شرح النتايج المجلد الاول – الجزء الثانی
من مصنفات العالم الرباني و الحكيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمدكريم الكرماني اعلي الله مقامه
من مصنفات العالم الرباني و الحكيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمدكريم الكرماني اعلي الله مقامه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۵ *»
قال: اصل هل الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ام لا و الفرق بين هذه المسألة و سابقتها عموم من وجه بحسب الاقوال المحققة او المحتملة و الضد الذي هو الشيء الوجودي المنافي للشيء قديطلق علي الاضداد الوجودية و علي احد الاضداد الوجودية لا بعينه و قديتوهم ان مرجعهما واحد و علي الضد العام اي الكف او ترك المأموربه و كلها حقيقة الا الاخير علي الاخير فمجاز لكونه عدمياً صرفاً و علاقة المجاز اما الكلية و الجزئية فيكون مجازاً مرسلاً او المشابهة فيكون استعارة او المجاورة علي بعد عرفي مع امكان اختصاصها بالمحسوسين.
اقول: قوله «و الفرق بين هذه المسألة و سابقتها عموم من وجه» الخ يريد انه من حيث الاقوال يمكن انيقول احد ثمة بوجوب المقدمة و يقول هنا بان الامر بالشيء لايقتضي النهي عن ضده للمنع من كون ترك الضد مقدمة لفعل الضد و يمكن انيقول احد ثمة بعدم وجوب المقدمة و هنا بالاقتضاء لقوله بعدم جواز مخالفة المتلازمين في الحكم و يمكن انيقول احد بوجوب مقدمة الواجب و باقتضاء الامر بالشيء النهي عن ضده الخاص و اما من حيث المقدمة فبين المسألتين عموم مطلق و السابقة اعم من اللاحقة فان اللاحقة مخصوصة بالتركية.
ثم شرع في معاني الضد و قال هو الشيء الوجودي المنافي للشيء اي لايمكن جمعهما معاً في وقت واحد فقد يطلق الضد و يراد به الاضداد الوجودية كالاكل و الشرب و النوم لفعل الصلوة و قد يطلق و يراد به احدها لا بعينه و هو ايضاً في المفاد يرجع الي الاول فان النهي عن مهية الضد حقيقةً و قد يطلق و يراد به الضد العام كالكف المطلق او ترك المأموربه و كل المعاني حقيقة لانها وجودية الا الاخير اي الضد العام علي المعني الاخير اي ترك المأموربه فمجاز لانه عدمي و المصطلح بين القوم ان الحقيقة و المجاز من صفات اللفظ فاستعمال المصنف في المعاني خلاف المصطلح.
قوله «و علاقة المجاز» الي اخر يعني به ان الضد موضوع للمنافي الوجودي للشيء و هو فرد من الكلي الذي هو المنافي المطلق للشيء الشامل للضد و النقيض فاطلاقه علي الترك مجاز مرسل اذ هو اعم من فعل الضد و تركه ايضاً فان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۶ *»
العلاقة المصححة غير المشابهة بين المعني المجازي و المعني الحقيقي و يسمي بالمرسل لاطلاقه عن قيد الاستعارة و هو ادعاء ان المشبه من جنس المشبهبه و ان كانت هي المشابهة يسمي بالاستعارة.
و قوله «او المشابهة» الخ يعني في التنافي للمأموربه و علي هذا يكون اطلاق الضد علي مطلق الترك استعارة.
و قوله «او المجاورة» الخ يقول اطلاق الضد علي الترك المطلق من باب مجاورة الترك المطلق لفعل الضد بعيد مع انه يمكن انيقال ان المجاز للمجاورة مخصوص بالمحسوسين كجري الميزاب لان الماء و الميزاب محسوسان و اما في غيرالمحسوسين فلميثبت جواز المجاز بالمجاورة و الترك المطلق غيرمحسوس و ليس شيء في هذه التحقيقات الا صرف العمر الشريف فيما لا طائل له.
قال: و محل النزاع مطلق الضد و المأمور به علي الاصح اعم مما اذا كان الضد و المأمور به موسعين او مضيقين او مختلفين كما يشهد به استدلالهم و كون نزاعهم اعم من اللفظي ثم الحق ان ترك الضد مقدمة لفعل الضد الاخر اذ من المحال اجتماع الشيء مع ما ينافيه دون العكس سواءاً قلنا ببقاء الاكوان و عدم احتياج الباقي الي المؤثر ام لمنقل لكفاية وجود الصارف في استناد الترك اليه فتكون المقارنة اتفاقية و ان المعيار في جواز اختلاف المتلازمين في الحكم التفصيل بين الاحكام لا الاقسام و لا اطلاق الحكم باحد الطرفين فان لميمكن الامتثال كأنيكون احدهما واجباً و الاخر محرماً او مكروهاً او احدهما مستحباً و الاخر مكروهاً او محرماً لميجز الاختلاف و الا جاز كما في الصور الست الاخر و الدليل علي ما ذكر حكم القوة العاقلة نعم لو كان الامتناع و التلازم ناشئاً عن قدرة المكلف و اختياره فيمتنع عليه الامتثال بالاختيار جاز الاختلاف حينئذ مطلقاً فلو ترك الزني في ضمن شرب الخمر اختياراً جاز كون ترك الزني واجباً و الشرب حراماً و من هنا اندفع نفي الكعبي المباح معللاً في احد النقلين بعدم اختلاف المتلازمين حكماً فانه فاسد بكلا تقريريه كالتعليل بالمقدمية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۷ *»
اقول: اراد المصنف تعيين محل النزاع فانه قد يكون المأمور به موسعاً و قد يكون مضيقاً و كذا الضد فالصور اربع فقال الاصح ان محل النزاع اعم من جميع ذلك و نزاعهم لفظي في وضع اللفظ علي النهي عن الضد و معنوي معاً.
قوله «دون العكس» يعني ان ترك الصلوة مثلاً مقدمة لازالة النجاسة عن المسجد لانهما متنافيان لايجتمعان معاً في آن واحد و اما فعل الصلوة فليس مقدمة ترك شرب الخمر فانه يحصل بفعل اخر ايضاً.
و قوله «سواءاً قلنا» الخ اراد المصنف اظهار علم بمسألة كلامية و هي ان الحادث هل يحتاج بعد ايجاده في الان الاول الي الايجاد في الان الثاني ام هو باق بلاايجاد ثان و علي القول الثاني هل يحتاج الي ابقاء العلة اياه ام هو موجود غني عن المبقي و المصنف يقول نحن سواءاً قلنا بالحاجة الي المبقي او لمنقل يعني سواءاً كفرنا او امنا لان الله سبحانه يقول بل هم في لبس من خلق جديد و يقول له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر الله و يقول كلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ماكان عطاء ربك محظوراً و ليس هيهنا موضع بيانه فالمصنف يقول ان قلنا بعدم الحاجة الي الله في البقاء او عدم الحاجة الي ايجاد الله في الان الثاني او قلنا بالحاجة نقول ان الصلوة مثلاً ليس مقدمة ترك شرب الخمر فانا ان قلنا ان الشيء لايحتاج الي ايجاد ثان و ابقاء ثان فيمكن خلو الانسان من الحركة فيمكن انيكون لا فاعل صلوة و لا شارب خمر فليس فعل الصلوة مقدمة ترك الشرب و ان قلنا بالحاجة الي الموجد في الان الثاني فدائماً يكون الانسان موجداً متلبساً بفعل و علة فعله ارادته فتركه شرب الخمر قائم بارادته و ليس بقائم بفعل الصلوة و كذا اذا قلنا بالحاجة الي المبقي.
قوله «لكفاية وجود الصارف» الخ يعني ان ما صرف عن ترك شرب الخمر من خوف من الله او الخلق او غيره يكفيه في تركه و علة له و مقارنته مع فعل الصلوة اتفاقية.
قوله «و ان المعيار» الخ هذه خيالات اخر منهم في جواز اختلاف الحكم في المتلازمين و عدمه فمنهم من قال يجوز اختلافهما مطلقاً و منهم من قال لايجوز
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۸ *»
اختلافهما مطلقاً و منهم من قال بالتفصيل و قال فان كانا معلولي علة واحدة او كان احدهما علة و الاخر معلولاً لايجوز و ان كان التلازم اتفاقياً يجوز و المصنف اختار غير هذه الاقوال و يقول المعيار في اختلافهما التفصيل بين الاحكام و علي ما يفصله لا هذه الاقسام و تفصيل المصنف انه يحصل من ضرب كل من الاحكام الخمسة اي الوجوب و الندب و الكراهة و الحرمة و الاباحة في الاربعة الباقية عشرون و يسقط المكررات و هي عشرة و يبقي عشرة ففي ستة منها يجوز اختلاف المتلازمين في الحكم و هي انيكون احدهما واجباً و الاخر مستحباً او مباحاً او يكون احدهما مستحباً و الاخر مباحاً او يكون احدهما مباحاً و الاخر محرماً او مكروهاً او يكون احدهما محرماً و الاخر مكروهاً و لايجوز الاختلاف في الاربعة الباقية و هي انيكون احدهما واجباً و الاخر مكروهاً او محرماً او يكون احدهما مستحباً و الاخر مكروهاً او محرماً و معيار جواز الاختلاف امكان الامتثال بهما معاً و عدمه و لما كان في الستة الاول يمكن الامتثال بهما حكمنا بالجواز و في الاربعة لعدم الامكان حكمنا بعدم الجواز.
و دليل المصنف علي ذلك حكم القوة العاقلة و ماادري مناسبة هذه اللفظة التي يرددها المصنف في كتابه مكررة و حاكمه القوة العاقلة و الحال ان القوة مادامت قوة غير حاكمة علي شيء و انما فعليتها هي العقل و هي حاكمة كما ان القوة الباصرة لاتحكم و انما يحكم البصر الفعلي و قوة السامعة لاتحكم و انما يحكم السمع الفعلي و كذلك القوة العاقلة صلوح العقل فاذا حصل العقل و عقل يحكم العقل و حاكم المصنف في هذا الكتاب القوة التي ليست بالفعل الاتري ان الانسان اذا ضرب بالفعل كان ضارباً و مادام الضرب في قوته ليس ضارباً بالفعل فبالقوة العاقلة ما لميعقل لايكون الشخص عاقلاً و ما لميكن عاقلاً ليس له عقل يحكم و فيه تصريح اخر بانه حكم لامن كتابالله و لا من سنة نبيه9 و مالميكن للفهم ميزان مصدق منهما ليس يعلم انه من العقل او من الشيطنة و النكراء التي هي شبيهة بالعقل و ليست بعقل قيل لابيعبدالله7 ما العقل قال ما عبد به الرحمن و اكتسب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۹ *»
به الجنان قيل فالذي في معوية فقال تلك النكراء([1]) تلك الشيطنة و هي شبيهة بالعقل و ليست بالعقل انتهي.
قوله «نعم لو كان الامتناع و التلازم» الي اخر يعني ان المكلف اذا امتنع عن شرب الخمر بالاشتغال بالزني فهذا الامتناع ناشئ عن فعل المكلف و قدرته فيمتنع عليه الامتثال باختياره الزني جاز الاختلاف فانه حينئذ الزني حرام و ترك شرب الخمر واجب.
و قوله «و من هنا اندفع» الي اخر فان الاشتغال بالمباح و امتناعه به عن الحرام باختياره و لايجب توافقهما فليكن احدهما مباحاً و الاخر واجباً هذا و يمنع توقف ترك الحرام علي فعل المباح و كونه مقدمة له بل هو من المقارنات الاتفاقية و علي فرض التسليم فالمقدمة ضدٌ ما لاخصوص المباح و النقلان المنقولان عنه احدهما ان فعل المباح مقدمة لترك الحرام و كل ترك الحرام واجب ففعل المباح واجب و ان فعل المباح مستلزم لترك الحرام الذي هو ضده فيكونان متلازمين و لايجوز اختلافهما او ترك الحرام ملازم لفعل المباح و ترك الحرام واجب ففعل المباح واجب و هذان تقريرا احد النقلين و الاول هو التعليل بالمقدمية بالجملة جميع ذلك اراء و اهواء لايجوز التعويل علي شيء منها للشيعي بعد الايات الناهية و الاخبار الزاجرة.
قال: ثم اقوال الضد العام اربعة العينية و التضمن و الالتزام اللفظي و العقلي الذي هو وفاقي حتي من المرتضي و اسناد الانكار المطلق اليه سهو و اقوال الخاص سبعة الاربعة و عدم الامر بالضد و عدم مقدمية ترك الضد لفعل الاخر و لازمه الانكار المطلق و اقتضاء النهي التبعي.
اقول: يعني بالعينية ان الامر بالشيء مع النهي عن تركه متحد مفهوماً و مصداقاً كالمترادفين او مصداقاً فقط كالمتساويين و دليلهم علي ذلك انه لو لميكن عينه لكان اما مثله او ضده او خلافه و اللوازم باطلة و المصنف يقول ليسا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۰ *»
بمتحدين لا مفهوماً و لا مصداقاً ولكن ما هو الغرض من احدهما يحصل من الاخر و لاشك في تعدد مفهومهما و اختلاف مصداقهما و كون كل واحد مؤدياً لما يؤدي الاخر لايوجب عينيتهما غاية الامر هما متلازمان و بالتضمن ان الوجوب مركب من امرين طلب الفعل و منع الترك فدلالة الامر علي الترك تضمن و لميرض به المصنف لان دلالة الامر علي الوجوب التزامي فكيف علي جزء الوجوب و بالالتزام اللفظي انه اذا سمع اللفظ يتبادر منه الملزوم ثم يتبادر اللازم و هو ترك الضد و رجح المصنف الالتزام بالمعني الاعم و اما الالتزام العقلي وفاقي حتي من المرتضي الذي اسند اليه انكار كون الامر بالشيء نهياً عن ضده مطلقاً و كل ذلك خرص ماانزل الله بها من سلطان.
و اما الاقوال في الضد الخاص الاربعة الاول و كون الامر بالشيء عدم الامر بضده لانه امر بتطهير المسجد مثلاً و هو فوري ثم امر بالصلوة الموسعة و يستلزم فعل الصلوة عدم فورية التطهير و هو تناقض فالامر بالتطهير فوراً يستلزم رفع الامر بالصلوة و لان الاذن في الصلوة و تركها مقدمة التطهير اذن بترك المقدمة و هو قبيح فالامر بالتطهير رافع للامر بالصلوة الموسعة و اذا دار الامر بينهما و لا مرجح وجب الوقف و الرجوع الي اصالة فساد الصلوة.
و من الاقوال عدم كون ترك الضد الخاص مقدمة و يلزم منه انكار الاقتضاء مطلقاً لفظاً و عقلاً و استدل عليه بان ترك الضد لو كان مقدمة لفعل الضد لكان فعل الضد مقدمة لترك الاخر بطريق اولي لان ترك الضد ليس سبباً و لا علةً و لا ملازماً لفعل الاخر لامكان ارتفاع الضدين فكون فعل الضد الذي هو سبب و علة و مستلزم لترك الاخر لامتناع اجتماع الضدين اولي بكونه مقدمة للترك و ذلك محال فالاول ايضاً محال و من الاقوال ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده بالتبع و دليلهم علي ذلك ان ترك الضد مقدمة لفعل المضيق و مقدمة الواجب واجبة تبعاً.
و من نظر الي هذه الاقوال بعين الاعتبار عرف بلاغبار ان كلها استبداد بالاراء المنهيعنها و ان اباحنيفة و اصحابه لميزيدوا علي ذلك حتي خرج من الائمة: فيهم كل هذا اللعن و التوبيخ و المنع عن طرقهم و الاقتصار
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۱ *»
علي النطق منهم و السمع و القول بانه شر عليكم انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا فهؤلاء ان اصابوا اوخذوا بتجريهم علي القول بالرأي و ان اخطأوا اوخذوا بالقول بحكم الجاهلية و اللازم الرجوع الي المحمد: فان صدر منهم قول اخذ به و الا فالسكوت اسكتوا عما سكت الله و ابهموا ما ابهمه الله.
فاذا عرفت ذلك فاعلم ان تَرَك فعل وجودي كفَعَل و ليس بامر عدمي و لذا يقع به التكليف و يقال اترك و يثاب علي الامتثال لو ترك و لايقال ترك الا اذا كان مشتغلاً بشيء فودعه و خلاه ففي اللغة ترك الشيء ودعه و خلاه و ترك المنزل رحل عنه و ترك فلاناً فارقه و لايقال لغير المرتكب بامر او المقارن له او المشرف عليه بالنفس او الجسد تركه ألاتري ان النبي9و من كان مثله لايقال فيه انه ترك شرب الخمر و ترك الزني و اما تارك الصلوة فهو اما من كان يصلي ثم تركها او كان مشرفاً بنفسه بلزوم الاسلام علي الصلوة ثم تركها و لميصل و لايقال للكافر تارك الصلوة و تارك الحج مثلاً حقيقةً و ان سامح احد و قال فهو مجاز لغةً و عرفاً و اما قوله تعالي عن يوسف اني تركت ملة قوم لايؤمنون بالله فمعناه اني بعد ما تدبرت في الملل و اشرفت عليها و عرفت بطلانهم تركت ملتهم و اتبعت ملة ابائي عن بصيرة.
فاذا عرفت ذلك و عرفت سابقاً ان الطاعة امتثال الامر و العصيان عدم الطاعة و ثبت ان طاعة الله واجبة و عصيانه حرام ثبت حرمة ترك جميع الاوامر و كفي الله المؤمنين القتال فلا نزاع بعد قوله و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً و ان له نار جهنم ثم لا فائدة في تلك الاقوال الخرصية و صرف العمر فيها من دون فائدة تعود الي الدين و الدنيا.
و اما الضد الخاص و هي الافعال التي لاتجتمع مع المأمور به في ان واحد فقد تبين مماذكرنا ان الترك هو تخلية ما كان مشتغلاً به او مقارناً او مشارفاً انه ليس يجب طبعاً و لا عقلاً انيترك الصلوة مثلاً اذا ورد عليه الامر بتطهير المسجد و ليس مقدمة التطهير طبعاً و لاعقلاً انيترك الصلوة حتي يتمكن من التطهير فلو كان مقدمة له طبعاً لكان يجب طبعاً انيشرف علي صلوة ثم يتركها حتي يتطهر و ان كان ورود التطهير عليه في الضحي مثلاً فليس ترك فعل من الافعال مقدمة للتطهير
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۲ *»
و ان لميكن وقت ذلك الفعل نعم اذا اتفق الامر بالتطهير عند وقت صلوة اتفاقاً فما لميترك الصلوة لايمكنه فعل التطهير بداهة فحينئذ تركه مقدمة للتطهير طبعاً لا ان قوله طهّر المسجد معناه اترك الصلوة و لو كان ذلك معناه لكان اللازم ترك الصلوة في الضحي اذا وجب التطهير فيه و ذلك بديهي البطلان فوجوب الترك طبعي لاتفاق المقارنة و ليس يدل لفظ طهّر المسجد بالدلالة اللفظية علي حرمة الصلوة باحدي الثلث لغةً و عرفاً فلميتعلق نهي شرعي بالصلوة بوجه من الوجوه و ان كان عاصياً بترك التطهير و ليس الصلوة علة تركه و لا سببه فان تركه فعل وجودي اخر مستقل و الصلوة فعل وجودي اخر غاية الامر انه ترك التطهير و عصي ثم صلي و هو متلبس بعصيانه و التلازمات العقلية ليست مناط الاحكام و لايجوز الحكم في دين الله بالتلازمات و الا لادي الامر الي ما لايتحملون و ما لايقرون به و انما المدار علي السمع و النطق و هو لفظ ملفوظ و العمل علي ما يدل عليه لغةً و عرفاً.
و اما ما روي ان المرأة التي تؤذي زوجها لايقبل الله صلوتها و لا حسنة من عملها حتي ترضيه فيدل علي ان الارضاء واجب فوري فاشتغالها بحسنة اخري غير مقبول فلادليل علي بطلان صلوتها و وجوب القضاء عليها من الكتاب و السنة من كتاب و لاسنة و ان عاقبها الله بعدم قبول صلوتها ما لمترض زوجها و اما نفس العمل فمأموربها قد امر بها عليم خبير قد امر بارضاء الزوج و ضيق وقته و جعل تأخيره معصية و ليس تأخيره صلوة و لمينه عن الصلوة و ليس الامر بالارضاء نهياً عن الصلوة و لا فعل الصلوة مستلزماً لترك الارضاء دائماً و انما اتفق انها تركت الارضاء و صلّت و الترك فعل اخر و الصلوة فعل اتفق صدوره في هذا الوقت و عدم قبولها عقوبة لترك الارضاء لايدل علي النهي عن الصلوة ألست تقرأ في الدعاء اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء فلعقوبة تلك الذنوب تحبس الدعاء فلاتستجاب و ليس الدعاء منهيعنه و كذلك لايقبل صلوتها اذا اسخطت زوجها و لمترضها و ليس الصلوة بمنهيعنها و علي قولهم يحرم دعاؤها ايضاً بانتقول اللهم ارض زوجي عني و اغفرلي و تب عليّ و ليّن قلبه ليرضي عني و امثاله.
و كذا روي في العبد الابق انه لايقبل صلوته حتي يرجع الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۳ *»
سيده و لا دليل علي بطلان صلوته و وجوب القضاء عليه و روي في مانع الزكوة انه لايقبل صلوتها و كذا روي في الزبين انه لايقبل له صلوة و كذا روي في المتطيبة لغير زوجها لايقبل صلوتها حتي يغتسل من طيبها و امثال ذلك كثيرة مع انه لا دليل علي بطلان صلوتهم و وجوب القضاء عليهم ألمتسمع انه لايقبل من الصلوة الا ما توجه العبد فيها الي ربه و لربما يقبل منها عشرها او خمسها او اقل او اكثر و لا احد قال انها غيرمسقطة للتكليف الدنياوي.
و اما ما روي عن اميرالمؤمنين7 لا قربة بالنوافل اذا اضرت بالفرائض و عن ابيجعفر7 لا نافلة لمن عليه فريضة فمعناه انه لايثاب بالتقرب و لايحصل به القرب الي الله سبحانه و هو مضر بالفريضة و لايقبل منه نافلة و عليه فريضة قد تهاون في ادائها كماروي عنابيجعفر7 اذا ما ادي الرجل صلوة واحدة تامة قبلت جميع صلوته و ان كن غير تامات و ان افسدها كلها لميقبل منه شيء منها و لمتحسب له نافلة و لا فريضة و انما تقبل النافلة بعد قبول الفريضة و اذا لميؤد الرجل الفريضة لمتقبل منه النافلة و انما جعلت النافلة ليتم بها ما افسد من الفريضة انتهي.
فعدم قبول النافلة لتضييع الفريضة و هو حكم اخروي غير بطلان العبادة هذا و هذا القول يؤدي الي العسر و الحرج الشديد فان لازمه ان من عليه درهم لاحد و يماطله لايجوز له صلوة و لا فريضة موسعة و لا مندوب و لا مباح حتي انه لايجوز له النظر الي شيء و الاصغاء اليه و اكل لقمة زائدة و شرب جرعة من غير اضطرار و يجب عليه الاقتصار علي القوت عند خوف التلف و ترك جميع المباحات الا عند الضرورة و الخوف علي نفسه و هكذا و ليس في الدين هذا العسر و الحرج قطعاً هذا و لاينجو من هذه المسألة احد من المسلمين و تستلزم بطلان جميع اعمال المسلمين و رأينا في الحديث ان كاتباً من بنيامية اصاب من دنياهم مالاً كثيراً اغمض فيه و طلب المخرج من ابيعبدالله7 فامره انيخرج من جميع ما كسب في ديوانهم و يرد مظالم العباد و ضمن له الجنة ففعل و مات
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۴ *»
و اخبر عند موته بوفائه7 له و لميأمره باعادة جميع فرائضه مع انه كان عليه ديون لايحصيها و لمينو الرد قبله و كذلك لميقع امر في جميع القضايا التي رفعت اليهم انيعيد المبطل مثلاً فرايضه و لميقع سؤال من احد عن هذه المسألة مع شيوعها عند العامة و بحثهم عنها و لميبتدأوا سلام الله عليهم ببيانها في خبر من الاخبار فخلو جميع الاخبار مع حاجة جميع المسلمين اليها في جميع الاعصار ادل دليل علي عدم بطلان الاعمال الموسعة اذا كان الرجل مكلفاً بامر مضيق و حرمة الاعمال المباحة اذا كان كذلك و جميع ما ذكره المصنف و ذكروه خياليات و وهميات لايجوز استعمالها في دين الله و شرعه الذي مناطه السمع و النطق و هو اذا كان مصيباً مخطئ فكيف اذا كان مخطياً و ليس الشرع الذي وضع لسياسة المدن و حفظ الثغور و تجنيد الجنود و تعمير البلاد و اصلاح العباد بالامور المحسوسة التي يدركها الرجال و النساء و البنات بنات التسع علي هذه التدقيقات الخفية الوهمية التي لايلتفت اليها الا المرتاضة اذهانهم بتلك الوهميات و التشقيقات التي هي بطريقة اهل الرأي اشبه و لا قوة الا بالله العلي العظيم.
قال: و تظهر ثمرة النزاع في مثل النذر و الظهار و فيها نظر و تفصيل بالنسبة الي الامرين هل هما قطعيان ام ظنيان ام مختلفان و الثمرة انما تتم في بعض هذه الصور بضميمة مقدمة خارجية ثم القول بان الامر يقتضي النهي عن ضده الخاص لفظاً تضمناً او التزاماً مخالف للاصل من جهة اصالة البراءة عن الاثم الحاصل في فعل الضد و اصالة صحة الضد الناشئة عن اطلاق الامر به و اصالة توقيفية الالفاظ مع التأيد باصالة عدم التفات الواضع الي الضد و هكذا فلاحظ الاصول بالنسبة الي الاقوال الاخر.
اقول: الثمرة التي تتصور لهذه التحقيقات الانيقات و التجريات في دين خالق البريات انه لو علّق ناذر نذره او حالف يمينه او معاهد عهده او مظاهر ظهاره مثلاً علي فعل الواجب فصلي احد في سعة الوقت تاركاً لازالة النجاسة عن المسجد هل تحقق فعل الواجب و شرط تلك العقود ام لا فمن قال بان الامر يقتضي عدم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۵ *»
الامر بضده او النهي عنه فلميتحقق عنده فعل الوجوب و من قال بعدم الاقتضاء او الاقتضاء التبعي تحقق عنده و المصنف فصّل الامر بالنظر في الامرين مثلاً قال قوله تعالي اقم الصلوة لدلوك الشمس الي غسق الليل يدل علي التوسعة في الصلوة و قوله7 اذا ذكرت صلوة فاتتك قضيتها علي رواية المصنف و لمار هذه الرواية و المأثور ان فاتك فريضة فصلّها اذا ذكرتها و في رواية صلوة فاتتك فمتي ذكرتها اديتها الحديث فنحمل كلامه علي النقل و علي فرض ورود حديث هكذا فالاية حاكمة ظناً بوجوب الاداء و الرواية حاكمة ظناً بفورية القضاء و العقل حاكم بعدم امكان اجتماعهما و اذا تعارضا تساقطا فمنهم من يقول انهما اذاً موسعان معاً و منهم من يقول بقاء القضاء قطعي و الشك في فوريته اذاً و وجوب الاداء فبضميمة اصل فساد العبادة يحكم بفساد الاداء فثبت حصول الثمرة في الظنيين و كذلك يحصل الثمرة في القطعيين و اما في المختلفين فالعمل علي القطعي.
قوله «ثم القول بان الامر» الي اخر يعني ان القول بان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص بدلالة اللفظ سواءاً كانت تضمنية او التزامية مخالف لاصل البراءة عن الاثم في فعل الضد و اصالة صحة الضد لانه عمل به علي حسب الامر و لاصالة توقيفية الالفاظ و دلالته علي فعل الشيء معلومة و دلالته علي النهي عن ضده غير معلومة و يؤيده اصل عدم التفات الواضع الي الضد و ان كانت الدلالة عينية تخالف الاصلين الاولين و ان كانت عقلية تخالف الاصلين الاولين مع اصالة عدم دلالة العقل و سكوته و لعمري ليس في هذه التشقيقات فائدة غير الاملاء علي كرام الكاتبين و اتعابهما و املاء الكتاب و تضييع المداد و القرطاس و تضعيف القوي و الحواس و بعد ذلك كله الحكم بالرأي في دين الله والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا و عملوا الصالحات.
قال: ثم الاظهر اقتضاء الامر النهي عن الضد العام عقلاً كما هو واضح و لفظاً لكن التزاماً بالمعني الاعم للتبادر و اما الضد الخاص فلايقتضي الامر النهي عنه الا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۶ *»
تبعاً لان ترك الضد مقدمة لفعل ضده كما مر و مقدمة الواجب واجبة تبعاً و لقد حصل لصاحب المعالم عثرات كثيرة اشرنا اليها في كتابنا الكبير فراجع.
اقول: قوله «ثم الاظهر اقتضاء الامر النهي عن الضد العام عقلاً» يعني يعرف النهي بالتدبر في معني الامر و شأن الامر و لوازم وجود المأموربه و تلك امور معنوية و ليس من اقتضاء الامر و دلالته اللفظية.
و قوله «و لفظاً التزاماً» و قد عرفت ان اللفظ لايدل علي كل معني يفهم العقل الدقيق بعد التدبر و الاستدلالات التلازم بينه و بين الموضوع و ذلك ليس من اقسام الدلالة و لايريده الامر ابداً و انما هو شيء يفهمه العقل الدقيق بعد التدبر كما مر و ليس هو بمراد من اللفظ ابداً و هذه التلازمات الخيالية الاصولية ليست من انواع الدلالة و لانمنع من ملازمة بعض الموجودات لبعض في الخارج فالضد العام او الخاص شيء لايخطر علي قلب احد الا الاصولي و لايعرف الباقي علي الفطرة من قول اسقني ماءاً الا طلب السقي من الماء حسب و اما هذا الفعل الوجودي ضد الترك المطلق و هما نقيضان فلايجتمعان فالسقي يستلزم ترك ضده العام فلايخطر ببال احد من الناس الا الاصولي عند سماع الامر نعم مهما التفت و توجه ان الامر للوجوب و الوجوب مطلوبية الفعل و مبغوضية الترك فتركه المطلق عصيان و اتيانه طاعة عرف هذا المعني و هذا من مسائل علم الكلام و غير دلالة اللفظ فقوله «للتبادر» في غير محله و انما يتبادر هذه المعاني في الاذهان المغشوشة المتغيرة عن الفطرة بواسطة هذه الوساوس و الشكوك و الاحتمالات.
و كذلك قوله «و اما الضد الخاص فلايقتضي الامر النهي الا تبعاً» و مراده ان مدلول الامر الوجوب و هو طلب الفعل و عدم الرضا بالترك فدلالة الامر علي عدم الرضا بالترك دلالة تبعية تضمنية و لما كان الترك يتحقق بفعل الضد ففعل الضد منهي تبعاً من باب المقدمة و ذلك خيال محض فان لفظ الامر موضوع للطلب و الشارع مفترض الطاعة بادلة اخر و لفظة افعل لايدل علي وجوب و لا ندب و اذ لميدل علي الوجوب كيف يدل تبعاً علي النهي عن ضده الخاص فلايدل لفظ صلّ باحدي الثلث علي لاتشرب الماء فلايدل علي حرمة شرب الماء و اما اذا تفكرت
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۷ *»
انت رأيت التنافي بين الفعلين الموجودين في الخارج فلايكون من متعلقات اللفظ فلو تدبرت في زيد و رأيت انه يستلزم وجود اب ليس يدل ذلك علي ان لفظ زيد يدل علي وجود عمرو الذي هو ابو زيد.
قوله «و لان ترك الضد مقدمة لفعل الضد» فقد عرفت سابقاً معني الترك و انه لايكون الترك مقدمة مرتبطة بذيالمقدمة و فرع وجوده و كل مقدمة فرع وجود ذيالمقدمة نعم اذا امر مثلاً بتطهير المسجد في وقت صلوة فان ترك التطهير و عصي ثم اشتغل بالصلوة ليست الصلوة تاركة التطهير و لا بترك التطهير و انما اتفق انه بعد العصيان صلي و ليس ترك الصلوة مقدمة للتطهير متيما اراد انسان تطهير المسجد يكون لابد له من ترك صلوة حتي يقتدر علي التطهير نعم لايتمكن من التطهير حتي يتوجه اليه و يتفرغ له و هذه امور معنوية عقلية و طبعية و باقي الكلام ظاهر و قد ذكرنا مرّ الحق الذي هو علي الفطرة الاولية سابقاً فراجع.
قال: اصل اذا اوجب الشارع شيئاً ثم نسخ وجوبه فهل يبقي الجواز ام لا وجهان بل وجوه و اقوال و النزاع من حيث المنسوخ في الحكم التكليفي الوجوبي و من حيث الناسخ فيما اذا رفع الناسخ الهيئة التركيبية او الفصل و كان الناسخ غير مثبت لحكم اخر و من حيث الدلالة فيما اذا كان الدليل الدال علي المنسوخ دالاً علي وجوبه بحيث لولا الناسخ لزم الاتيان به و من حيث الحكم الباقي الجواز المستفاد من الامر تبعاً ثم في كون النزاع في الدلالة اللفظية او العقلية او هما وجوه و هل هو فيما كان الناسخ و المنسوخ لفظيين ام لبّيين ام مختلفين احتمالات اقويها اختصاص النزاع باللفظيين و لمار للنزاع فائدة مهمة و الاصل في المسألة واضح و الحق مع النافين لذهاب الجنس بذهاب فصله لوحدة وجودهما.
اقول: قوله «و النزاع من حيث المنسوخ» الخ اي النزاع المذكور في المنسوخ اي الحكم الاول في التكليفي الوجوبي لا الوضعي و غير الوجوبي و من حيث الناسخ اي الحكم الثاني فيما اذا رفع الهيئة التركيبية اي جواز الفعل و منع الترك او الفصل و هو المنع من الترك.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۸ *»
و قوله «و كان الناسخ» الخ يعني اذا كان الناسخ مثبتاً لحكم يلزم منه نسخ الاول فلا كلام فيه كان اوجب الصلوة الي بيت المقدس ثم اوجب الصلوة الي الكعبة.
و قوله «و من حيث الدلالة» الي اخر اي من حدود محل النزاع انيكون اللفظ الدال علي المنسوخ مطلقاً لا مشروطاً فان كان مشروطاً و ارتفع وجوبه برفع شرطه لميكن نسخاً.
و قوله «و من حيث الحكم الباقي» الخ يعني اذا نسخ الوجوب السابق فالباقي جواز مستفاد من الامر السابق تبعاً اي تضمناً فان مدلول الامر جواز الفعل مع منع الترك فاذا رفع منع الترك بقي الجواز.
قوله «ثم في كون النزاع» الخ اي في كون النزاع في الدلالة اللفظية او العقلية اي يدل اللفظ علي ذلك الجواز او العقل او هما معاً احتمالات و وجوه و هل النزاع فيما اذا كانا لفظيين ام لبّيين بانيكون الدليل علي كل واحد الاجماع او واحد من هذا و واحد من هذا.
و قوله «و لمار للنزاع فائدة» كفاك في كون ذلك اباطيل لاتنفع في الدين و الدنيا و الاخرة قول المصنف لمار للنزاع فائدة و هو ينازع في البديهيات.
و قوله «و الاصل في المسألة واضح» اي براءة الذمة عن التكليف.
قوله «و الحق مع النافين» يريد ان الناسخ ان رفع المركب فارتفع بكلا جزئيه و ان رفع الفصل اي المنع من الترك فالجنس ايضاً يرتفع بارتفاع الفصل في الامور المعنوية دون الجسمية لزعمه وحدة وجودهما و قد اصاب المصنف الخطاء اذ لميكن من فرسان هذا الفضاء و ليس يرتفع الجنس بارتفاع الفصل المعين ابداً لانهما شيئان و لايتحدان و اذا جوز في الظاهر وجب عليه التجويز في الباطن اذ قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا و لاتفاوت بين الظاهر و الباطن في ان الفصل اذا ارتفع يقوم فصل اخر بدله في عرصة الفصول فلا ظهور في عرصة الفصول للجنس الا بفصل و لو علي التبادل و رتبة الاجناس فوق رتبة الفصول و الاجناس لاتنزل من رتبتها و لاتتحصص و لاتقارن الفصول و انما المقارن مثلها كماحققناه في محله و لولا ذلك لبطل ارسال الرسل و انزال الكتب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳۹ *»
و الترقيات و الادلة العقلية لاتخصص و ليس هيهنا موضع بيانه.
بالجملة الشارع ابرّ بالرعية من هؤلاء و بعث للتعليم و التفهيم فاذا امر بشيء فقداوجبه و الوجوب هو ما جاء به من عندالله فاذا رفع ما جاء به من عندالله رجع الي ما كان قبل انيجيء بحكم فيه و هو الاطلاق فهو علي ما كان قبل تشريعه فيه شيئاً و هذا هو ايضاً المعروف في العرف من سياسة المدن و احكام الولاة ألاتري ان الوالي لو امر قوماً بالوقوف في ثغر ثم رخصهم بعد مدة يذهبون حيث شاءوا او حيث كانوا موكلين به قبل ذلك فتدبر و انصف.
قال: اصل هل يجوز امر الامر مع العلم بانتفاء شرطه مطلقاً ام في خصوص الشرط الوجوبي الشرعي ام لا مطلقاً اقوال و محل النزاع الشرائط الوجوبية كانت مقدمة للوجود ايضاً ام لا و فيما لميكن الامر جاهلاً و الاصل مع المجوز لاصالة الامكان و اما الحق في المسألة فتفصيله انه ان كان النزاع في صحة الامر الحقيقي من العالم بانتفاء شرط الوجوب فالحق مع المانع حذراً من السفه و التكليف بمالايطاق او في جواز التكليف التوطيني علي نحو الحقيقة فالحق مع المجوز لجوازه عقلاً و صحته لغةً و وقوعه عرفاً و كونه حقيقةً او علي نحو المجاز فالحق جوازه بالذات عقلاً و عدم جوازه لغةً حذراً من تأخير البيان عن وقت الحاجة او في صحة التكليف الابتلائي الساذج التنجيزي كما ان الظاهر انه محل نزاعهم بمعني التكليف في الواقع بنفس الفعل المفقود شرط وجوبه فالحق مع المانع حذراً من التكليف بالمحال او في الصغري اي في ان العبد مجبور في الارادة حتي يكون الامر بالفعل عند عدمها من باب الامر مع العلم بانتفاء شرط الوجوب او هو مختار فيها حتي يكون من باب الامر مع العلم بانتفاء شرط الوجود فالحق مع القائل بالاختيار فيخرج عن المتنازع لكن لو سلمنا الصغري منعنا الكبري او في جواز التعليق من العلم (العالم خ) و عدمه فالحق ان التوطيني الحقيقي جايز و ماعداه غيرجايز.
اقول: اعلم ان الشرط عندهم شرطان شرط وجوب كالاستطاعة للحج و هي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۰ *»
سبب وضعي لا شرط و شرط وجود كالطهارة للصلوة و قال المصنف لا خلاف ظاهراً في جواز امر الامر عند علمه بفقد الشرط الوجودي و محل النزاع الشرط الوجوبي و قداصاب الخطاء فان القدرة شرط الوجود و ليست شرط وجوب كالاستطاعة علي ما قال و عند عدم القدرة لايكلف الله العدل عبده لقوله لايكلف الله نفساً الا وسعها و من شرايط الوجود علم المكلف و حاشا انيكلف الله العدل عبده حال عدم علمه لقوله لايكلف الله نفساً الا مااتاها و مثل ذلك تكليف المكره و المجبور و المضطر و النائم و الغافل و الساهي و الناسي و امثال ذلك فكيف لا خلاف في جواز الامر عند علم الامر بفقد الشرط الوجودي و هو قد شهد علي نفسه ان لاافعل.
و ان قلت ان هذه الامور شروط وجوب ايضاً و من هذا الحيث ينفي بنفيها التكليف قلت الوجوب ايضاً حادث من الحوادث و له وجود و هذه الامور شروط وجود الحادث عندها و ليست هذه الامور شروط وجوب كالاستطاعة فان وجوب الحج يوجد بوجودها و يعدم بعدمها و ليس الوجوب يوجد بوجود القدرة نعم يعدم بعدمها فتكون كالوضوء للصلوة شرط وجود لا شرط وجوب كالاستطاعة الا ان القدرة شرط كوني للاشياء و منها الوجوب و الوضوء شرط وضعي شرعي للصلوة و قد قال المصنف ان الخاصة علي عدم الجواز اي في الشرط الوجوبي و الاشاعرة علي الجواز و هم علي قولين الجواز المطلق و التقييد بالشرط الوجوبي الشرعي لا العقلي فالاقوال ثلثة و لميكن حاجة في تسويد القرطاس علي زعمه مع هذا التفصيل فان مذهب الاشاعرة قد بطل رأساً و الخاصة مجمعون علي عدم الجواز فكفي الله المؤمنين القتال ففيم الجدال و لم هذا القيل و القال.
قوله «و فيما لميكن الامر جاهلاً» الخ عطف علي الشرايط قد قسم المصنف ان الامر و المأمور اما جاهلان بانتفاء الشرط او عالمان او مختلفان قال في صورة جهلهما و جهل الامر وحده يجوز بالاتفاق اما المأمور الجاهل فنعرفه كالمصنف و اشباهه من ساير الرعية و اما الامر الجاهل فلسنا نعرفه فان كان من سائر الناس
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۱ *»
فليس جواز امره و عدم جوازه محل نزاع بالبداهة و ليس يقلدكم في اوامره لعبده اسقني ماء مثلاً و ان كان هو الامام فامامنا الذي قال الله فيه و كل شيء احصيناه في امام مبين و ليس بجاهل و امامه الجاهل لانعرفه و امر الامام الجاهل لاينبغي انيكون محل بحث فان شاء فليأمر و ان شاء فلينه و اما مع علمهما او علم الامر وحده فقال فالخاصة علي عدم الجواز هذا الكلام مؤذن منه بدعوي الاجماع و الاجماع في المسائل الاصولية غيرمعتنيبه كما جري علي قلم صاحب القوانين في بحث وجوب المقدمة قال ان الاجماع في المسائل الاصولية غير ثابت الحجية الي اخر كلامه و انا اقول غير ممكن الاطلاع عليه فضلاً عن حجيته و في الفقه الذي اغلب مدارهم علي النصوص انكر بعضهم امكان الاجتماع و بعضهم امكان الاطلاع فما ظنك بعلم الاصول الذي مداره علي الاراء و الاهواء.
ثم قال «و الاصل مع المجوز لاصالة الامكان» و المراد به القاعدة المأخوذة من بناء العقلاء علي قولهم علي امكان كل مشكوك الامكان و الامتناع و من ان اغلب المفاهيم ممكن فالمشكوك ملحق به و لعمري ان ديناً يبني علي هذا الاصل هو علي شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم و لو اوقف صاحب هذا الاصل علي صراط جهنم و قيل له ءالله اذن لكم ام علي الله تفترون ماادري ماذا يقولون و كيف يحكمون علي الله بانه يجوز له ام لايجوز بهذه الظنون الواهية المخالفة للكتاب و السنة.
قوله «و اما الحق في المسألة فتفصيله» الخ يقول ان جعل النزاع في انه هل يصح الامر الايجابي من العالم بانتفاء شرط الوجوب كامر الرجل بالحج مع العلم بعدم الاستطاعة فقال في هذه الصورة الحق مع المانع حذراً من السفه و التكليف بما لايطاق و ان جعل النزاع في جواز التكليف التوطيني علي نحو الايجاب فالحق مع المجوز لجوازه عقلاً و صحته لغةً و وقوعه عرفاً و كونه حقيقةً و قد امر الله ابرهيم7 بذبح ابنه مع العلم بانه لايتحقق شرط الوجوب توطيناً و امتحاناً لتسليم ابرهيم.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۲ *»
و قوله «او علي نحو المجاز» عطف علي قوله «او علي نحو الحقيقة» يعني يكون الامر لغير الايجاب و القرينة ما سيظهر من فقد المانع يقول فالحق جوازه بالذات عقلاً اذ لا مانع منه و اما في اللغة فغير جايز حذراً من تأخير البيان عن وقت الحاجة فان الموطن ان اراد المجاز و لميقم قرينة حصل تأخير البيان عن وقت الحاجة و ان اقام قرينة فليس بموطن.
و قوله «او في صحة التكليف الابتلائي» الخ عطف علي قوله «في صحة الامر الحقيقي» يعني ان كان النزاع في صحة التكليف الابتلائي الساذج التنجيزي و هو مقابل للتعليقي كما يأتي.
و اعلم ان المصنف اصطلح في التكليف اصطلاحات و قال التكليف اما حقيقي لبّي و هو ما كان الداعي ارادة الامر وقوع المأموربه لانه مصلحة و سماه باللبي لانه كلامه ليس في اللفظ و ابتلائي ساذج و هو ما كان الداعي ارشاد المأمور الي ان الفعل محبوب و اتمامالحجة عليه كتكليف من علم الله انه يعصي و سماه بالساذج لاجل عدم وجود الابتلاء من جهة اخري و اما ابتلائي توطيني مشوب و هو ما كان الداعي مجرد وقوع التوطين و ان كان اصل الفعل قبيحاً او غيرمقدور او خالياً من حسن و قبح كتكليف ابرهيم بذبح ولده8و سماه مشوباً لان الغرض وقوع المقدمة فهو ابتلائي لان الغرض اتيان مقدمة الفعل و توطيني لان الغرض ليس اتيان اصل الفعل و انما امر من جهة التوطين و اما ابتلائي من الجهتين و ذلك كامر الحايض بالصوم مع علم الامر انها تحيض فليس ارادة الامر وقوع الصوم و لا التوطين اذا علم انها تفطر قبل الحيض عصياناً فهو ابتلائي من جهة اتمام الحجة و تسويغ العقاب و من جهة مقدمة الفعل التي تركها.
و قال من شرط القسم الاول اذا صدر من العليم العلم بوقوعه كيلايصير سفهاً و من غيرالعليم عدم العلم بعدم الوقوع و من شرط القسم الثاني من العليم العلم بالعدم و من غيره فعدم العلم بالوقوع و من شرط القسم الثالث من العليم العلم بوقوع التوطين و من غيره فعدم العلم بعدم وقوع التوطين و من شرط القسم الرابع من العليم العلم بعدم وقوع التوطين و من غيره عدم العلم بوقوعه انتهي كلماته العجيبة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۳ *»
و انت اذا سرحت النظر في اطراف هذه الكلمات لقضيت العجب و لو لماقدم بيان الحق ولو علي الاجمال لاتكاد تدرك تهافت هذه الكلمات.
فاعلم ان الله سبحانه الغني بذاته عماسواه كماخلق الخلق لغاية تعود اليهم لا اليه و لاينالون تلك الغاية الا بانيهديهم سبل الوصول اليها امرهم و نهاهم لا لغاية تعود اليه بل اليهم و تلك الغاية لاتحصل لهم الا بسلوك سبلها اختياراً فان تلك الغاية لاتحصل الا بالعبادة و العبادة لاتتحقق الا بالاختيار فخلقهم مختارين و امرهم و نهاهم هدايةً و ارشاداً الي تلك السبل فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر انا هديناه السبيل اما شاكراً و اما كفوراً و لميكن لامره و نهيه غاية من حيث نفسه و لميرد ارادة حتم وقوع الائتمار و الانتهاء و انما ارادهما ارادة محبة و رضاء و ارادة كمال الرأفة و الرحمة كما ان الله سبحانه لميخلق الماء لغاية تعود اليه و لميخلقه لِيُشْرَبَ حتماً و انما خلقه لفائدة الشرب و رفع العطش فمن شرب نال منه الفائدة و من لميشرب لميكن خلقه الماء عبثاً فان العبث ما لميكن له فائدة و خلق الماء له فائدة و اكمال للخلقة و الرأفة و الرحمة و الحكمة فمن شاء فليشرب ولينتفع منه و من شاء فلايشرب وليتضرر منه و الواجب انيكون الخلق من الحكيم كاملاً و لايأتيه نقص من جانبه فالنقص من فعل المكلفين لا المكلف بالكسر.
فان عرفت هذه المقدمة الحكيمة السديدة فنقول ان الله عزوجل امر الخلق لا لغاية تعود اليه فاذ لمتعد يكون لغواً و لا لان يأتمر الخلق حتماً و اذ لميأتمروا يكون عبثاً و انما امرهم بما فيه صلاحهم و امرهم بما يعلمون لا بما يجهلون لان صلاحهم العمل بما علموا علي ما علموا و لميكلفهم علي حسب علمه عزوجل لايكلف الله نفساً الا ما اتاها و لايكلف الله نفساً الا وسعها و الناس في سعة ما لميعلموا و رفع عن هذه الامة ما لايعلمون و ان الله احتج علي الناس بما اتاهم و عرّفهم ألاتري انه لميكلفهم بما في علم الله حلال و باجتناب ما في علم الله حرام و هكذا قال علي7 لاابالي أ بول اصابني او ماء اذا لماعلم فامر الرجل بصلوة الظهر اعلاماً بان فيها صلاحه رأفة و رحمة و عليه العزم علي الامتثال قبل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۴ *»
حلول وقتها و الامتثال بعد حلول وقتها فان مات بعد حلول الوقت و مضي اقل من مقدار اربع ركعات و كان يعلم الله ذلك ليس موته دليل ان الله لميأمره بذلك اذ ليس غاية امر من الامر وقوع المأموربه حتماً و انما الغاية الارشاد و الهداية و قد حصلت صلي او لميصل اختياراً او اضطراراً و كلف المرأة بصوم شهر رمضان ارشاداً و هدايةً و قد حصلت و لميكلفها لوقوع الصوم منها حتماً فان عصت و افطرت ثم حاضت لميقع الامر و الهداية عبثاً اذ ليس الغاية فعل العبد و انما الغاية الارشاد كما قال انا هديناه السبيل اما شاكراً و اما كفوراً و اما قوله عزوجل ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون فمعناه ان منفعة الخلق عبادتهم لا لانيعبدوا حتماً و لو كان كذلك لميبق احد الا و قد عبد و الخلق اذل و احقر من انيخلقه الله لاجل شيء حتماً ثم لايكون منه ذلك فافهم فانه دقيق و بالاعزاز حقيق.
ثم انظر الي تهافت تلك الكلمات و اكلهم من القفا و التكلفات الركيكة كما قال في القسم الاول ارادة الداعي وقوع المأموربه و قال في القسم الثالث ان الداعي محض التوطين و ان كان اصل الفعل قبيحاً كتكليف ابرهيم7 نعوذ بالله من زعمه القبيح ان تكليف ذبح ولده قبيح و مراد الله محض التوطين ثم جعل شرط القسم الاول علم الله بالوقوع و الا عدّه سفهاً نعوذ بالله و ماادري غيرالعليم في هذه الشروط من هو و ايّ شيء معني يجوز و لايجوز في غيرالعليم و هذه مسألة فقهية يقلد غيرالعليم المصنف او اطلاقية فايّ حاجة له الي فتوي المصنف.
بالجملة هذا شأن من لميراجع الكتاب و السنة و يستبد بعقله و ينهمك في اقوال العامة بالجملة قال و ان كان النزاع في صحة الامر الابتلائي و الظاهر انه محل نزاعهم فهاهنا الحق مع المانع يعني لايجوز امر الامر مع العلم بانتفاء الشرط و انت لو احطت خبراً بما ذكرنا ان وقوع المأموربه ليس مراد الله مطلقاً ابداً لعلمت انه يصح الامر مع العلم بعدم وقوع المأموربه او احد من شروطه.
و قوله «في الصغري» الخ عطف علي «صحة الامر الحقيقي» يعني ان كان النزاع في الصغري و هو كلام مبهم و قد تخيل قياساً من الخاصة و قياساً من العامة و ذلك ان الفريقين اختلفوا في ان العبد مجبور في ارادته طاعة او معصية ام مختار فحكي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۵ *»
عن الاشاعرة انه مجبور و عن الخاصة انه مختار فعلي قول الاشاعرة تكون الارادة شرط الوجوب و علي قول الخاصة الارادة شرط الوجود و هما متفقان علي وقوع التكليف و العقاب علي الترك فالنزاع في صغري قياس المسألة و هي ان الارادة اضطرارية او الارادة اختيارية فالحق مع القائل بالاختيار فيخرج عن محل النزاع.
قوله «لكن لو سلمنا الصغري منعنا الكبري» فالصغري ما سمعت قال لكن لو سلمنا ان الارادة اضطرارية منعنا الكبري و الكبري هي وجود التكليف عند عدم الارادة فاستنتج الاشاعرة ان امر الامر مع العلم بانتفاء الشرط جايز و المصنف منع الصغري اولاً ثم قال ان سلمنا الصغري نمنع الكبري و الحال ان الكبري محل الاتفاق.
قوله «او في جواز التعليق» الخ عطف علي «صحة الامر» يعني ان كان النزاع في الامر التعليقي و هو مقابل التنجيزي الذي ذكر اولاً يعني مثل اِفْعَلْ ان قدرت و هو يعلم انه لايقدر هل يصح مثل ذلك ام لا فقال فالحق ان التوطيني الحقيقي جايز بانيكون المراد مقدمة الفعل توطيناً و اما ارادة الفعل فغيرجايز لانه سفه كما قال. نعوذ بالله من هذه الاحكام علي الله.
قال: ثم ثمرة النزاع قد تفرض فيما لو وجد المتيمم الماء و لميمض من الزمان مايتمكن من الوضوء فيه ففقده فهل يعيد التيمم ام لا و في وجوب القضاء و عدمه علي من دخل عليه الوقت و هو واجد للشرائط ثم زال الشرط قبل مضي زمان يسع الاتيان بالواجب و في لزوم الكفارة و عدمه علي من افطر ثم انكشف فقد شرط الوجوب واقعاً و في وجوب الحج و عدمه علي من منعه مانع في اثناء الطريق في عام الاستطاعة و في مثل النذر و الظهار الي غير ذلك من الموارد و للنظر فيها مجال.
اقول: هذه احكام فرّعها علي هذه الاراء و الاهواء من غير استناد الي كتاب و سنة و ماادري ماذا كان يقول اصحاب الرأي و بايّ شيء كانوا يحكمون من غير هذا حتي خرج فيهم كل ذلك اللعن و القدح من الائمة الطاهرين: و غرضه انا لو قلنا بانه لايجوز امر الامر مع العلم بفقد الشرائط قلنا بان الله لميكلف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۶ *»
العبد بشيء اذا علم الله فقد الشرائط و ان قلنا بجوازه قلنا بان الله كلفه فيجب العمل بمقتضي التكليف.
فمن فروع المسألة لو وجد المتيمم الماء و لميمض منه مقدار ما يتمكن من الوضوء فيه ثم فقد الماء فالله سبحانه كان يعلم انه يفقد الماء قبل زمان التمكن من الوضوء فهل امره بالوضوء فبطل تيممه او لميبطل و من فروعه وجوب القضاء فهل هو مأمور بالقضاء مع علم الله انه لايتمكن من الاداء ام لا و من فروعه لزوم الكفارة علي امرأة افطرت ثم حاضت هل كانت مأمورة بالصوم مع علم الله بانها تحيض فتكفّر او لمتكن فلاتكفّر و كذلك من عرضه مانع من الحج هل كان مأموراً به مع علم الله بانه يعرضه مانع ام لا و كذلك اذا نذر صوم يوم ثم عرضه مرض مثلاً هل كان مأموراً بصوم ذلك اليوم ام لا او ظاهر من امرأته و اراد المواقعة ثم عرضه عارض يمنعه عن الكفارة كضعف و عجز هل هو مأمور بالكفارة ام لا و امثال ذلك كثيرة و المصنف حكم في جميع ذلك برأيه و الواجب عليه الرجوع الي الكتاب و السنة فان وجد بلامعارض فهو و مع المعارض عليه العمل بالمعالجات المأثورة ان عرف العلاج و الا فالتوقف و ان لميجد شيئاً فالرجوع الي الاصول المأثورة و هذه ديدنهم و ليس من طريقة اهل اخر الزمان ببعيد و لولا خوف التطويل لذكرنا كلماته في الضوابط واحدة واحدة و اوضحنا لك عثراته و في ما ذكرنا كفاية و بلاغ و المنصف يكفيه حرف و المتعسف لايكفيه الف.
قال: اصل اذا اطلق المادة و لمتقيد بفرد خاص كصم و صلّ فمقتضي الوضع اللغوي طلب ايجاد الماهية من حيث هي من غير مدخلية الفرد للتبادر بضم اصالة عدم النقل و لاتفاق الكل فتأمل و لانه لو كان الموضوعله طلب الفرد لزم في مثل قولنا يجب عليك الصلوة اما النقل او تعدد الوضع او المجاز او التقييد او التجريد و الكل منفي بالاصل و لزوم التكرار او النقض لو صرح بارادة كل الافراد او بعضها فتأمل مضافاً الي دليل الحكمة.
اقول: مراده اذا قال الشارع صم او صلّ و لميقيده بصوم شخصي معين او
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۷ *»
صلوة معينة مشخصة فالمراد منه طلب ايجاد المهية يعني بها ما يسمي بالصوم او الصلوة من غير مدخلية الصورة الفردية الخاصة فان اسم الصلوة و الصوم موضوع لتلك المهية و استدل لذلك بالتبادر و قد قدمنا ان دلالة التبادر لاتزيد علي المعاني العرفية و لاتكفي هنا و ضم اليه اصالة عدم النقل و هي لاتكشف عن الحقايق الخارجية و باتفاق الكل و هو علم غيب و بانه لو كان الموضوع له طلب الفرد لزم النقل الي هذا المعني و هو خلاف الاصل او تعدد الوضع فكذلك او المجاز فكذلك او التقييد و ذلك انه اذا قال يجب عليك الصلوة فان اخذت الصلوة موضوعة علي الماهية و جعلت قرينة ارادة الفرد قوله يجب فهو تقييد لمطلق الصلوة و اما يكون قوله يجب قرينة وضع الواضع الصلوة لفرد خاص فهو مجاز و ان قيل ان ارادة الفرد معني يجب و معناه اعمل بفرد فيجب تجريده عن معناه اذا قال يجب عليك فرد الصلوة و الكل منفي بالاصل الذي عرفت مكرراً انه لايجوز اجراؤه في الامور الواقعية الخارجية و كذلك ان كان معني يجب كل الافراد يلزم التكرار اذا قال يجب عليك كل الافراد و النقض اذا قال يجب عليك بعض الافراد و عكس ذلك اذا كان معناه بعض الافراد.
و قوله «فتأمل» لامكان انيقال انه موضوع لفردما فلايلزم شيء من التكرار و النقض و كل ذلك استدلال بما لا اصل له علي مطلب له اصل.
و قوله «مضافاً الي دليل الحكمة» و مراده ان الكلي الطبيعي قد اختلف فيه فمنهم من قال انه ممكن الوجود في الخارج و موجود و قيل انه ممتنع الوجود في الخارج فالاصل مع الامكان من حيث الامكان و الامتناع و مع العدم من حيث الوجود في الخارج و عدمه و مقتضاهما الحكم بالامكان و عدم الوجود لكن لما قام الاجماع المركب علي تلازم الامكان و الوجود و تلازم عدم الوجود مع عدم الامكان حصل التعارض بين الاصلين فتساقطا و هذا وجه تأمله بدليل الحكمة الذي يضحك منه الثكلي و اين الحكمة و اين اجراء الاصول و اين الاجماع المركب و اين الحكمة و كيف حصل العلم بالاجماع المركب في المسائل الحكمية و اين دخول الامام فيه و اصل المنطق من النصاري ثم تداوله ايدي العامة العمياء ثم اغتر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۸ *»
بمزخرفاتهم بعض الشيعة الضعفاء و اعتبر من حال فقاهة تبتني علي هذه الكلمات غير المرتبطة.
قال: ثم الدالّ علي الطلب هو الهيئة و علي المهية هو المادة فهنا دالان و مدلولان للتبادر و لاتفاق القائلين بالوضع للطبيعة و لان الدالّ علي الطبيعة ان لميكن هو المادة فهو اما الهيئة او المركب و كلاهما منفيان بدليل الترديد.
اقول: مراده من المادة الصلوة مثلاً و الهيئة يجب عليك مثلاً الذي هو مفاد الامر و استدل علي ذلك بالتبادر و باتفاق القائلين و لا حجية في اتفاق اهل الرأي لاسيما في المسائل الاصولية مع انه علم غيب ادعاه و بانه ان لميكن الدالّ علي الطبيعة المادة وجب انيكون الدالّة الهيئة و لاتدل او المركب و هو منفي كالاول بدليل الترديد و هو ان كان الدالّ علي الطبيعة المادة فهو المطلوب و ان كان غيرها فهو اما الهيئة او المركب فان كان الهيئة فالمادة اما مهمل فلغو و ان كانت مستعملة فان كان معناها الطبيعة فلغو و ان كان غيرها فان قيل هو الفرد فلايدل عليه المادة و لا الهيئة و ان كان غيرها فعليك الاثبات و ان كان المركب فان كان كتأبط شراً فباطل اتفاقاً و ان كان كل جزء يدل علي جزء فان كان المادة تدل علي المهية فهو المطلوب و ان كان الهيئة ففيه ما مرّ هذه احتمالات ساقته اليه غزارة علمه و وسعة خياله.
قال: فمن يقول بتعلق الاحكام بالافراد لا الطبايع ان اراد وضع اللفظ لذلك فقد عرفت فساده او اراد قيام قرينة عقلية علي ارادة خلاف ما وضع له اللفظ فتلك القرينة العقلية اما ان الكلي الطبيعي ممتنع الوجود في الخارج فلايكلف بايجاده لانه تكليف بما لايطاق ففيه ان الحق وجوده في الخارج لوجوه سبعة بعضها دليل و بعضها مؤيد سلمنا انه لادليل علي وجوده لكن لادليل علي امتناعه ايضاً فيشك فيؤخذ بظاهر الخطاب السليم عن المعارض سلمنا امتناع وجوده لكن يكفي فيصحة تعلق الحكم به اعتقاد العقلاء و المكلفين بوجوده فلايلزم قبح علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴۹ *»
الامر لانه يقبل الفرد منالمكلف فلاتكليف بالمحال حقيقةً و لابأس بالاغراء الموقع في المقصود و يكفي تحقق الصفة الكامنة في نفس متعلق الامر او فيما هو المقصود بالذات من الامر نظير التوطيني ثم لو اراد من الفرد فرداًما ورد عليه انه ايضاً كلي.
اقول: يعني ان الذي يقول ان الاحكام تتعلق بالافراد فان اراد وضع اللفظ فقد بيّنا انه موضوع للمهية و ان اراد انه مستعمل فيها مجازاً فيحتاج الي قرينة فان كان له قرينة لفظية فلا كلام و ان قيل بالقرينة العقلية فان قيل انها امتناع الكلي الطبيعي في الخارج ففيه ان الحق وجوده لسبعة وجوه الاول بداهة ان البياض مشترك بين الثلج و اللبن مثلاً في الخارج الثاني حمل الكلي علي افراده و المحمول و الموضوع لابد من اتحادهما من حيث حتي يصح الحمل الثالث اشتراك افراد النوع الواحد في شيء خارجي و الا ماكانت مشتركة الرابع لاشك في انتزاع كلي من الافراد فان لميكن منتزع منه في الخارج فلا انتزاع الخامس اعتقاد اهل العقول ان الامتثال بالفرد امتثال بالمهية و صدور الاحكام علي متفاهم العرف السادس انه لولا الاخص في الخارج فالموجود هو الاعم و ان كان اخص فالاعم جزؤه السابع الاتفاق علي كون الفاظ الاجناس موضوعة علي الماهية فان كانت موجودة فهو و الا فالاسماء موضوعة للمعدومات.
و قد خلط المصنف عملاً صالحاً و اخر سيئاً و لسنا بصدد بيان الحق اذ ساير كتبنا مشحونة ببيان هذا المطلب ولكنا نشير بكلمات قليلة فنقول ان كان المراد من الخارج عرصة المتممات الشخصية فالكلي الطبيعي غيرموجود في الخارج و ان كان المراد ملك الله فالكلي الطبيعي موجود في ملك الله و ان كان المراد غير الذهن فالكلي الطبيعي موجود في الخارج ايضاً ولكن ليس عرصة الكلي الطبيعي الزمان و ليس زمانياً لانه يظهر في جميع الافراد الماضية و الاتية و ليس بمأخوذ فيه زمان معين فمكانه فوق عالم الزمان و الصور المتممة الشخصية مرايا ظهوره يظهر في كل مرءاة بمثاله و ظهوره فاللفظ يوضع للمهية الدهرية ولكنها مقرونة بالفرد ظاهرة به في دار التكليف العرضي الظاهري فما لميوجد فرد في الزمان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۰ *»
لميوجد الكلي في الدهر و انت لاتقدر علي اتيان الماهية في الدهر الا انتأتي بالفرد في الزمان كما ان الله سبحانه لميخلق الماهية الا في حلية الفرد الخاص فاذا امرت بالماهية في عرصة الافراد فقد امرت باحداثها في حلية الفرد ببداهة الاسلام و العقل و وجب عليك اتيانه و علي ذلك جري الشرع و الدين بل ضرورة جميع العالمين و علي ذلك جري جميع الاخبار بحيث ليس عليها غبار و لولا خيالات الاغيار لميكن هذه المسألة محل كلام عند اهل الاعتبار.
و قوله «لابأس بالاغراء» الي اخر جواب عن بحث بعد تسليم امتناع الكلي في الخارج انه لايلزم اغراء بالجهل من وضع اللفظ علي المعدوم فان هذا الاغراء يؤدي الي المقصود و هو العمل بالفرد.
و قوله «و يكفي تحقق الصفة الكامنة» الي اخر دليل اخر علي فرض تسليم الامتناع ان صفة المهية متحققة في متعلق الامر اي الفرد و هو المقصود بالذات من الامر نظير الامور التوطيني.
قوله «ثم لو اراد» الخ يعني ان قيل ان اللفظ موضوع علي فردما فهو ايضاً كلي و يكون كأنيكون موضوعاً للمهية.
قال: و اما ان متعلق الحكم لابد و انيكون فعل المكلف بلاواسطة اذ تعلق الامر بالمسبب الذي هو الكلي دون سببه الذي هو الفرد مستلزم اما للتكليف بالمحال او لتحصيل الحاصل او لهما معاً مضافاً الي ان موضوع الفقه فعل المكلف و الحكم خطاب الله تعالي المتعلق بفعل المكلف و المسبب كالكلي ليس فعلاً للمكلف بل اثر فعله فلايمكن تعلق الحكم به ففيه ان الكلي و الفرد موجودان بوجود واحد لا احدهما سبب للاخر فكلاهما من فعل المكلف بلا واسطة مع النقض بالواجبات المطلقة بالنسبة الي شروطها الوجودية فانه مستلزم اما للتكليف بالمحال او لانقلاب الواجب المطلق مشروطاً او لهما مع ان الامر بالمسبب حال عدم السبب لا بشرط عدمه و ان المقدور بواسطة مقدور و ان الافعال التوليدية فعل الشخص حقيقةً و ان موضوع الفقه فعل المكلف و لو كان بالواسطة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۱ *»
اقول: قوله «و اما» عطف علي قوله «اما ان الكلي الطبيعي» يقول القرينة العقلية علي ارادة الفرد ان كانت هذا التحقيق و هو ان متعلق الحكم لابد و انيكون فعل المكلف بلاواسطة و الذي بينه و بين المكلف واسطة لميكلف به لوجهين احدهما ان الكلي مسبب و سبب الوصول اليه الفرد فان تعلق الامر بالمسبب دون سببه فهو تكليف بالمحال ان لميكن سببه موجوداً و ان كان موجوداً فالمسبب موجود فتعلق الحكم لتحصيل الحاصل لغو و ان تعلق بهما معاً فتعلقه بالمسبب ممنوع فهو متعلق بالسبب و يضاف الي ذلك ان موضوع الفقه فعل المكلف و الحكم خطاب الله المتعلق بافعال المكلفين و المسبب ليس فعلاً للمكلف بل اثر فعله فلايمكن تعلق الحكم به.
فان قيل ان القرينة هذا البيان فقال المصنف ففيه ان الكلي و الفرد موجودان بوجود واحد لا احدهما سبب للاخر فكلاهما من فعل المكلف بلاواسطة و قداصاب الخطاء في انه ليس احدهما سبباً للاخر و اصاب في ان وجودهما واحد ان اراد بالوجود التمثل الخارجي العرفي و اما قول اولئك ان الكلي مسبب و الفرد سبب فلو قيل بالعكس كان اصوب فان الكلي مؤثر و منير و الفرد اثره و شعاعه.
ثم نقض ذلك بالواجبات المطلقة بالنسبة الي شروطها الوجودية كاقم الصلوة مثلاً فانه ان كان امراً بالصلوة حال عدم الطهارة فتكليف بالمحال و ان كان امراً بها حال وجود الطهارة فانقلب المطلق مشروطاً و ان كان بهما في الحالتين يستلزم المحال ايضاً ثم حل بان الامر بالمسبب حال عدم السبب لا بشرط عدمه و المقدور بالواسطة المقدورة مقدور و الامتناع بالاختيار لاينافي الاختيار و اجاب عن ان المسبب اثر الفعل ان الافعال التوليدية كالمسببات فعل الشخص حقيقةً و عن قولهم ان موضوع الفقه فعل المكلف بانه موضوع و لو كان بواسطة.
قال: و اما ان الحسن و القبح بالوجوه و الاعتبارات و لازمه تعلق الحكم بالفرد او الصنف ففيه ان اطلاق القول بالوجوه فاسد كماستعرف في الادلة العقلية سلمنا انه لادليل علي بطلانه لكن لادليل علي صحته ايضاً فيؤخذ بظاهر اللفظ نعم لو
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۲ *»
لميكن لفظ في البين فالمرجع في مقام الثمرات الاصول الفقاهية سلمنا صحته لكن من جملة الاعتبارات المحسنة العلم و الجهل و قدعرفت ان اعتقاد العقلاء ان المطلوب هو الطبيعة فتأمل سلمنا لكن لا دليل علي اشتراط كون الصفة في نفس المأموربه كما مرّ فتأمل ثم لا فرق فيما ذكر بين الامر و ساير الاحكام نعم في الاباحات و النواهي يفهم الاستغراق و لا بين التكليفيات و الوضعيات لكن يفهم في الاخير سريان الحكم في جميع الافراد.
اقول: اعلم انهم اختلفوا في حسن الاشياء و قبحها انهما امران واقعيان و يدركهما العقل او ليسا واقعيين بل هما من وضع الشارع فما امر به فهو حسن شرعي و ما نهي عنه فهو قبيح شرعي و القائلون بانهما عقليان اختلفوا في انهما في ذوات الاشياء او في صفاتها اللازمة او بالوجوه و الاعتبارات الخارجة عن الذوات و الصفات اللازمة فيتغيران بالوجوه العارضة و الاعتبارات و يأتي تفصيل المسألة في محلها انشاءالله و هاهنا يقول ان قيل انهما بالوجوه و الاعتبارات الخارجة و هو قرينة كون متعلق الاوامر الافراد ففيه ان هذا القول علي الاطلاق باطل كما يأتي في محله و ان سلمنا انه لادليل قطعياً علي بطلانه لادليل ايضاً علي صحته فيؤخذ بظاهر اللفظ اذا لميكن قرينة علي ارادة الافراد و ظاهر اللفظ كونه موضوعاً للمهية و لو لميكن لفظ في البين فالمرجع الاصول الفقاهية و اصل الاشتغال مع الاعتباريين و ان سلمنا انهما بالوجوه و الاعتبارات لكن من جملة الاعتبارات العلم و الجهل و قد عرفت ان اعتقاد العقلاء ان المطلوب هو الطبيعة فمتعلق الامر مايعلمون و هو الحسن.
و قوله «فتأمل» وجه التأمل انه يمكن انيقول القائل بالوجوه انه لا مدخلية للعلم و الجهل فمع ذلك يقول ما المانع من كون الحسن في الفرد و معذلك يكون متعلق الحكم الطبيعة نظير التوطينيات و لعل المصلحة الاعلام بجواز اجتماع الامر و النهي و انه لو اتي بالمهية في ضمن محرم كان ممتثلاً من حيث و معاقباً من حيث.
ثم قال «سلمنا» الي اخر يعني ان سلمنا كون الحسن في الفرد لا دليل علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۳ *»
اشتراط كون الحسن في نفس المأموربه فما المانع من كون المأموربه مع ذلك الطبيعة فتأمل وجه التأمل بعد ذلك عرفاً انيكون الحسن في شيء و المأموربه شيء ليس فيه حسن.
قوله «ثم لا فرق فيما ذكر» الي اخر اي مقتضي الوضع في جميع ذلك الطبيعة و مقتضي العقل جواز تعلق الحكم بالطبيعة و بالافراد و ان الظاهر من الالفاظ الطبيعة عند العقلاء نعم في الاباحات و النواهي يفهم الاستغراق فلو قال الشارع لابأس باكل اللحم مثلاً يفهم منه جميع الافراد او اذا قال لاتأكل اللحم فكذلك.
قوله «و لا بين التكليفيات و الوضعيات» اي لا فرق بينهما لانهما ايضاً لاتخلو من مصالح و مفاسد فالعقل يحكم بجواز كون متعلق الفاظهما الطبيعة و الافراد و الالفاظ ظاهرة في الطبيعة لكن يفهم في الوضعيات سريان الحكم في جميع الافراد.
هذا مراده من هذه العبارات و ثمرة هذا النزاع انه اذا صلي الانسان في المكان المغصوب مثلاً هل صلوته صحيحة ام لا فمن قال ان الامر متعلق بماهية الصلوة يقول قد اتي بالمأموربه و النهي متعلق بالغصب فهو مطيع عاص و من قال ان الامر متعلق بالفرد و هذا الفرد كمايكون من افراد الصلوة يكون من افراد الغصب فاجتمع فيه الامر و النهي و امتثالهما مما لايطاق و هو غيرجايز كما يأتي فهي باطلة.
و اعلم ان الحق في المسألة ان اسماء الاجناس و الاوامر موضوعات علي المٰهيات من حيث هي و يشهد بذلك تصريحات اهل اللغة من دون تعرض للافراد و العرف و انه لو قال السيد لعبده تصدق فبأي شيء تصدق يقال انه امتثل بالبداهة ويشهد صريحاً بذلك ما روي انه سئل ابوجعفر7 عن رجل تزوج عبده بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع علي ذلك مولاه قال ذاك لمولاه ان شاء فرّق بينهما و ان شاء اجاز نكاحهما الي ان قيل له فانه في اصل النكاح كان عاصياً فقال ابوجعفر7 انما اتي شيئاً حلالاً و ليس بعاص لله انما عصي سيده و لميعص الله ان ذلك ليس كاتيان ما حرّم الله من نكاح في عدة و اشباهه ففيه تصريح لاهل الدراية ان مثل قولهم: النكاح جايز شامل لاصل ماهية النكاح و لذا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۴ *»
لميعص الله في ماهية النكاح و لو كان المراد من النكاح الافراد لكان هذا الفرد اما داخلاً في اصل النكاح الجايز و كان جايزاً او خارجاً و كلاهما باطلان بالبداهة فهو كان في اصل النكاح مطيعاً غيرعاص و انما العصيان في خصوص الفرد بالنسبة الي سيده فعلم ان النكاح كان موضوعاً علي اصل الماهية و لذا فرّق بين ما عصي فيه و ما اطاع.
و عن ابيعبدالله7 في مملوك تزوج بغير اذن مولاه أعاص لله قال عاص لمولاه قيل حرام هو قال ماازعم انه حرام و نوله انلايفعل الا باذن مولاه انتهي و لو كان المراد من النكاح الفرد لكان هذا الفرد اما حراماً و اما حلالاً كما مرّ و قدعرفت بطلانهما فحينئذ يكون المهية حلالاً و لذا قال ماازعم انه حرام و اما تركه الاستيذان في هذا الفرد فخلاف و نوله انيفعل باذن سيده فهو عاص لسيده لا لله فهو مطيع في المهية عاص في عدم الاستيذان.
و سئل ابوجعفر7 عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرّق بينهما قيل اصلحك الله ان الحكم بن عتيبة و ابرهيم النخعي و اصحابهما يقولون ان اصل النكاح فاسد و لاتحل اجازة السيد له فقال ابوجعفر7 انه لميعص الله انما عصي سيده فاذا اجازه فهو له جايز انتهي و من البين ان تحليل النكاح كان من الله و العبد اطاع الله في تحليل الله و ليس للمولي انيحلل النكاح و يحرمه و انما عصي سيده حيث انه لميك مؤذناً له في هذا النكاح و اتي بهذا الفرد الذي اختياره بيد السيد فهو مطيع لله في المهية عاص لمولاه في الفرد و لو كان النكاح موضوعاً للفرد و احله الله فقد احل الفرد و ان كان الفرد حراماً كان النكاح حراماً و علم من هذا الحديث ان كون اللفظ موضوعاً للفرد كان مذهب العامة و انكر الامام7 مذهبهم.
ثم اعلم ان المتصور هنا اربعة اقسام اذكرها في ضمن المثال و هو ان الخشب طيب بحكم الله عزوجل و العذرة رجسة فمرة تصنع الخشب علي صورة الضريح فهو طيب المادة طيب الصورة و مرة تصنع الخشب علي صورة الصنم فهو طيب المادة في الاصل خبيث الصورة و انت تهينه لاجل صورته و هو صنم و مرة تصنع من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۵ *»
العذرة صورة شاة مثلاً فهي خبيث المادة طيب الصورة و انت تجتنبه لخبث مادته و مرة تصنع من العذرة صورة صنم فهي خبيث المادة و الصورة و تجتنبه لمادته و صورته و كذلك الامر في الافعال فمرة تأكل العنب مثلاً في بيتك او تنكح اجنبية علي كتاب الله و سنة نبيه9 و مرة في مكان مغصوب او ينكح العبد اجنبية علي كتاب الله و سنة نبيه9 من غير اذن سيده و مرة تشرب الخمر في بيتك او تنكح علي ظاهر الشرع ذات بعل و مرة في المغصوب او يزني الرجل بامه و انت في المقام الاول مطيع في الامرين و في الثاني مطيع في امر عاص في امر و كذا في الثالث و في الرابع عاص في امرين و ليست هذه الاقسام سواءاً لا في العرف عند العقلاء و لا عند الشارع و عند الله عزوجل و لا في الثواب و العقاب و الالفاظ التي وقع بها التحليل و التحريم انما تعلق بالماهيات كقوله احلّ الله البيع و حرّم الربوا فان البيع اذا فسروه في اللغة يفسرونه بماهية لابشرط ذكر فرد و كذا الربوا و لا احد يفهم منهما الفرد او الافراد الا الموسوسون في علم الاصول و ان كان الاتيان بالمهية مجردة عن صورة الافراد لايمكن الا في الافراد و انما جعل الشارع متعلق الحكم المهية تسهيلاً للمكلفين فانه لايمكنهم ضبط حكم كل فرد فرد بالسمع و النطق فعلّق الحكم بالمهية حتي يأتوا بها في ايّ فرد لمينه عنه بخصوصه و يمكنهم ضبط الحكم كما قالوا انما علينا اننلقي اليكم الاصول و عليكم انتفرعوا فمهية البيع مثلاً حلال و لكن الفرد الخاص الواقع في وقت النداء حلال من حيث البيع فانه ليس كالبيع الربوي و حرام ايقاعه عند النداء و مع ذلك ليس كالبيع الربوي عند النداء فانه حرام من جهتين و كذلك الامر في الصلوة في الارض المغصوبة فهي حلال من حيث الصلوة اذ ليس كشرب الخمر في المكان المغصوب و حرام ايقاعه في المكان المغصوب.
ثم اعلم ان الله كلف العباد بما يستطيعون و بما يطيقون لا بما لايستطيعون فانه ليس من العدل و قال فاتقوا الله ما استطعتم و قال لايكلف الله نفساً الا وسعها و الانسان لايقدر علي فعل المهية بصرافتها فليس مكلفاً بها بصرافتها يقيناً و انما يتمكن منها في الصورة الشخصية الدنياوية فيجب عليه اتيان المهية في الصورة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۶ *»
الشخصية فيجب عليه اتيانها فيها فان كانت الصورة محللة عليه فلا كلام فيه و ان كانت محرمة فلايعقل انيكون مأموراً باتيان المهية في الصورة المنهيعنها لان المواد تنقلب في الصور كما تري ان مادة الكلب من العناصر الطيبة و تنقلب نجساً في صورته و اذا استحال ملحاً انقلبت المادة الي الطهارة و صار مأكول الانبياء و الاولياء ألاتري ان الامام لو رأي مصلياً في المكان المغصوب زبره و طرده و اخرجه منه البتة و ان لميكن النهي لاجل الصلوة ألاتري ان النهي عن الغصب ايضاً عن مهيته و مع ذلك تنهي عن كل فرد لانه لايتحقق الغصب الا في الافراد و هذه الصلوة فرد من افراده و ان لمتنه عنه لميجز لك النهي عن فرد منه اذاً.
ألمتسمع ما روي ان رسول الله9 مرّ برجل يبري مشاقص له في المسجد فنهاه عنه و قال انها لغير هذا بنيت مع ان البري محلل و ايقاعه في المسجد منكر فنهاه عن البري و لمينهه عن الكون في المسجد و قال ابوذر لرسول الله9 كيف يعمر مساجد الله قال لاترفع الاصوات و لايخاض فيها بالباطل و لايشتري فيها و لايباع الحديث فنهي عن رفع الصوت و الشراء و البيع فيه مع انها محللة و انما نهي عنها لايقاعها في المسجد و قال علي7 البزاق في المسجد خطيئة مع ان البزق في نفسه حلال و انما ايقاعه في المسجد خطيئة فنهي عنه و روي انه نهي رسول الله9 انينشد الشعر او تنشد الضالة في المسجد و هما في انفسهما جايزان و نهي رسول الله9 عن رطانة الاعاجم في المسجد مع انها في نفسها جايزة قال ابوعبدالله7 لايجوز للرجل انيحتبي مقابل الكعبة و من هذا الباب البول و الجماع قبال القبلة و البول قبال الشمس و القمر و الجماع في الاوقات و الامكنة المذمومة و امثالها الي ما شاء الله و في جميعها يكون المهية محللة و انما النهي من حيث الفرد و الخصوصية فنهوا عنها لانه لايعقل الامر بالماهية في ضمن فرد منهيعنه و ان كان متعلق التحليل هو المهية و الصورة الشخصية هي المنهيعنها الا ان المهية اذا ظهرت بهذه الصورة و هذه الصورة منهيعنها سري النهي الي الماهية
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۷ *»
لان الفرد تمثل الماهية و هما من حيث التمثل الخارجي واحد و ليس بناء الشرع علي التدقيقات الفلسفية كمامثلنا لك ان الخشب طيب ولكن اذا تصور بصورة الصنم وجب اهانته و من اجل ذلك احل للمولي اذا لميرض بنكاح العبد بغير اذنه تفريقهما و كان النكاح بلا رضاه فاسداً مع انه لميعص الله.
و وجه اخر انه كما ان الصلوة المعينة فرد من افراد ماهية الصلوة الحركات المعينة ايضاً تصرفات في مال الغير و فرد من افراد ماهية الغصب و يجب النهي عنها غاية الامر ان هذه الحركات من حيث متوجهة الي مهية الصلوة و اعطتها اسمها و حدها و من حيث متوجهة الي ماهية الغصب و اعطاها اسمه و حده و يجب نهيه عن هذه الحركات باعيانها في الخارج و يجب عليه تركها لانها في الوجود الخارجي العرفي امر واحد و قد روي مااجتمع الحلال و الحرام الا غلب الحرام الحلال.
و اما ما روي انه ماحرّم حرام حلالاً قط و كذا ما روي انه لايحرم الحلال الحرام وكذا ان الحرام لايفسد الحلال و الحلال يصلح به الحرام فلاينافي ما ذكرنا فان الحلال ماهية الصلوة و الغصب لايحرم الماهية ولكنهما اجتمعا في هذا الفرد فغلب الحرام الحلال و يؤيد ذلك قول علي7 لكميل انظر فيما تصلي و علي ما تصلي ان لميكن من وجهه و حلّه فلاقبول و يؤيد ذلك ايضاً انا لمنجد في الشريعة موضعاً يكون الصورة محرمة و المهية محللة و تكون ممضاة.
و ان قلت و كذلك يقول الخصم انه يكفي انه لميرد نص ببطلان الصلوة في المكان المغصوب قلت بلي قد ورد النص و هو ما روي من غوالي اللئالي عن الصادق7 في حديث الخمس نبيح لهم المساكن لتصح عباداتهم و نبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم و نبيح لهم المتاجر لتزكو اموالهم الخبر و هو موافق لمشهور عمل الاصحاب و عمل به مشايخنا الاطياب و هو مؤيد بالادلة التي سمعت و تسمع من انه يوافق الاحتياط فلاضير ان لميكن الكتاب من الكتب المصححة.
و كذلك الامر اذا كان الماهية محرمة و الصورة الفردية محللة لان الصورة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۸ *»
هنا لاتبلغ بالماهية الي الاستحالة فتطيبه كاستحالة الكلب في الملاحة و انما يكون ككلب تلطخ بالملح و هو باق علي مادته فليس يحل و يدل علي ذلك روايات لاتحصي و منها ما سئل ابوعبدالله7 عن رجل اصاب مالاً من عمل بنيامية و هو يتصدق منه و يصل منه قرابته و تحج ليغفر له ما اكتسب و يقول ان الحسنات يذهبن السيئات فقال ابوعبدالله7 ان الخطيئة لاتكفر الخطيئة و ان الحسنة تحط السيئة و كذا قال7 لمن سرق رغيفتين و رمانتين و تصدق بها قال انك لماسرقت رغيفتين كانت سيئتين و لماسرقت الرمانتين كانت ايضاً سيئتين و لمادفعتهما الي غير صاحبهما بغير امر صاحبهما كنت انما اضفت اربع سيئات الي اربع سيئات و لمتضف اربعين حسنة الي اربع سيئات الحديث انظر انه7 لما اجتمع معصية الغصب و الصدقة غلب الحرام علي الحلال و لذا قال الله عزوجل و انفقوا من طيبات ما كسبتم و قال و لاتيمموا الخبيث منه تنفقون و لستم باخذيه الا ان تغمضوا فيه وقال ابوعبدالله7 لو ان الناس اخذوا ما امرهم الله به فانفقوه فيما نهاهم الله عنه ماقبله منهم و لو اخذوا ما نهاهم الله عنه فانفقوه فيما امرهم الله به ماقبله منهم حتي يأخذوه من حق و ينفقوه في حق و من هذا الباب جميع الاخبار الواردة في صنوف السحت و السفاح فانها كلها باطل في لباس حق و حرّمت لاجل ماهياتها المحرمة.
بالجملة الظاهر انه لا خفاء في ذلك فاذاً الحق ان الالفاظ موضوعة للماهيات و هي متعلقة الاحكام ولكن الامتثال لايتحقق الا في العمل بالفرد فان كان المهية محللة عملها فهو و الا فالعمل باطل تغليباً للحرام بمقتضي النص سواءاً كان صورة الفرد محللة او محرمة و لايعقل اجتماع الامر و النهي في موجود واحد عرفي خارجي و العدل الحكيم اجل من انيأمر بشيء و ينهي عنه في حال واحد و ان اجتمعا باختيار المكلف فالغلبة للحرام و التدقيقات الحكمية و ملاحظة الحيوث و الاعتبارات الفلسفية لاتجري في الشريعة و المدار علي العرف و مع ذلك قد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵۹ *»
سمعت النصوص و رأيتها مطلقة و مقيدة قدتواردت علي ذلك.
قال: اصل هل الامر يقتضي الاجزاء ام لا وجهان و الاجزاء لغةً الكفاية و اصطلاحاً قد يعرف بانه اسقاط القضاء اي مطلق التدارك و لو شأناً او بانه اسقاط التعبد بالمأموربه اي في الجملة بخلاف الاول فان المراد منه الاسقاط المطلق ثم المراد بقولهم يقتضي الاجزاء هل هو ان الامر يقتضي سقوط التعبد به ثانياً فيكون عدم الاقتضاء انه يدل علي عدم سقوط التعبد به مطلقاً او في الجملة او لايدل علي السقوط او ان الامر لايقتضي الاتيان بالمأموربه ثانياً اي لايدل علي لزوم الاتيان به ثانياً و عدم الاقتضاء حينئذ اقتضاؤه الاتيان بالفعل ثانياً مطلقاً او في الجملة او ان الامر يدل علي عدم صحة الامر به ثانياً و عدم الاقتضاء حينئذ انه يدل علي صحة الامر به ثانياً او لايدل علي احد الطرفين وجوه اظهرها الاول و مراد المنكر انه يدل علي عدم السقوط في الجملة.
اقول: هذه تشقيقات و احتمالات لاتسمن و لاتغني من جوع و لا فائدة فيها بوجه من الوجوه الا انه لابد للشارح من بيان المراد منها.
قوله «قديعرف» الي اخر يريد انه قد يعرف الاجزاء بانه اسقاط القضاء اي مطلق التدارك سواء كان علي نحو الاعادة في الوقت او القضاء خارج الوقت و لو شأناً اي يكون من شأنه ذلك كالمخصوص بوقت كصلوة العيد مثلاً و ذلك تفسير بالمجاز الذي لايجوز في التعريف و انما اراد بذلك الجمع بين التعريفين او بانه اسقاط التعبد بالمأموربه ثانياً في الجملة اي و لو امر بالتعبد بالاعادة بخلاف الاول فان المراد الاسقاط مطلقاً ظاهراً و واقعاً و في الوقت و في خارج الوقت.
قوله «ثم المراد بقولهم» الخ اي قولهم يقتضي الاجزاء هل هو ان كلمة افعل يقتضي و يدل علي سقوط التعبد به ثانياً فعلي هذا عدم الاقتضاء دلالته علي عدم سقوط التعبد به او عدم دلالته او ان كلمة افعل لايدل علي اتيان المأموربه ثانياً فعلي هذا عدم الاقتضاء دلالته علي الاتيان بالمأموربه ثانياً او كلمة افعل يدل علي عدم صحة الامر به ثانياً فعلي هذا عدم الاقتضاء انه يدل علي صحة الامر به
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۰ *»
ثانياً او ان كلمة افعل لايدل علي احد الطرفين اي لايدل علي الصحة و لا علي عدم الصحة قال اظهرها الاول و هو خطاء محض لا شائبة فيه و الحق ان الامر يدل علي الايجاب فقط و ليس فيه ذكر شيء من ذلك لا لغةً و لا عرفاً و لا شرعاً بوجه من الوجوه و انما المسقط للاعادة و القضاء هو الامتثال و هو فعل العبد يعني اذا اوجب الشارع بامره شيئاً فان امتثل المكلف بما امر علي ما امر ظاهراً كامل الشروط فهذا الامتثال يقتضي الاجزاء و سقوط الاعادة و القضاء ظاهراً و واقعاً اما ظاهراً فانه كلف بشيء و اتي واما واقعاً فان العبد مكلف بما يعلم فان من عمل بما علم كفي ما لميعلم كما قال ابوعبدالله7 و قال علي7 ماابالي أبول اصابني او ماء اذا لماعلم وذلك ان الله لايكلف نفساً الا ما اتاها اي ما عرّفها.
و الدليل علي ان الامر للايجاب و الامتثال هو المسقط قول ابيعبدالله7 اعلموا انه انما امر و نهي ليطاع فيما امر به و لينتهي عما نهي عنه فمن اتبع امره فقد اطاعه و قد ادرك كل شيء من الخير و من لمينته عما نهي الله عنه فقد عصاه فان مات علي ذلك اكبه الله علي وجهه في النار الخبر فالامر و النهي للايجاب و الطاعة سبب ادراك كل خير و العصيان سبب دخول النار ان مات علي ذلك من غير تدارك و الامتثال طاعة و الطاعة سبب النجاة و ترك الطاعة معصية و المعصية سبب الهلاك و جميع ما قال المصنف نفخ في غير ضرام بلا كلام و نعوذ بالله من زلة الاقدام و ضلة الاحلام.
قال: ثم ان المأموربه اما واقعي اختياري كالصلوة بالطهارة المائية او واقعي اضطراري كالصلوة متيمماً او ظاهري شرعي كما في العمل بالاستصحاب او ظاهري عقلي كتكليف الساهي في الصلوة بمعتقده و لا نزاع في اقتضاء الاجزاء في الاول مطلقاً اتفاقاً و لا في ساير الاقسام قبل كشف الفساد او التمكن من المبدل بل فيها بعد احدهما.
اقول: ان المأموربه اما واقعي خطاء محض و ليس في الشرع شيء يكون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۱ *»
الانسان مكلفاً بالواقع بل جميع ما امر به في الشرع علي حسب علم المكلف او ظنه و ذلك ان الله سبحانه نفي التكليف الواقعي في قوله لايكلف الله نفساً الا ما اتاها اي ما عرّفها و قال ابوعبدالله7 ماحجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و قال ابوجعفر7 ان الله احتج علي الناس بما اتاهم و عرّفهم و من المرفوعات عن هذه الامة ما لايعلمون و يروون ان المرء متعبد بظنه فلااحد مكلف بالواقع و لا تكليف واقعياً و جميع ما كلّف العباد به ظاهري شرعي فما علمه بولاً يجب الاجتناب عنه حيث يجب و ان كان ماءاً واقعاً و ما علمه ماءاً لايجب و ان كان بولاً واقعاً و كذلك الصلوة ما علم انه فرض عليه فيها اجتهاداً يجب عليه الاتيان به و ان كان خاطئاً في اجتهاده و ما علمه غيرواجب لايجب عليه فعله و ان كان واجباً واقعاً بل الواقع في التكليف هو ما علمه المكلف و ليس عليه تكليف و الزام فيما لايعلم فلا واقع للتكاليف الا ما علمه و ليس علي من لايعلم شيء كما قال ابوجعفر7 في حديث فمن جهل وسع له جهله حتي يعرفه فاذا عرف تحريمه حرم عليه و وجب فيه العقوبة اذا ركبه الخبر و سئل ابوعبدالله7 عمن لميعرف شيئاً هل عليه شيء قال لا انتهي و الذي اهلك هؤلاء العجلة و المبادرة بالقول بعقولهم و ما يخطر ببالهم و عدم الرجوع الي اخبار المحمد: الذين هم معدن العلم و مستقاه قال ابوجعفر7 قـال رسول الله9 انما اهلك الناس العجلة و لو ان الناس تلبثوا لميهلك احد و قال قـال الاناة من الله و العجلة من الشيطان بالجملة لا فرق بين ما علمت انه تنجس بالبول او هو نجس استصحاباً بعد الشك في الزوال بالغسل فهذا حكم من الله في الشرع علي المشكوك و ذلك حكم من الله علي المعلوم عندك و ان كان خطاءاً في الواقع حكماً او عيناً.
و قوله «او ظاهري عقلي» الخ ان كان مراده ان الساهي مأمور بمعتقده بالعقل المحض فالحاكم العقل دون الشرع فذلك خطاء فانا لسنا بامة العقل و تواتر الاخبار بالنهي عن العمل بالعقول و هذا مراده و ان اريد به ان العقل ايضاً يحكم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۲ *»
بذلك فلربما العقل يحكم بساير الشرعيات ايضاً فلا معني لتخصيصه بالعقل.
و قوله «و لا نزاع في اقتضاء الاجزاء» الخ ان كان يريد اقتضاء الامر ففيه نزاع كثير كماعرفت و ان كان يريد اقتضاء الامتثال بحسب علمه و لايريد ففي الكل مجزئ قبل كشف الفساد و اما بعد كشف الفساد فاقتضاء الامر الايجاب و هو باق علي حاله لميزل بسبب هذا الامتثال و اصل الاشتغال يقتضي التعبد به ثانياً الا انيدل دليل شرعي علي عدم وجوب الاعادة كمن صلي بانحراف قليل عن القبلة فانه لايعيد بدليل او كان مكشوف العورة و هو لايعلم.
و قوله «ولا في ساير الاقسام» الخ يريد انه لا نزاع في اقتضاء الامر الاجزاء في الثلثة الاخر قبل كشف الفساد عن الاخيرين او التمكن من الوضوء في الاول و في قوله «مبدل» عجمة.
و قوله «بل فيها» يعني بل النزاع في الثلثة الاخر بعد كشف الفساد عن الاخيرين او التمكن من المبدلعنه.
قال: ثم في كون النزاع في الدلالة اللفظية ام العقلية ام الاعم و في الامر اللفظي او الاعم وجوه تظهر من طي الادلة ثم انه يجوز اجتماع كل من القول بالاجزاء و عدمه مع القول بالمرة و التكرار و الطبيعة كماهو واضح بل القول بالتكرار يجري حتي في الواقعي الاختياري بخلاف مسألة الاجزاء و النسبة بين هذا النزاع و نزاع تبعية القضاء للاداء عموم من وجه و في مادة اجتماع النزاعين يكون النسبة بين القول بكل من الاجزاء و عدمه مع كل من قولي كون القضاء بالفرض الاول او الجديد عموماً من وجه.
اقول: ثم قال ان في كون النزاع في الدلالة اللفظية اي ان لفظ الامر يدل علي الاجزاء او يفهم العقل عند سماع الامر او اعم من انيكون لفظياً او عقلياً و كذا في كون النزاع فيما اذا كان الامر ملفوظاً او اعم من اللفظي و اللبي وجوه و قد اصاب الخطاء و قد عرفت ان اللفظ لايدل ابداً و انما الاجزاء اقتضاء امتثال العبد و قوله «ام العقلية» ليس هيهنا محل ام و انما هو محل او و كذا في ام الاعم.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۳ *»
ثم قال ان القول باقتضاء الامر التعبد بالمأموربه ثانياً ليس من باب ان الامر للتكرار بل يجتمع هذا القول مع القول بالمرة و مع القول بالتكرار و مع القول بانه لطبيعة العمل بل القول بالتكرار يجري في كل امر حتي في مثل صلّ صلوة الظهر و اما الاجزاء لايجري في الواقعي الاختياري.
ثم قال و النسبة بين هذا النزاع و نزاع تبعية القضاء للاداء عموم من وجه و هذا كمال المصنف انيستخرج النسب بين الاقوال لانها لاتفيد شيئاً بالجملة يقول لو انكشف الفساد قبل خروج الوقت يجري مسألة الاقتضاء دون القضاء و لو ترك الاتيان بالمأموربه يجري القضاء دون الاقتضاء و لو صلي بظن الطهارة و انكشف عدمها بعد خروج الوقت يجري النزاعان.
قوله «و في مادة اجتماع النزاعين» الخ اراد تصوير اربع صور لاتفيد في الدنيا و لا في الدين و هو ان الصلوة حين فعلها بظن الطهارة قبل كشف الفساد هل هي فائتة ام لا فقيل ان الامر يقتضي الاجزاء فلا فوت و قيل لايقتضي فهي فائتة فعلي فرض الفوت ينازع ان القضاء بامر جديد او بالامر الاول فمن قال بالامر الاول قال وجب القضاء و من قال بالامر الجديد ينظر الي الدليل الخارجي و يمكن انيقال علي هذا الفرض يجب القضاء سواءاً قلنا ان القضاء بفرض جديد او بالفرض الاول فان الفرض الجديد موجود و هو عموم ما امر بقضاء ما فات و علي فرض الاجزاء يحكم بعدم الفوت فلا قضاء سواءاً قلنا ان القضاء بالامر الاول او الثاني. بالجملة لاشيء في هذه التشقيقات و لاعلم و لافائدة الا صرف العمر الشريف و لذا نكتفي بالاشارة فيها.
قال: ثم الاصل في المسألة من حيث اللفظ و العمل واضح لمن تدبر و اما الحق في المسألة ففي الواقعي الاضطراري هو الاجزاء للاصل و بناء العقلاء و فهم العرف و كذا الظاهري الشرعي للاخيرين دون الظاهري العقلي للاصل و بناء العقلاء.
اقول: اما الاصل في المسألة عندهم فعدم الدلالة و التوقف لان دلالة اللفظ
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۴ *»
توقيفية و اما في الاجزاء و عدمه فليس الاصل عدم الاجزاء لانه قد ثبت ان الامر يدل علي سقوط اتيان المأموربه ثانياً خلافاً للاصل و لا الاجزاء لدلالة ما دلّ علي القضاء و باقي الكلام ظاهر.
و الحق في المسألة علي كتاب الله و سنة نبيه9 ان الامر للطلب و لصدوره من الخالق جل و علا وجب امتثاله فامره دالّ علي ايجاب ما طلب حسب و امتثال ذلك الامر مع الاتيان بشرائط الصحة يقتضي الصحة و براءة الذمة و تركها اختياراً يقتضي عدم البراءة و مع التعذر فالله اولي بالعذر فان في تعذر الكل يقوم النية مقام الامتثال و عند تعذر البعض فالله اولي بالعذر و يقوم نيته مقامه ايضاً لقول ابيعبدالله7 كل ما غلب الله عليه من امر فالله اعذر لعبده و قال الناس مأمورون و منهيون و من كان له عذر عذّره الله قال الله عزوجل فاتقوا الله ما استطعتم و قال فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه و اذا كان شرط الصحة فريضة وضعت لنفسها و من فوائدها رفع المانع عن المشروط بها فان تعذر لميرتفع المانع فان المعلول تابع علته وجوداً و عدماً و اما المشروط فصحيح لتعذر الشرط والله اولي بالعذر و قيام الامر الموجب عليه و قوله9 اذا امرتكم بشيء فأتوا منه مااستطعتم و لقوله لايترك الميسور بالمعسور و لقوله ما لايدرك كله لايترك كله فيأتي بما يتمكن منه و يترك ما لايقدر عليه و من ذلك يعرف ان فاقد الطهورين يصلي لقيام الامر عليه في قوله اقم الصلوة الاية و لايتمسك بقوله لا صلوة الا بطهور لقيام العذر و القضاء احوط لفقد رافع المانع و فقد البدل المبيح و ان كان النية تقوم بدل العمل عند تعذره كماروي بنياتهم خلّدوا.
و اعلم ان الاصل في المسألة عندنا ان الله سبحانه لميكلف العباد لانتفاع نفسه بل لجلب المنافع اليهم و دفع المضار عنهم فاوجب عليهم ما كان في فعله المنفعة و في تركه المضرة و حرّم عليهم ما كان بعكس ذلك فوجود الضار علة لايجاب فعل الدافع فمادام الضار موجوداً كان معلوله الذي هو فعل الدافع باقياً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۵ *»
كالبئر التي وقع فيها ميتة منجسة فمادام الميتة فيها لاينفع النزح فلابد و انينزح حتي يخرج تلك الميتة و يطيب و كذلك المضار الباطنة لايرتفع الا بما جعل الشارع دافعاً لها و لما كان لايعرف احد من المكلفين مقدار ما يرفع المضرة من العمل عيّن الشارع من رأفته و رحمته بعباده حدّ تكرار الاعمال و اكتفي في اكثرها بالمرة لارادة اليسر و رفع العسر و تزاحم التكاليف و قيام النية مقام ساير المرات كما مرّ فالاصل الاولي ان الامتثال لايقتضي عدم اعادة العمل في الوقت و خارجه و اما في الظاهر الذي جري عليه الشريعة السمحة السهلة ان المرة تكفي في الامتثال الا انيدل دليل علي التكرار او الاعادة في الوقت او القضاء خارجه و قد تقدم ادلة ما ذكرنا فافهم راشداً موفقاً و اعرف الرجال بالمقال لا المقال بالرجال.
قال: اصل لاريب ان النهي حقيقة في الحرمة للتبادر كما ان الامر حقيقة في الوجوب و المشهور عدم جواز اجتماعهما و قيل بالجواز و تنقيح البحث برسم مطالب الاول متعلق الامر و النهي ان اتحدا جنساً و المراد به اعم من النوع و الصنف جاز اجتماعهما و خلاف البعض لا عبرة به او شخصاً و جهةً لميجز اتفاقاً و نقل الخلاف فيه مزيف فتأمل او شخصاً لا جهةً فان كانت الجهتان متساويتين لميجز لعدم امكان الامتثال بالخطابين معاً او متباينتين تبايناً جزئياً فهو محل النزاع او متعلق الامر اعم مطلقاً فكذلك في احتمال سيجيء او العكس لميجز لرجوع النهي الي الاستغراق الافرادي فيلزم التكليف بالمحال فلايجوز بالوفاق.
اقول: قد قلنا سابقاً ان الامر و النهي لايدلان لغةً الا علي الطلب الا ان الامر طلب الفعل و النهي طلب الترك و ليس فيهما لغةً وجوب و حرمة و انما الوجوب و الحرمة معنيان شرعيان علما من وجوب طاعة الشارع و حرمة معصيته فان اراد بالتبادر اثبات الوضع اللغوي كما هو الظاهر منه فهو خطاء و لايدل التبادر علي الوضع كما مرّ و ان اراد التبادر من نهي الشارع فهو حق.
قوله «والمشهور عدم جواز اجتماعهما» اي قد قال بعض المجتهدين بجواز اجتماعهما ثم اراد تحرير محل النزاع.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۶ *»
قوله «متعلق الامر و النهي» الي اخر يعني ان اتحدا في ما به الاشتراك دون ما به الامتياز فجايز اجتماعهما بلاشك كقول الشارع اسجد لله و لاتسجد للشمس و القمر فانهما في الجنس واحد و لاتنافي بينهما و نقل عن المعتزلة انه لايجوز و استدل لهم بان الحسن و القبح من مقتضيات المهية فلايعقل حسنها في فرد و قبحها في فرد و نحن بمعزل عنهم مع ان متعلق النهي الاقتران بشيء خارج.
قوله «او شخصاً و جهةً» الخ لاشك في ذلك فلايصدر من الحكيم صلّ الظهر و لاتصلّ الظهر و المراد بالجهة علة الحكم و نسب الي الاشاعرة و انكرها المصنف.
و قوله «او شخصاً لا جهةً» كاكرم زيداً لعلمه و لاتكرم زيداً لفسقه فلايمكن الاكرام و عدم الاكرام معاً لان جهتيه متساويتان اي لاينفك احديهما عن الاخري في الخارج و يرد الامر و النهي علي شخص واحد.
قوله «او متباينتين» الخ يعني ينفك احديهما عن الاخري كقوله صلّ و قوله لاتغصب فان بين متعلقيهما عموم من وجه.
قوله «او متعلق الامر اعم» الي اخر يعني اذا كان بينهما عموم مطلق كصلّ و لاتصلّ في المغصوبة فهو ايضاً محل النزاع علي وجه يجيء او عكس ذلك كقوله لاتغصب و صلّ في المغصوبة مثلاً فذلك لايجوز لرجوع نهي لاتغصب الي الاستغراق الافرادي فيلزم اجتماع الامر و النهي في فرد واحد و العمل بهما لايطاق.
و حاصل كل هذا التطويل ان الحكيم العدل لايأمر المكلف بما لايطيق و لايصدر منه امر و نهي لعمل ظاهري علي شيء واحد شخصي في الخارج اما من جهة واحدة فلانه لايأمر الا بما فيه صلاح المكلف و لاينهي الا عما فيه فساده و الجهة الواحدة لايعقل انتكون صالحة فاسدة من جهة واحدة و اما ان كان جهتاهما مختلفتين اي متعلقاهما عامين مجتمعين علي شيء واحد فكذلك اذ لايمكن تفكيكهما و اذا اجتمع الحلال و الحرام فالغلبة للحرام كما مرّ.
و اما في الواحد الذهني الذي يقدر الذهن علي تفكيك جهتيه فيمكن اجتماع الامر و النهي قال الله سبحانه و اخفض جناحك للمؤمنين فان عصوك فقل اني بريء مما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۷ *»
تعملون ولميكن بريئاً منهم فيتولي المؤمن من جهة ايمانه و يبرأ من عمله و اما في الخارج فلايمكن انتأكل حيث خبزية الخبز المغصوب و لاتأكل حيث غصبيته و قال ابوعبدالله7 كان اميرالمؤمنين7 يقول ليجتمع في قلبك الافتقار الي الناس و الاستغناء عنهم يكون افتقارك اليهم في لين كلامك و حسن سيرتك و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزك.
قال: الثاني اذا جمع المكلف بين نفس الامر و النهي بسوء اختياره كما لو دخل المكان المغصوب فكلّف بالخروج و عدمه فهو خارج عن هذا النزاع مبتن علي مسألة ان الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار ام لا و سيجيء فمحل النزاع ما اذا جمع المكلف فيه بين المأموربه و المنهيعنه او بين نفس الامر و النهي و كان سبب الجمع هو الامر بنحو يتمكن المكلف من الامتثال بالخطابين لكن في كون النزاع صغروياً ام كبروياً ام اعم فيهما (منهما خل) وجوه.
اقول: يعني اذا جمع المكلف عصياناً بين الامر و النهي كما اذا عصي و دخل المكان المغصوب و ضاق الوقت و صلي فانه حينئذ مأمور بالصلوة منهي عن الغصب الذي هذه الصلوة احد افراده فاجتمع عليه الامر و النهي فهو خارج عن هذا النزاع و هذه المسألة مبتنية علي مسألة ان الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار ام لا و قد ذكر سابقاً انه علي قسمين فقسم منه ينافي كوضوء من قطع يده و قسم منه لاينافي كعبادة الكافر و قد ذكرنا سابقاً انه لاينافي الاختيار بكلا قسميه و لو كان ينافي لما عذّب علي تضييعه العبادة كما مرّ فهو باختياره يصلي صلوة محرمة كما عرفت.
قوله «فمحل النزاع ما اذا جمع المكلف فيه بين المأموربه و المنهيعنه» كما اذا دخل المكان المغصوب و ضاق الوقت للصلوة فهو مكلف بالخروج و منهي عنه لانه مأمور بالصلوة فالمكلف باختياره جمع في الخروج امراً و نهياً و كذلك مأمور بالصلوة و منهي عنها لانه مأمور بالخروج و كذلك اذا كان سبب اجتماع الامر و النهي الامر كما لو كلّف المحبوس في المغصوب بالصلوة و ترك الغصب.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۸ *»
قوله «لكن في كون النزاع صغروياً ام كبروياً» الخ لفظة ام هنا ليست في محلها و المعروف او و علي اي حال يقول ان الكل متفقون علي بطلان الامري و صحة المأموري ولكن المجوزين يقولون هذا اجتماع مأموري و كل اجتماع مأموري جايز اما الصغري فلان متعلق الاحكام الطبايع و الامر حكم علي كل طبيعة بحكمها فلميجتمع من جانب الامر فالاجتماع مأموري و اما الكبري فوفاقية و المنكرين يقولون ان هذا اجتماع امري و الاجتماع الامري لايجوز اما الصغري فلتعلق الاحكام بالافراد فالامر امر بالفرد الواحد و نهي عنه و اما الكبري فبالوفاق.
قوله «ام اعم فيهما وجوه» اي في الصغري و الكبري و قوله وجوه مبتدأ خبره في كون و المراد ان من وجه يكون النزاع صغروياً و كبروياً معاً ولكن النزاع في تشخيص الصغري و بعد تشخيصها في الكبري.
بالجملة لاشيء في هذه التشقيقات الا صرف العمر و الاشتغال بها عن العمل و ذلك من تسويلات الشيطان ليمنع الانسان عن الاعمال الصالحة و قد مرّ القول الحق في هذه المسألة فراجع.
قال: الثالث الامر اما تعبدي او توصلي او فيه الجهتان مرتبطين ام مستقلتين و محل النزاع يعم الكل اذ الكلام في جهة حصول الامتثال لا سقوط الامر و يشهد به تمثيلهم بالخياطة و قول المستدل انه يعد مطيعاً و عاصياً لجهتي الامر و النهي.
اقول: يعني الامر اما تعبدي صرف كالصلوة او توصلي صرف و الغرض حصوله بايّ نحو اتفق كغسل الثوب او توصلي ارتباطي فيه الجهتان كالوضوء و الغسل و اما المستقلتين مع كون الامر توصلياً كقول المولي لعبده اسقني فلو تقدم علي العبد غيره سقط عنه و لو سقاه العبد لا بقصد الطاعة ايضاً سقط و محل النزاع الاقسام الثلثة اذ النزاع في الامتثال لا سقوط التكليف و هذه التشقيقات محض اظهار بسط و لا فائدة فيها.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶۹ *»
قال: الرابع الامر اما ايجابي او ندبي و النهي اما تحريمي او تنزيهي و كل من الاربعة اما عيني او تخييري ثم الامر اما نفسي او مقدمي شرعي او عقلي فتلك ثمانية و اربعون لايدخل في محل هذا النزاع الا ستة منها في الجملة و هي مضروب الامر النفسي و المقدمي شرعياً و عقلياً في الالزاميين العينيين و كون الامر تخييرياً و النهي عينياً.
اقول: يظهر من هذه الاحتمالات و عدّها فضل المصنف و بسطه و سعة خياله و فكره و ان كان لا طائل فيها فانت اذا ضربت قسمي الامر في قسمي النهي حصل اربعة و اذا ضربت الاربعة الامرية في الاربعة النهيية حصل ستةعشرة فاذا ضربتها في الثلثة حصل ثمانية و اربعون قسماً لا حاصل لها و لعدّها و ضبطها و التي يمكن انيدخل في هذا الباب ستة و هي الامر النفسي و المقدمي الشرعي و العقلي اذا ضربت الثلثة في الاثنين و هما الالزاميان او الامر تخييرياً و النهي عينياً و لا فائدة في شيء من ذلك و جميعها فضل و ان ربنا يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذيالقربي و ينهي عنالفحشاء و المنكر و البغي فلايأمر بشيء و ينهي عن ذلك الشيء من جهة واحدة لانه اما مصلح و اما مفسد و اما من جهات مختلفة فقل امر ربي بالقسط و كلّف بالوسع فان كان يمكن تفريق الجهتين يجب و ان لميفرق و جمع فالغلبة للحرام و العمل باطل و ان كان لايمكن فالغلبة للحرام ايضاً.
قال: الخامس الوصف اما لازم اي مقوم للمهية او للشخص او مفارق و دخول الاخير في محل النزاع معلوم من تمثيلهم بمثل صلّ و لاتغصب و في الاولين وجهان اظهرهما عندي دخولهما في النزاع لعموم العنوان بل الدليل ثم النزاع هنا في الدلالة العقلية و في المسألة الاتية في الدلالة اللفظية و المراد من الجواز نفي الامتناع الذاتي او القبح العقلي لا الاطلاقات الاخر كما هو واضح لمن تدبر.
اقول: يعني ان الوصف اما لازم لذي الوصف بحيث لايمكن تصوره الا موصوفاً بذلك الوصف فهو مقوم له كالغسل فانه طهارة تحصل بوصول الماء تمام الجسد فلايعقل الغسل الا بهذا الوصف ثم هو علي نوعين ترتيبي و ارتماسي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۰ *»
فالترتيبي يحصل باجراء الماء من القرن الي القدم علي الترتيب فلايعقل الغسل الترتيبي الا بهذا الوصف ثم له اصناف كالغسل الترتيبي مكشوفاً تحت السماء فلايعقل هذا الصنف الا بهذا الوصف ثم له اشخاص كالغسل في المكان المعين و الوقت المعين فلايعقل الا بهذا الوصف و هذا الوصف مقوم لازم لكل واحد او الوصف مفارق كالكون في الارض المغصوبة فانه ليس من مهية الصلوة بحيث لاتتصور الا مع ذلك الوصف و دخول الوصف المفارق في النزاع معلوم و اما المقوم اللازم ففيه وجهان دخوله مطلقاً او دخول الشخصي لا الجنسي و الاظهر عند المصنف دخوله في محل النزاع مطلقاً يعني يمكن التنازع في انه هل يجوز انيؤمر بالمهية و ينهي عن مقومها و هكذا في الشخص ام لا لعموم عنواناتهم في اول كل باب او فصل يتكلمون فيه عنه و عموم الادلة و رجح المصنف في الضوابط عدم جواز اجتماعهما في الجنسي ايضاً.
قوله «ثم النزاع هنا في الدلالة العقلية» يعني هذه المسألة اي مسألة اجتماع الامر و النهي ليست من المسائل اللفظية و لايتكلم فيها علي دلالة اللفظ و انما هي من المسائل العقلية و لذا عدّه بعضهم في المسائل العقلية و ادلتها و في المسألة الاتية اي النهي في العبادات النزاع في الدلالة اللفظية.
و قوله «و المراد من الجواز» اي الذي يقول يجوز اجتماعهما نفي الامتناع الذاتي و كونه من الممكنات او نفي القبح العقلي و عدم اباء العقل منه لا الجواز الذي هو مقابل الحرمة و الوجوب و لا المقابل للفساد الشرعي و لا المقابل للفساد اللغوي هذا معني عباراته و قد حققنا سابقاً ما ينفعك.
قال: السادس قيل لازم المجوز عقلاً صحة العبادة في ضمن الفرد المحرم مع الاثم و لازم المانع عقلاً الفساد مع الاثم و يدفع الاول امكان القول بفهم العرف التخصيص الا انيلاحظ الحيثية و الثاني انه انما يتم اذا كان الامر ظنياً و النهي قطعياً و في الظنيين يرجع الي المرجحات و هي قدتكون في جانب الامر فاين الفساد المطلق الا انيرجح النهي حينئذ باصل الشغل او باتفاق المانعين علي تقديم النهي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۱ *»
او بتقديم دفع المضرة علي جلب المنفعة او بالاستقراء او بان دلالة النهي اقوي من دلالة الامر اذ النهي للاستغراق بدلالة لفظية و الامر للطبيعة و في اكثر هذه الوجوه نظر و اما الثمرة بين القول بالجواز عقلاً لا لفظاً لفهم العرف التخصيص فتظهر في امكان فرض القطعيين عليمذهبه دونمذهب المانععقلاً.
اقول: قوله «قيل لازم المجوز» الخ كالغسل الارتماسي للصائم حيث امر بالغسل و نهي عن الارتماس فمقتضي الجواز العقلي صحة الغسل مع اثم الارتماس.
قوله «و لازم المانع» الخ فانه يقول لايصدر من الامام المعصوم امر و نهي في شيء واحد فالغسل فاسد لعدم ورود الامر به و اما الاثم لوجود النهي عن الارتماس المطلق ثم دفع القول الاول بامكان القول بفهم العرف من قول صلّ و لاتغصب تخصيص الصلوة بغير الواقعة في المكان المغصوب فليس هذه الصلوة بمأموربها و دفع القول الثاني بان الامر و النهي الواردين اما قطعيان و اما ظنيان و اما مختلفان اما القطعيان فلايتحققان علي مذهب المانع و اذا اختلفا و النهي ظني فكذلك لعدم المقاومة و في الظنيين لابد و انيدور مدار المرجح فان رجح فهو و الا فالاصل و يمكن انيكون مع الامر و يمكن انيكون مع النهي فلايتم كلامهم علي الاطلاق اللهم الا انيتمسكوا بالوجوه المذكورة في المتن.
و لعمري يحرم علي شيعة المحمد: التمسك بهذه الاراء غير المنضبطة التي يمكن انتدار كيفما اراد الانسان و لايقوم شيء بهذه الادلة الا و يكسره دليل اخر و الحاصل بعد جميعها الحيرة و انما القوم يؤثرون قولاً عجزوا عن رده حين النظر و يتخذونه مذهباً لهم لا قولاً سكن عليه قلوبهم و محال انتسكن لان الله سبحانه لميخلقها خلقاً تسكن علي باطل ابداً او تسكن بما ليس بدليل و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن و ان هم الا يخرصون كم اكرر امثال هذه الكلمات في هذا الكتاب.
قال: السابع منهم من منع الجواز عقلاً و لفظاً و منهم من منع لفظاً و منهم من جوز الاجتماع عقلاً و لفظاً و الاصل مع المجوز المطلق من حيث الامكان العقلي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۲ *»
و من حيث اللفظ لاصالة عدم التقييد و التخصيص لا من حيث العمل لان المانع ان اطرح الامر فقد عمل بالشغل او النهي فقد عمل بالبراءة او هما فقد عمل بهما فتأمل لكن مع التعارض فالعمل علي الاصل اللفظي.
اقول: يعني ان المانعين منهم من منع جواز اجتماع الامر و النهي عقلاً بناءاً علي ان الالفاظ موضوعة للافراد و يلزم منه المحال و لفظاً لفهم العرف التخصيص و منهم من منع لفظاً لفهم العرف التخصيص لا عقلاً لانها موضوعة علي الماهيات و منهم من جوز الاجتماع عقلاً لانها موضوعة علي الماهيات و لفظاً لاطلاقهما و يقول المصنف الاصل مع المجوز من حيث العقلي لانها موضوعة علي الماهيات و من حيث اللفظ لان الاصل عدم التقييد و التخصيص بغير موضع النهي و ذلك من حيث نفس امكان الاجتماع و لا كل ممكن واقع و اما من حيث العمل فالاصل مع المانعين فان اطرح الامر كما مرّ فيعمل باصل الاشتغال او النهي فيعمل باصل البراءة و ان اطرحا معاً فقد عمل بالاصلين و اما المجوز فيحكم بالصحة و الاثم.
و قوله «فتأمل» لعل وجه التأمل انه بعد طرح الامر فاصل البراءة احري من اصل الاشتغال.
و قوله «لكن مع التعارض» اي مع تعارض الاصل اللبّي الذي فهم من الاستقراء الذي هو مع المانعين و اللفظي الذي هو مع المجوزين يكون الاصل مع المجوزين لفهم العرف التخصيص و جميع ذلك تطويل بلاطائل و استبداد بالعقول الناقصة غيرالمستنيرة بنور الكتاب و السنة و لايجوز الاعتماد علي شيء منها و قدذكرنا الحق المستنبط من الكتاب و السنة فراجع.
قال: اذا عرفت ذلك فاعلم ان الحق الجواز عقلاً في اجتماع المأمور به مع المنهيعنه في العامين من وجه في الالزاميين مع كون النهي عينياً متعلقاً بالوصف المفارق كقوله صلّ و لاتغصب سواءاً كان الواجب تعبدياً ام توصلياً ام مركباً بقسميه لما مرّ من الاصلين عقلاً و لفظاً و لانه لو لميجز لميقع نظيره فان المناط واحد و قد وقع في الشرع كثيراً منها مكروه العبادة كالصلوة في الحمام و لو قيل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۳ *»
ان المراد بالكراهة فيها ليس المرجوحية الحقيقية بل كونها اقل ثواباً قلنا ان حمل النهي علي هذا المعني خلاف الظاهر سلمنا لكن ان اريد ان هذا الفرد اقل ثواباً من الغير مطلقا من المماثل و غيره ففيه لزوم عدم الانعكاس مضافاً الي ان ارادة قلة الثواب اما من نفس النهي بتأويله الي الاخبار فعلي فرض صحة هذا المجاز لغةً فهو مجاز بعيد لا قرينة عليه و اقرب المجازات موجود و هو الكراهة المصطلحة و اما ان النهي مستعمل في طلب الترك لكن الداعي لطلب الترك قلة الثواب فلاريب ان مجرد قلة الثواب لايصلح لكونه داعياً علي طلب الترك فرب شيء هو قليل الثواب لمينه الشارع عنه بل سبب النهي وجود المفسدة في المنهيعنه و لو بحسبه و الي ان هذا لايتم فيما لا بدل له مطلقا او في خصوص العبادة التركية و ان اريد انه اقل ثواباً من الغير في الجملة ففيه عدم الاطراد مضافاً الي الوجهين الاخيرين في سابقه او من الغير المعين و هو الطبيعة من حيث هي فهو لايناسب القول بتعلق الحكم بالافراد و بان الحسن و القبح بالاعتبارات مضافاً الي الوجهين الاخيرين المتقدمين.
اقول: بعد هذه المقدمات الوهميات اختار المصنف ان الحق في اجتماع الامر و النهي الجواز العقلي في العامين الالزاميين من وجه كالصلوة و الغصب فلهما مادة اجتماع و لكل محل افتراق بشرط انيكون النهي عينياً كالنهي عن الغصب متعلقاً بالوصف المفارق فان الغصب قديفارق الصلوة و ليس من ذاتيات الصلوة و اما الواجب فسواءاً كان تعبدياً كالصلوة او توصلياً كالطهارة و قول المصنف ام توصلياً ليس في محله بل المعروف او توصلياً ام مركباً بقسميه اي ارتباطاً او استقلالاً و قد مرّ شرحهما.
قوله «لما مرّ من الاصلين» اي ما مرّ من ان الاصل امكان جواز اجتماع الامر و النهي عقلاً و لفظاً.
قوله «ولانه لو لميجز لميقع نظيره كالصلوة في الحمام» و هذا قياس عامي محض حرام علي الشيعة استعمالها هذا و قال ان النسبة بين الصلوة و الصلوة في الحمام عموم مطلق و قد اجتمع فيهما الامر و النهي ففي العموم من وجه بطريق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۴ *»
اولي فيا سبحان الله كيف عزب لبّ القوم حتي تفوهوا بامثال هذه العبارات و زعموها ادلة عقلية قطعية و اسّسوا قواعد و فرّعوا منها فروعاً من دين الله اللهم اني اسألك ان لاتكلني الي نفسي طرفة عين.
قوله «ان اريد انه اقل ثواباً من الغير مطلقا» اي من المماثل كصلوة اخري في الحمام و غيره كالصلوة خارج الحمام و كالزكوة ففيه لزوم عدم الانعكاس يعني اذا عرفت مكروه العبادة بانه اقل ثواباً من الغير مطلقا لاينعكس فان المعرف بالفتح اعم ألاتري ان صلوة الفذ اقل ثواباً من الجماعة و كلما كان الجماعة اقل كان اقل ثواباً و كلها اذا وقع في الحمام مكروه فاذن المعرف بالكسر لايشملها.
قوله «مضافاً» الي اخر يعني لابد و انيكون فهم قلة الثواب من النهي فان اوّلته الي الاخبار عن قلة الثواب فذلك مجاز غيرمأنوس بعيد بل لا قرينة عليه فلايجوز و اقرب المجازات موجود و هو الكراهة المعروفة و ان تركته علي معناه فمجرد قلة الثواب لايصلح لطلب الترك.
قوله «و الي ان هذا لايتم» الي اخر يعني كالصلوة المبتدئة في الاوقات المكروهة و الصيام المبتدء في الايام المكروهة فانه لا بدل لها علي زعمه حتي يعلم ان مراد الشارع الاتيان ببدلها مع انها في نفسها مستحبة و لايمكن استحبابه مع طلب الشارع تركه الي غير بدل و مجرد قلة الثواب لايكون داعياً لترك العبادة فما اكثر من عبادة هي اقل ثواباً من غيرها و لمينه عنه و جعل المصنف هذين و امثالهما مما لا بدل لها محضخيال اذ لا فرق بين ان لايصلي في الحمام و يصلي في خارجه و ان لايصلي في اول طلوع الشمس و يصلي بعيده او لايصوم يوم الاثنين و يصوم غيره فان الكراهة في النوع الاول في المكان و المهية مندوباليها و في النوع الثاني المهية مندوباليها و الكراهة في الوقت.
قوله «او في خصوص العبادة التركية كالصوم» يعني ان سلمنا ان مراد الشارع من ترك الصلوة اول طلوع الشمس قلة الثواب و العدول الي بدل من غير جنسها كقراءة القرءان لكن لايمكن انيقال ذلك في الصوم فانه عبادة تركية لاتنافي عملاً.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۵ *»
قوله «و ان اريد انه اقل ثواباً من الغير في الجملة» يعني و ان كان اكثر ثواباً من غيره ففيه عدم الاطراد لان المعرف بالكسر حينئذ اعم لانه يدخل فيه كثير من المستحبات و ليست مكروهة مضافاً الي الوجهين السابقين.
قوله «او من الغير المعين» الخ يعني ان قيل انه اقل ثواباً من الغير المعين و يكون المراد المهية فذلك لايناسب القول بتعلق الحكم بالافراد و بان الحسن و القبح بالاعتبارات بل يناسب مذهب الذاتيين و هذا الرد لااعرفه الا انيكون مذهب من يقول بانه اقل ثواباً من الغير المعين تعلق الحكم بالافراد و كون الحسن و القبح بالاعتبارات بالجملة يأتيك انشاء الله حقيقة الحق في مكروه العبادة عن قريب.
قال: و لو قيل ان النهي في التنزيهيات راجع الي امر خارج عن العبادة كتعرض الرشاش بخلاف التحريمية بحكم الاستقراء فتعدد المتعلق و خرج عن محل النزاع لاجبنا عنه اولاً بالنقض بما لايدل له و ثانياً بان مقتضي الاستقراء عكس ما ذكره و ثالثاً بالفرق بين تعلق النهي بشيء خارج عن العبادة و تعلقه بالعبادة لامر خارج عنها و رابعاً بانا سلمنا ذلك لكن يكون النسبة حينئذ بين المأموربه و المنهيعنه تنزيهاً عموماً من وجه و يكون مثل ما نحن فيه و خامساً بان النهي اذا كان عن تعرض الرشاش لا عن الصلوة فاما مطلق و ان لميكن في الصلوة فهو مستلزم لكراهة التعرض و ان لميكن مصلياً و لعدم كراهة الصلوة اذا لميكن في معرض الرشاش و اما مقيد بكونه في ضمن الصلوة فهو مستلزم للمحذور الاخير من المحذورين و ما يقال هنا من انه لايلزم اطراد العلل الشرعية فهو مناف لتبعية الاحكام للصفات فان المفروض ان ما ذكره علة مستنبطة لا منصوصة.
اقول: يعني ان قال قائل بان النهي في التنزيهيات راجع الي امر خارج من العبادات بحكم الاستقراء فلميجتمع الامر و النهي في شيء واحد فالنهي عن الصلوة في الحمام نهي عن تعرض الرشاش بكسر الراء جمع رش بفتح الراء اي نفض الماء فاجاب المصنف بوجوه خمسة فاولاً بالنقض بالعبادة المكروهة التي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۶ *»
لا بدل لها التي تعلق النهي فيها بها لذاتها فاين الامر الخارج الذي تعلق به النهي و هذا جواب بالباطل فان القائل بهذا القول يقول نهي عن امور خارجة لاتحيط بها علماً فنهي عن الصلوة عند طلوع الشمس لئلايتشبه بالمجوس الذين يصلون عنده و مثلاً نهي عن الصوم يوم الاثنين لئلايتشبه ببنيامية مثلاً فلاتتعرض لما لاتعلم.
و قوله «و ثانياً» الخ يعني انا استقرينا و رأينا النواهي تعلقت بنفس العمل فنهي عن الصلوة في المواضع المكروهة و الاوقات المكروهة و كذا الصوم و غيرها و ظاهرها النهي عن الماهية و الحمل علي امر خارج مجاز. قوله «و ثالثاً بالفرق» الي اخر يعني ان في ما نحن فيه تعلق النهي بالعبادة لامر خارج و الذي تريد تعلق النهي بشيء خارج من العبادة و بينهما فرق ظاهر. قوله «و رابعاً» الخ يعني و ان سلمنا ما قلت يصير كاجتماع الامر في العامين الالزاميين. قوله «و خامساً بان النهي» الي اخر يعني ان كان عن تعرض الرشاش فان كان مطلقاً فهو مكروه دون الصلوة فلابأس بها في موضع مصون فيه اذاً و اما مقيد بحال الصلوة فلابأس بها ايضاً في موضع مصون.
قوله «و ما يقال هنا» يعني ان قيل ان العلل الشرعية معرفات لا علل حقيقية يدور المعلول مدارها كالغسل يوم الجمعة وضع لاجل ريح الاباط و يستحب و ان لميكن ريح يقال في جوابه ان قولكم يصح في المنصوص العلة و محل النزاع مستنبط العلة و مع ذلك هو مناف لتبعية الاحكام للصفات الكامنة علي قول المصنف.
قال: و لو قيل ان كراهة العبادة عبارة عن مرجوحيتها بالاضافة الي غيرها لاجبنا عنه بما اجبنا به عن الاعتراض الاول ثم لو اراد من المرجوحية حصول منقصة فيها لاجل كون فعلها موجباً لترك الارجح لورد عليه مضافاً الي ما ذكر ان متعلق الامر و النهي التنزيهي حينئذ اما الطبيعة او الفرد او متعلق الامر الطبيعة و متعلق النهي الفرد او العكس و لايتصور الا الثالث و هو المطلوب و لو قيل انه يلزم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۷ *»
مخالفة الغرض في ترخيص الشارع في اتيان الواجب في ضمن المحرم و هو قبيح و لايلزم ذلك في العبادات المكروهة قلنا غرض كل شيء بحسبه.
اقول: يعني ان كان المرجوحية هي سبب قلة الثواب لاجبنا عنه بما اجبنا به عن الاعتراض الاول ثم لو اراد من المرجوحية انها مقدمة ترك الارجح اجيب عنه مزيداً علي ما مرّ ان هذه الاقسام المذكورة في المتن الاولين منها مستلزمان لاجتماع الامر و النهي و الاخير غيرمعقول و الثالث يستلزم الجواز في الالزاميين ايضاً لاتحاد المناط و ان قيل انا منعنا في الالزاميين لمخالفة الغرض واما في المكروهات فلا مانع قلنا غرض كل شيء بحسبه ففي التنزيهيات ايضاً لايعقل كون الشيء مرغوباً فيه و مرغوباً عنه.
ثم اعلم ان الله سبحانه خلق الخلق ليفوزوا برحمته كما في القدسي ماخلقتكم لاربح عليكم بل خلقتكم لتربحوا عليّ و قال الا من رحم ربك و لذلك خلقهم ثم علم انهم لاينالونها الا بفعل العبادة و ما به يتقربون اليه و الانتهاء عما به يتباعدون عنه و علم انهم لايعلمون ذلك الا بتعليمه فارسل اليهم الرسل و امرهم بما فيه صلاحهم و نهاهم عما فيه فسادهم فالصالح صالح لهم و لايكون فاسداً و الفاسد فاسد و لايكون صالحاً فالعبادات واجبها و مندوبها صالحة لهم و في فعلها صلاح لهم و تكون سبب الوصول الي رحمته و لكل عبادة نوعاً ثواب محدود معين لايزيد و لاينقص كما ان في سيرك الي مكة عشر خطواتك سبب قرب خاص و مائة خطوة منك سبب قرب خاص و هكذا لايزيد و لاينقص كماروي لكل برّ ثواب و كذلك كل منهي سبب بعد معين لايزيد و لاينقص.
ثم ان العبادة حادثة من الحوادث لاتحدث في الدنيا الا في وقت و في مكان و في جهة و في كيف و في كمّ و مع قرانات و نسب و اوضاع كساير الحوادث و هذه الحدود ايضا لها اثار خاصة بها فمنها ما تناسب العبادة و منها ما لاتضادها و لاتناسبها و منها ما تنافي العبادة و منها ما تضادها اذ لكل حد اثر خاص كما هو مبرهن عليه في الحكمة و العلوم الغريبة فاذا وقع العبادة في حدود لاتضادها في اثارها و لاتناسبها تكون العبادة علي ثوابها لايزيد و لاينقص كالصلوة في البيت و ما وقع منها في حدود
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۸ *»
تناسبها و تشاكلها تزداد نوراً علي نور كما انك لو اشعلت سراجاً كان له مقدار من النور فلو وضعت عليه بلورة ازداد نوراً في البيت و ذلك كالصلوة في المسجد و اما اذا وقع العبادة في حدود تنافي و تضاد العبادة بكليتها فتحبط نورها و لمتترك لها نوراً كسراج وضعت عليه مطفئ النور فاطفأ نورها فمنع من هذا كليةً لقوله9 مااجتمع الحلال مع الحرام الا غلب الحرام الحلال وذلك كالصلوة في المغصوبة فانها تبطل ثوابها و تحبط اثرها و يجب اعادتها و اما اذا ستر بعضاً و اظهر بعضاً فنهي عنه لنقص النور.
و اما ما قيل انه يتم فيما له بدل و اما ما ليس له بدل فلايجري فيه فذلك خطاء محض فان الصوم مثلاً في نفسه مأموربه و انه جنة ولكن ايقاعه في يوم العيد محرم فانه يوم اكل و شرب و بعال بوضع الله سبحانه و صومه خلاف غرض الله فنهي عن ايقاعه فيه و ان كان اصل الصوم ممدوحاً فان اراد الصوم و بلوغ ذلك الثواب فليصم غيره من الايام و كذلك في صوم يوم الاثنين فانه ينقص ثواب يلحق الصوم بسبب الوقت بل و يفيد ضد المزية و الفضل فنهي عنه لئلايتشبه ببنيامية و وجوه مناهيهم لايحصيها غيرهم فربما يعرف وجهها و ربما لايعرف و علينا التسليم في كل باب فلربما ينهون عن الايقاع في مكان او وقت لاجل نفس ذلك المكان و الوقت و لربما ينهون عنهما لاجل وجوه خارجة عنهما و كذلك سايرالحدود و انت لو وقفت علي حدود ما ذكرنا لاستغنيت عن جميع تلك الخيالات و الاراء.
و اما ما في الاخبار من تعلق النهي باصل العبادة كقولهم لاتصل المكتوبة في الكعبة وقولهم هذه ارض مالحة لايصلي فيها و قولهم كره الصلوة في السبخة و قولهم عشرة مواضع لايصلي فيها الطين و الماء و الحمام و القبور و مسان الطريق و قري النمل و معاطن الابل و مجري الماء و السبخ و الثلج و امثالها فبعد ما علمنا من الاخبار ان الالفاظ موضوعة للماهيات و ان العبادات اسباب التقرب الي الله فما ورد من النهي عنها لميتعلق بالماهيات قطعاً و الا لكان جميع افرادها منهياً عنه و لايعقل تعلق النهي بالماهية اذا كانت واجبة اذ الواجب لايكون مكروهاً بل و كذلك المستحب فان الصلوة خير موضوع و لاتكون مكروهة فالمراد الفرد من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷۹ *»
حيث الحدود فالنهي عن ايقاعها في تلك الحدود لاسيما و يشهد ساير الاخبار في كثير منها ان النهي لاجل الحدود هذا و النهي يتعلق بالماهية اذا نهي عنها مجردة و اما اذا نهي عنها مقيدة فالحكم راجع الي القيد فاذا نهي عن الصلوة في المعاطن مثلاً يرجع النهي الي الايقاع في المعاطن فنهي عنه تنزيهاً و رغبةً عن قلة الثواب و رغبةً الي الثواب الاكثر هذا و نحن قد اثبتنا في الحكمة ان الصور تفيد المواد الظاهرة فيها كمالاً و نقصاً كما ان الخشب في صورة الضريح يطيب و في صورة الصنم يخبث فكذلك العبادة المطلوبة بذاتها في صورة تصير مبغوضة فينهي عنها نهي تحريم و في صورة تصير ناقصة فينهي عنها نهي تنزيه و في صورة تزداد حسناً فيندب اليها و في صورة لاتتفاوت حالها فتباح فلاجل هذا يتعلق الامر و النهي بحقايقها و الذي لايتفاوت هي الصلوة النوعية كالخشب النوعي فانه لايتفاوت في حال نوعيته هذا و قد يخاف من المقارن علي اصل العبادة انيصير سبب فسادها و لذا ينهي عنه نوعاً و ذلك ان من سياسة محمد و اله: انهم اذا كان المحظور معيناً بعينه ينهون عنه و اما اذا كان في جملة افراد و هو غيرمعين ينهون عن المجموع نهي اعافة لأنينجو المتقون من شر ذلك المحذور و لايصعب علي غيرهم التكليف كما اذا كان الثقبة فيها سامّة و علمت بعينها ينهي عنها معينة انيبول فيها و اما اذا لمتكن معينة ينهي عن البول في كل ثقب نهي تنزيه لئلايقع المتقي في المحظور و من هذا القبيل الصلوة في مجري الماء و قري النمل و معاطن الابل و امثالها و الاولي التسليم لالمحمد: في كل باب لانه لايحيط بوجوه حكمهم احد من الرعية و لو تدبرت فيما ذكرنا لاستغنيت عن تلك الاراء ببركات المحمد:.
قال: و منها العبادات المباحة اباحة بالمعني الاخص و الواجبة المستحبة بعد ضم تنقيح المناط و من ادلة الجواز بناء العقلاء في مثل مثال الخياطة او الخطوات و انه لو لميجز الاجتماع لما جاز التصريح به مع انه جايز عقلاً مضافاً الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۰ *»
وجود المقتضي و هو تعدد المتعلق حقيقةً و انتفاء المانع اذ المانع ان كان اجتماع الحكمين المتضادين او اجتماع المحبوبية و المبغوضية في محل واحد فقدعرفت تعدد المحل او التكليف بالمحال فقدعرفت ان محل النزاع ما تمكن المكلف فيه من الامتثال او منافاة الغرض فقد ظهر عدم المنافاة اذ الشارع لميجوّز الاتيان بالفرد المحرم بمجرد حكمه بحصول الامتثال بالكلي الموجود في ضمنه مضافاً الي فهم العرف و ان قام الدليل علي خلافه كما مرّ نظيره في مسألة تعلق الاحكام بالكليات و لو قيل ان مقدمة الواجب واجبة و الفرد المحرم لايصير واجباً فانحصر الامر المقدمي في الفرد المباح فلايجزي الكلي الموجود في ضمن المحرم فلايجتمع الامر و النهي قلنا تخصيص الامر المقدمي بالمباح لايوجب تخصيص الامر الاصلي به و المفروض تعلق الحكم بالطبيعة مع ان مانع الاجتماع كيف يقول ان الفرد المباح واجب مقدمي مع ان رخصة العقل باتيان الفرد انما هي من جهة ايجاد الكلي في ضمنه لا الرخصة المطلقة حتي تنافي الحرمة من جهة اخري و لو قيل يلزم علي المجوز انعقاد الصلوة في الدار المغصوبة صحيحة و بعد انعقادها وجب الاتمام فيلزم التكليف بالمحال قلنا ان هذا لو تمّ لكان بالعرض لا من جهة اصل المسألة من حيث هي بل هو خارج عن محل النزاع نعم يبقي الاعتراض بالتكليف بما لايطاق فيما لا بدل له من العبادات مشتركاً بين المجوزين و المانعين ثم انك اذا احطت خبراً بما ذكرناه في الصورة المفروضة قدرت علي استخراج الحكم في الوصف اللازم و في الاعم و الاخص المطلقين و في الجواز و عدمه من حيث اللفظ و ان شئت البسط و التفصيل فلاحظ كتابنا الكبير فانا قداستوفينا الكلام فيه اكمل الاستيفاء و بلغنا فيه اقصي الغايات.
اقول: يعني من موارد اجتماع الامر و النهي التي هي في الشرع كثيرة العبادات المباحة و يعني بالعبادات المباحة كالصلوة في البيت و البرية مثلاً فانها مباحة بالمعني الاخص يعني يباح ايقاعها في البيت و البرية مثلاً فان متعلق الامر الماهية مثلاً و متعلق الاباحة المكان و قد اجتمعا و هما ضدان و منها الواجبة المستحبة كالفريضة في المسجد.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۱ *»
قوله «بعد ضم تنقيح المناط» باننتدبر هل متعلق الوجوب و الاباحة او الاستحباب الطبيعة او الفرد او احدهما الطبيعة و الاخر الفرد و ما يقتضي كل واحد و لا طائل تحت تطويل المقال و يعرف بادني تدبر.
قوله «و من ادلة الجواز» الخ اي من ادلة جواز الاجتماع بناء العقلاء في مثل ما مثّل القوم به من الخياطة في الارض المغصوبة فان جميع العقلاء يعدون العبد حينئذ مطيعاً عاصياً و كذا لو امر المولي عبده بمشي خمسين خطوة في كل يوم و نهاه عن التصرف في ملك الغير فلو مشي في ملك الغير عدّ مطيعاً عاصياً.
قوله «و انه لو لميجز» الخ يعني يجوز انيقول الشارع صلّ و لاتغصب و ان صليت في المغصوب لااثبك عليها و اعاقبك عليه.
قوله «مضافاً الي وجود المقتضي» الخ يعني ان المقتضي للامر و النهي معاً موجود و هو تعدد المتعلقين و هما الصلوة و الغصب و كل واحد غير الاخر و المانع مفقود كما فصّل في المتن بما هو واضح فلا باعث للمنع منه.
قوله «و لو قيل ان مقدمة الواجب» الخ يعني لو قال قائل ان مقدمة الواجب واجبة بالبداهة و الفرد مقدمة الاتيان بالماهية و الفرد المحرم كيف يصير واجباً فالامر مقيد بالافراد المباحة دون المحرمة و لميجتمع الامر و النهي فاجاب المصنف عنه بان تخصيص الامر المقدمي اي الامر المتعلق بفردٍما الذي هو مقدمة الاتيان بالكلي لايوجب تخصيص الامر بالمهية الذي هو الاصلي و المفروض تعلق الحكم بفردٍما.
قوله «مع ان» الخ يعني كما ان المانع يقول ان الفرد المباح واجب مقدمةً و جمع بين الاباحة و الوجوب كذلك نحن نجمع بين الحرمة و الوجوب مع ان العقل يرخص الفرد الحرام من جهة ايجاد الكلي و يجوّز العقل وجود الكلي في ضمن الحرام و لايرخصه مطلقا حتي يضاد الحرمة فكيف يستغرب المانع قولنا.
قوله «و لو قيل» الخ هذا بحث اخر يعني لو قال قائل ان علي القول بصحة صلوة الغاصب يجب انيقول بعد العقد يجب الاتمام فيلزم التكليف بالمحال لانه اذاً مأمور بالقطع و عدم القطع فاجاب المصنف ان ذلك بالعرض اي بسوء اختيار
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۲ *»
المكلف لا اصل المسألة فان في اصل المسألة يمكن التفصي عن الحرام و اتيان الحلال و هنا وقع الاشكال من سوء اختياره و الامتناع بالاختيار لاينافي الاختيار.
قوله «نعم يبقي الاعتراض» الخ و هو ان للمانعين انيقولوا ما تقولون في العبادات المكروهة التي لا بدل لها كصوم يوم الاثنين مثلاً و المبتدئة بعد العصر فان قلتم المراد بالكراهة قلة الثواب يرد عليكم ما اوردتم علي القائل بذلك القول و ان قلتم المراد المرجوحية المصطلحة فالعبادة كيف تكون مكروهة و يجتمع فيها الامر و النهي و تكليف ما لايطاق و اجاب المصنف ان النهي التنزيهي باق بحاله في تلك العبادات و لا امر و قولنا فيها بالصحة مع عدم الامر لانها محبوبة لله و ان لميكن امر.
و هذا القول من عجايب الاقوال كيف يكون شيء محبوباً لله و لميأمر به و يثيب عليه مع ما روي ما من شيء يقربكم من الجنة و يبعدكم من النار الا و قد امرتكم به و ما من شيء يبعدكم من الجنة و يقربكم من النار الا و قد نهيتكم عنه و علي قوله قد قصّر الشارع في اداء الشرايع و مصالح العباد نعوذ بالله من زلة الاقدام و ضلة الاحلام و يتكفل بذكر ما فصّل كتابه المسمي بالضوابط و لما لميذكره هنا استغنمناه و لمنتعرض و تري بعينك ان انصفت علانيةً ان جميع ما يقولون اكل روحاني من غير ذكر اسم الله عليه و قد قال الله سبحانه فلينظر الانسان الي طعامه اي الي علمه هذا عمن يأخذه و قال و لاتأكلوا مما لميذكر اسم الله عليه و انه لفسق و ان الشياطين ليوحون الي اوليائهم ليجادلوكم و ان اطعتموهم انكم لمشركون و يجب علي الشيعي ان لايتجاوز منطوق امامه اما انه شر عليكم انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا و اسأل الله الهداية و الرشاد.
قال: تذييل اذا تسبب المكلف لاجتماع الامر و النهي بحيث لايمكنه الامتثال بهما معاً كما لو دخل المكان المغصوب فهو مأمور بالخروج و منهي عنه ففي وجود التكليفين معاً حينئذ ام يبقي الاهم و يرتفع الاخر حذراً من التكليف بما لايطاق وجهان و علي الاخير فهل الاهم هو الامر او النهي احتمالان و الاصح ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۳ *»
الامتناع بالاختيار مع عدم بقاء الاختيار ينافي الاختيار خطاباً لا عقاباً بحكم العقل و لازمه ارتفاع احد الخطابين هنا و اما من حيث الوقوع و ترتب الاثر و عدمه فالمدار علي انصراف الادلة الشرعية و عدمه اذ الامكان العقلي لايلازم الوقوع الشرعي و اما الاهم من الامر و النهي فيختلف بحسب العرف و المقامات فلاحظ و لو قيل ان الكافر لما اسلم بعد الوقت سقط عنه القضاء و ان لميسلم بقي الامر بالقضاء و هو غير قادر عليه اسلم ام لميسلم فكيف تقول ان الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار خطاباً قلنا ان الكافر اذا بلغ تعلق به الاحكام الكلية و لما فوت الاداء فقد فوت التكليفين فيستحق العقاب لذلك.
اقول: هذه مسألة اخري تشاجروا فيها بعقولهم الناقصة و هي انه هل يجوز انيأمر الله عزوجل عبده بشيء شخصي و ينهي عنه اذا كان سبب الاجتماع العبد ام لا كأنيدخل دار غيره غصباً فهو منهي عن الغصب اصالةً و مأمور بالخروج تخلصاً عن الغصب و الخروج ايضاً غصب فاجتمع الامر و النهي في موضع واحد و هو الخروج فهل هو مكلف باحدهما او بهما معاً و كذا من اولج في فرج حرام فهو مأمور بالاخراج و هو ايضاً زناء محرم و من شرع في الصلوة في دار مغصوبة فهو مأمور بالاتمام و منهي عن الغصب فقيل هو مكلف بهما معاقب فعل او ترك و قيل برفع غير الاهم و ارتفاع اثره و بقاء الاهم منهما و قيل بالثاني مع بقاء الاثر و قد مرّ ان الامتناع بالاختيار علي قسمين اما يمكنه و يمتنع و اما لايمكنه فان كان يمكنه يجب عليه الاتيان به كما مرّ من عبادة الكافر و ان كان لايمكنه كمن قطع يده فلايقدر انيتوضأ فقد اختار المصنف انه معاقب بترك ذيالمقدمة بمحض ترك المقدمة و تبين انه اخطأ في المسألة و تقدم التفصيل فيه بالجملة عن مشهورهم ان الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار و ظاهرهم المنافاة خطاباً و عقاباً فبعد سلب القدرة لايصح الطلب و لايترتب الاثر عليه و قيل لاينافي خطاباً و عقاباً و ظاهر قولهم انه بعد سلب القدرة يصح الطلب و العقاب و نقل قول ثالث و هو بقاء الاثر مع رفع النهي و اختار المصنف المنافاة خطاباً لا عقاباً كما مرّ.
قوله «بحكم العقل» الي اخر فالعقل اذا كان غير مستنير بنور الشرع و غير
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۴ *»
مستند بالكتاب و السنة فلااعتبار به اصلاً لانه لايعلم هل هو شيطنة و نكراء ام عقل لانها شبيهة بالعقل و ليست بعقل و ميزان تمييزهما مطابقة الشرع فان كان مستنيراً به مستنداً اليه فهو عقل و هو يطابقه و معني قول المصنف اذ الامكان العقلي لايلازم الوقوع الشرعي انه رب شيء اذا نظر العقل فيه لميأب عنه و جوزه بحسب ذاته و لايري فيه امتناعاً ولكن لميقع في الشرع و لميجر به الشريعة و هذا الكلام في بادئ النظر يتبين صحيحاً ولكن اذا تعمق فيه المتعمق يراه باطلاً و ذلك ان العقل اذا كان كاملاً محيطاً بالغيب و الشهادة و نظر في المجموع و رأي الشيء حسناً امر به في الشرع اذ ما من حسن الا و قد امر به و ان رءاه قبيحاً نهي عنه اذ ما من قبيح الا و قد نهي عنه و في نظر هذا العقل لايجوز التكليف بقبيح و النهي عن حسن فما جوزه وقع في شرعه و ما لميجوزه لميقع في شرعه و اما العقل الناقص الذي يتوهم بعض وجوه الشيء و خفي عنه وجوه علي حذو قول الشاعر علمت شيئاً و غابت عنك اشياء فربما يتخلف تجويزه عن الواقع في الشرع و انهما اذا تخلفا دلّ علي انه شيطاني لا عقلي.
و قوله «ام يبقي الاهم» خلاف العربية و الصحيح او يبقي.
قوله «و اما الاهم» الخ فقد عرفت ان العرف غير مضبوط و الانظار مختلفة و لايصير ميزان الاحكام الشرعية بل المدار علي السمع و النطق من الشارع.
قوله «و لو قيل» الي اخر يعني لو قيل ان الكافر في الوقت غير مستكمل الشروط و ان اسلم بعد الوقت فالاسلام يجبّ ما سلف و ان لميسلم فهو غير مستكمل الشروط فكيف هو مكلف بالقضاء و كيف تقول ان الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار خطاباً يجاب عنه بانه بعد دخول وقت الصلوة مثلاً مكلف بالصلوة فلما لميسلم فيالوقت حتييصلي و فوتالاداء باختياره فهو معاقب عليه و كذا فوت القضاء لانه فرع الاداء و قوله «اسلم ام لميسلم» الصحيح او لميسلم و ام هنا خلاف العربية.
بالجملة كل ذلك جرأة علي الله و حكم في دين الله بغير سلطان و كان الواجب عليهم الرجوع الي الكتاب و السنة اما في مثل تمثيلهم بالخروج من المكان الغصبي بانه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۵ *»
قداجتمع فيه الامر و النهي و تكلمهم فيه فكل ما ذكروا خيالات و الغصب فعل من الغاصب عدواناً و ظلماً علي المغصوب منه و جلباً الي نفسه و في اللغة غصب الشيء غصباً اخذه قهراً و ظلماً و من يندم علي ذنبه و يريد انيخلي المغصوب و ينزع عنه يده لايقال لذلك لغةً و لا شرعاً انه غاصب و يغصب و ليس بمنهيعنه بل هو مأمور به من عند الله سبحانه و ان الله يأمر بالعدل و الاحسان و يثاب علي الامتثال و لو كان ذلك من افراد الغصب ماكان واجباً و ماكان يثاب عليه و ما قالوه نفخ في غير ضرام.
و كذا الاخراج من الفرج الحرام اعراضاً عنه و ندماً عليه ليس بزناء شرعاً و لغةً و لا بمنهيعنه بل هو واجب عليه و يثاب عليه و ليس الاخراج امتثالاً و ندماً و اعراضاً باغتصاب فرج و لا بمنهيعنه و ما ذكروه محض خيال.
و اما الصلوة في المغصوبة بعد الشروع فنفس الاتمام تصرف في ملك الغير بدون اذنه و منهي عنه و لايشمله نهي لاتبطلوا اعمالكم فان هذا العمل بنفسه باطل و غلب الحرام الحلال و كان شروعه فيها باطلاً هذا و هذه الاية مجملة لايجوز الاستدلال بها في هذه الموارد و مورد الاية في الكتاب ان المراد ابطال الاعمال بالكفر و مشاقة الرسول و عداوة المحمد: ويشهد بذلك الاخبار ايضاً و مجملات الكتاب لايجوز العمل بها من غيرتفسير من المحمد:.
و اما الكافر فمخاطب بالفروع و تارك لما يقدر عليه غاية الامر ان بعض ما كلف به مترتب علي بعض فهو معاقب علي تركه الصلوة فاذا لميصل في الوقت فقدفرط و يعاقب علي ما كان يقدر عليه و ان لميسلم حتي مضي الوقت فهو مكلف بالقضاء مع شروطه و من شروطه الاسلام الا انه اذا اسلم يعفا عما فرط و العفو لذنب كان عليه و لايدل العفو علي عدم تكليفه.
قال ابوجعفر7 ان اناساً اتوا رسول الله9 بعد مااسلموا فقالوا يارسول الله أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد اسلامه فقال لهم رسول الله9 من حسن اسلامه و صح يقين ايمانه لميؤاخذه الله تبارك و تعالي بما عمل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۶ *»
في الجاهلية و من سخف اسلامه و لميصح يقين ايمانه اخذه الله تبارك و تعالي بالاول و الاخر و في رواية من احسن في الاسلام لميؤخذ بما عمل في الجاهلية و من اساء في الاسلام اخذ بالاول و الاخر انتهي.
فتبين ان الاسلام يجبّ ما سلف عفواً لكرامة الاسلام علي الله لا بان الكافر لميكن مكلفاً بل هو مذنب يستحق العقاب ولكن بحرمة الاسلام يعفو الله عنه فان لميسلم الكافر بعد خروج الوقت هو مكلف بالاسلام و القضاء الا ان الله عزوجل قد عفا عنه اذا اسلم كالمخالف اذا استبصر و ذلك ترغيب في الاسلام و رفع للعسر عن الانام و لو كان يجب عليه تدارك ما مضي من الاعوام لمارغب احد في الاسلام و كان عسراً و حرجاً بلا كلام هذا و ما كان فيه من الكفر اعظم مما فرط من اعماله و اما من قطع يده فقد قطع يده حراماً و عليه اثمه و ضيّع وضوءه و صلوته باختياره و عليه اثم التضييع كما مرّ مفصلاً مع الاخبار الدالة عليه الا ان بناء القوم انيستبدوا بافكارهم من دون مراجعة اخبارهم و اثارهم و قد كلفوا بالاعراض عن الاول و ملازمة الثاني فلازموا الاول و اعرضوا عن الثاني.
قال: اصل هل النهي يدل علي الفساد مطلقا ام لا مطلقا ام في العبادات دون المعاملات ام فيها شرعاً لا لغةً ام في العبادات شرعاً دون المعاملات مطلقا ام يدل علي الصحة وجوه و النزاع فيما اذا ورد للعبادة او المعاملة جهة صحة ثم ورد النهي عن بعض افراد المكلف او المكلف به و المراد من العبادة معناها الاعم اي ما يشترط فيه نية القربة من تلك الجهة لعموم الادلة و من المعاملة معناها الاخص حذراً من التناقض فتأمل و من الصحة ما هو المراد منها في بحث الصحيح و الاعم و من الفساد الفساد الاني في وجه و السنخي في اخر.
اقول: قوله «و النزاع فيما اذا ورد» الي اخر يعني اذا ورد للعمل وجه صحة من الشرع ثم ورد النهي عن مباشرة بعض المكلفين له او عن بعض افراد العمل المذكور فهل يرجح الصحة المدلولعليها اولاً فيكون صحيحاً او يرجح ذلك النهي الخاص فيكون منهياًعنه.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۷ *»
قوله «و المراد من العبادة» الخ اعلم انهم قالوا ان العبادة قد تطلق و يراد بها ما يشترط في ترتب اثره نية القربة من حيث انه مشروط بها و المعاملة علي ضد ذلك و بينهما عموم من وجه تتصادقان في النكاح بقصد القربة و تتفارقان في الصلوة و البيع و قد تطلق العبادة علي الفعل المعدّ للاطاعة محضاً و المعاملة ما ليس كذلك و هذا اصطلاح منهم و الا فالعبد لابد و انيكون جميع اعماله عبادة و يجب عليه قصد الامتثال في جميع اعماله و يحرم عليه عمل من غير قصد امتثال كايناً ما كان بالغاً ما بلغ قال علي بن الحسين8لا عمل الا بالنية و عن ابيعبدالله عن ابائه عن اميرالمؤمنين: قال قـال رسولالله9 لا قول الا بعمل و لا قول و لا عمل الا بنية و لا قول و عمل و نية الا باصابة السنة و قـال رسولالله9 ليكن لك في كل شيء نية حتي في النوم و الاكل انتهي.
فكل عمل من العبد ليس فيه نية الامتثال لامر الله و نهيه او اباحته هو عبادة الهوي و الرأي و الشيطان و كل عمل عمله لايجاب الله اياه او لندبه اليه او لاباحته اياه او تركه لكراهته او لتحريمه فهو ممتثل متعبد و قد عبد الله و الا فقد عبد الشيطان كما روي عن ابيجعفر7 من اصغي الي ناطق فقد عبده فان كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله و ان كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان و لاينتقض ذلك بمثل ما اذا وقع النائم في الماء و تطهر جسمه اذا كان نجساً فانه يكفيه و لا نية فيه فان اكتفاءه به بعد التنبه لاجل امتثال الامر.
و ان قلت لاشك في ان العبد اذا باع بيعاً لا لاجل التقرب صح بيعه فكيف يشترط النية في كل اعماله قلت ان باع العبد بيعاً لا لاجل اجازة الله البيع و قوله احل الله البيع بل بهوي نفسه يكون حلية ذلك البيع محل كلام و لا كلام عندنا في بطلانه و ان باعه لاجل تحليل الله اياه صح بيعه و هذا القدر من النية كاف في صحة العمل بل و يكفي علمه ان هذا البيع من المحللات في ديني هذا و النية عندنا امر بسيط و ليس اخطاراً بالبال كما اخترعوه هذا و هذا الذي يذكرونه و يخصصونه من نية القربة ماادري وجه خصوصية هذه الجهة و ماادري اية اية تدل علي ذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۸ *»
و لمار خبراً يشهد بذلك و انما المذكور في الكتاب و السنة انيعمل العمل لله عزوجل لا لغيره و ان ورد ذلك بالفاظ مختلفة و اما خصوصية القربة فلااعرف لها وجهاً فلانشترط في صحة البيع نية القربة علي اصطلاحهم و لانشترط فيه التماس الثواب ولكن نشترط فيه الايمان و العمل لانه مجوز في الدين لا علي معني نية الوجه كما يقولون بل بنية بسيطة فلو خالف ذلك فصحة معاملته ايضاً محل كلام كما مرّ ولكن علي اصطلاحهم العبادة ما يشترط في صحته نية القربة و لايكفي انيكون معدّاً للاطاعة فان الصلوة معدّة للاطاعة و ليست بعبادة ما لميكن فيها نية القربة اللهم الا انيقال ان النية جزء الصلوة لا شرط خارج فالمدار علي النية و المعاملة ما يصح بدون نية القربة و كان الاحسن انيقول بدل المعاملة غير العبادة فان الاكل و الشرب و التخلي و الاستنجاء و جميع ما سوي العبادة محل نزاع و لايفهم من لفظة المعاملة امثال ذلك لا شرعاً و لا عرفاً و لا لغةً.
و اما قوله «معناها الاعم» فمراده ان لفظ العبادة حقيقة في الاتيان بالمحبوب علي وجه المحبوبية فعلاً كان او تركاً كلف به ام لا و هو قدر مشترك بين ما اعدّ للاطاعة و ما لميعدّ لها ولكن يمكن فعلها علي جهة الانقياد كالنكاح بقصد القربة و هذا المعني للعبادة في غاية الغرابة فانه اثبت عبادة محبوبة لله سبحانه لميصدر بها امر و لميكلف بها كما صرح به في الضوابط مع ان العبادات توقيفية و لا عبادة الا بامر من الله جل و عز و توقيف منه.
و قوله «معناها الاخص» الخ يعني المراد من المعاملة معناها الاخص اي ما لايشترط في ترتيب اثره نية القربة من حيث انه غير مشروط بها و هذا المعني اخص من قولهم فيها انها ما لمتعدّ للاطاعة او التعبد من حيث ذاته و ان امكن كونه عبادة علي بعض الاعتبارات فان النكاح علي ايّ حال جزء المعاملات علي هذا التعريف و اختار هذا لئلايلزم التناقض فيكون معني العبادة علي قول و معني المعاملة علي قول.
و وجه التأمل في قوله انه يقال للنكاح و ما له وجهان بقول مطلق انه معاملة فيصح سلب العبادة عنه فالمعني الثاني للمعاملة اصح ولكن يجاب عنه بان ذاالوجهين مع قيد كونه لوجه الله عبادة و لايصح سلبها عنه.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸۹ *»
قوله «و من الصحة» الي اخر المنقول عن المتكلمين ان الصحة ما وافق الامر و عن الفقهاء انها ما اسقط القضاء قالوا فاذا صلي بظن الطهارة ثم انكشف خلافه فعمله عند المتكلمين صحيح و عند الفقهاء غيرصحيح لانه غير مسقط للقضاء و انا لااعرف فرقاً بين المعنيين فان الله عزوجل لميأمر الا بما احب و رضي و لميأمر الا بما عرف المكلف و علم فلو اتي العبد بما امر به علي حسب علمه سقط عنه التكليف و رضي الله عنه ما لمينكشف فساد علمه و ان لميأت بقيت ذمته مشغولة فلو صلي مع ظن الطهارة لميأت بالمأموربه اولاً فان ظن الطهارة غير كاف و خبطوا في التمثيل فان اريد منه اليقين العادي فهو ما لمينكشف الخلاف ات بما امر به في ذلك الوقت عليحسب علمه و بعد كشف الخلاف امره الله بالقضاء في الشرع فيقضي.
وان قلت ان الكلام فيما لميرد امر بالقضاء هل عليه القضاء ام لا قلت بعد الانكشاف عرف انه خالف السنة غاية الامر انه لا اثم عليه في ذلك و اما خلاف السنة فقدوقع و لا قول و عمل و نية الا باصابة السنة و قال ابوعبدالله7 كلما خالف كتاب الله و السنة فهو يردّ الي كتاب الله و السنة فقبل الانكشاف لافرق بين القولين و بعد الانكشاف لافرق ايضاً هذا و القضاء بامر جديد اي بدلالة الشارع كما مرّ فلانحتاج الي وضع قاعدة لذلك.
و الذي رجحه المصنف في معاني الصحة ما من شأنه اسقاط القضاء و هذا الاختيار منتقض بما حكم بعضهم في مواضع كثيرة بصحة الاداء و وجوب القضاء كفاقد الطهورين فان عليه الصلوة في الوقت اداءاً و خارج الوقت قضاءاً و كمن احدث في زحام الجمعة فيتيمم و يصلي ثم يقضي و الذي يعلم عدم الماء و يجامع و كمن مس الميت المتيمم لعدم الماء و المغسل بالماء بدلاً من الخليطين او من احدهما و من تعمد الجنابة مع وجود الماء اذا خاف التلف باستعمال الماء و كمن اهرق الماء بعد دخول الوقت مع علمه بعدم الماء و كواجد الماء في اثناء الصلوة و كمن دعاه المالك لدخول ارضه و بعد شروعه في الصلوة امره بالخروج فاختيار المصنف غيرمختار علي ما اختار الذين يحكمون بصحة هذه الصلوات و معذلك يوجبون عليه القضاء فقول المتكلمين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۰ *»
اسد من قولهم و ان كنا نقول ان الصحة مقتضي امتثال العبد ما امره المولي علي ما امره.
و اما الفساد فقد قال المصنف انه آني في وجه و سنخي في وجه و المراد من الفساد الاني ما هو فاسد آن العلم فالمصلي في المغصوب المجهول الغصبية صلوته صحيحة لا فاسدة لعدم تعلق النهي بالجاهل فاذا اطلع و ورد النهي فان دل علي الفساد فسدت و الفساد السنخي هو انيكون الصلوة فاسدة و ان كان جاهلاً بالغصب علي انيكون عدم الغصب شرط صحة الصلوة ولكل عند المصنف وجه و كلها اراء منهيعنها و حرام علي الشيعة المجادلة فيها و العمل بها و الاتكال عليها و الاستناد اليها.
و الحق المستفاد من الكتاب و السنة ان الله سبحانه امر باشياء فيها صلاح الخلق و له فيها الرضا و نهي عن اشياء فيها فساد الخلق و له فيها السخط فما نهي عنه ففيه فساد الخلق و مرتكبه عاص لله عزوجل مسخوط له فسمه ما شئت و ما امر به ففيه صلاح الخلق و مرتكبه مطيع لله عزوجل مرضيعنه فان اتي المكلف بما امر به كما امر فاتيانه به يقتضي صحة عمله و موافقته لمراد الله و ان لميأت به كما امر و قد اشتغل ذمته بما امر فلميبرأ ذمته عما اشتغلت به فعليه انيبرئ ذمته مما اشتغلتبه فسمه ما شئت و ما نهيعنه ففيه فساده والله لايحب الفساد فهو مسخوط فالعمل المنهيعنه اذا عمله المكلف مسخوط و يعذبه الله عليه سواءاً كان عبادة او غير عبادة.
فالنهي يدل علي طلب الترك و طلب الترك من الله تحريم و التحريم نهي عن موقع الفساد و السخط فاذا خالف وقع في الفساد و السخط قال ابوعبدالله7 اعلموا ان ما امر الله بالاجتناب عنه فقد حرمه الي ان قال و اعلموا انه انما امر و نهي ليطاع فيما امر و لينتهي عما نهي عنه فمن اتبع امره فقد اطاعه و قد ادرك كل شيء من الخير و من لمينته عما نهي الله عنه فقد عصاه الحديث و هل مناط الصحة الا الطاعة و هل مناط الفساد الا العصيان ألمتسمع ما مرّ في نكاح العبد بغير اذن مولاه انه قيل لابيجعفر7 اصلحك الله ان الحكم بن عتيبة و ابراهيم النخعي و اصحابهما يقولون ان اصل النكاح فاسد و لاتحل اجازة السيد فقال ابوجعفر7 انه لميعص الله فانما عصي سيده
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۱ *»
فاذا اجازه فهو له جايز انتهي فمناط الفساد العصيان و من لمينته عما نهي الله عنه فقد عصاه فعمله فاسد.
و قال ابوعبدالله7 في وجوه معايش العباد و اما وجه الحرام من الولاية فولاية الوالي الجاير و ولاية ولاته فالعمل لهم و الكسب معهم بجهة الولاية لهم حرام محرم معذب فاعل ذلك علي قليل من فعله او كثير لان كل شيء من جهة المعونة له معصية كبيرة من الكباير و ذلك ان في ولاية الوالي الجاير دروس الحق كله فلذلك حرم العمل معهم و معونتهم و الكسب معهم الا بجهة الضرورة الي ان قال في التجارات و اما وجوه الحرام من البيع و الشراء فكل امر يكون فيه الفساد مما هو منهيعنه من جهة اكله او شربه او كسبه او نكاحه او ملكه او امساكه او هبته او عاريته او شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد نظير البيع بالربوا الي ان قال فهذا كله حرام و محرم لان ذلك منهي عن اكله و شربه و لبسه و ملكه و امساكه و التقلب فيه فجميع تقلبه في ذلك حرام و كذلك كل بيع ملهو به و كل منهيعنه مما يتقرب به لغير الله او يقوي به الكفر و الشرك من جميع وجوه المعاصي او باب يوهن به الحق فهو حرام محرم بيعه و شراؤه و امساكه و هبته و عاريته و جميع التقلب فيه الي ان قال في الاجارات و اما وجوه الحرام من وجوه الاجارة نظير انيواجر نفسه علي حمل ما يحرم عليه اكله او شربه الي ان قال او شيء من وجوه الفساد الذي كان محرماً عليه من غير جهة الاجارة فيه و كل امر نهي عنه من جهة من الجهات فمحرم علي الانسان اجارة نفسه فيه او له او شيء منه او له الا لمنفعة من استأجره الي ان قال في الصناعات و محرم عليهم تصريفه الي جهات الفساد و المضار الي ان قال و انما الاثم و الوزر علي المتصرف بها في وجوه الفساد و الحرام الخبرو هل يخفي علي ذيحجي فساد ما نهي عنه من المعاملات بعد هذا الحديث و امثاله.
و قال الرضا7 في حديث و حرم غصب الاموال و اخذها من غير
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۲ *»
حلها لما فيه من انواع الفساد و الفساد محرم لما فيه من الفناء و غير ذلك من وجوه الفساد الخبر و هل الفاسد الا ما فيه الفساد و هل حرم شيء الا لما فيه من الفساد و قال الرضا7 في حديث انا وجدنا كل ما احل الله تبارك و تعالي ففيه صلاح العباد و بقاؤهم و لهم اليه الحاجة التي لايستغنون عنها و وجدنا المحرم من الاشياء لا حاجة للعباد اليه و وجدناه مفسداً داعياً الي الفناء و الهلاك الي ان قال فيكفي الدليل علي انه لميحل الا لما فيه من المصلحة للابدان و حرم ما حرم لما فيه من الفساد الي غير ذلك من الاخبار و لعمري هذه المسائل ليست محل تأمل عند الفطر المستقيمة و هي من البديهيات و لذا لميتصد الائمة: لبيانها و لميسأل عنها اصحابهم كليةً و انما شدّد القوم علي انفسهم فشدّد الله عليهم فروي عن النبي9 لاتشددوا علي انفسكم فيشدد الله عليكم فان قوماً شدّدوا علي انفسهم فشدّد عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع و الديار رهبانية ابتدعوها ماكتبناها عليهم.
قال: ثم في كون النزاع هنا و في المسألة السابقة في العامين من وجه او في المطلقين او فيهما و في الدلالة اللفظية او العقلية او فيهما وجوه يبلغ مضروبها ستة و ثلثين اوجهها كون النزاع في المسألة السابقة في العامين من وجه في الدلالة العقلية و هنا في العامين من وجه و في المطلقين لكن في الدلالة اللفظية فتأمل ثم انه بين اتفاقهم في بحث المطلق و المقيد علي حمل الاول علي الاخير مطلقا كما حكي و خلافهم هنا علي اقوال شتي تناقض بيّن بل تكرار في العنوان ايضاً و قديتفصي عنه بوجوه ليس شيء منها بشيء.
اقول: هذه الاحتمالات من غزارة علم المصنف و ان لميحتمل احدها و العجب حيرتهم في محل النزاع و عدم علمهم بما يتنازعون فيه كما صرح به في الضوابط و اشار اليه هنا بقوله اوجهها و لما لميكن في عدّها و ضربها فائدة و كان يظهر بادني تأمل لمنتعرض لبيان كيفية ضربها و بلوغها ستة و ثلثين و الحاصل انه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۳ *»
يحتمل انيكون محل النزاع في المسألة السابقة في العامين من وجه كالصلوة و الغصب و في الدلالة العقلية كما مرّ و هنا في العامين من وجه و في المطلقين لكن في الدلالة اللفظية يعني لفظ النهي يدل علي الفساد اذا كان شيء مأموراً به مطلقا كالصلوة ثم ورد نهي عن شيء عام يمكن انيجامعها كالغصب او عن جزئها كقراءة العزائم فيها او وصفه اللازم كالجهر في الفرايض النهارية او غير ذلك مما يأتي في العبادات و غير العبادات و قدعرفت ان لفظ الامر لايدل علي شيء غير طلب الفعل و من الله ايجاب و لفظ النهي لايدل علي شيء غير طلب الترك و من الله تحريم و امتثالهما طاعة محبوبة لله سبحانه و يقتضي الصحة و مخالفتهما عصيان مبغوض لله سبحانه و يقتضي الفساد و هذه امور عقلية لا لفظية و جميع ما قاله المصنف خيالات قداستبد بها من غير مراجعة للكتاب و السنة و اقتضاء المذهب.
و قوله «ثم ان بين اتفاقهم» الي اخر فستعلم ان حمل المطلق علي المقيد و حمل العام علي الخاص مطلقا اللذين شاعا و ذاعا بينهم كأنهما من المسلمات التي لاشك فيها لااصل لهما ابداً و لمينزل بهما كتاب و لميرو فيهما اثر و لميجر عليهما عرف و لميدل عليهما لغة و انما هما شيء قد قال اول المجتهدين و اتبعه اخرهم حتي سري في المحدثين من غير روية و انما هما اثران متعارضان و لابد فيهما من العمل بمقتضي ما امرونا به من العمل في الاخبار المتعارضة.
بالجملة مراده من قوله «تناقض» الي اخر يعني انهم نقلوا الاتفاق في حمل المطلق علي المقيد سواءاً كانا مثبتين او منفيين او مختلفين و هنا اي فيما ورد له جهة صحة مطلقاً ثم ورد نهي عن قيد لهم ستة اقوال ففيه تناقض و تكلف بعضهم في الجواب عنها بوجوه خمسة زيّفها المصنف و لا حاجة بنا الي اصلاح كلمات القوم اذ لا فائدة فيه و الحق هنا و في ما سيأتي من المطلق و المقيد ان الامر و النهي تعارضا و يجب انيعمل فيهما علي ما قرروا و لاحاجة الي هذه التطويلات.
قال: ثم النهي المتعلق بالعبادة او المعاملة اما يتعلق بنفسها او بجزئها او
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۴ *»
بشرطها او بوصفها الداخل او الخارج او بشيء مفارق متحد معها في الوجود او غير متحد و ماعدا الاول من تلك الاقسام السبعة يجري فيه تلك السبعة فترتقي الي ثلثة و اربعين فاستخرج امثلتها و يعم النزاع كل اقسام النهي من النفسي و التوصلي و اللفظي و اللبي فتأمل و الاصلي دون التبعي كمايظهر من الثمرة التي ذكروها في بحث اقتضاء الامر النهي عن ضده و ثمرة هذا النزاع ظاهرة.
اقول: اولاً ان النهي المتعلق بنفس العبادة غيرمعقول فان المنهي حرام و الحرام لايكون عبادة اللهم الا ان يكون عبادة في دين اخر او مذهب اخر فينهي عنها في هذا الدين و هذا المذهب او يكون الماهية ماهية صالحة لانتكون عبادة فنهي عن فرد منها كصوم العيد او نحو لا وصال في صيام و اما المعاملة فنحو لاتأكلوا الربوا او بجزئهما كالنهي عن قراءة العزايم و بيع الغرر بجهالة الثمن مثلاً او بشرطهما كالنهي عن نجاسة الثوب في الصلوة و النهي عن بيع الملاقيح فان شرط صحة البيع القدرة علي التسليم و هنا غيرممكن او بوصفهما الداخل كالنهي عن الجهر في النهارية و النهي عن نكاح الشغار او الخارج كالنهي عن الصلوة في المغصوب و البيع وقت النداء او بشيء مفارق متحد معها في الوجود كما مثلنا في الخارج او غيرمتحد كالنهي عن النظر الي الاجنبي في اثناء الصلوة و كقوله لاتستعن بمجوسي و لو علي اخذ قوائم شاتك و انت تريد انتذبحها و قولهم لاتعامل ذاعاهة فانهم اظلم شيء علي فرض الحرمة.
قوله «و ماعدا الاول» الخ يعني يمكن في كل واحد من الستة الباقية جميع السبعة ففي الجزء مثلاً يمكن انيكون النهي متعلقاً بنفس الجزء او جزء الجزء او شرط الجزء او وصفه الداخل او الخارج و هكذا فاذا ضربت الستة في السبعة و زدت عليها واحداً صارت ثلثة و اربعين.
قوله «و يعم النزاع كل اقسام النهي» الي اخر و ذلك ان النهي يمكن انيكون عن شيء محرم لنفسه او عنه للتوصل الي غيره و يمكن انيكون النهي لفظياً و يمكن انيكون اجماعياً و يمكن انيكون اصلياً و لايمكن انيكون تبعياً فانه من اقتضاء الامر بضده.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۵ *»
قوله «و ثمرة هذا النزاع ظاهرة» يعني ان قلنا بدلالة النهي علي الفساد فلابد من الحكم بالفساد و الاصل فيه الفساد الا اذا ورد عليه جهة صحة فالاصل بعده عدم الفساد و ان قلنا بدلالته علي الصحة فالاصل فيه الصحة و ان قلنا بعدم الدلالة علي واحد منهما فمقتضي اصالة الاشتغال الفساد الا انيرد عليه جهة صحة فالاصل الصحة هذا حاصل ارائهم في المقام.
و اعلم ان الشريعة المقدسة بنيت علي جمع المتفرقات و تفريق المجتمعات فتنة من الله للعباد كما روي عن اميرالمؤمنين7 في حديث انا نجد اشياء قد وفّق الله تعالي بين احكامها و ان كانت متفرقة و نجد اشياء قد فرّق الله بين احكامها و ان كانت مجتمعة فدلّنا ذلك من فعل الله تعالي علي ان اشتباه الشيئين غيرموجب لاشتباه الحكمين الخبر فاذا لايمكن للعقول الناقصة وضع قواعد كلية في الدين تجري في جميع افرادها و قد فرّق الله بين احكامها و يجب انيكون المدار علي السمع و النطق في كل شيء كما قال ابوعبدالله7 اما انه شر عليكم انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا و وضع الاصول منصب الامام المحيط بالاشياء كما قال ابوعبدالله7 انما علينا اننلقي اليكم الاصول و عليكم انتفرعوا ولكن القوم اتبعوا الاولين من المجتهدين حيث انقطعوا عن المحمد: فارادوا انيضعوا لانفسهم مدارك يستنبطوا منها الاحكام فوضعوا هذه القواعد الكلية و فرّعوا عنها الاحكام الجزئية فاتبعهم الاخرون غافلين عن ان اولئك كانوا يدعون الامامة لانفسهم و مقتضي مذهب هؤلاء التبعية لامام معصوم و ليس لهم الا التفريع علي اصول يلقيها اليهم امامهم أو ما حسبك في تصديق ما ذكرنا انهم لايستندون في كتاب من كتبهم الي كتاب و لا الي سنة و لو تكلف لهم متكلف و اخرج لهم حديثاً لايدل ذلك علي اصابة اولئك فانهم قائلون بالرأي عاملون به و اتفق وجود حديث لميروه و لميستندوا اليه فهم واقعون في المحذور كيفما كان و من فتنة الله انه جعل بعض دينه معقولاً و بعضه غيرمعقول حتي يميز اهل التسليم من اهل الاستبداد قال الرضا7 اعلموا ان رأس طاعة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۶ *»
الله التسليم لما عقلناه و ما لمنعقله فان رأس المعاصي الرد عليهم و انما امتحن الله عزوجل الناس بطاعته لما عقلوه و ما لميعقلوه ايجاباً للحجة و قطعاً للشبهة انتهي.
بالجملة مذهب المحمد: ان من خالف امر الحجة و نهيه فعمله حرام فاسد كما قال الرضا7 لايحل مال الا من وجه احله الله و عنه عن ابائه: قال قال رسول الله9 لا قول الا بعمل و لا قول و لا عمل الا بنية و لا قول و عمل و نية الا باصابة السنة و قال ابوجعفر7 كل من تعدي السنة ردّ الي السنة و قال7 من جهل السنة ردّ الي السنة و سئل ابوجعفر7 عن رجل تزوج عبده بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع علي ذلك مولاه قال ذاك لمولاه ان شاء فرّق بينهما و ان شاء اجاز نكاحهما الي ان قيل له فانه في اصل النكاح كان عاصياً فقال ابوجعفر7 انما اتي شيئاً حلالاً و ليس بعاص لله انما عصي سيده و لميعص الله ان ذلك ليس كاتيان ما حرّم الله عليه من نكاح في عدة و اشباهه و قال7 انما الطلاق الذي امر الله عزوجل به فمن خالف لميكن له طلاق و قيل لابيعبدالله7 رجل صام في السفر فقال ان كان بلغه ان رسولالله9 نهي عن ذلك فعليه القضاء و ان لميكن بلغه فلاشيء عليه و قيل له7 يتزوج الرجل بالامة بغير علم اهلها قال هو زني ان الله يقول فانكحوهن باذن اهلهن و قال7 كل شيء خالف كتاب الله فهو ردّ الي كتاب الله عزوجل و قال7 في حديث و ان رسولالله9 ردّ طلاق عبدالله بن عمر لانه كان خلافاً للكتاب و السنة و قال7 كل شرط خالف كتاب الله باطل الي غير ذلك من اخبار كثيرة لاتحصي فكل منهيعنه فاسد سواءاً كان عبادة او غيرعبادة و يجب رده الي السنة و جميع ما ذكروه اثم يجب الانزجار عنه و ان كان يطابق الحق فيالواقع لانهم يقولونه بالرأي فان اصابوا في شيء فعليهم اثم الاستبداد و ان اخطأوا فعليهم اثمان فتدبر.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۷ *»
قال: و الاصل في المسألة عدم الدلالة علي الفساد و لا علي الصحة لاصالة التوقيفية و اصالة عدم التخصيص و التقييد و الحق فيها ان المنهيعنه لنفسه من العبادة يدل النهي علي فساده اتفاقاً عقلاً بل و لفظاً لفهم العرف و المنهيعنه لجزئه ان كان نهيه لفقد الجزء فسد اتفاقاً لا للنهي بل للفقد فهو خارج عن النزاع او لفساد الجزء الموجود مع تعلق النهي بطريق التقييد كلاتصل مع قراءة العزيمة او بطريق تعلق النهي بالجزء مستقلاً مع تعيين المحل كلاتقرأ العزيمة في الصلوة او بدون تعيينه كقوله لاتقرأ العزيمة بعد قوله اقرأ في الصلوة فالكلام فيه من جهة العقل ما مضي فيالمسألة السابقة و من جهة اللفظ ان العرف يفهم الاشتراط بل يفهم التقييد ايضاً في القسمين الاولين من الثلثة و في المنهيعنه لشرطه يتصور تلك الاقسام و تجري فيه تلك الاحكام الا في القسم الاخير اذا كان نفس الشرط معاملة فلايفهم الفساد عرفاً و المنهيعنه لوصفه الداخل كالمنهيعنه لجزئه اقساماً و احكاماً عقلاً و لفظاً و في المنهيعنه لوصفه الخارج و ما بعده من القسمين لا فساد عقلاً مطلقاً و لا لفظاً الا اذا كان بطريق التقييد او الاستقلال مع تعيين المحل.
اقول: قوله «و الاصل في المسألة» الي اخر يعني ان القول بدلالة النهي علي الفساد خلاف الاصل لان الالفاظ توقيفية في المعاني اللغوية و الشرعية فما لميثبت الوضع لايدل النهي علي الفساد فالاصل عدم الدلالة حتي يثبت الوضع و لان الاصل عدم تخصيص العام و تقييد المطلق الوارد الدالّ علي الصحة و كذا دلالته علي الصحة خلاف الاصل.
قوله «و الحق فيها» الي اخر اي اذا نهي عن نفس العبادة يدل النهي علي الفساد اتفاقاً عقلاً بل و لفظاً لفهم العرف و هذا كلام متهافت لان العبادة المنهي عن نفسها اولاً غيرمعقولة و دلالته عقلاً لا فائدة فيها ما لميكن مستنداً الي الشرع و لفظاً لفهم العرف لاعبرة به لاختلاف العرف و لميقل شرعاً لانه غير مستند اليه.
قوله «و المنهيعنه لجزئه» الخ يعني اذا نهي عن شيء لجزئه كقولهم لا صلوة الا بفاتحة الكتاب و لميقرأ فاتحة الكتاب فسد اتفاقاً لا للنهي بل لفقد الجزء و لاافهم سرّ ابائه عن كونه فاسداً للنهي ايضاً و الحال انه صار جزءاً بوضع الشارع و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۸ *»
امره به و صار تركه حراماً لنهي الشارع عن تركه و تاركه غيرممتثل لمخالفته الامر و النهي غاية الامر ان الامر كان يكفي لاشتغال الذمة بمدلوله و عدم براءة ذمة التارك و كذلك النهي عن الترك كاف في اشتغال الذمة و عدم براءة الذمة بالترك و مااجتمع الحرام و الحلال الا و غلب الحرام الحلال و اذا اتي بالجزء فاسداً فكذلك و استدل له بالعقل و قد ذكرنا عدم الاعتماد اليه في دين الله و بفهم العرف من اللفظ و قد عرفت اختلافه و عدم جواز الاعتداد به و لميذكر الشرع كما مرّ و انت تعلم انه اذا امر الشارع بشيء يريد منه الصحيح كما مرّ فان اتي بالفاسد فقد خالف المأمور به و قداشتغل ذمته بالصحيح لانه مكلف به و قد قال ابوعبدالله7 اذا امرتكم بشيء فافعلوا و هو لميفعل ما امر به و خالف السنة فيرد الي السنة فعمله فاسد.
قوله «و في المنهيعنه لشرطه» الي اخر يعني يتصور فيه الاقسام الاربعة اي فقد الشرط و وجوده فاسداً بطريق تعلق النهي علي التقييد او الاستقلال مع تعيين المحل او بدون تعيينه كالصلوة بلاطهارة و كقوله لاتصل مع الساتر الغصبي و قوله لاتستتر بالمغصوب في الصلوة و قوله لاتستتر بالمغصوب فالاول فاسد عند المصنف لفقد الشرط لا للنهي فهو خارج عنده عن محل النزاع و قد مرّ الجواب عنه و اما باقي الاقسام فالعقل يجوّز الاجتماع عند المصنف و اما العرف فيفهم التقييد فيفسد العبادة الا القسم الرابع فالعبادة تفسد به عنده اذا كان الشرط عبادة و ان كان معاملة فلاتفسد كقوله الستر شرط الصلوة و قوله بعده لاتستتر بالمغصوب فان الاستتار بالمغصوب معاملة فلايفهم الفساد عرفاً و هذا الحكم منه علي خلاف السنة مع ان العرف كماعرفت غير معتد به في دين الله فانه قداجتمع الحلال و الحرام في هذه الصلوة و الغلبة للحرام و قدقال علي7انظر فيما تصلي و علي ما تصلي ان لميكن من وجهه و حلّه فلا قبول و هي كالصلوة علي الارض المغصوبة بلاتفاوت و هو في اثناء الصلوة مأمور بالقاء الستر المغصوب و جميع تحريكه له حرام و ليس الصلوة الا تلك الحركات المحرمة و قد مرّ ما يدل علي ذلك في اجتماع الامر و النهي.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹۹ *»
قوله «و المنهيعنه لوصفه الداخل» الخ كقوله صلّ و لاتصلّ جهراً او لاتجهر في الصلوة او لاتجهر بصلوتك فالقول فيه عند المصنف كالقول في الجزء عقلاً و لفظاً و لميذكر الشرع ايضاً لانه غير راجع اليه و قدعرفت ان العقل و العرف لايعتني بهما و المدار علي الشرع كما مرّ و دليله الشرعي ما مرّ.
قوله «و في المنهيعنه لوصفه الخارج» الي اخر اي فيه و في المنهي عن شيء مفارق متحد معه في الوجود او غير متحد لا فساد فيه عقلاً مطلقا و لا لفظاً عند المصنف الا اذا كان النهي بطريق التقييد كقوله صلّ و لاتصلّ في الدار المغصوبة او لاتغصب في الصلوة او صلّ و لاتصلّ ناظراً الي الاجنبية او لا تنظر الي الاجنبية في الصلوة فانه يفهم الفساد عرفاً و عرفت انه لاعبرة بالعرف و اما اذا كان بطريق الاستقلال كلاتغصب او لاتنظر الي الاجنبية فلايفهم الفساد و هذان المثالان عندي ليسا من باب واحد فان الصلوة في المغصوبة تصرف فيها و الصلوة كلها حركات و هي في المغصوبة تصرفات في المغصوبة و قداجتمع في الشخص الواحد المأموربه و المنهيعنه و صلوته باطلة فاسدة لاجتماع الحرام و الحلال في الشخص الواحد و اما النظر الي الاجنبية فلا ربط له بالصلوة و انما هو حرام قارن الصلوة و ليس من اجزاء الصلوة و لميتعلق نهي بنفس الصلوة و اجزائها فلايدل النهي عن النظر و حرمته علي فساد الصلوة و لو بنينا علي فساد هذه الصلوة للزم ابطال جميع صلوات المصلين الذين عليهم ذنب و هو خلاف الضرورة و البداهة و لميجتمع الحرام و الحلال في الشخص العملي و انما اجتمعا في ذمة الرجل.
قال: ثم ان النهي التبعي و التوصلي لايدلان علي الفساد عرفاً كما لايدل النهي علي الفساد في المعاملات مطلقا بحكم العرف الا اذا كان المقتضي لصحة المعاملة منحصراً فيما يكون مضاداً للنهي فيفسد لا للنهي بل لارتفاع المقتضي حينئذ نعم في المحرمات الاصلية الغير التبعية و التوصلية من المعاملات يحكم بالفساد بعد تعلق النهي لدليل خارج و هو الاستقراء و صحيحة زرارة و ليس لساير الاقوال ما يعتمد عليه ثم لو شك في كون المأمور به عبادة ام معاملة ففي الحاق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۰ *»
المشكوك بايهما وجهان.
اقول: «ثم ان النهي» الي اخر يعني ان النهي التبعي في العبادات لايدل علي الفساد فلو قال اقم الصلوة لدلوك الشمس الي غسق الليل ثم قال اقض الفائتة فوراً فترك الاداء في اول الوقت مقدمة القضاء فوراً و الامر بالقضاء فوراً نهي عن ضده الخاص و هذا النهي التبعي لايدل علي بطلان الاداء و قدعرفت ان الامر بالشيء لايدل علي النهي عن ضده الخاص فلا نهي عن الضد فلا بطلان.
قوله «و التوصلي» يعني اذا قال الشارع لاتصل في الدار المغصوبة و علمنا انه نهي عن الصلوة لئلايتوصل بها الي الغصب لمتبطل الصلوة و استدل علي هذين بالعرف و قد عرفت عدم جواز الاعتداد بالعرف و لا كل ما فهمه المصنف من لفظ لاختلاط ذهنه يفهمه كل احد و يسمي بالعرف بالجملة هذا الاختيار منه غيرمعقول فان المصلي فيالدار المغصوبة علي اي حال متحرك بحركات الصلوة فيما لايحل و متصرف بكل حركة في مال الغير بغير اذنه و قدقال مولانا صاحب الزمان روحي له الفداء لايحل لاحد انيتصرف في مال غيره الا باذنه فجميع تقلباته فيه حرام و صلوته تقلبه فيه كما ان القيام و القعود و المشي في المغصوبة تقلب و تصرف فيها فلايجوز و تلك الخيالات لانعرفها و لانعتني بها.
و قوله «كما لايدل النهي علي الفساد في المعاملات مطلقا بحكم العرف» نعم لفظ النهي لايدل علي الفساد لكن يدل علي الحرمة و طلب الترك و عدم الامتثال يقتضي الفساد فان اراد الدلالة اللفظية فحق و ان اراد الاعم فهذا حكم بغير ما انزل الله فان الله عزوجل يقول لاتأكلوا اموالكم بينكم بالباطل و يقول و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغي و يقول و ما نهيكم عنه فانتهوا و يقول الرضا7 لايحل مال الا من وجه احله الله ويقول ابوعبدالله7 ما امر الله بالاجتناب عنه فقد حرّمه الي غير ذلك من الاخبار التي سمعت فلمينه الشارع عن شيء الا و قد علم فيه الفساد و ما علم فيه الفساد فقد حرّمه و ما حرّمه يجب تركه و رده الي ما كان و ليس الفساد الا هذا و نحن لانرجح حكم العرف علي حكم النص
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۱ *»
الصريح و ايّ عرف و من عرف العرف.
قوله «الا اذا كان المقتضي» الخ اذا قال الشارع احل الله البيع بعد قوله لاتبع الشيء النجس فحينئذ يفسد البيع لا لاجل النهي بل لاجل فهم التخصيص و حلية ماعدا صورة النهي فلايبقي مقتض لحلية بيع النجس و الاصل في المعاملات الفساد و ماادري ما حمل المصنف علي ان لايكون فاسداً للنهي فلو قال قوله احل الله البيع يقتضي تحليل ماهية البيع و انه ليس كالزني مثلاً محرماً بل هو حلال و قوله لاتبع الشيء النجس ليس النهي عن الماهية بل عن القيد و علة التحريم و متعلقه النجاسة فبيع النجس منهيعنه لانهما اجتمعا في فرد و الغلبة للحرام فنهي الشارع عنه و حرّمه و بنهيه عرفنا الغلبة و الحرمة و الفساد فلو قال ذلك ما ضره.
قوله «نعم في المحرمات الاصلية» الي اخر قسّم المصنف المحرمات علي ثلثة اقسام قسم حرام اصلي كحرمة بيع الخمر و الربوا و قسم حرام عرضي كحرمة بيع العبد طعام سيده بغير اذنه و الاصلية علي قسمين اما حرام بالتبع كحرمة البيع وقت النداء لان البيع فيه سبب تأخير الجمعة فحرّم بالتبع و هذا تحريم عقلي و ان كان فيه لفظي ايضاً فهو توصلي اي لاجل التوصل الي صلوة الجمعة في وقتها و اما حرام مستقل فالمحرمات الاصلية التبعية و التوصلية و العرضية الاصل فيها الصحة عند المصنف و اما المحرمات الاصلية غير التبعية و التوصلية و قول المصنف الغير هنا خلاف العربية فهذه المحرمات الاصل فيها الفساد بمعني ان الاصل في المعاملة كان الفساد ثم عرض عليها دليل الصحة كقوله احل الله البيع مثلاً ثم ورد الدليل الاجتهادي علي فساده و دليله الاجتهادي الاستقراء بان غالب المحرمات الاصلية فاسدة فالمشكوك فاسد و هذا الاجتهاد في مذهب المحمد: كشرب الخمر و لحم الخنزير و قياس محض ممنوع عنه و دليله الاخر صحيحة زرارة و لعمري لقد حن قدح ليس منها و عجب من المصنف الاستناد الي خبر و ان كان خالف قواعدهم و استدل بالخبر الظني في الاصول التي يجب انتكون قطعية و مراده منها ماسأل زرارة اباجعفر7 عن المملوك تزوج بغير اذن سيده فقال ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرّق بينهما قال اصلحك الله ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۲ *»
الحكم بن عتيبة و ابرهيم النخعي و اصحابهما يقولون ان اصل النكاح فاسد و لاتحل اجازة السيد له فقال ابوجعفر7 انه لميعص الله انما عصي سيده فاذا اجازه فهو له جايز انتهي.
و توصيف المصنف هذه الرواية بالصحيحة ايضاً اشتباه فان في سنده ابراهيم بن هاشم و لميوثقه احد من علماء الرجال و توصيف بعض العلماء حديثه صحيحاً لايدل علي الوثاقة اذ لعلهم صححوه بالقرائن و الحديث علي اصطلاحهم حسن بالجملة قد قال المصنف في الضوابط ان المراد انه لميعص الله بالاصالة بل عصي سيده اصالةً فمقتضي مفهوم التعليل انه ان عصي الله بالاصالة فسدت المعاملة للعلة المنصوصة فما نهي عنه بالاصالة فاسد بهذه الرواية و يدل بمنطوقها علي صحة المحرمات العرضية التي منها نكاح العبد بغير اذن سيده و المصنف فسر الخبر بظنه ولكن اتفق مصادفته الواقع لرواية اخري شارحة له و هي ما سئل ابوجعفر7 عن رجل تزوج عبده بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع علي ذلك مولاه قال ذاك لمولاه ان شاء فرّق بينهما و ان شاء اجاز نكاحهما الي ان قيل فانه في اصل النكاح كان عاصياً فقال ابوجعفر7 انما اتي شيئاً حلالاً و ليس بعاص لله انما عصي سيده و لميعص الله ان ذلك ليس كاتيان ما حرّم الله عليه من نكاح في عدة و اشباهه فبيّن7 ان ماهية هذا النكاح لمتكن محرمة من عند الله و انما كانت حلالاً من وضع الله.
و اما قوله7 انما عصي سيده فالذي افهم ان المراد عصيانه السيد بزعم السيد او علي معني غاية ما في الباب او في رسم الادب او سماه بالعصيان من باب المقابلة اذ نكاح العبد يكون علي ثلثة اوجه نكاح باذن السيد و رضاه فذلك محلل عليه و طاعة لله و لسيده و نكاح مع سخط السيد و عدم رضاه فذلك محرم عليه و هو عصيان لله و عصيان لسيده و نكاح مع عدم اطلاع السيد و هو نكاح فضولي و ليس النكاح الفضولي بمحرم من عند الله عزوجل و ليس بعصيان لله و لا بعصيان حقيقي للسيد فان العصيان مخالفة الامر و النهي و لميقل السيد لاتنكح الا بعد الاستيذان مني و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۳ *»
لو قال لكان عصياناً حقيقياً لله و لسيده معاً فعصيانه لسيده اساءة للادب لا مخالفة امر او سماه بالعصيان من باب المقابلة كقوله لاتمنّوا عليّ اسلامكم بل الله يمنّ عليكم و كقوله الله يستهزئ بهم و كقوله و مكروا و مكر الله و كقوله انا نسيناهم كما نسوا و يدل علي هذا المعني ما روي عن ابيعبدالله7 في مملوك تزوج بغير اذن مولاه أعاص لله قال عاص لمولاه قيل حرام قال ماازعم انه حرام و نوله ان لايفعل الا باذن مولاه انتهي فقول السائل حرام يعني التزويج و كذا قوله7 ماازعم انه حرام اي التزويج فالتزويج بغير اذن ليس بحرام انما هو عقد فضولي موقوف لايوصف بصحة و لا فساد و نوله ان لايفعل اي الذي كان ينبغي هو ان لايفعل الا بعد الاستيذان فانه الادب الذي ينبغي له فان اطلع السيد بعد و سكت عنه او اظهر الرضا و اجاز فهو جايز و ان اظهر عدم الرضا و لميجز يكون حينئذ فاسداً باطلاً فلايدل الحديث علي اجتماع الامر و النهي نعم يدل علي ان المحرم بالذات فاسد و اما المحرم بالعرض علي قول المصنف فلا دلالة فيه فتدبر و انصف.
فاستدل المصنف بعد زمان بحديث و هو ايضاً هكذا و باقي كلامه لا غبرة عليه و لا حاجة الي شرحه ففذلكة المقال انه لا عبادة الا بامر صادر من الشارع و اما غير العبادة فكل شيء لك مطلق حتي يرد فيه نهي فجميع ما كان الناس يعملون قبل صدور النهي مطلق و مقرر من عند النبي9و جايز فاذا امر بشيء عبادة كان عبادة علي ما امر فان نهي عن نفسها بعد الامر كان نسخاً لها و ليست بعد بعبادة و ان امر بعبادة مشروحة الاجزاء و مبينة الشروط موضحة الاوصاف ثم نهي عن جزء او شرط او وصف كان ذلك نسخاً لذلك الجزء او ذلك الشرط او ذلك الوصف و المشروع بعده تلك العبادة بغير ذلك الجزء و ذلك الوصف فلو خالف الناسخ فسدت و لمتكن عبادة فان العبادة توقيفية و ان نسخ الشرط فان نسخ محض شرطيته و اتي به لايفسد و ان شرط في الناسخ عدمه يضر وجوده و يفسد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۴ *»
و لو كان المتأخر مجهولاً فهما متعارضان ظاهراً و عند عدم الترجيح فانت بالخيار للنصوص سواء كانا خاصين او مقيدين او بينهما عموم و خصوص او اطلاق و تقييد و ان كان متعلق النهي شيء خارج عن تلك العبادة و اجتمعا في شخص واحد باختيار المكلف بحيث يكون ذلك الشخص من افراد المأموربه بلحاظ و من افراد المنهيعنه بلحاظ فذلك فاسد لغلبة الحرام الحلال كما عرفت و ان لميكن الشخص من افراد المنهي و تقارنا فلايدل علي فساد و لايحتاج الي ترجيح و يجب اعمالهما معاً.
و اما غير العبادة فسواء كان معاملة اعني عقداً او ايقاعاً او غير ذلك فان امر به مشروح الاجزاء و الشروط و الاوصاف ثم ورد نهي عن شيء من ذلك فان علم التاريخ فالمتأخر ناسخ و العمل عليه فان خالف لميجز لما مرّ و هو فاسد و ان لميعلم و لميعلم الترجيح فانت فيهما بالخيار سواء كانا خاصين او مقيدين او احدهما عاماً و الاخر خاصاً او احدهما مطلقاً و الاخر مقيداً و ان كان متعلق النهي شيء خارج و اجتمعا في شخص و كان الشخص فرداً لكل واحد من حيث فالغلبة للحرام و المنهيعنه فاسد كما مرّ و ان لميجتمعا و تقارنا فيجب اعمال كل واحد عليحدته و لاتعارض هذا مقتضي الاخبار الساطعة الانوار و الباقي نفخ في غير نار و صدق المصنف ان بين اقوالهم هنا و في بحث العام و الخاص تناقض كما عرفت.
ثم قول المصنف «ثم لو شك في كون المأمور» الخ فلفظة ايهما ليست في محلها و الصواب انيقول باحدهما و علي ايّ حال المراد انه اذا ورد امر بشيء و شككنا في انه عبادة تحتاج الي قصد التقرب علي اصطلاحهم او ليس بعبادة و لايحتاج الي قصد التقرب ففي الحاق المشكوك باحدهما وجهان فقاعدة الاشتغال تقتضي الحاقه بالعبادة و اتيانه بقصد القربة و الاصل اللفظي يدل علي عدم اشتراط القربة و لميرجح احدهما و نحن لما علمنا ان امر الشارع ايجاب و يجب امتثاله فان صدر منه امر يجب الاتيان به امتثالاً لامره كما عرفت و هذا القدر من النية كاف في جميع العبادات و ما زاد فهو من اختراع الناس ثم ان وصل دليل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۵ *»
علي ان هذا الامر توصلي الي مطلوب اخر و ليس بواجب بنفسه فهو و الا فهو علي ما ذكرنا لان الامر الموجب قائم عليه و الحجة قائمة عليه و قال ابوعبدالله7 اذا امرتكم بشيء فافعلوا و قال ابوالحسن7 اذا امرتك بشيء فاعمله و الا غضب عليك و قال رسول الله9 اذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم و اذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وقال علي بن الحسين7 لا عمل الا بالنية والله المستعان.
قال: اصل عرّفوا المنطوق و المفهوم بتعاريف لايسلم شيء منها من الخلل في عكس او طرد او لزوم واسطة احسنها ان المفهوم هو مدلول اللفظ ثانياً بطريق الاولوية او مدلول يكون مخالفاً لما استفيد من اللفظ اولاً و المنطوق ماعدا ذلك و يرد عليه دخول دلالة الامر بالشيء علي النهي عن ضده العام في المفهوم المخالف و ليس مفهوماً في الاصطلاح و الحاصل ان المعيار في المفهوم و المنطوق اما وجود الموضوع او عدمه او وجود الحكم و عدمه او وجودهما معاً في المنطوق و عدم وجودهما معاً في المفهوم سواء وجد احدهما ام لميوجد شيء منهما او وجود احدهما في المنطوق و فقدهما جميعاً في المفهوم و لايخلو شيء منها عن المحذور.
اقول: نعم منهم من عرّف المنطوق بانه ما يدل عليه اللفظ مطابقةً او تضمناً و منهم من عرّفه بانه ما يدل عليه اللفظ بصريحه دلالة اولية و منهم من عرّفه بانه ما يدل علي معني ثبت به حكم او حال لمذكور و منهم من عرّفه بانه مدلول يكون حكماً من احكام شيء مذكور او حالاً من حالاته و منهم من عرّفه بانه ما دلّ عليه اللفظ في محل النطق و زاد بعضهم عليه اي يكون حكماً للمذكور و حالاً من احواله سواءاً ذكر ذلك الحكم و نطق به او لا و منهم من عرّفه بانه حكم شيء مذكور سواءاً كان الحكم مذكوراً ام لا و علي كل تعريف المفهوم ماعدا ذلك.
و اختار المصنف ان المفهوم هو مدلول اللفظ ثانياً بطريق الاولوية او مدلول يكون مخالفاً لما استفيد من اللفظ اولاً و المنطوق ما عدا ذلك و لا فائدة في اظهار عيب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۶ *»
كل واحد و عدم اطراده او انعكاسه الا تضييع العمر و قد تكفل المصنف به في الضوابط.
و قوله «و يرد عليه دخول دلالة الامر» الي اخر يعني ان الامر يدل علي النهي عن ضده العام و هو تركه و هو مدلول مخالف لما استفيد من اللفظ اولاً و الحال ان دلالته لاتعد في المفهوم و اذا عرفت ما قدّمنا من ان الامر لايدل دلالة لفظية علي الضد مطلقا فلا ورود.
و قوله «ان المعيار» الي اخر يعني ان قيل ان الفرق بين المنطوق و المفهوم وجود الموضوع و عدمه يعني ان كان الموضوع مذكوراً في المنطوق لابد و انيكون في المفهوم معدوماً يصير مفهوم الحصر منطوقاً نحو انما زيد قائم اذ مفهومه زيد ليس بقاعد و الموضوع في المفهوم مذكور و يصدق عليه حد المنطوق فلاينعكس حد المفهوم و لايطرد حد المنطوق.
و ان قيل المدار علي وجود الحكم و عدمه ينتقض المنطوق بالمفهوم علي القول بالدلالة اللفظية علي وجوب المقدمة فان قولك اصعد السطح يدل علي وجوب وضع السلم و ليس في المنطوق فان السلم و حكمه ليسا بمذكورين في المنطوق فاذا المنطوق مفهوم و ليس كذلك و عندي امثال هذه النقوض خطاء و لايجب انيكون الحد صحيحاً علي جميع المذاهب و هو محض مجادلة و ابطال بباطل و لاينبغي.
و ان قيل ان المدار بوجودهما معاً في المنطوق و عدمهما في المفهوم فهو منتقض طرداً و عكساً فانه رب منطوق عدما فيه كما مرّ في اصعد السطح و رب مفهوم وجدا فيه نحو ان رأيت زيدا فاكرمه و يستلزم ذلك وجود الواسطة بين المفهوم و المنطوق اذا وجد احدهما في المنطوق و عدم احدهما نحو رفع عن امتي الخطاء و الموضوع المؤاخذة و ليست بموجودة.
و ان قيل المدار علي وجودهما في المنطوق و عدم احدهما او عدمهما في المفهوم انتقض المنطوق بالمفهوم كما مرّ في رفع عن امتي الخطاء و ان قيل المدار علي وجود احدهما في المنطوق و فقدهما في المفهوم فلاينعكس حد المفهوم و لايطرد حد المنطوق و يعرف من امثلة ذكرناها و انت تعرف ان الاشتغال بالحدود بعد كون الشيء واضحاً عند كل احد لافائدة فيه الا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۷ *»
صرف العمر و الاشتغال بما لاطائل تحته و المفهوم امر معروف يعرفه الاطفال و يأخذون به فضلاً عن الاكابر و العلماء و هو ما ينتقل اليه السامع من مدلول الكلام الذي وضع الفاظه له سواءاً كان علي وفقه او خلافه و ذلك المدلول هو منطوقه و ان لميقدروا علي تعريفه و تحديده.
قال: ثم المنطوق اما صريح كما في الدلالة المطابقية او غيرصريح كما في الالتزامية و اما التضمنية فليست من الدلالة اللفظية حتي تدخل في المنطوق او المفهوم ثم المنطوق الغيرالصريح علي اقسام المدلولعليه بدلالة الاقتضاء او التنبيه و الايماء او الاشارة و الاولي جعل دلالة الاشارة كالتضمنية و في جعل مثل اسد يرمي من المنطوق الصريح او من دلالة الاقتضاء وجهان ثم المفهوم اما موافق او مخالف و الاخير علي اقسام كمفهوم الشرط و الصفة اي المشتقات و مثل الوصف النحوي و مفهوم القيد و الحصر و اللقب و الزمان و العدد ثم انه لايصح ارادة المفهوم المخالف بعد قيام القرينة علي عدم ارادة المنطوق لانه محال بعد نفي المطابقة و لا مطابقة مجازية للاستنكار العرفي و في المفهوم الموافق وجهان.
اقول: قوله «المنطوق اما صريح» يعني يفهم منه تمام الموضوع له بالصراحة بانيكون الموضوع فيه مذكوراً بعينه كاكرم العالم فالدلالة المطابقية من الصريح بلا شك.
و قوله «و اما التضمنية» الخ فمنهم من عدّها من الصريح فضلاً عن عدّها من اللفظية و قد مرّ ان التضمنية ليست من اللفظية فضلاً عن انتكون صريحة او غيرصريحة و اما الالتزامية فقد قدمنا ان الشيء ان كان لازماً لشيء بحيث يفهم الجاهل و العالم و الصغير و الكبير من ذلك اللفظ الدالّ عليه و يلتفت اليه فهي دلالة لفظية و الا فعقلية.
قوله «ثم المنطوق» الي اخر يعني المدلول الالتزامي علي اقسام ثلثة مدلول بدلالة الاقتضاء و مدلول بدلالة التنبيه و الايماء و مدلول بدلالة الاشارة .
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۸ *»
اما دلالة الاقتضاء فهي في كلام يكون الحكم فيه مذكوراً و الموضوع محذوفاً و عرف حذفه بلزوم كذب او امتناع عقلي او شرعي نحو رفع عن امتي الخطاء اي اثم الخطاء و اسأل القرية اي اهل القرية و اعتق عبدك عني علي الف و الانصاف يقتضي انيقال ليس شيء من ذلك بدلالة لفظية و انما ذلك استنباط يستنبطه العقل بعد التفكر في تعلق الحكم بالموضوع المذكور فليس ذلك بمنطوق و لا مفهوم و انما ذلك لوازم يفهمها العقل بعد التدبر في اللفظ و ربما يخطي و ربما يشتبه عليه أماتري ان معرفة لزوم الكذب امر عقلي و ربما يقع فيها الخلاف و ربما يبقي الاشتباه و ربما لايدري ما الموضوع المحذوف نحو رفع عن امتي ما لايطيقون فلاتدري هل المراد عين ما لايطيقون فلميكلفوا به او مؤاخذة ما لايطيقون التحرز عنه و في مثالهم رفع عن امتي تسعة الخطاء لايدرون هل رفع عنهم اثم الخطاء او كفارة الخطاء او اثر الخطاء في الدنيا او في الاخرة فكيف يدل عليه اللفظ و يمكن انيرفع عن قوم الخطاء عينه كما رفع عن الانبياء فليس ذلك بدلالة لفظية و انما هو عقلية بعد التفكر و التتبع و كذلك اسأل القرية فانه يمكن السؤال عن القرية و جوابها كما نطق الحصاة فاللفظ صالح لهما معاً و انما تستدل علي الحذف بالعقل و الامتناع العادي و كذلك اعتق عبدك عني بالف فان عدم الجواز الشرعي امر يحصل بالتفقه و بعد التفقه يفهم ان ذلك لايصح و هل اراد الناطق التمليك ام لا الله اعلم به فكيف يكون ذلك دلالة لفظية فاذاً ما الدلالة العقلية.
و اما دلالة التنبيه فهي من اقتران الحكم بشيء لولا عليته له لبعد الاقتران كقول النبي9 كفّر بعد قول الاعرابي واقعت اهلي و الانصاف يقتضي انيقال ان تلك ايضاً دلالة عقلية استنبطها العقل من هذا الاقتران لا من قول كفّر و اما فهم العلية فلا شك ان اهل العرف يفهمون ذلك قديماً و حديثاً بعقولهم و لولا ذلك لميعرف حكم مسألة ابداً و في انكاره ابطال الشرع و الدين كملاً.
و اما دلالة الاشارة كما يفهم اقل الحمل من قوله و حمله و فصاله ثلثون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰۹ *»
شهراً و من قوله يرضعن اولادهن حولين كاملين و قد انصف المصنف حيث جعله كالتضمنية تبعية و هي عقلية كما مرّ و لذلك جعل الاقسام الثلثة بعضهم من اقسام غيرالمنطوق.
قوله «و في جعل مثل اسد يرمي» الي اخر فالحق فيه انه ليس من المنطوق بل هو باستدلال عقلي يميز الامتناع العادي عن جوازه ألاتري انه يمكن انيرمي اسد بمعجزة النبي و يكون اللفظ صادقاً بالمطابقة فعدم صدقه عرف بالاستدلال فالدلالة عقلية و علي ايّ حال هذه الدلالات معتبرة اذا كانت قطعية والا فلا عبرة بظنها و اغلبها ظنيات لاعبرة بها.
قوله «ثم المفهوم» الي اخر فالمفهوم الموافق ان يدل اللفظ بالحكم المنطوق علي غير المنطوق ثانياً و يسمي عندهم بفحوي الخطاب و لحن الخطاب و القياس الجلي و مفهوم الموافقة و الطريق الاولي و القياس بطريق اولي و الفحوي لغةً مذهب الكلام و لحنه و اللحن ما يشير اليه اللفظ فيفهم منه المخاطب المراد بالجملة هذا مثل قوله تعالي لاتقل لهما افّ و الحق ان ذلك ايضاً امر يفهمه العقل بعد التدبر في اللفظ و حال الامر و الامر و المأمور و المأمور به او العرف و العادة و ليس بشيء يفهمه اهل اللغة بمحض سماع اللفظ اذ يمكن التشريع بان لايقال لهما هذه الكلمة خاصة ألاتري انه ربما يورّي الانسان في كلامه و يقول ماعندي فلس و هو يقصد منه صريح المنطوق و عنده دراهم و دنانير و هو صادق فلو كان نفي الاكثر مدلول اللفظ لكان كاذباً و لا فرق بين هذا الكلام و بين ما في الدار واحد و ليس نفي الواحد نفي الاثنين بطريق اولي فلعل فيها اثنان و ليس الكلام بكذب فكذلك ما ظنوه طريقاً اولي في قوله لاتقل لهما افّ و يفهم نفي الاكثر من الادلة الخارجية لا من حاق اللفظ.
بالجملة هذه الدلالة لاتعرف الا بالقرائن الخارجية و ليست تعرف من حاق اللفظ و لايجري في كل لفظ و لابد من ملاحظة القرائن الخارجية و اما خصوص هذه اللفظة و ما يشاكلها في العرف فيستعمل في كون حكم المفهوم كالمنطوق بطريق اولي كما قال ابوعبدالله7 ادني العقوق الاف و لو علم الله شيئاً اهون منه نهي عنه انتهي .
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۰ *»
و كذلك قال الله سبحانه من يعمل مثقال ذرة خيراً يره و قال و منهم من ان تأمنه بدينار لايؤده اليك والقراين لاتخفي علي الاديب الاريب و المدار علي الفهم العرفي و اليقين العادي و هذه الدلالة ان لمتكن قرينة تدل علي جريان الحكم في الاقوي منه في تلك الجهة التي حكم عليها يكون من اصناف القياس المنهيعنه و يأتي انشاءالله في مباحث القياس و ليس استعماله من مذهب المحمد: بلا شك و لاارتياب و نحن لانعرف الاولي من غير الاولي الا اننعرف وجه الحكم و علته و نحن عاجزون عن ذلك و الله و رسوله اعلم بوجوه احكامهم فعن ابيعبدالله7 في حديث قال له ابوحنيفة انا صاحب قياس فقال ابوعبدالله7 فانظر في قياسك ان كنت مقيساً ايما اعظم عند الله القتل او الزني قال بل القتل قال فكيف رضي في القتل بشاهدين و لميرض في الزنا الا باربعة ثم قال له الصلوة افضل ام الصيام قال بل الصلوة افضل قال7 فيجب علي قياس قولك علي الحائض قضاء ما فاتها من الصلوة في حال حيضها دون الصيام و قداوجب الله تعالي قضاء الصوم دون الصلوة ثم قال له البول اقذر ام المني قال البول قال7 يجب علي قياسك انيجب الغسل من البول دون المني و قد اوجب الله تعالي الغسل من المني دون البول انتهي و الاصل في ذلك ما ذكرنا من ان الرعية لايعرفون علة الحكم و وجهه فربما يتصورونها وجهاً اخر و المقيس عليه اولي من ذلك الوجه دون العلة التي حكم الله عليه بحكمه بها فلذلك منعوا الرعية عن القياس بالطريق الاولي.
قوله «ثم انه لايصح» الي اخر اذ لايعقل الحكم بباطل لايراد لاجل مفهوم فيقول في الغنم السائمة زكوة و لايكون المنطوق مراداً لاجل الحكم علي مفهومه و هو ان في المعلوفة ليس زكوة و ذلك ليس بكلي اذ قد يحتاج الي ذلك في الكلام لاجل تورية او الزام و احتجاج كما قال ابرهيم7 بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم ان كانوا ينطقون و لميكن المنطوق مقصوداً و المفهوم مقصود.
و اما المفهوم الموافق فقال فيه وجهان و كلاهما خياليان و هما انيقال ان كان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۱ *»
مثل لاتقل لهما اف منقولاً عن المعني اللغوي الي مطلق النهي عن الاذي جاز و هو كالعام المخصص و ان لميكن منقولاً و كان دلالته من باب مفهوم الموافقة فلايجوز و بمثل الحكم بهذه الخيالات يمنع السماء رجعها و الارض صدعها نعوذ بالله.
قال: اصل في حجية مفهوم الشرط مطلقا او في خصوص الانشاء او في خصوص الشرع او عدمها مطلقا اقوال اعلم ان الشرط محركة العلامة و قديقال شرط الحجام اذا شق الجلد بمبضعته و لميدم و بالسكون لغةً الالزام و الالتزام و في عرفنا ما يتوقف عليه وجود الشيء و لايلزم من وجوده الوجود و في العرف العام يحتمل كونه حقيقةً في السبب او في ملزوم الشيء او في القدر المشترك بينهما او في الشرط المصطلح عندنا كما هو الاصل او في القدر المشترك بينه و بين السبب و هذا اظهر و في عرف النحاة يطلق علي ما تلا حرف الشرط في الجملة لكن في مثل ما تلا اِن الوصلية و فيما لميكن سبباً بل ملزوماً مثل ان كان هذا انساناً كان حيواناً وجهان ثم ان الهيئة التركيبية المصدرة باداة الشرط قد تطلق و يراد بها التعميم او السببية او استلزام وجود الاول لوجود الثاني او ذلك مع ارادة كشف انتفاء الثاني عن انتفاء الاول او يراد بها توقف الحكم بالجملة الثانية علي وجود الاولي.
اقول: قوله «بمبضعته» ماادري ما يصنع بالتاء هاهنا.
و قوله «في العرف العام» الي اخر كلها احتمالات لا فائدة فيها.
قوله «لكن في مثل ما تلا» الخ لاشبهة في عدم كونها شرطاً يؤخذ مفهومها في الشرع و لايفهم العرف منها مفهوماً.
قوله «ثم ان الهيئة التركيبية» الخ اي هذا الكلام قديطلق و يراد به ما هو اعم من اِن الوصلية و قديطلق و يراد به السببية اي سببية الاول للثاني اعني انتفاء الثاني من انتفاء الاول و وجود الثاني من وجود الاول نحو ان كان الشمس طالعة فالنهار موجود و قديطلق و يراد به استلزام وجود الاول لوجود الثاني من دون نظر الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۲ *»
الانتفاء كقوله اذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا و قولك ان كان انساناً كان حيواناً و قديطلق و يراد به استلزام وجود الاول لوجود الثاني و كشف انتفاء الثاني عن انتفاء الاول نحو لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا فوجود الالهة يستلزم الفساد و نفي الفساد كاشف عن نفي الالهة و قدتطلق و يراد بها توقف الحكم بالجملة الثانية علي وجود الاولي لا توقف نفس الجملة عليه نحو ان نزل الثلج فالزمان شتاء و ليس وجود الشتاء موقوفاً علي نزول الثلج ولكن الحكم بكون الشتاء متوقف علي نزول الثلج.
قال: ثم لا ريب في عدم كون لفظ الشرط و لا الشرط الاصولي محلاً للنزاع بل محله الشرط النحوي في الدلالة اللفظية اصلها لا كيفيتها و لا في الدلالة العقلية اعم من الحروف و الاسماء المتضمنة لمعانيها و ما اذا كان الجزاء اخباراً ام انشاءاً او في افادة الهيئة التركيبية المفهوم و عدمها لا في افادة اداة الشرط ذلك ثم مقتضي اصالة التوقف و عدم الوضع للمفهوم ان اعتبرنا هذا الاصل و اصالة البراءة فيما اذا كان المفهوم مخالفاً للاصل و اصالة عدم التخصيص و التقييد فيما اذا كان المفهوم مخصصاً او مقيداً لدليل معارض عدم دلالة اللفظ علي المفهوم مضافاً الي اصالة الاشتراك المعنوي.
اقول: قوله «ثم لا ريب» الي اخر يعني ان النزاع ليس في لفظ الشرط و كذلك لا نزاع في الشرط الاصولي يعني لا نزاع في ان معني ان جاءك زيد فاكرمه هل هو عدم الوجوب عند عدم المجييء ام لا فان الشرط الاصولي مالايلزم من وجوده الوجود فعلي المعني الاصولي لايجب الاكرام عند المجيئ و اذ لميجب ليس مفهومه عدم الوجوب ان لميجئ فلانزاع في هذا و لايصح ارادة المفهوم بلامنطوق فمحل النزاع هو الشرط النحوي و في دلالته اللفظية لا العقلية لظهور عنواناتهم في ذلك و لان العقل يدل علي ان التعليق لفائدة اما ارادة المفهوم خاصاً فلايدل عليه و كذا النزاع في اصل الدلالة اللفظية فمنهم من انكر و منهم من اثبت و ان نازع هؤلاء في الكيفية ايضاً فمنهم من يدعي انها التضمن و منهم من يدعي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۳ *»
انها الالتزام و نزاعهم اعم من حروف الشرط و اسمائه و اعم من انيكون الجزاء اخباراً ام انشاءاً و كذا النزاع في افادة الهيئة التركيبية لا في افادة الاداة.
قوله «ثم مقتضي» الي اخر يعني ان الاصل التوقف في اللغات اذا لميثبت لها معني لانها توقيفية و كذا الاصل عدم التفات الواضع الي المفهوم ان اعتبر و المصنف ينفيه في كل موضع و كذا الاصل البراءة من التكليف بالمفهوم المخالف فان المتيقن المنطوق و كذا الاصل عدم التخصيص و التقييد اذا عارض المفهوم عاماً او مقيداً و هذه الاصول تقتضي عدم دلالة اللفظ علي المفهوم هذا مضافاً الي اصالة الاشتراك المعنوي يعني اذا كان لفظ استعمل في معان علي نحو الحقيقة من غير حاجة الي القرينة فالاصل الاشتراك المعنوي لان الاصل عدم تعدد الوضع و هذه الهيئة اي اداة الشرط مع شرطها استعملت في معان و هي افادة السببية و افادة لزوم وجود الثاني من وجود الاول و ارادة الاستدلال من انتفاء الثاني عند انتفاء الاول و القدر المشترك بينهما استلزام وجود الاول وجود الثاني و هذا هو مفاد المنطوق فهو الاصل و من هذه الاستدلالات و بناء الدين عليها تهتز العرش و ترجف الفرش و المعاذ الله فاين مورد الف و مأتي حديث في النهي عن الاراء و اين محل تقليدهم سلام الله عليهم في القل و الجل و عدم الاعتداد بكلام اهل الكلام الذين يقولون هذا ينقاد و هذا لاينقاد و هذا ينساق و هذا لاينساق و قد قدمنا مكرراً ان بهذه الاصول لايثبت الامور الواقعية و ما صح منها فانما يجري في الوضعيات الشرعية.
قال: ثم الحق الحجية مطلقا للتبادر و الدلالة التزامية و الدال علي السببية و التعليق هو اداة الشرط لا الهيئة التركيبية و الدلالة العقلية مفقودة للاصول الاربعة و يشترط في وجود المفهوم المخالف عدم كون المخالف اولي بالحكم المذكور فلو قال ان اهانك زيد فلاتهنه لميكن له مفهوم مخالف ثم ان لفظ المواد كلفظ الوجوب اذا وقعت جزاء الشرط فمفهومها سلب الحكم المذكور عن غير المنطوق سنخاً عيناً و تخييراً للتبادر و كذا الهيئات.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۴ *»
اقول: يعني ان القوم اختلفوا كما قدمنا و الحق انه حجة مطلقا في الانشاء و الاخبار و الشرع و غيره فان المتبادر من انجاءك زيد فاكرمه سببية المجيئ للاكرام ولكن اللايق بحال الشيعة انيستدل عليه باثار المحمد:.
فقد سئل ابوعبدالله7 عن الشاة تذبح و لاتتحرك و يهراق منها دم كثير عبيط فقال لاتأكل ان علياً7 كان يقول اذا ركضت الرجل او طرفت العين فكل و قال7 في حديث انما قال ابرهيم فاسألوهم ان كانوا ينطقون ان نطقوا فكبيرهم فعل و ان لمينطقوا فلميفعل و قال7 في حديث فان الله جل ثناؤه يقول فمن تعجل في يومين فلااثم عليه و من تأخر فلا اثم عليه فلو سكت لميبق احد الا تعجل ولكنه قال و من تأخر فلا اثم عليه و قال7 في قوله عزوجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال ماابينها من شهد فليصمه و من سافر فلايصمه و قال موسي بن جعفر7 ما من مؤمن يذنب ذنباً الا ساءه ذلك و ندم عليه و قد قال رسول الله9 كفي بالندم توبة و قال من سرّته حسنته و ساءته سيئته فهو مؤمن فمن لميندم علي ذنب يرتكبه فليس بمؤمن انتهي و هذه الدلالة ليست تخفي علي الاطفال فضلاً عن الرجال و لذلك قال ابوعبدالله7 ماابينها.
قوله «و الدلالة التزامية» لانها تدل عليهما معاً علي المنطوق اولاً و بالذات و علي المفهوم ثانياً و بالتبع لا علي المفهوم وحده.
قوله «و الدالّ علي السببية» الخ يعني الدالّ عليهما هو الاداة فان الاداة موضوعة لمعني قطعاً فان كانت الهيئة ايضاً دالة بالوضع لتعدد الوضع و الاصل عدمه و لعمري يتعجب اللبيب من تسمية هذه الكلمات بالدليل و من رضاهم بالتشاجر فيها و تسمية اصحابها بالعلماء و علي ايّ حال لا فائدة في هذه الاقوال و بهذه الاصول لايثبت الكون الخارجي.
قوله «و الدلالة العقلية مفقودة» الخ اذ الاصل التوقف فيما لميثبت عقلاً و الاصل عدم دلالة العقل علي ارادة المفهوم في الواقع و ان لميكن(یمکن ظ) من اللفظ و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۵ *»
الاصل براءة الذمة عما يفهمه العقل من المفهوم المخالف و الاصل عدم التقييد و التخصيص للمطلق و العام بالمفهوم العقلي و قدعرفت حال هذه الاصول و هذه الادلة.
قوله «و يشترط في وجود المفهوم» الخ يعني في مثل ان اهانك زيد فلاتهنه مفهومه ان لميهنك فاهنه و الحال ان عدم اهانتك عند عدم اهانته اولي فمثل هذا يقول لاحجية في مفهومه ولكن يبطل حجيته اذا عرف الاولوية بالقطع و قد عرفت ان معرفة الاولي بعيد المنال لايعرفه كل احد فكم من شيء عند عقل اولي و احسن و عند اعقل منه ادني و اخس اللهم الا انيكون الاولوية بديهية و علم ان علة الحكم هو الشرط بعينه لا انه علامة او كان مشكوكاً ألاتري انك تقول اذا كان المقدار علي ثلث فاتني و ليس علة الاتيان كون المقدار علي ثلثة بل العلة غيرها و انما المقصود من الشرط التوقيت او اذا وصلنا البيت فاسألني اجبك و ليس وصول البيت علة السؤال و انما هو علامة وقت السؤال و امثال ذلك كثيرة.
قوله «ثم ان لفظ المواد» الي اخر يعني اذا وقع مادة الوجوب او الحرمة جزاء الشرط في مثل ان جاءك زيد وجب عليك اكرامه المفهوم انه لايجب الاكرام عند عدم المجيئ لا عيناً و لا تخييراً و هذا هو المتبادر منه.
قوله «و كذا الهيئات» اي هيئة الامر و النهي كقولك ان جاءك زيد فاكرمه في مفهومه وجهان فعلي وجه مفهومه فلاتكرمه و في وجه لايجب الاكرام كالاول و المصنف اختار سلب الحكم الاول لا ضده للتبادر و هو علي خلاف مذهب ابيعبدالله7 حيث قال في قول الله عزوجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال ماابينها من شهد فليصمه و من سافر فلايصمه فجعل7 المتبادر لايصمه لقوله ماابينها و كذلك في الحديث الاول جعل مفهوم كل لاتأكل.
قال: ثم قد شرطوا في حجية مفهوم الشرط عدم وروده مورد الغالب و قد علّله بعض من عاصرناه بان النادر انما هو المحتاج حكمه الي التنبيه و الافراد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۶ *»
الشايعة تحضر في الاذهان عند الاطلاق فالنكتة في الذكر لابد و انيكون شيئاً اخر لاتخصيص الحكم بالغالب و فيه نظر من وجوه خمسة و الاوجه انيقال ان ذلك لعدم فهم العرف المفهوم حينئذ كما لايفهمون الوجوب من الامر الوارد عقيب الحظر مع كونه موضوعاً للوجوب و السرّ فيه ان اهل العرف ينزلون النادر منزلة المعدوم و يفهمون من تلك الجملة الواردة مورد الغالب الكلية في الوقوع فلايبقي حينئذ انتفاء الشرط حتي يفهم انتفاء الجزاء و نكتة التعليق حينئذ تختلف باختلاف المقامات و لعل الغالب ارادة انتفاء الكلفة و المشقة في السعي.
اقول: قوله «ثم قدشرطوا» الي اخر يعني ان جماعة من الاصوليين قد اشترطوا في حجية مفهوم الشرط ان لايكون الشرط وارداً مورد الغالب نحو ان جاءك زيد فاعطه درهماً فان كان ذكر المجيئ لان زيداً يجيء غالباً فمفهومه الذي هو ان لميجئ لاتعطه ليس بحجة فان عدم مجيئه نادر الوقوع لايتبادر الي الذهن و النادر لايكون منشأ حكم و تخصيص الاعطاء بمجيئه لاجل انه الغالب لا لاجل علية المجيئ فان كان للمجيئ علية يكون المفهوم حجة و الا فلا.
فقال المصنف فيه نظر من وجوه خمسة و حاصل تلك الوجوه ان غاية ما في الباب ان المطلقات لها اختصاص بالافراد الغالبة لا انها شاملة جميع الافراد و مخصصة بالافراد الغالبة فلايفيد المطلق تخصيص الحكم بتلك الافراد لكن التعليق يفيد التخصيص و هو علة التعليق لانه موضوع لافادة هذا المعني فيكون المفهوم حجة لان الحكم خص بالافراد الغالبة و لايشمل النادر و معذلك قال المصنف ان الاوجه من دليل القوم ما ذكره و عباراته الي اخرها واضحة و جميع ذلك خيالات لايجوز ابتناء احكام الدين عليها بوجه من الوجوه هذا و ما سمعت من قول الله سبحانه من شهد منكم الشهر فليصمه و قول ابيعبدالله7 في شرحه ماابينها من شهد فليصمه و من سافر فلايصمه يشهد بان كون الشرط غالباً لايفيد عدم حجية المفهوم فان شهود الشهر هو الغالب و السفر فيه هو النادر و مع ما روي من النهي التنزيهي من السفر اذا حضر شهر رمضان كما قال علي7 ليس للعبد انيخرج الي سفر اذا حضر شهر رمضان لقول الله عزوجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۷ *»
كذلك ركض الرجل و طرف العين هما الغالب و نادر انيترك الحيوان حتي يموت ثم يذبح و كذلك في قوله7 اذا ظننت فلاتقض فعلي قولهم ان باب العلم مسدود ايّ نادر اندر من المسدود بابه و معذلك مفهومه الذي اذا علمت فاقض حجة و مراد فانصف فلا حاجة الي خيالات المصنف هذا و اصل ما تنازعوا فيه نادر الوقوع و حمل الشرط و التعليق عليه ظني.
قال: ثم ان ثمرة وجود المفهوم تظهر فيما كان مخالفاً للاصل او معارضاً مع دليل اخر و لايكون ذلك من باب المطلق و المقيد كما توهم و لا ثمرة لنا من حيث الفحص و عدمه ثم لاخلاف في مخالفة المفهوم للمنطوق كيفاً و اما كمّاً ففيه وجهان و الاصح ان المعيار نقل الالفاظ الموجودة في المنطوق بعين تلك المعاني المرادة من تلك الالفاظ الي المفهوم مع تغيير الكيف فما فهم من تلك الالفاظ حينئذ لو تكلم بها متكلم فهو المفهوم و هذا يختلف بحسب الامثلة.
اقول: قوله «ثم ان ثمرة وجود المفهوم» الي اخر يعني اذا كان المفهوم موافقاً للاصل فلاحاجة لنا الي البحث عن حجية المفهوم و عدمها و اما اذا كان مخالفاً فبنا حاجة اليه كقوله لا زكوة في الغنم ان كانت معلوفة فمن قال بالحجية يقول بان في السائمة زكوة و من قال بعدمها يقول ان السائمة مسكوتعنها و كذا يظهر ثمرة النزاع في الموافق المعارض مع دليل اخر كقوله اكرم العلماء و قوله بعد اكرم العلماء ان كانوا فقهاء فمن يقول بالحجية يعمل بالمرجحات و من يقول بعدمها يجعله مؤكداً و يعمل بهما معاً.
و قوله «و لايكون ذلك» الي اخر يعني بعضهم توهم ان القول الاخير اي اكرم العلماء ان كانوا فقهاء بمنزلة المطلق و المقيد و يعني به انه اذا لميعلم اتحاد التكليف حمل علي تكليفين فان عمل بالمطلق اولاً لابد و انيعمل بالمقيد ايضاً و ان عمل بالمقيد اولاً فقد عمل بها و كذلك هنا ان اكرم غير فقيه اولاً لابد و انيكرم فقيهاً ايضاً و ان اكرم فقيهاً فقد عمل بهما سواءاً قلنا بحجية المفهوم ام لمنقل و حصل التداخل و ان علم اتحاد التكليف يحصل التعارض و يحمل المطلق علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۸ *»
المقيد للقطع بالامتثال قال المصنف هذا توهم فانهما تكليف واحد فان العلماء عام و المكلف به كل الافراد و المنفي بالمفهوم علي القول بالحجية بعض تلك الافراد فهما متعارضان و لابد من المرجح.
قوله «و لاثمرة» الخ اشارة الي ما قيل انه علي فرض حجية المفهوم لايحتاج فيالموافق للاصل الي الفحص عن المعارض و مع فرض عدم الحجية يحتاج اليها فقال المصنف لا ثمرة من حيث الفحص و عدمه للعلم الاجمالي بوجود المعارضات في الاخبار فلابد من الفحص علي كل حال.
قوله «ثم لا خلاف في مخالفة المفهوم» الي اخر يعني لا خلاف في مخالفة المفهوم للمنطوق في النفي و الاثبات و اما في الكلية و الجزئية ففيه خلاف فلو قال كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره و يشرب هل مفهومه كلما لايؤكل لحمه لايتوضأ من سؤره فيكون سالبة كلية او مفهومه ليس كل ما لايؤكل لحمه يتوضأ من سؤره فيكون سالبة جزئية و كقولهم اذا بلغ الماء قدر كر لمينجسه شيء الا اذا تغير فقيل مفهومه اذا لميبلغ الماء قدر كر ينجسه كل نجس و ان لميتغير بناءاً علي ان شيء في المنطوق نكرة في سياق النفي و يفيد العموم و قيل بل المفهوم اذا لميبلغ قدر كر ينجسه شيء اذا تغير فلاعموم في المفهوم و لايدل علي نجاسة القليل و اجابوا عن ذلك بجوابات ظنية غيرشافية هذا و كفي الله المؤمنين القتال و ليس مثل هذه اللفظة في اخبارنا حتي يضطرب نفس و المأثور اذا كان الماء قدر كر لمينجسه شيء و هذا مفهومه اذا لميكن الماء قدر كر ينجسه شيء و لقائل انيقول ان معني المنطوق اذا كان الماء قدر كر لمينجسه شيء من النجاسات غيرالمغيرة له بالبداهة فالمفهوم اذا لميكن الماء قدر كر ينجسه شيء من غير المغيرات للكر و هذا القدر من المخالفة كاف في المفهوم و لميثبت لزوم الاتفاق في الكمّ و لا برهان عليه.
و قوله «و هذا يختلف» الي اخر فمقصوده ان في مثل اذا جاء العلماء فاكرمهم المفهوم نفي الاكرام اذا لميجيئوا كلهم و في مثل اذا جاءك العلماء فتصدق بدرهم مثلاً المفهوم ليس كلما لميجئك بعض العلماء تتصدق و التفاوت غيرمعلوم و لا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱۹ *»
برهان علي ما زعمه و نحو ان جاءك زيد فاكرم العلماء فمفهومه ان لميجئك زيد فلايجب عليك اكرام احد من العلماء و مفهوم ان جاءك زيد فلايجب عليك اكرام بعض العلماء اذا اراد البعض المعين ان لميجئك زيد وجب عليك اكرام بعض العلماء و انا لااعرف هذه الليّات و اكثرها ظنون لاتسمن و لاتغني من جوع.
و القانون الذي عرف من الاخبار ان المفهوم المخالف جعل الايجاب سلباً و السلب ايجاباً و باقي الالفاظ علي حاله كما قال في قوله بل فعله كبيرهم هذا ان كانوا ينطقون ان لمينطقوا لميفعل و في قوله من شهد منكم الشهر فليصمه حاصله من لميشهد لميصم و في قوله من تعجّل في يومين فلااثم عليه حاصله من لميتعجل فعليه اثم و في قوله اذا ركضت الرجل و طرفت العين فكل حاصله اذا لميركض و لميطرف فلاتأكل فعلي ذلك في مثل اذا جاءك العلماء فاكرمهم اذا لميجئك العلماء فلاتكرمهم و في مثل اذا جاءك العلماء فتصدق بدرهم اذا لميجئك العلماء فلاتتصدق و في مثل ان جاءك زيد فاكرم العلماء ان لميجئك زيد فلاتكرم العلماء و في مثل ان جاءك زيد فلايجب عليك اكرام بعض العلماء ان لميجئك زيد يجب عليك اكرام بعض العلماء و هذا هو الذي يفهمه العرف حتي الاطفال و باقي التشقيقات من خواص اهل الخيالات.
ثم اعلم انهم اختلفوا بعد ذلك انه علي القول بان الامر للمرة هل يتكرر الجزاء بتكرر الشرط ام لا فمنهم من اثبته و منهم من نفاه و منهم من فصّل بانه ان فهم العلية من الشرط للجزاء يتكرر و الا فلا اما اذا كان الاداة مفيدة للدوام فلاينبغي النزاع نحو كلما و مهما لصريح الدلالة و اما اذ لمتكن نحو ان و اذا ففيها يجوز النزاع ففي مثل اذا جاءك زيد فأكرمه او ان جاءك زيد فأحسن اليه اما الامر فقد قدمنا انه لايفيد التكرار في ظاهر الشرع و كذلك الاداة لاتفيد فلا دليل علي التكرار بحسب الدلالة اللفظية و الشارع ابرّ برعيته من هذه العلماء فان اراد التكرار صرح و ان لميصرح فالاصل يقتضي الاكتفاء باحداث الماهية مرة واحدة و يحصل الامتثال بها.
و كذلك اختلفوا في انه علي فرض لزوم التكرار ان اخّر الجزاء عن الشرط
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۰ *»
الحاصل اول مرة ثم حصل الشرط يكفي احداث الجزاء مرة واحدة ام لا ففي مثل اذا جاءك زيد فاكرمه و جاء اول مرة فلميكرم ثم جاء ثانياً هل يكرمه بعد مرة واحدة من باب التداخل ام لا و كذلك اختلفوا في ما اذا تكرر السبب في مثل ما اذا وقع الكلب في البئر فانزح اربعين دلواً و وقع عشرة كلاب او وقع انسان و كلب هل يتداخل النزح المقدر لهما ام لا و انت تعلم ان الامر يقتضي الامتثال و اصل الاشتغال يقتضي التعدد مع ان كل سبب له مسبب و وجود العلة يقتضي وجود المعلول و الاصل عدمه اللهم الا انينص الشارع بالتداخل كالاكتفاء بوضوء واحد عن احداث متعددة و الاكتفاء بغسل واحد عن جنابات متعددة او عن اسباب مختلفة فيخرج به عن الاصل.
قال: اصل في حجية مفهوم الوصف مطلقا او اذا استفيد من الكلام علية الصفة و عدمها مطلقا او الوقف اقوال و تظهر الثمرة و تأسيس الاصل مماسبق في الشرط و اما محل النزاع فيحتمل انيكون مطلق القيد حتي قيد الحكم او خصوص المشتق و ان لميكن صفة او الصفة النحوية او قيد الموضوع و ان كان جملة و هو الاظهر فيدخل الصفة النحوية جملة و مفردة و نحو في السائمة زكوة و نحوه مما هو قيد الحكم ثم ان علم ارادة المفهوم او عدمها بقرينة خارجية و الا فالوقف لحكم العرف نعم فيه اشعار بالعلية لكنه لايبلغ رتبة الحجية و ليس للخصم ما يعوّل عليه.
اقول: يعني في هذه المسألة ايضاً اقوال و تظهر الثمرة و تأسيس الاصل مما سبق اما الثمرة فتظهر فيما كان مخالفاً للاصل فان الموافق للاصل يكفي فيه العمل بالاصل مثل في السائمة زكوة يعني ليس في المعلوفة زكوة و الاصل فيه كاف او معارضاً لدليل اخر فيقيد به المطلق او يخصص به العام ام لا و نحن قد قدمنا ان المفهوم حجة اذا لميعارضه منطوق و ذلك لان الشارع اذا اراد انينبه علي عدم ارادته المفهوم لابد و انينبه عليه بمنطوق هذا و دلالة المنطوق صريحة قوية و المفهوم ضعيفة و يحتمل فيها احتمالات و قد عرفت بالنص تقدم المنطوق علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۱ *»
المفهوم.
و اما تأسيس الاصل فيه فاعلم ان عندهم الاصل عدم الدلالة للتوظيف في اللغات و الاصل عدم الوضع للمفهوم اي عدم كونه ملتفتاً اليه و هذا الاصل عند المصنف ضعيف و الاصل عدم التكليف و البراءة عنه في المفهوم المخالف و الاصل عدم التقييد و التخصيص فيما اذا كان للمفهوم معارض فهذه الاصول عند المصنف تقتضي عدم دلالة اللفظ علي المفهوم و هو غريب فان دلالة اللفظ امر قهري طبعي ان كان يدل يفهم منه المدلول قهراً و ان كان لايدل لايفهم فغير الدالّ لايدل بالاصل و الدالّ لايمنع عن الدلالة بالاصول فهذه الاصول تقتضي عدم الدلالة كلام سخيف و انما سميت بالمفاهيم لانها تفهم من اللفظ و ما لايفهم ليس بمفهوم و ان استدل عليه بالف قياس.
قوله «و اما محل النزاع» الي اخر يفهم منه ان محل النزاع عندهم مجهول و مطلق القيد اي و ان كان قيد الحكم في القضية نحو جاءني زيد راكباً و في الغنم السائمة زكوة و في السائمة زكوة و جاءني رجل عالم و يحتمل عندهم انيكون محل النزاع خصوص المشتق و ان لميكن صفة نحو في السائمة زكوة و في الغنم السائمة زكوة و جاءني زيد راكباً فيخرج الجملة الوصفية و يحتمل انيكون محل النزاع الصفة النحوية فيخرج الحال و مثل في السائمة زكوة و يحتمل انيكون محل النزاع قيد الموضوع و ان كان جملة صفة او غير صفة.
قوله «ثم ان علم» الي اخر يعني اذا قام قرينة علي ارادة المفهوم او علي عدم ارادته فهو المتبع و الا فيجب الوقف لحكم العرف و لهم في ذلك تمثيلات و كل قوم يمثل بما هو ظاهر فيما يقول من ارادة المفهوم و عدمه و تلك الامثلة خارجة عن محل النزاع فانها معلومة بالادلة الخارجية و الا لماعرفوا منها الارادة و عدمها بداهةً و انما الكلام في موضع الشك و لا دليل لاحد الطرفين علي الحجية و عدمها في موضع الشك و الاصول كماعرفت غيرجارية في الاكوان الخارجية فالمرجع الي المحمد: فقال ابوعبدالله7 في حديث واما خلاف الكلب مما تصيده الفهود و الصقور و اشباه ذلك فلاتأكل من صيده الا ماادركت
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۲ *»
ذكاته لان الله عزوجل يقول مكلبين فما كان خلاف الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل الا انتدرك ذكاته و هو في الحال الذي هو ابعد الافراد عن اذهانهم و قال الرضا7 في حديث أليس يقول بغير عمد ترونها قيل بلي قال فثم عمد ولكن لاترونها و هو في الجملة الوصفية و تري سياق استدلاله7 بمفهومهما انه علي سبيل وضوحهما و عن الرضا7 في تفسير قوله تعالي اني جاعلك للناس اماماً ابطلت هذه الاية امامة كل ظالم الي يوم القيمة فصارت في الصفوة انتهي و هو في الصفة هذا و وقوع هذه المناطيق و المفاهيم علي غير ما نختاره في كلام الجهال مما لاينبغي الاستشهاد به فان في كلامهم فضولاً و لغواً لاتحصي و لاعبرة بها و لذا اغلب ما يستدلون له بالعرف لا عبرة به و انما العبرة بكلام الحكيم و لا شك ان الحكيم لايقول ان الانسان الابيض ينام ثم يقال له و كيف الاسود فيقول و الاسود ايضاً ينام و الحكيم لابد و انيعبر باللفظ المشترك بينهما لئلايلزم تكرير كلام و تقييد لغو و زيادة في الكلام و قباحة في البيان اماتري قبح قول القائل الميت الاسود لايبصر و الاسود ذوعينين لايعلم الغيب و اما الجهال فيتكلمون باقبح من ذلك من غير ذم بعضهم بعضاً فالحكيم لايقول في السائمة زكوة الا اذا لمتكن للمعلوفة زكوة و لايقول مطل الغني ظلم الا ان لايكون مطل الفقير ظلماً.
و العجب ان من اطلعت علي قوله من المثبتين من المجتهدين الاولين و الاخرين يستدلون بقول النبي9 ليّ الواجد يحل عقوبته و عرضه و هو علي رواية العامة و قدرواه في المصابيح من كتب العامة عن عمرو بن الشريد عن ابيه عن النبي9 قال قال ليّ الواجد يحل عرضه و عقوبته و هذا الكلام يؤيد الاثبات كما قالوا ولكن عليهم ثلاث ايرادات الاول لم يستدلون برواية العامة مع ان الحديث مروي من طرقنا ايضاً و الثاني لم يستدلون بدراية ابيعبيدة في هذا الخبر مع ان الدلالة علي المفهوم ليس امر لغوي تقليدي و انما هو من الدراية و درايات اهل اللغة لا عبرة بها كجميع درايات اهل الادب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۳ *»
و انما المتبع رواياتهم و الثالث ان للحديث ذيلاً في طرقنا يعظم اشكال معناه و هو ما رواه الطوسي في مجالسه بسنده عن الرضا7 عن ابائه عن علي: قال قـال رسولالله9 ليّ الواجد بالدين يحل عرضه و عقوبته ما لميكن دينه فيما يكره الله عزوجل.
و الذي افهم من معناه ان الخبر استفهام انكار و الواجد بالدين اي المحزون بالدين كمايقال وجد به اي حزن و بالدين صلة الواجد او الواجد بمعني الغني و بالدين صلة الليّ و المعني ليّ المحزون بالدين او مطل الغني بالدين هل يحل عرضه و عقوبته ما لميكن دينه فيما يكره الله عزوجل يعني لايحل عرضه الا اذا كان دينه في ما يكره الله فاذا كان دينه فيما يكره الله حلّ التعرض لعرضه لصاحب الدين و حلّ للوالي عقوبته فانه اخذه و صرفه فيما يكره الله و اما اذا لميكن دينه فيما يكره الله لايحل عرض المؤمن و لايحل عقوبته و هو واجد غني او محزون لاجل عدم تمكنه من اداء الدين او ينبغي حسن الاقتضاء و عدم تفضيحه لقول ابيعبدالله7 من استقضي فقد اساء و طريق الاستقضاء من المؤمن اطالة الجلوس عنده كما قال ابوعبدالله7 لمن تكلم بما لايحسن مع المديون ليس هذا طريق التقاضي ولكن اذا اتيته اطل الجلوس عنده و الزم السكوت الخبر و علي ما في طريقنا لا دلالة له علي مطلبهم بالجملة باقي عبارة المصنف ظاهر.
قال:ثم انهم في رفع التناقض المتوهم بين قول المشهور بعدم حجية الوصف و قولهم بوقوع الاتفاق علي حمل المطلق علي المقيد في المثبتين ذكروا وجوهاً مثل ان النزاع هنا فيما سوي المسبوق بالمطلق او ان الحمل لقاعدة الشغل او لتقديم النص علي الظاهر عند التعارض و في الكل كلام و الاحسن انيقال ان الحمل لفهم العرف ثم مفهوم قوله في الغنم السائمة زكوة هل هو انتفاء الحكم عما اتصف بالوصف المقابل من افراد ذلك الموضوع او انتفاؤه عن ذلك الموضوع عند انتفاء ذلك الوصف و ان لميتصف بالوصف المقابل او انتفاؤه عن الفرد المتصف بالوصف المقابل و ان لميكن من افراد ذلك الموضوع او انتفاؤه عند انتفاء ذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۴ *»
الوصف من هذا الموضوع او غيره او انتفاؤه عما لميتصف بذلك الوصف من افراد ذلك الموضوع اتصف بالوصف المقابل ام لا وجوه اوجهها الاخير للتبادر ثم اذا كان فاقد الوصف اولي بحكم المنطوق فلامفهوم يخالفه مطلقا و اذا ورد الوصف مورد الغالب ففي كونه كمفهوم الشرط وجهان اظهرهما العدم للعرف ثم في اشتراط المخالفة هنا بين المفهوم و المنطوق كمّاً ام الموافقة احتمالان و الاصح الرجوع الي المعيار المتقدم في الشرط و لازمه اختلاف المقامات.
اقول: قوله «ثم انهم» الي اخر يعني ان مشهور الاصوليين علي ان مفهوم الوصف ليس بحجة مع انهم مجمعون في المطلق و المقيد المثبتين كاعتق رقبة و اعتق رقبة مؤمنة علي حمل المطلق علي المقيد و بين انكار المشهور حجية الوصف و دخولهم هنا في الاجماع تناقض فان هذا الحمل ليس الا لاجل حجية مفهوم الوصف و الا لكان يمكن انيقال انهما تكليفان ثابتان ان بدأ بالثاني كفي للتداخل و الا عمل بهما معاً فاجابوا عن ذلك باجوبة فمرة قالوا ان النزاع فيما سوي المسبوق بالمطلق و مرة قالوا ان الحمل لقاعدة الشغل لا لاجل المفهوم فان حصل العلم بوحدة التكليف فالاخذ بالمقيد هو المبرئ للذمة يقيناً و مرة قالوا ان المقيد نص و المطلق ظاهر في الافراد و النص مقدم.
قال المصنف فيالكل كلام و لما لميذكر المصنف هنا ما يرد علي هذه الاجوبة و لميكن في ذكره فائدة للدين و الدنيا و الاخرة لمنتعرض لتفصيله و العمر اعز من صرفه في رفع تناقض كلمات الناس هذا و نحن ننكر هذا الاجماع بالكلية و ليس عليه دليل من كتاب و لا سنة و ان المطلق و المقيد يمكن في كل واحد انيكون ناسخاً و انيكون منسوخاً و انيكون احدهما تقية و الاخر حقاً فكيف يجوز حمل المطلق علي المقيد بمحض ورودهما و لميجعله الحجج: من اسباب العمل بالاخبار فيجب الرجوع الي المرجحات المأثورة فان عرف الحق منهما فهو و الا فانت بالخيار كما يأتي في محله انشاء الله.
قوله «و الاحسن انيقال ان الحمل لفهم العرف» قدذكرنا مكرراً ان العرف ليس مناط الشرع اذ لا مناط له.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۵ *»
قوله «ثم مفهوم قوله» الي اخر تشكيكات و وسوسة وسوس بها المصنف في مثل في الغنم السائمة زكوة مع انكاره حجية مفهوم الوصف فصَرَفَ العمر فيها من غير جهة فقال مفهوم هذه العبارة هل هو انتفاءالزكوة عنالمعلوفة او انتفاء الحكم عنمهية الغنم غيرالسائمة سواء كانت معلوفة ام لا او انتفاء الحكم عن مطلق المعلوفة و ان كانت من الابل او انتفاء الحكم عن الغنم و غير الغنم غيرالسائمة او انتفاء الحكم عن افراد الغنم غيرالسائمة سواء كانت معلوفة او غيرمعلوفة و قال في ذلك وجوه اوجهها الاخير للتبادر و لو ذكر هذا القسم وحده لكان يكفي الا ان هذه التشقيقات من بسط العلم في الوساوس و الاحتمالات المفسدة للذهن فلايكاد يستقر علي شيء ابداً و قد ذكرنا حجية المفهوم و المفهوم ما يفهم و لا بحث فيما يفهم و لايدعي احد حجية ما لايفهم فجميع ذلك تطويل بلاطائل.
قوله «ثم اذا كان فاقد الوصف» الي اخر يعني اذا كان فاقد الوصف اولي بحكم المنطوق لايجوز انيكون حكمه حكم المنطوق نحو لاتعيّر الشيعي الفاسق فان عادلهم اولي بعدم التعيير و في الحقيقة معني هذه العبارة لاتعيّر الشيعي و لو كان فاسقاً و انما صرح به لخفائه.
قوله «و اذا ورد الوصف» الي اخر و ذلك كقوله و ربائبكم اللاتي في حجوركم و قالوا ان التوصيف بكونهن في الحجور وارد مورد الغالب فلا مفهوم له و المصنف اختار انه يفهم منه لانه الظاهر منه و ليس كالشرط و الذي اري ان الاية اذا كانت غيرمعمول بها او الخبر غيرمعمول به لايدل ذلك علي ان مدلولهما غير ما يدلان عليه ظاهرا ألاتري ان المنسوخ و المتقيفيه لايعمل بهما و دلالتهما ظاهرة في معناهما اللغوي فالاية دالة علي ان بنت الزوجة المدخولة ان لمتكن ربيبة ربيت في الحجر ليست بحرام غاية الامر انه قامت الادلة علي خلاف مفهومها و كان الرجحان لها لانها صريحة و المفهوم لايعارضها و لايكون ذلك سبب انكار المفهوم و ليس دليل حرمة الربيبة منحصراً بالاية و الذي يدل علي مفهومه ما كتب الي صاحب الزمان صلوات الله عليه هل يجوز للرجل انيتزوج بنت امرأته فاجاب7 ان كانت ربيت في حجره فلايجوز و ان لمتكن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۶ *»
ربيت في حجره و كانت امها في غير حباله فقد روي انها جايز و في نسخة امها من غير عياله غاية الامر ان الاصحاب لميعملوا بهذه الرواية و مفهوم هذه الاية فانصف.
قوله «ثم في اشتراط المخالفة» الي اخر يعني في انه هل يشترط المخالفة في الكمّ بين هذا المفهوم و منطوقه ام لا قال المصنف انه يختلف في المقامات كما مرّ في الشرط و المعيار الحق ان المفهوم ان كان مفهوماً من كلام المعصوم فلا محيص عنه و ان كان غير مفهوم فلانزاع فيه و المفهوم لايصير مفهوماً بالاستدلال بل هو امر طبيعي يعرفه الاطفال فضلاً عن الرجال.
قال: اصل في دلالة اللفظ علي دخول الغاية في المغيي او علي عدم دخولها فيه او الاول مع وحدة الجنس و الثاني مع عدمها ام الوقف اقوال و الاخير محتمل للوقف في اصل الدلالة او في كيفيتها ثم في حجية مفهوم الغاية و عدم حجيته قولان اعلم ان الغاية تطلق علي الفائدة و علي المسافة و علي النهاية و المراد هنا الاخير و ثمرة النزاع الاول تظهر في مثل الاية الشريفة و ايديكم الي المرافق و الثاني في مثل قوله تعالي و لاتقربوهن حتي يطهرن.
اقول: اعلم ان الغاية في اللغة المنتهي و ما خلق الشيء لاجله و غايتك انتفعل كذا اي نهاية طاقتك و غيّيته من التفعيل اذا جعلت له غاية فالمغيي ما جعل له غاية و في عرف النحاة تطلق علي المسافة كما يقولون <من> لابتداء الغاية و <الي> لانتهاء الغاية و ليس هذا المعني في اللغة و اما الفائدة فهي لظهورها في انتهاء العمل او الصناعة اطلق عليها الغاية و المراد في هذا المبحث النهاية.
ثم فيه نزاعان الاول ان الغاية داخلة في المغيي ام لا او داخلة مع وحدة الجنس في الغاية و المغيي و خارجة مع عدمها كمايقوله بعض العامة او يجب التوقف و المصنف احتمل الوقف للتوقف في اصل الدلالة في الجملة او في كيفيتها انها تدل علي الدخول في المغيي او في الخروج ان قال بالدلالة في الجملة و النزاع الثاني في حجية مفهوم الغاية و عدم حجيته.
قال و ثمرة النزاع الاول تظهر في قوله تعالي و ايديكم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۷ *»
الي المرافق هل المرفق و هو موصل الذراع في العضد الذي يتكأ عليه داخل في ما يجب غسله ام لا فان كان داخلاً و قطع ذراعه فان قيل بلزوم غسل باقي العضو لعموم ما لايدرك كله لايترك كله و عموم اذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم يغسل و الا فلا و ان لميكن داخلاً لايغسل و علي الوقف يغسل لاصل الاشتغال و ثمرة النزاع الثاني فان قيل بالحجية يقربها و ان قيل بعدمها حرمت للاستصحاب كذا قالوا.
قال: ثم الاصل في الاول عدم الدلالة علي الدخول و لا علي الخروج لتوقيفية الالفاظ و لاصل البراءة و لو في بعض الموارد و لاصالة عدم التخصيص و التقييد و اصالة عدم الارادة و عدم الوضع ان اعتبرناهما و كذا في الثاني ثم الحق في النزاع الاول هو الوقف بالمعني الاول لانا بعد الاستقراء وجدنا المقامات بحسب القراين متفاوتة و لمنجد موضعاً يفهم منه عند فقدها الدخول او الخروج او السكوت و لو قال المفصل انه مع التجانس لابد من الادخال مقدمة قلنا ان العقل لايثبت اللغة بل هذا الدليل علي خلاف مقصوده ادل بل لايتم عند فقد ذيالمقدمة بل المقدمية قد تقتضي الخروج بل قديجري ذلك مع اختلاف الجنس ايضاً.
اقول: يعني ان الاصل في الدلالة علي دخول الغاية في المغيي و خروجها عدم الدلالة علي دخول او خروج لان اللغات توقيفية و الاصل عدم الوضع علي ما وراءها ان اعتبر و كذا اصل عدم التكليف و اصل عدم التقييد و التخصيص و كذا في النزاع الثاني اي حجيته يجري الاصول المذكورة.
ثم قال «الحق في النزاع الاول هو الوقف» و السكوت عن الدلالة و كيفيتها لاختلاف المقامات بحسب القرائن و المصنف لما كان ديدنه الرجوع الي قوته العاقلة و عدم الرجوع الي المحمد: تحير في ذلك و قد ادركه السعادة في هذه المسألة حيث وقف لما روي الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة و اما حق المسألة فقدروي عن ابيعبدالله7 الله غاية من غيّاه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۸ *»
فالمغيي غير الغاية و قال في حديث اخر اما ما عبرت الالسن عنه او عملت الايدي فيه فهو مخلوق والله غاية من غاياه و المغيي غير الغاية و الغاية موصوفة و كل موصوف مصنوع و صانع الاشياء غيرموصوف بحد مسمي الحديث فقد نص7 ان المغيي غير الغاية هذا و مشهور العامة ان الغاية داخل في المغيي و قوله7 غيّاه اي جعل له غاية اي من جعل له غاية فالله غايته و خارج عن حده و ذلك الشخص مغيي بالله و المغيي غير الغاية و قوله غاياه اي شاركه في الغاية او باراه في الغاية فمن جعل لله غاية فقد ادركها و وصل اليها فقد غايا الله و من زعم ذلك فالله غايته و هو غير الله لان المغيي غير الغاية.
و اما اطلاق لفظ الغاية علي الله فكساير الاسماء ليس الا استعارة لان الغاية موصوفة و كل موصوف مصنوع فكمال التوحيد ان تقدسه عن الغاية ايضاً كما قال علي7 في صفة الله هو قبل القبل بلاقبل بلاغاية و لامنتهي بلاغاية و لامنتهي غاية و لاغاية اليها غاية انقطعت الغايات عنه فهو غاية كل غاية و قال7 في حديث اخر كان ربي قبل القبل بلاقبل و يكون بعد البعد بلابعد و لاغاية و لا منتهي لغايته انقطعت الغايات عنه فهو منتهي كل غاية و قال الرضا7 في خطبة و من قال حتي مَ فقد غيّاه و من غيّاه فقد غاياه و من غاياه فقد جزّأه و من جزّأه فقد وصفه و من وصفه فقد الحد فيه الخطبة فقد تبين و ظهر ان الغاية غير المغيي عند المحمد: فان الله غاية كل غاية و نهاية و هو غير خلقه و الرشد في خلاف العامة العمياء.
و اما ما حسبه المصنف سابقاً ان ثمرة النزاع الاول تظهر في مثل الاية الشريفة وايديكم الي المرافق فذلك استدلال و استنباط سني و اللازم علي الشيعة الرجوع الي المحمد: و الشيعي لايستبد بتفسير الكتاب برأيه و لايقول فينا كتاب الله و يكفي كما قال الاول و ان راجعت المحمد: فهم قالوا فيها ان تنزيل الاية من المرافق فكفي الله المؤمنين القتال و لذا قالوا في صفة الوضوء يأخذ الماء بيده اليمني فيصبّه في اليسري ثم يفيضه علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲۹ *»
المرفق ثم يمسح الي الكف و كذلك ساير اخبارهم فعلي تفسير المحمد: لايحتاج الي انيقول ان الي للغاية و المراد غاية المغسول لا الغسل هذا و سئل موسي بن جعفر7 عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ قال يغسل ما بقي من عضده و في ساير الروايات يغسل ما قطع منه فبطل استنباطات المصنف بالكلية و خرجت الاية عن محل الاستشهاد بالكلية.
و اما حجية مفهوم الغاية فلقبح تعليق حكم علي غاية من الحكيم الذي لايلغو في كلامه مع ان ما بعد الغاية مساو مع ما قبله ألاتري انه يقبح من الحكيم انيقول صم الي الزوال فاذا قيل و كيف بعد الزوال فيقول صم بعده ايضاً الي الليل و يقول سر الي المدينة ثم اذا قيل و كيف ماوراءها الي مكة فيقول سر منها ايضاً الي مكة و هكذا و يدل علي حجيته ما روي عن ابيعبدالله7 ان الله عزوجل يقول و اتموا الصيام الي الليل فمن اكل قبل انيدخل الليل فعليه قضاؤه لانه اكل متعمداً فابان بمفهوم الشرط ثبوت مفهوم الغاية للاية و اما ما استنبط الحكم من قوله تعالي و لاتقربوهن حتي يطهرن فذلك ايضاً استنباط سني و يجب علي الشيعي انيراجع المحمد: فاذا راجعناهم رأيناهم قد اذنوا في مسّها بعد الطهر و قبل الغسل علي كراهة كما حصر الله عباده بين مفهومين فاستنبط المحمد: منهما الكراهة فان مفهوم لاتقربوهن حتي يطهرن جواز القرب بعد الطهر مطلقا و مفهوم قوله فاذا تطهرن فأتوهن نفي الاتيان قبل التطهر فحكم المحمد: بكراهة المسّ بين الطهر و التطهر عملاً بالمفهومين قال العبد الصالح7 في المرأة اذا طهرت من الحيض و لمتمس الماء فلايقع عليها زوجها حتي تغتسل و ان فعل فلابأس و قال تمس الماء احب اليّ فنحن لانحتاج الي وضع القواعد بعقولنا ثم تفسير الكتاب عليها و ليراجع الكتاب الصامت وحده من ليس له كتاب ناطق و هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق.
قوله «ثم الحق في النزاع الاول الوقف» الي اخر اي في سنخ الدلالة و ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۰ *»
قيل بالدلالة في الجملة فالوقف في كيفيتها فقد عرفت ان الحق مع علي و علي مع الحق و ما وجد المصنف بحسب المقامات مختلفة كقولهم سرت من البصرة الي الكوفة و من البصرة الي الكوفة خمسون فرسخاً و ذهبت الي الكوفة و امثالها فالجواب عنه انه ان قام قرينة له علي عدم المراد فذلك خارج عن محل النزاع و نحن لانقول بوجوب ارادة المفهوم و ان عرف في موضع بلاقرينة فبم عرف.
و قوله «و لو قال المفصّل» الي اخر يعني لو قال ذلك بان المتجانس لايميز فيجب الادخال مقدمة كما في اية الوضوء و غيرالمتجانس متمايز كما في اية الصوم فلايجب رده المصنف بان هذا استدلال عقلي و اللغة توقيفية الي اخر ما ردّ و هو واضح و الاولي انيقال ان هذا القول قول بعض العامة فليكن من خواصهم و قد برّ المصنف اتفاقاً و صدق فان بالاستدلال العقلي لايعلم كيفية وضع الواضع و ان المقدمية دليل عدم الدخول و من فقد الذراع كيف يكون المرفق له مقدمة للمعدوم و الادخال من باب المقدمة لايختص بالمجانس.
قال: ثم ان اداة الغاية كالي و حتي هل هي لبيان غاية الشيء كمّاً ام كيفاً ايضاً الحق اختلاف المقامات في ذلك ففي مثل الامر بالغسل لايفهم الا الاول فلا دلالة في اية الوضوء علي مقصود العامة و الحق في النزاع الثاني الحجية كما عليه المعظم بل نقل عليه الاجماع للتبادر و هل الدالّ علي وجود الحكم ما قبل الغاية و انتفائه ما بعدها هو الاداة ام الهيئة ام الدالّ علي النفي الهيئة و علي الاثبات الاداة ام العكس وجوه اوجهها الاخير.
اقول: قوله «لبيان غاية الشيء كمّاً او كيفاً» يريد به انها لبيان منتهي فعل الفاعل او المفعولبه و في تعبيره اغلاق لايفيد المعني و يظهر من عبارته انه اراد من الكم في الاية مثلاً المغسول و من الكيف الغسل فقال في مثل الامر بالغسل لايفهم الا الاول يعني غاية المغسول كما اذا قيل اغسل الفراش من هنا الي هنا لايريد كيفية الابتداء و الانتهاء بل يريد غسل بين الحدين كيفما اتفق و الحق ان ذلك يعرف بالقرائن و لايعرف من الاداة شيء من ذلك و لولا القراين لماعرف المصنف و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۱ *»
معها لا نزاع فاحتجاج المصنف مدخول مدحوض و كفي الله المؤمنين القتال بعد ما روي ان التنزيل من المرافق نعم يمكن انيقال للعامة ليس الاية صريحة في مطلبكم و لا دليل لكم علي وجوب الابتداء من الاصابع.
قوله «و الحق في النزاع الثاني» الخ هذا غريب من المصنف في غاية الغرابة انه اختار في الدلالة و عدمها التوقف و عدم اختيار شيء فيها و زعمه الحق و زعم هنا ان الحق الحجية فهي حجية ايّ شيء ان لمتكن دلالة و ان قيل ان المصنف انكر الدلالة اللفظية المطابقية لاالعقلية فهي تدل دلالة عقلية و هي حجة قلنا فاللفظ قاصر و الاستدلال بالتبادر يناسب الدلالة اللفظية و كذا التنازع الاتي في الدالّ و اختيار المصنف اوجهها.
قوله «و هل الدالّ علي وجود الحكم» الي اخر الدالّ علي وجود الحكم لفظ الامر و ما يقوم مقامه لا الاداة و انما الاداة محددة الحكم بالجملة احتملوا بعد ما تكلفوا ما لميُكلفوا في الدالّ احتمالات و هي علي ما فصّل المصنف و اختار المصنف ان الدالّ علي النفي الاداة و الدالّ علي الاثبات الهيئة حيث انه رأي انه لو قال هو الاداة وحدها فباقي الكلام لغو و لو قال بانها الهيئة فالاداة غيرموضوعة لمعني و لو قال بالثالث فهو بيّن الفساد فان الهيئة مثبتة منطوقاً فالحق عنده العكس فقوله صم الي الليل فالدالّ علي اثبات الصوم قبل الليل الهيئة و الدالّ علي نفي الحكم عن الليل هو كلمة «الي».
قال: اصل مفهوم الحصر حجة للتبادر و اسبابه كثيرة منها كلمة انما فمع تقديم الموصوف كان من قصر الموصوف علي الصفة كانما زيد قائم او الصفة كان من قصر الصفة علي الموصوف كانما القائم زيد و منها تقديم الخبر او ادخال اللام عليه او تعقيب المبتدأ بضمير الفصل او ادخال اللام علي المبتدأ الي غير ذلك و مما مرّ يظهر الحال في مفهوم القيد و اللقب و العدد و الزمان و المكان فالمعيار في الكل العرف العام.
اقول: يقول من المفاهيم مفهوم الحصر و هو حجة لتبادر القصر منه فاذا فهم من كلام الحجة فهو الحجة ولكن في دلالة بعض الاسباب انها منطوقية او مفهومية
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۲ *»
و هل تفيد الحصر ام لاتفيد اختلاف قال و اسبابه كثيرة منها كلمة <انما> فان كان المقدم هو الموصوف فهي لقصر الموصوف علي الصفة نحو انما زيد قائم و ان كان المقدم الصفة فهي لقصر الصفة علي الموصوف كانما القائم زيد كذا قال.
و قد استدلوا لدلالة انما علي الحصر بادلة كلها مدخولة كقولهم ان انما مركبة من ان الدالّ علي الاثبات و ماء الدالّة علي النفي و لايردان علي مورد واحد و تركيبها يحتاج الي دليل و لا دليل ثم كون ان للاثبات مع انها يؤكد النفي ايضاً ثم كون ما للنفي و يمكن انتكون كافة و كقولهم انها للحصر للتبادر و لاتبادر ازيد من التأكيد و الاختلاف فيها شاهد عدم التبادر في العرف العام هذا و قد استعملت في الكتاب و السنة في غير الحصر ماشاء الله كقوله انما حرّمت عليكم الميتة و انما النسيء زيادة في الكفر و كقول علي7 انما الغسل من الماء الاكبر و قوله من وجد طعم النوم فانما اوجب عليه الوضوء و قول ابيجعفر7 في المذي انما هو بمنزلة النخامة و قول ابيعبدالله7 انما الوضوء من طرفيك الذين انعم الله بهما عليك و قول الرضا7 انما ينقض الوضوء ثلث البول و الغايط و الريح و لاتحصي ما في الاخبار من استعماله في غير الحصر كثرة فانها تزيد علي الوف.
و ما يقال ان اباعلي الفارسي حكي في كتاب الشيرازيات عن النحاة انها للحصر فلاحجة في قول ناقل واحد و لا في درايات المنقولعنهم و استدلوا بانما الاعمال بالنيات و نحن لانمنع وقوعها في موضع حصر اتفاقاً هذا و لقائل انيقول ان الحصر استفيد فيه من عموم الاعمال و استدلوا بقوله تعالي انما وليكم الله و لقائل انيقول ان الحصر استفيد من تعريف المبتدأ و كونه جنسَ مضافٍ و خصوص الخبر كما اذا قلت العالم زيد فاذاً لا دليل علي الحصر فدع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان و قد قال الله قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين فشرط الصدق البرهان.
قوله «و منها تقديم الخبر» كقولك في الدار زيد و هذا ليس بكلي كما هو
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۳ *»
بيّن ألاتري انك تقول للقلوب اقبال و ادبار و تقول للحق دولة و للباطل جولة و لك الف تومان و عندي دينار و امثال ذلك و لايتبادر منه حصر و لا دليل عليه من عقل و لا كتاب و لا سنة.
و قوله «او ادخال اللام علي المبتدأ» نحو الامير زيد و العالم عمرو و هذا يفيد الحصر من باب تخصيص الجنس بفرد و مثله تقديم الوصف علي الموصوف الخاص خبراً له نحو صديقي زيد و كذا تعريف المبتدأ او الخبر او هما معاً نحو الامير زيد و غلام زيد الامير و التوكل علي الله و زيد الانسان و الكرم التقوي و الورع اجتناب المحارم و امثالها و الحق انها جميعها يفيد الحصر للتبادر و فهم العرف منها ذلك.
قوله «و مما مرّ يظهر» الي اخر مراده من القيد ما يكون قيداً للحكم لا الموضوع لان قيد الموضوع هو الوصف علي اصطلاحهم و قيد الحكم نحو طف حول البيت راكباً او اضرب زيداً صباحاً او في السوق و امثال ذلك و تسميته بالمفهوم مع عدم القول بحجيته غفلة عجيبة و انا متوقف في هذه الدلالة لاني لمار نصاً من الحجج: و المرد اليهم في كل مجهول.
و مراده من اللقب اسم الذات او المعني في مثل جاءني زيد او يجب عليك الصلوة مثلاً و لميقم لي دليل علي ان لهذا مفهوماً و لو كان لمثل ذلك مفهوم لكان لكل ما يتكلم به الانسان مفهوم و لكان كل مثبت نافياً لماسواه و كل ناف مثبتاً لماعداه و لكان كل حديث له معارضات لاتحصي و جميع الاخبار متناقضاً بعضها مع بعض و قد روي عن الصادق7 في حديث قال له ابوحنيفة كيف يخرج اي المني من جميع الجسد والله يقول من بين الصلب و الترائب قال ابوعبدالله7 فهل قال لايخرج من غير هذين الموضعين و هذا الخبر صريح في ان اثبات الشيء لاينفي ماعداه و يؤيد ذلك ايضاً ما روي انه قيل لابيعبدالله7 ما الميسر فقال الشطرنج قيل انهم يقولون انها النرد قال و النرد هذا مع ان نفس المتكلم ربما لايلتفت الي غير المنطوق.
و مراده من مفهوم العدد في مثل اعط زيداً عشرة دراهم و الاولي التمثيل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۴ *»
بمثل ثلثة تسر القلب و هي فلان و فلان و فلان و اربعة يهدمن البدن و هي فلان و فلان و فلان و فلان و امثالها في الخصال كثيرة و الذي يفهم من الاخبار انه ليس بذلك اعتبار كما قيل لابيجعفر7 بعد ما اجاز شاهداً و يميناً هذا خلاف القرءان فقال و اين وجدتموه خلاف القرءان قيل ان الله يقول و اشهدوا ذوي عدل منكم فقال قول الله و اشهدوا ذوي عدل منكم هو لاتقبلوا شهادة و يميناً و قال الرضا7 انما ينقض الوضوء ثلث البول و الغائط و الريح انتهي مع ان النواقض اكثر من ذلك و روي ثمانية لاتقبل لهم صلوة و عدّهم و روي ثلثة لاتقبل لهم صلوة و عدّ ثلثة من اولئك الثمانية و كذلك حديث رفع عن امتي تسعة و في حديث ستة و عدّ ستة من تلك التسعة و امثالها كثيرة و لا دليل علي حجيته من لغة و عرف و شرع و مفاد العدد اثبات الحكم له و السكوت عن الباقي.
و اما ما روي عن ابيعبدالله7 انه لما نزل استغفر لهم او لاتستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلنيغفر الله لهم فاستغفر لهم مائة ليغفر لهم فانزل الله سواء عليهم استغفرت لهم ام لمتستغفر لهم لنيغفر الله لهم فليس ذلك من باب دلالة العدد بل قال الله عزوجل استغفر لهم او لاتستغفر لهم فكان مرخصاً لمطلق الاستغفار و قد نفي الله المغفرة عن السبعين فاستغفر مائة عسي انيغفر الله لهم بمائة.
و قوله «و الزمان و المكان» نحو صم يوم الخميس و صلّ في المسجد فلايدل شيء من ذلك علي ازيد من المنطوق و تسمية هذه الاشياء بالمفاهيم سهو لان كل ما فهم بداهةً من كلام الحجة هو حجة يجب اتباعه و ليست الدلالة شيء يثبت او ينفي بالاستدلال بل هي امر قهري يدخل الذهن و يفهم منه الانسان ما يفهم.
و قوله «فالمعيار في الكل العرف العام» قد عرفت ان العرف يختلف و قلما يمكن تحصيل معرفة العرف العام و هذه الحوالة تشعر بتردده في الدلالة.
قال: اصل اعلم ان العام يطلق علي الكلي المنطقي و علي كلي يكون النسبة بينه و بين الشيء عموماً من وجه بحسب المورد لا المصداق و العموم يطلق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۵ *»
علي العموم الاحتمالي و علي الشمول و علي الاستغراق المستفاد من اللفظ او العقل ثم انهم عرّفوا العام المصطلح بتعاريف و الاصح انه اللفظ الموضوع للدلالة علي استغراق اجزائه و جزئياته او اجزاء جزئياته و هو مشترك معنوي بين هذه لا لفظي لاصالة عدم تعدد الوضع و للتبادر و صحة السلب عن خصوص المجموعي او الافرادي و القدر المشترك مطلق الدالّ علي الاستغراق و هل هو حقيقة في اللفظ الدالّ بالوضع علي الاستغراق كما هو ظاهر التعريف او في اللفظ الدالّ عليه بالوضع ام بغيره او في الدالّ علي الاستغراق باللفظ ام بغيره ليدخل مثل ترك الاستفصال وجوه ثم في كون دلالة العام علي العموم مطابقةً ام تضمناً ام التزاماً احتمالات و الحق ان المقامات مختلفة.
اقول: قوله «الكلي المنطقي» كقولك الحيوان اعم من الانسان و الفرس.
قوله «و علي كلي» الخ كالصلوة و النظر الي الاجنبية فانهما يجتمعان و يفترقان في الموارد الخارجية لا المصداق فانهما فيه متباينان.
قوله «و العموم يطلق» الي اخر كما رأيت شبحاً من بعيد فهو عندك اعم من كونه انساناً او فرساً او غنماً اي هو محتمل و كقولك الاستعمال اعم من الحقيقة و المجاز.
قوله «و علي الشمول» نحو البلية اذا عمّت طابت.
قوله «و قديطلق علي الاستغراق» الي اخر اما اللفظي كقوله جعل الله الماء طهوراً فان عمومه باعتبار اللفظ و اما العقلي فكقوله و انزلنا من السماء ماءاً طهوراً فانك تقول انه في موضع الامتنان و شمول النعمة فالمراد به كل المياه لا ماء مخصوص.
قوله «ثم انهم» الي اخر اتي باللفظ ليكون جنساً في الحد ثم جعل فصله الموضوع فخرج منه المهمل و للدلالة صلة الموضوع و خرج باستغراق اجزائه كالمثني و المجموع و اسماء العدد فانها لاتستغرق كل جزء و اتي بلفظ اجزائه ليدخل العام المجموعي مثل كل الناس و الرجال ان قيل ان عمومه مجموعي و اتي بلفظ جزئياته ليدخل العموم الافرادي نحو كل رجل و لا رجل في الدار مثلاً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۶ *»
و اتي بلفظ اجزاء جزئياته حتي يشمل الحد مثل الرجال علي القول بانه عمومه افرادي.
قوله «و هو مشترك معنوي» الي اخر يعني لفظ العام علي ما اختار هل يدل علي الدالّ علي استغراق الاجزاء و الدالّ علي استغراق الجزئيات و الدالّ علي استغراق اجزاء الجزئيات بالاشتراك اللفظي فلاجامع او بالاشتراك المعنوي فاختار المعنوي لاصالة عدم تعدد الوضع و قد عرفت ان هذه الاصول لاتكشف عن الواقع و لاتحدث ظناً فضلاً عن العلم و القدر المشترك مطلق الدالّ علي الاستغراق و استدل بالتبادر و التبادر في الامور الاصطلاحية لايكشف عن ازيد من اصطلاح المصطلحين فلايدل علي وضع الواضع و لا عرف عام هنا فيدل علي اصطلاح من كان رأيه مثل المصنف فلا فائدة في الاستدلال و كذا استدلاله بصحة السلب.
قوله «و هل هو حقيقة» الي اخر فقد عرفت انه ليس فيه عرف عام و لا عرف المتشرعة و انما هو اصطلاح قوم من الاصوليين فهم علي ما اصطلحوا بالجملة تردد المصنف في انه هل هو حقيقة في اللفظ الدالّ علي الاستغراق بالوضع او به و بغيره او في الدالّ علي الاستغراق سواءاً كان لفظياً او غيرلفظي لكل وجه عنده و لافائدة في هذه الوجوه التي بها يظن ان المصطلحين يستعملون هذه اللفظة علي الحقيقة ام لا.
قوله «ثم في كون دلالة العام» الي اخر فقوله ام تضمناً ام التزاماً خلاف العربية و العربية انيقول او تضمناً او التزاماً بالجملة يقول هل دلالة العام علي العموم مطابقة ام تضمن ام التزام و اختار ان المقامات مختلفة ففي مثل كل رجل و لاتضرب رجلاً يستفاد من تركيبهما جميع الافراد فدلالتهما علي العموم تضمن و في مثل لا رجل يستفاد من اللفظ مطابقة نفي الطبيعة و التزاماً نفي الافراد و في مثل العلماء و الرجال دلالته علي جميع الافراد فرداً فرداً و علي العموم تضمن ان قلنا بالعموم المجموعي اي الافراد من حيث المجموع و ان قلنا بالعموم الجمعي بانيكون الالف و اللام لجميع المصاديق فدلالته علي العموم مطابقة و دلالة رجال
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۷ *»
ايضاً علي الجمع مطابقة و يستفاد منهما كل الجموع لكل رجال و ان قلنا بالعموم الافرادي كما عليه معظمهم فدلالته علي كل فرد تضمنية و هذه الخيالات لاتنفع في الدين و لا في الدنيا و لا في الاخرة الا اتلاف العمر فيما لايعني و تكلف ما لمنكلف به.
قال: اصل الاصح ان للعام صيغة تخصه بحيث لو استعملت في غيره كان مجازاً لوجوه كثيرة اقويها التبادر و يعضده او يؤيده قصة ابنالزبعري و ليس للمنكر ما يصغي اليه.
اقول: قوله «اقويها التبادر» يعني به انه اذا قال المولي لعبده لاتضرب احداً يتبادر منه العموم عرفاً و باصالة عدم النقل يثبت الوضع و قد كررنا في هذا الكتاب انه لايجوز استعمال هذه الاصول في الامور الكونية.
و قوله «و يعضده» الي اخر لاجل ان ذلك خبر احاد و لاينبغي لمحقق مثله انيستدل باخبار الاحاد في الاصول التي كلها كما سمعت و ستسمع انشاء الله ثبتت عندهم بادلة عقلية مفيدة للقطع و اليقين مع انها كبيت العنكبوت و هو اوهن البيوت و قصة ابنالزبعري ما قال في الضوابط و لقصة ابنالزبعري و هي مشهورة و فهمه دليل العموم لانه من اهل اللسان و ادلّ من ذلك تقريره9 اياه علي فهمه و جوابه حيث قال9 مااجهلك بلسان قومك اما علمت ان ما لما لايعقل فلمينكر9 العموم و قرره عليه الي اخر كلامه.
فالمصنف بعد قرن يريد انيستدل بحديث فلايدري كيف يستدل فنقول له ان هذا الحديث اصله في تفسير القمي و قدرواه في البرهان و كنز الدقائق و المجمع و التفسير الصافي و جميعهم رووا علي ما اروي لا مارويت و هي هكذا في رواية ابيالجارود عن ابيجعفر7 قال لما نزلت هذه الاية وجد منها اهل مكة وجداً شديداً فدخل عليهم عبدالله بن الزُبْعَريٰ و كفار قريش يخوضون في هذه الاية فقال ابنالزبعري أمحمد تكلم بهذه الاية فقالوا نعم قال ابنالزبعري
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۸ *»
لئن اعترف بها لاخصمنه فجمع بينهما فقال يا محمد أرأيت الاية التي قرأت انفاً فينا و في الهتنا خاصة ام في امم من الامم الماضية و الهتهم فقال بل فيكم و في الهتكم و في الامم الماضية و الهتهم الا من استثني الله فقال ابنالزبعري خصمتك والله الست تثني علي عيسي خيراً و قد عرفت ان النصاري يعبدون عيسي و امه و ان طايفة من الناس يعبدون الملائكة أفليس هؤلاء مع الالهة في النار فقال رسول الله9 لا فضحت قريش و ضحكوا قالت قريش خصمك ابنالزبعري فقال رسول الله9 قلتم الباطل اما قلت الا من استثني الله و هو قوله ان الذين سبقت لهم منا الحسني اولئك عنها مبعدون الي قوله فيما اشتهت انفسهم خالدون الخبر.
انظر بنظر الاعتبار اولاً في استدلاله بان ابنالزبعري من اهل اللسان فعرف ان <ما> من ادوات العموم و في الحديث انه ماعرف ذلك حتي سأل عن عمومها و خصوصها انها فينا و في الهتنا خاصة ام في امم من الامم الماضية و الهتهم فقال النبي9 انها في الكل الا من استثني الله فليس في كلام عبدالله دليل علي العموم لانه استفهم و احتمل الاحتمالين و كذا في كلام النبي9 ليس تقرير شيء بل ظاهره ان العام مستعمل في بقية المستثنيمنه ثم انه ليس ما نسبه الي النبي9 في الحديث انه قال مااجهلك بلسان قومك فلعل المصنف اخذ هذا الحديث من كتب العامة و هم يروونه كذا و الا الذي في كتبنا و عن امامنا فعلي ما ذكرت نعم روي السيد عبدالله الشبر في الاصول الاصلية من كنزالفوائد روي ان قوماً اتوا رسول الله9 فقالوا ألست رسولاً من الله قال لهم بلي قالوا و ما هذا القرءان الذي اتيت به كلام الله قال نعم قالوا فاخبرنا عن قوله انكم و ما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون اذا كان معبودهم معهم في النار فقد عبدوا المسيح أتقول انه في النار فقال لهم رسول الله9 ان الله سبحانه انزل القرءان عليّ بكلام العرب و المتعارف في لغتها ان ما لما لايعقل و من لمنيعقل و الذي يصلح لهما جميعاً فان كنتم من العرب فانتم تعلمون هذا قال الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳۹ *»
انكم و ما تعبدون يريد الاصنام التي عبدوها و هي لاتعقل و المسيح لايدخل في جملتها فانه يعقل و لو قال انكم و من تعبدون لدخل المسيح في الجملة فقال القوم صدقت يا رسول الله و في هذا الخبر انكر7 شمول <ما> ذوي العقول نعم يدل علي شمول <ما> و عمومها ما لايعقل و الاصنام بالجملة الاخبار في ذلك صريحة نذكرها في مواردها فترقب.
قال: اصل الجمع المحلي يطلق علي العهد الخارجي و الذهني و جنس الجمع و جنس المفرد و الاستغراق الجمعي او المجموعي او الافرادي و هو مجاز في ماعدا العهد الخارجي و الاستغراق لوجود علائم المجاز فيها و حقيقة في الاستغراق اتفاقاً لوجود علائم الحقيقة فيه و في كونه حقيقةً في العهد الخارجي ايضاً مشتركاً بينه و بين الاستغراق لفظاً ام معنيً ام مجازاً فيه وجوه ثم المتبادر منه في الاثبات الاستغراق المجموعي كقولك للرجال عليّ درهم فتأمل و في النفي الافرادي ثم الدالّ هو الهيئة التركيبية لا انه ذو دلالتين و الجمع المضاف كالمحلي في الاطلاقات و المقامات.
اقول: الجمع المحلي قديطلق علي المعهود الخارجي كاولئك الرجال و الذهني و مثلوا له بقول الا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لايستطيعون حيلة ان جعلنا الجملة صفة المستضعفين فيكون المراد منه معني النكرة فيكون العهد ذهنياً.
و اعلم انهم اختلفوا في العهد الذهني و المراد منه بعد ما قال جماعة ان المراد منه بعض افراد المهية فمنهم من قال انه بعض معين عند المخاطبين و منهم من قال انه بعض غيرمعين و يفهم الفرد بقرينة خارجة فهو في المعني كالنكرة و شرحوا ذلك بان للمهية وجوداً في الذهن و وجوداً في الخارج في ضمن الافراد فان استعمل المحلي علي الاول فاداته للجنس نحو الرجل خير من المرأة و ان استعمل في المهية الموجودة في الخارج لا علي التعيين و فهم التعين بالقراين الخارجية فهي للعهد الذهني نحو ادخل السوق و انكر بعضهم هذا المثال نظراً الي ان المراد بالسوق الماهية و يحصل الدخول فيها بالدخول الي فرد و لا عهد و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۰ *»
مثّل بقوله و لقد امرّ علي اللئيم يسبّني و منهم من قال ان العهد الذهني انيستعمل اللفظ في المهية المطلقة و الفرد يفهم من الامور الخارجة و منهم من يفسره بان لايكون الفرد مذكوراً في اللفظ سابقاً نحو اذ هما في الغار و يبايعونك تحت الشجرة بالجملة المصنف اختار في العهد الذهني كون مدلول اللفظ غيرمعين كالنكرة و ان جري عليه بعض احكام المعرفة.
قوله «و جنس الجمع» كقوله تعالي الرجال قوامون علي النساء.
قوله «و جنس المفرد» كقولهم الحكم خطاب الله المتعلق بافعال المكلفين اي جنس المكلف.
قوله «و الاستغراق الجمعي و المجموعي و الافرادي» كقوله تعالي ان الله يحب المحسنين اي كل جماعة من المحسنين او مجموع المحسنين او كل فرد فرد من المحسنين.
و قوله «و هو مجاز» الي اخر لوجود علائم المجاز في ما سواهما من تبادر الغير و صحة السلب و اما كونه حقيقة في الاستغراق للاتفاق و التبادر و عدم صحة السلب و ذم العقلاء و اطراد الاستثناء و غلبة الاستعمال و اما كونه حقيقة في العهد الخارجي فلعدم التنافر في مثل هؤلاء الرجال و الذي يدل علي ان الجمع المحلي للاستغراق في الجملة ما روي عن ابيعبدالله7 لاتأتمن شارب الخمر ان الله عزوجل يقول في كتابه و لاتؤتوا السفهاء اموالكم فأيّ سفيه اسفه من شارب الخمر و قول الرضا7 في قوله تعالي لاينال عهدي الظالمين فابطلت هذه الاية امامة كل ظالم الي يوم القيمة و صارت في الصفوة و قول ابيعبدالله7 في حديث لمحمدبنفضيل الزرقي حين سأله عن حديث لعليبنالحسين8 لا ام لك المتسمعه يقول و باب يدخل منه المشركون و الكفار فهذا الباب يدخل فيه كل مشرك و كل كافر لايؤمن بيوم الحساب انتهي.
اذا قالت حَذام فصدّقوها | و خير القول ما قالت حَذام |
قوله «و في كونه حقيقةً» الي اخر يعني علي فرض كون الجمع المحلي حقيقة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۱ *»
في الاستغراق و العهد الخارجي هل هو مشترك بينهما لفظاً ام معنيً او مجازاً وجوه و في عبارة المصنف عجمة غريبة فانه عطف الكلمتين بام و هو في غير محله مع ان المعني عطف علي لفظاً و مجازاً علي حقيقةً و اختار في الضوابط الاشتراك المعنوي لغلبة الاشتراك المعنوي و لان الاصل عدم تعدد الوضع و المراد من العهد ايضاً كل الرجال المعهودين مثلاً و هذه الاصول لاتكشف عن الواقع كما عرفت مكرراً.
قوله «ثم المتبادر منه في الاثبات» الخ ثم شك في انه بعد كونه للاستغراق هل هو حقيقة في الاستغراق الجمعي او المجموعي او الافرادي فاختار انه يتبادر في الاثبات المجموعي و في النفي يتبادر الافرادي نحو لاتصل المشركين مثلاً و لا بأس به و لعل وجه التأمل انه يختلف الامر بحسب الموارد و ليس بكلي اذ قديتبادر الافرادي نحو اقتلوا المشركين و كما مرّ من الامثال في الاخبار و قد يتبادر المجموعي كما مثّل المصنف للرجال عليّ درهم و ليس بكلي و كما قال الله تعالي للرجال عليهن درجة و المراد الجنس.
قوله «ثم الدالّ هو الهيئة» الي اخر يقول بعد ما اخترنا الدلالة المجموعية او الافرادية تكون الهيئة موضوعة بازاء المعني و لايكون ذا دلالتين لانه يحتاج الي وضعين و الاصل عدم التعدد و هو كما عرفت مكرراً.
و قوله «و الجمع المضاف» الي اخر كقوله تعالي قل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و انفسنا و انفسكم.
قال: اصل المفرد المحلي يطلق علي الجنس و الاستغراق و العهد الخارجي و الذهني اعلم ان المادة المجردة عن اللواحق موضوعة علي الاصح لا مهملة كمايظهر من بعض و ذلك للاصل فتأمل و للتبادر و لان المتبادر منها في ضمن اللواحق دلالتان و مدلولان و الموضوعله المادة هو الماهية اللابشرط لظهور الوفاق من القائلين بوضعها و للتبادر و اما اخذ الوحدة في تعريف اسم الجنس ففاسد بجميع تقاديره المتصورة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۲ *»
اقول: قوله «يطلق علي الجنس» كقوله الصلوة خير موضوع.
قوله «و الاستغراق» و مثّل له بـاهلك الناس الدرهم البيض و الدينار الصفر.
قوله «و العهد الخارجي» كقولك اكرم الرجل لرجل حاضر.
قوله «و العهد الذهني» كقوله و لقد امرّ علي اللئيم يسبّني و هو في المعني كالنكرة و ان عومل معاملة المعرفة.
قوله «اعلم ان المادة المجردة» الي اخر اي انهم اختلفوا في ان رجل بلا لام و لاتنوين و لااضافة هل هو موضوع ام لا و لا كان يخطر في خلد عاقل ان ذلك ممايمكن انينازع فيه ولكن فعلوا و اختار المصنف انه موضوع و برهانه الاصل اي قلة عدد الاوضاع فانها ان كانت مهملة لزم ثلثة اوضاع باعتبار اللواحق الثلثة اللام و الاضافة و التنوين و الا فوضعان و لعمري ماادري كيف لايستحيي الانسان عن التفوه بمثل هذه التعليلات في دين الله و هي بانفسها اشد علة من السكوت و التبادر لان من الرجل يتبادر دلالتان و هو كصاحبه.
و الحق انها موضوعة لقول الرضا7 في حديث مرّ في معرفة الواضع قال بعد خلق الحروف فاذا الّف منها احرفاً اربعة او خمسة او ستة او اكثر من ذلك او اقل لميؤلفها لغير معني و لميك الا لمعني محدث لميكن قبل ذلك شيئاً الحديث فاذا الّف الله الراء و الجيم و اللام لميؤلفها لغير معني و ليس التنوين من الحروف فاذا قلت رأيت رجلاً فلاشك انك تفهم منه المراد و التنوين ليس من الحروف فالمعني للراء و الجيم و اللام و التنوين يفيد الابهام و الرجل خلاف المرأة و يدل علي ذلك احاديث عديدة كثيرة مروية في تراكيب المعاجين منها ما روي عن احمد بن بشارة قال حججت فاتيت المدينة فدخلت مسجد الرسول9 فاذا ابوابراهيم7 جالس الي ان قال فاخرجت الدواة و الكاغذ و املي علينا يؤخذ سنبل و قاقلة و زعفران و عاقرقرحا و بنج و خربق و فلفل ابيض اجزاء بالسوية و ابرفيون جزئين يدق و ينخل بحريرة الحديث و شكا الي الجواد7 رجل برد المعدة و خفقان فؤاده الي ان قال7 خذ زعفران و عاقرقرحا و سنبل و قاقلة و بنج و خربق ابيض و فلفل ابيض اجزاءاً سواء و ابرفيون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۳ *»
جزئين الحديث فهذه الكلمات ليست محلاة و لامضافة و لامنونة فانه لايراد تعظيمها و لا تنكير فرد مبهم و لا تعريف فرد معين و انما يراد الجنس الظاهر في ايّ فرد كان و امثال ذلك كثيرة في الاخبار فان كانت مبهمات فالمعجون مركب من المبهمات و المهملات و ان كانت موضوعات فهو المطلوب و كذلك في مثل يا رجل من غير الثلثة بالجملة الامر اوضح من نار علي علم.
قوله «و الموضوع له المادة» اي الذي وضع له المادة هو الماهية اللابشرط لظهور الوفاق و انت تعلم ان ظهور وفاق قوم قالوا باحد شقي الخلاف لا حجية فيه بوجه من الوجوه لاسيما في امثال الامور الواقعية لاسيما في الوضع و الواضع هو الله عزوجل و لايطلع عليه احد غيره تعلموا من رسول الله9 في الحديث السابق انفاً ان الله سبحانه انزل القرءان عليّ بكلام العرب و المتعارف في لغتها الخبر فابان7 ان المدار علي عرف العرب لان الوضع الاولي مما لايحاط به و لا حاجة اليه و لمنكلف به و ان نزول الكتاب و صدور الشرع و الدين علي المتعارف فاذا عرفنا المتعارف في العرب يكفينا و هذه الكتب اللغوية ايضاً بيان عرف زمانهم لا اصل وضع الله كما عرفت.
قوله «و للتبادر» نعم المتبادر منه في العرف اصل الماهية و هذه الشروط خيالات مستحدثة من اهل الاجتهاد و ليس عند العرب منه شيء.
قوله «و اما اخذ الوحدة» الي اخر يعني عرفه بانه ما يدل علي فرد واحد من غير تعيين او هو ما وضع للفرد المنتشر او هو ما وضع لفرد لابشرط التعيين فان قال ذلك لاجل ان المادة مهملة فقد عرفت انها موضوعة و ان قال لاجل ان المادة المجردة موضوعة للفرد المنتشر فيرده اجماع القائلين بان الجنس موضوع للمهية بلاشرط و هذا الدليل عندي سخيف جداً و ان قال بالوضع للمهية لابشرط فدلالته علي الوحدة ان كان بوضع جديد فالاصل يدفعه و ان كان من باب المجاز فكذلك لعدم القرينة و ان كان اصطلاحاً خاصاً بالقائل فهو و شأنه.
و اعلم ان مذهب من يأخذ الوحدة في تعريف الجنس ليس بهذه السخافة التي زعمها المصنف و لهم ادلة كادلة المصنف منها عدم صحة السلب فلايقال لزيد ليس برجل و منها تبادره
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۴ *»
فان الذي يخطر بالبال عند سماع لفظ الفرس فرد بلاشك لا المهية المبهمة و منها ان العرف لايعرفون الماهية و لايتجاوز ارادتهم الافراد و لميثبت تصريح من الواضع بخلافه و منها ان الواضع لايفهم الماهية لابشرط و لايتصور الا الفرد و منها ان الواضع وضع الاسماء للوجود الخارجي قطعاً و وجود الكلي مما لايفهمه اللغوي و هذه الادلة ليست باوهن من ادلة المصنف و القائلين بقوله.
ولكن لي هنا كلام و هو ان الماهية لها اعتباران اعتبار الحقيقة مع قطع النظر عن الكلية و يعبر عنه بالوجود لابشرط و هذا ليس بكلي و لايصدق عليه حد الكلي و ليس فيه اعتبار الكلية و الجنسية و النوعية مثلاً الحيوان له اعتبار من حيث ذاته لابشرط الكلية و الجزئية و الابهام و التعيين و له اعتبار من حيث الجنسية بانه جنس تحته انواع فالحيوان لابشرط يعطي ما دونه اسمه و حدّه فالفرس حيوان و الغنم حيوان و هذا الفرس حيوان و هذا الغنم ايضاً حيوان و اما الحيوان بشرط الجنسية فلايعطي ما دونه اسمه و حدّه فليس الفرس بجنس و لا هذا الفرس و لا الغنم بجنس و لا هذا الغنم فالاسم ان كان موضوعاً للحيوان لابشرط الجنسية و الكلية يعطي مادونه اسمه علي الحقيقة كمايعطي حدّه و يصدق علي الفرد جنساً و فصلاً فيصدق عليه اسمه علي الحقيقة لا المجاز لصدق الحد حقيقةً و ان كان الاسم موضوعاً للحيوان بشرط الجنسية و الكلية فلاينزل الي الافراد كما لاينزل حدّه فاذاً هذا الاسم اذا استعمل في فرد فقد استعمل في غير ماوضع له فهو مجاز و اما اسم الاول فليس بمجاز فانه استعمل في ما يصدق عليه الحد هذا و قيد الوحدة ليس بمأخوذ اذا قيل لفرس معين هذا حيوان فهو علي الحقيقة فما رأي القائلون باخذ الفرد في حدّ الجنس من التبادر و عدم صحة السلب فلاجل ما ذكرنا لا ما توهموه و اما ما ذكروه من ان العرف لايعرفون الماهية فهو محض كلام، العرف يعرفون الحد المشترك بين الاشياء حتي اطفالهم و حتي البهائم و ان لميقدروا علي التعبير عنه كما حققناه في محله و اما ان الواضع لايفهم الماهية فهو كلام سخيف بعد ما عرفت ان الواضع هو الله و بعد ما عرفت ان الاطفال ايضاً يعرفون المهيات بل يميزون بين اسماء الاجناس و اسماء الافراد فيسمي الطفل امه بزينب و بالام
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۵ *»
و لايسمي غيرها به ابداً و رأي كسرة خبز في بيته و قيل له هذا خبز فاينما رأي الخبز يقول هذا خبز فكيف لايعرفون و اما ان الواضع وضع الالفاظ للوجودات الخارجية فقدحققنا في محلها ان الكلي وجوده خارجي و لااحب التطويل هنا اكثر من هذا و ساير كتبنا مشحونة بهذه المسألة.
قال: ثم الحق ان المفرد المحلي حقيقة في الجنس للتبادر و لانه مقتضي الوضع الافرادي في جزئي المركب و الوضع الجديد منفي بالاصل و في العهد الخارجي وجهان لا في الاستغراق للتنافر و عدم اطراد الاستثناء و لانه ان كان حقيقة خاصة فيه نفاه تبادر الغير او مشتركاً لفظياً بينه و بين الجنس نفاه الاصل او معنوياً نفاه الحصر العقلي و بيانه موكول الي المطولات و لا في العهد الذهني للتنافر و نحو الحصر المتقدم و اما التمسك في اثبات عمومه في بعض الموارد بدليل الحكمة فواهٍ جداً اذ مع فهم العرف العموم لا حاجة اليه و مع عدمه لاينفع مضافاً الي ما في تقريره من القصور و هل هو ذو دلالة و مدلول او ذو دلالتين و مدلولين وجهان.
اقول: قوله «ثم الحق» الي اخر يعني ان المفرد المحلي حقيقة في الجنس اذ مادة الكلمة موضوعة للمهية و اللام للاشارة الي الحقيقة و مقتضي وضع كل فرد من الاجزاء لمعني انيكون معني المجموع المركب الاشارة الي الجنس و ارادة معني اخر فرع وضع جديد و هو منفي بالاصل و لانه المتبادر منه و قد عرفت وهن هذه الاستدلالات و اجراء الاصول لايفيد ظناً بالواقع فضلاً عن العلم و التبادر لايزيد علي الدلالة في العرف و كون كل فرد من اجزاء المركب لمعني منفرداً لايدل علي ان المركب هذا معناه بوجه فحاصل الامر علي ما ظن ان ارادة الجنس من المفرد المحلي في العرف قطعي و اما الوضع الاولي فلايعرف بهذه الادلة ابداً و الاستصحاب القهقرائي و اصل عدم النقل بعد اوهن من هذه الادلة.
قوله «و في العهد الخارجي وجهان» من الحقيقة و المجاز ولكنه اختار في الضوابط ان الحق انه حقيقة فيه ايضاً لعدم التنافر في قولك اكرم الرجل لرجل معين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۶ *»
في الخارج و للاصل فان في هذا الاستعمال ايضاً استعمل اللام للاشارة الي الفرد المعين و الكلمة استعملت في معناه الحقيقي بطريق الحمل الشايع المتعارف فتقول زيد رجل حقيقةً فيكون استعمال الجنس المحلي في العهد الخارجي ايضاً حقيقة و لايدل هذه الادلة علي ازيد من الحقيقة العرفية كما عرفت و اختار فيه انه مشترك معنوي بينهما اي بين الجنس و العهد الخارجي للاصل اي اصل عدم تعدد الوضع و الغلبة و القدر المشترك الاشارة و من هو خلاف المرأة.
قوله «لا في الاستغراق» الي اخر يعني ان الجنس المحلي ليس حقيقة في الاستغراق للتنافر عرفاً و لانه ليس الاستثناء بمطرد في كل جنس و ان وقع في بعض و لان الاحتمالات هنا اربعة فان قيل انه حقيقة خاصة فيه فنراه يتبادر منه عند فقد القرينة محض الماهية و ان قيل انه حقيقة فيه و في غيره بالاشتراك اللفظي يدفعه اصل عدم تعدد الوضع و تبادر المهية و ان قيل بالاشتراك المعنوي فيدفعه ان الطبيعة مستفادة من مدخول اللام و الاستغراق لايخلو اما يستفاد منه فمجاز و اما يستفاد من اللام فالاستغراق معني اسمي و اللام حرف و لايستفاد منه الا انيكون مجازاً و لعمري جرأة عظيمة علي الله انيكون مبني الانسان علي هذه الوهميات و اعجب منه تسمية هذه الاوهام ادلة عقلية و من المحال انيسكن قلب انسان بهذه الاوهام ابداً و يمكن ابطال كل حق و احقاق كل باطل بهذه الالفاظ المسماة بالادلة و علي المؤمن انيراجع الله و رسوله و حججه و يأخذ بكل بيّن رشده و يجتنب كل بيّن غيّه و يقف عند كل مشكل فهمه و يرده الي الله و رسوله و حججه:.
بالجملة الحق ان الجنس المحلي باللام حيث لا عهد يفيد العموم الاستغراقي و يدل علي ذلك قوله تعالي ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا و ما روي عن الصادق7 انه قال فقد لابي بغلة فقال لان ردّها الله عليّ لاحمدنه بمحامد يرضاها فمالبث ان اتي بسرجها و لجامها فلما استوي عليها (ظ) و ضم اليه ثيابه رفع رأسه الي السماء و قال الحمدلله و لميزد ثم قال ماتركت و لاابقيت شيئاً جعلت جميع انواع المحامد لله عزوجل فما من حمد الا و هو داخل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۷ *»
فيما قلت و قال رسول الله9 الصلح جايز بين المسلمين الا صلحاً احل حراماً او حرّم حلالاً و عن العسكري عن الباقر7 في قوله لاتبطلوا صدقاتكم بالمنّ و الاذي و لميقل بالمنّ علي من تتصدقون عليه و بالاذي لمن تتصدقون عليه و هو كل اذي وفي التوقيع الرفيع اما ما سألت عنه من امر من يستحل ما في يده من اموالنا و يتصرف فيه تصرفه في ماله من غير امرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصماؤه فقد قال النبي9 المستحل من عترتي ما حرّم الله ملعون علي لساني و لسان كل نبي مجاب الحديث انظر كيف استدل بقوله المستحل علي كل من استحل من مالهم شيئاً هذا و امر هذه الكلمات في مقامات الشرع واضح لا غبرة عليه فان المراد من قوله تعالي احل الله البيع مثلاً جميع افراد البيع قطعاً لا الماهية الدهرية و لا فرد معهود عند السامع و لا في ذهن المتكلم لايعلمه الا هو و لا فرد مبهم غيرمعين بالبداهة و المراد افراد البيع الواقع في الخارج باسرها و يشك في الشمس و لايشك في هذا فسمّه ما شئت و هي هي المتبادر منها و كلها يقبل الاستثناء و به نزل الكتاب و جرت السنة و استدل به الحجج: و هذا القدر هو الكافي في ديننا و لا سبيل لنا الي الوضع الاولي الا بالوحي.
قوله «و لا في العهد الذهني» الي اخر يعني ليس بحقيقة في العهد الذهني ايضاً للتنافر عرفاً بالنسبة الي المادة و لما مرّ من الحصر العقلي المتقدم.
قوله «و اما التمسك» الي اخر تعريض علي صاحب المعالم و يقول الجنس المحلي باللام ان كان اهل العرف يفهمون منه العموم فلاحاجة الي دليل الحكمة و ان كانوا لايعرفون فلايجوز انيبتني في فهم دلالة الالفاظ علي الامور الخفية العقلية مضافاً الي ما في تقريره من القصور الذي شارك فيه المصنف في قصور الكلمات فانا لمنجد مطلباً يقيمه هذه الادلة الا و يكسره هذه الادلة و لايقفون في موقف الا انيعجزوا و يعيوا عن المضي فيتخذونه مذهباً و اما اليقين فلا و ابيك و لذلك كثر الاختلاف و ارتفع الايتلاف و طال التشاجر و الخصومات المحرمات
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۸ *»
بينهم حتي صار هذا الحرام الذي هو عديل عبادة الاوثان في الاخبار من اعرف المعروفات و صار اسمه طلب الدين و عمر به الانادي في العالمين و لايرتفع الا انيظهر بقية الله في الارضين عجل الله فرجه.
قوله «و هل هو ذو دلالة» الي اخر يعني هل يدل علي الجنس بهيئته المجموعي فيكون ذو دلالة واحدة و مدلول واحد او اللام لها دلالة واحدة و المدخول له دلالة واحدة و لهما مدلولان ففيه وجهان خرصيان لايؤلان الي خير في الدين و الدنيا و الاخرة و لاتزعمني اني اترك التحقيق و كمال العلم بالتحقيق فكتابي ناقص فان الخرصيات التي لاتؤدي الانسان الي حقيقة ما ستره الله و سكت عنه ليست بتحقيق و نحن مأمورون بان نرد اليهم ما اختلف فيه فان قالوا و حكموا فيه فهو و الا يجب السكوت عما سكت الله ففيه النجاة و الا لايعجز عن هذه الخرصيات حكيم.
قال ابوجعفر7 انما كلف الناس ثلثة معرفة الائمة و التسليم لهم فيما ورد عليهم و الرد اليهم فيما اختلفوا فيه و قال ابوعبدالله7 و الله لنحبكم انتقولوا اذا قلنا و تصمتوا اذا صمتنا و نحن فيما بينكم و بين الله عزوجل ماجعل الله لاحد خيراً في خلاف امرنا.
قال: ثم الدالّ علي الطبيعة هو المادة و علي الزيادة هل هو اللام او الهيئة التركيبية احتمالان ثم اللام موضوعة لمطلق الاشارة كوضع المبهمات فهي حقيقة فيها سواء اشير بها الي الجنس او الفرد ثم لو استعمل المحلي في الاستغراق او العهد الذهني فهل اللام حينئذ مستعملة في الاشارة ايضاً ام لا و علي الاخير فهل هي مهملة ام مستعملة وجوه.
اقول: ثم توجه المصنف الي انه علي فرض كون الجنس المحلي دالّين و مدلولين فالدالة علي الطبيعة هي المادة مسلماً و لا كلام فيها فهل الدالة علي الزيادة هي اللام مستقلة حال دخولها علي المعرف بها ام الدالة علي الزيادة هي الهيئة التركيبية اي اللام الداخلة مع وصف الدخول احتمالان خياليان لايفيدان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴۹ *»
ديناً لاحد و لا دنيا و لا آخرة و صدرا من الظنون بل الشكوك و الاصول الموضوعة لاتفيد في هذه الموارد شيئاً الا ان المصنف زعم ان المتبادر هو الاحتمال الاخير و المتبادر في اذهان العرف ليس الا دلالة هذه الكلمة علي الجنس و هذه الدقائق التي لاتخطر ببال احد الا الموسوس في العلم لاتتبادر الي اذهانهم ابداً و هم علي الفطرة.
ثم سنح له خيال اخر به يصرف شطر اخر من العمر فيما لا طائل له و هو انه قدتبين ان اللام للاشارة بوضع عام لان الاصل عدم تعدد الوضع و يدل عليه ايضاً غلبة الاشتراك المعنوي و تبادر جهة الاشارة المطلقة و الموضوعله اي المستعملفيه خاص فلو اشير بها الي الجنس او الفرد فهي حقيقة فحينئذ اذا استعمل الجنس المحلي في العهد الذهني او الاستغراق فهل اللام فيهما للاشارة ام لا فاحتمل المصنف هنا وجوهاً اذا لميكن للاشارة و لايرغب الطبع السليم الي ذكر تلك الوجوه التي لاتؤل الي حق ابداً و هي محض خيالات و اوهام علي الاحتمال و العمر اشرف من ذلك و علي ايّ حال لااعرف لاصل قول المصنف ان اللام للاشارة مأخذاً و من ايّ كتاب من كتب اللغة اخذها و لااظنه الا من درايات القوم حتي انه لو رآه في كتب اهل اللغة فليس من رواياتهم و لا عبرة بها و الذي اري ان اللام الحرفية للتعيين و التمييز كما حققناه في محله و اشرنا اليه في كتاب التذكرة في النحو و المصنف يدعي تبادر الاشارة و الظاهر انه تبادر في ذهنه لتراكم الشبهات و الا فالعرب لايعرف هذه الخفيات فاللام الحرفية قد تدخل علي الكلمة و تعين الشخص المذكور سابقاً كقوله ارسلنا الي فرعون رسولاً فعصي فرعون الرسول و قوله فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها و قد يميز ما في الذهن و لميذكر في الخارج نحو اذ هما في الغار و يبايعونك تحت الشجرة و قد يميز الشخص الحاضر نحو اليوم اكملت لكم دينكم و لايبعد انيكون هيهنا للاشارة فان معناه هذا اليوم و قد تدخل عليها و تعين الجنس الاستغراقي و علامته انيخلفه كل حقيقة نحو ان الانسان لفي خسر اي كل انسان و خلق الانسان ضعيفا اي كل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۰ *»
انسان او تعين الماهية فلايخلفها كل نحو و جعلنا من الماء كل شيء حي و العرب لايقصد ازيد من ذلك فما قاله المصنف مخصوص باهل الاجتهاد.
قال: اصل المفرد المضاف يستعمل في الاربعة الاوجه المتقدمة و في افادته العموم مطلقا او ان كان مصدراً ام لا مطلقا اقوال و الاصح انه كالمفرد المحلي و الدليل الدليل.
اقول: قوله في الاربعة المتقدمة اي الجنس و الاستغراق و العهد الذهني و العهد الخارجي و انكر المصنف افادته العموم و زعم انه مستهجن انيقال انظر الي اكل زيد الا اكله الفلاني او الي ضربه الا الضرب الفلاني و المستهجن هو قول المصنف ألاتري انه يحسن انيقال لايكره اكل الانسان الا اكله متكئاً و لايحل ضرب الانسان الا ضربه قصاصاً كما روي عن ابيعبدالله7 في حديث في صيد الفهود و الصقور و اشباه ذلك فلاتأكل من صيده الا ما ادركت ذكاته لان الله عزوجل يقول مكلبين فما كان خلاف الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل الا انتدرك ذكوته فاستثني في المقامين من صيده و هو جنس مضاف وقال7 في صيد البزاة و الصقورة لايحل صيدها الا انتدرك ذكوته و سئل7 عن صيد البزاة و الصقورة و الكلب و الفهد فقال لاتأكل صيد شيء من هذه الا ما ذكيتموه و امثال ذلك في الاخبار لاتحصي و في التنزيل لايحيطون بشيء من علمه و لو لميكن علمه يفيد العموم فكيف قال بشيء من علمه و كذلك تقول لايجوز ذبح الحيوان الا ذبحاً مستقبل القبلة و لايجوز بيع النقدين الا يداً بيد و امثال ذلك فتبين ان قول المصنف مستهجن.
قوله «و في افادته العموم» الي اخر يعني ان فيه اختلافاً فمنهم من قال انه يفيد العموم مطلقا و حقيقة فيه و منهم من قال انه ان استعمل في العموم مجاز مطلقا و منهم من قال ان كان المضاف مصدراً فحقيقة في العموم و الا فهو مجاز في العموم و اختار المصنف انه في جميع الحالات كالمحلي باللام و قد تقدم ما فيه.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۱ *»
قال: اصل المفرد المنوّن يطلق علي العموم فتأمل و علي فرد معين او منتشر و علي الجنس و هو مجاز في الاولين اتفاقاً لتبادر غيرهما و في كونه حقيقة في الاخيرين مشتركاً بينهما لفظاً ام معنيً ام حقيقة في احدهما خاصة وجوه لكن لا شك في كون التنوين للتمكن اينما وجد حتي في النكرات و اسماء الاجناس فهو علامة لجريان الاعراب و تمامية الاسم و اما عدّهم تنوين التمكن مقابلاً للتنكير فمرادهم التمكن بشرط لا لا مطلق التمكن ثم المتبادر من مثل رجل الفرد المنتشر و في كون الدالّ عليه هو التنوين او المنون اي الهيئة فيكون هنا دوال هي المادة و التنوين و الهيئة و مدلولات هي الطبيعة و التمكن و الفرد المنتشر وجهان اقويهما الاخير للتبادر و لو استعمل في الجنس فلامجاز بل الهيئة حينئذ خلت عن الاستعمال.
اقول: يقول المفرد المنون قد يطلق و يراد به العموم كقوله فلاتعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين و لكن للمصنف تأمل في ذلك و عنده افادة العموم بالالتزام من تعلق الحكم بالماهية و هو يستلزم السريان في الافراد كالمفرد المعرف عنده و قديطلق علي فرد معين كقولك اكرم رجلاً ثم تقول اكرم زيداً و فيه نظر و قد يطلق علي الفرد المنتشر نحو اكرم رجلاً و قديطلق علي الجنس كالامثلة المذكورة عند المصنف و نحو جاءني رجل لا امرأة عند القوم.
قوله «و هو مجاز» الي اخر يعني ان المفرد المنون مجاز في العموم و الفرد المعين اتفاقاً و لتبادر غيرهما و في كونه حقيقة في الاخيرين اي الفرد المنتشر و الجنس بالاشتراك اللفظي او المعنوي او حقيقةً و مجازاً وجوه و احتمالات.
قوله «ولكن لا شك» الخ ان اصل التنوين للتمكن اي لتمامية الاسم و علامة لجريان الاعراب سواءاً كان الاسم معرفاً نحو زيد او اسم جنس نحو رجل الا انه في زيد بشرط لا اي عدم الدلالة علي الانتشار و في رجل بشرط شيء اي الدلالة علي الانتشار فما عدّ النحاة تنوين التمكن مقابل التنكير فمرادهم التمكن بشرط لا.
قوله «ثم المتبادر» الي اخر يعني اذا قيل اضرب رجلاً الفرد المنتشر و ليس
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۲ *»
الجنس معناه الموضوعله.
قوله «و في كون الدالّ» الخ بدأ المصنف في نشر خيالاته ان الدالّ علي الفرد المنتشر هو التنوين او المنون اي الهيئة التركيبية فيكون حينئذ هنا دوال و هي المادة و التنوين و الهيئة و مدلولات هي الطبيعة و التمكن و الفرد المنتشر فيقول هيهنا وجهان يعني يحتمل انيكون الدالّ التنوين و يحتمل انيكون المنون فيقول اقويهما انيكون الدالّ هو المنون للتبادر و غاية ما يستدل بالتبادر هنا انه اذا سمع الانسان هذه الكلمة فهم هذا المعني اما انه من ايّ جزء منه فالعرف لايعرف شيئاً من ذلك فلا عبرة بدليله.
قوله «و لو استعمل في الجنس» الي اخر يعني اذا استعمل رجل في الجنس كان المادة حقيقة لانها استعمل في معناها و التنوين للتمكن و اما الهيئة التركيبية فلمتستعمل في شيء فلاتكون حقيقةً و لا مجازاً.
بالجملة هذه كلها خيالات و ظنون لا فائدة فيها و لايمكن التدين بها و الذي يظهر من الاخبار ان الفرد المنكر في الموجب قد يستعمل في العموم كقوله تعالي علمت نفس ما احضرت اي كل نفس و قال علي7 اجزأ امرأ قرنه اي كل امرأ و انما ذلك يكون اذا لميكن للحكم او الخبر خصوصية بفرد دون فرد كما تقول امرأ و شأنه اي كل امرأ و قد يستعمل في فردما كقوله فتحرير رقبة و قدّموا بين يدي نجواكم صدقة اي فرد اتفق منهما و قديستعمل في الجنس كقوله و ان كان رجل يورث كلالة او امرأة و قديستعمل في فرد معين منكر نحو فلما جنّ عليه الليل رأي كوكباً و اما اذا كان في كلام منفي في سياق النفي يفيد العموم كما قال الباقر و الصادق8المملوك لايجوز طلاقه و لا نكاحه الا باذن سيده قيل فان السيد كان زوّجه بيد من الطلاق قال بيد السيد ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لايقدر علي شيء أفشيء الطلاق انتهي فدلّ قوله7 أفشيء ان كل ما يسمي بشيء داخل تحت قوله لايقدر علي شيء و لايتفاوت في ذلك الواقع بعد لاء نفي الجنس نحو لا احد في الدار او بعد ليس نحو ليس احد في الدار او ما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۳ *»
و لا المشبهتين بليس نحو ما احد راكباً و لا احد راكباً و لايجري علي ذلك النقض بمثل لا كل عدد زوجاً فان المنفي اتصاف كل عدد بالزوجية لا الزوج و اما الواقع بعد الشرط فيفيد العموم كقوله و ان احد من المشركين استجارك فاجره و اما الواقع بعد الاستفهام الانكاري فيفيد من حيث المنفي منطوقاً او مفهوماً نحو أجاءك رجل و أما جاءك رجل كل ذلك لاجل تبادر العموم و اما التشقيقات الخرصية التي ليس لها برهان من كتاب و سنة فلايلزمنا القول فيها.
قال: اصل الجمع المنوّن كالمفرد المنوّن يستعمل في الاستغراق فتأمل و في جمع معين او غيرمعين و في جنس الجمع و هو مجاز في الاستغراق و الجمع المعين اتفاقاً و في كونه حقيقة في الاخيرين مشتركاً بينهما لفظاً او (ام خل) معنيً ام في احدهما خاصة احتمالات و الحق انه حقيقة في الجمع المنكر بنحو ما مرّ في المفرد المنوّن مختاراً و دليلاً.
اقول: قوله «يستعمل في الاستغراق» هو علي زعم القوم و المصنف يقول هو مستعمل في الجنس و يفهم العموم بالسريان و لذا قال فتأمل و باقي كلامه ظاهر.
و قوله «ام في احدهما» الصواب ان يقول او في احدهما و قد مرّ الكلام في الاصل السابق مفصلاً فراجع.
قال: اصل اقل مايطلق عليه الجمع هل هو ثلثة ام اثنان ام غير ذلك اقوال و النحاة جعلوا اقل جمع الكثرة احدعشر و اكثره ما فوق ذلك و اقل جمع القلة ثلثة و اكثره عشرة و محل الكلام مصداق الجمع لا لفظه و لا الجمع بمعني الجماعة و الحق الاول للتبادر و صحة السلب و التكذيب و ذم العقلاء و الاصل و تفصيل النحاة يأباه العرف للتبادر و عدم صحة السلب.
اقول: قوله «و اكثره ما فوق ذلك» فيه عجمة فان ما فوق احدعشر اثناعشر مثلاً و ليس باكثر الجمع و كان الصواب انيقول و اكثره لايحد.
و قوله «و محل الكلام مصداق الجمع» يعني مثل الرجال لا لفظ الجيم و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۴ *»
الميم و العين.
قوله «و الحق الاول» اي ان اقل الجمع ثلثة للتبادر و لصحة السلب يعني اذا اكرم رجلين يصح انيقال مااكرم رجالاً و التكذيب يعني ان كان في الدار رجلان و قيل في الدار رجال لك انتكذبه و ذمّ العقلاء اذا امر المولي عبده ان اكرم رجالاً فاقتصر علي اكرام رجلين و الاصل يعني الدلالة علي الاثنين مشكوكة فالاصل عدمها.
هذا ثمرة هذه العلوم و هذه الخيالات فقوله «الحق الاول» تقرأ في الزيارة الحق معكم و فيكم و اليكم و منكم و انتم اهله و معدنه الزيارة و الحق مع علي و علي مع الحق و القرءان هو الحق فليس الحق مع المصنف ان خالف الكتاب و السنة و وجدنا الله جل و عز يقول في داود و سليمان و كنّا لحكمهم شاهدين و قال في الخصمين نبأ الخصم اذ تسوروا المحراب و قال في الجنتين فيهن خيرات حسان و قال ثم استوي الي السماء و هي دخان فقال لها و للارض ائتيا طوعاً او كرهاً قالتا اتينا طائعين و قال و ان كان له اخوة فلامه السدس و قال ابوعبدالله7 في حديث لكن سنّ لها الاقراء و ادناه حيضتان و سئل في حديث التسليم في الصلوة لم لايقال السلام عليك و الملك علي اليمين واحد ولكن يقال السلام عليكم قال ليكون قدسلّم عليه و علي من علي اليسار و استدلاله بصحة التكذيب يرجع بصحة تكذيب القرءان و الحديث من حيث لايعلم و قد علمت ان هذه الاصول لاتأول الي الحق و لاتكشف عنه و هذه ثمرتها و اقتصر المصنف لمن يقول بان اقل الجمع اثنان بالاستدلال بالاية الشريفة انا معكم مستمعون ثم ردّه بان محل الكلام هو الجمع و كم ليس بجمع و ردّه مردود بان المكنيعنه بكم لو لميكن جمعاً لايطلق عليه لفظة كم و ردّه ايضاً بان المراد موسي و هرون و فرعون و هو تفسير بالرأي و ليس في ظاهر الاية لفظ فرعون حتي يرجع اليه لفظة كم و بان الاستعمال اعم من الحقيقة و المجاز هذا علي خلاف ما اختاره اذا كان بين المعنيين جامع قريب و هنا موجود و هو الاجتماع و بانه علي فرض كون الاصل فيه الحقيقة الادلة الاجتهادية وردت عليه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۵ *»
و ادلته الاجتهادية ما سمعت مما يلزم منه صحة تكذيب الله و تكذيب حججه: و استدل لهم بالاية الشريفة و ان كان له اخوة فلامه السدس و ردّهم بان الاية في الثلثة و الاجماع الحق الاثنين بهم و هو تفسير الكتاب بالرأي لان الصادق7 يقول اذا ترك الميت اخوين فهم اخوة مع الميت حجبا الام عن الثلث و بان الاستعمال اعم من الحقيقة و المجاز و هو بعد تفسير من نزل الكتاب في بيتهم في غير محله و بانا لو سلمنا ان الاصل فيه الحقيقة الادلة الاجتهادية صارفة عن الاصل و قد سمعت ادلته الاجتهادية.
قوله «وتفصيل النحاة» الخ يعني قولهم في تفصيل دلالة الفاظ الجمع علي ما فرقوا من القلة و الكثرة لا دليل عليه و المتبادر خلافه فانك اذا اكرمت ثلثة انفس و قلت اكرمت رجالاً تبادر الي الذهن مافوق الاثنين و لميصح مااكرمت رجالاً و كذلك في اختلافها يتعدد الوضع و الاصل عدم التعدد و هو استدلال بباطل علي حق فان التبادر و صحة السلب لميثبتا ايضاً والاصل لايجري في الحقايق كما مرّ مكرراً نعم لا دليل لهم بعد ما نري استعمال كل واحد مقام الاخر و في المقامين ألاتري انهم يعدّون الجمع المؤنث السالم من القلة والله يقول و اذكروا الله في ايام معدودات في ايام التشريق و يقول كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون اياما معدودات و عن حسان
لنا الجفنات العز يلمعن في الضحي | و اسيافنا يقطرن من نجدة دما |
فاستعمل الجفنات و الاسياف في الكثرة و جمعهما فيالكثرة علي اصطلاحهم جفان و سيوف و في الاخبار ثلث دلاء و خمس دلاء و سبع دلاء و عشرة دلاء مع انه روي سبعة ادل و جمع القلة عندهم افعلة و افعال و افعل و فعلة و الجمع السالم و ماسواها جمع كثرة و لميثبت الفرق اللغوي و ان ذكرها بعض اهل اللغة و ذكر الرضي فرقاً اخر بينهما و قال اعلم ان جمع القلة ليس باصل في الجمع لانه لايذكر الا حيث يراد به بيان القلة و لايستعمل لمجرد الجمعية و الجنسية كما يستعمل له جمع الكثرة يقال فلان حسن الثياب في معني حسن الثوب و لايحسن حسن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۶ *»
الاثواب و كم عندي من الثوب او الثياب و لايحسن من الاثواب و تقول هو انبل الفتيان و لاتقل انبل الفتية مع قصد بيان الجنس و المردّ الي المحمد: و لايحضرني الان من الاخبار شيء في ذلك.
قال: اصل قال الشافعي ترك الاستفصال في مقام جواب السؤال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال و عنه ايضاً ان حكايات الاحوال اذا تطرّق اليها الاحتمال كساها ثوب الاجمال و سقط بها الاستدلال و الفرق بينهما كون الاول في المسبوق بالسؤال من حيث انه مسبوق بالسؤال بخلاف الاخير اما الكلام في الاول فاعلم انه اذا كان السؤال عما وقع و كان الاجمال في عارض مراد السائل و علمنا بعدم علم المسؤل بالواقعة فان كان المطلق الواقع في كلام الامام صريحاً او تقديراً كما هو محل الكلام متواطياً او مشككاً بالتشكيك البدوي حمل علي العموم بغير اشكال او مضراً اجمالياً فكذلك لامكان كون محل الحاجة ذلك الفرد المجمل لان ارادته من المطلق من غير قرينة عليه جايزة عند العرف فلو لمينزل الجواب علي العموم امكن مخالفة الجواب للسؤال او مبين العدم لميعم الجواب الفرد النادر لعدم صحة ارادته بلا قرينة و ان شككنا في علمه نفيناه بالاصل فيلحق بما سبق فقاهةً فتأمل و ان علمنا بعلمه فقدحكموا حينئذ بالاجمال حتي في المتواطي فان الكلام حينئذ انما هو من حيث العلم و الجهل لا التواطي و التشكيك بخلاف ما سبق اذ احتمال مخالفة الجواب للسؤال هنا مرتفع لكن في اطلاقهم الاجمال نظر نعم لا بأس به في صورة اجتماع علوم خمسة و هي علم كل من الامام و السائل بالواقعة و علم كل بعلم الاخر بالواقعة و علم الامام بعلم السائل بعلم الامام بالواقعة فتدبر.
اقول: هذه تحقيقات تؤدي اليها الاجتهاد و الشافعي هو السابق في تدوين الاصول فانهم قالوا اول من صنّف في علم الاصول الشافعي و من تحقيقاته هذا التحقيق و ذلك انهم لما انصرفوا عن المحمد: و اقتصروا علي المأثور عن النبي و لميك يكفي عشراً من اعشار مسائل الدين فانه اودعها عترته
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۷ *»
دونهم احتاجوا الي وضع مدارك يستنبطون منها المسائل حتي يجروا علي قاعدة في كل مسألة فمن تلك القواعد هاتين القاعدتين فالاولي هي في مثل لو سأل سائل الامام عن انسان وقع في بئر فاجاب انزح سبعين دلواً من دون انيسأل هل هو مسلم ام كافر رجل او امرأة صغير او كبير فاجاب عن المطلق بما اجاب فذلك يفيد ان النزح لوقوع كل انسان كائناً ما كان و الثانية كأن يروي ان الامام صلي علي الراحلة و لانعلم هل هي نافلة ام مكتوبة فلايمكن الاستدلال بهذا الحديث علي جواز المكتوبة علي الراحلة.
قوله «و اما الكلام في الاول» الي اخر اي في ترك الاستفصال فيقول المسألة اما كانت واقعة قبل السؤال او تقع بعد ذلك فاذا كانت واقعة قبل ذلك فلاتخلو من ثلثة اقسام اما نعلم علم الامام بها او نعلم عدم علمه بها او يكون مشكوكاً فلانعلم هل كان يعلم الامام هذه الواقعة ام لا فان علم بالواقعة فقد حكموا بالاجمال و عدم العموم و في صورة عدم علمه اختلفوا في العموم و عدمه و المصنف جعل في الضوابط محال النزاع ثلثة الاول هل يمكن جهل المعصوم بسيطاً بشيء ام لا و الثاني في افادة ترك الاستفصال الاجمال في صورة علمه و الثالث اختلافهم في صورة عدم علمه ثم حقق المصنف و قال الحق ان علم الامام ارادي لا حضوري فيمكن في حقهم الجهل و استدل علي ذلك بان علمه حادث و الاصل عدمه و باتفاق الامامية علي ان علم المعصوم ليس فعلياً و هذا قول بعض المتصوفة و بالاية الشريفة لاتقف ما ليس لك به علم و القول بانه من باب اياك اعني و اسمعي يا جارة خلاف الاصل و بالنصوص الدالة بالالتزام علي عدم علمه ببعض الاشياء و هي بالغة حد التواتر منها ما ورد انه استعمل ماء بئر فانكشف موت فارة فيه فغسل يده و بما سئل عنه النبي9 فقال اعلمكم غداً فانقطع عنه الوحي اربعين يوماً و جعل وجه الجمع بين الاخبار المتعارضة عدم العلم الحضوري و العلم الارادي و بالاجماعات المنقولة.
فاقول الحق ان الاصل عدم علم المصنف و لميصرف عنه صارف و لميتعلم علم المحمد: حتي ينصرف عن الاصل و هذا حاصل الاجتهادات
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه 358 *»
المردية و الاهواء المهلكة و الاراء المزهقة وليتفكر مؤمن في ان الجهل من صفات الله او من صفات الشيطان و من هو في غاية البعد من الله و هل الجهل في عليين او في سجين و هل مقابل العقل ام لا و قد روي ما ملخصه ان الله عزوجل خلق العقل و هو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له ادبر فادبر ثم قال له اقبل فاقبل فقال الله تبارك و تعالي خلقتك خلقاً عظيماً و كرّمتك علي جميع خلقي قال ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانياً فقال له ادبر فادبر ثم قال له اقبل فلميقبل فقال له استكبرت فلعنه ثم جعل للعقل خمسة و سبعين جنداً و ذكر انه جعل للجهل ايضاً من الجنود كذلك الخبر فليتدبر متدبر ان الجاهل من اتصف بصفة الجهل الملعون او بصفة العقل المحبوب و هل المتصف بالجهل يليق بانيكون نبياً ام لا والله يقول لنوح7 اني اعظك انتكون من الجاهلين و قال يوسف7 ان لمتصرف عني كيدهن اصب اليهن و اكن من الجاهلين و قال موسي7 اعوذ بالله اناكون من الجاهلين فهل الجاهل حين جهله متصف بصفة الشيطان او الرحمن أليس قول المصنف يمكن في حقهم الجهل معناه يمكن في حقهم انيكونوا مظاهر الشيطان حال جهلهم.
و اما استدلاله بان الاصل عدم علمهم فعلي لغته أليس هذه الاصول اولاً لاتكشف عن الحقايق الخارجية و لاتفيد ظناً و لا علماً أليس قولك ان الاصل عدم علم زيد لايفيد ظناً بان زيداً ليس بعالم في الخارج و ثانياً من اذن لكم في اجراء الاصل في الامور الاعتقادية و انما هو كاستدلال الرجل بان الاصل عدم تعدد الالهة فهل يفيد ذلك علماً او ظناً و ثالثاً أليس انه يجوز العمل بالاصل ما لميقم دليل صارف و الاحاديث و الايات في علمهم متواترة و علي فرض التعارض علي قول المصنف يجب العرض علي العامة و الاخذ بخلافهم و احاديث علمهم مخالفة للعامة و احاديث عدم علمهم مخالفة للكتاب و الادلة العقلية و موافقة للعامة و لمنؤمر بالجمع بين الحديثين المتعارضين في حديث من الاحاديث فوجب العمل باحاديث علمهم و هي صارفة عن اصل المصنف.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵۹ *»
و اما استدلاله باتفاق الامامية فهو محض كلام لاكه فاولاً هو ادعاء علم الغيب و الامامية لاتحصي عددهم و لايعلم بعددهم و امكنتهم و مذاهبهم في المسائل الاعتقادية الا الله ثم كيف هم متفقون علي ذلك و هم يروون علي التواتر علم امامهم و انهم مؤيدون بروح القدس و يشاهدون به جميع العالم و احاديثهم موافقة للكتاب و العقل و مخالفة للعامة و نسب القول بعلمهم ببعض المتصوفة فبعض المتصوفة يقولون ايضاً بان صلوة الظهر اربع ركعات أيجوز القول بخلاف ذلك بعد ثبوتها في الدين فكذلك هنا فهب ان بعض الصوفية يقولون بذلك فما ضرّ الحق انيقول به بعض الصوفية.
و اما استدلاله بالاية و الاصل الذي لا اصل له فهو ردّ علي الصادق7 حيث يقول نزل القرءان باياك اعني و اسمعي يا جارة و المصنف يرد هذا الخبر من حيث لايعلم انه خلاف الاصل فعلي لغته ان الخبر الصحيح يمنع من العمل باصلكم و ان كان هذا النهي يدل علي جهل فقد سبق هذه الاية مناهٍ عديدة و هي لاتجعل مع الله الهاً اخر و لاتعبدوا الا اياه و لاتبذر تبذيراً و لاتجعل يدك مغلولة الي عنقك و لاتقتلوا اولادكم و لاتقربوا الزني و لاتقتلوا النفس التي حرّم الله و لاتقربوا مال اليتيم ثم يقول و لاتقف فان كان النهي دليل وجود المنهيعنه فيه فليقل بوجود الشرك و القتل و الزني فيه فان الاصل عنده عدم نزول القرءان علي اياك اعني و اسمعي يا جارة.
و اما استدلاله بالنصوص الدالة بالالتزام فجوابه ان النصوص الدالة بالمطابقة متواترة ايضاً و دلالة المطابقة صريحة و الالتزام غيرصريحة و ليس الجهل من لوازمها الا في خيالكم فلعل منطوقها الصريح لحكمة اخري لاتعلمونها و هو كذلك ليطابق الاخبار المتواترة و دلالة الالتزام العقلي علي فرضها لاتعارض المنطوق.
و اما استدلاله بانه استعمل ماء البئر فليت المصنف كان حياً و كنت اسأله عن موضع هذا الحديث اين هو و من اين اخذه فاني مع التتبع التام لماجد لهذا الحديث اثراً في كتب الاخبار و لا في كتب الفقهاء و لا في كتب العامة كصحاح
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۰ *»
البخاري و صحيح المسلم و المصابيح و علي فرض ورود مثله يجب حمله علي ما لاينافي الاخبار المتواترة و من اين علمتم انه كان عن جهل فلعله لبيان حكم المسألة و تفقيه اصحابه كما كانوا يفعلون ذلك كثيراً.
و اما حديث انقطاع الوحي فما علمك بان تأخيره الجواب كان عن جهل فلعله كان لانتظار الاذن باظهاره فان القرءان بكله نزل ليلة القدر بنص القرءان انا انزلناه في ليلة القدر و انا انزلناه في ليلة مباركة ثم نزل منجماً اذناً من الله باظهاره و الالتزامات الحدسية غيرمعتبرة بلاشك.
و اما جمعه الاخبار بان المثبتة محمولة علي العلم الارادي و النافية علي العلم الحضوري فهو حمل لايرضي به صاحب الكلام فانهم لميأذنوا لنا بجمع الاخبار عند التعارض فلو كان ذلك حقاً لورد به نص بل يمتنع ذلك لان الجمع ليس له حد يوقف عليه و لا كيفية محصورة فلكل احد اذاً انيجمع الاخبار كيف شاء و يتسق الخرق علي الراقع هذا و جمع الدليلين طرح الدليلين و قول ثالث.
و اما استدلاله بالاجماعات المنقولة فالذي يختاره المصنف ان الاجماع المنقول اذا عارض الخبر الصحيح فالخبر الصحيح مقدم لصعوبة الاطلاع علي الاجماع و سهولته في الخبر فماباله هيهنا اختار الاجماع المنقول عليالاخبار المتواترة هذا و غاية ما يعتبر الاجماع المنقول فيه عند معتبره المسائل الفقهية و اما حجيته في المسائل النظرية و الامور الواقعية الخارجية لاسيما الغيبية الاعتقادية فايّ حجية فيه و هو لايجوّز الاستدلال بالاخبار في المسائل الاصولية و الخبر عنده اقوي من الاجماع المنقول فكيف جوّز التمسك به في المسألة النظرية الغيبية الاعتقادية و ستعلم في محله عدم حجية الاجماع المنقول مطلقا فالاصل واقعاً جهل المصنف لان علمه حادث و الاصل عدمه و لميثبت علمه بل الثابت خلافه.
و اما تقسيمه علمهم بالارادي و الحضوري فعلي فرض تسليمه أتظن بامامك انيريد لنفسه الجهل الذي هو صفة الشيطان و لايريد لنفسه العلم الذي هو من صفات الله و من دار قربه فاذا هو تارك للاولي و ان الله سبحانه عذّب انبياءه بترك الاولي و لاشك ان ارادة العلم مع امكانه و ارادة الاتصاف بصفة الله اولي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۱ *»
من ارادة الجهل و الاتصاف بصفة الشيطان و لااريد انابسط القول هنا في علمهم: لعلل و كتبنا منه ملأي فمن رام ذلك فليراجعها و كفي بقوله سبحانه في المقام و كل شيء احصيناه في امام مبين و كفاك ما قال ابوعبدالله7 اني لاعلم خبر السماء و خبر الارض و خبر ما كان و ما هو كائن كأنه في كفّي ثم قال من كتاب الله اعلمه ان الله يقول فيه تبيان كل شيء و عن منصور عن حماد قال قـال ابوعبدالله7 نحن والله نعلم ما في السموات و ما في الارض و ما في الجنة و ما في النار قال فبهتّ انظر اليه فقال ياحماد ان ذلك في كتاب الله ثلث مرات قال ثم تلا هذه الاية يوم نبعث في كل امة شهيداً عليهم من انفسهم و جئنا بك علي هؤلاء شهيداً و نزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء و هدي و رحمة و بشري للمسلمين انه من كتاب الله فيه تبيان كل شيء و يكفي المؤمن ما روي عن المفضل قال دخلت علي الصادق7 ذات يوم فقال لي يامفضل هل عرفت محمداً و علياً و فاطمة و الحسن و الحسين: كنه معرفتهم قلت ياسيدي و ما كنه معرفتهم قال يامفضل من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمناً في السنام الاعلي قال قلت عرّفني ذلك يا سيدي قال يامفضل تعلم انهم علموا ما خلق الله عزوجل و ذرأه و برأه و انهم كلمة التقوي و خزان السموات و الارضين و الجبال و الرمال و البحار و علموا كم في السماء من نجم و ملك و وزن الجبال و كيل ماء البحار و انهارها و عيونها و ماتسقط من ورقة الا علموها و لا حبة في ظلمات الارض و لا رطب و لا يابس الا في كتاب مبين و هو في علمهم و قد علموا ذلك فقلت ياسيدي قد علمت ذلك و اقررت به و امنت قال نعم يا مفضل نعم يا مكرم نعم يا محبور نعم يا طيب طبت و طابت لك الجنة و لكل مؤمن انتهي و يكفيك حفنة من بيدر ان كنت من اهل التسليم.
قوله «و كان الاجمال في عارض مراد السائل» مقصوده انيكون مراد السائل من اللفظ مبيناً كما في المثال السابق انسان وقع في بئر فان كلمة الانسان معروفة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۲ *»
الدلالة و انما الاحتمال في الواقع هل كان صغيراً او كبيراً كافراً او مؤمناً بخلاف ما لو كان المراد بنفسه مجملاً كأن يقول السائل لو تصدق المفطر في شهر رمضان بمثقال عين هل يكفيه ام لا و كلمة العين بنفسه مجمل الدلالة غيرمعروفة من غير قرينة.
قوله «فان كان المطلق الواقع» الي اخر فاعلم ان المطلق في اصطلاحهم اما متواطئ بالنسبة الي افراده او مشكك بالتشكيك البدوي و هو غلط و يريد انيقول البدئي و يعني به انه اذا سمع المطلق يحصل للسامع شك في شموله فرداً معيناً في ابتداء النظر ثم اذا تفكر رأي انه يشمله يقول قد عرفت انه اذا كان المطلق في كلام الامام لفظاً من غير سبق سؤال مثلاً و يكون دلالته علي نهج التواطئ او مشككة بالتشكيك البدئي حمل علي العموم من غير اشكال و اما في التشكيك المضر الاجمالي و هو التشكيك الذي تشك في دخول فرد تحت المطلق و لايرتفع شكك بالتدبر فيبقي المطلق مجملاً بالنسبة الي ذلك الفرد و في المبين العدم و هو الذي يكون خفاء فرد بحيث يكون عدم دخوله تحت المراد من المطلق يقينياً فيحمل لفظه علي الافراد الشايعة.
اما اذا وقع بعد السؤال عما وقع و كان الاجمال في عارض مراد السائل و علم عدم علم الامام بالواقع و هذا العلم حصل للمصنف حين توجهه الي امام سجين فان كان المطلق متواطئاً او مشككاً بالتشكيك البدئي حمل علي كل الافراد و ان كان من القسمين الاخيرين اي المضر الاجمالي او المبين العدم فقيل يحمل علي الفرد الشايع لا غير و قيل يحمل علي كل الافراد و المصنف جوّز في المضر الاجمالي الحمل علي كل الافراد و في المبين العدم علي الفرد الشايع.
قوله «و ان شككنا في علمه نفيناه» لان الاصل عدم علمه و هذا شأن المصنف و هذا ثمرة علم الاصول و هذه الاجتهادات و الاستبداد بالعقول الناقصة قال علي7 في حديث قال الله عزوجل يلقي الروح من امره علي من يشاء من عباده و هو روح الله لايعطيه و لايلقي هذا الروح الا علي ملك مقرب او نبي مرسل او وصي منتجب فمن اعطاه الله هذا الروح فقد ابانه من الناس و فوّض اليه القدرة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۳ *»
و احيي الموتي و علم بها ما كان و مايكون و سار من المشرق الي المغرب و من المغرب الي المشرق في لحظة عين و علم ما في الضماير و القلوب و علم ما في السموات و الارض الي ان قال7 من امن بما قلت و صدّق بما بيّنت و فسّرت و شرحت و اوضحت و نوّرت و برهنت فهو مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للايمان و شرح صدره للاسلام و هو عارف مستبصر قد انتهي و بلغ و كمل و من شك و عند و جحد و وقف و تحير و ارتاب فهو مقصر و ناصب الخبر و قال ابوعبدالله7 ان الله احكم و اكرم و اجل و اعلم من انيكون احتج علي عباده بحجة ثم يغيب عنه شيئاً من امورهم و الاخبار في ذلك متواترة و كتبنا و كتب الاخبار منها ملأي بالجملة المصنف يقول هذه الصورة ايضاً حكمها حكم العلم بعدم علم الامام بالدليل الفقاهي الذي ثمرته تجهيل حجج الله علي خلقه و ذكر في الضوابط ما لايطيق سمع الشيعي انيسمعه و لا بصره انينظر اليه من هوي الاطلاع عليه فليراجعه و نحن ننزّه شرحنا عن تلك التفاصيل.
و قوله «فتأمل» راجع الي تلك التفاصيل التي مجملها انا نعلم مجملاً ان الامام7 عالم ببعض الوقايع مجملاً فاجراء اصل عدم علمهم في جميعها يلزم منه قطعاً المخالفة و في بعضها معيناً يلزم الترجيح بلامرجح فيكون المقام مقام التوقف ولكن اجاب عن ذلك بجوابات من ارادها راجعها.
قوله «و ان علمنا بعلمه» الي اخر ففي هذه الصورة حكموا بالاجمال حتي في المتواطئ و للمصنف نظر في اطلاقهم الاجمال الا في صورة اجتماع علوم خمسة التي ذكرها بالخيالات الواهية و اما في غير هذه الصورة يحتمل العموم لمقتضي اللفظ.
بالجملة كل ذلك اهواء مردية و اراء مهلكة و الحق في المسألة ان الامام7 عالم بما كان و ما يكون و بما في ضمير السائل و بما في ضمير جميع الناس و كل شيء احصيناه في امام مبين و معذلك لايجيب الا علي حسب الفاظ السؤال فان من دينهم و شرعهم انيستنبط جميع الرعية الي يوم ظهورهم مسائل دينهم من الفاظ السؤال و الجواب المرويين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۴ *»
و امرونا بالرجوع الي الاثار و استنباط الاحكام منها و هم عالمون انا لانعلم الغيب و لانعلم ضمير السائلين و العلوم الخمسة علي زعم المصنف و معذلك امرونا بالرجوع الي الاثار فلاجل ذلك كانوا يفتون علي حسب لفظ السؤال حتي قالوا سلام الله عليهم السؤال ذكر و الجواب انثي و عن السكوني عن جعفر عن ابيه: قال العلم خزائن و المفاتيح السؤال فاسألوا يرحمكم الله و قال ابوجعفر7 ان هذا العلم عليه قفل و مفتاحه المسألة فالسؤال طلب و علي حسب الطلب يكون الاجابة فهم يجيبون علي حسب السؤال و ان كان خلاف الواقع فان الذي يروي هو لفظ السؤال و الجواب و يبقي الي يوم ظهورهم و يجب انيستنبط شيعتهم منه المسألة فلايحولون ذلك علي علم الغيب المضروب دونه السدد و الشاهد علي ذلك انه قال رجل لابيعبدالله7 حلّل لي الفروج ففزع ابوعبدالله7 فقال رجل ليس يسألك انيعترض الطريق انما يسألك خادماً يشتريها او امرأة يتزوجها او ميراثاً يصيبه او تجارة او شيئاً اُعطِيَه فقال هذا لشيعتنا حلال الخبر ألاتري انه7 فزع من قول السائل حلّل لي الفروج ثم لما فسر له افتاه بجوابه و لو قال السائل حلّل لي الفروج و قال في الجواب حلّلتها لك علماً منه بارادته و روي لك هذا الحديث كنت تستدل به علي امكان تحليل الفروج و هو خلاف المقصود.
و سأل اباعبدالله7 امرأة فقالت ان ابنتي توفيت و لميكن بها بأس فاحج عنها قال نعم قالت فانها كانت مملوكة قال لا عليك بالدعاء فانه يدخل عليها كمايدخل البيت الهدية انظر كيف اجاب اولاً علي حسب ظاهر السؤال فان الظاهر من الناس الحرية ثم لما اخبرته انها كانت مملوكة قال لا و لو قال علي حسب علمه اولاً لا كنت تفهم منه انه لايجوز حج الام عن بنتها.
و قيل لابيعبدالله7 ما تري في شابين كانا مصطحبين فولد لهذا غلام و للاخر جارية أيتزوج ابن هذا ابنة هذا فقال نعم سبحان الله لم لايحل فقيل انه كان صديقاً فقال و ان كان فلابأس قيل فانه كان يكون بينهما ما يكون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۵ *»
بين الشباب قال لابأس قيل فانه كان يفعل به فاعرض بوجهه ثم اجابه و هو مستتر بذراعه فقال ان كان الذي كان منه دون الايقاب فلابأس انيتزوج و ان كان قد اوقبه فلايحل له انيتزوج انظر كيف اجاب اولاً بمقتضي الفاظ مصطحبين و صديقاً و ما يكون بين الشباب و في كل ذلك اجاب بلابأس مع علمه بالواقع ولكن الفاظ السؤال ماكانت تقتضي غير ذلك فلما فسر له الواقع اجاب علي حسب السؤال و لو اجاب علي حسب علمه لكنت تستنبط منه ان الشابين المصطحبين مثلاً لايجوز لاولادهما التناكح.
و لربما كان السائل يسأل بلفظ غيرمعروف فكان الامام7 يستفسره كما سئل الرضا7 عن اللامص فقال و ما هو و ذهب السائل يصفه له فقال أليس اليحامير قيل بلي قال أليس يأكلونه بالخل و الخردل و الابزار قيل بلي قال لا بأس به و هكذا و لو وقع هذه الاخبار علي يد المصنف و امثاله لاستدل بها علي جهل الامام و ليس يدل علي ذلك الا علي حسب ظن اولئك و التزام مظنون لهم بسوء ظنهم بامامهم ولكنها تدل علي انهم يجيبون علي حسب مداليل الفاظ السؤال لانتنقل و يستنبط منها الاحكام و لا عليهم من الواقع شيء فافهم مقتضي مذهب التشيع و الاقرار بفضائلهم و لاتنكر لانه روي الانكار لفضائلهم هو الكفر.
قوله «فتدبر» فانه زعم بعضهم انه مع العلوم الخمسة يشترط علم سادس هو علم السائل بالعلم الخامس اذ لولاه احتمل عدم التفاته الي القرينة.
قال: و اذا كان السؤال عما يقع فمع التواطي و التشكيك البدوي العموم اتفاقاً لفهم العرف او مبين العدم حمل علي الشايع لاحتمال مساوات الجواب للسؤال بل لايحتمل غيره او مضراً اجمالياً ففي دخوله او عدمه او التفصيل وجوه.
اقول: ثم اراد المصنف تشكيكات اخر فقال ان كان السؤال عما يقع بعد فان كان المطلق الذي في لفظ السائل له افراد متواطئة او تشكيكية بالتشكيك البدئي يفيد العموم للاتفاق و لفهم العرف و ان كان مشككاً بغير البدئي فقيل انه يحمل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۶ *»
علي العموم و قيل انه يحمل علي الفرد الشايع و المصنف فصّل فقال ان كان مبين العدم حمل علي الشايع لاختصاص السؤال به و ان كان مضراً اجمالياً ففيه وجوه و هي ان علمنا بعدم التفات الامام الي النادر حملناه علي الظاهر اجتهاداً و ان شككنا في التفاته فكذلك لكن فقاهةً و ان علمنا بالتفاته الي النادر فان كان يعلم ان السائل لايلتفت الي النادر حمل علي الظاهر فقاهةً و ان علم انه يلتفت حمل علي العموم و كل ذلك خيالات لاتحصل لفقيه في حديث من الاحاديث مدة عمره و لا فائدة فيها الا صرف العمر العزيز في ما يضر و لاينفع.
قال: و اذا كان الشك لا في عارض مراد السائل كما لو وقع لفظ مشترك في السؤال فان كان في البين اشهر و اقرب حمل عليه و الا فان علم الامام بما وقع من المعاني او بمراد السائل فيما يقع من المعاني حكم بالاجمال و الا فان علمنا بان استعمال السائل كان بلاقرينة معينة و اجاب المتكلم من دون علمه بالمراد حكمنا بالعموم في المعاني لكن مع الشك في الاقتران بالقرينة المعينة يوم السؤال يحكم بالاقتران للغلبة المقدمة علي الاصل فيحكم بالاجمال و اما الكلام في الثاني فاما من جهة ان الفعل الصادر من المعصوم هل هو لازم الاتباع ام لا فهذا داخل في باب التأسي خارج عما نحن فيه و اما من جهة جواز التعدي عن تلك الواقعة الي غيرها كما هي ما نحن فيه فالحق عدم التعدي لعدم الدليل.
اقول: هذه تشكيكات اخر يقول اذا كان في الفاظ السائل مشتركات او مجازات فذلك ايضاً علي قسمين فاما يكون السؤال عما وقع او عما يقع و علي كل تقدير اما يعلم علم الامام بالمراد في ما وقع و يقع او عدم علمه و اما يشك فيهما و علي التقادير اما يكون بين تلك المعاني المشتركة معني اشهر و اقرب ام لا ففي جميع الصور اذا كان فيها اشهر و ابين يحمل عليه و ان لميكن فنرجع الي علم الامام فان علمنا انه يعلم بما وقع و يقع حكم باجماله و اما في صور العلم بعدم علمه او الشك في علمه فان استعمل السائل اللفظ بلاقرينة و الامام لايعلم خصوص المراد او ما يقع يحمل علي العموم و ان شككنا في اقامة القرينة يوم السؤال يحكم باقامتها
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۷ *»
لانها الغالب فهو مقدم علي اصل عدمها فحينئذ يحكم بالاجمال.
قوله «و اما الكلام في الثاني» اي في قول الشافعي حكايات الاحوال اذا تطرّق اليها الاحتمال كساها ثوب الاجمال فالمراد بحكايات الاحوال هو حكاية فعل المعصوم او قوله في واقعة خاصة كأن يروي انه وقع في بئر دار الامام7 انسان فامر بنزح اربعين دلواً فالكلام هنا يقع في مقامين احدهما هل اذا صدر فعل من الامام يلزم اتباعه ام لا فيدخل ذلك في باب التأسي و ثانيهما هل يجوز التعدي من تلك الواقعة الي غيرها ام لا و هذا مما نحن فيه هنا فالحق عند المصنف عدم التعدي لعدم الدليل و بناء العرف غيرمعلوم.
فاقول ان كان المصنف لميجد دليلاً علي ذلك و اتبع الشافعي وجدنا دليلاً عليه و اتبعنا شافعنا صلوات الله عليه و اله قال ابوعبدالله7 اطلع رجل علي النبي9 من الجريد فقال له النبي9 لو اعلم انك تثبت لي لقمت بالمشقص حتي افقأ به عينيك فقيل له و ذاك لنا فقال ويحك او ويلك اقول لك ان رسول الله9 فعل و تقول لنا ذلك و قال ابوعبدالله7 ليس من شيعتنا من قال بلسانه و خالفنا في اعمالنا و اثارنا ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه و قلبه و اتبع اثارنا و عمل باعمالنا اولئك من شيعتنا و قال7 من ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله و قال في حديث حج رسول الله9 فامر المؤذنين انيؤذنوا باعلي اصواتهم بان رسول الله9 يحج في عامه هذا فعلم به من حضر المدينة و اهل العوالي و الاعراب و اجتمعوا لحج رسول الله9 و انما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون فيتبعونه او يصنع شيئاً فيصنعونه و قال ابوالحسن7 في حديث ان الدين ليس يقاس كقياسك و انتم تلعبون بالدين انا صنعنا كما صنع رسولالله9 و قلنا كما قال رسولالله9 الخبر و عن جميل بن صالح عن ابيعبدالله7 قال كنت اطوف بالبيت فاذا رجل يقول مابال هذين الركنين يستلمان و لايستلم هذان فقلت ان رسول الله9 استلم هذين و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۸ *»
لميعرض لهذين فلاتعرض لهما اذ لميعرض لهما رسولالله9 و من تفسير الامام7 عن رسول الله9 ان شيعتنا من شيّعنا و اتبع اثارنا و اقتدي باعمالنا و قال علي بن الحسين7 ان ابغض الناس الي الله عزوجل من يقتدي بسنة امام و لايقتدي باعماله و عن ابيعبدالله7 ان اباه قال يابني انك اذا خالفتني في العمل لمتنزل معي غداً في المنزل ثم قال ابي الله عزوجل انيتولي قوم قوماً يخالفونهم في اعمالهم ينزلون معهم يوم القيمة كلا و رب الكعبة الي غير ذلك من الاخبار و يدل علي ذلك الحديث المشهور صلّوا كمارأيتموني اصلي و كل ذلك دليل علي ان ما صدر منهم يجوز التعدي من الموضع الخاص الي غيره يعني نعمل بما عملوا اذا اتفق لنا مثل مااتفق لهم و لانقول لعله مخصوص بهم فان رسول الله9 امر بذلك و هو يعلم ان بعض الاعمال مخصوص به فعليه انيدلنا علي ما ليس لنا اننفعله و الا فالاصل الاقتداء باعماله فانه امامنا و لايكون الامام الا من يؤتم به و سمعت الاخبار الصريحة في وجوب اتباعهم في اعمالهم.
قال: اصل اذا قال الطواف بالبيت صلوة ففي افادة التشبيه العموم مطلقا و ان لميكن في البين اظهر او الاجمال مطلقا او ان لميكن اظهر اقوال و قد يستدل علي الاول بدليل الحكمة و هو قاصر اقول و الحق انه ان كان اظهر حمل عليه و الا فعلي العموم ان كان المقام مقام البيان و اذا (و ان خل) شك في كون المقام مقام البيان او الاجمال فالاول مع غلبة البيان و الا فالاجمال و مما مرّ يظهر الحال في عموم المنزلة و البدلية و حذف المتعلق و الامتنان.
اقول: يعني اذا شبّه الامام7 شيئاً بشيء كأنيقول الطواف بالبيت صلوة او الفقاع خمر استصغرها الناس ففي افادة هذا التشبيه اقوال فقيل انه يفيد العموم مطلقا و قيل لايفيد مطلقا و قيل يفيد العموم ان لميكن في البين اظهر و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶۹ *»
قيل هو مجمل ان لميكن في البين اظهر و استدلوا للعموم بان للخمر اوصافاً من الحرمة و النجاسة و غيرهما فاذا شبّه الفقاع به من غير تعيين صفة معينة فالمراد جميعها فردّه بعضهم بان ذلك يتم لو لميكن بعض الصفات اظهر من بعض و الا تعين الحمل عليه و دليلهم كما تري.
و اعلم ان الشيئين صارا شيئين بحدودهما و لكل واحد حد به يميز عن غيره بلاشك و كل واحد من الشيئين مركب مما به اشتراكهما و مما به امتيازهما فوجه امتيازهما وجه مباينتهما و مغايرتهما و وجه مشاركتهما وجه موافقتهما و مشابهتهما فاذا شبّه شيء بشيء فانما يشبّه حيث اتفاقهما لا حيث تباينهما فاذا قيل هذه كالورد انما يراد من حيث اللون فقط و ان قيل قده كالبان فانما يراد من حيث ميسانه مثلاً او كالسرو ففي طوله و ذلك مما لاشك فيه فان علم وجه المشاركة فهو و الا فلما كنا نعلم بوجود ما به الامتياز بينهما قطعاً و هو مجهول يكون التشبيه مجملاً و لايعلم وجه الشبه و ليس في الدنيا تشبيه يكون للعموم مطلقا ابداً قطعاً لوجود وجه الامتياز القطعي لوجود الاثنينية القطعية هذا و التشبيه يفيد ان المشبه شخصه الخارجي كالمشبه به في وجوه الشباهة و لايفيد ان الاحكام المتعلقة بالمشبهبه هي احكام المشبه و ذلك قياس محض و يكشف عما ذكرنا قول علي7 في حديث طويل انا نجد اشياء قد وفق الله تعالي بين احكامها و ان كانت متفرقة و نجد اشياء قد فرق الله بين احكامها و ان كانت مجتمعة فدلّنا ذلك من فعل الله تعالي علي ان اشتباه الشيئين غير موجب لاشتباه الحكمين كما ادعاه منتحلوا القياس و الرأي الي ان قال ان العقل علي مجرده و انفراده لايوجب و لايفصل بين اخذ شيء بغصب و نهب و بين اخذه بالسرقة و ان كانا مشتبهين و الواحد منهما يوجب القطع و الاخر لايوجبه و يدل ايضاً علي فساد مااحتجوا من رد الشيء في الحكم الي اشباهه و نظايره انا نجد الزني من المحصن و البكر سواءاً و احدهما يوجب الرجم و الاخر يوجب الجلد فعلمنا ان الاحكام مأخذها من السمع و النطق بالنص علي حسب ما يرد به التوقيف دون اعتبار النظاير و الاعيان الحديث.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۰ *»
و عن العسكري7 عن النبي9 فياحتجاجه علي المشركين ان عباد الله المخلوقين مربوبون فنأتمر له فيما امرنا و ننزجر عما زجرنا و نعبده من حيث يريد منا فاذا امرنا بوجه من الوجوه اطعناه و لمنتعده الي غيره مما لميأمرنا و لميأذن لنا لاندري لعله اراد منا الاول فهو يكره الثاني الي ان قال ثم قال لهم رسول الله9 أرأيتم ان امركم رجل بدخول داره يوماً بعينه ألكم انتدخلوها بعد ذلك بغير امره او لكم انتدخلوا داراً له اخري مثلها بغير امره او وهب لكم رجل ثوباً من ثيابه او عبداً من عبيده او دابة من دوابه ألكم انتأخذوا ذلك فان لمتأخذوا اخذتم اخر مثله قالوا لا لانه لميأذن لنا في الثاني كما اذن لنا في الاول الخبر.
و من هذين الحديثين الشريفين المؤيدين بالعقل و بسيرة الاسلام و الشرع عرفنا ان اشتباه نفس الشيئين لايوجب اتحاد حكم الشيئين صرح بالتشبيه او عرف من الخارج و هذا الاصل من اصول العامة العمياء الذين ارادوا وضع مدارك لهم يستخرجوا منها الاحكام و لايجوز للشيعي الاخذ بعموم حكم المشبهبه المشبه لاجل التشبيه و كذلك المنزلة كأن يقول الوضوء بمنزلة الغسل مثلاً فهو ايضاً كالتشبيه حرفاً بحرف و كذلك البدلية كأنيقول التيمم بدل من الوضوء و جميع ذلك استنباطات سنية لاتجري في مذهب قوم يقول امامهم لهم اما انه شر عليكم انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا و القوم لميسمعوا من امام عموم التشبيه و المنزلة و البدلية.
و اما حذف المتعلق كقوله7 الماء يطهر و لايطهر فقوله يطهر علي الاطلاق و مع حذف ما يتطهر به هل يفيد عموم التطهير لكل شيء ام لا فالمصنف جعل المدار علي ما مرّ هنا و في الضوابط علي فهم العرف في الموارد و كذلك عموم الامتنان كقوله و انزلنا من السماء ماءاً طهوراً فلما كانت الاية في مورد الامتنان يقتضي انيكون طهوريته عاماً شاملاً و ذلك تفسير بالرأي و قول بالخرص و لا دليل علي عمومهما بل هما مجملان و لايفيدان الا اثبات ان الماء
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۱ *»
يطهر و اما انه يطهر ايّ شيء فمسكوتعنه و قال علي7 ابهموا ما ابهمه الله و اسكتوا عما سكت الله و اثبات صفة لفاعل لايفيد ظهورها علي كل قابل و لايفيد اكثر من ان الفاعل له هذا الاثر و اما انه يؤثر في كل ما سواه فلا الاتري انك تقول النار محرقة فلايدل قولك انها محرقة علي انها محرقة كل شيء حتي الحجر و المدر فذلك ايضاً من الاستنباطات التي ماانزل الله بها من سلطان.
ثم اعلم انهم قالوا ان اللفظ لو كان له معني حقيقي و دلّ قرينة علي عدم ارادته فان اتحد معناه المجازي او تعدد و كان احدها اظهر حمل عليه و الا كان مجملاً و كذا في الاضمار فان لميحتمل الا اضمار شيء واحد او اشياء و كان احدها اظهر حمل عليه و الا فهو مجاز و كلها ظنون و خرص و تخمين لايجوز ابتناء الدين عليه اللهم الا ان لايحتمل الا شيئاً واحداً.
قال: اصل هل الخطاب الشفاهي مختص بالحاضرين ام يعمهم و الغائبين ام يعمهما و المعدومين اقوال اعلم انه اذا ثبت حكم للمشافه فالاصل اشتراك الغائب و المعدوم معه بالاجماع محققاً و منقولاً و النصوص و بناء العقلاء و الاستقراء و بذلك اندفع الاصل الاصيل المقتضي لعدم الاشتراك في بعض الصور و اذا ثبت حكم للنبي9 فالاصل شركة الامة معه للادلة الاخيرة مضافاً الي ان السنة دليل شرعي و الي التأسي و اذا ثبت حكم للائمة: فكذلك او ثبت للرجال عمّ النساء و بالعكس اقول و اذا ثبت للاحرار عمّ العبيد و بالعكس كل ذلك لبناء العقلاء و الاستقراء و ظهور الاجماع.
اقول: اعلم ان الكلام في ذلك في مقامين الاول انه هل يعم حكم المشافهين الغائبين و المعدومين ام لا و الثاني هل يشمل الخطاب بنفسه المشافهين و الغائبين و المعدومين ام لا فقال المصنف في المقام الاول «اعلم انه اذا ثبت حكم للمشافه» الي اخره فاختار اشتراك الغايب و المعدوم مع المشافه و استدل علي ذلك بالاجماعين و النصوص و لا بأس بذلك و استدل ببناء العقلاء و الاستقراء و هما دليلان سخيفان ظنيان و لكن اصل الاشتراك مما لا شك فيه و لاريب يعتريه فان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۲ *»
الله سبحانه بعث محمداً9 الي جميع الناس كما قال ياايها الناس اني رسول الله اليكم جميعاً و قال و ما ارسلناك الا كافة للناس و هو خاتم الانبياء لا نبي بعده و لا امة بعد امته و لا دين بعد دينه و لا وحي بعد وحيه و لا شرع بعد شرعه فجميع الناس مشتركون في احكامه الي يوم القيمة و علي ذلك بناء الاسلام ضرورة و قال ابوعبدالله7 في حديث طويل لان حكم الله عزوجل في الاولين و الاخرين و فرايضه عليهم سواء الا من علة او حادث يكون و الاولون و الاخرون ايضاً في منع الحوادث شركاء و الفرايض عليهم واحدة يسأل الاخرون عن اداء الفرايض عمايسأل عنه الاولون و يحاسبون عما به يحاسبون و قيل له7 انما انت منذر و لكل قوم هاد فقال رسول الله9 المنذر و علي الهادي يا ابامحمد هل من هاد اليوم قيل بلي جعلت فداك مازال منكم هاد من بعد هاد حتي دفعت اليك فقال رحمك الله ياابامحمد لو كانت اذا نزلت اية علي رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الاية مات الكتاب و السنة ولكنه حيّ يجري فيمن بقي كماجري فيمن مضي و سئل7 مابال القرءان لايزداد علي النشر و الدرس الا غضاضة فقال ان الله تبارك و تعالي لميجعله لزمان دون زمان و لناس دون ناس فهو في كل زمان جديد و عند كل قوم غضّ الي يوم القيمة و سئل7 عن الحلال و الحرام فقال حلال محمد حلال الي يوم القيمة و حرامه حرام الي يوم القيمة لايكون غيره و لايجيء غيره و عن ابيجعفر7 عن النبي9 في خطبة الغدير معاشر الناس كل حلال دللتكم عليه و كل حرام نهيتكم عنه فاني لمارجع عن ذلك و لمابدل الا فاذكروا ذلك و احفظوه و تواصوا به و لاتبدلوه و لاتغيروه الي غير ذلك من الاخبار ولكن لابد في ذلك من انينظر الانسان في متعلق الحكم هل هو ذات شيء او صفاتها المتممة او افعالها او قراناتها فيجري كل حكم في مثل متعلقه في كل زمان و ليس كل حكم لكل احد بداهة فان كان متعلق الحكم الماء فيجريه في الماء و ان كان متعلق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۳ *»
الحكم البئر فيخصه بالبئر و يعمه في كل بئر و اذا كان في بئر زمزم فيجريه فيه دون ساير الابار و هكذا.
قوله «و بذلك اندفع الاصل الاصيل» الي اخر يقول الاصل الاولي عدم اشتراك الناس في الحكم و اختصاص الخطاب بالمشافهين فغيرهم فالاصل فيهم براءة الذمة عن هذا الحكم و المصنف فصّل في الضوابط بانا ان قلنا بجواز خلو الواقعة عن الحكم فالاصل عدم الاشتراك و الا فان كان حكم الحاضر الاباحة فمن سواه مشترك معه و الا فلا و هذا الاصل منقلع بعد ورود الاصل الثاني بضرورة الاسلام و النصوص فلا فائدة للنزاع فيه و اما اصل جواز خلو الواقعة من الحكم او عدم جواز خلوه فالحق انه لاتخلو الواقعة عن حكم الله عزوجل و ليس محل تردد لقول ابيجعفر7 في حديث قدعرضت لبعض اهل الارض مصيبة ما هي في السنة و الحكم الذي ليس فيه اختلاف و ليست في القرءان ابي الله لعلمه بتلك الفتنة انتظهر في الارض و ليس في حكمه راد لها و مفرج عن اهلها الي ان قال فقد ابي الله انيصيب عبداً بمصيبة في دينه او في نفسه او في ماله ليس في ارضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة الخبر و قال ابوعبدالله7 ما من شيء الا و فيه كتاب او سنة انتهي فليس الامر محل تردد و الحمدلله.
قوله «و اذا ثبت حكم للنبي» الي اخر قد مرّ في العنوان السابق احاديث عديدة تدل علي وجوب اتباع اعمالهم كاقوالهم مضافاً الي ان السنة دليل شرعي و من السنة افعالهم و الي التأسي لقوله سبحانه لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة و اذا ثبت حكم للائمة: فكذلك لعين ما مرّ من الاخبار و قد ذكر بعض اصحابنا رضوان الله عليهم خصايص للنبي9 خمسعشرة سنة في النكاح و تسعاً في غيره و بعض اخر ما يزيد علي سبعين و قيل انه افرد بعضهم كتاباً ضخماً لكثرتها و زيادتها علي ما ذكر بالجملة من خصايصه التي ذكروها اختصاصه بجواز الزيادة علي الاربع في النكاح الدائم و بالعقد بلفظ الهبة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۴ *»
و تخييره النساء بين ارادته و مفارقته و تحريم نكاح الاماء عليه بالعقد الدائم و تحريم الاستبدال بنسائه بعد نزول الاية و قبل النسخ و تحريم الزيادة عليهن و اذا رغب في نكاح امرأة فان كانت خلية وجب عليها الاجابة و حرم علي غيره خطبتها و ان كانت ذات زوج وجب عليه طلاقها و تحريم زوجاته علي غيره و اما مما سوي النكاح فذكروا اشياء و هي وجوب السواك و وجوب الوتر و وجوب الاضحية و قيام الليل و التهجد و تحريم الصدقة الواجبة عليه و تحريم خائنة الاعين عليه و اباحة صوم الوصال المحرم علي غيره و وجوب انكار المنكر اذا رآه و اظهاره و مشاورة اصحابه في الامر و تحريم الشعر عليه و اذا لبس لامة الحرب يحرم عليه نزعها حتي يلقي عدوه و يقاتل و انيمد عينيه الي ما متع به الناس و ابيح له دخول المكة بغير احرام و انيأخذ من الطعام و الشراب من المالك و ان اضطر اليها و تحريم انيسأل احد ازواجه شيئاً الا من وراء حجاب و تطوعه قاعداً كتطوعه قائماً من غير عذر و تحريم رفع الصوت عليه و مناداته من وراء الحجرات كذا ذكروا و ليس هيهنا موضع تحقيقها ولكني اقول روي في البحار من الكافي بسنده عن محمد بن مسلم قال سمعت اباعبدالله7 يقول الائمة بمنزلة رسول الله9 الا انهم ليسوا بانبياء و لايحل لهم من النساء ما يحل للنبي فاما ماخلا ذلك فهم بمنزلة رسول الله9 انتهي و هذا الخبر يعطي انهم مشاركون مع النبي في جميع الاحكام الا انه لايحل لهم من النساء ما يحل للنبي9 و ليسوا بانبياء و اما ما خصوا به من الفضائل فلاتحصي كثرة و الاصل الاشتراك و وجوب اتباع الامة اياهم في اعمالهم للنصوص التي سمعت و هم هداة الخلق و رؤفاء بالعباد فان كان شيء يخصهم بيّنوه حتي لاتغري الامة بالجهل و لاجل ذلك قيل للرضا7 جعلت فداك اراك اذا صليت فرفعت رأسك من السجود في الركعة الاولي و الثالثة فتستوي جالساً ثم تقوم فنصنع كما تصنع فقال لاتنظروا الي ما اصنع انا اصنعوا ما تؤمرون انتهي فاذا تعارض عملهم و امرهم ايانا فالعمل علي امرهم فانهم محط الانظار و يشار اليهم من الاقطار و عليهم من التقية
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۵ *»
ما ليس علي اهل الخمول في الزوايا و غيرالمعروفين فهم يخصهم ما لايخصنا و كذلك لهم من القدرة و القوة علي الامور ما لايخصنا فرب شيء يصنعون بقوتهم و قدرتهم و لايقدر الضعيف المسكين عليه كما روي عن زرارة قال قلت له في مسح الخفين تقية فقال ثلث لااتقي فيهن احداً شرب المسكر و مسح الخفين و متعة الحج قال زرارة و لميقل الواجب عليكم ان لاتتقوا فيهن احداً و كذلك لهم اعمال من حيث مقتضي الامامة و السلطنة و لايسع احداً انيتبعهم في تلك الامور الا ان الاصل الاشتراك للايات و الاخبار و الخصوصية تحتاج الي دليل فان قام و الا يجب الاتباع كما عرفت.
قوله «او ثبت للرجال عم النساء و بالعكس» هذا الكلام ليس علي اطلاقه فان للنساء حالات تخصهن فحكمهن فيها لايعم الرجال كحكم الحيض و النفاس و الاستحاضة و احكام فروجهن و وضعهن الحمل و حجابهن و امثالها فلاتعم الرجال و كذلك تخص النساء مسائل في اغلب كتب الفقه فلايمكن القول بعموم احكامهن و كذلك العكس و لكل واحد منهما لفظ يخصه فلايمكن التعدي الا بدليل و يكشف عن ذلك خصوصاً ما روي عن عبيد بن زرارة قال قلت له هل علي المرأة غسل من جنابتها اذا لميأتها الرجل قال لا و ايكم يرضي انيري و يصبر علي ذلك الي ان قال ليس عليهن ذاك قدوضع الله ذلك عليكم قال تعالي و ان كنتم جنباً فاطهروا و لميقل ذلك لهن انتهي فخص خطاب الرجال بالرجال و اخرج النساء منه نعم اذا سأل امرأة عما لايخص النساء و الرجال مثلاً اذا سأل عن بئر وقع فيها فارة فما اجابها المعصوم يعم و الاصل في ذلك اتحاد الحكم لما روي عنه9 حكمي علي الواحد حكمي علي الجماعة و لما مرّ من الاخبار ان حكم الله في الاولين و الاخرين و فرايضه عليهم سواء لايقال ان الاولون جمع مذكر لعدم الخصوصية قطعاً و وقوع الاول للمذكر و المؤنث علي السواء كما تقول اول رجل و اول امرأة و اول يوم و اول ليلة و جمع الجمع المذكر للفظه هذا و يمكن التعبير عن الرجل بالمؤنث اذا اريد النفس مثلاً و عن المرأة بالمذكر اذا اريد منها
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۶ *»
الشخص مثلاً فالاولون الاشخاص المتقدمون و الاخرون الاشخاص المتأخرون هذا و علي الائمة المعلمين الهادين سلام الله عليهم انيعلمونا مايخص النساء و الرجال و لايكلونا الي عقولنا اذ ليس معرفة ذلك من شأن الرعية الجهلة و هم لايفرطون في هداية الخلق و لايقصرون و الاصل الذي اعطونا ان فرايض الاولين و الاخرين سواء و حكمهم علي الواحد حكمهم علي الجماعة و دين الله واحد لا اختلاف فيه و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً و اما اذا سألت امرأة عما يصدر من النساء و الرجال و اجابها المعصوم بلفظ يخص النساء او اذا سأل رجل و خصّه بلفظ يخص الرجال فمقتضي الخبر الذي مرّ عدم العموم و يؤيده احتمال الخصوص و اصل براءة غير السائل عنه.
قوله «اقول و اذا ثبت للاحرار عمّ العبيد و بالعكس» ماافتهمت خصوصية اقول هنا الا انيكون ما سبق من تقريرات استاده و اضاف هو هذه الكلمة و له شواهد في ساير كلماته قد مرّ الاشارة اليها و هذا الحكم ايضاً ليس علي عمومه فما هو من احكام الحرية لايعم العبيد و ما هو من احكام العبدية لايعم الاحرار نعم اذا سأل الحر عما يصدر من الانسان او يتفق للانسان و كذلك العبد يعم اذا اجاب بلفظ غير خاص لما مرّ ان الفرايض سواء و الاحكام سواء و اطلاق حكمي علي الواحد حكمي علي الجماعة و اما ادلته التي ذكرها من بناء العقلاء و الاستقراء فهما دليلان ظنيان لا عبرة بهما و اما ظهور الاجماع فاعلم ان بناء الاسلام و ضرورته و نصوص الحجج: علي الرجوع الي اثار الائمة و اثار رسولالله9 كان السائل من كان الا انيظهر من الاثار خصوصية للسائل فيخصص الحكم به و الا فيتبعون الاثر من غير اعتداد بالسائل و ذلك ضروري الاسلام و عليه بناء الدين و بعثة خاتم النبيين عليه و اله صلوات المصلين بل جميع الانبياء و المرسلين عليهم صلوات المصلين فالاصل الاصيل اشتراك الكل في التكاليف الا ما خرج بدليل.
قال: ثم محل النزاع في المراد من الخطاب الشفاهي لا فيما وضع له الخطاب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۷ *»
الشفاهي و في ما كان الخطاب جمعاً لا مفرداً و في خطابات الكتاب لا السنة و لا مثل الحديث القدسي و في ما اشتمل علي الة الخطاب و فيما كان المخاطب ملفقاً من الموجود و المعدوم لا المعدوم الصرف.
اقول: ان النزاع بعد ما وقع الاتفاق علي مشاركة الاولين و الاخرين في الاحكام و الفرايض تشاجر لاخير فيه و تضييع للعمر العزيز ولكن لابد من شرح عبارته فيريد انيحقق ان محل النزاع هل هو في وضع الخطاب فيكون لغوياً او في المراد من الخطاب مع قطع النظر عن الوضع و المصنف اختار ان محل النزاع المراد و من ذلك يظهر ان تنازعهم قبل تحقيق محل النزاع.
بالجملة دليل المصنف انهم متفقون علي ان الوضع للمشافه فلا نزاع فيه و كذلك هل النزاع فيما كان الخطاب بلفظ الجمع ام يشمل المفرد ايضاً فاختار المصنف ان النزاع في الجمع لا المفرد لظهور الاتفاق علي ان المفرد مخصوص بالمشافه و هو علي قسمين قسم يمكن شموله للمعدوم كقوله لاتقف ما ليس لك به علم و منه ما لايمكن مثل ياايها الرسول بلغ و كذلك هل النزاع في خطابات الكتاب او هو مع السنة فاختار المصنف انيكون النزاع في الكتاب لا السنة لظهور الاتفاق علي انها في السنة مخصوصة بالمشافهين و كذا في الحديث القدسي فانه مسموع من فم النبي فهو كالسنة عند المصنف و كذلك هل النزاع في ما اشتمل علي الة الخطاب نحو ياايها الذين امنوا و ما فيه لفظ انتم و كم و امثالها او يعم مثل للّه علي الناس حج البيت و الاخبار فاختار المصنف ما اشتمل علي الة الخطاب لان ظاهر عنوانات المتنازعين في ما اشتمل علي الة الخطاب.
ثم هل مراد من يقول بعموم الخطابات انها تعم المعدومين القاء و ارادة كالحاضرين او ارادة لا القاء او مرادهم انها مثل المراسلات و كتابتها الي الغايب او مرادهم هو شمول الخطاب النفسي القديم او مرادهم تعميم الحكم و الاشتراك فيه فيصير النزاع لفظياً وجوه لاتسمن و لاتغني من جوع ثم اتفقوا علي جواز خطاب الموجود الصرف و علي قبح خطاب المعدوم الصرف و محل النزاع الملفق من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۸ *»
الموجود و المعدوم و جميع ذلك كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماءاً حتي اذا جاءه لميجده شيئاً و وجد الله عنده فوفّيه حسابه فاولاً لافائدة في هذا النزاع بعد الاتفاق من الامة ان الفرض علي متأخري هذه الامة انيعملوا بدين متقدمي هذه الامة و يعملوا باثار النبي9 و سنته و ايّ فائدة للفقيه في علمه بان اللفظ كان موضوعاً لماذا بعد هذا الاتفاق من الامة و النصوص و العقل و السيرة.
و اما قولهم ان خطاب المعدوم قبيح فقبيح قولهم جداً جداً لما روي عن احدهما8 في حديث ان ابرهيم اذن في الناس فقال ياايها الناس اني ابرهيم خليل الله ان الله امركم انتحجوا هذا البيت فحجّوه فاجابه من يحج الي يوم القيمة و كان اول من اجابه من اهل اليمن و عن ابيعبدالله7 لما امر الله ابرهيم و اسمعيل ببناء البيت و تم بناؤه امره انيصعد ركناً ثم ينادي في الناس الا هلم الحج الا هلم الحج فلو نادي هلموا الي الحج لميحج الا من كان يومئذ مخلوقاً انسياً ولكن نادي هلم الحج فلبي الناس في اصلاب الرجال لبيك داعي الله لبيك داعي الله فمن لبي عشراً حج عشراً و من لبي خمساً حج خمساً و من لبي اكثر فبعدد ذلك و من لبي واحدة حج واحدة و من لميلب لميحج و قال ابوجعفر7 ان الله لما امر ابرهيم ينادي في الناس بالحج قام علي المقام فارتفع به حتي صار بازاء ابيقبيس فنادي بالناس بالحج فاسمع من في اصلاب الرجال و في ارحام النساء الي انيقوم الساعة وفيالبحار بسنده عن محمد بن عبيدالله بن ابيرافع عن ابيه عن جده قال قال رسولالله9 مثّل لي امتي في الطين و علمت الاسماء كماعلم ادم الاسماء كلها و رأيت اصحاب الرايات فكلما مررت بك يا علي و بشيعتك استغفرت لكم و عن ابيالحسن الرضا7 قال قال ابوجعفر7 ان رسول الله9 مثلت له امته في الطين فعرفهم باسمائهم و اسماء ابائهم و اخلاقهم و حلاهم قيل جعلت فداك جميع الامة من اولها الي اخرها قال هكذا قال ابوجعفر7 و قال ابوجعفر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷۹ *»
7قال رسول الله9 عرضت عليّ امتي البارحة لدي هذه الحجرة اولها الي اخرها قال قائل يا رسول الله قد عرض عليك من خلق ارأيت من لميخلق قال صوّر لي والذي يحلف به رسولالله9 في الطين حتي لانا اعرف بهم من احدكم بصاحبه و بهذا المضمون اخبار مستفيضة و قيل لابيعبداللّه7 هل رأي محمد9 ملكوت السموات و الارض كما رأي ابرهيم قال و صاحبكم و الاخبار برؤيتهم كل الخلق و شهادتهم و حضورهم لديهم متواترة فهل يكفي المصنف هذه الاحاديث في مخاطبة المعدومين ام لا.
و عن عبداللّه بن بكير الرجائي قال قال لي الصادق7 اخبرني عن الرسول أكان عاماً للناس بشيرا أليس قد قال الله و ماارسلناك الا كافة للناس لاهل الشرق و الغرب و اهل السماء و الارض من الجن و الانس هل بلغ رسالته اليهم كلهم قلت لاادري قال يا ابنبكير ان رسولالله9 لميخرج من المدينة فكيف ابلغ اهل الشرق و الغرب قلت لاادري قال ان الله امر جبرئيل فاقتلع الارض بريشة من جناحه و نصبها لرسول الله9 فكانت بين يديه مثل راحته في كفه ينظر اهل الشرق و الغرب و يخاطب كل قوم بالسنتهم و يدعوهم الي الله و الي نبوته بنفسه فمابقيت قرية و لامدينة الا و دعاهم النبي9 بنفسه و الاخبار في حضور جميع الارض و السماء و ما كان و ما يكون لديهم متواترة و منها ما روي عن عبدالله بن بكير الارجائي عن ابيعبدالله7 في حديث طويل قلت له جعلت فداك فهل يري الامام ما بين المشرق و المغرب قال يا ابنبكير فكيف يكون حجة علي مابين قطريها و هو لايراهم و لايحكم فيهم و كيف يكون حجة علي قوم غيب لايقدر عليهم و لايقدرون عليه و كيف يكون مؤدياً عن الله و شاهداً علي الخلق و هو لايراهم و كيف يكون حجة عليهم و هو محجوب عنهم و قد حيل بينهم و بينه انيقوم بامر ربه فيهم والله يقول و ماارسلناك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۰ *»
الا كافة للناس يعني به من علي الارض و الحجة من بعد النبي9 يقوم مقام النبي9 و هو الدليل علي ما تشاجرت فيه الامة و الاخذ بحقوق الناس فهل يكفي المصنف هذا الحديث و امثاله في صحة خطاب الغائبين ام لا أليس نجاته في ترك ما لميكلف به و ما لايطلع عليه و في ترك التصرف في دين الله و هلا كفاه ان الامة اجتمعت علي اشتراك الغائبين و المعدومين مع الحاضرين في التكاليف و في العوالم عن صاحبالزمان صلوات الله عليه ان الله تعالي لميخلق الخلق عبثاً و لا اهملهم سدي بل خلقهم بقدرته و جعل لهم اسماعاً و ابصاراً و قلوباً و الباباً ثم بعث اليهم النبيين مبشرين و منذرين يأمرونهم بطاعته و ينهونهم عن معصيته و يعرّفونهم ما جهلوه من امر خالقهم و دينهم و انزل عليهم كتاباً و بعث اليهم ملئكة الخبر.
فلو كان الاوامر و النواهي مخصوصاً بالمشافهين كيف كانوا يأمرون الخلق و ينهونهم الي يوم القيمة و هم لميشافهوا النبي و الحجج: و عن علي اميرالمؤمنين7 ان قوماً من اصحابه خاضوا في التعديل و التجوير فخرج حتي صعد المنبر فحمد الله و اثني عليه ثم قال ايها الناس ان الله تبارك و تعالي لما خلق خلقه اراد انيكونوا علي اداب رفيعة و اخلاق شريفة فعلم انهم لميكونوا كذلك الا بانيعرّفهم ما لهم و ما عليهم و التعريف لايكون الا بالامر و النهي و الامر و النهي لايجتمعان الا بالوعد و الوعيد و الوعد لايكون الا بالترغيب و الوعيد لايكون الا بالترهيب الحديث فاذا كان الامر و النهي مخصوصاً بالمشافهين فاذا الغيب و المعدومون مخلوقون بلا امر و نهي و قال اميرالمؤمنين7 اعلموا انه لنيرضي عنكم بشيء سخطه علي من كان قبلكم و لنيسخط عليكم بشيء رضيه ممن كان قبلكم و انماتسيرون في اثر بين و تتكلمون برجع قول قد قاله الرجال قبلكم انتهي ولولا ان الاخرين مأمورون بما امر من كان قبلهم منهيون عما نهي من كان قبلهم كيف يجمعهم رضاء الله و سخطه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۱ *»
و سئل ابوعبدالله7 عن قول الله كتب عليكم القتال و ياايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام فقال كلها تجمع الضلال و المنافقين و كل من اقر بالدعوة الظاهرة انتهي فتبين ان لفظة كم و ياايها الذين امنوا يجمع كل من اقر بالدعوة موجوداً كان او معدوماً.
و سئل ابوعبدالله7 في حديث جعلت فداك ارأيت ما ندب الله عزوجل اليه المؤمنين من قوله ياايها الذين امنوا أدخل في ذلك المنافقون معهم قال نعم و الضلال و كل من اقر بالدعوة الظاهرة و كان ابليس ممن اقر بالدعوة الظاهرة معهم اي مع الملائكة و قيل لابيعبدالله7 جعلت فداك قول الله ياايها الذين امنوا في غير مكان في مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذه المنافقون فقال نعم يدخلون في هذه المنافقون و الضلال و كل من اقر بالدعوة الظاهرة و اما قول ابيعبدالله7 في قوله تعالي ياايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام هي للمؤمنين خاصة فاولاً انه لميخصه بالمؤمنين المشافهين و يعم المعدومين بعد ما وجدوا و ثانياً ان المراد بالمؤمنين المقرّون بالدعوة الظاهرة كما دلّ عليه الاخبار السابقة و كما شمل الامر بالملئكة ابليس لصورته و اما ما روي عن ابيعبدالله7 في قوله ياايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص أهي لجماعة المسلمين قال هي للمؤمنين خاصة فبعد انه يشمل الغيب و المعدومين فالظاهر ان خصها بهم لقوله ذلك تخفيف من ربكم و رحمة لان كون القصاص رحمة مخصوص بهم.
بالجملة الامر اوضح من نار علي علم و يجب علي جميع الامة اطاعة هذه الاوامر الواردة في الكتاب و السنة و الانزجار عن زواجرهما و الطاعة ليست الا امتثال الاوامر و النواهي فسمّه ما شئت و يؤكد ذلك اجمع ما روي عن علي7 اذا قرأتم قولوا امنا بالله فقولوا امنا بالله حتي تبلغوا الي قوله مسلمون و قول ابيعبدالله7 اذا قرأ الحمدلله الذي لميتخذ ولداً الي قوله تكبيراً انيقول الله اكبر الله اكبر الله اكبر و قوله7 كلما قلت فبأي الاء ربكما تكذبان قلت لابشيء من الائك رب اكذب و قوله اذا قرأت قل ياايها الكافرون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۲ *»
فقل ياايها الكافرون و عن الرضا7 انه كان اذا قرأ قل هو الله احد قال سرّاً هو الله احد فاذا فرغ منها قال كذلك الله ربنا ثلثاً و كان اذا قرأ سورة الجحد قال في نفسه سرّاً ياايها الكافرون و اذا قرأ ياايها الذين امنوا قال لبيك اللهم لبيك سرّاً فلولا ان هذه الاوامر كانت خطاباً الي كل فرد من افراد الانسان لما سنّ انيقال بعدها كذلك و ما اوّلوها تكلفات علي خلاف ما يفهم الفطر المستقيمة ولكن القوم لايراجعون اخبار المحمد: و يستبدون بانظارهم القاصرة و افكارهم الفاترة فيذهبون مذاهبها و اما الوجوه العقلية التي توجب الكشف عن حقيقة استعلائهم سلام الله عليهم و شهادتهم و حضور الاشياء لديهم فلااحب اناذكرها في هذا الكتاب و ساير كتبنا مشحونة بها و الحمدلله.
قال: ثم اعلم ان الخطاب لغةً القاء الكلام نحو الغير و قد يطلق اصطلاحاً علي الكلام الموجه الي الغير و لاريب انه حقيقة لغةً في الجملة في القاء الكلام الي الغير الخارجي الحاضر السامع الفاهم للخطاب و في كونه حقيقةً مع فقد بعض تلك القيود وجهان كما ان في اشتراط كون الالقاء باللفظ ام بحيث يشمل مثل الاشارة احتمالان نعم هو حقيقة في الخطاب الي الشخص الغير المعين كقول المصنفين اعلم و افهم لعدم صحة السلب و اما الة الخطاب كالضماير و يا و ايا فيجري فيها اكثر ما جري في المادة و ان لميكن بين المادة و الالة ملازمة في الحقيقة و المجاز ثم هذه المسألة اصولية لايعتبر فيها الادلة الظنية الا مع استلزام الظن بالحكم الفرعي و اما الاصل فيها فهو اختصاص الخطاب بالحاضر مدلولاً فقاهةً و اجتهاداً للتوقف و الظهور.
اقول: الخطاب ككتاب مصدر خاطبه و هو لغةً علي ما في المعيار الكلام بين متكلم و سامع و كذا في المصباح المنير و لميفسره في القاموس و لا في الصحاح و لا في النهاية و قال في المجمع الخطاب هو توجيه الكلام نحو الغير للافهام و قد ينقل الي الكلام الموجه و ليس يعلم انه فسره من باب اللغة او من باب ما ذكره العلماء في الكتب العلمية فانه كثيراًما يفسر اللغة بالقراين و المجازات و لاعبرة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۳ *»
بكتابه كثيراً و اما علي ما فسره في المصباح و المعيار فهو الكلام بين متكلم و سامع و ظاهره انه حقيقة في نفس الكلام اللهم الا انيؤخذ الكلام اسماً من كلّم تكليماً فيكون حاصله ان الخطاب التكليم و هو القاء الانسان الكلام الي غيره و اما ما ذكره المصنف من انه حقيقة فيه فلا شك فيه فانه فرد من افراد الخطاب و قال ان فقد بعض تلك القيود وجهان و علي ما في اللغة ليس فيه وجهان فان الشرط وجود السامع و هو ظاهر في كونه بالفعل.
و قوله «و كما ان في اشتراط» الي اخر فقال فيه وجهان فلو حكمنا باشتراط اللفظ لزوم عدم كون ياايها الرسول كتباً خطاباً و لو حكمنا بعدم اشتراطه ردّه صحة السلب.
و قوله «هو حقيقة في الخطاب الي الشخص غيرالمعين» و اللام في كلام المصنف غلط فلاشك انه لو كان سامعاً كان حقيقة بحسب اللغة و الا فلا و ذكر المصنف في الضوابط ان الحق انه حقيقة في القاء الكلام الي الغير لارادة الفهم و السماع و ان لميكن الغير حاضراً و لاموجوداً كما تري من ان الثكلي تخاطب ولدها الميت بكلمات خطابية فان ارادت من تلك الكلمات الالقاء الي الميت بطريق ارادة سماعه و فهمه فذلك خطاب لغةً لكنه قبيح و قبح الخطاب لايستلزم عدم الحقيقة اللغوية و اما اذا ارادت التحسر فليست بخطاب لصحة السلب فنطالب المصنف بالدليل فان اللغة توقيفية و دليل التوقيفي الرواية لا الدراية و الرواية هو الكلام بين متكلم و سامع و الغايب و الميت ليسا بسامعين فاذا اري الخطاب معهما ليس بخطاب بحسب الرواية و الاستدلال بكلام الثكلي مع الشك في ارادتها بل القطع بعدم ارادة الاسماع مما يضحكها.
قوله «و اما الة الخطاب» الي اخر يعني هل هي موضوعة لما وضع له لفظ الخطاب فيطابق المادة ام مختلفان فاختار المصنف انها حقيقة في الحاضر الفاهم السامع كلفظ الخطاب و في غير الواجد لتلك الشروط اشكال لعدم جريان عدم صحة السلب بخلاف لفظ الخطاب فان فيه يجري عدم صحة السلب فلا ملازمة بين الالة و لفظ الخطاب في الحقيقة و المجاز.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۴ *»
قوله «ثم هذه المسألة» الي اخر مما يقضي الانسان المنصف العجب منه حيث يزعمون هذه الادلة الخيالية الوهمية التي لاتحدث للانسان يقيناً بل و لا ظناً ادلة عقلية قطعية و يظنون الاخبار الصحيحة المؤيدة بالادلة العقلية ظنية فبذلك استبدوا بهذه الخيالات و تركوا اخبار سادة البريات و اعجب من ذلك ان ما ينقل من علمائهم ايضاً عبارات و الفاظ ظنية و يعتنون بها و يستدلون بها و يستنبطون منها الشهرة و الاجماع و يستدلون بها و الاخبار و ان استفاضت لايستدلون بها و لايعتنون بها فانها ظنية فكأن الشيطان جالس علي ثغرها و يمنع الراجع اليها عن اليقين بها و يؤيدهم في عبارات ساير علماء العامة و الخاصة و المرد الي الله عزوجل.
قوله «و اما الاصل فيها» الي اخر لان القدر المتيقن من تلك الخطابات هو ما ذكرنا فالتعدي عنه يحتاج الي دليل فان وجد و الا فالتوقف فهذا هو الاصل الفقاهي و اما الاجتهادي فلان الخطابات منصرفة الي الحاضرين و هوالظاهر منها عرفاً و قوله «للتوقف» اشارة الي مقتضي دليله الفقاهي و «الظهور» اشارة الي دليله الاجتهادي.
ثم اعلم ان الخطاب لغةً هو الكلام بين المتكلم و السامع كما عرفت و هو الظاهر المتبادر منه و كذا الفاظ الخطاب كأنت و انتما و انتم و اياك و اياكما و اياكم و المتصلة من ذلك و كذلك ما كان بواسطة حرف النداء فلا شك في انها مخصوصة بالحاضر السامع و لايتعلق شيء من ذلك بالغايب و المعدوم و كل احد حتي الاطفال يعرفون ان المخاطب غير الغايب و الموجود غير المعدوم و ذلك مما لا شك فيه و لاريب يعتريه ولكن الدقيقة في ذلك التي تخفي علي المصنف و امثاله ان الشارع هو الذي اشهده الله خلق السموات و الارض و خلق انفس الخلق و جميع العالم عنده كفلقة جوز في يد احدكم و حاضر عنده و هوالمبعوث علي الكل و خطابه يشمل الكل كما عرفت من الاخبار الساطعة الانوار المؤيدة بصحيح الاعتبار ولكن القوم ارتطموا في القال و القيل كارتطام العميان في معرفة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۵ *»
الفيل و كل منهم قد رأي منه عضواً فاكتفي به و نحن قد حققنا ذلك مشروحاً مبيناً في ساير كتبنا و ليس هيهنا موضع بيانه و قد مرّ ما يدل علي ذلك من الاخبار.
قال: و اما ثمرة النزاع فقد فرضوها في حصول البيان عند المعمم و الاجمال عند المخصص بالحاضر و في عدم لزوم الفحص عن فهم الحاضر علي الاول و لزومه علي الثاني و في وجوب صلوة الجمعة علي الاول دون الاخير و في الكل كلام اذا ظهر ذلك فالحق عدم شمول الخطاب للمعدوم للاصلين السليمين عن المعارض و قول المعمم فاسد خال عن الدليل سواء جعل ذلك من باب تعدد الخطاب و النداء المستمر او من باب الكلام النفسي او من باب المكاتيب و المراسيل او من باب تأليف المؤلفين او من باب شمول الخطاب اللفظي للمعدومين القاءً و مدلولاً او مدلولاً و اما لو جعله من باب الشركة في الحكم رجع النزاع لفظياً و في شمول الخطاب للغائبين احتمال قريب.
اقول: قوله «فقد فرضوها» الخ هذه ديدنهم في كثير من المباحث التي لا فائدة فيها فيتكلفون لها ثمرة فهيهنا تكلفوا لها الثمرة بالاجمال و البيان فقال اذا قلنا بالعموم يعني ان الخطابات تعم الكل فلازمه كون الخطابات مبينة لا اجمال فيها بالنسبة الينا و ما فهمنا منها هو ما كلفنا به و اما ان قلنا باختصاصها بالحاضرين او الموجودين فلازمه الاجمال فلاندري هل ما فهمنا هو ما كلفنا به ام لا و لايجب الفحص عن فهم الحاضرين علي التعميم و يجب علي التخصيص و هذه ثمرات لاتسوي عند العقلاء بعفطة عنز اذ قام الاسلام علي العمل بمضامين هذه الاخبار حتي انه ضروري عند المسلمين و عليه دلّ تقرير الحجج اهل الاعصار و الامصار و قد امرنا حجتنا في الحوادث الواقعة بالرجوع الي هذه الاثار و العمل بها و قد كلمونا بلسان القوم علي رسم العربية المعروفة و جميع هذه الشبهات كهشيم تذروه الرياح و لافائدة فيها الا صرف العمر العزيز فيما لا طائل تحته.
قوله «و في وجوب صلوة الجمعة» الخ يعني ان قلنا بعموم الخطاب ثبت الوجوب علي المعدومين ايضاً و ان قلنا بالخصوص لايثبت الا بدليل اخر و ليس
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۶ *»
في وجوب صلوة الجمعة علي الكل اجماع لنقل الاجماعات المتعددة علي عدم وجوبها حال الغيبة فقال المصنف في الكل كلام اما الثمرتان الاولتان فانه يجب علينا الفحص عن فهم الحاضرين علي ايّ حال فان الحجج: تكلموا علي عرف ذلك اليوم و يجب علينا معرفة عرف ذلك اليوم و اما في صلوة الجمعة فالاجماع قام علي فقد شرطها لا عدم مخاطبتنا بما خوطب به الحاضرون.
قوله «فالحق عدم شمول الخطاب» الخ فالاصلان اصل التوقف و هو بمعني القاعدة و اصل الظهور اللذان اشار اليهما سابقاً مع اصول اخر في بعض الاحتمالات كاصل عدم تعدد الخطاب و اصل عدم الخطاب النفسي و قد عرفت ان اصل الخطاب مخصوص بالحاضرين علي اللغة و العرف ولكن جميع الامة حاضر لدي الشارع يراه و يسمعه.
و قوله «و قول المعمم فاسد» الي اخر فقولهم فاسد من حيث قالوا لا ان شمول الخطاب جميع الامة فاسد سواء جعل التعميم من باب تعدد الخطاب و النداء المستمر بانيكون الكتاب نداءاً مستمراً علي مرّ الدهور للقاري و المستمع فاصوات القراء لاتكون خطاب الله او من باب الكلام النفسي فقد عرفت ان الكلام ليس بقديم و هو حادث مع ان النزاع في الكلام اللفظي او من باب المكاتيب و المراسيل فالمكاتيب اولاً لاترسل الي المعدومين و ثانياً كونه من هذا الباب مشكوك لا دليل عليه و انما هو صرف احتمال و الاصلان يمنعان عنه او من باب تأليف المؤلفين يعني يكون وجه الخطاب الي رجل و المراد اخر و علي هذا لاندري تأليف معين او مبهم واحد او جماعة فيرجع الي الاصلين او من باب شمول الخطاب بانيكون الالقاء الي الحاضر و يكون المعدوم داخلاً في المدلول فذلك مجاز لايصار اليه مع ان الاصلين يمنعان عنه او يكون الالقاء الي الكل و المدلول الكل و الغرض تبليغ السامع فالاصلان يمنعان منه ايضاً او مع عدم ارادة التبليغ فذلك قبيح و مخالف للاصلين بالجملة جميع ذلك تنازع في ما لايفيد الا صرف العمر بعد قيام الضرورة علي الاشتراك و باقي العبارة ظاهر و وجه قرب الاحتمال بناء العرف علي ذلك فانهم يفهمون ان مدلول كلام رسول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۷ *»
الي الموجودين شمول خطاباته جميعهم و ان كانوا غيباً و ان كان الالقاء الي الحاضرين و قد اختاره المصنف في الضوابط.
قال: و قد يتمسك للخصم بوجوه كلها مدخولة مثل استدلال العلماء بتلك الخطابات في الاعصار و الامصار و انه لو اختص بالحاضر لزم علي الشارع اعلام المعدوم بذلك و التالي مفقود و ان رسول المعدوم و الحاضر واحد و ان استحباب لبيك بعد قوله تعالي ياايها الذين امنوا و استحباب لا بشيء من الائك رب اكذب بعد قوله تعالي فباي الاء ربكما تكذبان شاهدان مضافاً الي الاية الشريفة لينذركم به و من بلغ و قوله تعالي الم ذلك الكتاب و قوله9 فليبلغ الشاهد الغايب و خصوص النصوص الدالة علي نزول بعض الايات في شأن المعدوم و النصوص الدالة علي عموم خطابات الكتاب.
اقول: ثم اخذ المصنف في رد ادلة المعممين بانها مدخولة و وجه الدخل فيه اما الاستدلال بعمل العلماء فلعلها من باب اشتراك التكليف و اما الاستدلال بعدم الاعلام فنقلب الدعوي بانه ان كان مراده العموم كان يجب عليه الاعلام و اما الاستدلال بانه رسول المعدوم فمسلم ولكن لايجب فيه توجيه الخطاب الي المعدوم بنفسه و التبليغ حصل بايجاب التشريك و اما الاستدلال بالتلبية بانه لو كانت للاندراج تحت الخطاب لكانت عملاً قبيحاً بعد سنين مرت من صدور الخطاب بل هي لاظهار الايمان و لذا لايستحب بعد ياايها الناس و استقباح المصنف هذه التلبية من باب القياس بتلبية الناس و لو عرف حضوره عند رب الناس و سمع الخطاب لميستقبحه و اما الاستدلال بما يقال بعد فبأي الاء ربكما تكذبان فليس للاندراج تحت الخطاب لاختصاصه بالمكذبين و بان استحبابه لايستلزم اندراجه و بانه خبر واحد لايجوز الاستدلال به في الاصول و بانه اخص من المدعا .
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۸ *»
و اما الاستدلال بقوله لينذركم به و من بلغ اقول ليس في القرءان اية هكذا و التي فيه و اوحي اليّ هذا القرءان لانذركم به و من بلغ و علي ايّ حال ردّها المصنف علي ان العطف علي ضمير كم بان كم خطاب للمشافهين و هو اظهر من عموم الانذار و الانذار يحصل بغير توجيه الخطاب ايضاً و يكفي فيه التشريك في الحكم و بان اثبات عموم الكتاب بالكتاب دور و مصادرة و علي ان العطف علي المرفوع بانه خلاف الظاهر و بالدور.
و اما الاستدلال بقوله الم ذلك الكتاب فانه من باب التأليف فردّه المصنف ان الكتاب كتاب الكاتبين و الصادر من الله الخطاب و تحقيق المصنف صريح في ان القرءان ليس بكتاب الله و علي هذا التالي علي ظهر قلبه ليس يقرأ كتاب الله و هذا ثمرة الخوض فيما لمينزل الله به سلطاناً و اما الاستدلال بقوله فليبلغ الشاهد الغايب بان ذلك اخص من المدعا و هذا في السنة و لا نزاع في السنة انها مخصوصة بالمشافهين و اما الاستدلال بخصوص النصوص فبانه كالاية الشريفة كنتم خير امة حيث روي انها خير ائمة بانها يحتمل انتكون محرفة او مفسرة بذلك او مأولة يعني ان هذا المعني من البطون و اذا تعدد الاحتمال بطل الاستدلال و اما الاستدلال بالنصوص الدالة علي عموم خطابات الكتاب و هي الاخبار الدالة علي ان القرءان ليس لزمان دون زمان بان قراءته لكل زمان و العمل به علي الاشتراك و بانها اخبار احاد و المسألة اصولية.
و قد عرفت ان بهذه الادلة و الخيالات و الاحتمالات يمكن ابطال كل حق و احقاق كل باطل و لذلك تجد كل واحد من المختلفين يستدل بهذه الادلة و يدعي انها ادلة عقلية تفيد اليقين و قد رأيت في كتاب ان العلم باعتبار المبادي حصول الشيء في الذهن علي ما هو عليه و اما باعتبار الغاية تحرير في موضع الاستحالة يعني غايته انيصل الشخص الي مرتبة يجوّز شيئاً محالاً بالدليل العقلي و النقلي كما قيل جاء رجل من اهل العلم الي بلد و قال لحم الفيل حلال و من يقول بحرمته يبحث معي فحضر العلماء و بحثوا عن هذه المسألة فقرّر هذا الشخص
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸۹ *»
حلية لحم الفيل حتي قبلوا جميعهم ثم قال لحم الفيل حرام و قرّر حرمته حتي قبلوا جميعاً حرمته ثم قال انا كنت مقراً بحرمته و مقصودي من هذا البحث معرفة غاية علمكم انتهي و لعمري ان هذا شأن هذا العلم و يمكن انيحرم به كل حلال و يحلل به كل حرام اذا المناط ما تزين عند العقول الناقصة المتقلبة في الاراء و لذا تري الرجل اليوم يستدل مستبداً متعصباً مدعياً القطع و انهاء الادلة الي البديهيات ثم بعد قليل يرجع و يستدل علي خلافه مستبداً متعصباً مدعياً للقطع و انهاء الادلة الي البديهيات فلاجل ذلك نهي عن هذه الاراء و الاهواء و امرونا بالتسليم لهم و الوقوف علي النطق و السمع و الاخذ بالبينات و ردّ الشبهات اليهم و لعمرالله هذا هو طريق النجاة و السلامة.
بالجملة قد عرفت بالفطرة المستقيمة ان الخطاب للحاضر لا غير و الحجج: شهود الخلق اجمعين و كلهم حضور عندهم و قد خاطبوا و ابلغوا الكل مشافهة فمنهم من سمعه عاجلاً و منهم من سمعه بعد زمان قليل و منهم من سمعه بعد زمان اكثر و منهم من يسمعه ان لنا مع كل ولي اذناً سامعة و عيناً ناظرة و لساناً ناطقاً و ليس هيهنا موضع بيان حقيقة المسألة و قد مرّ ما فيه كفاية لمن انصف و نظر بالفطرة و ساير كتبنا بامثال هذه المسائل مشحون و في مباحثاتنا صارت من الواضحات.
قال: اصل التخصيص لغةً مطلق القصر و اصطلاحاً قد يعرف بانه قصر العام علي بعض ما يتناوله و ينتقض عكساً بمثل الدرهم البيض اذا اريد به صنف خاص من الدرهم و بمثل عشرة الا ثلثة و بمثل ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا فتأمل و بمثل اكرم العلماء الا زيداً ان جعلنا الاسناد بعد الاخراج و مثل اشتريت الجارية الا نصفها و بمثل هؤلاء الرجال اذا خرج منه البعض علي بعض الوجوه و يمكن انيعرف بانه قصر اللفظ الدالّ علي العموم الاستغراقي مطابقةً اي لا سَريانياً علي بعض ما يتناوله قصراً لفظياً او حكمياً دلالة حقيقية ام مجازية ثم نقله الي المصطلح تعيني لا تعييني لاصالة تأخر الحادث و النقل في مادة التخصيص لا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۰ *»
في الهيئات الا لفظ المخصص في احتمال ثم المخصص ان لميستقل في الدلالة علي القصر فمتصل و الا فمنفصل.
اقول: التخصيص لغةً يقال خصه بالشيء اذا جعله له دون غيره كاختصه و خصصه و اما القصر فيقال قصر الشيء علي كذا اذا لميجاوز به الي غيره و هما معنيان متباينان متغايران فان معني قصر الشيء علي كذا معناه عدم المجاوزة الي غيره و خصُّه به ثبوته عليه و الفرق بينهما كالفرق بين الوجود و العدم و ماادري من اين اخذ المصنف هذا المعني.
و قوله «و اصطلاحاً» الي اخر فقصر العام ايضاً اشتباه و هو كتفسير وجود زيد في المسجد بعدمه في ساير الاماكن.
قوله «و ينتقض عكساً» فان المحدود اعم من الحد و ذلك ان الدرهم البيض تخصيص و ليس يدخل في الحد فانه ليس فيه عام.
و قوله «و بمثل عشرة الا ثلثة» اذ لا عام فيه.
و قوله «و بمثل ان الانسان لفي خسر» فانه ليس فيه لفظ عام و قوله «فتأمل» اشارة الي انا اذا قلنا ان العام هو اللفظ الموضوع للاستغراق و قلنا ان الجنس المحلي يفيد الاستغراق الافرادي فلاينتقض به.
و قوله «بمثل اكرم العلماء الا زيداً» فان الاسناد بعد الاخراج و العام مستعمل في معناه.
و قوله «و بمثل اشتريت الجارية الا نصفها» فانه لا لفظ عاماً فيه مع انها تخصيص عرفاً.
و قوله «و بمثل هؤلاء الرجال اذا خرج منه البعض» فان قلنا ان اللام فيه للعهد مجاز او ليس للعموم فهو تخصيص ببعض الافراد و لايدخل في الحد و ان قلنا انه حقيقة فليس بعام ايضاً فان العام هو اللفظ الموضوع للاستغراق بحسب ما يقتضيه اللفظ من غير ضم ضميمة و الرجال هنا موضوع لجماعة مخصوصين بالجملة لا فائدة في هذه الاقوال غير صرف العمر و اتلاف المال و لا حاصل للمعرفات الا القيل و القال.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۱ *»
قوله «و يمكن انيعرف بانه قصر اللفظ الدالّ علي العموم» الي اخر فاراد انيعرف تعريفاً يدخل فيه جميع ما خرج من التعريف الاول فلاجل ذلك زاد هذه القيود و مراده من العام السرياني ما وضع للماهية ولكن يستغرق الافراد بالسريان نحو اكرم الرجل مثلاً فانه موضوع لماهية الرجل و يدل علي الافراد علي نحو سريان الماهية فيها كقوله سبحانه ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا فلما قال في التعريف مطابقةً اخرج السرياني فانه ليس بالمطابقة و انما معناه المطابقي الماهية.
قوله «ثم نقله الي المصطلح» الياخر يعني انه صار معناه هذا المصطلح بغلبةالاستعمال و لميعينه المستعمل الاول لان الاصل تأخر الحادث و هذا دليل علي الغيب عند المصنف و عارضه الاخر بان الاصل عدم القراين عند الاستعمالات و لا خير فيهما معاً لانهما لايكشفان عن الغيب ثم استدرك المصنف امراً اخر و خيالاً اخر ان النقل الواقع في مادة التخصيص لا في الهيئات المشتقة منها فانها علي معناها اللغوي نحو خص يخص الا لفظ المخصص بالكسر فانه نقل الي الة القصر و معناه اللغوي القاصر كما ان المرجح في اللغة هو الشخص و صار في الاصطلاح بمعني الة الترجيح.
قوله «ثم المخصص» الي اخر يعني ان المخصص اما متصل و هو ما لايستقل بالدلالة من غير اتصال بالعام كالشرط المتصل و الاستثناء و الصفة و الغاية و بدل البعض من الكل و اما منفصل و مستقل بالدلالة لفظياً نحو لاتكرم زيداً بعد صدور اكرم العلماء او عقلياً علي زعم المصنف كما صرح به في الضوابط نحو قوله قل الله خالق كل شيء فان عقل المصنف دعاه الي ان الشيء كلي و من افراده ذات الله كما ان السماء من افراده فالله سبحانه مركب من حصة المقسم و المميز فهو مركب كالسماء فقوله الله خالق كل شيء خصص بفرد من افراده و هو ذات الله في عقل المصنف حتي يصح القضية التي هي ان صدقت كذبت و هي ما من عام الا و قد خص و والله لولا ان غرضي اظهار بطلان طريقة هؤلاء لماتعرضت لشرح هذا الكتاب فانه كان تضييعاً للعمر ولكن لابد لي من ذلك.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۲ *»
قال: اصل في منتهي التخصيص اقوال و الاصح جوازه الي الواحد و عن الاكثر لزوم بقاء الاكثر و عنهم ايضاً جواز استثناء الاكثر فيلزمهم التناقض و قد يذب عنه بوجوه ضعيفة ثم محل النزاع الجواز اللغوي و في دخول الاستثناء التخصيصي و العمومات المجازية و مثل الجمع المعهود المخصص و النسخ الذي هو تخصيص في الازمان و كلم المجازاة و ضماير الجمع و نحوها و مطلق الفاظ العموم اذا قلنا بوضعها للخصوص في محل النزاع وجهان نعم اطلاق العام علي الواحد تعظيماً ليس من محل النزاع و في كفاية بقاء الاكثر تقديراً عند القائلين باشتراط بقاء الاكثر احتمالان و كذا في اشتراط العلم ببقاء الاكثر ام كفاية عدم العلم بان الباقي اقل ثم يمكن انيكون مرادهم بقاء اكثر الاصناف ام الافراد ام هما ام ملاحظة المقام (العام خل) في ذلك و اما ثمرة النزاع فتظهر فيما اذا ورد خبر واحد مخصص بالاكثر و فيما اذا دار الامر بين ارتكاب تخصيص الاكثر و ساير المجازات.
اقول: اعلم ان اللازم اولاً اننتدبر في معني التخصيص و وجهه و في انه هل يجوز للفصيح البليغ التخصيص ام لا و ان الفصيح لميخصص العام و هل اذا جاز التخصيص ينبغي انيخصص بكلام متصل ام منفصل اعلم ان الكلام دليل ما في قلب المتكلم فلايليق بشأنه اذا كان حكيماً انيريد عشرة فيقول مائة و ان يريد افراداً معينة فيعبر عنها بما لايحصي و انه لكذب و الحكيم بريء منه اللهم الا انيكون كلامه عن تقية و خوف فيكون علي خلاف ما في قلبه نعم قد يكون عدّ ما في قلبه صعباً قولاً او ضبطاً فيعبر عنه بلفظ يشمل جميع المراد حسب ان وجد لفظ كقوله مارأيت العلماء و هو في قوة قوله مارأيت فلاناً و فلاناً حتي يأتي عليهم جميعاً و الا فان وجد اعم منه استثني الزايد بلفظ يشمل جميع الزايد كأنيقول مارأيت العلماء الا الفقهاء و من هذا الباب قوله تعالي حكاية لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين و ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين و ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا او يدل علي الزايد كأنيقول مارأيت العلماء الا زيداً و لو اقتصر علي اللفظ العام لكان كذباً و من ذلك يعلم ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۳ *»
الحكم متعلق بالحاصل من المستثني و المستثنيمنه ليكون صدقاً و لو كان الحكم متعلقاً بالمستثني لكان كذباً من غير داع و لا ضرورة في انيكذب اولاً ثم يتدارك كذبه بالاستثناء و التدارك لايجبر كذب الاول و لو كان لمتعلق الحكم لفظ خفيف ليس يحتاج الفصيح البليغ الي الاستثناء فلايقول له عليّ عشرة الا ثلثة لامكان انيقول له عليّ سبعة و ان كانوا يمثلون بهذا و مثله كثيراً اللهم الا انيكون الثنياء اخف كقوله تعالي فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاماً فانه اخف من لبث فيهم تسعمائة و خمسين عاماً و اما مثل اكرم العلماء المتقين و اكرم العلماء ان كانوا متقين و اكرم العلماء الي اخر السنة او اكرمهم يوم الجمعة او اكرمهم في المسجد او اكرم العلماء صالحين او اكرم الناس اتقاءاً و امثال ذلك فانها قيود لمتعلق الحكم و الحكم متعلق بالمقيد و القيد معاً لعدم ضرورة الكذب او الحكم بالخلاف و اما مثل خذ امواله ثوبه فلايصدر الا ممن غلط او ندم.
و اما ذكر العام في موضع الخاص فيتفق من الحكيم البليغ لاغراض شتي فقد يعبر عن الخاص بلفظ العام للتعظيم اذا كان التعبير في الخلق كقولك للسلطان انتم عازمون علي السفر و ذلك ان عظمة المخلوق في الجمعية و الكثرة و اما مثل قوله تعالي انا نحن نزّلنا الذكر و انا له لحافظون فليس من هذا الباب فان عظمة الله في توحيده و ماادراهم من المراد بهذه الجموع و العلماء الربانيون عارفون بالمراد و كتمانه في الصدور اهون من تبيانه في السطور و قد يعبر عنه بالعام لاشتراك ساير الاشباه في الحكم نحو ياايها الذين امنوا لاتخونوا الله و الرسول و تخونوا اماناتكم و انتم تعلمون نزلت في ابيامامة بن عبدالمنذر و يشترك معه في الحكم جميع الناس الموصوفين بما وصف و قد يعبر عنه بالعام للابهام و الستر و عدم التفضيح كما كان عادة النبي9 اذا سمع من شخص منكراً كانيقول علي المنبر مابال اقوام يقولون كذا او يفعلون و قد يعبر بلفظ صالح للعموم و يحلي بلام عهد بعض الافراد المعهود بين المتكلم و المخاطب كقوله تعالي لئلايكون للناس عليكم حجة و المراد بالناس اليهود و كقوله تعالي يا بني
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۴ *»
اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم و اني فضلتكم علي العالمين و المراد عالمي زمانهم و قد يعبر بلفظ عام و يراد به الانواع كقوله تعالي و اوتيت من كل شيء يعني من نوع كل شيء و قد يعبر بالعام و يراد به الخاص للقراين القطعية الخارجية تعظيماً للامر كقوله تعالي تدمّر كل شيء بامر ربها مع العلم بانها لمتدمر كل شيء و قد يعبر بالعام و يراد به الخاص اذا كان الخاص خاص الظاهر كلي الباطن كقوله تعالي اولئك مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و روي اما النبيون فانا و اما الصديقون فاخي عليّ و قد يعبر بالعام و يراد به الخاص اذا كان الافراد الحقيقي الخاص دون غيره كقوله تعالي ثم افيضوا من حيث افاض الناس و المراد به النبي9 و اصحابه و قد يعبر بما يحتمل العموم و المراد الجنس و يؤتي بلام العهد ليدل علي فرد معهود كقوله تعالي الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم و المراد به نعيم بن مسعود الاشجعي.
و اما التخصيص بالمنفصل فلايكون ذلك الا من باب النسخ و لايتفق للنبي9 تخصيص بغير ذلك اذ محال عليه انيحكم علي خلاف الحق و يصبر عليه زماناً و يحمل الناس عليه ثم يخصصه بعد حين و اما الائمة: فيمكن انيصدر احدهما منهم عن تقية ثم اذا رفع التقية انيظهروا الحق و بغير هذين الوجهين محال انيصدر من المعصوم حكم بالباطل و يحملوا الناس عليه زماناً ثم يخصصونه و يظهرون الحق و ان علموا ان احداً لايعمل بالاول فان الحكم بالباطل مناف للعصمة و لا داعي له و كذلك الحكم في المقيد و المطلق ولكني اري القوم قد اقروا الامر علي تخصيص العام بالخاص و تقييد المطلق بالمقيد من غير نكير حتي كأنه صار من البديهيات عندهم مع انه لميصدر امر من المحمد: بالتخصيص و التقييد بوجه من الوجوه بل ورد خلافه كما ستسمع انشاءاللّه فلا معني للتخصيص بقول مطلق ابداً اما بالمنفصل فلما سمعت و اما بالمتصل فانه ليس من باب التخصيص حقيقةً بل هو كما سمعت
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۵ *»
قيد لموضوع الحكم و اما استعمال العام و ارادة الخاص لوجوه ذكرناها فليس من باب تخصيص القوم و ليس من محل النزاع في شيء.
فقول المصنف «الاصح جوازه الي الواحد» فلا معني له ابداً لانه ان كان ذلك بالثنيا فلايكون ذلك من فعل الحكيم ابداً فان التنطق بالواحد اخف من القول بالعام ثم اخراج مازاد علي الواحد و معذلك ليس الثنيا بتخصيص كما عرفت مع انه لاحقيقة للتخصيص و ان كان بالمنفصل و كان الخاص ناسخاً فيمكن نسخ جميع العام فضلاً عن ابقاء واحد و ان كان العام متأخر الصدور و ناسخاً فلا معني للتخصيص فان حكم الخاص مرفوع بالكلية و ان كان احدهما عن تقية فهو باطل و لا معني لتخصيص الحق بالباطل و الباطل بالحق.
و اما قوله «عن الاكثر» الي اخر فذلك ايضاً لا معني له ان احطت بما بيّنا خبراً و لايستقيم في الثنيا فانه ليس بتخصيص علي ما بيّنا و لا في المنفصل فان بقاء الاكثر ليس من شروط النسخ و لا من شروط التقية.
و قوله «و عنهم ايضاً جواز استثناء الاكثر» الي اخر فاللازم للفصيح البليغ مراعات الاخف قولاً و ضبطاً فان كان التعبير عن المستثنيمنه يسهل و يكون اخف يعبر عنه من غير استثناء و لاحاجة اليه و لا داعي له و ان كان مع الاستثناء اخف فيعبر به فلربما يكون التعبير عن المستثنيمنه و لو كان اقل صعباً فيأتي بلفظ الاستثناء كقولك اكرم الناس الا الفساق مع ان الباقي اقل قليل و من هذا الباب قوله و من البقر و الغنم حرّمنا عليهم شحومهما الا ما حملت ظهورهما او الحوايا او ما اختلط بعظم فان تعيين المحرم كان صعباً و ان كان اقل لتفرقه في الثرب و الكلية و الالية علي قول و ساير الاعضاء غير الثلثة كالعنق و الكبد و الكرش و غيرها فليس المناط القلة و الكثرة في الثنيا و انما المدار علي صعوبة العدّ و خفته.
قوله «و قد يذب عنه بوجوه ضعيفة» اي قد يذب عن هذا التناقض بوجوه ضعيفة احتمالية لاحاصل فيها اذا كانت قوية فضلاً عن كونها كلها احتمالية ظنية و لايعنينا رفع التناقض عن اقوال الناس.
قوله «ثم محل النزاع الجواز اللغوي» الي اخر يعني به ان محل النزاع بينهم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۶ *»
ان تخصيص الاكثر جايز لغةً و لايأباه العرف او يأباه العرف و قبيح عرفاً و ليس محل النزاع الجواز العقلي فان العقل لايأبي عن ذلك و لا الجواز الشرعي سواءاً كان تكليفياً او وضعياً فان الشرع علي ما شرع و لايأبي عن ذلك.
قوله «و في دخول الاستثناء التخصيصي» الي اخر فالمراد انهم اتفقوا علي جواز التقييد بغيرالاستثناء الي الواحد وليس كلامهم فيه ولكن نزاعهم في ان المراد من التخصيص هل هو اعم من الاستثناء التخصيصي ام لا فمقتضي عموم كلمات بعضهم انيكون داخلاً مع انهم لميعنونوا بحث استثناء اخر و مقتضي عنوان بعض اخر و جعلها بحثين عدم دخوله مع انهم لميمثلوا هنا بمثال استثنائي و لكل من الاحتمالين وجه رجحان والمسألة محل اشكال و هل العمومات المجازية كالدرهم البيض داخلة في النزاع ام لا مقتضي كلام من عرف التخصيص بالاعم ام لميعرفه اصلاً الدخول و مقتضي كلام من عرفه بما مرّ عدم الدخول كما مرّ و لعمري لا حاصل لهذه التخيلات و التطويلات ابداً و ليست بعلم و لو اراد انسان انيتكلم كثيراً في بديهيات لتكلم و صعب علي المستمع فهمه و حلّه الا بتدبر ولكن ليس بشيء و لاحاصل له.
بالجملة و مثله الجمع المعهود المخصص كاكرم هؤلاء الرجال الا زيداً هل هو داخل ام لا مقتضي تعريف من عرف كما مرّ الخروج كما مرّ و من عرفه بما يشمله او لميعرفه ادخله و هل النسخ الذي هو تخصيص الحكم بزمان دون زمان يدخل في التخصيص ام لا مقتضي ظواهر العنوانات الدخول و مقتضي جعلهم النسخ بحثاً عليحدة يقتضي الخروج و اما كلمات المجازاة نحو متي و اذا مثلاً فانهم اختلفوا في انه هل النزاع في كل الفاظ العموم المخصصة فيعم كلم المجازاة و الاستفهام ام و ماسواهما فمنهم من عمّم و منهم من خصّص و حكي الاتفاق علي جواز التخصيص فيهما الي الواحد و هو دليل عدم التعميم عند المشهور و منهم من فصّل و جوّز التخصيص الي الواحد فيهما دون غيرهما من الالفاظ كما نسب الي من ادعي الوفاق علي خروج هذين عن محل النزاع ثم انه لا شبهة عندهم في خروج ضمير المفرد و المثني عن محل النزاع و اختلفوا في دخول ضمير الجمع و المتكلم اذا خص بجمع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۷ *»
معين او ضم بغيرمعين كأنيقول لقوم حاضرين انتم عصاة او يقول مع شخص معين انا قائمون فمنهم من يجعله تخصيصاً و لهم اختلاف اخر في ان النزاع هل هو مختص بالقول بكون الفاظ العموم حقايق فيه فقط او يجري في القول الاخر ايضاً انها موضوعة للخصوص فقط او مشترك بينهما.
و قوله «في محل النزاع» يتعلق بقوله «في دخول» اولاً و قال في جميع ذلك وجهان و كلها لايسوي بفلس و لا ثمرة فيها للفقيه الا صرف العمر العزيز فان المدار في التخصيص متصلاً و منفصلاً علي ما شرحنا و في ما ذكرنا كفاية و بلاغ.
قوله «نعم اطلاق العام» الخ فالمراد كقوله و الارض فرشناها فنعم الماهدون و انا نحن نزّلنا الذكر و انا له لحافظون فانه عام و خص بواحد و ليس من محل النزاع فانه من باب التعظيم لا من باب تخصيص العام و هو تفسير بالرأي و لايدري ان تعظيم الله في التوحيد او الجمع و لايدري المراد من الفارشين و الماهدين و المنزلين و الحافظين هل واحد ام مجموع فالسكوت عنه و التمثيل بما في العرف احوط كما يقول السلطان نحن امرنا و نحن حكمنا.
قوله «و في كفاية بقاء الاكثر» الخ يعني الذين قالوا انه يجب بقاء اكثر الافراد في التخصيص هل يجوز عندهم بقاء الاكثر تقديراً ام يجب انيكون تحقيقاً فالاكثر التقديري كقولك لعبدك كل من جاءك اليوم فاكرمه الا عشرة منهم فلربما لميأت اليوم الا خمسةعشر نفساً فالباقي بعد الاستثناء تحقيقاً اقل ولكن لفظة «من» لها عموم تقديري و الباقي بعد الاستثناء اكثر ولكن تقديراً و اما الاكثر التحقيقي كقولك اكلت كل رمانة في البستان الا واحداً و في الخارج الوف مثلاً فيقول في ذلك وجهان و ظاهر كلماتهم الكفاية.
قوله «و كذا في اشتراط العلم» الي اخر فذلك ايضاً خيال اخر انه هل يشترط في جواز التخصيص العلم ببقاء الاكثر ام عدم العلم بحال الباقي كاف.
قوله «ثم يمكن» الي اخر يعني اذا كان للعام اصناف و لكل صنف افراد هل يشترط بقاء اكثر الاصناف ام اكثر الافراد مثلاً ان الحيوان عام و تحته اصناف من الغنم و البقر و الابل و غيرها و لكل صنف افراد فلربما يخصص و يكون الباقي بحسب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۸ *»
الاصناف اقل ولكن بحسب الافراد اكثر و لربما يكون بعكس ذلك و لربما يكون بحسبهما اقل او اكثر و ام في كلام المصنف ليست في محلها و ينبغي الاتيان بأو و جميع ذلك خيالات لاتفيد علماً و لاعملاً و لايستعمل في الفقه عمر الدنيا و القوم شغلوا انفسهم بها و لو كان خيراً ماسبقونا اليه و لو كان في ذلك ضرورة الدين لتعرض له المحمد: و كفي المقبلاليه مخالفة المعرضعنه ان كانوا يشعرون قال علي7 في خطبة له و لو لميكن فينا الا حبنا ما ابغض الله و تعظيمنا ما صغّر الله لكفي به شقاقاً لله و محادةً لرسول الله.
بالجملة قوله «و اما ثمرة النزاع» الي اخر يعني ثمرة هذا النزاع تظهر فيما اذا ورد خبر عام ثم خصص باكثر الافراد فمن يجوز التخصيص بالاكثر يعمل به و علي القول بعدم الجواز فقاهةً يعمل به ايضاً لان المقتضي وجود الخبر و الدلالة و هو موجود و المانع مفقود لان هذا القائل لميقم له دليل علي الجواز الي الواحد و لميقم له دليل علي بطلانه و علي القول بعدم الجواز اجتهاداً يرد الخبر اللهم الا انيعلم انه منقول بالمعني و يجوز العمل به و لايشترط في راويه انيكون خبيراً باللسان و ماادري وجه اخراجه هذه الصورة و الحال انه يحتمل اصابته و يحتمل خطاؤه و لايحصل منه الظن انه لميصب النقل بالمعني.
بالجملة هذه ثمرة نزاعهم و كل هذه التطويلات فمن بني عمله بهذه الظنون الواهية و الخيالات الفاترة علي عدم الجواز يرد الخبر الصحيح المنقول عن المعصوم و يحكم بانه كذب و الحال ان الحجة7 يقول لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و قد عرفوا بانا نفاوضهم سرّنا و نحملهم اياه اليهم و قال ابوعبداللّه7 في حديث اذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلميثق به فهو كافر و قيل لابيعبداللّه7 جعلت فداك ان الرجل ليأتينا فيخبرنا عنك بالعظيم من الامر فيضيق بذلك صدورنا حتي نكذّبه فقال ابوعبدالله7 أليس عني يحدثكم قيل بلي قال فيقول لليل انه نهار و للنهار انه ليل فقيل لا فقال ردّه الينا فانك ان كذّبت فانما تكذّبنا الي غير
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹۹ *»
ذلك من الاخبار المتضافرة فكيف يجوز ردّ خبر صحيح رواه ثقة عن المعصوم بهذه الاوهام الكاسدة و هذا ديدنهم كما رأيناهم يردون الاخبار المتواترة بانها مخالفة للعقل و نري ان عقول غيرهم يعرفها و يصدّقها و يؤمن بها و يعلم انها مطابقة للواقع و لايكون غيره ابداً و نحن نصدّقهم في اخبار السماء و الارض و الدنيا و الاخرة و الغيب و الشهادة و لانصدّقهم في جواز تخصيص الاكثر اذا روي عنهم ثقة و الواجب علي الشيعة التسليم لجميع ما ورد عنهم بواسطة الثقات سواءاً عرف وجهه او لميعرف فاذا كان هذه ثمرة هذا النزاع تبين ان هذا النزاع حرام و يجب الرد اليهم امتثالاً لامر الله المحكم و ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الي الله و ان تنازعتم في شيء فردّوه الي الله و الرسول.
قوله «و فيما اذا دار الامر بين ارتكاب تخصيص الاكثر و ساير المجازات» فتلك ترجيحات ظنية بل وهمية لايجوز التعويل عليها في دين الله و ليس العمل بالرأي الا هذه و امثالها.
قال: و اما الاصل الاصيل فعدم جواز تخصيص الاكثر اذا العلايق المتصورة هنا ثلث علاقة المشابهة و العموم و الخصوص و الكل و الجزء بناءاً علي كون دلالة العام علي افراده تضمنية و شيء منها لايثبت جواز اخراج الاكثر علي فرض الشك و اما علاقة الكلي و الجزئي فلاتتصور هنا اذ العام الاصولي ليس كلياً لافراده اذا ظهر ذلك فاعلم ان الدليل علي الجواز الوقوع عند العرف في بعض المقامات و في صورة عدم العلم بقدر المستثنيمنه و ان استنكار العرف في مقام القبح عقلي لا لفظي مع ان العرف يصححه اذا كان الباقي جماعة غيرمحصورين عادةً فتأمل ثم انه علي فرض جوازه مرجوح عندي في مقام التعارض غالباً بل لايكاد يوجد ثمرة بيننا و بين المانعين في الاحكام الشرعية بالنسبة الي التخصيص الي الواحد.
اقول: مراده انه اذا شك في صحة مجاز من المجازات لغةً فالاصل عدم الصحة لان اللغات توقيفية و قيل ان هذا الاصل لمينقلب اصلاً و قيل قد انقلب اصلاً و يجوز اذا استعمل لفظ في معني مجازي لمشابهة او غيرها ان نتعدي الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۰ *»
كل معني له تلك العلاقة و قيل انقلب هذا الاصل في الجملة يعني انقلب اذا حصل الاستقراء في جواز الاستعمال و ان حصل شك فالرجوع الي الاصل و الحق عند المصنف الرجوع الي العرف و المعروف عندهم وجود المناسبة المأنوسة عندهم و ان لميسمع مثله اصلاً و لاتنحصر العلايق فيما ذكره علماء البيان بل كلما كان له مناسبة مأنوسة جاز التعدي اليه.
فعلي هذا استعمال العام في اقل من النصف مجاز و العلايق التي يمكن في مثل ذلك المشابهة و هي موجودة في الاكثر لا في الاقل و لو الي الواحد مثلاً و علاقة العموم و الخصوص فالقدر المعلوم بالاستقراء فيما اذا كان الخاص اكثر و اما اذا كان اقل فهو مشكوك و علاقة الكل و الجزء و هي تكون بناءاً علي كون دلالة العام علي افراده تضمنية و هو قول سخيف و شيء منها لايثبت جواز اخراج الاكثر علي فرض الشك و اما علاقة الكلي و الجزئي فلايتصور لان العام الاصولي اي مجموع الافراد ليس كلياً بالنسبة الي افراده فتبين ان الاصل الاصيل عدم الجواز عند الشك و اما اذا رأينا تجويز العرف جاز.
قوله «اذا ظهر ذلك» الي اخر يعني الدليل علي جواز تخصيص الاكثر الوقوع عند العرف و استدل في الضوابط بقول المستهزئين و اصحاب السخرية اكرم كل اهل المجلس الا هذا و هذا حتي لايبقي الا واحد و هذا تحقيق ينبغي انيكتب بالحميم علي جباه اصحاب الجحيم و هذا المشاراليه ببعض المقامات في المتن و في صورة عدم العلم بقدر الباقي كأنيقول احترق كل من في الدار الا عشرة مع انه في الواقع ربما كان فيه احدعشر و هو صرف مصادرة و ادعاء.
و استدل في الضوابط باية الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فان المراد به نعيم بن مسعود باتفاق المفسرين و هو من باب التخصيص فاقول اولاً انه ليس من باب التخصيص كما مرّ و ثانياً اني اري و اسمع من كثير منهم يستدلون باتفاق المفسرين و هذه لفظة سنية قد شاع بينهم و ماادري من المفسرون و من المفسر للقرءان أهم المحمد: فلايحتاج الي اتفاقهم و قول واحد منهم كاف ام غيرهم ثم أهم الشيعة و ليسوا الا رواة عن المحمد: اذ حرام في مذهب الشيعة تفسير الكتاب بالرأي و لايجوز الا بالسمع و النطق لمايأتي من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۱ *»
الاحاديث المتجاوزة حد التواتر ام هم قتادة و عكرمة و مجاهد و ابنعباس و ابنشبرمة و ابن ابيليلي و امثالهم و ايّ حجية في اتفاقهم و ايّ وهن في تفرقهم الا ان العامة لميكن لهم امام مفسر لكتاب الله فتمسكوا بهذه الجهلة المردة عن الدين ذلك بان الله مولي الذين امنوا و ان الكافرين لا مولي لهم و بقي هذه اللفظة بين الناس من يوم غلبتهم علي البلاد الي يومنا هذا فيستعملها قوم من غير روية و علي فرض اننداريه فالذي ذكره في المجمع الجامع لاقوال العامة و الخاصة ان الاية نزلت في ركب بنيعبدالقيس و هم الناس القائلون عند اكثر المفسرين و نسب القول بنزوله في نعيم بن مسعود الاشجعي الي مجاهد و عكرمة فكيف تحقق اجماع المفسرين من قول اثنين منهم و لميتحقق من قول الاكثر و انما ذكرنا ذلك من باب قوله اجماع المفسرين ولكن قد روي في المجمع عن الباقر7 انه نزل في نعيم بن مسعود الاشجعي و ليس يدل نزوله فيه علي ان العام خص الي الواحد اذ بحسب العربية يمكن انيكون المراد بالناس الجنس كما يقال فلان يركب الخيل و لايركب الحمار و له فرس واحد يركبه و يمكن انيكون اللام للعهد و المادة للجنس كقوله و عصي فرعون الرسول هذا علي وفق اقوالكم و اما علي قولنا و حكمتنا فخصوص النزول عندنا لايخصص الحكم فلرب اية تنزل في شخص و حكمها لجميع الناس فيذكره الله سبحانه بلفظ عام ليشمل كل من اتصف بصفته كما شرح و بيّن ذلك قول ابيعبدالله7 لو كانت اذا نزلت اية علي رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الاية مات الكتاب و السنة ولكنه حيّ يجري فيمن بقي كماجري فيمن مضي و في حديث طويل رواه النعماني عن ابيعبداللّه7 عن علي7 و فيه قال7 فاما ظاهر العموم و معناه الخصوص فقوله يا بنياسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم و اني فضلتكم علي العالمين فهذا اللفظ يحتمل العموم و معناه الخصوص لانه تعالي انما فضلهم علي عالمي زمانهم باشياء خصهم بها مثل المن و السلوي و العيون التي فجّرها لهم من الحجر و اشباه ذلك و مثله قوله تعالي ان الله اصطفي ادم و نوحاً و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۲ *»
الابراهيم و العمران علي العالمين اراد الله تعالي انه فضلهم علي عالمي زمانهم و كقوله تعالي و اوتيت من كل شيء و لها عرش عظيم يعني سبحانه بلقيس و هي مع هذا لمتؤت اشياء كثيرة مما فضل الله تعالي به الرجال علي النساء و مثل قوله تعالي تدمّر كل شيء بامر ربها يعني الريح و قد تركت اشياء كثيرة لمتدمّرها و مثل قوله عزوجل ثم افيضوا من حيث افاض الناس و انما اراد سبحانه بعض الناس و ذلك ان قريشاً كانت في الجاهلية تفيض من المشعر الحرام و لايخرجون الي عرفات كساير العرب فامرهم الله سبحانه انيفيضوا من حيث افاض النبي9 و اصحابه و هم في هذا الموضع الناس علي الخصوص و ارجعوا عن سنتهم و قوله لئلايكون للناس عليكم حجة بعد الرسل يعني بالناس هاهنا اليهود فقط و قوله تعالي ياايها الذين امنوا لاتخونوا الله و الرسول و تخونوا اماناتكم و انتم تعلمون و هذه الاية نزلت في ابيامامة بن عبدالمنذر و قوله عزوجل اخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً و اخر سيئاً نزلت في ابيلبابة و انه رجل واحد و قوله تعالي ياايها الذين امنوا لاتتخذوا عدوي و عدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة نزلت في حاطب بن ابيبلتعة و هو رجل واحد فلفظ الاية عام و معناه خاص و ان كانت جارية في الناس و قوله سبحانه الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايماناً و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل نزلت هذه الاية في نعيم بن مسعود الاشجعي ثم ذكر قصته الي ان قال و انما كان القائل نعيم بن مسعود فسماه الله باسم جميع الناس و هكذا كلما جاء تنزيله بلفظ العموم و معناه الخصوص و مثله قوله تعالي انما وليكم الله و رسوله و الذين امنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون و اما ما لفظه خصوص و معناه عموم فقوله عزوجل من اجل ذلك كتبنا علي بنياسرائيل انه من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً فنزل لفظ الاية خصوصاً في بنياسرائيل و هو جار علي جميع الخلق عاماً لكل العباد من بنياسرائيل و غيرهم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۳ *»
من الامم و مثل هذا كثير في كتاب الله و قوله سبحانه الزاني لاينكح الا زانية او مشركة و الزانية لاينكحها الا زان او مشرك و حرّم ذلك علي المؤمنين نزلت هذه الاية في نساء كنّ بمكة معروفات بالزني منهن سارة و حنتمة و رباب حرّم الله تعالي نكاحهن فالاية جارية في كل من كان من النساء مثلهن و مثله قوله سبحانه و جاء ربك و الملك صفّاً صفّاً و معناه جميع الملائكة الخبر ذكرناه بطوله لكثرة محصوله و ليس واحد من ذلك من باب التخصيص الذي يستعمله الفقيه في فهم الاخبار و انما ذلك تخصيص من الناطق خص لفظاً بشخص او اشخاص لحكم كما قدّمنا و زمام الكلام بيده يديره كيفما يشاء.
قوله «و في صورة عدم العلم» الي اخر هذا دليله الثاني علي جواز التخصيص بالاكثر فيقول لو لميجز لماجاز الاستثناء عند عدم العلم بالباقي لعدم العلم بوجود العلاقة التي هي الشباهة عندكم و العرف لايمنع من هذا الاستثناء كقولك احرقت كل من في الدار الا عشرة.
قوله «و ان استنكار العرف» الي اخر هذا دليل ثالث له يقول الاستثناء الي الواحد صحيح لغةً و استنكار العرف له عقلي حيث اختار التطويل علي التقصير لا لفظي.
قوله «مع ان العرف يصححه» الي اخر يعني يستحسن العرف الاستثناء اذا كان الباقي غيرمحصور و ان كان اقل.
قوله «فتأمل» نقض ما غزل كما ذكر في الضوابط ان التخصيص الي الواحد مستهجن كثيراً و لايصح عقلاً الا عند السخرية و لاتتحقق في كلام الملك العلام و لا في كلام امنائه الي ان قال والحق عدم تمامية ادلة الجواز الي الواحد بل حال العرف غيرمعلوم لنا و الامثلة المذكورة يمكن تأويلها الي غير التخصيص و مثال السخرية لو تم لتم في المستغرق ايضاً فالاصل الفقاهتي يقتضي عدم الجواز و قد اختار في اول هذا المبحث الجواز.
قوله «ثم انه علي فرض الجواز» الي اخر يقول و ان فرضنا الجواز كمااختاره في اول المبحث مرجوح اذا دار الامر بينه و بين ساير المجازات لما عرفت من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۴ *»
وهن ادلته.
قوله «بل لايكاد يوجد ثمرة» الي اخر فنقض جميع ما ابرمه و غزله من اول المبحث الي هنا و قال لايتحقق ثمرة بيننا و بين المانعين لانه ليس في الاخبار خبر يكون سبب طرحه منحصراً في التخصيص الي الواحد و لاتكاد توجد في الاحكام الشرعية خبر كذلك فهل من سائل يسأل المصنف فلم ضيّعت العمر و اسرفت في المداد و القلم و البياض و اشعت هذه الشبهات بين العالمين.
قال: اصل في بيان الاستثناء الاعم من التخصيصي و التقييدي فاعلم ان المستثني ان ساوي المستثنيمنه او زاد عليه فالاستثناء مستغرق و الا فغيرمستغرق قالوا ان المستغرق لغو اتفاقاً و هذا يحتمل عدم الجواز عقلاً او عدم الصحة لغةً او الامرين معاً و اما غيره فاستثناء الاقل من النصف صحيح اتفاقاً و فيما عداه خلاف و اقوال و الثمرة و الاصل ما مرّ في المسألة السابقة و محل النزاع الجواز اللفظي لكن في كون النزاع في صحة الكلام او خصوص جهة الاستثناء وجهان ثم الحق جواز استثناء الاكثر لما مرّ انفاً مضافاً الي وقوعه في الكتاب الكريم ثم في كون اداة الاستثناء حينئذ حقيقةً ام مجازاً احتمالان ثم في رفع التناقض الوارد هنا وجوه اربعة اوجهها ارتكاب اسنادين ظاهري و واقعي و منه يظهر رفعه عن ساير اقسام التخصيص.
اقول: قوله «قالوا» يشعر بتأمله القبح فيه و هو الظاهر من الضوابط و لاجل ذلك قال ان الاصل الاولي جواز الاستثناء المستغرق عقلاً و عدمه لفظاً الا ان الاصل الثاني الجواز مطلقا اما العقلي فلعدم ابائه عن ذلك و اما اللفظي فالحق جوازه في غير مواقع الاستهجان كاكرم بنيتميم الا جهالهم و ان كان العالم واحداً.
قوله «و في ما عداه» يعني في استثناء الاكثر من النصف غيرالمستغرق و قد مرّ الثمرة في النزاع و الاصل فيما مرّ و لايحتاج الي الاعادة كما لميكن حاجة في ذكره اول مرة.
قوله «لكن في كون النزاع» الي اخر يعني هل النزاع في ان الكلام المشتمل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۵ *»
علي الاستثناء الاكثر غير صحيح ام الاستثناء صحيح و استعمال المستثنيمنه في الاقل ليس بصحيح فاذا قال اكرم العلماء الا اكثرهم كان استعمال العلماء في الاقل غير صحيح و هذا نزاع لايفيد الفقيه علماً و لا عملاً و لا حاصل فيه و قد عرفت المدار فيما ذكرناه.
قوله «ثم الحق جواز استثناء الاكثر» الي اخر و قد عرفت محل الجواز و سرّه و اعتماد المصنف علي ادلته و اضاف اليه وقوعه في الكتاب الكريم و هو ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين و لاريب ان الغاوين اكثر للحس و العيان و لقوله ومااكثر الناس و لو حرصت بمؤمنين و لقوله حكايةً عن ابليس لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين.
قوله «ثم كون اداة الاستثناء حقيقةً ام مجازاً» الي اخر و كلمة ام ليست في محلها و ينبغي انيأتي بأو و هذا نزاع اخر مما لايفيد الفقيه شيئاً ابداً فيقول هنا احتمالان احتمال الحقيقة لان اهل اللغة يقولون ان كلمة الا للاستثناء و لاشك ان استثناء الاكثر استثناء و تبادر الاقل من الا المسموع من وراء الجدار اطلاقي و احتمال المجاز لان الاصل كون التبادر وضعياً.
قوله «ثم في رفع التناقض» الي اخر المراد التناقض الوارد في الاستثناء فانه اذا قال القائل عليّ عشرة ثبتت في ذمته و قوله الا ثلثة بعده انكار بعد اقرار فمنهم من رفع التناقض بان مجموع العشرة الا ثلثة اسم السبعة و منهم من قال ان المراد بالعشرة السبعة و حرف الاستثناء قرينة المجاز و منهم من قال ان الاسناد بعد اخراج ما اخرج بالاستثناء و منهم من قال انك تسند الحكم الي العشرة لتخرج المستثني و ليس بكذب و المصنف فصّله و فسّره بان هنا اسنادان ظاهري مخالف للاعتقاد و هو الاسناد الي العشرة و واقعي موافق للاعتقاد و هو النسبة بعد اخراج المستثني و جعل هذا اوجهها و نحن قد بيّنا ان الحكيم لايقول له عليّ عشرة الا ثلثة و له انيقول له عليّ سبعة و هذه تمثيلات خيالية يتنازعون فيها و قلنا ان المدار علي سهولة الاداء فاذا كان عدّ المستثني صعباً و عدّ المستثنيمنه سهلاً يأتي بعام ثم يستثني و ان كان عدّ المستثني سهلاً يأتي بلفظه من غير استثناء و لا داعي للحكيم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۶ *»
الي الكذب ثم اصلاحه و لا داعي له الي المجاز و هو متمكن من الحقيقة فالاسناد متعلق بالمجموع بلا كذب و لا مجاز و العشرة اسم للعشرة و الاستثناء للاخراج و الحكم تعلق بالحاصل بعد الاخراج.
قال: اصل في كون العام المخصص حقيقةً مطلقا ام في جهة شموله خاصةً ام في المخصص الغيرالمستقل خاصةً ام في اللفظي خاصةً ام ان خص بشرط او استثناء ام اذا كان الباقي غيرمحصور ام مجازاً مطلقا اقوال و في كون النزاع مختصاً بالقائلين بوضع الالفاظ للعموم فقط ام يعمهم و القائلين بالاشتراك او الوضع للخصوص وجوه كاحتمال كون النزاع صغروياً ام كبروياً ام فيهما و كونه في ماعدا الاستثناء او في الاعم منه و في لفظ العام او في الهيئة التركيبية و تظهر الثمرة في جوازه الي الواحد علي الحقيقة و في حجية العام المخصص حينئذ و في صورة المعارضة و في الكل كلام و الاصل يختلف باختلاف محل النزاع و الحق في نفس المسألة الرجوع الي العرف و يختلف فيه المقامات.
اقول: هذه خيالات اخر لاتفيد الا فساد القلب و اشتغاله بما لافائدة فيه و اراد انيعرف و لميعرف الي اخر المسألة ان العام الذي خصص بما خصص و بقي له افراد هل ذلك العام حقيقة في الباقي ام مجاز فمنهم من قال انه حقيقة في الباقي كيفما كان و منهم من قال انه مجاز و منهم من قال انه حقيقة من جهة الشمول و مجاز من جهة الاقتصار يعني ظاهراً انه بعد اخراج المستثني الدالّ علي ارادة الباقي نفس اللفظ الذي كان يشمل الباقي و منهم من قال انه حقيقة في المخصص غيرالمستقل و اللام في كلام المصنف علي خلاف العربية كما صرحوا به و المراد بغيرالمستقل الاستثناء و منهم من قال انه حقيقة في المخصص اللفظي سواء كان متصلاً او منفصلاً و ان كان المخصص عقلياً فمجاز و منهم من قال انه حقيقة ان خص بشرط او استثناء لا بصفة و غيرها و منهم من قال انه حقيقة ان كان الباقي غيرمحصور و الا فمجاز و هذه حاصل الاستبداد بالعقول الناقصة و الاراء الواهية و تكلف ما لميكلفوا به فجعلوا امرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۷ *»
ليس ينفع هذا البحث في دين و لا دنيا ابداً و لو كان في هذه و امثالها فائدة ماتركها المحمد: فاسكتوا عما سكت الله و ابهموا ما ابهمه الله.
قوله «و في كون النزاع مختصاً بالقائلين بالاشتراك» الي اخر يعني هل هذا مخصوص بالذين يقولون ان الالفاظ المعروفة بالعموم موضوعة للعموم فقط ام يعم هؤلاء و الذين يقولون بانها موضوعة لمجموع الافراد و لبعضها علي نحو الاشتراك المعنوي او مخصوص بالذين يقولون انها موضوعة للخصوص قال في ذلك وجوه لاخير فيها و لافائدة.
قوله « كاحتمال كون النزاع» الي اخر يعني نفرض هنا صغري و كبري فالصغري ان هذا اللفظ استعمل في الجميع او الباقي و الكبري ان ما استعمل في الباقي حقيقة او مجاز فالنزاع يحتمل انيكون في الصغري بانه استعمل في الجميع او في الباقي و يحتمل انيكون في الكبري بان ما استعمل في الباقي هل هو حقيقة فيه او مجاز كل ذلك محتمل و ان كان لاخير فيه و كذا يحتمل كون النزاع في ماعدا المستثني من ساير المخصصات او فيها و في المستثني جميعاً او في لفظ العام او في الهيئة التركيبية من العام و الخاص فلايكون لفظ العام وحده حقيقةً و لا مجازاً كل محتمل.
قوله «و تظهر الثمرة» الي اخر يعني لو قلنا بان العام المخصص حقيقة في الباقي لكان الاصل صحة تخصيص العام الي الواحد و لو قلنا انه مجاز فالاصل عدم صحته و تظهر الثمرة في ان العام المخصص هل هو حجة في الباقي ام مطروح و كذا تظهر الثمرة في صورة المعارضة يعني اذا كان للعام المخصص معارض دلالته علي الحقيقة فان قلنا ان العام المخصص حقيقة في الباقي يتعارضان و الا فالمجاز لايعارض الحقيقة و كذلك ان كان المعارض دلالته علي المجاز فان قلنا في العام المخصص ان دلالته علي الحقيقة ترجح علي المعارض و الا فيتعارضان.
و قوله «و في الكل كلام» اما في الاول فان قلنا بكفاية نوع العلاقة و انقلاب الاصل الاولي رأساً فالاصل فيه ايضاً الجواز و اما الثاني فيأتي الكلام فيه انشاءالله و اما الثالث فانا لانسلم انيكون كون اللفظ حقيقةً من المرجحات مع ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۸ *»
مدلول العام المخصص امر واحد معين و انما الخلاف في الدلالة فليس من اسباب الترجيح.
قوله «و الاصل يختلف» الخ يعني ان كان النزاع صغروياً يعني في ان المستعملفيه هو الباقي ام لا فالاصل حينئذ الحقيقة يعني انيكون المستعملفيه الجميع فانه الظاهر و ان كان كبروياً يعني ان المستعمل في الباقي حقيقة فان اريد بالحقيقة الاشتراك اللفظي فالاصل المجازية لمرجوحية الاشتراك اللفظي و ان اريد بها الاشتراك المعنوي فلااصل في البين و لابد من الوقف.
قوله «و الحق في نفس المسألة» الخ فاذا كان فهم العرف الباقين علي الفطرة مناط فهم هذه التدقيقات فهذه التدقيقات عبث لغو لافائدة فيها و النظر فيها علي الفطرة الالهية من غير افساد الذهن احسن و اولي.
قال: اصل المخصص بالمجمل لاحجية فيه في جهة اجماله و بالمبين حجة عند مشهور الامامية بل باتفاقهم كماحكي خلافاً لبعض العامة فالتفصيل و يدفعه الاصل و التبادر و عمل العلماء.
اقول: اعلم ان لنا كلاماً في اصل التخصيص يأتي في الاصل الاتي انشاءالله و قد اشرنا اليه سابقاً ايضاً ولكنا نتكلم هنا علي حسب قول المصنف فالمخصص بالمجمل كأنيقول اكرم العلماء الا بعضهم لاحجية فيه من حيث الاجمال فانه لايدري المخاطب انه يجب اكرام ايهم و هذا القول اتفاقي بينهم ولكن هذا القول لايعقل في المعصوم المطهر المأمور بالابلاغ و الهداية و اداء التكاليف الي الخلق و عليه البيان و هذا مجمل لاينبغي انيصدر من الحكيم اللهم الا انيكون صدور هذا الكلام منه لقوم عندهم ما يكشف عن المراد المبين و نقل الينا فعلي ايّ حال لايقوم الحجة من الشارع علينا اذا لمنعرف المراد من كلامه.
و ان كان المخصص مجملاً من جهة مبيناً من جهة كقول القائل اقتل الكفار الا بعض اليهود فلااجمال في غير اليهود و ان كان مبيناً من جميع الوجوه كقوله اكرم العلماء الا زيداً فعن مشهور الامامية بل ادعي بعضهم اتفاقهم عليه و ان كان لاعبرة بهذه الاتفاقات
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰۹ *»
في الامور النظرية الاجتهادية بوجه من الوجوه انه حجة و اما بعض العامة فقالوا انه حجة ان كان المخصص متصلاً و الا فلا و عن بعض اخر منهم انه حجة ان كان العام منبئاً عن الباقي قبل التخصيص كاقتل المشركين الا الذمي بالنسبة الي الحربي و الا فلا مثل قوله السارق و السارقة فاقطعوا ايديهما ان خصص بان السارق سدس الدينار من المحرز لايوجب القطع فان الاية بنفسها لاينبئ عن السارق ربع الدينار من المحرز لكونه من الافراد النادرة و عن بعض اخر منهم اذا كان العام قبل التخصيص غير محتاج الي بيان كاقتل المشركين الا الذمي حجة في الباقي و ان كان محتاجاً الي البيان كاقيموا الصلوة ثم اخرج الحائض فليس بحجة لاجمال الصلوة كمّاً و كيفاً و كلها اراء و اهواء و استبدادات لايجوز التعويل عليها في دين الله و نحن لانري معني للتخصيص اصلاً و لميصل من المحمد: اصلاً الا علي ما بيّنا و نبينه انشاءالله.
قوله «و يدفعه الاصل» الي اخر يعني يدفع اقوال العامة الاصل و هو اصل الحجية و ان كان الاصل الاولي الوقف لتوقيفية الدلالات و الدليل علي الحجية انه لو دلّ علي الباقي ففيه الحجة لوجود المقتضي و عدم المانع و لو لميكن حجة في الباقي لتوقف دلالته علي الباقي علي دلالته علي المخرج فان كان دلالته علي المخرج ايضاً موقوفاً علي دلالته علي الباقي لزم الدور و ان لميتوقف لزم الترجيح بلامرجح و هو كما تري من الوهن و لان العام قبل التخصيص كان ظاهراً في كل فرد و المخصص اخرجه عن الظهور في الفرد المخرج قطعاً و ظهوره في الباقي مشكوك و الاصل بقاؤه علي ما كان و هو في الوهن كبيت العنكبوت فان ظهور لفظ في معني امر وجداني واقعي خارجي لايحتاج الي دليل علي انه ظاهر و مايحتاج الي دليل خفي و التبادر اي ان المتبادر منه تمام الباقي و لذلك يعدّ العبد عاصياً لو اهمل الباقي و عمل العلماء حيث كانوا يحتجون بالعمومات المخصصة قديماً و حديثاً من غير نكير و هذا ايضاً كما تري فان المصنف لايحيط بجميع الناس و ادعي الغيب و لاحجية في عمل من اطلع عليه فادلته باطلة و ان كان العام المخصص حقاً و الا لكان جميع العمومات غير حجة اذ ما من عام الا و قد خص
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۰ *»
بزعمهم و قد روي انما علينا اننلقي اليكم الاصول و عليكم انتفرعوا.
قال: اصل لايجوز العمل به قبل الفحص عن المخصص عند المشهور للعلم الاجمالي بوجوده المعتضد بقاعدة الشغل و اصالة حرمة العمل بماوراء العلم و ظهور اتفاق الامامية عدا شاذ منهم و يكفي حصول الظن بعدمه بتتبع مظانه حذراً من التكليف بالمحال.
اقول: قد ظهر من كلامه ان المسألة خلافية و اختار المصنف عدم الجواز و استدل علي ذلك بان الاصل حرمة العمل بما وراء العلم اي الظن و الوهم و الشك الا ما اخرجه الدليل كما يأتي و هو بعد الفحص لان الدالّ علي حجية العام سواءاً كان اجماعاً او عقلاً لميدل علي ازيد من ذلك و بان الذمة مشغولة بالعمل بالعمومات و هو يقتضي القطع بالامتثال و هو لايكون الا بعد الفحص و بان العلم الاجمالي حاصل بتخصيص عمومات كثيرة و بناء العقلاء بعد ذلك علي العمل بها بعد الفحص و بان الظاهر اتفاق الامامية الا من شذ من متأخري المتأخرين كالمدقق الشيرواني و السيد صدرالدين و هذا الدليل و ان كان مفاده الظن و لايجوز في المسألة الاصولية لكن الظن الموافق للاصل حجة حتي في الاصول.
و لي في هذا المبحث كلام طويل الذيل ليس هيهنا موضع بيانه لعلل الا اني اشير اليه و هو ان الله سبحانه خلق عباده في جهل بالبداهة و لميكلف الجهال بانيخترعوا لانفسهم ديناً و لميفرض عليهم الفحص عن دين لهم قبل انيعلمهم بل نهاهم عن السؤال و فرض عليهم السكوت حتي يأتيهم من عند الله بيان كما قال ابوعبدالله7 ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و قال ستة اشياء ليس للعباد فيها صنع المعرفة و الجهل و الرضا و الغضب و النوم و اليقظة و قال لميكلف العباد المعرفة و لميجعل لهم اليها سبيلاً و سئل عن قول الله عزوجل و كتب في قلوبهم الايمان هل لهم في ذلك صنع قال لا و قيل له اصلحك الله هل جعل في الناس اداة ينالون بها المعرفة فقال لا قيل فهل كلفوا المعرفة قال لا علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۱ *»
الله البيان لايكلف الله نفساً الا وسعها و لايكلف الله نفساً الا ما اتيها و قال ليس لله علي خلقه انيعرفوا و للخلق علي الله انيعرّفهم و لله علي الخلق اذا عرّفهم انيقبلوا وسئل عمن لميعرف شيئاً هل عليه شيء قال لا الي غير ذلك من الايات و الاخبار فارسل اليهم الرسل و انزل عليهم الكتب و اوجب علي الرسل الابتداء بالتعليم ثم اوجب عليهم التعلم بعد ما علّموهم و جاءوا بشرع و دين و مسائل و احكام من عند الله فمن سمع بهم و علم باتيانهم ديناً و شرعاً وجب عليه طلب العلم و التفقه في دينهم كماقال الله سبحانه فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون و قال ابوعبدالله7 تفقهوا في الدين فانه من لميتفقه منكم في الدين فهو اعرابي ان الله يقول في كتابه ليتفقهوا في الدين الاية و سئل ابوالحسن7 هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون اليه فقال لا.
فما روي من وجوب طلب العلم علي كل مسلم فهو بعد ما علموا بصدور علم من العالم و شرع و دين و احكام و حدود فحينئذ يجب عليهم طلب ذلك العلم و اما اذا كان الجهل ساذجاً فلايجب عليهم طلب شيء و يجب انيكونوا عند رسل الله كالميت بين يدي الغسال منتظرين لصدور امر او نهي منهم فان صدر فهو و الا فليس عليهم السؤال عن حكم كل شيء شيء و لو كان لازماً لماانقطع سؤال شخص واحد عن جهات شيء واحد الي يوم القيمة فعليهم السكوت و انتظار الامر و النهي و لذا روي عن النبي9 ذروني ما تركتكم انما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم علي انبيائهم فاذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم و اذا نهيتكم عن شيء فدعوه و عنه9 ان من اعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لميحرّم فحرّم لاجل مسألته و عن اميرالمؤمنين7 قال خطب رسولالله9 و قال ان الله كتب عليكم الحج فقال عكاشة بن محصن و يروي سراقة بن مالك أفي كل عام يا رسولالله فاعرض عنه حتي عاد مرتين او ثلثاً فقال رسول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۲ *»
الله9 ويحك و ما يؤمنك اناقول نعم والله لو قلت نعم لوجبت و لو وجبت ما استطعتم و لو تركتم كفرتم فاتركوني ما تركتكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم علي انبيائهم فاذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم و اذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه انتهي.
و اذا صدر من الحجج امر او نهي وجب عليهم العمل بمقتضي مدلول اللفظ فان كان عاماً فعلي عمومه و ان كان مطلقاً فعلي اطلاقه و لايجوز لهم السؤال عن انه هل لهذا العموم مخصص او لهذا المطلق مقيد ام لا و يكشف عن ذلك انه سئل ابوعبدالله7 عما يجب فيه الزكوة فقال في تسعة اشياء الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفا رسولالله9 عما سوي ذلك فقيل اصلحك الله فان عندنا حباً كثيراً فيه الزكوة فزبره ثم قال اقول لك ان رسولالله9 عفا عما سوي ذلك و تقول لي ان عندنا حباً كثيراً فيه الزكوة و عن الرضا7 في بقرة بنياسرائيل انهم لو ذبحوا ايّ بقرة ارادوا لاجزأتهم ولكن شدّدوا علي انفسهم فشدّد الله عليهم انتهي و ذلك ان الله عزوجل قال ان الله يأمركم انتذبحوا بقرة و اطلق ففحصوا عن القيود فشدّد الله عليهم سخطاً عليهم لفحصهم و روي ان رسولالله9 كان يقول لاتشدّدوا علي انفسكم فيشدّد الله عليكم فان قوماً شدّدوا علي انفسهم فشدّد عليهم الخبر و يدل علي ذلك عموماً قول الله عزوجل لاتقدموا بين يدي الله و رسوله و قول اميرالمؤمنين7 ان الله حدّ حدوداً فلاتعتدوها و فرض فرائض فلاتنقصوها و سكت عن اشياء لميسكت عنها نسياناً فلاتتكلفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها و قال ابوعبدالله7 بحسبكم انتقولوا ما قلنا و تصمتوا عما صمتنا فانكم اذا قلتم ما نقول و سلمتم لنا فيما سكتنا عنه فقد امنتم بمثل ما امنّا به و قال الله تعالي فان امنوا بمثل ما امنتم به فقد اهتدوا و قال7 في حديث فوالله انا لنحبكم انتقولوا اذا قلنا و تصمتوا اذا صمتنا و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۳ *»
نحن فيما بينكم و بين الله ماجعل الله لاحد خيراً في خلاف امرنا انتهي.
فلايجب علي احد من الرعية انيفحص عن المخصص اذا سمع من امامه عاماً و قد سكت امامه عن المخصص فيشدد علي نفسه و يتكلف ما لميكلف و كذا لايجب عليهم الفحص عن المقيد اذا سمعوا من امامهم مطلقاً و يشددوا علي انفسهم و قد قال علي7 ابهموا ما ابهمه الله انتهي و ليس هذا مخصوصاً بالمشافهين و هذا القول محض خرص و تخمين و ليس له في دين الله برهان و فرائض الاولين و الاخرين واحدة و دين الله واحد و النصوص مطلقة لكل احد و العقول السليمة مؤيدة لها فاذا احتاج المؤمن في دينه الي حكم شيء عليه الفحص و طلب حكم الله فيه فان وصل اليه نص خاص عمل به و ان وصل اليه نص عام او مطلق عمل به لان المقتضي و هو صدور الحكم من المعصوم موجود و المانع من قبل ذلك المعصوم مفقود و هذه الادلة الواهية لاتكون مانعة عن الاخذ بالخبر هذا و هذه الادلة لو كانت حقاً لعمّت المشافهين و غيرهم فان احتمال التخصيص و التقييد قائم دائماً و قد امرونا بالاخذ بحديثهم و لو كان واحداً فقال ابوعبدالله7 سارعوا في طلب العلم والذي نفسي بيده لحديث واحد تأخذه عن صادق خير من الدنيا و ما حملت من ذهب و فضة و قال7 لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها وقال7 العلماء ورثة الانبياء و ذلك ان الانبياء لميورثوا درهماً و لا ديناراً و انما اورثوا احاديث من احاديثهم فمن اخذ بشيء منها فقد اخذ حظاً وافراً و قال7 اياكم انيحاكم بعضكم بعضاً الي اهل الجور ولكن انظروا الي رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قدجعلته قاضياً فتحاكموا اليه الي غير ذلك من الاخبار بل ورد في العام و الخاص المتعارضين التخيير فلو كان الخاص مخصصاً و يجب تخصيص العام به لماخيّرونا في العمل بهما كما روي عن الحجة7 انه سئل عن التكبير قبل القيام فقال7 في الجواب عن ذلك حديثان اما احدهما فاذا انتقل من حالة الي اخري فعليه التكبير و اما الاخر فانه روي اذا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۴ *»
رفع رأسه من السجدة الثانية و كبر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير و كذلك التشهد الاول يجري هذا المجري و بايهما اخذت من باب التسليم كان صواباً انتهي و هذان الحديثان عام و خاص و لميأمر بتخصيص العام و يؤيد ذلك ايضاً انهم قد اوقفونا علي انواع العلاج و لميأمرونا بتخصيص و تقييد في حديث من الاحاديث و هم ابرّ بالرعية من هذه العلماء و اعرف بمعاريض كلامهم و الواجب السكوت عما سكتوا عنه و عدم القول في دين الله بالرأي و اذا لميجز القول بالرأي في مسألة جزئية خاصة كيف يجوز وضع قاعدة بالرأي يفرع منها الف الف فرع و نحن نطالب هؤلاء بدليل علي لزوم ذلك فان احتجوا بمشهور العلماء قلنا لادليل علي حجية الشهرة الا مقبولة عمر بن حنظلة و مرفوعة زرارة و هما ظاهرتان في الرواية المجمععليها كما يأتي انشاءالله و المصنف معترف به و لااقل من الاحتمال المساوي فاذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال مع انهما علي معني غير الرواية معارضان بايٍ عديدة من الكتاب و بقول اميرالمؤمنين7 انما يعرف الهدي بقلة من يأخذه من الناس و عن موسي بن جعفر7 في حديث هشام ثم ذمّ الله الكثرة فقال و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله و قال و لئن سألتهم من خلق السموات و الارض ليقولن الله قل الحمدلله بل اكثرهم لايعقلون و قال و لئن سألتهم من نزّل من السماء ماءاً فاحيي به الارض بعد موتها ليقولن الله قل الحمدلله بل اكثرهم لايعقلون ياهشام ثم مدح القلة فقال و قليل من عبادي الشكور و قال و قليل ما هم و قال و قال رجل مؤمن من الفرعون يكتم ايمانه أتقتلون رجلاً انيقول ربي الله و قال و من امن و ماامن معه الا قليل و قال ولكن اكثرهم لايعلمون و قال و اكثرهم لايعقلون و قال و اكثرهم لايشعرون و قال الرضا7 اذا رأيت الناس يقبلون علي شيء فاجتنبه و بالحديث المشهور رب مشهور لااصل له و ان احتجوا بان العلم الاجمالي حاصل بوجود المخصص لكثير من العمومات حتي قيل ما من عام الا و قد خص قلنا ان هذا مدرك ظني و ناشئ من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۵ *»
الرأي المنهيعنه و هذا العلم كان من حين القي الاسلام جرانه الي يومنا هذا و الائمة: قرروا الشيعة بالاخذ بحديث واحد و امروهم بذلك و لميوجبوا عليهم الفحص و هي مسألة عامة البلوي و لميرد بوجوب الفحص حديث واحد و لو كان لازماً و شرط التفقه لتواتر الامر به و كثر السؤال عنه و روي اسكتوا عما سكت الله و نحن شركاء الاولين في التكاليف بالنص و جميع هذه المخصصات قد جاءت من تلك الايام و كانت فيها و لميأمروا احداً بالفحص عن المخصص و المقيد بل المعارض فما هذا التشديد و ما هذا التضييق في دين الله من غير برهان.
و ان احتجوا علينا بقاعدة الشغل نقول لهم لانسلم ان براءة الذمة لاتحصل الا بعد الفحص فان المخصص كلام لااصل له ابداً و لامعني للتخصيص ابداً اما الاستثناء المتصل و ما يشاكله فقد قلنا انه ليس من باب التخصيص المعروف بينهم و اما المنفصل فهو حديث معارض يجب انيعمل فيهما بما امرونا به فما التخصيص هذا و نحن نقول ان الذمة مشغولة بالعمل بالعام و هو كلام حق صدر عن المعصوم كاشف عن دين الله و احتمال كونه كذباً خطاء محض و محال انيقول المعصوم حديثاً عاماً يعمل به رعيته مائة سنة ثم يقول امام اخر بعد مائة سنة ما يخصصه فان كان ذلك العام موافقاً للحق فهو و الا فهو افتراء علي الله و كذب و المعصوم بريء منه و ان كان الاول او الثاني تقيةً فالعمل بالمرجحات و ان كان الثاني نسخاً فالعمل بالناسخ بعد وصوله و لايجب الفحص عن الناسخ و الاصل عدمه فالذمة تبرأ بالعمل بالعام اذا وصل الي الانسان و لايجب الفحص عن كون الخبر تقيةً ام لا و منسوخاً ام لا و لا معني للمخصص اصلاً.
و ان احتجوا علينا باصل حرمة العمل بما وراء العلم الا بعد الفحص قلنا ذلك رأي محض لا دليل عليه من كتاب و لا سنة العمل بغير العلم حرام اولاً و اخراً و قد وصل الينا العلم بوصول الخبر الصريح و عملنا به و لا معني للتخصيص حتي يكون شرط فهم العام و كل ذلك ادعاء لا برهان له في دين الله و قد روي دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان و البرهان ما جاء من عند الله كما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۶ *»
قال لقد جاءكم برهان من ربكم والذي يقولون لا برهان له غير هذه الاراء و لو كان لهم برهان لاتوا به.
و ان احتجوا علينا بظهور اتفاق الامامية فاولاً هو استدلال بالغيب و لايعلم احد اتفاق الامامية الا الله و الحجة الشاهد علي الخلق و ظهور الاتفاق ليس بحجة شرعية هذا و عدم وجوب الفحص منقول عن كثير من الاخباريين و عن العلامة و عن بعضالمتأخرين كالمحقق الشيرواني و السيد صدر و اليه ذهب المولي احمد النراقي و ذكر انه نقله جماعة من بعض القدماء ايضاً في المنهاج و كفي قول المشهور ان المنقول عن الحاجبي انه نقل الاجماع عليه من العامة و الرشد في خلافهم بل علي ذلك جلّ معاصري الائمة: و الاخرون شركاء الاولين في الفرائض و القول بوجوب الفحص مستحدث بعد ظهور الائمة: و لمينقل عن احد من المتقدمين و لميصدر فيه نص من الائمة الطاهرين و شر الامور محدثاتها و عن رسول الله9 من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ انتهي و من ظن انه غير مستحدث فليأتنا بقول من القدماء او حديث واحد عن سادة الاولياء سلام الله عليهم.
فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر و سلّم لالمحمد: فاستبصر انه لامعني للتخصيص و لايجب الفحص عنه و عن المعارض و كل ما وصل الي طالب العلم من احكام المحمد: يكفيه نعم في هذه الازمان لما جمعت الجوامع و ميّزت الكتب و بوّبت الابواب و فصّلت الفصول و جمع فيها الاشباه و النظاير و المعارضات يعثر الفقيه المتتبع غالباً علي المعارض و الخاص و المقيد فاذا عثر عليها فالعمل فيها علي ما امرونا سلام الله عليهم من العرض علي الكتاب و السنة و العامة و غيرها فعلي ايها وقع الخيار و الرجحان فعليه العمل و الا فالتخيير
هذا اعتقادي فيه قد ابديته | فليقبل الواشون او فليمنعوا |
قوله «و يكفي حصول الظن» الي اخر فذلك خرص اخر و تخمين و لما ضاق بهم الخناق و اوجبوا ما لميوجبه الله عليهم و شددوا علي انفسهم و تكلفوا ما لميكلفوا و نطقوا فيما سكت الله عنه و رأوا انه لا حد لهذا الفحص من جانب الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۷ *»
قالوا حد ذلك انيحصل الظن بعدم المخصص من غير برهان من الله و رسوله و استبدوا بعقولهم الناقصة و اكتفوا بادلة وهمية يعارضها الكتاب و السنة كما يأتيك انشاءالله.
قال: اصل اذا تعقب المخصص عمومات و كان استثناءاً و المستثني فرداً من المستثنيمنه و العمومات احكاماً مختلفة متحدة بالنوع اي في جهة الاخبار و الانشاء كقوله اكرم العلماء و اخلعهم و اضفهم الا زيداً رجع الي الكل او مختلفة بالنوع كقوله اكرم العلماء و اخلعهم و كلهم كاتبون الا زيداً رجع الي الاخير او لميكن فرداً منه فكالفرد في هذا التفصيل كقوله اكرم العلماء و اخلعهم و اضفهم الا يوم الجمعة او اكرم العلماء و اضفهم و جعلتهم مخلفين الا يوم الجمعة فالمدار في تلك الاربعة اتحاد الحكم نوعاً و اختلافها و ان كانت العمومات مفردة بانيكون التعدد في العمومات انفسها فان كان المستثني فرداً رجع الي الاخير اتحد الحكم او اختلف او غير فرد فكذلك ان اختلف الحكم و الا فالي الجميع او صفة او بدل بعض فالي الاخير او شرطاً او غايةً مع اتحاد الاحكام نوعاً فالي الجميع و الا فالي الاخير و الدليل في الكل العرف فخذ هذا و دع ما سواه فانه فضول.
اقول: اعلم ان المصنف من دقته فرض المسألة علي اقسام عديدة فقال اذا كان عمومات و تعقبها المخصص و كان المخصص استثناءاً و كان المستثني فرداً من المستثنيمنه و العمومات من حيث الاحكام مختلفة و من حيث النوع اي نوع الاخبار و الانشاء متحدة كقوله اكرم العلماء و اخلعهم و اضفهم الا زيداً رجع الي الكل فان متعلق جميع الاحكام الثلثة العلماء و زيداً منهم و استثني فلايتعلق به شيء من الاحكام الثلثة و استدل علي ذلك بالعرف مع صلوح كون الاستثناء من العام الاخير عقلاً و عرفاً فلو اراد رجل انيقول اكرم جميع العلماء و اخلع علي جميعهم من غير استثناء و يخص الاضافة بما سوي زيد جاز له انيتكلم بمثل ما مرّ يقيناً فاذا جاز ذلك عقلاً و عرفاً كيف يجب رجوعه الي الكل و قول المصنف «و اخلعهم» غلط لانه يريد الخِلعة يقيناً و العرب يقول خلع عليه و اما خلعه فهو بمعني
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۸ *»
عزله و المصنف لايرضي بالعزل.
قال «او مختلفة بالنوع» في الانشاء و الاخبار كقوله اكرم العلماء و اخلعهم و كلهم كاتبون الا زيداً فان كان كذلك رجع الي الاخير للعرف ايضاً و لااعرف وجه التخصيص و انا من اهل العرف و لايأبي العقل من رجوعه الي الاول او الثاني او اليهما و لايأبي عنه العرف ايضاً كما قال الله سبحانه لاتخرجوهن من بيوتهن و لايخرجن الا انيأتين بفاحشة مبينة و قال ابوعبدالله7 فيها الا انيأتين بفاحشة مبينة قال الا انتزني فتخرج و يقام عليها الحد انتهي فارجع الاستثناء الي الاخراج مع انهما مختلفان نوعاً لان الاخراج فعل الزوج و الخروج فعل المرأة و قال7 في رواية اخري يعني بالفاحشة المبينة انتوذي اهل زوجها فاذا فعلت فان شاء انيخرجها من قبل انتنقضي عدتها فعل انتهي فاراه7 ارجع الاستثناء الي الاخراج بالجملة لا مانع من الرجوع الي الاول لا شرعاً و لا عرفاً و لا عقلاً فكيف يجب انيكون راجعاً الي الاخير.
قال او لميكن الاستثناء فرداً من المستثنيمنه فكالفرد في المثال الاول و المثال الثاني و مثل بأكرم العلماء و اخلعهم و اضفهم الا يوم الجمعة و ماادري ان المصنف زعم المستثنيمنه هنا ايّ شيء فان زعمه العلماء و كون الاستثناء منقطعاً ففي الكلام قرينة انه لايرجع الا الي الاول حسب فكيف هو كالفرد فان اكرام يوم الجمعة ممكن و اما خلعه او الخلع عليه و اضافته فمما لايعقل فهو راجع الي الاول علي كل حال و ان كان المستثنيمنه مقدراً و يكون المراد اكرم العلماء و اخلع عليهم و اضفهم كل يوم او دائماً الا يوم الجمعة فالمستثني فرد من افراد المستثنيمنه و يرجع الي الاول.
قوله «و ان كانت العمومات مفردة» الي اخر كقوله اكرم العلماء و الشعراء و الظرفاء او اكرم العلماء و اخلع علي الشعراء و الق الظرفاء الا رجلاً او الا زيداً او الا من دخل دارك رجع الي الاخير كذا زعم و تمسك بالعرف و العرف لايأبي عن رجوعه الي كل واحد ان كان فيه زيد و الي الكل ان كان زيد عالماً و شاعراً و ظريفاً و نحن من العرف و لاندرك كونه خلاف المتعارف عرفاً او غيرجايز
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱۹ *»
عقلاً فاستدلاله من عرف ذهنه المشوب والحصر بالجملة الاخيرة من مذهب البصريين و استدلوا بان الجملة الاخيرة اولي بالعمل و لايجوز عمل جملتين فيه و درايات القوم غيرمتبعة و الرشد في خلاف البصريين لانهم اعداء اهلالبيت: و يكشف عن حقيقة قولي قول الله عزوجل و الذين يرمون المحصنات ثم لميأتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لاتقبلوا لهم شهادة ابداً و اولئك هم الفاسقون الا الذين تابوا من بعد ذلك و اصلحوا فان الله غفور رحيم فان المحمد: ارجعوا الاستثناء الي لاتقبلوا لهم شهادة مع تخلل الخبر بينه و بين الاستثناء قال ابوعبدالله7 القاذف يجلد ثمانين جلدة و لاتقبل له شهادة ابداً الا بعد التوبة او يكذّب نفسه و عن سماعة قال قال ان شهود الزور يجلدون جلداً ليس له وقت و ذلك الي الامام و يطاف بهم حتي يعرفهم الناس و اما قول الله عزوجل و لاتقبلوا لهم شهادة ابداً الا الذين تابوا قلت كيف يعرف توبته قال يكذّب نفسه حين يضرب و يستغفر ربه فاذا فعل فقد ظهرت توبته و عن القاسم بن سليمان قال سألت اباعبدالله7 عن الرجل يقذف الرجل فيجلد حدّاً ثم يتوب و لايعلم منه الا خير أتجوز شهادته قال نعم ما يقال عندكم قلت يقولون توبته فيما بينه و بين الله و لاتقبل شهادته ابداً فقال بئسما قالوا كان ابي يقول اذا تاب و لميعلم منه الا خير جازت شهادته انتهي الي غير ذلك من الاخبار و تبين من هذا الخبر ان ارجاعه الي الجملة الاخيرة قول العامة و ليس رجوعه الي الاخيرة مما يشهد به العرف كما زعم فحديث السكوني محمول علي التقية و هو من العامة.
قوله «او غير فرد فكذلك» الي اخر يعني به في مثل اكرم العلماء و اخلع علي الشعراء و اضف الظرفاء الا يوم الجمعة و هو ايضاً محض خيال منه و لايشهد العرف برجوعه الي الاخير و قد مرّ الكلام في مثله.
قوله «و الا فالي الجميع» يعني ان اتحد الحكم كقولك اكرم العلماء و الشعراء و الظرفاء الا يوم الجمعة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۰ *»
قوله «او صفة او بدل بعض فالي الاخير» يعني في مثل اكرم العلماء و الشعراء و الاطباء الراسخين و في مثل اكرم العلماء و الشعراء و الاطباء رجلاً منهم ففي مثل هذين يرجع الاستثناء الي الاخير و في مثل اكرم العلماء و اخلع علي الشعراء و اضف الاطباء ان دخلوا دارك يرجع الي الجميع و ان كان الاخير مثلاً و الاطباء حذاق يرجع الي الاخير ولكن في الشرط ورد الخبر برجوعه الي الاخير مع اتحاد الحكم في قول الله سبحانه وامّهات نسائكم و ربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فان لمتكونوا دخلتم بهن فلاجناح عليكم فعن ابيعبدالله7 انه اتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل انيدخل بها أيتزوج بامها الي ان قال الذي افتاها ابنمسعود انه لابأس بذلك ثم اتي علياً7 فسأله فقال له علي7 من اين اخذتها قال من قول الله عزوجل و ربائبكم اللاتي في حجوركم الي قوله فلاجناح عليكم فقال علي7 ان هذه مستثناة و هذه مرسلة و امهات نسائكم و سئل ابوجعفر7 عن رجل تزوج امرأة ثم طلّقها قبل انيدخل بها أتحل له ابنتها فقال قد قضي في هذه اميرالمؤمنين7 لابأس به ان الله يقول و ربائبكم الي قوله فلاجناح عليكم و لو تزوج الابنة ثم طلّقها قبل انيدخل بها لمتحل له امها قيل له أليس هما سواءاً فقال لا ليس هذه مثل هذه ان الله يقول و امهات نسائكم لميستثن في هذه كمااشترط في تلك هذه هنا مبهمة ليس فيها شرط و تلك فيها شرط و قال علي7 في حديث و الامهات مبهمات دخل بالبنات او لميدخل بهن فحرموا و ابهموا ما ابهمه الله انتهي.
فتبين ان المصنف و امثاله لايراجعون الاخبار و يكتفون بخيالات الاغيار و وفق المصنف بين الغاية و الشرط ففي قولك اكرم العلماء و اخلع علي الشعراء و عظم الاطباء الي يوم الجمعة يرجع الي الجميع و ان كان الاخير و الاطباء معظمون فالي الاخير من غير دليل و جعل دليل جميع ما قال العرف و قد عرفت مخالفة اكثرها لاخبار الائمة الاطهار سلام الله عليهم ما اختلف الليل و النهار فقول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۱ *»
المصنف «فخذ هذا و دع الفضول» نقول في جوابه
فدع عنك قول الشافعي و مالك | و احمد و المروي عن كعبالاحبار | |
و خذ عن اناس قولهم و حديثهم | روي جدنا عن جبرئيل عن الباري |
و اعلم بعد ذلك ان المستثني اذا كان مخصوصاً باحدي الجمل ظاهراً او عقلاً فذلك قرينة اختصاصه بها بلا كلام.
قال: اصل اذا رجع الضمير الي بعض افراد العام خصصه علي اصح الاقوال اذ العرف متي فهم من الضمير معني حكم بانه المراد من المرجع سواءاً كان المرجع حقيقةً فيه ام مجازاً فلا حاجة الي بيان الضمير حقيقةً فيما كان المرجع حقيقةً فيه مطلقا او اذا كان ظاهراً فيه او اذا كان مراداً منه او فيما كان المرجع ظاهراً فيه مطلقا او بشرط كونه مراداً او فيما كان مراداً من المرجع.
اقول: اختلفوا في ان رجوع الضمير الي بعض افراد العام هل يخصصه ام لا علي اقوال ثالثها الوقف و ذلك مثل قوله تعالي و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء و لايحل لهن انيكتمن ما خلق الله في ارحامهن ان كنّ يؤمنّ بالله و اليوم الاخر و بعولتهن احق بردهن في ذلك فان المطلقات عام و ضمير بعولتهن راجع الي الرجعيات فهل العام فيها مخصص و المراد به الرجعيات ام لا فالمصنف اختار ان الضمير و المرجع مطابقان في العرف فان علم بقرينة خارجية ان الضمير مخصوص ببعض الافراد انتقل العالم منه الي انه المراد من المرجع سواءاً كان المرجع حقيقةً في ذلك المراد ام مجازاً.
قوله «فلا حاجة» الي اخر يعني لا ضرورة في معرفة ان الضمير حقيقة في ما كان المرجع حقيقةً فيه علي الاطلاق او فيما كان المرجع حقيقةً فيه بشرط كونه مراداً او ان الضمير حقيقة فيما كان مراداً من المرجع.
اقول اما ما ذكره في القرءان فتفسير بالرأي و ليس ما ذكره دليلاً علي ان المراد من المطلقات هو المراد من ضمير بعولتهن اما اولاً فعن الرضا عن ابائه: قال قال الله عزوجل ماامن بي من فسر برأيه كلامي و عن جابر بن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۲ *»
يزيد قال سألت اباجعفر7 عن شيء من التفسير فاجابني ثم سألته عنه ثانيةً فاجابني بجواب اخر فقلت كنت اجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا فقال يا جابر ان للقرءان بطناً و له ظهر و للظهر ظهر يا جابر و ليس شيء ابعد من عقول الرجال من تفسير القرءان ان الاية يكون اولها في شيء و اخرها في شيء و هو كلام متصل متصرف علي وجوه انتهي فما علمكم بان الاية كما زعمتم فلعل اولها عام بحقيقة العموم و اخرها خاص و ليس الواجب في العربية و في كل لسان انيكون المرجع دائماً مذكوراً في الكلام فكم من كلام يكون المرجع معهوداً بين المتكلم و المخاطب و لاشك ان اول الاية باق علي عمومه و جميع ذوات الاقراء يجب انيتربصن بانفسهن ثلثة قروء و لا باعث لتخصيصها بالرجعيات بالعقول الناقصة و حكم جميعهن واحد بالنصوص المتواترة و يؤيد ذلك تفسيرهم لايحل لهن في جميع النساء كماروي عن الصادق7 في قوله تعالي و لايحل لهن انيكتمن ما خلق الله في ارحامهن قال قد فوّض الله الي النساء ثلثة اشياء الحيض و الطهر و الحمل و هو ايضاً ضمير راجع الي المطلقات فان كان قولهم حقاً فليقولوا بانها باقية علي عمومها بدليل لايحل لهن ثم لا مانع من انيكون الله جلوعز عني من قوله و بعولتهن بعولة ذوات الازواج منهن و يكون المرجع معهوداً بينه و بين رسوله9 نعم في غير القرءان اذا لميكن قرينة علي معهودية المرجع فالظاهر مطابقته مع المرجع السابق.
قال: اصل الداعي علي صدور الخطاب اما وقوع حادثة او سبق سؤال و المسبوق اما لايستقل في الدلالة لغةً او عرفاً او يستقل مع تساوي الجواب و السؤال او كون الجواب اخص او اعم من محل السؤال او غيره او من محل السؤال فقط كما في الجواب عن بئر بضاعة و الحق في القسم الاخير الذي هو محل كلامهم ان العبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب للعرف الا انيكون للمقام خصوصية خارجة من هذه الجهة كما في قوله7 خذ بما اشتهر بين اصحابك.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۳ *»
اقول: اراد المصنف انيفصل اقسام بيانات الشارع للاحكام حتي يتبين موضع النزاع فقال الداعي الي صدور الخطاب اما وقوع حادثة بين الناس فيبيّن الشارع حكمه ابتداءاً و مثّل لذلك في الضوابط بقوله تعالي ان جاءكم فاسق الاية نزل في وليد بن عتبة حيث اخبر عن ارتداد بنيالمصطلق فنزلت الاية قبل سؤال الرسول عن الله تعالي ففي نسختنا من الضوابط وليد بن عتبة في موضعين ولكن الرجل وليد بن عقبة بن ابيمعيط و نزوله فيه مأثور من طرقنا و اما انه كان حين اخباره عن ارتداد بنيالمصطلق فليس فيه حديث مأثور ولكنه قصة يذكرها المفسرون و من طرقنا في احاديث عديدة انها نزلت في عايشة حين رمت مارية القبطية فعلي ايّ حال انها نزلت لواقعة و قول المصنف سؤال الرسول عن الله اعجمي و المسـئولعنه الواقعة و حكمها و المسئول من سألته فلفظة عن فيه غلط.
قوله «و المسبوق» اي المسبوق بسؤال اما لايستقل في الدلالة لغةً و عرفاً الا بضم السؤال اليه و مثّل بقوله9 فلا اذن بعد السؤال عن بيع الرطب و التمر و فرض النقصان عند الجفاف و هذا الحديث لماره في كتب اخبارنا و لا في كتب اخبار العامة بهذا اللفظ نعم في المصابيح عن سعد بن ابيوقاص قال سمعت النبي و قد سئل عن شراء التمر بالرطب فقال أينقص الرطب اذا يبس فقال نعم فنهاه عن ذلك انتهي و ليس كما ذكره المصنف و لما كان مقصوده محض التمثيل يعفي عنه نعم لو قال في الجواب فلااذن كان مرتبطاً بالسؤال لغةً و عرفاً و ربما لايستقل عرفاً و ان استقل لغةً كما اذا قال لك رجل تقدم و كل فقلت لااكل.
قوله «او يستقل مع تساوي الجواب و السؤال» كأنيقول علي المجامع في نهار شهر رمضان الكفارة بعد ان سأل سائل ما علي المجامع في نهار شهر رمضان او يكون الجواب اخص كما اذا سأل سائل عن الماء وقع فيه نجاسة فقال الماء القليل ينجس بوقوع النجاسة او سأل عن قتل الاولاد فقال لايجوز قتل الاولاد في المخمصة و المصنف قال بحجية مفهوميهما لوجود القرينة و الظاهر ان الحكيم المعصوم لايجيب بمثل هذا الجواب الا بعد علمه بمورد السؤال كماروي عن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۴ *»
ابيعبدالله7 ان امرأة يقال لها فاطمة بنت ابيجيش او ابيحبيش استحاضت فاتت امسلمة فسألت رسول الله9 عن ذلك فقال تدع الصلوة قدر اقرائها او قدر حيضها و قال انما هو عرق فامرها انتغتسل و تستثفر بثوب و تصلي قال ابوعبدالله7 هذه سنة النبي9 في التي تعرف ايام اقرائها لمتختلط عليها الا تري انه لميسألها كم يوم هي و لميقل اذا زادت علي كذا يوماً فانت مستحاضة و انما سنّ لها اياماً معلومة ما كانت من قليل او كثير بعد انتعرفها الخبر فالظاهر انها سألته عن الاستحاضة مطلقا فقال تدع الصلوة ايام اقرائها فاجاب علي حسب علمه انها ذات العادة فعلي ايّ حال اراد المصنف انيستدل بالجواب الخاص منطوقاً و مفهوماً علي مدلول السؤال المطلق و العام و قد مرّ احكام المفهوم فراجع و قسم اخر انيسأل السائل عن الماء هل ينجس بملاقات النجاسة و هو واقف علي ماء مثلاً فيقول هذا الماء لاينجس و هذا عند المصنف مخصوص بمورد الاشارة و لايعم الا اذا علم ان خصوص المشاراليه لا مدخلية له في الحكم فينقح مناط الحكم و هو قياس حرام.
و ان كان الجواب اعم من مورد السؤال و غيره و مثّل لذلك بانه سئل النبي9 عن ماء البحر فقال هو الطهور ماؤه و الحل ميتته حيث انه اجاب عن مورد السؤال و ذكر غيره ابتداءاً و هذا الحديث ليس من طرقنا و انما هو مروي في المصابيح عن ابيهريرة عن النبي9 قال سأل رجل رسولالله فقال يارسول الله انا نركب البحر و نحمل معنا القليل من الماء فان توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر فقال رسولالله هو الطهور ماؤه و حلّ ميتته بالجملة لما كان المراد التمثيل يعفي عنه ولكن قال في الضوابط فيه يعمل بالحكمين معاً اما الاول فظاهر و اما الثاني فلانه حكم مبتدأ لا معارض له و ما ادري كيف حكم المصنف بتحليل الميتة مع نص الكتاب المحكم بتحريمه و الاجماع المنقول بتحريم السمك الذي مات في الماء و الذي مات في الماء ميت و ذكوته اخراجه من الماء حياً بالجملة بعد كل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۵ *»
ذلك ماعرفت ان هذا الجواب كيف كان اعم من السؤال و ايّ عموم في لفظه و الظاهر انه اراد ان الجواب مشتمل علي جواب السؤال و غيره.
فعلي ايّ حال قوله «او من محل السؤال فقط» ففي الضوابط مثّل المصنف لذلك بالجواب عن بئر بضاعة و هذا الحديث ليس من طرقنا و لا في كتبنا و انما هو من طرق العامة و في كتبهم فقد روي في المصابيح عن ابيسعيد الخدري قيل يا رسولالله أنتوضأ من بئر بضاعة و هي بئر تلقي فيها الحِيَض و لحوم الكلاب و النتن فقال رسولالله ان الماء طهور لاينجسه شيء انتهي فاجاب بجواب عام و محل السؤال خاص و كذا مثّل بقوله9 حين مروره بشاة ميمونة ايما اهاب دبغ فقد طهر و هذا الحديث ايضاً ليس في كتبنا و لا في كتب العامة اما في كتب العامة فهو ما روي في المصابيح من الصحاح قال عبدالله بن عباس2تصدق عليّ مولاة لميمونة بشاة فماتت فمرّ بها رسولالله فقال هلا اخذتم اهابها فدبغتموه فانتفعتم به فقالوا انها ميتة فقال انما حرّم من الميتة اكلها و من الحسان عن ميمونة قالت مرّ علي رسول الله رجال يجرون شاة فقال لو اخذتم اهابها فقالوا انها ميتة فقال يطهره الماء و القرض هذان ما في كتب العامة و معذلك القصة مفتراة علي النبي9و علي ميمونة و لمتكن ميمونة بل كانت سودة بنت زمعة كما روي انه قيل لابيعبدالله7 جعلت فداك الميتة ينتفع بشيء منها فقال لا قيل بلغنا ان رسول الله9 مرّ بشاة ميتة فقال ماكان علي اهل هذه الشاة اذ لمينتفعوا بلحمها انينتفعوا باهابها قال تلك شاة سودة بنت زمعة زوجة النبي9 وكانت شاة مهزولة لاينتفع بلحمها فتركوها حتي ماتت فقال رسولالله9 ماكان علي اهلها اذ لمينتفعوا بلحمها انينتفعوا باهابها انتذكي انتهي فعلي ايّ حال لما كان مقصود المصنف التمثيل يعفي عنه.
بالجملة نزاع القوم في مثل بئر بُضاعة و حديث وليد بن عتبة و قصة شاة ميمونة علي زعم المصنف فعن معظمهم ان العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۶ *»
و استدل لذلك بالعرف و لا بأس به ان لميكن في الجواب ما يدل علي خصوص السؤال من عهد او اشارة او كناية فان كان مطلقاً فهو مطلق او عاماً فهو عام كان المورد ما كان و انما كانوا: يجيبون كذلك ليلقوا الي شيعتهم اصولاً يفرعون منها فروعاً كما اخبروا سلام الله عليهم و ذلك رسم تعليم و تفقيه و رحمة منهم علي شيعتهم و مما يخص الجواب بالسؤال الموصولات اذا وقع في السؤال محصور معدود كأنيقول رجل ضربني فلان بالعصا فتقول له اضربه بما ضربك به او اضربه بالذي ضربك به او تقول عندي خبز و لحم فيأتيني السائل فبايهما اتصدق فيقول تصدق بالذي هو احب اليك فيعني منهما و اما اذا كان غيرمحصور و لامعدود فليس كذلك كأنيقول اذا ضاف عندي احد فماذا اصنع فتقول اكرم من ضاف عندك و ذلك مما يفهمه اهل العرف و يكشف عن ذلك ايضاً المقبولة الحنظلية و فيها قيل فان كان كل واحد منهما اختار رجلاً من اصحابنا فرضيا انيكونا الناظرين في حقهما و اختلفا فيما حكما و كلاهما اختلفا في حديثكم فقال الحكم ما حكم به اعدلهما و لاشك انه لميرد مطلق حكم الاعدل حتي في عاديات الدنيا و العقايد و العقليات و انما المراد من الحكمين المذكورين و كذلك في حديث زرارة المرفوع المشهور قال سألت الباقر7 فقلت جعلت فداك يأتي عنكم الخبران او الحديثان المتعارضان فبايهما اخذ فقال7 خذ بما اشتهر بين اصحابك و دع الشاذ النادر و لاشك انه لميرد كل ما اشتهر بين الاصحاب من الاراجيف و اخبار الافاق و العادات بل المراد من الحديثين و لذا قال زرارة فقلت يا سيدي انهما معاً مشهوران مرويان مأثوران عنكم فقال7 خذ بقول اعدلهما عندك و اوثقهما في نفسك و لاشك انه لميرد كل قول للاعدل و لو في الامور العادية و الموضوعات و العقايد الي اخر الخبر و هذا هو ما يفهم منه عرفاً مع انه الفرد القطعي و الباقي مشكوك اقلاً و روي دع ما يريبك الي ما لايريبك.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۷ *»
قال: اصل اتفقوا علي جواز تخصيص العام بمفهوم الموافقة و في جوازه بمفهوم المخالفة وجهان اوجههما ذلك للعرف كما ان العرف يخصص المنطوق الاعم بالمنطوق الاخص و المفهوم الاعم بالاخص منطوقاً و مفهوماً.
اقول: هذا الاصل فرع جواز التخصيص بمحض ورودهما و قد ذكرنا انه ليس من مذهب المحمد: و لمينطق به كتاب و لاسنة و لميقم عليه اجماع و الشيعة مختلفون في ذلك فقوله «اتفقوا» كلام به اخبر عن الغيب و لميوافق الواقع.
و قوله «بمفهوم الموافقة» فانا قلنا ان مفهوم الموافقة ليس بحجة كليةً و انه القياس بطريق الاولي و ورد في تحريمه اخبار عديدة اللهم الا انيكون ذلك معروفاً في العرف و يكون القراين عليه موجودة و يكون في موضع عرفاً تعبيراً عن الافراد القوية كقول القائل ماعندي فلس فانه عرفاً عرف بنفي جميع الافراد و منه قوله تعالي و لاتقل لهما افّ فانه عرفاً نهي عن جميع افراد الاذي و القراين عليه موجودة.
و قوله «و في جوازه بمفهوم المخالفة وجهان» الخ فالمصنف فصّل المتعارضين بان التعارض بين العام و الخاص اما بمنطوقهما فقال لاخلاف في تقديم الخاص لقوة دلالته عرفاً و هو ترجيح ماانزل الله به من سلطان و لميرد به نص و هو رأي محض و اما بين مفهوميهما كقوله لاتكرم العلماء ان دخلوا دارك و مفهومه اكرم العلماء ان لميدخلوا دارك و اكرم زيداً العالم ان دخل دارك و مفهومه لاتكرم زيداً ان لميدخل دارك فقال لااشكال في تقديم المفهوم الاخص علي المفهوم الاعم و قدعرفت ان في التخصيص اشكال و ايّ اشكال و اما بين مفهوم العام و منطوق الخاص كقوله اكرم العلماء ان دخلوا دارك و مفهومه لاتكرمهم ان لميدخلوا دارك و اكرم زيداً العالم ان لميدخل دارك فقال فلا كلام في تقديم منطوق الخاص ايضاً و اما بين منطوق العام و مفهوم الموافقة للخاص كقوله كل من دخل داري فاضربه و ان دخل داري زيد فلاتقل له اف فالعمل بمفهوم الموافقة و اما بين منطوق العام و مفهوم المخالفة للخاص كقوله اكرم العلماء و اكرم زيداً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۸ *»
ان دخل الدار قال بناء العرف علي تقديم المفهوم الاخص.
فاقول اما التخصيص فمطلقا غيرمأثور و لايجوز في كلام من لايغلط و لايسهو و لايغري بالباطل و لايندم و الامر فيه كما اوقفونا عليه في الاخذ باخبارهم المختلفة نعم اذا تعارض المفهوم و المنطوق في حديثين و لاامكن ترجيح احدهما بالقواعد المعروفة المأثورة فعندي المنطوق مقدم في العمل و الاختيار و ان لميكن واجباً فان عدم ارادة المفهوم من الكلام غيرعزيز و الانسان اذا اراد انيخبر بعدم ارادته المفهوم يخبر بالمنطوق و ذلك المنطوق كلام من صدر عنه ذو المفهوم و هو اعلم بارادة قلبه و معذلك نحن مخيرون في الاخذ بكل واحد و المنطوق ابعد من الريب و روي دع ما يريبك الي ما لايريبك فنختار المنطوق لصراحته.
قال: اصل لا ريب في جواز تخصيص الكتاب به و بالاجماع و الخبر المتواتر لفظاً او معني و اصح الاقوال الخمسة جوازه بالواحد حذراً من لزوم المخالفة القطعية لولاه و لطريقة العرف و لكون ذهاب الاكثر الي ذلك مرجحاً بعد الدوران بين العملين اقول مضافاً الي ما سيأتي في حجية الظن.
اقول: ماادري ما معني هذا التخصيص الذي يكرره المنصف و ما معني تخصيص الكتاب ان كان المراد نسخ حكم الاية السابقة فذلك ممكن و واقع لكن لميجر الاصطلاح في تسمية النسخ بالتخصيص فانه ربما يكون الناسخ اعم و ربما يرفع تمام حكم العام السابق فينبغي انيكون اراد من التخصيص غير النسخ و ذلك غيرمعقول في كتاب الله انيكون انزل اية عامة و كان مراده في علمه خاصاً ثم انزل بعد سنين ما يخصص ذلك العام بساير الافراد و يبين ان هذا الفرد لميكن مرادي فعلي ذلك محال تخصيص الكتاب به و بالاجماع و بالخبر المتواتر و الاحاد و ان كان المراد خلاف المتعارف و اراد النسخ نعم يمكن انينسخ الكتاب به و بالضرورة و الاجماع المحقق و بالخبر الواحد الصحيح الذي لامعارض له و بالخبر المتواتر المعمول لا بادلة المصنف التي هي اوهن من بيت العنكبوت بل لقول علي7 في خطبة في صفة القرءان مفسراً جمله و مبيناً غوامضه بين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲۹ *»
مأخوذ ميثاق علمه و موسع علي العباد في جهله و بين مثبت في الكتاب فرضه معلوم في السنة نسخه و واجب في السنة اخذه مرخص في الكتاب تركه و بين واجب لوقته و زايل في مستقبله و مباين بين محارمه من كبير اوعد عليه نيرانه او صغير ارصد له غفرانه و بين مقبول في ادناه و موسع في اقصاه الخطبة فبيّن7 انه يمكن انيكون شيء مثبت في الكتاب فرضه و جرت السنة بنسخه هذا و النبي9 شارح الكتاب و في الكتاب ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا فاذا اتي باية ثم بعد زمان قال لاتعملوا بها وجب علينا بحكم الكتاب اتباعه فاذا جاء خبر صحيح في رفع حكم الكتاب و نسخه فان كان صحيحاً واحداً بلامعارض يرفع به حكم الكتاب و ان كان له معارض فالعمل علي ما يوافق الكتاب بحكم المحمد:.
فقوله «و اصح الاقوال الخمسة جوازه» فان منهم من قال انه يجوز مطلقا و منهم من قال انه لايجوز مطلقا و منهم من قال ان خصص الاية قبل هذا الخبر بدليل قطعي جاز تخصيصه به و الا فلا و منهم من قال بالجواز ان خصص قبله بدليل منفصل قطعي او ظني و منهم من توقف لاختلاف الانظار و المصنف رجح الجواز نظراً الي ان جلّ الاخبار مخالف للكتاب لاية او لايتين و ازيد كما ان جميع الاحاديث المثبتة حكماً اقتضائياً لشيء مناف للايات الدالة علي البراءة الاصلية او الاباحة كقوله خلق لكم ما في الارض جميعا و هي باجمعها مخصصة للكتاب.
قوله «حذراً» الخ يعني ان لمنجوز التخصيص يلزمنا المخالفة القطعية للحق الواقع فانا نعلم علماً قطعياً بان كثيراً من الاخبار الخاصة المعارضة لعموم الكتاب مطابق للواقع فلو تركنا الاخبار لمعارضة عموم الكتاب خالفنا الحق القطعي و ذلك كلام يعارض بمثله و لقائل انيقول و نحن نعلم ان كثيراً من الاخبار الخاصة المخالفة للقرءان صادر عن تقية او مكذوب و لذلك امرونا بالعرض علي الكتاب في اخبار متضافرة و ترك ما خالفه واخبرونا انهم لايخالفون الكتاب و ما خالفه مكذوب عليهم و يجب تركه فلو خصصنا الكتاب بكل خبر خاص خالفنا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۰ *»
الحق القطعي فالمرجع القواعد المأثورة و لميؤثر تخصيص العمومات في خبر من الاخبار و كذا نعلم قطعاً انه لو كان التخصيص من دين الله لماخلت الاخبار بحذافيرها عن هذه القاعدة.
و استدل له ايضاً بالعرف و نحن لانعرف العرف المختلف فيه و هؤلاء المختلفين ايضاً من العرف و ما للعرف و هذه المسألة الفقاهية و استدل ايضاً بذهاب الاكثر الي ذلك و ليس الاكثر من براهين الله علي الحق بل قال و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله و قد مرّ الاشارة اليه و سيأتي انشاءالله و لما كان بناؤه علي الظن جعل ذهاب الاكثر من اسباب الترجيح مع ان المسألة اصولية و لايجوز العمل فيه بالظن عندهم.
و قوله «بعد الدوران بين العملين» فمراده ان السلب الكلي و عدم الجواز باطل للمخالفة القطعية و العمل ببعض الخواص دون بعض لا مرجح له شرعاً فيدور الامر بين العملين اما الايجاب الكلي اي الجواز مطلقا او التبعيض بطريق التخيير فالاخذ بالايجاب الكلي اخذ بالتبعيض بطريق التخيير فالعمل به لازم و هذه الادلة عند فقهاء المحمد: اراء منهيعنها و لايجوز القول بها و العمل فالمدار علي ما ذكرنا و يزيد ذلك توضيحاً انه ما من شيء يختلف فيه اثنان الا و له اصل في كتاب الله و لايعلم ذلك الاصل الا من نزل الكتاب في بيتهم فهم اذا نسخوا الكتاب بخبر فانما ذلك الحكم الناسخ له ايضاً اصل في كتاب الله لايبلغه عقولنا و قد تواتر الاخبار ان علم الكتاب عند المحمد: و هم العالمون بناسخه و منسوخه و عامه و خاصه و هم الشارحون للكتاب الذين امرنا بالاخذ منهم و يلزمنا في حكم التسليم لهم اننترك اكثر ما في الكتاب و السنة لو امرونا به كما روي ان الامام عليه السلام و عجل الله فرجه يأتي بشرع جديد و كتاب جديد و هو علي العرب شديد فنحن نأخذ بالكتاب لامرهم بالاخذ به فلو امرونا بترك اية نعمل بقولهم و هم الكتاب الناطق فالمحكم ما قالوا انه محكم و الناسخ ما قالوا انه الناسخ و ما لنا و التصرف في دينهم و شرعهم و لانقول كالثاني حسبنا كتاب الله بل نقول حسبنا امامنا المعصوم المطهر الناطق القائم فينا مقام الله و سيأتي انشاءالله لذلك مزيد بيان في شرح احوال الكتاب و اما ما روي من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۱ *»
العرض علي الكتاب فانما هو في المتعارضين هذا و ما يعرض عليه من الكتاب هو الكتاب المجمع علي تأويله و بقائه و عدم نسخه كمايأتي في محله لا كل اية والله الموفق للصواب.
تتميم: اعلم ان العام و الخاص اما متوافقان في الحكم اثباتاً و نفياً كقوله اكرم المؤمنين و اكرم زيداً المؤمن فلا شك انه يجب العمل بهما جميعاً و ليس مفهوم اللقب حجة حتي يعارض العام و اما متنافيان كقوله اكرم المؤمنين و لاتكرم زيداً المؤمن فالمعروف منهم ان الخاص مقدم حتي عند بعض الاخباريين و دليلهم علي ذلك ان العمل بالعام يوجب القاء الخاص بالمرة من غير عكس و الخاص مبين للمراد من العام و ذلك سخيف فانه لايجوز للشيعة المسلّم ترك قول امامه الا بامر للامام فلو ترك العام لمحض ورود الخاص او ترك الخاص لمحض ورود العام لقد عمل بالرأي و الهوي و لايجوز و اما اذا عمل بقول امامه و عرضهما علي الكتاب و ترك المخالف او عرضهما علي السنة الجامعة و ترك المخالف او عرضهما علي العامة و ترك الموافق فايّ ضرر في ترك احدهما علي الشيعة المسلّم بل لو قدّم الخاص مطلقا و ترك هذه المرجحات المنصوصة لقدترك الاحاديث المتواترة الدالة علي ترجيح الخبرين المتعارضين و هو غير جايز قطعاً هذا و تقديم الخاص ترك المدلول الحقيقي للعام بمحض ورود الخاص و لا دليل علي ذلك الترك و الاخذ بالخاص و حمل العام علي المجاز.
و دليل اخر لهم ان الخاص بالاضافة الي العام قطعي و العام ظني و لايجوز ترك القطعي الي الظني و ذلك ايضاً كسابقه في السخافة فان العام لو كان ظنياً للزم انيكون الائمة امرونا بالعمل بالظن حيث القوا الينا الاصول و الكليات و قد نزل مائة اية في الكتاب علي تحريم العمل بالظن و صدر الف و مائتا حديث علي حرمة العمل بالظن علي ما عدّه بعض اصحابنا و من هذه الايات و الاخبار يظهر ان مذهب المحمد: حرمة العمل بالظن و هم قد القوا الينا الاصول و امرونا بالعمل بها فليس مفادها ظنياً هذا و جميع من نطق بلسان من الالسنة يعرف ان مفاد المؤمنون مثلاً جميع المؤمنين و ارادة البعض يحتاج الي قرينة و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۲ *»
ليس محض ورود الخاص قرينة ارادة البعض من العام اذ لعل الخاص تقية منهم و لايجوز العمل به او العام ناسخ الخاص و ان قلت اذا كان ترجيح لاحدهما فنحن نعمل بالراجح و انما كلامنا عند فقده و اقتضاء نفس العام و الخاص قلنا اثبات هذا المقتضي بالرأي و الخرص و لا برهان له في دين الله لا اجتهاداً و لا فقاهةً كما قدّمنا.
و دليل اخر لهم ان الخاص بمنزلة الاستثناء و هو محض خرص و قياس منهيعنه لابرهان عليه من الله جلشأنه و دليل اخر انه لو قال السيد لعبده اكرم اليوم من دخل داري ثم قال لاتكرم زيداً و ان دخل داري ان اكرم زيداً عدّ عاصياً فعلم ان بناء العرف علي العمل بالخاص اقول هذا قياس افعال حجج الله الشاهدين الحكماء بالجهال فان النبي اذا قال مثل هذا الكلام و بينهما فصل يجب انيحمل كلامه انه في الاول رأي ان جميع من دخل الدار مستحق للاكرام فقال كذلك علي العموم ثم بعد ايام صدر من زيد ما لايجوز معه اكرامه و علم به النبي او الامام فنهي عنه و هو ناسخ لهذا الفرد من العام و الباقي علي حاله و ليس بتخصيص كما زعموا و ان صدر من امام مثلاً في موضع خال من التقية ثم غلب الاشرار فرأي انه اذا اكرم زيد و هو من شيعته ربما يكون سبب هلاكه فنهي عن اكرام زيد حفظاً عليه و اما قول السيد لعبده بعد قوله علي العموم لاتكرم زيداً فيدل علي ندامته او تذكره منه شيئاً يوجب اكرامه و كان في الاول ناسياً او اشتبه عليه في الاول و لذلك وجب العمل بالثاني و هذا هو ديدن الجهال و لايعرف العرف التخصيص و هذه الخيالات فلايجوز حمل كلام العالم السايس المدبر الحكيم علي كلمات الجهال و هذا ديدنهم في الاستدلال في كل موضع كما سمعت.
ثم انهم قالوا اذا صدر عام و خاص فان كان التاريخ معلوماً و اقترنا حقيقةً كصدورهما من معصومين فلاخلاف في انه يحمل العام علي الخاص و ذلك كلام مزين لااصل له من جهات الاول انه ليس يوجد في الاخبار مثله و الثاني ان ائمتنا ليسوا بمجتهدين معاصرين ينطق كل واحد مع الاخر و ائمتنا في كل عصر ناطق و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۳ *»
صامت و الصامت يروي عن الناطق في حيوته و معذلك لامعني لتقديم الخاص فلعل احدهما في تقية دون الاخر و ان قيل كما قيل ان غرضنا اقتضاء العام و الخاص من حيث انفسهما لا من حيث المرجحات الخارجية قلنا ذلك ايضاً كلام من غير برهان و العام و الخاص من حيث انفسهما ايضاً لايدلان علي تقديم الخاص علي العام كما عرفت في ادلتهم.
قالوا و لو كان الاقتران عرفياً كأنيقول رجل واحد اكرم المؤمنين ثم قال لاتكرم زيداً خصص العام ايضاً لفهم العرف فاقول ان المعصوم لايقول مثل هذا القول و مااتفق في احاديثنا ذلك و هو محض خيال و قياس حكماء بجهال كما عرفت.
قالوا و لو علم التاريخ و تأخر الخاص بعد حضور العمل بالعام فالجمهور علي ناسخية الخاص لعدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة اقول و هذا يصح في قول النبي9 و اما في اخبار الائمة: فلابد من القول بالمرجحات و العرض علي العامة فان فقدت المرجحات فالامر بالتخيير كما يأتي و روي خذوا بالاحدث فانه لتقية حدثت و ارتفاعها غيرمعلوم او لتقية ارتفعت و حدوثها ثانياً غيرمعلوم فامروا بالعمل بالاحدث و لعمري هو الحق لو كان المكلف مشافهاً او معاصراً كما هو الظاهر من الاخبار و اما في زمان الغيبة و صدور حكم الرخصة و تفرق الشيعة و المخالفين فيشكل الامر بتعيينه هذا و لعل العام متأخر عن الخاص.
بالجملة لو علم التاريخ و تأخر العام فمنهم من قال ان العام ناسخ و منهم من قال ان الخاص مخصص لرجحان التخصيص و غلبة بقاء الاحكام و فيه جمع بين الدليلين و ذلك ايضاً كلام غيرمتين اما القول بالنسخ مطلقا فهو مخصوص باحاديث النبي9 و مقتضي مذهب العامة و اما التخصيص فلما عرفت مكرراً و لان هذا الدليل مناطه وصف الظن و ان الظن لايغني من الحق شيـئاً.
و لو جهل التاريخ رأساً فالمعروف من مذهبهم العمل بالخاص بلااختصاص و برهنوا عليه بغلبة التخصيص و هو من مقتضيات العمل بالظن مع ان حصول الظن من محض الورود ممنوع و هو محض قول لاسيما بعد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۴ *»
احتمال النسخ و ان قيل انه قليل فالتقية اكثر كثير.
بالجملة هذا في العام المطلق و الخاص المطلق و اما ان كانا من وجه فان كان احدهما اقل افراداً من الاخر فيقدم عند الاكثر من غير وجه و لا دليل الا محض خيال و تمثيل و لان عليه العرف كما قيل و لاعبرة به عند تابعي الدليل و يعمل فيهما كالعام و الخاص فيما مرّ و ان كانا متساويين فلا عرف فيه يبني عليه فالمتأخر ناسخ و في الباقي توقف و ذكرنا هذه الاقسام و ان لميذكرها في المتن لانهم يذكرونها في المطولات و ذكرها المصنف في الضوابط و اردنا الاشارة اليها في هذا الشرح.
قال: اصل قد يعرّف المطلق بانه ما دلّ علي مهية من حيث هي لا بقيد وحدة و لا كثرة و قد يقال انه ما دلّ علي شايع في جنسه و عرّفوا المقيد بانه ما يدلّ لا علي شايع في جنسه و عرّف ايضاً بما اخرج عن شياع و النسبة بين تعريفي المقيد عموم من وجه و كذا بين المطلق بالمعني الاخير و المقيد بالمعني الثاني و لو عرّف المطلق بانه احد الامرين اما الدالّ علي المهية او علي الشايع في جنسه لكان اقرب.
اقول: اختلفوا في تعريف المطلق فمنهم من عرّفه بانه ما دلّ علي ماهية من حيث هي هي كقولك الرجل خير من المرأة و هذا رجل لاامرأة و يخرج من التعريف مثل رأيت رجلاً و رأيت زيداً و منهم من عرّفه بانه ما دلّ علي شايع في جنسه اي انه ما وضع لامر كلي و اريد منه فرد غيرمعين و يحتمل منه ارادة كل فرد علي البدلية نحو رجل فيشمل النكرة و المعرف بالعهد الذهني نحو اكرم رجلاً و نحو و لقد امرّ علي اللئيم يسبّني و نحو كمثل الحمار يحمل اسفاراً و النسبة بين المعنيين تباين كلي و كذا اختلفوا في تعريف المقيد فمنهم من عرّفه بانه ما يدل لا علي شايع في جنسه فيشمل الاعلام كزيد و المبهمات كالذي و منهم من عرّفه بما اخرج عن شياع كالمؤمنة في رقبة مؤمنة فان الرقبة الشايعة في المؤمنة و الكافرة خصصت بالمؤمنة مما تشمله و مثل هذا الرجل فانه خارج
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۵ *»
من شيوع الرجال بالتعيين.
و لاحاصل في هذه التعريفات و نحن نكتفي بقول علي7 ابهموا ما ابهمه الله فكل لفظ اطلقه الشارع و لميخصه بموضع معين نحن نطلقه و لانقيده بموضع معين و ان قيده بموضع معين فنحن ايضاً نقيده بذلك الموضع فننطق بما نطقوا و نسكت عما سكتوا و قد سماها اميرالمؤمنين7 بالمرسل و المحدود في خطبة ذكر فيها القرءان و قال و خلف فيكم ما خلفت الانبياء في اممها اذ لميتركوهم هملاً بغير طريق واضح كتاب ربكم مبيناً حلاله و حرامه و فرايضه و فضائله و ناسخه و منسوخه و رخصه و عزائمه و خاصه و عامه و عبره و امثاله و مرسله و محدوده و محكمه و متشابهه فالمرسل معناه المطلق و المحدود معناه المقيد بحدود معينة فيجب علي الشيعي انيرسل ما ارسله الشارع و لميحده بحد و يحد بحد ما حددوه فالمبهم و المرسل معناهما عندنا واحد و هو المطلق عند القوم و المطلق عند الائمة: بمعني المباح كقولهم كل شيء لك مطلق اي مباح و مرخص فيه.
قوله «و النسبة» الي اخر هذا من مهم علومهم انيستخرجوا النسب بين الاشياء و لافائدة فيه غير تضييع العمر فقال النسبة بين تعريفي المقيد عموم من وجه يتصادقان علي هذا الرجل فانه لفظ دلّ لا علي شايع في جنسه بل علي شخص معين و هو الذي اخرج عن شياع مطلق الرجل و يصدق الحد الاول علي مثل زيد فانه لفظ دال لا علي شايع و لايصدق عليه الحد الثاني فانه لميخرج زيد من شايع في الزيدين و يصدق الثاني علي رقبة مؤمنة دون الاول فانه لايدل علي شايع في جنسه.
و قوله «و كذا بين المطلق» الي اخر يعني ان النسبة بين ما دلّ علي شايع في جنسه و بين ما اخرج من شياع عموم من وجه اذ يتصادقان علي رقبة مؤمنة فانها تدل علي شايع في جنسه من حيث نفس الرقبة و ان خصت بالمؤمنة و يصدق الحد الاول علي الرقبة مطلقة و لايصدق عليها الحد الثاني فانها لمتخرج من شياع و يصدق الثاني علي هذا الرجل دون الاول و ليس في هذه التحقيقات علم مفيد الا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۶ *»
انه لابد لي من الشرح.
و قوله «و لو عرّف المطلق» الي اخر فذلك لان الفقهاء اذا اطلقوا المطلق في كتبهم استعملوه في كلا المعنيين و لا شيء في ذلك و الحق الكافي ما ذكرناه.
قال: اصل العموم المستفاد من المطلق بدلياً و استغراقياً اما افرادي او تركيبي و الاصح ان من شرط حمله عليه التواطي و عدم الورود مورد بيان حكم اخر فلو لميكن متواطياً انصرف الي الفرد الشايع و في كون الحمل علي الشايع لاجل النقل او الاشتراك اللفظي الموجب للحمل علي اشهر المعنيين او المجاز المشهور او لانه القدر المتيقن او لاجل كون الشهرة قرينة مفهمة او التفصيل بين المضر الاجمالي فالرابع و مبين العدم فالاخير وجوه اقويها الاخير للعرف.
اقول: قوله «المستفاد من المطلق» الي اخر يعني العموم الذي يستفاد من الرجل في قولك اكرم الرجل مثلاً سواءاً كان كل فرد فرد علي البدلية او استغراقياً يشمل جميع الافراد علي ان الجنس المحلي يفيد العموم الاستغراقي اما افرادي و هو عنده هو الذي يكون جميع مصاديق اللفظ مندرجاً تحته اندراج الجزئي تحت الكلي نحو اعتق رقبة فان الرقبة عام يشمل الاسود و الابيض و المؤمن و الكافر و اما تركيبي و هو عنده ما يستفاد من الهيئة التركيبية فيكون شاملاً لما هو خارج عن مصاديقه نحو اكرم العلماء فانه اعم من جميع الامكنة و الازمنة و الحالات.
قوله «و الاصح» الي اخر يعني لحمل المطلق علي العموم شروط و من شروطه انيكون متواطي الافراد و الا انصرف الي الظاهر و لابأس بقوله هذا و يدل علي ذلك من الاخبار انه سئل ابوعبدالله7 عن رجل طلّق امرأته طلاقاً لاتحل له حتي تنكح زوجاً غيره فتزوجها عبد ثم طلّقها هل يهدم الطلاق قال نعم لقول الله عزوجل حتي تنكح زوجاً غيره و هو احد الازواج فان هذا هو المتداول و الشارع يتكلم علي طريق عرف العرب كما مرّ و طريق العرف هو هذا فلو قال الطبيب للمريض كل اللحم لايتبادر منه ابداً لحم الحية مثلاً بل يتبادر منه اللحوم المعروفة.
و من شروطه ان لايكون اللفظ وارداً لبيان حكم اخر و مثّل له المصنف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۷ *»
بقوله كلوا مما امسكن عليكم حيث ان الاية نازلة في حلية الاكل فلايشمل عموم لفظ ما امسكن طهارة موضع العض قبل الغسل و لابأس بهذا القول ايضاً فلو قال الشارع لحم الشاة حلال لايشمل هذا الاطلاق المغصوبة و الموطوءة و الجلالة فان مورد اللفظ اظهار ان لحم الشاة من حيث انه لحم شاة حلال و ليس بصدد بيان ما يعرض عليها من الحالات و الذي استنبطنا من الاخبار انه اذا تعلق الحكم بالماهية يعم الحكم جميع ما ظهرت به و اذا تعلق ببعضه علي الابهام يكفي كل جزء علي البدلية و يدل علي ذلك ما قيل لابيجعفر7 الاتخبرني من اين علمت و قلت ان المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين فضحك و قال يافلان قاله رسول الله9 و نزل به الكتاب من الله عزوجل لان الله عزوجل قال فاغسلوا وجوهكم فعرفنا ان الوجه كله ينبغي انيغسل ثم قال و ايديكم الي المرافق فوصل اليدين الي المرفقين بالوجه فعرفنا انه ينبغي لهما انيغسلا الي المرفقين الخبر و قال7 في حديث اخر ان الله تعالي يقول ياايها الذين امنوا اذا قمتم الي الصلوة فاغسلوا وجوهكم و ايديكم فليس له انيدع شيئاً من وجهه الا غسله و امر بغسل اليدين الي المرفقين فليس له انيدع من يديه الي المرفقين شيئاً الا غسله لان الله تعالي يقول فاغسلوا وجوهكم و ايديكم الي المرافق و في الاصول الاصلية في حديث لو قال امسحوا رءوسكم لكان عليك المسح بكله.
قوله «و في كون الحمل علي الشايع» الي اخر يعني انهم اختلفوا بعد ما اختاروا في التشكيك الحمل علي الشايع فمنهم من قال ان اللفظ منقول الي الفرد الشايع لغلبة الاستعمال و لازمه تعارض العرف و اللغة فان قدّم العرف حمل علي الشايع و ان قدّم اللغة حمل علي الكلي و قيل انه من باب الاشتراك التعييني لغلبة الاستعمال فهو مشترك لفظي بين الكلي و الفرد الشايع و الشهرة و غلبة الاستعمال قرينة معينة للشايع و قيل ان اللفظ في الفرد الشايع مجاز مشهور و الشهرة قرينة صارفة و حمله علي الشايع علي هذه الاقوال اجتهادي و قيل ان الفرد الشايع هو المدلول اليقيني و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۸ *»
الباقي مشكوك فمن الفقاهة يحكم للفرد الشايع و قيل ان اللفظ يستعمل في الكلي ولكن الشهرة قرينة صارفة مفهمة لارادة الفرد الشايع بحيث صارت الافراد النادرة مبينة العدم فهذا اجتهادي و قيل ان كان التشكيك بدوياً علي قولهم كالانسان بالنسبة الي ذيالرأسين فيحمل علي الكلي و ان كان مضراً مورثاً للاجمال فالحق مع صاحب القول الرابع و ان كان مبين العدم فالحق مع صاحب القول الخامس و استدل علي ذلك بفهم العرف و لايعرف اهل العرف شيئاً من هذه الخيالات و هذا هو مختار المصنف.
بالجملة جعلوا امرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون و كلها نفخ في غير ضرام و لا فائدة فيها لدين الملك العلام و لايجوز ابتناء الدين عليه عند الاعلام.
قال: اصل التشكيك قد يحصل من غلبة الوجود و قد يحصل من غلبة الاستعمال و مع التعارض ففي تقديم ايهما وجهان و المرجع العرف و هل التشكيك من موانع ظهور اللفظ في الجميع او عدمه جزء المقتضي او شرطه احتمالات اقربها الاول كمايساعده العرف فمتي شك في التواطيء و التشكيك فالاصل التواطي.
اقول: هذه خيالات اخر سنحت للمصنف و كلها مضيع للعمر مفسد للقلب و لابد من شرح ذلك الاصل ايضاً لاظهار ما فيه اعلم انه يقول عدم كون افراد الماهية متساوية قديكون من جهة ان بعض افرادها اقوي وجوداً من بعض و قديكون من جهة ان اللفظ في بعضها اكثر استعمالاً من بعض فاذا اتفق لفظ و كان بعض افرادها اغلب استعمالاً و بعضها اقوي وجوداً و اقل استعمالاً ففي تقديم احدهما علي الاخر اشكال و لااعرف معني ايهما هنا في كلام المصنف فان «ايّ» تأتي علي خمسة اوجه شرط و استفهام و موصول و صفة تظهر الكمال و حال و لايستقيم هذه علي معني منها.
بالجملة يريد انيقول ففي تقديم كل واحد منهما وجهان ظنيان لايجريان في دين الله و لاتقولن اذا كنت لمتحقق امثال هذه المعاني فماذا تصنع لو اتفق في الاخبار فانا و الحمدلله علي بصيرة من امرنا فما كان من امر من الامور بيّناً لا شك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳۹ *»
فيه نعمل به و ما كان من امر متشابهاً مشكلاً نرده الي الله و رسوله كماامرونا به في احاديث لاتحصي و لانقول فيه بارائنا الناقصة و ظنوننا الفاسدة الكاسدة و في العمل هو من الشبهات و الاحتياط طريق النجاة و سيأتي تفصيل هذه المقامات و بعد هذه الشكوك ارجعه الي العرف فان كانوا لايعرفون شيئاً فلم جعلهم قدوة و ان كانوا يعرفون المعني من غير انيصرفوا عمرهم في هذه الاصول و معذلك بلغوا مبلغ المطاعية فلاحاجة اليها.
قوله «و هل التشكيك» الي اخر يعني ان وقوع التشكيك بايّ معني كان هل هو مانع ظهور اللفظ في الجميع و الا فاللفظ كان تام الاقتضاء في الدلالة علي الجميع او عدم وقوع التشكيك جزء المقتضي او شرطه يعني اللفظ مع عدم وقوع التشكيك في الافراد او بشرط عدمه مقتض للحمل علي جميع الافراد و لما فقد الجزء او الشرط صار يحمل علي البعض احتمالات لاتسوي بفلس اسود مطلس و اقربهما عند المصنف الاول كما يساعده العرف علي ظنه و هم البريئون من هذه الاوهام و يعدّونها اضحوكة.
قوله «فمتي شك» الي اخر يعني مهما شك شكاك في ان افراد هذا اللفظ متواطئ او مشكك فالاصل التواطي و هو غلط و ينبغي انيقول التواطؤ و دليله ثبوت المقتضي و عدم ثبوت المانع و لان الاصل عدم وجود الغلبة و الاصل عدم الالتفات الي الغلبة علي فرض وجودها و لان بناء العرف علي حمل اللفظ علي معناه الظاهر و يحمل المطلقات عليه الحاقاً بالاغلب بل الاستقراء فيها ايضاً يفيد ذلك و كل ذلك اهواء و اراء اثمها اكبر من نفعها و ما كان من باب الاصول فلايستعمل في فهم الالفاظ كما قدمنا مكرراً فان انصفت عرفت و ليس بناء فهم الاخبار التي كانت بنات التسع و الاعراب تسمعها و تفهمها و تعمل بها و تكلف بها علي هذه الخيالات و الوهميات ابداً أليس يردعنا قول الرضا7 ان هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترهم بالشبهة و لبّس عليهم امر دينهم و ارادوا الهدي من تلقاء انفسهم فقالوا لم و متي و كيف فاتاهم الهلك من مأمن احتياطهم و ذلك بما كسبت ايديهم و ما ربك بظلام للعبيد و لميكن ذلك لهم و عليهم و الواجب لهم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۰ *»
من ذلك الوقوف عند التحير و ردّ ما جهلوه من ذلك الي عالمه و مستنبطه لان الله يقول في كتابه و لو ردّوه الي الله و الي الرسول و الي اوليالامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم يعني المحمد: و هم الذين يستنبطون منهم القرءان و يعرفون الحلال و الحرام و هم الحجة علي خلقه الخبر.
قال: اصل اذا ورد مطلق و مقيد فله من حيث اتحاد متعلق الحكم فيهما و اختلافه و اتحاد موجب الحكم و تعدده و الاثبات و النفي فيهما و الاختلاف و كون الحكم فيهما ايجاباً ام ندباً ام (او خل) غيرهما من الاحكام التكليفية او الوضعية و العلم بتاريخ الصدور و الجهل به صور كثيرة تزيد علي مأتين و المعيار في الجميع من حيث حمل المطلق علي المقيد و عدمه فهم العرف و التبادر ما لميرد دليل الخلاف و فيما يحمل عليه يجعل بياناً لا ناسخاً الا اذا ورد المقيد بعد زمان حضور العمل بالمطلق.
اقول: المراد انه اذا ورد مطلق و مقيد فاما انيكون الحكم فيهما متحداً نحو اعتق رقبة و اعتق رقبة مؤمنة او مختلفاً نحو اكرم عبداً و اعتق عبداً حبشياً و الظاهر ان تعبير المصنف بمتعلق الحكم نظراً الي ان المصدر متعلق الحكم اي العتق و الاكرام و علي ايّ حال اما يتحد الموجب للحكم كأنيكون موجبهما الظهار مثلاً او يكون موجب احدهما الظهار و موجب احدهما افطار شهر رمضان و علي ايّ تقدير اما يكونان مثبتين او منفيين او مختلفين و علي ايّ حال يحتمل في كل واحد انيكون الحكم فيه ايجاباً او ندباً او غيرهما و ام في كلام المصنف في غير محله و كذلك قد يعلم تاريخ صدورهما و قد لايعلم او يختلفان في ذلك و المصنف ارجع الجميع الي العرف و جعل اهله قدوته مع جهلهم بهذه التشقيقات التي اتعب المصنف فيها نفسه و صرف فيها عمره و ارجعه الي التبادر.
و قوله «فيما يحمل عليه» الي اخر يعني في صور يحمل فيها المطلق علي المقيد يجعل المقيد بياناً و ليس بناسخ لاطلاق المطلق الا اذا ورد المطلق بعد زمان العمل و هذا بناءاً علي عدم جواز النسخ قبل العمل و سيأتي تفصيل المسألة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۱ *»
انشاءالله.
و لنا في ذلك كلام نذكره هنا علي الاجمال اعلم ان كل شيء في نفسه هو هو لاحكم له في نفسه لنفسه كما قال اميرالمؤمنين7 و قد مرّ حديثه و اذا اقترن بالمكلف حدث من ذلك الاقتران حدث و ذلك الحدث اما فيه صلاح الانسان و اما فيه فساده والله سبحانه من رحمته و فضله شاء انينبّه الانسان علي ما فيه صلاحه و فساده ليعيش الي منتهي اجله و يظهر منه ما جعل في قوته من الكمال فارسل اليهم الرسل و شرع لهم الشرايع فجعل لكل شيء حكماً فمنها ماهيات الاشياء النوعية الموجودة في ضمن وجود الاشياء و تعطيها حدّها و اسمها اذ من غير هذه الحيثية لاتصير متعلق حكم كما مرّ و منها حدودها العرضية من مكانها و زمانها و كمّها و كيفها و وضعها و منها اقتراناتها و نسبها و ساير حالاتها و كل واحد اذا تعلق به حكم يذكر في الخطاب و يعلق عليه الحكم حتي يعلم المخاطب ان متعلق الحكم ايّ شيء هو مثلاً اذا قال الشارع لاتغصب و نهي عن ماهية الغصب و لميقل في ايّ زمان و في ايّ مكان و لميذكر كمّاً و لا كيفاً و اكتفي باصل الماهية علم ان متعلق الحكم ماهية الغصب النوعية الموجودة في جميع الافراد فكل فرد من افراد الغصب الموجود فيه الماهية المسمي باسمها المحدود بحدها حرام لايجوز ارتكابه و اما اذا قال لاتصل في الحمام علم ان متعلق الحكم المكان و النهي من حيث ايقاعها في المكان لا من حيث نفسها و الا كان لفظ في الحمام لغواً لايصدر من الحكيم و بناء عرف الحكماء الفصحاء عليه و اذا قال لاتصم يوم العيد علم ان متعلق الحكم الزمان و اذا قال لاتصدق باقل من خمسة دراهم علم ان النهي متعلق بحيث الكمية و اذا قال لاتقربوا الصلوة و انتم سكاري او لاتسجد كنقرة الغراب و فرشة الاسد علم ان النهي من حيث الكيفية و اذا قال لاتترك الصلوة في الجماعة او لاتصل ملقياً ذقنك غامضاً بصرك حايناً ظهرك مثلاً علم ان النهي من حيث الوضع و اذا قال لاتصل مع المرأة في صف واحد علم ان النهي لاجل الاقتران و اذا قال اكرم السادة علم ان الحكم لاجل النسبة و علي هذه فقس ما سواها.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۲ *»
فاذا عرفت ذلك فاعلم انه لاتصادم بين الصورة المقومة للمهية و الصورة المتممة لان المقومة محفوظة في المتممات لاتتغير و لاتتبدل كالحديدية فانها محفوظة في السكين و السيف و الوتد و في كل مكان و في كل زمان و هكذا فالحكم المتعلق بالمقومة باق ببقاء المقومة لبقاء الموضوع و حكم المتممات غيره و تختلف و يمكن اجتماع حكمهما معاً بلا تصادم لاجتماع الموضوعين و اما الصورة التي هي مصاقعة لصورة اخري فهما تتصادمان و لاتجتمعان فلايجتمع القصر و الطول مثلاً و لايجتمع حكمهما فاعرف ذلك و اتقنه و لست استدل علي ذلك برأيي و عقلي فترد عليّ اللوم ولكن بعد ما وافق النتيجة الاخبار اعتمدنا عليه فاذا قيل اكل لحم الغنم حلال ثم قيل اكل الجلالة حرام عرفنا ان متعلق المطلق ماهية اللحم الموجودة في الجلالة و غيرها و متعلق المقيد الجلالية العارضة علي ذلك الفرد و يجتمعان كما اجتمع موضوعهما فلحم الجلالة من حيث انه لحم حلال و ليس كالخنزير الجلالة و من حيث انه جلالة حرام و نحن نُعمل الحديثين معاً و نعتقد بمدلولهما علي حقيقتهما و ان منعنا من الاكل منعنا لاجل اجتماع الحلال و الحرام و غلبة الحرام كماروي.
فاذا عرفت هذه المقدمة السديدة فاعلم ان الحكم المذكور في المطلق و المقيد اما حكم من الاحكام الشرعية او الاحكام الوضعية و في كل منهما اما يتفقان في الاثبات او النفي او يختلفان فنبين انشاءالله وجه العمل في كلها لانها عمدة في المسائل اما في الاحكام الشرعية فاذا قال اعتق رقبة و اعتق رقبة مؤمنة فلاشك انه لايعقل انيقول الشارع اعتق رقبة علي الاطلاق و يأخذ الرعية باطلاقه ما بين معتق كافرة و معتق مؤمنة سنين ثم يقول بعد ذلك اعتق رقبة مؤمنة و يكون ذلك بياناً للامر الاطلاقي الاول فيكون قد اضل الناس سنين و اغراهم بالباطل بل المراد من الاول عتق مطلق الرقبة و هو بمنزلة اعتق رقبة مؤمنة او كافرة او مستضعفة و لميصدر معارض له و اعتق رقبة مؤمنة ليس مفاده لاتعتق الكافرة و اثبات الشيء لاينفي ما عداه كما روي عن الالرسول صلواتاللهعليهم و هو تأكيد للمطلق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۳ *»
فحينئذ العمل علي الاول و الثاني فرد من افراده فلو عمل بالثاني من غير نفي ما عداه من الافراد فيه النجاة اللهم الا انيكون في نفس المقيد قرينة علي المراد من المطلق و ذلك كما قال موسي لبنياسرائيل ان الله يأمركم انتذبحوا بقرة ثم قال انه يقول انها بقرة لافارض و لابكر عوان بين ذلك ثم قيّد هذا المقيد بقيد اخر و قال انها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ثم قيّد هذا المقيد ايضاً بقيد اخر فقال انها بقرة لاذلول تثير الارض و لاتسقي الحرث مسلمة لا شية فيها فقوله انها في هذه المقيدات دليل علي ان المراد من البقرة هذه البقرة الخاصة و لو كان جزاءاً لما شددوا علي انفسهم فشدد الله عليهم و لو انهم عمدوا اولاً الي ايّ بقرة لاجزأتهم و اذا قال لاتغتسل بالماء المضاف ثم قال لاتغتسل بماء الرمان فلاتعارض بينهما و ليس مفهوم لاتغتسل بماء الرمان اغتسل بماء غير الرمان و مفهوم اللقب ليس بحجة فلا تعارض بينهما و لايقيد المطلق بالمقيد فيباح ما سوي الرمان.
و اذا قال اعتق رقبة ثم قال لاتعتق كافرة فمفاد المطلق جواز عتق الكافرة و مفاد المقيد حرمته فهما متعارضان لان قوله اعتق رقبة بمنزلة اعتق رقبة مؤمنة او كافرة او مستضعفة فيعارض قوله لاتعتق كافرة و اذ لا مرجح في البين فالامر بالسعة لايقال في الكافرة تجتمع الحلال و الحرام فالغلبة للحرام فالعمل بالمقيد فانا نقول انا نريد الان اننعرف انه هل يحرم عتق الكافرة ام لا بخلاف صلّ و لاتصلّ في المغصوب فانك لست علي شك من وجوب الصلوة و من حرمة الغصب فاذا اجتمعا في موضع كان الغلبة للحرام و علي ايّ حال العمل بالمقيد و عتق ماسوي الكافرة طريق النجاة و اذا قال لايجوز البيع الربوي لاحد ثم قال يجوز البيع الربوي بين الاب و الابن فهما ايضاً متعارضان كما مرّ و لايجوز التقييد من غير دليل شرعي و العرف لايوقف عليه و التبادر محض ادعاء و هنا العمل بالمطلق طريق النجاة.
و اما في الاحكام الوضعية كالشرطية و الجزئية و المانعية و الصحة و الفساد فان كانا مثبتين نحو صلّ بطهور و صلّ بالوضوء الندبي فلاتعارض بينهما و المقيد تأكيد و اما ان كانا منفيين نحو لاتصل مع نجاسة ثوبك و لاتصل مع الدم فلاتعارض كما مرّ و اما المختلفان ففي مثل صلّ بطهور و لاتصلّ بالوضوء الندبي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۴ *»
فهما متعارضان و المدار علي السعة و العمل بالمقيد و الصلوة بالفرضي طريق النجاة و في مثل لاتصل مع نجاسة ثوبك و صلّ مع الدم القليل فهما متعارضان و المدار علي السعة و العمل بالمطلق طريق النجاة.
و اعلم ان المستفاد من الاخبار انه اذا ورد من الشرع حلية ماهية ثم ورد في بعض افراده تحريم يكون العمل علي ذلك المقيد كما روي في حديث معايش العباد عن الصادق7 حيث قال فاول هذه الجهات اربعة الولاية ثم التجارة ثم الصناعات تكون حلالاً من جهة حراماً من جهة ثم الاجارات و الفرض من الله علي العباد في هذه المعاملات الدخول في جهات الحلال و العمل بذلك الحلال منها و اجتناب جهات الحرام منها الي ان قال و اما وجه الحرام من الولاية فولاية الوالي الجاير و ولاية ولاته فالعمل لهم و الكسب معهم بجهة الولاية لهم حرام محرم الي ان قال في التجارات و اما وجوه الحرام من البيع و الشراء فكل امر يكون فيه الفساد مما هو منهيعنه من جهة اكله او شربه او كسبه او نكاحه او ملكه او امساكه او هبته او عاريته او شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد ثم مثّل باشياء ثم قال فهذا كله حرام و محرم لان ذلك كله منهي عن اكله و شربه و لبسه و ملكه و امساكه و التقلب فيه فجميع تقلبه في ذلك حرام الي ان قال و اما وجوه الحرام من وجوه الاجارة نظير انيواجر نفسه علي حمل ما يحرم عليه اكله او شربه او يواجر نفسه في صنعة ذلك الشيء او حفظه او لبسه او يواجر نفسه في هدم المساجد ضراراً و قتل النفس بغير حلّ او عمل التصاوير و الاصنام و المزامير و البرابط و الخمر و الخنازير و الميتة و الدم او شيء من وجوه الفساد الذي كان محرماً عليه من غير جهة الاجارة فيه و كل امر نهي عنه من جهة من الجهات فمحرم علي الانسان اجارة نفسه فيه او له او شيء منه او له الا لمنفعة من استأجره الي ان قال و ذلك انه انما حرّم الله الصناعة التي هي حرام كلها التي يجيء منها الفساد محضاً ثم مثّل باشياء ثم قال و مايكون منه و فيه الفساد محضاً و لايكون منه و لا فيه شيء من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۵ *»
وجوه الصلاح فحرام تعليمه و تعلمه و العمل به و اخذ الاجر عليه و جميع التقلب فيه من جميع وجوه الحركات كلها الحديث.
و هذا الحديث دستور يعرف منه ان الماهية التي ذكرها و هي الولاية و التجارة و الاجارة و الصناعة التي هي مدار جميع المعايش و تدور عليها هي مباحة من حيث هي و جعلت طرق معايش العباد الا انها قد تجتمع مع الحرام في فرد فيكون الغلبة للحرام و كذلك في مسألة النكاح فان النكاح جايز في الشرع ولكن اذا اجتمع النكاح مع ما حرّم الله فهو سفاح و حرام و كذلك المعاملات جايزة فاذا اجتمع الحرام معها صار حاصلها سحتاً و حراماً و علي ذلك بناء الشريعة مزيداً علي خصوص ما روي مااجتمع الحرام و الحلال الا غلب الحرام الحلال فمهما كان المطلق مثبتاً محللاً لشيء و اجتمع فرد منه مع حرام معين من وجوه اخر و ورد نهي مقيد فيه حرم ذلك الفرد لغلبة الحرام و ان لميعلم حرمته من الخارج و انحصر الدليل في نفس ذلك المقيد فهما متعارضان و اذا كانت المهية محرمة و ورد مقيد بالحلّ فهما ايضاً متعارضان و في جميع اقسام التعارض متيما امكن النسخ فالمتأخر ناسخ و متيما كان احدهما تقية فالمخالف متبع و الا فالسعة كما امرونا به و يأتي انشاءالله ثم اعلم ان مرادنا بالمطلق اللفظ الدالّ علي الماهية لااطلاق عدم ذكر قيود فقوله صلّ ليس بمطلق عما لميذكر معه من القيود و كذلك ساير الالفاظ فلاتغفل.
قال: اصل المجمل اصطلاحاً ما يحتمل وجهين فصاعداً احتمالاً مساوياً و هو قد يكون فعلاً او تركاً او تقريراً او قولاً مفرداً كمايتصور في المشترك اللفظي و في المعتل و في مثل الضماير و المشترك المعنوي و المجاز المتعدد او مركباً بسبب اجماله من التركيب او من المفردات و النسبة بين المجمل المفرد و المركب عموم من وجه و في جواز صدور المجمل الذاتي من الشارع في مقام بيان الاحكام وجهان.
اقول: يقال لغةً اجمل الشيء اذا جمعه عن تفرقه فالمجمل المجموع و في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۶ *»
الاصطلاح المجمل ما يحتمل وجوهاً كأنه اجتمع فيه وجوه من الاحتمال و جمع فيه قائله احتمالات و قول المصنف «احتمالاً مساوياً» فان الاحتمالات البعيدة عن الظاهر يحتمل في كل مبين ايضاً و هو قد يكون فعلاً كبعض افعال النبي حيث لايدري انه كان عن وجوب او ندب مثلاً و هذا ليس بمجمل عندنا لان عند المحمد: ليس معرفة الوجوب و الندب لازمة علي المكلفين و الا لماقال الله عزوجل لقد كان لكم في رسولالله اسوة حسنة فيكفي المكلف فعله للتأسي و قد يكون تركاً كأنيترك الاذان في الصلوة الثانية و يجمعهما فلايدري لرخصة كان تركه او عزيمة و كذلك هذا عندنا ليس بمجمل فانه يكفي المكلف الترك تأسياً و لايجب عليه معرفة الوجه و قديكون تقريراً كأنيفعل احد فعلاً بحضرة الامام فلمينه عنه و المجلس غاص بالعامة فلايدري لتقية كان سكوته ام لصحته و هذا عندنا ايضاً ليس بمجمل فان المكلف يتبع تقرير امامه تقية كان او صحة و لايجب معرفة انه عن تقية ام لا و هذه المعارف مما ضيّق القوم علي انفسهم و نحن علمنا علماً يقينياً كمانعلم الشمس في رابعة النهار ان معرفة الوجه ليست واجبة علي المكلفين و حصل لنا الاجماع المتين الذي لاريب فيه فيكفينا الائتمار بالفعل اذا امرونا و الانتهاء اذا نهونا و نحن لانحتاج الي معرفة هذه الوجوه التي ذكروها و قديكون قولاً مفرداً كالمشترك اللفظي و لايعتبر تركيبه مع غيره.
قوله «و في المعتل» و هو كالمختار مثلاً فانه حدث فيه اجمال صوري بسبب الاعلال فلايدري هل هو فاعل او مفعول.
قوله «وفي مثل الضماير» اي ما كان وضعه عاماً و الموضوعله خاصاً علياصطلاحهم و ذلك مثل ضرب زيد عمراً فاكرمته فلايدري انك اكرمت زيداً او عمراً.
قوله «و المشترك المعنوي» حيث اراد المتكلم فرداً معيناً و مثّل لذلك بقوله تعالي انتذبحوا بقرة و لفظة بقرة ليست بمجملة عند المحمد: لان الرضا7 قال انهم لو ذبحوا ايّ بقرة ارادوا لاجزأتهم ولكن شددوا علي انفسهم فشدد الله عليهم انتهي فهي مطلقة عند المحمد: و كذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۷ *»
هذه الشريعة سمحة سهلة ولكن قوماً يشددون علي انفسهم فيشدد الله عليهم.
قوله «و المجاز المتعدد» اذا كان في اللفظ قرينة صارفة عن الحقيقة و لميكن قرينة معينة لاحدي المجازات كقولك في الدار بحر و معلوم عدمه فيها و لايدري انه مجاز عن العالم او الجواد او الكامل في الصنايع او الفرس الشديد الجري.
قوله «او مركباً» و هو عِدل مفرداً فالمركب اما يكون مفرداته واضحة ولكن الاجمال في المراد من المجموع كقوله تعالي الا انيعفون او يعفو الذي بيده عقدة النكاح فلايدري من هذا هو الزوج او الولي واعلم ان اغلب القرءان مجملات متصرفة عليوجوه كما مرّ الحديث فيه ولكن بتفسير المحمد: يتبين المراد و هم فسروا لنا الاية و قالوا المراد بالذي الولي من اب او قيّم عليها فلااجمال فيه بعد و قديكون الاجمال ناشئاً عن مفردات المركب كما يروي عن عقيل انه قال الا ان معوية بن ابيسفيان يأمرني ان العن علياً الا فالعنوه.
قوله «و النسبة» الخ هذا فضل القوم في كثير من المسائل و ذلك لتصادقهما في مثل كلام عقيل و صدق المفرد علي مثل لفظ عين و صدق المركب علي اية العفو و لاحاصل للالتفات الي هذه النسب.
و قوله «و في جواز صدور المجمل» الخ يعني المجمل اما ذاتي كأنيكون صدوره من المكلِف بالكسر كأنيقول ايتني بعين او عرضي و نصب القرينة المكلف بالكسر فلميظهرها الراوي او سقطت عن النسخ او غير ذلك بالجملة يقول في صدور المجمل الذاتي من الشارع في بيان الاحكام وجهان و اختار في الضوابط قبح صدوره من الشارع فاقول المجمل الذي لايعرف منه الامتثال في مقام التكليف و ارادة العمل فمحال انيصدر و اما المجمل في ما يريد هؤلاء من وجه الوجوب و الندب و الكراهة و الحرمة و للرخصة و العزيمة و الحيوث و الوجوه الوهمية و الاحتمالات الخيالية و امثال ذلك مما ملأوا منها الكتب و اكثروا فيها التنازع و الاختلاف و مزّقوا المسائل تمزيقاً لايرجي التيامها بل يكثر يوماً فيوماً حتي آل امرهم من كثرة الاحتمالات الي ان جعلوا كثيراً من الاخبار و الايات مجملة و اعترضوا علي الايات و اخبار سادة البريات فاغلب الاخبار مجملة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۸ *»
و لاجل ذلك زعموا انفسهم مبيني الشرع و متممي الدين.
قال: اصل اذا ورد مجمل و مبين فلاحمل مع اختلاف محلهما او حكمهما او سببهما و اذا اختلف المحل و السبب و متعلق الحكم حمل المجمل علي المبين كل ذلك للعرف و اذا كان لللفظ معنيان احدهما مجمل و الاخر مبين و لا قرينة ففي حمله علي الاخير للغلبة وجهان.
اقول: هذه تشقيقات لاتلاف السواد و البياض فيقول ان اختلف محلهما نحو اعط زيداً عيناً و اعط عمراً ذهباً لا حمل هنا او حكمهما نحو اعط زيداً عيناً و اضرب زيداً سوطاً فلا حمل هنا ايضاً او سببهما نحو ان جاء ولدي من السفر فتصدق بعين و ان افطرت فتصدق بذهب.
و قوله «و اذا اختلف» الخ النسخ هكذا و الظاهر انه غلط من النساخ و الصواب و اذا اتحد المحل و السبب و متعلق الحكم نحو ان جاء ولدي من السفر فاعط زيداً عيناً و ان جاء ولدي من السفر فاعط زيداً ذهباً او لاتعط زيداً ذهباً يحمل المجمل علي المبين و حوّل ذلك علي فهم العرف و كذلك اذا كان المجمل منفياً و المبين مثبتاً او منفيين و لا شيء في هذه التشقيقات الا تحبير الكتاب و تزيين الخطاب.
و اعلم ان المجمل عندنا هو المتشابه لان معناه المراد ملتبس و قد قال ابوعبدالله7 المحكم ما يعمل به و المتشابه ما اشتبه علي جاهله فالمجمل متشابه و ان الله سبحانه لميكلفنا بما هو مشتبه علينا و هو يقول و اما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله و مايعلم تأويله الا الله و الراسخون في العلم فيجب علينا اننؤمن به و لانعمل به فهو غير مكلفبه و اما المبين فهو المكلفبه و العمل عليه و لذا امرونا بردّ المتشابه الي المحكم.
و اما لفظ المجمل و المبين فلمار في الاخبار الا في حديث علي7 في صفة الكتاب مفسراً جمله مبيناً غوامضه و الظاهر ان المراد من قوله مفسراً جمله ما فيه مثلاً من قوله اقيموا الصلوة جملاً فقد فسّر النبي9 احكام الصلوة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴۹ *»
و من قوله مبيناً غوامضه ان الايات المشكلة التي لايهتدي الناس الي المراد منها فقد بيّنها النبي9 و ان كان له وحده7 و ما عن الصدوق اعتقادنا في الحديث المفسر انه يحكم علي المجمل و الظاهر ان المراد منه ما هو المصطلح و علي ايّ حال المجمل متشابه غير مكلفبه و المبين مكلفبه و لاتعارض بينهما و العمل علي المبين و ان كان هذا حملاً فليكن.
و قوله «و اذا كان» الي اخر مثّل لذلك بقوله احلّ لكم ما وراء ذلكم انتبتغوا باموالكم محصنين فان الاحصان له معنيان العفاف و التزويج فالعفاف مجمل و التزويج مبين و الاصل اي الظاهر في كلام الحكيم البيان و الاغلب ايضاً البيان و يحمل المشكوك علي الغالب و الظن في هذا المقام و جميع ادلته كما تري ظنية لايسمن و لايغني من جوع و هو من المتشابهات و لابد من الرجوع الي المحكمات و ان كان هذه الاية التي ذكرها قد فسّرها القمي بالتزويج و بناؤه في تفسيره علي ان لايفسر بالرأي و لذا ترك اياً كثيرة من القرءان ليس فيها نص فعلي هذا لا اجمال فيها ايضاً.
قال: اصل المبين ما اتضح دلالته سواءاً كان مبيناً بنفسه او مبيناً بامر خارج قولي او فعلي او تركي او تقريري و توهم عدم جواز وقوع الفعل بياناً لوجه عقلي عليل عليل و لايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة علي الاصح للسفه و في جوازه عن وقت الخطاب الي وقت الحاجة مطلقا كما هو المشهور ام لا مطلقا ام فيماعدا النسخ او فيماعدا المجمل اقوال.
اقول: اعلم ان المبين بفتح الياء مأخوذ من بيّن اي اوضح متعدياً فان بيّن يأتي بمعني وضح ايضاً فان اخذ بالكسر فهو مأخوذ من بيّن قاصراً فان المبين حينئذ بمعني الواضح فالكلام المحكم الذي لا شبهة فيه مبين بالفتح اي اوضحه المتكلم و مبين بالكسر اي واضح بنفسه و علي ما فسّره المصنف ينبغي انيكون بالكسر و اللفظ المعروف بينهم و كما يظهر من الضوابط بالفتح و كان ينبغي علي الفتح انيفسره بما اوضح المتكلم دلالته و علي ايّ حال يقول هو اعم من انيكون بنفسه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۵۰ *»
و مثّل له في الضوابط بقوله تعالي والله بكل شيء عليم و ينبغي انيحمل قوله علي ارادة ظاهرها فان باطنها و فهم كل كلمة منها مما برك مطايا الافهام دون بلوغ عرصة فهمها بمراحل و تحيرت فيها كل التحير او مبيّناً بامر خارج و قد مثّل له بقوله تعالي صفراء المبين لقوله بقرة و قد عرفت ان البقرة مطلقة لا مجملة و ذلك الامر الخارج يمكن انيكون قولياً كما في الاية عنده او فعلياً كصلوة النبي للتفهيم و استشهد بقوله9 صلّوا كما رأيتموني اصلّي و بقوله خذوا عني مناسككم اما الحديث الاول فلماره في كتب اخبارنا و رأيته في المصابيح و لااذكر الان موضعه حتي انقله و اما الحديث الثاني فلماره في كتب اصحابنا و لا في كتب العامة و الظاهر انه منهم و اما التركي فكأنيصلي الامام7 و يترك القنوت في الثانية للتفقيه و اما التقريري كما عمل عامل بحضرته عملاً فقرّره بياناً لجوازه.
و قوله «و توهم عدم جواز وقوع الفعل بياناً» الي اخر فقيل لايجوز لانه اطول من القول و يلزم منه تأخير البيان و هو قول سخيف و قد قال المصنف انه عليل و هو صحيح كما هو ظاهر.
قوله «و لايجوز تأخير البيان» الي اخر و منع المصنف للسفه سفه و قلت ذلك لانه اساء الادب الي حجج الله و استدل ايضاً بلزوم تكليف ما لايطاق اذ المكلف مكلف باتيان المراد مع عدم علمه به فاقول لابد من اننفصل اقسام المسألة حتي يعرف ان فرض هذه المسألة في ايّ قسم اعلم ان تأخير البيان عن وقت الحاجة يمكن بان لايذكر من حكم الواقعة شيئاً و انت محتاج الي فهم هذه المسألة و فهم حكمك فيها و يمكن بانيكلفك بامر مجمل لاتفهمه و انت محتاج الي فهمه و الاحتياج ايضاً علي قسمين قسم يزعم المكلف انه محتاج الي فهم هذه المسألة و ليس في الواقع ضرورة الي فهمه و قسم يكون في الواقع ضرورة الي فهم هذه المسألة و كذا ينقسم علي قسمين اخرين فمرة هو في نفسه محتاج و لامانع له من حيث نفسه و انما المانع من الخارج و مرة يكون المقتضي من الخارج و المانع من نفسه.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۵۱ *»
فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الله جلّ و عزّ لامقتضي في ذاته لا لعطاء شيء و لا لمنع شيء و انما يعطي و يمنع بحسب دعاء المقتضي و المانع كما قال ادعوني استجب لكم و قال قل لايعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم فاذا وجد دعوة المقتضي او المانع بحضرته يجيب الله دعوته بوعده الصادق و كرمه و جوده و ليس بممتنع ان لايستجيب دعوته و لايلزم علي الله شيء فاذا وجد دعاء المقتضي في ملكه و فقد المانع يستجيب دعاء المقتضي بكرمه و جوده و ان وجد دعاء المانع و فقد المقتضي لايصدر منه سبحانه شيء و ان وجدا معاً يعطي الله جلّ و عزّ بقدر دعاء المقتضي و يمنع بقدر دعاء المانع و هو ايضاً خلقه و عبده و دعا المنع فلابد في كرمه و جوده انيستجيب دعاءه بقدر دعوته و ليس اذا ضعف احدهما يصير الاخر صرفاً بل كلاهما عبدان داعيان يستجاب لكل منهما ما دعيا و لايعلم جميع المقتضيات و الموانع الا الله فلعل داعياً يدعو و من نفسه لا مانع لاجابة دعائه ولكن في الملك له موانع عديدة لايحصيها الا الله.
فاصل المسألة ان الله لايؤخر البيان عن وقت الحاجة حق اذا فسر بما اقول و يكون معني لايجوز معني لايؤخر في وعده الصادق و كرمه و جوده و يكون معني وقت الحاجة ما يعلم الله سبحانه من المقتضيات في الوجود بلا مانع يمنع عن ذلك و حجج الله سلاماللهعليهم متخلقون باخلاق الله فاذا سألهم سائل عن حكم واقعة فرضت فهم عالمون بانه لايحتاج اليها و هو محض فرض فان شاء اجاب و ان شاء لميجب فانه ليس وقت الحاجة و ان سأل عن حكم واقعة وقعت فان كان من نفسه مانع امسك عن الجواب اذا رأي الجهل اصوب له من العلم و يكون في العلم هلاكه و ربما يكفر به اذا علم كما سأل المعلي اباعبدالله7 عن حق المؤمن فقال سبعون حقاً لااخبرك الا بسبعة فاني عليك مشفق اخشي ان لاتحتمل وكذا في حديث اخر يا معلي اني عليك شفيق اخاف انتضيع و لاتحفظ و تعلم و لاتعمل وكماروي انه يقول الحجة كلمة يكفر بها من حوله الا بعضهم فلاجل ذلك ربما يمسك الحجة عن الجواب مع ان السائل محتاج ظاهراً لمانع و ربما لايكون مانعاً من نفسه ولكن للجواب مانع ممن يحضر المجلس او
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۵۲ *»
من الفقهاء او من السلطان او غيرهم فيمسك عن الجواب و هكذا و هو ابصر بغنمه ان شاء فرّق بينها لتسلم و ان شاء جمع بينها لتسلم و قال في حديث و سكت عن اشياء رحمة من غير نسيان فلاتتكلفوها فلاجل ذلك روي عن علي بن الحسين7 علي الائمة من الفرض ما ليس علي شيعتهم و علي شيعتنا ما ليس علينا امرهم الله انيسألونا قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون فامرهم انيسألونا و ليس علينا الجواب ان شئنا اجبنا و ان شئنا امسكنا و استدل علي ذلك في رواية بقوله تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغيرحساب و سئل ابوجعفر7 عن مسألة فقال اذا لقيت موسي فسله عنها فقيل أو لاتعلمها قال بلي قيل فاخبرني بها قال لميؤذن لي في ذلك و عن احمد بن محمد بن ابينصر قال سألت اباالحسن الرضا7 عن مسألة فابي و امسك ثم قال لو اعطيناكم كل ما تريدون كان شراً لكم و اخذ برقبة صاحب هذا الامر و عن الرضا7 في حديث قد فرضت عليكم المسألة و الرد الينا و لميفرض علينا الجواب و هذه الاخبار و امثالها في عدم الجواب مطلقا.
و اما القاء المجمل و عدم البيان في وقت الحاجة لموانع يعلمونها فيدل عليه ما روي عن ابنبكير قال دخل زرارة علي ابيعبدالله7 فقال انكم قلتم لنا في الظهر و العصر علي ذراع و ذراعين ثم قلتم ابردوا بها في الصيف فكيف الابراد بها و فتح الواحه ليكتب ما يقول فلميجبه ابوعبدالله7 بشيء فاطبق الواحه و قال انما علينا اننسألكم و انتم اعلم بما عليكم و خرج الخبر.
فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان الاصل الاولي في المسألة انه لايؤخر الله من رحمته البيان عن وقت الحاجة ولكن نحن ضعفاء العقول لانعرف وقت الحاجة و وجود المقتضي و المانع فان اجابوا و بيّنوا فهم اعلم و ان لمنره في وقت الحاجة و ان امسكوا و لميبيّنوا فهم اعلم و ليس لنا اننحكم عليهم او نوجب عليهم شيئاً او نستدل بسكوتهم علي عدم الحكم في الواقع و اصل قولهم «لايجوز» حكم علي حجج الله و لايجوز و لاشك ان لكل شيء عندهم حكماً من الكتاب و السنة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۵۳ *»
ولكنهم ستروا عنا لعلل هم اعلم بها قال ابوعبدالله7 ان ابي نعم الاب رحمه الله كان يقول لو اجد ثلثة رهط استودعهم العلم و هم اهل ذلك لحدثت بما لايحتاج فيه الي نظر في حلال و لا حرام الخبر و قال7 لولا انيقع عند غيركم كما قد وقع غيره لاعطيتكم كتاباً لاتحتاجون الي احد حتي يقوم القائم و عن ابيالحسن موسي7 في حديث قيل له اصلحك الله اتي رسول الله9 الناس بما يكتفون به في عهده قال نعم و ما يحتاجون اليه الي يوم القيمة فقيل فضاع من ذلك شيء فقال لا هو عند اهله و قال7 ان الله تبارك و تعالي انزل في القرءان تبيان كل شيء حتي و الله ماترك شيئاً يحتاج اليه العباد حتي لايستطيع عبد انيقول لو كان هذا انزل في القرءان الا و قد انزل الله فيه الي غيرها من الاخبار فتبين ان لكل شيء عندهم حكماً و الناس محتاجون الي جميعها و معذلك ستروها عنهم و اخّروا البيان عن وقت الحاجة و لو لميستروها لكانوا علماء بجميع تلك المسائل و هو خلاف الواقع ففي الظاهر يتفق تأخير البيان عن وقت الحاجة الي العمل بحسب الظاهر و ما قاله المصنف انه سفه سفه من رأيه و اساءة ادب الي الحجج:.
و قوله «لايجوز» حكم عليهم و هذه ثمرة الاجتهادات و الاراء.
و قوله «و في جوازه» الي اخر فبعد ما بيّنا جوازه عن وقت الحاجة الظاهرة و وقوعه فبين صدور الخطاب الي وقت الحاجة يجوز بطريق اولي و يشمله اطلاق الاخبار كماعرفت.
تم المجلد الاول من شرح النتايج في الاصول علي يد مصنفه
حامداً مصلياً مستغفراً
* * * * * * *
([1]) النكراء: الفطنة و الدهاء