21-05 مکارم الابرار المجلد الحادی والعشرون ـ رسالة في عدد الشهور ـ مقابله

 

رسالة في عدد الشهور

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 437 *»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله و سلام علي عباده الذين اصطفي.

و بعــد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم ان هذه موجزة في بيان مسألة العدد في الشهور كتبتها تذكرة للطالبين مشيراً الي الادلة علي نحو الاجمال و الاختصار و فيها ثلث فصول:

فصـل

في ان شهر رمضان ثلثون يوماً لاينقص ابداً

اعلم ان العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة فالمشهور بين المتأخرين ان شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان و ذهب جماعة من المتقدمين الي ان شهر رمضان ثلثون يوماً لاينقص ابداً:

منهم الصدوق; حيث ذكر في الخصال بعد ما روي اخبار الثلثين قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه مذهب خواص الشيعة و اهل الاستبصار منهم في شهر رمضان انه لاينقص عن ثلثين يوماً ابداً و الاخبار في ذلك موافقة للكتاب و مخالفة للعامة فمن ذهب من ضعفة الشيعة الي الاخبار التي وردت للتقية في انه ينقص و يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان و التمام اتقي كمايتقي العامة و لايكلم الا بما يكلم العامة انتهي. و فيه اخبار ان جماعة من خواص الشيعة كانوا قائلين بذلك.

و منهم الشيخ المفيد; علي ما نقل عنه ابن‌طاوس في الاقبال و هذا لفظه فمن ذلك ما حكاه شيخنا المفيد محمد بن النعمن في كتاب لمح البرهان فقال عقيب الطعن علي من ادعي حدوث هذا القول و قلة القائلين به ما هذا لفظه مما يدل علي كذبه و عظم بهته ان فقهاء عصرنا هذا و هو سنة ثلث و ستين و ثلث‌مأة و رواته و فضلاؤه و ان كانوا اقل عدداً منهم في كل عصر مجمعون و متدينون و مفتون بصحته و داعون الي صوابه كسيدنا و شيخنا الشريف الزكي ابي‌محمد الحسيني ادام الله عزه و شيخنا الفقيه ابي‌جعفر محمد بن علي بن

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 438 *»

الحسين بن بابويه و شيخنا ابي‌عبد‌الله الحسين بن علي بن الحسين ايدهما الله و شيخنا ابي‌محمد هرون بن موسي ايده الله انتهي. و انت تعلم ان شيخنا المفيد لايعمل باخبار الآحاد و يقول انها لاتفيد علماً و لاعملاً فهذه المسألة كانت كثيرة الاخبار غزيرة الآثار حتي خرجت عن كونها اخبار آحاد و رجوعه علي ما يحكي ليس لشذوذ اخبارها بل لماقوي في نظره بعده من خلافه و سمعت اخباره بان العلماء في عصره كانوا مجمعين علي هذا القول و ذكر بعضهم من باب التمثيل.

و قال ابن‌طاوس اعلم انه اختلف اصحابنا في شهر رمضان انه هل يمكن ان‌يكون تسعة و عشرين يوماً علي اليقين او انه ثلثون لاينقص ابد الآبدين فانهم كانوا قبل الآن مختلفين و اما الآن فلم‌اجد ممن شاهدته او سمعت به في زماننا الي آخر كلامه و هو شهادة نفي بالنسبة الي زمانه و عدم وجدانه لايدل علي عدم الوجود و نقل القول بذلك عن ابن‌قولويه و انه صنف في ذلك كتاباً و نقل القول بذلك عن الكراجكي في احد قوليه و انه صنف في ذلك كتاباً و نقل في الدروس القول بذلك عن الحسن بن ابي‌عقيل و في شرح الدروس عن السيد نقل القول بذلك عن شذاذ اصحابنا و هو الظاهر من صاحب المجمع كماذكره في ترجمة‌ لفظ «نقص» و ان اعتبرنا رواية اصحاب الاصول و انها هي بعينها كتب عملهم و عليه فتويهم فهم ايضاً كثيرون و الحق انها كتب عملهم كما هو المعروف و الاقوال التي يرويها الشيخ و الاجماعات التي ينقلها كلها من تلك الاصول و قد اوردنا روايات كثيرة في رسالتنا العددية تبلغ ثمان و عشرين خبراً تقريباً مصرحة بان شهر رمضان لاينقص ابداً مؤكدة بالايمان المغلظة رادة علي العامة العمياء.

فتبين و ظهر ان هذا القول كان معروفاً مشتهراً بين المتقدمين و ليس قولاً نادراً و من تلك الاخبار ما رواه العاملي باسناده عن الصدوق باسناده عن ابي‌بصير انه سأل اباعبدالله7 عن قول الله عزوجل و لتكملوا العدة قال ثلثين يوماً و باسناده عن ياسر الخادم قال قلت للرضا7 هل يكون شهر رمضان تسعة و عشرين يوماً فقال ان شهر رمضان لاينقص من ثلثين يوماً ابداً و بسنده

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 439 *»

عن الكليني بسنده عن محمد بن اسمعيل عن بعض اصحابه عن ابي‌عبدالله7 قال ان الله تبارك و تعالي خلق الدنيا في ستة ايام ثم اختزلها عن ايام السنة و السنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسون يوماً شعبان لايتم ابداً و شهر رمضان لاينقص والله ابداً و لاتكون فريضة ناقصة ان الله عزوجل يقول و لتكملوا العدة و شوال تسعة و عشرون يوماً و ذوالقعدة ثلثون يوماً يقول الله عزوجل و واعدنا موسي ثلثين ليلة و اتممناها بعشر فتم ميقات ربه اربعين ليلة و ذوالحجة تسعة و عشرون و المحرم ثلثون يوماً ثم الشهور بعد ذلك شهر تام و شهر ناقص و في تفسير البرهان نقلاً عن العياشي عن ابن ابي‌عمير عن رجل عن ابي‌عبدالله7 قال قلت له جعلت فداك ما يتحدث به عندنا ان النبي9 صام تسعة و عشرين يوماً اكثر مما صام ثلثين أحق هذا؟ قال ماخلق الله من هذا حرفاً ما صامه النبي الا ثلثين لان الله يقول و لتكملوا العدة فكان رسول‌الله9 ينقصه الي غير ذلك من الاخبار التي اوردناها في الرسالة الكبيرة و قد رويت في مقابلها روايات كثيرة ان شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان فلاشك في صحة الاخبار من الطرفين و تظافرها و كثرتها و نستدل للمشهور بان اخبار الرؤية كثيرة متظافرة تبلغ حد التواتر و قد عمل بها الاصحاب قديماً و حديثاً بل عمل بها جميع اهل الاسلام و لاشك انا اذا نظرنا الي كثرة تلك الاخبار و عمل العلماء الاخيار في الاعصار حصل لنا الظن المتاخم بالعلم ان بناء الشرع عليه و اعراض جل علمائنا عن اخبار العدد مع كثرتها دليل كاشف عن ضعفها مع ان اكثرها ضعيفة السند و الضعاف لاتعارض الاخبار القوية المتواترة و الشهرة القوية الشايعة و تلك الاخبار ان صحت تحمل علي ايقاع الخلاف و التقية بالمعني الاعم هذا احسن ما يمكن ان‌يستدل للمشهور ولكن نقول انه لاشك ان الاخبار من الطرفين كثيرة و ضعف الاخبار غير قادح عند القدماء الذين لم‌يعملوا بهذا الاصطلاح المحدث عند المتأخرين و هذه الاخبار كلها صحيحة الصدور عنهم فاذا صح صدور الكل لارجحان للمتواتر علي غير المتواتر فان

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 440 *»

حاصل التواتر العلم بصحة الصدور لاصحة العمل و العلم حاصل في الكل و انه ليس لاحد رفع التنافي عن اخبار المعصومين: الا من حيث اوقفوا عليه فانهم اعلم بمرادهم و تصاريف كلامهم و معانيها و لايجوز صرف كلامهم الي غير ما اوقفوا عليه بالآراء الفاسدة و الاهواء الكاسدة كماحققناه في محله و قد امرونا بعرض الاخبار المتضادة علي الكتاب فاذا تدبرنا في الكتاب لم‌نجد فيه آية مستجمع علي تأويلها الا قوله و لتكملوا العدة و هي مفسرة بتفسيرهم الي ثلثين يوماً و ذلك ليس معرضاً للمتعارضات حقيقة لانه ايضاً راجع الي الخبر الا انه مؤيد لاخبار العدد في الجملة و ليس تعارض بين هذه الآية و آية الاهلة فان مفاد آية الاهلة ان وضعها لاجل معرفة المواقيت و مفاد هذه الآية علي ما فسرت ان شهر رمضان لاينقص من ثلثين يوماً غاية الامر انه اخبار عن الواقع و ما يشاهد من نقص شهر رمضان بحسب الرؤية في بعض الاحيان فانما هو لاستتار الهلال يوماً من اوله بسبب الاغبرة او الادخنة او الغيم او ضعف الهلال او غير ذلك والله سبحانه عالم بانه متي يهل فاخبر ان شهر رمضان ثلثون يوماً فلاتنافي بين الآيتين.

و ان قلت ان وضع الهلال لمعرفة المواقيت و معرف المواقيت ماعرف فالهلال الذي لايري ليس معروفاً فليس موضوعاً لاجل الميقات فاذا رأي عرف و عين الميقات فالاهلة التي ذكرها الله سبحانه هي الاهلة المرئية الظاهرة لا الواقعية فتصادم الآية ذلك التفسير في قوله و لتكملوا العدة، قلت لاشك ان وضع الهلال كماقلت الا انه اذا غم بغيم او غبار ألست تكمل الشهر الاول ثلثين ثم تصوم و لاتنتظر رؤيته الظاهرية و لست تقول ان الهلال الظاهر ميقات و لم‌اره و تقول ان مضي ثلثين كاشف عن ان الهلال في الواحد و الثلثين كذلك نحن اذا اهل شهر رمضان علي الثلثين علمنا انه استتر الهلال يوماً من اوله و قد يستر الله الهلال عقوبة علي الخلق كما ان وضع الشمس و القمر للاستنارة و قد ينكسفان و وضع الهواء للتروح و قد يتعفن و يتوخم و وضع المياه للشرب و قد تصير وبية و وضع الارض للاستقرار و قد تتزلزل و وضع الحبوب للاكل و قد يفسد و هكذا كذلك الهلال قد يستتر عقوبة علي المخالفين كماروي عن الكليني بسنده عن محمد

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 441 *»

بن اسمعيل الرازي عن ابي‌جعفر الثاني7 قال قلت له جعلت فداك ما تقول في الصوم فانه روي انهم لايوفقون لصوم فقال اما انه قد اجيبت دعوة‌الملك فيهم قلت فكيف ذلك جعلت فداك قال ان الناس لما قتلوا الحسين7 امر الله تعالي ملكاً ينادي ايتها الامة الظالمة القاتلة عترة نبيها لاوفقكم الله لصوم و لافطر و روي نحو ذلك عن الصدوق فاراد الائمة: ان يوقفوا شيعتهم علي الصواب و يعرفوهم حقيقة‌ الهلال حتي لايشتركوا في عقوبة الظالمين و لو كانت بالرؤية الظاهرة لماكان يفوتهم الهلال فان لهم اعين كما للشيعة اعين و لهم دواعي التجسس كما للشيعة مع مخالطتهم و مصاقعتهم في البلدان بالجملة لاتعارض بين الآيتين و الآية المفسرة مؤيدة في الجملة كماذكرنا لاسيما مع ما ذكرنا من المقربات المؤيدات.

و مما امرونا به عرض الاخبار المتضادة علي العامة العمياء و انت تعلم ان العامة قديماً و حديثاً علي ان شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان فالرجحان لاخبار العدد بلاشك و ممن صرح بموافقتها للعامة الصدوق و الشيخ يوسف في الحدايق و القاشاني و نفس تلك الاخبار منادية بان الرؤية مذهب العامة و لايحتاج الي شاهد آخر.

و مما امرونا بالعرض عليه ما العامة اليه اميل و هو هاهنا واضح من عملهم و من نفس الاخبار.

و مما امرونا به العرض علي اخبار العامة و قد عرف من نفس الاخبار ان رواياتهم منطبقة علي جواز النقصان.

و مما امرونا بالعرض عليه الاحوط و لاشك ان القول بالثلثين احوط لعدم فوت يوم.

و مما امرونا بالعرض عليه السنة الجامعة الغير المتفرقة و ليس هنا سنة جامعة.

و مما امرونا بالاخذ به المشهور و ترك النادر و قد عرفت ان الروايات و الاقوال من الطرفين مشهورة متظافرة و ليس الاخذ بالاشهر مما امرنا به و انما خرجه العاملون بالظنون و ليس ذلك من اصولنا.

و مما امرونا به ترك ما يشبه اقوال العامة و القول بالرؤية و جواز النقص اشبه بمذهبهم كماعرفت و في ساير المرجحات كلا النوعين مشتركة فقد عرفت من ذلك كله ان الرجحان لاخبار العدد فهو المتبع المؤيد و اما سخافة ما ذكره المخالف في المقام فقد ذكرناه في رسالتنا الكبيرة و ليس هيهنا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 442 *»

مقامه و عدم وجدان قائل من اهل زماننا به او ممن يتقدمنا بقليل فليس يضر باختيارنا فان عدم الوجدان لايدل علي عدم الوجود كما انا التقطنا قول هؤلاء العلماء الاعلام من كتب عديدة و لم‌ار من يجمع اقوالهم في كتاب و انما يذكرون علي الاجمال او واحداً منهم فلعل في عصرنا او من يتقدمنا جماعة قائلون بهذه المسألة و نحن لم‌نحط بهم خبراً و كم من فقيه اذا رجح في نظره قول اختاره و لم‌يوجد القائل به الا واحد او اثنان او لم‌يجد له قائلاً كمسألة الوارد و المورد الذي ابتدأ به المرتضي و كمسألة عدم جواز كتابة القرآن بغير وضوء الذي قال به القاشاني و غير ذلك فان للفقيه ان‌يفتي بما يقوي في نظره و عدم وجدان فقيه غير قادح، نعم اذا قام اجماع ثابت عام بخلاف ذلك لايجوز القول به و أين ذلك في المسائل الخلافية فافهم و اخلع ربقة التقليد من عنقك و انظر بعين الله و عونه و اعمل بما فهمت.

فصـل

في معرفة ساير الاشهر

اعلم ان المشهور ان في الشهور كلها يحتمل التمام و النقصان و عن المعتبر ان قوماً من الحشوية يزعمون ان شهور السنة قسمان ثلثون يوماً و تسعة و عشرون يوماً فرمضان لاينقص ابداً و شعبان لايتم ابداً و نقل في الدروس عن ابن ابي‌عقيل ان شعبان لايتم ابدا و شهر رمضان لاينقص و ذكر الشيخ جواد في شرحه عن المختلف عن ابن ابي‌عقيل انه يذهب الي عد تسعة و خمسين يوماً من هلال رجب ثم الصيام يوم الستين و يظهر من ابن‌طاوس في الاقبال انه مائل الي هذا القول اي شهر تام و شهر ناقص او اختار هذا القول لانه بعد ما ذكر قاعدة تعيين اول شهر رمضان و الوقفة ناقلاً من كتاب قال في آخره فصنه الا عمن يستحق التعريف بمعناه و هذا قول من يختار قولاً و يتقي من التصريح به و قد نقل الشيخ يوسف عن الصدوق القول بان شعبان لايتم ابداً و شهر رمضان لاينقص ابداً و يظهر ذلك من كتابه الفقيه ايضاً فانه بعد ما روي الخبر الدال بان شهراً تام و شهراً ناقص قال قال مصنف هذا الكتاب من خالف هذه الاخبار و ذهب الي الاخبار الموافقة للعامة في ضدها اتقي كمايتقي العامة و لايكلم الا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 443 *»

بالتقية كائناً من كان الا ان‌يكون مسترشداً فيرشد و يبين له فان البدعة انما تماث و تبطل بترك ذكرها و لاقوة الا بالله ذلك و قد ذكر ان جميع ما فيه يفتي بصحته و هي حجة بينه و بين ربه و لم‌يقصد فيه قصد المصنفين من ايراد ما ردوا و لم‌ينبه علي عدم اعتبار بعض الخبر و اعتبار بعض آخر منه و لو كان لايعمل به لنبه عليه كما هو عادته و كذا يظهر من الكليني تجويزه العمل بذلك فانه روي خبر ان شهراً تام و شهراً ناقص و قد ذكر في اول كتابه انه كتاب عمله و كتبه للعمل و انه يجوز الاخذ بجميع ما رواه و ان روي المتعارضين فانه عمل في ترجيح الاخبار بخبر بايهما اخذت من باب التسليم وسعك و جوز العمل بجميع ما صح عن الصادقين: و ان جميع ما في كتابه صحيح و قد روي روايات عديدة في ان شهراً تام و شهراً ناقص و لم‌ينبه علي عدم اعتبارها و الاخبار في هذا المعني كثيرة منها قد مر من رواية الكليني بسنده عن محمد بن اسمعيل عن بعض اصحابه عن ابي‌عبدالله و منها ما رواه العاملي عن الطوسي باسناده عن محمد بن يعقوب بن شعيب عن ابيه قال قلت لابي‌عبدالله7 ان الناس يقولون ان رسول‌الله9 صام تسعة و عشرين يوماً اكثر مما صام ثلثين فقال كذبوا ماصام رسول‌الله9 الا تاماً و ذلك قول الله تعالي و لتكملوا العدة فشهر رمضان ثلثون يوماً و شوال تسعة و عشرون يوماً و ذوالقعدة ثلثون يوماً لاينقص ابداً لان الله تعالي يقول و واعدنا موسي ثلثين ليلة و ذوالحجة تسعة و عشرون يوماً و الشهور علي مثل ذلك شهر تام و شهر ناقص و شعبان لايتم ابداً و بالاسناد مثله الا انه قال ماصام رسول‌الله9 الا تاماً و لاتكون الفرايض ناقصة ان الله تعالي خلق السنة ثلث‌مأة و ستين يوماً و خلق السموات و الارض في ستة ايام فحجزها من ثلث‌مأة و ستين يوماً فالسنة ثلث‌مأة و اربعة و خمسون يوماً و شهر رمضان ثلثون يوماً و ساق الحديث و عن الصدوق باسناده عن محمد بن اسمعيل بن بزيع مثله. و عن معاني الاخبار باسناده عن محمد بن الحسين مثله و من هذا الباب ما رواه الصدوق عن الصادق

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 444 *»

اذا صح هلال رجب فعد تسعة و خمسين يوماً و صم يوم الستين و عن محمد بن الحسين بن ابي‌خالد يرفعه الي ابي‌عبدالله مثله و من كتاب فضائل شهر رمضان مثله. و عن الكليني باسناده الي ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله7 نحوه و من كتاب الصيام لعلي بن الحسن بن فضال باسناده الي ابي‌بصير نحوه فان تلك الاخبار جرت في عامة الشهور و هذه الاخبار جرت في بعضها و من هذا الباب الاخبار الآمرة بصوم اليوم الخامس من يوم صام فيه في العام الماضي فانها جرت مجملة و الفرق بينها و بين تلك الاخبار بالاجمال و التفصيل حقيقة و من هذا الباب ما روي في الاخذ بسادس المحرم و من هذا الباب ما نقله ابن طاوس في تعيين اول شهر رمضان و الوقفة و من هذا الباب اخبار شهر رمضان لاينقص فانه تنبيه علي فرد خاص الي غير ذلك من الاخبار التي رويناها في رسالتنا الكبيرة و قد رويت روايات اخر في ان شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان فنبه فيها علي ان الشهور يصيبها تمام و يصيبها نقصان و العاملون بها كثيرون بل هو المشهور المعروف و يستدل لهم انه قد وردت روايات كثيرة ان الشهور تتم و تنقص و قد عمل بها الاصحاب قديماً و حديثاً حتي انه ادعي الشيخ يوسف ان عليها اجماع العلماء خلفاً و سلفاً و لم‌ينقل صريحاً من عمل باخبار شهر تام و شهر ناقص الا الحشوية فهذه الاخبار متروكة و المنقول من ظاهر الغنية و غيرها الاجماع علي عدم الاعتبار بالعدد مع انها اخبار ضعيفة لاتعارض الصحاح المتواترة و هذا غاية ما يمكن ان‌يستدل لهم و لنا ان‌نقول ان العاملين بجواز النقصان و التمام في كل شهر و ان كانوا كثيرين و اخبار العدد بحسب الاصطلاح الجديد و ان كانت ضعيفة الا ان ضعف هذه الاخبار بهذا الاصطلاح لايتمشي عند القدماء العالمين بصحة الاخبار و ادعاء اجماع الشيخ يوسف مع عدم اعتداده بالاجماع غير نافع له و غير ضار بغيره و نقل الاجماع عن ظاهر الغنية غير متيقن ادعاؤه و علي فرض تيقنه غير معلوم كونه من المحصل العام فغاية الامر هو اجماع منقول فان صح هو حجة لمحصله لا لغيره و قد عمل باخبار العدد جمع من اصحابنا من القدماء كماقدمنا و كتب عمل القدماء

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 445 *»

اصولهم و قد صرح الصدوق و الكليني في اول كتابيهما بان بناء عملهما علي كتابيهما و قد رويا من غير تعرض للقدح لاسيما الصدوق حيث قال بعد روايته للخبر ما قال و قد تقدم فكيف لايعمل به و قد قال الكليني في صدر كتابه ما قال و قد قال الصدوق ان اخبار كتابه من كتب مشهورة عليها المعول و اليها المرجع. فالعاملون باخبار العدد و ان كانوا قليلين لكنها مخالفة للعامة و كلها متعاضدة بعضها لبعض و هي بين الاجمال و التفصيل كمااشرنا اليه و جميعها عند التأمل من باب واحد، نعم لابد و ان‌يخصص بعض عموماتها بغير سنة الكبيسة فان في سنة الكبيسة يتم شهر ناقص فلاتبقي الاخبار علي عمومها كماخصصها العسكري7 في حديث محمد بن الفرج بغير سنة الكبيسة و اما ما روي محمد بن الفرج ايضاً لايمكن العمل به لما رأينا المخالفة منه اذا اخذ بظاهره.

و اما الشهر الكبيس فلم‌نجد في الاخبار نصاً يدل عليه و ان المعروف عند المنجمين انه ذوالحجة ولكن الاخبار الدالة علي الصيام يوم الستين من اول رجب علي الاطلاق يقتضي عدم كونه في رجب و شعبان و الخبر الدال علي ان الصيام يوم السادس من المحرم يدل باطلاقه علي عدم كونه بين المحرم و شهر رمضان فانه لو كان بينهما كبيس لكان الصوم في السابع في بعض السنين و القاعدة التي اعتمد عليها ابن طاوس من تعيين الصوم و الوقفة يقتضي ان لايكون من المحرم الي ذي‌الحجة و ما روي من ان يوم صومكم يوم نحركم و ما روي من ان يوم الاضحي في اليوم الذي يصام فيه علي اطلاقه فاطلاق هذه الاخبار يقتضي كون الكبيس في ذي‌الحجة فيخصص عموم ما ورد ان شهراً تام و شهراً ناقص بغير ذي‌الحجة في سنة‌ الكبيسة عملاً باطلاق هذه الاخبار و اما سنة الكبيسة فعلي مقتضي حديث محمد بن الفرج انها الخامسة و هو بديهي التخلف في مر الدهور فهي مخصصة بايام خاصة و سنين معينة و صدرت كذا من باب ايقاع الخلاف و قد ذكر ابن الجنيد ان الحساب الذي يصام به يوم الخامس من اليوم الذي كان الصيام وقع منه في السنة الماضية اذا لم‌تكن السنة كبيسة فانه يكون فيها اليوم السادس و الكبيس في كل ثلثين سنة احدعشر يوماً مرة

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 446 *»

في السنة الثالثة و مرة في السنة الثانية انتهي كلامه. و كذا اختار بعضهم الكبيسة كمااختاره شارح الدروس ولكن لم‌نجد مستنداً له الا حساب المنجمين و ليس في الاخبار لفظ مطلق ينصرف اليه فالحكم علي مقتضي كبيسة المنجمين لايجوز لعدم المستند فيبقي الكبيسة في حيز الاشكال الي ان‌يأتينا البيان و الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ولكن العمل بثاني شعبان و رابع رجب و سادس المحرم و غير ذلك مما لايحتاج الي سنة الكبيسة غير ضاير بالمقام فيبني بناء علي العمل بالعدد علي رؤية المحرم فان تم ثلثين و رؤي الصفر في الواحد و الثلثين يمضي و الا يحسب اول محرم من آخر يوم من الشهر الماضي فانه كاشف عن انه غم فيه يوم من المحرم و هكذا يفعل بالاشهر فمهما وقع التام تاماً يمضي و الا يأخذ له يوماً من الماضي فاذا صح له اول شهر يحسب منه الي شهر رمضان و الاضحي و هذا الذي ذكرناه مقتضي الاخبار و هي متعاضدة الدلالة علي ان شهراً تام و شهراً ناقص بحيث لاشك فيه و لاارتياب و لنا ان‌نقول في مقام الترجيح هذه الاخبار مخالفة للعامة بلاشك و ابعد شبهاً بآرائهم و اكثر مخالفة لاخبارهم و ان كان اقل ناصراً بين الاصحاب و ليس اخبار خلافه اكثر عدداً في الحقيقة الا ان العاملين بها اكثر فتلك الاخبار مخالفة للشهرة مخالفة للعامة و اخبار الرؤية موافقة للعامة موافقة للشهرة و ليس موافقة الشهرة اقوي من مخالفة العامة و رب مشهور لااصل له و الاكثر اولي بالتقية و قليل من عبادي الشكور و روي انه لم‌يبق في ايديهم اي العامة الا استقبال القبلة فالرجحان بهذا الاعتبار لاخبار العدد ايضاً هذا مع انه لامستند للمخالف الا ما روي ان شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان و عرفت انها صدرت تقية و مع‌ذلك يحتمل التأويل و انه يصيب الشهور من النقصان الظاهري بحسب الرؤية لا الواقع و اخبار العدد كاشفة عن الواقع و مثل هذا التأويل غير بعيد في مقام التقية غاية الامر انه قد تعارضت مخالفة العامة مع مخالفة الشهرة و لم‌نعلم من جهة الاخبار رجحان احدهما علي الآخر نعمل بما روي في الحديثين الذين لاتعلم ايهما الحق اذا لم‌تعلم فموسع عليك بايهما اخذت هذا مع انه قال الصادق7

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 447 *»

اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم و قال ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية و ما سمعت مني لايشبه قول الناس فلاتقية فيه و قال انهم متي افتوا بشيء فالحق في خلافه و قال و الله لم‌يبق في ايديهم الا استقبال القبلة و كل احد يعلم ان انحصار الامر بالرؤية قولهم و حديثهم و عملهم فالعمل باخبار العدد اولي من هذه الجهة و لنا ان‌نقول لاشك ان اخبار الرؤية في ساير الاشهر موافقة للشهرة و اخبار العدد مخالفة لها موافقة للنادر و قد امرنا ان‌نأخذ بالمشهور و نترك النادر و لاكل موافق للعامة علي خلاف الحق و القول باخبار العدد نادر لاسيما في المتأخرين بل لايعرف به قائل فيهم فالاخذ باخبار الرؤية اولي غاية الامر يعارض مخالفة العامة مع موافقة الشهرة و اخبار السعة و العمل بايهما اخذت يوسع العمل بالمشهور فالقول الفصل في مقام الانصاف ان المسألة من المتشابهات و الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات فنتوقف في الفتوي و نقول في العمل بالسعة فبأي الخبرين عمل العامل غير مخطئ ان‌شاء‌الله اذا كان من باب التسليم بل لقائل ان‌يقول اذا صار الامر من المتشابهات فدخول الشهر بالرؤية اجماعي لاشك فيه و لاريب يعتريه و اما قبل الرؤية فمشكوك فيه حينئذ و قد قال النبي9 دع ما يريبك الي ما لايريبك فالاحتياط في الدين يقتضي الاخذ بالمجمع عليه الي ان‌يقوم حجة قاطعة علي خلافه فبهذا الاعتبار و ضم الاحتياط القول بالرؤية في الاشهر اولي ففي جميع الاشهر تعمل بالرؤية حتي في شهر رمضان ولكن اذا رأي ناقصاً قضي يوماً و الاحتياط في الدين يقتضي ان لايترك يوم الشك يعني الثلثين من شعبان بل و التاسع و العشرين فيصوم اليومين احتياطاً فانه روي اخوك دينك فاحتط لدينك ما استطعت و ان صامهما فليصمهما من شعبان فانه ان كان من شهر رمضان فقد وفق له و الا فهما تطوعان له و هو مأجور بهما و لاقوة الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 448 *»

فصـل

ربما يستفاد من بعض الاخبار قول ثالث و هو انه يعمل بالعدد عند المانع من الرؤية و بالرؤية عند عدم المانع و هو ما نقله شارح الدروس من المختلف عن ابن ابي‌عقيل انه قال قد جاءت الآثار عنهم: ان صوموا رمضان للرؤية و افطروا للرؤية فان غم عليكم فاكملوا العدة من رجب تسعة و خمسين يوماً ثم الصيام من الغد و فيه عن هرون بن خارجة قال قال ابوعبدالله7 عد شعبان تسعة و عشرين يوماً فان كانت متغيمة فاصبح صائماً و ان كانت مصحية و تبصرته و لم‌تر شيئاً فاصبح مفطراً و يؤيد ذلك ما رواه عن عمران قال قلت لابي‌عبدالله7 انا نمكث في الشتاء اليوم و اليومين لانري شمساً و لانجماً فاي يوم نصوم قال انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية و عد خمسة ايام و صم اليوم الخامس و العاملي عن الكليني بسنده عن عمران الزعفراني نحوه و ربما يظهر من صاحب المقنع العمل به و عن الشيخ انه عمل باخبار عد الخمسة بين الحادث و الماضي فيما اذا غمت الشهور كلها و ذلك ايضاً عن العلامة في المختلف و ذهب اليه في التذكرة و ذهب اليه الشهيد الاول في الدروس و في العوالم نقلاً عن الشهيد الثاني ما هذا لفظه و ذهب جماعة اذا غمت الشهور كلها الي الرجوع الي عد خمسة من هلال الماضية و صوم الخامس و لابأس به و هذا في غير السنة الكبيسة و فيها تعد ستة كذلك و عنه نفي البأس عن هذا القول.

اقول اما الاخبار فتأبي من هذا التخصيص فانه ليس فيها ذكر غمة الشهور كلها بل يوم او يومين او ثلثة فهم لايقولون بالخبر و الخبر لاينطبق علي قولهم فبقي الاخبار بلاقائل بها و الاقوال بلاشاهد لها فهي مردودة الي قائلها هذا مع ان خبري عمران لايدلان علي نفي العمل بالعدد في غير حال المانع من الرؤية و معلوم انه اذا حصل لنا طريق العلم بالهلال نعمل به في حال وجود المانع و عدمه و رواية الاسكافي غير صحيح و كذا رواية هرون بن خارجة غير معلوم الصحة و علي فرض الصحة نادرة لاتعارض الاخبار المشهورة‌ المتكثرة فلايمكن العمل بهذا القول.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 21 صفحه 449 *»

و قد تمت الرسالة علي يد مؤلفها في ليلة الثالثة‌عشر من شهر ذيحجة من شهور سنة احد و ستين بعد الالف و المأتين الهجرية حامداً مصلياً مستغفراً تمت.