رسالة في الشجرة الطورية
من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم
الشيخ احمد بن زينالدين الاحسائي اعلي الله مقامه
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 114 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
خذ الشجرة الطورية فانه افضل في برج الحمل ما بين خمسة عشر الي ثلثين و الاسود احسن و افضل من الاشقر و اغسله غسلاً جيداً بالطين او الصابون و الاشنان و اغسله بالماء البارد افضل من الساخن الي ان ينظف و ينشف في الظل علي شيء نظيف و ينقي عن غيره ثم يقرض اصغر ما يقدر عليه و يوضع في اثال الي نصفه او ثلثه و يؤخذ عليه رأس الفيل و يشد الوصل بينهما و بين القابلة فاذا جف الوصل جعل علي المستوقد له بابان باب يوقد منه و باب يخرج منه الدخان و يكون قوياً غليظ الحايط عالياً من الارض قدر ذراع او ازيد و يكون قرع او اكثر و يكون مسطوح الاعلي بين القروع لتكون النار كامنة و الانابيق لايصل اليها النار و الحرارة و تجعل تحتها نار الفحم اللينة الدائمة النفخ فاذا سخن رأس الفيل فهو علامة الصاعد فاذا قطر رايته ابيض و هو في الغالب لايقطر الا اصغر فاذا خلص القطر فاقطع النفخ فاذا بردت القابلة فرغ الماء في آخر و العلامة الثانية دخان يخرج من خرطوم الفيل و رائحة لمتعهد قبل و اخرج ما في القرع و اعزله و اغسل القرعة و الانبيق غسلاً محكماً من الدهانة و نشفها و ضع من الشجرة كذلك و افعل كما مر و اجمع المياه الماء علي الماء و الثفل علي الثفل و اكثر من الماء ما استطعت.
ثم اذا فرغت من جمع الماء فقطره ثانياً ليصفو و يبيض و تزول كدورته و صفرته و يتخلف منه ما كان مصاحباً له من الدهن الاحمر و يستقر في اسفل القرع و التقطير يكون بالرطوبة كما ان التعفين باليبوسة و كيفية التقطير ان تعلق القرعة علي لوح من خشب مدور قوياً بحيث تقعد القرعة عليه بطرقها و يركب ذلك اللوح مع القرعة علي قدر صب فيه الماء بحيث تغوص القرعة في الماء و يكون بينها و بين اسفل القدر مقدار قبضة او ازيد و كذلك من جميع جوانبها و يبني القدر علي المستوقد و الوقيد تحت القدر فاذا نقص الماء زيد ماء ساخناً كالماء الذي في القدر لئلا يصيب
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 115 *»
القدر برودة الماء و هو حار فينصدع فيكون علي المستوقد قدر آخر يغترف منه و يصب في القدر من ثقب في اللوح معد لذلك و يستعلم منه نقص الماء بارسال عود اليه ليعلم حد الماء مقدار ما نقص و يكون علي الثقب قطعة لِبد و نحوها فاذا كمل القطر وضع في آنية زجاج و يشد راسها بشمع و فوقه جلدة مبلولة مشدود الرأس بخيط لئلا يتطرق الهواء فيفسد او يطير و ليكن في مكان بارد … و كلما قطرت من الحبر فقطره ثانياً كما فهذة المرتبة الاولي من عمل المكتوم.
و المرتبة الثانية ادخل علي الحبرة ثلث اضعافه من الماء القراح و اخلطه و اطبخه في قرعة زجاج علي انبيق اعمي في الشمس الحارة في الصيف مدة اسبوع و في الشتا بحرارة كالشمس في نار حجاب باليبوسة لا بالرطوبة حتي يقف القاطر و يعزل علي حد و يحفظ و يعاد علي الثفل ماء آخر من القراح بالوزن المتقدم و يعفن المدة المعلومة و بعد ذلك يقطر كما مر و يوضع القاطر مع ما قطر قبله و لاتزال تفعل كذلك حتي ينحل نصف اليبوسة و الحبر او ما يقاربه و يجمع القاطر مع ما قطر قبله و القراح عليحدة ثم يوخذ بتدبير الثفل الثاني و يسمي الارضية فتغمر بوزنها من القراح و تطبخ في الشمس ثلثة ايام او في نار الحجاب يوم و ليلة ثم يستقطر بفتيلة حتي ينفر المتحلل بالفتيلة و ينحفظ به عليحدة فانه هو الكبريت و تكون نار التعفين هنا اكثر و اقوي من الاولي و يضاف الي الثفل ماء قراح بالوزن المتقدم و يعفن ثم يقطر و هكذا يكرر العمل حتي يصعد الارضية في الماء الصافية و يذهب فيها الفلك السادس فان بقي شيء لاينحل فارمه فلاحاجة فيه فانه الغريب و الرماد الميت الذي لاروح فيه و لاحيوة ثم خذ هذه المياه الاخيرة فانها هي الدهن فيطبخ في آلة الزجاج العمياء حتي يكون كالعسل و كالشحم فهذه المرتبة الثانية.
و المرتبة الثالثة من مراتب المكتوم ان تاخذ الكبريت الذي صار في قوام العسل و ادخل الماء الثاني عليه المستخرج عنه و عفن ذلك ثلثة اسابيع حتي يصير ماء واحداً ثم قطره و ارفق في تقطيره و رد الاعلي الي الاسفل كما مر سبع مرات فتصير الاعلي في اعلي طبقة الزيبق الغواص و قطره بالرطوبة كما مر و لاتزال كذلك حتي يكون الماء ابيض
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 116 *»
كالثلج و الجسد الثاني اسفل اغبر فلاتزال تردد عليه الماء و تقطر حتي يبيض النحاس المحروق و هو الثفل كالرخام المدقوق و الماء كالورد الاحمر و قد بلغ غايته و ان قل الماء اذا زدت تقطيره فضع عليه من الماء المدخر عندك و اطبخ الجسد به و قطره.
و اعلم ان الغرض كله في البياض فلاتضجر من طول زمانه فبعد يقصر الزمان و اعلم ان العمل علي الماء القراح و ليس له قدر معلوم فلاتضجر كثرته و ان زاد الا انه يبطئ الانجلاء و اعلم ان بعضهم يلقي علي الحبر من مائه مثل وزنه و بعضهم مثليه و بعضهم ثلثة اضعافه و هو المشهور من قولهم فاذا قطرت فلاتترك السفل نشيفاً اذا قطرت منه الماء بل ابق فيه بقية نداوة فاذا انحل النصف ثم دبر النصف الثاني كما مر و استقطر بالفتيلة ثم بالعلقة ثم اعقده كالشحم او العسل و الق عليه من مائه ما يمازجه ممازجة الماء للحمرة ثم فصله دفعات كثيرة بنار لينة و الرطوبة حتي يرتفع البخار و الماء كله و علامته ان يكون ماء ابيض كالثلج و الجسد الباقي اسفل الاناء اغبر اللون قد انتقل عنه السواد ثم لاتزال ترد عليه الماء و تقطره حتي يبيض النحاس المحروق و هو الثفل فاجعل الماء علي حدة و يكون الماء مثل الورد المسحوق الاحمر.
و بعد هذا تزويج و هو ان تاخذ جزءاً من الشحم او العسل و من هذا الماء مثله و يسحق علي الصلاية حتي يمتزج احدهما بالآخر كامتزاج الماء بالطين اليابس و يطبخان في آلة العمياء في جوف قدر علي رماد و يوقد تحتها ليلاً و نهاراً بنار لينة الي ان تنعقد الرطوبة في اليبوسة و تظهر السواد و هو علامة النكاح و الانحلال و اعلم ان الماء ينقسم علي اربعة اقسام الاول مثل الارض بلاخلاف و الثلثة الباقية يقسم قسمين و يقسم النصف ثلثة اقسام فيدخل علي المركب في كل مرة ثلث يفعل كما مر و قيل اربعة اقسام و هذه للتمليح و القسم الآخر للجواريات ينقسم ستة اقسام في كل تقطيرة يدخل قسم فيكون الاول من واحد و الثاني من اثنين و الثالث من ثلثة و الاول اشهر و كل ما ادخل عليه زوجه طبخه بها في آلة العمياء حتي ينعقد معها و الوقيد كالاول بنار السراج او نار الجناح فهذا التعفين و الاذابة فبهذا يتم تركيب المعدن و كيفية هذا الطبخ المذكور انيكون القدر فيه رماد
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 117 *»
مع زبل و القدر المذكور بين الرماد و اسفل القرع ثم خذه جرة مفورة للمنشار من جانب و يغطي بها الانبيق بحيث تكون من القدر مساوياً لتفوير الجرة او يكب علي الانبيق فوقه قدر واسع الفم يكبه عن الهواء فيطين الوصل و بين اسفل القدر و ارض يستوقد مقدار شبر ثم يجعل القنديل و السراج تحت القرع حتي يقع لهيبه و يقد باعواد الطرفاء و هو احسن او النشارة او قشر الارز او نار الزبل و اعتبر شدة الوقود و ضعفه بلمس قبة الانبيق الاعمي و بعضهم لايكتفي بل ترفع القرعة و تضع علي راحة يدك فان لميتغير يدك من الحرارة فهي علامة مقدار النار و الا فتخففها و احذر ان تزيد النار فتفتر الرطوبة عن جسدها فبقي هيكلاً جامداً لاينحل و الرطوبة تنعقد نار من الوقود في التزويج بابخرة الاول اربعين يوماً و ليلة كذلك ثم اقطع النار و اترك انه تبرد و اخرجها فتجد الخلط منعقداً و ربما خرج متفتتاً و بعضهم ان لميتمكن من اخراجه كسر القرعة و اخرجه للسحق و السقيه و منهم من لميفتتح القرعة رقت و لكن يفتتح الثقب الذي ذكرناه في قبة الاعمي و يصب منه الرطوبة و لميحتج الي سحق اليد الا لسحقه الاولي وقت التزويج الذكر بالانثي فان اخرجته فاسحقه فانه في كيان الرصاص الاسود و سواد الكحل و اضف اليه من الرطوبة مثله كالاول تفعل به غير ان النار تزداد مقدار الربع علي ما كانت عليه بحيث لاتكون شديدة فيفسد المركب و لا ضعيفة جداً فلاينضج و في السقية الثانية مقدار المدة عشرين يوماً و تزاد النار قدر الربع و كذلك الثالثة و الرابعة يعني الثلث الزوجات بعد الاولي و المدة و زيادة النار كما مر في كل سقية.
و ان سقيت رابعة كما قال حكماء الهند فكذلك و ان شئت ان تصب عليه الرطوبة من ثقب الاعمي و لاتقلعه و ان شئت قلعته و اخرجت الخلط و اضفت اليه الرطوبة و سخنته ثلث ساعات النهار كاملاً ثم تضع قرعة علي ناره فتزيد في كل سقية مقدار الربع من النار كما مر فاذا بلغ التدبير الي هنا تم تركيب المعدن و منهم من يدخل جزء رابعاً كما مر.
و اعلم ان المركب في مقام الاول تتساوي اجزاؤه و تغلب فيه اليبوسة و لون زحل و في الدور الثاني تقوي الرطوبة و يختفي السواد و يقلب الماء و لون المشتري
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 118 *»
لان الماء في التزويج تشربه الارض الي ان ينشف و يقوي عليه اليبس و في التمليحة الاولي تصير فيه لدونة و لين و في الثانية يرق قوامه و يصير كالعجين و في الثالثة تزيد رقة قوامه حتي تصير منحلاً كالدبس الرائب الغليظ ففي التزويج يسود المركب حالكاً و في الاولي ينتقل الي الزرقة العميقة و في الثانية ينتقل الي الزرقة السماوية و في الثالثة يبيض لكن غير فتتق و اعلم انه قبل الجواريات يسمونه آبار نحاس غير تام و بعدها آبار نحاس تام و يسمي ريح الجنوب الكرة الثاني في زرع الغصن في الارض المقدسة قال هرمس في ذلك هو انهم اذا دخلوا المركب الي اول تعفينه في التركيب الثاني بعد تقطيره اول مرة فيعاد ما قطر عليه بعينه ثم يعبر بماريه و هي الستة الاجزاء المعدودة للتقطير في التركيب الثاني فيبقي في التعفين ستين يوماً و قيل اربعين يوماً فعند انتهاء المدة يستقطر و يعزل الماء و هو زيبقهم و يبقي الثفل و يجعل عليه ماء قراحاً و يطبخ و يستقطر و يكرر عليه ذلك فان النفس يابسة تطلع من الارضية و هي الخميرة اذ لاحاجة اليها ثم تقسم الزيبق المعزول تسعة اقسام علي طريق قياس العمل و يسقي الخميرة و يري الحكيم فيه رأيه و ينطبخ بها الخمرة التي هي ارض مصعدة و تطبخ بالثلث الاول بتجزيته اولاً مثل نصفها ثم مثل ربعها و بحسب ما يشربه في دفعات سبعة ايام حتي يتشمع و ينصبغ البياض ثم يعاد عليه من الماء الباقي و يطبخ حتي يحمر فهذا هو الطريق الاقرب عندهم و قالوا انه يبلغ درجة الصبغ البياض في سبع مرات و الاحمر في اثنين و اربعين يوماً و النفس اليابسة المتقدم ذكرها اذا اردت تصعيدها من الارضية وضعت عليها من الماء القراح و طبختها به قطرته عنها فلتكن النار قوية و وضعت عليها القاطر كذلك فانها تصعد في مرة او مرتين او ثلث فخذ منها الحاجة.
و اعلم ان هذا القريب الاقرب يتم طباخه يوم طباخ الابيض الا الصابغ و هو التركيب الثالث له في اربعين يوماً و يحمره في مثل ذلك و هذا غير تدبيره الاول فاذا صعدت النفس من الارضية فارم مالميصعد و خذ الصاعد فانه فحمها و هو الأثالية اللبانية فشمعها بثلث الماء في سبع دفعات مدة كل دفعة سبعة ايام فانه يتم و يصبغ النحاس فضة و
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 119 *»
يقوي النحاس و يصيره فضة فاذا اعيد عليه العمل بباقي المياه حمرته و يبلغ في اربعين و ربما جعل بعضهم تعفينه مرتين اربعين يوماً و مرة شهراً و ربما طبخ ايضاً وحده مرة و استقطروه علي مثال عملهم في طريق البيضة.
و نرجع الي كيفية تركيب النبات بعد تمام تركيب المعدن في الطريق الكامل الطويل و نظر لهذا العمل فانه تدبير واحد و لكنه قد اشتمل علي تدابير كثيرة قال صاحب المكتسب اعلم ارشدك الله ان المركب لما انحل لمينحل كاليبوسة متحدة بالرطوبة فاذا لمينحل بهذا المعني فاحتيج الي التفصيل بعد الحل فوضعنا علي الاناء المحجمة (ظ) لنمص ما فيه من الاجزاء الرطبة فلما انعزلت جانباً فعلت في الاجزاء اليابسة فعل الاحراق لانها تمص ما فيه من الاجزاء اليابسة من الارواح و النفوس و تطلعها معها حيث طلعت كمثل ما تمص النار رطوبة الحطب و تصعدها دخاناً ثم ترد عليه ما صعد عنه بعينه مع زيادة جزء من الستة المدخرة بعد ان يسحق ناعماً و يعفن اسبوعاً كالاول ثم يرفع بذات الانبوب لاتزال تفعل كذلك و ترفع بذلك كذلك الي ان تفني الرطوبة المدخرة كلها في ست دفعات غير التصعيد الاول للرطوبة المقللة ثم ترد الرطوبة بجميعها و يستخرج عنها ست دفعات او اربع بالتقطير و قيل سبع فتحصل مادة الغذاء مجردة عن الاجزاء العرضية الغير المشاكلة لنوع المغتذا مجردة عن الاجزاء و بتمام هذا العمل يتم تركيب النبات فبعضهم يجعل الميقات كنسبة احد و ستين يوماً و بعضهم اربعين يوماً و بعضهم عشرين.
و لما تمت السبعة الاجزاء من الاوزان الطبيعة انتقل المعدن الي النبات و الارض و الماء الي الهواء و انتقلت درجة زحل الي درجة المشتري و صار المركب رصاص ابيض و انتقل من البرودة و اليبوسة الي الحرارة و الرطوبة و من الموت الي الحيوة و من الخلط السوداوي الي الخلط الدموي و من فصل الخريف و الشتا الي فصل الربيع.
و قال عبد الرحمن الصوحي ان الطبخ للنبات كل نبت سبعة ايام و هو في نار الزبل او نار السراج, الي ان قال: حتي تفرغ الاجزاء الستة و تصير الارض بيضاء و لين النار مهما قدرت فانه هذا الموضع مخوف جداً لانه متي قويت النار عليه احمر
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 120 *»
الماء و اذا احمر فقد فسد العمل.
قال محمد بن اميل انه ان احترق ظهرت الحمرة فاذا ظهرت في غير اوانها فسد العمل و اختار انيستانف عملاً جديداً غيره و يرد عليه الفاسد فانه يصلحه فاذا التقطيرات هنا سبع تقطيرات الاولي تقطير الارض المتحللة و الست للنبات.
و اعلم انه يكون في ابتداء العمل به في هذا التدبير في النبات منحلاً في الدرجة الرابعة لكنه غليظ الجوهر اشبه الاشياء باللبن الرائب الغليظ و الغالب عليه لون السواد من اول تركيب المعدن كما ذكرنا الي انيدخل عليه ثلث اجزاء من الجواريات فيبيض المركب.
و اعلم انه يبرد يوماً و ليلة اذا لميمكن ان يفتح و هو حار فيأبق روح الكيان فيحصل الضرر اذا لاني آلة الشم.
و اعلم انه في هذه الدرجة يصير الماء دهناً صمغياً و ميزان نار التعفين يزيد كل مرة في التقطير ففي كل مرة يقطر مع الماء من النفس مقداراً الي انيخرج النفس في آخر تقطيره و يصير الجسد تراباً هامداً لاحركة فيه و الماء دهناً صابغاً لامرية فيه و تحرز من المكان المكشوف للهواء فانه يحصل منه ضرر لايتلافي و فائدة التكرير لعودة المزاج امتزاج الروح مع النفس و تلازمهما و نضجهما و الفائدة في نخله بالمناخل الاكسيرية ليخرج عنه فضلات اكتسبها في التقطير في كل مرة فربما اختلط ببعض سواد الارض فيتشبث به الاجزاء الغير المناسبة فلاجل ذلك يقطر بمجموعه سبع دفعات ليتخلف عنه الاجزاء المذكورة و تلحق بالارض و يصير الماء في آخر التقطير السابع كالماء المنهل من المزن.
و قال حكيم اياك ان تترك المركب بغير رطوبة فان استطعت ان لايزال ندياً فافعل فلاتظن ان العمل شديد او بعيد الامد فلامؤنة فيه و لامشقة بعد معرفتك اياه.
و اعلم ان تدبير القوم, الاول المعدن الثاني النبات الثالث الحيوان اذا تم تركيب المعدن الذي ذكرناه قبل و بعد النبات الذي نحن بصدد البحث فيه فيغمر المركب بضعفه النفس المدخرة لانا نريد به النقص فيدخل بها الي التعفين في زبل الخيل الرطب اربعين يوماً و قالوا اكثر من ذلك يسود المركب فيخرج و يستقطر بالقرعة و الانبيق و يعزل ما يقطر فان طلع شيء في هذا التقطير من لطيف الجسد و قعد في سقف الاناء كانه الدقيق او الجليد لهذه
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 121 *»
الخمرة فيؤخذ منها بقدر الحاجة و يدخر لوقت الحاجة و ان لمتطلع فانها تطلع في التقطيرات التي بعدها و لابد من حفظها و اخذها كما ذكرنا و ترجع الي المركب لتجعل علي الثفل من النفس المدخرة ضعف وزنه و يعاد الي التعفين عشرين يوماً و يخرج و يستقطر و يعزل ما قطر و يعاد العمل حتي تنحل ستة اجزاء المركب و تمازج الرطوبة و نار التعفين هي نار القنديل كما مر… فالمدة سبعة ايام و قيل عشرة ايام الا ان يمتزج المركب الجزء البسيط و يختلط و يلقط ما في الارضية من الصبغ فاذا كملت له هذه الدرجة و المدة رفعت من فوقه الانبيق الاعمي و ركب الانبيق الهندي و هو ذو المنزل و قطره كما فعلت اولاً بالرطوبة و من الحكماء من يقد بنار الفحم اللطيف مدة عشرة ايام في التعفين ثم يقد بعد العشرة باعواد الطرفاء الدقيقة في التقطير مدة التقطير و كل مادام التقطير ادمت الوقود الي ان ينقطع القطر و ذلك ان القطر لايصعد الا بنار اللهب فيستغني بذلك من اخراج القرعة من قدر الرماد و نقلتها من قدر الرطبة و هو اصلح و اوفق و اعمل ترشد ان شاء الله تعالي.
و اعلم ان الخميرة تصعد بالرطوبة فتصعد في سقف الاناء و تسمي النفس اليابسة لان الذي يقطر بالرطوبة تسمي النفس الرطبة و هذه النفس اليابسة تخرج في اوائل العمل المكتوم اذا استخرجت روح الحبر ماء لطيفاً و في هذا التدبير تخرج نفسه و هو دهن احمر فينقسم الي قسمين قسم بلطف جداً لينحل بالرطوبة الداخلة بل يصعد معها و يبقي في جانب الاناء الاسفل و جانب الاناء الاعلي و تفارقة (تفارقه ظ) الرطوبة و يقطر بعد ان يقف القطر فيجيئ و يأخذ لوقت الحاجة اليه و ان عسر اخذه القي في الاناء الاعلي ماء و ادير فانه يخرج من الانبيق في الاناء الماء فهذه هي نفس الجسد الرطبة و اليابسة فاذا طلعت من الارض السوداء صارت بيضاء و يسمونها النار و اياك اياك ان تفر منه و ان تأبق و اسحقه بمائه و شيء من ثفله فاذا عملت ذلك امنت عليه ثم بعد ذلك لميبق في الجسد شيء من نفسه و علامة ذلك ان الجسد اذا القي منه علي الصحيفة المحمية بالنار لم تدخن فاحفظ هذه العلامة.
و اعلم ان الجسد الذي لمينحل هو الثمن و قد انحلت سبعة اجزائه
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 122 *»
دهناً و هو المسمي بالنفس و اتحدت بالماء الداخل علي المركب بالتعفين و التقطير و ذلك الماء يسمي به الروح فافهم ذلك و للجسد تدبير علي حدة يأتي ذكره انشاء الله تعالي و طهارة الارض بالتصعيد بالنار السمات يبقيه العقاب المتخلفة في اسفل المركب بعد ما انحلت اجزاؤه السبعة زمان لا التصاعيد بالماء في تركيب النبات و معرفة طهارة الماء يأتي بعده و طهارة الارض التي هي بقية العقاب فان هنا يستطيع صيد حجلة العقاب و هي الاثال المتخلفة و هي مركبة من ثفل الدهن و الحجر و قد سماه القوم بعد تصعيده باكليل الغلبة و النشادر الجنسي و الهواء المتجسد الغريب و البيضاء و الانفحة و لها اسماء كثيرة و كيفية طهارتها بعد العلامة التي ذكرناها في النبات الاول قبل هذا و هو اذا لمتدخن علي الصفيحة المحمات و ذلك ان تجعل في اناء من زجاج مطهرة محكم الوصل و تجعل في نار زبل قد وليت حرارتها او نار نشارة ليلة لتجف بقية الرطوبة التي فيها من الماء ثم اسحقها و اجعلها في الاثال و لابد من قليل ملح مكلس في اسفل الاثال لحفظ بعض الاثال الصالحة من النار و ينبغي ان يكون غلظ حائط الاثال مقدار اصبعين مضمومتين لانه يصعد فيه اللهيب لاغير و الا يكون الاثال طويلاً حذراً من عدم وصول صعود الصاعد الي القبة و ثباته فيها فيقع الاسفل يتعلق بالحائط فيحترق و ينسبك و لا يصعد و بين الدواء و القبة ثلثة اصابع علي الاقل و اربع اصابع علي الاكثر فما بين ذلك فافهمه لتعلم فتعمله ان شاء ثم تؤخذ الارض بعد نشوبتها المذكورة و تسحقها بالغاً ثم تجعلها في اثال من خزف صابر علي النار ثم يوقد تحتها اول يوم بنار لينة نار النشارة يوم و ليلة و اياك ان تصعد شيئاً و فيه شيء من الرطوبة ثم تنقله الي نار الدقيق الفحم ثم الي نار الحطب تدرج النار الي ستة ايام و في السابع تضرمه بنار التصعيد القوية حتي يصعد الجسد كله الي القبة و يبقي الثفل كالخشب الاحمر فارمه فلانفع فيه و هذه النار القوية تسمي بالهموحا و الهابجة و هي اشبه الاشياء بجرادة الفضة و هذا الصاعد هو الارض المقدسة و لا تقطع النار مدة التصعيد.
و اعلم انه ينبغي انيكون في اعلي الاناء ثقب كسم الابرة او ما يزيد و يوضع فيه عود
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 123 *»
ملفوف عليه القطن مسدوداً سداً محكماً وثيقاً و انت تتفقد الصاعد منه الي انلايصعد من الارض شيء و علامة ذلك ان تضع علي الثقب مفحتاً او فلساً بعد رفع و اذا برد الاثال تجد الثفل كالرماد و الصاعد كما قلنا و يجب الحذر عن وصل الاناء و انلايكون فيه رطوبة و تدبير الثفل اجعله في بوطقة مطينة الرأس في قدح واسع و حواليه رماد منخول و غط القدح و طينه في نار شارق قد سكن دخانها يوماً و ليلة ثم اخرجه و ضعه في اثال عليه مكبوب و طينه و ليكن له طوقاً مرسلة العالي ليقف علي نسبة الكانون به و شد وصل الطوق و رأس المستوقد و افتح للدخان كوة يخرج منها و اتركه يوماً كاملاً لتنشف رطوبة البناء و ييبس ثم ارم الوقود عليه بحطب جزل كما ذكرناه سبعة ايام و برده ثم افتحه تجده كبرادة الفضة او كالشذر الصغار فهذا هو الرصاص المستخرج من الرماد الطلق النوشاذر الحسي و ارض البيضاء و رقية و الانفحة.
ثم اعلم ان المركب لما انحل تسعة اجزاء في الماء دهناً و اتحد به فصاروا روحين طايرين و هما الروح و النفس التي انحلت من الجسد و في الرطوبة التي فصلتها عن ثفلها و عزلها جانباً فينبغي ان يعسل و هو ان تأخذ الرطوبة بمجموعها و تتحللها في سبع مناخل اكسيرية و بين النخلتين تعفين سبعة ايام و ما رسب من الثفل تضيفه الي الثفل فيعزل جانباً و يحتفظ به غاية الحفظ و اجعله في انائه بمكان لائق به فانهم يحتفظونه به كما يحتفظون بارواحهم و يلفون انائه بهم بالقطن و يمنعونه عن الحر و البرد فاعزله في قارورة و اختم عليه بالشمع لئلا يخرج الروح من الرطوبة و يبقي الماء خالياً من النفس و ربما تصدع الروح ايضاً مع النفس و الحذر من اباحتها فاحكم دخلها غاية الاحكام و اجعلها في علية و فوقها و حواليها القطن و غط العلية بغطائها و اعلم ان هذا الماء القاطر يسمي في عرف القوم الماء الخالد و الماء الورقي و الشمس و بصاق الذهب و لعاب الافاعي و الكبريت الذي لايحترق و الماء الالهي الي غير ذلك فهذا تدبير الماء و طهارته.
في معرفة تشبيب الماء الالهي المسمي بماء الحيوة و الزيبق الغربي و النوشادر المسمي بالاكليل و ضمير القوم و المريخ و الجسد و ذكر العلامات
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 124 *»
التي تحدث و معرفة تدبير الطلق الذهبي المتولد من النار و الماء اعلم ان الاكليل يشبب به الماء القاطر و هو انك تجعل الماء الالهي في القرعة و تلقي فيه النوشادر المسمي بالاكليل فانه يشتد غليانه من عظيم حرارة جني يفور و يطلب رأس الانبيق من غير نار فركب عليه الانبيق مسرعاً حتي تضي النوشادر و شدد وصله و اتركه حتي يبطل غليانه و قطره مرة واحدة من غير تعفين فاذا تم القطر رأيت الاكليل في اسفل القرعة قد بقي فتخرجه و تجعله في اناء مزجج مطين و شد فم الاناء شداً محكماً و اجعله في النار الهاوية ليلة فانه ترجع اليه قوية كما كان و اعلم انك اذا قذفت الرماد الابيض في الماء تغير الماء بلونه و غلي كالسحر ساعة ثم يسكن و يكون الاكليل بسبب الحرارة الماء فاذا قطرته قطر ماء حاراً دسماناً نارياً و سيفاً قاطعاً و ارفع الماء في قارورة و شد وصلها و تلفها بالقطن كما فعلت اولاً و اجعلها في كنين من الهواء و الشمس فاذا سلمت و بلغت الي هذه الدرجة فقد فزت و علوت درجة العلم و حزت ملك الدنيا و كنزها الاعظم.
و الفائدة في التشبيب هو ان يصير الماء في طبع النار بعد ما كان في طبع الماء في الاصل ثم صار في طبع الهواء بالنفس التي تخلصت من الارض و استجنت في باطنه ثم استحالت الي طبع النار بتشبيبه بهذا النوشادر.
و اعلم ان هذا الماء اذا بلغ الي هذه المرتبة يجب التحرز منه فانه سم قاتل و لهذا قال في الروضة
و هذا هو الاسم الرعاف فعش به
هنيئاً فقال نال المني من تمناه
و قال في قافية الميم يصفها يعني الارض و الماء
و صيرهما حجراً قائماً
عقدت بها منه لعاب الاراقم.
و اعلم ان للماء علامة لابد منها و ذلك انك اذا قطرت منه علي صحيفة محماة
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 125 *»
نفذ فيها ظاهراً و باطناً و تكون ذهباً ابريزاً لايضمن ثباته و اما تدبير الطلق فاعلم ان الاصل في هذا العمل الشريف هو عمل الكبريت الاحمر الذي لايحترق و تمام عمله بالتعفين لانه في اول الامر انما يسمي بالكبريت الابيض فدبره حتي تغلب مزاجه و يسمي الكبريت الاحمر و لايسمي كذلك الا لمخالطة ارواح الاجساد المستجنة و الا فلا لهذا قالوا اصبغه و اصبغ به و اعلم ان تبييض الطلق ان تطبخه بالماء الغربي و تفرغه ثم تطبخه و تفرغه و هكذا حتي يكون ابيض و هو الجسد الجديد و تفريغ الماء عنه اما بالتقطير او بالفتيلة كما مر في علم المكتوم و من الناس من اذا تعذر تبييض الجسد الباقي يطبخه بعد فضل مائه عنه بماء قراح مقطر و يصوله بالفتيلة و ما بقي منه من الثفل يضع عليه ماء آخر قراحاً و يطبخه حتي يعبر جميعه بالفتيلة و يقطر و ان بقي شيء لاينحل فلاحاجة اليه فيرمي به.
و ذكر احمد بن عبد الملك الاموي و هذا التدبير مذكور في باب العمل المكتوم فليؤخذ منه فانه المكتوم عند القوم في الاول كما هو مكتوم في الآخر فاذا عرفت ذلك فاعرف تركيب اكسير البياض و كيفية مزج الروح بالنفس و الجسد و ذكر كمية الاوزان فيهما و التساقي في مدة العمل ومقادير النار و ذكر الاماراة التي تحدث فتأخذ من الارض النامية و هو الجسد الجديد و قد يسمي هذا الرماد المصعد ضابط الاصباغ فخذ منه جزء و من الروح مثله و قد ذكر بعض الفلاسفة ان الرماد يكون مثل نصفه و قال آخر مثل ثلثيه و قال آخرون مثل ربعه و الجميع جايز لان الرماد اذا كان مثل الجسد الجديد كان اسرع لعقد الرطوبة فافهم و يجب انيكون وزنهما متساويان و من المغنيساء الحكماء البيضاء القمرية تسعة امثالها فيكون عشرة اوزان فخذ من هذه التسعة ثلثها و اجعله في قرعة العمياء بعد ان تطينها بطين الحكمة الي حد الطرق ثم دعها تجف فاذا جفت رد عليها في هذا الموضع ظاهره آخراً و اتركها تجف ثم ميز الماء وحده في القرعة اعني الثلث الذي عزلته و اجعله في نار الزبل في نار ناقح نفسه او نار نشارة بحيث يكون اسفل القرعة الذي فيه الماء الخالد فيها و الانبيق الاعمي علي القرعة الذي فيه الماء الخالد فيها دعه في وسط الرماد حتي
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 126 *»
تراه قد سكن تحرك الماء فيه ثم خذ الجسد الجديد الذي عندك ضربته صفايح و رققته مثل القشر الذي تجده علي عجمة التمر او مثل التمرة الدقيقة و قطعته بالمقراض كقلامة الاظفار او اصغر فانزل القرعة من اعلي النار و ارفع العمياء قليلاً و اطرح فيه الظفارة و الرماد الارض الجديدة و اطبق العمياء و شد وصلها شداً وثيقاً محكماً و دعه يجف ثم يصيرها في الرماد رماد تلك النار فانه سوف تركب ذلك الماء و الجديدة و هي الطلق المصفح و الصفايح يصير كله ابيض فحرك القرعة بيدك تحريكاً جيداً و يكون عندك ناقح نفسه آخر غير ذلك بحيث اذا نظفت نار الاولي حولته الي الرماد الثاني و اتركه سبعة ايام فاذا تمت السبعة فانه ينحل كله و يصير ماء واحداً فانقله بعد ذلك تنوره الاول و اوقد عليه الوقود الاسواء بنار معتدلة نار القنديل اللينة و هو السراج مثل الاول الي انينعقد و مدة انعقاده ثمانون يوماً فانه يصير سواء مثل الرصاص في تضاعيف الايام و يجب انترفع القرعة وتضع قائمتها علي راحتك فان كان حاراً شديداً فانقص الوقود وقود السراج ليلاً و نهاراً بالترصد اليه ثمانين يوماً او تسعين يوماً او زيادة حتي تراه قد صارا حجراً و قد صار فيه من الرطوبة مثل حب الصحيح.
و اعلم ان السواد يركبه بعد بياضه فتراه اسود كالحبر و لايقم فيه السواد الا اربعين يوماً فاذا انقلع السواد رأيته حجراً لارطوبة فيه فشد نار الفحم حتي يكون وسطاً و لاتزال كذلك حتي ينهدم متشمعاً متفتتاً فيتم اكسير البياض هو الذي ذكرناه تجعل مع الارض الثانية و العكس مثل ثلث هذا و الجميع في طبخة واحدة فيسود التركيب المركب فاذا ظهر هذا السواد في هذه الدرجة ناموا علي ظهورهم و آمنوا من الخوف فلايهولنك فانه لايدوم اكثر من اربعين يوم و ليلة و يذهب كانه لميكن قط و يحدث مكانه بياض اصفي و احسن من محل بياض و قال عبد الرحمن عبد العزيز تمام العراقي في الاوزان في قصيدته النونية:
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 127 *»
اجعل نحاسك مثل النار انهما | عند الفلاسفة فيالتركيب مثلان | |
و الماء مثليهما لله درك لا | تبتغي ازدياداً و لاتهم بنقصان | |
و اجعلابارنحاسكالنحاس فما | عند الحكيم هما الا سواءان |
و اعلم ان هذا السواد اذا القيت منه علي صفيحة فضة محماة تخرج الصحيفة السوداء كالغراب الحالك فاذا زوجتها بمثلها ذهباً يخرج الجميع ذهباً ابريزاً خير من الذهب المعدن.
و اعلم ان في كل اربعين تزيد في ناره مقدار سدسها فانه يسود اربعين يوماً و تبدو درجة البياض و هذا السواد يصبغ الفضة اذا سبك ثلث سبكات ينسلخ عن ذهب ابريز واحدة علي ثلثمأة فاذا كمل الميقات الثاني صار ابيض كالجليد يذوب كذوب يصبغ الاجساد اشرف من المعدني يلين و يشد اللين منه علي الف و ثلثمأة و بجودة التدبير و طول الايام يزيد الفاؤه و يزيد الي ما لانهاية له و بقصر الايام يخشي عليه الاحتراق و قالوا في هذا الاكسير الابيض فانه يبيض النحاس و يذهب بصرير القصدير فان ادخل الماء جملة واحدة فمدته مائة و عشرين يوماً و ان كان بتجزية الماء ففي ثلث دفعات يطبخ لكل قسم اربعين يوماً فيسود في الاول و هو التسويد الثاني الصابغ يركبه السواد بعد عشرين يوماً فاذا كملت الاربعون كمل السواد و في الثانية يصير اغبر و في الثالثة يصير علي لون الرصاص الابيض المدقوق و علامته ان يوضع منه علي حجر في النار فانه يذوب و لايدخن فاذا رأيت ذلك فقد بلغ الغاية.
و قال صاحب المكتسب ايضاً : اعلم ان اكسير البياض مركب من اجزاء مختلفة الاوزان و هي ايضاً اربع طبايع متساوية من الارضين جزء و من الماء جزء و نصف و من الهواء جزء و نصف اما الارضان فاحدهما ملح و الآخر غصن نباتي
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 128 *»
فيختلط الجميع و يجعل في انائه المصلح له و يرفع علي نار الحضانة له و يوقد فيظهر له لون مخالف للونه و يصير اغبر اسود و ربما سود الورق سواد فيه صفرة لاتحمي فيجب ان يدام عليه بالتخفيف الي ان يبطن السواد بذاته و مقادير النار و ذكر الاماراة التي تظهر علي وجه المركب في كل سقية من الالوان من خضرة و زرقة و صفرة و حمرة و الالوان العجيبة المشبه عندهم بالطاووس و المسمي عندهم بالفرفير و ذلك عند تمام التدبير خذ الماء المدخر عندك فاقسم علي ستة اقسام فصب عليه جزءاً واحد و اطبخه في اسبوع و نارك قليلاً قليلاً حتي يجف و هكذا الي تمام الستة و ليكن وفودك في نار الخامس و السادس مثل نار الرابع بلازيادة و نقصان و هي سبع تساقي و قد تمت و في كل تسقية يلبس لوناً غير الآخر و احذر ان يفتح القرعة من اول العمل الثاني الي آخره و لاتتعرض يسحق به ان تحمي احد و اربعين يوماً و ثلث ساعات فانها يصعد الي رأس القبة مشدود وقت السقية فاذا صار كالطحال في آخر سقية اوقد تحته شديداً بفحم كثير احد و اربعين يوماً و ثلث ساعات فانها تصعد الي رأس القبة و جوفها شبه الدخان و الشرارة و بلغت عشرين يوماً من الاحد و اربعين عملت اثال من الزجاج او من غظارفة غير وسيع فم القرعة مقدار ما ينزل قاع الاقرع فيه باصبع و استوثق من الوصل بالطين او الشرس و ركب فيه الاثال الذي عملته و يكون الغظار عريضاً يدور في القرعة باربعة اصابع و شددت وصل القبة و القرعة في القدر كما هي و اوقده بالتمام تمام احد و اربعين يوماً و ثلث ساعات فاذا تم فاجمعه و اعزله عندك في اناء زجاج او بلور و تب الي الله و تقرب اليه.
و قال بعض الحكماء فاذا اردت تركيب اكسير الحمرة نشف الاكسير في النار حتي تراه قد نشف ثم ادخل عليه جزءاً من الستة الباقية من الماء و اجعله في القرعة و شد وصله كالعادة و اوقد تحته ناراً تكون قد (قدر ظ) نار البياض مرتين و ليس له وقت الا اذا جففه فاذا جف فافتحه تجده قد تغير و لاتدعه يجف قوياً لانه يعسر قبوله الشرب و لكن يترك فيه من الرطوبة لقبوله الوارد عليه و قال بعض بل تكون فيه بعض التسوية فاذا جف فاسقه القسم الثاني من الستة و اجعله في انائه كالعادة و زد في
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 129 *»
ناره قليل في كل مرة يظهر له لون غير الاولي الي ان تفرغ الاجزاء الستة فانه يصير فرفيراً احمر اللون يميل السواد من شدة الحمرة فاذا بلغ الي هذه الحالة فاوقد تحته بنار قوية اثنين و اربعين و عشرين يوماً.
و ذكر الحكيم ان السقية السادسة عمرها اثنين و اربعين و ربع يوماً و لميعلمنا قانون نارها و احال الطالب الي كتب القوم و هذا لعمري من المهمات قال و رطوبة الاكسير في السقية السادسة ان استقر بناؤها علي قانون الخمسة المتساوية قبل الاكسير فانه لاتلائم نار السبك لقلة الرطوبة فان نار الحضان في هذه الدرجة تشد و يكون في اعلي القرعة ثقبة تفتحها اذا اوقدت تحته اثنين و عشرين ساعة لتخرج منه الفضلات و الابخرة و تدعه مفتوحاً الي المدة فاذا تم فاترك الاناء حتي يبرد نصف يوم ثم افتحه و زعم رسيموس انه اذا تم المركب يترك علي نار لينة اربعين يوماً حتي تختمر فيه الحمرة و يعتاد النار و قد اخبر شارح الديوان ان سيرها علي قياس فصول السنة فيترك في آخر سقية علي قانصة اربعين يوماً منها عشرون مسدود الكور و عشرون يوماً مفتوح الكور لتنحل منه الابخرة لئلا تنعكس عليه فتسوده بعد التمام و يلين النار بمثابة الخريف و هذا عند الهرامسة متفق عليه فعليكم بالرفق و لين النار حتي تتعود الاشياء الصبر علي النار و لاتهرب منها و من بعد ذلك شدوا عليه و اياكم ان تفارق الرطوبة الي ان يتم العمل.
فاذا وفقك الله و اوقفك علي تمام العمل لميبق عليك الا معرفة طرح الاكسير علي المعادن السبعة الذهب و الفضة و الزيبق و النحاس و الرصاصين اما الذهب فانه تام لايحتاج الي تتميم و انما عمل الاكسير للستة الناقصة ليلحقها بالذهب و لو القي اكسير الحمرة علي الذهب لصيره اكسيراً واحدة علي الف من الفضة تكون ابريزاً خالصاً خيراً من المعدني و اما الفضة فيلقي عليه اكسير الحمرة واحدة علي الف تكون ذهباً علي من المعدني لاسيما ان كانت الفضة من فضتهم لامعدنية و اذا القي اكسير البياض عليها صيرها اكسير البياض كذلك و لايلقي اكسير الحمرة علي غير الفضة و الرصاص الاسود و ان القي عليه اكسير البياض كان فضة و ان القي عليه اكسير الحمرة كان ذهباً و اما الزيبق ان القي عليه اكسير
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 130 *»
الحمرة كان اكسير الحمرة و ان القي اكسير البياض كان اكسير البياض و اما الرصاص الابيض و الحديد و النحاس فلايلقي اكسير البياض فاذا اردت ان تصيره ذهباً فالق عليه بعد ذلك اكسير الحمرة ليكون ذهباً.
اذا عرفت ذلك فاعلم ان الالقاء علي القلعي ان تذيب القلع اولا فاذب … فالق عليه اوقية زفت رومي و هو المصطكي و اوقية موم و هو شمع ابيض فاذا احترقت الزفت و الموم و لميبق منها شيء فافرغ الرصاص حتي يبرد ثم اذبه ثانياً و تلقي عليه من الاكسير درهما واحداً و انفخ عليه حتي يذوب الدواء و يدور علي وجهه و يغوص فيه فانه يخرج قمراً و اما الالقاء علي الزيبق فضعه في آلة صابرة علي النار و ضع عليه وقاية و انفخ عليه حتي يحصل منه نشيش فيكون بحكم ساير الاجساد في الاذابة فالق عليه الاكسير و ان شئت الق الاكسير و ان شئت الق الاكسير علي جسد ثم القه علي الزيبق و اما الالقاء علي الزهرة فاذب الزهرة فاذا ذابت فالق النطرون و النكا فاذا انقطع دمائها فالق الدواء علي الزهرة و امكث قليلاً ثم اقلب فيكون الزهرة قد تخلصت من شبها و كبريتها و الق كل عشرة درهم درهم قمر معدني و الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين. تمت