونالاخبار و غيرها الي آخر كلامه ، و عن المرتضي في جواب المسائل التبانيات الاعتراف بان اكثر اخبارنا المروية في كتبنا معلومة مقطوع علي صحتها اما بالتواتر او بعلامة و امارة دلت علي صحتها و صدق روايتها فهي موجبة للعلم مقتضية للقطع و ان وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص من طريق الآحاد ، و عن الشيخ حسن بن شيخنا الشهيد في المعالم في بحث الاجازة ان اثر الاجازة بالنسبة الي العمل انما يظهر حيث لايكون متعلقها معلوما بالتواتر و نحوه ككتب اخبارنا فانها متواترة اجمالا و العلم بصحة مضامينها تفصيلا يستفاد من قرائن الاحوال و لا مدخل للاجازة فيه غالبا و عن الشيخ البهائي في مشرقالشمسين ما ملخصه ان اجتناب الشيعة لمن كان منهم ثم انكر امامة بعض الائمة عليهم السلام كان اشد من اجتناب المخالفين في اصل المذهب و كانوا يحترزون عن مجالستهم و التكلم فضلا عن اخذ الحديث عنهم فاذا نقل علماؤنا رواية رواها رجل من الثقات عن احد هؤلاء و عولوا عليها و قالوا بصحتها مع علمهم بحاله فقبولهم لها و قولهم بصحتها لا بد
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 149 *»
من ابتنائه علي وجه صحيح لايتطرق اليه القدح و لا الي ذلك الرجل الثقة الراوي عمن هذا حاله كأن يكون سماعه منه قبل عدوله من الحق و قوله بالوقف او بعد توبته و رجوعه الي الحق او ان النقل انما وقع من اصله الذي الفه و اشتهر عنه قبل الوقف او من كتابه الذي الفه بعد الوقف الي آخر كلامه و عن المحقق في المعتبر حيث تكلم علي الحشوية قال و كل هذه الاقوال منحرفة عن السنن و التوسط اقرب فما قبله الاصحاب او دلت القرائن علي صحته عمل به و ما اعرض الاصحاب عنه و شذ يجب اطراحه و هو قوي و عن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني في ديباجة الكافي : و ذكرت ان امورا قد اشكلت عليك لاتعرف حقايقها لاختلاف الرواية فيها و انك تعلم ان اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها و اسبابها و انك لاتجد بحضرتك من تذاكره و تفاوضه ممن تثق بعلمه فيها و قلت انك تحب ان يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم و يرجع اليه المسترشد و يأخذ منه من يريد علم الدين و العمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام و السنن القائمة التي عليها العمل و بها يؤدي فرض الله عز و جل و سنة نبيه صلي الله عليه و آله الي ان قال و قد يسر الله و له الحمد تأليف ما سألت و ارجو ان يكون بحيث توخيت و قال ابنبابويه في ديباجة كتاب من لايحضره الفقيه : و لماقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت الي ايراد ما افتي به و احكم بصحته و اعتقد فيه انه حجة فيما بيني و بين ربي تقدس ذكره و تعالت قدرته و جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول و اليها المرجع الي آخر كلامه و قال الشيخ الطوسي في ديباجة الاستبصار بعد ان قسم الحديث الي متواتر و آحاد ثم قسم الآحاد قسمين قسما محفوفا بقرائن قطعية و قسما لميحف بها و هو اما لميعارضه خبر فهو من باب المجمع عليه او يعارضه فذكر الترجيح بينهما بالاعدلية ثم بكثرة الرواة ثم بالجمع ان امكن ثم بالتخيير ثم قال و انت اذا فكرت في هذه الجملة وجدت الاخبار كلها لاتخ من قسم من هذه الاقسام
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 150 *»
و وجدت ايضا ما عملنا عليه في هذا الكتاب و في غيره من كتبنا في الفتاوي في الحلال و الحرام لايخ من واحد من هذه الاقسام انتهي كلامه اقول اذا نظرت بعين الاعتبار تجد هذه الاقسام الاخيرة ايضا محفوفة بالقرائن القطعية اذ عدم المعارض قرينة تلقي الاصحاب اياه بالقبول و مع المعارض فان كان راويه اعدل فهو ايضا قرينة اخري للاخذ بمضمونه و كذلك قرينة الجمع مهما امكن و مع فقد جميع المرجحات المذكورة التخيير و انت خبير بان هذه المرجحات ليست قرائن لصحة الصدور اذ لا مدخلية لها بالصدور و انما هي قرائن صحة الاخذ بكل واحد و كذلك معني التواتر و الاحتفاف بالقرينة في القسمين فانا لانريد صحة الصدور حسب فكم من خبر يقطع بصحة صدوره و لكنه من باب التقية فلايعمل به بل نريد تواتر الاصحاب علي العمل بمضمونه و الاحتفاف بقرائن تدل علي صحة العمل به و ليس مراده قدس سره صحة الورود اذ قد نقل عنه في العدة بعد ان ذكر اختيار مذهبه في العمل باخبار الآحاد قال : و الذي يدل علي ذلك اجماع الفرقة المحقة فاني وجدتها مجمعة علي العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم و دونوها في اصولهم لايتناكرون ذلك و لايتدافعونه حتي ان واحدا منهم اذا افتي بشئ لايعرفونه سألوه من اين قلت هذا فاذا احالهم علي كتاب معروف او اصل مشهور و كان راويه ثقة لاينكر حديثه سكتوا و سلموا الامر في ذلك و قبلوا قوله هذه عادتهم و سجيتهم من عهد النبي صلي الله عليه و آله و من بعده و من زمان الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام الذي انتشر العلم عنه و كثرت الرواية من جهته فلولا ان العمل بهذه الاخبار كان جائزا لمااجمعوا علي ذلك و لانكروه لان اجماعهم فيه معصوم لايجوز عليه الغلط و السهو و قال بعد ورقة ان جميع ما يرويه هؤلاء اي من هو علي خلاف طريقة الحق اذا اختصوا برواية لايعمل بها و انما يعمل بها اذا انضاف روايتهم رواية من هو علي الطريقة المستقيمة و الاعتقاد الصحيح فح يجوز العمل الي آخر كلامه ، فظهر ان الشيخ لميعمل بخبر ضعيف لميعتضد بخبر من طرق الحق و ما له قرينة مما ذكر و ايضا قد اشترط في العدة علي ما نقل عنه عدالة راوي خبر الواحد
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 151 *»
ان لميكن مجمعا علي العمل به و ما بني عليه في كتبه من ما ذكر لا غير و لذلك قال في ما ليس له قرينة و له معارض يؤخذ باعدلهما و لميقل بعادلهما اذ جميع ما ذكر اما من عادل او من معاضد بعادل ذكر ذلك في اول الاستبصار فهذه شهادة من اطلعت عليه من العلماء رضوان الله عليهم علي صحة اخبار الكتب الاربعة و ساير الاصول فتدبر و اما علماؤ الخبار فاعتمادهم علي هذه الكتب واضح لايحتاج الي ذكره فانهم المدعون المستشهدون لذلك كالملا محمدامين الاسترابادي و الملا محسن القاشاني و الشيخ يوسف البحراني و الشيخ الحر العاملي و الكفعمي و غيرهم من قدماء اصحابنا و متأخريهم و انما ذكرنا قول من ذكرنا لانهم من اهل الاصول و شهدوا علي ذلك و اما المحدثون الثلثة الثقات رضوان الله عليهم فلانهم هم الراوون الضامنون لصحة ما رووا فاوردنا كلامهم لانهم ادري بما رووا من غيرهم و هم الصادقون المصدقون فيما يقولون و اما مدعوا هذا المقام من علماء الاخبار فادعاؤهم مشهور معروف لايحتاج الي ايراد مع انهم ايضا ثقات عدول مبرون من اتباع الهوي و القول بغير علم كيف و هم مدعوا العلم في الاخبار من بين اصحابنا و محرموا العمل بالظن و التخمين فشهادتهم ايضا مقبولة و هم مصدقون و اجماعهم علي ذلك حجة لدخول قول المعصوم في جملة اقوالهم كما يأتيك من الاخبار و دليل الاعتبار ما يؤيد قولهم فيما بعد ان شاء الله تعالي .
فائدة في ذكر بعض القرائن الدالة علي صحة هذه الاخبار مما ذكره بعض علمائنا او لميذكره : منها ان هذه الكتب الاربعة متواترة بالنسبة الي مصنفيها بحيث لايشك فيها شاك كتواتر القرآن عن النبي صلي الله عليه و آله غاية ما في الباب يقال ان التواتر المقطوع به في هذه الكتب علي الجملة لا علي كل خبر خبر و كلمة كلمة يجاب عنه بان حالها حال القرآن حيث يحصل العلم بالكلمات و الآيات بملاحظة النسخ القديمة و الحديثة و ايضا يعرف بشهادة بعض الاخبار علي بعض و رواية الفقهاء
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 152 *»
اياه في الكتب العلمية و الاستدلال عليه و كذا يصير السؤال قرينة الجواب و بالعكس و غير ذلك من القرائن فاذا صح نسبة الجميع اليهم عرفت دعواهم في صحة ما رووه و كونها من الاصول المعتبرة التي عليها العمل و كانت نسبتها اليهم كنسبة هذه الكتب الينا و لميرووا الكتب الا اذا حصلت قرائن قطعية في صحتها و انتسابها الي الائمة عليهم السلام كما شهدوا به و شهد به جمع منها انا نري مقلدة علمائنا اليوم لايكتفون بنقل كل عامي قول المجتهد و لايعملون به حتي يتبين لهم قرائن الصحة او يري في كتابه او يسمع ممن يوثق بقوله فكيف ظنك بعلمائنا الذين لايشق لهم غبار في ميدان الورع ايمكن ان يقال ان محمد بن يعقوب كان يكتب في كتابه الذي كتبه للارشاد و ادعي صحة جميع ما فيه قول كل سوقي او عامي لايعرف الهرة من البرة او قول كل فاسق فاجر من غير ان يحصل له قرينة علي صحة ما يرويه و ينقله او يروي كل كتاب كان يري من غير اجازة عن شيخ قد استجاز عن مثله و هكذا يدا بيد حاشاهم ثم حاشا و حالهم في دقتهم في الاجازات مما هو معروف و حال القميين اشهر بالنسبة الي من كان يروي عن الضعفاء او يعتمد علي المراسيل او غير ذلك فكانوا يجلون الرجل عن وطنه و يخرجونه عن قم علي انه يروي عن الضعفاء و كانوا يستثنونه في فهارسهم و يسمونه و يعرفونه فما زعمك بروايتهم عنه هذا احمد بن محمد بن عيسي علي ما عن الكشي قال نصر بن الصباح احمد بن محمد بن عيسي لايروي عن ابنمحبوب من اجل ان اصحابنا يتهمون ابنمحبوب في روايته عن ابنحمزة و ماروي احمد قط عن ابنالمغيرة و لا عن حسن و رجال غيرهم و كذا استثناؤهم احمد بن محمد بن خالد مع وثاقته و جلالته بانه يروي عن الضعفاء و يعتمد علي المجاهيل و محمد بن الحسن الوليد استثني جمعا كثيرا من الرواة لعدم وثوقه بهم و هذه الامور معروفة واضحة لمن تتبع فكيف كان يمكن ان يرووا عن ائمتهم كل خبر عن كل احد مع هذا الاحتياط و هذا التصريح حاشاهم عن ذلك ثم حاشاهم بل لميذكروا الا ما حصل لهم القطع بانه عن ائمتهم سلام الله عليهم منها من المعلوم ان الشيعة كثرهم الله تعالي لميك ديدنهم و لا دينهم ان
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 153 *»
يأخذ احدهم الخبر عن كل من روي و يعمل به و يروي لغيره و يكتب في الكتاب و يسميه اصلا الا ان كان يري له قرينة تدل علي صحته و كان ممن يثق به كيف و هم يسمعون عن الائمة عليهم السلام المنع عن ذلك فما يري من روايتهم عن بعض الفطحية و الواقفية و اضرابهم فاما يروون عنهم قبل انقلابهم او بعد رجوعهم الي الحق او يروون عن كتاب معلوم له قبل انقلابه و قد وقع في ايديهم او بعرض ما رووا علي الامام عليه السلام و تصحيحه اياه و امثال ذلك و يشهد بجميع ذلك اخبار لاتنكر و قد صرح بذلك ايضا جمع من العلماء او كان هذا المخالف واسطة في رواية كتاب معلوم النسبة الي ثقة مشهور متواتر و انما ارادوا السند و الاتصال للتبرك و امثال ذلك منها انهم رووا لنا متواترا عن ائمتهم عليهم السلام التحفظ بالكتب و الرواية كما سمعوه و ترك الرواية لكل ما سمع و الرواية عن الثقات و عرض الاخبار علي الكتاب و السنة و عرض ما عجزوا عنه عليهم فكيف يمكن ان يرووا في كتبهم التي هي كتب عملهم جميع ما طرق آذانهم عن كل من يكون والله لايظن بهم ذلك ابدا منها ان مرجعنا في توثيق الرجال الي هؤلاء العلماء كالشيخ في فهرسه و رجاله و الشهيد و ابنبابويه و الشيخ يوسف و الكشي و النجاشي و امثالهم و هم قد ذكروا صحة الكتب المذكورة فان كان كلامهم مسموعا ففي المقامين و الا ففي المقامين و اي عبرة بساير كتب الرجال من مخالف المذهب كابنفضال الفطحي و ابنعقدة الزيدي الجارودي و ابنحجر و غيرهم او من لميروا الرجال و انما وثقوهم بالاجتهاد و بقول هؤلاء المخالفين و امثالهم و توثيق علمائنا لبعض الرجال و تضعيفهم لآخرين لاينافي صحة ما في الكتب و قطعية انتسابها الي الائمة لانهم ذكروا حال الرجال للاخذ بالعدل في مقام الترجيح و ذلك ان لميكن الكتب معتبرة فلا عبرة بسندها ايضا فاذ لا عبرة بسندها لا عبرة بمعرفة رجالها منها ان كان ما في كتبنا معنعنا عن الائمة حق يعني صدق الصدوق مثلا في روايته عن محمد بن يحيي العطار و صدق هو عن غيره و غيره عن غيره و هكذا
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 154 *»
الي الائمة عليهم السلام فاي حاجة الي الرجال و علمك بهم و ان كان كذبوا فاي انتفاع لك بالرجال و ان كان ثقة فان قلت لنعرف الرجل الصادق و الكاذب قلت ان وصلت الي رجل و عرفته في علم الرجال غير ثقة تحكم بكذب الخبر ام لا فان تحكم بكذب الخبر فتحكم فان غير الثقة قد يصدق و يلزم من كذبهم ان يكون جل اخبارنا كذبا فان قليلا من الاخبار ليس في سنده مخالف المذهب او ضعيف و ان تتردد في صدقه و لمتصدق صادقيهم انه محفوف بالقرائن القطعية و انه عنده صحيح فتردد في الصادقين ايضا و تردد في جميع الاخبار و اتركها من رأسها فان قلت قطعيتها عند الصادقين لاينفعنا و نحن ينبغي ان نقطع بصحتها اقول اذا لا قطع اذ لو كنت تحصل القطع كنت تقطع بتوثيقهم و تضعيفهم للرجال و هم ايضا فيه يخبرون عن قطعهم فان كان قطعهم موجبا لقطعك ففي المقامين و الا ففي المقامين فان قلت لذلك لانقول بحصول القطع ابدا من اخبار الآحاد و نقول بجواز العمل بالظن فترقب لما سنتلو عليك من امتناع صحة العمل بالظن في نفس احكام الله فاذا فاخرج من الدين و بالجملة لو كان رجال السند كلهم ثقات كنت تعمل به و لاتعرف الرجال الا بتوثيق هؤلاء فاذا فاعمل بالاخبار بتصحيح هؤلاء منها تصحيحنا للاخبار و توثيقنا للرجال اما بحديث يروي في فضل رجل او بنقل ورعه و احواله و شأنه او بتصريح الاصحاب بوثاقته و كل ذلك وارد عن الاصحاب الينا فان كان روايتهم فيه او نقلهم لحاله او توثيقهم له معتبرا فتصحيحهم ايضا معتبر و الا فلا علم بالرجال و الظن لايغني من الحق شيئا و ذلك بان ما يكتبون من ذلك عن قطع لهم فان كان قطعهم نافعا ففي المقامين و الا ففي المقامين منها رواية اخبار من الائمة عليهم السلام انهم امروا الرواة بكتابة الكتب و امروا الناس بالرجوع اليها و سموا الرواة حكاما عنهم و خلفاء لهم فينبغي لهم اذ امرونا بذلك ان يحفظوا الكتب عن جميع ما يقدح فيها لانها صارت بامرهم و قد غابوا عنا و خلفوا فينا هذه الكتب فكما لا مغمز فيهم ينبغي ان لايكون مغمز فيما مدار شيعتهم عليه و هذا دليل لايقبله الا من شرب قلبه الحكمة و استضاء بنورها منها ان الحكمة الالهية و النبوية و المعصومية بعد علمهم بالسوانح الواقعة
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 155 *»
و اخبارهم عنها و انذار شيعتهم بها تقتضي ان يوضعوا من عندهم شيئا في شيعتهم يقوم مقامهم و كما هم معصومون من كل خطاء و زلل و عيب يكون ذلك الشئ محفوظا بعين الله من كل زلل و خطاء و عيب و هو كما صرحوا به رواياتهم و احاديثهم و حملة اخبارهم و ليس عندنا حملة اوثق و لا احسن من هؤلاء العلماء فهم خلفاؤهم و حكامهم باحكامهم فينبغي ان نسلم لرواياتهم بعد كونهم ثقات مأمونين و مصرحا بان ما يرونه هي حجة بينهم و بين الله و هي كلها صحيحة فلايجوز ردهم بوجه منها بمفهوم القرآن لايجوز التبين لخبر العادل و نبأه قال تعالي اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا و مفهومه اذا جاءكم عادل بنبأ فلاتتبينوا و ورد الاخبار علي طبق مفهوم الآية في جواز الاخذ بخبر الثقة و هؤلاء الرواة رضوان الله عليهم صححوا تلك الاخبار و جاسوا خلال الديار و اخبروا وجود القرائن علي صحة كل ما رووا فلايحتاج الي التبين كما كنا نقول في توثيقهم في الرجال انهم عدول اخبروا بوثاقة فلان و يجب قبوله و لايحتاج الي التبين و ليس و لايكون معارضا لهم ان هذه الاخبار او بعضها لايصح صدوره عن الامام و اني لهم ذلك غاية ما يقولون انا في شك منه او الرجل الفلاني ضعيف فعلي قاعدة التسديد التي ستتلي عليك يكون خبرهم حقا اذ الامام مطلع علي دعواهم و لميقم لهم من يدحض حجتهم فهو راض بدعواهم و ان عدم يقين بعض لايصير حجة تقوم مقابل حجتهم اذ ليس لمن لايعلم حجة علي من يعلم و ليس دعواهم مما لميطلع به احد و من الامور النادرة بل دعواهم اشهر من كل دعوي قد اطلع عليه جميع العلماء و غاية ما ردوا عليهم قالوا نحن لانقطع و نحن في شك و لو علموا قاعدة التسديد لقطعوا بصحتها و ليس هو دعواهم وحدهم بل عليه قدماء اصحابنا و كثير من المتأخرين و ما بينهما و لو كان دعوي كل هؤلاء الجماعة باطلا لاقام الامام عليه السلام من يدحض حجتهم بدليل قاطع و قد علمت انه ليس الا عدم قطع جماعة و ذلك لاينهض حجة منها انه قد ثبت ان هذا الاصطلاح الذي بان في المتأخرين من تقسيم الاخبار حادث لميكن قبل ذلك و قد اقر بذلك جمع كثير من العلماء كصاحب
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 156 *»
المنتقي حيث ذكر في صدر كتابه عن الشيخ في الفهرس حيث قال ان كثيرا من مصنفي اصحابنا و اصحاب الاصول ينتحلون المذاهب الفاسدة و كتبهم معتمدة و قال المرتضي رضي الله عنه في جواب المسائل التبانيات المتعلقة باخبار الآحاد ان اكثر اخبارنا المروية في كتبنا معلومة مقطوع علي صحتها اما بالتواتر من طريق الاشاعة و الاذاعة او بامارة و علامة دلت علي صحتها و صدق رواتها فهي موجبة للعلم مقتضية للقطع و ان وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص معين من طريق الآحاد ثم قال صاحب المنتقي و غير خاف انه لميبق لنا سبيل الي الاطلاع علي الجهات التي عرفوا منها ما ذكروا حيث حظوا بالعين و اصبح حظنا الاثر و فازوا بالعيان و عوضنا عنه بالخبر فلا جرم انسد عنا باب الاعتماد علي ما كانت لهم ابوابه مشرعة و ضاقت علينا مذاهب كانت المسالك لهم فيها متسعة الي ان قال اصطلح المتأخرون عن اصحابنا علي تقسيم الخبر باعتبار احوال رواته الي الاقسام الاربعة المشهورة و هي الصحيح و الحسن و الموثق و الضعيف و اضطرب كلام من وصل الينا كلامه منهم في تعريف هذه الاقسام و بيان المراد منها ثم نقل الاقوال في تعريفها و عنه عن موضع آخر من المنتقي القدماء لاعلم بهذا الاصطلاح قطعا لاستغنائهم عنه في الغالب بكثرة القرائن الدالة علي صدق الخبر و ان اشتمل طريقه علي ضعف كما اشرنا اليه سالفا فلميكن للصحيح كثير مزية توجب له التمييز باصطلاح او غيره فلما اندرست تلك الآثار و استقلت الاسانيد بالاخبار اضطروا المتأخرون الي تمييز الخالي عن الريب و تعيين البعيد عن الشك فاصطلحوا علي ما قدمنا بيانه و لايكاد يعلم وجود هذا الاصطلاح قبل زمن العلامة الا من السيد جمالالدين بن طاوس رحمه الله و اذا اطلقت الصحة في كلام من تقدم فمرادهم منها الثبوت او الصدق انتهي ، و كالشيخ بهاءالدين محمد العاملي في اوائل كتاب مشرقالشمسين علي ما نقل عنه استقر اصطلاح المتأخرين من علمائنا رضي الله عنهم علي تنويع الحديث المعتبر و لو في الجملة الي الانواع الثلثة المشهورة الصحيح و الحسن و الموثق الي ان قال و هذا الاصطلاح لميكن معروفا بين قدمائنا قدس الله ارواحهم كما
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 157 *»
هو ظاهر لمن مارس كلامهم بل كان المتعارف اطلاق الصحيح علي كل حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه او اقترن بما يوجب الوثوق به و الركون اليه و ذلك بامور منها وجوده في كثير من الاصول الاربعمائة التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتصلة باصحاب العصمة سلام الله عليهم و كانت متداولة لديهم في تلك الاعصار مشتهرة بينهم اشتهار الشمس في رابعة النهار و منها تكرره في اصل او اصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة و اسانيد عديدة معتبرة و منها وجوده في اصل معروف الانتساب الي احد الجماعة الذين اجمعوا علي تصديقهم كزرارة و محمد بن مسلم و الفضيل بن يسار او علي تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيي و يونس بن عبدالرحمن و احمد بن محمد بن ابينصر او علي العمل بروايتهم كعمار الساباطي و نظرائه ممن عدهم شيخ الطائفة في كتاب العدة كما نقله عنه المحقق في بحث التراوح من المعتبر و منها اندراجه في احد الكتب التي عرضت علي احد الائمة سلام الله عليهم فاثنوا علي مؤلفيها ككتاب عبيدالله الحلبي الذي عرض علي الصادق عليه السلام و كتابي يونس بن عبدالرحمن و الفضل بن شاذان المعروضين علي العسكري عليه السلام و منها اخذه من احد الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها و الاعتماد عليها سواء كان مؤلفوها من الفرقة الناجية الامامية ككتاب الصلوة لحريز بن عبدالله السجستاني و كتب ابني سعيد و علي بن مهزيار او من غير الامامية ككتاب حفص بن غياث القاضي و كتب الحسين بن عبيدالله السعدي و كتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري و قد جري رئيس المحدثين ثقة الاسلام محمد بن بابويه قدس الله روحه علي متعارف المتقدمين عن اطلاق الصحيح علي ما يركن اليه و يعتمد عليه فحكم بصحة جميع ما اورده من الاحاديث في كتاب من لايحضره الفقيه و ذكر انه استخرجها من كتب مشهورة عليها المعول و اليها المرجع و كثير من تلك الاحاديث بمعزل عن الاندراج في الصحيح علي مصطلح المتأخرين و منخرط في سلك الحسان و الموثقات بل الضعاف و قد سلك علي ذلك المنوال جماعة من علماء الرجال فحكموا بصحة حديث بعض الروات الغير الامامية كعلي بن محمد رباح و غيره لما لاح لهم من
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 158 *»
القرائن المقتضية للوثوق بهم و الاعتماد عليهم و ان لميكونوا في عداد الجماعة الذين انعقد الاجماع علي تصحيح ما يصح عنهم و الذي بعث المتأخرين نور الله مراقدهم علي العدول عن متعارف القدماء و وضع ذلك الاصطلاح الجديد هو انه لما طالت الازمنة بينهم و بين الصدر السالف و آل الحال الي اندراس بعض كتب الاصول المعتمدة لغلظ حكام الجور و الضلال و الخوف من اظهارها و انتساخها و انضم الي ذلك اجتماع ما وصل اليهم من كتب الاصول في الاصول المشهورة في هذا الزمان و التبست الاحاديث المأخوذة من الاصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة و اشتبهت المتكررة في كتب الاصول بغير المتكررة و خفي عليهم قدس الله ارواحهم كثير من تلك الامور التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير من الاحاديث و لميمكنهم الجري علي اثرهم في تمييز ما يعتمد عليه مما لايركن اليه فاحتاجوا الي قانون تتميز به الاحاديث المعتبرة من غيرها و الموثوق بها عما سواها فقرروا لنا شكر الله سعيهم ذلك الاصطلاح الجديد الي ان قال و اول من سلك هذا الطريق من علمائنا المتأخرين شيخنا العلامة جمال الحق و الدين الحسن بن المطهر الحلي قدس الله روحه انتهي ، و بالجملة هذا ظاهر لاينكر و الشاهد علي ذلك ادعاء اصحاب اصولنا صحة اخبارهم مع ان كثيرا منها ضعاف بالنسبة الي مصطلح المتأخرين فاذا كان هذا الاصطلاح جديدا و لميخدش احد في عمل المتقدمين لايعتني بهذا الاصطلاح فان قلت ان المتقدمين لميكونوا محتاجين الي هذا التقسيم لوجود القرائن و احتاج المتأخرون اليه لاضمحلالها و خفائها قلت لمتضمحل تلك القرائن بوجه لما عرفت من شهادة جمع من العلماء ان اصولنا هذه هي مجمع تلك الاصول المعتبرة المعلوم انتسابها و شهد بذلك مصنفوها فهي بعينها تلك الاصول المعتبرة المتواترة المعتمد عليها بعينها فنحن اليوم بمنزلة المتقدمين في ذلك اليوم و لنا قرائن علي صحتها و صحة ما فيها من شهادة العلماء و شهادة المصنفين و لمنزدد من الرجوع الي هذا الاصطلاح شيئا لان ما صار رواية كلهم اماميين عدلا لايوجب صحة الصدور لامكان الدس و السهو و الغلط و الخطاء في السند و لا ما صار ضعيفا
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 159 *»
يوجب عدم صحة الصدور لامكانها و ان الكذوب قد يصدق و لاحتمال ما ذكر من الدس و الخطاء و السهو فان قلت الاصول محفوظة من الدس و السهو و الغلط و الخطاء فهي معتبرة بدون هذه المراجعة الي السند و ان لمتك معتبرة فلا عبرة بالمراجعة فظهر ان القرائن احسن من مراجعة الرجال فان القرائن توجب العلم بخلاف الرجال و القرائن موجودة علي ما ذكرنا و سيذكر فان قلت يحتمل ان يكون بعض ما في هذه الاصول عن غير الاصول المعتبرة او يكون معنعنا من خارج عنها فيحتاج الي علم الرجال اقول و قد عرفت من شهادة العلماء انها عن الاصول المعتبرة و ستعلم ان من ديدن اصحابنا عدم العمل باخبار الآحاد التي لميقم علي صحتها اجماع ابدا بل كانوا يعرفون به عند المخالفين فكيف كانوا يذكرون خبرا واحدا من غير ان يكون مجمعا علي صحته اما بكونه في اصولهم المجمع علي صحته او يكون متلقي بالقبول عند كلهم انظر الي اول الاستبصار حيث يقول الاخبار اما متواتر او آحاد حفت بالقرائن القطعية او ليس له قرينة و لا معارض له و هو مما اجمعوا علي العمل به او له معارض و يتساويان فهما مما اجمعوا علي صحته و جميع ما عمل به في كتبه لايخرج عن هذه الاقسام و قد ذكر في العدة علي ما نقل عنه عدم صحة العمل بخبر غير العدل الامامي و هو ايضا قرينة الصحة و لايعمل به ما لميوجب العلم بالقرائن و كيف يمكن ان يظن بهؤلاء الاكابر ان يكتبوا كتابا لعملهم و لعمل من يسترشد به و يدس فيه من الاخبار الغير المعتمدة عن كل مجهول ضعيف و يمزج بتلك الاصول المعتبرة ما ليس منها من غير علامة يعرف ثم يقول ان ما ذكرت كلها عن الكتب المشهورة و هي حجة بيني و بين الله او كلها صحيحة او كلها مجمع عليه حاشاهم ثم حاشاهم عن ذلك و مزيدا علي ذلك شهادة جمع من العلماء علي ان ما في كتبنا عن الاصول المجمع عليها ،
منها ان هذا التقسيم كان مشهورا في كتب العامة قديمهم و حديثهم و السبب فيه ان معظم احاديثهم من باب خبر الواحد الخالي عن القرائن الموجبة للقطع بورود الحديث عن النبي صلي الله عليه و آله فاضطروا الي التقسيم المذكور و
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 160 *»
ما يتعلق به من الاحكام و اما قدماء اصحابنا فلما تمكنوا من اخذ الاحكام بطريق القطع من الائمة عليهم السلام بلا واسطة او بواسطة تفيد القطع و لما ثبت عندهم بطريق المشافهة عن الصادقين عليهم السلام او بواسطة تفيد القطع و اليقين انه لايجوز العمل و الفتيا بالظن المتعلق بنفس احكامه تعالي و كان هذه سيرتهم و دأبهم يعرفون به و هذا لايفيد الا الشك في صحة صدور الخبر عنهم صلوات الله عليهم لميكن جايزا لهم سلوك طريق غير القطع و اليقين فلذلك لميلتفتوا الي تقسيم خبر الواحد العاري عن القرائن الموجبة للقطع و الي ما يتعلق به من الاحكام ثم لما انشأ ابنالجنيد و ابن ابيعقيل في اوايل الغيبة الكبري طالعا كتب الكلام و اصول الفقه فنسجا في الاكثر علي منوالهم ثم اظهر الشيخ المفيد علي ما حكي حسن الظن بهما عند تلامذته كالمرتضي و الشيخ فشاعت القواعد الكلامية و الاصولية المبنية علي افكار عقلية بين متأخري اصحابنا حتي وصلت النوبة الي العلامة و من وافقه من متأخري اصحابنا الاصوليين فطالعوا كتب العامة لارادتهم التبحر في العلوم و اعجبتهم كثير منها و اوردوها في كتبهم لما راقهم من زبرجها و طريقتنا محفوظة بعين الله تعالي و دين الله كامل و نعمته شاملة تامة لانحتاج الا الي ما يصل عن ائمتنا ابدا و لميكلونا الي عقولنا الضعيفة في ادني شئ كادب الغائط و ما دونه كيف يكلونا في اصل الفقه الذي عليه مدار جميع الدين الي عقولنا الضعيفة و افهامنا السخيفة و آرائنا المتفرقة و اوهامنا المتشتتة و خيالات محدثة ءانزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم علي اتمامه او انزل دينا تاما فقصر الرسول عن ابلاغه فلهم ان يقولوا و علي الله ان يرضي حاشا ثم حاشا كلا ثم كلا قال الله تعالي و هو الصادق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم بنصب الائمة فلايقدرون علي الدس و التحريف و الكذب و التقويل فلاتخشوهم لانهم ان دسوا او قولوا او رووا علي ائمتكم شيئا ان الامام المنصوب المطلع عليه عليه ان يبطله لان الله لايصلح عمل المفسدين بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه بنصب القرائن القطعية بكتاب او اجماع و اخشون اليوم اكملت لكم دينكم بنصب علي عليه السلام و الخلفاء من بعده فلايري فيه نقص بل جعلته علي اكمل وجه اذ انا كامل
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 161 *»
و ديني كامل لاتحتاجون في شئ من امور دينكم الي غير ائمتكم ابدا لانهم مخازن وحيي و مهابط علمي و اتممت عليكم نعمتي بنصب الائمة فانكم بعد في دار الامن و الامان لاتخافون عن احد من اعدائكم الذين يريدون ان يطفئوا نور الله بافواههم و يأبي الله الا ان يتم نوره و لو كره المشركون و رضيت لكم الاسلام دينا لانه تم و كمل لميبق فيه نقص و احتياج الي غيركم هذا ما فهمته من الاخبار علي سبيل القطع في احد معاني الآية الشريفة ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون فاذا كان كذلك لا حاجة و لله الحمد الي شئ من هذه الاصطلاحات التي اصطلحوها اعداؤنا و يكفينا ما اسسه ائمتنا من دين الله سبحانه و هو ما كان عليه اصحابنا المتقدمون الآخذون عن الائمة الطاهرين يدا بيد و قرنا بقرن و نحن نقتفي آثارهم و نبلو اخبارهم منها ان الله سبحانه لا شك في كماله و لا شك انه لميعمل بالمرجوح ابدا و يفعل الراجح اذ هو كامل و قدرته كاملة و خلقه علي اكمل وجه فانشدكم بالله تعالي هل ان يجعل الله فينا بعد غيبة ولينا و فقد نبينا كتبا قيمة مطهرة يقينية الصدور و الصحة اكمل او يدعنا في طخية عمياء يهرم فيها الكبير و يشيب فيها الصغير و يكدح فيها مؤمن فمن دونه بحيث لايهتدي فيه المهتدي و لايبصر فيه المستبصر و يدعنا الي آرائنا مع انه بين لنا في كتابه في آيات كثيرة تبلغ سبعين انه لايجوز القول بغير علم و القول بالظن و بين اوليائه في اخبار كثيرة متواترة تحريم القول بالرأي و الظن و التخمين ايمكن ان يسد جميع هذه الطرق في شريعته و يسد علينا في خلقه الطرق الي العلم ثم اذا سلكنا غيرها يعاقبنا و يهلكنا ذلك ظن الذين لايوقنون و لايفعل ذلك مجنون من الخلق كيف نظن بالله الحكيم ذلك و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارديكم فاصبحتم من الخاسرين فلامحة يوضع لنا كتبا قيمة بعد فقد نبينا و غيبة ولينا تكون خليفته في ارضه و قائمة مقامه في عباده و بذلك قد شهدت اخبار كثيرة ستتلي عليك و لهذا المقام وجوه كثيرة نكتفي بما ذكرنا و لله الحمد علي ما هدانا .
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 162 *»
فائدة في ادحاض بعض الحجج التي اوردوها علي هذا المقام فنعنون ما ذكره في القوانين ثم نتبعه بما يلهمنا الله من ادحاضه ،
قال في بيان ان علم الرجال من شرائط المجتهد و قد اورد هنا شكوك : الاول نقل عن المولي محمدامين الاسترابادي ان احاديثنا كلها قطعية الصدور عن المعصوم عليه السلام فلايحتاج الي ملاحظة السند اما الكبري فظاهرة و اما الصغري فلاحتفافها بقرائن مفيدة للقطع قال في الجواب اقول دعوي قطعية اخبارنا سيما في امثال زماننا من اغرب الدعاوي و ستعرف حال من تمسك به في ذلك ثم ان المراد بمعرفة علم الرجال هو معرفة حال الرجال لا خصوص قراءة الكتب المعهودة فلو فرض امكان المعرفة بحالها بدون هذه الكتب فيكفينا اذا عرفت هذا فنقول الروايات الواردة في اعتبار الاعدل و الافقه و الاصدق و نحو ذلك لا ريب انها في كتب اصحابنا المعتبرة المتداولة فان قلت انها قطعية فثبت الاحتياج الي معرفة العدالة و الاعدلية و نحوهما قطعا سواء كان في كتب الكشي و النجاشي او من غير ذلك فثبت الاحتياج الي معرفة حال الرواة و هو المطلوب و ان قلت انها ليست بقطعية فهو مناقض لما بنيت عليه الدليل من ان وجه عدم الاحتياج هو قطعية الاخبار .
اقول قول المجيب دعوي قطعية اخبارنا سيما في امثال زماننا من اغرب الدعاوي الخ ، من اغرب الادلة اذ للمستدل ان يستدل بهذا الدليل علي المجيب بان دعوي عدم قطعية اخبارنا في اي زمان من اغرب الدعاوي فان كل واحد من القولين غريب عند من ينكره اذ كل واحد يدعي قطعية ما عنده ثم ان تفسيره من اغرب التفسيرات فان المدعي عدم الحاجة الي هذا العلم مطلقا لا خصوص الكتب و قوله الروايات الواردة في اعتبار الاعدل الخ ، فلا حجة في قوله فان من يقول بقطعيتها له ان يقول اولا ان ما في رواية زرارة فليس في كتب ادعي قطعيتها و ما في رواية عمر بن حنظلة فهو في الحاكمين كما هو ظاهر و ما سحبه اصحابنا
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 163 *»
في الروايتين ايضا هو قول بلا دليل فان الامام عليه السلام قال الحكم ما حكم به اعدلهما و افقههما و اصدقهما في الحديث و لايلتفت الي ما حكم به الآخر فظهر انه في التخلص عند اختلاف الحكمين لا غير و قياس الرواية به مع الفارق اذ كون احد الراويين اوثق و اعدل لايؤثر في كون الحديث عن الامام و لايزيد في العلم بكون الحديث عن الامام و انما ينفع عند من يري الظن في الصدور و يغلب ظنه عند كون الراوي اعدل و اوثق .
قال ما معناه ان نفس العلاج في هذه الاخبار يدل علي كون تلك الاخبار ظنية لا قطعية فانه لا معني لعلاج تعارض القطعيات بملاحظة السند و عدالة الراوي لانه لايجوز صدور التناقض عن المعصوم الا من باب حكم التقية و حكم الرجوع الي مخالف العامة مع انه مأخوذ في تلك الروايات مع الاعدلية و الافقهية لا معني لموافقة العامة و مخالفتهم بملاحظة اعدلية الراوي و عدمها .
اقول هذا الكلام بمعزل عن التحقيق كثيرا اي دلالة في العلاج علي كون الاخبار ظنية و الحال ان ورود العلاج للاخذ لا لعرفان صحة الصدور و قوله لايجوز صدور التناقض عن المعصوم الا من باب حكم التقية الخ ، هل يكون الاختلاف الا من جهتهم في اخبارنا الا قليلا فان اكثر الاختلاف كما ستعرف من قبلهم و هم فرقوا بين شيعتهم كما ستتلي عليك الاخبار المستفيضة و مخالفة العامة لايرفع الا وجها من وجوه الاختلاف فان وجه التقية لايلزم ان يكون بالمسئلة قائل في العامة فانهم عليهم السلام قد ذكروا ان محض الاختلاف من التقية سواء كان قائل به في العامة او لميكن فبطل استدلاله بما استدل به رأسا فانه كما ذكرنا هذه المعالجات للعمل لا لعرفان الصدور لان هذه القرائن لاتدل علي الصدور شيئا و انما تخلص عن الاختلاف فمخالفة العامة ترفع وجها و الشهرة وجها آخر و الاعدل وجها آخر و اخبارنا كلها قطعية الصدور و كون مختلفاتها من عندهم قطعي ايضا و العلاج للتخلص لا لغيره فافهم ان كنت تفهم و كن ممن يعرف الرجال بالمقال لا المقال بالرجال و من هنا تعلم ان قولهم لا
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 164 *»
تعارض بين قطعيين كلام ساقط انظر الي رواية موسي بن اشيم المنقول عن بصايرالدرجات قال دخلت علي ابيعبدالله عليه السلام فسألته عن مسئلة فاجابني فبينا انا جالس اذ جاءه رجل فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني ثم جاءه آخر فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني و اجاب صاحبي ففزعت عن ذلك و عظم علي فلما خرج القوم نظر الي فقال يا ابناشيم كأنك جزعت قلت جعلني الله فداك انما جزعت من ثلث اقاويل في مسئلة واحدة فقال يا ابناشيم ان الله فوض الي داود امر ملكه فقال هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب و فوض الي محمد امر دينه فقال ما آتيكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا فان الله تبارك و تعالي فوض الي الائمة منا و الينا ما فوض الي محمد صلي الله عليه و آله فلاتجزع ه ، هذا التعارض بين القطعيات لابناشيم و ليس بمحال لغيره ايضا و بهذا المضمون كثير من الاخبار و ان نفسر الكلام ان التعارض لايمكن بين خبرين قطع بصحة العمل بهما ايضا فلاينساغ اذ الخبران المتساويان اللذان يحكم بصحة العمل بهما تخييرا قد قطع بصحة العمل بهما و بالجملة لا معني لكلامهم .
قال ان في اخبار تلك الكتب مما يدل علي ان الكذابة و القالة قد لعبت ايديهم بكتب اصحابنا و انهم لعنهم الله قد كانوا يدسون في كتبهم فان كان تلك الكتب قطعية الصدور فهذه الروايات ايضا مندرجة فيها و الا فهو المطلوب .
اقول قد غفل هذا العالم عن قوله تعالي اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلاتخشوهم و اخشون اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا و نسي قوله تعالي و ماارسلنا من رسول و لا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته الآية ، و قوله تعالي يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم و الله متم نوره و لو كره المشركون و قوله تعالي ان الله لايصلح عمل المفسدين و عما قررناه في التسديد و ما سنقرره في هذه الفوائد ان شاء الله تعالي فاذا كان كذلك فكيف نخاف دس الداسين و
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 165 *»
افتراء المفترين و انتحال المبطلين فان من ورائنا من يسددنا و يوقفنا علي ما ليس من الله تعالي كيف ما شاء و باي قرينة اراد و يبطل عمل المبطلين بنصب القرائن الواضحة اللائحة هذا مع انه قد ثبت ان اخبار كتبنا ليس فيها شئ من ذلك كما بينا و اوضحنا فيما سبق و نوضحه فيما يأتي و مع ان اغلب اصولنا قد عرضت علي الائمة الطاهرين و صححوها و اوقفوا اصحابهم عليها و نهجوا لنا مناهج و قرروا لنا علامات نعرف بها تلك الاخبار كما سيأتيك ان شاء الله تعالي و الخوف من هذه الامور شأن الذين لا مولي لهم و نحن لنا مولي قال الله تعالي الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور و قال الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا الآية .
قال عن قول الفاضل انا كثيرا نقطع بالقرائن الحالية او المقالية بان الراوي كان ثقة في الرواية لميرض بالافتراء و لا برواية ما لميكن بينا واضحا عنده و ان كان فاسد المذهب او فاسقا بجوارحه و هذا النوع من القرينة وافرة في احاديث كتب اصحابنا ثم فسر كلامه بانه مثل ترديد الراوي بين اللفظين المختلفين المحتملين ثم قال ما ملخصه ليت شعري هل هذا الا معرفة الرجال اولا ثم كيف يحصل القطع بترديده و هذا انما يتم بعد قطعية الانتساب اليه حتي يستنبط منها انه بهذه المثابة و علي فرض كون اصله متواترا عند مثل الصدوق كيف يحصل العلم بان الصدوق نقل هذه الرواية من ذلك الاصل اذ لعله نقله عنه معنعنا من غير اصله و الامتزاج و عدم التعيين و احتمال المزج ينافي القطعية ثانيا ثم كون الرجل ثقة في النقل لاينافي السهو و الغفلة و الخطاء ثالثا ثم كون الاصل متواترا عند الصدوق لاينفع لاحتمال السهو عليه رابعا ثم هذه القرينة يحتمل التدليس لترويج باطله خامسا ثم قطع الراوي ربما ليس هو موافقا للواقع سادسا ثم علي فرض صدقه اي الراوي كيف يعلم الواسطة بيننا و بينه سابعا .
اقول بين اقساما كثيرة علي زعمه لكثرة الادلة و ان هي الا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتي اذا جاءه لميجده شيئا و وجد الله عنده فوفيه حسابه و الله سريع الحساب فاقول اولا ذلك تفسير لايرضي صاحبه به لان مراده انه يعرف
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 166 *»
صحة رواياته بقرائن حالية من مطابقتها مع الكتاب و الاجماع و ساير الاخبار المقطوع بها و نقلها من غير طرقها بطرق صحيحة اخري او كون خبره في اصل معروض علي الائمة او تكرره في الاصول المتواترة و قرائن مقالية كشهادة جمع علي صحة اخباره او امر الامام باخذ كتابه او تصحيح الامام اصله او رواية من لايروي الا عن ثقة عنه و لا بأس اذا انضم بذلك ترديده فليست القرائن مخصوصة بما ذكره و اما قوله اولا فلايؤسس ذلك قاعدة للمارسة للرجال و الغور فيه مع انه قد ثبت مجملا ان كل هذه الاخبار صحيحة و هذه القرائن توقي جهة ذلك لا انه اذا وجدنا رجلا ردد في خبر نقطع بذلك انه متحرز عن الكذب ثقة ينبغي قبول خبره و لو لميكن مجمعا علي صحته او متواترا بل ذلك شأنهم حيث يعملون بالظن لا شأننا و قوله ثانيا فقد ذكرنا قطعية الانتساب و ما ذكره من احتمال مزج الصدوق فلعمري ذلك ظن قد نهي الله عنه اذ الرجل يقول كل ما في الكتاب عن الاصول المشهورة المعتمدة و هذا يظن به غير الحق و قوله ثالثا فهو مشترك للعارف بالرجال و غيره و ان اراد اثبات الظن بذلك فهو يدفع بقرينة التسديد و ساير القرائن التي ذكرنا و نذكر و قوله رابعا مدفوع بانه ليس امر متواتر عنده وحده بل كان مشهورا متواترا عند جميع الفرقة كما شهد به جمع و علي فرض ذلك هو كالاجماعات المنقولة التي تقولون بحجيتها فان ذلك الاجماع قطع الغير لا قطعكم و لا شك ان الاجماع المنقول اذا كان عن ثقة يعلم حاله و تحرزه عن الكذب بل عرف كونه ناقدا عالما و لميكن له معارض من كتاب و سنة او اجماع او دليل و التسديد من ورائه يقطع بكونه هو الحق الذي لا مرية فيه مع ان الاجماع امر لبي و هذا امر حسي لايخفي علي ذي حجي و قوله خامسا كقوله ثالثا و كقوله سادسا و قوله سابعا فيدفع بان اصل كلامنا في قطعية الاخبار لما ذكرنا فلا حاجة لنا الي معرفة الواسطة ،
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 167 *»
انظر ايدك الله الي تحقيقاته كيف لميكن الا كبيت العنكبوت مع انه اوهن البيوت ثم ذكر عن بعض الافاضل ان المراد بالقطع هو القطع العادي و العلم العادي المتعارف و العلم العادي يحصل بخبر الثقة بل و غير الثقة بعد المعاشرة و معرفة حاله و قد عمل به في جميع الاعصار .
ثم قال و فيه نظر يتوقف علي بيان العلم العادي ثم حقق اختلاف الاقوال فيه و رجح انه العلم الذي لايحتمل النقيض حين عدم الالتفات الي امكان طرف النقيض الذي قد يقع و لكن مع الالتفات يزول ثم قال ان هذا علم و هو حجة ما لميتزلزل فيه بالالتفات الي الناقض و لكن مع الالتفات يرفع القطع و يتزلزل و لايبقي و هذا العلم بصحة الاخبار علم مع عدم الالتفات الي امكان السهو و الخطاء و النسيان و الدس و المزج و اما مع الالتفات يزول و هذا احسن تحقيقاته .
اقول ما قاله مدفوع بان بعض الاحتمالات احتمالات سوفسطائية و ان كانت في الامكان موجودة ممكنة كمن يري ضوء النهار بعينه و لكن يحتمل في الامكان ان يكون عينه مؤفة او عقله مختلطا فان ذلك ممكن في الامكان و الخارج و لكن مع الالتفات الي هذا الاحتمال لاينتقض اليقين العادي فان اليقين العادي ينقضه الاحتمال العادي لا الغير العادي و كذا من رأي جبلا و ان كان يحتمل ان يصير بعد غيبته عنه ذهبا و لكن ليس عاديا و ليس يساوي عادة استمراره جبلا فمع الالتفات لاينتقض العلم العادي ببقائه ابدا و ذلك شبهة سوفسطائية و من هذا القبيل خبر العدل الذي عاشرته و عرفت حاله اذا اخبرك بشئ يحصل اليقين العادي بخبره و ان كان يحتمل بعيدا ان يكون قد جن او سها او اخطأ و لكن لما كان احتمال ذلك ليس يساوي ما استمر عليه لاينقض اليقين و ان التفت الي احتمال ذلك بل يسمي الشاك في ذلك موسوسا بل ربما يحصل العلم بخبر الاطفال و غير الثقة بل ذلك هو الغالب المستمر في جميع الاعصار و عليه المدار بل يحصل القطع بالمكاتيب الواردة عن البلاد عن الاصدقاء المعروفين و لاينقض عادة و علي هذا جميع المعاملات و الوقايع فعلي هذا الوسواس لو كان لاحد
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 168 *»
عندك امانة و طلبها تقول له يحتمل انك جننت او سهوت او اخطأت فلاتعطه امانته الست بذلك تخرج عن صقع العقلاء و يقال لك انك مجنون و كذا اذا سلم عليك مسلم تقول لعله سها او جن لايجب علي رد سلامه و لاتجيبه ان هذا الا كلام عن التحقيق بمعزل و ليس له في المقام مدخل نعم ينقض العلم العادي بالاحتمال العادي كمن يكون عادته ان يجن ساعة و يفيق ساعة يحتمل في بعض حالاته انه مجنون او من عادته الكذب في اغلب الاوقات فلست تعلم ان خبره صدق او كذب ففي واقعتنا هذه انشدك بالله ان تنصف في ما اقول هل يحتمل علي ثقة مثل العامل العالم القمقام صدوق الامة ان يكون اخباره عن صحة كتابه و كونه عن الكتب المشهورة جميعه ان يكون سها في ذلك او غلط او كذب مع انه لعله الفه في سنين عديدة و كتبه ليكون ذخرا لدينه و دنياه و يعلم انه قد يقع بيد العلماء الناقدين في عصره و من بعده فيدعي انه من الكتب المشهورة مع ان الكتب في تلك الاعصار مشهورة و بيد العلماء و يكذب في هذا الامر او يسهو او يغفل حاشا ثم حاشا ان ذلك الا وسواس قد نهينا عنه و ظن لاينبغي بمثله و يجب الاستغفار عنه و كذا الكليني قدس نفسه يكتب الكتاب للارشاد و يدعي ان جميع ما فيه صحيح لا مرية فيه ثم يدس فيه اخبارا غير صحيحة و لايميز بينهما اليس ذلك قدحا في الرجل و تضييع له و انك تعلم ان الصحيح باصطلاح القدماء ما قامت علي صحته القرائن القطعية لا الصحيح باصطلاح المتأخرين حتي نقول لايجب ان يكون الثقة عند الكليني ثقة عند الكل و كذا رئيس الطائفة الذي لايري العمل بخبر الواحد الخالي عن القرائن و يراه بدعة و حراما يمكن ان يذكر في كتاب عمله الذي هو التهذيب و كتاب الاستبصار الذي كتبه لدفع التناقض بين اخبارنا فلو كان فيه خبر واحدا خاليا عن القرينة لكان اولي برده و قدحه من الاحتمالات و الترجيحات فانه لما ارتد بعض عن الدين بسبب الاختلافات بين اخبارنا تصدي بتصنيف هذا الكتاب فلو كان خبر واحد مخالف للصحاح المعتبرة القطعية لكان يقول هذا ليس مما فيه الحجة بوجه و لميثبت كونه عن الصادقين و لماكان يتصدي بالترجيح و هذا واضح جدا لمن لميكن مبتلا بالوسواس و شبهات الخناس الذي يوسوس
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 169 *»
في صدور الناس من الجنة و الناس مع انه في صدر الاستبصار ذكر ان اخبارنا اما متواتر او خبر واحد محفوف بالقرائن القطعية او خبر واحد مجمع عليه او خبر واحد و له معارض و راويه اعدل من راوي ذلك الخبر او مساو فهما مجمع عليهما فما كان راويه غير عدل و لميقم عليه قرينة قطعية فهو مما لميعمل به فضلا عن روايته مع انه قد نقل عنه في العدة ان جميع اخباره التي في كتبه مجمع عليه و هو قد قال في صدر كتابه ان كتابه ذلك بل جميع كتبه لميرو فيها الا المجمع عليه كما بينا و شرحنا فتنبه لذلك ثم هل يوسوس في ذلك عاقل انهم سهوا او اخطأوا او دسوا و انت ان فتحت هذا الباب لميجز لمقلد ان يقلد مجتهدا و لميجز لمجتهد ان يجتهد في باب من الابواب لان هذا الاحتمال جار في جميع الفقهاء مع تصانيفهم فلست تعلم قول العلماء و لاتعرف مواقع الاجماع بوجه من الوجوه فاذا لا تكليف لاحد بعد ما حرم الله العمل بالظن فان قلت لذلك فتحنا باب العمل بالظن اقول انت ظننت كذا و فتحت باب الظن و لكن من لايظن كذا و لايفتح باب الظن لايقول بقولك و هو الله تبارك و تعالي نعم احسن كلمة يمكن ان يقال في هذا الباب لا شك ان يقينهم لاينفع لنا و نحن يجب علينا تحصيل القطع فكيف لنا به اقول هذا سؤال حسن يجب تحقيقه فان العمل بالظن حرام بنص الكتاب و تواتر الخطاب و يقين مشايخنا لاينفعك الا ان تتيقن و لكن الله سبحانه اجل ان ينهي عن الظن و يأمر بالعلم ثم يسد بابه ، بابه مفتوح للداخلين و طرقه مشرعة للسالكين و سبله واضحة للناهجين فنقول و عليك بالنصفة و الذوبان و عدم الجمود علي ما آنست به نفسك من قبل اعلم ان الله سبحانه بعد ما خلق الخلق لان يعبدوه و يعرفوه بعث نبيا و اقامه مقامه في ساير عوالمه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحيط به خواطر الافكار و ماكان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء فانزل عليه كتابا عربيا واضحا جليا ليكون نذيرا و بشيرا و هو كتاب مجيد لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد و جعله نورا يهدي به من يشاء و يضل به من يشاء و هو كان سر الحبيب مع الحبيب
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 170 *»
بحيث لايطلع علي كنهه الرقيب و انما عرفوا منه ظاهر العربية لا غير مع انه له ظهر و بطن و لظهره ظهر و لبطنه بطن و هكذا الي سبعة ففسره النبي صلي الله عليه لحبيبه و من هو منه كنفسه و تحمله كتحمله و حمل الامة ما تطيقه عقولهم لان معاشر الانبياء لايكلمون الناس الا بقدر عقولهم ثم لما نعي نفسه قام و قال اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي اهل بيتي ، باجماع الامة و بتصديق الكتاب ان عليا نفسه و من هو من علي منه مع انه في الكتاب صرح بكون علي عليه السلام ولينا في آية الخاتم التي قد جمع علي تفسيرها العامة و الخاصة و قال تعالي ادعوا علي بصيرة انا و من اتبعني و عترته هم اتباعه بتصديقك و آيات كثيرة شاهدة علي ان عترته هم الدعاة بعده فمتمسكنا بعد النبي صلي الله عليه و آله الكتاب و العترة الطاهرة سلام الله عليهم فمن ابتغي وراء ذلك فاولئك هم العادون فهما مرجعنا في كل صغير و كبير و معقول و منقول من التوحيد فما دونه من ارش الخدش فما فوقه لقوله تعالي و ما اختلفتم فيه من شئ فحكمه الي الله و قال مخاطبا لعلي عليه السلام فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكموك في ما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما و جمع بين الآيتين و قال و لو ردوه الي اله و الي الرسول و الي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ه ، و هم الائمة بتسليمك و جمع في آية اخري و قال و ان تنازعتم في شئ فردوه الي الله و الي الرسول ه ، و ورد عنهم بعد ذلك و الي اولي الامر ه ، فيجب علي خاص الامة و عامها ان يردوا الي الكتاب و الي الرسول و الي العترة الطاهرة جميع ما يتنازعون فيه اجمع و اكتع لايسع لاحد الحكم فيه و كل حاكم دونهم طاغوت اذ الحكم لله ثم لهم و قد امروا ان يكفروا بالطاغوت و قد تنازع الامة في العمل في احكام الله بالظن و العلم فحكمه الي الله و الي الرسول و الي العترة الطاهرة فاذا رجعنا الي الكتاب نري كثيرا من الآيات يمنع عن القول بالظن كقوله تعالي سيقول الذين اشركوا لو شاء الله مااشركنا و لا آباؤنا و لاحرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتي ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 171 *»
لنا انتتبعون الا الظن و ان انتم الا تخرصون ه ، انظر كيف ذمهم باتباع الظن في الاصول و الفروع و قال و ما لكم الاتأكلوا مما ذكر اسم الله عليه و قد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه و ان كثيرا ليضلون باهوائهم بغير علم ان ربك هو اعلم بالمعتدين ثم قال قل حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و ان تشركوا بالله ما لمينزل به سلطانا و ان تقولوا علي الله ما لاتعلمون انظر كيف لميحده بحد و قد ارسله ارسالا ليعم الاصول و الفروع و قوله تعالي و من الابل اثنين و من البقر اثنين قل ءالذكرين حرم ام الانثيين ام ما اشتملت عليه ارحام الانثيين ام كنتم شهداء اذ وصيكم الله بهذا فمن اظلم ممن افتري علي الله كذبا ليضل الناس بغير علم ان الله لايهدي القوم الظالمين و الآيات المطلقة كثيرة جدا و لا مقيد لها لا من عقل و لا من نقل و اذا تحاكمنا الي العترة الطاهرة و كفي بالله حكما نهونا عن العمل بالظن في اخبار كثيرة ففي الكافي عن ابيالحسن عليه السلام اذا جاءكم ما تعلمون فقولوا و ان جاءكم ما لاتعلمون فها و اهوي بيده الي فيه ه ، و فيه عن ابيجعفر عليه السلام من افتي الناس برأيه فقد دان بما لايعلم و من دان الله بما لايعلم فقد ضاد الله حيث احل و حرم فيما لايعلم و فيه عن ابيعبدالله انهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال انهاك ان تدين الله بالباطل و تفتي الناس بما لاتعلم و عن ابيجعفر عليه السلام من افتي الناس بغير علم و لا هدي لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه و عن ابيعبدالله عليه السلام ان الله حصر عباده بآيتين من كتابه ان لايقولوا حتي يعلموا و لايردوا ما لميعلموا و قال الله تعالي الميؤخذ عليهم ميثاق الكتاب الايقولوا علي الله الا الحق و قال بل كذبوا بما لميحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله ه ، و من هذا الباب كثير يبلغ حد التواتر و الشاهد علي صدقها مطابقتها مع الكتاب فلايسع احدا ردها و انكارها و المنكر لها منكر للكتاب و السنة و قد خرجت الاخبار عن كونها مظنونة الي كونها مقطوعة
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 172 *»
لقرينة الكتاب فلا محيص لاحد عن قبولها و الرد اليها فانشدك بالله و برسوله هل يمكن ان يقول الله هكذا و يقول العترة الطاهرة كذلك و يغلظوا هذا التغليظ ثم لايجعلوا الي العلم سبيلا و ان تعجب فعجب قولهم الذي راق لهم و جعلوه دليلا بنوا عليه جميع الدين ان باب العلم مسدود و التكليف باق فوجب العمل بالظن لانه اذا تعذرت الحقيقة فاقرب المجازات متعين و قد ورد في الاخبار الناس في سعة ما لميعلموا و وضع عن امتي ما لايعلمون و صدق الخبرين قول الله تعالي و ماكان الله ليضل قوما بعد اذ هديهم حتي يبين لهم ما يتقون و قال لايكلف الله نفسا الا ما آتيها فما لميأتها به يقينا لميكلفه به و ورد لا تكليف الا بالبيان فان صدقوا من انسداد باب العلم كذبوا في بقاء التكليف لانه وضع عن هذه الامة ما لايعلمون و الناس في سعة ما لميعلموا و ورد من شك او ظن فاقام علي احدهما احبط الله عمله فان لله الحجة البالغة و بالجملة اقول كما كان الصادق عليه السلام يقول كثيرا :
علم المحجة واضح لمريده ** * ** و اري القلوب عن المحجة في عمي
و لقد عجبت لهالك و نجاته ** * ** موجودة و لقد عجبت لمن نجي
فاذا عرفت يا اخي ما قدمت لك اعلم يا اخي ان لله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم اجمعين و لكنه يحتاج الي مجاهدة في الله سبحانه لانه قال الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و الجهاد انما يكون من حيث امر الله و من باب فتح الله و كل من اراد دخول البيت من غير بابه يسمي سارقا كما في الخبر و بابه الذي امر الله ان تدخلوا منه هو كتابه و سنة نبيه و بهما احتج الله علي خلقه فهما ينبغي ان يكونا قطعيين لا ظنيين و الا لمتكن حجته بالغة فان الله سبحانه لميحتج علي عباده بالظن اما كتابه فهو الذي بين الدفتين يقينا و سنة نبيه و عترته هي التي بين ايدينا و عليه مدار امته و شيعتهم يقينا ليس شئ عنهم عندنا الا هذان فلو كانا ظنيين لكان التكليف موضوعا عنا لقول ابيعبدالله عليه السلام ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و اخبار كثيرة كقوله عليه السلام ان الله يحتج علي العباد بما
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 173 *»
آتيهم و عرفهم و صدق الخبر قوله تعالي لايكلف الله نفسا الا ما آتاها و صدقهما العقل المؤيد فيجب ان يكون في الامة سنة قطعية يرجعون اليها و القول بعدمها ينافي ما قرأنا عليك من الكتاب و السنة و قد قال ابوعبدالله عليه السلام يا ابامحمد لو كانت اذا نزلت آية علي رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب و السنة و لكنه حي يجري فيمن بقي كما جري فيما مضي ه ، فان قلت يا اخي انا كما لانشك فيما قلت لانشك في انه قد كان عليهم الكذابة و القالة و كانوا يدسون في اخبارنا و يقولون و يروون علي ائمتنا عليهم السلام و يحرفون الكلم عن مواضعه و كانوا هم عليهم السلام في زمن تقية و يتقون في فتاويهم فكيف لنا بمعرفة الغث من السمين و السراب من الماء المعين قلت كل شئ يؤدي الي القطع بكون الخبر عنهم سلام الله عليهم يجب لك الاخذ به فاذا قطعت ان الخبر عنهم لا رأي لك فيه و لا اختيار و لو كان فيه خلاف و تناقض اذ قال الله تعالي ماكان لهم الخيرة من امرهم و نحن احقر و اصغر من ان نعرف اي قوليهم اصح و ارجح اذ كلها صحاح رواجيح ليس لنا ترجيح فيها الا بدستور عنهم سلام الله عليهم و ما يقال انه لا تعارض في القطعيين قول لايجدي شيئا كما قدمنا لك فيكون في الاخبار المقطوع بها متناقضان و لا غرو و اما ما لمتقطع به و لايؤدي الي القطع فهو موضوع عنك و حكمك الارجاء فان نطقت فيه لقد تقولت و هلكت و انت تعرف بصفاء ذهنك و سريرتك ان كون الراوي ثقة او اوثق و اصدق و اورع لايورث القطع بصحة الصدور مع احتمال الدس و كذا كونه ضعيفا او ادني في تلك الصفات لايدل علي كذب الخبر و كذا كون احدي الروايتين احوط او مخالفا لما عليه العامة العمياء لايجدي في القطع بصحة الصدور و كذا كون احديهما اشهر فظهر لمن نظر و ابصر ان هذه الترجيحات ليس لعرفان صحة الصدور و ظهر ان ما لميثبت صحة صدور الخبر لايجدي الترجيح بل لايحتج الله بذلك الخبر علي عبده بل مضمونه محجوب عن العباد موضوع عنهم و يستحيل التعبد بالمظنون في احكام الله تعالي الا الظن في الموضوع لما ورد الاذن فيه و لا شك
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 174 *»
انك احقر و اصغر من ان تستنبط كل حكم عن الكتاب حتي تعرض عليه الخبر بل اذا كنت كذلك يكفيك الكتاب و فيه الحجة البالغة و ليس يعلم جميع الاحكام بالاجماع المقطوع به و لو كان لكان فيه الكفاية و لست ممن يعرف كل حكم بدليل قاطع عقلي حتي تعرض عليه و لو كان لكان فيه الحجة و ان ما ذكروا من المرجحات مما لمينزل الله بها سلطانا و قد ملئوا بها الطروس لايدل شئ منها علي صحة الصدور و ما لميثبت كونه عنهم فاي ترجيح و في قول من فظهر ان عرفان ذلك ليس من شأننا و ان لنا في كل عصر من جعله الله هاديا لخلقه هو يعرف ذلك كله بل هو مبدؤه و مأواه و منتهاه و اصله و فرعه فيجب اللواذ به و الالتجاء اليه و هو الاستقامة المشار اليها في كتاب الله و ان لو استقاموا علي الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا فاذا كان ذلك الهادي اعرف بالصحيح و السقيم و اعرف بما كلفنا به و يجب عليه الابلاغ الينا بحكم الله سبحانه ننظر في الاخبار و الآثار فاي خبر صدقه الامام بتقريره نعرف انه حق و صدق و اي خبر قدح فيه بكتاب او سنة او اجماع او دليل عقل مقتبس من مشكوتهم بحيث يحصل العلم القاطع به فهو ليس عنهم و لا اليهم فاذا نظرنا في الاخبار فرأينا ان هؤلاء الاكابر حكموا بصحة اخبارهم التي رووها في كتبهم و شهد بذلك جمع من الثقات و العدول و لميخالفهم احد الا بانا لانقطع صحتها و عدم قطعهم لايجدي شيئا فانه ليس لمن لايعلم حجة علي من يعلم و لميقم المخالف دليلا قاطعا و قد شهدت القرائن بصحة قولهم و القرائن ما ذكرنا و يساعدها التدبير و الحكمة عن اهله فلميبطل من هو هذه الاحوال بمرأي منه و مسمع دعويهم و لميدحض حجتهم مع ان الله سبحانه قال بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق و ماقذف علي هذه الدعوي بشئ مع انا لا حاجة لنا الي تصحيح كتاب مخصوص و لنا ان نتكلم في كل الاخبار في اي كتاب كان بان الخبر الي ترد عليه و انت بمرأي من الامام و مسمع و هو اعلم به و انت مسترشد مستهد فان رأيت الخبر مخالفا للكتاب او الاجماع او السنة المقطوع بها او دليل قاطع عقلي فذره في سنبله و لاتأخذ به و ان رأيته مطابقا للكتاب او السنة
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 175 *»
المقطوع بها او اجماع او دليل قاطع فخذ به فانه الحجة فان رأيته لايعرف منه شئ من ذلك و لايقدح فيه شئ مما ذكر و لا قرينة خارجة فانه مما صدقه الامام المطلع عليه فانه يقرء بمحضر منه و مسمع و لميرده بشئ من الاشياء فاذا هو مما قام الاجماع علي صحته و قد دل علي هذا الكلام كثير من الاخبار و الآيات اما الاخبار فعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم ان لكل بدعة من بعدي يكاد بها الايمان وليا من اهل بيتي موكلا يذب عنه و يعلن الحق و يرد كيد الكائدين و عن الصادق عليه السلام ان الله لايدع الارض الا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان فاذا زاد المؤمنون شيئا ردهم فاذا نقصوا اكمله لهم فقال خذوه كاملا و لولا ذلك لالتبس علي المسلمين امورهم و لميفرق بين الحق و الباطل ه ، فاذا عرضنا ذلك علي الكتاب رأينا تصديقه انما انت منذر و لكل قوم هاد و الهادي من يهدي و الهداية ما ذكره الامام عليه السلام فاذا كل خبر لمتقطع ببطلانه هو صحيح مجمع علي صحته اذ الاجماع ما علم تصديق الامام له ،
هذا اعتقادي فيه قد ابديته ** * ** فليقبل الواشون او فليمنعوا
فائدة فاذا صح بذلك الخبر فان لميعارضه شئ من الاخبار ففيه الحجة و هو المجمع علي تعين العمل به و ان عارضه شئ من الاخبار ففيه الخلاف بين الاخبار و بين العلماء اما الاخبار فمنها ما فيه الاخذ بما يوافق الكتاب و ترك ما يخالفه و منها ما فيه الاخذ بما اجتمعت عليه الشيعة فانه لا ريب فيه و منها ما فيه الاخذ بايهما شاء و منها ما فيه الارجاء و منها ما فيه ترك العمل بهما فان كان لا بد من العمل فبما يخالف العامة و منها الاخذ ما يوافق الكتاب و السنة و ترك ما يخالفهما و منها الارجاء و السعة و منها الاخذ بالمتأخر صدورا و منها الاخذ بحديث الحي و منها الاخذ بما يخالف العامة و منها العرض علي الكتاب فان لميكن فيه فبالعرض علي اخبار العامة و منها العرض علي الكتاب و عند الاشتباه التوقف و منها الاخذ بالمشهور اولا ثم بالاعدل ثم بمخالف العامة ثم بالحائطة ثم بالتخيير و في رواية
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 176 *»
الارجاء و منها الاخذ بالاعدل ثم بالمجمع عليه ثم بما يوافق الكتاب و السنة و يخالف العامة ثم ان يوافقان الكتاب و السنة بمخالف العامة ثم بخلاف ما هم اليه اميل ثم بالوقوف هذا ما ورد في الاخبار و وجدته و اما اختلاف العلماء فلايجدي شيئا و انت تعلم كما قدمنا ان الاختلاف فيما صدر عنهم من عندهم و هم خالفوا بين شيعتهم لانه ابقي لهم و هذا الاختلاف ايضا منهم و لا اجماع علي العمل بواحد من هذه الاخبار بخصوصه و اذا رجعنا الي الكتاب المجمع علي تأويله لمنر شيئا يصدق هذه الاخبار غير التسليم لحكم الله في آية التحكيم و متابعة سبيل المؤمنين في آية التشاقق و اجتناب الظن و الرأي و متابعة الهوي في كثير من الآيات و ترجيح هذه الاخبار بعقولنا لايستقيم فانه لايفيد الا الظن فليس لنا الا الارجاء في اصل الاحكام اي التوقف في القول بان ايهما واجب و ايهما حرام و التكليف المعين ايهما الي ان نلقي الامام فيخبرنا و السعة في العمل لان الله تعالي يقول لايكلف الله نفسا الا ما آتاها و قد اتانا الخبرين و لميعين لنا العمل باحدهما دون الآخر فهما موسع علينا بايهما اخذنا فانه لو كان يريد احدهما بعينه لكان يعينه و لايكله الي عقولنا فاذ لميرد احدهما بعينه لميعين احدهما و لايجوز الخروج عنهما لانه خروج عن حكم الامام و متابعة للهوي فيجب العمل بايهما شاء من باب التسليم لان التكليف وقع بهما و عدم التعين فالاخذ باحدهما متعين و قد امرنا بابهام ما ابهمه الله و قد ابهم التعيين فنبهمه فعن اسحق بن عمار عن الصادق عليه السلام ابهموا ما ابهمه الله و اخبار كثيرة ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و قد حجب التعيين فهو موضوع عنا و يوافق هذا حكم الكتاب فهو حجة لا مرية فيه فتمام القول في الاخبار سواء كان له معارض او لميكن ان تعرض الخبر اولا علي الكتاب المستجمع علي تأويله فان خالفه فذره فانه لا نور فيما يخالف الكتاب اللهم الا ان يكون حكم الكتاب منسوخا بيقين و اجماع من الشيعة فان لميكن منسوخا فذر ما خالفه فان وافقه ففيه الحجة فذر ما يخالفه من الاخبار فانه
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 177 *»
مخالف الكتاب و ان لمتجده فيه فاعرضه علي السنة القائمة فخذ ما يوافقها و دع ما يخالفها و ان لميكن فيها فاعرضه علي الاجماع من الشيعة فان خالفه فذره فان حقية اجماع الشيعة ثابتة بالكتاب في آية التشاقق و ان وافقه فاترك ما خالفه ان كان و خذ به و ان لمتجد اجماعا علي خلافه و وافقه فان كان خبر واحد فهو المتعين ان لميكن فيه قرينة التقية و لايكون متشابها و لا مجملا و لا منسوخا فانه صحيح وقع التقرير عليه و ان كان له معارض صحيح فارجه في الحكم و ابهم التعيين و تخير في العمل بايهما شئت تسليما و هل اذا كانا بحيث اذا عمل بواحد عمل بالآخر ايضا يتعين العمل به ام لا مقتضي اخبار التخيير الثاني و مقتضي اخبار الاحتياط الاول و لا ريب في رجحان الاحتياط و اما وجوبه فمنظور فيه لتعارض اخبار الترجيح فتعيين احدهما وجوبا مما ابهمه الله و رجحانا مما يشهد به العقل القاطع مثلا اذا ورد الامر بعتق رقبة و امر آخر بعتق رقبة مؤمنة فلا ريب ان الاخذ بالثاني اخذ بالاول و ارجح لانه اتيان بهما جميعا اما القول بان الواجب هو الثاني دون الاول او بالعكس فهو قول بغير علم فلعل الله اوجب خلاف ما اوجبنا فكيف يجوز لنا القول بغير علم و اما الرجحان فلا ريب فيه بالضرورة و اما اخبار التثليث و الوقوف عند الشبهات ففي امور لمتدر حكم الله فيه و ذلك في امور ضاق عليك الفهم لورود الادلة المختلفة فتقف في الحكم لا في العمل كما بينا و يظهر في الاخبار كما في خبر سماعة قال يرجئه حتي يلقي من يخبره فهو في سعة حتي يلقاه ه ، و كذلك يجري في الموضوعات كشاة ذبحته و شككت فيه هل ذبح علي وجهه ام لا فهو شبهة فان تيقنت بتمام الذبح فهو حلال بين او تيقنت بعدمه فهو حرام بين و ان شككت فهو موضع الاجتناب و كذا ما تعرف حليته فهو حلال بين او حرمته فهو حرام بين و ان شككت فهو شبهة و اما نفس الاحكام فما تبين لك حكمه من تعيين احد الخبرين او التخيير تعمل به و الا فهو موضوع عنك و انت في سعة و ليس الحكم فيه التوقف فما قاله بعض من ان في نفس الاحكام شبهات فهو قول بعدم ابلاغ الحجة و الله بالغ امره قد جعل الله لكل شئ قدرا نعم يتوقف في حكم تعيين احد الخبرين في
«* مکارم الابرار عربي جلد 19 صفحه 178 *»
الواقع فانه مشتبه يرد حكمه الي الله و الي رسوله و اما حكمه الظاهري التخيير و لا توقف فيه قد كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم حامدا مصليا مستغفرا ، تمت .