شرح النتايج المجلد الاول – الجزء الاول
من مصنفات العالم الرباني و الحكيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمدكريم الكرماني اعلي الله مقامه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷ *»
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله رب العالمين والصلوة علی محمد و اله الطاهرين
واللعن علی اعدائهم اجمعين
قال: المقدمة في تعريف العلم و فائدته و موضوعه.
اقول: ان ديدن القدماء كان ذكر امور ثمانية في اول كل كتاب ليكون الناظر فيه علي بصيرة بما فيه و كانوا يسمونها الرءوس الثمانية و كان ديدناً حسناً و هي اسم المصنف و اسم الكتاب و الغرض من تصنيفه و مرتبة ذلك الكتاب او ذلك العلم و حدّ ذلك العلم و موضوعه و فائدته و تقسيم ما في الكتاب من الابواب و الفصول جملاً.
و منهم من ذكر الثمانية هكذا الغرض و المنفعة و السمة و جهة التعليم و المرتبة و اسم الواضع و صحته و تقسيم الكتاب و الاول اقرب الي الصواب و ان كان عندي الاكتفاء بالسبعة و عدم لزوم ذكر الغرض من التصنيف اصوب. و المصنف هنا قد ذكر في العنوان اسمه و غرضه من التصنيف و اسم الكتاب و ذكر هيهنا ايضاً هذه الثلثة و ترك مرتبة العلم و تقسيم الكتاب.
اما مرتبة هذا العلم فهي بعد العلوم الادبية التي لابد لطالب العلم في هذه الاعصار منها سواءاً كان الطالب من العجم او العرب فان العربية ايضاً فسدت بمخالطة العجم و عندهم و بعد علم المنطق لانه علي زعمهم علم يحفظ الذهن عن الخطاء في الفكر و هو خطاء لانه ميزان صورة الفكر لا مادته فلايغني.
و اما تقسيم الكتاب فهو شيء لازم و اغلب المصنفين في غفلة من هذا و له فائدتان احديهما الاستحضار الاجمالي لما في الكتاب و ثانيتهما وجدان ما يريد الطالب و علمه بمحله و يسمون ذلك بالفهرس و ظني ان ذلك معرب پاراش بالپاء المثلثة من تحت و هي حرف من حروف لسان العجم و العرب لايتفوه بها و يقلبها فاءاً و الراء المهملة و الشين المعجمة و هو بالعبرانية اول الكلام فلما كان الفصول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸ *»
و الابواب و العنوانات اوائل الكلام كان كلها پاراش و كانوا يجمعون الپاراشات في اول الكتاب ليكون الناظر علي بصيرة فعرّبت الكلمة بفهرس و فهرست كما هو ديدن العرب في لسانهم.
بالجملة اراد المصنف في هذه المقدمة ذكر تعريف العلم اي حدّه بذكر جنسه و فصله ليعرف حقيقته و يتميز عن غيره و ذكر فائدته حتي يحثّ العلم بها الناظر علي طلبه و الاقبال اليه و شرط ذلك النصيحة و الصدق فيه و ذكر موضوعه حتي يعلم الناظر ان الكلام في هذا العلم في اعراض ايّ جوهر و البحث فيه عن احوال ايّة حقيقة.
قال: فاعلم ان اصول الفقه عَلَمٌ لهذا العلم و معرفته من جهة الاضافة تتوقف علي معرفة جزئيه فالاصل لغةً ما يبتني عليه الشيء و اصطلاحاً يطلق علي القاعدة و الراجح و الدليل و الاستصحاب مشترك بينها لفظاً لفقد الجامع القريب و المناسبة و لعدم صحة السلب و التبادر الذي الاصل فيه كونه وضعياً اشتراكاً تعيّنياً لاصالة التأخر و عدم تعدد الوضع.
اقول: اراد انيذكر سمة علمه هذا فقال لفظ اصول الفقه مركباً اسم لهذا العلم بعينه مطلقا كعبداللّه علماً.
و اعلم ان واضع هذا الاسم المجتهدون لان اصل هذا العلم من وضعهم بالاتفاق و لميكن هذا العلم في زمن النبي9 و لميكن معروفاً بين اصحابنا رضوان الله عليهم في زمن الائمة: لانهم كانوا يراجعون ائمتهم سلام الله عليهم كما كانوا يراجعون النبي9 في زمانه و اما العامة فلما افكوا عن الوصي و استبدوا بارائهم لانه لميكن بايديهم من احاديث النبي9 ما يكفيهم في جميع الامور احتاجوا الي العمل بالرأي و الاجتهاد فوضعوا قواعد و اصولاً تراجمت ظنونهم عليها و صحّحها عقولهم حتي تكون تلك القواعد اماماً لهم يرجعون اليه في ما يرد اليهم من المجهولات و يفتوا فيه بمقتضي حكمه فنصبوا تلك القواعد و الاصول خليفة لله و لرسوله9 بعقولهم كما نصبوا خليفتهم الظاهر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹ *»
باختيارهم و لما رأي خليفتهم الظاهر جهله بحكم الوقايع امرهم انينصبوا خليفة اخري ايضاً يحكم في ما يرد اليهم و يشهد بذلك ما رواه في الاحتجاج و رواه سليم بن قيس في اصله و هما كتابان مضمونا الصحة معتبران عند المحدثين عن الحسن7 في حديث طويل قاله بحضرة معوية في احتجاجه عليه قال7 امر عمر قضاته و ولاته اجتهدوا اراءكم و اقضوا بماترون انه الحق فلايزال هو و بعض ولاته قد وقعوا في عظيمة فيخرجهم منها ابي ليحتج عليهم بها فيجتمع القضاة عند خليفتهم و قدحكموا في شيء واحد بقضايا مختلفة فاجازها لهم لان الله تعالي لميعطه الحكمة و فصل الخطاب الحديث.
فلما امرهم بالاجتهاد اتسع الخرق علي الراقع فشاع و ذاع و كثر القول فيه و النزاع حتي سمّوا بالمجتهدين و اهل الاجتهاد و عرفوا بذلك و كان من خواصهم و الائمة: يردون عليهم دائماً و ينكرون عليهم و يحذرون اصحابهم عن تلك الطريقة التي هي من الاستبداد بالرأي و الاستغناء عن الوصي و محادة الله و رسوله و حججه: يحذرونهم تحذيراً لميحذروا مثله عن الخمر و الميسر حتي عدّ بعض اصحابنا مائة اية و الفاً و مأتي حديث في ذلك.
و من ما يدلّ علي ذلك ايضاً ما رواه المجلسي; في البحار عن اسمعيل بن جابر عن ابيعبدالله7 عن ابائه عن اميرالمؤمنين: في حديث طويل قال و اما الردّ علي من قال بالرأي و القياس و الاستحسان و الاجتهاد و من يقول ان الاختلاف رحمة فاعلم ثم شرع في بيان ذكر ادلتهم و ردّها الي ان قال و الصحيح ان الله سبحانه لميكلف العباد اجتهاداً لانه قد نصب لهم ادلة و اقام لهم اعلاماً و اثبت عليهم الحجة فمحال انيضطرهم الي ما لايطيقون بعد ارساله اليهم الرسل بتفصيل الحلال و الحرام و لميتركهم سدي مهما عجزوا عنه ردّوه الي الرسل و الائمة صلوات الله عليهم الحديث. و يظهر من هذا الحديث الشريف ان القائلين بالاجتهاد في احكام رب العباد كانوا من ذلك اليوم و هم اصحاب الرأي و كان ذلك من خواصهم و الاسم و الاصطلاح منهم فردّ
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰ *»
7 عليهم.
و يدلّ علي ذلك ايضاً ما رواه معوية بن ميسرة بن شريح قال شهدت اباعبدالله7 في مسجد الخيف و هو في حلقة فيها نحو مأتي رجل و فيهم عبدالله بن شبرمة فقال له يا اباعبدالله انا نقضي بالعراق فنقضي بالكتاب و السنة ثم ترد علينا المسألة فنجتهد فيها بالرأي الي ان قال ابوعبدالله7 فايّ رجل كان علي بن ابيطالب فاطراه ابنشبرمة و قال فيه قولاً عظيماً فقال ابوعبدالله7 فان علياً ابي انيدخل في دين الله الرأي و انيقول في دين الله بالرأي و القياس الحديث. و يدلّ هذا الخبر علي ان الرأي هو الاجتهاد و اصحاب الرأي الذين تواتر فيهم الاخبار هم اصحاب الاجتهاد و يدلّ علي انهم مع كونهم الاصل في الاجتهاد كانوا يجتهدون فيما لا نص فيه و قد زاد جسارة القوم حتي انهم بالاجتهاد يردّون النصوص.
و كذلك يدلّ علي ذمّ الاجتهاد ما كتبه ابوعبدالله7 في رسالته الي اصحاب الرأي و الاجتهاد اما بعـد فان من دعا غيره الي دينه بالارتياء و المقائيس لمينصف الي ان قال و لو كان الله رضي منهم اجتهادهم و ارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لميبعث اليهم فاصلاً لما بينهم و لا زاجراً عن وصفهم الخبر.
و قدبلغ شرّ هذا الامر مبلغاً تعوّذ بالله ابوعبدالله7 في عوذته الكبيرة و قال و من الرياء و السمعة و الشك و العمي في دين الله و من نصب و اجتهاد يوجبان العذاب و من مردّ الي النار الدعاء. و حسبك ان رسولالله9 عدّ اصحاب الرأي في الفرق الهالكة حيث روي عن علي7 قال قـال رسولالله9 ستفترق امتي علي ثلث و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و الباقون هالكون و الناجون الذين يتمسكون بولايتكم و يقتبسون من علمكم و لايعملون برأيهم فاولئك ما عليهم من سبيل.
بالجملة يظهر من هذه الاخبار بلاغبار لمن نظر بعين الانصاف و الاعتبار ان الاجتهاد في المسائل غيرالمنصوصة ابتدع من يوم افكوا عن اميرالمؤمنين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱ *»
7و استبدوا بارائهم و جهلوا حكم ما لا نص فيه فاجتهدوا باجازة عمر بن الخطاب في الدين بالاراء و في الاوائل كانوا قليلي الجرأة و كانوا يجتهدون فيما لا نص فيه و لو اجتهد احد بعد ورود النص كانوا يعيبون عليه و يقولون اجتهاد في مقابلة النص ولكن لما طال عليهم الامد و قست قلوبهم و زيّن لهم اراؤهم سوّغوه بلااكتراث حتي انهم يردّون بالاجتهاد النصوص العديدة برجحان الظن الحاصل من الادلة العقلية علي الظن الحاصل من الالفاظ و قاعدة ترك الراجح الي المرجوح قبيح عقلاً.
و لقد سألت واحداً من المجتهدين و قلت اذا تعارض دليلكم العقلي مع الكتاب و السنة بأيهما كنتم تأخذون قال بالدليل العقلي قلت لم ذلك قال فانه قطعي و الحاصل من الكتاب و السنة ظني هذا و قد قال ابوعبدالله7 في حديث و كما انه لميكن لاحد من الناس مع محمد9 انيأخذ بهواه و لا رأيه و لا مقائيسه خلافاً لامر محمد9 كذلك لميكن لاحد بعد محمد انيأخذ بهواه و لا رأيه و لا مقائيسه الخبر و قال علي بن الحسين8 ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة و المقائيس الفاسدة و لايصاب الا بالتسليم فمن سلّم لنا سلم و من هدي بنا اهتدي و من دان بالقياس و الرأي هلك و من وجد في نفسه شيئاً مما نقوله او نقضي به حرجاً كفر بالذي انزل السبع المثاني و القرءان العظيم و هو لايعلم.
بالجملة فلما ظهر الاجتهاد في الدين يومئذ في ما لا نص فيه و خافوا انيكثر الاراء و لاتقف علي حدّ و يـؤل الامر الي الهرج و المرج وضعوا قواعد و اصولاً كلية و مدارك برهانية ليستنبطوا منها تلك الاحكام و تكون مبتناة علي اصل ثم تكلموا فيها و رمموا و اصلحوا و زيفوا و استجادوا و ايدوا و شيدوا حتي اصّلوا اصولاً برهانية عقلية و سموها باصول الفقه مع انه قال علي7 في حديث و نحن انما ننفي القول بالاجتهاد لان الحق عندنا فيما قدمنا ذكره من الاصول التي نصبها الله تعالي و الدلائل التي اقامها لنا كالكتاب و السنة و الامام و الحجة و لنيخلو الخلق عندنا من احد هذه الاربعة وجوه التي ذكرناها و ماخالفها باطل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲ *»
الحديث.
بالجملة مضوا علي ذلك الي زمان الشافعي فكان اول من صنف في علم الاصول الشافعي علي ما نقل فجمع الاقوال و ذكر الادلة و شاع و ذاع و درس به في المدارس دروس و كتب فيه في المكاتب طروس حتي طرق الاسماع و بلغ الاصقاع و كثر فيه الجدال و القيل و القال و وفر فيه النزاع و مدّت فيه الذراع و لعلّك تعلم انهم كانوا في فنّهم هذا بل و جميع فنونهم علماء يشقون الشعر كما يشهد به كتبهم و لميكونوا يقولون شيئاً ينكره عقول العقلاء و يستمجه افهام الفهماء و يحكمون في باب من الابواب من غير روية فيقع في يد غيرهم فيعرفون بسفه الاحلام و سخافة الافهام و لعلّك تعرف ان الناس من حسب التمثال اكفاء فالرجل منا اذا لميراجع المحمد: و نظر في المسألة بالرأي بعقله يذهب ظنه الي ما ذهب اليه ظنونهم فانهم بشر مثلنا اولوا عقول و اسماع و ابصار نظروا فقالوا و نظر فقال و نسج علي ذلك المنوال فكل من بني علي التكلم في الاصول و الفروع بعقله ذهب مذاهبهم البتة و حصل له ظنون كظنونهم البتة الا انيكون لعقله حَكَمةٌ تصدّه عن سبيلهم و ترجعه الي غيرها.
بالجملة زادت الاصول من كثرة قال و اقول حتي بلغ الامر الي ان حسبوا زمان اكمال مسائل الاصول فبلغ الفاً و مأتي سنة و كثر فيه الجدال في اندية الرجال حتي بلغ ارتفاع الاصوات في الهواء و رفع الايدي و السب و البذاء و عدم الثبات علي شيء من الاشياء و هذا حاصل الجدال و المراء. فهذا الاسم عَلَم حادث لهذا العلم و وضع منهم لا من اهل اللغة و لا من الشرع فهم علي ما اصطلحوا عليه.
قوله «و معرفته من جهة الاضافة» الخ يعني هذا الاسم من حيث انه كلمتان اضيف احديهما الي الاخري لايعرف معناه الا بعد معرفة تينك الكلمتين ثم شرع في شرحهما و قال فالاصل لغةً ما يبتني عليه الشيء و هذا كلام يأخذه واحد عن واحد من غير روية و لماجد هذا المعني في «القاموس» و «الصحاح» و «المصباح المنير» و «النهاية» و «مجمع البحرين» و «المعيار» و في اللغة اصل الشيء اسفله و من الحائط اساسه و الاساس اسفل الحائط في الارض و ما يبتني عليه هي الارض و ربما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳ *»
يقولون بحسب اللغة الاصل لما يستند اليه الشيء فالاب اصل الولد و النهر اصل الجدول و هو ايضاً غير ما يبتني عليه.
قوله «و اصطلاحاً» الخ يعني اصطلاحاً منا معاشر اهل الاجتهاد و المراد بالقاعدة عندهم ما اسسوه باحد الادلة و لذلك كثرت القواعد عندهم.
و اما عندنا فما جعله الشارع اصلاً هو اصل يجوز التفريع عليه و الا فهو بدعة و تشريع و تأصيل الاصل من شأن المعصوم7 كماقال ابوعبدالله7 انما علينا اننلقي اليكم الاصول و عليكم انتفرعوا و قال الرضا7 علينا القاء الاصول و عليكم التفريع انظر كيف حصر القاء الاصول فيهم و القي التفريع علينا فلايجوز لاحد وضع القواعد الممهدة و قد مرّ في حديث علي7 ان الاصول يجب انتكون بنصب الله عزّوجلّ و غيرها باطل.
و مثال تلك القواعد قولهم «الاصل مقدم علي الظاهر» و «عدم الدليل دليل العدم» و «الاصل في البيع اللزوم» و «الاصل في تصرفات المسلم الصحة» و هكذا فكلما كان من تلك القواعد من باب السمع و النطق فهو حق متبع كما امر به ابوعبدالله7 و قال اما انه شر عليكم انتقولوا بشيء مالمتسمعوه منا.
و المراد بالراجح و قديعبر عنه بالظاهر ما ظنّ انه الاولي و الاحسن و لا باعث للعدول عنه او ظنّ انه كذلك و هو كقولهم «الاصل في الكلام الحقيقة» اي الظاهر الراجح انه لايعدل المتكلم عن الحقيقة من غير باعث و لو اراد غيرها لنصب القرينة و هذا الاصل ايضاً لا تأصل له فانه لميرد به كتاب و لا سنة و لابد في كل فرع فرع من الرجوع الي الكتاب و السنة و لا دليل من جانب الشارع ان كل راجح في النظر متبع و يقع جميع ما في العالم في الواقع عليه.
و المراد بالدليل عندهم الاربعة المعروفة اما الكتاب و السنة فلا شك انهما دليلا علم الله سبحانه و دينه و اما الاجماع فالضروري هو السنة و اما غيره فستعرف القول فيه انشاء الله و المراد بدليل العقل ما يستعملونه من المجادلة و هو الرأي المنهيعنه في مائة اية و الف و مأتي حديث علي ما عدّه بعض اصحابنا المحدثين فلا اصل له عند المحمد: كماسمعت و تسمع ان شاء الله.
و المراد بالاستصحاب عندهم ما شاع و ذاع حتي ملأ الاصقاع و طرق الاسماع من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴ *»
قياس حالة مجهولة الحكم او مشكوكته بحالة معلومة الحكم و اجراء حكمها فيها و ستعرف في محله ان شاء الله انه لا تأصل لهذا الاصل ايضاً و لمينزل به كتاب و لا سنة بل ورد النهي عنه خصوصاً و عموماً.
و قوله «مشترك بينها» الخ يريد انيقول ان اللفظ اذا صدق علي شيئين من باب استعماله في الحدّ المشترك فهو اشتراك معنوي و فيهما حقيقة و ان كان استعماله لاجل المناسبة حسب فهو مجاز و ان كان علي الحقيقة و لا اشتراك في معني فهو اشتراك لفظي و هيهنا يكون في هذه الاربعة علي الحقيقة بدليل التبادر و عدم صحة السلب و لا حد مشترك بينها فاستعماله فيها من باب الاشتراك اللفظي.
و فيه ان اطلاق الاصل علي هذه الوجوه ليس من وضع واضع اللغة بالبداهة و لا من وضع الشارع كماعرفت مجملاً و ستعرف مفصلاً ان شاء الله ان الشارع لميجعل بعض هذه اصلاً و انكر علي متخذيه اصلاً و لا من وضع جميع المتشرعة فان المحدثين منا و القدماء لايرون اصلاً الا الكتاب و السنة بل منهم من لايري اصلاً الا احاديث المحمد: فواضع هذا اللفظ علي هذه المعاني متقدموا المجتهدين و لا فائدة في معرفة ان استعماله فيها عندهم من ايّ وجه بوجه من الوجوه لا علماً و لا عملاً.
و استدلاله بعدم صحة السلب في غير محله فانه عند اهل اللغة و عند الله و عند رسوله و حججه سلام الله عليهم و عند شيعتهم المتقدمين و المحدثين بل من لميجوّز الاستدلال بالاستصحاب من المجتهدين يصحّ السلب عن بعضها نعم عند من يري الاربعة اصلاً و وضع اللفظ عليها هو حقيقة فيها و لااعرف حاصل هذه المعرفة.
و كذا استدلاله بالتبادر فنسأله انه يتبادر هذه المعاني في ذهن من و لايتبادر في ذهن المنكرين لاصليتها ابداً و اما المجتهدون فهم علي اصطلاحهم هذا و عندنا بين التبادر و الحقيقة الوضعية عموم و خصوص من وجه فانه ربما يضع الواضع لفظاً لمعني و لعدم انسه به لايتبادر الي ذهنه فضلاً عن غيره و ربما يتبادر معني من لفظ في اذهان المستعملين و ليس هو معنيً وَضَعَ الواضعُ اللفظَ بازائه بل هو لعادة المستعملين و كثرة استعمالهم كما قال بعضهم ان الامر حقيقة في الوجوب ولكن كثر استعماله في المستحب بحيث غلب علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵ *»
الوجوب فلايمكن حمله علي الوجوب و لايتبادر منه الوجوب و ربما يتبادر الحقيقة فلايمكن الاستدلال بالتبادر علي الحقيقة الوضعية بل هو دليل الحقيقة الاستعمالية و كذلك لايدلّ عدم صحة السلب علي الحقيقة الوضعية فلرب لفظ لايصحّ سلبه عن معني عرفاً و وضع الواضع مجهول فغاية ما يمكن الاستدلال بهما عليه ما اعتاد به نفوس المستعملين فلاتغفل و انصف.
و قوله «التبادر الذي الاصل فيه انيكون وضعياً» هذا الاصل ليس له برهان في دين الله و لايشهد به كتاب و لا سنة و وضع الواضع الاول مجهول لايعلمه الا الله و هذا الاصل غيرالاصيل لايكشف عنه و لما لميكن حاجة تمسّ الي معرفة وضع الواضع الاول تركه الله في عماء الجهل و انما حاجة العباد الي المعاني العرفية التي بعث الرسل بها و ماارسلنا من رسول الا بلسان قومه و لسان القوم ما يتداولونه و قول «الاصل عدم النقل» لايكشف عن الواقع و لايحصل منه الظن بالواقع و معرفة ذلك ليس من وضعيات الشرع حتي يكتفي المكلف فيها باستصحاب الموضوع.
و قوله «اشتراكاً تعيّنياً» هو مفعول قوله «مشترك» و هذا القول يخالف قوله التبادر الذي الاصل فيه كونه وضعياً فان الوضعي تعييني من الواضع لا تعيني من استعمال المستعملين و التعين غير التعيين و الوضع هو التخصيص و التعيين فان كان مشتركاً تعيّنياً فلم استدلّ بالتبادر الذي الاصل فيه كونه وضعياً و ان كان يقول بقولنا فقوله الاصل فيه كونه وضعياً لغو. ثم استدلاله باصالة تأخر الحادث و عدم تعدد الوضع ينافي استدلاله بالتبادر كما اشرنا اليه و يريد بهذا القول ان لفظ الاصل تعين في هذه الامور و الاصل تأخره الي المستعملين و كذا الاشتراك التعييني يحتاج الي تعدد الوضع و الاصل عدم التعدد.
و لي كلام في هذا المقام يجب التنبيه عليه و هو ان الامور امران امر وضعي و امر واقعي اما الامر الوضعي فهو علي ما وضع فان وضع الشارع حكم الثوب الذي لاقاه النجاسة مثلاً ثم غسل حتي شكّ في زوالها النجاسة فيكون الاصل هنا لاتنقض اليقين الا بيقين مثله فيستدل بهذا الاصل علي كل ثوب مشكوك فيه بعد يقين و يحصل منه العلم الشرعي بنجاسة الثوب لانها وضعية و له انيحكم علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶ *»
المتضادين بحكم واحد فضلاً عنهما و ليس يشترط في اجراء هذا الاصل حصول الظن بالواقع و لايحصل منه الا العلم الشرعي.
و اما الامر الواقعي فليس يصير الاستصحاب دليلاً عليه بوجه من الوجوه و لايعول عليه عاقل و لايمكّن منه طبع الاتري انك اذا دخلت الدار و لمتر زيداً فيها ثم خرجت ثم بعد ايام لايدلّك الاصل عدم كونه في الدار علي انه ليس في الدار واقعاً و لايورث هذا الاصل لك ظناً نفسانياً انه ليس في الدار و كذلك اذا رأيت زيداً يوم الجمعة في الدار و شككت انه كان في الدار منذ شهر او دخلها ذلك اليوم فقولك الاصل تأخر الحادث لايورث لك ظناً نفسانياً انه دخلها ذلك اليوم و كذلك اذا شككت في خروج زيد عن الدار لايورث لك ظناً بعدم خروجه قولك لاتنقض اليقين الا بيقين فاستعمال هذه الاصول في الامور غيرالوضعية خبط عشواء و لايجوز و لايدلّ علي شيء و معرفة اللغة و جميع مباديها من الامور غيرالوضعية التي ليس من الشارع حكم فيها و ليست من الامور الدينية فان الكافر ايضاً يتعلم اللغة حتي يصير من اهل اللغة و يصير مرجعاً لغيره و لميعرفها بهذه الاصول فلايكتفي النفس فيها باجراء هذه الاصول كما انك لو شككت في خروج غريمك من البلد لاتكتفي فيه باصل عدم الخروج و لو شككت في وقوع صيد في حبالتك لاتكتفي باصل عدم الوقوع و تراقب دائماً حتي تطلع علي وقوعه و هكذا ساير ما في العالم فقوله الاصل انيكون التبادر وضعياً و اصل تأخر الحادث و اصل عدم تعدد الوضع لايدلّ علي شيء بوجه من الوجوه و لاينكشف به غيب لاسيما في معرفة اصطلاح بعض المجتهدين التي لا فائدة فيها علماً و لا عملاً فجميع ذلك كان نفخاً في غير ضرام.
قال: و الفقه لغةً و عرفاً الفهم الذي هو اعم من العلم من وجه و من جعله بمعني العلم لعلّه زعم ترادفهما لكن العرف يأباه.
اقول: كان هؤلاء يأخذ خلفهم عن سلفهم من غير مراجعة و الذي صرح به اهل اللغة ان الفقه الفهم و الفطنة و العلم بالشيء و الفهم له و علي ذلك نزل الكتاب فان قوله لاتفقهون تسبيحهم اي لاتفهمون و قوله ليتفقهوا في الدين اي
* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷ *»
ليتعلموا و كذلك قول ابيعبدالله7 تفقهوا في الدين فانه من لميتفقه منكم في الدين فهو اعرابي الخبر و هو التعلم بلا شك فاباء العرف لايسمن و لايغني من جوع ان كان ضمير قوله يأباه راجعاً الي الجعل.
و قوله «الفهم الذي هو اعم من العلم» الخ صحيح يعني ان الفهم غير العلم و ان كان في اللغة فهمه بمعني علمه و ذلك ان الفهم هو المشعر فاذا تعلق بشيء يكون بمعني ادركه و علمه فلا اختلاف بين ما في كتب اللغة و بين ما قلنا و الشاهد علي ما قلنا قول ابيعبدالله7 العلم ضده الجهل و الفهم ضده الحمق و قال الفهم ضده الغباوة و قال علي7 العلم داعي الفهم و اما الحديث الذي روي عن ابيعبدالله7 من لميعلم لميفهم و من لميفهم لميسلم الحديث فمعناه ان الفهم فهمان فهم طبعي و هو المشعر و فهم اكتسابي و هو التعلم فمن لميعلم لميحصل له الفهم الاكتسابي و ذلك نظير ما قال علي7 العلم علمان مطبوع و مسموع و لاينفع المطبوع اذا لميكن مسموع.
و قوله «و من جعله بمعني العلم» فيه عجمة و كان ينبغي انيقول و من زعم معناه العلم.
قال: و اصطلاحاً هو العلم بالاحكام الشرعية الفرعية عن ادلتها التفصيلية و المراد بالعلم خصوص التصديق للتبادر لا التصور و لا الاعم و لايعارضه صحة التقسيم لاعتضاده بصحة السلب عن التصور و بكونه بالذات اقوي منها.
اقول: قوله «المراد بالعلم» الخ ففيه اولاً ان التبادر عند المصنف و اضرابه لايدلّ علي ان المعرِّف بهذا التعريف كان هذا مذهبه و مراده هذا و ان اراد مراد نفسه اذا عرف هكذا لايحتاج الي الاستدلال بالتبادر اذ هو علي مراده هذا و المطالب العلمية التي هي بين العلماء خلافية لايدلّ عليها التبادر عند قوم ذهبوا مذهباً واحداً هذا و المراد بالعلم في اللغة ما تيقن الانسان و ما عرفه يقال علمه اذا تيقنه او عرفه و هو اعم من التصور و التصديق و في الشرع العلم ضد الجهل كما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸ *»
سمعت و هو اعم من التصور و التصديق و عند الحكماء هو حضور المعلوم عند العالم و هو اعم من التصور و التصديق و اهل المنطق يقسمون العلم الي تصور و تصديق فهو عندهم اعم منهما و المحدثون علي ما ورد الشرع به و ليست المسألة فقهية حتي يسهل العلم بمذهب الفقهاء فيها و المسألة خلافية و التبادر عند بعض المتأخرين كيف يكشف عن غيب خاطر المعرِّف.
قوله «و لايعارضه صحة التقسيم» يعني من المنطقي لان تبادرنا معتضد بصحة السلب عن التصور فيا سبحانالله صحة السلب عند من هي و قدعرفت ان الله و رسوله و ساير الحكماء و العلماء و اهل اللغة يرونه اعم و لايصحّ السلب عندهم و صحة السلب عند المصنف و اضرابه لايكشف عن مراد المعرف الاول و ان كان التعريف من المصنف نفسه فلميستدل علي المراد.
قوله «و بكونه بالذات اقوي منها» اي دلالة التبادر بالذات اقوي من صحة التقسيم لان التبادر اية قطعية عنده و الاصل فيه انيكون وضعياً لاسيما اذا اعتضد بصحة السلب عن التصور و قدعرفت حالهما و اما صحة التقسيم فظني لانه ليس من علائم الحقيقة و ان كان يمكن انيقال في صحة التقسيم ايضاً بعض المقربات لكن التبادر اقوي عنده و ماادري متي صار التبادر دليل الوضع حتي ينفع كونه اقوي و جميعه في غير محله و لا برهان له في دين الله.
قال: و الاحكام جمع الحكم و هو يطلق لغةً علي الاسناد و الالزام و امر الحاكم لرفع الخصومات و هو اصطلاحاً خطاب الله تعالي المتعلق بافعال المكلفين من حيث الاقتضاء او التخيير و المراد بالخطاب هنا نفس الكلام الملقي لا الالقاء.
اقول: قوله «و هو يطلق لغةً علي الاسناد» ماادري من اي لغة اخذ هذا المعني و ليس في كتب اللغة التي عندنا و اما الالزام و امر الحاكم فقريب من المعني اللغوي اذ اصل الحكم في اللغة المنع و يقال حكم عليه و له اذا منعه عن المخالفة و ساير معانيه يدور مدار هذا المعني و هو الحق الذي ينبغي انيراد في الحدّ لا غير.
و قوله «هو اصطلاحاً خطاب الله» هذا اصطلاح الاشاعرة و من اطلاقه القول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹ *»
يفهم ارتضاؤه اياه و الا لنسبه الي اهله.
و قوله «من حيث الاقتضاء» المراد بالاقتضاء اقتضاء امر الشارع الوجوب و نهيه الحرمة و التخيير و المراد به الاباحة و يمكن ادخال المستحب و المكروه في التخيير فان الانسان مخير بين الفعل و الترك و يمكن ادخالهما في الاقتضاء لانهما مقتضيا الامر و النهي اذا كانا مع القرينة عند من يري مدلولهما الوجوب و الحرمة و عند من يراه الطلب. و لما كان الخطاب عندهم يطلق علي القاء الكلام و نفس الكلام قال مرادنا هنا نفس الكلام و كذلك بحسب اللغة الخطاب هو الكلام بين المتكلم و السامع.
بقي شيء و هو انه علي ما ذكر من الاصطلاح يخرج ما ثبت من احكام الله بالسنة التقريرية و بالسنة الفعلية مع انهما حكمان لله بلاشك و علي ما يجعلون البراءة الاصلية من الادلة العقلية يخرج مقتضاها من كونه حكم الله التخييري و كذلك جميع ما يحكمون به بادلتهم العقلية و قواعدهم الوضعية و ما ليس حكم الله هو حكم الشيطان قال ابوعبدالله7 الحكم حكمان حكم الله عزوجل و حكم اهل الجاهلية فمن اخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية انتهي فعلي ما ذكر من الاصطلاح مقتضي السنة التقريرية و الفعلية و البراءة الاصلية و استصحاب حال العقل و مقتضيات ادلتهم العقلية كلها حكم الجاهلية فتفسير حكم الله بانه هو الزام الله عباده ما شرع اولي و احسن و الحكم مطلقاً هو الالزام و المنع من المخالفة و ما يحكمون بالادلة العقلية عندنا حكم بغير ما انزل الله و هو مثل قول سانزل مثل ما انزل الله.
قال: و الكلام منه لفظي و هو الصوت الخارج عن المقطع المفهم للمراد و ان كان من نحو الشجرة كتكلمه مع موسي للعرف و نفسي و هو المفهوم الحاصل من اللفظي و كلامه تعالي عندنا لفظي و عند الاشعري نفسي لنا الاجماع و قوله تعالي و كلّم الله موسي فلو كان متكلماً معه بالنفسي لشمل ساير الانبياء.
اقول: الكلام عند اهل اللغة و العرف القول و اصوات متتابعة بمعني مفهوم و قديطلق علي ما يتصور الانسان من الكلام و يحدّث في نفسه كما قال الله و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰ *»
يقولون في انفسهم لولا يعذبنا الله و الذي ذكره المصنف من انه الصوت الخارج عن المقطع مقتضاه انه ما كلّم الله موسي تكليماً فانه لميخرج من مقطع و انما اوجده الله ايجاداً.
و قوله «الخارج عن المقطع» فيه عجمة و العرب يقول الخارج من المقطع.
فقوله «و ان كان» خبط لايرتبط بما قبله. و ما ذكره من ان النفسي هو المفهوم خبط اخر و ليس الكلام النفسي عند المتكلمين و اهل اللغة هذا و هو كلام من ليس من اهل الفن فان الكلام النفسي هو ما يتصوره الانسان من اشباح نفس الحروف و له حروف و حركات و سكون و مدّ و تشديد و همس و جهر و حلقية و شفوية و غير ذلك من صفات الحروف و اما المفهوم من اللفظ فهو شبح مدلول اللفظ الذي هو شبح المعني الذي هو شبح الموضوعله و اين هذا من الكلام النفسي.
و قوله «و كلامه تعالي عندنا لفظي» فعلي ذلك عندهم ما ليس عند الله جلّوعزّ و عند رسوله و حججه: و شيعتهم الحكماء العلماء فان الله سبحانه يقول بكلمة منه اسمه المسيح و يقول و تلقي ادم من ربه كلمات و هم الائمة و كلّم الله نبيه ليلة المعراج و اوحي الي عبده ما اوحي و نزل القرءان ليلة القدر الي السماء و نزل به الروح الامين علي قلب النبي و يقول انما امره اذا اراد شيئاً انيقول له كن فيكون و لميكن هناك اصوات تخرج من المقطع الي غير ذلك من انواع الكلام فكيف يقول عندنا مؤذناً بالاجماع الضروري؟ نعم ادني منازل القرءان الحروف اللفظية و الكتبية و هي نوع من انواع الكلام.
و ان جزنا من ذلك و سامحنا فليست المسألة كذلك و ليست الشيعة مجمعين علي انه ليس كلامه تعالي بنفسي هذا الملا محسن القاساني يقول في كتابه «انوارالحكمة» علي مانقل منه و التكلم فينا ملكة قائمة بذواتنا نمكن بها من افاضة مخزوناتنا العلمية علي غيرنا و فيه سبحانه عين ذاته الا انه باعتبار كونه من صفات الافعال متأخر عن ذاته. و يقول الملاصدرا في «العرشية» و «المشاعر» ان الكلام من عالم الامر قبل خلق جميع الاشياء فلا معني لقوله عندنا بوجه و ان اراد عندنا معاشر الاصوليين فليس ذلك (تلك ص19) من المسائل الاصولية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱ *»
و قوله «و عند الاشعري نفسي» المعروف انيقول عند الاشاعرة و كيف كان الاشاعرة اصحاب علي بن اسمعيل بن بشر الاشعري منسوب الي جدّه ابيموسي الاشعري او الي اشعر بن سبا بن يشخب بن يعرب بن قحطان ابواليمن قالوا انه كان علي طريقة المعتزلة يقول بحدوث القرءان ثم خطب و هو قاضٍ بالبصرة و عدل الي مذهب محمد بن عبدالوهاب القطان فقال بقوله في مسائل منها قدم كلام الله و نظم الشاعر علي مذهبهم:
ان الكلام لفي الفؤاد و انما | جعل اللسان علي الفؤاد دليلاً |
و قال مخالفوهم من المعتزلة و هم اصحاب واصل بن عطاء و كان من اكابر تلامذة الحسن البصري فلما اخذ واصل يقرر في المنزلة بين المنزلتين و اعتزل الحسن و اصحابه قال الحسن اعتزل واصل فسموا بالمعتزلة هو و اصحابه فقالوا ان الكلام اصوات و حروف و هذان المذهبان من العامة و نحن لما فارقناهم في الاصول كان الاحري ترك اقوالهم و ادلتهم و ذكرهم فان الباطل يموت بترك ذكره الا ان ديدن القوم انيحيوا امرهم و شبههم في كلّ كتاب و يتبعوا احد الفريقين و نحن ذكرنا اسماءهم المنحوسة شرحاً لكلام المصنف و تنبيهاً علي ما ذكرنا.
بالجملة يظهر من كلام المصنف بعد تفسيره النفسي بالمفهوم انه يقول ان الاشاعرة يقولون ان كلام الله مفهومه الحاصل له من الالفاظ و هم لايقولون كذلك بل يقولون انه عين ذاته القديمة.
و قوله «لناالاجماع» استدلال غريب فان كان المراد من الاجماع ضرورة الاسلام فالعامة علي قولين و ان كان ضرورة الشيعة فالشيعة علي اقوال و المسألة نظرية و ان كان اجماع المتكلمين و الحكماء فهم علي اقوال و ان كان اجماع الفقهاء فليسوا من فرسان هذا الميدان و ان حصل له اجماع فكيف يكون حجة علي الاشاعرة و يؤذن قوله «لنا» بانه اجماعي الشيعة و ليس كذلك.
و قوله «و كلّم الله موسي تكليماً» لا حجة فيه علي الاشاعرة فان الاشاعرة لاينكرون حدوث هذه الاصوات و لايقولون بعدم امكان توجه الاصوات الي شخص و انما يقولون ان حقيقة القرءان ذات الله فاي دلالة في الاية علي ردّ
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲ *»
الاشاعرة.
و قوله «فلو كان» الخ يريد به انه لو كان نفسياً لماتخصص بموسي و شمل ساير الانبياء و الاشاعرة لاينكرون تنزل الكلام في كسوة الالفاظ و قدتعلق بموسي الصوت المخلوق في الشجرة و علي هذا المصنف يلزمه انينكر العلم الذاتي مثلاً فان الله سبحانه يعلم موسي ايضاً.
بالجملة معذلك لانشك في كون الكلام حادثاً كمارواه ابوبصير عن ابيعبدالله7 لميزل الله عزوجل اسمه عالماً بذاته و لا معلوم و لميزل قادراً بذاته و لا مقدور قلت جعلت فداك فلميزل متكلماً قال الكلام محدث كان الله عزوجل و ليس متكلم ثم احدث الكلام انتهي و لسنا بصدد تحقيق المسألة هنا.
قال: ثم المراد من الحكم ان كان المعني المصطلح لغا قيد الشرعية و الفرعية الا انيجعل الافعال اعم من الاعتقاد علي بعد فيلغو الاول فقط مضافاً الي ان من الادلة الكتاب فيتحد الدليل و المدلول هذا علي مذهبنا.
اقول: يعني ان كان الحكم خطاب الله المتعلق بافعالهم كماقالته اشاعرتهم فالشرعية و الفرعية في حدّ الفقه كلاهما لغو فان ذلك الخطاب هو الشرع و هو من الفروع و ان عممنا الافعال في افعال العقول و الجوارح فقيد الشرعية لغو فان ذلك الخطاب هو الشرع و نقصان اخر في الحدّ ان الحكم خطاب الله و خطابه كلامه و كلامه كتابه و الكتاب هو احد الادلة التفصيلية فيتحد الدليل و المدلول هذا علي مذهب من يقول بحدوث القرءان و اما علي مذهب الاشاعرة فلايتحد فان القرءان قديم و ليس كذلك فان الاشاعرة لايقولون ان ذات الله القديمة دليل الفقه و انما الدليل هو الالفاظ الظاهرة و هو صورة كلام الله فاتحدا ايضاً و اذا اورد المصنف النقص علي الحد كان ينبغي انينسب الحد الي غيره و لايذكره في سياق كلامه ثم يعترض عليه و علي ما ذكر وقع الاصطلاح من قوم مخصوص علي امر غلط.
و الحق ان صرف العمر في هذه التعاريف و ردّها و قبولها و نقضها و حلّها تضييع للعمر و لذلك اعرض كثير من الفقهاء عن الحدود و قالوا ان المحدودات
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۳ *»
معروفات و الحد لان تعرف و هي معروفة فلا حاجة اليه كما ان المكلفين يعرفون الماء و يتوضأون منه و يغتسلون و لايعرفون حدّه و لاينبغي صرف العمر في جمع الحدود للماء و تزييف بعض و استجادة بعض و نقض بعض و حلّ بعض فالفقه هو علم الشريعة المقدسة و في كتب اللغة ان الفقه الفهم و الفطنة و العلم بالشيء و الفهم له و غلب علي علم الدين لشرفه و الحكم هو الالزام و منع المحكومعليه من المخالفة و هو الحق و باقي الاحتمالات خيالات لا طائل تحتها.
قال: و علي مذهب الاشعري يَرِدُ استدراك القيدين المذكورين ايضاً و ان الحكم الشرعي طلب الشارع من المكلف فيحتاج الي الطالب و المطلوبمنه و كون المطلوبمنه قديماً باطل فيلزم وجود التكليف بلامكلف و هو سفه بل في مثل الصبي و الناسي و نحوهما ان قال ببقاء التكليف كان تكليفاً بمالايطاق و هو قبيح و لايصغي الي تجويزه اياه او بارتفاعه لزم تغير القديم و هو من لوازم الحدوث.
اقول: الحدّ الذي ذكره ان كان لمصطلح علماء الشيعة فلايجب انيكون صحيحاً علي مذهب الاشاعرة و هم غيرملتزمين انيكون حدود الشيعة منطبقة علي مذهبهم و ليس الشيعة ملتزمين انيطابق حدودهم مذهب غيرهم فاي فائدة في قدح حدود الشيعة بما في مذهب الاشاعرة و ان كان الحدّ علي مصطلح الاشاعرة فلم قدح فيه علي مذهب الشيعة اولاً و ان كان الحدّ من نفسه فلم قدح فيه و ان كان من ساير علماء الشيعة فلم ذكره ظاهراً في النسبة اليه من غير ذكر الحادّين بالجملة اختلال هذه الكلمات و اضطرابها ظاهر لمن نظر و ليست الا محض القال و القيل و كلمات لايوجد فيها تحصيل و اصل الحدّ من اشاعرة الاصوليين كماذكرنا ولكني في عذر من شرحها لغايات عندي.
قوله «يرد استدراك القيدين» الي اخر يعني ان الحكم عندهم كلام الله النفسي المتعلق بافعال المكلفين و هو الشرع و هو من فروع الدين فالقيدان لغو و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۴ *»
استدراك ما لايلزم.
و قوله «استدراك القيدين» فيه عجمة و يريد به ان القيدين زائدان و لغو و ايضاً وجه اخر ان الحكم طلب الشارع من المكلف و لابد من وجود طالب و مطلوبمنه و الطالب قديم و لا مطلوبمنه قديماً و هو سفه و لو فرضنا قدم المطلوبمنه لايستقيم ايضاً فان في المكلفين جاهل و ناسٍ و ساهٍ و نائم فان قالوا بتكليفهم لزم تكليف ما لايطاق و هو قبيح و تجويز الاشاعرة تكليف هؤلاء لايصغي اليه لوضوح القبح و كونه جوراً واضحاً منافياً للعدل الثابت.
و ان قالوا برفع التكليف لزم تغير الذات و كونها طلباً من قوم و رفع طلب من قوم و التغير من لوازم الحدوث و لولا قول الله سبحانه و لاتكن للخائنين خصيماً لذكرت انه كلامه مختل النظام و لايرد علي الاشاعرة شيء منه ولكن اذرهم يتجادلون كيفما جادلوا.
قال: بل قال ان الامر و النهي هو الطلب بقول مخصوص و لو كان كلامه نفسياً لزم ان لايكون الله سبحانه امراً و ناهياً و هو باطل بالضرورة و نصّ الكتاب بل الوجهان الاخيران واردان علي من قال بالكلام النفسي و ان لميقل بان المراد من الحكم في التعريف هذا المعني.
اقول: هذا بحث اخر منه علي الاشاعرة المساكين من غير وجه و هو ان الاشاعرة يقولون في مباحث الامر و النهي ان الامر هو طلب الفعل بقول مخصوص و النهي هو طلب الترك بقول مخصوص و معذلك ينكرون الكلام اللفظي فيلزم ان لايكون الله امراً ناهياً لوحدة الذات و هو باطل بالضرورة و لقوله سبحانه ان الله يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربي و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغي و هذه الحكاية منهم دليل علي انه لميفهم مراد الاشاعرة و انهم لاينكرون الكلام اللفظي مطلقاً و ان كانوا يقولون ان حقيقة الكلام في النفس فجميع الابحاث المتفرعة علي قدم الكلام ساقط فان المساكين لاينكرون الامر و النهي اللفظي فما يرد علي الشيعة يرد عليهم.
قوله «بل الوجهان الاخيران» يعني ما قال من الترديد في تكليف الغافل و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۵ *»
ما قال هنا في الامر و النهي واردان علي من قال ان كلام الله نفسي و ان لميعرف الحكم بانه طلب الشارع كمامرّ و قدعرفت ان المصنف لميعرف معني الكلام النفسي و ان الاشاعرة لاينكرون الكلام اللفظي و جميع هذه الكلمات نفخ في غير ضرام.
قال: و ان كان النسب الخبرية احترازاً عن الموضوعات ففيه خروج الانشائية كاقيموا الصلوة و توهم ان الفقه هو النسب الخبرية الحاصلة من تلك مدفوع بان لازمه عدم كون التصديق بالانشائية فقهاً و هو نفس الفقه فتأمل و خروج كل الموضوعات صرفة و مستنبطة و شرعية مع كون الاخيرة من المعرف و من شأن الفقيه بيانها و لذا تعرضوا لها.
اقول: هذا الكلام عطف علي قوله «ان كان» في قوله «ثم المراد من الحكم ان كان المعني المصطلح» و قدذكر ابحاثه الواردة علي ذلك الاحتمال و اراد الان انيذكر ما يرد علي هذا الاحتمال الذي تخيله بعضهم و زعم ان الحكم هو النسبة الخبرية التي تحصل في نفس الفقيه اي هذا واجب او هذا حرام او هذا مستحب او هذا مكروه او هذا مباح و انما فسره كذا حتي يحترز من ادخال معرفة الموضوعات اي متعلقات الاحكام في الفقه يقول علي هذا الاحتمال ايضاً لايستقيم الحدّ لانه يخرج من الفقه التصديق بقوله تعالي اقيموا الصلوة فانه انشائي. و ان قيل ان الفقيه اذا سمع اقيموا الصلوة يحصل في نفسه نسبة خبرية و هي الصلوة واجبة قلنا يلزم من ذلك ان نفس تصديق الانشاء ليس بفقه و نقص اخر انه يلزم خروج كل الموضوعات مع ان منها شرعية و لابد و انيعرفها الفقيه من الادلة الشرعية كما ان النكاح موضوع احكام و الصلوة موضوع احكام و هكذا.
و اما قوله «صرفة و مستنبطة» فالصرفة بحسب العربية غلط و لايستعمله العرب مع التاء و لو كان صفة مؤنث و يقولون خمر صرف و ماء صرف و الحاصل الموضوعات الصرف كماء الاناء مثلاً حيث هو جزئي يحسّ بالعين و مستنبطة كالماء الكلي علي ان الكلي ليس له وجود خارجي و انما ينتزع من الافراد و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۶ *»
الشرعية كالصلوة فانها موضوع احكام و هذا القسم الثالث لايعرف الا من الادلة الشرعية و هو من الفقه فلا معني للاحتراز عن الموضوعات مطلقاً.
الحاصل كل ذلك كلمات لا حاصل لها ابداً في الدين و الدنيا و الاخرة الا اني مضطر الي شرحها لغاية.
قال: و لو قيل ان معرفة الموضوع من باب المبادي لقلنا ان المراد بهذه المعرفة ان كان تصور الموضوع استدرك قيد الاحكام لان ظاهره ان المراد بالعلم التصديق فتصور الموضوع لميكن داخلاً في الجنس حتي يخرج بقيد الحكم او التصديق بموضوعية الموضوع او ان الموضوع هو هذا فهو نسبة خبرية كيف تخرج من قيد الاحكام الذي هو بمعني النسب الخبرية فلايطرد التعريف علي مذهبه من كون الموضوعات خارجة او المسائل فكسابقه او النسب الجزئية لميخرج الموضوعات الشرعية.
اقول: هذه خيالات سنحت للمصنف علي فرض كون الحكم النسب الخبرية فقال ان قال قائل ان معرفة الموضوعات من المبادي و علم سابق و ليست مقصودة بالذات فلابأس باخراجها عن الحدّ قلنا ان ذلك ايضاً لايجدي فان مرادك من المعرفة تصورها او تصديقها فان كان المراد تصورها فلميكن داخلاً في جنس الحدّ حتي يحتاج الي اخراجه و ان كان تصديقها اي تصديق موضوعية الموضوع او ان الموضوع هو هذا فهو من النسب الخبرية فكيف يخرج من قيد الاحكام و الحكم علي مذهبه هو النسبة الخبرية.
و قوله «استدرك» بمعني لغا فيه عجمة كمامرّ.
و قوله «ظاهره» اي ظاهر مذهب القائل بان الحكم النسبة الخبرية.
و قوله «فلايطرد التعريف» يعني ان كان هذا التصديق خارجاً واقعاً فلايطرد تعريفه. و المراد من الاطراد عند اهل المنطق التلازم في الثبوت اي متي وجد المعرف (بالكسر) وجد المعرف (بالفتح) كما ان الانعكاس عندهم التلازم في النفي اي متي انتفي المعرف (بالكسر) انتفي المعرف (بالفتح) فمتيما كان الحدّ اعم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۷ *»
لايكون الحدّ مانعاً عن اغيار المحدود فلايطرد الحدّ و متيما كان المحدود اعم لايكون الحدّ جامعاً لافراد المحدود فلاينعكس.
بالجملة كل ذلك نفخ في غير ضرام و جدال من الخصام لاسيما و يرد عليه ما قدمنا من الكلام.
و قوله «او المسائل فكسابقه» يعني ان اريد من الاحكام المسائل اي المحمولات يرد عليه ايضاً ما اورده علي فرض كون الحكم النسب الخبرية فانه ان كان المراد من الاحكام المسائل يخرج الموضوعات الشرعية و يخرج تصديق الاوامر و النواهي عن الفقه كمامرّ.
و قوله «او النسب الجزئية» الخ يعني ان كان الحكم النسب الجزئية نحو هذا الماء طاهر و هذا اللحم حلال و امثالها يرد عليه انه لايخرج الموضوعات الشرعية التي هي عند القائل بهذا ليست من الفقه و ان كان عند المصنف داخلاً.
قال: او التصديقات ليكون الفقه تصديقاً بالتصديقات ففيه انه ان اريد من التصديقات المفسرة للاحكام تصديقات نفس الفقيه فتصديق الفقيه بتصديقاته المأخوذة من الشرع لايسمي فقهاً بل الفقه نفس التصديقات المأخوذة و الا لميكن الفقيه العالم بالاحكام الشرعية الغيرالمتفطن لعلمه فقيهاً و يلزم ايضاً فساد قيد عن ادلتها لانه ظاهر في الرجوع الي العلم و الحال ان الحاصل من الادلة علم الفقيه لا علمه بعلمه و فساد قيد الشرعية لان تصديقات الفقيه ليس من شأنها انتؤخذ من الشارع او تصديقات الشارع فتصديق الفقيه بتصديقات الشارع لايسمي فقهاً بل الفقه تصديقه بمصدقاته و يلزم فساد قيد عن ادلتها لانه ان تعلق بالعلم كما هو الظاهر فالعلم بعلم الشارع ليس حاصلاً من الادلة بل العلم بالمعلومات حاصل منها او بالاحكام لزم انيكون علم الشارع مأخوذاً من الادلة و فساد قيد الشرعية اذ ليس من شأن الشارع بيان تصديقاته بل مصدقاته.
اقول: عجباً من المصنف انه اراد في هذا الكتاب تهذيب المطالب و الاختصار و الحذر عن التطويل كيف طوّل كل هذا التطويل الذي لايؤل الي طائل ابداً.
و كيف كان قوله «او التصديقات» عطف علي قوله «و ان النسب الخبرية»
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۸ *»
يعني و ان اريد من الاحكام التصديقات و قدعرفت ان العلم هو التصديق فيكون الفقه تصديقاً بالتصديقات ففيه احتمالان فان فسر الحكم بتصديق نفس الفقيه مثل هذا واجب و هذا حرام فتصديقه بهذا التصديق ليس بفقه و معذلك يفسد قيد عن ادلتها لان تصديقه بتصديقاته ليس مستنبطاً عن الادلة و كذا يفسد قيد الشرعية لان تصديق نفس الفقيه لايؤخذ من الشارع و انما المأخوذ من الشارع المصدق به بفتح الدال.
قوله «او تصديقات الشارع» عطف علي قوله «تصديقات نفس الفقيه» يعني ان فسر الحكم بتصديقات الشارع يلزم هذه العيوب الاربعة و كلامه واضح لايحتاج الي الشرح و زاد من التحقيق في الضوابط في عيوب هذا الاحتمال ان الشارع هو الله و علمه قديم و تصديقات الشارع علمه و الاحكام التكليفية حادثة و لا ربط بين الحادث و القديم و لابد و انيؤخذ معني هذا الكلام من المصنف لانه لايخطر في خلد حكيم هذا المعني فعلي هذا ان الله ليس بعالم بشيء حادث لعدم الربط.
و لعمري يضحك من هذه الاحتمالات الثكلي و لعمرك انها بمنزلة انيقول ان اريد بالحكم قواعد نظام الافرنج مثلاً يلزم اولاً انيكون العلم بنظامهم فقهاً و ليس بفقه و يلغو قيد الشرعية فانها ليست شرعية و يلغو قيد الفرعية فانه ليس من فروع ديننا و يكذب عن ادلتها التفصيلية بكليتها فانه لايستنبط من الكتاب و السنة و ان كانوا قديستنبطونه من الاجماع و دليل العقل وهكذا من الاحتمالات الي فناء العمر و هل هذا علم او فضل يصرف الانسان عمره فيه و هل يؤل الي طائل في الدين و الدنيا و الاخرة نعم ذلك مبلغهم من العلم.
و قوله «الغيرالمتفطن» خلاف ما حكاه النحاة و ورد في الكتاب و الاخبار فان غيراً لشدة ابهامه لايقبل التعريف و لايدخل عليه الالف و اللام قال الله تعالي غير المغضوب عليهم.
قال: او الاحكام التكليفية استدرك قيد الشرعية و خرج الاحكام الوضعية مع انها من الفقه علي قول و لايمكن تأويلها في بعض المقامات بالتكليفية فان النسبة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۹ *»
عموم من وجه الا انيراد الاَوْل الشأني.
اقول: هذا احتمال اخر من مقتضيات غزارة العلم انه ان اريد من الاحكام الاحكام الخمسة التكليفية اي الوجوب و الحرمة و الندب و الكراهة و الاباحة استدرك علي قوله قيد الشرعية و يلغو لان تلك الاحكام بنفسها شرعية و يلزم خروج الاحكام الوضعية و هي الشرطية و الجزئية و المانعية و الصحة و الفساد و السببية.
قوله «و لايمكن تأويلها» يعني ان قيل ان الوضعية ايضاً مأولة الي التكليفية فان كون الاستطاعة سبب وجوب الحج معناه وجوب الحج عند الاستطاعة قلنا انه لايمكن التأويل في بعض و بين الاحكام التكليفية و الوضعيات عموم من وجه فقديجتمعان كمامرّ و قديفترقان نحو الصلوة فريضة و كمااوصي الميت لولده الصغير بشيء فيكون له لان الوصية سبب الاختصاص و لا تكليف علي الصغير هنا.
و قوله «الا انيراد الاول الشأني» الظاهر ان الاَوْل مصدر آل اي رجع يقول الا انيراد ما من شأنه الرجوع الي التكليفية فانه حينئذ يستقيم فان الولد في المثال المذكور من شأنه انيصير مكلفاً.
قال: او التكليفية و الوضعية الخمسة اي الشرطية و الجزئية و المانعية و الصحة و الفساد ففيه بعد استدراك القيد المذكور عدم انحصار الوضعية في الخمسة فلا عكس فان كل ما يكون تحققه مشروطاً بالامور الاربعة العقل و البلوغ و العلم و القدرة تكليفي و ما عداه وضعي حتي مثل السببية و الاصح انيراد الاحكام التكليفية صدرت من الشارع ام غيره فلايستدرك قيد الشرعية و اما الوضعيات فالحق خروجها عن المعرف و عدم كونها مقصودة بالذات من الفن بل انما يتكلم فيها لرجوعها الي التكليف.
اقول: هذا احتمال اخر صدر من علمه الغزير و فضله الكثير و يعني به انه ان اريد من الاحكام التكاليف الخمسة و هي الوجوب و الحرمة و الندب و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۰ *»
الكراهة و الاباحة و الوضعية الخمسة المذكورة يلغو القيد المذكور اي الشرعية و فيه ايضاً ان الوضعية ليست منحصرة في الخمسة بل كل ما ليس بالامر و النهي و التخيير التكليفية التي تتعلق بالعاقل البالغ العالم القادر وضعي بتعيين الشارع فلا وجه في تخصيص الحكم بالخمسة و الخمسة.
و اقول هنا ان المصنف ان اراد بعض شروط التكليف فلاخصوصية لهذه الاربع و كان له انيكتفي بالعقل وحده و ان اراد جميع الشروط كما هو الظاهر فهي اكثر من ذلك فانه قديرتفع التكليف عن الغافل و الناسي و المضطر و المكره كما فرق بينها في الحديث عن النبي9 رفع عن امتي تسعة الخطاء و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لايعلمون و مالايطيقون و ما اضطروا اليه الحديث. فاما انيقول المصنف بانها ليست ممتازة فيكون فيه الردّ علي النبي9 و اما يقول بانها ممتازة فليس مدار التكليف علي الاربع التي سمي هذا و قديسقط التكليف بالعسر و الحرج و النوم و الضرر و حرمة مسلم اخر و التسهيل و ترك التنفير و الترغيب و امثال ذلك ممايسقط بعض التكاليف المندوبة و المكروهة اذا عارضها اعظم منها و كذا الاباحة اذا عارضها حادث اخر و يجمع كثيراً من موانع التكليف قول ابيعبدالله7 كلما غلب الله علي امرء فهو اولي بالعذر و قوله7 الناس مأمورون و منهيون و من كان له عذر عذره الله.
قوله «و الاصح» يريد انيقول هذه الارادة من الاحكام لايطرأها شيء من العيوب الواردة علي تلك الاحتمالات و هذا خبط ظاهر و خطاء باهر و هو خلاف الاصح فان لله عزّوجلّ في كل شيء حكماً الزم عباده التدين به و العمل بمقتضاه و جميع الوضعيات من حكمه سبحانه في تلك الاشياء و الحكم كما ذكرنا الالزام و الفقه هو العلم بالزامات الله سبحانه عباده اعتقاداً و عملاً و الحكم المطلق الزام فان كان من الله فهو شرعي و ان كان الالزام في الافعال و متعلقاتها فهو فرعي فالتعريف سديد و جميع ما مرّ نفخ في غير ضرام و احتمالات لاتؤل الي طائل بلاكلام.
و قوله «ان الوضعيات ليست مقصودة بالذات» خبط محض فان العلم بما الزم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۱ *»
الله عباده اعتقاده او العمل به مقصود بالذات للفقيه و ان كان شرطاً لشيء مثلاً او سبباً او كان لاجل شيء اخر او مرتبطاً بشيء اخر فتدبر.
قال: و المراد بالشرعية ليس ما اخذ من الشارع ببيان الشرع و لا ما من شأنه انيؤخذ من الشارع و قداخذ منه بلسان الشرع حذراً من خروج ما يستقل به العقل بل ما من شأنه انيؤخذ من الشارع بلسان الشرع او العقل او ما من شأنه انيؤخذ منه و قداخذ بلسان الشرع او العقل او ما اخذ من الشارع بلسان العقل او الشرع هذا علي المختار في معني الحكم.
اقول: لما تفطن اهل الاجتهاد انهم يحكمون في مسائل لاتتناهي بالعقل المحض و اذا قلنا بان الفقه هو العلم باحكام الشارع فلايكون العلم بما حكمنا فيه بعقولنا فقهاً فاحتالوا لذلك معني للشرعية حتي يدخل في فقههم ما حكموا فيه بعقولهم فلاجل ذلك ذكر هنا للشرعية خمس معانٍ و نفي منها معنيين يضرّان بحالهم و استجاد ثلثة منها.
و قوله«ما من شأنه» في تعريف الشرعية لاخراج العقلي الذي ليس من شأنه انيؤخذ من الشارع كقولهم الكل اعظم من الجزء مثلاً علي زعمهم و قدغفل في تعريفين منها قال فيها و قداخذ او ما اخذ انه يخرج من الفقه الاحكام التي هي في صدور الحجج و لميبينوها بعد و هما منطبقان علي مذهب العامة ان رسولالله9 قدبلغ الي جميع الامة جميع الاحكام و لاينطبق علي مذهبنا حيث نروي انه9 قال يوم غدير خم الا و ان الحلال و الحرام اكثر من اناحصيها و اعرفها فامر بالحلال و انهي عن الحرام في مقام واحد فامرت ان اخذ البيعة منكم و الصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عزوجل في علي اميرالمؤمنين و الائمة من بعده الذين هم مني و منه الخبر و لعمري ان في هذا الفصل من كلامه معتبراً و لابد و اننذكر هنا كليمات قليلة و محل البسط يأتي انشاء الله.
فاقول لاشك و لاريب ان احداً لايطلع علي ما يحب الله و يكره من دون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۲ *»
اخبار من الله تعالي و لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء سبحانك لا علم لنا الا ما علّمتنا انك انت العليم الحكيم فعلم ذلك توقيفي لايمكن الوقوف عليه الا بتوقيف الله جل و عز و توقيف الله لايكون الا علي السنة الرسل فما جاء به النبي و اخبر به فهو الدين و الشرع و ما اخبر به شرعي و لا شريك مع الرسول في الرسالة و الاخبار عن الله جلّوعزّ لعمري
علم المحجة واضح لمريده |
و اري القلوب عن المحجة في عمي |
|
و لقدعجبت لهالك و نجاته |
موجودة و لقدعجبت لمننجي |
الميقرءوا كتاب الله المجيد الميراجعوا سنة النبي الحميد الميسمعوا اخبار المحمد: ببيان سديد كيف غفلوا عن مائة اية و الف و مأتي حديث و لميكثروا هذا الاكثار في الزجر عن الميتة و لحم الخنزير و الازلام و شيء من اصناف المعاصي فان كلها كانت تضرّ بالنفوس و هذا يضرّ بالدين الذي يفدي بالنفوس و في هذا اشراك بالنبي صلي الله عليه الذي هو عديل الاشراك بالله عزوجل و الادعاء للنبوة و الحجية بل هو هو بلا شك قال الله عزوجل ام لهم شركاء شرعوا له من الدين ما لميأذن به الله و قال و لايشرك في حكمه احداً و قال علي7 ترد علي احدهم القضية في حكم من الاحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها علي غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم تجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم فيصوّب اراءهم جميعاً و الههم واحد و نبيهم واحد و كتابهم واحد فامرهم الله سبحانه بالاختلاف فاطاعوه او نهاهم عنه فعصوه ام انزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم علي اتمامه ام كانوا شركاء له فلهم انيقولوا و عليه انيرضي ام انزل ديناً تاماً فقصّر الرسول عن ابلاغه و ادائه والله سبحانه يقول مافرّطنا في الكتاب من شيء و فيه تبيان كل شيء و ذكر ان الكتاب يصدّق بعضه بعضاً و انه لا اختلاف فيه فقال سبحانه و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً.
و قال ابوعبدالله7 لابيحنيفة انك صاحب رأي و كان الرأي من رسولالله صواباً و من دونه خطاءاً لانه تعالي قال احكم بما اراك الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۳ *»
و لميقل ذلك لغيره و قال ابوجعفر7 في قوله تعالي و الشعراء يتبعهم الغاوون انما عني بذلك الذين وضعوا ديناً بارائهم الخبر وقال الصادق7 من افتي الناس برأيه فقددان بما لايعلم و من دان بما لايعلم فقدضاد الله حيث احلّ و حرّم فيما لايعلم انتهي انظر كيف جعل الرأي لايعلم و ان كان يدعي الانهاء الي البديهيات و قال رسولالله9 لا رأي في الدين انما الدين من الرب امره و نهيه انتهي.
الميكفك قول ابيعبدالله7 يظن هؤلاء الذين يدعون انهم فقهاء علماء انهم قداثبتوا جميع الفقه و الدين مما يحتاج اليه الامة و ليس كل علم رسولالله9 علموه و لا صار اليهم من رسولالله9 و لا عرفوه و ذلك ان الشيء من الحلال و الحرام و الاحكام يرد عليهم فيُسْألون عنه و لايكون عندهم فيه اثر عن رسولالله9 و يستحيون انينسبهم الناس الي الجهل و يكرهون انيسألوا فلايجيبون فيطلب الناس العلم من معدنه فلذلك استعملوا الرأي و القياس في دين الله و تركوا الاثار و دانوا بالبدع و قدقال رسولالله9 كل بدعة ضلالة فلو انهم اذ سئلوا عن الشيء من دين الله فلميكن عندهم فيه اثر عن رسولالله9 ردّوه الي الله و الي الرسول و الي اوليالامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من المحمد9 و قال علي بن الحسين7 ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة و المقائيس الفاسدة و لايصاب الا بالتسليم فمن سلّم لنا سَلِم الحديث و قدمرّ مايدل علي ذلك و يأتي في محله انشاء الله.
فاذا كان الدين توقيفياً و كان مداره علي السمع و النطق كيف يكون المراد بالشرعية ما نطق به لسان العقل أليست العقول مختلفة و الدين واحداً أليست العقول غيرمعصومة و ليس غيرالمعصوم هادياً الي الله جلّوعزّ أليس ارسال الرسل و حكمهم بكثير مما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۴ *»
ينافي العقول الناقصة دليل عدم رضاء الله بحكم العقول أليس قدنهي عن رأي العقول في ايٍ و اخبار لاتحصي أليس الامر التوقيفي لابد و انيكون دليله توقيفياً اذ لو كان موسعاً للعقول انيقولوا بما اداهم اليه ادلتهم لخرج التوقيفي من كونه توقيفياً.
فالمراد بالشرعية هي احكام اخذت من لسان الشارع و فعله و تقريره حسب و جميع ماسواه باطل و عن حلية الاعتبار عاطل لايجوز التدين به و هو بدعة و اشراك برسولالله9 و قدقال الله عزوجل و ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الي الله و قال و ان تنازعتم في شيء فردّوه الي الله و الرسول و قال ابوعبدالله7 اما انه شر عليكم انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا.
و الذي اتعجب منه ان ما حكم به هذه العقول المختلفة المتلجلجة في الاراء التي تصبح علي رأي و تمسي علي خلافه كيف صار دين الله و كيف صار دين محمد9 و شرعه و بالادلة السخيفة التي سموها عقلية كيف يستخرج ما في قلب محمد9 من الرضا و الغضب و لايعلم الغيب الا الله و لايعلم ما في الصدور الا الله و نري كثيراً مما يقول علي خلاف عقولنا و الي الله المشتكي و هو المستعان ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و انت خير الفاتحين.
قال: و ان جعلناه النسبة الخبرية او الجزئية او التصديقات او المسائل لميصح قيد الشرعية باحتمالاته الخمسة بل ينتقض التعريف طرداً او عكساً.
اقول: يقول علي ما اخترناه في معني الحكم انه ما صدر من حاكم سواءاً كان الشارع ام غيره يستقيم المعاني الثلثة فان الفقه حينئذ هي العلم باحكام اخذت من الشارع بلسان العقل و الشرع و كذا في الوجهين الاخرين.
و اما ان جعلت الاحكام النسب الخبرية فلايصحّ قيد الشرعية علي المعني الاول طرداً لان القصص مأخوذة من الشرع و النسب الحاصلة منها ليس بفقه و عكساً لان مايستقل باثباته العقل من الفقه و قدخرج و علي المعني الثاني و المعني الثالث ايضاً لايطرد لصدقه علي مسائل المعاد مثلاً التي من شأنها الاخذ من الشارع و علي المعني الرابع لعدم اطراده
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۵ *»
ايضاً و علي المعني الخامس لايطرد ايضاً كمامرّ.
و كذلك لايصحّ قيد الشرعية في ساير معاني الاحكام المذكورة و لما كان اصل المطلب باطلاً علي خلاف الكتاب و السنة و ليست هذه المعاني معاني الحكم لغةً و لا عرفاً عاماً و العرف الخاص باحد او باحاد ليس محل بحث و لايقف علي حدّ لااحب المخاصمة فيه و اثبات عدم عيب في ما اصله معيوب و اكون كصايد الخنزير ان صاد صاد ما لايؤكل و ان صيد هلك و انتقل.
قال: و بالفرعية ما تعلق بكيفية عمل المكلف تعلقاً حقيقياً و كان المتعلق من الافعال الظاهرة و خروج الوضعيات لايضرّ لما مرّ و يتصور لها معان ثلثة اخر لايطرد معها التعريف.
اقول: يقول هنا حكم و عمل و تعلق الحكم بالعمل اما حقيقي كوجوب الصلوة مثلاً و اما ظاهري كتعلق الاحكام الاصولية بالاعمال كجواز العمل بالظن او وجوب التقليد مثلاً بالافعال الجزئية.
و العمل ايضاً اما ظاهري او باطني فان كان التعلق حقيقياً و العمل اعم لايطرد فان العقائد داخلة فيه و ليس من الفقه و لاينعكس فان الوضعيات خارجة عنه مع انها داخلة في الحكم و ان كان التعلق اعم و العمل اعم لايطرد كمامرّ و ان كان التعلق اعم و الاعمال ظاهرية لايطرد لان الاحكام الاصولية داخلة فيه و هي من مبادي الفقه فالمتعين هو المعني الرابع و هو التعلق الحقيقي و الاعمال ظاهرية و خروج الوضعيات لايضرّ لانها ليست مقصودة بالذات علي زعمه و قدمرّ فساد اخراج الوضعيات من الفقه و كونها من احكام الله.
بقي هنا شيء و هو ان للدين اصولاً و فروعاً و اصول الدين هي معرفة الذوات و ما يـؤل اليها كمعرفة الله و معرفة صفاته و منها عدله و مقتضياته في الدنيا و الاخرة و معرفة الرسل صلوات الله عليهم و صفاتهم و معرفة الائمة سلام الله عليهم و صفاتهم و فروع الدين هي العمل بمقتضي اوامرهم و نواهيهم سواءاً كانت متعلقة بالافعال النفسانية او الجسدانية فان حرمة الكبر و الحسد و الشحّ
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۶ *»
مثلاً من فروع الدين و تعرف بالكتاب و السنة و هي من الشريعة المقدسة و الدين و العلم بها فقه عند الله و عند حججه قال الله تعالي ليتفقهوا في الدين و هي من الدين و قال ابوجعفر7 قال اميرالمؤمنين7 اخبركم بالفقيه حقاً قالوا بلي يا اميرالمؤمنين قال من لميقنط الناس من رحمة الله و لميؤمنهم من عذاب الله و لميرخص لهم في معاصي الله الخبر و قال اميرالمؤمنين7 في حديث و ان من الحزم انتتفقهوا و من الفقه ان لاتغتروا و قال ابوعبدالله7 ان اباجعفر سئل عن مسألة فاجاب فيها قال الرجل ان الفقهاء لايقولون هذا فقال له ابي ويحك ان الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الاخرة المتمسك بسنة النبي9 و قال ابوالحسن7 من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت الخبر.
فعلم من هذه الاخبار ان الفقه في اصطلاح الائمة الاطهار سلام الله عليهم مادام الليل و النهار هو العلم بمحاب الله النفسانية و الجسدانية و مكارهه فيهما فمن كان منهم فليقل بقولهم و يصطلح اصطلاحهم و من شاء انيصطلح اصطلاح اعدائهم هو و شأنه فالفرع ما يعمّ افعال النفوس و افعال الاجساد و انلميعنونوا في كتبهم الفقهية للافعال النفسانية عنواناً و القدماء كانوا يذكرونها في كتب الاصول التي هي كتب فتاويهم فانصف.
قال: و الظرف في قولنا عن ادلتها التفصيلية يمكن انيكون متعلقاً بالعلم كما هو الظاهر و بعامل مضمر كالمستنبطة و بالفرعية بمعني المتفرعة و علي الاول خرج من جنس الادلة علمه تعالي لانه غير مسبب عن سبب و من خصوصها علم النبي و الملائكة و علمنا بالضروريات بل و علم المقلد ايضاً اذا كانت الاضافة للعهد فيستدرك قيد التفصيلية و جعلها للجنس حتي يخرج به علم المقلد يدفعه ان علمه ايضاً قدينشأ عن دليل تفصيلي الا انيقول بعهدية التفصيلية فلم لايقول بعهدية الادلة حتي لايحتاج الي قيد زائد.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۷ *»
اقول: اما قوله «و الظرف في قولنا» الخ يعني قولنا عن ادلتها اما يتعلق بالعلم المذكور في الحدّ و في ذلك نوع تجوز فان العرب اذا قال علمت عن زيد كذا يريد ان العلم الذي كان عند زيد انتقل اليّ و تجاوزه و ليس علم للدليل حقيقةً حتي ينتقل عنه الي الفقيه و اذا اسند العلم الي غيرعاقل اسنده بمن يقول علمته من الكتاب و السنة الا انيكون ذلك من باب المجاز و استعماله في الحدّ غيرمعروف و اما يتعلق بالفرعية علي معني المتفرعة و ذلك يستلزم مجازين احدهما اخذ الفرعية بمعني المتفرعة و الثانية اخذ عن بمعني من فان العرب يقول تفرع هذا الفرع من هذا الاصل اي خرج فحينئذ ينبغي انيقال ان عن بمعني من و استعمال المجاز في الحدّ غيرممدوح فالاولي انيكون المتعلق محذوفاً.
و قوله «كالمستنبطة» ليس بحسن فان العرب يقول استنبطه منه فانه بمعني استخرج فاضمار مثل لفظ الناشئة او الصادرة اولي لمناسبة عن و اضمر في الضوابط المأخوذة و هي ايضاً في العرب ان اخذت بمعني الرواية و الاكتساب عن عاقل يقال اخذ عنه و الا يقال اخذ منه و ليس شيء في هذه التدقيقات و لا مانع من استعمال المجاز في الحدّ الا عندهم غاية الامر انه خلاف الاولي.
و قوله «و علي الاول» الخ يعني بقيد الادلة جنساً خرج من الحدّ علم الله فانه ازلي ليس بكسبي حاصل له من شيء و خرج من الحدّ بقولنا الادلة خصوصاً علم الانبياء و الملائكة لانه بالكشف و الالهام و الوحي لا من الادلة الاربعة و كذلك علمنا بالضروريات فانه ليس بمستنبط من دليل علي قولهم انها قضايا قياساتها معها و ان اخذ الاضافة للعهد و هو غيرمعهود فيخرج علم المقلد ايضاً و حينئذ يلغو قيد التفصيلية و ان اخذت للجنس و ليس بمعهود ايضاً ليخرج علم المقلد بالتفصيلية فلايخرج لان علم المقلد دليله حكم المفتي في كل مسألة و هو ايضاً تفصيلي و ان قلت بعهدية التفصيلية فعهدية الادلة اولي و علي اخراجهم المقلد يلزم اخراج مثل زرارة و نظرائه عن الفقهاء فان غاية دليلهم في الاحكام هذا ما افتي به امامي و كل ما افتي به امامي فهو حكم الله في حقي و لايستدلون في شيء من الاحكام بالادلة التفصيلية علي ما هو معهود القوم و هذا خلاف بداهة مذهب الشيعة فانهم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۸ *»
فقهاء بحقيقة الفقاهة و امتثلوا امر امامهم بالتفقه كما في الاخبار بالجملة لاشيء في هذه التدقيقات كما قدمنا الا انه ساقتنا حكمة الي التعرض لها.
قوله «و من خصوصها» الخ يريد انيقول ان المراد بالادلة الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل خاصة و علم النبي و الملائكة من الكشف و الالهام و ليس من خصوص هذه الادلة و لميذكر المصنف الائمة هنا تبعاً للمتقدمين من المجتهدين من العامة ذلك بان الله مولي الذين امنوا و ان الكافرين لا مولي لهم و هم لميكن لهم ائمة فلميخرجوهم بهذا القيد فاتبعهم المصنف و لو تنبه لاخرجهم لانه مقتضي مذهبه.
بالجملة مع ذلك كله القيد المذكور لايخرج النبي و الائمة و ذلك ان الفقيه اذا علم بالادلة التفصيلية مسألة و ساعده الله و وفقه و عرف تلك المسألة بدليل الحكمة ايضاً او كان من اهل الكشف و شاهد تلك المسألة ايضاً او كان محدثاً و الهم تلك المسألة ايضاً لايخرجه ذلك من حد الفقاهة فانه عرف المسألة بهذه الادلة المعروفة و غاية الامر عرفها من جهات اخري ايضاً قبل او بعد و ليس في الحدّ قيد ان لايعرفه بدليل اخر و لو شرطنا ذلك لزم ان لايكون مثل سلمان المحدث فقيهاً و هف.
فحينئذ اقول هل القرءان فيه تبيان كلّ شيء ام لا و هل يفهمه النبي ام لا و هل يري الحكم المذكور فيه ام لا و هل يتبعه ام لا و قدقال الله سبحانه ان اتبع الا ما يوحي اليّ و يقول و كذلك اوحينا اليك روحاً من امرنا ماكنت تدري ما الكتاب و لا الايمان فالنبي علم المسألة مما اوحي اليه في الكتاب و يجب عليه انيتبعه و علم المسألة بصفاء عقله المصيب الذي لايخطئ ايضاً و ان علم ذلك بوجوه اخر ايضاً فزيادة علمه لايمنع علمه بالكتاب و عرفانه المسألة بدليل العقل و عمله به فلميخرج النبي من الحد و كذلك الائمة: لايخرجون فانهم يعملون بكتاب الله و سنة نبيه و بصفاء عقولهم و ان كانوا يعلمون المسألة من وجوه اخر ايضاً فهم ايضاً لايخرجون بهذا القيد.
قال الرضا7 في حديث ان الله عزّوجلّ حرّم حراماً و احلّ حلالاً و فرض فرائض فماجاء في تحليل ما حرّم الله او تحريم ما احلّ الله او رفع فريضة في كتاب الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۳۹ *»
رسمها بيّن قائم بلا ناسخ نسخ ذلك فذلك ما لايسع الاخذ به لان رسولالله9 لميكن ليحرم ما احل الله و لا ليحلل ما حرّم الله عزّوجلّ و لا ليغير فرائض الله و احكامه كان في ذلك كله متبعاً مسلماً مؤدياً عن الله عزّوجلّ و ذلك قول الله عزّوجلّ ان اتبع الا ما يوحي اليّ فكان7 متبعاً لله مؤدياً عن الله ما امره به من تبليغ الرسالة الي ان قال لانا تابعون لرسولالله9 مسلمون له كما كان رسولالله9تابعاً لامر ربه عزّوجلّ مسلماً له الحديث.
و قال رسولالله9 فيما يروي عنه ان وافق كتاب الله فانا قلته و ان لميوافق كتاب الله فلماقله و قال ابوعبدالله7 في جواب ابنشبرمة اما ما صنع النبي9 فقداخبرتك و اما ما لميصنع فلا علم لي به و قال في حديث اخر مه ما اجبتك فيه من شيء فهو عن رسولالله9 لسنا من ارأيت في شيء و قال ابوجعفر7 لجابر يا جابر لو كنّا نفتي الناس برأينا و هوانا لكنّا من الهالكين ولكنا نفتيهم باثار من رسولالله9 و اصول علم عندنا نتوارثه كابراً عن كابر نكنزها كمايكنز هؤلاء ذهبهم و فضتهم.
فتبين ان علم رسولالله9 من القرءان و علم المحمد: من الكتاب و السنة و ان كان لهم مقامات اخر يعلمون فيها و بها حقايق الاشياء و كذلك ان قلت ان الملائكة مطلعون علي الكتاب و السنة و يفهمونهما فهم يعلمون الاحكام الشرعية عن الادلة التفصيلية الكتاب و السنة و دليل العقل فلايخرجون بزيادة علمهم من وجوه اخر فتدبر و انصف و ان كان شرط الفقيه ان لايعلم الحكم من وجه اخر فالحدّ اعم.
قوله «و علمنا بالضروريات» فان اراد بالضروريات ضروريات الاسلام و المذهب فهما سنة متواترة بالمعني كيف علمه بمصداقها ليس بفقه و الحال انه علم بحكم الله مستنبط من دليل من الادلة و هو ضرورة الاسلام و المذهب.
و ان قيل انها لاتحتاج الي الاستدلال قلت فاخرجوا كل دليل ينتهي الي البديهيات عن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۰ *»
الادلة و ان لمتنهوا الدليل الي البديهيات فلا حجة فيه و انما ذلك من كمال الدلالة و شدة دلالته فالضرورة من الادلة الا انها دليل واضح لايحتاج الي فرط تدبر.
قوله «بل و علم المقلد ايضاً» الخ لنا هنا كلام طويل يأتي في محله انشاء الله حيث ننكر التقليد رأساً الا تقليد محمد و المحمد: و نري ان الائمة: هم العلماء و شيعتهم المتعلمون و ساير الناس غثاء كما قال ابوعبدالله7 و يجب علي كل احد انيفحص عن فتوي امامه حتي يصل اليه بواسطة من يثق به فالمجتهد علي اصطلاحهم يثق برواية زرارة مثلاً و هذا المقلد علي اصطلاحهم يثق برواية هذا المجتهد الموجود فالمقلد في كل مسألة يستدل بحديث خاص يرويه هذا المجتهد او اية خاصة يفسرها له و ان كان لايقول برواية و اية فلا حجة في قوله فهو ايضاً يعلم الحكم من الدليل التفصيلي.
و ان متقدمي المجتهدين لما انصرفوا عن الائمة: و رأوا بالفطرة الاولية ان الدنيا لاتقوم الا بكبير و صغير و عالم و متعلم و تابع و متبوع و هم قدانكروا سلطان الله و وليه ادعوا السلطنة لانفسهم و اتخذوا عباد الله خولاً و سخروهم و قالوا نحن المجتهدون المتبوعون و انتم المقلدون التابعون نحن نقول القول بادلة تفصيلية و انتم قولوا سمعاً و طاعةً هذا ما افتي به المفتي و كل ما افتي به المفتي فهو حكم الله في حقي فهذا حكم الله في حقي و اكتفوا بهذا الدليل الاجمالي في كل قضية هم قالوا كذلك لذلك و اتبعهم الشيعة غفلةً عن ذلك مع ان هذا القياس لاينطبق علي مذهب المحمد: و في مذهبهم ان كل ما افتي به المفتي ليس حكم الله فان اصاب و روي حقاً هو حكم الله و ان رأي برأيه و عقله و افتي بماينكره المقلد فليس بحكم الله بل هو حكم العامة و حكم الجاهلية كما قال ابوعبدالله7 الحكم حكمان حكم الله عزّوجلّ و حكم اهل الجاهلية فمن اخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية و نحن لانقلد الا ائمتنا سلام الله عليهم و جميع الشيعة مقلدون لالمحمد: و جميع الفقهاء رواة اخبارهم فما رووا يتبع والا يستبشع هذا قليل من كثير يأتيك ان شاء الله فبقيد التفصيلية ايضاً لايخرج علم المقلد و يحتاج في كل مسألة الي اية خاصة او رواية خاصة فتدبر و انصف.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۱ *»
قال: و لو قيل ان العلم ظاهر في القطعي و الحكم في الواقعي فيخرج اغلب الابواب لانها ظنيات او شكيات فان جعلت العلم بمعني الظن انتقض طرداً بدخول ظن المقلد اذا حصل من الادلة المعهودة و عكساً بخروج القطعيات النظرية و الشكيات او بمعني الاعتقاد الراجح انتقض طرداً بما مرّ و عكساً بالشكيات او اضمرت وجوب العمل مع جعل العلم بحاله او بمعني الظن او الاعتقاد الراجح انتقض طرداً بما مرّ بل فسد رأساً اذ العلم او الظن بوجوب العمل مسألة اصولية لا فقهية او لفظ المدلولية مع ابقاء العلم و الحكم بمعناهما الظاهر فيصير الفقه هو القطع بمدلولية الاحكام الواقعية اه اندفع بان العلم بمدلولية الاحكام لايسمي فقهاً بل هو نفس العلم بالمدلولات و بخروج الظنيات بل الشكيات ايضاً و بدخول علم المقلد بكون الاحكام مدلولات للادلة او جعلت الحكم اعم من الظاهري و العلم بمعناه الظاهر ففيه ان العلم بالحكم النفس الامري من حيث هو ليس فقهاً الا اذا صار مقروناً بوصف الظاهرية مع ايراد اخر سيظهر قلنا هنا وجه ثامن اقل محذوراً و هو جعل الاحكام بمعني الاحكام الظاهرية و العلم بمعناه الظاهر و ظنية الطريق لاتنافي قطعية الحكم لان المظنون هو الحكم الواقعي و المقطوع هو الحكم الظاهري و لايرتبط ذلك بمذهب المصوبة و توهم ان العلم بالحكم الظاهري من حيث انه حكم ظاهري لمينشأ عن الادلة التفصيلية مدفوع بجعل العلم عند تعلق القيد به لا بشرط بناءاً علي تعلقه به او بجعل الاحكام عند تعلق القيد بها معراة عن وصف الظهور بناءاً علي الاحتمالات الاخر فالمعني الفقه هو العلم بالاحكام الظاهرية الحاصلة او المستنبطة او الناشئة او المتفرعة او المأخوذة ذاتها عن الادلة التفصيلية فتدبر.
اقول: قوله «و لو قيل» هذا اشكال في الحد مشهور بينهم و تصدي كل لجوابه فلو قيل ذلك وجب انتقول بررت و احسنت و اصبت و صدقت و الظنيات و الشكيات ليست من الفقه ولكن الاوائل لميرضوا بذلك فلميرض به الاواخر.
قوله «فان جعلت العلم بمعني الظن» فيه عجمة و هو ترجمة الفارسي و كيف كان ليس للناس هذه الخيرة و لو فتح هذا الباب لامكن قصد كل معني من كل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۲ *»
لفظ و هو اشبه باب بمذهب الباب المرتاب و لميأت في اللغة علم بمعني ظنّ بل هو بمعني تيقن و عرف و قديأتي بمعني شعر و فطن و لا في العرف فانه فيه مرادف اليقين و لا في الشرع و الكتاب و السنة يناديان بان العلم غير الظن ما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن و اما المتشرعة فليس كلهم يقصدون بالعلم الظن نعم اوائل المجتهدين لما قالوا بسدّ ابواب العلم و فتحوا باب الظن ثم رأوا الكتاب و السنة يناديان بوجوب العمل بالعلم حتي انه روي في المصابيح عن النبي9 من افتي الناس بغير علم كان اثمه علي من افتاه الخبر سوّلوا لانفسهم و قالوا ان العلم معناه الظن او هو الاعتقاد الراجح و هذا محض تسويل منهم ليس له في دين الله برهان و ماانزل الله بها من سلطان.
قوله «انتقض طرداً» فان ظن المقلد خارج من المحدود و داخل في الحدّ.
قوله «و عكساً بخروج القطعيات» فان القطعيات داخل في المحدود و خارج عن الحدّ.
قوله «و عكساً بالشكيات» فان ما توقف فيه الفقيه لتعارض الادلة من المحدود و خارج عن الحدّ.
قوله «او اضمرت وجوب العمل» يعني ان قلت هو العلم بوجوب العمل بالاحكام انتقض طرداً بما مرّ فان المقلد يحصل له ذلك و ليس بفقيه بل يفسد الحدّ رأساً فان العلم بوجوب العمل اصولي لا فقهي و هذه الاضمارات لاسيما في الحدّ من بسط هذا العلم الشريف خاصة به و لايستعملها عالم و لا حكيم في علم من العلوم.
قوله «او لفظ المدلولية» يعني اذا قلت الفقه هو العلم بمدلولية الاحكام لهذه الادلة اندفع هذا الاحتمال بان الفقه هو العلم بنفس الحكم لا بمدلوليته و لاينعكس بخروج الظنيات و الشكيات ايضاً و لايطرد فان المقلد ايضاً يعلم ذلك.
قوله «او جعلت الحكم» الخ يعني اذا قصدت من الحكم ما هو اعم يلزم انيكون العلم بحقيقة الاحكام النفس الامرية من حيث هي فقهاً و ليس بفقه.
قوله «قلنا هنا» الخ جواب قوله الاول «لو قيل» يعني قلنا لا ذا و لا ذا من الاحتمالات
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۳ *»
السبعة التي ذكرت بل هنا وجه ثامن و هو جعل الحكم بمعني الاحكام الظاهرية و في العبارة عجمة كما عرفت و العلم علي معناه الظاهر و لاينتقض ذلك بظنية الكتاب و السنة فان ظنية الطريق لاتنافي قطعية الحكم فانه عند انتهاء الاستدلال يقول الفقيه هذا ما ادي اليه ظني و كل ما ادي اليه ظني فهو حكم الله في حقي قطعاً لسدّ باب العلم و بقاء التكليف فهذا حكمي قطعاً فالحكم الظاهري مقطوع به بهذا القياس و الحكم النفس الامري مظنون و لو كان هنا موضع بيان هذا المطلب لاذنت لجواد القلم انيجول جولة في هذا الميدان حتي تعلم انه لايستقيم منه كلمة ولكن موضع البيان مكان تعرضه للمسألة و يأتي ان شاء الله.
و اعتقاد هؤلاء ان الحكم النفس الامري ما صدر من الشارع و الحكم الظاهري مؤدي الدليل اليوم و ستعلم ان شاء الله ان ذلك خطاء منهم ولكن فسرهما في الضوابط ان الحكم الواقعي هو المجعول من الشارع المقدس علي طبق الصفات الكامنة و الظاهر هو ما اعتقده المجتهد و مراده من الشارع هو الله كما يصرح به في كتابه و مجعول الله مخلوقه علي طبق الصفات الكامنة اي الصفات الكامنة في الاشياء و علي7 يكذبه فانه7 قال في حديث طويل في ردّ الاجتهاد و من الدليل علي فساد قولهم في الاجتهاد و الرأي و القياس انه لنيخلو الشيء انيكون يمثله علي اصل او يستخرج البحث عنه فان كان يبحث عنه فانه لايجوز في عدل الله تعالي انيكلف العباد ذلك و ان كان تمثيلاً علي اصل فلنيخلو الاصل انيكون حرّم لمصلحة الخلق او لمعني في نفسه خاص فان كان حرّم لمعني في نفسه فقدكان ذلك فيه حلالاً (ظ) ثم حرّم بعد ذلك لمعني فيه بل لو كان لعلة المعني لميكن التحريم اولي له من التحليل و لما فسد هذا الوجه من دعواهم علمنا ان الله تعالي انما حرّم الاشياء لمصلحة الخلق لا للخلق التي فيها الحديث. فتبين ان الحكم علي الاشياء ليس لمعني كامن في الاشياء بل للقرانات الخارجة من مصالح الخلق فأية مناسبة بين هذا الكلام و الحكم الواقعي.
بالجملة قوله «و لايرتبط ذلك بمذهب المصوبة» الخ نسب التصويب الي الاشاعرة و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۴ *»
انهم يقولون انه ليس لله حكم واقعي في الاشياء و انما هو رأي المجتهد فما رأي و افتي به هو صواب لا خطاء فيه و هو حكم الله في حق هذا المجتهد و حق مقلديه و قولنا غير قولهم فانا نقول ان لله حكماً واقعياً و نحن نطلبه حتي يحصل لنا الظن به بواسطة الادلة الظنية فاينما انتهت بنا الادلة نقف عنده و نقول كل ما ادي اليه ظني فهو حكم الله الظاهري في حقي.
قوله «و توهم» الخ يريد انك ان قلت تفسيرك للفقه اذاً بانه اليقين بالاحكام الظاهرية عن الادلة مخدوش بان الادلة ادلة الحكم النفس الامري و هي تؤدي اليه بالظن و دليلك علي اتباع الحكم الظني دليل اجمالي و هو قياسك لا الادلة التفصيلية قلنا نأخذ العلم لابشرط علي فرض تعلق عن الادلة بالعلم اي لابشرط نشوه عن الادلة التفصيلية المورثة للظن بل هو اليقين بالاحكام الظاهرية الحاصل عن الادلة التي اقيمت علي طريقه مثلاً او نأخذ الاحكام علي فرض تعلق الادلة بها معراة عن وصف الظهور حتي تشمل الحكم النفس الامري ايضاً و ماادري هل اختيار دلالة الالفاظ بيد هؤلاء فيحكموا عليها انتدلّ علي ما يريدون كالبابية حيث قالوا ان الالفاظ جاءوا و سجدوا عند الباب فامرها انيدلّ كل لفظ علي مدلول الاخر فيقولون ما شاءوا و يفسرونه بما شاءوا دلّ او لميدلّ و معذلك تلك خيالات لاتنفع في دين و لا دنيا و لا اخرة بل هو اتلاف عمر فيما لاطائل فيه و لا فضل فيها فانها تجري علي غير دلالة الالفاظ و هو كقولك ضرب زيد اذا كان ضرب بمعني قتل ما يقتضي و اذا كان بمعني اكل كيف كان يكون وهكذا مع انهم يقولون اتخاذ المجازات في المعرفات غير جايز و الاضمار في المعرف غير مرضي فان المعرف للتعريف و الاضمار تعمية.
قال: و لو قيل ان ظاهر العلم هو الفعلي و ظاهر الاحكام الجميع فلايوجد للفقيه مصداق فان حملت لام الاحكام علي العهد الخارجي فلا معهود او الذهني او جنس الجمع او المفرد دخل ظن المتجزي قلنا علي المختار من امكان التجزي و اعتباره حتي في مسألة واحدة نجعل الاحكام بمعني الحكم و لا نقض و ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۵ *»
قلنا بامتناعه او عدم اعتباره لميمكن حصول العلم للمقلد و لا للمتجزي و لو في مسألة واحدة و ايضاً علي ما اخترناه يستقيم التعريف بالنسبة الي كل المحتملات الثمانية المتقدمة في دفع الايراد السابق و كذا علي القول بامتناعه و علي القول بامكانه و وقوعه و عدم اعتباره شرعاً لميصحّ الاول و الثاني و السادس لدخول علم المتجزي مع انه ليس بفقه عنده و العجب ان صاحب المعالم جعل العلم بمعني الاعتقاد و مذهبه في التجزي علي وقوعه و عدم اعتباره فالتعريف لايطرد.
اقول: ماادري ان هذا التعريف وحي من الله او صادر من معصوم فهم يحتالون بكل هذه الحيل و يرتكبون كل هذا المحذور في ردّ الابحاث عنه و اصلاحه و لو بالوجوه البعيدة و المجازات غيرالمعروفة الممنوعة عنها في المعرفات و الاضمارات التي لا دليل عليها و تقديس ناحيته عن تطرق النقص و الفساد.
و كيف كان يريد انيقول ان هنا بحثاً اخر مشهوراً بين الاصوليين و هو ان الظاهر من هذه العبارة ان العلم فعلي و ليس المراد منه قوة العلم و الاحكام جمع محلي باللام يفيد العموم فاذاً لا فقيه في الدنيا اذ لايعلم احد جميع الاحكام بالفعل و ليس هناك احكام مخصوصة معهودة يكون العلم بها فقهاً و ان اخذ معناه الجنس في الجمع فيكون المراد ثلثة احكام مطلقاً او يكون المراد من الاحكام الحكم دخل ظن المتجزي فاحتال لدفع هذا البحث و احتسب الاجر ان مختاري امكان التجزي و اعتباره حتي انه يمكن عندي الاجتهاد في مسألة واحدة فنحن نجعل الاحكام بمعني الحكم و لا نقض.
والله ماادري كيف غفل هؤلاء عن الامور البديهية الايسأل المصنف احد كيف تجعل و كيف صار اختيار دلالة اللفظ بيدك و لمتأخذ المجاز في الحدّ و لم تتصدي كل هذا التصدي في اصلاحه فحدّ انت بالفاظ اخر حقيقية و اترك هذا الحدّ الذي ترتكب فيه مجازات عديدة و اعلم ان هذا الاصطلاح اي المطلق و المتجزي ايضاً من قدماء المجتهدين و لميكن في الشيعة منه اسم و لا رسم و لميكن عندهم مجتهد حتي يكون مطلقاً او متجزياً و سيأتيك ان مدار الشيعة كان علي ان امامهم هو العالم و الرعية متعلمون فمن روي حديثاً واحداً عمل به كما روي ان حديثاً واحداً تأخذه عن صادق خير لك من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۶ *»
الدنيا و ما فيها و علي ذلك كان بناؤهم و يكون ولكن المجتهدين المتأخرين زعموا تبعاً للمتقدمين ان من كان له ملكة يقتدر بها علي استنباط جميع الاحكام خلافاً لاحاديث التثليث فهو المجتهد المطلق و من لايقدر الا علي البعض و هو كغير المعصوم حقيقة فهو المتجزي ثم اختلفوا اولاً هل يمكن التجزي ام لا و بعد الامكان هل يقع ام لا و بعد الوقوع هل يجوز له العمل بما استنبط ام لا و علي الجواز هل يجوز تقليده ام لا و سيأتيك في محله ان شاء الله و اختار المصنف امكانه و جواز عمله به.
قوله «و ان قلنا بامتناعه» الي اخر يقول و ان قلنا بامتناع التجزي لامتناع تجزي الملكة فهو لايحصل له علم و لايدخل في الحدّ و كذا المقلد.
قوله «و ايضاً علي ما اخترناه» الي اخر المراد بالمحتملات الثمانية كون العلم بمعني الظن و الاعتقاد الراجح و الظن بوجوب العمل او الاعتقاد بوجوب العمل او القطع به او بالمدلولية او بالاحكام الاعم من الظاهرية و الواقعية او بالظاهرية فقط يقول اذا اخذ العلم او الاحكام بتلك المعاني التي كلها موجب للمجاز و الاضمار المنكرين في الحدود علي ما اخترنا من اتخاذ الاحكام بمعني الحكم مجازاً لايتفاوت و يصحّ المعني في الكل مع ان كلاً من تلك الاحتمالات مخدوشة بما مرّ و كذا اذا قيل بامتناعه.
قوله «و علي القول بامكانه» الخ يقول ان قلنا بامكان التجزي بسبب تعلق الملكة ببعض المسائل و ان لمتتجز و وقوعه بحصول الظن المعتبر له و عدم اعتباره معذلك لان الاصل حرمة العمل بالظن و خرج ظن المجتهد المطلق بالاجماع و لا اجماع علي ظن المتجزي لايصحّ الاحتمال الاول اي كون العلم بمعني الظن لانه يدخل المتجزي و الاحتمال الثاني ايضاً لذلك و الاحتمال السادس و هو اضمار المدلولية فان المتجزي ايضاً يعلم ان الاحكام مدلول الادلة التفصيلية و لعمري جميع ذلك نفخ في غيرضرام و ان هي الا كسراب بقيعة يحسبه الظمأن ماءاً حتي اذا جاءه لميجده شيئاً و وجد الله عنده فوفّيه حسابه والله سريع الحساب.
قوله «و العجب» الي اخر يتعجب من غفلة صاحب المعالم كما يتعجب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۷ *»
ساير العقلاء منه انه اختار انيكون العلم بمعني الاعتقاد الراجح و هو لايعتبر ظنّ المتجزي فعنده ظنّ المتجزي داخل في الحدّ مع انه ليس بداخل عنده في المحدود فلايطرد.
قال: ثم اعلم ان ظاهر كلماتهم في دفع الايراد السابق كون العلم فعلياً و هنا جعلوه ملكياً و هو تناقض الا انيكون نظرهم هناك الي دفع ذلك الايراد من حيث هو مع قطع النظر عن فعلية العلم و عدمها و هنا الي دفع هذا الايراد فمن جعله هناك بمعني الظن جعله هنا بمعني ملكة الظن وهكذا لكن يلزم علي هذا سبك مجاز من مجاز في اربعة من الثمانية.
اقول: التفت المصنف الي ان ظاهر كلمات المتكلفين في اصلاح هذا الحدّ غير المتين ان المراد بالعلم هو العلم بالفعل و اجابوا به عن الايراد الاول و اما في الايراد الثاني ارادوا بالعلم الملكة و الاقتدار علي الاحكام اذ لولا ذلك لميكن فقيه في الدنيا و هو تناقض بحسب الظاهر ثم تصدي لرفع هذا التناقض بان نظر القوم في دفع الايراد الاول كان الي كون الاحكام في الاغلب ظنياً و لميكن همّهم متوجهاً الي كون العلم فعلياً او ملكياً و لماتوجهوا الي دفع الايراد الثاني احتاجوا الي انيقصدوا من العلم الملكة فمن قصد من العلم هناك الظن اخذه هنا ملكة الظن و من قصد منه هناك الاعتقاد الراجح اخذه هنا ملكة الاعتقاد ولكن يلزم علي اخذ العلم بمعني الملكة في الاربعة الاول من الاحتمالات الثمانية و هي العلم بمعني الظن و الاعتقاد الراجح و الظن بوجوب العمل او الاعتقاد الراجح بوجوب العمل سبك مجاز من مجاز فان المعاني الاربعة مجاز و ارادة الملكة مما ظاهره الفعلية مجاز في مجاز.
و قدفرغ المصنف هيهنا من التخيلات التي لا مبدأ لها و لا منتهي و لا طائل لها في الدين و الدنيا و الاخرة و قدافسد الحدّ باتخاذ المجازات و الاضمارات في الحدّ و بالارادات التي لا مناسبة لها و لا مستند و قدتكلف في اصلاحه كأنه وحي من الله الاحد و قدعالج في كل مقام الفساد بالافسد و لعمري كان الحري
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۸ *»
الاعراض عنه بالكلية ولكن ساقنا الي ذلك اطراد الكلام و اقتضاء الايام و مسألة بعض الانام.
قال: ثم اذا عرفت الجزئين فاعلم انه قديقال ان نفس اضافة الاصول الي الفقه تعريف لهذا العلم باعتبار الاضافة و فيه ان معني الفقه ظاهر و المراد من الاصول ان كان معناه اللغوي لميطرد اذ لاينحصر ابتناء الفقه في هذا العلم و لو سلمنا افادة الاضافة الاختصاص لميخرج مثل علم الرجال ايضاً او الادلة فلازمه كون هذا الفن باحثاً عن ادلة الفقه لا عوارضها او القواعد شمل قواعد الفقه التي ليست داخلة في الفن او الظواهر او الاستصحاب ففساده ظاهر عند اولي الالباب و يمكن جعله بمعني القواعد مع جعل الاضافة للعهد اي القواعد المعهودة المذكورة في الفن المقصودة بالذات من تدوين هذا العلم التي هي عوارض الادلة و اما بيان مثل مبادي اللغة و نحوها فانما هو استطراد او من باب المبادي لكن علي العهد يصحّ ارادة المعني اللغوي ايضاً.
اقول: لما فرغ المصنف من بيان اجزاء اسم هذا العلم الشريف اراد انيعرف هذا العلم و يذكر حدّه فقال اذا عرفت الجزئين من البيانات السابقة انه اخطأ في كلمة الاصول في معناها اللغوي و في معناها الاصطلاحي فانه لميكن علي حسب ما يريد الله و ما يريد رسوله و حججه سلام الله عليهم و شيعتهم المتقدمون و المتأخرون و لا جميع المجتهدين منها بل هو خاص ببعض اصحاب الرأي و التخمين و انه اخطأ في كلمة الفقه في معناها اللغوي و في معناها الاصطلاحي اذ فيه خدشات لا محيص لهم عنها الا بتكلفات و مجازات لا برهان لهم عليها و لا اضطرار اليها و لا فائدة فيها فبعد ما عرفت الاجزاء علي هذه الصفة فاعلم انه قدقال بعض المجتهدين ان نفس اضافة الاصول الي الفقه المعروف تحديد لهذا العلم فان اصول هذا الفقه المعروف محدودة مميزة ولكن المصنف اورد عليه ايراداً و هو انه ما يعني بالاصول هل المعني اللغوي او الاصطلاحي الذي هو اربعة كما مرّ القاعدة و الراجح و الدليل و الاستصحاب فان كان المراد معناه اللغوي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۴۹ *»
لميطرد لكون الحدّ اعم من المحدود و الفقه يبتني علي اللغة و الصرف و النحو و المعاني و الكلام و غيرها و في قوله «لاينحصر ابتناء الفقه في هذا العلم» عجمة غليظة.
و قوله «ابتناء الفقه» يشير الي سهوه الاول في المعني اللغوي للاصل و ان قصد من الاصول الادلة يلزم منه ان هذا العلم نفس الكتاب و السنة او القواعد شمل القواعد المستنبطة من الكتاب و السنة في ساير الفروع و لايبحث عنها في علم الاصول او الظواهر و الاستصحاب فعدم استقامة المعني و كونه اخص من المحدود ظاهر.
قوله «و يمكن جعله بمعني القواعد» الخ لما كان اختيار دلالة الالفاظ بيد المصنف اراد انيكسوه حلة مجاز و يقصد من الاصول القواعد و لكن قوله مع جعل الاضافة للعهد لميعهد اضافة عهد للعرب و لا لعلماء العربية و انما كان اللام عندهم للعهد فلعلّه اراد انيقول و اللام للعهد و رأي انه ليس بلازم انيكون الاصول دائماً محلاة باللام فقال كذا لانه بيده اختيار دلالة الالفاظ فجعل الاضافة للعهد.
و قوله «لكن علي العهد يصحّ ارادة المعني اللغوي» مخدوش من جهتين احديهما ان عهد الاضافة غيرمعهود و الثانية ان المعني اللغوي الذي يريد غيرلغوي.
قال: ثم انه باعتبار المعني العلمي علم باحوال الادلة من حيث هي احوالها من جهة ابتناء الفروع عليها فهو العلم باحوال ادلة الاحكام الشرعية الفرعية من حيث انها ادلتها فخرج احوال غيرها كالنحو و نحوه و العلم بمثل كون الكتاب معجزة و باحوال ادلة غير الاحكام التكليفية لماعرفت من ان الاحكام عبارة عن الخمسة و خرج غير الاوامر الشرعية كامر المولي عبده و الاعتقاديات و قديعرف بانه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الاحكام الشرعية الفرعية و يردّه خروج ما لميمهد بعد من مسائل هذا الفن مطلقاً و خروج ما مهده بعض العلماء دون بعض
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۰ *»
ان اريد ما مهده الكل و دخول بعض المسائل اللغوية المذكورة في الفن و ان اخراج ما يستنبط منه الماهيات بقيد الاحكام لايلائم مذهبه اذ الاحكام عنده عبارة عن النسب الخبرية و العلم عن التصديق فان كان المراد بالماهيات (بالاحكام خل) التصورات خرجت عن قيد العلم و الا لميخرج بقيد الاحكام ايضاً لانها نسب خبرية و يخرج ايضاً مثل العلم بحجية الظن ان اريد من التعريف كون القواعد الممهدة سبباً قريباً للاستنباط و ان اريد الاعم دخلت الاسباب البعيدة مثل ما يستنبط منه الماهيات كمسألة الصحيح و الاعم و نحوها مع انه لا معني لتعليق معرفة مسائل الاصول بتمهيد العلماء.
اقول: يعني بهذا الكلام ان اصول الفقه باعتبار انه علم علي هذا العلم هو العلم باحوال الادلة و هي الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل و احوالها اعراضها التي يبحث عنها في هذا العلم لكن من حيث انها احوال يبتني عليها فروع الدين لا مطلقاً فان من احوال الكتاب كيفية خلقه و مبدأه و منتهاه و كيفية نزوله و اعجازه مثلاً و ليست بداخلة في هذا العلم.
و قال معرفه بلفظ اخر هو العلم باحوال ادلة الاحكام و اخرج بالاحكام ما سوي الخمسة التكليفية و هي الوجوب و الحرمة و الندب و الكراهة و الاباحة و اخرج بالشرعية الاحكام العرفية كاحكام المولي لعبده و بالفرعية الاعتقادية.
قوله «و قديعرف» هذا هو المحكي عن المشهور.
قوله «و يردّه خروج ما لميمهد بعد» كما خرج المصنف و استاده و اضرابهما من المدارك و القواعد ما لميكن سابقاً و كان ما اتي به المرحوم الاغا باقر البهبهاني ما كتبه في فوائده و كان اذا تجاوز درسه في الاصول ستة اشهر كان يقول انه تضييع للعمر و قدبلغ في عصر المصنف علي ما سمعت انهم تكلموا سبع سنين في الاستصحاب و ماتمت المسألة و تركوه ضجراً و حسبوا الزمان الذي ينتهي فيه جميع الاصول فبلغ الفاً و مأتي سنة ثم علي هذا يتفقهون ان شاء الله في البرزخ و يعملون في الاخرة و هذا زعمهم بالدين الحنيف السمح السهل الذي قال الله فيه يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر و كل هذا من القواعد الممهدة التي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۱ *»
مهدها المتأخرون بمقتضي كم ترك الاول للاخر و هذا التعريف كان في الزمن الاول فعلي ذلك لايكون قواعد المصنف من علم الاصول و هف و ان اريد ما مهد الكل فعلم المتقدمين ليس بعلم الاصول لانه ليس فيه ما احدثه المتأخرون.
قوله «و دخول بعض المسائل اللغوية» فانها ممهدة لاستنباط الاحكام و ليست من الاصول.
قوله «و ان اخراج ما يستنبط» الي اخر يريد ان المعرف بهذا التعريف يقول ان العلم هو التصديق و الاحكام النسب الخبرية فعلي هذا ما يستنبط منه الماهيات كمسألة ان الفاظ العبادات و المعاملات هل هي موضوعة للمعاني الصحيحة او الاعم و ان الامر للوجوب او غيره و للفور او التراخي و للمرة او التكرار و امثالها ان كان تصوراً يخرج بقيد العلم و هم يخرجونه بقيد الاحكام كما يذكرونه و ان كان تصديقاً لميخرج بقيد الاحكام مع ان فهم الماهيات ليست من الاصول و انها من المبادي اللغوية او الكلامية.
قوله «و يخرج ايضاً» يريد ان المراد بالقواعد الممهدة ان كان الاسباب البعيدة فيدخل في العلم ما ليس بداخل كاللغة و النحو و امثالها و ان اريد منها الاسباب القريبة فيخرج مثل مسألة حجية الظن مثلاً فانه من الاسباب البعيدة و هي اعظم مسائل الاصول و ان اريد منها الاعم دخل فيه ما ليس بداخل هذا كلّه مع انه ليس العلم معلقاً بتمهيد العلماء مع اختلافهم في قلة القواعد و كثرتها. بالجملة يرد علي تعريفه الذي اختاره اولاً جميع ما اورده علي تعريف الفقه كما مرّ و لااحب اعادتها فان شئت فراجع.
قال: ثم ان موضوع هذا العلم ادلة الفقه يبحث فيه عن اثبات دليليتها و عوارضها بل مطلق دليل الفقه و ان كان غير الاربعة فلا وجه لتخصيص الموضوع بالاربعة و لا لجعل الموضوع نفس الاربعة لا كلي الدليل و لا لجعل الموضوع الدليل بوصف كونه دليلاً حتي يخرج مثل حجية الكتاب و ذلك لان الحجية ايضاً حال من احوال ذات الدليل فالموضوع هو الدليل لا بشرط اتصافه بالحجية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۲ *»
اقول: موضوع كل علم ما يحمل عليه الاعراض التي يبحث عنها في ذلك العلم فموضوع هذا العلم يختلف عند الاقوام فعند بعض المحدثين يكون الموضوع السنة المعصومية حسب و يبحث في هذا العلم عن اعراضها و احوالها لانها وحدها دليل له علي احكام الله سبحانه و لايستدل الا بها و منهم من يكون الموضوع عنده الكتاب و السنة و يبحث عن اعراضهما و احوالهما لانه يريهما دليلين و يستدل بهما علي الاحكام و من المجتهدين من يكون الموضوع عنده الكتاب و السنة و الاجماع و منهم من يكون الموضوع عنده الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل و منه من يكون الموضوع عنده الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل و القياس كما حكاه الشيخ المرتضي في كتابه في حجية الظن و كما شاهدنا من عملهم في الفقه و منهم من سهّل الامر و جعل الموضوع كلي الدليل فان المناط الظن باحكام الله و قال علي الظن بناء العالم و اساس عيش بنيادم و الاصل حجية الظن الا ما اخرجه الدليل و هو كالمصنف و اضرابه من اصحاب الرأي و هؤلاء ان عملوا بالكتاب و السنة فلايعملون بهما لانهما كتاب و سنة بل لاجل حصول الظن كما صرح به في القوانين.
بالجملة قوله «موضوع هذا العلم ادلة الفقه» اي كائنة ما كانت و يبحث فيه عن اثبات دليليتها و فيه ان الدليلية ليست عرض الدليل بل هي صفة ذاتية له فهو من العلم الاعلي.
و قوله «و عوارضها» ليس في كتب اللغة العوارض جمع العرض و هو غلط مشهور و العوارض جمع العارضة و معانيها لاتناسب العرض و جمع العرض اعراض و المصنف يريد جمع العرض.
قوله «بل مطلق دليل الفقه و ان كان غير الاربعة» يريد ان كل ما حصل به الظن هو حجة كما صرح به في الضوابط و قال انهم خصّوا الموضوع بالاربعة و هو باطل لما قلنا من ان الموضوع هو مطلق الدليل و هو غيرمنحصر في الاربعة فلو حصل العلم من الجفر فهو ايضاً دليل و كذا الاستصحاب الي اخر كلامه و مراده من قوله «فلو حصل العلم» اي الظن بالحكم فانه الحجة و يأتي ان من تدين بغير كتاب الله و سنة نبيه هو مبتدع و ناصب و مشرك فترقب حتي يأتيك الاخبار.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۳ *»
و قوله «و لا لجعل الموضوع نفس الاربعة» بلي ان ادخلت اثبات الدليلية في العلم فالموضوع نفس الاربعة و الدليلية عرض لها.
قوله «و لا لجعل الموضوع» الخ الحق مع هؤلاء الذين نفي قولهم المصنف فان هؤلاء نظروا الي ان حجية الدليل صفة ذاتية للدليل و بها يكون الدليل دليلاً و يقوم موجوداً حتي يعرضه العارض و هي من العلم الاعلي فاذا تحقق الموضوع يتكلم في العلم عما يعرضه و العرض الذاتي كلمة متناقضة الاجزاء و العرض يعرض علي الذات و لايكون ذاتياً الاتري ان موضوع علم النحو الكلمة و الكلام و ما يتكلم فيه في النحو ما يعرضهما بعد تحققهما و اصل تحقق الكلمة يعرف من العلم السابق و موضوع الطب بدن الانسان و يتكلم فيه عن اعراض البدن بعد كونه بدناً كالحمي العارضة و الصداع العارض و ليس علي الطبيب معرفة تكوّن البدن و هو من العلم الاعلي فالعوارض الذاتية كما ذكرها في الضوابط بنفسها غلط و المصنف معذور لانه قلّد غيره في اللفظ من غير روية و ان اريد منها الصفات الذاتية التي بها الشيء شيء فليست هي من مسائل هذا العلم بل هي من مسائل العلم الاعلي فالقول الذي نفاه المصنف حق.
و قوله «و ذلك لان الحجية» الخ خطاء لانها صفة ذاتية لا عرض خارج عن الذات و مسائل العلم محمولات خارجة عن ذات الموضوع المتسمع ثبّت العرش ثم انقش فالموضوع ان كان الكتاب و امثاله فالكلام في حجيته من العلم و ان كان الدليل و الحجة فالدليلية و الحجية ذاتها و اثباتها ليس من العلم.
قال: و غايته الترقي عن حضيض التقليد و الفوز بعليين.
اقول: فيه ابحاث عديدة ليس هيهنا موضع بيانها اولاً في العبارة من عدم التقابل مالايخفي فان عليين مطلقاً لايقابل حضيض التقليد و الا جميع مقلديهم في سجين و ثانياً ان الترقي ليس غاية علم الاصول فلا كل عالم بعلم الاصول يقدر علي التفقه فان من شروطه باتفاقهم القوة القدسية الاتري انه لا كل عالم بعلم الطب يقدر انيتطبب فانه يحتاج الي حدس صائب و لا كل عالم بعلم العروض
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۴ *»
يقدر علي نظم الابيات فانه يحتاج الي طبع ميزاني موسيقاري و لا كل عالم بالنحو يقدر علي اداء الخطب و العبارات كما هو مشاهد و كذلك ربما يصرف الرجل في الاصول عمراً و لايقدر علي استنباط حكم واحد لموانع عديدة و لعدم القوة القدسية المتسمع قوله7 انا لانعدّ الرجل من شيعتنا فقيهاً حتي يلحن له فيعرف اللحن انتهي و هذه المعرفة فرع التقوي قال الله عزوجل ان تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً فليس الترقي غاية علم الاصول و تسميته درجة التقليد بالحضيض فانما هي بتقليد اهل الاجتهاد و اما تقليد محمد و المحمد: فمقام رفيع الاتري ان الفقيه يأخذ قول الامام بلا دليل و انما يستدلّ في اختياره احد القولين الواصلين فهو مقلد فان كان التقليد مطلقاً حضيضاً فالمجتهدون ان رضوا بتقليد المحمد: فهم في الحضيض و ان لميرضوا فقدترفعوا علي محمدوالمحمد و من ترفع عليهم سقط ابعد ما بين السماء و الارض و اما نحن فمقلدوا المحمد: لقوله7 اين التقليد الذي كنتم تقلدون جعفراً و اباجعفر ونفتخر بذلك و لانريد الترقي عن هذا المقام و نسأل الله زيادة الخضوع لهم فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً و قال ابوعبدالله7 قدافلح المسلمون ان المسلمين هم النجباء.
و اما قوله «و الفوز بعليين» هذا القول يطابق قول اليونانيين الخارجين عن طرق الحق فانهم يزعمون ان الفوز غداً بالعلوم حتي بمثل علمك بهالة القمر و قوس الرحمن مثلاً و الاسلام علي غير ذلك و النجاة ابداً غداً بالايمان و العمل الصالح و الاخلاص و العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الا ارتحل و العلم كله حجة الا ما عمل به و علم لايعمل به سبب هلاك فهذا العلم الذي يقدر علي اكماله كل سني و يهودي كيف يكون سبب الفوز بعليين فغايته ان كان حقاً مأخوذاً عن المحمد: حصول ملكة هي من اسباب التفقه و شروطه فلايكون الانسان فقيهاً بالعلم بتلك القواعد حتي يستكمل الشروط و لايكون فايزاً بعليين حتي يؤمن بالله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۵ *»
و يعمل عملاً صالحاً و لايشرك بعبادة ربه احداً.
لو كان في العلم من غير التقي شرف | لكان اشرف كل الناس ابليس |
قال: اصــل مدلول اللفظ ان كان قابلاً للصدق علي كثيرين فكلي و ان لميكن له فرد بالفعل و الا فجزئي ثم الكلية و الجزئية وصفان للمفاهيم بنفسها و ان لميلاحظ استفادتها من لفظ موضوع لها لعدم صحة السلب و لذا يقال ان الواضع تصور امراً كلياً او جزئياً و من هنا يظهر ان اتصاف المفاهيم بهما ليس بشرط تصورها و حصولها في الذهن بل لنفس المفهوم لا بشرط و يصح اتصاف اللفظ بهما من دون انيتصور له معني فوزن فاعل كلي له انواع و لفظ زيد كلي له افراد و خصوص ما تلفظ به عمرو جزئي و كذا المهملات.
اقول: هذا الاصل ليس من اصول الفقه و انما هو من المبادي اللغوية يذكرها اهل المنطق فذكرها الاصوليون استطراداً لحاجتهم اليها في اثناء العلم.
قوله «مدلول اللفظ ان كان قابلاً للصدق علي كثيرين فكلي» ففيه خطاءات عديدة الاول انه لميفرق بين المدلول و المفهوم و الموضوع له فانه في الاول قال مدلول اللفظ ثم قال وصفان للمفاهيم ثم قال اتصاف المفاهيم بهما ليس بشرط تصورها و حصولها في الذهن و قدحققنا في ساير كتبنا مفصلاً مبرهناً عليه ان الموجود الخارجي له حيثان حيث من نفسه في نفسه و حيث ظهوره للناظر و في الحيث الثاني يحتاج الي مميز عن غيره فيوضع له الاسم من حيث ظهوره فهو من حيث الظهور موضوع له و هو المتبادر منه الذي لايصح سلبه عنه و هو المصداق الذي يصدق عليه اللفظ و من حيث هو هو مراد فاذا وقع شبحه في نفس شخص كان ذلك الشبح المنفصل من الشبح المتصل حين يعبر عنه بلفظ المعني المقصود و اذا نزل ذلك المعني الي المنطق و ظهر بصورة اللفظ كان ذلك اللفظ هو المنطوق و المعني في اللفظ كالروح في الجسد و كنفسك في بدنك و الشبح الذي ينفصل من المعني و يقع في مرءاة اللفظ هو المدلول و الدلالة هي ارشاد اللفظ المطلع عليه الي ما فيه من شبح المعني و الشبح الذي ينطبع من المدلول في نفس المطلع عليه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۶ *»
هو المفهوم الحاصل في ذهن المطلع و نفسه و المصنف لميفرق بين هذه الوجوه و استعمل المدلول و المفهوم و الموضوع علي شيء واحد.
ثم قوله «ان كان قابلاً» و احترز بقوله «قابلاً» عن خروج كلي لا افراد له في الخارج علي زعمهم كاللاشيء و اللاموجود مثلاً و هذا القول غلط من المنطقيين و اتبعهم المصنف من غير روية تقليداً فقدحققنا في الحكمة انه اذا لميكن افراد في الخارج و لا في الذهن ليس كلي فان الكلي ان كان موجوداً بوجود الافراد فاذ لا افراد لا كلي و ان كان موجوداً في ضمن الافراد فاذ لا افراد لا ضمن و لا كلي و ان كان منتزعاً من الافراد فاذ لا منتزع عنه لا كلي و لايدخل في الذهن منه شيء فاللاشيء لا مصداق له و لا معني و لا مدلول و لا مفهوم فاي شيء الكلي.
و ان قلت فاذاً اللاشيء مهمل قلت لا ليس بمهمل و انما هو كالممتنع لفظ مخلوق لمعني مخلوق كأن تسمي زيداً بلاشيء يستعملونه تعبيراً لا تحقيقاً و ليس في النفس منه مفهوم الا مفهوم مخلوق علي انا نقول هل يفهمون منه شيئاً ام لا فان كانوا لايفهمون منه شيئاً فما الكلي و ان كانوا يفهمون منه شيئاً فليس بلاشيء.
ثم قوله «قابلاً للصدق علي كثيرين» خطاء فان كل جزئي قابل لمظاهر لاتتناهي كما ان زيداً يظهر في الاكل و الشارب و النائم و اليقظان وهكذا الي ما لانهاية له فاذاً هو كلي فكان الصحيح انيقول الموجود ان كان صادقاً علي الكثيرين فهو من حيث صدقه كلي و الا فهو جزئي.
و قوله «و ان لميكن له فرد بالفعل» اتبع فيه غلط المنطقيين حيث يريدون بذلك ادخال مثل عنقاء مثلاً ان كان افراده ممكنة و كشريك الباري ان كان افراده ممتنعة و هو خطاء محض فانه ان اراد به عدم كون فرد في ملك الله اصلاً فخطاء لما نبهنا عليه و هذا هو الظاهر من مراده و ان اريد به ان لميكن له فرد الان في الدنيا موجوداً و كان سابقاً فلابأس فانه بتحقق الفرد في زمان من الازمنة يتحقق الكلي في الدهر.
و قوله «وصفان للمفاهيم بنفسها» فيه عجمة و كان الفصيح انيقول بانفسها و هنا استعمل المفهوم علي المدلول و خلط المعنيين.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۷ *»
و قوله «و يصح اتصاف اللفظ بهما» اما اللفظ الملفوظ فلايصح اتصافه بهما فانه ابداً جزئي و اما الكلمة الدهرية الظاهرة في الكلمات الزمانية فهي كلية لايصح اتصافها بالجزئية و ليست بلفظ و لايتلفظ به و الزمانيات جزئيات لايصح اتصافها بالكلية فاللفظ لايصح اتصافه بهما و اما تمثيله بكلمة زيد و وزن فاعل فخطاء لانهما ليسا من باب واحد فكلمة زيد كلية في الزيدات المنطوقة و كلمة فاعل ايضاً مثله كلية في الفاعلات المنطوقة و اما الضارب و القاتل و امثالها فهي موضوع لها بالنسبة الي الفاعل كمايأتي و يدلّ عليها بالاشتراك المعنوي و ليسا من باب واحد هذا اذا اراد بوزن الفاعل لفظه كما يظهر من الضوابط و ان اراد هذا الوزن غيرالمتخصص بالفاء و العين و اللام الظاهر في المشتقات التي علي هذا الوزن فهو ليس بلفظ.
قوله «و كذا المهملات» يعني ليس ذلك من خواص اللفظ المستعمل و ليس كلية اللفظ و جزئيته مشروطتين بكونه موضوعاً لمعني فيكون بتبعيته كلياً و جزئياً.
قال: ثم الكلي باعتبار تفاوت افراده في الظهور و الخفاء من حيث الفهم من اللفظ اما متواط او مشكك بالتشكيك البدوي او المضر الاجمالي او المضر المبين العدم.
اقول: ايراد التقسيم علي الكلي خطاء فان الكلي من حيث نفسه و من حيث الافراد لاينقسم بهذا التقسيم و كان الصواب انيقول افراد الكلي اما كذا و اما كذا.
و قوله «متواط» غلط فان الكلمة مهموزة و لايسقط الهمزة في حال الرفع كالياء و الصواب متواطئ و المتواطئ لغةً معناه المتوافق فافراد الكلي ان كانت متساوية في الظهور و الخفاء فهي متوافقة و يراد كلها من ذلك اللفظ اذا اطلق.
قوله «او مشكك» زعم المصنف انه مشتق من الشك بمعني الريب و التردد كماصرح به في الضوابط و قسم الشك علي ثلثة اقسام شك غيرمضر و شك مضر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۸ *»
اجمالي و شك مضر مبينالعدم و قداصاب الخطاء و التشكيك مقابل للتواطؤ و لما كان التواطؤ الموافقة استعملوا التشكيك في عدم الموافقة مع المقاربة و الاتصال و الانضمام مأخوذ من الشكيكة اي الطريقة يقول العرب شك الحي خيامهم يعني جعلوها متصلة منضمة متداخلة الاطناب بعضها في بعض و شكك مبالغة منه كمدّ و مدّد و لما كان الافراد المتفاوتة كمراتب البياض مثلاً متضامة متصلاً بعضها ببعض قالوا انها مشككة بفتح الكاف الاولي و اللفظ مشكك بكسر الكاف و نحن بواد و العذول بواد اين هذا من الشك بمعني الريب.
و اخذه بعض المنطقيين من التشكيك المعروف ولكن زعم ان اللفظ يشكك الانسان في انه متواطئ في افراده لوجود ما به الاشتراك او مشترك لفظي لوجود ما به الامتياز و هو ايضاً بعيد في غاية البعد لانها ايضاً موجودان في افراد المتواطئ مع ان هذا المعني غير ما خيّل للمصنف ايضاً.
و اما قوله «بالتشكيك البدوي» خطاء فان البدو ناقصاً من بنات الواو بمعني الظهور و خلاف الحضر و المصنف يريد البدئي اي الابتدائي كما صرح به في الضوابط بالجملة مراده بالتشكيك البدئي شك يحصل لسامع اللفظ ابتداءاً قبل التأمل ثم اذا تأمل رأي انه يشمله فلايضرّ هذا الشك كما اذا قال رجل ائتني بالماء فتتفكر في نفسك ان الماء المعروف للشرب هو الصافي و هل غيرالصافي من الافراد الظاهرة ام لا فيظهر لك انه يشمله و هو ايضاً ظاهر منه و ان لميكن بظهور الماء الصافي و هذا التشكيك غيرمضرّ في فهم معني اللفظ و العمل به و هذه الشكوك تحصل لاهل الوسوسة غالباً و الذي هو باق علي الفطرة لايصيبه شيء من ذلك حتي يسميه شكاً الاتري انك اذا قعدت تحت سقف و كنت صحيحاً لايحدث لك شك في قيام السقف بحاله و اذا كان لك مرض ماليخوليا تخاف وقوعه و تشك و تكرر النظر اليه و الفكر فيه.
قوله «او المضر الاجمالي» يريد به التشكيك الذي يوجب اجمال اللفظ فلايمكن العمل به كما اذا نهيت عن اكل اللحم فتشكّ في ان لحم الحية مثلاً من الافراد الظاهرة ام لا و تبقي في هذا الشك دائماً و لاينفذ فيه علمك فهذا مضر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۵۹ *»
موجب للاجمال فلايعمل به لعدم العلم بتعلق النهي به و الاصل الاباحة.
قوله «او المضر المبين العدم» يعني به ان خفاء الفرد بلغ غاية ليس يراد من اللفظ يقيناً و ان كان يضرّ باطلاق اللفظ كما انه اذا نذر ان لايأكل لحماً لايراد منه لحم الزنبور مثلاً يقيناً الا انه من افراد اللحم حقيقةً و اخراجه يضرّ باطلاق لفظ اللحم.
بالجملة هذه اختلاف مراتب الخفاء و قوة الخفاء و شدته و هو تشكيك القوم و المصنف تخيله بمعني الشك و الريب و حقق هذه التحقيقات و هي اصطلاحات مستحدثة من استاده.
قال: ثم اللفظ و المعني ان اتحدا فهو متحد اللفظ و المعني و لمنجد له مثالاً و ان تعدد اللفظ فقط فهما مترادفان كالانسان و البشر بخلاف الناطق و الضاحك فانهما متساويان او المعني فقط من غير تعدد الوضع فهو حقيقة و مجاز او مع تعدد الوضع و هجر الاول لكن مع كون المناسبة ملحوظة عند الوضع الثاني فمنقول و نقضه عكساً بانه اذا اشتهر احد المعنيين بحيث صار الاخر مهجوراً سمي ذلك منقولاً و ان لمتلاحظ المناسبة فلابد من عدم اشتراط ملاحظة المناسبة فيه مدفوع بان اطلاق المنقول عليه مجاز لانه شبه منقول او مع عدم ملاحظة المناسبة عند الوضع الثاني لكن مع هجر الاول فمرتجل فيفسد حينئذ القول باشتراط ملاحظة عدم المناسبة في المرتجل اذ ملاحظة الواضع ذلك بعيدة جداً او مع عدم الهجر فمشترك و يرد علي تعريفه بانه لفظ له معان متعددة باوضاع متعددة مع عدم ملاحظة المناسبة خروج المشترك التعيني مع كون المناسبة ملحوظة الا انيكون الغرض تعريف التعييني و خروج ما لو قال الواضع وضعت العين للذهب و الفضة فانه مشترك و الوضع واحد الا انيريد من تعدد الوضع تعدد التخصيص و ان تعدد اللفظ و المعني فالالفاظ متباينة تكون و مترادفة.
اقول: هذه اصطلاحات من علماء الالفاظ اراد المصنف انيتبعها فقال اللفظ و المعني ان اتحدا فهو متحد اللفظ و المعني ففيه عجمة و ليس لكلمة هو مرجع و الجزاء عين الشرط و لا فائدة فيه ولكن علماء الالفاظ الذين قسموا سابقاً كان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۰ *»
كلامهم في الاسم او اللفظ الواحد و قالوا ان اتحد معناه فمع تشخصه وضعاً علم كزيد ولكن المصنف ذكره كماسمعت و مراده ان اللفظ و المعني اما انيتحد كل واحد منهما او يتعدد و اما انيتحد احدهما و يتعدد الاخر و مراده من المعني ما استعمل فيه اللفظ سواء كان بوضع معين او غيرمعين.
و قوله «و لمنجد له مثالاً» فان اراد من متحد اللفظ و المعني ما لايترجم ابداً و لو بجنس اعلي و لو بمركب فلايوجد ابداً بل هو مهمل لا معني له و ان لميأب عن التفسير بالجنس فها يقال احد كعنق جبل و ان لميأب عن المركب فها يقال القيغار كسروال مثلاً التيس العظيم و الكِنفيرة طرف الانف مثلاً و الالفاظ الواحدة التي يعبر عنها بالجنس او بالفاظ مركبة و معذلك معناها واحد لاتحصي كثرة فقوله لمنجد له مثالاً عجيب.
و قوله «و ان تعدد اللفظ» الخ ففي ذلك اولاً ان هما لا مرجع له و ليس المفهوم من التعدد اثنين و في ذلك ايضاً لي كلام و هو انه ربما يكون في الخارج شيء واحد و له جهات عديدة و يسمي من كل جهة باسم فالمراد من الاسم حينئذ واحد ولكن المصداق متعدد و ليس ذلك بمترادف كالمثال الذي مثل به فان الانسان سمي بالانسان من حيث انس بعض افراده ببعض و كونهم مدنيين و سمي بالبشر من حيث المباشرة مباشرة جلودهم و ليس عليها شعر كالحيوان و ليس ذلك الا مثل وقوع الاب و الابن و العمّ و الخال علي رجل واحد او الاكل و الشارب و الضارب علي رجل واحد فان كل واحد من حيث فالمترادف الحقيقي لفظان لمصداق واحد من جهة واحدة و ذلك لايصدر من الحكيم لما حققناه في محله ان الواضع هو الله و هو حكيم و لايخصص لفظاً بمعني الا بمناسبة و نسبة الشيئين كليةً الي شيء واحد لاتكون متساوية فاللفظان اذا وضعا علي شيء فانما هو من جهتين و قدحققنا ذلك في ساير كتبنا.
قوله «او المعني فقط» الي اخر ففيه انه ينافي ما صرح به في الضوابط من الاتفاق علي توقف صحة المجاز علي الوضع فيتعدد الوضع اللهم الا انيقال ان المراد بالوضع هنا الوضع الشخصي و في المجاز الوضع النوعي هذا و الدلالة فرع الوضع لانها هي ارشاد اللفظ الي ما فيه من شبح المعني و المعني فرع المصداق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۱ *»
و المصداق فرع الوضع غاية الامر ان الواضع يضع اللفظ منفرداً علي المعني الحقيقي و مقروناً بالقرينة علي المعني المجازي.
قوله «و مع تعدد الوضع» يريد انيقول انه اذا كان للفظ معني ثم نقل واضعٌ ذلك اللفظ عن ذلك المعني الي معني اخر بمناسبة و هجر الاول يسمي منقولاً و لايجب انيكون الواضعان واحداً و لا انيكون الوضع تعينياً فاذا كان الناقل الشارع يسمي منقولاً شرعياً كالصلوة و الزكوة و ان كان العرف العام يسمي منقولاً عرفياً كالدابة او العرف الخاص يسمي منقولاً اصطلاحياً كالفاعل و المفعول عند النحويين.
قوله «و نقضه عكساً» نقضه مبتدأ خبره قوله مدفوع يعني قدنقض بعض الناس في حدّ المنقول بانه قديكون لفظ مشتركاً بين معنيين ثم ينقل الي خصوص احدهما يعني يستعمل في احدهما و يترك الاخر و هذا ايضاً منقول كما قال المرتضي باشتراك الامر في الوجوب و الندب لغةً ثم قال بنقله في الوجوب شرعاً فالحدّ ليس بجامع لهذا الفرد و المحدود اعم فاجاب عن ذلك بانه مجاز يعني اطلاق لفظ المنقول علي هذا مجاز و هذا نزاع عجيب فان لفظ المنقول في غير المعني اللغوي منقول اصطلاحي و خيار الاصطلاح بيد المصطلح فمن اراد انيصطلح علي المعنيين فله ذلك و حقيقة عنده فيهما و من اراد انيصطلح علي معني واحد فله ذلك و هو حقيقة عنده و عنده مجاز اصطلاحي في غيره فماادري الحدّ ممن و النقض ممن و لم و الجواب ممن.
قوله «او مع عدم ملاحظة المناسبة» الخ يعني اذا وضع لفظ لمعني اولاً ثم وضع واضع ذلك اللفظ لمعني اخر من غير ملاحظة المناسبة سواءاً ناسب الاول ام لميناسب فذلك مرتجل و المرتجل في اللغة من قولهم ارتجل الكلام اي تكلم به من غير انيهيأه بلا روية و لا فكر فهو مرتجل بالكسر و الكلام مرتجل بالفتح و في الاصطلاح ماسمعت و هو قسم من المشترك حقيقةً.
و قوله «فيفسد حينئذ» الي اخر لايفسد شيء بذلك و انما تصطلح انت لما شئت و يصطلح غيرك لما شاء فمن قال يشترط في المرتجل ملاحظة عدم المناسبة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۲ *»
احب انيصطلح هذا اللفظ علي هذا المعني فلايفسد قوله لاسيما بدليل المصنف ان ملاحظة عدم المناسبة بعيدة جداً و لميكن البعد الي الان بين المحققين دليلاً و لاسيما انيردّ به من له الخيار.
قوله «او مع عدم الهجر فمشترك» ان كان يريد انيصطلح شيئاً فله و الا فان كان المراد امراً معنوياً فقداصاب الخطاء فان كون اللفظ حقيقة في معنيين من غير صدق علي الحدّ المشترك ليس مشروطاً فيه عدم هجران الاول فانه قديكون الواضع وضع لفظاً علي معنيين فيكون حقيقة فيهما ثم يترك احدهما فان بلغ الترك مبلغاً احتاج ارادته الي القرينة فهو مجاز عرفي و حقيقة لغوية و ان لميبلغ ذلك الحدّ فهو حقيقة لغوية و عرفية و هذا البيان بيان معنوي لا لفظي اصطلاحي فيحتمل النقض و ليس مراد المصنف محض الاصطلاح.
قوله «و يرد علي تعريفه» فاعله كلمة خروج المشترك و يقول ان حد المشترك ينتقض عكساً بالمنقول العرفي التعيني فانه مشترك ايضاً ثم اعتذر عنه بانه اي الحادّ اراد تعريف التعييني لا التعيني و فيه ان اطلاق لفظ المشترك علي المنقول العرفي التخصصي اصطلاح و لايحتاج الي بحث و لا ردّ و لا نزاع في المعني و لايرد فساد فيه.
قوله «و خروج ما لو قال» الي اخر عطف علي الخروج الاول و هذا بحث اخر انه ليس الوضع في هذه الصورة متعدداً و معذلك هو مشترك ثم اعتذر بانه لعل المراد تعدد التخصيص و هو حاصل بهذا اللفظ ايضاً.
قوله «و ان تعدد اللفظ و المعني» الخ فقوله متباينة خبر مقدم لتكون و مترادفة عطف عليها و فيه عجمة لايؤدي مراده و مراده انه اذا كان الفاظ متعددة لمعانٍ متعددة فهي متباينة كالحجر و الانسان و قديتفق انيكون المتباين متبايناً من حيث و يكون من حيث اخر مترادفة كلفظين مشتركين يكون لكل واحد معان متعددة و اتفق انه وضع كل واحد منهما علي الشيء المعين ايضاً و هو من معانيهما كأنيكون لفظ موضوعاً للاسد و معان اخر بالاشتراك و كذلك لفظ اخر فهما مترادفان علي الدلالة علي الاسد متباينان في ساير المعاني.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۳ *»
قال: بقي مثل اسم الاشارة قسماً خامساً اذ لا مناسبة حتي تكون حقيقةً و مجازاً و لا تعدد في الوضع حتي تكون مشتركاً او منقولاً او مرتجلاً و لايتوهم علي مذهب المتقدمين دخوله في متحد اللفظ و المعني اذ المراد من المعني اعم من المجاز.([1])
اقول: التفت المصنف الي ان اسماء الاشارة صالحة لكل مشاراليه و يطلق اسم الاشارة علي كل مشاراليه علي الحقيقة و ليس بموضوع للحد المشترك بينها فيكون مشتركاً معنوياً و لايتعدد الوضع حتي يكون مشتركاً لفظياً و ليس المناسبة ملحوظة فيكون من باب الحقيقة و المجاز فهذا قسم اخر من الالفاظ من باب الوضع العام و الموضوع له الخاص و هذا الباب مما انكره المتقدمون و اجازه المتأخرون فعلي مذهب المتقدمين المنكرين لهذا الباب هذا القسم من باب الوضع العام و الموضوع له العام و لايتوهم انه من باب متحد اللفظ و المعني فان المراد في قولهم اللفظ و المعني ان اتحدا كون المعني اعم من الحقيقي و المجازي و لذلك عدّوا اللفظ الذي له معني حقيقي و مجازي من قسم متكثر المعني و الاشارات و امثالها علي قولهم موضوعة للمعني الكلي و هو الحقيقي و يستعمل في الافراد مجازاً فهي من قسم متكثر المعني عندهم.
و قداخطأ المصنف حيث وصف المعني بالمجاز و انما يوصف به اللفظ و ستعلم في الاصل الاتي ان كون الوضع عاماً و الموضوع له خاصاً الذي اختاره خطاء محض و ان اسماء الاشارة و امثالها من باب الوضع الخاص و الموضوع له الخاص الذي انكره.
قال: اصــل في الوضع و اركانه للوضع معني مشهور هو تعيين اللفظ بازاء شيء للدلالة عليه بنفسه فخرج باللفظ مثل الخط و الاشارة و اورد عليه بان المشترك اللفظي لايدلّ علي معانيه بنفسه و ردّ بان ذلك ناش عن تعدد الوضع و الا فالواضع عند الوضع وضعه للدلالة علي المعني بنفسه و فيه انه يتم اذا تعدد الواضع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۴ *»
و كان الواضع الثاني جاهلاً بالاول او اتحد و كان غيرملتفت الي الوضع الاول و الاصح في الجواب ان المعاني مفهومة من نفس اللفظ و القراين فيه معينة للمراد لا مفهمة للمعني.
اقول: كان حق هذا الاصل انيقدم علي الاصل الاول لان اللفظ ما لميضعه الواضع علي معني لايكون متحد المعني و لا مشتركاً و ذلك سهل و العبارة ظاهرة في مراده لا غبرة عليها و لاتحتاج الي شرح و ما فيه من النقصان يأتي في الفقرة الاتية.
و قوله «ناش» غلط اذ ليست الكلمة ناقصة و انما هي مهموزة و الصواب ناشئ.
قال: و غير مشهور و هو تعيين اللفظ للدلالة علي المعني و هذا يشمل الوضع النوعي الحاصل في المجازات فهو اعم من الاول لكن لفظ الوضع حقيقة في الاول للتبادر و صحة السلب عن الاعم من حيث هو و قلة الاستعمال فيه.
اقول: قوله «الوضع النوعي» الخ اعلم انهم اختلفوا في ان دلالة اللفظ علي المجازيات هل تحتاج الي وضع ام لا فمن قال انه يحتاج الي وضع نظراً الي انه يدل عليها و الدلالة لاتتحقق الا بالوضع عرف الوضع بانه تعيين اللفظ للدلالة علي المعني فيعمّ الحقيقة و المجاز لاطلاق الدلالة عن كونها بنفسه او بالقرينة.
و قوله «لكن لفظ الوضع» الخ ففيه ان هذا معني اصطلاحي و الحقيقة الاصطلاحية علي حسب الاصطلاح فالاستدلال بان الوضع حقيقة في الاول علي الفريق الثاني خطاء فان من يعرفه بالتعريف الثاني هو عنده موضوع علي الاعم و حقيقة فيه و من يعرفه بالتعريف الاول فالوضع علي المجاز عنده مجاز و لايمكن الردّ به علي الفريق الثاني.
و قوله «قلة الاستعمال فيه» لايدلّ علي شيء فانها ليست من علائم المجازية و زعمه ان القاعدة حمل الغالب علي الحقيقة و الاقل علي المجاز ليس له في دين الله برهان و لا حجة عليه.
و اعلم ان الدلالة هي ارشاد اللفظ المطلع عليه الي ما فيه من شبح المعني و اللفظ هو تجسد المعني و المعني في اللفظ كالروح في الجسد فلايدل لفظ علي معني الا بتخصيص واضع ذلك اللفظ لذلك المعني و لولا ذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۵ *»
لدلّ كل لفظ علي كل معني و لصحّ ارادة كل معني من كل لفظ و لصحّ اطلاق كل لفظ علي كل معني مع القرينة و هذا خلف فالواضع اذا رأي لفظاً يناسب فذا معني يضعه له و الا يضم به قرائن خاصة و يضعه مع تلك القرائن علي ذلك المعني فيدل معها علي ذلك المعني.
و ان قلت ان المجازات لاتحصي و الواضع لايحيط بما لايتناهي قلت نحن نقول ان الواضع هو الله جلّ و عزّ كما يأتي و هو محيط بما لايتناهي و اللفظ بغير قرينة مجاز في ذلك المعني و مع القرينة حقيقة و الا لمادل عليه و لمافهم منه فافهم فاذاً المعرف الثاني اسدّ.
قال: ثم لهم في تشخيص الواضع كلام اسقطناه لعراه عن الفائدة.
اقول: معرفة الواضع من كمال الايمان و ليس بعريّةٍ عن الفائدة.
و قول المصنف «لعراه» غلط و مصدر عري العري كقفل و كان الصحيح انيقول لعريه عن الفائدة و ان لميكن عارياً عن الفائدة و في الضوابط لعرائه و العراء الفضاء الواسع.
و اعلم ان الواضع هو الله سبحانه للكتاب و السنة و دليل العقل اما الكتاب فقوله سبحانه لمنجعل له من قبل سمياً فتبين ان الاعلام من وضعه تعالي و هو اعظم شواهدهم علي ان الواضع غير الله و قوله و علّم ادم الاسماء كلها و الاسماء جمع محلي باللام مؤكد بالكل المضاف و الالفاظ شيء و قل الله خالق كل شيء.
و من السنة ما رواه في العيون في محاجة الرضا7 علي عمران حيث قال و كان اول ابداعه و ارادته و مشيته الحروف التي جعلها اصلاً لكل شيء و دليلاً علي كل مدرك و فاصلاً لكل مشكل و بتلك الحروف تفريق كل شيء من اسم حق و باطل او فعل او مفعول او معني او غيرمعني و عليها اجتمعت الامور كلها و لميجعل للحروف في ابداعه لها معني غير انفسها بتناه و لا وجود لها لانها مبدعة بالابداع و النور في هذا الموضع اول فعل الله الذي هو نور السموات و الارض و الحروف هي المفعول بذلك الفعل و هي الحروف التي عليها الكلام و العبارات
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۶ *»
كلها من الله عزّوجلّ علّمها خلقه الي ان قال ثم جعل الحروف بعد احصائها و احكام عدتها فعلاً منه كقوله عزّوجلّ كن فيكون و كن منه صنع و مايكون به المصنوع الي ان قال فاذا الّف منها احرفاً اربعة او خمسة او ستة او اكثر من ذلك او اقل لميؤلفها لغيرمعني و لميك الا لمعني محدث لميكن قبل ذلك شيئاً الحديث.
و من دليل العقل ما يدلّ علي ان الله خالق كل شيء و انه خلق الله الاشياء بالمشية و انه ما من شيء في الارض و لا في السماء الا بسبعة بمشية و ارادة و قدر و قضاء و اذن و اجل و كتاب فمن كان يزعم انه يقدر علي نقص واحدة فقداشرك.
و الاستدلال علي ان الواضع بشر بقوله و ماارسلنا من رسول الا بلسان قومه خطاء فانا لاننكر ان لكل قوم لساناً ولكنا نقول تعلموه من ابائهم حتي انتهي الي ادم الذي علّمه الله الاسماء كلها و كذا بانا نري حدوث بعض الاسماء و وضع الناس لها فانا لاننكر ذلك و نقول ابي الله انيجري الاشياء الا باسبابها و انتم تنظرون الي الاسباب و تقولون قتل فلان فلاناً مثلاً و نحن نري المسبب و نقول الله يتوفي الانفس و من هذا تبصر امرك و قدفصلناه في ساير كتبنا و لانحب التطويل هنا و من لميعرف ذلك فهو ناقص الايمان البتة.
قال: ثم الوضع باعتبار الواضع اما لغوي او عرفي عام او خاص.
اقول: المراد ان الوضع اما يصدر من واضع اللغة فهو الوضع اللغوي و عند مشهورهم الواضع من الناس و اما علي مذهبنا ان الواضع هو الله فالفرق بينه و بين الوضع الشرعي ان الوضع الشرعي في مقام التشريع و الوضع اللغوي عند تخاطب الناس و العرفي يعني ما اصطلحه غير الواضع اما عام يعني اصطلحه جميع اهل اللسان بالتعيين او بكثرة الاستعمال حتي تعين فهو الوضع العرفي العام او اصطلحه طائفة او اهل بعض البلاد او القري او القبائل بالتعيين او بالتعين فهو العرف الخاص و المصنف ادخل الوضع الشرعي في العرف الخاص و لا شيء في ذلك.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۷ *»
قال: و باعتبار الموضوع اما شخصي ان كان شخصاً خاصاً من اللفظ كزيد او نوعي ان كان امراً عاماً كهيئة فاعل و نحوها مما تندرج تحته انواع مختلفة الحقيقة سواءاً استفيد ذلك من جعل الواضع او من التتبع الكاشف عن رضي الواضع و رخصته و من هذا الباب وضع المجازات.
اقول: المراد ان الوضع من حيث تعلقه باللفظ اما شخصي و اما نوعي اما الشخصي فهو ما كان الموضوع شخصاً خاصاً كلفظ زيد و مراده من الشخصية انيكون تحته افراد متفقة الحقيقة و هي كل لفظ زيد تلفظ به لافظ فانها افراد لفظ زيد الذي وضعه الواضع و هو نوع لافراده المتفقة الحقيقة.
و اما النوعي فهو ما كان الموضوع امراً عاماً نحو هيئة الفاعل الظاهرة في اسماء الفواعل و مراده من النوعية انيكون تحته انواع مختلفة الحقايق كضارب و عالم و قاتل و شرح ذلك علي الاختصار ان الضارب موضوع لذات ثبت لها الضرب و الاكل لذات ثبت لها الاكل وهكذا و كل هذه المشتقات تندرج تحت نوع هيئة الفاعل و هي موضوعة لذاتما ثبت لها مبدأما و تلك الهيئة تمثلها فيالضارب و الناصر و الاكل و الشارب كما ان مصاديقها تحت الذات المطلقة القائم بها مبدأ مطلق و تمثلات لها و هيئة الفاعل النوعية تدل علي تلك الذات النوعية كالحيوان و كل واحد من تلك المشتقات يدل علي مصداقه كالفرس و الغنم و البقر و امثالها و عند التحقيق كذلك لفظ زيد فانه موضوع لذات مطلقة عن الضارب و الاكل و الشارب و قدتمثلت بها و لذا تحمل كلها عليها و كل مشتق مما مثلنا به موضوع لزيد الظاهر في مبدأه فما ذكره المصنف فانما هو في الانظار الاصولية لا انظار الحكماء.
قوله «و من هذا الباب وضع المجازات» يخالف انكاره انفاً الوضع في المجازات اللهم الا انيقال ان مراده من الوضع هناك الوضع الشخصي و هيهنا الوضع النوعي و قد مرّ الحق فيه و زعم ان وضع المجازات من باب التتبع الكاشف عن رضاء الواضع و رخصته مع انه تردد في الضوابط و قال لايبعد انيكون وضع المجازات من باب التتبع في مثل الاوضاع ان الواضع راض باستعمال اللفظ في هذا المعني و هذا تحقيق يضحك منه الثكلي و يكشف همها و يفرج غمها علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۸ *»
طريقتهم فان الالفاظ ليست مملوكة واضع انساني حتي يكون التصرف فيها مشروطاً برضاه و مشروطاً برخصته فان وضع لفظاً لمعني بمناسبة يراها هو يدلّ علي ذلك المعني عند المطلعين علي الوضع و الا فلا و اما اذا لميضع و رضي انيستعمل احد لفظاً فيما شاء فذلك ليس بتخصيص و لايدلّ بل اذا استعمله مستعمل مع القراين في معني هو الواضع حين استعمل و اي مناسبة بين رضاء رجل في الف سنة قبل و قدمات و صار رميماً باستعمالي اليوم لفظ الاسد في شجاع و بين استعمالي بحيث لو لميكن رضي ذلك اليوم لميدلّ الاسد مع القرينة علي الشجاع ان هذا الا شيء عجاب.
و اما علي ما قلنا الواضع هو الله المحيط الخالق ما يشاء باسبابه و قدوضع الاسد بلا قرينة علي الحيوان المفترس و مع القرينة علي الشجاع سواء كان سببهما لساني او لسان غيري و لميدلّ علي الشجاع الا بوضعه سبحانه و لولا وضعه ماكان يدل فتدبر و انصف.
قال: ثم الموضوع في الوضع النوعي هل هو العام المنطقي كمايقتضيه العرف ام العام الاصولي حذراً من عدم كون استعمال الخاص لا حقيقةً و لا مجازاً وجهان ثم اذا شك في كون الوضع نوعياً او شخصياً فالاصل هو الاول لقلة الحادث فيه و حذراً من اللغوية بل العسر ايضاً ان كان الواضع بشراً.
اقول: يريد ان ما وضع بالوضع النوعي و مراده مثل هيئة الفاعل هل الموضوع فيه العام المنطقي ام الاصولي و المراد بالعام المنطقي هو ماهية يمكن فرض صدقها علي كثيرين و المراد بالعام الاصولي مجموع الافراد ففي المثال المذكور هل تعلق الوضع بنفس الفاعل النوعي او بنفس الافراد و هي الضارب و القاتل مثلاً و الفاعل عُنوان تصور الافراد و ليس موضوعاً يقول كل محتمل و دليل الاول العرف و دليل الثاني انه لو لميكن الضارب او القاتل موضوعاً لكان استعمالهما في معانيهما لا حقيقياً و لا مجازياً فانهما فرع الوضع و المفروض انه لا وضع ثم نقض بعضهم هذا الدليل بان لفظ زيد المنطوق من ناطق اذاً ليس بموضوع فهو ايضاً ليس بحقيقة و لا مجاز مع انه حقيقة و لا شك ان ابا زيد لميضع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۶۹ *»
كل زيد منطوق فرداً فرداً و انما وضع نوع لفظ زيد علي ابنه و حلّ بعضهم الدليل بان الواضع وضع الفاعل النوعي و الكلي موجود في ضمن الافراد فيقع الوضع علي كل من الضارب و القاتل و امثالها فتكون موضوعة و حقيقة في معانيها.
ثم قال «اذا شك» الي اخر يعني اذا شككنا في كون الوضع نوعياً او شخصياً فالاصل انيكون نوعياً لقلة اوضاع حادثة و الاصل عدم كل حادث و مع امكان الوضع النوعي يكون الوضع الشخصي لغواً لكثرته من غير لزوم مع ان الوضع الشخصي متعسر او متعذر لعدم تناهيه ان كان الواضع بشراً.
هذا تحرير مراده و انت اذا عرفت ان الواضع هو الله المحيط تعلم انه بطل العذر و العسر و الحق في المسألة ان هيئة الفاعل النوعي هي هيئة خصها الواضع بمن يقوم به المبدأ صدوراً و لايدل الا علي امر نوعي مبهم و لاتدل علي من قام به الضرب صدوراً من حيث الخصوصية و انما المتكفل بهذه الادلة هو الضارب و هكذا ساير المشتقات و دلالة هيئة الفاعل عليها دلالة علي جنسها لا خصوصها فهيئة الفاعل تحتاج الي وضع جنسي من الواضع و تدل علي ما وضعها عليه و الضارب يحتاج الي وضع نوعي من الواضع و يدل علي ما وضعه عليه فلكل واحد وضع و ليس دلالتهما بوضع واحد حتي يقع الاشكال و كل واحد منهما معني يحتاج الي لفظ و وضع الواضع و ان كان الضارب من حيث النوع تحت نوع الفاعل و انما ذلك كالحيوان الموضوع علي الحساس المتحرك بالارادة النوعي و الفرس و البقر و الغنم الموضوعة علي حقايق انواعها.
فالحق ان هذه المشتقات موضوعات علي معانيها بوضع خاص ثم وضع لفظ الفاعل علي معني كلي هو مادة نوعية لهذه المشتقات ثم يصدق عليها لفظ الفاعل كما ان لفظ الرجل موضوع لمعني كلي ثم يصدق علي كل رجل رجل فان الكلي ما يعطي مادونه اسمه و حدّه و ليس هيهنا موضع بيان اكثر من هذا مخافة الاذاعة و يأتي زيادة بيان فيالجملة ان شاء الله.
قال: ثم كل من الموضوعله و الة الملاحظة اما عامان و اما خاصان و لا اشكال في وجود القسمين او الاول عام و الثاني خاص و لا ريب في عدم وجوده
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۰ *»
او العكس فالقدماء علي عدم وجوده و المتأخرون علي وجوده في مثل الضمائر و الحروف و اسم الاشارة فيدعون ان وضعها عام و الموضوعله خاص لا انهما عامان و هو الحق للتبادر و الاصل فيه كونه وضعياً و كاشفاً عن اللغة و الاصل عدم الالتفات الي الشهرة و للزوم المجاز بلا حقيقة و لعدم انقسام الكلمة حينئذ الي ثلثة و عدم جواز استعمال تلك الالفاظ في المعني العام حتي مجازاً و لتنصيص اهل اللغة بان في مثلاً حقيقة في الظرفية و لا حقيقة الا بعد الاستعمال و لا استعمال الا في الخصوصيات و للخصم وجوه ضعيفة يظهر ضعفها بادني تأمل.
اقول: اراد انيقسم الوضع بتقسيم اخر من جهة الموضوعله فقال الوضع اما عام و اما خاص و كذا الموضوعله اما عام و اما خاص و انما يريدون بالوضع هنا الة الملاحظة و قديلاحظ الشيء بنفسه و قديلاحظ بسبب كلي فوقه.
و ماادري ما حملهم علي هذا المجاز البعيد و الوضع هو اثر فعل الواضع و الموضوعله مفعول ذلك الفعل و لايتخلفان الا انهم ذكروا هكذا فعلي قولهم هيهنا اربع صور الوضع العام و الموضوعله العام و هو كالرجل فانه قد لاحظ الواضع معني عاماً و وضع اللفظ بازائه و الوضع الخاص و الموضوعله الخاص و هو كزيد فان الواضع نظر الي شخص خاص و وضع له هذا اللفظ الخاص و هذان القسمان لاريب في صحتهما و وقوعهما عندهم و الوضع العام و الموضوعله الخاص و قداختلف المتقدمون و المتأخرون فيه فالمتقدمون يمنعون عنه لاستلزام ذلك تصور الامور غيرالمتناهية و جوّزه المتأخرون و قالوا ان منها وضع الاشارات و الضماير و الحروف اما وضعها عام لاتفاق المتقدمين و المتأخرين عليه و الموضوعله خاص للتبادر فان من سمعها تبادر الي ذهنه شخص جزئي و ردّ بان هذا التبادر اطلاقي و اجيب بان الاصل كونه وضعياً و قيل قرينة الشهرة توجب الخروج عن الاصل و اجاب بان الاصل عدم الالتفات الي الشهرة.
و دليل اخر لهم لزوم المجاز بلا حقيقة لعدم استعمالها في المهية ابداً و دليل اخر لزوم عدم صحة انقسام الكلمة الي الثلثة فان الحرف لو كان موضوعاً علي المهية لكان مستقلاً و كان كالاسم و لميكن قسيمه و دليل اخر عدم جواز استعمال تلك الالفاظ في المعني العام حتي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۱ *»
مجازاً و دليل اخر تنصيص اهل اللغة ان في مثلاً للظرفية و من البين انها لاتستعمل في الظرفية المبهمة فالمراد كونها حقيقة في الافراد.
و جميع هذه الوجوه اوهن من بيت العنكبوت مع انه اوهن البيوت لان التبادر لايزيد دلالته علي الاستعمال قطعاً كمامرّ و يأتي و الاصل كونه وضعياً لايفيد علماً و لا ظناً في الواقعيات و كذلك الاصل عدم الالتفات و لزوم المجاز بلا حقيقة خطاء الي اخر فان عدم الاستعمال ليس دليل عدم الحقيقة و لزوم عدم صحة الانقسام باطل لان وجه الانقسام لعله غير هذا الوجه كمايظهر من تقسيم اميرالمؤمنين7 الالفاظ و عدم جواز استعماله لايدل علي ان الواضع لميضع يوم اول هكذا و تنصيص اهل اللغة هو علي مذهب القدماء ادل و ما ذكرته استنباط غيرمرضي و ادعاء علم غيب. بالجملة ذلك مبلغهم من العلم.
و الحق في المسألة انهم قالوا بعموم الوضع لتعذر استحضار الامور غيرالمتناهية للبشر المتناهي و بخصوص الموضوعله لما رأوا من الاستعمال و نحن نقول ان الواضع هو الله المحيط الذي كل شيء حاضر لديه فالحق انها من باب الوضع الخاص و الموضوعله الخاص لانها تستعمل في الافراد قديماً و حديثاً و في الكتاب و السنة علي الحقيقة و تدل عليها و لا دلالة الا بالوضع و قدذكرنا انهما لايتخلفان فلااصاب قدماؤهم و لا متأخروهم و لاعبرة باقوال الخارصين في الامور الواقعية و المتبع البرهان الحق.
و اما القسم الرابع و هو الوضع الخاص و الموضوعله العام فذلك ما قالوا بعدم وجوده بتةً و عندنا هو الحق الذي لا ريب فيه و لا شك يعتريه و نقول لهم اولاً لا شك ان الشمس حقيقة في الجرم السماوي و لا شك انه حقيقة في النور الواقع علي الارض فاخبرونا انه من اي باب من ابواب ما قررتم فلا شك انه ليس من باب الحقيقة و المجاز و لا من باب الاشتراك المعنوي لعدم الجامع القريب و لا من باب الاشتراك اللفظي لوجود المناسبة و الاطلاق من باب المناسبة و ليس بمنقول و لا بمرتجل لعدم ترك المعني الاول و انما ذلك من باب الوضع الخاص و الموضوعله العام فان الواضع جلّشأنه لاحظ النيّر اولاً و بالذات و وضع اللفظ و وقع علي جميع الانوار لان النور نور اذا رؤي المنير فيه و الا فهو ظلمة و لما كان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۲ *»
نور الشمس علي الارض نوراً اذا رؤي منه و فيه الشمس و الا فلا نور فاذا رأيت النور فقدرأيت الشمس و لذا تسميه بالشمس علي الحقيقة و انما ذلك حقيقة بعد حقيقة بل اذا نظر ناظر بعين الحقيقة رأي جميع الالفاظ من هذا الباب لا غير فان الاسم ان كان من الاسماء الحسني فهي علي الحقيقة الاولية تقع علي المبدأ الخير و علته ثم تقع علي جميع انواره و ان كانت من الاسماء السوءي تقع اولاً علي مبدأ الشر و علته ثم تقع علي جميع اظلاله.
و ان قلت فعلي ذلك لعله من باب الوضع العام فانه الظاهر في تجلياته و الموضوعله الخاص لاستعماله فيها قلت ليس كذلك فانهم يقولون في ذلك القسم ان اللفظ لايستعمل ابداً في ذلك المعني العام و هنا يستعمل فلايمكن انيكون من ذلك الباب و قدحققنا ذلك مفصلاً في مباحثاتنا و ساير كتبنا و لااحب تفصيله هنا لعلل فجميع الالفاظ من باب الوضع الخاص و الموضوعله العام غاية الامر ان بعض الالفاظ عام و بعضها خاص و هما ظهوران للعلة العليا و قلنا بالوضع الخاص فانه
ما في الديار سواه لابس مغفر | و هو الحمي و الحي و الفلوات |
و هي التي لاحظها الواضع و لا ملحوظ سواها و لا شيء لائقاً بانيلحظ معها و قلنا بان الموضوعله عام فانها الظاهرة في جميع المرايا و المستعمل فيها في جميع الجهات فافهم ان كنت تفهم.
ثم اعلم ان اطلاق الوضع علي الملاحظة مجاز منكر و انما ساقهم الي هذا اللفظ محض تقسيم الوضع و الموضوعله و اما تعبير المصنف بالة الملاحظة عن الملحوظ فهو ايضاً تعبير غيرمأنوس و كان الصواب انيقولوا ان الواضع اما يقصد معني عاماً و يضع اللفظ بازائه او يقصد معني خاصاً و يضع اللفظ بازائه او يقصد معني عاماً و يضع اللفظ بازاء افراده او يقصد معني خاصاً و يضع اللفظ بازائه و ازاء تجلياته.
فمن كان ذافهم يشاهد ما قلنا | و ان لميكن فهم فيأخذه عنا | |
و ما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد عليـ | ــه و كن في الحال فيه كما كنا |
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۳ *»
قال: اصــل المشتق يطلق علي ما اخذ من شيء اخر بان كان له مأخذ من الالفاظ و يدخل فيه المصادر و علي خصوص الاسماء المشتقة و الكلام هنا في الاخير فاعلم ان وضع المشتق نوعي حذراً من تعدد الاوضاع و لزوم اللغو و العسر او العذر و الاصح ان وضعه قابل لقسمين من الاقسام الستة المتصورة و هما كون الموضوعله عاماً اصولياً سواءاً كان الموضوع عاماً اصولياً ام منطقياً و ان الوضع عام و الموضوعله خاص.
اقول: في بعض النسخ اخّر هذا الاصل و كتبه قبل الاصل في مادة الامر و في بعضها كتبه هنا و كذلك الاصول الاتية الي مباحث الامر في النسخ اختلاف في التقدم و التأخر و كيف كان المشتق لغةً نصف الشيء المأخوذ منه يقال اشتق منه اذا اخذ شقه اي نصفه منه و الاشتقاق الاخذ في الكلام و في الخصومة يميناً و شمالاً مع ترك القصد و اخذ الكلمة من الكلمة و في الاصطلاح هو المعني الاخير و تفسير المصنف المشتق بما اخذ من شيء اخر بان كان له مأخذ من الالفاظ عبارة عجيبة و فيه عجمة غريبة و ما يصنع هنا بابهام شيء ثم تفسيره بان كان له مأخذ من الالفاظ هلا قال هو لفظ اخذ من مادة لفظ اخر و يسلم من هذا التطويل العليل.
قوله «و يدخل فيه المصادر» و مراده ان المصادر و غيرها كلها مشتقة من مادة واحدة هي الضاد و الراء و الباء مثلاً و هي السارية في كلها و ليست الالفاظ مشتقة من المصدر فان المصدر ليس مأخوذاً في الالفاظ لا لفظاً و لا هيئة و لا معني و لعل هذا اصطلاح من المصنف و الا ليس هذا معناه اللغوي و لا العرفي اما اللغوي فلما سمعت انه اخذ الكلمة من الكلمة و اما العرفي فلان علماء الادب اجمعوا علي ان للمشتقات مبدأ اشتقاق فالبصريون اتفقوا علي انه المصدر و الكوفيون اتفقوا علي انه مشتق من الفعل و ساير المشتقات مشتق منه و لميقل احد ان المشتقات مشتقة من المادة الاتري انهم تنازعوا في ان صدق المشتق هل هو متوقف علي وجود المبدأ ام لا فاذا نهي الشارع عن البول تحت الشجرة المثمرة هل يتوقف الصدق علي وجود الثمر ام لا و المصنف ايضاً لماغفل عن تحقيقه جري مجري القوم في التمثيل كمايأتي و لا شك ان النزاع ليس في وجود الثاء و الميم و الراء و هي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۴ *»
موجودة ابداً حتي في لفظ المثمر.
و قوله «و علي خصوص الاسماء» عطف علي قوله «علي ما اخذ» يعني ارادة الاسماء المشتقة كالفاعل و المفعول من المشتق لها خصوصية في الاصطلاح و الكلام هنا في الاسماء المشتقة.
قوله «فاعلم ان وضع المشتق نوعي» يريد به ان الواضع لاحظ نوع ما كان علي صفة الضارب و وضعه بازائه ثم الموضوعله يحتمل انيكون عاماً و انيكون خاصاً و استدل علي ذلك بالحذر من تعدد الاوضاع فان الواضع ان كان هو الله يلزم من خلافه اللغو و ان كان الناس يلزم العسر و العذر.
و هذه الادلة الخيالية لاتكشف عن الواقع و في وضع الجزئيات اظهار احاطة و عدم تناهٍ كخلق ساير كثرات العالم فلا لغو و انكروا علي اللّه اذاً في وضع الكثرات و قولوا كان يكفي خلق الكليات و يأتي له زيادة بيان انشاءالله و لزوم العسر و العذر يردان اذا وردا علي فرض كون الواضع الناس و الحق خلافه.
قوله «و الاصح» يريد ان هنا يتصور اقسام ستة و هي علي ما ذكره في الضوابط ان كون الوضع عاماً يحتمل العموم المنطقي كأنيضع ما كان علي زنة الفاعل مثلاً و العموم الاصولي مثل كل ما كان علي زنة الفاعل و هذان المثالان يناسبان الموضوع لا الوضع و كذا كون الموضوعله عاماً يحتمل العمومين و ان كان الموضوعله عاماً اصولياً فاما يراد به التعميم او التوزيع و مراده بهما ان الواضع مثلاً وضع زنة الفاعل علي كل من قام به مبدأ من المبادي حتي يصدق الضارب علي القاتل او علي من قام به مبدأ من مادة ذلك المشتق فيصدق الضارب علي من قام به الضرب.
هذه اقسامه الستة و لعمري في هذه التشقيقات اتلاف العمر بلافائدة في الدنيا و الاخرة و هل يخطر في خلد سفيه ابداً ان الضارب وضع علي من قام به القتل مثلاً حتي يحتمل الانسان هذه الاحتمالات ثم يتصدي لردّها و قبولها.
بالجملة ثم قال ببطلان ما ليس فيه توزيع فمنهم من جوّز الاربع الباقية و المصنف اختار صحة قسمين منها و هما كون الموضوعله عاماً اصولياً سواءاً كان الموضوع عاماً اصولياً ام منطقياً و دليله علي ذلك ان الضارب ليس يتبادر منه من قام به مبدأ
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۵ *»
علي الابهام و انما يتبادر منه من قام به الضرب و مستهجن استعمال الضارب في من قام به مبدأ مبهم.
و قوله «و ان الوضع عام» عطف علي قوله «ان وضعه» يعني ان الاصح ان وضع المشتقات عام يعني ان الواضع لما اراد ملاحظة الافراد لاحظ الكلي المنطقي لعدم تناهي الافراد و عدم امكان احضارها فجعل الة ملاحظة الافراد الكلي فالوضع عام و وضع اللفظ بازاء كل فرد فرد قدتصوره اجمالاً في الكلي.
هذا خلاصة خيالات المصنف و قدعرفت ان الوضع العام و الموضوعله الخاص سنح ببالهم علي ان الواضع البشر و اما اذا كان الواضع هو الله المحيط بخلقه فلايعجزه احصاء خلقه و كل شيء احصيناه في امام مبين الايعلم من خلق و هو اللطيف الخبير فلميحتج الي جعل الكلي الة الملاحظة و جميع الافراد حاضرة لديه و وضع لكل واحد لفظاً و قول الاصل عدم تعدد الاوضاع مع انه لايفيد علماً و لا ظناً في الامور الواقعية و لايجوز الاستدلال به يعدل عنه لعلة حضور كل فرد عنده سبحانه و حاجته الي اسم و استوائه علي العرش علي ان لنا هنا تفصيلاً اخر نبيّنها هنا مجملاً لقوم يفقهون و المعوّل في التفصيل علي ساير كتبنا و هو ان كل شيء حاضر لدي العالي علي ما هو عليه فالجنس حاضر بابهام جنسيته و النوع حاضر بابهام نوعيته و الفصل بابهام فصليته و الشخص بتعين شخصيته و انما الشخص مادته من الكلي الاعلي و صورته الشخصية من لوازم رتبته فالكلي حاضر لدي العالي بكليته و ابهامه و يحتاج الي اسم مبهم بابهامه و لايحتاج الي اسم مشخص معين و الجزئي حاضر لدي العالي بجزئيته و يحتاج الي اسم جزئي فاذا لاحظ جنس الفاعل يضع له لفظ الفاعل المبهم لا الضارب و اذا لاحظ الضارب يضع له لفظ الضارب لا الفاعل المبهم و انما هو فاعل من حيث المادة فالاصل في كل شيء انيلاحظه الله و يضع له بخصوصه اسماً علي ما هو عليه و يقتضيه هذا في النظر الظاهر و في الحقيقة يعود كل ذلك الي الوضع الخاص و الموضوعله العام فان الملحوظ خاص من حيث نسبته الي الاعلي عام من حيث نسبته الي الاسفل فلاتغفل.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۶ *»
قال: ثم انه يطلق و يراد به الماضي او الاستقبال او الحال او حال التلبس او القدر المشترك بين الاول و الثالث او الثاني و الثالث ثم المبدأ اما من الحاليات او الملكيات او الحرف و النسبة بين الاخيرين عموم من وجه ثم ان استعماله في كل من الماضي و المستقبل يتصور علي وجوه اربعة و في الحال علي وجهين و محل النزاع من تلك الاستعمالات غيرمحرر و الاصل فيه التوقف لقاعدة التوظيف ان لميكن في المسألة قدر متيقن في كونه حقيقة و الا نفينا الحقيقة فيما عداه باصالة عدم الاشتراك و ثمرة النزاع تظهر في كراهة البول تحت الشجرة المثمرة فيختلف الحال بارادة المثمرة فعلاً او ملكةً او نوعاً و كذا في مثل استعمال سؤر اكل الجيف.
اقول: قوله «ثم المبدأ اما من الحاليات» الي اخر يعني به ان مبدأ الاشتقاق اما يكون حالياً اي وجد في حال من الاحوال من دون رسوخ في النفس كقولك زيد اكل حين يأكل او ملكياً بانيكون له ملكة يقتدر بها علي الفعل و ان لميكن الفعل موجوداً بالفعل كالضاحك و هو لايضحك الان او حرفياً بانيكون ذلك صناعته و حرفته و كسبه كالحداد و النجار و النسبة بين الاخيرين عموم من وجه اذ يجتمعان و يفترق كل واحد عن الاخر.
و قوله «ثم ان استعماله» الخ يعني به من خيالاته انه اما يدلّ علي الزمان بنفسه او بلفظ خارج و كذلك يدلّ علي الربط بزمان بنفسه او من الخارج و ذلك ان قولك زيد ضارب امس اما كلمة امس فتدل علي الزمان الماضي و اما ارتباط الحدث به فاما انيفهم من لفظ ضارب او من الخارج فمرة تقول زيد ضارب و مرة تقول زيد ضارب امس و مرة تقول زيد كان ضارباً امس و اما القسم الرابع فانتقول زيد ضارب و تريد منه الان من جهة علاقة كانت بين الضرب و ذات زيد و كذلك زعم الاربع وجوه في المستقبل و اما في الحال فزعم وجهين بانه اما يدلّ علي الحال بنفسه او بلفظ خارج و كل ذلك تشكيكات لاتسمن و لاتغني من جوع و هم بانفسهم تحيروا فيها و ان خرص خارص شيئاً بهذه الادلة الخيالية فهو ظن لايغني من الحق شيئاً و لايجوز انيبتني عليه دين و لا انيفرع عليه فرع.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۷ *»
و الذي يظهر من الاخبار ان المشتق اسم لذات ظهرت بمبدأ ذلك المشتق و ليس فيه ذكر زمان ماض و لا حال و لا استقبال فالضارب ذات ثبت لها الضرب متي ما كان و انما يربط بالاوقات بالفاظ خارجية فقولنا زيد ضارب يعني زيد ذات ثبت لها الضرب ثم لك انتخصص هذا الثبوت باي وقت شئت و الذي حيّر القوم اختلاف صدق المشتقات في امكنة مختلفة في عالم الزمان و غفلوا عن انها واردة علي معني واحد دهري و هو الذات المتصفة كساير الاسماء فانها ايضاً مصاديقها الصفات فاذا زالت زال الصدق فالسارق اذا اتصف بالسرقة هو سارق ما لميتب و الزاني زان اذا زني ما لميتب و المؤمن مؤمن ما لميرتد و الكافر كافر ما لميؤمن و ذوالحرفة متصف بها ما لمينقلع عنها و كذلك ذوات الفصول الدهرية و الاعراض العامة و الخاصة تسمي باسمائها و ان لمتظهر في الدنيا كالانسان حيوان ناطق و ان لمينطق و ضاحك و ان لميضحك و ماش و ان لميمش لثبوتها لذاته في الدهر و من هذا الباب الاشجار التي فصولها المثمرية هي مثمرة و ان لمتثمر بعد و غيرالمثمرة غير مثمرة و اما الحوادث الزمانية التي ليست بذاتيات للشيء و لا دهريات يسمي ظاهراً باسمها ان حدثت كالاكل فان اكل فهو اكل حين يأكل و ان جلس فهو جالس حين يجلس اللهم الا اذا صارت ملكة دهرية او بقي الرضا بها يسمي بها ايضاً و لو انتقل ظاهراً عنها و ان كانت الذات راضية ساكنة مطمئنة علي عمل تسمي به و ان سبق فعله او لميفعل بعد لان ذاته متصفة به دهراً و منع الموانع من ظهوره كقوله سبحانه قل قدجاءكم رسل من قبلي بالبينات و بالذي قلتم فلم قتلتموهم و امثال ذلك في ايات خاطب الله بها الامم كثيرة و انما ذلك لاتصاف نفوسهم بتلك الصفات و ان منع من ظهورها موانع قال الله تعالي لا عدوان الا علي الظالمين و قيل لاحدهما8لا عدوان الا علي الظالمين قال لايعتدي الله الا علي نسل ولد قتلة الحسين7 انتهي و انما ذلك لاجل رضاهم بما فعل اباؤهم.
و يدلّ علي عدم صدق المشتق اذا زال المبدأ بتوبة ما روي عن ابيعبدالله و ابيالحسن8في من افتري علي ولد امرأة زنت و جاءت
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۸ *»
بولد ثم تابت و حدّت ان قال له يا ولدالزني صدق و عزّر و ان قال يا ابنالزانية جلد الحدّ تامة لفريته عليها بعد اظهار التوبة و اقامة الامام عليها الحدّ.
و يدلّ علي اشتراط الرضا في وجود المبدأ ما روي انه سئل ابوعبدالله7 عن ابن المغصوبة يفتري عليه الرجل فيقول يا ابن الفاعلة فقال اري ان عليه الحدّ ثمانين جلدة.
و قوله «و الاصل فيه» الخ لما عجز عن تحرير محل النزاع و رأي الاحتمالات غير نافعة اضطر الي العمل بالاصل فقال لما كان اللغة توقيفية و لميثبت ان المشتق حقيقة في اي شيء توقفنا فان عرفنا له حقيقة اثبتناها و نفينا ماسواها بقاعدة الاصل عدم الاشتراك و اصل عدم الاوضاع المتعددة و قدعرفت منا ان الاستدلال بهذه القواعد في الامور الواقعية خبط عظيم فانها لاتفيد علماً و لا ظناً و لا عملاً.
و قوله «و ثمرة النزاع» الي اخر فقدكفي الله المؤمنين القتال و المأثور ان البول يكره تحتها اذا كانت فيها ثمرها و هو ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن ابائه: قال نهي رسولالله9 انيتغوط علي شفير بئر ماء يستعذب منها او نهر يستعذب او تحت شجرة فيها ثمرتها و عن الباقر7 انما نهي رسولالله9 انيضرب احد من المسلمين خلاءه تحت شجرة او نخلة قداثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها قال و لذلك يكون الشجرة و النخل انساً اذا كان فيه حمله لان الملائكة تحضره الي غير ذلك و كذلك في اكل الجيف فقدقال ابوعبدالله7 كل شيء من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا انتري في منقاره دماً فان رأيت في منقاره دماً فلاتتوضأ منه و لاتشرب الي غير ذلك من الاخبار.
و ان فرض عدم نص مفسر فابتناء احكام الله علي هذه الاوهام الكاسدة التي لايعلم صاحبها من اي الي اي و ينقلب بنفسه فيها بتوالي الايام و اذا اصاب في الواقع خاف انيكون قداخطأ و اذا اخطأ رجا انيكون قداصاب فمما لايجوز و هو العمل بالرأي الذي اخترعه ابوحنيفة و اضرابه و الاجتهاد الذي بناه الثاني فلا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۷۹ *»
بد من الاحتياط عند وقوع التكليف المجمل و عدم وصول التفصيل و الشرح منهم سلام الله عليهم.
قال: و قدذكروا في استعمال المشتق فيما انقضي عنه المبدأ اقوالاً كثيرة و اطالوا الكلام في نقضها و ابرامها و الحق ان المشتق بنفسه لايدل الا علي اتصاف الذات بالمبدأ و تلبسه به كائناً ماكان من دون مدخلية زمان من الازمنة و ذلك للتبادر و عدم صحة السلب و اتفاق النحاة علي افتراق الاسم من الفعل بان الاول لايدلّ علي الزمان وضعاً بخلاف الثاني و هذا نص بالنسبة الي قولهم اسم الفاعل بمعني الماضي كذا و بمعني المستقبل كذا لاحتمال انيكون المراد المعني المجازي و ينفي الحقيقة فيماعدا ما ذكر بالاصل حذراً من الاشتراك و عملاً بتبادر الغير ثم المستفاد من هيئة المشتق ليس الا التلبس بالمبدأ لكن المبدأ ان كان حالياً استفيد التلبس به او ملكياً فكذلك وهكذا لكن مقتضي القواعد اللغوية ان لايفيد المشتق الا الحال المقابل للملكة و الحرفة لما مرّ من ان الهيئة لاتدلّ الا علي التلبس بالمبدأ (بالمواد خل) و لاريب ان المواد كالضرب و العلم و نحوهما كلها حاليات لا ملكيات لكن في بعض المشتقات حصل النقل الي الحرفة كما في اغلب صيغ فعال و في بعضها قداستعملت في الحرفة و الملكة بحيث صارت مشتركة بين الاثنين او الثلثة كما في القاري فانه يراد منه الحال و الملكة و الحرفة و في اي منها استعمل كان حقيقة لعدم صحة السلب فلابد من ملاحظة الموارد.
اقول: قوله «و الحق ان المشتق» الخ فيه اشتباه او مسامحة لان المشتق ليس مدلوله اتصاف الذات بل مدلوله الذات المتصفة بالصفة و المتلبسة بها و بعد الاغماض عنه حق و المشتق موضوع للذات المتصفة المتلبسة بالمبدأ و لا مدخلية فيه للزمان.
و قوله «و اتفاق النحاة» الاستدلال به استدلال بباطل علي حق و اتفاق النحاة في الدرايات لا حجية فيه ابداً فانها اراء و ظنون و اهواء اجتمعت اتفاقاً و ليس النحاة اذا اجتمعوا بحجة الله علي خلقه في قليل و لا كثير نعم رواياتهم اذا لميكن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۰ *»
قرينة علي خطائهم يمكن التعويل عليها.
قوله «و ينفي الحقيقة» يعني اذا صار القدر المسلم المتبادر ذلك فنقول بعدم الحقيقة في غيره لان الاصل عدم الاشتراك و قدعرفت ان هذه الاصول غير كاشفة عن الواقع و لا حجية فيها و لا اذن فيها من الله و حججه سلام الله عليهم فلايجوز الاستدلال بها.
قوله «ثم المستفاد» الخ فيه الاشتباه السابق و يريد انيقول ان المستفاد من نفس المشتق الذات المتلبسة بالمبدأ فان كان المبدأ حالياً او ملكياً او حرفياً اختص التلبس بها من حيث المبدأ.
قوله «لكن مقتضي القواعد اللغوية» الخ يريد انيقول القواعد اللغوية تفيد كون المشتق دالاً علي الحال دون غيرها و لا شيء منها يدل علي ذلك و هو محض خيال.
و قوله «و لاريب ان المواد» الي اخر فيه خطاء ظاهر فان مادة الضرب الضاد و الراء و الباء و الحروف لاتدل علي معني مقرون او غيرمقرون و انما المقرون وجوداً بزمان هو المصدر الذي انكر كونه مشتقاً منه و اختار هذا الرأي فمادة الكلمة لاتدل علي حال و لا ماض و لا استقبال و لا حال و لا ملكة.
قوله «لكن في بعض المشتقات» الي اخر فبعد ما استنبط هذا الاستنباط الخطاء من اهل اللغة و المساكين بريئون من هذا القول و ليس ذلك من علمهم و شأنهم رأي ان بعض الالفاظ يدل علي الملكات و بعضها علي الحرف فخرص انها من باب النقل و الاشتراك و كل ذلك خرص و تخمين غيرصايب و احتمالات حصلت لهم من كثرة القيل و القال و كثرة النزاع و الجدال و الصواب ما قلناه.
قال: اصــل الاصح وضع الالفاظ للمعني اللابشرط لا المعاني الذهنية بوصف وجودها في الذهن و لا للامور الخارجية كذلك و لا التفصيل بين ما لا مصداق له كالمعدوم و غيره و ذلك للتبادر و الاستقراء و الاختلاف في التسمية انما هو لاختلاف الاعتقاد بنفس الامر و لذا يصحّ السلب بعد تبين الخطاء و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۱ *»
لميحكم بامتثال المأمور مضافاً في الاحتمال الثالث الي النقض بمثل المعدوم و تظهر الثمرة في التخطئة و التصويب و في حصول الامتثال في الاتيان بالمعتقد.
اقول: قوله «الاصح وضع الالفاظ» الخ هذه شبهة حصلت للذين قالوا ان الواضع هو البشر فشكّوا في انه هل وضع اللفظ للامور الخارجية ام للامور الذهنية و لو عرفوا ان اللّه عزّوجلّ يري كل شيء في حدّه و محله و ليس لله ضمير و ذهن و لاينطبع في ذاته شيء و هو الواضع الحق وضع الالفاظ علي عين الحقايق الموجودة بحضرته في عوالم ملكه و انه صاغ كل لفظ بحيث يناسب تلك العين الخارجية مادة و صورة فالموضوعله هو الامر الخارجي لمااختلفوا.
قال ابوعبدالله7 يا هشام الخبز اسم للمأكول و الماء اسم للمشروب و الثوب اسم للملبوس و النار اسم للمحرق أفهمت يا هشام فهماً تدفع به و تناضل به اعداءنا و الملحدين مع الله عزّوجلّ غيره قال هشام قلت نعم الخبر و من البين ان المأكول هو الشيء الخارجي لا الذهني و علم منه ان الاعلام توضع للوجودات الخارجية و هي المتبادرة منها و هذه الخيالات غيرمعروفة عند عامة اهل اللغة و كذلك اسماء الله عزّوجلّ موضوعة له سبحانه لا لما في الذهن منه قال الله عزّوجلّ ثم عرضهم علي الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء و قال الرضا7 في الله ليس يحتاج الي انيسمي نفسه ولكنه اختار لنفسه اسماء لغيره يدعوه بها لانه اذا لميدع باسمه لميعرف الخبر و قال ابوعبدالله7 الله يسمي باسمائه و هو غير اسمائه و الاسماء غيره.
فالموضوعله بالكتاب و السنة و العرف الموجودات الخارجية اي الموجودة في حضرة الله عزّوجلّ في اي عالم كانت و هي الموضوع لها نعم ليس معني الخارجية ملحوظاً في الموضوعله بحيث اذا ذكر الموضوع فهم منه معني الخارجية بل يفهم منه الشيء الخارجي فقوله وضع اللفظ للمعني اللابشرط يكون بناءًا علي كون معني مطلق ما في الذهن احد فرديه و ما في الخارج احد فرديه و ليس كذلك بل ما في الخارج زيد و ما في الذهن شبح زيد و لا جامع لابشرط كما زعم.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۲ *»
و قوله «و لا التفصيل» يعني باننقول ان ما لا وجود له في الخارج فلفظه موضوع علي معني ذهني و ما له وجود فلفظه موضوع علي معني خارجي كالمعدوم مثلاً و هذا الكلام ايضاً غلط لانه ان كان في ذهنك شيء فمعناه موجود و ليس بمعدوم مطلق و ان لميكن شيء فلا معني له و ان سميت به وجوداً فهو محض تسمية كتسمية زيد بالممتنع.
و قوله «و ذلك للتبادر و الاستقراء» اما التبادر في ذهنه فلاعبرة به لانه ذهنه قدلوّث بالشبهات و قدسمعت ان المتبادر عندنا ما ذكرنا و الدليل علي صدق ما عندنا الاخبار التي سمعت و اما الاستقراء فنحن قداستقرينا خلافه و صدقنا الله و رسوله فلاحجة في استقرائه.
و اما قوله «و الاختلاف في التسمية» هو جواب عن دليل من زعم انها موضوعة للامور الذهنية فقالوا انا نري ان الانسان يري شبحاً فيقول هذا حجر ثم يدنو منه فيقول حيوان ثم يدنو منه فيقول زيد هو فالاسماء موضوعة لما في الاذهان قال ان هذا الاختلاف لاختلاف الاعتقاد بنفس الامر و لا بأس به.
و قوله «و لميحكم» الخ هو دليل اخر علي ان الالفاظ ليست موضوعة للمعاني الذهنية و يعني به ان العبد اذا امر بانيعطي زيداً درهماً فرأي عمراً و اعتقد انه زيد فاعطاه الدرهم ثم علم ان اخطأ لميمتثل و له انيسترده.
و قوله «مضافاً في الاحتمال الثالث» الظاهر ان الصحيح الثاني كما يظهر من الضوابط و نحو الاستدلال فانه يستدل علي الفريق الثاني و يقول ان لفظ المعدوم لا مصداق له في الخارج فكيف يكون الامور الخارجية مصاديق للالفاظ و هذا خطاء لان الله جلّوعزّ وضع الالفاظ لما حضر بحضرته من صنوف خلقه فمنها حاضرة لديه في الدهر و منها حاضرة لديه في الزمان و منها حاضرة لديه في الاذهان و منها حاضرة لديه في الخارج و قدوضع لكل واحد اسماً فما كان موجوداً في خارج الاذهان وضع له اسماً و ليس معناه ما في الذهن و ما كان موجوداً في الذهن وضع له اسماً و ليس معناه في الخارج و ما كان دهرياً وضع له اسماً و ليس معناه في الزمان و ما كان في الزمان وضع له اسماً و قولنا ان الالفاظ
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۳ *»
موضوعة للمعاني الخارجية اي المعاني الحاضرة في ملكه بذواتها و هي مرادات من حيث الذات مصاديق من حيث الصفة فالمعدوم ان كان له معني في الخارج فمعناه موجود و ان لميكن موجوداً فليس اللفظ للمعاني الخارجية ثم ان كان في الذهن شيء موجود فهو موضوعله و الا فليس اللفظ للمعاني الذهنية ايضاً فافهم و انظر فيه بعين الانصاف تجد حقاً واضحاً لاغبرة عليه.
قوله «و تظهر الثمرة» الخ اقول اولاً ان القواعد التي يستدل عليها من العقل المحض و يرد عليها العقول المختلفة و يكثر فيها التنازع لايجوز تفريع فرع من الدين عليه و هو القول بالرأي في الدين الذي لاشك فيه و ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و الاراء الفاسدة فعن محمد بن حكيم قال قلت لابيعبدالله7 ان قوماً من اصحابنا تفقهوا و اصابوا علماً و رووا احاديث فيرد عليهم الشيء فيقولون برأيهم فقال لا و هل هلك من مضي الا بهذا و اشباهه و قال ابوعبدالله7 من افتي الناس برأيه فقددان بما لايعلم و من دان بما لايعلم فقدضاد الله حيث احلّ و حرّم فيما لايعلم انتهي.
فلافائدة في هذه القواعد الموضوعة بالعقول و لايجوز التفريع عليها في الدين بتةً ولكنا نذكر ما ذكره المصنف و نتكلم فيه بما يقتضيه لان الشارح معذور ففرع عليه ان الذي صلّي مثلاً الي جهة تحري فيها و زعم انها القبلة و صلي ثم بان انه اخطأ فمن يقول ان اللفظ موضوع للذهني يقول جهة القبلة اسم لمااعتقدته و قدصليت الي جهة القبلة و صحيح و من يقول انه موضوع للامر الخارجي يقول قد بان الخطأ فلمتستقبل فاعد صلوتك.
و تالله لاادري اذا حكموا بعقولهم احكاماً هكذا كيف يصير ذلك الحكم شرع محمد و دين محمد9 بل هو دين ذلك الرجل الحاكم بعقله بلاشك كماسيأتيك التفصيل انشاءالله و اما نحن فلما رأينا انهم حكموا سلام الله عليهم بالاعادة لمن استدبر القبلة عرفنا ان الموضوعله هو الكعبة الموضوعة في مكة و هذا لميستقبل شطرها و طابق ساير ما تلونا عليك من الاخبار في ان الموضوعله هو الشيء الخارجي و كذلك حكم من صلي بغيرطهور و في جميع الموارد الشرعية و هي اكثر من انتحصي.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۴ *»
قوله «و في حصول الامتثال» الخ كما مثلنا به ان العبد لو امر بانيكرم زيداً فاكرم عمراً معتقداً انه زيد فعلي الاول هو ممتثل و علي الثاني لميجزئه و هذه هي احكام بها منعت السماء قطرها و الارض بركتها و الي الله المشتكي و عندنا الواجب علي الناس انيكونوا عند ائمتهم كالمقلد عند الفقيه لايقولوا بشيء الا ما سمعوه منهم قال ابوعبدالله7 اما انه شرّ عليكم انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا.
و ان قلت انهم قالوا نحن معاشر الانبياء نكلم الناس علي قدر عقولهم و ماارسلنا من رسول الا بلسان قومه و نحن نفحص عن اللسان اقول هذه المسائل التي تعنونها من الضروريات التي كانت العرب البوالون علي اعقابهم يعرفونها و كان الناس من صنوف الطوائف يعرفونها و جهلتموها انتم و لذا تنازعتم كل هذا التنازع فانتم اجهل الناس او من النظريات فان كانت من النظريات و تنازعتم لغموضها فما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الي الله و ان تنازعتم في شيء فردّوه الي الله و الرسول فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً و اراكم تتنازعون و تستبدون و تضعون القواعد ثم تفرعون ثم تحكمون و تجرون الحكم و توالون عليه و تعادون من غيرحكومة من الله و قضاؤه بينكم فما لكم كيف تحكمون.
قال: الاصح وضع اللفظ للامر النفسالامري لا المعلوم للتبادر و الاستقراء و ذم تارك الفحص و لزوم كون مجهولالحال واسطة بين الفاسق و العادل و النسبة بين هذه المسألة و سابقتها عموم من وجه و الثمرة تظهر في لزوم الفحص و في الشبهة المحصورة.
اقول: هذه المسألة غير المسألة السابقة و قال بينهما عموم من وجه لانه زعم ان كلاً من الذهني و الخارجي يمكن انيكون معلوماً و يمكن ان لايكون معلوماً اما الامر الخارجي فيمكن انيكون معلوماً و غيرمعلوم و اما الذهني فلاادري كيف يكون غيرمعلوم و ان اريد منه الامر الذهني لا من حيث انه معلوم فالعبارة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۵ *»
قاصرة و مراده من الامر النفسالامري حقيقة الامر الموجود لا من حيث انه معلوم و قدعرفت ان الواضع هو الله جلّوعزّ و هو محيط بالاشياء عالم بها و قدوضع الالفاظ للمعاني المعلومة له و اما كون المعلومية جزء الموضوعله فلميثبت و ليس يفهم من الالفاظ بتةً و المتبادر هو نفس الموضوعله سواءاً كان خارجياً او ذهنياً و استدل المصنف بالاستقراء و القياس الاستقرائي يفيد فيما لميستقر و الاستدلال به في الالفاظ شايع و هو من طبع البشر و لا بأس به و كفي التبادر من كل لفظ.
و اما قوله «و ذم تارك الفحص» فهو ليس بامر كلي و قديذم علي الفحص في الشرع قال الله تعالي و لاتجسسوا و قال لاتسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم و قيل لابيعبدالله7 اني تزوجت امرأة متعة فوقع في نفسي ان لها زوجاً ففتشت عن ذلك و وجدت لها زوجاً قال و لم فتشت و قيل لابيعبدالله7 ان فلاناً تزوج امرأة متعة فقيل له ان لها زوجاً فسألها فقال ابوعبدالله7 و لم سألها.
و اما قوله «و لزوم كون مجهول الحال» الخ نعم المجهول واسطة بلاشك عند من يجهل لا عند الله العالم بحقايق الاشياء و الانسان مكلف بما علم فمن علم انه عادل يسميه بالعادل لانه مأمور بذلك لا لاجل ان المعلومية جزء الموضوعله و من علم انه فاسق يسميه بالفاسق لما مرّ و من لايعلم انه كيف هو مأمور انيكفّ عنه كائناً ما كان عند الله قال ابوعبدالله7 لاتصل خلف المجهول و قيل لابيالحسن7 اصلي خلف من لااعرف قال لاتصل الا خلف من تثق بدينه انتهي و لايجوز انتحكم علي المجهول عندك بفسق و لا عدل و اما عند الله فلا مجهول و هو اما عادل و اما فاسق و لسنا بمأمورين بالعمل بعلم الله او بعلم غيرنا.
و قوله «و النسبة بين هذه المسألة» الخ يعني ان الذي قال بان الموضوعله هو الامر الذهني يسعه انيقول هنا ان الموضوعله المعلوم و النفسالامري و كذلك من يقول بوضع الالفاظ للامور الخارجية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۶ *»
قوله «و الثمرة» الخ يقول ثمرة تحقيق هذه القاعدة التفريع عليها فروعاً لاتحصي فان قلنا بان الالفاظ موضوعة للامور المعلومة قلنا لو امر المكلف مثلاً باعطاء درهم لاصولي مثلاً لميجب علي المكلف الاعطاء حتي يعلم ان فلاناً اصولي و لايجب عليه الفحص و ان قلنا ان الالفاظ موضوعة للامر النفسالامري يجب عليه الفحص عنه من باب المقدمة و كذلك من ثمرته الفحص و عدمه في الشبهة المحصورة و الاجتناب من الكل و عدمه.
و عندي كلام في هذا الاصل و غيره من الاصول يأتي انشاءالله في محله و نذكر هنا قليلاً من كثير و هو ان الله سبحانه خلق الخلق لعبادته كما قال ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و لايعبد الا بما فيه رضاه و لايعصي الا بما فيه سخطه و لايعلم رضاه و سخطه الا هو فاصطفي من خلقه رسلاً علّمهم سبل رضاه و سخطه اذ لميكونوا كلهم في درجة النبوة فبعث الرسل اليهم و امرهم بالابلاغ اليهم و امر الخلق باتباعهم الي ان بعث محمداً9 و انزل عليهم ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و قال من يطع الرسول فقداطاع الله ثم نصب الرسول9 بعده خليفته و انزل الله عزّوجلّ انما وليكم الله و رسوله و الذين امنوا الاية ثم قال اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اوليالامر منكم و قال اميرالمؤمنين7 انما الطاعة لله و لرسوله و لولاة الامر و انما امر الله بطاعة الرسول9 لانه معصوم مطهر لايأمر بمعصية و انما امر بطاعة اوليالامر لانهم معصومون مطهرون لايأمرون بمعصية انتهي ثم نهونا عن الاستبداد بالاراء الذي ينافي الطاعة و الانقياد لهم و قال رسولالله9 لا رأي في الدين انما الدين من الرب امره و نهيه و قال ابوعبدالله7 من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر و قال في قول الله عزّوجلّ و من اضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله يعني من يتخذ دينه رأيه بغير هدي من امام من ائمة الهدي الي غير ذلك من الاخبار.
و لميكن يجوز الرأي لائمة الهدي مع ان عقولهم كاملة قال ابوجعفر7 لجابر ياجابر لو كنا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۷ *»
نفتي الناس برأينا و هوانا لكنا من الهالكين ولكنا نفتيهم باثار من رسولالله9 و اصول علم عندنا نتوارثها كابراً عن كابر نكنزها كمايكنز هؤلاء ذهبهم و فضتهم وقال7 ايضاً لو انا حدثنا برأينا ضللنا كماضلّ من كان قبلنا ولكنا حدثنا ببينة من ربنا بيّنها لنبيه فبيّنه لنا الي غير ذلك من الاخبار فكيف يجوز لغيرهم الرأي فيما لا نص فيه و قيل لابيعبدالله7 ان قوماً من اصحابنا قدتفقهوا و اصابوا علماً و رووا احاديث فيرد عليهم الشيء فيقولون برأيهم فقال لا و هل هلك من مضي الا بهذا و اشباهه و قيل له يرد علينا اشياء ليس نعرفها في كتاب و لا سنة فننظر فيها فقال لا اما انك ان اصبت لمتوجر و ان كان خطاء كذبت علي الله الي غير ذلك من الاخبار التي لاتحصي.
و من البيّن ان الامر في وضع اصل و قاعدة بالرأي يتفرع منه الف فرع من الدين اعظم خطراً من القول في مسألة واحدة بالرأي و قال ابوجعفر7 من افتي الناس بغير علم و لا هدي من الله لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه و لا نهاية لهذه الاخبار. فهذا الاصل ليس من البديهيات و الا لما وقع محل الاختلاف و لا حجة لهم عليه من كتاب و لا سنة و الاّ لما كانوا يختلفون فكيف يجوز وضعه بالعقل ثم التفريع عليه و قدقال7 اما انه شر عليكم انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا انتهي و الله المستعان.
و اما نحن فلما رأينا ان الشارع في بعض المواضع عذر الجاهل و في بعض المواضع امر بالتدارك و لميجر علي هذه القاعدة و علمنا ان الدين توقيفي وقفنا موقف امره و نهيه و لمنعمل بالاراء الفاسدة و العقول الناقصة والله المستعان.
قال: اصــل اذا تعارض العرف و اللغة و لميكن للشارع اصطلاح خاص و لا قرينة علي المراد و جهل تاريخ صدور الخطاب ففي تقديم اللغة لاصالة تأخر العرف او العرف كما هو المشهور للاستقراء او الوقف وجوه و الاوجه تقديم اللغة لان مرجع التعارض الي تعارض العرف اللاحق و العرف السابق القريب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه 88 *»
من زمن الشارع نعم لو قال اللغوي في اللغة كذا و في العرف كذا احتمل تقديم العرف.
اقول: لابد لنا اولاً من معرفة اللغة و العرف اعلم ان الله سبحانه كما عرفت هو الواضع للالفاظ علي معانيها و هو اللغة الاولية التي علّمها ادم7 و علّمه بنيه و تفرقوا في اقطار الارض و تكلم كل فريق بما علّمهم ثم حصل في كل فريق اصطلاحات في معان و هي الوضع العرفي و هذا الوضع يتفاوت في البلاد و الاعصار فيتجدد في الامصار بتجدد الليل و النهار حتي خفي عليهم الوضع الاول بحيث احتجب عن الخلق فلايعلم احد ذلك المعني اللغوي الاولي و انما المعروف بينهم ما اصطلحوا عليه في كل عصر و المتبادر بينهم تلك المعاني المصطلحة و علي فرض بقاء معني لغوي بينهم و تبادره في اذهانهم لايدرون ايهما هو و الاصطلاح اعم منه و هو منه فلايدل ما ذكروه من علائم الحقيقة الوضعية علي الوضع الاولي ابداً و قول الاصل عدم تغير العرف عن اللغة قول لايكشف عن الحقائق فلايعلم احد الوضع الاولي الا الله و حججه الي ان بلغ الامر الي الاسلام و اهتمام النفوس بضبط اللغة لضبط الفاظ الكتاب و السنة فكتبوا الكتب في الاعصار و الامصار بعد تتبعهم في عرف زمانهم و لميكونوا يعلمون غيب وضع الله عزوجل و غيب اصطلاح الازمنة السابقة و لميكن بناء العرب علي كتب كتب اللغة فكتب كل مصنف بعد الاسلام اصطلاح بلده و قبيلته و زمانه فهذه الكتب المسماة باللغة كتب المعاني العرفية و اختلافهم في اللغة باختلاف عرفهم كما نصّوا به في مواضع فالبحث عن اللغة كلية نفخ في غير ضرام و المدار علي العرف.
ثم تقسيم العرف بالعرف العام و العرف الخاص ايضاً كلام من لا نظر له في اوضاع العالم و ذلك انه محال انيعرف احد عرف جميع العرب حتي لايشذ منهم شاذ الا المعصوم المحيط و لو ادعي مدع غيره معرفته لايصدق و انما الذي يمكن معرفته المتداول في البلد او القبيلة فكل انسان ينطق بما هو المعروف المفهوم في بلده او قبيلته و ان كتب كتاباً يكتب اصطلاحات بلده و قبيلته و عصره و ذلك امر مشهود في كل لغة حتي انك لاتكاد تجد قريتين متفقتين في جميع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۸۹ *»
الاصطلاحات في لغة من اللغات فادعاء العرفالعام ايضاً غيرمعقول و انحصر الامر في العرف الخاص و جميع كتب اللغة كتب العرف الخاص و هو يختلف في الاعصار و الامصار و لذلك نمنع من كثير من الامور التي يردها الفقهاء الي العرف و نقول انه لا ميزان لذلك و عرف البلاد و الاعصار مختلف فلابد في كل مقام من الرجوع الي القرائن و هي الحمد لله موجودة كثيرة في الكتاب و السنة لايخفي منها الا قليل و انما اقامتها علي الله الشارع المكلف و نبيه المأمور بالابلاغ و حججه المأمورين بالهداية سلام الله عليهم اجمعين و ما يخفي في مورد هو من المتشابهات التي يتوقف عندها قال الله تعالي منه ايات محكمات هن امّ الكتاب و اخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله و قال الرضا7 من ردّ متشابه القرءان الي محكمه فقدهدي الي صراط مستقيم ثم قال ان في اخبارنا محكماً كمحكم القرءان و متشابهاً كمتشابه القرءان فردّوا متشابهها الي محكمها و لاتتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا و قال علي بن الحسين8ان وضح لك امر فاقبله و الا فاسكت تسلم و ردّ علمه الي الله فانك في اوسع مما بين السماء و الارض انتهي.
فقوله «اذا تعارض العرف و اللغة» لايتفق هذا التعارض لعدم العلم باللغة اللهم الا انيقصد باللغة ما في كتب اللغة و اذاً يصعب معني العرف.
و قوله «ففي تقديم اللغة» الي اخر قدعرفت انه لايبقي لوجوهه وجه.
و قوله «و الاوجه تقديم اللغة» علي ما ذكرنا ليس له معني.
و قوله «لان مرجع التعارض» الخ اي تعارض في العرف اللاحق و العرف السابق و الاخبار صدرت علي عرف بلدهم و عصرهم و يجب حملها عليه لا غير.
قوله «لو قال اللغوي في اللغة كذا» الخ اذا قال اللغوي ذلك فمراده كما عرفت عرف بلده و لما كان المتأخر يكتب كتاب اللغة و يجمعه من كتب المتقدمين فربما يقصد باللغة ما نقله من الكتب و بالعرف عرف زمانه.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۰ *»
قال: اصل اذا تعارض عرف السائل و المسـؤل ففي تقديم عرف السائل او المسؤل او بلد السؤال مطلقاً او ان وافق عرف السائل او ان وافق عرف المسؤل او ان وافق عرف احدهما او الوقف او غير ذلك وجوه و الحق ان صور المسألة كثيرة لان كلاً من السائل و المسـؤل اما عالم باصطلاح الاخر او جاهل فهما اما عالمان او جاهلان او مختلفان ثم المسـؤل العالم باصطلاح السائل اما انيعتقد بان السائل ايضاً يعلم اصطلاحه او يعتقد عدم علمه او يشك او لايلتفت الي غير ذلك من الاقسام و المرجع في الكل بناء العرف او حكم القوة العاقلة كما لو كان المسـؤل جاهلاً باصطلاح السائل فانه لايتصور عقلاً حمل كلامه علي اصطلاحه.
اقول: ماادري هذا الاصل ان كان لفهم كلام ساير الناس فاي ربط له بعلم الاصول الذي هو لفهم الكتاب و السنة و ان كان لفهم الكلام مطلقاً و منه كلام الحجج: او لكلام الحجج خاصةً فقداساء الادب ايّ اساءة فان المسـؤل الذي هو حجة الله علي خلقه و قداشهده الله خلق السموات و الارض و تواتر الاخبار بعلمهم بجميع الاشياء و خاصةً بالسنة الخلق كيف يكون جاهلاً بعرف السائلين.
و في العوالم من العيون عن الهروي قال كان الرضا7 يكلم الناس بلغاتهم و كان والله افصح الناس و اعلمهم بكل لسان و لغة فقلت له يوماً ياابن رسولالله اني لاعجب من معرفتك بهذه اللغات علي اختلافها فقال يا اباالصلت انا حجة الله علي خلقه و ماكان ليتخذ حجة علي قوم و هو لايعرف لغاتهم أومابلغك قول اميرالمؤمنين اوتينا فصل الخطاب فهل فصل الخطاب الا معرفة اللغات انتهي والله يقول و ماارسلنا من رسول الا بلسان قومه و رسولنا مبعوث علي جميع الكاينات و كلّهم من امته فكيف لايعلم لسان قوم بعث اليهم أبعث الهندي الي الرومي و لايعرف لسان الروم و هل يتحقق اذاً الابلاغ نعوذ بالله و روي من الاختصاص عن ابيبكر الحضرمي قال قال لي ابوعبدالله7 يا بابكر لايخفي عليّ شيء من بلادكم و عن علي7 في حديث لا مؤمن و لا مؤمنة في المشارق و المغارب الا و نحن معه و قال ابوعبدالله7 ان الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۱ *»
احكم و اكرم و اجل و اعلم من انيكون احتج علي عباده بحجة ثم يغيب عنه شيئاً من امرهم انتهي و الاخبار تزيد عن حد التواتر بمرات.
فحمل المصنف علي الجهل واجب و نسبة الجهل الي الامام المعصوم العالم المحيط فيها ما فيها و حسابه علي الله و مـآبه الي الحجج نعوذبالله من بوار العقل و قبح الزلل و به نستعين و المصنف و اشباهه معذورون في امثال هذه الاقوال لانهم لميكونوا يراجعون الكتاب و السنة و همهم في الجدال الخارجي و لذا لميستكملوا العربية فضلاً عن مراجعة الكتاب و السنة و لميحصل لهم فرصة التفقه و هذه ثمرة الاجتهاد و التشقيقات الواهية.
و اما نحن فنقول ان الله عزوجل لميرسل رسولاً الا للابلاغ و اتمام الحجة و ماكان الله ليضل قوماً حتي يبين لهم ما يتقون فالحجة يتكلم بلسان الرعية حتي يبلغ اليه دين الله و ان كان له في ما يقول اصطلاح خاص فعليه انيفسره حتي يفهمه و هو اعلم بتكليفه و اعمل و جميع ما قال المصنف عندنا كهشيم تذروه الرياح و لايحتاج كلامه الي شرح و هو واضح في غير مذهب المحمد: .
قال: اصــل اطلاق الفاظ الموازين و المقادير علي الناقص او الزايد بيسير انما هو من باب المجاز للتبادر و صحة السلب و لزوم التسلسل لولاه فلا تسامح في الشرعيات و ان حصل التسامح في العرفيات في الامور الحقيرة و ذلك اما للاحتياط او الاصول اللفظية.
اقول: يريد انه قدورد في الشرع الفاظ في الموازين كالحبة و المثقال و في المكائيل كالمدّ و الرطل و الصاع و الوسق و امثالها و في المقادير كالفرسخ و الميل و البريد و امثال ذلك و لاشك انها اسماء لحد معلوم من الوزن و الكيل و المساحات و في العرف ايضاً عند ضبطهم كذلك ولكن نراهم في العرف يستعملون هذه الالفاظ في الانقص من تلك الحدود بقليل و في الازيد بقليل فهل اطلاقهم علي الاقل و الاكثر حقيقة او مجاز فاختار المجاز لتبادر الحدّ المعلوم و صحة السلب عن الانقص و الازيد و للزوم التسلسل يعني ان كان الوسق في الحد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۲ *»
المعلوم حقيقة و في الانقص بحبة حقيقة فكذلك نقصان حبة اخري عند الناقص الاول يسير لايعتني به فيلزم انينتهي كون الوسق حقيقة الي حبة واحدة فلولا المجاز في الناقص انتهي الامر الي صدقه علي الحبة و ذلك باطل فلا تسامح في الشرعيات اما للاحتياط و اما للاصول اللفظية.
و انما قال بالاحتياط لان للخلاف ايضاً عنده وجهاً قريباً و هو ان الشرع انما ورد بلسان الرعية و الرعية لايعتنون بنقصان حبة من صاع و يسمونه صاعاً و لايعتنون بنقصان شبر من المسافة و يسمونها ثمانية فراسخ فاذاً المراد من الفاظ الشارع ايضاً ما عند العرف ولو اراد غيره لنبّه عليه و ذلك من الاصول العملية و يعارضها الاصول اللفظية ان استعمال الالفاظ في الناقص و الزايد عرفية طارية لا حقيقية لان الاصل عدم الاشتراك في الوضع و العرف يطلقون اللفظ في الزايد و الناقص من باب المسامحة و عدم الاعتناء و مع القرائن و من باب المجاز لصحة السلب فلاجل التعارض و عدم الترجيح في نظره قال بالاحتياط.
و قوله «او الاصول اللفظية» يريد ان مقتضي الاصول اللفظية عدم التسامح فان الالفاظ موضوعة علي المقادير المعينة و حقيقة فيها و في الزايد و الناقص مجاز و الاصل حمل اللفظ علي الحقيقة و نحن شاكون في ان العرف يجوزون المسامحة في الشرعيات ام مسامحتهم مخصوصة بالعرفيات فالعمل علي مقتضي الاصول الوضعية هذا تحرير مراده.
و نحن نقول حمل الفاظ الشارع علي العرف كلية لا معني له فان العرف غيرمنضبط و عرف الامصار و الاعصار و القبايل يختلف و لا احد يحيط بجميع الناس و لايتجاوز فهمه عرفه غالباً و حمل الفاظ الشارع علي عرفه يوجب اختلاف الشرايع فيجب سد هذا الباب كلية و اما الحمل علي اللغة فقدذكرنا ان هذه الكتب كتب عرفية لا لغوية اما متأخرة عن الشرع و هي اغلبها و اما نقل من المتقدمين و كونها لغوية غيرمعلوم و جريان الشرع علي هذا الاصطلاح الخاص المتأخر غيرمعلوم فالمدار علي القراين و هي بحمدالله وافرة كمانفهم بها كتب المتقدمين و تواريخهم و اشعارهم و خطبهم علي اليقين العادي و علي ذلك بناء
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۳ *»
العالم و اساس عيش بنيادم فان بقي لفظ احياناً بلا قرينة فهو من المتشابهات فالمدار في ما استبان معناه من كلماتهم علي ما استبان و ما خفي عليك ضوؤه فلابد فيه من التوقف و الاحتياط و يشهد بذلك اخبار التثليث و اخبار ترك العمل بالمتشابه و ردّه الي المحكم.
و نقول كلية كل ما ليس ببديهي من القواعد و هو مطرح انظار العلماء و وقع فيه التناظر و التشاجر يجب ردّه الي الله و رسوله و حججه: فان ظهر لهم فيه حكم فهو المتبع و ان لميحكموا فيه شيئاً علم ان الاعراض عنه اولي و تركه الزم و التكلم فيه غيرجايز و يجب الرجوع اليهم في فروعه فرعاً فرعاً فان ظهر حكم الفرع من اخبارهم و الا اسكتوا عما سكت الله و ابهموا ما ابهمه الله و لاتقولوا فيه بارائكم و عليكم بالكف و التثبت حتي يأتيكم البيان من عندهم هذه هي طريقتنا في جميع القواعد فاحفظها.
قال: اصــل تطلق المتشرعة علي كل من تدين بدين الاسلام ولو عامياً و الحقيقة الشرعية علي كل لفظ استعمله الشارع في المعني الشرعي بطريق الحقيقة تعيينياً ام تعينياً و الشارع علي جاعل احكام الشرع و مخترعها و هو الله سبحانه لا غير نعم الشارع بمعني المبين يمكن اطلاقه علي النبي و اما التفويض الوارد في الاخبار فمن باب الاذن في بيان الاحكام علي طبق الصفات لا جعل الحكم كما يريد.
اقول: قوله «و المتشرعة كل من تدين» فيه عجمة فان العبارة تفيد ان كل فرد متشرعة و هي غلط و المتشرعة صفة الجماعة.
و قوله «و الشارع علي جاعل احكام الشرع و مخترعها» يريد ان لفظ الشارع موضوع لمن خلق احكام الشرع ابتداءاً و اخترعها ابتداءاً من غير اخذ من غيره و هو الله سبحانه و اطلاقه علي النبي9 غلط نعم ان فسر الشارع بالمبين يمكن اطلاقه علي النبي و الائمة: بل علي العلماء ايضاً كما صرح به في الضوابط الي اخر.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۴ *»
قوله «و اما التفويض الوارد» الي اخر فيه ان التفويض ان كان هذا معناه فهو المبين لجميع الشرايع فاذاً ما معني اخبار رويت في الفرق بين ما فرضه الله و ما فرضه النبي9 كماروي عن ابيجعفر7 وضع رسولالله9 دية العين و دية النفس و حرّم النبيذ من كل مسكر فقال له رجل وضع رسولالله9 من غير انيكون جاء فيه شيء قال نعم ليعلم من يطيع الرسول ممن يعصيه انتهي و ذلك لاينطبق علي ما فسره المصنف بالبداهة ولو كان المراد بيان النبي لميكن له خصوصية بدية العين و النفس و قال ابوعبدالله7 ان الله انزل الصلوة و ان رسولالله9 وقّت اوقاتها فاجاز الله له ذلك انتهي و ذلك ايضاً لاينطبق علي تفسير المصنف كماعرفت و قال ابوعبدالله7 ان الله عزوجل فرض الفرائض و لميقسم للجدّ شيئاً و ان رسولالله9 اطعمه السدس فاجاز الله جلشأنه له ذلك انتهي و ذلك ايضاً صريح في ان ما جعله شيء لميقسمه الله و ليس ذلك بمعني البيان و قال ابوعبدالله7 ان الله عزوجل ادّب نبيه فاحسن ادبه فلما اكمل له الادب قال و انك لعلي خلق عظيم ثم فوّض اليه امر الدين و الامة ليسوس عباده فقال عزوجل ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا و ان رسولالله9 كان مسدداً موفقاً مؤيداً بروحالقدس لايزلّ و لايخطي في شيء مما يسوس به الخلق فتأدب باداب الله ثم ان الله عزوجل فرض الصلوة ركعتين ركعتين عشر ركعات فاضاف رسولالله9 الي ركعتين ركعتين و الي المغرب ركعة فصارت عديلة الفريضة لايجوز تركهن الا في سفر و افرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر و الحضر فاجاز الله له ذلك كله فصارت الفريضة سبععشرة ركعة ثم سنّ رسولالله9 النوافل اربعاً و ثلثين ركعة مثلي الفريضة فاجاز الله له ذلك الي ان قال وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان و سنّ رسولالله9 صوم شعبان و ثلثة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۵ *»
ايام في كل شهر مثلي الفريضة فاجاز الله عزوجل له ذلك و حرّم الله عزوجل الخمر بعينها و حرّم رسولالله9 المسكر من كل شراب فاجاز الله له ذلك الخبر فهل تري في ذلك شيئاً يدلّ علي ما فسره المصنف و تري انه صريح في ان ما وضعه النبي9 كان من غير انيكون نزل فيه شيء و اجاز الله له ذلك بعد ما وضع و انما صنع ذلك ليمتحن امثال المصنف و يري هل يتحملون ان رسولالله يمكنه ذلك ام لا فتبين انهم لايتحملون و ينكرون انيكون يسعه ذلك.
و ذكر عند ابيجعفر7 اختلاف الشيعة فقال ان الله لميزل فرداً متفرداً في الوحدانية ثم خلق محمداً و علياً و فاطمة: فمكثوا الف دهر ثم خلق الاشياء و اشهدهم خلقها و اجري عليها طاعتهم و جعل فيهم ما شاء و فوّض امر الاشياء اليهم في الحكم و التصرف و الارشاد و الامر و النهي في الخلق لانهم الولاة فلهم الامر و الولاية و الهداية فهم ابوابه و نوابه و حجابه يحللون ما شاء و يحرمون ما شاء و لايفعلون الا ما شاء و في رواية في البحار و العوالم يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاءوا و لايفعلون الا ما شاء الله عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فهذه الديانة التي من تقدمها غرق في بحر الافراط و من نقصهم عن هذه المراتب التي رتّبهم الله فيها زهق في برّ التفريط و لميوف المحمد حقهم فيما يجب علي المؤمن من معرفتهم ثم قال خذها يا محمد فانها من مخزون العلم و مكنونه و قال ابوجعفر7 ان الله خلق محمداً عبداً فادّبه حتي اذا بلغ اربعين سنة اوحي اليه و فوّض اليه الاشياء فقال ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا وقال ابوجعفر7 من احللنا له شيئاً اصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال لان الائمة منا مفوض اليهم فما احلوا فهو حلال و ما حرّموا فهو حرام و قال ابوجعفر و ابوعبدالله8 ان الله فوّض الي نبيه امر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثم تلا هذه الاية ما اتاكم الرسول الاية الي غير
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۶ *»
ذلك من الاخبار الواردة حد التواتر و جميعها علي خلاف ما فسره المصنف فانه علي تفسيره اياه علي معني المبين بحيث يشمل الفقهاء لايبقي لهذه الاخبار معني و ينبغي طرحها جميعاً و طرح قول المصنف اولي من طرح قول الحجج سلام الله عليهم و لاينافي هذه الاخبار شيئاً من الكتاب و السنة و مؤيدة بهما كما شرحناه في ساير كتبنا و الحمدلله و هي حاضرة منتشرة و لااحب شرح حقيقة الامر هنا ولكن اقول اذا تواتر الاخبار او استفاضت و طابقت الكتاب لايجوز ردّها بالادلة العقلية و لو بني الانسان علي ردّها لاتسع الخرق و زال الاسلام و كما قال ابوجعفر7 الاقرار بهذا التفويض هو الديانة التي من تقدم عليها غرق و من تأخر عنها زهق و تفسير المصنف من عند نفسه و بيّن الخلاف مع الاخبار المتواترة.
و قوله «علي طبق الصفات» هي ما قاله سابقاً علي طبق الصفات الكامنة و صرح في هذا المقام في الضوابط و ماادري ما معني الصفات الكامنة هل المراد بالكامنة التي هي بالقوة فلا اثر لما هو بالقوة او المستورة عن الحواس الظاهرة و نري مناط اغلب الاحكام الصفات الظاهرة المحسوسة بل غيرها نادر و شرح ذلك فيالجملة في الضوابط و قال انه تعالي فوّض بيان الاحكام المخلوقة له تعالي التابعة للصفات الكامنة اليه9 لما اعطاه الله تعالي من القوة القدسية المدركة للحسن و القبح الذاتيين اللذين هما ملزومان للاحكام المجعولة لما ثبت من كون الحسن و القبح عقليين لا انه فوّض الاحكام الي النبي الي اخر كلامه و هذا القول هو مأخذ تجويزهم القول بجواز الاستدلال في دين الله بالادلة العقلية و هو قول يأخذه اخرهم عن اولهم من غير روية و لا حسن و لا قبح لذوات الاشياء و ليس دركهما من شأن العقول الناقصة عند المحمد:.
و يدلّ علي ذلك قول اميرالمؤمنين7 في حديث طويل في الردّ علي اهل الاجتهاد قال7 و من الدليل علي فساد قولهم بالاجتهاد و الرأي و القياس انه لنيخلو الشيء انيكون يمثله علي اصل او يستخرج البحث عنه فان كان يبحث عنه فانه لايجوز في عدل الله تعالي انيكلف العباد ذلك و ان كان تمثيلاً علي اصل فلنيخلو الاصل انيكون حرّم لمصلحة الخلق او لمعني في نفسه خاص فان كان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۷ *»
حرّم لمعني في نفسه خاص فقدكان ذلك فيه حلال ثم حرّم بعد ذلك لمعني فيه بل لو كان لعلة المعني لميكن التحريم اولي له من التحليل و لما فسد هذا الوجه من دعويهم علمنا ان الله تعالي انما حرّم الاشياء لمصلحة الخلق لا للخلق التي فيها و نحن انما ننفي القول بالاجتهاد لان الحق عندنا فيما قدمنا ذكره من الاصول التي نصبها الله تعالي و الدلائل التي اقامها لنا كالكتاب و السنة و الامام و الحجة و لنيخلو الخلق عندنا من احد هذه الاربعة وجوه التي ذكرناها و ما خالفها باطل الحديث وهذا الحديث الشريف صرح بان مدار الاحكام لو كان ذوات الاشياء من حيث انفسها لماكان التحريم اولي بها من التحليل بل المدار علي مصلحة الخلق و لايعلم مصلحة الخلق الا من احاط بالخلق فغلبوا هنالك و انقلبوا صاغرين.
و الاشارة الي شرح ذلك ان لكل شيء حيثين حيث ذاته في ذاته حيث لا ذكر لغيره فيه و حيث اقترانه بغيره اما حيث ذاته في ذاته فهو هو علي ماخلقه الله الحكيم العليم الذي احسن كل شيء خلقه و العدل الذي وضع كل شيء موضعه و اذ لا ذكر لغيره فحرام علي من و حلال علي من أهو حلال انيكون هوهو او حرام انيكون هوهو فلاحلال و لاحرام و ليس التحريم اولي به من التحليل كما قاله7 و نحن نري ان شيئاً كان حلالاً ثم حرمه او كان حراماً ثم حلله و الذات هي هي فتبين انه لا حسن حلال في الذات و لا قبح حرام و اما من حيث الاقتران و تأثيره في غيره فاما يؤثر في غيره تأثيراً موافقاً و هو صلاحه او تأثيراً مخالفاً و هو فساده فيكون الفساد حراماً و الصلاح حلالاً و هذا التأثير لايدركه العقول الناقصة لاسيما في عالم الاعراض فاذا ليس يجوز في عدل الله انيكلف العباد ما لايطيقون و ما لايدركه عقولهم فارسل اليهم الرسل و انزل عليهم الكتب و اخبرهم بما فيه صلاحهم و فسادهم فاين الحسن و القبح الذاتيان و اين قول المصنف الاحكام تابعة للصفات الكامنة فتبين انه اخذ الالفاظ من العامة العمياء من غير روية.
فدع عنك قول الشافعي و مالك | و احمد و المروي عن كعبالاحبار | |
و خذ عن اناس قولهم و حديثهم | روي جدّنا عن جبرئيل عن الباري |
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۸ *»
قال: ثم الالفاظ التي اختلف في ثبوت الحقيقة الشرعية فيها قداستعملت في المعني الشرعي في لسان الشرع ولو مجازاً لا انها باقية علي معانيها اللغوية و الزوايد شروط و قيود فهمت من الخارج كما عن القاضي و ان كان الاصل معه للاتفاق و لزوم عدم كون الاخرس المنفرد مصلياً الا انيجعل الدعاء اعم من اللفظي و القلبي و لان تقييد المطلق بالمنفصل في الاوامر مجاز الا انيكون انكاره لغير مجاز التقييد لانه لاينافي اجراء الاصل في الاركان ثم تظهر الثمرة بينه و بينهم في اجراء الاصل في الاركان و في الحمل علي المعني اللغوي عند فقد القرينة قبالاً للقائل بالحقائق الشرعية.
اقول: يريد ان الالفاظ الواردة في الكتاب و السنة منها ما قدثبت للشارع فيها حقيقة شرعية و وضع شرعي و نقل عن المعني اللغوي و هجر له و ذلك مما لاخلاف في ان استعمالها فيها علي نحو الحقيقة الشرعية و منها ما لميثبت و يشك فيها انه هل لها حقيقة شرعية ام لا فنقل عن بعضهم انها باقية علي المعاني اللغوية و ماجاء في الشرع من الشروط و القيود و الاداب فيها فانما هو من خارج دلالة اللفظ من ادلة اخر و حكي عن الجمهور انها استعملت في معان شرعية ولو مجازاً و ليست هي باقية علي معانيها اللغوية و استدل علي ذلك بادلة منها الاتفاق من الامامية و غيرهم علي ان للشارع في تلك الالفاظ استعمالاً في المعاني المخترعة و هو لايقوم حجة فانه اخبار عن الغيب و منها ان الاخرس مصل عرفاً و لميحصل له معني لغوي للصلوة الا انيجعل الدعاء اعم و قدذكرنا ان العرف لاختلافه ليس بحجة و منها ان الاستعمال في المعني المجازي لازم علي المذهبين فان المراد من المطلق ان كان الاطلاق كان ورود المقيد بعده ناسخاً له و هو خلاف الاجماع فالمراد من المطلق هو المقيد مجازاً فيكون كالجمهور في عدم اجراء الاصل الا انيصدق النادر هذا المجاز و يكون انكاره في استعمال المطلق مجازاً من غير تقييد و هو محض خيال و ان انكر هذا النوع خاصاً لاينافي انكاره اجراء الاصل في الاركان لانه اذا يقول ان المراد من الصلوة مثلاً هو الدعاء فما ثبت ركنيته اخذ به و الا نفاه بالاصل و اما الجمهور فاذا شكوا في ركن لايمكنهم اجراء الاصل لان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۹۹ *»
الاشتغال بالمعني الشرعي ثابت و يستدعي براءة الذمة و جميع ذلك استدلالات وهمية لايجوز التعويل عليها و مرد ما ينازع فيه الي الله و رسوله و لاعبرة باقوال ليس لها في دين الله برهان و البرهان ما جاء من عند الله لقوله تعالي لقدجاءكم برهان من ربكم و هو الكتاب و السنة فهذه الاقوال لا برهان لها الا ادلة وهمية و كل شيء اقامته هذه الادلة كسرته ادلة اخري و لولا تضييع العمر و تسويد القرطاس لابطلنا هذه الادلة ببيانات مثلها.
و في قوله «لان تقييد المطلق» الي اخر عجمة شديدة يستمجها اذان العرب.
قال: ثم بعد ثبوت استعمال الشارع ففي كونه بالوضع في كل الالفاظ تعييناً ام تعيناً او في الفاظ العبادات خاصة او في الالفاظ المتداولة خاصة او في زمن الصادقين مطلقاً لا قبله او في الالفاظ المتداولة في زمن النبي9 و في غيرها في زمن الصادقين او عدم الوضع مطلقاً وجوه و الحق ان ما كان من تلك الالفاظ الواردة في الكتاب و السنة اغلب استعمالاً فيهما في المعني الشرعي من اللغوي حملناه عند فقد القرينة عليه و الا فلا لبناء العرف.
اقول: جميع هذه الاقوال خرص و تخمين لا برهان علي شيء منه في دين الله و رأي منهيعنه و ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الي الله فان رأي صلاح عبيده حكم و ان لمير و سكت فاسكتوا عما سكت الله و لاتكونوا ابرّ بخلق الله من الله و لاارأف بالرعية من رسولالله فلايحل للمتنازعين النطق في شيء سكت عنه الحاكم بالحق و يجب عليهما التوقف حتي يأتيهما البيان.
و ان قلت هذا فحص عن اللغة التي تكلم الشارع بها و يجب علينا معرفة اللغة و ليس من شأن الشارع بيان اللغة قلت ان الشارع لميكلفنا بالتنازع حتي نرد اليه بعد التنازع و انما فرض علينا الرد اليه في كل مجهول و ان عصينا و تنازعنا فرض علينا الرد الي الله و رسوله بقوله و ان تنازعتم في شيء فردوه الي الله و الرسول و الشيء يفيد العموم و قال وما اختلفتم فيه من شيء و هو يفيد العموم.
و ان قلت ان الفقيه في اغلب المسائل يحتاج الي معرفة هذه المسألة بل في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۰ *»
كلها فان لمنتكلم و لمنحقق هذه المسألة لايسعنا التفقه في مسألة فكيف تصنع انت قلت صدقت و لنا قاعدة شريفة مستنبطة من الكتاب و السنة و العقل يستخرج منها هذه المسألة و غيرها و هي انا كنّا قبل بعثة النبي9 اناساً لنا لسان نتكلم به و نعرف لساننا علي ما هو المعروف و لانعرف الهاً و لا رسولاً و لا ديناً نهيم في الفلوات و نمشي في البراري كالبهائم فجاء الينا محمد9 و ادعي الرسالة و قام يخبر عن دين الله و عن شرع الله و احكامه لجميع احوالنا و كان مأموراً من جانب الله انيبلغ الينا ما بعث به و يبينه لنا و يفهمنا اياه تفهيماً لايبقي لنا عذر غداً عند ربنا فنقول انا كنّا عن هذا غافلين او جاء و تكلم معنا بلسان لمنفهمه و ماكنّا نعلم الغيب و ما في قلب رسولك فلابد و انيكون الرسول9 مبلغاً مبيناً دين الله الينا بما يقوم له الحجة علينا و ذلك لايمكن الا انيتكلم بما نفهمه و ان كان له اصطلاح و وضع خاص حقيقة او مجاز لابد له من انينصب قرينة و يفهمنا مراده بالقرائن و يعودنا عليه حتي نفهم و ليس كل حقيقة لايحتاج الي القرينة فان حقيقة مستحدثة لايعرفها المخاطب لابد للمتكلم من نصب قرينة لها حتي يفهم المخاطب فكان الايصال و الابلاغ فرضاً عليه و لميشركنا في تكليفه و لميستعن بنا في ابلاغه فعليه التفهيم باي نحو كان و باي نحو يري الصلاح فيه و جميع اهل الاعصار رعيته و هو الرسول المخاطب بان عليك الا البلاغ و النازل اليه قل فلله الحجة البالغة فذلك اليه و هو معصوم لايعصي فاذا قام بين ظهرانينا و قال افعلوا كذا و كذا فاما يخاطبنا بلساننا فنعمل بما نفهم و هو عند عدم نصب قرينة علي ارادة خلاف ما عندنا و ان كان مراده غيره فانما ينصب قرينة علي ان مرادي غير ما تفهمون و هذا فرض عليه و خلافه عصيان و لايعصي.
قال ابوجعفر7 ليس علي الناس انيعلموا حتي يكون الله هو المعلم لهم فاذا علمهم فعليهم انيعلموا و قال ابوعبدالله7 ان الله احتج علي الخلق بما اتاهم و عرفهم و قال ليس لله علي خلقه انيعرفوا و للخلق علي الله انيعرفهم و لله علي الخلق اذا عرفهم انيقبلوا و قال ابوعبدالله7
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۱ *»
في قول الله و ماكان الله ليضل قوماً بعد اذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون قال حتي يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه و قال في قوله فالهمها فجورها و تقويها قال بيّن لها ما تأتي و ما تترك و قال في قوله انا هديناه السبيل الاية عرفناه اما اخذ و اما ترك و قال ماحجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم.
فنحن نقوم مقام تفهيمه و تعليمه فكل ما افهمنا و علّمنا عملنا به و نحمد الله علي ما هدانا و نشكره علي ما ابلانا فلما ذهب اقام بيننا وصياً قائماً مقامه في الايصال و الابلاغ و التفهيم وهكذا في كل عصر و انزل الله في كتابه انما انت منذر و لكل قوم هاد و قال وماكان الله ليضل قوماً بعد اذ هديهم حتي يبين لهم ما يتقون و قال ثم ان علينا بيانه فلانحتاج الي هذه القواعد الوهمية و الاراء الكاسدة و انما عليهم التفهيم و علينا الفهم.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا | و ان لميكن فهم فيأخذه عنا | |
و ما ثم الا ماذكرناه فاعتمد عليـ | ــه و كن في الحال فيه كما كنّا |
و قوله «و الحق» الي اخر الحق انه اذا اقامه الله علي الصراط و قال ءالله اذن لكم ام علي الله تفترون لايقدر انيقول انت اذنت لي فان الكتاب و السنة يكذبانه و لايقدر انيقول قلت برأيي لما سمعت و ستسمع من الاخبار هذا و الالفاظ التي هي اغلب استعمالاً في المعني الشرعي لاتوقف علي حد معين و يكثر الاشتباه في كثير من الالفاظ و يكثر فيها الاختلاف و غلبة الاستعمال ليس بدليل الهي و ادعاء حصول الظن ادعاء حصول ما ليس يغني من الحق شيئاً بنص الكتاب.
و قوله «لبناء العرف» باي كتاب و سنة يكون بناء العرف دليلاً و متي صار العوام ائمة الخواص حتي يقتدي بهم و قدمثّل في الضوابط بان اطباءنا اليوم يحملون اللفظ في كتاب افلاطون علي مصطلح الاطباء ولو اقامه الله علي الصراط و قال له لم حملت هذا اللفظ علي مصطلح المتشرعة و اجاب لان اطباء بلادنا يحملون الفاظ كتاب افلاطون علي مصطلح الاطباء لايسمع منه ذلك و متي صار الاطباء و المنجمون و امثالهم ائمة الفقهاء في امر الدين هذا و هو تهمة علي الاطباء فان عرفوا كلام افلاطون بالقرائن و الا يعدونه من المتشابهات و لايقتلون نفساً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۲ *»
زكية بهذه المحامل الواهية و لايسقون المريض المسلم دواءاً لايعرفون انه سم او غير سم و يخافون من قتل الابدان و علي الفقهاء ايضاً انيخافوا من قتل الارواح.
قال: و المتمسك للاثبات المطلق باللطف لشدة الحاجة و عدم تجشم القرائن كثيراً او بالاستقراء في احوال المصطلحين الواضعين المقتضي لتحقق الوضع تعييناً او بان ثبوتها في بعض الالفاظ كالصلوة قطعي و يتم في غيره بالاجماع المركب لان التفاصيل لمتكن و انما نشأت من المتأخرين و القلب بضميمة الاصل واضح الفساد او بثبوت مسميات بعض تلك الالفاظ في الامم السابقة و الظاهر انهم كانوا يعبرون عنها في لسان العرب بتلك الالفاظ و لميحصل في شرعنا اختلاف في المسمي بحيث يوجب اختلاف الوضع و لمنجد مفصلاً بين الالفاظ من تلك الجهة او بذهاب المشهور الموجب للظن في الموضوع المستنبط بل استفاض نقل الاجماع علي الثبوت او علي الحمل علي المعني الشرعي او بان العرف العام و المتشرعة يحملون تلك الالفاظ الواقعة في الكتاب و السنة و غيرهما بمجرد سماعها علي المعني الشرعي مدفوع بان اللمي الظني لا حجية فيه و تجشم القرائن كثيراً انما يلزم اذا كان الاستعمال في المعني الشرعي اكثر من اللغوي لا في العكس فانه بالعكس و لا مع التساوي و فقد المرجح و بان الاستقراء انما يتم في ما كثر استعماله لا مطلقاً بل مقتضي الاستقراء و تأخر الحادث كون الوضع حاصلاً من كثرة الاستعمال لا التعيين و بان عدم وجود القول بالفصل بين القدماء ممنوع و عدم الوجدان لايدل علي العدم ثم انحصار القول بينهم في الاثبات المطلق و النفي المطلق ممنوع فلعل احد القولين فيهم بعد تسليم انحصار قولهم في اثنين هو التفصيل ثم حجية الاجماع المركب مع عدم الكشف ممنوعة فانا نري بناء العرف علي عدم ثبوت الحقيقة في الالفاظ النادرة الاستعمال و بان عدم اختلاف الوضع باختلاف الكيفية ممنوع ثم وجود الاجماع المركب هنا بل و حجيته هنا ممنوعة كما مرّ و بان الوصف من الشهرة بعد ما عرفت من طريقة العرف غيرحاصل و نقل الاجماعات علي الحمل علي المعني الشرعي لايدل علي الوضع و بناء العرف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۳ *»
العام او المتشرعة علي الحمل علي المعني الشرعي مطلقاً بعد التفاتهم الي كثرة الاستعمال و ندرته ممنوع مع ان الحمل اعم من الوضع.
اقول: قد بيّنا سابقاً ان جميع ما ليس لقائله برهان في دين الله من كتاب و سنة خرص و تخمين منهيعنه و لا احد يحيط بان للشارع في جميع امور دينه اصطلاحاً خاصاً ام لا ام له في بعضه اصطلاح و في بعضه لا و هل صار الاصطلاح بالتعيين او بالتعين و هل كان علي الحقيقة او علي المجاز و في اي يوم و تاريخ صار حقيقة عرفية بعد ما كان مجازاً قل لايعلم من في السموات و الارض الغيب الا الله و لايمكن الاستدلال بالاصول علي الامور الواقعية و جميعها خرص و ظن لايغني من الحق الواقع شيئاً و لميقم علي شيء دليل خرصي الا و كسره دليل خرصي اخر كما تري ان المثبتين استدلوا بان من لطف الله وضع الالفاظ و نحن شديد الحاجة الي الفاظ لمعان شرعية حتي لانحتاج الي تعب طلب قرائن كثيرة و ماادري مناسبة لفظ التجشم الذي ذكره المصنف و التجشم هو التكلف و تحمل شيء بعنف و ليس عليه تحمله و طلب القرائن تكليفه لا تكلفه.
و ردهم النافون بان هذا الدليل لمي ظني و الاستدلال به ليس بحجة في الموضوعات الجزئية و بان تكلف طلب القرائن يكون اذا كان مع عدم الوضع الاستعمال في الشرعي اكثر و اما في عكسه فيكون علي فرض الوضع تكلف القرائن لفهم المعني اللغوي فيوجب ذلك عدم النقل عن اللغوي و في عبارته هنا قصور و مع التساوي يجب التوقف فلا وجه لاطلاق الاثبات.
و استدلوا بالاستقراء في ارباب العلوم و الصنايع فانهم يضعون الفاظاً ثم يستعملونها فالشارع ايضاً هكذا و ردّهم النافون بانا استقرينا بخلاف ذلك بان بناءهم علي المجاز حتي يصير حقيقة و الوضع حادث و الاصل تأخره هذا و دليلكم ان سلمناه يجري فيما كثر استعماله لا مطلقاً.
و استدلوا بان الحقيقة في بعضها ثابتة ففي الكل بالاجماع المركب يوم اول و التفاصيل من المتأخرين و قلب القضية بان عدم الحقيقة في بعض ثابت لان الاصل تأخر الحادث ظاهر الفساد لان الثبوت في بعضها قطعي و عدم الثبوت في النوادر يثبت بالاصل و هما لايتعارضان و ردّهم النافون بانا لانسلم عدم القول الفاصل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۴ *»
في القدماء و عدم الوجدان لايدل علي عدم الوجود و اجماعكم لايكشف عن قول المعصوم فلاحجية فيه.
و استدلوا بان بعض تلك الالفاظ كانت في الامم و في العرب في الجاهلية و شرعنا لميغير تلك المعاني كل تغيير و لمنجد مفصلاً في الزمان بين الفاظ كانت في الامم حقيقة و الفاظ لمتكن فبالاجماع المركب كل الفاظ الشرع هكذا و ردّهم النافون بالمنع من عدم تغيير المعاني و باحتمال وجود المفصل و بمنع كشف هذا الاجماع عن قول المعصوم و بانه لا معني لادعاء الاجماع مع هذا الاختلاف الكثير.
و استدلوا بذهاب المشهور و بالاجماع المنقول و ردّهم النافون بعدم حصول الظن من هذه الشهرة لبناء العرف علي التفصيل و الفرق بين النادرة الاستعمال و الكثيرة الاستعمال و الاجماع علي الحمل لا علي الوضع.
و استدلوا بان الناس يحملون الالفاظ علي الشرعيات و ردّهم النافون بان حملهم جميعها ممنوع و غاية ما في الباب بناؤهم علي الحمل و هو غير الوضع.
فاعتبروا يا اولي الابصار هل يمكن بناء الدين علي هذه الخيالات و الاراء التي لاتقف علي حدّ و ليس عليها مسحة من قول الله و لا من قول رسوله و حججه: و هل بهذه الادلة يستكشف غيب ما في صدر النبي9 او غيب ما في اللوح المحفوظ و هل يعلم ما في لوح علم الله الا باخبار الله و هل يعلم ما في صدرالنبي9 الا باخباره او اخبار نفسه ما لكم كيف تحكمون ام لكم كتاب فيه تدرسون ان لكم فيه لما تخيرون ام لكم ايمان علينا بالغة الي يوم القيمة ان لكم لما تحكمون سلهم ايهم بذلك زعيم ام لهم شركاء فليأتوا بشركائهم ان كانوا صادقين و ليس استدلال المثبتين مما يجوز التعويل عليه و لا ردّ النافين و الحق ما ذكرنا مما استنبطنا من الكتاب و السنة من التفويض الي الرب العدل الرءوف و النبي المعصوم العطوف و الولي الألوف و عليهم الابلاغ و التفهيم و لميكلفونا استخراج الغيب و انما الغيب لله فما افهمونا و علّمونا بتقرير افهامنا او بتعليم خاص نعمل به و ما لميفهمونا فالناس في سعة ما لميعلموا.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۵ *»
قال: و لو تمسك النافي المطلق بالاصل فقداندفع بما مر او بان الشارع لو وضعها لبيّنها للحاضرين لكونهم مكلفين بمضامينها و لو بيّنها لنقل الينا لمشاركتنا معهم في التكليف و لو نقل لكان اما بالتواتر فينافيه وجود الخلاف او بالاحاد فلاتفيد الا الظن الذي ليس حجة في المسألة الاصولية ففيه منع الملازمة الاولي ان اراد من البيان تصريح الشارع بالوضع لامكان تفهيم المراد بالترديد و القرائن و الثانية ان اراد من البيان غير التصريح اذ المشاركة لايقتضي النقل الينا و الا لعم الكل و علمنا بكل الاحكام فالمشاركة انما تقتضي استفراغ الوسع في تحصيل العلم بما كلفوا به فان علمنا عملنا و الا رجعنا الي الاصل علي ان غاية ذلك انه يجب عليهم التبليغ و التكليف بالشيء لايقتضي حصوله مضافاً الي منع الملازمة الثالثة اذ لاينحصر النقل في التواتر و الاحاد لامكان حصوله بالتتبع و الاجتهاد و الي ان التواتر لاينافيه وجود الخلاف و الاحاد قدتفيد العلم و ان الظن في الموضوع المستنبط كما نحن فيه حجة و ان هذا لو تمّ لنفي التعيين لا التعين.
اقول: ثم توجه المصنف الي قول النافين مطلقاً و ذكر ادلتهم فمنها ان الاصل عدم الوضع تعيينياً و تعينياً و ردّه بانا بالاجتهاد علمنا ثبوت الحقيقة في متكرر الاستعمال و منها انه لو وضع لبيّن و مابيّن و ردّ قوله لو وضع بانه لايجب التصريح بالوضع و يكفي التفهيم باي نحو كان و ردّ قوله و لو بيّنها بان المشاركة في التكليف لايقتضي النقل و الا لعلم جميع المكلفين جميع الاحكام فالمشاركة مقتضاها وجوب طلب العلم علينا و غاية هذا الدليل انه يجب عليهم الابلاغ و ابلاغهم لايوجب ابلاغ الناس الينا و امتثالهم الامر مع ان المشاركة ممنوعة فانهم مكلفون بالواقع و نحن مكلفون بالظاهر و ردّ قولهم و لو نقل بمنع انحصار النقل بالتواتر و الاحاد لامكان حصول المعرفة بالتتبع و الاجتهاد.
و جميع ذلك عند المحمد: كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لايقدرون علي شيء لقول ابيعبدالله7 يهلك اصحاب الكلام و ينجو المسلمون ان المسلمين هم النجباء يقولون هذا ينقاد و هذا لاينقاد اما والله لو علموا كيف كان اصل الخلق لمااختلف اثنان وقال ابوعبدالله7 متكلموا هذه العصابة من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۶ *»
شرار من هم منهم انتهي و لاتقل ان ذلك مخصوص بعلم الكلام لوجهين احدهما انكم لاتنجون منه علي اي حال فان اغلب مسائلكم من الكلام و ثانيهما ان الكلام يوم اول كان يطلق علي مقال اصحاب الاراء في الدين كائناً ماكان بقرينة النواهي المتواترة عن الخصومات و المجادلات و الممارات في الدين و قيل لابيعبدالله7 اني سمعتك تنهي عن الكلام و تقول ويل لاصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد و هذا لاينقاد و هذا ينساق و هذا لاينساق و هذا نعقله و هذا لانعقله فقال7 انما قلت ويل لهم انتركوا ما اقول و ذهبوا الي ما يريدون انتهي و هؤلاء تركوا ما قال الصادق7 و ذهبوا الي ما يريدون و ذكر مؤمن الطاق عند ابيعبدالله7 فقال بلغني انه جدل قيل اجل قال اما لو شاء طفل من مخاصميه انيخصمه فعل قيل كيف قال يقول اخبرني عن كلامك هذا من كلام امامك فان قال نعم كذب علينا و ان قال لا قال له كيف تتكلم بكلام لايتكلم به امامك و في رواية فقال يقول له الصبي اخبرني عن امامك امرك انتخاصم الناس فلايقدر انيكذب عليّ فيقول لا فيقول له فانت تخاصم الناس من غير انيأمرك امامك فانت عاص فيخصمه الي ان قال فان الكلام و الخصومات تفسد النية و تمحق الدين و هذان الحديثان ظاهران في ان الكلام مطلق التكلم في امور الدين و كتب الي ابيالحسن7 انه روي عن ابائك: انهم نهوا عن الكلام في الدين فتأول مواليك المتكلمون بانه انما نهي من لايحسن انيتكلم و اما من يحسن انيتكلم فلمينهه فهل ذلك كما تأولوا ام لا فكتب7 المحسن و غيرالمحسن لايتكلم فيه فانما اثمه اكبر من نفعه و قال7 لعلي بن يقطين مر اصحابك انيكفوا السنتهم و يدعوا الخصومة في الدين و يجتهدوا في عبادة الله عزوجل انتهي.
فهذه المباحثات و المكالمات مما لميأذن الله و رسوله9 به بل نهوا عنه نهيهم عن الميتة و الدم و لحم الخنزير و شر علي اصحابنا انيقولوا بشيء مالميسمعوه من المحمد: و لاتقف ما ليس
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۷ *»
لك به علم ان السمع و البصر و الفؤاد كل اولئك كان عنه مسـؤلاً.
قال: او بلزوم كون تلك الالفاظ غيرعربية اذ العربية فرع الوضع في لغة العرب فيلزم كون القرءان غيرعربي لاشتماله عليها و ينافيه قوله تعالي انا انزلناه قرءاناً عربياً ففيه بعد النقض بمثل المشكوة و عدم تماميته اذا كان الواضع هو الله سبحانه منع الملازمة الاولي اذ المعتبر في الانتساب الي اللغات كون اللفظ موضوعاً فيها و تلك الالفاظ قدكانت موضوعة في اللغة للمعاني اللغوية و ان اردت الحقيقة في الحال لزم عدم كون الاعلام المنقولة عن المعاني اللغوية عربية و الثانية اذ المراد انه عربي الاسلوب و منع بطلان التالي و الضمير في الاية الكريمة اما راجع الي السورة بتأويل المنزل او الي بعض القرءان و القرءان يصدق علي البعض حقيقةً.
اقول: هذا دليل ثالث للنافين مطلقاً فقالوا اذا قلنا بالوضع من الشارع المبين لكانت تلك الالفاظ غيرعربية فردّ ذلك المصنف بنقض دليله بانا سلمنا ما تقول فما تصنع بمثل المشكوة و القسطاس و السجيل فانها غيرعربية و بعدم تمامية دليله لانه اذا كان الواضع هو الله فالمعتبر في العربية استعمالهم لا وضعهم و هو حاصل.
و قوله «منع الملازمة» مبتدأ مؤخر خبره فيه المقدم في صدر العبارة و هو رد اخر و يقول يكفي في الانتساب كون اللفظ موضوعاً في تلك اللغة لمعني و هو حاصل مع ثبوت الحقيقة و ان اردت الحقيقة في الحال فالاعلام غيرعربية.
و قوله «و الثانية» عطف علي الاولي يعني نمنع الملازمة الثانية و هو قوله كون القرءان غيرعربي بان المراد بالعربية ان القرءان عربي الاسلوب.
و قوله «و منع بطلان التالي» عطف علي منع الملازمة الاولي اي فيه منع بطلان التالي و هو بطلان كون القرءان غيرعربي و يجوز انيكون القرءان غيرعربي و ان قيل فما تقول في الاية يجاب عنه بان الضمير راجع الي السورة بتأويل المنزل لذكورة الضمير او الي بعض القرءان و القرءان يصدق علي البعض و في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۸ *»
هذه الادلة و ردها معتبر للعاقل و مؤدي هذه المجادلات انكار كون القرءان عربياً و الله يقول لسان الذي يلحدون اليه اعجمي و هذا لسان عربي مبين و قال انا انزلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون و الضمير راجع الي الكتاب و هل يشك عاقل في ان القرءان جميعه عربي و هل العربي الا ما يتداوله العرب كائناً ما كان معرباً او غيره أوليس جميع الالسن هكذا و يسمي باسمها ما يتداوله اهلها و يعرف معانيها و يجري عرفهم عليها أبهذه الادلة يستخرج غيب نفس رسولالله او الله في وضعهما الالفاظ و عدم وضعهما و لا دليل لاحد الفريقين من كتاب و سنة و لايكشف هذه الاصول و هذه التلازمات عن غيب الله.
قال: ثم علي القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية يكون المعني الشرعي اقرب المجازات لثبوت الحقيقة عند المتشرعة و حقيقية اكثرها ثابتة في زمان الصادقين و ذلك يكشف عن ان تلك المعاني المجازية كانت اظهر من غيرها من المجازات اللغوية اذ لو كان غيرها اظهر او مساوياً لبعد صيرورتها حقيقة في تلك المعاني في هذا الزمان القليل و علي القول بالثبوت يكون المعني اللغوي اقرب المجازات لاستصحاب ظهوره بالنسبة الي ساير المعاني الا انيدفع بارتفاع سببه و هو الوضع و الحق انه ان علم صدور اللفظ في زمن الشارع حمل مع قيام القرينة علي عدم ارادة المعني الشرعي علي المعني اللغوي لبعد خروج اللفظ عن ظهوره في الزمان القليل او بعد زمان طويل فمجمل ثم انهم ذكروا ان ثمرة النزاع في اصل المسألة انه علي القول بعدم الثبوت تحمل تلك الالفاظ اذا وردت في الكتاب و السنة مجردة عن القرينة علي اللغوية و علي القول بالثبوت بالوضع التعييني علي الشرعية او التعيني فمع معلومية تاريخ صدور الخطاب و حصول الوضع ولو بضميمة اصالة تأخر الحادث يعمل علي وفقه و مع جهلهما يتوقف لتعارض الاصلين و فقد المرجح ولو قيل هذا التفصيل يجري في التعييني ايضاً لامكان تأخره عن بعض الاستعمالات مع انه لو كان الواضع هو النبي كيف يحمل الفاظ الكتاب عليه قلنا ان الاستقراء في احوال الواضعين يقتضي تقديم الوضع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۰۹ *»
علي كل الاستعمالات حذراً من اللغوية و ان الكتاب نزل باصطلاحه.
اقول: هذا الكلام من المصنف مشعر بتردده في الثبوت و النفي و اراد تحصيل النتيجة منهما جميعاً فقال علي القول بعدم الثبوت يكون المعني الشرعي اقرب المجازات و هو خطاء محض الاتري ان الصلوة بمعني الدعاء و هذه الاركان و التفاصيل في اربعة الاف حكم ابعد المجازات الذي لايخطر في خلد احد و الزكوة بمعني النما و اخذ واحد من اربعين و واحد من عشرة مثلاً في تلك الاحكام لايخطر ببال احد و علي هذه فقس ماسواها و دليله علي ذلك بديهي البطلان.
و قوله «علي القول بالثبوت يكون المعني اللغوي اقرب المجازات» هو ايضاً خبط لما عرفت ان بينهما بون بعيد.
قوله «و الحق» الي اخر يقول اللفظ الصادر في زمن الشارع ان قام قرينة علي عدم ارادة الشرعي حمل علي اللغوي و اللفظ الصادر بعد زمان طويل مجمل بتلك الادلة التي ذكرها و الزمان الطويل ما حده و هل يوقف عليه و هل يمكن تحديده ثم ذكر ثمرة النزاع في اصل المسألة انه علي النفي اللفظ الخالي عن القرينة محمول علي اللغوية و علي الثبوت بالوضع التعييني محمول علي الشرعية و ان قيل بالوضع التعيني فان علم تاريخ الصدور و تاريخ حصول الوضع يعمل علي حسبه يعني اذا تقدم الصدور لايحمل علي الشرعية و اذا تأخر يحمل و مع الجهل يتوقف و باقي العبارة ظاهر في مراده.
و لعمري لايكشف شيء من هذه الادلة و الاصول عن الواقع و عن غيب علم الله و غيب صدر الرسول9 و كيف يمكن ذلك بهذه الادلة الوهمية التي لاتورث علماً بل و لا ظناً و لايزيد اصحابها الا تحيراً و شكاً و قدقال ابوعبدالله7 من شك او ظن فاقام علي احدهما فقدحبط عمله ان حجة الله هي الحجة الواضحة و ليست هذه المسائل بادني من حصاة و نواة و قدروي انه سئل ابوجعفر7 عن ادني ما يكون به العبد مشركاً فقال من قال للنواة حصاة و للحصاة انها نواة ثم دان به و سئل ابوعبدالله7 عن ادني ما يكون به الانسان مشركاً فقال من ابتدع رأياً فاحب عليه و ابغض عليه و قال رسولالله9 كل محدثة بدعة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۰ *»
و كل بدعة ضلالة انتهي و كل هذه المسائل محدثات بالاتفاق و ليقض العجب منصف ان هؤلاء قالوا ان الاخبار ظنية و لاينبغي الاستدلال بها في الاصول فحادوا عن الاخبار و غاصوا في لجج هذه الاوهام و الشكوك و ظنوها بل سموها ادلة عقلية مورثة للقطع و بنوا عليها و ذلك جزاء من يحيد عن الاخبار الساطعة الانوار والله المستعان في درك الحق و الصواب.
قال: اصل بعد اتفاقهم علي تصرف الشارع في تلك الالفاظ اما بطريق التقييد او النقل او المجاز اختلفوا في ان المراد منها الصحيح او الاعم و لاريب ان حقيقة المتشرعة ميزان للعلم بمراد الشارع فكلما كان اللفظ حقيقة فيه عند المتشرعة كان هو المستعمل فيه اللفظ عند الشارع علي القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية اما لظهور مركب الاجماع او لاقتضاء الوضع التعيني ذلك لبعده عن مغايرة الاستعمالات المجازية للحقيقة الثابتة من كثرة الاستعمال و كذا علي القول بالثبوت للوجهين مع الاولوية بالنسبة الي المجاز نعم علي التقييد لايجري نزاع الصحيح و الاعم لتساويهما في اجراء اصل العدم و حصول البيان فلايترتب علي النزاع ثمرة و ظهر من ذلك جريان هذا النزاع علي القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية و يرجع الكلام الي تعيين اقرب المجازات و اشيعها و يكفي في صدق الاسم الحقيقة فيالجملة ولو عند المتشرعة و اما تعيين الاقرب الاعتباري بالاصل و تحصيل معرفة الماهية بذلك فهو فرع اعتبار القرب الاعتباري.
اقول: هذا اصل اخر كثر نزاعهم فيه و كثر تفريعهم عليه يقول ان الاصوليين اتفقوا علي ان الشارع تصرف في الالفاظ الشرعية المستعملة له مجملاً و ان اختلفوا في ان تصرفه هل كان بطريق التقييد كما هو مذهب النادر او بطريق النقل و الوضع كما هو المشهور او المجاز كما هو مذهب اخرين فبعد الاتفاق علي تصرف ما لابد لنا من اننعرف مراده منها هل هو المرادات الصحيحة في الواقع ام اعم من الصحيحة الواقعية و الفاسدة الواقعية ثم قالوا لابد لهذه المعرفة من ميزان و ميزانها الحقيقة المتشرعية و قول المصنف حقيقة المتشرعة فيه عجمة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۱ *»
فما كان حقيقة الصلوة عند المتشرعة هو ما استعمل الشارع لفظ الصلوة فيه و هو خبط عشواء لان المتشرعة مختلفون في اغلب المسائل ان لميكونوا مختلفين في كلها و باختلافهم يختلف الحقايق عندهم فليس ميزانهم ميزان عدل.
قوله «علي القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية» يعني اذا نفينا الحقيقة نستدل بان الحقيقة المتشرعية هي المستعمل فيها عند الشارع لظهور الاجماع المركب في ذلك فان كل من قال بان المستعمل فيه مجاز قال هو الحقيقة المتشرعية و لان الوضع التعيني عند المتشرعة بعيد انيغاير الاستعمال المجازي للشارع.
و قوله «و كذا علي القول بالثبوت» للاجماع المركب فان كل من قال بثبوته قال بانه هو ما عند المتشرعة و للدليل الثاني المذكور و مع الثبوت اولي.
قوله «نعم علي التقييد» الخ يعني اذا قلنا بالتقييد كما قال النادر الذي مرّ ذكره و هو قول ان الالفاظ مستعملة في اللغوية و القيود و الشروط تثبت من الخارج لايجري نزاع الصحيحي و الاعمي فان المعني اللغوي منفي عنه الصحة و الفساد الشرعيان الجاريتان في المعني الشرعي لتساويهما في اجراء اصل العدم يعني علي القول بالتقييد اذا شككنا في شرطية شيء و جزئيته قلنا بان الاصل عدمه علي القولين و يحصل البيان و بعد حصول البيان لا فرق بين الصحيح و الاعم لاجراء اصل العدم في الزايد علي القولين.
قوله «و ظهر من ذلك» الي اخر يعني ظهر من كون الحقيقة المتشرعية ميزاناً للعلم بمراد الشارع باتحاد الزمانين و ظهور الاجماع المركب و اقتضاء الوضع التعيني ان نزاعهما يجري علي القول بعدم الثبوت و استعمال الشارع الفاظه مجازاً.
قوله «و يرجع الكلام» الي اخر يعني بعد ما عرفت ان ثمرة هذا النزاع تظهر علي القول بثبوت الحقيقة نقول كذلك علي القول بعدم ثبوت الحقيقة و حينئذ يرجع الكلام الي تعيين اقرب المجازات فان الاستعمال في المجاز مسلم و الشك في اقرب المجازات و لا شك ان ما عند المتشرعة اقرب فيرجع الاختلاف في الحقيقة المتشرعية فان كان عندهم صحيحاً فهو في الشرع صحيح و ان كان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۲ *»
عندهم اعم فهو في الشرع اعم.
و قوله «و يكفي في صدق الاسم» هذا اشارة الي دفع بحث و هو انه ان قيل ان النزاع مخصوص بثبوت الحقيقة لان نزاعهم في الاسماء و الاسم ظاهر في الموضوع و يثبت الموضوعية علي القول بالثبوت فاجاب نعم هذا مسلم ولكن يكفي في صدق الاسم ثبوت حقيقةٍما فيالجملة و لو عند المتشرعة.
و قوله «و اما تعيين الاقرب الاعتباري» الخ يعني اذا قيل كما يمكن بيان مراد الشارع ببيان زمان المتشرعة يمكن بيان مجمل المتشرعة ببيان زمان الشارع ايضاً بانا اذا شككنا في جزئية شيء للصلوة مثلاً عند المتشرعة نقول ان لفظ الصلوة كان حقيقة في الدعاء و اقرب المجازات اليه غير المشروطة بذلك الجزء فاذا حملنا اللفظ في زمان الشارع علي الاقرب عرفنا الحقيقة عند المتشرعة فلا ثمرة في نزاع الصحيحي و الاعمي في صورة القول بالمجاز في زمان الشارع فانه قدحصل البيان بالاصل و عرفنا الاقرب الاعتباري و مع البيان يجري اصل العدم في الامور الزايدة عن المبين علي القولين فثمرة النزاع مخصوصة بالقول بالحقيقة فقال هذا فرع اعتبار القرب الاعتباري و لميثبت ولو كان معتبراً لوصل الينا من الشارع و اذ لميكن معتبراً لميسع الصحيحي اجراء الاصل كما لميسعه في صورة النقل بخلاف الاعمي هذا بيان مراده.
و لعمري كل ذلك عندنا كعفطة عنز لايعتني به ابداً فانها كلها وهميات لاتقلقل خاطر العاقل حتي يشككه و لايكشف شيء من ذلك عن الواقع و لايورث الظن به و ان جوزناه ولو كانت محدثة للظن لاحدثت لغيرهم ايضاً بل هي محض مجادلات لفظية و سرد الفاظ لاتحدث في القلب شيئاً و لو لميكن التعرض لها تضييعاً للعمر لتعرضت لردها كلمة كلمة.
و ان قلت هب هذه الادلة لاتغني عن الحق فعلي ماذا تبنون عملكم في الصحيح و الاعم اقل ان الشارع صلوات الله عليه اتانا من عند الله و دعانا الي الله و كلفنا بما يحب الله و يرضاه و يريده منا و اعطانا اصولاً من عند الله فقال لايكلف الله نفساً الا ما اتاها اي ما عرّفها فما عرّفنا هو ما كلّفنا به و ما لميعرّفنا ليس لنا فيه تكليف و قال ابوعبدالله7 ماحجب الله علمه عن العباد فهو موضوع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۳ *»
عنهم و قال من عمل بما علم كفي ما لميعلم وقال اميرالمؤمنين7 ان الله حدّ حدوداً فلاتعتدوها و فرض فرائض فلاتنقصوها و سكت عن اشياء لميسكت عنها نسياناً فلاتكلفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها و قال ابوعبدالله7 في حديث بحسبكم انتقولوا ما قلنا و تصمتوا عما صمتنا فانكم اذا قلتم ما نقول و سلّمتم لنا فيماسكتنا عنه فقدامنتم بمثل ما امنا به و قال الله تعالي فان امنوا بمثل ما امنتم به فقداهتدوا و قال ابوعبدالله7 الاشياء مطلقة ما لميرد عليك امر و نهي فالصلوة مثلاً مما جاء به رسولالله9 و كلّفنا به و بيّن لها حدوداً فما بلغنا من الحدود و علمنا به وجب علينا اتباعه و العمل به و ما لميبلغنا فيه شيء فلا شيء علينا و هو مطلق و ما اختلف فيه الاخبار و ادلة الكتاب و السنة نعمل فيها علي ما امرونا فان تعين احدهما عملنا به و ان تساوت فنحن مخيرون في العمل بايها شئنا و ان حصل لنا العلم بتكليف مجملاً و لمنعلم بعد كيفيته لموانع فامرونا بالاحتياط حتي يأتينا البيان و نحن مأمورون بطلبه حتي نفهمه و في زمان الغيبة و اليأس من الوصول نحتاط هذا هو مقتضي الكتاب و السنة في عملنا.
و اما الالفاظ فلا شك انها تقع علي الصحيح و الفاسد بالبداهة قال الله تعالي و مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة و مثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة حتي انه قال الهتهم التي يدعون من دون الله و قال ماكان صلوتهم عند البيت الا مكاءاً و تصدية و في الاخبار ماشاء الله من صلوة فاسدة و حج فاسد و زكوة غيرمجزية و صوم فاسد و معاملات فاسدة ما لاينكر و الذي يحتاج اليه ما اراده رسولالله منا و هو الصحيحة التي بعث بها من عندالله و ندبنا اليه و كلّفنا به و لانحتاج الي شيء من هذه الخيالات و الي الرجم بالغيوب هذا و ما ذكروه من ان ما عند المتشرعة ميزان للعلم بمراد الشارع باطلاقه ليس بصحيح لان المتشرع ان كان بناؤه علي انيزيد في الصلوة احكاماً بالقياسات و الاراء و الاهواء و ادلة العقل و يقيدها بقيود و يشترط فيها بشروط ثم يكون الصلوة الصحيحة عنده مجموع ما ورد فيه النص و ما شرع و ابتدع و تكون حقيقة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۴ *»
في المجموع كيف يكون ذلك ميزاناً لمعرفة الحقيقة الشرعية هذا و اذا كان العلماء مختلفين في الشرائط و القيود و الاجزاء ليس عندهم حقيقة ثابتة كيف يكون ما عندهم ميزان الحقيقة الشرعية و كذلك ديدنهم في كل موضوع شرعي ولو لميكن في التعرض لخيالاتهم تضييع عمر لرأيت انه ليس لهم كلمة الا و هي مخدوشة علي اصول الشيعة الا قليلاً و مع ذلك ارجو الله انابين تحت كل عنوان شيئاً حتي اتي عليها جميعاً.
قال: ثم المراد بالاعم ما يكون صدق اللفظ فيه ثابتاً و المراد مشكوكاً و بالصحيح ماتعلق الشك فيه بالمراد و المصداق معاً فالنسبة بين الصلوتية و المطلوبية تساوٍ عند الصحيحي و عموم مطلق عند الاعمي ثم الصحة تحتمل بالنسبة الي الاجزاء و الشرائط معاً او الاجزاء فقط و يقابلها الاعم و تظهر الفائدة عند الشك في الشرطية ولكن الظاهر ان المراد من الصحيح هو الاول كما يظهر من دليلهم و من الاعم الاعم العرفي للتبادر لا الاركان (لا الاركاني خل).
اقول: قوله «ما يكون صدق اللفظ فيه ثابتاً» يريد ان الصلوة عند الاعمي اسم لمايصدق عليه الصلوة سواءاً كانت فاسدة ام صحيحة ولكن اذا صلّي مثلاً بدون سورة يقول صليت يقيناً و يشك هل هي مراد الشارع ام لا و تجزي عني ام لا و اما عند الصحيحي الصلوة اسم للكاملة فان صلّي بدون سورة يقول ماادري صليت و اتيت بمراد الشارع ام لا فعند الصحيحي النسبة بين مسمي الصلوة و مراد الشارع تساو و عند الاعمي عموم مطلق فان كل مرادة صلوة و لا كل صلوة مرادة.
و قوله «ثم الصحة تحتمل» يعني به ان الصلوة مثلاً لها اجزاء داخلة و شرايط خارجة فيحتمل انيكون مرادهم من الصحة بالنسبة الي الاجزاء فقط و يسمي بالصحيح بالمعني الاعم او الاجزاء و الشرايط الخارجة معاً و يسمي بالصحيح بالمعني الاخص.
و قوله «و تظهر الفائدة» الخ يريد ان الشك في العبادات اما في اعتبار اصل الجزء او الشرط في الصحة مع العلم بانه جزء ام شرط او مع الشك بانه جزء او
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۵ *»
شرط فان شك في الاعتبار مع العلم بانه جزء فلايجري اصل العدم فانا لانعلم انها صلوة مثلاً ام لا و ان شك في الاعتبار مع العلم بانه شرط فعند الصحيحي بالمعني الاعم يجري الاصل و عند الصحيحي بالمعني الاخص لا و ان كان الشك في الجزء و الشرط فعند الصحيحي لايجري الاصل.
قوله «ولكن الظاهر» الخ اي الظاهر من استدلالاتهم ان مرادهم من الصحيح هو الصحيح بالمعني الاخص لا الاعم و ان ذهب اليه بعضهم نادراً.
قوله «و من الاعم الاعم العرفي» الي اخر يعني الصلوة اسم لمايسمي في العرف صلوة و ان كانت فاسدة ثم متي ما شك في الزايد ينفيه بالاصل و استدل علي ذلك بالتبادر و قدذكرنا ان الرد الي العرف كلام لا معني له لاختلاف العرف في الاعصار و الامصار و عرف بلد المكلف و عصره و المعروف عنده لا دليل عليه.
و قوله «لا الاركان» يعني ليس الصلوة اسماً لاركان معينة متيما اتي بها تكون صلوة و يرد ساير المشكوكات بالاصل.
قال: ثم الاصح انها اسام للاعم لقاعدة الاستعمال فتأمل و لصحة التقييد و التقسيم و عدم صحة السلب عن الفاسدة و الاصل فيه و في سوابقه الدلالة علي الحقيقة و لعدم اختلافهم في كون صلوة الصبي صلوة بل اختلفوا في صحتها و فسادها و للتبادر و لملاحظة مقام بيانهم الماهيات و لظواهر الاخبار التعليمية و لقولهم يشترط في الوضوء كذا و في الصلوة كذا فان المتبادر شرائط الصحة لا المهية الا انيدعي تبادر الاخير فيصير دليلاً للخصم و لفهم العرف التعارض بين قوله صل و لاتصل في الدار المغصوبة و لانها لو كانت الصحيح لزم دلالة النهي علي الصحة و للاستقراء اما لان الغالب في اجزاء المهيات ان لايكون مقومة او لان الغالب فيما لايبطل الاخلال به سهواً من الاجزاء ان لايكون مقومة (او لان الغالب عدم كون كل اجزاء المركب مقومة له خل) او لان الغالب في المطلق التقييد و في العام التخصيص و للاجماع منهم سلفاً و خلفاً علي اجراء اصل العدم عند الشك في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه 116 *»
الجزئية فلايثمر قول الصحيحي او علي التمسك في نفيه بالاطلاق.
اقول: قوله «لقاعدة الاستعمال» يعني انه يستعمل في المعنيين و الظاهر من الاستعمال الحقيقة فيحمل اللفظ علي الاشتراك المعنوي كما صرح به في الضوابط و هو خطاء لانه لا جامع بين الصحيح و الفاسد و احدهما في الجنة و الاخر في النار و احدهما نور و الاخر ظلمة و احدهما في عليين و الاخر في سجين و لا كلما اتفق شيئان في الصورة يشتركان في المادة الاتري ان ظل الانسان علي هيئته و لايشاركه و كذلك مثالك في المرءاة علي هيئتك و لايشاركك و لاتستوي الظلمات و لا النور و لا الظل و لا الحرور فهما مشتركان لفظاً.
قوله «و لصحة التقييد و التقسيم» كقولك صلوة صحيحة و صلوة فاسدة و الاصل كون المقيد حد مشترك بين القيدين و المراد بهذا الاصل الظاهر و لا ظهور فيه فانك تقول حمرة اصلية و حمرة ظلية و لا جامع و اما التقسيم فكما تقول الوضوء اما صحيح او فاسد و الاصل في المقسم انيكون حداً جامعاً بين القسيمين و هذا الاصل ايضاً لا ظهور فيه فان التقسيم قديشتبه بالترديد كما تقول الانسان اما مؤمن و اما كافر و المؤمن ابوه النور و امه الرحمة و الكافر ابوه الظلمة و امه النقمة فلا جامع و كقولك الموجود اما واجب و اما ممكن و هو محض ترديد و لا جامع الا لفظاً.
قوله «و عدم صحة السلب عن الفاسدة» هذا غير مسلم عند الصحيحي فكيف يستدل به عليه و له لا صلوة الا بفاتحة الكتاب و لا صلوة الا بطهور و امثالها و لاينقض عليهم نفي الماهية في موضع ثبت ثبوتها للدليل.
قوله «و لعدم اختلافهم» من اين علم ان الصحيحي يسمي صلوة الصبي صلوة و بعد انيقول غفلة او مسامحة او مع القرينة ايّ دلالة في قولهم و تسمية المتشرعة ليست دليل شيء غير اصطلاحهم كما مر.
قوله «و لملاحظة» الي اخر ايّ دلالة في انيذكر العالم «الوضوء غسلتان و مسحتان» مع انهم يذكرون باقي الشرايط في محالها و القرينة موجودة و المجاز غير ممنوع و كذلك ظواهر الاخبار التعليمية فانها ظاهرة في بعض الشرايط.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۷ *»
قوله «و لقولهم يشترط في الوضوء» يعني يفهم من ذلك ان هذه الشرائط شرائط المطلوبية و الصحة لا المهية فانهم يجعلون الشروط شرائط لمسمي المهية و ايّ دلالة في ذلك علي غيب ما في قلب النبي9 و الفقهاء رجال مثلك و منهم من يقول بالصحيح هذا و احتمل عندك انيكون المتبادر المهية الكاملة.
و قوله «و لفهم العرف التعارض» الخ يعني اذا كان صل امراً بالصحيحة و لاتصل نهياً عن الفاسدة لميكن بينهما تعارض و العرف يفهم منهما التعارض و قدقلنا ان العرف يختلف في الاعصار و الامصار و لا حجية فيه و لايوقف علي الحق منه.
و قوله «و لانها لو كانت» الخ يعني اذا قيل لاتصل في المكان المغصوب هل المنهي الصلوة الفاسدة فيثبت به المطلوب او الصحيحة فيكون النهي عن الصحيحة.
قوله «و للاستقراء» يعني نستدل علي الاعم باستقراءات منها انا تتبعنا و رأينا غالب اجزاء المهيات غيرمقومة فاذا شككنا في جزء نحمله عليه عملاً بالاصل فالصلوة مثلاً اسم للاعم و منها ان من اجزاء المهيات ما تفسد المهية بتركها عمداً و سهواً فهو ركن و لا كلام فيه و منها ما لايخل تركها سهواً و الاغلب في هذا القسم خروجه عن قوام المهية فنحمل المشكوك عليه عملاً بالاصل و منها ان بعض اجزاء المهيات في الدنيا خارج عنها قطعاً في اغلبها فما شككنا في خروجه و دخوله نحمله علي الغالب و منها ان الغالب في المطلقات التقييد و في العمومات التخصيص حتي قيل ما من عام الا و قد خص و عند الصحيحي لا تقييد.
لعمري كيف يمكن الاطلاع علي غيب علم الله بهذه الاستقراءات التي لاتفيد ظناً و ما هي الا الفاظ تقال و ايّ دليل دلّ علي ان الله جعل حكم الاشياء واحداً مع ان الشرع جري بتفريق حكم المتشاكلات و جمع حكم المتفرقات و ايّ دليل يدل علي ان وقائع الامور يستعلم بهذه الظنون و علي فرض حصول الظن ايّ دليل يدل علي حجية الظن في الوقايع قاطبة أوليس هذا قياساً و تواتر الاخبار بمنع القياس مطلقا.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۸ *»
بالجملة قوله «و للاجماع» الخ استدل به بوجهين احدهما ان العلماء اذا شكوا في وجوب شيء يجرون الاصل و ثانيهما انهم اذا شكوا في وجوب جزء يعملون بالمطلق و هو دليل الاعم فياسبحان الله ان هؤلاء العلماء بانفسهم مختلفون في الصحيح و الاعم كيف يستدل بعملهم علي الاعم فلعله ساق كل واحد دليل علي ما يفعله هذا و كيفية استدلال العلماء في التفقه كيف صار دليل ان النبي9 في قلبه وضع الالفاظ بازاء الصحيح او الاعم.
بالجملة كل ذلك استدلال بباطل علي حق و اصل المطلب ان الاسماء تستعمل في الفاسد ايضاً لا شك فيه و الكتاب و السنة يشهدان بذلك و لا فائدة في العلم بالواقع و بناء العمل في الاجزاء المشكوكة علي قول الامام7 كل شيء لك مطلق حتي يرد فيه نص و قوله الناس في سعة ما لميعلموا و لاتكليف الا بالبيان و لا حكم الا بالبرهان و النبي لايأمر بمبهم و يكلني الي نفسي و يكلفني باستخراج تفاصيل ذلك المبهم بعقلي و يجعلني شريك تشريعه و نبوته بل اذا امرني بامر ان كان مراده ما افهم من ذلك الامر في لغتي فربما يسكت عني و ان لميكن مراده ذلك فعليه انيفهم مراده و يعلمني و الا لايقع التكليف و ذلك سواء في الشهود و الغيبة فانه نبي علي الكل و مكلف للكل فما بلغني من اقواله اكون مكلفاً به و مالميبلغني لا تكليف عليّ فيه لقوله تعالي لايكلف الله نفساً الا ما اتاها.
قال: و للصحيحيين تبادر الصحيح عند الاطلاق و صحة السلب عن الفاسدة و ان الصلوة مثلاً عبادة بداهة و الفاسدة ليست بعبادة و انا نقطع بوجود جزء مقوم و لانعلمه بالخصوص فيسري الاجمال الي الكل و ان موضوعات الاحكام توقيفية لا عرفية و ظاهر قوله لا صلوة الا بطهور و يثبت حكم الاجزاء بالاجماع المركب و قوله لا صلوة الا بفاتحة الكتاب و انه علي الاعم يلزم تقييدات كثيرة و انهم في مقام تفسير العبادة يفسرونها بالمجمل كقوله (كقولهم خل) الصوم عبادة مخصوصة و انهم قسموا الصلوة الي الواجبة و المندوبة و لميدرجوا المحرمة في التقسيم و ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۱۹ *»
ظاهر كلامهم في بيان الاجزاء و الشرائط انها شرائط المهية و اجزاؤها لا الصحة و لا ريب في فقد الكل و المشروط بفقدهما و ان من البعيد عدم صيرورة الصلوة مثلاً حقيقة في الصحة مع كثرة استعمالها فيها في الغاية و انت اذا احطت خبراً بادلتنا استخرجت اجوبة تلك الادلة بتأمل قليل.
اقول: الذين قالوا الالفاظ موضوعة للصحيحة استدلوا بادلة كادلة الاعميين لاتسمن و لاتغني من جوع و جميعها وهميات و اجاب عنها الاعميون باوهام مثلها فاستدل الصحيحيون بتبادر الصحيح عند الاطلاق و ردهم الاعميون بلانسلم التبادر عند الاطلاق بلاقرينة و ما يتبادر منه الصحيح لاجل القرائن و قدعرفت سابقاً ان التبادر لايفيد شيئاً و لايزيد دلالته علي المعني الشايع في العرف و استدلوا بصحة السلب و ردهم الاخرون بعدم تسليم سلب الفردية و انما يسلب المطلوبية و هو غير مجد لكم و استدلوا بان الصلوة مثلاً عبادة و الفاسدة ليست بعبادة و ردهم الاخرون بان كون كل فرد عبادة ممنوع و استدلوا بان للمهيات جزءاً مقوماً قطعاً غيرمعلوم فهي مجملة و لابد من اجراء اصل الاشتغال و هو المطلوب و ردهم الاخرون بانا كذلك نقطع بخروج جزء من المهية فلايفيد قطعكم بان الوضع للصحيح و استدلوا ايضاً بان موضوعات الاحكام توقيفية كالاحكام فهي الصحيحة و ردهم الاخرون بانا لانسلم انها توقيفية يجب بيان الشارع اياها بنفسه بل يكفي البيان بواسطة المتشرعة فلاتدل علي الوضع للصحيح و استدلوا ايضاً بقوله لا صلوة الا بطهور و لاصلوة الا بفاتحة الكتاب و ردهم الاخرون بانهما يدلان علي الشرطية و المطلوبية لا علي كونهما جزء المهية و علي ان الوضع للصحيح و هذا النفي يستعمل غالباً لنفي الكمال فيحمل الحديث عليه و استدلوا ايضاً بانه علي القول بالاعم يلزم تقييدات كثيرة و الاصل عدم التقييد و ردهم النافون بان الاصل ايضاً عدم الاجمال اذ الغالب في الالفاظ البيان و قولكم يستلزم عدم التمسك بالاطلاق ابداً لاجماله و نري الفقهاء يتمسكون به و استدلوا ايضاً بالتعاريف المجملة فالالفاظ مجملة و ردّهم النافون بان ذلك لاجل الحوالة الي موضع اخر و لو كانت مجملة لمااستدلوا بها و استدلوا ايضاً بتقسيمهم الصلوة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۰ *»
الي الواجبة و المندوبة و ردهم النافون بانهم قسموا الصحيحة و استدلوا ايضاً بان الظاهر من ذكر الشرائط و الاجزاء انها اركان الماهية و بفقد الجزء يفقد الكل و بفقد الشرط يفقد المشروط و ردهم النافون بانا لانسلم ذلك بل هي ظاهرة انها اركان الصحيحة و استدلوا ايضاً باستبعاد عدم صيرورة الصحيحة موضوعاً لها مع كثرة الاستعمال و ردهم النافون باستبعاد عدم كون الفاسد موضوعاً له مع كثرة الاستعمال فيها.
بالجملة جعلوا امرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون و نحن نقول ماذا تريدون من الفحص عن كونها موضوعة للصحيحة ام الاعم و لمتكلفوا بمعرفة الغيب مع الاتفاق علي ان المأمور به المطلوب للشارع و ما كلّفتم به الصحيحة فان قلتم ان هذه المعرفة تنفعنا في اجراء الاصل في المشكوكات قلت ان الشارع كفاكم ذلك بكلمتين و قال من عمل بما علم كفي ما لميعلم و قال الناس في سعة ما لميعلموا و قال كل شيء لك مطلق حتي يرد فيه نص و كل واحد من هذه الاخبار كاف.
فان قلت ان كان المطلق مجملاً ثبت الاشتغال و يجب ابراء الذمة قلت ان الشارع العدل اجل من انيكلف بالمجمل و يكلف المكلف باستخراج تفاصيله و يشركه في نبوته نعوذبالله و ينهاه عن الرأي في مائة آية و الف و مأتي حديث ثم يكلفه في جميع شرعه بالمجملات و يكلفه بالعمل بالرأي في جميع تفاصيلها مع ما في هذا القول من العسر و الحرج الشديد و الاتيان بجميع اعمال يحتمل في العقل انتكون جزء المهية و ما علم المكلف بذلك فلعل تلك المشكوكات مخلة بالمهية و مفسدة لها و المشكوك ان كان عن دليلين شرعيين فاطلقوا فيها السعة و ان لميكن دليلان فلا شك.
بالجملة مع انا نقول بانها تستعمل في الاعم نقول لا حاجة بنا في معرفة غيب الوضع و ما عرفنا من الشارع انه جزء الماهية المكلفبها نعمل به و ما شككنا فيه بدليلين منه فنحن مخيرون فيه و ما علمنا انه من المكملات المندوبة ان شئنا عملنا و ما لمنعلم فنحن في سعة و جميع ما قالوه عندنا تضييع للعمر و اشتغال بما لايعنينا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۱ *»
و قد وصّي علي7 ابنه الحسن7 و قال دع القول فيما لاتعرف و الخطاب فيما لاتكلف و امسك عن طريق اذا خفت ضلالته فان الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الاهوال و قال ابوعبدالله7 كان علي بن الحسين7 يقول ان المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لايعنيه و قلة المراء الخبر و قال ابوعبدالله7 لايتكلم احدكم بما لايعنيه و ليدع كثيراً مما يعنيه حتي يجد له موضعاً الخبر و لو كان يعنينا ان الشارع هل وضع الالفاظ بازاء الصحيحة او الاعم لاخبر رعيته بذلك كما انه لو كان يعنينا علم الاصول لكان الواجب علي النبي في اول بعثته انيبتدئ بدرس علم اصول ليفهم احاديثه الداني و القاصي و لما علم انه لايعنينا و لانحتاج اليه كفّ هو و جميع اوصيائه عن هذا العلم مع ان الاصقاع امتلأت من هذا العلم باعدائهم و منعوا عنه منعاً لميجسر احد من اصحابهم مع خلطتهم للعامة و سماعهم هذه المسائل انيتفوهوا عند الائمة مرة واحدة و يسألوا عن مسألة واحدة.
و ان قلت لعلهم كانوا غافلين قلت حاشا مع خلطتهم بعلماء العامة و رجوعهم الي قضاتهم و حضورهم مجالسهم و مباحثاتهم معهم و كتبهم الكتب في ردهم و معذلك لميقدروا ابداً علي التفوه بها عند الائمة: و عدم رواية احد شيئاً في تلك المسائل من المتقدمين ادل دليل علي ذلك هب انهم لميسألوا و غفلوا هلا ابتدأ الائمة: من عند انفسهم بتلك المسائل و هي واجبة علي قولكم و لم لمينبهوهم بالسؤال و ما ذكرناه مدرك تحصيل اجماع قطعي علي عدم ضرورة هذا العلم بل عليحرمته و قدقال النبي9 كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم والله خير حافظاً و هو ارحم الراحمين وان قلت فلم تتعرض انت بكتب هذا الكتاب قلت اني تعرضت لاظهار ما اظهرت لا لافشاء ما اظهروا فلاتغفل.
قال: ثم الحق الاعم العرفي لا الاركاني بحكم العرف الكاشف عن الشرع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۲ *»
كما مر فان علمنا الصدق العرفي مع نقض بعض الاركان او عدمه مع تحقق الاركان عملنا بمقتضاه فان شككنا في الصدق فنحن كالصحيحي و علي الاركاني لا اجمال في الموضوعله فيصدق اللفظ مع وجودها لا مع عدمها فتأمل و في كون المراد هو الاركان الواقعي او الاعم منها و مايقوم مقامها وجهان و تظهر الفائدة في جواز التمسك بالاطلاقات و عدمه و الحق الاخير لقاعدة الاستعمال و صحة التقسيم و التقييد و تبادر الاول اطلاقي و علي المختار تكون الاركان الشرعية اركان المطلوب لا الصدق.
اقول: بعد كل هذه التجشمات اختلفوا في ان المراد بالاعم ما يسمي في العرف مثلاً صلوة و ان اختل الاركان او ما كان اركانه محفوظة و ان اختل ساير الشروط و اختار المصنف الاعم العرفي و اصاب الخطاء لان العرف لايوقف له علي حد و يختلف عرف الامصار و الاعصار الاتري ان العجوز القروية او الجبلية ربما تسمي حركات بالصلوة و لايسميها اهل المصر بصلوة ابداً و كذلك في ساير الالفاظ و المصنف فسر المتشرعة بكل من دان بدين الاسلام فكيف يوقف له علي حد و ان اريد منهم العلماء فالصحيحيون لايسمون مختل الاركان بصلوة فالاعم العرفي كلام باطل و عن حلية الاعتبار عاطل.
و قوله «بحكم العرف الكاشف علي الشرع» خطاء فان العرف كماعرفت ان اريد منه عوام العرف و جهالهم فليس جهالتهم كاشفة عن وضع الشارع مع اختلافهم في كل مورد و عصر و ان اريد منه خواصهم فان كانوا ذوي اراء و اهواء يحكمون بالادلة العقلية و القياسات الظنية فكيف يكشف عرفهم عن وضع الشارع.
و اما المنقطعون الي المحمد: الذين لايقولون الا بالخبر فلايزيد عرفهم علي استعمال النبي ذلك اللفظ في ذلك المعني و اما الوضع فلايكشف عنه و الادلة الوهمية التي يوردونها في ان الوضع مقدم علي الاستعمال بالاستقراء او غيره فلا عبرة بها عندنا.
قوله «فان علمنا الصدق العرفي» الخ لايكاد يعرف ذلك و صدق عرفك لا عبرة به و لعله ينكره عرف ساير الناس و يقول ان صدق عرفاً انها صلوة مثلاً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۳ *»
نعول عليه و ان نقض بعض الاركان او ترك و ان لميصدق لانعول عليه و ان تحقق اركانها و لذلك اختار المصنف ان صلوة المرائي صحيحة لايثاب عليها و هو قول مرغوبعنه و خلاف جمهور الفقهاء أليس قدقال رسولالله9 لا قول الا بعمل و لا قول و لا عمل الا بنية و لا قول و عمل و نية الا باصابة السنة هل المرائي اصاب السنة ام لا أو ليس ان السجود عبادة اذا سجد به لله و شرك اذا سجد به للصنم مع ان صورة السجود صورة العبادة و صلوة المرائي شرك و علي ما اختاره المصنف لو صلي الانسان لصنم جازت صلوته و اطاع الله غاية الامر انه لايثاب نعوذ بالله من هذه الاجتهادات الواهية قال ابوعبدالله7 كل رياء شرك و سأله ابوبصير عن حد العبادة التي اذا فعلها فاعلها كان مؤدياً فقال حسن النية بالطاعة انتهي فمن لميحسن نيته بطاعة الله لايكون مؤدياً للعبادة و كان عمله شركاً و هذا حاصل هذه الاصول التي اخترعوها بعقولهم و احدثوها و تركوا مراجعة الكتاب و السنة.
قوله «فان شككنا في الصدق» الخ يقول لابد لنا حينئذ من اجراء اصل الاشتغال فانا مشغولة ذمتنا بصلوة اما عرفية و اما صحيحة.
قوله «و علي الاركاني» يعني اذا قلنا بالاعم الاركاني فاللفظ ليس بمجمل فان الموضوعله للمتحقق الاركان فان تحققت يعول عليه و الا فلا ولكن اختيار المصنف كماعرفت واقع علي العرفي الذي لايوقف له علي حد و زعم انه علي قسمين قسم يعلم فيه صدق الاسم عرفاً و ان اختل منه بعض الاركان و الاجزاء و الشرائط و قسم نشك في صدق الاسم فان علمنا صدق الاسم اكتفينا به و ننفي ساير المشكوكات بالاصل و ان شككنا في صدق الاسم فنحن كالصحيحي و من العجب ان المصنف رد الاركاني كما في الضوابط بانه لو اتي بالنية و التكبيرة و القيام و الركوع و السجود فقط لايرتاب ذو مسكة في عدم تحقق المهية و صحة السلب عرفاً فظهر بطلان القول الاركاني و ان المدار علي الصدق العرفي.
هذا مقتضي اجتهاده من غير مراجعة الاخبار و قدسئل ابوعبدالله7 عن رجل سها خلف الامام بعد ماافتتح الصلوة فلميقل شيئاً و لميكبر و لميسبح و لميتشهد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۴ *»
حتييسلم فقال جازت صلوته الخبر فاري ان الصادق7 سماها صلوة صحيحة بمحض حفظ الافتتاح و الركوع و السجود علي خلاف اجتهاد المصنف و ان قال هذا في السهو و كلامنا في العمد مع انه صرف قول بلادليل قلنا و ما تعني بالعمد هل هو العمد مع الجهل بحكم ماسوي الاركان ام مع العلم به فان تركها عمداً مع الجهل فصلوته صحيحة عند من يري الجاهل معذوراً في امثالها و هم من اهل العرف و عند من يقول هو غيرمعذور صلوته فاسدة و يسميها صلوة و ان تركها عمداً مع العلم فنري القوم يقولون صلوته فاسدة و يطلقون عليها الصلوة و يحكمون عليها بالفساد فكيف يرتاب ذو مسكة في صحة السلب.
قوله «و في كون الاركان» الي اخر تشكيك و احتمال اخر من المصنف انه هل المراد بالاركان الخمسة او الاربعة المعروفة او الاعم منها و ما يقوم مقامها كالايماء مثلاً قال هنا وجهان فان كان المراد الخمسة او الاربعة بعينها لايمكن التمسك بالاطلاق فيجاز ما يقوم مقامها ايضاً و ان كان الاخير جاز و علي الاول ليست الايمائية بصلوة الا مجازاً و علي الثاني صلوة حقيقةً و اختار الاخير فيجوز التمسك بالاطلاق يعني لايحكم بوجوب ساير شروط الصلوة الصحيحة بمحض الاطلاق و استدل علي ذلك بقاعدة الاستعمال اي انه يستعمل الصلوة في الايمائية ايضاً و الاصل في الاستعمال الحقيقة و بصحة التقسيم فانه يقال الصلوة علي قسمين اختيارية و اضطرارية و الاصل في المقسم انيكون حقيقة في الاقسام و بالتقييد فانك تقيد الصلوة بالقيدين فمرة تقيدها بالاركان و مرة تقيدها بما يقوم مقامها.
و لنا كلام في اصل تقييد المطلقات و تخصيص العمومات اللذين شاعا بينهم من غير كتاب و لا سنة و نحن نراها متعارضات و لانجوز التقييد و التخصيص بمحض الورود تبعاً لائمتنا سلاماللهعليهم كمايأتي في محله و تكريرهم التقييد و الاستدلال به في هذه المباحثات لا وجه له ابداً.
قوله «و تبادر الاول اطلاقي» هذا جواب عن بحث مقدر يعني ان قلت ان المتبادرة من الصلوة مثلاً هي الصلوة المشتملة علي الاركان الحقيقية و هو مقدم علي ساير الادلة قلنا تبادر الاركان اطلاقي اي هو اشهر افراد المطلق و لذا يتبادر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۵ *»
الي الذهن لا وضعي اذ لايصح سلب الصلوة عن صلوة المسايف و عدم صحة السلب مقدم علي التبادر.
قوله «و علي المختار» الي اخر اي الاركان الحقيقية ليست اركان المصداق بل اركان المطلوب.
قال: ثم ثمرة اصل المسألة فيما اذا شك في وجوب شيء و عدمه في العبادة او علمنا بوجوبه فيها و شككنا او وجوبه تعبدي ام شرط ام جزء او علمنا الوجوب الاستقلالي و شككنا انه واجب توصلي ايضاً ام لا او علمنا بالجزئية و شككنا في الركنية.
اقول: يعني هذا النزاع الذي تنازعنا به له ثمرة و هو انه اذا شك الفقيه في وجوب مثل السورة في الصلوة مثلاً و عدمه فالاعمي يقول قدامر بالصلوة و هي تتحقق من غير سورة و يحصل الامتثال لان مراد الشارع هو مصداق الصلوة و تحقق و الاصل عدم وجوب السورة و الصحيحي يقول حصل الاشتغال بصلوة كاملة مجملة و هو يستدعي البراءة اليقينية و لاتحصل الا بقراءة السورة و كذلك اذا علمنا بوجوب طهارة الثوب في الصلوة و شككنا في انها شرط الصحة ام لا بل هي واجبة خارجة يحكم الاعمي بحصول الماهية و الاصل عدم كونها شرطاً و يحكم الصحيحي بانه لو تركها بطلت صلوته فهي شرط الصحة و كذلك اذا علمنا بوجوب شيء مستقلاً و شككنا هل يجب توصلاً الي الصلوة ايضاً ام لا و ذلك كردّ السلام هو واجب بنفسه و نشك في ان تركه هل يضر بالصلوة ام لا فالاعمي يقول لايضر و الصحيحي يقول انه يضر و كذلك اذا علمنا بالجزئية و شككنا في الركنية كالقيام مثلاً هو جزء للصلوة فاذا شككنا في الركنية يحكم الاعمي بعدم الركنية و الصحيحي بالركنية.
و لي هنا كلام و هو ان الانسان اذا حكم بحكم و اصاب في الحكم ولكن حكم بدليل لميجعله الله دليلاً علي ذلك هو خاطئ عاص لايقبل منه ذلك و ان حكم بدليل جعله الله دليلاً هو مثاب ممتثل لامر الله و يدل علي ذلك قول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۶ *»
ابيعبدالله7 القضاة اربعة ثلثة في النار و واحد في الجنة رجل قضي بجور و هو يعلم فهو في النار و رجل قضي بجور و هو لايعلم فهو في النار و رجل قضي بالحق و هو لايعلم فهو في النار و رجل قضي بالحق و هو يعلم فهو في الجنة انتهي والمراد بالعلم كمايظهر من الاخبار هو ما اخذ عن المحمد: فانه لا علم الا ما خرج من بيتهم كما قال ابوجعفر7 والله لايؤخذ العلم الا من اهل بيت نزل عليهم جبرئيل و قال ابوجعفر7 من دان الله بغير سماع من صادق الزمه الله التيه الي يوم القيمة و قال ابوعبدالله7 ان رسولالله9 قال لعلي7 يا علي انا مدينة العلم و انت بابها فمن اتي من الباب وصل يا علي انت بابي الذي اوتي منه و انا باب الله فمن اتاني من سواك لميصل اليّ و من اتي الله من سواي لميصل الي الله و قال اميرالمؤمنين7 ان المؤمن اخذ دينه عن ربه و لميأخذه عن رأيه و قال7 قدجعل الله للعلم اهلاً و فرض علي العباد طاعتهم بقوله اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و بقوله و لو ردوه الي الرسول و الي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم و بقوله اتقوا الله و كونوا مع الصادقين و بقوله و مايعلم تأويله الا الله و الراسخون في العلم و بقوله و أتوا البيوت من ابوابها و البيوت هي بيوت العلم الذي استودعه عند الانبياء و ابوابها اوصياؤهم فكل عمل من اعمال الخير يجري علي يدي غير الاصفياء و عهودهم و حدودهم و شرايعهم و سننهم مردود غيرمقبول و اهله بمحل كفر و ان شملهم صفة الايمان و قال ابوجعفر7 اما لو ان رجلاً قام ليله و صام نهاره و تصدق بجميع ماله و حج جميع دهره و لميعرف ولاية ولي الله فيواليه و يكون جميع اعماله بدلالته اليه ماكان له علي الله حق في ثوابه و ماكان من اهل الايمان و قال ابوعبدالله7 امر الناس بمعرفتنا و الرد الينا و التسليم لنا ثم قال و ان صاموا و صلّوا و شهدوا ان لا اله الا الله و جعلوا في انفسهم ان لايردوا الينا كانوا بذلك مشركين وقال7 اما انه شر عليكم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۷ *»
انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا و قال الرضا7 اذا اخذ الناس يميناً و شمالاً فالزم طريقتنا فانه من لزمنا لزمناه و من فارقنا فارقناه فان ادني ما يخرج به الرجل من الايمان انيقول للحصاة هذه نواة ثم يدين بذلك و يبرأ ممن خالفه يافلان احفظ ما حدّثتك به فقدجمعت لك خير الدنيا و الاخرة و قيل لابيجعفر7 ترد علينا اشياء لانجدها في الكتاب و السنة فنقول فيها برأينا فقال اما انك ان اصبت لمتوجر و ان اخطأت كذبت علي الله و سئل ابوعبدالله7 عن الحكومة فقال من حكم برأيه بين اثنين فقدكفر الي غير ذلك من احاديث لاتحصي و قد مرّ بعض ما يدل عليه و يأتي ان شاء الله.
فالمسألة المفتيبها ايّة مسألة كانت و ان كانت حقاً ولكن لايستدل عليها من كتاب و لا سنة و يستدل عليها بادلة ظنية وهمية ماانزل الله بها من سلطان لايجوز التعويل عليها و لا الركون اليها حتي يستدل عليها بكتاب الله و سنة نبيه و اخبار اوصيائه: فجميع ما استدل به المصنف و جعله قاعدة كلية و فرّع عليها فروعاً في هذا الباب و غيره من الابواب عندنا باطل لايجوز التعويل عليه ابداً و ان كان صورة المسألة حقاً.
و اما نحن فنقول في هذا الباب اما وضع الشارع9 في الالفاظ فهو مما غيّبه عنا و لميخبرنا به لان في تغييبه صلاحنا علي انه لايفعل الا الاصلح فلانتكلفه و لانعمله و لانحتاج اليه و اما الاستعمال فقداستعملها في جميع ابواب الفقه في الصحيح و الباطل و لايعنينا معرفة انها مجاز ام حقيقة و لانقول الاصل في الاستعمال الحقيقة و لانستدل بعرف المتشرعة علي وضعه و اما ما اراد منا و كلّفنا به فهو الصحيحة و يجب اتياننا بما كلّفنا لا بما لميكلفنا به ولكن الصحيح ما اخبرنا به و بلّغه الينا و ما زوي عنا فلميكلفنا بتكلف مازوي عنا و الناس في سعة ما لميعلموا و لايكلف الله نفساً الا ما اتاها فما بلّغنا من معني ما كلّفنا به و ما عرفنا نعمل به و ما خفي علينا نرده اليهم و كل شيء لك مطلق حتي يرد فيه امر او نهي هذا في اصل وجوب ما لميبلغ منه الينا و اما ما اختلف فيه الاخبار و لمنعرف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۸ *»
الحق منها فنحن في سعة منها علي ما امرونا به و ان عرف وجوب شيء ثم شك في جزئيته و ركنيته و شرطيته و لا معني للشك عندنا الا عند اختلاف الاخبار فنحكم بوجوبه و لانحكم بجزئيته و ركنيته و شرطيته فان الاختيار عند اختلاف الاخبار يستلزم القول بعدم الجزئية و الركنية و الشرطية الفقاهي و ان علم جزئيته و شك في الركنية و عدمها فكذلك فانه لا علم عندنا الا من الاخبار و لا شك عندنا الا عند التحير في الاخبار و المشكوك غيرمعلوم و الناس في سعة ما لميعلموا و لانحتاج و الحمدلله الي شيء من اصولهم التي ماانزل الله بها من سلطان.
قال: اصــل في علائم الوضع يعرف الوضع بتنصيص الواضع قطعاً او ظناً كمايتفق في الاعلام و العرفيات الخاصة و بتنصيص اهل اللسان قطعاً او ظناً و بالترديد بالقرائن من الواضع او اهل اللسان و لو واحداً منهم قطعاً او ظناً و بالاخبار عن وضع الواضع قطعياً ام ظنياً و بنقل نقلة متون اللغة من موادها و هيئاتها كالنحو فان قولهم حجة اذا افاد الظن باجماع المسلمين و القوم و طريقة اهل العرف و تقرير المعصومين و ترغيبهم اصحابهم علي الضبط و البرهان العقلي الحاكم بحجية الظن في اللغات اذا استلزم الظن بالفرع واقعاً و يتم في غيره بالاجماع المركب بل الاخير يجري في مثل الشهرة و الصحيح المشتمل علي لفظ مظنون الوضع و بيانه موكول الي بحث حجية الظن و قول غير اهل الخبرة كالفقيه و كذا الواحد المفيد للظن باللغة كقول اللغوي لقاعدة الاستلزام و عدم الكفاية و لايشترط الاسلام و الايمان و العدالة في نقلة اللغة لعموم الادلة و منطوق اية النبأ لو انصرف الي الموضوع المستنبط و قلنا بان التبين علمي مخصص بما مرّ نعم يشترط حصول الظن التبعي و الخلو عن المعارض المعتبر المساوي.
اقول: ثم شرع المصنف في ذكر علائم الوضع فذكر تنصيص الواضع و هو الله عزوجل و لا احد يسمع نصه الا بواسطة الانبياء و ليس منهم شيء في ذلك نعم يثمر في الاعلام و الاصطلاحات الخاصة و تنصيص اهل اللسان و هم اذا رووا عن الله لايسمع منهم و ان رووا عن انفسهم فلايدل الا علي الوضع العرفي و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۲۹ *»
الترديد بالقرائن و ترديد اهل اللسان لايزيد علي الوضع العرفي و اما من الواحد فيحتمل العرف الخاص و الاخبار عن وضع الواضع و ذلك ايضاً يفيد في الاعلام و العرف الخاص و نقل نقلة متون اللغة اذا افاد الظن و استدل عليه باجماع المسلمين ماادري ما اراد باجماع المسلمين هل المراد ضرورة المسلمين الكاشفة عما جاء به النبي9 من عند رب العالمين فلميثبت ذلك بل الثابت خلافه فان اكثر المسلمين لميخطر ببالهم هذه المسألة و محض انيقول جمع من العامة و جمع من الشيعة لايسمي اجماعاً و علي قوله من قال قول محمد بن يعقوب ليس بحجة كافر و لااظن فقيهاً يكفّره.
و قوله «و القوم» اي العلماء و عليه اثبات هذا الاجماع و حجيته في المسائل الاجتهادية و انكر بعض الاصوليين الاستدلال بالاجماع في المسائل الاصولية التي مدارها علي الادلة العقلية و انكر جمع من العلماء اصل تحقق الاجماع في زمان الغيبة و سيأتي ان شاء الله تمام القول فيه و اغلب الكتب في الادب كتب في زمان الغيبة و ما كان في زمان ظهور المعصومين قليل نادر و لميعلم شهرته بين المسلمين هذا و قدعمم القول في كتب النحويين و اغلب ما في كتب النحويين درايات منهم و لا عبرة بها.
و قوله «و طريقة اهل العرف» لا حجية فيها ابداً لاختلاف العرف في الاعصار و الامصار و عدم الاحاطة به هذا مع انه لو احيط به لمنؤمر من عند الله و عند رسوله باتباعهم في حجية شيء و عدمها.
و استدلاله بتقرير المعصومين و ترغيبهم اصحابهم علي الضبط لميصل الينا خبر في ترغيب اصحابهم علي ضبط اللغة و لميرو احد فيما نعلم فيه رواية الا ما يروي من وضع اميرالمؤمنين7 النحو و تعليمه اباالاسود و اما تقريرهم فهو استدلال صحيح علي معني ما اذكره لا علي ما ذكره و هو ان العجم لما اختلطوا بالعرب و عاشروهم تعلموا منهم العربية و اكتفوا بنحو هذا التعلم و لمينههم النبي و الائمة: عن هذا الاكتفاء و لميأمروهم بازيد من ذلك ولكن كون ذلك ظناً لا علماً عادياً لاسيما بعد حصول قراين عديدة و شواهد كثيرة لهم في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۰ *»
معاني الكلمات محل كلام و نراهم نهوا عن العمل بالظن و لا شك ان الالفاظ لو كانت ظنية لصار مداليل الاخبار ظنية فاكتفاؤهم بهذا التعلم و تقريرهم هذا الاكتفاء مع تواتر النهي عن الظن في احكام الله دليل علي انه كان لهم علم عادي و لايدل تقريرهم علي ازيد من العلم العادي فاستدلاله بتقرير الظن لا مستند له.
و قوله «و البرهان العقلي» الخ استدلال عجيب و هو يريد من الاستدلال العقلي انه لاريب في ثبوت التكاليف الفرعية و سد باب العلم او الظن الخاص في الاغلب و الاحتياط موجب للعسر و الاقتصار علي المعلوم خروج عن الدين و العمل بالموهومات خلاف الاجماع و العقل و التخيير بين المظنون و الموهوم تسوية بين الراجح و المرجوح و التبعيض منفي بالاجماع فتعين العمل بالظن و نعمم الظن بدليلين احدهما عدم كفاية الصحاح في الفقه و ثانيهما ان العلم الاجمالي حاصل لنا بمطابقة كثير من ظنوننا المعارضة للصحاح للواقع فلاعبرة بالصحاح حينئذ فثبت حجية مطلق الظنون بالاجماع المركب و هذا الدليل جميعه خبط عشواء و ستعرف بطلان القول بذلك عند تعرضه لحجية الظن ان شاء الله و نقتصر هنا بان هذا القياس يخالف مائة اية من كتاب الله و الفاً و مأتي حديث فاصنع ما انت صانع و سيأتيك اخبار كثيرة في ردّ ما تقول ان شاء الله مع ادلة عقلية كثيرة.
و دليل اخر لهم ان الفاظ الكتاب و السنة منها ما هو معلوم الوضع و منها ما هو مظنون الوضع فان اقتصرنا علي المعلومات خرجنا عن الدين لعدم الكفاية و قلة مقطوع الوضع فلابد من التعدي الي مظنون الوضع اقول سيأتي في محله ان شاء الله من البراهين علي خلاف ما يقولون من حجية الظن و اقتصر هنا بقول النبي9 اذا ظننت فلاتقض و بانه اتاه9 رجل يسأله عن البر و الاثم قال نعم فضرب بيده علي صدره ثم قال البر ما اطمأنت اليه النفس و البر ما اطمأن به الصدر و الاثم ما تردد في الصدر و جال في القلب و ان افتاك الناس و افتوك و في النهاية كلتا الكلمتين بالقاف و النون اي اقناك الناس و اقنوك و لعل احديهما بالقاف و النون و احديهما بالفاء و التاء حتي لايتكرر و عن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۱ *»
ابيعبدالله عن ابائه: قال قـال رسولالله9 اياكم و الظن فان الظن اكذب الكذب و قال اميرالمؤمنين7 في حديث من عمي نسي الذكر و اتبع الظن و بارز خالقه الي ان قال و من نجا من ذلك فمن فضل اليقين و قال ابوعبدالله7 من شك او ظن فاقام علي احدهما فقدحبط عمله ان حجة الله هي الحجة الواضحة.
و هذه الاخبار مع ساير الاخبار المتواترة موافقة لايات محكمة من الكتاب منها قوله تعالي سيقول الذين اشركوا لو شاء الله مااشركنا و لا اباؤنا و لا حرّمنا من شيء كذلك كذّب الذين من قبلهم حتي ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن و ان انتم الا تخرصون و اراه جلوعز لامهم علي اتباع الظن في تحريمهم اشياء و هي في الفروع و منها قوله قل انما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و ان تشركوا بالله ما لمينزل به سلطاناً و ان تقولوا علي الله ما لاتعلمون فجعل القول علي الله بغير علم عديل الشرك و منها قوله و اذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليه اباءنا قل ان الله لايأمر بالفحشاء أتقولون علي الله ما لاتعلمون فلامهم بالقول بغير علم في فعل الفواحش و هو في الفروع و قال في الشيطان انما يأمركم بالسوء و الفحشاء و انتقولوا علي الله ما لاتعلمون فالامر بالاكتفاء بما لاتعلمون من الشيطان و قال في احكام الابل و البقر فمن اظلم ممن افتري علي الله كذباً ليضل الناس بغير علم ان الله لايهدي القوم الظالمين فاراه جعل القائل علي الله بغير علم اظلم الخلق و مضلاً و غيرمهديّ و الاية في الفروع و قال و ان كثيراً ليضلون باهوائهم بغير علم و قال و لاتقف ما ليس لك به علم وقال مالهم به من علم ان يتبعون الا الظن و ان الظن لايغني من الحق شيئاً و ايّ اية اعم منها و قال بل اتبع الذين ظلموا اهواءهم بغير علم و قال ثم جعلناك علي شريعة من الامر فاتبعها و لاتتبع اهواء الذين لايعلمون انهم لنيغنوا عنك من الله شيئاً فاراه جلوعز نهي عن متابعة ما لايعلم في الشريعة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۲ *»
و قال ان يتبعون الا الظن و ما تهوي الانفس و لقدجاءهم من ربهم الهدي فالهدي خلاف الظن و ما تهوي الانفس الي غير ذلك من الايات الكثيرة و هل يجوز مخالفة الاخبار الناصة المتواترة الموافقة للكتاب الموافقة للادلة العقلية المحكمة و قدماء اصحابنا الذين مضوا علي منهاج ائمتهم و الذين اتبعوهم باحسان المخالفة للعامة العمياء بهذا القياس الواهي الذي مقدماته كلها مخدوشة من جهات شتي و قدحدثت في المتأخرين و قدقال النبي9 احسن الحديث كتاب الله و خير هدي هدي محمد و شر الامور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و قال اميرالمؤمنين7 ايها الناس انما بدء وقوع الفتن اهواء تتبع و احكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله يقلد فيها رجال رجالاً الخبر فمن كان مكتفياً بالحق ففي ما ذكرناه كفاية و الا فلا علاج له الا البرهان القاطع عجل الله به.
قوله «اذا استلزم الظن بالفرع واقعاً» يريد به ان البرهان العقلي الذي اقمناه دليل جواز العمل بالظن في الاحكام الفرعية الواقعية فوجه اجرائه في اللغات ان اللغات اذا كانت مظنونة و الاخبار تجري بتلك اللغات فالظن بها يورث الظن بمداليلها التي هي الاحكام الفرعية الواقعية فلاستلزامها ذلك جاز الاخذ بالمظنون في اللغات فان قيل دليلكم جار في الاحكام الواقعية فلم تعملون بالظن في الاحكام الظاهرة او في الحكم الاصولي العملي او غيرهما قلنا يتم ذلك بالاجماع المركب و هذا ادعاء غريب فانا اولاً في عويل من هذه الاجماعات الجارية علي رءوس اقلامهم من غير مأخذ ثم من الاجماع المركب الذي ادعاؤه ادعاء علم الغيب و لايحصل لاحد ثم من الاجماع في المسائل الاجتهادية و حصوله و حجيته لاسيما و هذه المسائل مستحدثة فاين الاجماع و كيف الاجماع.
قوله «بل الاخير» يريد الدليل العقلي يجري في مثل الشهرة و الصحيح المشتمل علي لفظ مظنون الوضع فان كلاً منهما يحصل منه الظن و ترجيح الشهرة عليه ترجيح بلامرجح([2]) فالعمل بالظن في الوضع جايز و ستعرف انشاءالله في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۳ *»
مباحث حجية الظن ما يتبين به الحق.
قوله «و قول غير اهل الخبرة» الي اخر يعني اذا اخبر غير اللغوي بمعني لفظ و حصل به الظن او اخبر واحد من اهل اللغة فيه الحجة بدليلين احدهما الاستلزام الذي مرّ انفاً من الترجيح بلامرجح و الثاني عدم الكفاية اي كفاية مقطوع الوضع فلابد من التعدي الي مظنون الوضع و لربما يكون الظن الحاصل منهما اقوي من ساير الظنون فلابد من العمل به فاذا ثبت في هذه الصورة فالباقي يثبت بالاجماع المركب اقول لعمر الله كأن هؤلاء يزعمون ان الدليل لفظ يكون دليلاً في مكان من الامكنة فمن اتي به في مكان اخر ولو لميكن له وجه يزعمونه دليلاً كمن يريد انينام في مكان و يقال له لم تنام هنا يقول بالكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل و لا كتاب فيه و لا سنة و لا اجماع و لا دليل عقل الا ان هذه الالفاظ الفاظ الادلة في مواضعها.
انظر في دليله الاستلزامي فانه يريد انيقول اذا كان حديث متواتر اللفظ اخبر بمعني لفظه فقيه و صحاح مقطوع المعني فلكل منهما ترجيح و ان اخذ بهما او المتواتر ثبت المطلوب و ان اخذ بالصحاح دون المتواتر لزم الترجيح بلامرجح و لعمري ان الرجحان في انيأخذ العبد بكتاب ربه و اخبار حججه سلام الله عليهم و انيترك متواتر اللفظ المظنون المعني بالكتاب و السنة و يعمل بالصحاح و انظر في دليل عدم الكفاية و هو قول بان الشارع مقصر و لميبلغ دين الله الينا و نهي في مائة اية و الف و مأتي حديث عن الظن و جعل اغلب دينه ظنياً هل هذا فعل عادل بل عاقل و اين الاجماع المركب في المسائل الخلافية الاجتهادية المستحدثة و اصله علم غيب والله ان الانسان لايدري يتعرض لرد ايّ لفظ و في كل لفظ من ايّ وجه والله المستعان فتبين ان هذه الادلة صورة دليل و لا معني لها.
و قوله «و منطوق اية النبأ» الخ يريد انيقول حكمنا بجواز قبول خبر الفاسق و الكافر في اللغة ينافي منطوق اية النبأ ان انصرف الي الموضوعات ايضاً و كان فيها كلام فانها ظاهرة في ساير الاخبار و ان قلنا ان المراد بالتبين العلمي ففي هذا ايضاً كلام و علي فرض ذلك الاية مخصصة بما مرّاما تخصيص كتاب الله بهذه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۴ *»
الادلة الواهية فمما لايجوز و رد لكتاب الله بالاراء و الاهواء و جرأة علي الله و تفسير بغير هدي من الله فان مخصص عموم القرءان يقول ان مراد الله من هذه الاية هذا و قدكتب الحسين بن علي8الي اهل البصرة اما بعـد فلاتخوضوا في القرءان و لاتجادلوا فيه و لاتتكلموا فيه بغير علم فاني سمعت جدي رسولالله9 يقول من قال في القرءان بغيرعلم فليتبوأ مقعده من النار و قال ابوعبدالله7 من فسر برأيه اية من كتاب الله فقدكفر و قال رسولالله9 في حديث من قال في القرءان برأيه فان اتفق له مصادفة صواب فقدجهل في اخذه عن غير اهله و ان اخطأ القائل في القرءان برأيه فليتبوأ مقعده من النار فكيف يجوز تقييد مطلق الكتاب و تخصيص عامه بالعقول بامثال هذه الادلة الوهمية و تأويل الكتاب و مايعلم تأويله الا الله و الراسخون في العلم.
قوله «نعم يشترط حصول الظن الطبيعي» و الموجود في النسخ الظن التبعي بالتاء و الظاهر انه غلط النساخ لما في الضوابط و مراده به كما في الضوابط الظن النوعي بصحة ما يرويه اهل اللغة.
قال: و في حجية قول اللغوي في الالفاظ المهجورة وجهان و المتصور في ذلك صور تظهر بالتأمل و اذا تعارض قول ناقل من اهل اللغة مع اخر فعن بعض انه ان كانت النسبة تبايناً كلياً او جزئياً فالاشتراك لفظاً او عموماً مطلقاً اخذ بالاعم كل ذلك تقديماً للمثبت علي النافي و لميتعرض للمتساويين و معذلك ففي تقديم المثبت كليةً كلام و في الاخذ بالاعم و عدم حمل المطلق علي المقيد اذا كان نقل الناقلين عن مبدأ واحد نظر و للتفصيل مجال.
اقول: قوله «و المتصور في ذلك صور» هي كون اللفظ مهجوراً دون المعني و كون المعني مهجوراً دون اللفظ و ذكر صوراً اخر في الضوابط و لااعرف وجه كونها صور هذه المسألة.
قوله «ان كانت النسبة تبايناً كلياً» كأنيقول واحد العين الجارحة و اخر يقول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۵ *»
العين الذهب و المصنف قال في مثله العين هو الفضة و لماجد في اللغة و لعله صرف تمثيل.
و قوله «او جزئياً» و المراد به العموم من وجه كأنيقول واحد ان الغناء هو الصوت المطرب و الاخر انه الصوت مع الترجيع.
قوله «فالاشتراك لفظاً» يعني لا منافاة بينهما و يصدقان.
قوله «او عموماً مطلقاً» كأنيقول واحد الصعيد وجه الارض و يقول الاخر انه التراب فاختلفوا في ذلك فقيل انه يؤخذ بالاعم اخذاً بالمثبت و قيل لانسلم تقديم المثبت اذا لميكن النفي مشروطاً بعدم المثبت و مقتضي القاعدة تخصيص العام بالخاص و تقييد المطلق و ستعرف في محله ان شاء الله ان تقييد المطلق و تخصيص العام اللذين ذاعا و شاعا حتي ملأ الاصقاع لا سند لهما ابداً من كتاب و لا سنة و لا دليل عقل و انما ذلك من المشهورات التي لا اصل لها فضلاً عن تقييد المطلق و تخصيص العام في الالفاظ المفردة هذا و حمل مطلق مجتهد علي مقيد مجتهد اخر لا معني له بوجه.
قال: ثم كلام اللغوي بعضه ظاهر في بيان الحقيقة و بعضه ظاهر في بيان المجاز و قد لايصير ظاهراً في شيء من الامرين و حينئذ ففي الوقف كما عن المشهور لان الاستعمال اعم منهما ام الاصل الحقيقة كما عن المرتضي; ام المجاز كما عن ابنجني وجوه اظهرها في الاصل الاولي الاول و في انقلابه وجهان.
اقول: يريد انيقول لاشك فيما اذا كان الظاهر من كلام اهل اللغة ان هذا المعني حقيقة او مجاز انه حجة و اما اذا لميظهر احدهما ففيه ثلثة اقوال الوقف و هو المشهور لان الاستعمال اعم منهما و الحمل علي الحقيقة لانه الاصل في الاستعمال و هو عن المرتضي و الحمل علي المجاز و هو مذهب من ذكره و اظهر هذه الوجوه عند المصنف قول المشهور لان الاستعمال اعم من الحقيقة و المجاز و في انقلاب هذا الاصل وجهان احدهما ان غرض اللغوي انتفاع الناس و الفائدة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۶ *»
في كون ما ذكر حقيقة اتم و ثانيهما ان اغلب ما ذكروا حقيقة فالمشكوك يحمل علي الغالب او المراد بالوجهين دليل دلّ علي الانقلاب و هو ما ذكرنا و دليل دلّ علي عدم الانقلاب و هو ان الدليل الاول يقتضي ذكرهم متحد اللفظ و المعني و المشترك معاً و اصالة عدم الاشتراك تقتضي عدم الحقيقتين فتتعارضان و تتساقطان فنرجع الي الاصل الاولي.
و لعمري من الحكم بهذه البراهين يمنع السماء رجعها و الارض صدعها ايّ هذه البراهين يكشف عن الواقع أبأتمية الفائدة يستكشف ما في ضمير اللغوي السني او غيره أهو معصوم لايترك الاولي و لايخالف الاتم و اللغوي يجري جميع اعماله علي البراهين العقلية ماهذه الكلمات التي لايصدر من متبع الهدي و المستعمل العاقل عند التفهيم اذا استعمل لفظاً عربياً بين العرب فان اراد منه ما يعرفون يستعمله من غيرقرينة و ان اراد ما لايعرفون ينصب له قرينة و الاستعمال يحتمل الحالين و الفرق بالقرينة و عند عدم القرينة و الشك كلام المعصوم المأمور بالابلاغ يحمل علي الحقيقة المعروفة و كلام غيره مقتضي الانسانية انيكون كذا ولكن لعل المتكلم كان سفيهاً او ضعيفاً او نسي القرينة او اهمل او نصب قرينة او كانت و لمنعلم او غير ذلك فيتوقف عن الواقع و يقال مقتضي كلام العاقل انيكون كذا و لانعرف من هذه القواعد شيئاً و لميحكم فيها كتاب و لاسنة.
قال: اصــل هنا علائم تدل علي الوضع التزاماً منها التبادر و هو لغة الاستباق و اصطلاحاً سبق المعني من بين المعاني الي الذهن لا سبق الذهن الي المعني كما توهم فالتبادر للعالم بالوضع ولو اجمالاً ان كان من حاق اللفظ تبادراً اولياً بطريق الاستقلال في المرادية غير ناش من ملاحظة القرائن تفصيلاً داخلة و خارجة حتي مثل الشهرة و الشيوع فهو علامة للجاهل ولو في مقام التفصيل سواءاً كانت تبادراً بالمعني الاخص مركباً من الاثبات و النفي ام بالمعني الاعم كما في المشتركات فالتبادر بقسميه علامة الحقيقة و عدم التبادر بالمعني الاعم و تبادر الغير بالمعني الاخص علامة المجاز و اما تبادر الغير بالمعني الاعم و عدم التبادر بالمعني
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۷ *»
الاخص فهما اعم من الحقيقة و المجاز ثم ان علمنا بفقد القرينة او بعدم الالتفات اليها و شككنا في انها مؤكدة ام صارفة ام مفهمة ام معينة فالوقف ان لمنقل باولوية التأسيس و يمكن انيفصل في المقام تفصيل اخر لايسع المقام ذكره ثم اذا حصل التبادر في لسان او زمان فالتعدي الي غيرهما يحتاج الي الضميمة اذ الدليل علي حجية التبادر و هو اتفاق العلماء و اطباق اهل اللسان و الاستقراء و بطلان الترجيح بلا مرجح لايقتضي ازيد من ذلك كما ان العمل به لايصح الا بعد التخلية التامة لاحتمال كون التبادر لاجل قرينة او عدمه لمانع و يظهر ذلك بملاحظة صحة السلب او عدمها عن المعني المتبادر او غيره.
اقول: قوله «منها التبادر و هو الاستباق» لماجد هذا المعني في كتب اللغة و الذي في كتب اللغة تبادر القوم اي تسارعوا و ليس التسارع بين اثنين بل تسارع بمعني سرع كما ان تبادر بمعني بدر و قوله تعالي و سارعوا الي مغفرة من ربكم فمعناه اسرعوا لا غالبوا غيركم و اعزموا علي انتسبقوا غيركم و بينهما فرق عظيم و اما الاستباق فهو بين المتعددين و عزم كل واحد انيسبق الاخر كقوله تعالي و استبقا الباب و قوله ذهبنا نستبق فالاستباق تفاعل بين اثنين و التبادر تسارع كل واحد من دون ملاحظة غير فلوجاء واحد سريعاً قيل تسارع و تبادر و لايقال استبق الا انيسابق غيره.
قوله «و اصطلاحاً سبق المعني من بين المعاني» فيه عجمة و العرب يقول سبق معني من بين المعاني و معذلك هو خطاء فان الواضع اذا وضع لفظاً مرتجلاً لمعني فانت اذا اطلعت علي وضعه فمهما تكلم تفهم منه الموضوعله و يقال في الاصطلاح تبادر الي ذهنك كذا و ليس هناك معان عديدة تتسابق الي ذهنك بل هو مسارعته الي ذهنك من دون اعانة قرينة و المتبادر من المتبادر انيفهمه السامع من اللفظ من دون روية و طلب شواهد و قرائن.
قوله «فالتبادر للعالم بالوضع» الي اخر يريد ان التبادر الي ذهن العالم بالوضع حجة للجاهل و الا فالانسان ان لميكن عالماً بالوضع لايتبادر الي ذهنه شيء و ان كان عالماً لايحتاج الي الاستدلال بالتبادر فالجاهل يتمسك بالتبادر الي ذهن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۸ *»
العلماء بالوضع.
قوله «ان كان من حاق اللفظ» الخ يعني اذا تبادر المعني الي الذهن من نفس اللفظ من غير قرينة فهو التبادر الوضعي عندهم و اما ان فهم من اللفظ بسبب القرائن كالشهرة في المجاز و الشيوع في الفرد الشايع و ما يكون قرينته مع اللفظ كرأيت اسداً يرمي الشجعان فهو التبادر الاطلاقي عندهم فالتبادر الذي هو لازم الوضع هو سبق المعني الي الذهن من نفس اللفظ من غير ضم شيء اخر اليه.
قوله «فهو علامة» الخ استدراك دفع بحث انه اذا قيل ما لميعلم الانسان بالوضع لايتبادر الي ذهنه شيء فكيف يكون التبادر سبب العلم بالوضع و ان دفعتم المحذور بشخصين فكيف تصنعون في شخص واحد قلنا ان الشخص الواحد ربما يكون من العوام و يعلم الوضع اجمالاً و لايعلمه تفصيلاً فبالتبادر يحصل له العلم الاستدلالي التفصيلي و هو فرق سخيف لميفرقه الا صرف الخيال الذي لا مأخذ له غاية الاستدلالات حصول العلم و هو حاصل له و هذا الفرق لايخطر بخلد باق علي الفطرة و قوله «غير ناش» غير صواب و الصواب غير ناشئ.
قوله «سواءاً كان» الخ يريد ان التبادر قسمان فاما يتبادر المعني من لفظ مع اليقين بنفي ماسواه كلفظ متحد المعني و اما يتبادر منه معني و لايعلم نفي ماسواه كتبادر معني من معاني المشترك اللفظي فهما معاً دليل الحقيقة الوضعية و عدم التبادر بالمعني الاعم و تبادر الغير بالمعني الاخص دليل المجاز و اما تبادر الغير بالمعني الاعم و عدم التبادر بالمعني الاخص فهما اعم من الحقيقة و المجاز و مراده ظاهر.
قوله «ثم ان علمنا» الخ الظاهر انه سقط من النسخة بعد قوله «بعدم الالتفات اليها» كلام و يشهد بذلك عبارات الضوابط بالجملة يريد انه ان لميكن قرينة او كانت و لمنلتفت اليها و تبادر معني الي ذهننا هو تبادر اجتهادي و ان احتملا و قلنا الاصل عدمهما فالتبادر حينئذ فقاهي و اما اذا حصل العلم بهما و شككنا ان القرينة مؤكدة الحقيقة او صارفة عن غيرها او مفهمة المعني المجازي او معينة احد معاني
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۳۹ *»
المشترك فالوقف ان لمنقل بان كون القرينة تأسيسية اولي من انتكون تأكيدية فان قلنا بذلك نفينا التأكيدية ثم ننفي الاشتراك باصل عدم تعدد الوضع ولكن المصنف لايقول باولوية التأسيس و يقول بالوقف من اول مرة.
قوله «و يمكن انيفصل تفصيل اخر» قدذكره في الضوابط و كتابه هذا مختصر لايسع ذلك التفصيل و هو يليق بالضوابط.
قوله «ثم اذا حصل التبادر» الخ التفت المصنف الي تحقيق اخر انه اذا حصل التبادر في لسان العرب او زمان الناظر لايجوز التعدي الي لسان الفرس و لا الي زمان سابق و التعدي يحتاج الي ضميمة كما يستدلون لان الامر حقيقة في الوجوب بالتبادر الان ثم يضمون اليه الاصل عدم النقل ففي زمان النبي9 ايضاً كان كذلك.
قوله «اذ الدليل علي حجية التبادر» الخ يقول ان الذي هو دليل علي حجية التبادر اتفاق العلماء علي انه كاشف عن الحقيقة و لا حجية في اتفاق العلماء لاسيما في المسائل العقلية الاجتهادية او العادية و اطباق اهل اللسان فاهل كل لسان يعرفون حقيقة اللفظ بما يتبادر في اذهانهم و الاستقراء فانا اغلب ما رأينا انه يتبادر منه معني كان حقيقته فنحمل المشكوك عليه و هو قياس محض لايفيد في الواقعيات علماً و لا ظناً و ان افاد ظناً لا دليل علي حجية الظن في مستنبطات العالم و قد مرّ و يأتي ان شاء الله في محله و ان الداعي الي التبادر اما هو القرينة و الفرض عدمها و اما الوضع فالمطلوب حاصل و الا لزم الترجيح بلامرجح ماادري علي من يلزم هذا الترجيح علي عاقل او غيرعاقل معصوم او غيرمعصوم تدبر و انصف و ايّ امتناع في الترجيح من غيرمرجح و كل سفيه يفعل ذلك.
فظهر لهم من هذه الادلة ان التبادر لازم الوضع و يحصل من العلم به العلم بالوضع و هذه الادلة لاتدل الا علي حجية التبادر في اللسان الواحد و الزمان الخاص فيحتاج في تسريته الي غيرهما الي ضم ضميمة.
و لي هنا كلام فاصغ اليه و انصف و هو ان معني التبادر انيسبق الي ذهن الانسان معني من اللفظ اذا سمعه و علة ذلك ان الواضع يتوجه الي مصداق فيقع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۰ *»
شبحه في ذهنه فيصوغ من الحروف المناسبة لفظاً علي هيئة مناسبة و ذلك الشبح الذي في نفس الواضع لهذا اللفظ الذي صاغه علي صفته كالروح للجسد ثم يقع شبح ذلك الروح في هذا الجسد و يكون مدلول اللفظ فيحيي اللفظ بذلك الشبح و يصير دالاً ثم من كان مطلعاً علي هذا الصوغ و ذلك الشبح فيه متي ما سمع ذلك اللفظ باذنه و كان ذاكراً لذلك الوضع انطبع شبح ذلك المدلول في نفسه و هو المفهوم و هذا المفهوم هو المتبادر الي الذهن و يراه النفس في مرءاة اللفظ المسموع فهذا التبادر من تخصيص الواضع و اطلاع السامع عليه و ذكره اياه و يشتد سرعة التبادر بعد بالعادة و الانس فمناط التبادر بعد الوضع الاطلاع و الذكر و قديكون هذا الوضع بوضع الواضع المشخص و قديستعمل قوم لفظاً في معني و يفهم بعضهم بعضاً مراده مع القرينة ثم يكثر استعماله فيه حتي يفهمون المعني بقرائن دقيقة و ادني اشارة ثم يكثر حتي يستغنون عنها و يعتاد نفوسهم بالانتقال الي ذلك المعني من غير قرينة فيتبادر ذلك المعني الي اذهانهم من غير قرينة فبعد ما طال الزمان و خفي علي الناس الوضع و لايعلمون هل تغير الوضع الاولي ام لا و لاينفع الاصل عدم التغيير في الامور الواقعية ببداهة العقول و لا ان الاصل في التبادر انيكون وضعياً ابداً ابداً و لا تكليف من الله في اجراء الاصل في هذا الموضع لايعلم الناس الا ما بايديهم و يتبادر الي اذهانهم المعاني المتداولة لا غير فلايدل التبادر علي غير المعاني العرفية و لايكشف عن غيب الله اصل و لا استقراء و لا اجماع ليس فيه معصوم و جميع ما قالوه غير ذلك خيالات من طبايع محرفة ليس لها في دين الله برهان و ليس لها عند من كان علي الفطرة خبر و هذه الاصول لاتورث علماً بالواقع و لا ظناً و انما تورث حيث تورث العلم بالتكليف لان المكلف كلّف رعيته بمفاد تلك الاصول و لميثبت من الشارع اجراء هذه الاصول في الامور الواقعية كما مرّ الاشارة اليه و نحن نعمل بما يتبادر الي اذهان العرف لان المعصوم قرّرنا علي تلك المعاني و مهما اراد غيرها عرّفنا اياه بالقرائن و الترديد و هو تكليفه لا تكليفنا و هو معصوم لايخطي.
و ان قلت انت في هذا الزمان و لعل عرفك غير عرف صدور الخطاب و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۱ *»
ما ذكرت يجري في زمان صدور الخطاب قلت اليوم لنا عرف نعرف به معاني الاخبار كما نعرف كتب السلف بقرائن لاتحصي و نحن مكلفون بتكليف و حجتنا حي اطال الله عمره و زاد في عزه و عجل بظهوره و هو مخاطبنا بكل هذه الخطابات فان عرف تكليفنا غير ما نعرف من الاخبار لبيّنه لنا و الا لقرّره و هو الشاهد المأمور من عند الله القادر علي الامتثال كما سيأتي ان شاء الله في محله فلا مانع له من ذلك و علي فرض وجود مانع هو ايضاً مقتضي حكم خاص فيحكم بذلك الحكم و هو حكم الله كل ذلك بالنصوص المستفيضة و الاصول المأثورة لا بالاجتهادات المنهية.
قوله «كما ان العمل به لايصح» الي اخر يقول شرط كون التبادر دليل الوضع انتخلي ذهنك من كل ما يصبغه و من التوجه الي كل قرينة فان تبادر الي ذهنك معني من دون قرينة هو دليل الوضع و ان لميتبادر فانظر هل عدمه لمانع ام لا و ميزان ذلك كله السلب فان صح فالتبادر اطلاقي و ان لميصح فوضعي و قد مرّ الحق في جميع ذلك.
قال: اصــل و منها صحة السلب و عدمها فصحة السلب اربعة اقسام صحة سلب كل الحقايق عن مورد الاستعمال و هي كاشفة عن مجازيته صرفاً و صحة سلب كل المجازات عن مورد الاستعمال و هي كاشفة عن حقيقته صرفاً و صحة سلب الحقيقة فيالجملة اي ولو بعضها عن مورد الاستعمال و هي كاشفة عن المجازية بالنسبة و فيالجملة و لاتنفي وضع اللفظ عن مورد السلب كليةً فلاتثمر و لاتكون علامة بالمعني المطلوب هنا و صحة سلب المجاز فيالجملة عن مورد الاستعمال و هذه لاتكشف عن شيء من المجاز و الحقيقة حتي بالنسبة فالاخيران ليسا بعلامتين و كذا الثاني ليس علامة لنا و ان كان تحققه في الواقع ملازماً للحقيقة (للحقيقية خل) صرفاً و ذلك لعدم حصر المجازات غالباً و للزوم الدور الغير المندفع فتأمل و القسم الاول علامة.
اقول: يريد من هذا الكلام ان احدي العلائم الكاشفة عن الحقيقة صحة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۲ *»
السلب و عدمها لان صحة السلب اما تتعلق بكل الحقايق او كل المجازات و اما بالحقايق مجملاً ولو عن بعضها و اما بالمجاز مجملاً ولو عن بعضه.
قوله «و لاتنفي» يعني اذا صح سلب الحقيقة فيالجملة عن محل الاستعمال يكشف عن المجازية بالنسبة الي تلك الحقيقة و فيالجملة و اما نفي وضع اللفظ عن محل الاستعمال كليةً فلا اذ يحتمل انيكون حقيقة اخري فهذا القسم الثالث ليس علامة للوضع.
و قوله «لاتكشف عن شيء من المجاز و الحقيقة» اما المجاز فلصحة سلب المجاز عن الحقيقة و اما الحقيقة فلان صحة سلب بعض المجازات عنبعض لاتدل علي ان المستعملفيه حقيقة.
قوله «فالاخيران ليسا بعلامتين» يعني لمعرفة الحقيقة كما عرفت و كذا الثاني لعدم الاحاطة بجميع المجازات حتي يعرف سلبها.
قوله «و ان كان تحققه» الخ يعني يمكن لنا العلم بسلب جميع المجازات اذا علم حقيقية مورد الاستعمال صرفاً لا بالنسبة و يلزم من ذلك دور لايندفع بقي القسم الاول و هو صحة سلب كل الحقايق و هو علامة المجاز و يحتمل انه سقط من المتن كلمة المجاز او مراده ان القسم الاول علامة يمكن الوصول بها او علامة لنا لكن علي المجاز و هذه التقاسيم محض اظهار فضل لا فائدة فيها و لايمكن اجراؤها ابداً و كان يكفي انيقول صحة سلب الحقايق دليل كون المستعمل فيه مجازاً.
قال: و تلك الاقسام الاربعة متصورة في جانب عدم صحة السلب و العلامة منها واحدة و هي عدم صحة سلب المعني الحقيقي فيالجملة عن مورد الاستعمال الكاشف عن كونه موضوعاً له و الثلثة الاخر علامات واقعية لا وصول اليها للدور الغير المندفع الا في بعض الصور فانحصرت العلامة في اثنين من الثمانية.
اقول: كما قلت سابقاً ان تشقيق هذه الشقوق التي هو بنفسه معترف انها واقعية و لايمكن الوصول اليها محض اظهار بسط الخيال و الوهم و لا فائدة فيه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۳ *»
و الذي ينفع ان عدم صحة سلب اللفظ عن مورد الاستعمال دليل علي ان المورد حقيقة اللفظ و العمر اعز من صرفه فيما لايمكن الوصول اليه من ساير التقسيمات.
قال: و الدليل علي كونهما علامتين اتفاق العلماء و اهل اللسان و الاستقراء التام و لزوم خلاف الفرض لولا ذلك و لا دور في هذين القسمين مصرحاً و مضمراً لاعتبار تعدد الشخص ولو بالاعتبار كما مرّ في التبادر فقول العالم ان الذهب ليس بعين يتبادر منه سلب كل المعاني و يصير علامة و يكون المستعملفيه لفظ العين في هذا الكلام هو القدر المشترك مجازاً بقرينة التجرد عن القرينة المعينة لاحدي الحقايق و قديجاب عن الدور باجوبة ضعيفة.
اقول: قوله «و الدليل علي كونهما علامتين اتفاق العلماء» هذا استدلال بباطل لان معرفة اتفاق العلماء اولاً علم غيب لايدعيه الا من احاط بعلماء الاعصار و الامصار و البراري و البحار و الجبال و القفار و ان كان المراد بعض العلماء فلا حجية فيه علي شيء ثم اتفاق العلماء لو كان كاشفاً عن حق لكان الحق مع العامة في قولهم بحجية اجماع الامة و ايّ حجية في اتفاق العلماء اذا لميكن فيهم معصوم و انتم تقولون ليس من شأن المعصوم بيان الموضوعات فلميقل المعصوم ان التبادر و عدم صحة السلب من علائم الحقيقة فليس المعصوم بداخل في الجماعة فليس هذا الاتفاق بعد العلم به بالاجماع المعروف الذي يشترط فيه دخول المعصوم و اذ لميكن اجماعاً فلا حجية فيه هنا و في كل موضع يستدل باتفاق العلماء هذا و هذه المسائل المتداولة كلها مستحدثة لميكن لها في صدر الاسلام عين و لا اثر و انما حدثت شيئاً بعد شيء فاين الاتفاق و اين الاجماع و لذلك منع بعض المجتهدين الاستدلال بالاجماع في المسائل الاصولية لانها مستحدثة.
و قوله «و اهل اللسان» هذا استدلال اخر بباطل لان لاهل اللسان عدد لايحيط به الا الله و المصنف لايحيط بهم و قول بعضهم لايجدي هذا و العرب يتكلم بالالفاظ و اين العرب البوالون علي اعقابهم المتبعون المواشي في البراري يعرفون التبادر و عدم صحة السلب و التشقيقات التي احدثها المصنف و استاده
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۴ *»
من غزارة علمهما.
قوله «و الاستقراء التام» يعني نحن تتبعنا كثيراً من المواضع و رأيناه اذا لميصح السلب كان المستعمل فيه موضوعاً له ففي جميع الموارد هكذا و هذا الاستدلال فرع حجية القياس في الموضوعات المستنبطة و حجية الظن المطلق و لا شك ان العامل بالقياس في الالفاظ عامل بالظنون و ستعرف حق العمل بالظن في محله.
قوله «و لزوم خلاف الفرض» يريد انك بعدم صحة سلب المعني الحقيقي تستدل علي كون المستعمل فيه حقيقة فلو كان المعني الذي لايصح سلبه مجازاً لزم خلاف الفرض.
قوله «و لا دور مصرحاً و مضمراً» الي اخر فالدور المصرح انيقف الشيء علي ما يقف عليه بلاواسطة و المضمر انيكون ذلك بواسطة او وسائط فيقول ان قال قائل ان كون عدم صحة السلب علامة الحقيقة يستلزم الدور المصرح لان معرفة كون المستعمل فيه حقيقة موقوف علي معرفة عدم صحة سلب المعني الحقيقي عنه و هي موقوفة علي معرفة الحقيقة فهو دور مصرح و كذا كون صحة السلب علامة المجاز يستلزم الدور المضمر لان معرفة كون المستعمل فيه مجازاً موقوفة علي معرفة صحة سلب جميع الحقايق و هذه موقوفة علي معرفة جميع الحقايق و هذه موقوفة علي معرفة كون المستعمل فيه و امثاله مجازاً فهو الدور المضمر فاجاب المصنف عن هذا بما اجاب في التبادر ان عدم صحة السلب عند العالم علامة الحقيقة للجاهل و كذا صحة السلب عند العالم علامة المجاز للجاهل و اذا كان شخص واحد فمعرفته الاولي مجملة و معرفته الثانية مفصلة فلا دور كما مرّ في التبادر ولكن الجواب الحق هو الاول يعني اذا سمعت لفظاً استعمل في معني و انت تشكّ في كون هذا المعني حقيقةً ام مجازاً او تجهلهما و تريد انتعلم ذلك و لمتعرفه من اهل اللسان اذ لمينصوا علي ذلك علي الاثبات فتستفيد معرفة ذلك منهم من وجه اخر فتنظر هل ينفون عن هذا المعني هذا اللفظ ام لا فان كانوا لاينفونه فتعرف انه حقيقة و ان كانوا ينفونه فتعرف انه مجاز او تختبرهم من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۵ *»
وجه اخر انهم في موارد استعمالاتهم هل يستعملون هذا اللفظ و يفهمون منه هذا المعني من غير قرينة ام لا فان كان المتبادر الي اذهانهم هذا المعني فهو حقيقة و الا و لايفهمون منه هذا المعني الا بانضمام الضمايم فهو مجاز هذا اصل الكلام و جميع ما سواه نفخ في غير ضرام و لايكون ذلك من شخص واحد و تفاوت فهميه بالاجمال و التفصيل خيال لا طائل تحته و هذه التدقيقات لاتقع في الخارج و لاتميز و لاتعرف و حاصل العلم الاجمالي و التفصيلي واحد و هو العلم و هو حاصل و لايندفع به الدور و الجواب محض لفظ.
قوله «فقول العالم» الخ هو جواب عن بحث باحث ان قول القائل الذهب ليس بعين مجردة عن القرينة و حملكم اياه علي ارادة سلب كل الحقايق يستلزم استعمال المشترك في اكثر من معني و هو ممنوع فاجاب عنه ان العين تطلق في هذا المثال علي القدر المشترك مجازاً و قرينته خلوه عن القرائن فنفيه مستلزم لنفي كل المعاني.
و هذا الكلام منه مشعر بانه معترف بمنع استعمال اللفظ المشترك في معانيه و هذا الرأي علي خلاف اجماع المحمد: فان مذهبهم جواز استعمال اللفظ في اكثر من معني و يدل عليه عموماً قول ابيعبدالله7 في حديث ان الكلمة من كلامنا لتنصرف علي سبعين وجهاً لنا من جميعها المخرج و بهذا المضمون احاديث كثيرة و قال علي7 تأويل كل حرف من القرءان علي وجوه و يدل عليه جميع التفاسير المختلفة الواردة في تفسير القرءان و هي في نظر الاغيار مختلفة و يبتغون لها الترجيح و في نظر الابرار صحيحة مستعملة في معان حقيقية و جايز عندهم و يدل علي ذلك خصوصاً ما روي عن ابيعبدالله7 اذا اردت الحجامة و خرج الدم من محاجمك فقل قبل انيفرغ و الدم يسيل بسم الله الرحمن الرحيم اعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم و من كل سوء ثم قال و ماعلمت انك اذا قلت هذا فقدجمعت الاشياء ان الله يقول لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير و مامسني السوء يعني الفقر و قال و كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء يعني انيدخل في الزني و قال ادخل يدك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۶ *»
في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء قال من غير برص انتهي و الاخبار في ذلك لاتحصي كثرةً و لما كان بناء القوم متابعة العامة يقولون بما قالوا من غير مراجعة للاخبار و ينتج امثال هذه المسائل.
قال: ثم عدم صحة السلب لايكشف عن الحقيقة بنحو التطابق بل يكشف عن احد الامور اما تطابقه مع الموضوعله حقيقةً او اتحاده معه مصداقاً او كونه فرداً له و اذا وجدت هذه العلامة في زمان او لسان احتاج التعدي الي غيرهما الي ضميمة كما مرّ في التبادر و هي لاتجري في مثل المبهمات و لا مثل هيئة اضرب و يمكن اختلاف المادة و الصيغة فلا ملازمة بينهما ثم متي شككنا في كون العلامة مقترنة بقرينة مضرة بكونها علامة عملنا بالاغلب و مع فقده فالوقف و الا حصل التعارض بينها و بين العلامة السابقة فحال الاجتهاديتين و المختلفتين واضحة و في الفقاهيين تقدم هذه العلامة لقوة الاستقراء في جانبها.
اقول: يريد انيقول ان عدم صحة السلب لايكون دليل الحقيقة فانا نري انه لايصح سلب احد المتساويين عن الاخر فلايصح الانسان ليس بناطق و لا العكس مع ان لكل واحد حقيقة غير الاخر بل و كذلك في العرض العام و الخاص فلايصح الانسان ليس بماش و لا ليس بضاحك و كذا لايصح سلب الكلي عن الافراد فلايقال للفرس ليس بحيوان فيكشف عن احد هذه الامور مجملاً فلابد في تعيين احدهما من القرينة.
قوله «و اذا وجدت هذه العلامة» الخ قد مرّ في اصل التبادر بيانه.
قوله «و هي لاتجري في مثل المبهمات» الخ يعني عدم صحة السلب لايجري في مثل الحروف فلايقال «من» ليس «في» مثلاً لانه مستهجن نعم يقال هنا موضع استعمال «في» و ليس موضع استعمال «من» مثلاً و كذلك لايقال «اضرب» ليس «اقعد» نعم يقال لمن قعد ماضرب و لمن يقعد لايضرب و هذا بيان سخيف خال عن تحقيق فان المراد من صحة السلب و عدمها ليس سلب لفظ عن لفظ و كل لفظ ليس بلفظ اخر و انما المراد ان المصداق الخارجي هل يصح سلب اللفظ عنه ام لا مثلاً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۷ *»
جثة الذهب في الخارج لايصح انيقال انها ليس بذهب فهي حقيقته و مصاديق الالفاظ مختلفة فبعضها اجسام و بعضها افعال و بعضها صفات و بعضها نسب و بعضها ارواح وهكذا و مصاديق الحروف نسب فانت اذا قصدت مصداق «في» ثم قلت هذا ليس «من» يعني ليس يعبر عنه بلفظ «من» صح و ايّ استهجان فيه و كذلك اذا نظرت الي مصداق اضرب و هو طلب الضرب و تقول هذا ليس اقعد صح و لا استهجان فيه فتبين انه سنح للمصنف خيال حسبه تحقيقاً فابرزه و لميك شيئاً و العبرة بالمعاني لا الالفاظ.
قوله «و يمكن اختلاف المادة و الصيغة» الخ تعبير مجمل فانه يريد انيقول لايجوز اثبات لفظ لمعني لاجل انه من نوع لفظ اخر كما ان لفظة «ما» للاستفهام فلايعم لفظة «ما» الاستفهام عن المكان و ان كان لايصح سلب الاستفهام عن الاستفهام عن المكان فالاستفهام يعمهما و لفظة «ما» لايعمهما و كذلك الامر في الاسماء الموصولة و الاشارة و الضماير و امثالها و ليس بشيء لان لفظ الاستفهام للحد المشترك بين المقامين و ما و اين مثلاً للخصوصية و لاجل ذلك لاتردان اي لفظة الاستفهام و لفظة ما مورداً واحداً.
قوله «ثم متي شككنا» الخ يريد انيقول متي علمنا ان صحة السلب او عدمها مجردة عن القرينة كقولك الجدار ليس بشجر او كقولك الاسد هذا ليس باسد فلاريب في كونهما علامة اجتهاداً و كذا اذا علمنا بوجود قرينة علي ارادة اثبات التسمية او نفيها كقولك للشجاع ليس باسد مفترس او ليس باسد متكلم و اما اذا علمنا بوجود قرينة عند صحة السلب او عدمها و شككنا في انها قرينة التسمية او قرينة اخري مضرة بالعلامة او شككنا في وجود القرينة و علي فرضه في نوعها عملنا بالاغلب يعني اذا كان الغالب عدم صحة السلب حكمنا بان المستعمل فيه حقيقة اللفظ و ان كان صحة السلب غالبة حكمنا بالمجازية و ان شككنا في الغلبة فالوقف و الرجوع الي ساير القواعد.
و لعمرك هذه التشقيقات لايكاد يتفق الانتفاع بها في الفقه و لمنر احداً من المتقدمين و المتأخرين احتاج الي هذه التشقيقات هذا و علي فرض تمامية القاعدة و الادلة نقول لايجوز التعويل علي القواعد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۸ *»
العقلية في دين الله و التفريع عليها ابداً و يجب علي كل مسلم انيتبع المحمد: فيما بلغه عنهم فما ذكره في هذا الكتاب من الادلة العقلية ان كان تاماً لايجوز التعويل عليه فكيف اذا كانت مخدوشة كما تري و انما لمنجوز التعويل عليه لما روينا من الاحتجاج عن يونس بن يعقوب قال كنت عند ابيعبدالله7 فورد عليه رجل من اهل الشام فقال اني رجل صاحب كلام و فقه و فرايض و قدجئت لمناظرة اصحابك فقال له ابوعبدالله7 كلامك هذا من كلام رسولالله9 او من عندك فقال من كلام رسولالله بعضه و من عندي بعضه فقال ابوعبدالله7 فانت اذاً شريك رسولالله9 قال لا قال فسمعت الوحي عن الله قال لا قال فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسولالله9 قال لا فالتفت اليّ ابوعبدالله فقال يا يونس هذا خصم نفسه قبل انيتكلم ثم قال يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلّمته قال يونس فيالها من حسرة فقلت جعلت فداك سمعتك تنهي عن الكلام و تقول ويل لاصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد و هذا لاينقاد و هذا ينساق و هذا لاينساق و هذا نعقله و هذا لانعقله فقال ابوعبدالله7 انما قلت ويل لهم ان تركوا ما اقول و ذهبوا الي ما يريدون الخبر.
فنحن نقول للمصنف ما تذكره في هذا الكتاب غيرمستند الي كتاب و سنة هل هو من كلام رسولالله9 ام من كلامك لايقدر انيقول من كلام رسولالله9 فانه يؤخذ به و يطالب و يعجز عنه اذ لو كان لهم حديث لجعلوه كجلدة ما بين اعينهم و لماخلت منه كتبهم قديماً و حديثاً و لمااحتاجوا الي هذه الوهميات و الامور الغثة الرثة فنقول له فاذاً انت شريك رسولالله9 يقول و تقول و يجب علي الخلق انيكونوا بينكما كالثنوية و له الاحكام الوحيية و لك الاحكام العقلية فان قال لا فنقول فهل يجب علي هذا الخلق انيصدقوك و يجتنبوا من مخالفتك ام لا فان قال لا قلنا فنحن اذاً نخالفك و لا علينا شيء و يسع خاص الامة و عامها انكار ما تقول و لو كان لك برهان من الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۴۹ *»
لكان الرد عليك رداً علي رسولالله9 و لميك يجوز علي احد انيرد عليك كما روي عن ابيعبدالله7 في حديث اذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلميثق به فهو كافر و اما من لميسمع فهو في عذر حتي يسمع ثم قال يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين و في التوقيع الرفيع فانه لا عذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا قدعرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم و عن ابيبصير قال قلت لابيعبدالله ارأيت الراد عليّ هذا الامر كالراد عليكم فقال يا بامحمد من رد عليك هذا الامر فهو كالراد علي رسولالله فمن يكون لقوله برهان و هو علامة الصدق علي الله كما قال عز من قائل قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين و البرهان هو الكتاب و السنة كما قال لقدجاءكم برهان من ربكم لايجوز رده و الرد عليه رد علي الله.
و ان قلت فلم نري المحدثين منكم يخالف بعضهم بعضاً و يرد بعضهم علي بعض قلت انهم يردون علي درايات اصحابهم للروايات لا رواياتهم و هذا مما لايضر فمن كان له كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها يجب علي الكل قبوله و اما ما استنبط من هذين باستخراج العقول فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما خفي عنك ضوؤه نفيته.
بالجملة هذه المسائل و هذه التحقيقات مما لمينزل فيه كتاب و لميرد به سنة و انما هي محض استحسان العقول الخارجة عن الاعتدال بكثرة الجدال بقولكم هذا نسلمه و هذا لانسلمه و هذا نعقله و هذا لانعقله و قدقال اميرالمؤمنين7 قولوا ما قيل لكم و سلموا لما روي لكم و لاتكلفوا ما لمتكلفوا فانما تبعته عليكم و احذروا الشبهة فانها وضعت للفتنة وقيل لابيجعفر7 تركت مواليك مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض قال و ما انت و ذاك انما كلّف الله الناس ثلثة معرفة الائمة و التسليم لهم فيما يرد عليهم و الرد اليهم فيما اختلفوا فيه انتهي فلا فائدة في هذه الاقوال و الاراء و الابحاث الا انا لما التزمنا شرح كتابه لابد لنا اننذكر تحت كل كلام ما يسنح ليتبين الرشد من الغي.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۰ *»
قوله «و اذا حصل التعارض» الخ يعني اذا حصل التعارض بين التبادر و عدمه و بين صحة السلب و عدمها اما الاجتهاديان فهو غيرممكن عقلاً و هو ممكن عقلاً لان اجتهادك اليوم ربما يخالف اجتهادك امس و القوم مخطؤن في الاجتهاد فربما يعارض اجتهاد صواب اجتهاد خطاء فكيف لايتعارضان و اما الاجتهادي و الفقاهي فالاجتهادي مقدم لكون العلم معه و هو اقوي من الظن.
و قوله «فحال الاجتهاديتين و المختلفتين» فيه عجمة ان اراد التبادر و عدم صحة السلب و الصواب الاجتهاديين و المختلفين و ان اراد العلامتين فالفقاهيين غلط و اما اذا تعارض الفقاهيان يقدم عدم صحة السلب لقوة الاستقراء في جانبها كما لو وقع تعارض عدم صحة السلب غالباً مع عدم التبادر غالباً او العكس فيقدم عدم صحة السلب لعدم تخلفه و قديتخلف التبادر و مما يؤكد عدم فائدة هذه الابحاث قوله في الضوابط و الحق انا لمنجد لذلك مورداً.
قال: اصــل الاطراد كون اللفظ المستعمل في معني موجود في مورد جايز الاستعمال في كل مورد وجد فيه هذا المعني بعد العلم بعدم مدخلية خصوصية المورد الذي رأينا استعماله فيه لاجل المعني الموجود فيه و عدم الاطراد ضده و اختلفوا في كونهما علامة علي اقوال ثالثها ان الاطراد ليس علامة الحقيقة و عدمه علامة المجاز و الحق وجود الاطراد في كل المجازات كالحقايق بناء علي المختار من اشتراط وحدة الصنف في العلايق كما هو لازم من يقول بنقل الاحاد ايضاً فلايكون شيء منها علامة اما الاطراد فلاعميته و اما عدمه فلعدم وجوده و اما استدلالنا بهما في بعض الموارد فلكشفهما عن التبادر الغالبي و عدمه لا للاعتماد عليهما انفسهما.
اقول: الاطراد في الامر لغةً سوق بعضه بعضاً يقال اطرد الامر اطراداً بقلب تاء الافتعال طاءاً طرد بعضه بعضاً اي ساق و الماء كذلك و الانهار جرت و علي هذا فقولهم اطرد الحديث اي تتابعت افراده و جرت مجري واحداً كجري الانهار و الامر تبع بعضه بعضاً و جري و الامر استقام و في الاصطلاح كون اللفظ
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۱ *»
المستعمل في مورد لمعني جايز الاستعمال في كل مورد وجد فيه ذلك المعني كما ان الضارب مثلاً اذا استعمل لزيد اذا ضرب جايز الاستعمال في غير زيد اذا حدث منه الضرب و وزن الفاعل لمن قام به المبدأ اذا وجدنا الضارب و الاكل و الشارب و النائم مثلاً لمن قام به مباديها و عدم الاطراد عدم جواز استعماله في غير ذلك المورد و ان وجد فيه المعني كاستعمال القارورة في الزجاجة لانه يستقر فيها شيء و لايستعمل في غيرها كالكاس و ان كان يستقر فيها شيء.
و الحقوا بهذا الباب اطراد الاستثناء عن الجمع المحلي او المضاف كاكرم العلماء الا زيداً او اكرم علماء البلد الا زيداً فاطراد الاستثناء فيهما يدل علي كونهما موضوعين للعموم و عدم اطراد الاستثناء في المفرد المحلي و المضاف دليل المجاز كاتبع السلطان الا انيأمر بالعصيان و اتبع امر السلطان الا في قتل النفس و هذا ليس بمطرد فانك لاتقول اتبع الرجل الا زيداً كذا قالوا فان ارادوا محض التمثيل فلهم ذلك و الا فالمفرد المحلي يدل علي العموم لما روي عن ابيعبدالله7 انه قال فقد لابي بغلة فقال لان ردّها الله عليّ لاحمدنه بمحامد يرضاها فمالبث ان اتي بسرجها و لجامها فلما استوي عليها و ضم اليه ثيابه رفع رأسه الي السماء و قال الحمدلله و لميزد ثم قال ماتركت و ماابقيت شيئاً جعلت جميع انواع المحامد لله عزوجل فما من حمد الا و هو داخل فيما قلت انتهي فالجنس المحلي للعموم هذا و ما يتراءي من عدم صحة اتبع الرجل الا زيداً لان النفس تزعم ان الرجل معهود و الا لو قصدت جنس الرجل دون المرأة صح الاستثناء قال الله عزوجل ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا.
بالجملة اختلفوا في كون الاطراد و عدمه علامة علي ثلثة اقوال الاثبات المطلق و النفي المطلق و التفصيل بان الاطراد ليس علامة للحقيقة لانا وجدنا المجاز ايضاً مطرداً كما انك تطلق الاسد علي زيد الشجاع و اينما وجد الشجاعة يطرد اطلاق لفظ الاسد و عدم الاطراد علامة المجاز.
قوله «و الحق وجود الاطراد في كل المجازات» الخ اختار المصنف ان الاطراد يوجد في كل المجازات علي ما اختار من اشتراط وحدة صنف العلايق التي بها
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۲ *»
يصح استعمال المجاز و عدم الاقتصار علي نقل احاد المجازات و اكتفائه بالاذن النوعي و لايكتفي بوجود العلاقة النوعية و علي هذا لايوجد عدم الاطراد حتي يكون علامة للمجاز و ان اشترطنا نقل احاد المجازات ايضاً يكون المجازات ايضاً مطردة و علي المشهور من الاكتفاء بالعلاقة النوعية يوجد عدم اطراد و لايلزم منه كون الاطراد علامة الحقيقة لان الاطراد يوجد في بعض المجازات قطعاً.
قوله «اما الاطراد» الي اخر يعني اما الاطراد فليس علامة الحقيقة لاعميته و وجوده في جميع المجازات و اما عدم الاطراد فلعدمه علي ما اختار و الذين اكتفوا بالعلاقة النوعية يوجد علي مذهبهم عدم الاطراد في المجاز فيجعلون عدم الاطراد دليل المجاز.
و اورد علي المثبتين مطلقاً علي اختيارهم كون الاطراد علامة وجوده في المجاز و علي عدمه مثل اطلاق الفاضل و السخي علي الله و الرحمن علي الغير و القارورة علي غير الزجاجة و هذه الامثال ان كانت محض تمثيل فلا مانع منه و ان كانت علي الحقيقة فقداخطأوا فان الفاضل من اسمائه تعالي كما ورد في دعاء قاف انت الله الصادق الخالق الرازق البارئ الفاضل الدعاء و قدذكر الكفعمي في الاسماء المأثورة التي رتّبها علي ترتيب الحروف للضبط يا فرد يا فاصل يا فاضل و اما السخي فقدروي في دعاء الصحيفة سبحانه من تواب مااسخاه و سبحانه من سخي ماانصره و اما الرحمن فليس اطلاقه علي غير الله ممنوعاً من جهة اللغة و انما هو من جهة الشرع و رحمن يمامة معروف و اما القارورة فالذي في اللغة القارورة حدقة العين و ما قرّ فيه الشراب و نحوه او يختص بالزجاج و وعاءالرطب و تطلق القارورة علي المرأة لان الولد او المني يقر في رحمها كما يقر الشيء في الاناء تشبيهاً بانية زجاج لضعفها و الذي اري لا من جهة انابتني عليه مسألة شرعية بل من جهة بيان مايدركه العقل من هذه المسألة ان المصنف قداخطأ الصواب و اصاب الخطاء.
و الحق في المسألة ان الحقيقة لاتحتاج الي غير وضع الواضع و ليس دلالة اللفظ عليها من جهة علاقة و اما المجاز فدلالته موقوفة علي العلاقة و هي متممة المعني في صحة اطلاق اللفظ عليه فاذا اطرد لفظ في الموارد من دون ملاحظة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۳ *»
العلايق فهو علامة الحقيقة و لايطرد في المجاز هكذا فلاتجد مطرداً هكذا في غير الحقيقة و كون المجاز ايضاً مطرداً في ما يجوز استعمال اللفظ فيه مجازاً لايقدح في ذلك فانه مع القرينة و عدم الاطراد دليل المجاز قطعاً و تخصيص العلاقة بالصنفي محض التزام لما ليس بلازم فانك تقول للرجال الطوال النخل لصرف طولهم و صرف الطول موجود في الحائط و لاتقول له نخل فتري ان الطول صنفاً كان او نوعاً سوّغ اطلاق لفظ النخل علي الانسان الطويل و لميسوّغ للحائط الطويل و علي هذه فقس ما سويها ولكن مدار الاحكام علي تنبيه المحمد: لا علي عقولنا فانا لانعول علي العقول في الجزئيات و لاسيما في محل الاختلاف و نوجب الرجوع الي المحمد: فلانحتاج الي معرفة مسألة الاطراد و عدمه فتنبه.
قال: اصــل هل الاصل في الاستعمال المجاز كما عن ابنجني ام الحقيقة مطلقاً كما عن المرتضي ام الحقيقة مع وحدة المستعملفيه و الوقف مع تعدده كما عن المشهور وجوه و نسبة الوقف مطلقاً الي المشهور سهو و الحق في المتحد الحقيقة للاتفاق و لايضر مخالفة ابنجني و لاطباق اهل العرف عليه و للاستقراء و ان شككنا في وحدة المستعملفيه و تعدده نفينا الزايد بالاصل و استدلال ابنجني بان اكثر اللغة مجازات ليس في محله ان اراد اكثر الاستعمالات و ان اراد اكثر المفاهيم فهو مسلم في غير متحد المعني.
اقول: ارادوا تحصيل دليل اخر علي الحقيقة فاختلفوا في الاستعمال هل هو دليل علي الحقيقة ام لا و قالوا ان علم ان اللفظ حقيقة في ايّ معني و مجاز في ايّ معني ثم استعمل اللفظ من غير قرينة فالاصل فيه الحقيقة و ان لميعلم حقيقته و مجازه و استعمل فالقوم مختلفون في الاصل فيه علي اقوال ثلثة و قد ذكرها المصنف و كلامه ظاهر.
و قوله «نسبة الوقف الي المشهور سهو» دليله عنده ان الاقوال ثلثة و علي فرض كونه قولاً ليس مشهوراً و هو كما تري
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۴ *»
ثم قال «و الحق في المتحد» يعني اذا كان لللفظ معني واحداً «الحقيقة» و احد ادلته الاتفاق و قد عرفت سابقاً ان الاتفاق دليل اهل السنة و الجماعة و ليس اتفاق المخطئين بحجة و ان قلت انه يحصل منه الظن قلت حجية الظن في هذه المقامات لا دليل عليها و قدعرفت و تعرف حالها مع ان ادعاء الاتفاق ادعاء علم الغيب و اتفاق البعض لا حجية فيه.
و قوله «لايضر مخالفة ابنجني» يعني لانه معروف النسب و هذه الادلة التي يستعملها اهلها في محلها والمصنف اتي بتلك الالفاظ في غير محلها و لغير معني و خروج معروفالنسب لايضر باجماع يشترط فيه وجود مجهول النسب و لا دخل لهذا اللفظ باتفاق اصحاب الرأي في رأيهم.
و قوله «و لاطباق اهل العرف» هو ادعاء غيب اخر و ادعاء نبوة و عرف الاعصار و الامصار مختلف و العرف لهم اطلاق الالفاظ حسب و ليس لهم تحقيق مسائل يتكلم فيها العلماء ولو كان بديهي العرف لما اختلف العلماء فيه.
و قوله «و للاستقراء» و القياس الاستقرائي لايفيد الا الظن و الكلام في حجيته و الحق عدم حجيته فان القرءان حق و ماذا بعد الحق الا الضلال و الله عزوجل يقول ان الظن لايغني من الحق شيئاً و الجنس المحلي يفيد العموم كماعرفت بالكتاب و السنة فلا شيء من الظن يغني من الحق.
و قوله «و ان شككنا» الي اخر اجراء اصل العدم في الحقايق الواقعية خطاء محض لا برهان عليه من الله و رسوله و لايفيد علماً و لا ظناً.
و قوله «و استدلال ابنجني» الخ بلي انه اقوي من استقراءاتكم و انه استقراء قوي و علي حجية الاستقراء ينبغي المصير الي قوله.
و قوله «ان اراد اكثر الاستعمالات» يعني كون اكثر الاستعمالات مجازاً لايدل علي الوضع و كون اكثر المفاهيم مجازاً في غير متحد المعني ممكن و اما في متحد المعني فلايمكن لان المعني لايمكن انيكون مجازاً لان المجاز فرع الحقيقة و ان شككنا نحن في مجازية المفهوم كيف يجوز الاستدلال باغلبية المجاز في الاستعمال و ان ادعي ذلك في المفهوم ففي غير متحد المعني مسلم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۵ *»
لكن لايجري في متحد المعني فلايعم.
و الحق في المسألة ان الواضع وضع الالفاظ علي معانيها للتخاطب و علّمها قوماً و عليها بناء تخاطبهم و اذا تغيرت بحسب تغيير العرف يتخاطبون علي حسب حقايقهم العرفية و العاقل الحكيم و المعصوم اذا تكلما من غير قرينة يتكلمان علي الحقيقة العرفية المعروفة بينهم اذ غيره سفه و لايصدر منهما و اما غيرهم من اهل اللسان و فيهم السفيه و البدوي و الجاهل و النساء و الصبيان و اللاهي و الساهي و الغافل و غيرهم فهم اذا تكلموا من غير قرينة فلا دليل علي ان الاصل في الاستعمال الحقيقة علي معني ان الظاهر انهم يتكلمون علي الحقيقة سواءاً علم الحقيقة ام لمتعلم بل ربما يتكلمون علي الحقيقة علي الفطرة و ربما يتكلمون في معني مجازي و يغفلون او يسفهون و يتركون نصب القرينة فاستعمالهم اعم من الحقيقة و المجاز في الواقع و لذلك نحن لانجوز الاستشهاد في لغة او اعراب بكلام جهال العرب فانهم يخطؤن في كلامهم كما يخطئ جهال ساير اللغات و ليسوا كلهم بادباء و نحن لانعرف هذه الاصول الا ان بناء الشرع علي الحمل علي الحقيقة و الا لبطلت المعاملات و الايقاعات و الشروط و الاقارير كلاً و قد قال رسولالله9 اقرار العقلاء علي انفسهم جايز و قال ابوعبدالله7 المؤمن اصدق علي نفسه من سبعين مؤمناً وقال لااقبل شهادة الفاسق الا علي نفسه و عن محمد بن اسمعيل بن بزيع قال سألت اباالحسن7 عن امرأة احلت لي جاريتها فقال ذلك لك قلت فان كانت تمزح فقال و كيف لك بما في قلبها فان علمت انها تمزح فلا انتهي الي غير ذلك من الاخبار في ساير ابواب الاخبار و لولا ذلك لميقم للمسلمين سوق و ذلك حكم شرعي و ليس له اصل حقيقي يعرف منه الواقع.
فتبين ان الاستعمال من غير المعصوم و الحكيم في نفسه اعم من الحقيقة و المجاز و منهما يحمل علي الحقيقة لانهما اجل من انيسفها في كلامهما و اما ساير الناس فلا ولكن بني الشرع علي الحمل علي الحقيقة فافهم ذلك و نحن لانعرف شيئاً من هذه الاصول و لانجريها و لانحتاج اليها و الحمدلله.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۶ *»
قال: و اما في المتعدد فبين المعنيين اما ان لايكون مناسبة و لا جامع قريب فحكمه الحقيقة فيهما خلافاً لابنجني وفاقاً للمشهور و قد مرّ بطلان دليل ابنجني و احتمال معني ثالث لو كان منفي بالاصل المقدم هنا علي اصالة عدم الاشتراك لبناء العرف فتعين الاشتراك اللفظي و اما بينهما المناسبة دون الجامع القريب فابنجني علي المجاز و المرتضي علي الاشتراك اللفظي و المشهور ان احدهما حقيقة و الاخر مجاز و لايحتمل الاشتراك المعنوي حينئذ و الاصح الاشتراك اللفظي ان علمنا بعدم ملاحظة المتكلم المناسبة في شيء من المعنيين و الحقيقة و المجاز ان علمنا بالملاحظة في احدهما دون الاخر و ان علمنا بالملاحظة فيهما احتمل كونهما مجازين بلاحقيقة و ينفيه الندرة و الاشتراك اللفظي باستعمال كل من المعنيين في الاخر بالمناسبة فيكون كل واحد حقيقة بنفسه مجازاً بالنسبة الي الاخر و كون احدهما حقيقة صرفة و كان ملاحظة المناسبة فيه من باب المقارنة الاتفاقية و الاخر مجازاً صرفاً و ينفيه القلة فتعين الاوسط بقي صور ثلث اخر تظهر مع حكمها بتأملما و اما بينهما الجامع القريب دون المناسبة فالسيد علي الاشتراك و ابنجني علي المجاز فيهما و المشهور علي الاشتراك المعنوي و لايتصور الحقيقة و المجاز حينئذ او بينهما الجامع و المناسبة فابنجني علي المجاز فيهما و السيد علي الاشتراك اللفظي و يحتمل الاشتراك المعنوي و لعله مذهب المحققين و الحقيقة و المجاز كما يظهر من صاحب المعالم و الحق ان المتصور هنا و في سابقه ايضاً تسععشرة صورة تظهر احكامها بتدبر قليل ولو استعمل اللفظ في معنيين احدهما فرد للاخر كالشمس لو اطلقت علي الكوكب المخصوص و علي مطلق الكوكب النهاري فالمتصور فيه خمسعشرة صورة تتضح بالتأمل فيما سبق.
اقول: لعمرالله الدنيا اقصر من انيصرف الانسان عمره في هذه الخيالات التي لايحتاج اليها في الدين و الدنيا و الاخرة و في علم من العلوم فانا لمنجد في الفقه انيحتاج الي هذه القواعد اخباري و لا اصولي و لمنجد احداً يستدل بشيء من ذلك و ما لنا و ابنجني و صرف العمر في ان الالفاظ كيف يكون بمقتضي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۷ *»
مذهبه او مذهب غيره ان لمنختره و ذلك مبلغهم من العلم و الشارح لحكمة معذور.
يقول ان استعمل لفظ في معنيين فلايخلو من احتمالات فان لميكن بين المعنيين مناسبة و لا جامع قريب حكم بالحقيقة اذا علمنا بانتفاء استعمال ثالث و ان شككنا فالاصل عدمه و لايعارض هذا الاصل اصل عدم الاشتراك لانه مؤيد ببناء العرف و ان كان بينهما المناسبة و لا جامع فالسيد علي الاشتراك و المشهور علي الحقيقة و المجاز و اختار المصنف الاشتراك ان علم عدم ملاحظة المناسبة فيهما و الحقيقة و المجاز اذا علمت في احدهما و ان علمت فيهما احتمل انيكونا مجازين بلاحقيقة ولكن يمنع عنه ندرته و الاشتراك اللفظي علي تفصيل خرصه في المتن و كلها احتمالات لاتسمن و لاتغني من جوع.
و قوله «بقي صور ثلث» من الاحتمالات و هي الشك في ملاحظة المناسبة فيهما و العلم بعدم الملاحظة في احدهما و الشك في الاخر و العلم بالملاحظة في احدهما و الشك في الاخر و اما بينهما جامع قريب و لا مناسبة فالسيد علي الاشتراك اللفظي و المشهور علي الاشتراك المعنوي و اما بينهما الجامع و المناسبة معاً فالسيد علي الاشتراك اللفظي و يحتمل الاشتراك المعنوي و لعله مذهب المحققين و ذهب صاحب المعالم الي الحقيقة و المجاز.
قوله «و الحق ان المتصور هنا و في سابقه تسععشرة صورة» و لميذكرها هنا لانه لا طائل فيها كثيراً و فصّلها في الضوابط فلتكن من خواص ذلك الكتاب لان الانسان لايحتاج اليها لا في الدنيا و لا في البرزخ و لا في الاخرة و انما هي تحقيقات ان كانت صواباً يحرم عندي التعويل عليها فضلاً عن انتكون مبنية علي الظنون فضلاً عن انها بعد ذلك لايحتاج اليها في الفقه و كذلك القول في باقي العبارة .
و قولنا في جميع ذلك انا ان كنا نعلم حقيقة اللفظ و هي المستعملة بيننا فحجتنا يخاطبنا بها ان لميكن له اصطلاح خاص و الا يعرفنا اياه بالقرائن او الترديد او التصريح كيفما يري الصلاح و ان كنا لانعرف للفظ حقيقة فحجتنا اذا خاطبنا بذلك اللفظ يعرفنا ما اراد منه و التعريف عليه و الذي علينا التسليم لما عرّفنا قال
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۸ *»
ابوعبدالله7 ليس لله علي خلقه انيعرفوا و للخلق علي الله انيعرفهم و لله علي الخلق اذا عرّفهم انيقبلوا انتهي و سرّ ذلك ما روي انه قيل لابيعبدالله7 هل جعل في الناس اداة ينالون بها المعرفة فقال لا قيل فهل كلفوا المعرفة قال لا علي الله البيان لايكلف الله نفساً الا وسعها و لايكلف الله نفساً الا ما اتاها انتهي.
و اعلم ان قوماً انقطعوا عن الله و رسوله9 و ارادوا الرياسة و اجراء الاحكام فجعلوا لانفسهم قواعد يجرون عليها و قوماً لميكن من شأنهم انينقطعوا عن الله و حججه و كان من شأنهم التسليم اغتروا بكلام اولئك فاخذوا باقوالهم التي تتمشي علي مذهبهم غفلةً عن انها لاتتمشي في مذهبنا فصار ما صار و مقتضي مذهبنا ان الله خلق خلقاً جهالاً و لميرض انيلقي حبلها علي غاربها و يتركهم سدي فبعث اليهم الرسل و علّم الرسل محابّه و مساخطه و امرهم بالابلاغ و البيان و التفهيم و التعليم و مكالمة كل قوم بحيث يتم عليهم الحجة و هم معصومون مطهرون لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون ففعلوا ماامروا به كما في الزيارة و بيّنتم فرائضه و اقمتم حدوده و نشرتم شرايع احكامه و سننتم سنته حتي صرتم في ذلك منه الي الرضا الزيارة فجاءوا الينا و نحن علي ما نحن عليه و علي عرفنا و اصطلاحنا نعرف اشياء و نجهل اشياء و نشك في اشياء فقاموا بين ظهرانينا و خاطبونا بما يحصل به الابلاغ فخاطبونا بما كنا نعرفه فعرفنا و ان احتاجوا في بيانهم الي الفاظ لانعرفها لجهلنا و عدم احاطتنا او شكنا و عدم تحقيقنا اياه بينوا و شرحوا و فصلوا و نصبوا القراين بأيّ نحو رأوا الصلاح حتي فهّمونا تفهيماً.
و ان قلت ان هذا كان في المخاطبين و نحن لوقوعنا في غيبتهم نحتاج الي فهم كلامهم و طلب العلم فريضة علي كل مسلم قلت انا بممارستنا اللغة و العلوم الادبية و ممارستنا الاخبار و الاثار و كتب السلف صرنا كاحد معاصري الحجة في فهم العربية بل ابلغ و اكمل فانه كان منهم اهل بادية او اهل قري او عوام و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۵۹ *»
جهال لايفهمون الكلام العلمي الا ان يشرح لهم غاية الشرح ثم لايعرفونه بحقيقته كما هم الان و كما اهل كل لسان عليه و كما هو طبع البشر و نحن نفهم ذلك و لاجل ذلك نفهم الاخبار و الكتب صريحاً واضحاً و كما ان المعاصرين للحجج ماكانوا يحتاجون الي هذه الخيالات و الاصول و التشقيقات نحن لانحتاج اليها و نفهم كما فهموا و هذه الاصول التي تقولون و تبحثون عنها بارائكم و عقولكم المشوبة يحتاج اليها كل من يسمع كلاماً علي ما تقولون ولو كان كذلك لوقع امر به من الحجج او وقع سؤال في قريب من ثلثمائة سنة و ازيد بل حذّروا و انذروا و ردعوا و منعوا هذا مقتضي مذهبنا و لانحتاج الي ابنجني و لا ابنشيطان هؤلاء محدثوا اصحابنا يفهمون الاحاديث و يدعون العلم من عصرهم الي عصرنا هذا و لايستعملون شيئاً من هذه القواعد و لا احد من الشيعة كفّرهم و لا فسّقهم و لا اخرجهم من المذهب و لا منع من الاخذ عنهم كم اردد هذا الكلام تحت كل فصل و اصل ذكره،
هذا اعتقادي فيه قد ابديته | فليقبل الواشون او فليمنعوا |
قال: اصــل و من العلائم التقسيم و عدم التزام التقييد و اختلاف الجمع و عدم الاشتقاق و المناقضة اي المنافرة و الاستصحاب و الاستقراء و القياس و في جملة منها نظر.
اقول: يقول من علامات معرفة الحقيقة التقسيم بانتقول مثلاً الماء علي قسمين نازل من السماء و نابع من الارض فهذا التقسيم دليل ان الماء موضوع للحد المشترك بينهما و عدم التزام التقييد يعني اذا وجدنا اللفظ يصح استعماله في معني بلاتقييد و لايصح في معني بغير تقييد عرفنا انه في المعني الاول حقيقة و اختلاف الجمع يعني اذا كان لفظ له محل استعمال حقيقي و محل استعمال اخر نشك في كونه حقيقة ام لا نعتبر جمع ذلك اللفظ في المعنيين كالامر يستعمل في الحكم و هو حقيقة فيه و يستعمل في الحال و الشأن فرأينا جمعه علي المعني الاول اوامر و علي المعني الثاني امور فنحكم بانه في الحال و الشأن مجاز اذ لو كان حقيقة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۰ *»
لكان جمعه كجمع الحقيقة و عدم الاشتقاق يعني اذا كان لفظ في معني يشتق منه المشتقات و في معني لايشتق فالذي لايشتق منه فيه مجاز لان الغالب كذلك كما ان الامر بمعني الحكم يشتق منه الافعال و الاسماء و الامر بمعني الحال لايشتق منه و المناقضة اي المنافرة يعني اذا كان لفظ اذا استعمل في معني فهم منه التنافر هو مجاز كالمفرد المحلي في العهد الذهني الاتري انه اذا قيل لك اكرم الرجل لايليق انتقول له عهد ذهني و ينافي مخطابته مع جاهل بذهنه بعهد ذهني و اذا استعمل في معني اخر كان مأنوساً كاكرم الرجل في العهد الخارجي و مرجع ذلك الي التبادر و عدمه.
و الاستصحاب يعني اذا كان لفظ في العرف العام حقيقة في شيء حكمنا بانه في اللغة ايضاً كذلك لان الاصل عدم النقل فبالاستصحاب القهقرائي نحكم بكونه في اللغة كذلك و الاستقراء بانتحكم علي لفظ علي وزن خاص بشيء اذا وجدت اغلب الالفاظ الموزونة بذلك الوزن بذلك المعني نوعاً و القياس يعني اذا وجدت لفظاً يستعمل في معني لاجل امر فيه ثم وجدته اذا زال ذلك الامر لايسمي بذلك الاسم عرفت ان المدار ذلك الامر فاينما وجد ذلك الامر حكم بان اللفظ حقيقة فيه كالخمر مثلاً فانها تطلق علي العصير ان كان مسكراً و ان لميكن له اسكار ليس بخمر فاينما وجد الاسكار حق لفظ الخمر.
و جميع ذلك التزام بما لايلزم و نحن لانحتاج الي شيء من ذلك و الحمدلله الغني فما نعرف من معني الشيء و كلّمنا الحجة به عرفناه فسمّه ما شئت و ما لمنعرف عليه التعريف فسمّه ما شئت و قد قدمنا ان اللغة توقيفية و دليلها توقيفي و ليست تعرف بالاصول و الادلة العقلية و لايكشف شيء من ذلك عن غيب علم الواضع الحق و انما ستره الله علينا لانا لانحتاج في ديننا الي معرفته و انتم تتكلفون ما لمتكلفوا قال اميرالمؤمنين7 قولوا ما قيل لكم و سلموا لما روي لكم و لاتكلفوا ما لمتكلفوا فانما تبعته عليكم و احذروا الشبهة فانها وضعت للفتنة انتهي فنحن لانستكشف ما ستره الله و لانقدر علي هتك ستر الله و كل ذلك شبهات و فتنة لكم و متاع الي حين.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۱ *»
قال: اصــل الاشتراك كون اللفظ موضوعاً بوضعين فصاعداً لمعنيين فصاعداً تعييناً ام تعيناً و الحق امكانه لا لان رجحان طرف العدم امر زايد منفي بالاصل و لا لان المشترك شيء و كل شيء مخلوق لله تعالي بل لقاعدة الامكان و توهم كون الاشتراك موجباً للاجمال المنافي لغرض الواضع مدفوع بوجوه لاتخفي علي المتدبر و الحق وقوعه في اللغة بل في القرءان الكريم كلفظ عسعس و القرء و نحوهما مما استعمل في معنيين ليس بينهما مناسبة و لا قدر مشترك و يتم في اللغة بضميمة اصالة عدم النقل مع ان اللفظ المستعمل في اللغة في معنيين ليس بينهما مناسبة و لا جامع قريب كثير فتعين الاشتراك اللفظي و اما المجاز بلاحقيقة فيدفعه علي فرض امكانه و وقوعه الندرة.
اقول: هذا تحقيق اخر من القوم يضحك منه الثكلي و يبرد من العجب منه الكبد الحري و هو بعد انتجسم خيالاتهم في ما لاطائل تحته اختلفوا في المشترك فمنهم من قال انه واجب الوجود بالعرض و منهم من قال انه ممكن الوجود و منهم من قال انه ممتنع الوجود و يستدل لوجوب وجوده انه يرجح وجوده علي عدمه و كل ما يرجح وجوده يجب و من قال بامكانه قال الاصل امكانه لان الامكان عبارة عن تساوي طرفي الوجود و العدم و الامتناع من رجحان طرف العدم و هو امر زايد و الاصل عدمه و قيل امكان المشترك شيء و كل شيء مخلوق لله فهو مخلوق ولكن المصنف حقق تحقيقاً احسن و قال كل ما يشك في امكانه و امتناعه بناء العقلاء علي امكانه فالاصل الامكان و احتج القائلون بامتناعه بان الاشتراك موجب للاجمال و وضع اللغة للتفهيم و بان المشترك ان لميكن قرينة له فهو مجمل و ان ذكر القرينة فهي بنفسها كافية فهو ممتنع.
و ايم الله هذه التحقيقات ماكانت تحتاج الي رد و لا تعرض لكني ذكرتها هنا تفريحاً للناظرين الباقين علي الفطرة غيرالمختلة حواسهم و مشاعرهم و كتب اللغة ممتلية من الالفاظ المشتركة و الاخبار بها متواترة و القرءان بها مشحون.
و قوله «و يتم في اللغة باصالة عدم النقل» يعني به ان استعمال اللفظ في معنيين واقع في القرءان و الاخبار فان اعترف بانه كان موضوعاً لهما فهو و ان شك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۲ *»
في كونه موضوعاً فلابد من القول بالنقل و الاصل عدم النقل و قدعرفت ان الاصل لايورث علماً و لا ظناً بالواقع و هو محض لفظ يقولونه في هذه الموارد و هذا الفصل لوضوحه غني عن الشرح و يكفيه قول ابيعبدالله7 اما انه شر عليكم انتقولوا بشيء ما لمتسمعوه منا.
قال: و اختلفوا في جواز استعماله في اكثر من معني واحد علي اقوال ثالثها الجواز في غير المفرد و رابعها الجواز في غير الاثبات ثم من المجوزين من جوّزه حقيقة و منهم من جوّزه مجازاً و منهم من جعله في المفرد مجازاً و في غيره حقيقة و من المانعين من منعه اجتهاداً و منهم من منعه فقاهة و قد يقال ان النزاع انما هو فيما امكن الجمع بين المعنيين فان اراد امكان الجمع في الارادة فلا حاجة الي هذا القيد لخروج ما لايمكن فيه ذلك بالفرض و البداهة او في الامتثال فالقبح العقلي لاينافي الصحة اللغوية.
اقول: بعد تلك التحقيقات اختلفوا في جواز استعماله في اكثر من معني واحد فمنهم من جوّزه مطلقاً و منهم من منع عنه مطلقاً و منهم من منعه في المفرد و جوّزه في التثنية و الجمع و منهم من جوّزه في النفي دون الاثبات ثم من المجوزين من جوّزه حقيقة و منهم من جوّزه مجازاً و منهم من جعله في المفرد مجازاً و في التثنية و الجمع حقيقة و المانعون منهم من منعه اجتهاداً مطلقاً و منهم من منعه فقاهة و المصنف منع حقيقة اجتهاداً و مجازاً فقاهة و جعلوا امرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون.
دليل المجوز من غير قرينة ان اللفظ ظاهر في ارادة الجميع عند فقد القرينة فيكون من قبيل العمومات و دليل المانع ان اللفظ موضوع للمعني بشرط ان لايكون معه غيره فلو استعمل في المتعدد لزم التناقض و دليل من منع في المفرد دون اخويه قيد الوحدة في المفرد دون اخويه و دليل من جوّزه في النفي ان النفي يراد به نفي الكل و لا مانع منه و من جوّزه حقيقة يستدل بما مرّ و من يجوزه مجازاً جوّزه لعدم مانع منه و من جعله في المفرد مجازاً و في التثنية و الجمع حقيقة نظر الي قيد الوحدة في المفرد دون اخويه فاذا استعمل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۳ *»
في المفرد متعدداً كان مجازاً و اما المانع الذي منعه اجتهاداً فقد نظر الي ان اللفظ موضوع للمعني بشرط ان لايكون غيره فلايجوز استعماله في غيره و اما من منعه فقاهة فنظر الي ان غاية ما ثبت استعمال المشترك في المعاني باستعمالات عديدة و اما في الاستعمال الواحد فلميثبت و الاصل عدم جواز استعماله لان الاصل عدم تجويز الواضع ذلك و عن صاحب المعالم ان محل النزاع فيما امكن الجمع بين المعنيين فان ما لايمكن لايجوز بداهة و ردّه المصنف بان الجمع في الارادة لايحتاج الي قيد و في الامتثال فقبح التكليف بما لايطاق لاينافي الجواز في اللغة كقولك اصعد الي السماء كلام صحيح لغةً قبيح تكليفاً.
بالجملة جميع ذلك اراء فاسدة ان صلحت و خاطئة ان اصابت لايجوز التعريج عليها ابداً و لايجوز ابتناء احكام الله عليها و هذا هو الرأي المنهيعنه فان مبني الاحكام علي الالفاظ فاذا بني الالفاظ علي الاراء فقد بني الاحكام علي الاراء و نحن قد ذكرنا مكرراً ان مردّ ما تنازع فيه الامة الله و رسوله و هؤلاء لايتحاكمون اليهما ابداً ثم الحجج هم المأمورون من عند الله بالابلاغ و التفهيم و لا تكليف الا بالابلاغ و لا ابلاغ الا بالتفهيم و لا تفهيم الا بالبيان و ذلك تكليفهم فان ارادوا المعروف فهو و الا فعليهم التوضيح.
و اما اطلاق اللفظ المشترك و ارادة اكثر من معني فذلك مما تواتر به اخبار المحمد: في تفسير القرءان و غيره و قدقال ابوعبدالله7 انتم افقه الناس اذا عرفتم معاني كلامنا ان الكلمة لتنصرف علي وجوه فلو شاء انسان لصرف كلامه كيف شاء و لايكذب و قال7 في حديث لايكون الرجل منكم فقيهاً حتي يعرف معاريض كلامنا و ان الكلمة من كلامنا لتنصرف علي سبعين وجهاً لنا من جميعها المخرج و قال7 في حديث اذا اردت الحجامة و خرج الدم من محاجمك فقل قبل انيفرغ و الدم يسيل بسم الله الرحمن الرحيم اعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم و من كل سوء ثم قال و ماعلمت انك اذا قلت هذا فقد جمعت الاشياء ان الله يقول لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير و مامسني السوء يعني الفقر و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۴ *»
قال و كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء يعني انيدخل في الزني و قال ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء قال من غير برص انتهي.
وجود الالفاظ المشتركة مما لاينكر لامتلاء كتب اللغة منها و استعمال اللفظ في تلك المعاني جميعاً فان استعمل المعصوم مع القرينة فايّ مانع منه كقوله تعالي لله يسجد من في السموات و من في الارض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب و كثير من الناس و سجدة كل واحد غير الاخري و ان استعمله من غير قرينة فلايرتكب القبيح و لايكلف بما لايطاق و لايكلف بعلم الغيب و لايكلف بغير مفهوم فالمراد جميع المعاني هذا و تواتر اخبارهم بمعان عديدة للفظ واحد و جميع ما كتبوه من غير ذلك تضييع عمر و تضييع مال و تطويل من غير طائل.
قال: ثم استعمال المشترك في ازيد من معني ان كان في الاطلاقات المتعددة او في اطلاق واحد بطريق العموم المجموعي او المنطقي او الاستغراقي لكن علي سبيل التخيير فهو خارج عن النزاع او الاستغراقي علي انيكون كل معني مراداً عيناً و مورداً للنفي و الاثبات فهو محل النزاع ثم في كون اللفظ المفرد موضوعاً للمعني مع الوحدة او للمعني المقيد بالوحدة كمايحتمل تنزيل كلام المعالم علي الاخير او للمعني اللابشرط كما عليه سلطان العلماء و معه الاصل الاعتباري ان اعتبر او للمعني بشرط الاطلاق كما زعم الفاضل القمي انه مذهب السلطان و رده و ليس كما توهم او هو موضوع بالوضع الشخصي للمعني اللابشرط و بالنوعي للمقيد بالوحدة او لابد من الوقف كما هو مقتضي اصالة التوقيفية وجوه و اما مثل الجمع ففي كونه موضوعاً لما كان متفقاً في اللفظ و المعني او لمطلق المتعدد المتفق لفظاً فيكون مثل زيدين حقيقةً و ان لميأول بالمسمي او لايشترط الاتفاق لفظاً و لا معني كالقمرين فيكون القمران حقيقةً باعتبار العلامة و مجازاً باعتبار المادة احتمالات و اما اداة النفي ففي كونها لنفي كل الافراد من مهية واحدة او لنفي ما يراد من اللفظ او كل ما يحتمله اللفظ اوجه و لعل الاوسط اوسط للتبادر.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۵ *»
اقول: قوله «ثم استعمال المشترك» الخ لا شك ان استعمال اللفظ في اطلاقات متعددة يجوز في جميع المعاني المشتركة لكن يحتاج الي القرينة المعينة للمراد.
قوله «او في اطلاق واحد» الي اخر اما العموم المجموعي فيريد به انيستعمل في المجموع من حيث المجموع و ان استعمل فهو مجاز و ان انكره المصنف من غير برهان مفيد و اما العموم المنطقي فبان يستعمل في القدر المشترك بين المعاني و هذا ايضاً يكون مجازاً يحتاج الي القرينة و اما العموم الاستغراقي فان استعمل باستعمال واحد علي كل واحد علي سبيل التخيير فلا كلام فيه و اما العموم الاستغراقي بالمعني الثاني فهو ما لا خيار فيه و جعله محل النزاع ثم ذكر في وضع اللفظ المفرد علي معناه اقوالاً فمنهم من قال انه موضوع للمعني مع جزئية الوحدة له و منهم من قال انه موضوع للمعني مقيداً بقيد الوحدة و هو خارج عن المعني و منهم من قال انه موضوع لصرف المعني لا بشرط قال و معه الاصل الاعتباري ان اعتبر ولكن هو غيرمعتبر لعدم حصول الظن منه بعد كون بناء العقلاء علي عدم اعتباره و المراد بالاصل الاعتباري اصل عدم الالتفات الي شيء زايد علي نفس المعني و منهم من قال انه موضوع للمعني بشرط الاطلاق و منهم من زعم انه موضوع بالوضع الشخصي للمعني اللابشرط و بالنوعي للمقيد بالوحدة و منهم من قال بالوقف لان اللغة توقيفية و ليس مبناها علي عقولنا و هذا اسلم لهم لقول علي7 و قف عن طريق اذا خفت ضلالته.
و كذا اختلفوا في مثل التثنية و الجمع و قال يحتمل كونه موضوعاً بازاء ما كان متفقاً في اللفظ و المعني معاً و يحتمل انيكون موضوعاً لمطلق المتعدد و المتفق في اللفظ فيكون كزيدين و بكل قال قائل و قيل لايشترط الاتفاق لفظاً و لا معني كالقمرين و باقي العبارة ظاهر.
و الذي عندي في ذلك ان هذه الادلة لاتكشف عن الواقع شيئاً و لايكشف شيء منها عن قلب انسان فضلاً عن غيب الله و الواضع الحق جل و علا يضع اللفظ لكل منظور سواءاً كان ذاتاً او صفةً او فعلاً او كمّاً او كيفاً او جهةً او رتبةً او وقتاً او مكاناً او زماناً او وضعاً او نسبةً مفردةً و مقترنةً و في جميع الحالات التي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۶ *»
يحتاج الانسان الي التعبير عنها و لايحكم علي الواضع انه وضع اللفظ المفرد علي الشخص مع قيد الوحدة او بلا قيد و له الوضع علي القسمين معاً كما ان لفظ الجلسة موضوع علي الجلوس مع قيد الوحدة و زيد موضوع علي الشخص و ليس فيه ملاحظة الوحدة و غيرها اذ لايحتاج اليه هنا و يحتاج الانسان في التعبير عن شيء بلا شرط فلابد و انيكون له لفظ و ليس هنا موضع بحث و جدال و لايحتاج الي قيل و قال و لايحكم علي الله المتعال هذا و الوضع خفي علي الناس و المحتاجاليه هو الحقيقة العرفية فما تبادر منه قيد الوحدة فهي فيه جزء الموضوعله و ما لميتبادر لايحكم عليه بحكم كلي و لايجري عليه الاصول عندنا بل يتوقف و الشارع المأمور بالابلاغ يكلمنا بما علمنا و يعلمنا ما جهلنا قال ابوابرهيم7 في حديث قل فلله الحجة البالغة يبلغ الحجة الجاهل فيعلمها بجهله كمايعلمه العالم بعلمه لان الله عدل لايجور يحتج علي خلقه بما يعلمون يدعوهم الي ما يعرفون لا الي ما يجهلون و ينكرون الخبر.
فالشارع يدعوك بلسان تعرف و ان كنت جاهلاً له الحجة البالغة فلو شاء لهديكم اجمعين و ذلك عليه و يوم بعث النبي9 الي العرب لميكونوا يعرفون لسانهم بهذه الاصول و انما كانوا يتكلمون بالعربية و نحن بكثرة التتبع صرنا مثلهم و فهمنا اشعارهم و خطبهم و مقالاتهم و كتبهم و لسانهم علي اليقين و ان جهلنا لفظاً بين الالفاظ فهم ايضاً كانوا يجهلون الفاظاً و لا احد يحيط بجميع الالفاظ و جهلنا بكلمات غيرضاير فنحن نعلم لساننا و لسانهم بالعلم العادي لا بالاصول و اجرائها و الشارع خاطبنا بما هو المعروف بيننا قال ابوعبدالله7 ماكان الله عزوجل ليخاطب خلقه بما لايعلمون انتهي و ان اراد غيره عرفنا بالقراين او الترديد او غير ذلك و هو المأمور بذلك لا نحن و الشارع العدل المأمور بالابلاغ اجل من انيأتي بالفاظ مجهولة لنا ثم يقول وقع التكليف عليك بالمجهول قم فحصّل معناه بعقلك او بالرمل و الجفر و الاسطرلاب و هو قد نهانا عن التكلف و عن الادلة العقلية و الاراء و القول بما لمنسمع منه و الرد اليه في كل مجهول في ايات عديدة و اخبار متواترة و اخبار
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۷ *»
انه ليس في الناس الة ينالون بها المعرفة و انما علي الله بيان التكليف و لا شك ان التكليف فعل المكلف (بالكسر) و هو لايكلف بما لايطاق و التكليف لما كان فعله كان توقيفياً فما كان موكولاً الي الاراء يخرج عن كونه توقيفياً بالبداهة قال ابوعبدالله7 ليس لله علي خلقه انيعرفوا و للخلق علي الله انيعرفهم و لله علي الخلق اذا عرّفهم انيقبلوا انتهي كم ذا اكرر هذه المطالب و اصبر علي هذه العجايب.
قال: ثم ثمرة النزاع في اصل المسألة تظهر في صحة هذا الاستعمال و غلطيته و فيما لو ورد خبر مشتمل علي لفظ مشترك مستعمل في اكثر من معني سواءاً كان منقولاً باللفظ او مشكوك الحال و في الاية الكريمة من نسائكم فتأمل ثم الاصل علي قول السلطان و ما تلاه هو الجواز لوجود المقتضي و فقد المانع و كذا علي الاقوال الاخر ان اكتفينا بنوع العلاقة لا نقل الاحاد او الدوران مدار الاستقراء ثم انهم ذكروا في المقام ادلة لترجيح اقوال المسألة و لااستبعد الجواز المطلق حقيقة لعدم الاستنكاف العرفي لكنه استعمال مرجوح لايصار اليه الا بقرينة.
اقول: يعني من ثمرات هذه المسألة ان قلنا بصحتها يجوز لك استعمال اللفظ في اكثر من معني و الا فلا.
و قوله «غلطيته» فيه عجمة و لمار في الكتب العربية استعمال هذه اللفظة و الصواب الغلطة كغرفة او الغلط كسبب هذا و المصدر ايضاً علي وزن سبب يقال غلط غلطاً و من ثمرات هذه المسألة التي اهلكت الخائض فيها و اردته كما صرح به في الضوابط انه اذا ورد خبر فيه لفظ مشترك استعمل في اكثر من معني فمن يجوزه يقبل الخبر و من لايجوزه بهذه الترهات الواهية التي هي بالهجر اشبه يرد الخبر و يكفر بالذي انزل السبع المثاني و القرءان العظيم اذا كان الخبر واصلاً بواسطة ثقة في الدين قال ابوجعفر7 قال رسولالله9في حديث انما الهالك انيحدث بشيء منه لايحتمله فيقول والله ماكان هذا ثلثاً و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۸ *»
الانكار هو الكفر انتهي.يا جماعة تزعمون انكم قواد امة محمد9 و حملة لوائه هلا قلتم اذا ورد حديث صحيح بلفظ مشترك في اكثر من معني علمنا ان المنكرين غالطون و المانعين خابطون و المحمد: يقولون نحن امراء الكلام و فينا قد تهدلت غصونه و تنشبت عروقه و قال ابوجعفر7 ان احب اصحابي اليّ اورعهم و افقههم و اكتمهم لحديثنا و ان اسوأهم عندي حالاً و امقتهم اليّ الذي اذا سمع الحديث ينسب الينا و يروي عنا فلميعقله و لميقبله قلبه اشمأز منه و جحده و كفر بمن دان به و هو لايدري لعل الحديث من عندنا خرج و الينا اسند فيكون بذلك خارجاً من ولايتنا و قال ابوعبدالله7 لاتكذبوا بحديث اتاكم احد فانكم لاتدرون لعله من الحق فتكذبوا اللّه فوق عرشه و قيل له جعلت فداك ان الرجل ليأتينا من قبلك فيخبرنا عنك بالعظيم من الامر فيضيق بذلك صدورنا حتي نكذبه فقال ابوعبدالله7 أليس عني يحدثكم قيل بلي قال فيقول للليل انه نهار و للنهار انه ليل فقيل له لا فقال ردّه الينا فانك ان كذبت فانما تكذبنا و كتب ابوالحسن7 الي رجل لاتقل لما بلغك عنا او نسب الينا هذا باطل و ان كنت تعرف خلافه فانك لاتدري لم قلنا و علي ايّ وجه و صفة و قال الرضا7 اعلموا ان رأس طاعة الله سبحانه التسليم لما عقلناه و ما لمنعقله فان رأس المعاصي الرد عليهم و انما امتحن الله عزوجل الناس بطاعته لما عقلوه و مالميعقلوه ايجاباً للحجة و قطعاً للشبهة انتهي.
و من ثمرات هذه المسألة ان المجوز يرجع قيد من نسائكم الي الفقرتين في الاية و المانع الي الاخير و هو خبط فان المجوز غير الموجب و يمكن انيكون الانسان مجوزاً و معذلك يجعل القيد للفقرة الاخيرة كما هو مأثور في معني الاية.
ثم اراد تأسيس الاصل و قال ثم الاصل علي قول السلطان و ما تلاه في العبارة من الاقوال و هو كون اللفظ موضوعاً للمعني اللابشرط جواز الاستعمال في اكثر من معني و كذا علي الاقوال الاخر ان قيل في المجازات بكفاية نقل نوع العلاقة فالاصل الجواز و ان اشترط نقل احاد المجازات او بدوران الامر علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۶۹ *»
محل الاستقراء فالاصل عدم الجواز و باقي العبارة واضح.
و قوله «لااستبعد» الي اخر ليس ببرهان و لا حجة فيه.
قال: اصل اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي و المجازي علي اقوال الجواز مجازاً او حقيقةً و مجازاً بالاعتبارين و عدمه اجتهاداً او فقاهةً و الكلام في طرق الاستعمال و تحرير محل الجدال و وضع المفرد و ثمرة النزاع و تأسيس الاصل ما مرّ في المشترك.
اقول: هذا خلاف اخر بين القوم في انه هل يجوز استعمال اللفظ في المعني الحقيقي و المعني المجازي في استعمال واحد ام لا فمنهم من جوّز الاستعمال ولكن هذا الاستعمال مجازي و منهم من جوّزه ولكن حقيقة باعتبار و مجاز باعتبار و منهم من منع عنه اجتهاداً لان اللفظ موضوع للحقيقة وحدها فهو غير جايز و منهم من منع عنه فقاهةً بان الاستعمالات توقيفية و لميصل الينا اذن الواضع و الاصل عدمه و ساير الادلة و ما يرد عليها كما مرّ في الاصل السابق فان هويتها فراجع.
قال: ثم الحقيقة هو اللفظ المستعمل فيما وضع له سواءاً اريد الانتقال الي الغير ام لا و المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له سواء جاز ارادة الموضوعله معه ام لا نعم عند مشهور اهل البيان التقييد بامتناع ارادة الموضوع له معه فالمجاز عند الاصولي اعم مطلقاً من المجاز عند اهل البيان و الكناية من مصطلحاتهم و المنقول في تعريفها وجوه اللفظ المستعمل فيما وضع له للانتقال الي غيره فتكون من اقسام الحقيقة و اللفظ المستعمل في المعني الحقيقي و المجازي بنحو العموم الاستغراقي كما هو محل النزاع هنا فتكون مجازاً اصولياً و اللفظ المستعمل في غير ما وضع له مع جواز ارادة الموضوعله فتكون اخص مطلقاً من المجاز الاصولي و لازم المنع من استعمال اللفظ في الحقيقة و المجاز اصولياً و بيانياً نفي الكناية رأساً الا انيقول بانها من اقسام الحقيقة او يفرق بين المجاز و الكناية باعتبار ذاتهما لا حكمهما ثم انهم اكثروا من الكلام في تحقيق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۰ *»
الحق في المقام و لا استبعد الجواز حقيقةً و مجازاً بالاعتبارين لما مرّ في المشترك و من هنا يظهر جواز استعمال اللفظ في المجازين و عدمه لوحدة المناط.
اقول: قوله «سواءاً اريد الانتقال الي الغير ام لا» اعلم ان علماء البيان ذكروا ان الكلمة اذا استعملت في ما وضعت له في لغة التخاطب فهي حقيقة و ان استعملت في غيرها فان قامت قرينة عدم ارادة الحقيقة فهي مجاز و ان لمتقم و جاز ارادتها فهي كناية و ذكروا في الفرق بين الكناية و المجاز ان من المجاز ينتقل الذهن من الملزوم الي اللازم و لايراد الملزوم و في الكناية ينتقل الذهن من الملزوم الي اللازم و يمكن ارادة الملزوم ايضاً فالمصنف يقول الحقيقة هو اللفظ و فيه عجمة و الصواب هي اللفظ المستعمل فيما وضع له سواءاً اريد منه الانتقال الي الغير ام لا يعني سواءاً كان كناية و اريد منه الانتقال الي اللازم او غير كناية فانهما معاً حقيقتان و ذلك كقولك فلان طويل النجاد([3]) و تريد منه الانتقال الي طول القامة و اما جاء زيد لاتريد منه الانتقال الي الغير.
قوله «و لازم المنع» الخ يقول الذي منع منع عنه بان المجاز يحتاج الي قرينة صارفة عن الحقيقة و هذه القرينة معاندة للحقيقة و المجاز لازم هذه القرينة و لازم المعاند معاند فيمتنع اجتماعهما في استعمال واحد فالمصنف يقول الكناية لاتحتاج الي هذه القرينة لانه يجوز معها ارادة الحقيقة فالمانع يلزمه انيقول لا كناية رأساً في المجازات و هي من الحقيقة او يقول بعضها لايجوز معها ارادة الحقيقة فتكون كالمجاز او يفرق بين المجاز و الكناية باعتبار ذاتهما فيقول الكناية ما يكون لعلاقة التلازم و المجاز ما يكون لعلاقة غيرالتلازم و اما الفرق في حكمهما بانيقول الكناية ما يجوز معها ارادة الحقيقة و المجاز ما لايجوز فلايغنيه.
و قوله «لااستبعد» الخ كسابقه لايسمن و لايغني من جوع و كل ذلك كصيد الخنزير ان صيد كان في اسوء حال و ان صاد صاد ما ليس بحلال و لايجوز التعويل علي شيء من ذلك ان المرء اصاب و الا فقد اخطأ في عذاب.
قال: اصــل مادة الامر حقيقة في طلب المستعلي علا ام لا للتبادر بضميمة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۱ *»
عدم صحة السلب فتبادر المستعلي العالي اطلاقي كما ان تبادر القول اطلاقي لعدم صحة السلب عن الطلب بالاشارة او الكتابة او في الرؤيا كما في الاية و يختص وضعاً بالطلب الايجابي للتبادر و ذم التارك و العلو لايصير قرينة علي الايجاب كما هو ظاهر و لصحة السلب عن الطلب الندبي و لخبر بريرة و خبر السواك و دليل الخصم خال عن الدلالة و لو دلّ لميكافئ ما مرّ ثم استعماله في مثل الشأن و الفعل مجاز لتبادر خصوص الطلب و صحة السلب عن غيره و لفقد الجامع القريب بين الطلب و بينهما و الاصل عدم الاشتراك اللفظي و للاشتقاق و اختلاف الجمع و في الاخيرين تأمل و في نحو امرني بالترك حقيقة للتبادر كما انه نهاني عن الترك حقيقة.
اقول: لما فرغ المصنف من المقدمات اللفظية اشتغل بمقدمات الاحكام فقال «اصـل في مادة الامر» يعني في المركب من الهمزة و الميم و الراء و لااعرف وجهاً لهذه التسمية فانه ان كان مراده مادة الامر المصدري فهي الحروف و ليست علي ما عرف و ان كان مراده الاوامر الصرفية متي صار الهمزة و الميم و الراء مادة لها فقال الامر حقيقة في طلب المستعلي اي المتفوق علي غيره علا بذاته ام دنا و هذا الكلام و ان كان حقاً الا انه استدل عليه بالحق و الباطل معاً.
فقوله «للتبادر» يدل علي انه في العرف كذلك لا في الوضع الاولي و استصحاب القهقري لايكشف عن الواقع.
قوله «بضميمة عدم صحة السلب» الخ فالذي يتبادر في الاذهان ان الامر هو العالي المستعلي فذلك اطلاقي و تخصيص عرفي لا وضعي لان امر الداني العالي قبيح كما ان تبادر الامر القولي من لفظ الامر اطلاقي مشهوري و الا فالفعلي ايضاً امر و كذا ما كان بالكتابة و الاشارة لعدم صحة السلب عن الطلب بهما او في الرؤيا كما في رؤيا ابرهيم و ذبح ابنه قال يابني اني اري في المنام اني اذبحك قال يا ابت افعل ما تؤمر.
قوله «و يختص وضعاً بالطلب الايجابي» يعني لا الندبي للتبادر فذلك مخدوش فان الوضع لايطلع عليه احد و التبادر لايؤدي اليه و الاصل لايكشف عن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۲ *»
الواقع و اما عرف الناس فالايجاب حكم شرعي و لولا الشرع لميجب شيء علي احد فلا ايجاب علي احد و لولا الشرع لا مولي و لا عبد و لا رئيس و لا مرؤس و اذا حتم احد شيئاً لاينحتم و الانتقام علي ترك الائتمار تغلب و لايفيد وجوباً حقيقياً نعم يفيد وجوبا عرفياً و الذي في اكثر كتب اللغة الامر هو الطلب و ليس فيه وجوب و ندب لانهما شرعيان نعم في كنز اللغات الامر فرمان بالفارسية و بالعربية هو الحكم فهو بمعني الالزام العرفي.
و قوله «و ذمّ التارك» لا ذم علي التارك الا في الشرع و الذمّ من غير استحقاق لايفيد وجوباً و قولهم اذا قال المولي لعبده افعل و لميفعل عدّ عاصياً و ذمّ خطاء انما يذمّ بعد الشرع و ايجاب الله طاعة المولي و اما قبل الشرع فايّ حق له علي انسان اخر حتي يكون اذا خالفه عاصياً و ايّ ذمّ عليه.
قوله «و العلو لايصير قرينة الايجاب» ليس علي اطلاقه فان العلو لله و لرسوله و لحججه و ليس غير اولئك عال الا بالتغلب و علو المتغلبين لايكون قرينة الايجاب و اما اللّه و رسوله و حججه: فقد وجب طاعتهم لعلوهم و ليس لغيرهم علو لعدم مشاركته معهم في العلو فعلوّ الله و علوّ حججه هو سبب افتراض الطاعة و ايجاب الائتمار و يجب امتثال امرهم علي ما امروا لعلوهم الموجب لهم طاعة مفروضة علي عبيدهم و امائهم.
قوله «و لصحة السلب» الخ يقول يصح سلب اسم الامر عن الطلب الندبي و هو حق لوجوده في الحديث عن علي7 كما يأتي و استدل بخبر بريرة حين عتقت و كلما ترضاها زوجها معتب لمترض حتي استشفع برسولاللّه9 اليها فقال لها رسولاللّه9 ارجعي الي زوجك فقالت أتأمرني يا رسولاللّه قال لا بل انا شافع و ذكر بريرة موجود في اخبارنا ولكن ليس فيها ذكر شفاعة رسولاللّه9 و لعلها من كتب العامة.
قوله «و دليل الخصم خال» الخ دليلهم علي الاشتراك المعنوي ان فعل المندوب طاعة و الطاعة كلها فعل المأمور به و كون الطاعة فعل المأمور به لايدل علي كون الامر مشتركاً بين الواجب و المندوب بوجه فان امتثال الامر الندبي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۳ *»
بقرينة ايضاً طاعة و ان الامر ينقسم الي الواجب و المندوب و صحة التقسيم ليس دليل الوضع و من التقسيم محض ترديد لفظي قال المصنف و دليلهم لايكافي دليلنا و هو اضعف بلي دليلهم في الضعف كدليلكم كماعرفت.
قوله «و الاصل عدم الاشتراك اللفظي» قد عرفت فيما سبق ان هذه الاصول لاتكشف عن الواقع و كذا عرفت الامر في الاشتقاق و الجمع انهما لايكشفان عن الواقع و لا دليل عليهما و كون مواضع كذا لايفيد شيئاً و باقي العبارة ظاهر.
و لما كان هذا الاصل ينفع لايضرنا اننتكلم فيه بقدر سعة الوقت فاقول الكلام هنا في لفظ الامر فليعلم اولاً ان الامر في اللغة الطلب يقال امره بكذا اي طلب منه كذا و يأتي بمعني الحال كقولهم فلان صلح امره او فسد امره اي حاله و بمعني الشأن كما روي ان امرنا صعب مستصعب يعني شأننا و بمعني الحوادث كقولك امور الدنيا متصرمة او فانية و بمعني الشيء كقوله تعالي اذا قضي امراً فانما يقول له كن فيكون و كقول ابيعبداللّه7 انما الامور ثلثة امر بيّن رشده فيتبع و امر بيّن غيّه فيجتنب و امر مشكل يرد علمه الي اللّه و رسوله و بمعني الحكم كما سمعت من كنز اللغات و بهذا المعني يسمي الحجج اولي الامر اي اولي الحكم و يأتي بمعني كثير من الاشياء و هو بمنزلة الالفاظ المطلقة التي ترد في موارد كثيرة و لاجل ذلك صار في القرءان من المتشابهات التي لايجوز تفسيرها ألاتري قوله تنزّل الملئكة و الروح فيها باذن ربهم من كل امر لايعلم ما هو و قوله و اوحي في كل سماء امرها لايدري ما هو و قوله و ما امر الساعة الا كلمح البصر و قوله و هيّئ لنا من امرنا رشداً وقوله قال الذين غلبوا علي امرهم و قوله و افوض امري الي اللّه و قوله و قضي الامر الذي فيه تستفتيان و قوله و قال الشيطان لما قضي الامر ان اللّه وعدكم وعد الحق و قوله و قضينا اليه ذلك الامر ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين و قوله و خلق سبع سموات و من الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن و قوله و لو ان عندي ما تستعجلون به لقضي الامر بيني و بينكم و قوله ولو انزلنا ملكاً لقضي الامر ثم لاينظرون و قوله ليس لك من الامر شيء وقوله ثم جعلناك علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۴ *»
شريعة من الامر و قوله لو كان لنا من الامر شيء ماقتلنا هاهنا وقوله و من يدبر الامر فسيقولون الله و قوله طاعة و قول معروف فاذا عزم الامر و قوله وشاورهم في الامر و قوله و اتيناهم بينات من الامر و قوله ولو يطيعكم في كثير من الامر لعنتّم و قوله ثم استوي علي العرش يدبر الامر و قوله يدبر الامر من السماء الي الارض ثم يعرج اليه و قوله و لله الامر من قبل و من بعد و امثال ذلك من الايات و هي كثيرة متشابهة و لايدري تفسيرها الا من عند المحمد: فان له معاني كثيرة الا ان نظر الفقهاء في الامر بمعني الطلب و الحكم و لا شك ان العرف لايستعملون الامر الا في طلب المستعلي و بعبارة اخري الا في الحكم و لذلك سمي الحجج: باولي الامر اي اولي الحكم و امر ساير الرعية باطاعتهم كما قال اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم.
فلايحق الامر لاحد من الرعية الادنين و انما هو للحجج المستعلين الذين يحق لهم العلو و ورد الايات و الاخبار بذلك و لايشترط فيه العلو الذاتي فان الداني اذا حكم علي العالي يلام و يقال أتأمر من هو اعلي منك و قال في كنز اللغات الامر بالفارسية فرمان و هو بالعربية الحكم و لا شك انه لا حكم الا لله كما قال تعالي شأنه ان الحكم الا للّه امر ان لاتعبدوا الا اياه و قال ان الحكم الا للّه عليه توكلت و عليه فليتوكل المتوكلون و قال ان الحكم الا للّه يقص الحق و هو خير الفاصلين و الامر بمعني الحكم فلا امر الا للّه و للّه الامر من قبل و من بعد فالامر هو من المستعلي فان كان هو العالي يحق له الاستعلاء و الا فيقبح منه و سئل ابوعبداللّه7 عن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر أواجب هو علي الامة جميعاً فقال لا فقيل له و لم قال انما هو علي القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر لا علي الضعيف الذي لايهتدي سبيلاً الي اي من اي يقول من الحق الي الباطل و الدليل علي ذلك كتاب الله عزوجل قوله ولتكن منكم امة يدعون الي الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر فهذا خاص غير عام الخبر و قال لايأمر بالمعروف من قد امر انيؤمر به و لاينهي عن المنكر من قد امر انينهي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۵ *»
عنه الخبر فعلم من هذه الاخبار الموافقة للكتاب المصدقة به ان الامر ما كان من المستعلي و يحق للعالي دون غيره و هو للايجاب لمايأتي من قول اميرالمؤمنين7 ان الفرائض بامرالله و الفضائل ليست بامرالله.
هذا و لاشك ان الطاعة كمايأتي الايتمار بالامر و العصيان ترك الايتمار لغةً و لاشك ان اوليالامر يجب طاعتهم و يحرم معصيتهم قيل لابيعبدالله7 الاوصياء طاعتهم مفروضة قال هم الذين قال الله عزوجل اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اوليالامر منكم الحديث وقال ابوعبدالله7 في رسالته الي اصحابه فتدبروا هذا و اعقلوه و لاتجهلوه فان من يجهل هذا و اشباهه مما افترض الله عليه في كتابه مما امر به و نهي عنه ترك دين الله و ركب معاصيه فاستوجب سخط الله فاكبه علي وجهه في النار الي ان قال و اعلموا ان ما امر الله به انتجتنبوه فقد حرّمه الي ان قال و اعلموا انه انما امر و نهي ليطاع فيما امر به و لينتهي عما نهي عنه فمن اتبع امره فقد اطاعه و قد ادرك كل شيء من الخير و من لمينته عما نهي الله عنه فقد عصاه فان مات علي معصيته فقد اكبه الله علي وجهه في النار و قال فيها فمهلاً مهلاً يا اهل الصلاح لاتتركوا امرالله و امر من امركم الله بطاعته فيغيّر الله ما بكم من نعمته.
هذا و ان الله سبحانه يقول و ما امرنا الا واحدة و يقول ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و يقول له الخلق و الامر و هل تري في امر الله الكوني الذي يقول انما امره اذا اراد شيئاً انيقول له كن فيكون ندب امتثال للمأمورين و تقرأ في الدعاء فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة و بارادتك دون نهيك منزجرة و يقول و كان امر الله مفعولاً و كذلك وجدناه نفي الخيار عن المأمورين في الشرع و قال و ماكان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله امراً انيكون لهم الخيرة من امرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً فما روي من اطلاق الامر علي ما ندب اليه فاما لاجل انه حكم بانيكون ندباً و يجب انيتخذ ندباً و اما من باب المجاز و كان استعماله بقرينة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۶ *»
قال: اصــل صيغة افعل و ما في معناه كالمزيد و امر الغايب و اسماء الافعال لا مثل الجمل الخبرية الواقعة المأولة (مأولة خل) الي الانشاء حقيقة في الوجوب علي الاصح اي في الطلب مع عدم الرضا بالترك عالياً كان الطالب ام مستعلياً ام لا للتبادر فيكون مدلول الصيغة اعم مطلقاً من مدلول المادة و احتج الاكثرون علي الوجوب بذم العبد اذا لميفعل بعد قول المولي افعل من غير قرينة و العلو لايصير قرينة اذ النسبة بينه و بين الوجوب عموم من وجه و بالاية الشريفة مامنعك ان لاتسجد اذ امرتك و المراد بالامر قوله تعالي اسجدوا لادم و الاستفهام انكاري بحكم العقل و الاصل عدم القرينة يوم الخطاب حالية و مقالية لبناء العرف و توهم كون الامر في مقام توهم الحظر فلايفيد الوجوب الا بالقرينة فلايتم الاستدلال ممنوع مع امكان انيقال ان الامر لميتعلق بنفس المحظور و جعل كلمة الاستفهام حقيقة في الاعم من طلب الفهم للنفس و للغير ينفيه التبادر و لا ملازمة بين المادة و الصيغة في الحقيقة و المجاز و حمل الاستفهام علي التقريري للاقربية الاعتبارية يدفعه كون الانكاري اقرب عرفاً و حمل قوله قلنا علي النقل بالمعني بعيد مخالف للظاهر بل لحكم العقل و احتمال اختلاف عرفنا مع عرف الملائكة مدفوع بالاصل و بان كلامنا انما هو في خطاب البشر لا الملك.
اقول: اخذ المصنف يستدل علي حق بحق و باطل فقوله للتبادر في محل اختلاف العلماء و اهل النظر عجيب اذ لو كان الوجوب متبادراً الي الاذهان لماخفي علي العلماء الاعيان و لماعدلوا عنه مع علمهم بانه علامة الحقيقة هذا و في عرف اهل اللسان لولا الشرع لا وجوب و لا ندب و انما هو طلب كما عرفت فالمتبادر من افعل هو الطلب كما في كتب اللغة و اما عدم الرضا بالترك فهو شيء خارج يحتاج الي دليل و قرينة من الخارج و يعرف من حال الامر و الامر و المأموربه و المقارنات ولو كان لماخفي علي اهل العرف و لماصار محل الاختلاف.
و قوله «فيكون مدلوله» الخ يعني افعل يصدر من الداني و العالي و المستعلي و غيره و اما الامر لايكون الا من المستعلي.
و اما قوله «بذم العبد» الي اخر فذلك خطاء محض اخطأ الاولون و استصوبه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۷ *»
المتبعون لهم. هذا المثال هل هو قبل الشرع ام بعد الشرع فان كان قبل الشرع فمن عبد و من رب تعطي دنانير بيد رجل و تأخذ يد رجل اخر و تقول انت عبدي يجب عليك طاعتي بايّ دليل و ايّ وجه فقبل الشرع لا ذمّ علي رجل عصي رجلاً و اما بعد الشرع فقداوجب الشارع طاعة الرب علي العبد فيذمّ فالذم لاجل القرينة و ان قلت المثال بعد الشرع و المراد ان الرب اذا قال افعل مع قرينة الرضا بالترك فلا كلام و اما اذا قال افعل بلاقرينة و لميفعل يذمّ العبد و كفي بذلك في الاستدلال قلت القياس مع الفارق فان هذا المولي محتاج الي المأموربه و ان كان متعلقه غير المولي و اذا عصي العبد لميرفع حاجة المولي فبقي المولي متضرراً بترك الامتثال و القرينة بعدم الرضا بالترك موجود و عمل العبد برضاء المولي و اجتناب سخطه لازم ففي المخلوق قرينة عدم الرضا موجودة والله سبحانه ليس كذلك امر العبد لنفع العبد و نهاه دفعاً للضرر عنه و لاتنفعه طاعة من اطاعه و لاتضره معصية من عصاه.
قوله «و الاصل عدم القرينة» جواب بباطل عن بحث وارد و قد كررنا القول ان الاصل لايكشف عن الواقع و لايجوز الاستدلال به في الامور الواقعية و ما ادراكم ان المحكيعنه كان لفظ اسجدوا و لعله بالالهام في النفس و الذي يلهم بامر يلهم بوجوبه و قرينته معه و الاصل لايكشف عن الواقع و انت لو نفيت القرينة بالاصل يصير الدليل علي قولكم ظنياً فقاهياً ثم لايجوز الاستدلال به في تأسيس اصل من مسائل الاصول التي تركتم الاستدلال بالاخبار فيها لاجل انها ظنية و تمسكتم بهذه الادلة التي هي اوهن من بيت العنكبوت مع انها اوهن البيوت.
قوله «لبناء العرف» لانهم يقرأون كتب السلف و يفهمون و لايعتنون باحتمال القرينة الصارفة عن تلك المعاني.
قوله «و توهم كون الامر» الي اخر هذا رفع توهم و اصل التوهم في غاية السخافة و هو ان الامر الواقع عقيب الحظر يرفع المنع حسب و يحتاج بعد الي قرينة للوجوب او الندب كما ان النهي الوارد عقيب الامر رافع للوجوب حسب و هنا الامر واقع عقيب الحظر فان السجدة لغير الله كان محظوراً و هذا الامر بعده
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۸ *»
رفع الحظر فلايدل علي الوجوب و هو بانيمات بترك ذكره كان احري من انيذكر و يرد ولكن المصنف اجاب عنه ان الامر لميتعلق بالمحظور حتي يرفعه و انما امر الله بالسجود للّه الي جهة ادم.
قوله «و جعل كلمة الاستفهام» الخ هذا دفع بحث اخر و هو ان حمل الاستفهام علي الانكار مجاز و هو فرع تعذر الحقيقة و ليست بمتعذرة لان الاستفهام اعم من انيكون لنفس المستفهم او لمن حضر والله لايحتاج الي الاستفهام فهو لمن حضر فسأله الله عن علة ترك السجود ليذكر العلة و يفهم غيره و لمينكر عليه فلايدل علي دلالة اسجدوا علي الوجوب و هو كما تري و اجاب المصنف عنه بان المتبادر من الاستفهام الاستفهام للنفس و هو ممتنع فتعين المجاز و ذلك البحث يحتاج الي هذا الجواب غير المرضي و متي تبادر و ايّ دلالة فيه لو تبادر و لعمري تمرد ابليس و عصيانه و سخط الله عليه بتركه السجود لايحتاج الي بحث و رد و صرف العمر فيهما.
قوله «و لا ملازمة بين المادة و الصيغة» يعني قولكم ان صح يجري في مادة الاستفهام و هي ايضاً اصطلاح لااعرف وجهه يعني هذه الكلمة المصدرية و لايجري في كلمة «ما» و هي للاستفهام للنفس للتبادر و لااعرف شيئاً من هذه التبادرات التي تستعينون بها في مواضع الخلاف فان التبادر في ذهن الشاك لاينفع و من يعرف عرف ذلك اليوم و اولئك الاشخاص ان «ما» للاستفهام للنفس و الله يقول و ما تلك بيمينك يا موسي فان اظن هذه الاستدلالات الا محض الفاظ تجري علي السنة اقلامهم.
قوله «و حمل الاستفهام» الي اخر جواب بحث اخر و هو ان مع تعذر الحقيقة اقرب المجازات متعين و اقرب المجازات الاستفهام التقريري لا الانكاري لانه مشارك مع الحقيقي في جنس الاستفهام مخالف له في الفصل فان السؤال للغير فاجاب المصنف بان الانكاري اقرب عرفاً.
قوله «و حمل قوله قلنا» الي اخر جواب بحث اخر و هو ان الاية نقل بالمعني و حكاية الحال لا المقال فلميتحقق الامر باسجد فلميتم الاستدلال فاجاب عنه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۷۹ *»
بانه بعيد و انهم يرونه بعيداً و نراه قريباً.
قوله «و احتمال اختلاف عرفنا» الي اخر اضحوكة اخري و هي انه لعل في عرف الملائكة الامر للوجوب و لايدل علي انه في عرفنا كذلك و جوابه احسن منه و هو ان الاصل عدم تعدد الوضع و قد عرفت انه لايكشف عن شيء في الواقع و بان الله بيّن ذلك للبشر بلفظ اسجدوا فان اراد ما لانفهم فتأخر البيان عن وقت الحاجة و ان كان علي ما نفهم فنحن نفهم الوجوب.
بالجملة هذه الكلمات حظهم من العلم و اعجب منه انهم يسمون من يقول هذه الكلمات بالعالم و اعجب منه انهم لايرون بعد علماً لاحد و لايسمون الحكماء الذين يشقون الشعر عالماً.
قال: و بالاية الشريفة فليحذر الذين يخالفون عن امره انتصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم فان تهديد مخالف الامر دليل الوجوب و الصيغة المجردة يصدق عليها الامر عرفاً و ارادة الوجوب من قوله فليحذر استفيدت من السياق فلا دور بل لايعقل كون الامر بالحذر في خصوص المقام ندباً لدلالتها علي ان مخالفة كل امر محتملة للعذاب الاخروي بل العرف من مادة الحذر يفهم الوجوب بل و يفهم الوجوب و ان اريد من الامر به الارشاد و توهم ان ايجاب الحذر لعله لدفع الضرر المحتمل لاشتراك الامر بين الوجوب و الندب يدفعه اصالة البراءة عند الدوران و كون التعدي بحرف الجر لايلازم التضمين و جعل المخالفة من باب حمل المندوب علي الواجب او عكسه خلاف المتبادر و قوله عن امره بقرينة الوقوع بعد المستقبل يتبادر منه العموم البدلي و لايتصور كون الاية قرينة علي ارادة الوجوب من الاوامر السابقة و يتم الامر في وضع اللاحقة بالاجماع المركب كما في اوامر غير الله و رسوله و توهم ان التأسيس في الاية اولي من التأكيد فالامر ليس للوجوب مندفع بمنع ثبوت القاعدة بل لو ثبتت لمتكافي ما سبق.
اقول: هذه الاية دليل اخر لهم ينبغي التمسك بها في الاستدلال لما روي عن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۰ *»
الصادق7 ان ما امر الله به انتجتنبوه فقد حرّمه فامر باجتناب مخالفة الامر فهي حرام فامتثال امره واجب و من نظر بعين الفطرة و ضم الايات و الاخبار و العقول بعضها ببعض لايشك في ذلك كما يأتي و استدل لدلالتها بان التهديد دليل الوجوب و صيغة افعل امر و ان قيل لفظة فليحذر امر و يلزم الدور نقول ارادة الوجوب منه يستفاد من السياق.
قوله «و توهم ان ايجاب الحذر» الي اخر دفع بحث و هو انه ان قيل ان الامر يحتمل الوجوب و الندب فان اشتبه الامر وجب الحذر دفعاً للضرر المحتمل فوجوب الحذر لايدل علي ان الامر للوجوب فاجاب المصنف بان الاصل براءة الذمة حينئذ يعني اذا شككنا في الوجوب و الندب و دار الامر بينهما فالاصل يرجح جانب الندب و لا حاجة الي احتياط الحذر.
قوله «و كون التعدي بحرف الجر» الخ و ذلك بحث اخر و هو انه ان قال قائل انّ «خالف» متعد فاتيان «عن» بعده دليل تضمين الاعراض فالمعني يخالفون معرضين عن امره و لا شك ان ذلك حرام و ان كان الامر للندب فاجاب المصنف بان المتعدي اذا اتي بعده حرف الجر لايلازم التضمين و ذلك ممكن من غير تضمين كشكرته و شكرت له ولكن المصنف ماانصف في الجواب لان شكرته و شكرت له واردان و خالفته وارد و خالف عنه ليس بوارد و بمحض الخيال لاينبغي الجواب.
قوله «و جعل المخالفة» الخ هذا جواب عن بحث اخر و هو ان المخالفة تحصل بجعل الواجب ندباً و الندب واجباً و هي حرام و لاتدل علي ان الامر للوجوب فاجاب عنه بانه خلاف المتبادر و هو محض قول في الجواب كيف هو خلاف المتبادر و عند من و عند اهل ايّ زمان و كيف عرفت و كيف جرّبت و هذا البحث يقرب مما ذكرنا اولاً.
قوله «و قوله عن امره» الخ و هذا جواب عن بحث اخر ان المصدر المضاف لايفيد العموم فالحذر عن امرما كاف فلايدل علي ان جميع الامر للوجوب فاجاب ان وقوع عن امره بعد المستقبل و هو قول يخالفون الدال علي الاستمرار
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۱ *»
يتبادر منه العموم البدلي ليتحقق الاستمرار فيشمل الكل علي البدلية و علي ما قدمنا لاتحتاج الي هذه التكلفات.
قوله «و لايتصور كون الاية» الخ هذا دفع توهم اخر و هو ان الاية تدل علي ارادة الوجوب من الاوامر اللاحقة لا انها موضوعة له و الاصل عدم القرينة في السابقة فيقول الاصل عدم القرينة في السابقة و الاية قرينة للاوامر الاتية انها للوجوب فالسابقة كانت بلاقرينة و يتم في اللاحقة بالاجماع المركب كما في اوامر غير الله و رسوله يعني ان قيل ان الاية ان صح دلالتها فهي مخصوصة باوامر الله و رسوله و لاتدل علي مطلق الاوامر نتمه في الباقي بالاجماع المركب و هو محض لفظ و اين قام الاجماع علي هذه الخيالات المستحدثة و كيف حصل العلم بحصر الاقوال في الدنيا ليست هذه الادلة الا الفاظ تلوكها افواه اقلامهم والمآل الي الله.
قوله «و توهم ان التأسيس في الاية» الي اخر يعني ان توهم متوهم من جهله ان الامر لو كان للوجوب لكان بنفسه مثبتاً للتحذير فتكون الاية مؤكدة و اما ان كان غيرذلك تكون الاية مؤسسة و التأسيس اولي من التأكيد فاجاب المصنف بمنع ثبوت القاعدة و كليتها و علي فرض الثبوت لمتكافي ما سبق و في النسخ لمتكافو بالواو و هو رسماً غلط.
قال: و بالاية الشريفة اذا قيل لهم اركعوا لايركعون فان المستفاد من السياق ذمهم علي المخالفة و الكفار مكلفون بالفروع و الاستدلال علي عدمه بالسفه او التكليف بمالايطاق واه جداً و حمل الركوع علي مطلق الاطاعة خلاف الظاهر كاحتمال كون الذم للتكذيب مع امكان الذم من جهتين و توهم عدم ثبوت الحقيقة الشرعية للركوع مدفوع اولاً بثبوتها و ثانياً بان المعني الشرعي اقرب المجازات بعد تعذر اللغة و ادلة ساير الاقوال مدخولة.
اقول: يقول المستفاد منها ذمهم علي المخالفة و الذم فرع الوجوب و ان قيل يتم ذلك اذا قلنا بان الكفار مكلفون و ليسوا به لان الله يعلم انهم لايمتثلون و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۲ *»
تكليف من يعلم انه لايمتثل سفه و تكليف الكافر مع العلم بانه لايقدر علي العبادة الصحيحة المشروطة بالقربة تكليف بما لايطاق فالمصنف يقول ان ادلتهم واهية جداً و صدق و تكليف من يعلم انه لايفعل اتمام للحجة و قطع للعذر و تهيئة اسباب الهلاك و التكليف بالمشروط تكليف بالشرط و باقي العبارة غني عن الشرح.
و اما ادلة القائلين بان الامر للندب فليس بقابل للذكر الا اني لابد لي من الاشارة فمن ادلتهم ما يروون عن النبي9 اذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم و لا دلالة فيه ابداً بل هو علي الخلاف ادل و معذلك هو من طرق العامة و ليس من اخبارنا و من اخبارنا اذا امرتكم بشيء فافعلوا و استدلوا بان اهل اللغة قالوا انه لا فرق بين الامر و السؤال الا في الرتبة و السؤال للندب فالامر ايضاً للندب و استدل القائلون بان الامر للقدر المشترك بين الوجوب و الندب بانه استعمل فيهما و المجاز و الاشتراك اللفظي خلاف الاصل فهو مشترك معنوي و استدل القائلون بالاشتراك اللفظي انه استعمل فيهما و الاصل فيه الحقيقة و الاشتراك خير من المجاز و استدل المتوقفون بان كل امر يثبت بدليل و الدليل اما عقلي فلايجري في اللغة و اما نقلي فالاحاد لاتفيد و التواتر غير حاصل و استدل القائلون بانه للجواز بان الجواز المطلق قطعي و الزايد مشكوك و الاصل عدمه.
و هذه الادلة كما تري و هي ان كانت صحيحة سقيمة لانها رأي محض و لايجوز ابتناء جميع احكام الله عليها بهذه الادلة الموهونة التي تسمع و تري و هذه المسألة من المسائل المهمة العظيمة التي يدور عليها جميع الفقه و جميع احكام الله و يجب الاهتمام بها و بسط القول بقدر الامكان فيها و لا قوة الا بالله.
اعلم انه قديكون في النفس ميل الي وجود شيء او عدمه و يحصل ذلك بيد غيرها فتريد ايجاد الغير ذلك الشيء او اعدامه اياه فقد يكون تلك الارادة بسيطة يعني تريد ايجاده لا غير او اعدامه لا غير و قد تريد ايجاده و لاتبالي ايضاً باعدامه الا ان ارادتها للايجاد ارجح او بالعكس فتريد النفس انتعبر عن ذلك الميل بلفظ فاللفظ الذي يعبر به عنالبسيط لايجاد الشيء هو الامر و اللفظ الذي يعبر به عن البسيط لاعدام الشيء هو النهي معريين عن الضمايم و اما اذا كانت الارادة مركبة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۳ *»
فلايفي بها الامر و النهي بصرافتهما فتحتاج النفس الي ضم الضمايم و القراين لتدل علي ان النفس كما تطلب الفعل لاتبالي بالترك ايضاً و هما شيئان متضادان لايدل علي احدهما اللفظ المناسب للاخر فكما كان الميل مركباً وجب انيكون لفظه ايضاً مركباً و اللفظ الصالح لظهور ذلك الطلب البسيط يختلف فقد يعبر عنه بالجمل الخبرية و قد يعبر عنه بالجمل الاستفهامية و قد يعبر عنه بفعل الامر و قد يعبر عنه باسماء الافعال و هكذا ولكن اللفظ الموضوع لذلك المخصوص به كما في كتب اللغة لفظ افعل فهو حقيقة في الطلب و البواقي مجاز يحتاج الي قرينة و من هذا البيان ظهر ان الامر لطلب الفعل بسيطاً و النهي لطلب الترك بسيطاً فان استعملا في غيرهما احتاجا الي القرينة و هما مع قرينة الرضا بالترك ليسا بامر و لا نهي و ان كان صورتاهما صورة تصلح انيظهر الامر بهما.
و يكشف عن ذلك و عن كون الامر موضوعاً للايجاب لا غيره ما روي عن الرضا7 عن ابائه: قال عليبنابيطالب7 الاعمال علي ثلثة احوال فرايض و فضائل و معاص فاما الفرايض فبامر الله عزوجل و برضاء الله و قضاء الله و تقديره و مشيته و علمه و اما الفضايل فليست بامر الله ولكن برضاء الله و بقضاء الله و بمشية الله و بعلم الله و اما المعاصي فليست بامر الله (و لا برضاء الله ظ) ولكن بقضاء الله و بقدر الله و بمشيته و بعلمه ثم يعاقب عليها انتهي.
فبيّن و اظهر روحي فداؤه ان الفرائض بامر الله و برضاه اي بالفعل و الفضائل ليست بامر الله ولكن برضاه فالذي اخبر به ليس بامر و انما هو لفظ دال علي الرضا و محبة الفعل و المعاصي ليست بامر الله و لا برضاه و محبته فان الله يكرهها و المكروهات تشرك المعاصي في عدم الامر و الرضا و تختلف معها في العقاب و فيها ادني العقاب و هو التبعيد موجود لامحالة و الا لماصار مكروهاً فعدّها7 في المعاصي لاجل ذلك فالفرائض بالامر و الفضائل ليست بالامر و ان وقع اغلبها بلفظ افعل فالامر حقيقة في الايجاب.
و كذلك لا شك في العرف و اللغة ان الطالب يطلب بلفظ افعل انيفعل المطلوب منه ذلك الفعل فان فعل يقال اطاعه لغةً و قال اهل اللغة لايكون طاعة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۴ *»
الا عن امر كما ان الجواب لايكون الا عن قول يقال امره فاطاعه و عن بعضهم اذا مضي لامره فقد اطاعه و اذا وافقه طاوعه و الطاعة الانقياد فاذا طلب الطالب احداث المطلوب منه فعلاً و احدث فقد انقاد لقوده و عمل بطلبه و اما اذا لميفعل ما طلب منه يقال عصاه يعني لمينقد له و في اللغة العصيان ضد الطاعة و قال ابوعبدالله7 الطاعة ضدها المعصية الحديث فالعصيان امر عدمي و هو عدم الطاعة و عدم الانقياد لامر الامر قال ابوعبدالله7 اذا لمتطع الله فقدعصيته انتهي و هذا شيء لا شك فيه و علي هذا قال الله عزوجل أفعصيت امري و قال لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون.
فوجدنا الاخبار المذكورة مطابقة للكتاب و الكتاب مصدقاً لها ثم وجدنا الله يقول فليحذر الذين يخالفون عن امره انتصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم و وجدناه عاتب ابليس بقوله ما منعك ان لاتسجد اذ امرتك و امره قوله اسجدوا لادم كما حكي لنا تعليماً و كالمنا بلساننا و كذلك رأينا اباعبدالله7 قال لهشام اذا امرتكم بشيء فافعلوا و رأينا اباالحسن7 قال اذا امرتك بشيء فاعمل و الا غضب عليك الخبر و وجدنا اباعبدالله7 قال في رسالته الي اصحابه اعلموا انه انما امر و نهي ليطاع فيما امر و لينتهي عما نهي عنه فمن اتبع امره فقد اطاعه و قد ادرك كل شيء من الخير و من لمينته عما نهي الله عنه فقد عصاه فان مات علي معصيته اكبه الله علي وجهه في النار و قال فمهلاً مهلاً يا اهل الصلاح لاتتركوا امر الله و امر من امركم الله بطاعته فيغير الله ما بكم من نعمته و قال ان الله امر رسوله9 بحبهم فمن لميحب من امر الله بحبه فقد عصي الله و رسوله و من عصي الله و رسوله و مات علي ذلك مات و هو من الغاوين.
فتبين من هذه الاخبار الواضحة الموافقة للكتاب المصدقة بعضها بعضاً ان الامر حقيقة في الحكم و الايجاب و من ائتمر فقد اطاع و من لميأتمر فقد عصي و ماكان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله امراً انيكون لهم الخيرة من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۵ *»
امرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً و هذه الايات و ان وسوس فيها موسوسهم و اوردوا فيها ايرادات و حلّوا و نقضوا و اجابوا و اعترضوا ولكن اذا ضممت بعضها الي بعض و نظرت الي مواقعها و مواردها و نظرت الي الاخبار و مطابقتها مع الكتاب و تصديق الكتاب لها و علمت ان الامر اسم للطلب الموجب بنص الكتاب و مخالفة الامر مطلقاً عصيان بالكتاب و السنة لايبقي اذاً موضع شك هذا و الحجج مفترضوا الطاعة بضرورة المذهب و الكتاب و السنة و الطاعة امتثال الامر كماعرفت في اللغة و هو الطلب الموجب او الطلب البسيط كماعرفت في الحديث و اللغة و العصيان خلاف الطاعة و طاعة الحجج مفترضة بالضرورة و عصيانهم حرام بالضرورة و مزيداً علي ذلك فقد قال ابوعبدالله7 في حديث اعلموا ان ما امر الله به انتجتنبوه فقد حرّمه و انت سمعت قوله فليحذر الذين يخالفون عن امره انتصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم فمخالفة امره9 حرام.
و يدل علي ذلك ان النافلة تسمي في الاخبار بالتطوع و هو تكلف الطاعة و سميت بالتطوع لانها ليست بالطاعة لان الطاعة لغةً امتثال الامر و لميتعلق الامر بالنافلة لماعرفت ان الفضائل ليست بامر الله فالعمل بها ليست بالطاعة التي هي امتثال الامر فهي تطوع قال ابوعبدالله7 في حديث ذكر فيه صومه شعبان في السفر و افطاره شهر رمضان ان ذلك تطوع و لنا اننفعل ما شئنا و هذا فرض و ليس لنا اننفعل الا ما امرنا انتهي انظر الي تخصيصه الامر بالفرض و تخصيص الطاعة به و تسميته النافلة بالتطوع و من ضم بعض ما ذكرت الي بعض و نظر بعين الانصاف و جانب الاعتساف يراه واضحاً صريحاً نصاً و من يورد علي هذه النصوص لا مخلص لنص في الدنيا من شره و بهذه الشكوك يمكن الشك في جميع النصوص المحكمة.
قال: تبصرة صاحب المعالم بعد اختياره المختار جعل الامر في الندب في عرف الائمة: من المجازات الراجحة المساوي احتمالها لاحتمال الحقيقة لكثرة استعماله فيه في عرفهم فاستشكل في اثبات الوجوب بمجرد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۶ *»
ورود امر منهم و فيه منع الكثرة الي حد صيرورته فيه من المجاز المشهور الذي هو ثالث الدرجات الخمس المتصورة في استعمال اللفظ في معناه المجازي الي انيصل الي حد النقل بل الكثرة انما هي في خصوص الاوامر الشرعية بل كثرتها ايضاً حصلت من استعمالات مجموع الائمة فلاتثبت مراده مع ان استعماله في الندب ليس بازيد من استعمال العام و المطلق في الخاص و المقيد و استعمال الفاظ العبادة في المعاني الشرعية فلم لايتوقف فيها ولو في اصل المجاز و نوعه ثم الحق امكان المجاز المشهور للاصل و وقوعه لوقوع النقل التعيني و الضرورة قضت ببطلان الطفرة لكن في تقديم المجاز المشهور علي الحقيقة كما عن ابييوسف او الحقيقة كما عن ابيحنيفة او الوقف كما عن العلامة وجوه اظهرها الوقف فقاهةً لا اجتهاداً فتأمل.
اقول: قوله «الدرجات الخمس» احديها انيكون المتبادر من اللفظ المعني الحقيقي من دون احتمال الغير و ثانيتها انيتبادر الحقيقة و يشك في المجاز و ثالثتها انيتبادر الحقيقة و يترجح المجاز و رابعتها تبادر الحقيقة و المجاز معاً كساير المشتركات و خامستها انيتبادر المعني المجازي فالمجاز الراجح هو الدرجة الثالثة و اختلفوا في ترجيح احدهما علي الاخر كما ذكره المصنف و اختار المصنف التوقف و قيل في الدرجات ان الدرجات ثلثة و هي في كثرة الاستعمال في كل واحد بانيكون الحقيقة اكثر او المجاز اكثر او متساويين.
و المصنف رد صاحب المعالم اولاً بانا نمنع الكثرة الي هذا الحد و ثانياً ان الكثرة وقعت في الاوامر الشرعية الواردة في المندوبات دون ساير محاوراتهم و لقائل ايضاً انيقول انا نمنع من ذلك كما منعت و ثالثاً انه لميستعمل كل امام بمقدار انيساوي استعماله في الوجوب و انما نري اليوم استعمال كل الائمة جميعاً فنراه كثيراً و لقائل انيقول ما ذكرته محض ادعاء و رابعاً بان استعمال المطلق في المقيد و العام في الخاص كثير بحيث قيل ما من عام الا و قد خص فيلزمه انيأخذ كل مطلق مقيداً و كل عام خاصاً و ذلك ايضاً لاينقض علي صاحب المعالم قوله فلعل له وجهاً اخر في الاخذ بهما.
و اعلم ان القوم يحسبون ان المطلب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۷ *»
يثبت بتعجيز الخصم فمهما عجز خصمهم عن اقامة حجة علي مدعاه حسبوا انهم فلجوا بمدعاهم و الحال انه يمكن انيكون كلامهما معاً باطلاً و يكون الحق مع ثالث بالجملة هذه الادلة ان دلت و صحت و حقت لايمكن التعويل عليها فانها رأي محض في اصل يبتني عليه جميع الفقه و لايجوز انيكون مبناه علي اساس رخو لا ثبات له و لا استحكام و اعلم ان هذه المسألة من المسائل الكلية التي يجب انيعتني بها كثيراً و يستحكم امرها استحكاماً شديداً يكون مصوناً عن التضعضع لكونها مبني جميع امور الشرايع و القوم اكتفوا فيها بهذه الادلة التي لاتسمن و لاتغني من جوع و لا فائدة فيها.
فنقول اعلم ان المحمد: بنوا في امر الدين انيكتفوا بما في ايدي الناس ان كانت بديهية ضرورية لااختلاف فيها و اما ما كان فيه اختلاف و تنازع للعقول تصدوا بالهداية و التعليم و القاء ما عندهم الي الرعية و ذلك منصبهم من عند الله فقد قال الله عزوجل ومااختلفتم فيه من شيء فحكمه الي الله و قال و ان تنازعتم في شيء فردوه الي الله و الرسول و قال فلاوربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم الاية فالامر الذي فيه تنازع العقول يجب انيكون فيه حكم منهم فان سألهم احد اجابوا و الا ابتدأوا و انت تعلم ان القوم لميجدوا في هذه المسائل كتاباً و لا سنة و انما يتكلمون فيها بعقولهم الناقصة ولو وجدوا فيها حديثاً واحداً لجعلوه كحل اعينهم و تاج رءوسهم و لماعجزوا عن ذلك و يئسوا عن المحمد: باعراضهم عنهم تصدوا بعقولهم فاثبتوا دينهم بهذه الادلة و لقد رأيت سخافة البحث و الرد في هذه المسألة مع انها مبني جميع الشرع كملاً فاريد اناكتب ماعندي في هذه المسألة.
و هو انك قدعرفت بالكتاب و السنة ان الامر في مقام التكليف هو الحكم و الشارع هو صاحب الامر و الحكم و طاعته الائتمار بامره و معصيته ترك الطاعة و هو المفترض الطاعة من عند الله عزوجل فاوامره ايجابية ولو اراد غير الايجاب لنصب قرينة او صرّح بعدم ارادة الايجاب و من وجد اوامر كثيرة او قليلة في الندب فانما عرف انها في الندب بالقرائن و هذه الاقوال كلها ظنون لاتغني من الحق شيئاً و نهينا عن اتباعها و ليس
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۸ *»
لها من عند الله برهان و لايوقف لها علي حد هذا و الذي حصل لنا به القطع الذي لا شك فيه و لا ارتياب و هو كالاجماع الذي لا اختلاف فيه و لا ارتياب ان محمداً و المحمد: لميريدوا من الرعية انيعرفوا الواجب و المستحب و يميزوا بين الحرام و المكروه بل قنعوا من الاولين بالفعل و من الاخرين بالترك و لميريدوا من الرعية نية الوجه في الاعمال و قدحصل لنا بذلك الاجماع الذي لاريب فيه و يشهد به جميع السنة و السيرة المستمرة بين المسلمين و من كان فقيهاً متتبعاً في الاخبار عرف ذلك بلا غبار فاذ لميريدوا ذلك لميكونوا بصدد توضيح هذه المسألة توضيحاً بيّناً يفهمه كل احد و لميعلموا صلاح الرعية في العلم بذلك اذ العلم بذلك يدعوهم الي ترك اكثر المندوبات و ارتكاب اكثر المكروهات كما فتح متأخروا الفقهاء هذا الباب و ادي الي ما ذكرنا في اكثر الابواب و اما قدماء اصحابنا الذين كانوا يفتون بمتون الاخبار كان فتاويهم افعل لاتفعل من دون تصريح بالوجوب و الندب و الكراهة و الحظر و منذ فتح المتأخرون هذا الباب كثر الخلاف بينهم و الارتياب و جل تنازع الفقهاء في الوجوب و الاستحباب و الا فالرجحان مجمععليه و كذا في الكراهة و الحرمة و الا فالمرجوحية مجمععليها ولو تركوا ذلك لقل الاختلاف و حصل الايتلاف و صار ادعي للعمل بالسنن و لترك المكروهات.
فعلم ان السبيل الاقوم هو سبيل فتاوي محمد و المحمد: و هذا السبيل هو سبيل اعدائهم كما يشهد به كتبهم في الفتاوي و بعد ما راجع اصحابنا كتبهم سلكوا مسلكهم فاذا لميكن الصلاح في معرفة وجوه الاحكام و كان يكفي الامتثال و الانتهاء لميكن كثير حاجة الي معرفة الوجوه الا اذا سأل احد عن الترك فحينئذ كانوا يصرحون بالجواز و لذلك صار دليل الاستحباب في الاخبار غالباً التصريح بجواز الترك و دليل الكراهة التصريح بجواز الفعل فان اردتم النجاة فاسكتوا عما سكت الله و ابهموا ما ابهمه الله و لاتحكموا بالظنون في دين الله و تبعدوا بين الاسفار و اسلكوا سبل النبي المختار في اظهار دين الله الجبار و لايجوز تأصيل اصول بهذه الادلة السخيفة التي لميقوم شيء منها شيئاً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۸۹ *»
الا و كسره دليل اخر مثله فان جهات الشيء لاتحصي و كل احد ينظر من جهة و يقيس باقي الجهات عليها و لايجوز وضع القاعدة بتقديم المجاز المشهور علي الحقيقة او العكس بهذه الادلة ثم بناء الدين كلاً عليها نعوذ بالله من بوار العقل و قبح الزلل و به نستعين و لااجد والله طريق النجاة الا في سد ابواب هذه العقول و فتح باب التسليم و القبول و ذلك من الله مأمول.
هذا جناي و خياره فيه | و كل جان يده الي فيه |
قوله «ثم الحق امكان المجاز المشهور» يعني يمكن انيستعمل لفظ في المجاز كرات حتي يصير ارادته عند المستمعين ارجح من الحقيقة للاصل اي للقاعدة المأخوذة من طريقة العقلاء ان ما شك في امكانه و امتناعه حكموا بامكانه و هذه القاعدة الشريفة مستنبطة من الاستقراء في المفاهيم المتصورة في الذهن فلما كان اغلبها ممكناً قاسوا عليها ذلك المشكوك ايضاً.
قوله «و وقوعه» اي هو واقع لانا قاطعون بوقوع المنقول التعيني و هو اخر المراتب الخمسة المذكورة و لايمكن الوصول من الدرجة الدنيا الي الدرجة العليا الا بالعبور علي الثالثة لقضاء الضرورة ببطلان الطفرة و دليل من قدّم المجاز كثرته و دليل من قدّم الحقيقة اصالتها.
و قوله «اظهرها الوقف فقاهةً لا اجتهاداً» يعني انا لانعلم ان بناء العرف علي تقديم المجاز علي الحقيقة و الادلة و القواعد الخارجية متعارضة توجب التوقف فهذا التوقف فقاهي ولو كنا نعلم ان بناء العرف علي الوقف لكان التوقف اجتهادياً. هذه الاشارة الي مراده من هذه الكلمات التي لايجوز التعويل في الدين علي شيء منها.
قال: اصــل الحق ان الامر بالامر امر للتبادر و عدم صحة السلب و بناء العرف علي ذم الثالث ان لميفعل بعد علمه و ان لميبلغ الواسطة اليه و علي ذم الاول لو عاتبه علي الفعل حينئذ و اتفاق المسلمين علي كون اوامره9 من جانبه تعالي الا انيجعل الاخير من باب القرينة و دليل الخصم ضعيف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۰ *»
فتأمل و تظهر الثمرة في مقام التوكيل و في النذر فيما لو توضأ الصبي ثم بلغ بالسن مثلاً او صلي الظهرين ثم بلغ قبل خروج الوقت.
اقول: ثمرة النزاع انه اذا امر زيد عمراً و قال لعمرو مر بكراً انيبيع الفرس فان لميأمر الواسطة و لميبلغ و سمع بكر امر زيد هل امر زيد امر لبكر ام لا فمنهم من قال انه امر للثالث و استدل عليه بالتبادر و هو ممنوع و كذا عدم صحة السلب و هو محض ادعاء و بناء العرف ليس علي ذلك مطلقاً.
و اما قوله «اتفاق المسلمين علي كون اوامره» الخ فذلك خارج عن محل النزاع لوجوه حكمية و لا كلام فيه.
و استدل النافون بانه لو قيل لمولي مر عبدك يتجر فلو كان ذلك امراً للثالث لكان تصرفاً في ملك الغير ولكن لقائل انيقول من يأمر واسطة بالابلاغ له فوائد كثيرة و الحكيم و المعصوم لايفعلان العبث فلعله يريد اظهار علو درجة الواسطة في المثال المذكور او يريد طاعة الثالث للواسطة و ذلك امر اخر و لعله يريد تأخير الامتثال الي بعد البلوغ او يريد خروجه من فم غيره و صدوره عن غيره او في ذلك امتحان للواسطة و لايجب انيتبادر الثالث الي فعل ما امر فلو قال مر زيداً انيبيع فرسي وكالةً عني فما لميبلغ الواسطة ليس بوكيل ولو سمع او اطلع علي ما قال و اما المثالان الباقيان فيستنبط من الاخبار و لانحتاج الي اننقول لولا الخبر لكان حكمه كذا قال ابوعبدالله7 سألني ابنشبرمة ما تقول في القسامة في الدم فاجبته بما صنع رسولالله9 قال ارأيت لو ان النبي9 لميصنع هذا كيف كان يكون القول فيه قال قلت له اما ما صنع النبي9 فقد اخبرتك و اما ما لميصنع فلا علم لي به و سئل7 عن مسألة فاجاب فيها فقيل ارأيت ان كان كذا و كذا ما كان يكون القول فيه فقال مه ما اجبتك فيه من شيء فهو عن رسولالله9 لسنا من ارأيت في شيء فما قاله في الضوابط بان القول في المسألة من حيث نفسها هكذا و ان امكن وجود دليل خاص في المسألة الفقهية ليس مما ينبغي.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۱ *»
بالجملة لميثبت من جانب الشرع ان الامر بالامر امر و هذه الاحتمالات التي ذكرنا قائمة و الاصل براءة ذمة الثالث حتي يثبت الاشتغال من جانب الشارع و لايجوز التصرف في مال الغير الا باذنه و لميثبت كون ذلك اذناً قبل الابلاغ لقيام الاحتمالات و اما كون اوامر النبي9 اوامر الله فلايجدي شيئاً لانه رسولالله و بلغ عن الله و قبل الابلاغ لميسمع احد من الله و بعد الابلاغ ماينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي و كذلك الائمة: ولو استدل علي ما اخترنا بقوله تعالي و لاتعجل بالقرءان من قبل انيقضي اليك وحيه وبقوله لاتحرك به لسانك لتعجل به الي ان قال فاذا قرأناه فاتبع قرءانه لميكن بعيداً عن الصواب.
قال: اصــل هل الامر الوارد عقيب الحظر ولو وهماً يفيد الوجوب او الندب او الاباحة الخاصة او العامة او يتبع ما قبل النهي اذا علّق الامر بزوال علته او لابد من الوقف وجوه و مرجع النزاع الي انتقدم الحظر هل هو قرينة صارفة ام لا كنزاعهم في صارفية الشهرة و الضمير الراجع الي بعض افراد العام و الاستثناء الواقع عقيب الجمل و غيرها من الصوارف التي لها جهة جامعة و افراد كثيرة مع خفاء صرفها و محله اذا تعلق الامر بنفس المحظور و الاصل فيه الوقف سواءاً جعلنا عدم القرينة جزء المقتضي لحمل اللفظ علي الحقيقة او وجودها مانعاً عنه و اما اجراء الاصل بتوهم ان الاصل عدم صارفية هذا الحادث او عدم الالتفات اليه او ان الاصل الحقيقة لاستصحاب الظهور او ان الاصل في الاستعمال الحقيقة فلا وجه له فتأمل و الحق افادته الاباحة العامة مطابقة و ان انصرف اطلاقه الي الاباحة الخاصة للتبادر فتأمل و حجج ساير الاقوال ضعيفة.
اقول: اصل النزاع في انه اذا كان حظر سابق يقيني او مظنون او متوهم ثم ورد امر بعده هل يكون قرينة صارفة للامر عن الوجوب ام لا اختلفوا في ذلك علي اراء فمنهم من قال بعدم الصرف و منهم من قال ان الامر يصير للندب و منهم من قال للاباحة الخاصة اي تساوي الطرفين و منهم من قال للاباحة العامة يعني مطلق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۲ *»
الجواز الذي هو اعم من الوجوب و الندب و الكراهة و منهم من قال بالتوقف و منهم من قال بالتبعية لما قبل النهي اذا علّق الامر كقوله تعالي اذا حللتم فاصطادوا ولو وجدوا وجهاً سابعاً لقالوا به و منهم من عمّم محل النزاع في كل صارف عن الحقيقة سواءاً كان الحظر او لفظ اخر و قال الصوارف مختلفة قسم بيّن الصرف و لا نزاع فيه و قسم بيّن عدم صرفه و لا نزاع فيه و قسم مشكوك و ذلك كنزاعهم في صارفية الشهرة في المجاز المشهور هل تصرف اللفظ عن الحقيقة ام لا و كالضمير الراجع الي بعض افراد العام هل يصير قرينة ارادة المجاز من العام و كالاستثناء الواقع عقيب الجمل و كالامر الواقع عقيب الحظر يصرفه عن الوجوب ام لا و محل هذا النزاع اذا كان الامر وارداً علي نفس المحظور نحو لاتشرب هذا الماء و اشرب هذا الماء دون شيء اخر كـلاتخرج من الدار الي البستان و اخرج الي المسجد.
قوله «و الاصل فيه الوقف» الي اخر فالبرهان الذي اقامه في الضوابط انه ان شككنا في حدوث الصارف فهيهنا احتمالان احدهما ان الباعث علي حمل اللفظ علي الحقيقة شيء مركب من جزئين و هما وجود اللفظ و عدم قرينة المجاز فعلي هذا اذا شككنا في عدم القرينة فالاصل عدم وجود المقتضي فالمقتضي مشكوك فالاصل الوقف فلانحمله علي الحقيقة و لا علي المجاز و ثانيهما انيكون الباعث بسيطاً و هو وجود اللفظ و القرينة مانعة خارجة عن المقتضي فاذا شككنا في المانع فالاصل عدمه و المقتضي موجود فينبغي انيحمل علي الحقيقة و يمكن انيقال في الصورة الاولي ايضاً ان احد جزئي المقتضي موجود بالعيان و الجزء الاخر بالاصل فتمام المقتضي موجود فيحمل علي الحقيقة و ان شككنا في صارفية الحادث فكذلك ايضاً و لااعرف من هذا البرهان لزوم الوقف و كيف استنتج منه الوقف بل هو دليل الحمل علي الحقيقة في جميع الحالات و اما ما ذكره من ادلة المتوهم علي قوله انه لا وجه له هو بعينه ما استدل به فلااعرف علة عدم وجه له.
قوله «و الحق افادته الاباحة العامة» الخ و دليله التبادر يعني اذا كان بعد الحظر يفيد الاذن مطلقاً و اما نفس لفظ الامر علي الاطلاق فهو يفيد الاباحة الخاصة و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۳ *»
باقي العبارة ظاهر و جميع ذلك اراء مذمومة منهيعنها لايجوز التعويل علي شيء منها في دين الله كماعرفت مكرراً.
و الذي اقول في هذا المقام انه اذا صدر تحريم شيء عن الشارع ثم نسخ ليس يمتنع انينسخ بالاذن العام و رفع التحريم و ليس يمتنع انينسخ بالوجوب و لا بالندب و لا بالاباحة و كلها ممكن الوقوع و ليس علي اختيار واحد منها برهان من كتاب و لا سنة و هذه الاصول لاتكشف عن ارادة الشارع و ادعاء التبادر في محل هذا الاختلاف العظيم غير مسموع و العرف و المقامات مختلفة و علي هؤلاء المتنازعين الرجوع الي الله و رسوله و اولي الامر سلام الله عليهم و لايجوز لهم القول بارائهم و علي الشارع البيان و التفهيم و هو معصوم لايقصر.
و ان قلت ان بيّن الشارع فلا كلام و كلامنا عند عدم القرينة قلت كلامكم هذا مثل انيقول قائل لو كان الامام مقصراً و كان غيرمعصوم كيف كان يكون و هو كلام باطل الامام عليه التفهيم و الابلاغ كيفما شاء و اراد فان سكت فاسكتوا عما سكت الله و ان نطق فاتبعوا ما نطق و التكليف فعل المكلف (بالكسر) و لا تكليف الا بالبيان و اذ لا بيان فلا تكليف فلاتكلفوا ما لمتكلفوا و السلام.
فان كان الناسخ بلفظ الامر فهو حقيقة في الوجوب و مجاز في ساير المعاني و لايصرف اللفظ عن حقيقته الا بالقرينة و اذ لا قرينة يحمل علي الوجوب و محض تقدم الحظر ليس دليل كون الامر مستعملاً في المجاز و ادعاء التبادر غيرمسموع في مقام اختلاف اهل العلم.
قال: اصــل هل الامر بمجرده للمرة او التكرار او مشترك بينهما او للمهية المحضة او لابد من الوقف اقوال ثم المرة قد يراد بها ايجاد الفرد الواحد و قد يراد بها الدفعة و النسبة بينهما عموم مطلق ثم هي اما لابشرط او بشرط لا تقييداً او تعدداً و التكرار ايضاً يكون تقييدياً و تعددياً و المراد دلالة اللفظ علي التكرار الابدي و ان كان التقييد بالامكان العقلي او الشرعي ثابتاً من الخارج.
اقول: يريد انيقول اذا صدر امر من الشارع من غير قرينة هل يدل علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۴ *»
المرة يعني مطلوبه اتيان المكلف بالمأمور به مرة واحدة او مرات عديدة من حيث الدلالة او مشترك بينهما اشتراكاً لفظياً او مطلوبه المهية المحضة من غير تقييد بالمرة و التكرار او هو مجهول و لابد من الوقف اقوال و بكل قال قوم.
ثم المرة قد يراد بها ايجاد الفرد الواحد من افراد الماهية و قد يراد بها الدفعة كقولهم ارتمس في الماء مرة واحدة يعني دفعة من غير تدرج و النسبة بينهما عموم مطلق فان الدفعة تتفق مع المرة الواحدة و مع المرات كعتق عبد واحد و عتق عبيد متعددة دفعة واحدة و اما الذي في اللغة المرة التارة ففعلت ذلك مرة اي تارة و عن بعضهم المرة الفعلة الواحدة و لمار بمعني الدفعة فلاتغفل.
ثم المرة اما لابشرط الاتيان بالاكثر و عدمه او بشرطلا يعني عدم الزيادة علي المرة تقييداً يعني بحيث يكون ترك الزيادة قيد صحة الامتثال بتلك المرة او لايكون قيداً بل دلالة الامر شيئان الاتيان بتلك المرة و عدم الاتيان بالزيادة بدلالة اخري و اما علي القول بالتكرار يكون التكرار ايضاً تقييدياً يعني لايحصل الامتثال بكل مرة مرة الا بعد الاتيان بالكل او تعددياً يعني يدل علي كل فرد فرد منفرداً منفرداً و يحصل الامتثال بما اتي به منها و المراد من التكرار من حيث دلالة اللفظ التكرار الابدي و التقييد بالامكان الشرعي او العقلي يستفاد من الخارج.
قال: و اما ثمرة الخلاف فتظهر في انه ان اتي بافراد من المهية تدريجاً فعلي المرة التقييدية لا امتثال و علي تعدد المطلوب يكون بالاول ممتثلاً و بما زاد عاصياً و علي اللابشرط و المهية من حيث هي ممتثل بالفرد الاول يقيناً و في امتثاله بالفرد الزايد وجهان اظهرهما العدم بل هو عاص في الزايد للبدعة لا لدلالة اللفظ او دفعة و كان المراد بالمرة الفرد الواحد فعلي المرة التقييدية لا امتثال و كذا علي تعدد المطلوب ان قلنا بعدم جواز اجتماع الامر و النهي او قلنا بجوازه ولكن لميعين المأمور به فيما يشترط تعيينه و علي المرة اللابشرط و المهية يكون الحال كتعدد المطلوب الا ان النهي هنا للتشريع و يظهر الفرق بين الاخيرين في النية في وجه او كان المراد بالمرة هو الدفعة فعلي المرة التقييدية لا امتثال لدلالة الاصل و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۵ *»
قاعدة التشريع المحرمة للفرد الزايد و علي تعدد المطلوب يبني الامر علي جواز اجتماع الامر و النهي و عدمه بالتفصيل المتقدم انفاً و كذا علي المرة اللابشرط و المهية يبني الامر علي جواز الاجتماع و عدمه ثم مقتضي الاصل العملي متي دار الامر بين التكرارين هو التقييدي للاشتغال و البراءة او بين المرة اللابشرط او المهية و بين المرة التعددية هو المرة اللابشرط لاصل البراءة او بين المرة التقييدية و اللابشرط او بينها و بين المهية اللابشرط هو المرة التقييدية لاصل الشغل و هكذا فقس ساير صور الدوران و استخرج و الاصل اللفظي الفقاهي هو الوقف و الاجتهادي هو الوضع للمهية لاصالة عدم الوضع لغيرها الا انيمنع جريان هذا الاصل او اعتباره.
اقول: مراده انه اذا قال الشارع اعتق فاعتق خمسة عبيد تدريجاً فان كان معني قوله اعتق واحداً بشرط ان لايكون ازيد فلا امتثال و ان كان المطلوب متعدداً يعني معناه اعتق واحداً و لاتعتق ما زاد عليه صح الواحد و بطل الزايد و ان كان المراد من اعتق اعتق لا بشرط او مهية عبد كيفمااتفق صح الاول و اما ما زاد عليه فمنهم من قال انه جايز و منهم من قال انه بدعة و هو عاص اذا فعل و ان اعتق دفعة واحدة و كان المراد من المرة الفرد الواحد اما في المرة التقييدية فظاهر انه لا امتثال و اما في تعدد المطلوب يعني كون المراد اعتق واحداً و لاتعتق ازيد فمن حيث انه اعتق خمسة دفعة اتي بالمنهيعنه و من حيث انه اعتق واحداً في ضمنها اتي بالمأموربه فان قلنا بعدم جواز اجتماع الامر و النهي فلا امتثال و اما علي جوازه فان كان اللازم عتقه متعيناً و لميعين فلا امتثال و ان لميكن لازماً حصل الامتثال و ان قلنا ان قوله اعتق للمرة لابشرط عدم كون غير معه او للمهية فيحصل الامتثال في ضمن فرد و الزايد لا دليل علي شرعيته فهو بدعة فيجتمع عليه الامر و النهي فيكون حكمه كما مر و الفرق بين هذين في النية لا في شيء اخر و ان كان المراد بالمرة الدفعة و قد اعتق دفعة خمسة فعلي المرة التقييدية لايحصل الامتثال لان القدر المتيقن عتق واحد دفعة و اما عتق خمسة دفعة فلا دليل عليه و هو بدعة و حرام و علي التعددية ايضاً لميحصل الامتثال بل هو حرام و بدعة فان الشارع قال اعتق دفعة واحداً و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۶ *»
لاتعتق ازيد منه فان اعتق واحداً دفعة لا غيره حصل الامتثال و ان اعتق الجميع دفعة فالزايد مشكوك و لا دليل علي جواز الاتيان بالاكثر فهو بدعة و حرام فيبني الامر علي جواز اجتماع الامر و النهي كما مر.
قوله «ثم مقتضي الاصل العملي متي دار الامر بين التكرارين» يعني التكرار التقييدي اي المقيد بكونه لا واحد او التعددي يعني افعل مكرراً و لاتفعل مرة «هو التقييدي» لان معني التكرار التقييدي افعل المجموع بشرط عدم الاكتفاء بالبعض فالمأمور به المجموع من حيث المجموع و المراد بالتكرار التعددي افعل المجموع و لاتكتف بالبعض فالاول تكليف واحد و لايحصل البراءة من الاشتغال الا بالمجموع و الثاني تكاليف متعددة و الاصل عدم التكاليف المتعددة و براءة الذمة عنها و متي دار الامر بين المرة اللابشرط او المهية و بين المرة التعددية فالاصل هو المرة اللابشرط لان الاصل البراءة عن التكاليف المتعددة و اذا دار الامر بين المرة اللابشرط او المهية و بين المرة التقييدية فالاصل هو المرة التقييدية لاصل الاشتغال و عدم حصول البراءة بالاتيان بالواحد لا غير.
و قوله «و الاصل اللفظي الفقهي هو الوقف» لان الالفاظ توقيفية فعند الشك ينبغي التوقف.
و قوله «و الاصل الاجتهادي» الي اخر و الحق انه فقاهي ايضاً لا اجتهادي لاجراء الاصل فالتفات الواضع الي المهية قطعي و الي القيود الزايدة مشكوك و الاصل عدمه الا انيمنع مانع جريان هذا الاصل او اعتباره فان الالتفات المجمل الي القيود قطعي و الشك في متعلق الالتفات فلايجري استصحاب عدم الالتفات او يمنع اعتباره في الالفاظ لعدم دليل علي اعتباره من الكتاب و السنة.
بالجملة هذه خيالات القوم و جميعها عندي كاضغاث احلام و اراء منهية و لايجوز ابتناء الاحكام الالهية عليها و ان تنازعتم في شيء فردوه الي الله و الرسول و ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الي الله فلاوربك لايؤمنون حتي يحكّموك فيما شجر بينهم أ لمتر الي الذين اوتوا نصيباً من الكتاب يدعون الي كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولي فريق منهم و هم معرضون و قال و اذا دعوا الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۷ *»
الله و الرسول ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون فاذا تحاكمنا الي الله و الرسول رأيناهما جبها بالرد كليةً عن جميع ما قالوه بالرأي فلا حاصل لنا في ديننا و دنيانا اننزيف بعضها و نقبل بعضها و الكل مردود عند الله و عند رسوله.
فان قلت هذه مسألة يحتاج اليها فما تقول فيها قلنا ان هنا قاعدة كلية ان للاشياء مقامين مقام ذواتها من حيث هي هي في عالم الحقايق و مقام اعراض و العقول ان اصابت تدرك الشيء من حيث هو هو في ذاته و لا علم لها بالاعراض و القرانات في عالم الاعراض و هذه الدنيا عالم الاعراض و القرانات و ذلك كالطيب مثلاً فانه تحفة الصائم و لايضر بالصوم ولكن في عالم الاعراض اختص النرجس بالمنع لعارض و اختص المسك علي القول فيه بالمنع لعارض و العقل الجزئي عاجز عن درك اسباب الاعراض و القول بان الاصل عدم العارض لايكشف عن الواقع فلاجل ذلك ورد المنع الاكيد عن القول بالعقل و الرأي في الاحكام الشرعية في هذه الدنيا و يجب الرجوع الي المحمد: الذين اشهدهم الله خلق السموات و الارض و خلق انفسهم الشاهدين لجميع الخلق المطلعين علي جميع الاعراض و القرانات فاذا رجعنا اليهم سلام الله عليهم استنبطنا من اخبارهم ان حقيقة الامر في عالم الحقايق و الذوات للتكرار و يجب علي العبد اذا امره الله بامر انيأتمر به و لايقلع عنه الا بامر جديد كالميت بين يدي الغسال اذ اللازم علي العبد انيكون حركته الثانية ايضاً باذن ربه فاذا قال المولي للعبد اذهب يجب عليه الذهاب حتي يقول قف او ارجع و هكذا.
و يدل علي ذلك ما روي عن ابيعبدالله7 في صلوة ليلة المعراج قال اي الله اركع يا محمد لربك فقال له و هو راكع قل سبحان ربي العظيم و بحمده ففعل ذلك ثلثاً ثم قال له ارفع رأسك يا محمد فقام منتصباً بين يدي الله فقال له يا محمد اسجد لربك فخرّ رسولالله9 ساجداً فقال له قل سبحان ربي الاعلي و بحمده ففعل ذلك ثلثاً فقال له استو جالساً يا محمد ففعل الحديث.
فوقوع الامر من الله جلوعز كان غيرمقيد بشيء ولكنه9 بقي راكعاً و كرّر الذكر الي ان امره الله عزوجل برفع رأسه الا ان هذه الدنيا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۸ *»
دار اعراض و تصادم و تمانع و توارد اوامر و نواه لاتحصي و لايمكن انيكون مراد الشارع من اوامره التكرار بضرورة الاسلام فان النبي9 قرّر المسلمين علي ما كانوا عليه في عصره من العمل باوامره و لميك مفهومهم و معمولهم من الاوامر التكرار يقيناً و الا لكان هذه المسألة بين المسلمين اوضح من الصلوة و الصيام و كذلك في الشرع مباحات لاتحصي و وجود المباح تنافي كون الاوامر للتكرار و كذلك الاوامر العديدة تنافي تكرارها لامتناع التكرار معها و كذلك كون الاوامر للتكرار يؤدي الي العسر و الحرج المنفيين و كذلك التكرار مبهم لا حد له شرعاً و لا غاية له الا الموت و كيف يمكن تكرير جميع الاوامر الي الموت هذا و الشارع برّ رءوف ارأف بهذا الخلق من الفقهاء و العلماء فان لميكن هذه المسألة مما يحتاج اليها لم تكلم الفقهاء فيها و ان كان مما يجب تعيينها و البحث عنها و ليست ببديهية فلم ترك الشارع الذي هو ابرّ بالخلق و ارأف منهم.
و اما اللفظ من حيث هو هو لغةً فهو لصرف الطلب كما هو بديهي و لميصطلح الشارع كونه للتكرار يقيناً و الا لكان ابده البديهيات للاحتياج الي معرفته في كل امر فهو لطلب صرف المهية و يكفي في امتثال الماهية الاتيان بفرد واحد يقيناً للصدق العرفي القطعي اللهم الا انيكون قرينة في المقام كما روي انه قيل لابيجعفر7 فلان اوصي حجوا عني مبهماً و لميسم شيئاً و لايدري كيف ذلك فقال يحج عنه مادام له مال و في رواية يحج عنه مابقي من ثلثه شيء و انما ذلك لاجل القرينة التي عرفها الامام7 و خفيت عليهم و لو كان لغة للتكرار او للمرة لماخفي علي اهل اللسان و لماسألوا عنه و لماقيل و لايدري كيف ذلك و ماسموه مبهماً.
فالامثلة التي يفهم منها التكرير فانما يفهم منها بالقرينة كقول الرجل لعبده سس دابتي و ما يفهم منها المرة فبالقرينة كقول المولي لعبده اسقني ماءاً فلما كان في اللغة لصرف الماهية فان كان مراد الشارع المرة يبينها بالقراين و ان كان مراده التكرير يبينها بالقراين و لاجل ذلك حكم الفقهاء في المسائل بتلك القرائن و لميتمسك في الفقه احد بهذه القواعد اللهم الا انيتكلف احد في موضع لايحتاج اليها فيه و الامر اوضح من نار علي علم و ساير
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۱۹۹ *»
التشقيقات اراء لايحتاج اليها و لايترك الشارع رعيته سدي و لايكلهم الي ارائهم فاسترح.
و لما كان الامر لصرف الماهية فلو صدر امر بلا قرينة يتحقق الامتثال باتيان فرد او افراد كما اذا قال تصدق فان تصدق بدرهم اجزأه و ان تصدق بالف دينار اجزأه ايضاً فان كل واحد منها صدقة و فرد من افراد المطلوب و يصدق عليه عرفاً الامتثال و يدل علي ذلك ما روي في كنزالدقائق من الخصال في مناقب اميرالمؤمنين7 عنه7 و اما الرابع و العشرون فان الله انزل علي رسوله ياايها الذين امنوا اذا ناجيتم الرسول الاية فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت اذا ناجيت رسولالله9 اتصدق قبل ذلك بدرهم فوالله مافعل هذا احد قبلي و لا بعدي فانزل الله ءأشفقتم انتقدموا الاية فهل تكون التوبة الا عن ذنب الحديث فاكتفي7 بصدقة درهم مع تعلق الامر بالماهية حيث قال فقدموا بين يدي نجويكم صدقة لصدق الامتثال بفرد فوقه و دونه افراد.
و هل يجوز له اذا اختار الفرد الاكثر و تصدق بشيء منه ترك الباقي ام يجب عليه الاتيان بكل ما اختاره و هما كالواجب التخييري لماجد نصاً مطلقاً في هذا الباب الا انه قيل لابيجعفر7 رجل قرأ سورة في ركعة فغلط أيدع المكان الذي غلط فيه و يمضي في قراءته او يدع تلك السورة و يتحول عنها الي غيرها فقال كل ذلك لا بأس به و ان قرأ اية واحدة فشاء انيركع بها ركع انتهي فالرجل اختار السورة التامة ثم اذا قرأ اية شاء ان يركع فاذن له في ترك الباقي و الاكتفاء بما قرأ مع انه اختار السورة و الدليل علي حدوث المشية بعد الاختيار لفظة فاء في قوله فشاء و كذلك ما يدل علي عدول الرجل من سورة اختارها الي غيرها مع ان جميع السور من افراد الماهية المأموربها ولكن لايمكن الحكم الكلي من فرد واحد فالمرد في ذلك الي الشارع فان وصل منه شيء فهو و الا فالوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات و لايجوز الحكم باراء العقول الضعيفة و القواعد الفقهائية متعارضة فمن جهة يمكن انيقال ان كون النية حاتمة معينة لفرد يحتاج
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۰ *»
الي الدليل و لا دليل عليه و من جهة يمكن انيقال ان العبادات توقيفية و الاشتغال ثابت و كذا حصول البراءة بما اختاره من افراد الماهية و اما الاكتفاء بالاقل و ترك الزايد جوازه مشكوك فلايبرأ الذمة الا بالاتيان بما نوي و هذا هو طريق النجاة و تركه الاقتحام في الشبهات و المرد في ذلك الي الله و رسوله9 .
قال: ثم الاظهر كونه للمهية للتبادر و طريقة العرف و لو تمسك القائل بالاشتراك بان حسن الاستفهام دليل الاحتمال و الاحتمال دليل الاجمال و الاجمال دليل الاشتراك لدفعناه بمنع المقدمة الاولي ان اراد الاحتمال المساوي و منع الثانية ان اراد مطلق الاحتمال مع منع الثالثة مطلقاً و ليس لساير الاقوال ما يعتمد عليه.
اقول: قد صدق المصنف في هذه الكلمات و اصاب الحق و يؤيده ما قدمنا في العُنوان السابق و لاتحتاج الي شرح زايد.
قال: اصــل هل الامر المجرد للفور او مشترك بينه و بين جواز التراخي او للمهية ام لابد من الوقف اقوال اعلم ان المضيق بالمعني الاخص ماكان الواجب فيه مضيقاً من جهة الرخصة و الاجزاء و محدوداً بوقت معين و بالمعني الاعم ما ضاق من جهة الرخصة و الموسع بالمعني الاخص ما وسع من الجهتين المذكورتين و بالمعني الاعم ماوسع من جهة الاجزاء و الفور بالمعني الاخص انيكون الشيء لازم التعجيل و غير محدود بوقت و بالمعني الاعم انيكون الشيء لازم التعجيل و ان كان محدوداً.
اقول: يريد انيقول ان معرفة المضيق و الموسع من شروط فهم هذه المسألة فالمضيق علي نوعين اخص و اعم فالمضيق بالمعني الاخص ما كان مضيقاً من حيث عدم الرخصة و محدوداً بوقت معين كصوم شهر رمضان مابين الهلالين فلا رخصة في تقديمه و تأخيره و من حيث الاجزاء فلايجزئ تأخيره و بالمعني الاعم ما ضاق من حيث رخصة التقديم و التأخير كالحج في عام الاستطاعة و ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۱ *»
كان موسعاً من جهة الاجزاء فانه اذا تحمل الاثم و ترك الحج عام اول فاذا حج بعد ذلك اجزأه و ليس بقضاء و اما الموسع بالمعني الاخص ما وسع من الجهتين المذكورتين كالصلوة الخمس علي المشهور فانها موسعة من اول الوقت الي اخره و يجزيه اذا اخرها الي الوقت الثاني و معناه الاعم انيكون موسعاً من جهة الاجزاء و ان كان مضيقاً من جهة الرخصة و الفور ايضاً اخص و اعم فاخصه انيكون الشيء لازم التعجيل و لميكن محدوداً بوقت كغسل المسجد اذا تنجس و اعمه انيكون لازم التعجيل سواءاً كان محدوداً بوقت ام لا كصوم شهر رمضان اذا حضر و كتطهير المسجد.
و الذي بلغنا في ذلك ما روي عن ابيجعفر7 ان من الامور اموراً مضيقة و اموراً موسعة و ان الوقت وقتان و الصلوة مما فيه السعة فربما عجل رسولالله9 و ربما اخر الا صلوة الجمعة فان صلوة الجمعة من الامر المضيق انما لها وقت واحد حين تزول الخبر وقال7 ان من الاشياء اشياء موسعة و اشياء مضيقة و الصلوة مما وسع فيه تقدم مرة و تؤخر اخري و الجمعة مما ضيق فيها فان وقتها يوم الجمعة ساعة تزول الخبر و كذلك روي في المغرب ان وقت المغرب ضيق و روي ان وقتها واحد و وقتها وجوبها فالذي يفهم من الخبر ان الموسع انيكون الوقت اوسع من العمل و يمكن انيقدم العمل فيه و يؤخر فيه و المضيق انيكون الوقت بقدر العمل.
قال: ثم الفور بقسميه اما تقييدي او تعددي و علي التقادير اما حقيقي او عرفي و العرف يختلف بحسب المقامات و النسبة بين المذكورات واضحة بعد التأمل الصادق و كذا الاصل في مسائل الدوران ثم ثمرة القول بالمهية جواز التأخير بدلالة اللفظ و ثمرة الاشتراك بين الفور التقييدي و جواز التراخي من حيث دلالة اللفظ عند عدم القرينة هو الوقف و من حيث العمل ان كان اجماع علي نفي الثالث جواز التراخي و الا تعدد المطلوب عملاً بالاصلين و ان لميكن الاتيان بالفعل في وقت الفور تعين التقييدي و بين الفور التعددي و جواز التراخي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۲ *»
جواز التراخي و ثمرة الوقف كالاشتراك و الثمرة بين القول بالفور و القول بعدم الفور واضحة و بين القول بالفور المستفاد من الصيغة و من الخارج التقييد علي الاول و تعدد المطلوب علي الاخير و فيه نظر واضح و يمكن فرض الثمرة عند التعارض و بين الفور المستفاد من الدليل الشرعي او العقلي المستقل حصول التعارض عند دلالة دليل خارجي علي التوقيت بوقت موسع علي الاول لا الاخير و بين العقلي المستقل و التبعي حصول الاثم بنفس التأخير و عدمه ثم الاصل في المسألة عملاً او لفظاً فقاهياً او اجتهادياً يظهر مما مر هنا و في بحث المرة فلا حاجة الي التكرار.
اقول: قوله «اما تقييدي» يعني ان المطلوب من اللفظ لفظ اضرب مثلاً احداث الضرب المقيد بحدوثه في الوقت الاول فلو اخل بالوقت الاول لميأت بالمطلوب.
و قوله «او تعددي» يعني ان المطلوب متعدد شيئان احداث الضرب و ايقاعه في الوقت الاول فلو اخل بالوقت اثم لترك الامتثال و ان اتي بالضرب في الوقت الثاني اطاع باحداثه الضرب.
قوله «اما حقيقي» المراد اول اوقات الامكان فيأثم بالتأخير عن اول وقت الامكان او عرفي فالمدار علي العرف و العرف يختلف فتأخير السقي بعد قوله اسقني دقيقة غير مضر بالفور و ساعة مضر و سافر الي بلد كذا فالتأخير الي التهيؤ غيرمضر و عن زمان التهيؤ مضر.
و قوله «و النسبة بين المذكورات واضحة» يعني النسب بين المعني العام في كل من الموسع و المضيق و الفور و بين المعني الخاص من الثلثة واضحة بعد التأمل و في استخراجها كمال علمهم و لا فائدة فيه ابداً.
قوله «و كذا الاصل في مسائل الدوران» يعني اذا دار الامر بين انيكون هذا الامر موسعاً او مضيقاً او فورياً عاماً او خاصاً ففي كل دوران الاصل واضح بالتأمل الصادق ففي بعضها يجري اصل البراءة و في بعضها اصل الاشتغال و في بعضها الاستصحاب و لمالميكن في هذه الاراء فائدة و لايجوز ابتناء دين الله عليها و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۳ *»
لميذكرها المصنف اعرضنا عن تفصيل تلك الاصول و اجراء كل في مقامه.
قوله «ثم ثمرة القول» الي اخر يعني ان قلنا بان الامر للمهية و وقع امر يجوز التراخي لحصول الامتثال معه ايضاً و ان قلنا بانه مشترك بين الفور المقيد بالوقت الاول و جواز التراخي من حيث دلالة اللفظ يجب التوقف من حيث الاجتهاد و دلالة اللفظ و اما من حيث العمل و الفقاهة فان كان اجماع علي نفي معني ثالث فالاصل جواز التراخي لاستصحاب الامر المقدم علي قاعدة الاشتغال و ان لميقم اجماع تعدد المطلوب عملاً بالاصلين اذا كان الاتيان بالفعل فوراً ممكناً و الا كان التقييدي متعيناً و ان اريد بالفور التعددي المطلوبة فعند العمل موسع من جهتين اي يجوز التراخي و كل ذلك اراء لايجوز ابتناء دين الله عليها.
و قوله «و بين القول بالفور المستفاد» الي اخر يعني اذا كان الفور مستفاداً من الصيغة فيكون المطلوب مقيداً بالفور و ان كان مستفاداً من الخارج فالمهية مطلوبة واحدة و الايقاع في الوقت الاول مطلوب اخر.
قوله «و فيه نظر واضح» فيه ان المصنف ذكر المسألة مدعياً فقوله فيه نظر واضح قدح في ادعائه و لو كانت المسألة حكاية عن غيره لكان اللازم النسبة الي الغير بالجملة وجه النظر ان الفور المستفاد من الصيغة يمكن انيكون تقييدياً و يمكن انيكون تعددياً علي اصطلاحهم و كذا المستفاد من الخارج فلا وجه للتخصيص.
قوله «و يمكن فرض الثمرة عند التعارض» يعني ان دلالة الصيغة علي الفور دلالة تضمن او التزام و دلالة الخارج علي الفور مطابقة و دلالة المطابقة اصرح و اقوي فاذا تعارضت الدلالتان يرجح دلالة الخارج فيمكن انيكون ثمرة هذا الخلاف عند التعارض.
قوله «و بين الفور المستفاد» الخ عطف علي قوله «بين القول بالفور» يعني و الثمرة بين الفور المستفاد من الدليل الشرعي او العقلي المستقل حصول التعارض بين كل واحد منهما و بين دليل دلّ علي السعة من الخارج و اما اذا تعارض الفور المستفاد من الدليل العقلي مع الدليل الخارجي فلايقاومه العقلي فان العقل يحكم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۴ *»
بالفور لولا دليل و هنا الدليل موجود.
قوله «و بين العقلي المستقل» الي اخر يعني اذا دلّ الدليل العقلي علي وجوب شيء فوراً علي نحو الاستقلال و مطلوبية نفس الفور فثمرته حصول الاثم بالتأخير كالشرعي و ان دلّ علي وجوبه فوراً لكن لاجل ان المراد المهية واقعاً و انما امر بالفور لخوف الفوات لايعاقب بالتأخير و انما يعاقب بالترك ثم الاصل عند اضطراب النفس و عدم سكونها بهذه الادلة علي ما مرّ في عنوان المرة و التكرار فراجع ان هويت.
هذا حاصل خيالاتهم و جميعها عند المحمد: كسراب بقيعة يحسبه الظمـان ماءاً حتي اذا جاءه لميجده شيئاً و وجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب و ابوحنيفة و اصحابه لميزيدوا علي ذلك بل لميبلغوا هذا الحد و معذلك سموا باصحاب الرأي و طردوهم و لعنوهم و منعوا من اقوالهم و افعالهم والله المستعان و لايجوز التعويل علي شيء من هذه الادلة عندنا و ان اصابوا بها فان غرض الله الغني ليس محض الاصابة بل يريد اتيانه من بابه و قال ليس البر انتأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقي و أتوا البيوت من ابوابها فليس الغرض دخول البيت كيفما اتفق بل الغرض دخول البيت من بابه فمن اتاه من بابه فقد اصاب قال ابوجعفر7 ذروة الامر و سنامه و مفتاحه و باب الاشياء و رضا الرحمن الطاعة للامام بعد معرفته اما لو ان رجلاً قام ليله و صام نهاره و تصدق بجميع ماله و حج جميع دهره و لميعرف ولاية ولي الله فيواليه و يكون جميع اعماله بدلالته اليه ماكان له علي الله حق في ثوابه و لا كان من اهل الايمان انتهي و هذه الاراء هي طريق المستقلين المستبدين كماكانوا عليه و لعنوا به و طردوا.
و ان قلت هب ان هذه المسألة مما يحتاج اليه في الفقه بلا شك فما تصنع انت قلت اما وضع الواضع الاول فمجهول لنا و لايكشف عنه شيء من الادلة العقلية و الاصول الموضوعة و اما العرف فلايعرف اهل العرف شيئاً من هذه المسائل و يدورون مدار القرائن كما هو ظاهر و اما ما في كتب اللغة فلميذكروا الا الطلب و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۵ *»
الحكم ولكن اوامر الله عزوجل و اوامر رسوله و حججه: ما كان منها موقتاً بوقت مضيق كصلوة المغرب او صلوة الجمعة او صوم شهر رمضان و امثالها فهو علي ما وقّتوا يجب الاتيان به في وقته و ما كان منها موقتاً بوقت موسع و كان وقته ازيد من الاتيان بالمأمور به فهو علي ما وقّتوا يجوز الاتيان به في جميع اجزاء وقته لما صرحوا به و نصوا عليه و ما كان منها لحدوث حادث او وجود علة فيجب الاتيان به في وقت حدوث ذلك الحادث و وقت وجود تلك العلة كصلوة الميت او صلوة الايات فان وقتها حين حدوث علتها و يكشف عن هذه الكلية قول الرضا7 في حديث انما جوزنا الصلوة علي الميت قبل المغرب و بعد الفجر لان هذه الصلوة انما تجب في وقت الحضور و العلة و ليست هي موقتة كساير الصلوات و انما هي صلوة تجب في وقت حدوث الحدث ليس للانسان فيه اختيار و انما هو حق يؤدي و جايز انتؤدي الحقوق في ايّ وقت كان اذا لميكن الحق موقتاً الحديث و من هذا الباب فورية كل امر صدر لعلة كغسل المسجد اذا تنجس و الحج في عام الاستطاعة و امثال ذلك من ذوات العلل و الاسباب فمتيما حصل المقتضي و فقد المانع وجب الاتيان به بلا انتظار.
و اما ما لميكن معللاً و مسبباً و صدر امر ابتدائي من الشارع و لا تصريح فيه بوقت يجب الاتيان به لان الشارع لا مقتضي لامره من ذات نفسه بالبداهة و انما يأمر و ينهي عند وجود المقتضي و فقد المانع و لايستعجل بشيء قبل وقته و لايخاف الفوت كما ان اوامره الكونية كلها علي حسب وجود المقتضي و فقد المانع فمتيما حصل المقتضي و فقد المانع من قوابل الخلق يأمر و ينهي انما امره اذا اراد شيئاً انيقول له كن فيكون فليس يستعجل بامر و نهي قبل وجود المقتضي و فقد المانع و لايؤخر عن وقت الحاجة و ماتري في خلق الرحمن من تفـٰوت و لنتجد لسنة الله تبديلا و ما امرنا الا واحدة.
و يكشف عن ذلك قوله تعالي استجيبوا لله و للرسول اذا دعاكم لما يحييكم و قول ابيعبدالله7 اذا امرتكم بشيء فافعلوا و قول ابيالحسن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۶ *»
7 اذا امرتك بشيء فاعمل و الا غضب عليك و من البين ان اذا ظرف زمان و وقت الجزاء وقت الشرط كما روي انه رؤي ابوالحسن الاول7 دعا ببدنة فنحرها فلما ضرب الجزارون عراقيبها فوقعت علي الارض و كشفوا شيئاً من سنامها فقال اقطعوا و كلوا منها و اطعموا فان الله يقول فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها و اطعموا انتهي.
فاذا وقع امر من غير مستعجل و خائف للفوت عالم بالمقتضي و المانع الامر بما يصلح للعبد و الناهي عما يفسده يجب الاتيان به عند صدور الامر و وصوله الي المكلف فان لميفعل كان تاركاً لما يصلحه عاملاً بما يفسده تاركاً للطاعة عاصياً و هذا الذي ذكرنا دليل ارادة الفور من الاوامر الخالية من القرائن و ليس يدل علي ان الامر موضوع للفور و حسبنا ذلك.
قال: ثم الحق ان الامر المجرد موضوع للمهية المحضة للتبادر و فهم العرف التأسيس في قوله افعل فوراً.
اقول: اما الوضع من الواضع الاول فهو مجهول و هذه الادلة لاتدلنا علي غير العرف و الوضع العرفي و لا بأس بادلته اذا اريد الوضع العرفي.
قال: و قد يستدل علي الفور بالاستقراء و بقول النحاة ان الامر للحال و بذم الله سبحانه ابليس علي ترك السجود فوراً و بالتبادر و بان النهي يفيد الفور فكذا الامر بجامع الطلب و بان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده و النهي عن الضد يستلزم دوام الترك الملازم لدوام الفعل و لهم ادلة اخري دالة علي ان المراد من الامر الفور و ان لمتدل علي وضعه له و هي اية الاستباق و المسارعة و لزوم الاغراء بالجهل لولاه و اصل الشغل و دفع الضرر المحتمل و لزوم فوات الغرض غالباً لولاه و اجوبتها بعد التأمل ظاهرة ثم الحق في الاوامر العرفية ارادة الفور العرفي المختلف بحسب المقامات سعةً و ضيقاً و تقييداً و تعدداً و لو شك فبناء العرف علي التعدد و في الاوامر الشرعية لايجوز التأخير اذا وصل الي حد التهاون و ان ظن بالتمكن لحكم المقدمة العقلية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۷ *»
اقول: هذه الادلة كلها مخدوشة قد استدلوا بباطل علي حق و باطل اما الاستقراء فلان كون ساير الالفاظ كالاخبارات و الانشاءات و امثالها بسبب القرائن او غير القرائن للفور لايدل علي ان الامر كذلك و انما الاستقراء حجة في اللغة اذا كان في افراد نوع لا في انواع جنس لاجل افراد النوع و اما الاستقراء في الاوامر فلميحصل و انما فهم منها الفور عند قيام القرينة و اما قول النحاة فلا حجية في دراياتهم ابداً و اما ذم الله ابليس فلاجل ان الامر كان معلقاً بعلته قال تعالي فاذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين و اما التبادر بلا قرينة فممنوع و الامثلة المستشهد بها لها قرائن و اما الاستدلال في الاوامر بالنواهي فقياس غيرجايز و اما الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده فمالميعرف الامر لايعرف ضده فان كان الامر للفور يكون ضده العام تركه فوراً و ان كان الامر جايز التراخي كان ضده العام مثله فلايكشف عن الامر.
و اما اية الاستباق و هي قوله و استبقوا الخيرات فالاستباق مسابقة بعضهم بعضاً لا المسارعة كمازعموا و معذلك الامر بها مجهولالحال و دلالته علي الفور من حيث الصورة فرع فهم معني استبقوا و فيه دور ظاهر و من حيث المادة لايدل علي ازيد من المسابقة مع ان الخيرات اعم من الواجبات و لايدل علي الفور و اما اية المسارعة و هي قوله و سارعوا الي مغفرة من ربكم فالمراد بها المبادرة الي اسباب المغفرة فان كان المأمور به مستحباً كانت المسارعة مستحبة و ان كان واجباً مضيقاً فلا مسارعة و ان كان موسعاً فيستحب المبادرة و اما لزوم الاغراء بالجهل فلا جهل ان كان مفهوم الامر عرفاً للمهية و يكون الله مخاطباً خلقه بمايعرفون و في الشرع فرايض موسعة مادام العمر و ليس اغراءاً بالجهل فيأتي بها في اوقات الامكان و اما اصل الشغل فلا شغل الا بمدلول الامر و اذا كان مدلوله عرفاً المهية فالذمة مشغولة بها علي حسب الامر لا غير ذلك و اما دفع الضرر المحتمل فلا احتمال بعد دلالة الامر علي المهية عرفاً و خطاب الشارع علي حسب العرف و اما لزوم فوات الغرض غالباً فليس بدليل شرعي و غرض الشارع مدلول خطابه ولكن الحق ما ذكرنا من الادلة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۸ *»
المؤيدة بالاخبار و الايات.
قوله «ثم الحق في الاوامر العرفية ارادة الفور» الخ فان اراد بالقراين فهي علي حسب القرائن و لا كلام فيه و ان اراد الوضع العرفي و كونه مراداً عند عدم القرينة فممنوع و لا دليل عليه و الظاهر ان مراده الاول بقرينة استدلاله علي كونه للمهية بالتبادر و فهم العرف.
و قوله «ولو شك» الخ و هذا مما لادليل عليه و لايكشف العقول عن الوقايع الجزئية.
و قوله «و ان ظن بالتمكن» فيه عجمة و الصحيح و ان ظن التمكن.
قوله «لحكم المقدمة العقلية» و هي الدالة علي ان التهاون في الامتثال يؤدي الي الاستخفاف و الاستخفاف يؤدي الي الكفر.
قال: اصل الاصح ان القضاء بفرض جديد لا بالامر الاول للاصل و مفهوم الزمان ان كان حجة و الحق عدم حجيته لكن يكفي فهم العرف في مثل صم الخميس التقييد اي كون الزمان جزء المطلوب و التمسك للقول الثاني بان المتبادر من مثل صم الخميس كون ذكر الوقت من باب ذكر احد الافراد او ان المتبادر تعدد المطلوب او ان الاصل مع الشك في التقييد و التعدد هو الاخير او ان الاصل مع الشك في كون الوقت جزءاً ام فرداً هو الاخير او بان انتفاء القيد لايستلزم انتفاء المقيد ولو بحكم الاصل مع الشك فيه او بقوله الميسور لايسقط بالمعسور او بالاستقراء بين الفساد نعم يمكن انيقال فيما ورد الامر بقضائه في بعض الاحوال و لميرد عدم قضائه اصلاً ان العرف يفهم من ذلك تعدد المطلوب فيسري الي صور الشك من افراد هذا القسم.
اقول: ان الاصح ان القضاء بالامر الاول ولو كان بامر ثان لكان اداءاً كالاول و المراد بالامر الثاني ما لميكن مصرحاً بالقضاء كـاقضه او عليك قضاؤه و امثال ذلك و الا فهو شرح اقتضاء الامر الاول و تفصيل ذلك الاجمال علي ما يقتضيه الحال ان القوم اختلفوا في انه اذا دلّ دليل علي وجوب شيء في وقت معين هل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۰۹ *»
يجب قضاؤه اذا لميأت به في ذلك الوقت المعين له ام لايجب الا بامر جديد.
فقال قوم انه بفرض جديد و استدلوا علي ذلك باصل البراءة قبل ورود الفرض الجديد و بمفهوم الزمان اذ صم الخميس يفهم منه صوم يوم الخميس لا غير الخميس و ان لميكن مفهوم الزمان ايضاً حجة يفهم اهل العرف من هذا الكلام ان الزمان جزء المطلوب و استدل الاخرون بان ذكر الوقت من باب ذكر احد الافراد و هو محض ادعاء بلادليل و بان المتبادر تعدد المطلوب و هو ايضاً محض ادعاء ولو كان متبادراً لمااختص بالقائلين و بان الاصل مع الشك في التقيد و التعدد هو التعدد لاقتضاء الاستصحاب اياه و لا حجية في الاستصحاب كما يأتي و كذلك دليلهم الاخر و بان انتفاء القيد لايلزم انتفاء المقيد و هو ايضاً محض ادعاء و المقيد مقيد بالقيد و اذ لا قيد لا مقيد فاذا كان متعلق الحكم المقيد فيفني بفنائه و مثلوا بان فقد الانسان لايستلزم فقد الحيوان و هو كلام سخيف لايتكلم به العالم و بان الميسور لايسقط بالمعسور و بان ما لايدرك كله لايترك كله و بان اذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم و هذه الاخبار لمنجده في كتبنا و هي من كتب العامة استسلفوها مع عدم عادتهم بالاستدلال بالاخبار الصحيحة في الاصول لانها ظنية هذا و ليس فيها دلالة علي ان القضاء بالامر الاول اذا فات الوقت المضروب للاول و بالاستقراء بان اغلب الموقتات ورد الامر بها بعد انقضاء وقتها فالمشكوك ايضاً كذلك و هو قياس محض في دين الله منهي عنه قطعاً و كلها عند المحمد: كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماءاً و باقي العبارة ظاهر.
و الحق في المسألة ان الامر بالفعل علي اربعة اقسام في الواقع فمرة يؤمر بالفعل لاجل نفسه علي هيئة مخصوصة و لما كان حادثاً و الحادث لابد و انيظهر في زمان ضرب له وقت انسب به من ساير الاوقات فيكون سبب كماله و زيادة اثره و ليس جزء ماهية المطلوب و ذلك كالصلوات اليومية و مرة يؤمر بالفعل لاجل نفسه ولكن يجعل هيئته للوقت علي انه ان عمل به في الوقت فليعمله علي تلك الهيئة فان ذهب الوقت و لميعمل به انتفي فائدة تلك الهيئة فيعمل به في غير ذلك الوقت بغير تلك الهيئة و ذلك كصلوة الجمعة و مرة يؤمر به و بهيئته لاجل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۰ *»
الوقت فاذا ذهب الوقت ذهب فائدة العمل بالكلية كصلوة العيدين و مرة يؤمر بالفعل لاجل نفسه و لايضرب له وقت اصلاً.
اما النوع الاول و النوع الاخر فيأتي المكلف بالعمل و ان ذهب الوقت فان العمل مأمور به لاجل نفسه و الوقت من الاعراض المتممة الخارجية الا ان الاول قضاء لاجل ان الوقت الثاني بدل الوقت الاول و الاخير ليس بقضاء لان الامر تعلق بنفس الماهية و لميضرب لها وقت و اما القسم الثاني فمادام الوقت باقياً تأتي به علي هيئة ضربت للوقت و اذا ذهب الوقت فلا فائدة في تلك الهيئة فتأتي بالعمل علي هيئة اخري يقتضيها نفس العمل و اما القسم الثالث فاذا ذهب الوقت ذهب فائدة العمل مادة و صورة بالكلية فلاينبغي الاتيان به خارج الوقت.
فتبين من هذا البيان ان الامر ليس علي نظم واحد حتي يحكم عليه بحكم كلي و هذا الوضع المذكور ليس يعلم الا ببيان الشارع فانه اعلم بما وضع فيقف موقف التصريح منه اما بهذا التفصيل او بقوله اقض و لاتقض او اعد و لاتعد و امثال ذلك فمن قال انه بامر جديد صدق من هذه الجهة الا ان هذا الامر الثاني مبين للامتثال للامر الاول و تأكيد له لا تأسيس ولو كان تأسيساً لكان اداءاً و من قال انه بالامر الاول صدق من هذه الجهة التي اشرنا اليها و لما كان فهم حقيقة الامر محتاجاً الي التصريح فبالقول المطلق موقوف علي امر جديد تأكيدي.
و يكشف عن ذلك ما احتج به رسولالله9 علي المشركين و قال ارأيتم ان امركم رجل بدخول داره يوماً بعينه ألكم انتدخلوها بعد ذلك بغير امره و اعترفوا بانه ليس لهم ذلك و قررهم النبي9علي ذلك فاذا امرنا بالصوم يوم الخميس فان صرح لنا الشارع بوجه ان المطلوب الصوم و ضرب له يوم الخميس للتكميل فنأتي به يوم الجمعة بالامر الاول و ان لميصرح فليس لنا اننصوم يوم الجمعة فلعله يكره صوم يوم الجمعة و اما هذا المثال بعينه فنحن و ان علمنا ان الصوم بنفسه مطلوب و الوقت مكمل الا ان الصوم يوم الجمعة مستحب بنفسه مستقل لان الصوم مطلوب بنفسه و ليس بقضاء و اما القضاء فهو الفعل في الوقت الثاني بدلاً من الفعل في الوقت الاول الذي تركه.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۱ *»
و قوله «نعم يمكن انيقال» الي اخر يعني به انه اذا ورد الحكم بقضاء عبادة مثلاً في بعض الاحوال و لميرد عدم القضاء في حال من الاحوال يفهم من ذلك ان الامر كان متعلقاً بماهية ذلك المأمور و ايقاعه في الوقت المعين امر خارج عن مهيته فاذا شككنا في قضائها في حالة غيرمنصوصة حكمنا بانه القضاء بالامر الاول فانه امر بالمهية و اما في غيرها من الصور و هي عدم ورود ما يدل علي قضائه مطلقاً و ورود الامر بالقضاء في بعض الاحوال و نفيه في بعضها و ورود نفي القضاء مع عدم ورود امر بالقضاء ففي هذه الصور يحتاج الي امر جديد و التحقيق ما ذكرنا من انه مع التصريح او القرينة فالمدار عليه او عليها و اما مع عدمهما فالاصل براءة الذمة و رأيت النص عليه ايضاً.
قال: اصل هل الامر بشيء علي الاطلاق يقتضي ايجاب ما لايتم الا به من المقدمات مطلقاً ام لا مطلقاً ام يقتضي في السبب خاصة ام في الشرط الشرعي خاصة ام الامر بالمسبب عين الامر بالسبب وجوه اعلم ان الواجب من حيث عدم تعلق وجوبه بوجود شيء يفرض مطلق و من حيث تعلق وجوبه بوجود شيء يفرض مقيد و مشروط ثم ان لميكن الامر به من جهة الامر بغيره فنفسي و الا فغيري و ان امر به لاجل الطاعة و الانقياد فتعبدي و الا فتوصلي و ان تعلق به الخطاب و الامر اصالةً فاصلي و الا فتبعي و قدينقسم ايضاً الي الشرطي و غيره و في تفسيره وجهان و عليك بملاحظة النسب و استخراج مقتضي الاصول اللفظية و العملية في صور الدوران بين تلك الاقسام او بين كون الواجب تعبدياً صرفاً ام توصلياً صرفاً ام ذاجهتين مستقلتين ام مرتبطين ثنائياً و ثلاثياً و رباعياً.
اقول: المقدمة مأخوذة من مقدمة الجيش اي متقدموه و هي بالكسر و حكي عن بعضهم الفتح او من مقدمة الكتاب و هي ايضاً بالفتح و الكسر و مراد الفقهاء منها ما لايتم الشيء الا به و في المقام اقوال فمنهم من قال ان الامر بالشيء يقتضي ايجاب مقدماته مطلقاً و منهم من قال لايقتضي ايجاب شيء منها و منهم من خص الايجاب بالسبب و منهم من خصه بالشرط الشرعي خاصة و منهم من قال ان الامر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۲ *»
بالمسبب عين الامر بالسبب.
ثم اخذ المصنف في تقسيم الواجب فقال ان الواجب من حيث عدم تعلق وجوبه بشيء يفرض مطلق كالصلوة فانها مطلقة عن الطهارة مثلاً و من حيث التعلق به مقيد و مشروط كتقييد الحج بالاستطاعة ثم ان امر به من اجل نفسه فنفسي كالصلوة او من اجل غيره فغيري كالوضوء و ان امر به لاجل الطاعة لله فتعبدي و نحن ننكر التعبدي لقول الرضا7 كمايأتي انشاءالله و ان امر به لاجل حصول امر اخر فتوصلي كغسل الثوب و ان تعلق به الخطاب اصالةً فاصلي كالصلوة و الا فتبعي كالحركة الي الصلوة و القيام اليها.
و قوله «و قدينقسم ايضاً الي الشرطي» الخ فالوجهان في تفسيره احدهما ان الواجب الشرطي ما يكون واجباً تعبداً من دون اقتضاء ككون النزح واجباً مع عدم انفعال البئر فان النزح شرط صحة الاستعمال من دون نجاسة و ثانيهما انيكون واجباً عند الاستعمال للاقتضاء السابق و ان لميكن واجباً بنفسه و هو كالنزح اذا قلنا بوجوبه لاجل الاستعمال و مع القول بنجاسة البئر.
و قوله «و عليك بملاحظة النسب» يعني النسب بين هذه الاقسام و فيه تضييع العمر بلا فائدة.
و قوله «و استخراج مقتضي الاصول» الخ يعني مقتضي الاصل في كل قسم من هذه الاقسام عند الدوران و الشك فاذا دار الامر في الواجب بين الاطلاق و التقييد فالاصل فيه بالنسبة الي الموارد متفاوت فان لوحظا بالنسبة الي الوجوب النفسي او الغيري بان لاتعلم هل وجوب العمل كالصلوة مثلاً مطلق ام مقيد بوقت معين مثلاً او تقليد الاعلم مثلاً مقيد بالاطلاع عليه ام لا فالاصل التقييد فانه اليقين و الاصل براءة الذمة عن غير المقيد و هذا اذا كان دليله الاجماع و اما اذا كان دليله لفظياً فالاصل الاطلاق لان الامر المطلق حقيقة في الوجوب.
و اذا دار الامر بين الوجوب النفسي و الغيري فان كان دليله الاجماع فالاصل الغيري لعين ما مرّ و ان كان دليله اللفظ فالاصل النفسي لما مرّ و المدار في اجراء الاصول ان ما ثبت وجوبه بدلالة لفظ فالمدار عليها و الاصل في الزايد العدم و ان ثبت بالاجماع فموضع اليقين مع الزايد و بدونه محل شك و الاصل براءة الذمة ما لميقم اجماع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۳ *»
يقيني.
قوله «او بين كون الواجب» الي اخر مراده من الواجب التعبدي الصرف كالصلوة و من التوصلي الصرف كغسل الثوب للصلوة و من ذيالجهتين اي التعبد و التوصل في الواجب و هذا قسمان قسم يكون حصول جهة التوصل فيه موقوفاً علي جهة التعبد مرتبطة بها كالوضوء فانه موقوف علي قصد القربة و قسم يكون جهة التعبد واجبة مستقلة كما اذا امر بالسقي فانه يجب عليه قصد القربة و بتركه يكون اثماً لكن يسقط عنه الامر اذا اتي العطشان الماء لانه من هذا الحيث توصلي فان علمنا بكون الامر الوارد من قسم من هذه الاقسام عملنا بمقتضاه و ان شككنا يمكن انيكون الشك بين اثنين من هذه الاقسام او بين ثلثة او بين الاربعة و لااعلم وجه تأنيث المستقلتين و تذكير المرتبطين.
قال: ثم المقدمة بالكسر تطلق علي مقدمة الجيش و مقدمة الكتاب و مايتوقف عليه الشيء سبباً او جزءاً او شرطاً او فقد مانع و كل من السبب و الشرط و المانع اما عقلي او شرعي او عادي و الجزء اما ذاتي او جعلي ثم المقدمة اما مقدمة وجوب الشيء او مقدمة وجود ذاته او وجود صحته او وجود العلم به و النسبة بين مقدمة الوجوب و الوجود عموم من وجه ثم هي اما فعلية و اما تركية.
اقول: قدعرفت ان المقدمة لغةً اتت بالكسر و الفتح معاً فانّ قدّم علي التفعيل يأتي بمعني تقدّم كقوله لاتقدّموا بين يدي الله و رسوله و يأتي متعدياً كقوله تعالي فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة فعلي الاول يقال مقدمة الجيش للمتقدمين قدام الجيش و علي التعدية يقال مقدمة بالفتح لانه قدمهم الامير مثلاً قدام الجيش و في المقام يحتمل الاحتمالان لان ما جعله الشارع مقدمة لشيء يمكن انيطلق عليه المقدمة بالفتح وكذا ما قدّمه الطبيعة او العادة باعتبار.
قوله «سبباً» الي اخر حال من ما و المراد بالسبب علي اصطلاح العلة التامة و يدخل فيه وجود المقتضي و رفع المانع و قديطلق علي ما يلزم من وجوده وجود شيء اخر و من عدمه عدمه لذاته فيرادف المقتضي و قد يطلق و يراد به العلامة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۴ *»
كدلوك الشمس علامة لوقت وجوب الظهر و قديطلق و يراد به المقتضي و اما الجزء فهو ما يدخل في ضمن الكل و يلزم من عدمه عدم الكل و لايلزم من وجوده وجود الكل و اما الشرط فهو ما يتوقف عليه وجود المشروط و لايلزم من وجوده وجوده و يلزم من عدمه عدم المشروط و قديطلق علي ما له مدخلية في وجود الشيء في الجملة سواءاً كان وجود الشيء موقوفاً علي وجوده او علي عدمه و لايلزم من تحقق الموقوفعليه وجود ذلك الشيء و اما المانع فهو ما يلزم من وجوده عدم الشيء و يتوقف وجود الشيء علي عدمه.
و كل من هذه الاربعة اما عقلي و اما عادي و اما شرعي فالسبب العقلي كالنظر المصيب في العلم الواجب طلبه و السبب العادي كطي المسافة للوصول الي مكة و السبب الشرعي كالطهارة الموجبة لزوال الحدث و الجزء العقلي كالحركة في خصوص الاعمال و الجزء العادي كرفع الاقدام للمشي و الجزء الشرعي كالاركان للصلوة و الشرط العقلي كالتمكن لحصول الواجب و العادي كنصب السلّم للصعود و الشرعي كالطهارة للصلوة و المانع العقلي كالاشتغال بالضد لفعل و العادي كالمرض المانع من الفعل و الشرعي كالحيض للصلوة و اما الجزء الذاتي عندهم كاليد لزيد مثلاً و الشرعي كالركن في الصلوة.
قوله «ثم المقدمة» الخ اما مقدمة وجود الشيء فكاجزاء الصلوة و اما مقدمة وجوب الشيء فكدلوك الشمس و اما مقدمة صحة الشيء كالطهارة للصلوة و اما مقدمة العلم كالصلوة الي اربع جهات.
و قوله «و النسبة» الخ فان الدلوك مقدمة الوجوب لاالوجود و الركوع مقدمة الوجود لاالوجوب و يجتمعان في مثل التمكن من الصلوة.
قوله «ثم هي اما فعلية او تركية» فالفعلية كالصلوة الي اربع جهات و التركية كاجتناب انائين و لعمري ليس في هذه التشقيقات شيء الا صرف العمر و جمع الاشباه و النظاير من غير فائدة يعتد بها.
قال: ثم ان دلالة اللفظ علي تمام المراد من حيث انه تمام المراد مطابقة و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۵ *»
علي جزئه الضمني كذلك تضمن و علي الخارج اللازم من حيث هو خارج لازم التزام و الاولي لفظية و الثانية تبعية و الثالثة اما بيّن بالمعني الاخص او الاعم و الاخيرة اما لفظية او عقلية و الاخيرة اما يكون المستفاد فيها تبعياً كالاستفادة او مستقلاً.
اقول: قوله «ثم ان دلالة اللفظ» الخ يعني ان اللفظ الموضوع علي معني دلالته علي ذلك المعني مطابقي فيكون مدلوله علي طبق المعني و وفقه فان كان المعني بسيطاً فلاتضمن له و ان كان المعني مركباً فلما كان المفهوم منه المعني المركب و لابد في فهم المركب من فهم الجزئين فدلالته علي جزء منهما تضمن و هذه الدلالة ليست اصلية بالوضع بل تبعية و ليست تدل علي الخارج منهما الا اذا كان لازماً للمعني المطابقي فدلالته التزامية و هو اما خارجي او ذهني.
ولكن لي هنا كلام و هو ان اللفظ ليس يدل علي لازم المعني الا انيكون بحيث اذا سمع اللفظ توجه النفس قهراً الي ذلك المعني و اما الملازمات الكونية التي لايتوجه اليها نفوس العامة بل هي امور خفية يدركها عقول الحكماء و العلماء فلايدل عليها اللفظ الاتري ان سفر زيد مثلاً لازم لوجود قرانات فلكية و هي لازمة لاسباب و علل غيبية و ليس يدل قولك سافر زيد علي تلك القرانات و الاسباب و العلل بوجه فلاتغفل من هذه الدقيقة و لاتغتر بمحض ملازمة شيء لشيء بل انظر الي ما يتبادر في ذهن اهل العرف عند سماع اللفظ فما لايتبادر لايدل عليه اللفظ.
و اعلم ان الدلالة صفة هيئة اللفظ و هي تدل علي هيئة المصداق فما كان من هيئته فهو مدلول اللفظ و كذا ما انطبع فيها من لازم ظاهر الملازمة و اما ساير علله و اسبابه و لوازمه الخفية و ساير مقارناته فلا دلالة لللفظ عليه و امثل لك مثالاً ان وعاء المشط مثلاً يدل علي هيئته فمن رءاه عرف انه وعاء المشط و ليس يدل علي صانعه و علي مادته و علته الغائية و منبت خشبه و هكذا و ان كان جميعها من لوازم المشط فمن هذا تبصر امرك و احفظه.
و قوله «و الثالثة» الخ يقول ان الالتزام اما بيّن بالمعني الاخص و هو ما يلزم من تصوره عند سماع اللفظ و استشعاره او عند تصور الملزوم و ان لميكن لفظ تصور
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۶ *»
اللازم كدلالة منطوق الشرط علي مفهومه و دلالة الاقل علي الاكثر كـما عندي فلس و اما بيّن بالمعني الاعم و هو اما لفظي و هو ما يلزم من ملاحظة اللازم و الملزوم و اللزوم من الجزم بارادة اللازم كما اذا سمعت صلّ و توجهت الي معناه و الي تركها و توجهت الي ان الترك يستلزم عدم الامتثال تعرف ان الامر اراد الفعل و اراد عدم الترك فيدل اللفظ علي حرمة الترك و لعمري هذا ايضاً عقلي و تكلف المصنف تكلفاً واضحاً.
و اما عقلي و هو علي قسمين احدهما انيكون الافادة و المستفاد فيه تبعيين و ذلك كمقدمات الواجب فان لفظ الامر بصرافته لايدل عليها البتة بل العقل بعد ملاحظة الامر و مراد الامر يعلم وجوب المقدمة فاستفادة وجوب المقدمة ليست من اللفظ بل من العقل بعد ملاحظة الامر فالاستفادة و المستفاد تبعيان و ثانيهما انيكون الاستفادة تبعية و المستفاد مستقلاً كمعرفة اقل الحمل بعد ملاحظة قوله تعالي و حمله و فصاله ثلثون شهراً و قوله تعالي و الوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين فالاستفادة منهما تبعية و المستفاد و هو اقل الحمل مستقل.
و لعمري ليس في هذه التحقيقات علم الا صرف العمر العزيز الشريف و من لميجمع هذه الاشباه و النظاير كلما مرّ علي مسألة يعرفها بصفاء ذهنه و لميصرف عمره في جمع الاشباه و معرفة النسبة بينها و عدد اقسامها و وضع الاصطلاحات فيها و هي بعينها كعلوم العامة في تفسير القرءان كم فيه الف و كم باء و هكذا و كم اية اولها كذا و اخرها كذا و كم فيه اسم نبي و كم فيه اسم غير نبي و كم فيه اسم عجمي و كم فيه اسم عربي و هكذا و ليس هذه من العلم بمراح و لامغدي و ان كان عالمه يعلم و غيره لايعلم بالفعل نعم ذلك مبلغهم من العلم.
قال: ثم المراد في محل النزاع من المقدمة ماكانت مقدورة لاغير المقدورة لكن في دخول مقدمة تسبب عدم القدرة عليها من فعل المكلف و سلب اختياره بالمرة و اختياره (باختياره خ) وجهان و لا فرق علي الاصح في دخول المقدورة بين الداخلة و الخارجة و العملية و التركية و السببية و غيرها و ما امر بها مستقلاً ام
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۷ *»
لا و ماكان وجوب ذيالمقدمة فيها ثابتاً بدليل لفظي ام لبّي و من الواجب اعم من النفسي و التوصلي و اما المراد من الوجوب ففيه وجوه اظهرها كون النزاع في استحقاق العقاب علي ترك ذيالمقدمة عند ترك المقدمة و فيه عندي نظر.
اقول: المراد ان المقدمة المقدورة داخلة في محل النزاع يقيناً و غيرالمقدورة بفعلالله غيرداخل يقيناً و لا نزاع فيه و انما النزاع فيما اذا كان غيرمقدور ولكن بفعل المكلف كمن قطع يده مثلاً ثم لايمكنه الوضوء يقول هاهنا وجهان و الحق عندهم ان الممتنع بالارادة اما يمكنه الفعل او لايمكنه فالاول كالكافر لايمكنه التقرب لكفره ولكن يمكنه الايمان ثم التقرب و الثاني كقاطع يده لايمكنه الوضوء بعده ففي القسم الاول يجوز تكليفه و هذا هو الحق الذي لاشك فيه لامكان الايمان له و قد وقع الدعوة علي الكفار مسلماً و اما القسم الثاني فاختار المصنف فيه ان الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار خطاباً و لاينافيه عقاباً لكن عقاب سلب الاختيار.
و الحق في ذلك ان هذا القسم ايضاً علي اقسام و هو ان ما كان من فعل المكلف فانه ربما يكون مباحاً و ربما يكون واجباً و ربما يكون مستحباً و ربما يكون مكروهاً و ربما يكون حراماً فاذا كان حلالاً مأذوناً فيه بقول مطلق فعدم تمكنه من الواجب بعده غيرمضر به و لا عقاب عليه و ان كان حراماً يعذب علي فعله و علي ترك الواجب ايضاً و يكشف عن ذلك ما سئل ابوعبدالله7 عن رجل معه اناءان فيهما ماء وقع في احدهما قذر و لايدري ايهما هو و ليس يقدر علي ماء غيره قال يهريقهما جميعاً و يتيمم فان قلنا بعدم وجوب الاجتناب عن بعض اجزاء الشبهة المحصورة و كون يهريقهما للاذن او الاستحباب او الوجوب تعبداً فانه يتيمم بعد الاهراق و لا عقاب عليه.
و كذلك عنه7 في رجل اصابته جنابة في السفر و ليس معه الا ماء قليل و يخاف ان هو اغتسل انيعطش قال ان خاف عطشاً فلايهريق منه قطرة انتهي و الوضوء مثل الغسل لعموم الجواب و السفر من فعل المكلف و لايقدر بعده علي الوضوء و عقابه و عدم عقابه تابع لسفره كما يأتي و كذا سئل عن رجل اجنب في سفره و لميجد الا الثلج او ماءاً جامداً فقال هو بمنزلة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۸ *»
الضرورة يتيمم و لااري انيعود الي هذه الارض التي توبق دينه انتهي فتبين ان دينه و هو كل صلوة يصليها وابق هالك و من اوبق دينه يعذب لامحالة علي ايباق دينه.
و عن احدهما8انه سئل عن الرجل يقيم بالبلاد الاشهر ليس فيه ماء من اجل المرعي و صلاح الابل قال لا انتهي فتبين ان السفر الي تلك البلاد و القيام بها منهيعنه و عن الصدوق قال روي ان اجنبت في ارض و لمتجد الا ماءاً جامداً و لمتخلص الي الصعيد فصل بالتمسح ثم لاتعد الي الارض التي توبق دينك انتهي و هو كما مرّ و قال الرضا7 مايؤمن من سافر يوم الجمعة قبل الصلوة ان لايحفظه الله في سفره انتهي و هو عقوبة تركه صلوة الجمعة و تضييعه لها و سئل ابوعبدالله7 عن الرجل يسافر فيركب البحر فقال انّ ابي كان يقول انه يضر بدينك هو ذا الناس يصيبون ارزاقهم و معيشتهم انتهي فالسفر هنا يضر بدينه و لاينبغي و اضرار الدين اضرار صلوته و عدم تمكنه من ادائها كماينبغي و لايجوز.
و قال علي7 لايخرج الرجل في سفر يخاف منه علي دينه و صلوته الحديث و الخوف من نقص حصل في دينه و صلوته باختياره و سئل ابوعبدالله7 عن الرجل تدركه الصلوة و هو في ماء يخوضه لايقدر علي الارض قال ان كان في حرب او سبيل الله فليؤم ايماءاً و ان كان في تجارة فلميك ينبغي انيخوض الماء حتي يصلي قيل كيف يصنع قال يقضيها اذا خرج من الماء و قد ضيع انتهي و التقريب فيه انه ضيع و ان كان تكليفه انيصلي و تضييع الصلوة يوجب العقاب و نحوه انه سئل عن الرجل يخوض الماء فتدركه الصلوة فقال ان كان في حرب فانه يجزيه الايماء و ان كان تاجراً فليقم و لايدخله حتي يصلي و التقريب انه ان كان لجهاد مأموربه لايضر بدينه و الا يضر و لذلك نهي عنه و عن ابيعبدالله7 قال قـال رسولالله9 ثمانية لايقبل الله لهم صلوة الي ان قال و الزبين فقيل يارسول الله و ما الزبين قال الذي يدافع البول و الغايط و السكران فهؤلاء الثمانية لايقبل لهم صلوة و التقريب ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۱۹ *»
فعلهما باختيارهما و ربما كانا في اخر الوقت و تكليفهما الصلوة و لايقبل صلوتهما و هما معاقبان علي تضييعهما لانه عدهما في عداد تارك الوضوء و الجارية المدركة تصلي بغير خمار.
فعلم من هذه الاخبار ان ازالة المقدمة ان كانت واجبة او مستحبة شرعاً لايضره ما نقص من الواجب الموقوفعليه بعده كالجهاد و مثله صلوة المسايف و المواقف و المطارد و امثالهم و ذلك انها فعل وجودي مستقل بنفسه يتعلق به الاحكام الخمسة و لميخلق مقدمة تبعاً لما بعده و انما يترتب ما بعده به و ليس هو مترتباً علي ما بعده فافهم و ان كانت حراماً او مباحة ولكن توبق دينه فيعاقب علي ايباق دينه و مثله من قطع يده او رجله بلا علة فيوبق وضوءه و اما ان كان لمرض مثلاً يخاف منه علي نفسه كمن به الشقاقلوص فهو معذور فليس الامر علي نحو كلي كما زعمه المصنف و هو معذور لانهم لايراجعون الاخبار فاشكر الله علي ما اوقفناك هنا و نوقفك في هذا الكتاب علي الاخبار الساطعة الانوار و اغتنم.
قوله «و لا فرق علي الاصح» الي اخر فيه اشارة الي رد قول من قال ان المقدمات الداخلة واجبة بالاجماع و النزاع في الخارجة مع ان منهم من انكر الوجوب حتي في الداخلية و الي رد قول من قال ان العلمية لانزاع في وجوبها مع ان منهم من انكر وجوبها حتي في العلمية و الي رد قول من قال لانزاع في ترك ما يستلزم ترك الواجب كترك المشتبهات المحصورة مع انها داخلة في محل النزاع و رد علي ما يظهر من بعض من عدم دخول السببية في النزاع كطي المسافة للحج لما يظهر من بعض اخر من الدخول و ما عن بعضهم ان ما تعلق به امر ليس في محل النزاع كالوضوء فان الكلام في ان الامر بالصلوة هل هو امر بالوضوء مثلاً ام لا و هو يشمل جميع المقدمات.
قوله «و من الواجب» عطف علي قوله «من المقدمة» في اول الكلام يعني المراد في محل النزاع من الواجب اعم من النفسي و التوصلي يعني اذا ترك المقدمة يعاقب علي تركها لنفسها او لاجل ترك ذيها.
وقوله «ففيه وجوه اظهرها كون النزاع» الي اخر و قوله «و فيه عندي نظر»
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۰ *»
متنافيان و هذا ديدن المصنف و الظاهر ان هذا الكتاب تقريرات شيخه الملاشريف المازندراني و ان لمينسب اليه ثم ما خطر بباله من النظر كتبه في محله.
بالجملة لا فائدة للفقيه في علمه بان ما يعاقب عليه من ترك المقدمة نفسي او توصلي و عقاب واحد او عقابات و المرد الي الله و هو الحاكم المعاقب العليم.
قال: و اما ثمرة النزاع فقد تفرض في الفسق و العدالة عند ترك المقدمة و في جواز اجتماع الامر و النهي و عدمه و في اشتراط نية الوجوب و في تعدد العقاب و وحدته و في تعدد الثواب و في النذر و شبهه و للتأمل فيها مجال.
اقول: يعني ثمرة هذا النزاع قدتظهر في من ترك المقدمة هل هو فاسق ام لا بتركه المقدمة و في جواز اجتماع الامر و النهي و قرروا ذلك بان الامر بالصلوة امر بمقدماتها و من مقدماتها الكون الكلي و الكون الكلي ايضاً متوقف علي الاكوان الخاصة و الاكوان الخاصة بعضها مباح كالكون في ملكه و بعضها حرام كالكون في المغصوب فان قلنا بان جميع الاكوان الخاصة مقدمة الصلوة لزم وجوبها علي قول و في محرماتها يجتمع الامر و النهي فان لمنجوزه نمنع من كون المحرمات واجبة و ان جوزناه لمنبال به و في اشتراط نية الوجوب فان قلنا بوجوب المقدمة لزمنا اننقول بلزوم نية الوجوب كما في الصلوة الي اربع جهات و في تعدد العقاب و وحدته و في تعدد الثواب و وحدته و في النذر كمن نذر انيتصدق بمن عمل بواجب هل يجوز انيتصدق بمن عمل بمقدمة واجب ام لا و للتأمل فيها مجال لان الواجب منصرف الي الاصلي.
بالجملة هذه جميعها اراء منهية و كفاك انه من فرسان ميدانها العامة و الاشعري و المعتزلي و هؤلاء يقولون مثل هؤلاء و هؤلاء مثل هؤلاء و لايعول احدهم علي نص و لايستشهد بكتاب و لا سنة و يحكمون في دين الله و علي الله بارائهم و قد ورد ما سمعت و تسمع انشاءالله فيمن يقول في دين الله برأيه.
قال: و اما الاصل فعدم وجوب المقدمة باحتمالاته اذ لا اقل من التوقف و ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۱ *»
جعلنا الامر بالمسبب عين الامر بالسبب فمخالفته للاصل واضحة اذا عرفت ذلك فالحق ان المكلف يستحق العقاب علي ترك ذيالمقدمة عند ترك المقدمة فهو معاقب علي الترك حقيقةً و حكماً لبناء العقلاء و القوة العاقلة و ليس لباقي الاقوال ما يعتمد عليه.
اقول: اعلم انه ذكر في الضوابط تسعة احتمالات في معني وجوب المقدمة بتشقيقات خيالية ثم قال و الاصل عدم الوجوب بكل احتمالاته التسعة المتقدمة لان الدليل علي وجوب ذيالمقدمة ان كان لفظياً فدلالته عليه قطعية و دلالته علي وجوب المقدمة مشكوكة و الاصل عدمها و كذا اذا كان الدليل لبّياً و لااقل من التوقف لان الالفاظ و الشرعيات توقيفية و كذا ان قلنا ان الامر بالسبب عين الامر بالمسبب فان الاصل عدم ذلك ايضاً لان الظاهر ان الامر بشيء يدل علي وجوب نفس ذلك الشيء ثم قال و الحق ان المكلف يستحق العقاب علي ترك ذيالمقدمة عند ترك المقدمة فانه ترك ذيالمقدمة حكماً ان لميصل زمان ذيالمقدمة و ان وصل زمانه و تركه ايضاً يعاقب بتركه حقيقةً ايضاً و ان قضي انه فعله بسبب اخر هو معاقب بتركه حكماً لبناء العقلاء و قضاء القوة العاقلة و لو ترك المصنف هذه المسألة خوفاً من انيكون هذه الاراء مقدمة الحكم بغير ما انزل الله و الافتراء علي الله و خوفاً من انيعاقب حكماً او حقيقةً لكان اولي فان هذه الاقوال مقدمات ارتكاب المناهي العظيمة و يجب تركها.
و قوله «ليس لباقي الاقوال ما يعتمد عليه» صدق كاقواله و ادلته غيرالمأخوذة من الكتاب و السنة و هذه المسألة محل التنازع و يجب في التنازع الرد الي الله و رسوله و حججه سلام الله عليهم.
ثم ان الحق في المسألة ان الله سبحانه امر و نهي بالفاظ و فرض فرائض و حرّم محرمات و اراد من العباد الامتثال كما قال ابوعبدالله7 اعلموا انه انما امر و نهي ليطاع فيما امر به و لينتهي عما نهي عنه الخبر و مدلول امره و نهيه ما يدل عليه اللفظ لغةً او شرعاً فانه الذي يفهم من لفظه و مراده و مطلوبه الاتيان بذلك المدلول و ذلك المدلول ربما يتوقف علي امر و يحتاج وجوده الي وجود
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۲ *»
ذلك الشيء فذلك المدلول موقوف علي ذلك الشيء و تبع لوجوده لا ان ذلك الشيء في ذاته مقدمة خلقت لمابعده فان اتفق وجوده تمكن المكلف مما يتوقف عليه و الا فلايتمكن فالمكلفون مختلفون في التمكن من ذلك المدلول و ليس لذلك الاختلاف نهاية و لا غاية مثلاً انه امر بالحج و مدلول لفظه و مطلوبه الحج و المكلفون بالحج مختلفون في القرب و البعد من مكة علي مسافات لاتحصي و الامر امر واحد و دلالته دلالة واحدة و ليس يدل علي قطع تلك المسافات واحدة واحدة و لو كان يدل علي قطع الف فرسخ مثلاً لكان الواجب العمل بمدلوله و كان الواجب علي كل احد قطع ذلك الالف فرسخ بل جميع المسافات غيرالمتناهية و هو بديهي البطلان بل المراد و المطلوب فعل الحج فمن كان في مكة يجب عليه الحج بلاسير مسافة و من كان علي فرسخ يجب عليه الحج بدلالة اللفظ و اما قطع الفرسخ بالمشي و نقل الاقدام مثلاً فوجوبه طبيعي ظلي فرعي لا اصلي بدلالة اللفظ ألاتري انه لو اوصله نبي بطيّ الارض الي مكة من دون مشي ليس يطالب بالمشي و قد حج و امتثل و اما اذا انحصر الامر بالمشي وجب عليه طبعاً للتمكن من المأمور به و هو ظل الوجوب الشرعي و لو ذهب به النبي بطيّ الارض فليس مضطراً الي المشي طبعاً فليس بواجب و رفع وجوبه عنه هذا اذا كان الواجب طبعياً و اما اذا كان شرعياً فهو بجعل الشارع شيئاً مقدمة شيء فاذا امر بذي المقدمة فهو امر به و هو المطلوب و يجب عليه الاتيان بالمقدمة شرعاً بدلالة اللفظ الخاص بها علي انها مقدمة ذيالمقدمة كما انه امر بالصلوة و جعل مقدمتها الطهارة بامر اخر علي انها مقدمتها فيجب عليك الوضوء امتثالاً للامر من باب المقدمة و اما المقدمات التي ليست بفعل المكلف و لميكلف بها و انما هي اسباب اذا حدثت وقع تكليف لاجلها فهي من فعل الله فمهما حدثت وجب مدلول الامر الذي وقع التكليف به كالصلوة عنددلوك الشمس والحج عندالاستطاعة.
و اما حكم العقاب في المقدمات الطبعية فان كان يتركها لاجل ترك الواجب فهو عازم علي ترك الواجب الشرعي و لمايترك بجوارحه فيجري عليه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۳ *»
ما روي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد8لو كانت النيات من اهل الفسق يؤخذ بها اهلها اذا لاخذ كل من نوي الزني بالزني و كل من نوي السرقة بالسرقة و كل من نوي القتل بالقتل و لكن الله عدل كريم ليس الجور من شأنه ولكنه يثيب علي نيات الخير اهلها و اضمارهم عليها و لايؤاخذ اهل الفسق حتي يفعلوا انتهي مع ان النية مقدمة فعل المعصية و قال ابوعبدالله7 من همّ بحسنة فلميعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشراً و من همّ بسيئة لمتكتب عليه حتي يعملها فان لميعملها كتبت له حسنة و ان عملها اجّل تسع ساعات فان تاب و ندم عليها لمتكتب عليه و ان لميتب و لميندم عليها كتبت عليه سيئة و عن احدهما8قال ان الله تبارك و تعالي جعل لادم في ذريته ان من همّ بحسنة فلميعملها كتبت له حسنة و من همّ بحسنة و عملها كتبت له عشراً و من همّ بسيئة لمتكتب له و من همّ بها و عملها كتبت عليه سيئة الي غير ذلك من الاخبار و لميقل في شيء منها اذا ترك او فعل مقدمتها كتب عليه سيئة و انما قال اذا عملها و هو فعل نفس السيئة لا فعل مقدمتها فتدبر.
فاذا بعد ترك المقدمة علي قولهم و اضمار ترك ذيالمقدمة فان قضي له اسباب اقتدر علي العمل به لميعاقب و ان لميقض له اسباب و ترك كتب له بعد الترك سيئة و عوقب عليه و اما المقدمة فلمتكن واجباً شرعياً و لميتعلق به امر و انما كان واجباً طبعياً بل عرفت انها من حيث نفسها ليست مقدمة بل فعل وجودي مستقل بنفسه تركه المكلف و ايّ عقاب علي ترك ما لميوجبه الله علي عبده.
و اما المقدمات الشرعية فيعاقب علي تركها اذا تركها الي اخر وقتها لتعلق الامر بها و ان كانت فريضة لاجل شيء اخر و لان ذيالمقدمة لايحصل الا بها بعينها و لايمكن انيقضي له اسباب اخر يتمكن بها من ذيالمقدمة و اما ما هو من فعل الله فلميقع التكليف بتحصيلها فلاعقاب عليه علي تركها هذا ما يفهم من الاخبار و صحيحالاعتبار و انالمصنف قد حكم علي نفسه بالعقاب حيث ارتكب مقدمة الافتاء بالرأي بل ارتكب المقدمة التركية الشرعية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۷ صفحه ۲۲۴ *»
و اعلم ان الاخبار الدالة علي وجوب المقدمة الطبيعية يعني ما يتوقف عليه تحصيل المأموربه كثيرة جداً نذكر شطراً منها هنا قال ابوعبدالله7 في المني يصيب الثوب ان عرفت مكانه فاغسله و ان خفي عليك مكانه فاغسله كله انتهي و لما كان معلوماً من الخارج ان الامر بغسل الكل من باب المقدمة فالامر به ارشادي لا انه فرض مستقل و قال من نسي من صلوة يومه واحدة و لميدر ايّ صلوة هي صلي ركعتين و ثلثاً و اربعاً والتقريب انه لايحصل له العلم بقضاء الواجب عليه الا بانيصلي هكذا و الامر بها ارشادي لتحصيل العلم ببراءة الذمة و قال في المتحير في القبلة اذا كان كذلك فليصلّ الي اربع وجوه.
و قيل له ان كنت لااعلم ما فيها اي في الدراهم المغشوشة من الفضة الخالصة الا اني اعلم ان فيها ما يجب فيه الزكوة قال فاسبكها حتي تخلص الفضة و يحترق الخَبَث ثم يزكي ماخلص من الفضة لسنة واحدة و قال احدهما8اذا لميجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت فاذا خاف انيفوته الوقت فليتيمم و ليصلّ و سئل موسي بن جعفر7 عن الرجل يعرق في الثوب يعلم ان فيه جنابة كيف يصنع هل يصلح له انيصلي قبل انيغسله قال اذا علم انه اذا عرق فيه اصاب جسده من تلك الجنابة التي في الثوب فليغسل ما اصاب جسده من ذلك و ان علم انه قداصاب جسده و لميعرف مكانه فليغسل جسده كله و سئل عن رجل احتاج الي الوضوء للصلوة و هو لايقدر علي الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم او بالف درهم و هو واجد لها يشتري و يتوضأ او يتيمم قال لا بل يشتري قداصابني مثل ذلك فاشتريت و توضأت الي غير ذلك من الاخبار و هي كثيرة جداً اعرضنا عنها خوف التطويل و هي كلها ارشادية الي التوصل الي الفرض و لو لميكن ارشادية لكانت فريضة مستقلة و هو خلاف الظاهر من الاخبار و اما مثل الامر بالوضوء و الغسل و ستر العورة مثلاً فانما هي شروط شرعية و هي بنفسها فرض شرعي و ان كانت للغير فافهم.
([1]) يعني به ان المتقدمين يقولون ان الضماير و اسماء الاشارة من باب الوضع العام و الموضوع له العام فاستعمالها في الخصوصيات مجاز فهي متكثر المعني لان المراد من المعني في قولهم اللفظ و المعني ان اتحدا ما هو اعم من المجاز و عدّوا الحقيقة و المجاز من متكثر المعني فالضماير و الاشارات من متكثر المعني فكيف يتوهم انها من قسم متحد اللفظ و المعني. منه
([2]) لزوم الترجيح بلامرجح لانهما معا موهوما الاعتبار عندهم. منه اعلياللهمقامه