شرح النتایج المجلد الثانی – الجزء الثانی
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
قال: اصل قالوا كل ما حكم به الشرع حكم به العقل و المراد انه كل ما يمكن انيجعل الشارع له حكماً و ان لميجعله او جعله و لميبينه حكم به العقل بعد الجعل و الاطلاع حكماً اجمالياً فيحكم بمطابقته للصفة الكامنة المقتضية لجعل هذا الحكم و المخالف الاشعري فينفي تبعيتها للصفات مطلقا لنا علي ابطال السلب الكلي انه لولا تبعيتها للصفات لزم عدم ادراك العقل و عدم حجيته و قدثبت حجيته مما مر و علي اثبات الايجاب الكلي ان احكامه تعالي ان لمتكن معللة بالاغراض لزم العبث او كانت معللة باغراض راجعة اليه تعالي لزم الاحتياج او الي العباد بمجرد الاطاعة و العصيان للثواب و العقاب من غير خصوصية غرض في المأمور به و المنهيعنه لزم اللغو و العبث في الخصوصيات لكونه ترجيحاً بلا داع و ان لميلزم لغو في سنخ جعل الاحكام او لخصوصية غرض راجع اليهم موجود في نفس المأمور به و المنهيعنه مع قطع النظر عن الامر و النهي ثبت المطلوب و انه لاريب في ان كل فعل في الواقع اما المصلحة في اتيانه او في تركه او لا مصلحة في فعله و لا في تركه ففي الاول لابد من الامر به و لو ندباً اذ طلب تركه ترجيح للمرجوح و اباحته تسوية بين الراجح و المرجوح و في الثاني عكسه لما مر و في الثالث لابد من اباحته حذراً من الترجيح بلا مرجح و لاريب في تنوع الاحكام
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۹ *»
الشرعية الي الانواع الخمسة فان كان اختلاف تلك لاختلاف صفات الافعال في مصلحة الاتيان او الترك او التسوية فالمطلوب ثابت و الا لزم احد المحاذير الثلثة المتقدمة مضافاً الي الاية الشريفة ينهي عن الفحشاء و المنكر و يتم الامر في غير المناهي بالاجماع المركب ان كان و الا فينتفي السلب الكلي و الي النصوص الدالة علي انه يجب عليه تعالي بيان مصالح العباد و مفاسدهم الظاهرة في وجود مصالح و مفاسد مع قطع النظر عن الامر و النهي لكن النصوص لاترد الاشعري بل دليل اسكاتي.
اقول: هذا بحث مفروغ عنه عند الحكماء لايحتاجون الي النظر فيه و انما ينظر فيه و يعتني به من لا علم له بحقايق الاشياء ثم هؤلاء يريدون انيهتدوا الي حقايق الاشياء بادلة المجادلة و الالفاظ و عند الحكماء من الامور المنكشفة ان الله سبحانه خلق الخلق علي طبايع و صفات مختلفة لحكم اضن ان ارسمها في هذا الشرح و ساير كتبنا بها مشحونة فصارت الاشياء تتقوي باشكالها و تتضعف باضدادها كما تري ان النار تتقوي بالنار و تنطفئ بالماء و الماء يتقوي بالماء و يجف بالنار و علي هذه فقس ما سواها و ما يضعف الشيء اذا كثر عليه و غلب يفنيه و فيه فساده و ما يقويه اذا كثر عليه و غلب يديمه و يبقيه و فيه صلاحه و ان الله سبحانه خلق الخلق و اراد اظهار ما قد كمن فيهم من القوي و ذلك لايمكن الا بانيبقوا و يعيشوا مدة حتي يظهر ما في قواهم و لايعيشون مدة الا انيعملوا بما يبقيهم و فيه صلاحهم و يجتنبوا ما يفنيهم و فيه فسادهم و هم لعدم احاطتهم لايعلمون بما فيه صلاحهم و فسادهم فارسل اليهم الرسل و انزل عليهم الكتب و علمهم الكتاب و الحكمة و عرفهم ما فيه صلاحهم و فسادهم و اكد عليهم بالوعد و الوعيد لأنيعملوا بما دلوا عليه حتي يعيشوا و يظهر من كمونهم ما جعل في قويهم و الله سبحانه غني عن الاستفادة بريء من الانتفاع لاتنفعه طاعة من اطاعه و لاتضره معصية من عصاه و لميفعل شيئاً عبثاً و ساير ما ذكروه كلها نفخ في غير ضرام و دخول من ظهور البيوت فيحق اناقول
يا باري القوس
برياً لست تحسنه |
لاتفسدنها و اعط القوس باريها |
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۰ *»
ولكن المصنف اراد ان يرمّ المقدار بالات التنعيل فقال قالوا كلما حكم به الشرع حكم به العقل و فسر بان المراد كل ما يمكن انيجعل الشارع له حكماً و ان لميجعل و ذلك زخرف القول و ليس شيء دخل عرصة الامكان الا و ان الله جعل له حداً و حكماً كما عرفت من الاخبار و من صحيح الاعتبار و مااعجب ان يقول المسلم ان العقل يمكن انيدرك حكم ما لميحكم الله عليه بشيء فان كان العقل يدرك ما لايقتضيه ذلك الشيء فقداخطأ و ان كان يقتضي فليس الله انيزوي الحكم عما يقتضي حكماً و لايعقل ان لايقضي الله للشيء ما يقتضيه و لا انيقتضي و لايقضي له.
قوله <او جعله و لميبينه> هذا خطاء عجيب حاصله ان الله سبحانه زوي عن محمد9 احكام بعض الموجودات مع انه محل مشية الله و عيبة علم الله فهو ليس بعالم بشرايع الله و قدقال الله سبحانه تبياناً لكل شيء و مافرطنا في الكتاب من شيء و لا رطب و لا يابس الا في كتاب مبين و محمد لايعرف جميع الكتاب الذي انزله و يحكم بما لميعرف هو عقل المصنف و ان ترقينا و قلنا ان عقل النبي ايضاً يعرف فالنبي يعلم ما لميعلمه الله و كان غنياً عن الله.
و ان قال المصنف انا اقول حكم به العقل بعد الجعل و الاطلاع و مرادي ان العقل لو اطلع حكم قلت ان ذلك لاينفعكم ابداً فانه لا دليل لكم علي الاطلاع في مسألة معينة من المسائل و محض حكمكم ليس دليل اطلاعكم و يقينكم محض خيال و ظن فان اليقينان الصائبان لايختلفان و انت متقلب في الاراء بنفسك و عقولكم مختلفة و كلكم مدعون اليقين و كون الباطل و الخطاء قطعي فيها و من اليقين ان المصيب واحد فانقلب اليقين ظناً و الاصل عدم الاطلاع و استصحاب الجهل السابق فيكم فليس لكم انتحكموا بدليل عقلي فلمينفعكم ان ماحكم به العقل حكم به الشرع و فاتتكم الفائدة و قال المصنف حكماً اجمالياً لان المكلفين الناقصين لايحيطون بجميع الاشياء و لايعرفون جميع المصالح و المفاسد.
و قوله <للصفة الكامنة> ماادري من اين تعلمها المصنف و يكررها و اية خصوصية للكامنة و يمكن انيكون الحكم لاجل الصفة الظاهرة أليس يحرم ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۱ *»
يلقي الانسان نفسه من جبل لانه يموت و يحرم ان يغرز الانسان اصبعه في عينه لانها تعميه فما خصوصية الكامنة.
قوله <و المخالف الاشعري> قلنا انه خطاء ابوموسي اشعري و لايخالف المصنف و الرسم انيقول الاشاعرة اي المنسوبين الي ابيالحسن الاشعري و ليس الجماعة باشعرين فان الاشعر ابوقبيلة باليمن سمي به لانه كان كثير الشعر منهم ابوموسي و لا كل من يعتقد اعتقاد ابيالحسن الاشعري يصير من اولاد اشعر و اشعرياً و انمانسب المعتقدون باعتقاده اليه فسموا باسم شيخهم.
قوله <انه لولا تبعيتها> الي اخر دليل عجيب فهب لزم ذلك و متي ثبت حجية ما حكم به العقل و قدبينا بطلانها سابقاً.
قوله <او الي العباد> الي اخر يعني ان كان الفائدة تعود الي الخلق لكن لا لحكم في انفس الخلق بل لمحض الامر و النهي ليثيب من اطاعه و يعاقب من عصاه فنقول ننقل الكلام الي نفس الامر لم تعلق بهذا و نفس النهي لم نهي عن هذا فاذ لا خصوصية لزم الترجيح بلا مرجح فلم لميأمر بالزني و ينهي عن الصلوة ليختبر.
قوله <مضافاً الي الاية> الي اخر هذا تطول من المصنف فان اعتقاده ان الايات و الاخبار ظنية و قد ذكرهما استطراداً فقوله ينهي عن الفحشاء و المنكر يدل علي ان نفس العمل في الواقع قبيح و منكر و يتعلق النهي به و اذا ثبت في النهي ثبت في المأمور به بالاجماع المركب و لا حاجة الي الاجماع الذي ليس يثبت ابداً و ثبوته ظني بل اقرأ قوله تعالي ان الله يأمر بالعدل و الاحسان فالواقع كان عدلاً و كان احساناً و تعلق الامر به.
قوله <ان كان> يعني ان كان اجماع مركب ثبت ايجاب كلي و الا فينتفي السلب الكلي و يبطل قول الاشاعرة.
قوله <و الي النصوص> الي اخر لااعرف نصاً فيه انه يجب علي الله شيء و لايجب عليه شيء ابداً و قدقال رسول الله9 لام سعد يا امسعد لاتحتمي علي الله نعم يتطول و ينعم عليهم من فضله و جوده و يهديهم الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۲ *»
مصالحهم و مفاسدهم.
قوله <الظاهرة> صفة النصوص يعني تلك النصوص ظاهرة ان في الخارج مصالح و مفاسد مع قطع النظر عن الامر و النهي لانهما مبينان لهما و النصوص لاترد الاشعري لانها لاتكشف عن الواقع او هي ظنية و هنا قال بل دليل اسكاتي و في الضوابط قال نعم هي ادلة سكوتية لا اسكاتية و العهدة عليه و ساير العبارات ظاهرة في المراد منها.
قال: و لو قيل ان من الاوامر ما يكون المقصود منه نفس التوطين و لا مصلحة في المأمور به و لعل اوامر الشرع كلها من هذا الباب قلنا اولاً ننقل الكلام الي نفس التوطين فنقول لابد فيه من مصلحة حذراً من احد المحاذير الثلثة و ثانياً انه لو كان المقصود في الكل التوطين فلازمه دائماً الاعلام بعدم اتيان المأمور به بعد اتيان المكلف بالمقدمات و الواقع خلافه و لو قيل لعل المصلحة في جعل سنخ الاحكام مجرد الاطاعة الثواب و العقاب و في تنويع الاحكام لزوم التكليف بما لايطاق لو امر بالكل او نهي عن الكل و في تخصيص بعض بالامر و بعض بالنهي كون بروز الاطاعة في الاوامر في الامر بما لايرغب المكلف باتيانه كالصلوة و الزكوة و بروز الاطاعة في النواهي في النهي عما يرغب اليه المكلف كالزني و اكل الحرام فكان المقصود في جميع المراتب الاطاعة و الانقياد لا غير و لا صفة في الافعال مع قطع النظر عن هذه الجهة كما تدعيه و يؤيده الاية الشريفة ماامروا الا ليعبدوا الله و ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون لاجبنا اولاً بالنقض بالواجبات التوصلية الغيرالمشروطة بنية التقرب و ثانياً بلزوم الترجيح بلامرجح ايضاً في الخصوصيات كايجاب الجهر في الصبح و الاخفات في الظهرين و هكذا و لو قيل ان كان الغرض من امر الله سبحانه عباده بالصلوة مثلاً ادراك مصلحة لهم فيه كامر الطبيب المريض بدواء يرفع مرضه لكان عقابه الابدي علي ترك العبد مصلحة نفسه بتركه الصلوة منافياً لرأفته و لللطف و يكون كما لو امر الوالد ولده بتعلم صنعة رأفة منه له فخالفه و قتله الوالد عقوبة لترك هذه المصلحة فلا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۳ *»
بد انيكون الغرض مجرد الاطاعة و الانقياد لدفعناه اولاً بالنقض اذ لو كان غرضه محض التعبد جاء المحذور ايضاً و ثانياً بان غرضه ان كان نفي التكليف رأساً فهو كماتري او نفي استحقاق العقاب فهو ليس من الجعليات بل لوازم المخالفة كزوجية الاربعة او نفي فعلية العقاب فالعقاب بيده ان شاء فعل و ان شاء ترك.
اقول: هذا كما ذكرنا تطويل بلا طايل لاسيما بهذه الاوجه و الدخول في المسألة من غير بابها.
قوله <و لو قيل> الي اخر لو قيل ذلك لكان قولاً سخيفاً بلا دليل و لا حاجة الي جواب قول لا دليل عليه ولكن اجاب المصنف عنه و قال انا ننقل الكلام الي نفس التوطين و نقول لابد في نفس التوطين بهذا من مصلحة و الا يلزم احد المحاذير الثلثة المذكورة و هي وجود المصلحة في الفعل او الترك او لا مصلحة فيهما.
و قوله <ثانياً> الي اخر يعني لو كان جميع الاحكام توطينياً لزم الاعلام بعد كل امر بعدم الاتيان بالمأمور به و هو خلاف المشهود و هو كما تري.
و قوله <لاجبنا> الي اخر و لميك حاجة الي ذكر هذه المزخرفات و الجواب عنها فقال معذلك لو كان المراد من جميع الشرع محض التعبد فما تقول في الواجبات التوصلية كطهارة البدن و الثوب حيث انها ليست مشروطة بنية التقرب و ثانياً يلزم الترجيح بلامرجح في خصوصية كون امر واجباً و امر حراماً.
قوله <لدفعناه> الي اخر كذلك في هذه الابحاث المزخرفة و اجوبتها ليس فائدة الا صرف العمر و اتلاف المال فقال المصنف لو كان المراد التعبد جري ما قلتم من منافاة العذاب الابدي.
و قوله <ثانياً> فهذا القول دفع باطل بباطل و من باب من رمي بمدر رُمي بحجر فقال ان كان غرضكم نفي التكليف رأساً فهو خلاف الاسلام بل العقول و ان كان مرادكم نفي استحقاق العقاب فالعقاب ليس متعلق جعل الله و مشيته و انما هو لازم المخالفة كما ان الله جعل الاربعة و لزمها الزوجية من غير ارادة من الله و علي قول المصنف المقلد لجهلة المتكلمين من غير روية ليس الزوجية بشيء لما روي انما سمي الشيء شيئاً لانه مشاء و روي خلق الله الاشياء بالمشية و روي ما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۴ *»
من شيء في الارض و لا في السماء الا بسبعة بمشية و ارادة و قدر و قضاء و اذن و اجل و كتاب فمن كان يزعم انه يقدر علي نقض واحدة فقداشرك و قال الله سبحانه قل الله خالق كل شيء و لااظن المصنف لو فهم رضي بهذا القياس فان الاربعة مجعولة لله و الزوجية لازمها و هل يقول هناك المخالفة مجعولة من الله و العقاب لازمها ام لا بالجملة لقد حن قدح ليس منها و لا عليه انه اخذه من كتب المتكلمين و انما هو رواية لا دراية.
قوله <او نفي فعلية العقاب> الي اخر يعني ان كان غرض القائل ان لايعاقب الله عبده بالفعل فالعقاب بيد الله ان شاء فعل و ان شاء ترك و هذا الجواب ينافي الجواب الاول فان علي قوله الاول الزوجية ليست بيد الله و لا بمخلوق الله و لا تعلق به مشية الله و هنا يقول بالفطرة الاولية العقاب بيد الله نعم هو بيد الله و الجواب الاول خطاء و باقي عباراته ظاهر.
قال: اصل في ان حسن الاشياء و قبحها هل هما ذاتيان ام لا فالصدق حسن و الكذب قبيح بذاتهما ام بالاوصاف اللازمة المقومة للماهية المعبر عنها بالداخلة و الثابتة و الحقيقية فالصدق من الكلام حسن لاجل مطابقته الواقع و الكذب قبيح لمخالفته الواقع ام بالوجوه و الاعتبارات المغيرة للاحكام كالنفع و الضرر و الغصب و الاباحة و الستر و الطهارة و نحوها من الاوصاف الموجبة لتغير الحكم الشرعي اما مع مدخلية العلم و الجهل ايضاً ام لا فعلي الاولين لو اجتمع الصدق مع النفع اكده و مع الضرر عارضه و صار من تعارض الذاتيين مرجعه الرجوع الي المرجحات الخارجية في مقام العمل و علي الاخير ليس الصدق حسناً و لا قبيحاً بل حسن ان نفع و قبيح ان اضر ام المقامات مختلفة وجوه و قيل بالتفصيل بين الحسن فذاتي و القبح فبالوصف فيكفي في الحسن انتفاء جهات القبح و الحق بطلان كونهما بالوجوه مع مدخلية العلم و الجهل لانه مستلزم للتصويب و للدور مخالف لطريقة العقلاء و بطلان كونهما بالوجوه بنحو الايجاب الكلي حتي مع عدم مدخلية العلم و الجهل للقطع بحسن الصدق مثلاً و ان اضر فهو من باب تعارض
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۵ *»
الحسن و القبح فبطل الايجاب الكلي و ماعدا ذلك فهو محل التوقف فيرجع عند الشك الي ظواهر خطابات الشرع.
اقول: عنون المصنف اصلاً لا علم له و لامثاله به و لا فائدة لهم في تفقههم فيه و انما هو مسألة كلامية و فهمها شأن الحكماء الذين دخلوا البيت من بابه و سنشير اليه ان شاء الله.
قوله <هل هما ذاتيان ام لا> لهذا الكلام ثلثة معان فمرة يقال ذلك في مقابلة من يقول بان الحسن و القبح شرعيان فمن يقول انهما ذاتيان يعني به ان في نفس الاشياء ما لو تدبر العقل فيه و اطلع عليه عرف بانها حسنة او قبيحة و الذي يقول انهما شرعيان يقول ان الشارع حكم في الاشياء بالحسن و القبح بلا علة من انفسها بل وضعها وضعاً و مرة يقال الذاتي في مقابل الوصفي لان للشيء ذاتاً و له صفة غير الذات كاللون للجسم مثلاً فمن يقول انهما ذاتيان يقول ان الحسن للجسم مثلاً لا من اللون بل من نفسه و من يقول انهما وصفيان يقول ان الجسم من حيث هو ليس بحسن و لا قبيح بل حسنه بلونه مثلاً و مرة يقال الذاتي في مقابلة الاعراض الخارجية كان زيداً من حيث هو هو حسن او قبيح مثلاً و الذي يقول انهما بالاعراض يقول هو حسن لانه ابن فلان و ابو فلان و اهل بلد فلان و هكذا.
اما المعني الاول فقدتقدم القول فيه و شرع المصنف في المعنيين الاخيرين و ساق الكلام في طرح المرام و العبارات ظاهرة الي ان قال <و الحق بطلان كونهما بالوجوه> الي اخر فاختار ان الحسن و القبح ليسا بالوجوه و الاعتبارات الخارجة مع مدخلية العلم و الجهل بانيقال ان علم اقتران تلك الاعتبارات المحسنة فحسن او المقبحة فقبيح و ان لميعلم فلا و ان كان عند بعضهم لا مدخلية للعلم و الجهل في الحسن و القبح و اختار ذلك لانه مستلزم للتصويب الذي هو من مذهب العامة وجه اللزوم انه علي ذلك ليس لله حكم في ذات الشيء و انما الحكم تابع للوجوه و الاعتبارات من ظنون المجتهدين و الزمان و المكان و الاقترانات فالشيء لا حكم له حتي يجتهد المجتهد و يظن اصابة الواقع و الحق فان ظن الحسن فهنالك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۶ *»
حسن و ان ظن القبح فهنالك قبيح.
و لما كان اصل التصويب عندي باطلاً لااحب حماية المصوبة و المعارضة مع المصنف لقوله تعالي و لاتكن للخائنين خصيما و الا فجواب المصنف باطل و عن حلية الاعتبار عاطل و زبد مجتث زايل و اخص من المدعي و قال في الضوابط في هذه المسألة <و من هنا ظهر غفلة بعض عن طريقة الامامية حيث قال ان لكل واقعة حكمين الهيين واقعيين احدهما اولي و الاخر ثانوي و بعبارة اخري احدهما اختياري و الاخر اضطراري و انت خبير بان ذلك عين مذهب الجبائية و غيرهم من القائلين بالوجوه و الاعتبارات بالمعني الاعم الذي لازمه التصويب و انه خارج عن طريقة الامامية فكيف يتكلم به من هو من الامامية> انتهي و اظن ان المصنف اساء الادب الي مشايخنا فان هذا القول جملاً قولهم و هو معاصرهم فسمع هذا القول و رده قبل انيحيط بعلمه كما قال سبحانه بل كذبوا بما لميحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله و لميفهم المصنف ابداً مرادهم.
اعلم ان الاحكام عندهم ثلثة منها حكم اولي واقعي و هذا الذي خفي علي المصنف و لميخطر بباله و هو حكم عالم الجواهر و عالم الاشياء من حيث هي هي و هو عالم مرفوع عن هذا العالم و هو فوق شهاداتهم و مشاعرهم و لماينكشف عنها فهنالك الاشياء علي صرافتها و لله سبحانه في كل جوهر حكمه قدحكم فيه علي حسب ما يقتضيه ذلك الشيء علي ما يأتي ان شاء الله و منها حكم ثانوي نفس الامري و هذا الحكم علي قسمين قسم هو الحكم الاولي الواقعي في ظن المصنف و عليه حمل كلام المشايخ و جري في علمه و هو اشتباه و هذا هو الذي جاء به النبي9 و شرع و بين من احكام الله و هذه الاحكام هي علي حسب مقتضي هذا العالم عالم الاعراض و يتغير بحسب تغير الاعراض فتغير شرع ادم الي شرع نوح و شرع نوح الي شرع ابرهيم و هكذا الي انتغير شرع عيسي الي شرع محمد9 و تغير شرايع محمد9 في السنين و الشهور و الايام و غيرت و بدلت بالنسخ و ذلك لان احكام الانبياء علي حسب الاشياء الخارجية فيحكمون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۷ *»
علي شيء بشيء مادام هو باق علي حاله فاذا تغير عن حاله غيروا حكمه ان الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم الاتري ان العذرة نجسة مادامت عذرة فاذا استحالت و صارت تراباً كان طاهراً أليس الان قدحكموا في الدنيا بان بعض الاشياء نجس فلو استحال جميع ما في الدنيا من النجس الي الطاهر حتي لايبقي منها اثر أليس يقال ليس في الدنيا نجس و هو حق و كذلك النبي9 حكم للاشياء بما تقتضيه و كلما كانت تتغير يغير الحكم كالطبيب الذي يري كل يوم مريضه فان رأي صباحاً انه يناسبه المنضج وصف له المنضج و ان رأي غداً انه يناسبه المسهل وصف له المسهل و ان رأي بعد غد انه يناسبه المدر وصف له المدر و هكذا ثم اودع النبي9 احكامه اوصياءه و هم بصراء بالدنيا العرضية و ما فيها من اعراضها و قداودعهم النبي9 احكام الاعراض فيما اودعهم من علومه فاي عرض علا علي الدنيا اظهروا حكمه كمريض رأوه اليوم قوياً قالوا له صل قائماً و رأوه غداً من ذلك اليوم اضعف منه فقالوا له صل قاعداً فلمارأوه بعد غد اضعف منه قالوا صل مضطجعاً وهكذا فما صدر من النبي و اوصيائه: في هذه الدنيا جميعه احكام عالم الاعراض و احكام عرضية مختلفة متغيرة.
ثم هذا الذي صدر عنهم من الاحكام قدلحقها اعراض من جهة الحملة من التغيير و التبديل و التحريف و الدس و السهو و النسيان و الخطاء و الغلط و تغير العرف بتغير الدهور و الاعصار و خفي وجوه الفاظها باحتمال التجوز و الاضمار و التقييد و التخصيص و الاشتراك و النقل و التقديم و التأخير و التأكيد و الترادف و امثال ذلك و تراجمت الظنون و تعارضت الاراء و تراكمت الشبهات و تفاقمت الاحتمالات كظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لميكد يراها فتصدي فقهاء الشيعة كثر الله امثالهم و اعلي كعبهم و شكر الله مساعيهم الجميلة انيستخرجوا درر الاحكام من هذا البحر المتلاطم الزخار فغاصوا فيها بنفوس قدسية متوكلين علي الله فاخرج كل من هذا البحر درة حكم رءاها مطلوبة ولكن من تمسك بعروة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۸ *»
وثقي التسديد و اعتمد علي تقرير العليم القدير الشهيد ففاز باليقين و منهم من قصر نظره عن ذلك فعمل بالظن و التخمين و لايكلف الله نفساً الا وسعها و لايكلف الله نفساً الا ما اتاها فهذه الاحكام الثالثة النفس الامرية التي رزق الله كل واحد علي حسب قابليته و مرضه و صحته و قوته و ضعفه و ليس يقول احد من مشايخنا انه ليس لله حكم واقعي صادر عن النبي او عن الله تعالي و ان الاحكام منوطة بظن الفقيه يعني ان ظن الفقيه يحسن و يقبح و يوجب و يستحب و يستكره و يحرم و يبيح و ليس لله حكم في الواقع بل لله سبحانه احكام لعالم المجردات علي حسب اقتضائها و احكام لعالم الاعراض اوحاها الي النبي9 و ادلاها النبي9 الي اوصيائه: و هم بينوا و شرحوا و نشروا و فرقوا فلما لحقها ما لحقها تصدي الفقهاء لتنقيحها و تنقيتها و نفي تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين عنها بتأييد امامهم و تسديده او باجتهاداتهم فمنهم من يصيب الواقع و يستخرج عين الحكم الصادر عن النبي و الحجج: و منهم من يخطي ذلك الحكم فلايصيب فان اخطأ لتقصير صدر منه او الدخول من غير بابه او الاستنباط من غير مطلبه فهو خاطئ حاكم بحكم الجاهلية قال ابوعبدالله7 الحكم حكمان حكم الله عزوجل و حكم اهل الجاهلية فمن اخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية حتي انه روي عن ابيجعفر7 من حكم في درهمين فاخطأ كفر و اما من اراد الحق و دخل من بابه و استنبطه من مطلبه و سعي طاقته و اصاب شيئاً مخالفاً للواقع واقعاً فلميفته الحكم الظاهري بتأييد امامه و تسديده و ابلاغ ما هو تكليفه في الظاهر اليه فهو محسن و ما علي المحسنين من سبيل و لايكلف الله نفساً الا ما اتاها و لايعاقب بما لايطيق و يوجر بما جاهد قال علي7 ليس من طلب الحق فاخطأه كمن طلب الباطل فادركه انتهي و بين المقامين بون بعيد فهل تري في هذا القول رايحة من التصويب و هل استشم المصنف رايحة مقال القوم حتي تكلم مسيئاً للادب كانياً عما لايحسن و المرد الي الله.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸۹ *»
بالجملة قوله <و للدور> يعني القول بان الحسن و القبح للاشياء لاجل الوجوه و الاعتبارات مستلزم للدور و الظاهر ان مراده انه علي القول بالتصويب يلزم الدور فان الذي يقول بالتصويب يقول لا حكم لله علي ذوات الاشياء و ان الحكم عليها من جهة الوجوه الخارجة و منها ظن الفقيه فاذا استفرغ الوسع و فهم شيئاً و ظن الاصابة فهو حكم الله فيلزم الدور فانه يقول انه حكم الله بعد ظن الاصابة و الاصابة هي اصابة الواقع فاذ لا واقع فلا اصابة.
قوله <مخالف لطريقة العقلاء> ان العقلاء ان هم مجمعون فما هذا الخلاف و ان هم مخالفون فاي حجة في قولهم هذا و قدكررنا ان العقلاء لا حجة في قولهم في الدين.
قوله <و بطلان كونهما بالوجوه> الي اخر عطف علي البطلان الاول اي الحق بطلان كونهما بسبب الوجوه الخارجة علي الكلية للقطع بان الصدق في نفسه حسن ولكن ان اضر في موضع فهنالك تعارض الحسن الذاتي مع القبح العارضي فبطل كونهما بالوجوه علي نحو الكلية.
قوله <و ماعدا ذلك> الي اخر يعني اذا بطل الايجاب الكلي فماعداه اي الحكم للذوات او للصفات اللازمة محل توقف فاذا شك في ان الحكم بهما هل هو لذات شيء او للوصف اللازم فينظر الي ظواهر الخطابات الشرعية و ما يظهر منها فيحكم بها و ان اختلفت في الموارد.
قال: و لو قيل لا توقف في بطلان كونهما ذاتيين بنحو الايجاب الكلي لان النسخ واقع فالداعي لاختلاف حكم الناسخ و المنسوخ ان كان نفس الذات فمن المحال اقتضاء الشيء الواحد بذاته الحسن و القبح او الوجوه فيهما او في احدهما ثبت المطلوب و لان مثل الصدق الضار الذي اجتمع فيه الحسن و القبح باعتقاد القائل بذاتيتهما ان كان مادة اجتماع الامر و النهي فهو قبيح لانه مما لايطاق او كان احدهما دون الاخر او انتفي الامران لزم تخلف الاثر عن المؤثر اذ الامر و النهي اثر الحسن و القبح و لانه يلزم اجتماع الضدين في الكلام الصادر في الغد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۰ *»
بعد قوله لاكذبن غداً فالصدق غداً حسن لانه صدق و قبيح لاستلزامه كذب كلام الامس و عكسه الكذب لاجبنا بان النسخ لعله من تعارض الذاتيين و ان الحسن و القبح مقتضيان للامر و النهي لا علة تامة و ان مستلزم القبيح ليس قبيحاً و تظهر ثمرة الخلاف في التخطئة و التصويب و في جواز اجتماع الامر و النهي و في اقتضاء الامر بالشيء النهي عن ضده الخاص و في لزوم فساد العبادات المكروهة كالصلوة في الحمام مما له بدل و في تأثير المعاصي الصادرة سهواً او جهلاً.
اقول: قوله <و لو قيل> الي اخر اي ان قال قائل لا وجه للتوقف في بطلان كون الحسن و القبح ذاتيين كلية لان وقوع النسخ مقطوع به و الشيء من حيث ذاته لايتغير فمحال انيكون الداعي للنسخ الذوات فهو الوجوه اما في الحسن و القبح معاً او في القبح وحده كماقيل.
قوله <و لان مثل الصدق الضار> الي اخر هذا دليل اخر من منكري التوقف يقول الصدق الضار عند القائل بالذاتيين قداجتمع فيه الحسن و القبح فان الصدق حسن بالذات و الضرر قبيح بالذات فاذا ذلك الصدق الضار مادة اجتماع الامر و النهي و لايجوز انيكون الذات الواحدة محل اجتماع الامر و النهي لانه تكليف بما لايطاق و ان كان متعلق الامر دون النهي او لا متعلق هذا و لا هذا لزم تخلف الاثر عن المؤثر فان الحسن مؤثر الامر و القبح مؤثر النهي و لقدحن قدح ليس منها الامر و النهي فعل الله و فعل كل فاعل اثره كيف صار الامر اثر الحسن و هل للاثر الواحد مؤثران بالجملة اراد الباحث انيتكلم في علم الكلام و ماامكنه و الحسن و القبح لسانان سائلان من الله حكمهما مع قرانات كثيرة فالحسن يسأل انيؤمر به فيأمر الله به و القبح يسأل انينهي عنه فينهي الله عنه.
قوله <و لانه يلزم اجتماع الضدين> الي اخر يعني اذا قال الرجل لاكذبن غداً فتكلم غداً بكلام فان صدق فهو حسن بذاته ولكن لاستلزامه كذب كلام الامس قبيح فيجتمع ضدان و عكسه ان كذب.
قوله <لاجبنا بان النسخ> الي اخر فاجاب المصنف المدقق عن الابحاث الثلثة باجوبة بديعة اما عن النسخ فقال لعله من تعارض الذاتيين و لااعرف معني ذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۱ *»
اذا نظر النبي9 الي بيت المقدس فرأي الصلوة اليه حسنة فامر بها ثم كيف تغير الذات حتي ينهي عنها و ما معني الذاتيان و اين التثنية و لاتعتبر الوجوه و الاعتبارات و الصفات اللازمة لازمة ابداً و مع الذات ابداً ثم كيف يصير <لعله> رداً و الاحتمال الضعيف لايرد فضلاً عن الباطل و رد البحث الثاني بان الحسن و القبح مقتضيان لا علة تامة و هو كلام يمكن انيراد منه ما قلنا انفاً الا ان الظاهر ان مراده انهما بعض العلة لا العلة التامة و هو خطاء كما عرفت و رد البحث الثالث بان مستلزم القبيح ليس قبيحاً و هذا الكلام ينافي طريقة العقلاء علي مذهبهم فان جميع العقلاء يستقبحون عملاً يستلزم قبيحاً بداهة بالضرورة حتي المصنف لو خلي و طبعه و ستعرف ان الله سبحانه لميحرم شيئاً الا لاجل انه يستلزم الفساد و لميأمر بشيء الا لاجل انه يستلزم الصلاح.
قوله <و تظهر ثمرة الخلاف في التخطئة و التصويب> الي اخر هذه من ثمرات يتكلفون لمسائل صرفوا العمر فيها و لا فائدة في اصل المسائل و لا في ثمراتها فذكر منها التخطئة و التصويب يعني ان قلنا بان الحسن مثلاً ليس بذاتي يعرفه العقل منها يلزم ان لايكون للاشياء من حيث انفسها حكم و انما المناط الوجوه و الاعتبارات التي منها علم الفقيه و ظنه فما علمه الفقيه حكم الله و حسناً او ظنه فهما جاعلان ذلك المفهوم حسناً و ليس في الواقع حسناً فحكم الله هو ما ظنه الفقيه و ان قلنا بانه ذاتي و لله حكم في ذوات الاشياء فنقول بالتخطئة لانه ان اصابه الفقيه فقداصاب و الا فقداخطأ.
قوله <في جواز اجتماع الامر و النهي> يريد انا اذا قلنا ان نفس الصلوة حسنة و نفس الغصب قبيح يجوز اجتماعهما في موضوع واحد و ان قلنا ان الصلوة من ذاتها ليست بحسنة و انما هي حسنة في المكان المباح و قبيحة في المكان المغصوب فلا اجتماع.
قوله <و في اقتضاء الامر بالشيء النهي عن ضده الخاص> يريد انا ان قلنا ان الحسن بالوجوه فالصلوة عند نجاسة المسجد قبيحة من حيث الوجه فان كانت مأموراً بها ايضاً لزم اجتماع الامر و النهي فالصلوة عند نجاسة المسجد قبيحة لانها
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۲ *»
منهيعنها و الامر بتطهير المسجد نهي عن الصلوة فان صلي فهي باطلة و ان قلنا ان الحسن ذاتي فالصلوة بالذات حسنة و ترك التطهير قبيح و قداجتمعا فصلوته صحيحة و ان كانت اثماً.
قوله <و في لزوم فساد العبادات> الي اخر فان الصلوة في الحمام منهيعنها و يمكنه الصلوة في غيرها فان كان الصلوة حسنة بالذات فلا نهي عنها و الا فهي منهيعنها و باطلة.
قوله <و في تأثير المعاصي> الي اخر فعلي طريقتهم ان قلنا بالقبح الذاتي فيضر و ان قلنا انه بالوجوه و منها العلم فلايضر.
هذا مجمل شرح عبارات المصنف و الاشارة الي الحق المطابق للكتاب و السنة ان الاشياء من حيث انفسها عند نفسها من دون ملاحظة اقترانها بالغير و ذكر الغير فيها هي هي ليست بواجب و لا حرام و لا مستحب و لا مكروه و لا مباح اذ لا مكلف هناك و ليست بصلاح لشيء و لا بفساد لشيء و انما هي هي خلقه ربه و الزمه حده و قد احسن ايجاده في حد اوجده و انما يكون صالحاً لشيء اذا لوحظ اقترانه بذلك الشيء و يكون فاسداً لشيء اذا لوحظ اقترانه بذلك الشيء و كشف عن ذلك اميرالمؤمنين7 في حديثه الطويل في رد الاجتهاد قال7ومن الدليل علي فساد قولهم بالاجتهاد و الرأي و القياس انه لنيخلو الشيء انيكون يمثله علي اصل او يستخرج البحث عنه فان كان يبحث عنه فانه لايجوز في عدل الله انيكلف العباد ذلك و ان كان تمثيلاً علي اصل فلنيخلو الاصل انيكون حرم لمصلحة الخلق او لمعني في نفسه خاص فان كان حرم لمعني في نفسه فقدكان ذلك فيه حلالاً ثم حرم بعد ذلك لمعني فيه بل لو كان لعلة المعني لميكن التحريم اولي له من التحليل و لما فسد هذا الوجه من دعواهم علمنا ان الله تعالي انما حرم الاشياء لمصلحة الخلق لا للخلق التي فيها الخبر.
فاذا الحسن في الاشياء من حيث الاقتران و القبح كذلك و لاجل ذلك يكون شيء واحد حسن لواحد قبيح للاخر فالميتة قبيح اكلها للواجد حسن للمضطر و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۳ *»
ليس لها في نفسها حسن و لا قبح و لاحلية و لا حرمة و لايلزمنا التصويب فان الله جل و عز عالم بذوات الاشياء و صفاتها المقومة و قراناتها قبل انيخلقها و مع خلقها و بعد خلقها و جميع ذلك مكتوب في ام الكتاب و علم ان اي شيء صالح للشيء و اي شيء فاسد للشيء و اي شيء يزيد الشيء حسناً و اي شيء يزيد الشيء قبحاً فحلل كل صالح و حرم كل فاسد قبل انيخلق الخلق فلماخلق الخلق اوحي الي انبيائه ذلك العلم و اتوا و بينوا بالكتب و السنن و حدثوا بها و اتتنا تلك الاحاديث فاجتهدنا في فهم مرادهم منها فمنا من اصاب المراد و منا من اخطأ.
و الاشياء قدتتقارن بصرافتها و قديلحقها اعراض ثم تقترن و لها بصرافتها اذا اقترنت احكام و مع الاعراض احكام اخر كالصلوة من حيث انها عمل خير موضوع اذا اقترن بالمكلف من غير عرض لها حكم و اذا لحقها عرض بوقوعها في ارض مغصوبة قبح عارضي و اذا اقترن بالمسجد لها حسن زايد عارضي و اذا اقترن بمكان ليس فيه حسن و لا قبح فهي علي حسنها و هي صرف فلايرد علينا شيء من تلك الابحاث و اما من ارتكب القبيح سهواً فمن لميعلم بالقبيح لايؤثر القبيح فيه ابداً لان الاخبار و الاعتبار شهدت بان العلم شرط التأثير الا ان القوم لايعرفون حقايق الاشياء و يرون ان السم المجهول يقتل و الخمر المجهول يسكر فيتحيرون و هم جاهلون بان الذي يرون من الاثر تأثير طبيعي لا روحاني و الطبع يطلع علي السم و الخمر بالاطلاع الطبيعي و لاجل اطلاعه يتأثر و لولا اطلاعه الطبيعي لميتأثر كما ان السم لايؤثر في القوي و اما الروح فلايؤثر فيه لانه لميعلم فلا اثم روحاني عليه و انما يظهر فيه الاثر الطبيعي و لااحب اناذكر اكثر من ذلك في هذا الكتاب و هو كاف لاخواننا في العلم و اما غيرهم فلاابالي ان لايفهم فافهم.
قال: اصل هل يجوز خلو واقعة من الوقايع بنحو الايجاب الجزئي عن كل حكم في حق المكلفين كما في فعل الصبي الغيرالمميز ام لا و المسألة و ان كانت من المسائل الكلامية لكن الدليل الظني حجة فيها لاستلزامها الحكم الفرعي و الاصل في المسألة الجواز لا الامتناع كما في نظايرها و ثمرة الخلاف ان من احال
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۴ *»
الخلو و قال بادراك العقل الحسن و القبح و بتبعية الاحكام للصفات لزمه حجية العقل و تطابقه مع الشرع كما هو واضح و الحق في المسألة ان الواقعة ان كانت محتاجاً اليها للمكلفين لميجز خلوها عن الحكم لقاعدة اللطف فتأمل و للنصوص الدالة علي انه تعالي جعل لكل واقعة حكماً و بينه لنبيه9حتي ارش الخدش و خصوص رواية درست و لقوله7 كل شيء مطلق حتي يرد فيه امر او نهي الا انيقال انها تثبت الحكم الظاهري لا الواقعي فتأمل و انها لاتجري في الاحكام الوضعية الا انيتمسك بالاجماع المركب او غيرمحتاج اليها كوقاع الحور فوجهان اقربهما عدم الخلو لنصوص ارش الخدش فانها مطلقة او عامة و تقييدها برواية درست فرع فهم العرف التعارض فتأمل.
اقول: هذا كلام من لميعرف الحكم و صفة الحكم و الا فمن عرف معني الحكم و صفة الحكم فلايقدر علي التكلم بهذه الكلمات و الاصغاء اليها البتة و لابد من شرح الكلام.
قوله <هل يجوز> الي اخر يعني هل يجوز انيخلو شيء من الاشياء من افعال المكلفين العاقلين عن كل حكم فلايكون حراماً و لا مكروهاً و لا واجباً و لا مستحباً و لا مباحاً من الله سبحانه كما ان فعل الصبي غيرالمميز و المجنون لا حكم له من الله سبحانه ام لا و تخصيصه بالواقعة لايليق بل لو قال شيء من الاشياء لكان اولي ففي هذه المسألة اختلفوا فمنهم من جوزه و منهم من قال انه محال.
قوله <و المسألة كلامية> لانها ليست من الفروع و لا من الاصول العملية التي هي اعراض الادلة و لا من الموضوعات المستنبطة التي هي الفاظ الكتاب و السنة و لا الموضوعات الصرف فاضطر الي ان يجعلها من الكلام و الاعتقاديات ولكن لارتباطها بالفروع و كفاية الظن فيها اجاز الظن فيها ولكن هذا الاستلزام و الحكم عليه ان صح صح فيما يكون فرع الفروع و ادني منه مثلاً الظن في الموضوعات المستنبطة لايضر لانه يستلزم الظن بالفروع و اما ان كان مما يناط به الفروع فغير جار فلايقال ان الظن بخالقية الله كاف لانه يستلزم الظن بالفروع ثبت العرش ثم انقش فالعقايد التي هي اصول الفروع لاينبغي انيكتفي فيها بالفروع لاجل ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۵ *»
الظن في الفروع كاف.
قوله <و الاصل في المسألة الجواز> يعني انه مقدور الله و الله يقدر علي ان لايحكم في شيء بحكم فلا امتناع فيه عقلاً.
قوله <و ثمرة الخلاف> الي اخر و في عبارته احال الخلو و زعم ان معناه عده محالاً و الحال ان في اللغة يقال احال الرجل اذا تكلم بكلام معدول عن وجهه و المحال من الكلام بضم الميم هو الكلام المعدول عن وجهه فالمحال مفعول فعل المتكلم و المصنف يريد ان الخلو ممتنع في الواقع و الرجل معترف بذلك الامتناع فكلامه غير دال علي المراد و علي اي حال فمن قال بامتناع الخلو و قال بادراك العقل الحسن و القبح و قال ان الاحكام تابعة للصفات لزمه حجية العقل و تطابقه مع الشرع و اشتبه الامر علي المصنف و لايلزمه ذلك فانه مع ما عرف امتناع الخلو و ان العقل يمكن له درك الحسن و القبح و لو باعانة الشرع و قال ان الاحكام تابعة للصفات يقول ان ما عرفت حكم جوهر الشيء و هذا العالم عالم الاعراض و ليس فيه شيء بريء عن العرض و انا لااحيط بالاعراض و المحيط بها علم الله و علم رسوله و حججه فانا لااعرف احكام عالم الاعراض و لاينفع ان اقول ان الاصل عدم العرض مع ان جميع هذا العالم عالم الاعراض و مع ان الله نهاني في كتابه و حججه في سنتهم و اخبر المخبر الصادق ان عقلي لايدرك و قال ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة و اخبر ان الله لايرضي برأي العقول و الا لمابعث الرسل و لماانزل الكتب هذا مع ان العقول صارت ذوات اعراض و امراض لاتحصي و لهذا يختلف العقل الواحد في رأيه صباحاً و مساءاً و العقول بعضها مع بعض.
قوله <و الحق في المسألة> الي اخر فرق المصنف بين المسائل بحسب استحسانه فقال ان كان المسألة مما يحتاج اليها عبد من العباد لميجز خلوها لقاعدة اللطف الواجب ولكن تأمل المصنف في ذلك نظراً الي ما نظر سابقاً ان ما يستقل العقل فيه اللطف فيه مستحب لانه تأكيدي فلايجب انيكون الله حكم فيها بشيء و استدل عليه ايضاً بالنصوص و بخصوص رواية درست و هو ما رواه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۶ *»
صاحب المحاسن عن ابيه عن درست بن ابيمنصور عن محمد بن حكيم قال قال ابوالحسن7 اذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به واذا جاءكم ما لاتعلمون فها و وضع يده علي فيه فقلت و لم ذاك قال لان رسول الله9 اتي الناس بما اكتفوا به علي عهده و ما يحتاجون اليه الي يوم القيمة انتهي و تسمية المصنف هذه الرواية برواية درست ليست من متعارف العلماء و المحدثين لانه لمتجر العادة بنسبة الحديث الي رجل من اوساط السند فاما ينسبونه الي السامع و اما ينسبونه الي من روي للعالم او وجد في كتابه و قوله بخصوص رواية درست ايضاً يدل علي عدم التتبع في الاخبار فان الاخبار بهذا المعني متضافرة كثيرة و لاخصوصية لرواية درست علي قوله بالجملة تدل النصوص علي ان لكل واقعة لله حكماً و اجمعها ما روي عن الرضا7 في حديث طويل قال ان الله لميقبض نبيه حتي كمل له الدين و انزل عليه القرءان فيه تبيان كل شيء بين فيه الحلال و الحرام و الحدود و الاحكام و جميع ما يحتاج اليه الناس كملاً فقال عزوجل مافرطنا في الكتاب من شيء و انزل عليه في حجة الوداع و هي اخر عمره اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا و امر الامامة من تمام الدين الي ان قال و ماترك شيئاً يحتاج اليه الامة الا بينه فمن زعم ان الله لميكمل دينه فقد رد كتاب الله و من رد كتاب الله فهو كافر به الخبر و الاحاديث في ذلك كثيرة جداً.
قوله <و لقوله كل شيء مطلق حتي يرد فيه امر او نهي> و ليس في الرواية امر و علي اي حال يريد ان الرواية تدل علي جعل حكم في كل شيء الا انيقال ان هذه الرواية يثبت الحكم الظاهري لا الواقعي و انها لاتجري في الاحكام الوضعية و هي مخصوصة بالاحكام الخمسة الا انيثبت اجماع مركب و هو كلام واه سخيف و محض كلام بلا دليل.
قوله <او غيرمحتاج اليها> كاحكام مواقعة الحور مثلاً ففيه وجهان عند المصنف و الاقرب عدم الخلو للاخبار و ان قيل انها مقيدة بخبر درست علي قول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۷ *»
المصنف قلنا التعارض فرع فهم العرف من قوله و ما يحتاجون اليه الي يوم القيمة الاختصاص بموضع الحاجة و ليس كذلك و ان اردت الوصول الي الحق فاصغ لما اقول فانه مستنبط من علم الالرسول:.
اعلم انا قدذكرنا سابقاً ان الاشياء تتقوي باشكالها و تتضعف باضدادها و كل شيء لايخلو من انيكون منافراً للشيء المفروض او مشاكلاً فان الحوادث لها طبايع جسمانية او روحانية و اختلاف اشكالها باختلاف طبايعها فالحار يتقوي بالحار مثلاً و يتضعف بالبارد و بالعكس و هكذا ساير الطبايع جسمانية و روحانية جوهرية و عرضية و ان من شيء الا و هو نافع لمشاكله ضار لمنافره و الله سبحانه جاعل الخلق و خالقها و واضعها عليم بها ألايعلم من خلق و هو اللطيف الخبير يعلم ما يضر الشيء و ما ينفع و الامر تعليم ما ينفع و النهي تعليم ما يضر فمن ائتمر بما امر انتفع و من لمينته عما نهي تضرر فان من شيء الا و له بالنسبة الي المكلف نفع او ضر و النفع نفعان نفع به يحفظ وجوده و نفع يزيده حسناً و الضرر ضران ضر يفني وجوده و ضر يقبحه و الله سبحانه قد دل بلطفه عبده الي ما فيه نفعه و ضره و اما الاباحة فهي حكم ظاهري وضعه الله لاجل ضعف العباد و جبر كسره برحمة منه و فضل و لميضع الله التكاليف من غير علة في الاشياء لمحض التعبد فانه غني عن العباد و عن عبادتهم و يدل علي ذلك ما كتب الرضا7 الي محمد بن سنان جاءني كتابك تذكر ان بعض اهل القبلة يزعم ان الله تبارك و تعالي لميحل شيئاً و لميحرمه لعلة اكثر من التعبد لعباده بذلك قدضل من قال ذلك ضلالاً بعيداً و خسر خسراناً مبيناً لانه لو كان كذلك لكان جايزاً انيستعبدهم بتحليل ما حرم و تحريم ما احل حتي يستعبدهم بترك الصلوة و الصيام و اعمال البر كلها و الانكار له و لرسله و كتبه و الجحود بالزني و السرقة و تحريم ذوات المحارم و ما اشبه ذلك من الامور التي فيها فساد التدبير و فناء الخلق اذ العلة في التحليل و التحريم التعبد لا غيره فكان كما ابطل الله عزوجل به قول من قال ذلك انا وجدنا كل ما احل الله تبارك و تعالي ففيه صلاح العباد و بقاؤهم و لهم اليه الحاجة التي لايستغنون عنها
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۸ *»
و وجدنا المحرم من الاشياء لا حاجة للعباد اليه و وجدناه مفسداً داعياً الي الفناء و الهلاك ثم رأيناه تبارك و تعالي قداحل بعض ما حرم في وقت الحاجة لما فيه من الصلاح في ذلك الوقت نظير ما احل من الميتة و الدم و لحم الخنزير اذا اضطر اليه المضطر لما في ذلك الوقت من الصلاح و العصمة و دفع الموت فكيف دل الدليل علي انه لميحل الا لما فيه من المصلحة للابدان و حرم ما حرم لما فيه من الفساد و كذلك وصف في كتابه و ادت عنه رسله و حججه كما قال ابوعبدالله7 لو يعلم العباد كيف كان بدؤ الخلق مااختلف اثنان و قوله7 ليس بين الحلال و الحرام الا شيء يسير يحوله من شيء الي شيء فيصير حلالاً و حراماً انتهي و تواتر اخبار العلل معني يبين ان الاحكام لاجل المصالح و المفاسد و ليس عن صرف التعبد و عن ابيعبدالله7 انه قال رسول الله9 ان الله جعل لكل شيء حداً و جعل علي من تعدي حداً من حدود الله حداً و سئل ابوعبدالله7 عن شيء من الحلال و الحرام فقال انه لميجعل شيء الا لشيء الي غير ذلك من الاخبار.
قال: اصل اختلفوا في ان الاصل في الاشياء قبل ورود الشرع هل هو الحظر ام الاباحة ام عدم الحكم ام الوقف و الاولان يحتملان الاباحة و الحظر الظاهريين و الواقعيين و الاخير يحتمل الوقف في اصل الحكم او في خصوصه او فيهما و المراد بالاشياء الافعال اعم مما تعلق بالاعيان كالاكل و الشرب او لميتعلق كالضحك و الغناء و ذلك لتعبير بعضهم بالافعال لا الاشياء الا انيحمل المطلق علي المقيد فتأمل و محل النزاع الفعل الاختياري الغير الضروري الذي لايستقل بحكمه العقل بالخصوص مع كون الفعل مما فيه امارة المنفعة لا امارة المفسدة و ان كان محتملاً للمفسدة و لمينازعوا فيما لا منفعة فيه و لا مفسدة ظاهراً مع امكان القول بالاباحة و عدمها هنا ايضاً الا انيقال ان ارتكاب مثله سفه فيشكل الحكم باباحة مثله فتأمل و المراد بالاباحة يحتمل انيكون الاباحة الخاصة كما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹۹ *»
هي ظاهرها حيث اطلقت او مطلق الاذن الشامل لماعدا الحرام او ما اذن في فعله و تركه مطلقا او ما اذن في فعله و تركه مع عدم رجحان الفعل او مع عدم رجحان الترك و المراد بما قبل ورود الشرع ان كان قبل اصل الشرع قبلاً حقيقياً ففيه انه خلاف الواقع اذ الشرع اما مقدم علي الخلق او مقارن و انه لا ثمرة لنا في اثبات حكم من كان قبل الشرع الا بالتمسك بالاستصحاب و لايمكن لتعدد الموضوع و حصول العلم الاجمالي لنا بين المشتبهات و ان من لايقول بحجية الاستصحاب و يقول بهذا الاصل كيف يثبت هذا الاصل حينئذ و ذلك كاشف عن ان المسألة ليست مبتنية علي الاستصحاب او قبلاً فرضياً ففيه ما مر من عدم الفائدة و التمسك بالاستصحاب مردود بانه فرضي و بالوجهين الاخيرين في سابقه او قبل شرعنا و نبينا اي زمان الفترة ففيه انه ان كان مع فرض العثور علي الدليل فالدليل هو المتبع او قبله فيمكن فرض ذلك بعد بعث نبينا او قبل العثور علي الدليل الشرعي و ان كان بعد البعثة ففيه انه خلاف ظاهر قولهم قبل ورود الشرع و خلاف تصريح بعضهم بان المراد اما الاحتمال الثاني او الخامس و لايناسب القول بانه لا حكم لانه لا شرع و مع قطع النظر عن الدليل الشرعي ففيه انه خال عن الفائدة حينئذ فمحل النزاع غيرمحرر.
اقول: هذا اصل لا اصل له ابداً من حيث قالوا و من وجه قالوا و لا فائدة و باعتراف المصنف محل النزاع غيرمحرر فثمرته لهم صرف العمر و اما نحن فلابد لنا من شرح العبارة فان شرحنا هذا كلها مكنسة للغبار عن الاوهام.
قوله <اختلفوا> الي اخر ماادري هذا حكم ذات الله او حكم خلقه اما ذات الله فلا حكم فيها و اما الخلق فهو مبدؤ بالحجة لقول ابيعبدالله7 الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق مع اخبار متضافرة في ذلك رويناها في فصل الخطاب فقبل الشرع قبل الخلق فالحظر علي من و الاباحة علي من.
قوله <يحتمل الوقف في اصل الحكم> الي اخر يعني في اصل طهارة الماء مثلاً او طهارة هذا الماء بخصوصه او فيهما.
قوله <و محل النزاع الفعل الاختياري> الي اخر فغيرالاختياري كالمرض مثلاً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۰ *»
و الاختياري كالاكل مثلاً و الضروري كالتنفس مثلاً و غيره كالجلوس مثلاً.
قوله <الذي لايستقل بحكمه العقل> لان المصنف و اضرابه يقولون لان ما يستقل به العقل يجب انيعمل به و هو شرع المصنف.
قوله <و المراد بالاباحة> الي اخر فالمراد بالاباحة الخاصة ما استوي طرفاه و العامة ما يعم الاربعة.
قوله <و انه لا ثمرة لنا> الي اخر يقول نحن وجوداً بعد الشرع و ان ما ذكر حكم الذين هم قبل الشرع فالموضوع متعدد و لايجري الاستصحاب.
قوله <و حصول العلم الاجمالي> الي اخر يعني نحن نعلم علماً يقينياً ان كثيراً من المواضع تغير فيه الموضوع بالكلية جملاً فلايمكن الحكم الكلي في الكل بالاباحة الاصلية و ليس الحكم من باب الاستصحاب لاجل ان من لايقول بالاستصحاب يحكم بالاباحة الاصلية.
قوله <او قبلاً فرضياً> يعني ان قيل ان المراد بالقبل ليس القبل الواقعي بل نفرض عدم الشرع يعني لولا الشرع ماذا كان يكون حكمه فرده المصنف بعدم الفائدة و بان استصحاب الحال المفروض لايجري في المشكوك الواقعي و بالوجهين الاخيرين في عدم امكان اجراء الاستصحاب علي ما مر.
قوله <او قبل شرعنا و نبينا> فاجاب المصنف بان في زمان الفترة ان وجد المكلف دليلاً فهو المتبع و ان لميجد دليلاً فما وجه الخصوص بما قبل الشرع و يدل علي بطلان ذلك انه قال ابوعبدالله7 سألني ابنشبرمة ما تقول في القسامة في الدم فاجبته بما صنع رسول الله9 قال أرأيت لو ان النبي لميصنع هذا كيف كان يكون القول فيه قال قلت اما ما صنع النبي9 فقداخبرتك و اما ما لميصنع فلا علم لي به انتهي و لميقل كان الاصل الاباحة.
قوله <او قبل العثور علي الدليل العقلي> يعني ان كان المراد من قبل الشرع قبل العثور علي الدليل لئلايرد شيء من العيوب السابقة فاجاب المصنف انه خلاف ظاهر قولهم.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۱ *»
قوله <و لايناسب القول> الي اخر يعني لايناسب انيقول احد ان المراد انه لا حكم قبل ورود الشرع لانه لا شرع لانه خال عن الفائدة ثم قال فمحل النزاع غيرمحرر فتلف العمر القصير و اكثر الاملاء علي الكاتبين و لايدرون ماذا يقولون و لما يقولون و ما ثمرة ما يقولون واما الذي عندنا في هذه المسألة فسيأتيك ان شاء الله.
قال: اقول ثم انا و ان استقصينا التأمل في الفرق بين هذه المسألة و مسألة اصل البراءة فلمنجده و قديتصور الفرق بوجوه عشرة ليس شيء منها بشيء و كيف كان فالاصل الاصيل في المسألة الحظر لان المفروض ان الفعل المتنازع فيه محتمل المفسدة و لو وهماً فيجب دفع الضرر المحتمل بحكم العقل و لو قيل ان الترك ايضاً محتمل الضرر لاحتمال وجوب هذا الفعل لقلنا ان وجوب الكل غيرمحتمل لانه مما لايطاق و حرمة الكل محتملة و لو قيل ان العقلاء يسفهون المحترز عن كل محتمل وهمي قلنا انه لاجل ارتكاب اقل القبيحين لا لعدم لزوم دفع الضرر الخالي عن المعارض و لقبح التصرف في مال الغير بغير اذنه و ان كان مولاه ما لميرد تنصيص او شاهد حال كالاستظلال بجدار الغير و تصرف العبد في نفسه ايضاً تصرف في ملك المولي و لو قيل ان منع النفس من الفعل تصرف في النفس ايضاً و ان بناء العقلاء علي عدم التصرف في مال الغير عند الشك في الاذن انما هو لحاجة المالك الي ماله بخلافه تع و انه لاشك في الجواز هنا لانه كالاستظلال و ان استصحاب حكم حالة الصغر يقتضي الجواز لقلنا ان كون الترك تصرفاً ممنوع و ان الخالق و ان تنزه عن الحاجة لكن المخلوق محتاج و ان القياس علي الاستظلال قياس مع الفارق و ان الكلام قبل ورود الشرع و لايعتبر الاستصحاب حينئذ هذا بالنسبة الي قبل ورود الشرع و اما بعده قبل العثور علي الدليل فالاصل الاصيل ايضاً ما ذكر للوجهين مضافاً الي ان الفقيه بعد التتبع في الشرعيات يعلم اجمالاً بحرمة جملة من تلك الافعال فلزم اجتناب الكل لقاعدة الاشتغال.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۲ *»
اقول: ان المصنف مع خيالاته الدقيقة لميجد فرقاً بين الاباحة الاصلية و بين اصل البراءة ولكن تصوروا له عشرة اوجه ككون الاول للاذن المطلق في الاربعة و الثاني للاذن الخاص و ككون الاول لبيان حكم الشبهة التحريمية و الثاني لبيان حكم الشبهة الوجوبية و ككون الاول عنواناً لبيان الحكم الاجتهادي و الثاني للفقاهي و ككون الاول لقبل ورود الشرع و الثاني لبعد ورود الشرع و قبل الاطلاع و ككون الاول لحكم الاعيان و الثاني للاعم او بالعكس و ككون الاول لحكم ما فيه امارة المنفعة دون المفسدة و الثاني لما لا مفسدة فيه او عكس ذلك و ككون الاول لاثبات الحكم و الثاني لنفي التكليف وجوباً او حرمة و ككون الاول لبيان حكم الافعال التي توجد فيها المنفعة من غير امارة المفسدة مع عدم تطرق احتمال الوجوب و الثاني لما سواه بالجملة كل ذلك خيالات لاتؤل الي خير و لاتنتهي الي كتاب و لا سنة الا اني اقول الفرق بينهما من حيث اللفظ الفرق بين الايمان و الكفر فان الاباحة فعل الله و العبد يعمل باباحة الله و البراءة انقطاع عن الله و خروج عن تحت حق الله فليس لله عليه حق و سيأتيك ان شاء الله تفصيله.
قوله <فالاصل الاصيل> الي اخر و هو كلام حق لا بدليل المصنف اما دليله الاول فمخدوش بانه ما لايعلمه الانسان كما يحتمل في فعله المفسدة يحتمل في تركه المفسدة علي السواء فكيف يكون الاجتناب سبب النجاة و كلام المصنف مخدوش لانا لانقول ان الكل واجب من حيث المجموع حتي يلزم العسر بل نقول ان كل واحد احتجت الي عمله يحتمل انيكون في فعله ضرر كما يحتمل في تركه علي حد سواء.
قوله <و لو قيل> الي اخر بحثاً و رداً ليس بشيء فان افعال العقلاء جارية في دنياهم و لاحجة فيها في الاديان و امور الاخرة و جواب المصنف اهون منه.
قوله <و لقبح التصرف في مال الغير> هذا دليل لا من حيث يذهبون من الاستدلال بعقولهم و قبل الشرع لا مبلغ تكليف و لا عقل و لا تكليف و لا دليل و لا مستدل و كلها خيالات ولكن لنا في هذا المقام كلام فبيانه علي وجه الاختصار انا بتوفيق الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۳ *»
الواهب للعقول المؤيد لها بارسال الرسل المعلمين المسددين المرشدين نعرف ان جميع الملك لله المالك الخالق المخرج له من العدم الي الوجود الولي الاولي به منه المالك لما ملكه القادر علي ما اقدره عليه و لايجوز لاحد انيتحرك او يسكن او يتصرف في نفسه او مالِه او ما لَه او ما لغيره بوجه من الوجوه الا باذن ربه بما امره كما امره بقدر ما امره و هذا هو الاصل اولاً و اخراً و ظاهراً و باطناً و قدنطق النبي9 بذلك و صدقه العقل المستنير الذي استخرج غوره بالحكمة التي استخرج غورها بالعقل و هو ما قاله في احتجاجه علي المشركين ان عباد الله المخلوقين مربوبون فنأتمر له فيما امرنا و ننزجر عما زجرنا و نعبده من حيث يريد منا فاذا امرنا بوجه من الوجوه اطعنا و لمنتعده الي غيره مما لميأمرنا و لميأذن لنا لانا لاندري لعله اراد منا الاول فهو يكره الثاني و قدنهانا اننتقدم بين يديه فلما امرنا اننعبد بالتوجه الي الكعبة اطعنا ثم امرنا بعبادته بالتوجه الي جهتها من ساير البلدان التي نكون بها فاطعنا و لمنخرج في شيء من ذلك من اتباع امره و الله عزوجل امر بالسجود لادم لميأمر بالسجود لصورته التي هي غيره فليس لكم انتقيسوا ذلك عليه لانكم لاتدرون لعله يكره ما تفعلون اذ لميأمركم به ثم قال لهم رسول الله9 أرأيتم ان امركم رجل بدخول داره يوماً بعينه ألكم انتدخلوا داراً له اخري مثلها بغير امره او وهب لكم رجل ثوباً من ثيابه او عبداً من عبيده او دابة من دوابه ألكم انتأخذوا ذلك فان لمتأخذوا اخذتم اخر مثله قالوا لا لانه لميأذن لنا في الثاني كما امر لنا في الاول قال فاخبروني فالله اولي بان لايتقدم علي ملكه بغير امره او بعض المملوكين قالوا بل الله اولي ان لايتصرف في ملكه بغير امره و اذنه قال فلم فعلتم و من امركم انتتخذوا هذه الصورة فقال القوم سننظر في امورنا.
انظر في هذا الحديث الشريف و انظر كيف ايد عقولهم و سدد و علم ثم حاكمهم الي عقولهم و حكم عقولهم بانه لايجوز التصرف في ملك الله الا باذن الله ثم قررهم علي ذلك و قبل منهم هذه الحكومة و قدانزل الله بذلك القرءان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۴ *»
و قال لاتقدموا بين يدي الله و رسوله و مدح قوماً و قال لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و عن الحجة عجل الله فرجه لايحل مال الا من وجه احله الله انتهي فبالعقول المستنيرة بنور الرسل و الحجج و تعليمهم علمنا انه لايجوز التصرف في ملك الله اولاً و اخراً و في كل زمان و اوان بدون حكم الله و اذنه هكذا ينبغي انيقرر هذا الاصل الاصيل المبني علي التوحيد و النبوة و الامامة فالاصل الاولي الحظر و باقي العبارة ظاهر في مطالب هي اوهن من بيت العنكبوت و في منع بلا دليل و استقراء بلا وجه و ادلة ظنية و وهمية لاتتبع.
قال: ثم الحق في المسألة الاباحة عقلاً و شرعاً قبل ورود الشرع و بعده قبل العثور علي الدليل الوارد لنا بناء العقلاء علي تسفيه من اقتصر في افعاله علي الضروريات ملتزماً به فاندفع الضرر المحتمل و علم الاذن عند عدم امكان الاستيذان لبناء العقلاء الذي هو حجة هنا حذراً من التكليف بلا بيان و من التكليف بما لايطاق بعد كونهم معتقدين بالجواز من غير رادع و اندفع قاعدة الاشتغال ايضاً اذ لا دليل علي حجيتها حينئذ مضافاً الي قوله7 كل شيء مطلق الي اخر و المتبادر من المطلق مطلق الاذن او الاباحة الخاصة و من قوله حتي يرد حتي يعلم بالورود فلايضر احتمال الورود مع كونه مدفوعاً بالاصل و دعوي العلم بورود حكم في الواقع للفعل المشكوك لعدم خلو الواقعة عنه كما مر فلايجري الاصل مردودة بان المسلم جعل الحكم اما عموماً او خصوصاً لاخصوصاً فقط مع ان المشتبهات كثيرة و العلم الاجمالي فيها لايضر كما في الشبهة الغيرالمحصورة مع ان القائل بالحظر يحكم به و ان علم بعدم ورود نهي في نفس الامر و توهم انه يكفي في ورود النهي نهي العقل كما مر في تأسيس الاصل لانه كل ما حكم به حكم به الشرع مدفوع بعدم انصراف اطلاق الورود و اطلاق النهي الي مثله و لو قيل الرواية ضعيفة و من الاحاد قلنا المسألة فرعية و هي منجبرة بالعمل و الي الاية الشريفة خلق لكم ما في الارض جميعاً و فيها عموم من وجهين الموصولة و التأكيد و اللام للانتفاع و المقام مقام الامتنان و لامعين لبعض المنافع فتعم من هذه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۵ *»
الجهة ايضاً الا انيقال ان المقام ليس مقام البيان او ان النفع مفسر بالعبرة في رواية لكنها ضعيفة او ان موردها الافعال المتعلقة بالاعيان خاصة الا انيقال باختصاص النزاع بها او يتمسك بمركب الاجماع و الحق ان منفعة الشيء ان كانت واحدة او متعددة و فيها اظهر عرفاً فلا اجمال في الاية بالنسبة الي تلك المنافع و ان لميكن فيها اظهر او لميوجد فيها منفعة ظاهرة فالاجمال في الاية تثبت الايجاب الجزئي لا الكلي.
اقول: قوله <ثم الحق في المسألة> فيه اختلال فانه قال سابقاً <و كيف كان فالاصل الاصيل في المسألة الحظر> ثم ساق الكلام الي ان قال <ثم الحق في المسألة الاباحة> و كان اللازم انيقول الاصل الثاني كذا او انقلب الاصل الاول بالجملة هذا هو الاصل الثاني العارض علي الاصل الاول و هذا الاصل الثانوي مستمر الي انيعثر المكلف علي دليل صارف عنه.
قوله <لنا بناء العقلاء> الي اخر نحن كررنا القول في هذا الشرح ان بناء العقلاء دليل واه من وجوه الاول ان العقلاء لايحصي عددهم و لايحيط بهم و بانظارهم الا الله فلايعرف اتفاقهم ابداً الا في ضروريات العالم و محسوساته و انا من معرفة اتفاق العلماء في عويل مع ان عددهم عشر معشار العقلاء فكيف لنا بمعرفة اتفاق العقلاء ثم بعد ذلك من جعل لكم اتفاق العقلاء دليلاً علي شيء من امور الدين اللهم الا انيكون من باب الكشف عن عقل المعصوم فح لايحتاج الي جميع العقلاء فان عرف عقل الامام بعقل واحد اخر يكفي عقلان و ان عرف باثنين يكفي ثلثة عقول و لا شك ان مرادهم غير الاجماع الكشفي و الا لعبروا عنه بالاجماع و اما قول الكاظم7 او قياس تعرف العقول عدله فاولاً انه تقية لان القياس من مذهب العامة بالبداهة و كتبه للخليفة فاتقي فيه و ثانياً انه قيده بالعقول و هو لفظ عام فعلقه علي المحال و ثالثاً ان قلنا بان المراد بالقياس القياس اللغوي و العقلي فهو ايضاً مقيد بالعقول و هو جمع محلي باللام يفيد العموم فعلقه علي المحال الا في بعض المسائل النادرة بالجملة اتفاق العقول ليس دليل دين الله فان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و لو رضي الله بها لمابعث الرسل و لماانزل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۶ *»
الكتب و العقلاء فيهم المشركون و الكفار و اهل الذمة و متي صار عقول هؤلاء مناط دين الله و ان لميرد هؤلاء فلم لايكتفي بعقول المسلمين مع ان عقولهم ايضاً ليست بحجة هذا و هذه العقول تعرف الاشياء الدنياوية بالتجربة و الممارسة و لما تري من امثال الشيء و اشباهه و ليست تعرف رضاء الله و سخطه و ليس لها قوة التلقي عن الله أليس في زمان ابرهيم علي نبينا و اله و عليه السلام جميع هذه العقلاء كفاراً و لميكن مؤمن الا ابرهيم و لذا انزل الله سبحانه كان ابرهيم امة قانتا و لميك في زمان ادريس علي نبينا و اله و عليه السلام مؤمن الا ادريس7 و ارتد الناس بعد موسي علي نبينا و اله و عليه السلام الا اربعة و ارتدوا بعد محمد9 الا اربعة و كان بناء العقلاء في هذه الاعصار علي الكفر و تكذيب الانبياء و الرسل فليبنوا علي ما ذهب اليه العقلاء و وردت ايات و روايات و قام الاجماع لمن عرف الحق ان رأي العقول ليست بحجة فالمصنف يقلد عقول الناس بلاحجة و كم من مسألة جرت في الشرع علي خلاف بناء جميع العقلاء ظاهراً علي ما ترون ككون غسل الرجل في الوضوء احسن من المسح في غير موضع الضرورة لاسيما للحفاة و اي عقل يحكم بانيكون دية ثلث اصابع ثلثين بعيراً و دية اربع اصابع عشرين فذر هذه العقول الناقصة الجاهلة و لاتعتن بها و لاتعارض بها الشرع ابداً.
قوله <فاندفع الضرر> الي اخر يعني ان قال قائل انك قلت بلزوم هجر الكل لاحتمال الضرر و احتمال الضرر هنا باق اجاب المصنف المختار ان احتمال الضرر الامكاني لايجب التحرز منه و اما الضرر العادي فيندفع الضرر لان بناء العقلاء علي عدم التحرز و بناء العقلاء علي هجر ما يحتمل الضرر فهنا بعد لايحتمل الضرر فان كان هذا الدليل حقاً فالدليل الاول باطل و ليس الاصل الاصيل الحظر علي رأيه.
قوله <و علم الاذن عند امكان> الي اخر هذا رد بحث اخر يعني ان قال قائل انك قلت ان التصرف في مال الغير قبيح الا من بعد اذنه اجاب المصنف المالك للازمة ان العلم بالاذن لازم عند امكانه و هنا غيرممكن و بناء العقلاء علي عدم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۷ *»
الاستيذان اذا لميمكن الاستيذان و بناؤهم حجة هنا و ماادري الخصوصية و لم اذن المصنف انيكون حجة هنا و الله و رسوله و حججه نهوا عن رأي العقول و ليس للعقول انتقول لايجب الاذن هنا و يجوز التصرف في مال الله بلااذن هذا و عدم الامكان ممنوع لانفتاح باب الله و سبيل الله و هو المعصوم و النبي قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق و ما اذن الحجة فيه فقداذن الله فيه و علي قولكم يجوز التصرف في جميع اموال حجج الله و اموالهم مباحة و صدقة في زمانهم اذ لايمكن الاستيذان منهم علي مايقولون فان امكن الاستيذان منهم في اموالهم امكن الاستيذان منهم في مال الله و اسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا و قدردع الحجج في الف و مأتين حديثاً من رأي العقول.
قوله <و اندفع قاعدة الاشتغال> الي اخر هذا رد بحث اخر يعني ان قال قائل انا نعلم ان في الاشياء محظورات عديدة فيجب علينا الاجتناب عن الشبهات فنحن مأمورون بالاجتناب عن تلك المحظورات فلايحصل القطع ببراءة الذمة الا باجتناب الكل فالاصل الحظر فاجاب المصنف المختار علي القبول و المنع بانها مدفوعة اذ لا دليل علي حجيتها في غيرالمحصورات و دليله العقلي هو المعتمد مضافاً الي قوله7 فهذا الحديث ايضاً عنده من المؤيدات و ان لميكن فيه حجة كل شيء مطلق حتي يرد فيه نهي و المتبادر من لفظ المطلق اما مطلق الاذن الساري في الاربعة او الخامس خاصاً و المتبادر من قوله حتي يرد ان المراد العلم بالورود فان قيل لعله ورد حديث و لميبلغك فهذا الاحتمال غيرمضر مع ان الاصل عدم الورود و ان قيل ان العلم بالورود حاصل لان لكل شيء حكماً في الواقع و النبي قدبلغ قال انه مردود بان المسلم ورود حكم و لو بالعموم و انا لااعرف معني هذا الجواب من المصنف و لاافهم تفاوتاً بين كون الشيء منهياً عنه بخصوصه و بين كونه منهياً عنه بعام ناه عنه و ان كان النهي العام لايكفي في التحريم فلم لايجرون في افراد العمومات الناهية الاباحة الاصلية فقول المصنف ليس بجواب و ان كان بحث الباحث ايضاً واهياً و المراد بالورود الورود علي المكلف بالفتح لا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۸ *»
الصدور من المكلف بالكسر.
قوله <و ان علم بعدم ورود نهي> الي اخر هذا رد بحث اخر يعني ان قيل نحن اذا علمنا بتحريم شيء بالعقل لمفسدة فيه و ان علمنا انه لميرد به شرع ولكن نعلم ان ما حكم به العقل حكم به الشرع يكفي ذلك في عدم جواز اجراء اصل الاباحة فاجاب المصنف بان لفظ الورود في الخبر لاينصرف الي فهم العقل و انا اقول للمصنف ان ورد الرخصة عن الشارع بالاخذ بحكم العقل فقد ورد النهي و ينصرف اليه و ان لميرد فما بالكم تحكمون بما لميحكم به الله و رسوله9.
قوله <و لو قيل> الي اخر يعني ان قيل ان الرواية من الاحاد و لايجوز الاستدلال بها قلنا المسألة فرعية و يجوز الظن فيها مع انها منجبرة بالاية و في الاية عموم لفظة <ما> و عموم <جميعاً> فتشمل الحكم و اللام ايضاً للانتفاع و المقام مقام الامتنان و لا معين لمنفعة دون منفعة فتعم من هذه الجهة ايضاً اللهم الا انيقول قائل ليس المقام مقام شرح حلية جميع الاشياء مع انه في حديث اخر فسرت انه خلق لكم لتعتبروا به او ان الاية واردة في الافعال المتعلقة بالاعيان لا حلية جميع الاشياء الا انيقال ان محل النزاع الافعال او يقول قائل اذا ثبت في الافعال ثبت في الاعيان بالاجماع المركب.
قوله <و الحق> الي اخر فالمصنف حقق و قال الشيء ان كان له منفعة واحدة و خلق لكم فلا اجمال في الاية او كانت له منافع و منفعة منها اظهر ايضاً لا اجمال في الاية و في غير هاتين الصورتين الاية تثبت الايجاب الجزئي و ماادري اي شيء حاصل هذا التحقيق في هذه المخلوقات غيرالمتناهية مع المنافع غيرالمتناهية و اقول و لا قوة الا بالله ان الاصل الاولي في الاشياء ما سمعت اليوم و قبل اليوم و بعد اليوم الحظر فلايجوز للعبد انيتصرف في شيء من ملك الله بشيء حتي في ذات نفسه و يجب انيكون عند الله كالميت بين يدي الغسال لايتحرك و لايسكن الا بامر منه و اما الاصل الثانوي الظاهري فهو ما اصله النبي9 بعد ما بعث و نطق و بلغ فهذا الاصل هو الاطلاق في ما لمينه عنه و اطلاقه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰۹ *»
هو اطلاق الله و اذنه هو اذن الله و انما مثل ذلك كمثل مال زيد الذي اذن لك في التصرف فيه فقداجتمع فيه اصلان فالاصل الاولي حرمة ماله لغيره الا باذنه و الاصل الثاني الذي طرأ عليه حله لانه اذن و كذلك الاصل الاولي الحظر في جميع الاشياء لانها مال الله فلايحل التصرف فيها الا باذن الله و الاصل الثانوي الاطلاق و الاذن في التصرف الا ما استثني و هو ما نهي عنه و تأصيل هذا الاصل علي ما يحب الله و يرضاه و رسوله و يقرره حججه: ان النبي9 جاء يوم جاء و الناس يعيشون في الدنيا و يتصرفون في ما يمكنهم التصرف فيه من ابدانهم و اموالهم و لهم معايش و مآكل و ملابس و مناكح و مساكن و متاجر و مزارع و متقلبات و افعال و تصرفات فجاء النبي9 من عند الله العالم بما يفعلون و ما هم عليه الباعث للنبي9 لهدايتهم الي صلاحهم و فسادهم و كان9 شاهداً عليهم مطلعاً لايخفي عليه شيء مما هم عليه بنص الايات و الاخبار فقام بينهم و فرض عليهم فرايض و سن لهم سنناً و حرم عليهم اشياء و كره لهم اشياء و سكت عن اشياء و قررهم عليها و لمينههم عنها و لميسكت تهاوناً و لا كسالة و لاتقصيراً و لا غفلة و سهواً بل عمداً فوجب علينا اتباعه و العمل بفرايضه و حفظ سننه و اجتناب محارمه و التنزه عن مكروهاته و اطلاق ما اطلقه و السكوت عما سكت و لانكون ابر منه بالخلق و لا احفظ منه لهم فتقريره ما هم عليه في غير المنهيات اذن منه و اعلام برضاه و رضا ربه لاسيما ما صرح به في القول و يدل علي ما شرحنا و بينا اخبار منها ما قال اميرالمؤمنين7 ان الله حد حدوداً فلاتعتدوها و فرض فرائض فلاتنقصوها و سكت عن اشياء لميسكت عنها نسياناً فلاتكلفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها و قال7 لاتكلفوا ما لمتكلفوا و قال7 قـال رسول الله9 ان الله تعالي حد لكم حدوداً فلاتعتدوها و فرض عليكم فرايض فلاتضيعوها و سن لكم سنناً فاتبعوها و حرم عليكم حرمات فلاتنتهكوها و عفا عنكم عن اشياء رحمة من غير نسيان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۰ *»
فلاتتكلفوها و قال ابوعبدالله7 بحسبكم انتقولوا ما قلنا و تصمتوا عما صمتنا فانكم اذا قلتم ما نقول و سلمتم لنا فيما سكتنا عنه فقدامنتم بمثل ما امنا وقال الله تعالي فان امنوا بمثل ما امنتم به فقداهتدوا و قال7 في حديث فوالله لنحبكم انتقولوا اذا قلنا و تصمتوا اذا صمتنا و نحن فيما بينكم و بين الله ماجعل الله لاحد خيراً في خلاف امرنا و روي انه ذكر عند عمر في ايامه حلي الكعبة و كثرته فقال قوم لو اخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان اعظم للاجر و ماتصنع الكعبة بالحلي فهم عمر بذلك و سأل عنه اميرالمؤمنين7 فقال ان القرءان انزل علي رسول الله9 و الاموال اربعة اموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض و الفيء فقسمه علي مستحقيه و الخمس فوضعه الله حيث وضعه و الصدقات فجعلها الله حيث جعلها و كان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه الله علي حاله و لميتركه نسياناً و لميخف عليه مكاناً فاقره حيث اقره الله و رسوله فقال عمر لولاك لافتضحنا و ترك الحلي بحاله و سئل ابوعبدالله7 عما يجب فيه الزكوة فقال في تسعة اشياء الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفا رسول الله عما سوي ذلك فقيل اصلحك الله فان عندنا حباً كثيراً فزبره ثم قال اقول لك ان رسول الله9 عفا عما سوي ذلك و تقول ان عندنا حباً كثيراً فيه الزكوة و قال الصادق7 كل شيء مطلق حتي يرد فيه نهي و قال7 الاشياء مطلقة ما لميرد عليك امر و نهي و قال7 ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و قال7 من عمل بما علم كفي ما لميعلم و قال النبي9 اتركوني ما تركتكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم علي انبيائهم فاذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم و اذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه الي غير ذلك من الاخبار فجميع ما كان الناس يعملون و يقولون و يتصرفون و يتحركون فيه و يسكنون محلل لهم مأذون لهم فيه و مقرر لهم الا ما نص الشارع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۱ *»
فيه بنص خاص و هذا هو الاصل الثانوي وضعه الشارع لنا قولاً و اذناً و تقريراً و دل عليه العقل الصريح المستنير بنور الشرع و هذا هو اصل الاباحة الذي وضعه الشارع بعد ما جاء و اذن و هو صاحب المال و الملك ثم ان جاء امر بشيء ائتمرنا و ان جاء نهي انتهينا و ان لميجئ شيء خاص فقدجاء فيه اذن و رخصة عامة علي ما ذكرنا فنحن نعمل في جميع ما يحدث لنا بالنص خاصاً و عاماً و لميبق في الدنيا ذرة و شيء و حادث من الحوادث الا و فيه نص من الله و رسوله9.
بقي هنا شيء و هو ان هذا الاصل هو الاصل الثاني و الاوامر و النواهي الخاصة هي الاصل الثالث و النبي9 هو المأمور بالابلاغ فما بلغ الينا استقر علينا التكليف فيه و ما لميبلغ فلاتكليف خاص لنا اذ لايكلف الله نفساً الا ما اتيها و جميع الناس مكلفون و هو الرسول الي الناس كافة و ان بلغ تكليفاً الي زيد و لميبلغ الي عمرو عن عمد منه فليس لعمرو انيعمل بما بلغ الي زيد بحدس و رمل و اسطرلاب او رأي او تظن فان رسول الله9 لميبلغ اليه عن عمد و لميعمد الا بامر من الله فلميشأ الله انيعرفه عمرو حينئذ فليس مكلفاً به فليس عليه الا الاباحة الاصلية فان بلغه فعليه ما بلغه علي ما بلغه فلايضرنا شبهة الاخباريين و هي احتمال انه لعله صدر من النبي احكام في ذلك بل له في كل قضية حكم في كتاب الله و سنة نبيه فلا اباحة اصلية فانه اذا لميبلغ الينا لسنا مكلفين فلاتكليف الا بالبيان و الناس في سعة ما لميعلموا فلنا الاصل الثاني لانه بلغنا و ليس علينا ما قاله لرجل آخر و لميبلغنا فافهم فقد والله اسقيتك ماءاً غدقا و هذا هو مر الحق و الصواب و لا حاجة بنا الي الخيالات و الليات التي يستعملها القوم و ماانزل الله بها من سلطان و الحمدلله رب العالمين.
قال: اصل فاعلم انه اذا شك في اصل التكليف او كيفيته فالامر اما دائر بين الواجب و غيرالحرام او الحرام و غيرالواجب او الواجب و الحرام و في الاول اما ليس علم اجمالي في الواقعة الخاصة المشكوكة بالتكليف فيكون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۲ *»
شكاً في التكليف او هنا علم اجمالي به مردد بين المتباينين لشبهة عرضية مرادية كالظهر و الجمعة سواءاً نشأ الاجمال عن تعارض الادلة او عن اجمال الدليل او مصداقية كاشتباه جهة القبلة بين الجهات و الزوجة المنذور وطيها بين الزوجات او بين الاقل و الاكثر استقلالياً ام ارتباطياً مصداقياً ام مرادياً نشأ اجمال المراد عن الشك في الحدوث او في الحادث لتعارض الادلة او اجمال اللفظ فبيان احكام تلك الاقسام يقع في طي اصول ثم اعلم ان المراد من الشك هنا اعم مما تساوي طرفاه و من ظن لميقم عليه دليل و ان ما فيه نص غيرمعتبر و لو مثل فتوي فقيه يحتمل استناده الي النص داخل في نزاع اصل البراءة و الاحتياط و كذا ما لا نص فيه اصلاً لكن في الشبهة التحريمية لا الوجوبية اذ القول بالاحتياط الذي هو من اقوال المسألة لايتصور فيها اذا خلت عن النص لعدم امكان الاحتياط فيها اذ ما من شيء الا و يحتمل الوجوب و لو بمجرد الامكان الذاتي او ان كل ما يحتمل الوجوب يحتمل الحرمة ايضاً فلايمكن الاحتياط فتأمل و ما تعارض فيه النصان داخل لان حكمهم في باب التراجيح بالاخذ بموافق الاصل او طرحهما و الرجوع اليه يقتضي كون هذا الاصل مؤسساً حتي يصير مرجعاً او مرجحاً ثم في الشبهة التحريمية يمكن جعل النزاع قبل ورود الشرع و بعده و في الوجوبية لايمكن الا بعده اذ القول بالاحتياط لايتصور فيها قبل ورود الشرع للوجهين المذكورين فيما لا نص فيه و توهم ان القول بالاحتياط ناش عن العلم الاجمالي فلايكون ايضاً الا بعد الشرع مدفوع بان دليله اعم من ذلك.
اقول: اعلم ان البراءة الاصلية و اصل البراءة كلمة باطلة اطلقها العامة العمياء السالكون في الظلماء و اتبعهم غيرهم عن غفلة و العبد مادام عبداً و دخل تحت امر <كن> لايكون بريء الذمة عن العبودية اذ البريء من ليس لاحد عليه حق و ليس العبد بريئاً من حق الله ابداً ابداً ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون ففي الاصل الاولي ذمته مشغولة بان لايتصرف في ملك الله الا باذن و في الاصل الثانوي اذن الله له في التصرف في الاشياء الا ما استثني فالذي يتصرف بالاذن و انيأخذ يأخذ بالاذن و انيترك يترك بالاذن ليس بريئاً من حق الاذن و ليس له التصرف بغير اذن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۳ *»
و اما في الاصل الثالثي فهو واقف موقف الامر و النهي فمتي يكون العبد بريئاً و متي يكون الاصل البراءة و ان قلت ان مرادنا ذلك قلت انها لفظة ملعونة مشركة اطلقها قوم مشركون و لايجوز التفوه بها و ان النصاري كانوا يعلمون ان الله لايلد و لكن لعنوا بما قالوا مما لمينزل الله به من سلطان و ارادوا من الولد الاختصاص و الانقطاع الي الله و لكن اللفظة لفظة كافرة فلميرضه الله ثم اراد المصنف انيبين في هذا الاصل فهرس انواع ما يشك في التكليف فيه ثم يبينها في اصول تفصيلاً.
قوله <فاعلم> ماادري وجه اتيانه بالفاء.
قوله <اذا شك في اصل التكليف او كيفيته> الي اخر اعلم ان هنا دقيقة يجب التنبيه عليها و ان قدمنا سابقاً اجمالاً و هو ان اليقين هو صفة عقلانية تحصل في العقل لانه اطمينان العقل بموافقة معقوله للواقع و تلك الاطمينان حادث في العقل و لابد له من علة اذ لايتغير الشيء عما هو عليه من ذات نفسه ان لميوجد مغير من الخارج فلابد لهذا اليقين من علة و هي الدليل الحق البريء من الخلل المشتمل علي مقدمات بديهية المنتجة للمطلوب بالبداهة فعند ذلك يطمئن العقل ان تلك النتيجة موافقة للواقع فلايتزلزل و لو خالفه جميع الدنيا و هذا هو علامة اليقين الا انينتقض عليه دليله و يظهر فساد فيه و اما مع عدم ظهور فساد فيه فيمكن انيتزلزل في صدق النتيجة اذا غفل عن الدليل حتي نسيه فانه يصير كالمبتدئ باضداده و اما اذا قام في الخارج دليلان متضادان ناقصان يدل كل واحد علي خلاف الاخر فلايعقل في ذلك انيكون كل واحد بنفسه او لولا الاخر مورثاً لليقين فان الدليلين عند التضاد ناقصان و هما لنقصهما مفيدان للظن فانه لايعقل الظن الا مع رجحان احد الطرفين فاذا قام في الخارج دليلان احدهما اقوي من الاخر اورث الاقوي في العقل ظناً و اورث الاضعف في العقل وهماً و لو قام في الخارج الدليل الاقوي و لميقم الدليل الاضعف لميحدث ظناً و ان كانا متساويين يعني كل واحد ناقص يحتمل العقل عند النظر اليه صحة النتيجة فيورثان في النفس شكاً و هاتان الصفتان ايضاً حادثتان في العقل محتاجتان الي علة و لاتوجدان من غير علة و قلنا ان الدليل الاقوي لايحدث ظناً لان احتمال الاضعف ايضاً امر وجودي حادث يحتاج الي علة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۴ *»
و علته الدليل الاضعف فكذلك الدليل الشكي لولا الدليل المقابل لمااحدث شكاً لان احتمال الطرف المقابل ايضاً امر وجودي لولا علته لماوجد .
و لعلك اذا احطت بما ذكرت خبراً علمت ان اليقين و اخوته امور وجودية معلولة للعلل الخارجية فان وجدت العلة وجد المعلول و الا فلايتغير العقل من ذات نفسه عما كان عليه قبل فان لميوجد في الخارج دليل لماتغير العقل فلميحصل له يقين و لا ظن و لا شك ابداً فاذا هو جهل محض كالعين اذا كان مبصر الذي هو علة وجود الشبح في العين حصل فيها الشبح و الا تبقي علي سذاجتها ليس فيها شبح اصلاً و كالاذن ان كان صوت سمعت صوتاً و الا ليس فيها صوت ابداً و اذ لميكن فيها صوت ابداً لايقال انها شاكة هل صوت زيد في الخارج ام صوت عمرو و ان لميكن مرئي في الخارج لايقال ان العين شاكة هل فيه حمرة ام صفرة اذ لا حمرة و لا صفرة فكذلك اذا لميكن في الخارج دليل ابداً ليس في العقل يقين و لا ظن و لا شك و لا وهم ابداً ابداً.
ثم اذا عرفت ذلك فاعلم ان الدليل ما يكون بنفسه واجب الاتباع مفترض الطاعة قد حكم العقل قبل دلالته بان ما دل عليه هذا وجب اتباعه كرسول هو الدليل علي الله و علي دينه و يحكم العقل بوجوب اتباعه اذا دل و حكم و لما يحكم فاذا حكم هذا الدليل بشيء قطعاً وجب اتباعه و اما اذا كان المدعي للدلالة غير واجب الاطاعة و لميثبت وجوب اتباعه ليس بدلالته عبرة و لايتبع كمن تتخذه دليلاً الي مقصد فان عرفت انه يدلك اليه اتبعته و الا لمتتبعه و ليس من الحزم اتباعه فلعله شيطان يغويك قال علي بن الحسين7 ان وضح لك امر فاقبله و الا فاسكت تسلم و رد علمه الي الله فانك في اوسع مما بين السماء و الارض و قال ابوعبدالله7 لايفلح من لايعقل و لايعقل من لايعلم الي ان قال و من فرط تورط و من خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لايعلم و من هجم علي امر بغيرعلم جدع انف نفسه و من لميعلم لميفهم و من لميفهم لميسلم و من لميسلم لميكرم و من لميكرم تهضم و من تهضم كان الوم و من كان كذا كان احري ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۵ *»
يندم و قال علي7 يا بني دع القول فيما لاتعرف و الخطاب فيما لاتكلف و امسك عن طريق اذا خفت ضلالته فان الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الاهوال انتهي و قال الله تعالي ان جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا انتصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين فاذا قام في الخارج ما علم انه دليل و ثبت انه دليل المقصد اثر في العقل علي حسب دلالته و ان قام في الخارج ما ثبت انه لا عبرة به و لايجوز الاعتناء به فلايؤثر في العقل شيئاً و لاينبغي الارتياب في دلالته و ان قام في الخارج ما يظن او يشك في كونه دليلاً او قام دليلان كما قررنا و بينا احدث الظن و الشك و الوهم في العقل و هذا الذي ذكرنا و شرحنا يجري في العاديات بالادلة العادية و في الشرعيات بالادلة الشرعية فلاتغفل.
فعلي ما قررنا لا شك في المسائل الشرعية بواسطة الادلة العقلية و الاحتمالات الوهمية و اقوال جماعة لا برهان لها في دين الله و امارات ظنية من العادات نهينا عن اتباعها او ظنون مطلقة او خاصة قام ادلة الكتاب و السنة و الاجماع و العقل علي حرمة اتباعها فمهما قام في الخارج شيء من ذلك لايفيد في دين الله شيئاً و لاينبغي الاعتناء بها و لا الارتياب بسببها و ينبغي السعي في تخلية القلب عن رينها و درنها و شبهاتها و ان القوم ظنوا دين الله كسياسة المدن التي يستعملها السلاطين و يعرضون قصة كل حادث علي اهل المشورة و يبعثون بها الي دار الشوري فيجلسون و يتوامرون و يتشاورون كيف ينبغي اننفعل و فيما الصلاح و ماذا الحسن فيعملون بالامارات العادية و الاستحسانات الرسمية فيحكمون بما اجتمع عليه رأيهم و هؤلاء العامة ايضاً زعموا الخلافة سلطنة و الدين سياسة و زعموا انفسهم من رجال دولة الاسلام فيتوامرون و يتشاورون و يتراءون و يتظنون و ينظرون في الاحسن و الاصلح و الاولي و الانسب و الاقرب و الاشبه فيحكمون بما قوي في نظرهم او اجتمع عليه اراؤهم كماجعلوا الخلافة ايضاً كذلك و كما امرهم الثاني بذلك و قال اجتهدوا اراءكم و هم غافلون ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة و هذا علم مراضي الرب و مساخطه في ملكه و لايطلع عليهما الا من جاء من عند الله و اشهده الله خلق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۶ *»
السموات و الارض و حقايق الاشياء و لايجوز انيحكم في هذا الدين الا من رأي حقايق الاشياء كما قال الله احكم بما اراك الله فمهما قام في الخارج دليل من هذه الادلة العادية السياسية الملكية احدث في انفسهم ظنوناً عادية فاتبعوها و اما من علم ان هذه الامور كالهباء المنثور و لايغتر بها الا اهل الغرور فلايحدث في عقله شيء ابداً الاتري ان العامة اضعاف الشيعة بمرات و لايحدث شهرتهم و اجماعهم في نفسك شيئاً و لايحدث من شبهة خلافهم و وفاقهم شيء في قلبك فالادلة غير المعتبرة ليست من العلل التي تحدث في النفس شيئاً و الادلة المعتبرة الكتاب و السنة قال7 من اخذ دينه من افواه الرجال ازالته الرجال و من اخذ دينه من الكتاب و السنة زالت الجبال و لميزل و عن يونس بن عبدالرحمن قال قلت لابيالحسن الاول7 بما اوحد الله فقال يا يونس لاتكونن مبتدعاً من نظر برأيه هلك و من ترك اهل بيت نبيه ضل و من ترك كتاب الله و قول نبيه كفر و قال رسول الله9 اني تارك فيكم الثقلين الثقل الاكبر و الثقل الاصغر فاما الاكبر فكتاب ربي و اما الاصغر فعترتي اهل بيتي فاحفظوني فيهما فلنتضلوا ما تمسكتم بهما.
قوله <و في الاول> الي اخر يعني اذا كان الشك في اصل التكليف فلايخلو اما له علم اجمالي بانه مكلف باحد الامور المشتبهة ولكن لايعلمه بخصوصه فيكون الشك في المكلف به و اما ليس له علم اجمالي بالتكليف فيكون الشك في التكليف و هذا القسم لايكاد يوجد في زماننا بعد انسداد باب العلم فانا نعلم اجمالاً انا مكلفون بتكليف اجمالي و اما معاصروا الائمة: فلما كان باب العلم في الاغلب مفتوحاً عليهم قدكان يشتبه الامر عليهم في شيء انهم مكلفون به ام لا لان مدارهم علي العلم بالتكاليف و اما نحن فعلمنا اجمالاً انا مكلفون فالتكليف الاجمالي ثابت لنا و انما الاشتباه في المكلف به و عندي هذا القول غيرسديد فان العلم الاجمالي المبهم المحض بانا مكلفون بدينما ليس يوجب علينا شيئاً اذ لايكلف الله نفساً الا ما اتيها و لايكلف الله نفساً الا وسعها و انا اذاً ان عملنا بالبراءة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۷ *»
فتناقض اثبات التكليف و ان عملنا بالاحتياط لزم العسر و الحرج الشديد الذي لايطاق و ماجعل عليكم في الدين من حرج و لذا قال ابوابرهيم7 في الذي يجهل التحريم انه لايقدر علي الاحتياط معها و قال في الذي يعلم بوجوب الجزاء و يجهل الانفراد و الشركة اذا اصبتم بمثل هذا فعليكم بالاحتياط حتي تسألوا عنه فتعلموا فالعلم الاجمالي بوقوع التكليف لايثبت تكليفاً فان كل من قبل الاسلام علم بوقوع تكليف اجمالي و مع ذلك قالوا هم في سعة حتييعلموا و قالوا ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و رفع عن هذه الامة ما لايعلمون مع ان كل مسلم يعلم مجملاً انه مكلف نعم اذا علم انه عليه صلوة و شك في فعل جزء و تركه لتعارض الدليلين الشرعيين فعليه الاحتياط و لااحتياط فيما اذا تردد فيما لايحصي من الاحتمال فانه حرج و عسر غيرمجعول و مراد.
قوله <او هنا علم اجمالي> يعني يعلم مجملاً انه مكلف فان تردد في المتباينين كالظهر و الجمعة فانهما في الصورة متباينتان سواءاً نشأت الشبهة في المراد كالظهر و الجمعة فانك لاتدري المراد من اقم الصلوة هل هي الظهر او الجمعة او في المصداق كما اذا اشتبه جهات القبلة فلاتدري مصداق القبلة هذه الجهة ام هذه الجهة و كالزوجة المنذور وطيها اذا لميعلم اية زوجاته هي و ان تردد في الاقل و الاكثر كالصلوة هل هي مع السورة او تصدق علي ما لاسورة فيها سواءاً كان هذا المردد فيه استقلالياً يعني اذا اتي بالاقل قدعمل بشيء من التكليف و يبقي التردد في الزايد كما اذا تردد في ان الفائتة خمس او عشر فان اتي بالخمس اجزأته عن الخمس و ان كان في الواقع عليه عشر فكل منهما مستقل ام ارتباطياً كالصلوة مع السورة و بلا سورة فان الاقل مرتبط بالاكثر و لايحصل الامتثال بالاقل لو كان الواقع اكثر.
قوله <مصداقياً ام مرادياً> يعني معني اللفظ واضح كالقبلة ولكن اشتبه الوجه او معني اللفظ مشتبه كالصلوة مثلاً.
قوله <نشأ اجمال المراد> الي اخر يعني سواءاً نشأ اجمال المراد من الصلوة من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۸ *»
الشك في الحدوث يعني حدوث التكليف من الشارع او من الشك في الحادث باننعلم اجمالاً انا مكلفون يقيناً بصاع في الفطرة مثلاً و لانعلم انه ستة ارطال او تسعة ارطال لتعارض الادلة من الكتاب و السنة او اجمال اللفظ كاجمال الصاع لاختلاف كلمات اهل اللغة و الفقهاء مثلاً فاراد المصنف انيضع اصلاً في كل واحد من هذه الاقسام و يبين ان الاصل فيه البراءة او الاحتياط فذكر ذلك فهرساً.
قوله <ثم اعلم ان المراد من الشك> الي اخر يعني مرادنا من الشك في اصل التكليف او كيفيته ليس المعروف بتساوي الطرفين بل المظنون الذي ليس لمدركه دليل شرعي معتبر داخل في ذلك ايضاً اقول ان عرفت معني الشك مما بينا تعرف ان ما ليس له دليلان شرعيان ليس بشك شرعي و انما هو شك عرفي و لا عبرة به و انما الشك ما قام عليه دليلان من كتاب الله و سنة نبيه و اما ان قال الوف كذا و الوف كذا فلا شك شرعياً و لا ظن و لا وهم.
قوله <و ان ما فيه> الي اخر يعني اذا كان في المسألة نص غيرمعتبر و ان كان ذلك النص مظنوناً بانيكون فقيه قدافتي في المسألة و حصل لك الظن او احتمال بانه لايقول الا بنص داخل في هذا النزاع و كذا اذا لميحتمل و قال الفقيه كذا بلا دليل فذلك ايضاً داخل في هذا التنازع.
قوله <لكن في الشبهة التحريمية> يعني اذا شك في الحرام و ما سوي الواجب فانه لاعسر في الاحتياط منه و اما الوجوبية اي في موضع الشك في الوجوب و ما سوي التحريم فلا لان الاحتياط فيها عسر و حرج اذ ما من شيء الا و يحتمل بالامكان انه واجب و لايمكن العمل بجميع ما يحتمل الا انيكون في مورد النصوص بعد ورود الشرع فان الاحتمال فيه لايستلزم عسراً او لاجل ان كل ما يحتمل عقلاً الوجوب يحتمل عقلاً التحريم ايضاً فلايمكن الاحتياط و اما مع النص و مدلوله فنادر ذلك جداً و لعل وجه التأمل ان الاحتمالات العقلية ليس مما يعتني بها العقلاء و ليست محل احتياط.
و قوله <و ما تعارض فيه النصان> الي اخر يعني اذا ورد نصان متعارضان احدهما موافق للاصل و الاخر مخالف داخل في النزاع ايضاً لان فقهاءنا في باب التراجيح
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱۹ *»
حكموا بالاخذ بموافق الاصل او بطرحهما و الرجوع الي الاصل فهذا الاصل مؤسس و سيأتيك النبأ في بحث التراجيح ان شاء الله ان كل ترجيح لا نص عليه من المحمد: اصحاب الحديث مرجوح لايجوز التعويل عليه بوجه ولكن العامة لما كان احاديثهم مختلفة جداً ارادوا وضع مرجحات ليرجحوا احدهما فوضعوا في ذلك مائة مرجح ماانزل الله بها من سلطان و اغتر بقولهم من لميعض في العلم بضرس قاطع و لميأمر المحمد: في هذا الموضع بالاخذ بالاصل و لا بطرح ما صدر منهم و الاخذ بالاصل الذي اثبتوه بالادلة الوهمية و ليس هنا موضع بيانه.
قوله <ثم في الشبهة التحريمية> الي اخر يعني يمكن الاجتناب عما شك في تحريمه و ما سوي الوجوب لايلزم عسر فيمكن جعل النزاع فيه قبل ورود الشرع و بعده و اما اذا شك في الوجوب و ما سوي التحريم فان ذلك لابد و انيكون بعد الشرع لما مر من الدليلين و من توهم ان العلم الاجمالي بالتكليف حاصل فذلك لايكون الا بعد الشرع و قبل الشرع لا علم حتي يستلزم الاحتياط يدفع توهمه بان المدرك للاحتياط ليس العلم الاجمالي وحده بل من اسبابه دفع الضرر و هو لايتوقف علي علم اجمالي فان قلنا بلزوم الاحتياط وقع العسر و الحرج.
قال: و اقسام الشبهة كلها داخلة في النزاع بشهادة اقوال المسألة فيما سيأتي و ليس المراد بالاصل هنا الدليل لعدم التبادر و لانه لا معني لقول القائل الدليل البراءة و اضمار المقتضي هنا بعيد بل اما الراجح اي الظاهر ان خصصنا النزاع بما يعم به البلوي باضمار المقتضي كما هو شايع او الاستصحاب و هو كما تري بناءاً علي اجراء استصحاب العدم الذي كان قبل الشرع تكليفاً علي بعد للعلم بالجعل بعد الشرع او وضعاً او استصحاب البراءة الحاصلة حالة الصغر او الجنون او حالة علم فيها بعدم الشغل كالبراءة عن الدعاء قبل رؤية الهلال و عن المهر قبل النكاح و الصلوة قبل الزوال وهكذا و فيه ان حجية اصل البراءة في الجملة اجماعية و حجية الاستصحاب خلافية الا انيقال ان الاستصحاب العدمي اجماعي ايضاً و انهم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۰ *»
يتمسكون باصل البراءة في الشك في الحادث ايضاً و لايجري فيه الاستصحاب او القاعدة المستفادة من الشرع باضمار المقتضي ايضاً ثم ان الاصل الاصيل هنا هو الاحتياط دفعاً للضرر المحتمل مضافاً الي الاشتغال واستصحاب الامر فيما علم بالتكليف اجمالاً اذا ظهر ذلك فلنشرع في احكام الاقسام.
اقول: قوله <و اقسام الشبهة> اي في الشك الوجوبي.
قوله <و اضمار المقتضي هنا بعيد> يعني انتقول مقتضي الدليل البراءة.
قوله <ان خصصنا النزاع> الي اخر يعني ان كان المسألة مما يعم بها البلوي فيمكن انيقال ان الظاهر البراءة اذ لو كان حكم لظهر.
قوله <او الاستصحاب> الي اخر يعني معني الذي يقال الاصل البراءة اي استصحاب البراءة قبل الشرع عن الاحكام التكليفية و الوضعية يجري الي بعد و في هذا كما تري من النقص فان بعد الشرع تغير الموضوع و حصل العلم بان الشارع جعل لكل قضية حكماً تكليفياً او وضعياً فشكنا في الحادث لا الحدوث او معناه استصحاب حالة الصغر في محله او الجنون في محله او حالة علم فيها بعدم كعدم الشغل بالصلوة قبل الزوال و الصوم قبل الرؤية و المهر قبل النكاح و امثال ذلك.
قوله <و فيه> الي اخر يعني كيف يجوز انيقال ان الاصل هنا الاستصحاب و الحال ان جواز الاستصحاب خلافي و العمل بالبراءة اجماعي في الجملة الا انيقال استصحاب العدم ايضاً اجماعي.
قوله <و انهم يتمسكون> الي اخر يعني ان فيه بحثاً اخر و هو ان الفقهاء اذا شكوا في الحادث انه هذا ام هذا مثلاً لايجرون الاستصحاب كما اذا شكوا ان هذا ماء ام بول فلايمكن اجراء الاستصحاب فيه و اما اصل البراءة فيجرونه اي الاصل البراءة من الاجتناب من هذا و البراءة من الغسل اذا لاقيته.
قوله <او القاعدة> الي اخر عطف علي <او الاستصحاب> يعني يمكن انيقال ان المراد بالاصل القاعدة اي مقتضي القاعدة الموضوعة البراءة.
قوله <ثم الاصل الاصيل> الي اخر يعني الاصل الاولي بعد ورود الشرع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۱ *»
الاحتياط دفعاً للضرر المحتمل و لثبوت الاشتغال اجمالاً و استصحاباً للامر المعلوم الاجمالي ثم شرع في بيان الاقسام تفصيلاً.
قال: اصل اذا دار الامر بين الوجوب و الاباحة الخاصة فعن بعض الاخباريين الاحتياط لقلة الشبهات عنده و المعظم علي البراءة و المحقق علي التفصيل بين ما يعم به البلوي فالبراءة و ما لايعم فالاحتياط و الاوسط اوسط لنا ظهور الاجماع و الاجماع المنقول و استصحاب البراءة الثابتة قبل الشك في التكليف و يتم فيما اذا كان الشك في الحادث بالاجماع المركب و لايمكن قلبه بضميمة اصالة الاحتياط اذ الاستصحاب اقوي مضافاً الي ان المشكوكفيه مما لميرد فيه بيان بحكم الاصل و كل ما كان كذلك لميصح التكليف فيه للقبح العقلي و القدح في جريان الاصل في الصغري بان لكل واقعة حكماً مبيناً للنصوص و بانه قديصير الشك في الحادث مدفوع بان البيان يمكن انيكون بطريق العموم فالشك في الاندراج و انه يتم فيما اذا شك في الحادث بالاجماع المركب و لايمكن قلبه لما مر.
اقول: قوله <اذا دار الامر> الي اخر المراد بالاباحة الخاصة ما سوي الاربعة فعن بعض الاخباريين الاحتياط و العمل لانهم يعملون بالاخبار و الشبهة عندهم ما قام عليه دليلان و هي عندهم قليلة و يمكنهم الاحتياط و اما جمهور الفقهاء الذين يكون الشبهات عندهم لاتحصي و بعض الاخباريين فهم علي اصل البراءة للزوم العسر و الحرج و المحقق; ذهب الي التفصيل فان كانت المسألة مما يعم به البلوي فيجري اصل البراءة لانه لوكان مسألة واجبة لظهرت لعامة المكلفين و في غيرها فعمل بالاحتياط لان فيه دفع الضرر و النجاة اليقينية.
قوله <و الاوسط اوسط> اي اصل البراءة فاقام علي ذلك ادلة و استدل باباطيل.
قوله <لنا ظهور الاجماع> و قدعرفت ان ظهور الاجماع ليس بدليل شرعي و لا عقلي و انما هو من اسباب الظن المحرم.
قوله <و الاجماع المنقول> و قدعرفت انه ليس بحجة و ليس بمنزلة الخبر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۲ *»
فان المخبر بالخبر يخبر عن سمع و نطق محسوس و امرنا بالاخذ به و المخبر بالاجماع يخبر عن حاصل نظره و فحصه و اجتهاده في قراين لو اطلعت عليها ربما لمتعتمد عليها.
قوله <و استصحاب البراءة الثابتة> الي اخر يعني قبل وقت العمل كالصبي و الجنون او قبل الموقتات كنا بريء الذمة لانا كنا قاطعين بعدم التكليف و يستصحب تلك البراءة الي بعد وقت العمل و لما كان هذا منقوضاً بما لايجري فيه الاستصحاب قال و يتم فيما اذا كان الشك في الحادث بالاجماع المركب يعني في مثل ما يقال هل القضاء تابع للاداء ام هو بامر جديد فلايمكن في ذلك اجراء استصحاب لانه ليس له حالة سابقة عليه فقال يجري الاستصحاب فيها بالاجماع المركب و ذهب المعظم الي عدم القضاء للبراءة الاصلية و قدعرفت انه محض كلام يلوكونه و دون اثباته و العلم به في المسائل النظرية خرط القتاد.
قوله <و لايمكن قلبه بضميمة اصالة الاحتياط> الي اخر يعني لايمكن انيقال ان الاصل عندكم الاحتياط ففيما لايجري فيه الاستصحاب نعمل بالاحتياط و في غيره بالاجماع المركب من باب من رمي بمدر رمي بحجر اجاب المصنف و دفع عن نفسه بان ضميمة اجماعنا المركب الاستصحاب و هو اقوي من ضميمة اجماعكم و هو الاصل الاولي و ذلك لعمري حروف و كلمات و قول في مقابل قول ولكن ليس مما يمكن انيبتني عليه دين الله اذ ماانزل الله بها من سلطان.
قوله <مضافاً> الي اخر يعني الذي تشك في انه هل ورد فيه بيان ام لا الاصل عدم ورود البيان فلا بيان فيه و كل ما كان مما لا بيان فيه لايجوز التكليف به للقبح العقلي فلا تكليف به و هذا يؤيد اجراء اصل البراءة.
قوله <و القدح في جريان الاصل> الي اخر يعني اذا قيل اجراء الاصل في الصغري ممنوع لان الشرع قداتي لكل شيء بحكم خاص به فالشك في الحادث بعد العلم بالحدوث فيجب العمل بالاحتياط اجبنا عنه بان البيان يمكن انيكون بطريق العموم كما يمكن انيكون بالخصوص و الاخبار لاتعطي ازيد من البيان المطلق فلعل المراد به العموم فالشك في البيان الخاص بعد ورود بيان العام شك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۳ *»
في الحادث فاذا شك في وقوع البيان العام فالشك في الحدوث و يمكن اجراء اصل البراءة و الشك في اندراج هذا الفرد في افراد العام و ان كان الشك في مدلول اللفظ الوارد بعد العلم بورود الخبر فالشك في الحادث و نجري الاستصحاب فيه للاجماع المركب و لايمكن قلبه باجراء اصل الاحتياط كما مر انفاً لانا نجيب بما مر انفاً و جميع ذلك كلمات ان صحت فهي ظنية و الا وهمية و لايمكن ابتناء دين الله علي مثل هذا الاساس الذي هو اوهن من الرماد و متي يحصل العلم بقول جميع علماء الامة او قول من يعتني به منهم في المسائل الجزئية النظرية المستحدثة.
قال: و الي بناء كل اهل العقول آمراً و مأموراً و الي الاستقراء اقول و يمكن تقريره بوجوه اما بدعوي غلبة المباح او بان غالب الافعال مما رخص في فعله و تركه فيثبت الجنس بذلك و الفصل بخصوص المقام او بان غير الواجب اكثر من الواجب و في الاخير نظر و الي ان الاحتياط لو وجب في هذا القسم من الشك الوجوبي لوجب في كل اقسامه بالاولوية و هو عسر و فيه ان للخصم دعوي قلة الشبهات و الي ان تارك المشكوك فيه ان لميكن معاقباً فالمطلوب ثابت و ان كان معاقباً علي ترك الواجب النفس الامري مع عدم علمه به فهو سفه او مع علمه به فهو خلاف الفرض او علي ترك الاحتياط الغيرالمعلوم وجوبه للعبد فسفه او المعلوم وجوبه فالمفروض ان لا دليل عليه لفساد الادلة الاتية او علي ترك الضرر المحتمل فلايحتمل الضرر بعد بطلان الاحتمالات الاربعة و فيه تأمل و الي قوله تعالي و ما كنا معذبين حتي نبعث رسولاً فان جعلنا الرسول هو الذات بوصف التبليغ فالدلالة بالمطابقة و الا فبالالتزام و لو قلنا المراد عذاب الاجل خرجت عن الدلالة الا انيكون الزاماً علي الخصم و قوله تعالي ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و الدلالة اما بالمنطوق لعموم الاية حذراً من الكذب او بالمفهوم اقول و لو جعلنا البينة اعم من مثل حكم العقل بالاصل الاولي سقطت الدلالة و قوله تعالي لايكلف الله نفساً الا وسعها بضميمة ان العقلاء لايحتمل عندهم الوجوب و قوله تعالي لايكلف الله نفساً الا ما اتيها اي ما اقدرها او اعلمها.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۴ *»
اقول: و من ادلة المصنف بناء العقلاء و قدذكرنا مكرراً ان المراد ان كان ما فيه عقل المعصوم فهو اجماع و لمفرقوا بينهما و ان كان غير ذلك فمتي صار بناء اليهود و النصاري و المجوس مناط دين الله.
قوله <و الي الاستقراء> و فسره بقول <اقول> و يفهم ان السوابق ليست منه و انما هي تقريرات استاذه كما بلغنا بالجملة قرر المصنف ان الاستقراء هنا يتصور علي اقسام و ان كان نفس الاستقراء ليس مناط دين الله و لايمكن التعويل عليه و انه قياس محض محض منهيعنه أليس بقياس انيقال ان اغلب موارد الدين مباح فالمشكوك ايضاً قياساً عليها مباح او ان غالب افعالنا مرخص الفعل و الترك فالمشكوك ايضاً كذا قال و بهذا المعني يثبت الجنس الذي هو جنس فعل المكلف و ان قلت ان الاستقراء في الجنس اي جنس الاحكام الشامل لما لا نص فيه ففي حصول الظن منه كلام لانه لابد في الاستقراء من الاتحاد الجنسي و الفصلي قلنا اما الجنس فثبت بما ذكر و اما الفصل فنحن نستقرئ في ما فيه نص و قال في الضوابط الغلبة في هذا القسم ممنوعة بالجملة الاستقراء ممنوع في دين الله من اصله و لايفيد الا ظناً عادياً و لعمر مولاي الانسان يتحير في الرد انيرد جنساً او يرد نوعاً او فصلاً او شخصاً نعم اذا اعوج اساس الحائط اعوج جميع الحائط.
قوله <او بان غير الواجب> الي اخر و هذا ظن باطل و عن حلية الاعتبار عاطل قال المصنف <و فيه نظر> فان كان فيه نظر فلمتذكره و هذا ديدنهم في قولهم فتأمل و فيه نظر و امثال ذلك بالجملة يريد انا لانسلم ان كل واحد من الاقسام اكثر من الواجب حتي نقيس علي المعلوم.
قوله <و الي ان الاحتياط> الي اخر يقول لو وجب الاحتياط في هذا القسم و طرفه الاباحة لكان فيما طرفه الندب بطريق اولي و في ذلك عسر عظيم.
قوله <و فيه> ان كان فيه ما فيه فلم تذكره يعني هذا الدليل لايسلمه الاخباري و يقول نحن نحصل العلم من الاخبار و العمل عليها بلا غبار فليس الاحتمالات فيها بقدر ما يوجب العسر فلا بأس بالعمل بالاحتياط.
قوله <و الي ان تارك المشكوك فيه> الي اخر يعني اذا ترك الانسان المشكوك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۵ *»
فيه ان لميكن معاقباً فكان مباحاً و ان عوقب لاجل انه ترك المجهول فهو سفه و هذا النحو من البيان عندي خطاء كما اني سمعت رجلين يتدارءان في ان الامام7 لو جاء و قال ابرء من علي7 هل يجوز اتباعه ام لا فواحد قال لااطيعه و واحد قال اطيعه قلت ان تدارءكم و اجوبتكم كلها خطاء الامام لايقول ذلك فلاينبغي انيقال لو عاقب الله هو سفه فانه ان عاقب فهو حكمة لا سفه فيجب انيقال لايعاقب فانه سفه لا انه ان عاقب فهو سفه بل السفيه من يرد علي الله.
بالجملة او يعاقبه مع علمه به فهو خلاف المفروض و ان عاقبه علي ترك الاحتياط الذي لميثبت وجوبه فالمفروض انه لا دليل عليه و الله لايعاقب قبل البيان او يعاقب علي ترك الضرر المحتمل و يريد المصنف ترك دفع الضرر فاجاب انه لايحتمل الضرر ثم لما فرغ المصنف من الادلة استطرف الاية و الخبر تفنناً و تأيداً و قال <و الي قوله> و ليس في ترديده فائدة الا ان ديدنهم انه اذا قرئ بحضرتهم اية يشعثونها و يبددون كلماتها و حروفها حتي لايبقي فيها دلالة بعد تسليم ما يقولون بالجملة قال فان جعلنا الرسول و كان اختيار الجعل بيد المصنف فان جعلنا الرسول الذات مع وصف التبليغ فيكون الدلالة مطابقة و ان جعلنا الذات فتدل علي التبليغ بالالتزام و يحتمل الكلام و لو قلنا ان المراد عذاب الاجل و فسرنا القرءان بالرأي فلا دلالة في الاية.
قوله <و قوله تعالي الي اخر> فالاية دالة بمنطوقها علي الهلاك بعد البينة و بمفهومها علي عدم الهلاك قبل البينة فمن لميصل اليه بيان لايهلك بمفهوم الاية.
قوله <اقول> و هو كما نقول لو جعلنا البينة اعم لان الاختيار بيدنا سقطت دلالة الاية علي اصل البراءة.
قوله <و قوله تعالي لايكلف الله> الي اخر ففسر المصنف قوله تعالي ما اتاها بقوله اي مااقدرها او اعلمها و المروي ما معناه الا ما عرفها.
قال: و الي النصوص منها قوله9 ما حجب الله علمه عن العباد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۶ *»
فهو موضوع عنهم و لو قيل انها ضعيفة و انها احاد و المسألة اصولية و ان العباد في الشرط جمع محلي باللام يفيد العموم فلايترتب الجزاء الا مع جهل كل العباد و ان المشكوكفيه يحتمل ان لايكون مما حجبه الله عن العباد بورود بيان لميصل الينا قلنا ان الضعف منجبر بالعمل و ان الضعف لايقدح بعد ضم النصوص بعضها الي بعض و حصول القطع من المجموع فيتم و ان كانت المسألة اصولية مع انها فرعية و ان الجزاء متضمن للضمير الراجع الي العام فيقتضي التوزيع بل العرف يفهم ارادة جنس المفرد بل لا فائدة في النص ان اريد المعني الذي ذكرت و ان البيان المشكوك مدفوع بالاصل بل المتبادر الوضع مع عدم العلم لا العلم بالعدم بل لولا ذلك لخلا النص عن الفائدة و لو قيل ان الموصول في الشرط اما كناية عن الشبهة الحكمية او الموضوعية او الاعم و علي التقادير اما يعم التكليفية و غيرها او يختص بالاول و لايمكن العمل بظاهر النص علي شيء من الاحتمالات اذ نفس الحكم المشكوك لايمكن رفعه في نفس الامر لانا لانقول بالتصويب و لا باختلاف الاحكام الواقعية بالعلم و الجهل ونفس الموضوع المشكوك ايضاً لايمكن وضعه فلا مفر من ارتكاب خلاف الظاهر و هو متعدد قلت بعد عدم امكان الاخذ بظاهر النص اقرب الاحتمالات عرفاً كون المراد بالموصول الشبهة الحكمية التكليفية و بالوضع الوضع في مرحلة الظاهر لا نفس الامر.
اقول: الرمز في النسخ لـصلي الله عليه و آله و الحديث عن ابيعبدالله7 و ذكر عن القوم شكوكاً لاسقاط الحديث عن الدلالة ولكن حماه المصنف تطولاً بما حماه و عباراته ظاهرة.
قوله <و لو قيل ان الموصول> الي اخر يعني لفظة <ما> في الشرط اما كناية عن الشبهة الحكمية اي الوجوب و الحرمة و اخواتهما او الموضوعية بان اشتبه الموضوع او الاعم و اما يعم التكليفية و غيرها او يختص بالتكليفية و لايمكن العمل بظاهر النص علي اي احتمال اذ نفس الحكم المشكوك ثابت في الواقع علي انا لانقول بالتصويب و نفس الموضوع المشكوك لايمكن وضعه فسقط ظاهر الخبر عن الاعتبار فلابد من ارتكاب القول بخلاف الظاهر و هو كثير و يحتاج الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۷ *»
مرجح فسلم المصنف سقوط الظاهر عن الدلالة و قال ان اقرب الاحتمالات عرفاً ان الشبهة حكمية و الوضع ظاهري و هذا صفة ذرو الروايات ذرو الريح الهشيم و الحديث ظاهر في المطلب ظهور الشمس في رابعة النهار و كل ما حجب الله علمه عن العباد و ابقاهم جاهلين في حكم او موضوع فلا تكليف لهم فيه قبل تعليم الله اياهم و لايؤاخذهم بما صنعوا فيه علي ما قررنا و شرحنا سابقاً.
قال: و منها قوله9رفع عن امتي تسعة و عد منها ما لايعلمون و لو قيل ان الامة المضافة تفيد العموم الاستغراقي و الاضافة هنا سيما بملاحظة ان المقام مقام الامتنان تفيد الاختصاص و حينئذ فان ابقيت النص علي ظاهره لزم الكذب في المنطوق او اضمرت المؤاخذة لزم الكذب في المفهوم لحكم العقل بان الامم السابقة ما كلفوا بما لايطاق قلت بعد دوران الامر بين المحذورين لابد مع اضمار المؤاخذة اما من رفع اليد عن المفهوم او تقييده بما اذا كانت التسعة مسببة من اختيار المكلف او حمل التسعة المنفية في المفهوم علي سلب العموم لا عموم السلب و علي التقادير الثلثة يتم الاستدلال و اما مع عدم اضمار المؤاخذة فلابد من حمل الامة علي المجموع من حيث هي فيكون المعني ان هذه التسعة باعيانها مرفوعة عن امتي لوجود المعصوم فيهم و هو مجاز مستلزم لتقييد المفهوم ايضاً اذ المعصوم كان في ساير الامم و ان لميكن بالفعل لكن الرواية حينئذ لا ربط لها بما نحن فيه ففي كل من تلك التوجيهات الاربعة يلزم ارتكاب خلاف ظاهرين لكن الاقرب عرفاً بحكم التبادر اضمار المؤاخذة فيتم الدليل مضافاً في الاخير الي ان الاكراه الغير الرافع للقدرة ليس منتفياً عن المعصوم7 و انه لوكان المراد ذلك لميختص بتلك التسعة فالكذب ايضاً مرفوع مثلاً و لو اورد الخصم بعض الايرادات السابقة في الخبر الاول لجري الجواب السابق و منها قوله7 الناس في سعة ما لميعلموا و ما زمانية بحكم التبادر لا موصوفة و لا موصولة و لو قيل ان حذف المتعلق يفيد العموم فالمعني ما لميعلموا شيئاً قلنا انما يفيد الحذف العموم اذا لميكن في البين اظهر و الظاهر عرفاً هنا ان الناس في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۸ *»
سعة من كل شيء ما لميعلموا ذلك الشيء و منها قوله كل شيء مطلق حتي يرد فيه نص فنقول هذا مما لميرد فيه نص بالفرض او بالاصل و كل ما كان كذلك فهو مطلق و المتبادر منه النص المعتبر و اما ما تعارض فيه نصان معتبران فيتم الامر فيه بالاجماع المركب او بان الظاهر منه العلم بورود النص المقيد لا مطلقا و لو قيل ان قلب الاجماع ممكن فنقول ان مقتضي المفهوم ان ما تعارض فيه النصان ليس مطلقا و يتم الامر في غيره بالاجماع المركب قلنا نمنع ظهور الرواية في مطلق النص اعم من المقيد و غيره و ان لمندع ظهورها في النص المقيد مع ان المنطوق نص في شموله لما لانص فيه و المفهوم ظاهر في شموله لما تعارض فيه النصان لاحتمال اندراجه في المنطوق فضميمتنا اقوي من جهة انه منطوق و انه نص بل من جهة اعتضاده ايضاً بما مر من العمل و الاخبار و الايات و في طريق اخر حتي يرد فيه امر او نهي و الاستدلال به ايضاً ظاهر و في طريق ثالث حتي يرد فيه نهي و عليه يتم الاستدلال ايضاً في الشبهة الوجوبية لان المشكوك فيه لو كان واجباً كان تركه منهياً عنه فتركه مطلق ما لميرد نهي و الاخبار بهذه المضامين كثيرة يحصل من مجموعها سيما بملاحظة الادلة الاخر القطع بحجية البراءة و لااقل من الظن و المسألة فرعية.
اقول: اخذ المصنف في تبديد عظام الرواية و لو بواسطة ذكر الشبه.
قوله <و لو قيل ان الامة المضافة> الي اخر يعني ان الامة لفظة تفيد العموم فلما اضيفت افادت الاضافة الاختصاص فان تمسكت بظاهره لزم الكذب فان الاشياء المذكورة في هذه الامة موجودة باعيانها و ان اضمرت المؤاخذة اي قلت المراد المؤاخذة عن هذه التسعة لزم كذب المفهوم فان مفهوم الرواية عدم الرفع عن ساير الامم و العقل يحكم برفعها عن الامم السابقة فقال المصنف لابد بعد هذين المحذورين ان نضمر المؤاخذة و نرفع اليد عن المفهوم او نقيده بان المرفوع هذه التسعة و لو كانت بسبب سوء اختيار المكلف و لمترفع عن ساير الامم اذا كانت بسوء اختيارهم او يحمل التسعة علي سلب العموم يعني التسعة رفع عن مجموع هذه الامة اذ فيهم المعصوم لا عموم السلب يعني ان جميع التسعة مرفوع عن كل واحد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲۹ *»
واحد من الامة و علي التقادير الثلثة يتم الاستدلال و تري وهنها و تكلفها و افساده دلالة الحديث بالكلية.
قوله <و اما مع عدم اضمار المؤاخذة> الي اخر يعني حينئذ السلب لمكان المعصوم و هو مجاز لظهور الامة في كل فرد و يستلزم تقييد المفهوم ايضاً بكل زمان لان ساير الامم لميكن فيهم معصوم في كل زمان و هذه الامة فيهم معصوم في كل زمان.
قوله <ففي كل من التوجيهات> الي اخر في كل واحد من هذه الوجوه التي بها سقط الرواية عن الدلالة يلزم ارتكاب خلاف ظاهرين يعني ظاهر عين التسعة و ظاهر كل فرد فرد من الامة فاذا الاقرب اضمار المؤاخذة لاسيما و اخذ الامة لكل فرد مضافاً الي ان المعصوم ايضاً لميرفع الاكراه القليل منه و قدرفع عنه غير هذه التسعة ايضاً فهذا الاحتمال مرجوح و ان اورد الخصم ضعف الخبر و ظنيته نجيب عنها بما مر.
انظر وفقك الله الي هذه التدقيقات التي لايسلم من شرها رواية من الروايات و يصيّرون كلها لغواً نعوذبالله و الخبر ظاهر في العربية و العرف ثم ان لكل صفة و فعل اثراً في نفس الانسان و مقتضي اتصافه بتلك الصفة او صدور ذلك الفعل منه انيلزمه اثره بحكم العدل ولكن ان جاء مانع من لزوم الاثر يرفع عنه اثره كما ان اثر القاء البدن من الجبل الشامخ تبدد العظام ولكن ان اوقع الرجل نفسه و لقفه رجل في صفح الجبل فلميسقط علي الارض رفع عنه الاثر فهذه التسعة لها اثار و كان مقتضي العدل انيلزم الناس اثارها ولكن لما نسبوا الي محمد9 و وقع عليهم ظل نسبته و هو رحمة الله شملهم الرحمة و رفع عنهم اثار هذه الامور و هذه الامور و ان كانت بعد حصولها سالبة للاختيار ولكنها من اسباب مقدمة اختيارية و بسوء الاختيار يقع الانسان فيما لا اختيار فيه كمن القي بنفسه في بئر باختياره فلميقدر علي الصعود و هذه التسعة اثار اثام سابقة من تهاون و قلة اعتناء او تغافل او اثم اخر من الاثام فالمانع عن التأثير ظل محمد9 و لذا قال امتي اشارةً الي ذلك و اظهاراً لكرامته و لما رفع الاثر عن هذه التسعة فكأنه رفعت التسعة فان النار ان لمتحرق فكأنه لا نار بل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۰ *»
لا نار محرقة فهذه الاعيان باثارها مرفوعة عن هذه الامة و هذا هو الغرض علي القطع و اليقين فقولوا ما شئتم و بددوا عظام الخبر كيف شئتم.
قوله <و منها قوله7 الناس في سعة ما لميعلموا> و رواه في الضوابط عن الصادق7 ثم قال و في بعض النسخ او الطرق الناس في سعة ما لايعلمون و الان لايحضرني موضع هذا الحديث في كتب الاخبار و لماره مع التتبع في الوسائل و لا في البحار و لا في الاصول الاصلية الجامعة لاكثر الاخبار و لذا لماروه في فصلالخطاب الجامع لاكثر اصول المحمد: و الذي عندي ما في حديث ملتقط السفرة هم في سعة حتي يعلموا فان كان المراد مما روي معني الحديث فهو صحيح و ان كان لفظه فالعهدة عليه.
قوله <و منها قوله كل شيء مطلق حتي يرد فيه نص> الي اخر و هذا الخبر ايضاً من حيث اللفظ غيرمعتبر لانه منقول من غوالياللئالي و هو غيرمعتبر في الكتب الا انه من حيث المعني لا بأس به فعلي اي حال زعموا ان المراد منه نص واحد فاحتملوا ما قال ولكن الموضع ليس موضع اللام فانه لا عهد سابقاً و لايراد حقيقة الجنس و لا مجموع الافراد و لا نص معروف ممتاز و هذا ديدن الفصحاء فينكرون في مثل هذا الموضع و يريدون منه نصاً مبهماً يسمي بالنص سواء كان واحداً او اكثر نحو قوله تعالي و ان احد من المشركين استجارك فلايراد منه واحد بعينه و لا فرداً واحداً لا اثنين فكل شيء علي ما بينا سابقاً من الاصل الثاني علي اطلاقه و مأذون فيه الا ما نص علي انه محدود و هذا النص الوارد ان لميكن مأموراً بالاخذ به فكأنه لا نص و ان كان مأموراً بالاخذ به و واحداً اخذ به و ان كان نصوص متوافقة اخذ بها و ان كان نصوص متعارضة عمل فيها بما امروا فما سقط بامرهم فكأنه لميرد و ما امروا منها بالاخذ به فكأنه نص وارد منفرد بالجملة هذا معني الخبر و ما ذكره خيالات و لايحتاج في النص بالاجماع المركب الخيالي.
قوله <فضميمتنا اقوي> كلام ظني لايعبأ به يريد به انا نستدل بالاجماع المركب و انتم تستدلون بالاجماع المركب ولكن نضم به ان المنطوق النص المقيد كما في الروايات الاخر و المفهوم ظاهر في ان ما فيه نصان مطلق و المنطوق اقوي من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۱ *»
المفهوم و العبارات ظاهرة لا اغلاق فيها.
قوله <و عليه يتم الاستدلال> يعني علي رواية حتي يرد فيه نهي يمكن الاستدلال به في الشبه الوجوبية لان ترك الواجب ايضاً منهيعنه و باقي العبارة ظاهر و قدحققنا علي سبيل الاختصار ان البراءة غيرمعقولة و العبد مادام عبداً لايكون بريء الذمة من العبودية الا ان ذمته مشغولة بما امر به مولاه فان حكم بحكم فهو مشغول الذمة بذلك الحكم و ان اباح له مولاه فيأخذ بما شاء بحكم مولاه و ليس بريء الذمة و البريء من ليس في رقبته طاعة لاحد نعم بعد ما علمت ان الاصل الاولي الحظر عن جميع التصرفات قداذن خالق الخلق الشارع في التصرف فهذا الاذن علي ما نقول اصل ثانوي و بين الذي نقول و بين ما يقولون بعد ما بين السماء و الارض الا ان العامة قالوا لفظاً و جروا علي منوالهم و اصطلاحهم من غير روية.
قال: فان قلت ان اصالة البراءة و ادلتها معلقة علي عدم العثور علي دليل الاحتياط و هو موجود لقول ابيالحسن7 اذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به و اذا جاءكم ما لاتعلمون فها الحديث و هو واضح الدلالة علي وجوب الوقف فيما لايعلم قلنا ان مقتضاه الوقف عند الافتاء حتي يعلم لا عدم العمل حتي يعلم و محل الكلام العمل لا الفتوي و لو تمسك بمركب الاجماع لقلبناه و ضميمتنا اقوي و لااقل من التساوي و التساقط مع ان مقتضاه بحكم التعليل الوارد فيه الوقف قبل الفحص و نحن نعمل بالبراءة بعده فلا تعارض بينه و بين دليل البراءة و لااقل من الاحتمال المسقط للاستدلال مع ان مشكوك الوجوب مما علمنا بكون حكمه الظاهري البراءة للادلة المتقدمة فلايدخل في صغري ما لاتعلمون مع ان المراد من قوله7 اذا جاءكم ما لاتعلمون ان كان ما لاتعلمون حكمه الظاهري و الواقعي معاً او حكمه مطلقاً واقعياً ام ظاهرياً فمشكوكة الوجوب ليس كذلك اذ حكمه الظاهري معلوم بادلة البراءة او حكمه الواقعي فقط فان كان المراد الوقف بحسب الواقع فنحن نقول به او بحسب الظاهر ايضاً فلايقول به الفريقان مع ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۲ *»
الرواية ضعيفة غيرمجبورة و معارضة باقوي منها و ان تمسك الخصم بقول علي7 اخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت ففيه انه بعد ملاحظة دلالته علي التخيير في الاحتياط كماً و كون خلاف الاجماع محمول علي حسن الاحتياط بل نحن نقول بالاحتياط في الشبهة الوجوبية عند دوران الامر بين المتباينين فقدعملنا بهذا الخبر في الجملة لانه خير بحسب الكم مع الجواب الاخير في الخبر السابق او بالحديث لك انتأخذ بالجزم و الحائط لدينك و الجزم هو الاحتياط ففيه بعد الوجه الاخير في سابقه انه دل علي جواز الاحتياط لا وجوبه او(خ) بقوله دع ما يريبك الي ما لايريبك و نحوه من اخبار الاحتياط فالانصاف فيها و فيما سبق من اخبار الاحتياط الا الاولي منها الورود علي البراءة لكن لاتقاوم ادلتها من جهة كون المشهور معرضين عنها فالاصح البراءة المطلقة.
اقول: اراد المصنف دفع اعتراض بعض الاخباريين و هو ان ادلتكم الدالة علي اصل البراءة معلقة بعدم النص و هاهنا نصوص عديدة دالة علي وجوب التوقف منها ما رواه و كان القوم لايتتبعون الاثار و يأخذ خلفهم عن سلفهم الذين لميكن بايديهم الا بعض الاخبار و الا فالاخبار اصرح مما يستدلون به في المواطن ما شاء الله بل ربما يكون متواترة و هم علي زعمهم اذا ردوا ذلك الخبر الواحد الذي اوردوا فلجوا و في الباب اخبار لايمكن ردها بالجملة اصاب المصنف هنا في معني الحديث بلاتكلف.
قوله <ولو تمسك بمركب الاجماع> يعني لو قال اذا وجب التوقف في القول و الافتاء لاجل عدم العلم ففي العمل ايضاً كذلك بضميمة مطلقات التوقف فقلبها المصنف عليه بمقتضي من رمي بمدر رمي بحجر انا نقول لايجب الاحتياط عند العمل للعسر و الحرج فلايجب في الافتاء و ضميمتنا اقوي لكثرة الادلة و لا اقل من التساوي و التساقط فيرجع الي اصل البراءة و هذه الاستدلالات في غاية الوهن و هي محض الفاظ كما قدمناه مكرراً و مجادلات لايجوز في دين الله.
قوله <مع ان مقتضاه> الي اخر يعني الذي يظهر من اخر الخبر ان المراد التوقف قبل الفحص لانه7 يقول بعد ان قال السائل و لم ذاك قال لان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۳ *»
رسول الله9 اتي الناس بما اكتفوا به علي عهده و ما يحتاجون اليه من بعده الي يوم القيمة انتهي فاوجب السكوت لان رسول الله9 حد حدود دين الله و هي عند اهلها معلومة فيتوقف حتي يفحص عن تلك الحدود فان فحص و لميصل اليه فله اصل البراءة فلا تعارض بينهما و لااقل من احتمال هذا الوجه و اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
قوله <مع ان مشكوك الوجوب> الي اخر يعني ان مشكوك الوجوب للزوم العسر في الاحتياط فيه علمنا ان حكمه البراءة فلايدخل في صغري ما لاتعلمون فانا علمنا حكمها بادلة البراءة.
قوله <مع ان الرواية ضعيفة> الي اخر هذا ما قلنا ان القوم يأخذ خلفهم عن سلفهم مؤيدات هذه الرواية ايات و اخبار لاتحصي و ادلة اعتبارية لاتستقصي كيف هي ضعيفة غيرمجبورة و كيف صار ادلة البراءة اقوي منها و ان هذه الاقوال الا صورة الدليل و محلها موضع صدقها و الرواية صريحة ناصة في انه اذا حدث حادثة و لمتعلموا حكمنا فيها و لميصل اليكم فيها شيء فلاتقولوا فيه بارائكم و اقيستكم ان حكم الله في هذه الحادثة هكذا و هذا هو الاصل الاولي ولكن قد منوا علينا و قالوا ان وصل اليكم نص خاص فاعملوا به و الا فاعملوا بالاطلاق العام فانا مرخصون لكم في ذلك و هذا هو الاصل الثانوي الوارد عليه فليست ضعيفة و ليست مردودة و لا متروكة و هي مؤيدة بالكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل الاتري انه ان اذن لك زيد في دخول داره لاينافي قوله لايدخل احد داري بدون اذني.
قوله <و ان تمسك الخصم بقول علي7 اخوك دينك> الي اخر فابطل الخبر بانه يقول فاحتط لدينك بما شئت فخير في الكمية و هو خلاف الاجماع و نحمله تفادياً عن الطرح علي حسن الاحتياط و الذي اري ان هذا الحديث ليس من هذا الباب ابداً بل هو من باب حقوق الاخوان فان المبتدأ هنا كلمة اخوك و هو الذات و يثبت الدينية له علي حذو قوله المرء علي دين خليله او هو تشبيه لامالة قلب المخاطب و حثه و تشويقه لاداء حقوق الاخ فيقول اخوك هو دينك و من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۴ *»
البين انه ينبغي الاحتياط في الدين اما اولاً فكما ينبغي انتحتاط و لاتتدين بكل دين الا ما علمت انه حق فلاتواخ احداً حتي تعلم انه يليق بالاخوة و اما اخيراً فكما ينبغي انتحتاط في دينك و تكون في جميع اعمالك و تكاليفك محتاطاً متحرياً للحق فاحفظ اخاك و احتط في حقه بما شئت و معلوم انه لاتشاء في حفظه الا ما تعلم ان فيه حفظه فاحفظه بما تعلم انه فيه حفظه و احذر سخطه و تعبه و همه و غمه و هلاكه و اذلاله و جميع ما ينقص فيه و القوم يذكرونه هنا لكنه من جهة التشبيه يدل علي انه يجب حفظ الدين بم شئت مما فيه حفظه و هذه التعميمات مصطلحة في العرف و لايراد منها عموم صرف معني اللفظ الاتري ان الصحيح يقول للطبيب اي شيء اكل يقول كل ما شئت و ليس مراده السم و المضرات و لاينبغي للانسان انيكون جامداً علي صرف الحروف بل يجب حمل الكلام دائماً علي متفاهم العرف الخاص ان كان و الا فعلي متفاهم العرف العام.
قوله <بل نحن نقول> الي اخر يعني في مثل صلوة الظهر و صلوة الجمعة المتباينتين صورة نحن ايضاً نقول بالاحتياط و علمنا انه خير فنحن ايضاً قدعملنا بهذا الخبر فيالجملة لانه خير بحسب الكم و العدد مع ما قلنا سابقاً ان الخبر ضعيف.
قوله <او بالحديث> الي اخر يعني ان تمسك الخصم بحديث لك انتأخذ الي اخر و المصنف روي هكذا و في بعض نسخه الجزم بالجيم و الحديث لك انتنظر الحزم و تأخذ بالحائطة لدينك وهو الصحيح و ماادري من اين اخذه علي ما روي و هو دليل اخذهم الاخبار من الكتب الاستدلالية التي لايعتنون فيها كثيراً بضبط الاخبار و قال الخبر يدل علي الجواز لمكان قوله <لك> مع الوجه الاخير اي ضعف الخبر و عدم حصول الوصف منه والبواقي ظاهر.
بالجملة ثم قال الانصاف يقتضي انيقال ان اصل البراءة يعمل به ما لميرد نص و هذه الاخبار نصوص مقتضاها نفي الاصل الا ان المشهور اعرضوا فنحن نعرض اتباعاً لهم و ان لميأذن الله باتباعهم و انزل ايات بمخالفة الاكثر للحق و لما قدمنا نحن مسألة الاحتياط فيما سبق في هذا المجلد لانعيدها هنا فراجع.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۵ *»
قال: اصل اذا دار الامر بين الوجوب و الندب و الاباحة فالحال ما سبق في الاصل السابق من البراءة نعم لا بأس من الحكم بالندب للتسامح او بين الوجوب و الندب بحيث قطعنا بعدم الثالث ففي الحكم بالوجوب كما عن طائفة و فيهم من قال بالبراءة فيما سبق او الرجوع الي الاصل بعد طرح الاحتمالين او التخيير البدوي اقوال و الاقوي الندب الظاهري لنا علي نفي الوجوب الظاهري ذهاب المعظم و اطلاق منقول الاجماع و غلبة عدم الوجوب في المطلوبات الشرعية عكس المطلوبات العرفية و لذا بناء العقلاء فيها علي الوجوب و قبح التكليف بلا بيان و الايات و الاخبار المتقدمة النافية للتكليف عند عدم العلم و لو قيل خبر العلاج حاكم بالتخيير بين النصين المتعارضين عند فقد المرجح و توهم ان شهرة القول بالندب هنا مرجحة للامر فيه بأخذ ما اشتهر مدفوع بان مورده شهرة الرواية لا الفتوي و لا عموم فيه مع ان في كل واقعة لميثبت الشهرة علي الندب لا رواية و لا فتوي قلنا ان الرواية اخص من المدعي لانها لاتشمل ما لا نص فيه و ان تمسكت بمركب الاجماع امكن قلبه مضافاً الي ان النسبة بينها و بين ما نفي التكليف عند عدم البيان عموم من وجه تفترقان فيما لا نص فيه و فيما تعارض فيه نصان احدهما يأمر و الاخر ينهي و مادة الاجتماع ما نحن فيه اذا تعارض فيه نصان و بعض المرجحات المتقدمة معنا و الي ان التخيير بين الدليلين مسألة اصولية لايعمل فيها بالاحاد سيما مع عدم حصول الظن منها لكثرة الخلاف بين الاخبار العلاجية و الي منع انصرافها الي نصين يحكم احدهما بالوجوب و الاخر بالندب و علي اثبات الندب الظاهري بعد نفي الوجوب ذهاب المعظم و بناء العقلاء و خبر التسامح بل الاولوية بالنسبة الي التسامح في محتمل الندب و ان لميكن نص و ان المطلوبية ثابتة من اتفاق الامارتين و المنع عن الترك منتف بحسب الظاهر لما مر فتعين تحقق الطلب في ضمن فصل الندب الظاهري بعد ضم مقدمة ثالثة و هي ان كل مطلوب واقعي مطلوب ظاهري فتأمل.
اقول: قوله <اذا دار> الي اخر مقصوده اذا كان بواسطة النصوص او الفتاوي او غيرها و قدذكرنا ان ساير الشكوك ليس بشيء و لايعتني به فاذا وقع الشك في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۶ *»
النصوص الدالة علي الوجوب و الاباحة ففي الحقيقة مقام ذكر هذه المسائل في التراجيح بالجملة اختار المصنف البراءة و قدعرفت انه لا براءة اولاً و سيأتيك انشاء الله انه لايجوز ترجيح بعض الاخبار علي بعض بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة فالواجب الرجوع الي المحمد: فاذا عجز الفقيه عن فهم الحق منها بواسطة تعارض المرجحات او فقدها فاخر العلاج التخيير كما امرونا: فالناظر مخير بين العمل بكل واحد من تلك الاخبار فاما يختار خبر الوجوب فيعمل به وجوباً او يختار خبر الاستحباب فيعمل به علي الاستحباب و اما يختار خبر الاباحة فان شاء عمل باذن الله و ان شاء ترك باذن الله.
قوله <نعم لا بأس من الحكم بالندب> بلي بأس لانك قدعرفت ان التسامح في ادلة السنن صدر من التسامح في فهم الاخبار و ليست مما يقولون في شيء لو جاز القول باخبار بلوغ الثواب في كل مندوب و ان لميذكر فيه ثواب لان لكل مندوب ثواباً لجاز القول به في الواجب ايضاً لاجل ان لكل واجب ايضاً ثواباً.
قوله <او بين الوجوب و الندب> الي اخر فذكر ان فيه اقوالاً الحكم بالوجوب و الرجوع الي الاصل و التخيير البدوي و زعم ان الاقوي الندب و كل ذلك اجتهاد في مقابلة النصوص العلاجية كما عرفت و لا عبرة بها ابداً.
قوله <لنا علي نفي الوجوب الظاهري ذهاب المعظم> متي صار ذهاب المعظم من ادلة دين الله و ليس بكتاب و لا سنة و لا دليل عقل و لا شهرة معتبرة علي فرض القول بها.
قوله <و اطلاق منقول الاجماع> وهو كسابقه و قدعرفت ان الاجماع المنقول اخبار الناقل عن اجتهاده و حدسه و قدعرفت حال الاجتهادات و لايجوز قياسه بخبر مداره السمع و النطق.
قوله <و غلبة عدم الوجوب في المطلوبات الشرعية> ماادري لو اوقفهم الله علي الصراط و قال ءالله اذن لكم ام علي الله تفترون ماذا يجيبون و متي صار الاستقراء دليل دين الله و لايفيد الا ظناً ان هذه الاشياء الا مدارك العامة العمياء الذين ليس في ايديهم عشر من معشار ما يحتاجون اليه في الدين من احاديث
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۷ *»
رسول الله9 فتمسكوا بهذه المدارك اضطراراً.
و قوله >و قبح التكليف بلا بيان> يعني التكليف بعدم الترك و حرمة الترك.
قوله <و الايات و الاخبار> المتطفلة لتلك الادلة المحكمة التي سمعت و هي التي مضت في اصل البراءة.
قوله <و لو قيل خبر العلاج> الي اخر ذكر ادلة القائل بالتخيير و هي ان الاخبار العلاجية حاكمة بالتخيير و ان توهم متوهم ان الاخذ بالندب مشهور و الشهرة مرجحة للندب ندفعه بان مورد الخبر شهرة الرواية لا الفتوي مع ان الاخذ بالندب في كل واقعة ليس بمشهور فاجاب المصنف المحقق المدقق ان الرواية يعني رواية التخيير اخص من المدعي لانها لاتشمل ما لا نص فيه و غفل المصنف عن ان ما لا نص فيه لا شك فيه و هو بانيذروه الرياح اولي من انيطعن بالرماح.
قوله <و ان تمسكت> الي اخر يعني ان قلت ان دلالة الخبر في موضع النصوص واضحة فنجريه في غير ذلك بالاجماع المركب يمكن قلبه عليك ان في غير موضع الخبر كان الاصل البراءة ففي موضع الخبر ايضاً كذلك و جميع ذلك محض كلام يحتاج في اظهار مطابقته الواقع الي ادلة و بعد ما ثبتت ترد بانه لميأذن الله بالاخذ بها مضافاً الي ان النسبة بين رواية التخيير و بين ما نفي التكليف عند عدم البيان عموم من وجه يفترق الثاني فيما لانص فيه و الاول فيما تعارض فيه النصان و مادة الاجتماع ما نحن فيه اذا تعارض فيه نصان و بعض المرجحات الظنية المتقدمة كذهاب المعظم و اطلاق الاجماع المنقول معنا.
قوله <و الي ان التخيير> الي اخر اخرج المصنف مدفعه الاكبر فقال و مضافاً الي ان المسألة اصولية و الاخبار ظنية لا عبرة بها و لما لميتعلق مشيته بالعمل بالتخيير لميقل ان الظن هنا مستلزم للظن في الاحكام لانها مسألة مقرونة بالحكم و يجوز العمل بالظن.
قوله <و الي منع انصرافها الي نصين> الي اخر و هذا المنع خياره بيد المصنف فيمنع من انصراف نص التخيير الي نصين احدهما يأمر و الاخر ينهي و لايرخصه انيدل عليه و قدروي عن ابيعبدالله7 انه سئل عن رجل اختلف عليه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۸ *»
رجلان من اهل دينه في امر كلاهما يرويه احدهما يأمر باخذه و الاخر ينهاه عنه كيف يصنع قال يرجئه حتي يلقي من يخبره فهو في سعة حتي يلقاه و قال7 مطلقا اذا سمعت من اصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتي تري القائم فترده اليه و قيل للرضا7 مطلقا في حديث يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين و لانعلم ايهما الحق قال فاذا لمتعلم فموسع عليك بايهما اخذت و لو تعلق مشية المصنف بالعمل بها لقال ترك الاستفصال عند قيام الاحتمال يفيد العموم في المقال.
قوله <و علي اثبات الندب الظاهري> الي اخر عطف علي قوله <علي نفي الوجوب الظاهري> في اوائل الفقرة يعني كما اقمنا الدليل علي نفي الوجوب كما سمعت لنا علي اثبات الندب ادلة محكمة و هي ذهاب المعظم و قدعرفت حاله و بناء العقلاء و قدعرفت حاله و خبر التسامح و قدعرفت حاله بل الاولوية في محتمل الندب لاحتمال الوجوب و لان بالامارتين ثبت المطلوبية اجمالاً فلا مجال للبراءة و المنع عن الترك منتف لعدم الدليل فتعين الندب.
قوله <بعد ضم مقدمة ثالثة> الي اخر مراده ان المقطوع به من اتفاق الامارتين مطلوب واقعي و كل مطلوب واقعي فهو مطلوب ظاهري فالمطلوب الاجمالي الجنسي مطلوب ظاهري و الجنس لايقوم بلا فصل فاذا نفي فصل الوجوب ثبت فصل الاستحباب و هذا الفصل الظاهري لازم للجنس الظاهري و جميع ذلك كرماد اشتدت به الريح في مكان سحيق او كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماءاً و من محاسن هذه الكلمات انها لو كانت صحيحة في الاستدلال حرم التعويل عليها في دين الله و المخاصمة بها و الاعتماد عليها فكيف اذا كانت وهمية موهونة ما للرعية و للاستدلال في دين الله و هل ضل من ضل منذ نزل ادم الي يومنا هذا الا بهذه الادلة و الاراء و هل يمكن بهذه الاستدلالات استخراج ما في قلب فقيه تقلده و هل يجوز انيستخرج بهذه الاستدلالات ما في قلب الشهيد; مثلاً ثم تقليده و علي ما تتكلمون فيما لا نص فيه هكذا فلايحتاج مقلد الشهيد الي كتاب شهيد فليقعد في زاوية مدرسة و يتخيل كهذه الخيالات ثم يحكم بان هذا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳۹ *»
مذهب الشهيد و رأيه ثم يقلده و لا فارق ابداً ابداً بينه و بينكم و ماانكر هذا القول في الاسلام و اذ لميمكن بهذه الادلة استخراج ما في قلب ابيحنيفة مع انه من اهل هذه الاستنباطات كيف يمكن استخراج ما في قلب محمد9 و هو لميكن يحكم بهذه الادلة و كيف يمكن بهذه الاستدلالات علم اللوح المحفوظ و لاتجوز تراقيكم و المرد الي الله و لاقوة الا بالله.
قال: اصل اذا علمنا في الشبهة الوجوبية بالتكليف اجمالاً و دار الامر بين الاقل و الاكثر و كانا ارتباطيين و كان الشبهة مرادية و كان اتيان الاكثر قدراً متيقناً في الامتثال فقيل فيه بالبراءة و قيل بوجوب الاحتياط و اطلاق كلامهم يشمل ما اذا كان المشكوك فيه مما يعلم انه علي فرض الوجوب جزء غير ركن او جزء ركني او يشك فيه من وجهين و عليه يحصل التناقض بين خلافهم هنا و وفاقهم في بحث الصحيح و الاعم علي انه لو شك في ركنية شيء للصلوة مثلاً كان الاصل مقتضاه الركنية الا انيكون النزاع هناك مختصاً بالمحتاطين في هذه المسألة لكن لازمه ان لايقول احد من الصحيحيين بالبراءة مع ان القول موجود بملاحظة ضم الشهرتين اذ عن المشهور هناك القول بالصحة و هنا المشهور هو القول بالبراءة قلت الا انيكون الشهرة هناك من المتنازعين هناك لا من كل العلماء مع امكان منع الوفاق هناك علي الركنية بل الظاهر وفاقهم علي عدم جريان اصالة عدم الركنية المسببة من الاطلاق لاجمال اللفظ حينئذ عند الفريقين لا عدم جريان الاصل العملي و قديجاب بوجوه اخر ليس شيء منها بشيء ثم مقتضي القواعد في القسم الاول القول بالاحتياط لاستصحاب بقاء الامر لو لميأت بالاكثر و ان اتي بالاقل و لو قيل في دفع جريان الاستصحاب ان المستصحب ان كان هو الاكثر او الامر النفس الامري فلا يقين بتعلق التكليف بها في زمان حتي يستصحب او الاقل فقد اتي به و في دفع حجيته بان الشك في المقتضي او في قدح العارض و ليس الاستصحاب فيه حجة و في دفع سلامته عن المعارض بمعارضته باستصحاب عدم الامر بالجزء المشكوك قلنا ان اشتراكنا مع الحاضر حتي فيما علم المأمور به اجمالاً معلوم و لا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۰ *»
اقل من الشك في الاشتراك اذ لا دليل علي عدمه ايضاً بل بقاء الامر بالاقل ايضاً مشكوك لمكان الارتباط فيستصحب و ان الاستصحاب حجة سواءاً كان الشك في المقتضي او المانع باقسامه كما سيجيء ان شاء الله تعالي و ان الاغلب في الجزء المشكوك كون الشك في الحادث مع ان اعتبار الاستصحاب في التبعيات اول الكلام بل هذا الاستصحاب لايكافؤ الاستصحاب السابق لانه مثبت و متبوع و لقاعدة الاشتغال اذ الشك في بقاء التكليف لا في اصله و الدليل علي نفس القاعدة بعد تحقق صغراها الاجماع و بناء العقلاء و القوة العاقلة و لبناء العقلاء علي الاحتياط فيما اذا شك في الجزئية و لاخبار الاحتياط المنجبرة هنا لو كانت ضعيفة بما مر و لا بأس بدوران الامر فيها بين التخصيص و ارتكاب المجاز الشايع و هو الندب و كون هذا التخصيص تخصيصاً للاكثر لفهم العرف تقديم الاول اذا بقي من الافراد تحت العام ما يعتمد به مع امكان منع كون ذلك من تخصيص الاكثر و لقاعدة دفع الضرر و قاعدة المقدمية.
اقول: قوله <اذا علمنا> الي اخر المراد بالشبهة الوجوبية ما كان الشك في الوجوب و ماسوي التحريم و المراد بدوران الامر بين الاقل و الاكثر الارتباطي ما كان الاقل مرتبطاً بالاكثر و ليس يكفي اذا كان الواقع الاكثر كالشك في جزئية السورة هل هي واجبة ام لا و اذا كانت في الواقع جزءاً و صليت بلا سورة ليست تكفي عن الواقع و مع السورة هي القدر المتيقن و المراد بالمرادية يعني ان الشبهة في المراد من اللفظ الذي وقع التكليف به ففي ذلك قولان فمنهم من قال بالبراءة الاصلية عن الاكثر و منهم من قال بوجوب الاحتياط.
قوله <و اطلاق كلامهم> الي اخر يعني ان العلماء حكي عنهم الاتفاق في بحث الصحيح و الاعم علي انه لو شك الانسان في ركنية شيء للصلوة مقتضي اصل الاشتغال انيقال انه ركن و هاهنا اختلفوا فمنهم من قال اذا شك في الاقل و الاكثر الارتباطي فالاصل البراءة من الاكثر و منهم من قال الاحتياط انيعمل بالاكثر و هذا تناقض في كلامهم و اطلاق كلامهم هنا يشمل ما علم انه لو كان واجباً لكان جزءاً و غير ركن او جزءاً ركنياً او يشك في الجزئية او الركنية فيلزمهم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۱ *»
تناقض الكلام الا انيقال ان الاتفاق هناك من العاملين بالاحتياط لا عامة العلماء.
قوله <لازمه> الي اخر يعني الذي يقول بالوضع علي المعاني الصحيحة يلزمه انيقول بالركنية و الاحتياط و لايقول بالبراءة مع ان الظاهر من ضم الشهرتين ان منهم من يقول هنا بالبراءة مع انه يقول هناك بالاحتياط.
قوله <بل الظاهر> يعني ان الظاهر من عباراتهم انهم متفقون علي ان اصل عدم الركنية لايجري في ما اذا شك في الركنية و ليسوا بمتفقين علي ان الاصل العملي لايجري اي لايجري اصل البراءة في مقام الشك في الركنية.
قوله <ثم مقتضي القواعد> الي اخر يعني اذا كان الشك في شيء انه لو كان واجباً لكان جزءاً غيرركني كالشك في وجوب السورة في الصلوة فمقتضي القواعد في هذه الصورة الاحتياط لاستصحاب بقاء الامر المتعلق به فبالصلوة بلا سورة لايتيقن ارتفاع الامر عنه فلابد من الاتيان بالسورة و قال في الضوابط بهذه المسألة تبعاً لجماعة من المحققين خلافاً لثقة الاسلام لتجويزه القنوت بالفارسية و ثقة الاسلام لقب الكليني; و المجوز للقنوت بالفارسية الصدوق;.
قوله <و لو قيل في دفع جريان الاستصحاب> الي اخر يعني الاستصحاب فرع الثبوت اول و الامر بالاكثر غيرثابت فلا استصحاب و ان امر بالاقل فقداتي به.
قوله <و في دفع حجيته> الي اخر يعني لو قيل ان موضع حجية الاستصحاب ما لميكن الشك في المقتضي او في قدح العارض القطعي يعني اذا كنت شاكاً في ان البيت مثلاً هل هو مشيد بحيث يبقي الي الان ام لا لايجوز اجراء الاستصحاب فيه فانك لست من المقتضي علي اليقين فكأنك يوم اول كنت شاكاً في انه يبقي مائة سنة ام لا و الان ايضاً علي شك من ذلك او وقع زلزلة شديدة ولكني شككت في انهدامه بتلك الحركة فالاستصحاب لايجري في هذين القسمين و موضع النزاع من هذين القسمين لانك شاك من يوم اول ان الامر هل اقتضي التعلق بالاكثر ام لا او هو من القسم الثاني فانه اذا اتي بصلوة بغير سورة فهو شاك في بقاء التكليف و انتقض اليقين باليقين قهراً و تغير الموضوع.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۲ *»
قوله <و في دفع> الي اخر يعني اذا قيل ان السورة لمتكن واجبة قبل الامر بالمجموع فبعد التعلق شككنا في تعلقه بهذا الجزء فالاصل عدم التعلق و هذا الاستصحاب يعارض ذلك الاستصحاب فيتساقطان.
قال المصنف في الجواب <قلنا ان اشتراكنا> الي اخر و هذا الجواب يدل علي تعمق فكر المصنف فقال انا مشتركون مع الحاضرين في التكاليف حتي فيما علم جملاً انه مأمور به وان كان في ذلك خدشة فلا اقل من الشك فاشتغال الذمة اما ثابت بمجموع ما خوطبوا به و لايحصل اليقين بالبراءة الا بالاتيان بالاكثر و اما مشكوك فيحتمل انك مكلف بالاقل و يحتمل انك مكلف بالاكثر فبعد الاتيان بالاقل انت شاك في ارتفاع التكليف و الاصل بقاؤه و لعمري لايجوز ابتناء دين الله علي هذه الوهميات و الخيالات الملوية الملبدة و الاوهام المتشاجرة و هو حرام محض و هي كلمات معيوبة و عيوبها ايضاً معيوبة و من التبذير صرف العمر فيها و لا حاصل لها و نحن قداشرنا في كل مقام في هذا الشرح الي شيء لو راجعتها و ركبتها لقدرت في كل مكان علي اظهار بطلانه و اما عيوب الاستصحاب فسيأتي عن قريب ان شاء الله.
قوله <و ان الاستصحاب حجة> الي اخر فاختار المصنف انه حجة باقسامه.
قوله <و ان الاغلب> الي اخر يعني ان الشك الذي يتفق في الاجزاء في الاغلب يكون في الحادث اي في الوجوب و الندب لا الحدوث اي في التكليف فان الامر به يقيني و انما الشك في انه هل هو وجوبي او ندبي فلايجري اصالة عدم الامر كما زعمتم في مقابل استصحابنا.
قوله <مع ان اعتبار> الي اخريعني انا نعلم ان وجوب السورة تبعي و التكليف به من باب المقدمة و بدون الاتيان بالاكثر لميحصل الامتثال و مورد الاستصحاب اليقيني الواجبات النفسية لا التبعية و هو اول الكلام بل هذا الاستصحاب لايكافؤ الاستصحاب السابق لان الاستصحاب السابق مثبت و هذا الاستصحاب ناف و المثبت مقدم علي النافي و ان لميكن علي تقدمه دليل كفي انه داير في السنة العلماء و كذا الاستصحاب السابق في المتبوع و هذا الاستصحاب في التابع و استصحاب المتبوع اولي و لعمري يتحير المتدين في دين يبتني علي هذه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۳ *»
الخيالات و ماادري ماذا يجيبون الله يوم القيمة اذا قيل لهم ءالله اذن لكم ام علي الله تفترون و ما هذه الجرأة العظيمة و بأي كتاب يستندون و الي اي سنة يؤلون و بأي برهان علي هذه الخيالات يعولون و هل كان اصحاب الرأي يزيدون علي ذلك و روي في حقهم ما سمعت أبهذه الادلة يمكن استخراج محبوب ابيحنيفة في قلبه فان لميمكن و هو من اهل هذه الادلة كيف يمكن استخراج مخزون علم الله بهذه الادلة.
قوله <و لقاعدة الاشتغال> الي اخر عطف علي قوله <لاستصحاب> و هو دليل ثان له يعني ان التكليف ثابت بدليل الاشتراك و انما الشك في بقائه و اشتغال الذمة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية فاذا ثبت التكليف بالصلوة لابد من الخروج من عهدة التكليف يقيناً.
قوله <و الدليل علي اصل القاعدة> الي اخر يعني اذا قيل ما الدليل علي لزوم تحصيل القطع بالامتثال بعد ثبوت الاشتغال بل القطع بعدم المخالفة كاف و هو يحصل بالاقل قلنا الدليل عليه بعد تحقق صغراها اي وقوع الامر به الاجماع علي ان بعد القطع بالتكليف يجب العمل بما يحصل به القطع بالخروج عن العهدة و الذي يعمل بالبراءة يمنع القطع بالاشتغال و يبدل الصغري و دليل اخر بناء العقلاء و دليل اخر حكم القوة العاقلة و هذه الادلة عساكر المصنف يستعين بها علي مختاراته و قد مر الكلام فيها و دليل اخر بناء العقلاء علي الاحتياط و تطفل بعد هذه الادلة المحكمة العقلية عنده بدليل ظني كان عنده كقدح الراكب فقال <و لاخبار الاحتياط المنجبرة> بما مر من الادلة واما ادلته العالية المقدمة فهي ليست بضعيفة عنده و لاتحتاج الي جبر.
يا ناعي الاسلام قم فانعه | قدمات عرف و بدا منكر |
قوله <و لا بأس بدوران الامر> يعني اذا قيل ان الامر داير بين انيخصص عموم تلك الروايات لانها شاملة لما لايجب فيه الاحتياط قطعاً فيقال الاحتياط واجب الا في مواضع مخصوصة و بين ارتكاب المجاز الشايع و هو كون الامر للندب و لامرجح لاحدهما فيسقط الاستدلال اجاب المصنف عن ذلك و قال لا بأس بهذا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۴ *»
الدوران لفهم العرف تقديم التخصيص.
و قوله <و كون التخصيص> عطف علي <الدوران> يعني ان قيل اغلب مواضع الاشتباه ندبي و لو خصصت العموم لزم تخصيص الاكثر و هو مرجوح فالاخذ بالمجاز هنا اولي اجاب المصنف بان العرف مع ذلك يقدم التخصيص اذا بقي تحت العام شيء يعتمد به و الامر هنا كذلك و جميع ذلك كسب بسب و من رمي بمدر رمي بحجر و لا قوة الا بالله.
قوله <و لقاعدة دفع الضرر> الي اخر عطف علي لاستصحاب بقاء الاكثر يعني يجب الاحتياط لقاعدة دفع الضرر فان الشك في الوجوب و في تركه احتمال الخطر و كذا لقاعدة المقدمية فان العمل بالواجب واجب و هو هنا مشتبه و مقدمة العمل به عدم تركه و الاحتياط و الملازمة فوجب الاحتياط و لو كان تبعياً.
قال: و لو قيل ان الاحتياط عسر للزوم قصد الوجه او لكثرة الشبهات مع ان الغالب في المطلوبات الشرعية عدم الوجوب مع قبح الامر بالمركب المجعول للامر الا بعد بيان الاجزاء المجعولة مع استصحاب صحة الصلوة مثلاً بعد ترك الجزء المشكوك مع الاخبار المتقدمة الدالة علي ان الناس في سعة ما لميعلموا قلت لا شك في عدم وجوب قصد الوجه مع ان قصد الوجه الظاهري كاف و لانسلم كثرة المشتبهات بعد القول بالظن المطلق و الغلبة المذكورة في اجزاء المهيات ممنوعة و القبح المذكور مسلم عند الاجمال الذاتي لا العرضي و استصحاب الصحة ان كان في المشكوكفيه البدوي فلا جريان له مطلقا او الاثنائي فان كان قبل الدخول في العمل او قبل تجاوز محل المشكوك فيه فلا شك في الصحة فلا استصحاب او بعد تجاوز محله كما لو شك في جزئية السورة بعد تركها و الانحناء الي الركوع فان كان الانحناء الي الركوع تاركاً للسورة عن سهو فلا شك في الصحة حتي تستصحب اذ المفروض ان الجزء ليس ركناً او عن اعتقاد بعدم الوجوب اجتهاداً او تقليداً فكك لقاعدة الاجزاء في الاوامر الشرعية او بالوجوب فتبطل صلوته بنفس الانحناء او عن شك فكيف ينحني الي الركوع و هو شاك في شرعيته
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۵ *»
و ادلة الاحتياط عين شكه سليمة عن المعارض فتفسد بنفس الانحناء ايضاً فتأمل و اخبار البراءة لاتنصرف الي المعلوم بالاجمال و لو سلم الانصراف فالنسبة بينها و بين اخبار الاحتياط عموم من وجه لان اخبار البراءة تشمل ما دار الامر فيه بين المحذورين و اخبار الاحتياط الشبهة الموضوعية و في مادة الاجتماع لو لمتترجح اخبار الاحتياط للاعتضاد بما مر فلا اقل من التساقط و الرجوع الي اصالة الحظر هذا و للخصم اثبات البراءة تمسكاً باصالة عدم البيان فيما دار الامر فيه بين كون المشكوك جزءاً واجباً او مباحاً و لمنجد مفصلاً او باستصحاب الصحة او الامر بالاتمام اذا كان المشكوكفيه مما دار الامر فيه بين كونه جزءاً ركنياً ام غير جزء و لايعارضها استصحاب الامر بالصلوة اما لكونه مزالاً او لانه قبل اتمام الصلوة لا شك في بقاء الامر فتأمل و مما مر ظهر حكم صور الشك في الجزئية باقسامها الثلثة و حكم ما لو علمنا بالجزئية و شككنا في الركنية و حكم الشك في الشرطية.
اقول: بعد ما اختار المصنف الاحتياط فيما يعلم جزئيته لو كان واجباً و كونه غير ركن ولكن يشك في وجوبه اراد رفع ما عسي ان يرد عليه فقال <و لو قيل ان الاحتياط عسر> الي اخر يعني ان قيل ان الذي يحتاط فيه يلزم فيه قصد الوجه الواقعي و هو مجهول فيلزم تكرار العبادات علي كل وجه و هو يستلزم العسر و الحرج.
قوله <او لكثرة الشبهات> الي اخر يعني يلزم العسر ايضاً من جهة كثرة الشبهات اذ كل غيرمعلوم مشتبه و باب العلم باغلب المسائل مسدود فلو بني الانسان فيها علي الاحتياط لزم العسر مع ان الغالب في مطلوبات الشارع عدم الوجوب و المشكوك يحمل علي الغالب فلاحاجة الي الاحتياط.
قوله <مع قبح الامر> الي اخر يعني يقبح انيأمر الامر بمركب ذياجزاء مجعول للامر لميكن معروفاً قبل الا بعد بيان الاجزاء المجعولة و القبيح لايصدر من الحكيم فلا حاجة الي الاحتياط فيما لميعلم وجوبه.
قوله <مع استصحاب صحة الصلوة> الي اخر يعني اذا صلي الانسان و كانت صلوته صحيحة الي ان تركت السورة مثلاً و لميعلم وجوبها فاستصحاب الصحة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۶ *»
جارية فلايجب الاحتياط.
قوله <مع الاخبار المتقدمة الدالة> الي اخر فالانسان اذا لميعلم وجوب السورة مثلاً هو في سعة من تركها حتي يعلم مراد الله فاجاب المصنف و قال لا شك ان قصد الوجه الواقعي غيرواجب و قصد الوجه الظاهري اي من باب الاحتياط كاف و لانسلم كثرة المشتبهات بعد القول بالظن المطلق فانه به يثبت حكم اغلب المسائل و المشتبه المتوقف فيه نادر و غلبة عدم الوجوب في اجزاء ماهيات فرايض الله ممنوعة و القبح المذكور ان كان الباعث الحكيم نفسه ولكن ان كان بالعرض من جهة النقلة و الحملة فلا قبح و اما استصحاب الصحة فان كان في صلوة دخل فيها و هو لايدري هل السورة مثلاً جزؤها ام لا فالصحة اولاً ممنوعة فلا استصحاب و ان عرض الشك في الاثناء فان كان قبل الدخول في السورة و قبل تجاوز محلها فلاشك في الصحة و عدم حصول مبطل فلا حاجة الي استصحاب او بعد تجاوز محله و شك في جزئيتها بعد تركها فان تركها ساهياً فلا حاجة الي استصحاب و ان تركها اعتقاداً بعدم وجوبها فكذلك لان من عمل عملاً عن اعتقاد و مضي وقته يجزئه و هو ممتثل ما لميحصل له رأي مخالف لرأيه الاول و قد مر مسألة الاجزاء و ان تركها مع اعتقاد الوجوب فتبطل صلوته بنفس الانحناء او بتجاوز المحل عن شك فكيف ينحني مثلاً للركوع و هو شاك في شرعيته فيأتي في اثناء الصلوة بعمل بقصد الجزئية بل الركنية و هو لايدري شرعي ام لا فيبطل صلوته الا ان المصنف تأمل في ذلك فلعله لاحتمال جريان استصحاب الصحة لان شروطه عندهم محققة هنا و ان كان ينافي الاحتياط.
قوله <و اخبار البراءة> الي اخر يعني انا نعلم مجملاً انه لو كان واجباً كان جزءاً غير ركن و الاخبار مطلقة في حال عدم العلم فلايجري في حال العلم الاجمالي.
قوله <و لو سلم الانصراف> الي اخر يعني علي فرض تسليم انصراف الاخبار الي العلم الاجمالي ايضاً نقول ان هنا اخبارين اخبار البراءة و هي تشمل ما دار الامر فيه بين الوجوب و ماسوي الحرام و بين الحرام و ماسوي الواجب و بين الوجوب و الحرمة و اخبار الاحتياط و هي تشمل الشبهة الحكمية و الموضوعية ففي مادة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۷ *»
الاجتماع اي الشبهة الحكمية لو لميترجح اخبار الاحتياط فلا اقل من التساوي و التساقط فيرجع الامر الي الاصل الاصيل و هو الحظر كما مر.
قوله <هذا و للخصم اثبات البراءة> الي اخر يعني يمكن للخصم اثبات البراءة في كون المشكوك جزءاً واجباً او مباحاً لما مر في اصل مفصلاً و له التمسك بان الاصل عدم البيان لا انه بين و لميصل الينا فالاصل براءة الذمة من هذا الجزء و له انيتمسك باستصحاب الصحة و بان ما صلي كانت صحيحة فان سها عن جزء مثلاً يستصحب الصحة فيكون ساير الاجزاء ايضاً صحيحة للارتباط فاذا صحت الصلوة فالمتروك ليس بركن و في البواقي يتم بالاجماع المركب و له انيتمسك بالامر بالاتمام اذا كان المشكوك جزءاً ركنياً او غيرجزء لانه حين دخل كانت صلوته صحيحة و كان منهياً عن ابطال الصلوة بقوله تعالي لاتبطلوا اعمالكم فكان مأموراً بالاتمام فيستصحب هذا الامر.
قوله <و لايعارضهما> الخ يعني لايقال انه كان مأموراً بالاتيان بماهية الصلوة علي الواقع فهو الان مأمور بذلك و لايحصل اليقين به الا بالاتيان بالاكثر اما لكونه مزالاً لان الاستصحاب الاول وارد علي هذا و مزيلاً له او لانه قبل اتمام الصلوة لا شك ان الامر بالاتمام باق فاذا وجب الاتمام بهذه الادلة فليس المشكوك بجزء و لا ركن.
قوله <و مما مر ظهر> الي اخر يعني من هذه البيانات الرشيقة التي لايرضاها الله و لا رسوله عرف حكم باقي الاقسام الثلثة نظراً الي ان في الشك في الركنية اربعة احتمالات احدها ثبوت الجزئية و الشك في الركنية و ثانيها الشك في الجزئية مع القطع بالركنية علي فرض الجزئية و ثالثها الشك في الجزئية و الركنية و رابعها الشك في الجزئية و العلم بعدم الركنية لو كان جزءاً.
قوله <و حكم ما لو علمنا> الي اخر يعني و علم مما مر من الادلة حكم ما لو علم ان هذا العمل جزء العبادة ولكن الشك انه ركن ام لا كالنية مثلاً او تكبيرة الاحرام و كذا علم مما مر حكم ما لو شك في شرطية شيء للعبادة ففي جميع ذلك من يختار البراءة يتمسك بادلتها و من يتمسك بالاحتياط يتمسك بادلته و كلها عمل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۸ *»
بالرأي و حرام ان اصابوا و ان اخطأوا فحسابهم علي الله و لا حاجة بنا الي تفصيل ادلتهم و ما يرد عليها اذا عرفت الرد علي فرض صحتها في نظر العقل و مااشبه تنازع هؤلاء بتنازع اطفال لعبوا بالجوز فمنهم في ذلك اللعب محق و منهم مبطل و يتنازعون ولكن اذا جاء المحتسب و تراءي لهم هربوا جميعهم و زهق حقهم و باطلهم و قبح صدقهم و كذبهم معاً و هكذا هؤلاء في تنازعهم العقلي منهم محق و منهم مبطل فيما بينهم ولكن بعد ما جاء محتسب قوله7 من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر و من فسر برأيه اية من كتاب الله فقد كفر و قوله7 من نظر برأيه هلك و من ترك اهل بيت نبيه ضل و من ترك كتاب الله و قول نبيه كفر و امثال ذلك جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا.
و ان قلت هب ان ما قالوا كان بالرأي و تركناه فما تقول انت في هذه الشكوك المذكورة قلت اولاً نحن لانشك فيما لميرد فيه كتاب او سنة بمحض الظنون الواهية و الاراء الكاسدة و الادلة العقلية و قول جماعة لا برهان لقولهم اتفقوا او اختلفوا انما البرهان كتاب الله و سنة نبيه9 فاذا قام نص من الكتاب او السنة علي امر انه جزء عبادة او ليس بجزء ركن او ليس بركن شرط او ليس بشرط نحن نأخذ به بلا شك و ان خالفه اقوام و ادلة و عقول و ان تعارض منهما نصان نعمل فيهما بقانون امرنا صاحب النص و لانتعداه الي غيره من المرجحات فان تبين لنا ان احدهما الحق و الاخر باطل و صدر عن تقية او هو منسوخ اخذنا بالحق و ان اشتبه علينا الامر فلمنعلم ايهما الحق فقدوسعوا لنا الامر عملاً في زمان الغيبة و امرونا بالسعة تسليماً لامرهم و التوقف عن الفتوي و لميأمرونا بالاحتياط في النصين و لميصل الينا نص بالاحتياط في تعارض النصين الا في حديث غوالي اللئالي و هو كتاب غيرمعتبر و الحديث باصطلاحكم و اصطلاحنا ضعيف الا انكم تقولون الخبر منجبر بالشهرة و اقول ليس بمنجبر بالشهرة فان المعروف بين الاصوليين ان الاحتياط سنة و ليس بواجب فهذا الجزء منه ليس بمنجبر بالشهرة و ساير اخبار الاحتياط اما ظاهر في الموضوع او مطلق و لاريبة بعد ورود الخبر بالسعة و وجه الاحتياط في الاحكام خفي لقوله9
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴۹ *»
فانحلوني اهنأه و اسهله و ارشده و لقوله يريد الله بكم اليسر و لقوله ان الله يسير يحب اليسر و يعطي علي اليسر ما لايعطي علي العنف نعم لا شك و لاريب في رجحان الاحتياط من غير ايجاب كما مر.
و اما اذا وصل نص واحد و اشتبه الدلالة فهو من المتشابهات و يجب الرجوع الي المحكمات لقول الرضا7 من رد متشابه القرءان الي محكمه فقدهدي الي صراط مستقيم ثم قال ان في اخبارنا محكماً كمحكم القرءان و متشابهاً كمتشابه القرءان فردوا متشابهها الي محكمها و لاتتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا و لايجوز القول بالرأي و العقل فان وجد محكماً في ذلك وجب المصير اليه و ان لميجد محكماً خاصاً فالتوقف و الرد الي الله و رسوله و اوليالامر و السعة في العمل لانه لايثبت تكليف بالمتشابه الذي يقول الله جلوعز فيه و اما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه و يقول حجته و لاتتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا انتهي و نحن لانعرف في مذهبنا شيئاً من هذا الذي يقولون و نري المحمد: لميلجئونا الي عقولنا فننحت ديناً لانفسنا و نشاركهم في وضع الشرايع.
و ان قلت اذا علمتم بالتكليف مجملاً كالصلوة مثلاً ثم بواسطة اشتباه معني الخبر او عدم التصريح فيه مثلاً اشتبه عليكم الامر في شيء انه هل هو شرط صحة هذه الصلوة ام لا او هل هو شرط وجوبها ام لا او هل هو جزء للصلوة واجب ام لا و امثال ذلك ما تصنعون و من القوم من يقول ان التكليف واقع و الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية و منهم من يقول بالحد المقطوع به و ينفي المشكوك عملاً بالبراءة قلت نحن قدعلمنا عياناً انه لا تكليف الا بالبيان و لله الحجة البالغة و ما كان الله ليضل قوماً بعد اذ هديهم حتي يبين لهم ما يتقون فمحال في عدل الله انيكلف العبد بما لميبين له و لميعرفه لايكلف الله نفساً الا ما اتاها اي الا ما عرفها فما بينه لي انه شرط او جزء اعتقدت بانه شرط او جزء وما لميبينه لي لميقع التكليف بما لميؤتني و اما وقوع التكليف بالصلوة مجملاً فلميقع التكليف بصلوة هي في علم الله صلوة و الا لميقطع احد بمصادفة الواقع و البراءة القطعية و انما وقع التكليف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۰ *»
بصلوة عرفناها و قدعملت بصلوة عرفتها و اما الخبر المتشابه فلميثبت به تكليف فما يقولون ان التكليف الاجمالي ثابت كلام لا معني له و الله اجل من انيكلف عبده بتكليف مجمل و لايعرفه معناه فما عرف غيرمجهول و ما جهل فهو غيرمعرف فلايجب العمل بذلك الشرط او ذلك الجزء نعم اذا كان ذلك الشرط غيرمضر من وجه اخر او ذلك الجزء غيرمخل من وجه اخر فلايضر الاحتياط.
و ان قلت اذا حدث في الصلوة حادثة او امر و لمتدر انه مخل بالصلوة ام ليس بمخل ماذا تصنع قلت قولك لمتدر له معنيان فان كان المراد انه حدث امر لميصل الي فيه خبر اصلاً فلايضر هذا فاني غير مكلف به و ذلك كأنيقع بصرك في اثناء الصلوة الي غيرمحرم مثلاً فليس فيه نص و هذا غيرضاير و لانقول الاشتغال اليقيني مثلاً يقتضي البراءة اليقينية فنحتاط هنا لما مر انا مشتغلوا الذمة بالمعروف لا بالمجهول و لا بواقع علم الله و هذا الحادث مجهول لايكون منشأ حكم و ايجاب الاحتياط هنا عسر واضح و ايجاب ما لايتناهي من الاحتمال و ان حدث امر وصل الي فيه نص مشتبه الدلالة فاني لست بمكلف بالمتشابهات و ارجع الي المحكم عندي و اعمل بالمحكم المعلوم الواضح و ان حدث امر يمكن انيقع بلحاظ تحت نص و بلحاظ تحت نص اخر مخالف له و النصان محكمان معمولان في محليهما و اشتبه الامر علي كأن صليت معلقاً سفيفة حرير مثلاً و اشتبه الامر علي هل هذا لباس فيقع تحت لباس الحرير او محمول فيقع تحت حمل الحرير فهذا هو الشبهة في الموضوع و الشبهة بين الحلال البين و الحرام البين و هذا هو المشكل الذي يرد حكمه الي الله و رسوله فهذا هو مورد اخبار التوقف ولكن له انيعمل باخبار السعة لانهم في سعة حتي يعلموا و كل شيء لك حلال حتي تعلم الحرام بعينه فتدعه و رفع عن امتي ما لايعلمون و لاابالي أبول اصابني ام ماء اذا لماعلم و امثال ذلك و اما انتجتنب لطيب قلبك فلايضر كما في حديث زرارة قال فهل علي ان شككت في انه اصابه شيء انانظر فيه قال لا ولكنك انما تريد انتذهب الشك الذي وقع في نفسك بالجملة لايقال ان الصلوة توقيفية و لابد من العلم ببراءة الذمة منها و ان ما صلينا هي ما امرنا به فان البراءة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۱ *»
حاصلة لنا بالعمل بالنصوص و متابعتها و التوقيف حصل بما عرف و عملنا بما عرفنا.
و ان حدث حادثة في ما امرت به كما اذا حدث حادثة في الركوع فلمتدر حصل الركوع الذي امرت به و علمت حدوده ام لا فانت اذا عملت بما علمت من حدود الركوع و يصدق علي ما فعلت اسم الركوع علي ما علمت فلاتبال بما حدث فلايضر و ان كان لايصدق عليه اسم الركوع علي ما علمت فتعمل فيه بتكليف من ترك الركوع عمداً او سهواً كما هو معلوم في محله وان اشتبه الامر فقد كنت مأموراً بركوع معلوم الحدود و لابد لك من انتؤدي ما كلفت به بما تعلم انك اديت فاذاً لابد من انتعمل فيه عمل من ترك او سها و لاينقض اليقين الا بيقين مثله هذا حاصل ما يؤدي اليه مقتضي الكتاب و السنة علي مقتضي الفطرة الاصلية و الاحتياط في جميع الاحوال بما يقطع معه مصادفة الواقع غيرضاير ان شاء الله.
قال: اصل اذا علمنا بوجوب شيء في العبادة و شككنا في نفسيته و غيريته فالاصل الاخير اما للعمل باصالة البراءة و الاشتغال او لتعارض اصلي البراءة و سلامة الاشتغال عن المعارض و منه يعلم الاصل فيما لو علمنا بوجوب شيء في اثناء العبادة نفساً و شككنا في وجوبه الغيري او علمنا بوجوب شيء للغير و شككنا في وجوبه النفسي و اما لو علمنا بان الشيء واجب غيري اي مقدمي و شككنا في انه جزء العبادة ام شرط عبادي ام شرط معاملي فقديدور الامر بين الاول و الثاني او بين الاول و الثالث او بين الثاني و الثالث او بين الثلثة فهل هنا اصل يرجع اليه في مقام التميز ام لا اصل في البين ام الاصل يختلف بحسب المقامات وجوه و ربما تظهر الثمرة في مسألة الصحيح و الاعم و مقدمة الواجب و النذر و في اشتراط نية التقرب و المباشرة النفسية و الاتيان علي الوجه المباح و نحو ذلك و الغالب حصول التميز بمراجعة العرف.
اقول: قوله <شككنا في نفسيته و غيريته> يعني انه واجب مستقل او واجب للغير كالطهارة للصلوة علي القول بها فيها.
قوله <فالاصل الاخير> الي اخر اختار المصنف ان الاصل يقتضي انه واجب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۲ *»
غيري و بذلك استخرج مكنون علم الله بدليل اصل عدم العقاب علي تركه و اصل براءة الذمة من الاشتغال به و عدم الاثم بتركه و هو كلام باطل بعد ورود الامر به و بدليل الاشتغال بذلك الذي يزعمه ذا المقدمة فذمته مشغولة به و لايؤدي الا مع المقدمة فالمشكوك مقدمة و هذا الدليل في غاية الوهن لان الذمة مشغولة بذلك الشيء الاخر علي ما وقع الامر به و امتثال ما وقع الامر به مجزي و يحصل البراءة و لايحتاج الي ضم مقدمة خيالية لميقع تكليف به علي العلم و اليقين.
قوله <او لتعارض اصلي البراءة> الي اخر يعني ان قيل كما ان الاصل براءة الذمة عن الوجوب النفسي الموجب تركه العقاب الاصل عدم المقدمية و احتياج ذلك الشيء الاخر بالمقدمة فيتعارضان قلنا فيتساقطان و يبقي الاشتغال بذلك الاخر علي حاله و لايبرأ الذمة منه الا بالاتيان بهذا المشكوك مقدميته و هذا ايضاً سخيف جداً فان ذمة المكلف لاتشتغل الا بمدلول الامر و فرض المسألة ان الامر بالشيء الاخر ليس فيه دلالة علي هذه المقدمة و احسن من ذلك ما استدل به في الضوابط ان الاصل في ذلك الوجوب المقدمي للاستقراء فان الواجب المقدمي اكثر و هو قياس محض حرام.
قوله <و منه يعلم الاصل> الي اخر كما انا علمنا بوجوب رد السلام نفساً في اثناء الصلوة و نشك في انه هل في فعله و تركه ارتباط بالصلوة فالرد من اسباب الصحة و تركه مبطل لها ام لا او علمنا بوجوب شيء للغير و شككنا في وجوبه النفسي معه فيعلم انه في الصورة الاولي الاصل الغيرية ايضاً و في الثانية الاصل عدم النفسية و لايجوز ابتناء دين الله علي هذه الخيالات و الذي علينا اننعتقد بمضمون لفظ صدر من الامام و ان نمتثل بما اعتقدنا من المضمون ثم جميع ما لمنسمعه من الحجة يجب فيه السكوت فمدلول الامر افعل ذلك و هو واجب عليك و ليس فيه انه لغيره و الارتباط بالغير يحتاج الي دليل لانه صفة زائدة علي الوجوب و لو بنينا علي ذلك لاحتمل في كل واجب انيكون مرتبطاً بغيره فيجب بذلك العمل باحتياطات لا غاية لها و لانهاية فالاصل في متعلق الامر انيكون واجباً و لانقول بانه مرتبط بغيره حتي يثبت الارتباط هذا و قدعرفت ان الشك ما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۳ *»
يحدث من الدليلين المتساويين لا من الخيالين الواهيين فاذا دل دليل علي النفسية و دليل علي الغيرية لاتعارض بينهما لامكان الجمع كالقول بالوجوب النفسي في الوضوء و الغسل مع وقوف الصلوة عليه و ان دل دليل علي نفي الغير فيحتاج الي الترجيح ثم السعة.
قوله <و اما لو علمنا بان الشيء> الي اخر يعني اذا علمنا ان الشيء واجب غيري و مقدمة لعبادة اخري ولكن شككنا في انه جزء لها ام شرط عبادي يفتقر الي النية و المباشرة و الاتيان علي الوجه المباح كالوضوء مثلاً ام شرط معاملي كطهارة الثوب مثلاً فقديدور الامر و يحصل الشك بين الاول و الثاني اي الجزئية و الشرطية العبادية او بين الاول و الثالث اي الجزئية و الشرطية المعاملية او بين الثاني و الثالث اي العبادية و المعاملية او بين الثلثة فلايدري جزء ام شرط عبادي ام شرط معاملي يقول في هذه الشكوك و الدورانات وجوه و احتمالات و هنا بقي علي التردد و في الضوابط قال فالحق ان يقال ان الاصل يختلف و قدشرحنا و بينا ان الواجب علي الشيعي الوقوف موقف السمع و النطق فاذا دل السنة علي انه واجب غيري اعتقدنا بانه شرط الغير و اذ لميقم دليل علي انه جزء عبادة اخري و لميدل اللفظ المتعلق بالعبادة الاخري علي انه جزؤها فلمنقل انه جزؤها فاذا هو مقدمة و شرط خارج عن ماهية الغير هذا و الحجج ابر برعيتهم منكم و لايكلونهم الي عقولهم و لايكلفونهم بمجملات لميجعلوا لهم مخرجاً منها و يشركوا رعيتهم معهم في تتميم دين الله ذلك ظن الذين لايوقنون و لذلك اذا دخلوا في الفقه يتراكم عليهم قراين و ادلة لايحتاجون معها الي هذه المسائل و لذا لا ذكر في كتبهم الفقهية لهذه الخيالات الا ما تكلفوا فيه عمداً و ارادوا اظهار فضل.
قوله <و ربما تظهر الثمرة في مسألة الصحيح و الاعم> الي اخر هذا من باب ديدنهم في تكلف الثمرة لمسائل يتكلفون التعرض لها و لا ثمرة لها في دين الله بالجملة يعني الصحة و الاعم بالنسبة الي تلك العبادة الاخري و مقدمة الواجب و النذر كما اذا نذر درهماً لمن عمل بشرط عبادة او جزئه و في اشتراط نية القربة و المباشرة بنفسه و الاتيان علي الوجه المباح كما بينا و الغالب حصول التمييز بين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۴ *»
الجزء و الشرط الي العرف كما اذا قيل في العرف في صفة معجون خذ الفلفل و الدارصيني و السقمونيا و اسحق الاولين و انخلهما و اسحق الثالث و لاتنخله ان الثلثة اجزاء و الباقي شروط يعرفها العرف بالطبع و هذا القياس خطاء محض فان الناس يعرفون ما وقع تجاربهم عليه و عاداتهم و طبايعهم و ليس شيء من احكام الله مما وقع تجربتهم او عادتهم او طبعهم عليه فلايعرفون الشرط و الجزء بعرفهم و لو كان يعرف ذلك لمااختلف الفقهاء العقلاء الماهرون في جزئية الاشياء و شرطيتها في العبادات.
قال: اصل اذا علمنا بالتكليف في الواقعة اجمالاً و دار الامر بين الاقل و الاكثر و كانا استقلاليين و كانت الشبهة مرادية سواءاً حصلت الشبهة من تعارض الدليلين كما يتفق في منزوحات البئر بناءاً علي وجوب النزح تعبداً او من اجمال الدليل كالامر باخراج صاع للفطرة و لمنعلم انه تسعة ارطال ام ستة او من تعارض المتباينين صورة و الاقل و الاكثر معني فهل الاصل حينئذ الاحتياط ام البراءة وجهان اقواهما الاخير لان الاصل عدم تعلق التكليف بالزايد مضافاً الي جملة مما مر سابقاً من الادلة و اما المقتضي للاحتياط فان كان الاشتغال ففيه انه ان اريد الاشتغال بالاقل فقداتي به و امتثل او بالاكثر او الامر النفس الامري فلميثبت من الاول او الاستصحاب فكذلك او بناء العقلاء فهو غيرثابت لو لميكن علي الخلاف او اخبار الاحتياط فلاجابر لها هنا.
اقول: يريد من هذه العبارة انه اذا دار الامر بين الاقل و الاكثر الاستقلالي يعني اذا كان الاتيان بالاقل مجزياً عن نفسه و ذلك كما اذا دار الامر بين انه هل عليه خمس فوائت او عشر فان اتي بالخمس يجزي عن الخمس و الكلام في الباقي الي العشر و المفروض انه عالم بالتكليف باحدهما اجمالاً و يكون سبب الشبهة مرادية لانا لانعلم ان المراد من اللفظ الذي وقع به التكليف هو الاقل او الاكثر كالصاع اذا امر به في الفطرة فلانعلم انه تسعة ارطال او ستة مثلاً ففرض لذلك المصنف ثلثة فروض احدها انيكون الدوران ناشئاً من تعارض الدليلين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۵ *»
كما في تعارض ادلة منزوحات البئر و ثانيها انيكون ناشئاً من اجمال الدليل كالصاع مثلاً و ثالثها انيكون ناشئاً من تعارض المتباينتين صورة و الاقل و الاكثر معني كما اذا قيل ان صدت فافتد بمثقال من الذهب و في قول اخر ان صدت فافتد بمثقال من الفضة مع العلم بان المراد قيمتهما فهل الاصل في هذه الصور الاحتياط او البراءة فاختار المصنف البراءة لان الاصل عدم تعلق التكليف بالزايد فبذلك كشف عن حقيقة ما في قلب محمد9 و اما الاحتياط فلايجري هنا لان الاشتغال ان كان بالاقل فقداتي به او بغير ذلك فلميثبت و ان تمسك احد بالاستصحاب اي ببقاء الامر فان كان الامر بالاقل فقداتي به و ان كان الامر بغير ذلك من الاكثر او الامر النفس الامري المردد بينهما فلميثبت او تمسك ببناء العقلاء فلميثبت انيكون كذلك بل كونه علي الخلاف اوضح او باخبار الاحتياط فهي ضعيفة و لا جابر لها هنا و جميع ذلك مما تعلق عزم المصنف علي الاستدلال هكذا و لو تعلق عزمه بالاحتياط لاستدل عليه بادلته مما مر امثاله و لااحب اعادته و لايجوز ابتناء دين الله علي شيء من هذه الادلة و اقول ان حصل الشك بواسطة الدليلين الشرعيين فالعمل بالمرجحات المنصوصة و مع العجز فالتخيير والسعة كما نصوا عليه و ان كان من اجمال الدليل فان وجد مفسر يحكم عليه و الا فالله الحكيم الذي له الحجة البالغة و لميكلف الا بالبيان و بما آتي المكلف ليس يكلف عباده بالمجمل المبهم الذي لايعرفه ثم يعاقبه علي ترك العمل به فالمعني المجمععليه منه ثابت و الزايد مجهول و لايكلف الله عباده بالمجهول بالكتاب و السنة فان قلت قد وقع التكليف و لايخرج من عهدته الا بالاكثر قلت الاكثر مجهول و لميقع تكليف به و الذي هو معلوم و فيه الحجة البالغة فقد اتينا به و الذي هو مجهول فلا تكليف الا بالبيان و لاحجة الا بالبرهان و يشاهد ذلك من له عينان.
قال: اصل اذا علمنا بالتكليف في الواقعة اجمالاً و دار الامر بين المتباينين و كانت الشبهة مرادية و كان الجمع محصلاً للامتثال قطعاً فهل الاصل الاحتياط بالجمع كما لو دار الامر بين القصر و التمام او الظهر و الجمعة مثلاً ام البراءة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۶ *»
بالتخيير في اتيان ايهما شاء وجهان و اما احتمال القرعة او طرح الامرين او تعيين احدهما بلا معين فبين الفساد و اظهر الوجهين وجوب الاحتياط بالجمع للاستصحاب و اصل الشغل و بناء العقلاء و لزوم دفع الضرر المحتمل و اخبار الاحتياط المنجبرة هنا بذهاب الاكثر و بما ذكر مضافاً الي لزوم المخالفة القطعية علي الاخير اي التخيير من حيث الحكم الواقعي مطلقا و من حيث العمل ايضاً ان قلنا بالتخيير الاستمراري و اما نحن فلانقول بوجوبهما معاً اصالة بل بوجوب الواحد المجمل الواقعي المستلزم للجمع من باب المقدمة و لو لميتمكن المكلف الا من احد الفردين في تمام الوقت فعلي المختار لا شيء عليه للبراءة و علي البراءة اتي بالممكن و لو تمسك الخصم باخبار البراءة او اخبار التخيير في تعارض النصين فالجواب عنهما ظاهر من وجوه و لا فرق فيما ذكر بين حصول الشبهة من تعارض الدليلين او اجمال الدليل.
اقول: يريد اذا علمنا بانا مكلفون بفرض الظهر مثلاً و دار الامر بين انه علي صورة الظهر او علي صورة الجمعة او علي صورة التمام او علي صورة القصر و كانت الشبهة من جهة دلالة الفاظ الخبر و ان جمعت بينهما فقداتيت بما هو المكلف به في نفس الامر فهل الاصل الاحتياط بالجمع ام التخيير الذي هو نتيجة البراءة فاختار المصنف هنا الاحتياط بالجمع و استدل له بالاستصحاب اي استصحاب حال الشرع فانك كنت مشغول الذمة بالفرض و اذا صليت احديهما و شككت في براءة الذمة بقي استصحاب الامر بالصلوة الي ان تصلي الاخري و كذلك باصل الشغل و بناء العقلاء و لزوم دفع الضرر الحاصل من مخالفة الشارع و تطفل باخبار الاحتياط المكسورة التي من عليها و جبر كسرها بذهاب الاكثر ثم اضاف الي ذلك انه ان تخير لزم المخالفة القطعية لان المكلف به في الواقع اما واحد معين و يقتضي لزوم الاحتياط او هو واحد مبهم كلي و يقتضي التخيير فان كان المطلوب الاول يخرج عن العهدة بالاحتياط و هو موافق للواقع و بالتخيير يحصل المخالفة لانه يعتقد وجوب شيء ليس بواجب في الواقع و يلزم المخالفة القطعية اذا اختار في كل جمعة واحداً و اما علي الاحتياط فلايلزم شيء من هاتين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۷ *»
المخالفتين و ان كان الامر في الواقع بواحد غيرمعين فانه اتي بهما معاً.
قوله <و اما نحن> الي اخر يعني ان قيل ان اوجبتم انتم الاحتياط و اوجبتم العمل بهما معاً و في الواقع الواجب واحد معين فقد اعتقدتم خلاف الواقع كاصحاب التخيير قلنا انا نحن لانوجب الامرين اصالة بل نعتقد وجوب الواحد المجمل الواقعي و وجوب الجمع مقدمي لااصلي.
قوله <و لو لميتمكن> الي اخر يعني اذا لميتمكن المحتاط من الصلوتين في تمام الوقت من اوله الي اخره و لميتمكن من اكثر من واحدة فعلي المختار من لزوم الاحتياط لا شيء عليه لاصل البراءة في مثل هذا الموضع فان الشك في اصل التكليف و لسنا نعلم انه مكلف بهذا الذي هو متمكن منه و علي البراءة اتي بالممكن و لعله من باب ما لايدرك كله لايترك كله.
قوله <و لو تمسك الخصم> الي اخر يعني ان تمسك القائل بالتخيير باخبار البراءة يجاب عنه بورود الدليل الصارف عن الاصل و بانه كما لايعلم بوقوع التكليف بواحد معين لايعلم التكليف بامر كلي و مقتضاه نفي التكليف عنهما معاً و هو خلاف الاجماع و ان تمسك باخبار التخيير يجاب عنه بانها لاتنصرف الي موضع النزاع و محلها في النصين احدهما يأمر و الاخر ينهي و بانها ظاهرة في التخيير البدئي لا الاستمراري.
بالجملة جميعها اراء لايجوز التعويل عليها ان صحت فكيف و هي كلها خيالية يمكن اقامة امثالها علي اضدادها و لا فائدة فيها و الحق في المسألة انه لاتردد في الامرين المتباينين الا بدليلين شرعيين و هما حديثان و صاحب الكلام اعلم بحقيقة كلامه و قدامرنا بمعالجات و عند العجز امرنا بالتخيير و لميرد الاحتياط الا في مرفوعة زرارة و هي غيرمعتبرة فالعمل علي التخيير وقول المصنف انه في الامر و النهي ناشئ من عدم تتبعه كما قدمنا و يأتي و نحن لانعرف شيئاً مما يذكره من هذه الادلة الواهية التي لايجوز ابتناء الدين عليها و الجمع تكليف اعسار و هو خلاف الاحتياط فان الله شاء التخفيف عن المسافر و انت توجب عليه صلوة اخري و الله خفف يوم الجمعة و اقتصر علي ركعتين لمسير الناس من البعد و تعطلهم لاستماع الخطبة فاراد التخفيف عنهم و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۸ *»
انت تعسر عليهم و تثقل عليهم و روي يسروا و لاتعسروا و قال الله عزوجل يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر.
قال: اصل اذا علمنا بالتكليف اجمالاً و دار الامر بين الاقل و الاكثر الاستقلاليين في الشبهة المصداقية كما لو علم ان عليه فوائت لايعلم كميتها او عليه ديناً لايعلم مقداره فهل يرجع الي القرعة او الي الشغل فيأتي بالمشكوك الي ان يعلم البراءة او يظن بها ان قلنا بحجية الظن في الموضوع الصرف او الي البراءة فيأتي بالمتيقن لا بالمشكوك مطلقا او ما لميظن بالاشتغال او يفصل بين الشك البدوي و الطاري وجوه و الاصح انه لا شك في الرجوع الي البراءة مطلقا في مثل ما لو استقرض من زيد ديناراً في الوقت المعلوم ثم شك في انه استقرض منه ديناراً اخر في وقت اخر ام لا و لا في وجوب الاحتياط فيما اذا علم بانه كان مديوناً لزيد بعشرة و ادي بعضاً لايدري مقداره للاستصحاب و اما في مثل ما لو استقرض من زيد مبلغاً في عقد واحد لايدري مقداره و نحو ذلك من امثلة ما نحن فيه فالاظهر البراءة مطلقا لان الالفاظ و ان كانت موضوعة للمعاني النفس الامرية لكنها لاتنصرف الي المشكوك البدوي و انما منصرفها المعلوم بالتفصيل او بالاجمال و ما نحن فيه معلوم في الجملة لا معلوم اجمالاً و المعلوم في الجملة ينحل الي معلوم تفصيلي و مشكوك تفصيلي فيعمل في كل علي مقتضاه و ليس للاحتياط ما يعتمد عليه اقول و لا قرعة بعد ارتفاع الشبهة بالاصل و الظن في الموضوع الصرف ليس حجة.
اقول: قوله <و الاصح انه لا شك> عبارة عجيبة و كان ينبغي انيقول الصحيح انه لاشك لان الاصح فيه شك و استدل علي ذلك بالاستصحاب يعني كانت ذمته بريئة من الزايد قبل ذلك و لميعلم الاشتغال قطعاً فيستصحب حاله السابق.
و قوله <و اما في مثل> الي اخر فالاظهر البراءة علي الاطلاق لان الزايد علي المتيقن مشكوك و يستصحب براءة الذمة السابقة و ان قيل ان الالفاظ موضوعة للمعاني الواقعية النفس الامرية و الدين الواقعي شيء واحد فالشك في المكلف به
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵۹ *»
و لابد من الاحتياط قلنا الالفاظ و ان كانت كذلك لكنها لاتنصرف الي المشكوك البدئي فانك مثلاً تعلم ان عليك خمسة دراهم علي اليقين و انت من الزايد في شك ابتداءاً و لو كان المراد من هذا الدين معلوماً تفصيلاً وجب المصير اليه و لو كان معلوماً بالاجمال انه عشرة دنانير وجب المصير اليه و اما ان كان المراد ان شيئاً من هذا المعلوم و المشكوك في ذمتي يجب اداء المعلوم و الاصل في الباقي عدم تعلقه بذمتي حتي يثبت و ليس للاحتياط من الادلة ما يعتمد عليه لان اصحابه يستدلون باخبار الاحتياط و هي ضعيفة و بان الالفاظ موضوعة للامور النفس الامرية و قدعرفت الجواب عنه و بناء اهل العقول و هو غيرمعلوم.
قوله <اقول و لا قرعة> الي اخر فالقرعة لكل امر مشكل و هنا لا اشكال بعد قيام الدليل القطعي فليس موضع قرعة.
قوله <و الظن في الموضوع الصرف> الي اخر جواب عن قول القائلين بالاحتياط مقيداً بعدم الظن بالبراءة فرده بعدم المقتضي للاحتياط و لو فرض وجود المقتضي للاحتياط لاينبغي رفع اليد عنه بسبب الظن بالبراءة لان الظن في الموضوع الصرف ليس بحجة.
بالجملة جميعها اقوال ظنية لاتؤل الي خير و الحق في المسألة انا كنا بريء الذمة قبل ذلك يقيناً لا شك فيه و هذا اليقين ثابت مستمر الي انيأتي يقين مثله و يشغل ذمتنا فما لميأتنا يقين مثله لايدفعه الشك لقول علي7 من كان علي يقين فاصابه شك فليمض علي يقينه فان اليقين لايدفع بالشك فالذمة البريئة بالقطع لاتشتغل بالقطع الا بالقطع فانا علمت كعلمي بالبراءة ان علي عشرة و لاادري هل صدر شيء غيرها او حدث حادث يشتغل به ذمتي ام لا و كذلك علمت انه قدفات مني خمس فرائض يقيناً فذمتي مشغولة بها حتي اؤديها و اقضيها واما ما اشك بعد فوات الوقت فهو شك بعد الحائل و لاعبرة بها لقول ابيجعفر7 متي استيقنت او شككت في وقت فريضة انك لمتصلها او في وقت فوتها انك لمتصلها صليتها و ان شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قددخل حايل فلا اعادة عليك من شك حتي تستيقن فان استيقنت
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۰ *»
فعليك انتصليها في اي حالة كنت و قال7 اذا جاء يقين بعد حائل قضاه و مضي علي اليقين و يقضي الحائل و الشك جميعاً فان شك في الظهر فيما بينه و بين انيصلي العصر قضاها و ان دخله الشك بعد انيصلي العصر فقدمضت الا انيستيقن لان العصر حائل فيما بينه و بين الظهر فلايدع الحائل لما كان من الشك الا بيقين انتهي.
فتبين ان في المشكوك من الفائت بعد حائل لايجري اشتغال الذمة به بعد دخول وقته فان المسلم لايترك الصلوة في وقته فيبني علي ذلك و لانه في وقته كان اذكر له و احفظ كما روي هو حين يتوضأ اذكر منه عند الشك انتهي و الان نسي الحال و رفع عن هذه الامة الخطاء و النسيان مع ان اعادة المنسي عسر و حرج شديد لايطاق و يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر و يدل عليه ايضاً قول ابيعبدالله7 انما الشك اذا كنت في شيء لمتجزه و مما يدل علي ما اخترنا انه سئل ابوعبدالله7 اصلحك الله ان علي نوافل كثيرة فكيف اصنع فقال اقضها فقيل له انها اكثر من ذلك قال اقضها قيل لااحصيها قال توخ و سئل عن الصلوة تجتمع علي قال تحر و اقضها انتهي و من التوخي والتحري انتختار ما تقطع بثبوته عليك يقيناً و اما ما روي فليصل حتي لايدري كم صلي من كثرتها و في رواية اخري يقضي حتي يري انه قدزاد فمحمولتان علي الاستحباب لما عرفت من عدم اشتغال الذمة بالمشكوك فالقضاء له مستحب.
و اما اذا استدان مرة واحدة مالاً صبرة فيشكل الامر لاشتغال الذمة بمال معلوم قطعاً و لو مبهماً و لابد من البراءة من ذلك المال المعلوم في الخارج و لايجري اصل عدم الزايد اذ الاصل عدم الاقل ايضاً فلاينقض اليقين الا باليقين و يحتاط حتي يبرأ ذمته و علي الآخذ ايضاً الاحتياط في الاخذ عن الزايد عن اليقين فالاحتياط في التصالح.
قال: اصل اذا دار الامر بين المتباينين بعد العلم الاجمالي في الشبهة المصداقية و كان الشك في المكلف به نفسياً كدوران الفائتة بين كونها صبحاً ام ظهراً او غيرياً كاشتباه جهات(جهةخل) القبلة فطرح الامرين و ارتكاب المخالفة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۱ *»
القطعية مخالف للاجماع و لانصراف الخطاب الي المعلوم و لو اجمالاً بحكم العرف و القرعة لا دليل عليها في مثل المقام و التخيير بين المشتبهين ينافي بناء العقلاء و اخبار الاحتياط و ما مر من الانصراف الي المعلوم و لو اجمالاً و المتمسك باخبار البراءة مدفوع بالقلب و بالتخصيص بالمجمل بنحو ما يجري في المرادية في مثل الظهر و الجمعة و بمعارضة اخبار الاحتياط و لزوم الجمع علي نهج وحدة العقاب ينافي ما مر في مقدمة الواجب من ان الترك الحكمي كالحقيقي فتعين وجوب الجمع من باب المقدمة الشرعية الموجب للعقاب اذا اتي باحدهما و ترك الاخر ثم انكشف بعد الوقت كون المأتي به هو الواجب الواقعي.
اقول: يعني اذا علمت انه اشتغل ذمتك بصلوة و فاتت منك فلمتدر اي صلوة هي او علمت انه يجب التوجه الي القبلة و لمتعلم اين وجه القبلة فلايمكن ترك الامرين لاشتغال الذمة اليقينية لان الالفاظ تنصرف الي اليقيني و لو اجمالاً بحكم العرف و القرعة لا دليل عليها لوجود المفر و المفزع و التخيير ينافي بناء العقلاء و ينافي اخبار الاحتياط و ينافي ما مر من انصراف اللفظ الي المعلوم اجمالاً و هو شيء معين و لو اختار غيره لميأت به و لو تمسك باصل البراءة عن المجموع يقلب عليه بان الاصل البراءة من المشكوك فان الالفاظ موضوعة للمعلوم و هنا محل الشك فلا خيار ايضاً و بانها مخصصة بالمجملات و هو يفيد اجمال العام و لايمكن اثبات شيء معين به و بانها معارضة باخبار الاحتياط.
و اما ان قيل بلزوم الجمع لكن علي نهج وحدة العقاب بان لايكون في ترك احدهما و اتيان الاخر عقاباً اذا كان المأتي به الواجب الواقعي ينافي ذلك كما مر فتعين وجوب الجمع من باب المقدمة.
بالجملة جميع ذلك احكام بالرأي و ان اصابت و لايجوز ابتناء الدين علي هذه الخيالات و الاراء و الظنون و الحق في المسألة انه اذا علم انه فاتته فريضة من الفرايض و لايدري ايها هو يعمل كما قال ابوعبدالله7 من نسي من صلوة يومه واحدة و لميدر اي صلوة هي صلي ركعتين و ثلثاً و اربعاً انتهي و هذا وجه الاحتياط فيه و لايجب تعيين خصوص الاربعيات لمكان النص و لان ما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۲ *»
فاتت معينة و اربع و هو يصليها لها و اذا دار الامر بين الجهات في القبلة فوسعوا لنا الامر بالتخيير و لميدعوا للاراء و الظنون مساغاً و اختلاف الموضعين دليل ان الامر ليس بالاراء و الظنون و ان لميكن نص خاص في المسألة فيتكفلها قوله7 اذا اصبتم بمثل هذا فعليكم بالاحتياط حتي تسألوا عنه فتعلموا و ذلك للعلم القطعي بوقوع التكليف عليه و لكن لايدري كيفية ابراء الذمة منه فيحتاط حتي يعلم ببراءة الذمة حتي يسأل فيعلم و ذلك انه لامفر له يعلم به البراءة الا بالاحتياط و العلم بالتكليف ازال البراءة الاصلية و لايدفع اليقين الا باليقين كماقالت حجج الله:.
قال: اصل اذا دار الامر بين المتباينين و كان الاشتباه في مصداق المكلف لا المكلف به كواجد المني في ثوبه المشترك و الخنثي المشكل الذي اجتمع معه رجل و امرأة فالحق براءة كل منهما عن التكليف لاصالة الطهارة في المسبوق بها و لاصالة وجوب الوضوء و كفايته و عدم وجوب الغسل و عدم كفايته في المسبوق بالحدث الاصغر و استصحاب بقاء الحالة السابقة مضافاً الي بناء اهل العقول فاندفع استصحاب الامر بالصلوة المقتضي للاحتياط و استصحاب الامر بالطهارة و اصالة الاشتغال بها و استصحاب بقاء الحالة السابقة المانعة عن دخول الصلوة.
اقول: يعني اذا وجد في ثوب مشترك مني و لايدري ايهما احتلم فيه او خنثي مشكل له آلتان و في الواقع لا برزخ اذا جامع امرأة و جامعه رجل من غير انزال فلايدري الجنب الرجل او المرأة قال فالحق براءة كل منهما لان المتطهر له اصل الطهارة و المحدث يجب عليه الوضوء لا الغسل و لاستصحاب بقاء الحالة السابقة فان كانت طهارة فالطهارة او حدث اصغر فهو مضافاً الي بناء اهل العقول و كررنا انه ليس فيه حجة.
قوله <فاندفع استصحاب الامر بالصلوة> اي المتعلق بالرجلين حين الشك في الطهارة المقتضي للاحتياط.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۳ *»
قوله <و استصحاب الامر بالطهارة> يعني بعد الحدث السابق.
قوله <و اصالة الاشتغال بها> فلابد من براءة الذمة منها.
قوله <و استصحاب بقاء الحالة السابقة> الي اخر يعني قبل الصلوة اذا كان محدثاً و لميكن له الدخول في الصلوة يستصحب تلك الحالة فلايجوز الدخول فيها الا بامر قطعي و بهذه الادلة يجب الاحتياط الا انه دفعها المصنف بما اختار من الادلة الظنية و الوهمية و اني لمار في هذا المقام نصاً غير ما سئل ابوعبدالله7 عن الرجل يصيب بثوبه منياً و لميعلم انه احتلم قال ليغسل ما وجد بثوبه و ليتوضأ انتهي و هذا الخبر يصدق علي الرجلين معاً و يمكن الاستدلال به عليهما مضافاً الي قول علي7 من كان علي يقين فشك فليمض علي يقينه فان الشك لاينقض اليقين انتهي و قدكان كل واحد طاهراً غير جنب يقيناً فجنابته تحتاج الي دليل شرعي فاذ لا دليل لاغسل عليه و هما شخصان لهما تكليفان و كل مكلف بتكليف نفسه.
و اما الخنثي فعليه الغسل و لا غسل علي احد من الرجل و المرأة لان المرأة لمتعلم ان رجلاً جامعها بذكره الاصلي و الرجل لميدر انه جامع فرج امرأة اصلي و الخنثي فقداجنب باحد الامرين و حصل له الجنابة من ايهما كان و حكم استصحاب الطهارة التي كانا عليه يجري عليهما علي سياق القوم ولكن علي ما نختاره ان قلنا بعدم الواسطة انهما كانا طاهرين و لابد من اسباب الجنابة من التوقيف و لميصل نص ان الذكر الزايد يجنب و الوقاع في ثقب زايد مجنب و لايدخلان تحت ساير الاخبار فانها جارية علي المعروف في العرف و امر الخنثي نادر غيرمعروف فليس عليهما غسل فيما وصل الينا و الله العالم بحقايق احكامه.
قال: اصل اذا دار الامر بين الحرام و غير الواجب و كان الشك في التكليف لفقد العلم الاجمالي فالاصل البراءة لاكثر ما مر في الشبهة الوجوبية و عن الاخباريين الاحتياط و يظهر ضعف ادلتهم مما مر نعم قديكون الاصل الحرمة في بعض الموارد الخاصة لادلة خارجية كما في اللحوم فلو تولد حيوان من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۴ *»
حيوانين احدهما طاهر محلل كالغنم و الاخر نجس محرم كالكلب و لامماثل له من احد ابويه و لا من الخارج فالاصل طهارته لما دل علي ان كل شيء طاهر حتي تعلم انه قذر و لاستصحاب طهارة ملاقيه و لاصالة عدم وجوب الاجتناب عنه و حرمة لحمه لان اغلب اللحوم محرمة و لاخبار الاحتياط قيل و لبناء العقلاء اقول و اما التمسك باستصحاب نجاسة حال منويته او حال ولادته لملاقاة بدن الكلب مثلاً او باستصحاب حرمة حال حيوته او باستصحاب طهارة حال حيوته فمنظور فيه ثم ان كثيراً مما فرضناه في الشبهة الوجوبية جارية في الشبهة التحريمية يعلم حالها مما سبق.
اقول: يعني اذا اشتبه الامر في شيء انه حرام او غيرواجب بحسب التكليف و لمنعلم بشيء و لو اجمالاً فالمجتهدون ظاهراً علي البراءة و الاخباريون علي الاحتياط و استدل المصنف بحكم القوة العاقلة و بناء العقلاء و ذهاب المعظم و اصالة عدم الدليل علي الحرمة و استصحاب عدم الحرمة قبل الشك و بالايات العامة و الاخبار و ادلة الاخباريين ضعيفة لما مر في اصل الاباحة.
قوله <نعم قديكون> الي اخر اما طهارة ذلك الحيوان فمسلم و اما حرمة لحمه فهذه الادلة وهمية لايعبأ بها و ان اردت متابعة الاخبار فانظر ان كان يسمي باسم محرم يلزمه حكمه وان كان شيء غيرمعروف باسم فالمتكفل له قول ابيعبدالله7 انما الحرام ما حرم الله و رسوله في كتابه و قول ابيجعفر7 ليس الحرام الا ما حرم الله في كتابه و قول ابيعبدالله7 انما الحرام ما حرم الله في القرءان و الا فلا انتهي و نحن لانقدر اننحرم شيئاً لميحرمه الله عزوجل.
قوله <اقول> الي اخر اما استصحاب حال المنوية فتغير عنه الموضوع قطعاً فلايجري و ملاقاته لبدن الكلب كلام سخيف و الحيوانات لاينجسن بالملاقات تحقيقاً و كذا استصحاب حرمة حال حيوته و هو اول الدعوي و كذا الاستدلال علي طهارته باستصحاب طهارة حال حيوته لانه فرع القول بقبول التزكية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۵ *»
قال: اصل اذا دار الامر بين الحرام و غيرالواجب و كانت الشبهة موضوعية و الامر دايراً بين المتباينين فان كانت الشبهة غيرمحصورة لكون المشتبهات متعذرة الاحاطة او متعسرتها و لو لاجل الهيئة الاجتماعية كجوائز الظلمة او لكون المشتبه لقلته كالمعدوم بين المشتبهات بحيث اضمحل في جنبها و استقر سجية العقلاء علي عدم التحرز عنها لميجب الاجتناب عنها لفقد المقتضي في القسمين الاولين فان الخطاب لاينصرف الي مثلهما مضافاً الي الاجماع و ادلة نفي العسر و في القسم الثالث يجري الدليل الاخير و في الاخير العسر و لو لبعض الاشخاص بعد كون التبعيض في اشخاص المكلفين منفياً بالاجماع فتأمل.
اقول: قوله <و لو لاجل الهيئة الاجتماعية> يعني ان غيرالمحصور قديكون بنفسه غير محصور كالاشجار مثلاً و الحيوانات و قديكون بنفسه محصوراً ولكن لاجل الهيئة الاجتماعية غيرمحصور كجوايز ظالم فانه محصور الا ان جميع جوايز جميع الظلمة غيرمحصورة و ادخال هذا القسم في غيرالمحصور سخيف جداً فعلي هذا الاناءان المشتبهان ايضاً يدخلان في غيرالمحصور لانهما بالنسبة الي انفسهما محصورتان ولكن جميع اواني العالم التي وقع الاشتباه فيها غيرمحصورة.
قوله <و استقر سجية العقلاء> هو من ادلته باطناً و ان كان ظاهراً صفة لما سبق.
قوله <لفقد المقتضي في القسمين الاولين> اي المتعذر الاحاطة و متعسرتها للعذر و العسر و لاتكليف بهما من الاول مضافاً الي الاجماع و ادلة نفي العسر من العقل و الكتاب و السنة و اما في القسم الثالث و هو كجوايز الظلمة يجري الدليل الاخير اي ادلة نفي العسر و اما المشتبه القليل فكذلك لاجل العسر و لو لبعض الاشخاص بعد كون التبعيض منفياً بالاجماع و لعمري لا شيء من ذلك من ادلة دين الله الا عدم التكليف بالمعسور فانه من الكتاب و السنة و نحن لانعول علي غيرهما و لانري ديناً غير ما منهما فنقول في الشبهة غيرالمحصورة انه لايجب الاجتناب لقول ابيعبدالله7 كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتي تعرف الحرام منه بعينه فتدعه و بهذا المعني اخبار عديدة و الحمدلله و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۶ *»
نحن لانعرف هذه الليات و الاجماعات الوهمية و الاستحسانات العرفية.
قال: او محصورة و كانت الشبهة غيرمزجية كالاناء الطاهر المشتبه بالنجس و المال الحلال المشتبه بالحرام فمن جهة الحكم الوضعي يترتب الاثر من ضمان و نجاسة اتفاقاً بعد العلم و لو اجمالاً بالملاقات و الارتكاب و اما من جهة الحكم التكليفي فيحتمل جواز ارتكاب الكل دفعةً او تدريجاً و القرعة و وجوب ابقاء مقدار الحرام و اجتناب الكل من باب المقدمة العقلية او من باب المقدمة الشرعية بحيث يتعدد العقاب علي حسب تعدد الارتكاب و ان انكشف ان ما ارتكبه لميكن المحرم الواقعي و الاخير اظهر اما بطلان الاولين فللاجماع و انصراف الخطاب الي المعلوم و لو اجمالاً و قوله7 كل شيء فيه حلال و حرام فهو حلال لك حتي تعرف الحرام بعينه معارض مع حديث التثليث فيخصص الاول علي فرض دلالته بغير المحصورة اقول مضافاً الي الاستقراء و اما القرعة فيدفعها الاصل فيما يمكن فيه الاحتياط كماهنا مع قصور ادلتها لو صح سندها و تم دلالتها عن معارضة اخبار الاحتياط في مثل ما نحن فيه و اما الرابع فيدفعه الاستصحاب و قاعدة الاشتغال و الادلة اللفظية و اخبار الاحتياط و خصوص حديث التثليث المعروف بين الخاصة و العامة حلال بين و حرام بين و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات و من اخذ الشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لايعلم و لايمكن حمل الجمع المحلي فيه علي العهد ذهنياً و خارجياً و لا علي الاستغراق الحقيقي اذ لامورد له حينئذ فلابد من حمله اما علي الجنس المفرد فيكون المراد ان من اخذ بالشبهة ارتكب المحرم او علي الاستغراق بالمعني الاعم الذي يشمل جميع الشبهات و لو في الواقعة الخاصة فالمعني ان من اخذ جميع الشبهات و لو في الواقعة الخاصة فقدارتكب المحرمات كذلك لكن الاول اقرب عرفاً و ان كان المقصود يتم علي الوجهين فنقول علي الاول منهما يحتمل انيكون المراد من المحرم الظاهري او الواقعي حقيقة او الواقعي مجازاً و الاوسط كذب و الاخير بملاحظة التشبيه مستلزم لتعدد العقاب كالاول و يدل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۷ *»
علي تعدد العقاب زيادة علي ذلك خبر لاتنقض اليقين بالشك و خبر الاحتياط و ان الترك الحكمي كالحقيقي كما مر في بحث مقدمة الواجب.
اقول: الشبهة المحصورة غيرالمزجية كالانائين المشتبهين و المزجية كماء حلال مختلط بماء حرام.
قوله <فمن جهة الحكم الوضعي> الي اخر يعني اذا تبين ان المتلف هو مال الغير هو ضامن او تبين ان المستعمل هو النجس يجب غسل ما اصابه منه.
قوله <واما من جهة الحكم التكليفي> الي اخر فاحتمل احكاماً كما ذكره و اختار وجوب اجتناب الكل من باب المقدمة الشرعية.
قوله <اما بطلان الاولين> الي اخر و هما جواز ارتكاب الكل دفعةً او تدريجاً فابطلهما بالاجماع و لان انصراف الامر بالاجتناب الي المعلوم و لو اجمالاً و الحرام هنا معلوم اجمالاً و ان قيل فما تقول في قوله7 كل شيء فيه حلال و حرام الحديث قلنا انه معارض بحديث التثليث الناهي عن ارتكاب الشبهات فنقول الحديث الاول مخصوص بغيرالمحصور و المصنف غير الحديث لانهم يأخذون بعضهم من بعض و الحديث كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتي تعرف الحرام منه بعينه فتدعه و لايجوز هذا الحمل الذي حمل المصنف عليه الحديث من غير دليل بمحض التعارض و ان قلت الدليل الاجماع قلت الاجماع ان قام كان دليل وجوب الاجتناب لا ان معني الحديث هذا.
و من نتايج افكار المصنف نفسه دون استاده قوله <اقول مضافاً الي الاستقراء> اي في الموارد الخاصة في الشبهات المحصورة المأثورة و هذا دليل استدل به صاحب الحدايق ايضاً من الاخباريين و هو سخيف جداً و قياس محض محض ما للشيعة و للاستقراء و اعجب من ذلك ان صاحب الحدايق يبرهن علي جوازه بانا كما نعلم بالاستقراء ان الفاعل مرفوع نعلم بالاستقراء ان الحكم هذا نعم ان الجواد قديكبو و المعصوم من عصمه الله و لايمكن لوم احد علي عثاره.
قوله <و اما القرعة> الي اخر فيدفعها انها لكل امر مشكل و هنا يمكن الاحتياط
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۸ *»
فلااشكال و لم لميستقر المصنف في مواضع القرعة حتي يري ان في جميعها كان يمكن الاحتياط و مع ذلك قرعوا او امروا بالقرعة.
قوله <و اما الرابع> الي اخر و هو وجوب ابقاء مقدار الحرام فابطل المصنف ذلك بالاستصحاب يعني اذا اخذ احد الانائين و ترك الاخر فقبل الاخذ كان مأموراً بالاحتراز من النجس و بعد اخذ الواحد شاك في رفع الامر فيستصحب بقاؤه و بقاعدة الاشتغال يعني كنت مشغول الذمة باجتناب المحرم و لايحصل القطع بالبراءة حتي تجتنب عن الكل اذ لعل المأخوذ هو النجس و بالادلة اللفظية اذ لفظ النجس موضوع للمعلوم نجاسته و لو اجمالاً او النجس الواقعي و لايتم الامتثال الا بالاجتناب عن الكل و باخبار الاحتياط و خبر التثليث ولكن روي خبر التثليث محرفاً في الجملة فان لفظ النبي9 اخذ بالشبهات و هو الفصيح و مفاده الشبهات في الحكم لمكان الباء.
قوله <و لايمكن حمل الجمع> الي اخر جميع ذلك شبهات و ليته تركها اخذاً بالخبر و الخبر ظاهر ان المراد ترك كل شبهة فمن ترك شبهة نجا من المحرم المحتمل فيها و من ترك جميع الشبهات نجا من المحرمات المحتملة فيها.
قوله <فنقول علي الاول منهما> الي اخر شبهات اخر مشوشة للذهن الصافي الباقي علي الفطرة قال ان اخذنا المراد من الحرام الواقعي يلزم الكذب فانه ليس بلازم انيقع في الحرام الواقعي كل مرتكب شبهة و ان اخذنا الواقعي المجازي يعني يكون ذلك تشبيهاً منه7 فيكون من ارتكب شبهة كأنه ارتكب محرماً واقعياً و لما اختار المصنف ان التحرز من الكل من باب المقدمة الشرعية اختار تعدد العقاب بتعدد ترك المقدمة كما مر في بابه و استدل هنا زيادة علي ذلك بحديث لاتنقض و هو الاستصحاب عندهم و خبر الاحتياط و قياس الترك الحكمي بالترك الواقعي و جميع ما سوي الكتاب و السنة عندنا هباء منثور و في الهوان كعفطة عنز لايعبأ بها .
و الحق في الشبهة المحصورة ايضاً ما قال المحمد: من ان كل واحد واحد منها حلال لحديث كل شيء فيه حلال و حرام و لايعارض ذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶۹ *»
بالموارد الخاصة المأمورة فيها بالاجتناب فان قلنا بوجوب الاجتناب فيها فطالما خصص العمومات و لايجوز قياس غير مواضع النص بها و ان لمنقل بالوجوب و قلنا بالاستحباب كما قلنا باستحباب الاحتياط فهي من باب الاحتياط الاستحبابي و كذلك لايعارض باخبار التثليث فان الشبهة الحكمية ما فيه نصان متعارضان و هنا نص واحد و لا شبهة و ساير الادلة ليست بشيء و الشبهة الموضوعية لايجب الاجتناب عنه و ليس خبر التثليث مقيداً بالمحصور فان اخذوا بمدلوله وجب الاجتناب في غير المحصور ايضاً و كم من موضع كان الشبهة محصورة و امروا بالارتكاب او التعيين بالقرعة من دون اجتناب الكل هذا و اخبار التثليث ظاهرة في الاستحباب اذا اريد الموضوعات ولكن هذا الحديث كما قدمنا ظاهر في الشبهة الحكمية لمن عرف العربية لمكان الباء في قوله اخذ بالشبهات فانه لايقال اذا اخذ الدرهم مثلاً اخذ بالدرهم و انما اخذ به بمعني امسكه و تمسك به و هنا بمعني ملازمة الشبهة و الاعتقاد به لا اخذها و اكلها مثلاً تدبر تجد ان كنت تعرف اللحن و اما اخبار الاحتياط فقدذكرنا انها ظاهرة في الاستحباب و علي فرض التكافؤ في الكل فالرجوع الي السعة و المرد الي جواز الاستعمال حتي ان في الموارد الخاصة ايضاً ان لميقم اجماع قطعي لايمكن القول بالوجوب لوجود المطلق المرخص للاستعمال فالظاهر من الاخبار عدم وجوب الاجتناب من الشبهة الموضوعية غيرمحصورة و محصورة الا ان الاجتناب سنة و كل امرأ و تقواه و يمتحن بها تقوي الناس في المحصور و غيرالمحصور بقدر الامكان.
ثم هل يجب ابقاء واحد مثلاً او بقدر محتمل الحرام ام لا فنقول لا شك و لاريب انه اذا علم ان في احد الانائين منجس و شرب واحداً لميعلم انه حرام فيحل له و اما اذا شربهما بمزج او غير مزج و لو في يومين فيعلم انه شرب الحرام و الحديث الذي استدللنا به ان كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتي تعلم الحرام بعينه فتدعه و هذا علم انه شرب الحرام بعينه قطعاً جزماً و لايلزم انيكون الحرام العيني بشخصيته و جميع مميزاته معلومة و يكفي العلم الاجمالي هذا و يصدق عليه انه شرب نجساً بولاً مثلاً او خمراً بلا شك و ريب فلو مزج
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۰ *»
ففي هذا الاناء بول يقيناً بعينه و شربه و ان فرق فهو شرب بولاً قطعاً اما اليوم و اما امس و ليس العلم بالوقت شرط حرمة البول فالحق انه يجب عليه ابقاء مقدار الحرام في غير الممزوج و اجتناب الممزوج السيال المتداخل جملة هذا مجمل ما تقتضيه اخبار المحمد:.
و اما رد المصنف قولنا بالاستصحاب فبعد ان الاستصحاب لايجري في نفس احكام الله الاستصحاب جار ما لميعثر علي نص و هنا نص كل شيء فيه حلال و حرام و بقاعدة الاشتغال فالبراءة تحصل بالعمل بنص الحلال و الحرام و اما الادلة اللفظية فان اخذت احد الانائين فلمتعلم ان قوله لاتشرب النجس تعلق به ام لا و لايدل لفظ النجس علي هذا الاناء بل هو تحت كل شيء طاهر حتي تعلم انه قذر و تحت لاتنقض اليقين الا بيقين و لست بمأمور من عند الله بالاجتناب عن الكل و عن المشتبه بالنجس و لاتستعمل كليهما فلا بأس بتناول واحد و قدعرفت ان اخبار الاحتياط و التثليث ظاهرة في الاستحباب و علي فرض الدلالة لايجب الاحتياط فيما فيه نص و اذن من الشارع كما اذا اذن الشارع في اكل لحم فتركه احتياطاً مما لايجوز و كذلك لا شبهة بعد النص الصريح فلايتعارضان.
قال: اصل اذا دار الامر بعد العلم الاجمالي بين الواجب و الحرام و كانت الشبهة مرادية كدوران الامر بين وجوب السجدة و حرمتها بعد قراءة العزيمة في الفريضة احتمل طرح الامرين و يدفعه ظهور الاجماع و ادلة الاشتراك و تقديم جانب الحرمة لان دفع المضرة اولي من جلب المنفعة و يدفعه ان في ترك الواجب ايضاً مفسدة و ان جلب المنفعة قديترجح علي دفع المفسدة فلايتم الاطلاق و القرعة و يدفعها ظهور الاجماع علي خلافها و اخبار العلاج الدالة علي التخيير في تعارض النصين و التخيير الاستمراري و يدفعه اصل الشغل و الاستصحاب و ظهور الاجماع علي عدمه و ظاهر خبر التخيير فان ظاهره الخيار بدواً لا استمراراً مع لزوم المخالفة القطعية الا انيعارض بالموافقة القطعية و اما التمسك باستصحاب التخيير فهو فرع جريانه و لايجري فتأمل فيتعين التخيير البدوي و هل المجتهد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۱ *»
حينئذ يفتي بالتخيير كما في امارتي المقلد او بالمختار وجهان و يحتمل خياره بين الامرين كما هو الاصل لكن الاظهر (الظاهر خل) الاول لسيرة العلماء و حكاية ظهور عدم الخلاف و ان كانت الشبهة مصداقية فان كان اصل يرجح جانب الحرمة كما في اشتباه اخر الحيض بالاستحاضة او جانب الوجوب كاشتباه اخر رمضان باول شوال عمل بالاصل و ان فقد من الجانبين كالمنذور وطؤها المشتبه بالاجنبية جاء فيه الاحتمالات السابقة و المختار المختار و يدل علي بطلان طرح الامرين هنا انصراف الخطاب الي المعلوم و لو اجمالاً و ظهور الاجماع.
اقول: اراد المصنف انيذكر في هذا الاصل ما اذا دار الامر فيه بين الواجب و الحرام كما اذا قرأ الانسان العزيمة في الفريضة و دار امره بين وجوب السجدة و حرمتها و كذلك اذا كان له زوجات و طلق واحدة ثلثاً و نذر وطء الاخر فاشتبهتا و كيوم الشك من اخر شهر رمضان او من اخر ايام الحيض فان كان الشبهة في ذلك مرادية كما في السجدة ففيه احتمالات طرح الدليلين و الرجوع الي الاصل و هو البراءة و دفع المصنف المحقق هذا الاحتمال بظهور الاجماع و ليس برهان الرب و بدليل الاشتراك يعني اشتراك الموجودين اليوم و يوم الخطاب و كون الوجوب و الحرمة احدهما حكماً للمشافهين فالاصل مزال ولكن من يقول بمخاطبية جميع الناس لايحتاج الي الاستدلال بالاشتراك و يكفيه ان فرض المسألة العلم بانه واجب او حرام فلايجري اصل البراءة و من الاحتمالات تقديم جانب الحرمة كما عليه بعض الاخباريين لان ترك الحرام دفع مفسدة و فعل الواجب جلب منفعة و الاول اولي مع انه لايجوز ابتناء دين الله علي هذه المزخرفات الواهية المحرمة و اجاب المصنف بقاعدة سب بسب و من رَمي بمدر رُمِيَ بحجر بان في ترك الواجب ايضاً مفسدة و قضيتكم ليست كلية و منها القرعة و دفعها المصنف بان مبناها ضعيف و بظهور الاجماع الذي ماانزل الله به من سلطان و باخبار العلاج الظاهرة في التخيير في النصين و يثبت في الباقي بالاجماع المركب التخيلي و منها التخيير الاستمراري يعني يكون مختاراً دائماً فيعمل يوماً بهذا و يوماً بهذا و دفع المصنف ذلك باصل الشغل فانه كان مشغولالذمة باحدهما فلما اختار احدهما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۲ *»
ثبت في ذمته ذلك ثم العدول عنه الي الاخر يحتاج الي الدليل و باستصحاب حكم اختاره اولاً و ظهور الاجماع و قدعرفت مكرراً حال هذه الادلة و بان ظاهر اخبار التخيير الخيار البدوي و قدعرفت ان البدوي غلط و هو من اهل الفيافي و هذا الاستدلال ايضاً ينبئ عن انهم لايراجعون الاخبار و يأخذ بعضهم عن بعض و في بعض الاخبار هو في سعة حتي يلقاه و اي استمرار ادوم من ذلك و في بعضها فموسع عليك حتي تري القائم فترده اليه فان لميكن هذا استمراراً فما الاستمرار و الباقي مطلق شامل للاستمراري ايضاً.
قوله <فيتعين التخيير البدوي> اي البدئي و لميتعين الا بمحض خيال من غير مراجعة و انا لانشك في المسألة الا بدليلين شرعيين كما عرفت و الدليلان حديثان لا حديث و اية لان الاية معرضة و الحديث مطروح فان تعارض الخبران فان رجح احدهما علي الاخر و الا فالسعة الي اننلقي القائم7 و نرده اليه فسمه ما شئت.
قوله <و هل المجتهد> الي اخر يعني هل المجتهد في دين الله في الامارات الظنية بعد ما تساوي الامارات له يفتي بالتخيير كما يفتي بالتخيير عند تساوي امارتي المقلد كالمجتهدين المطاعين له او يختار احدهما ثم يفتي بمختاره دون غير المختار يقول وجهان لان مداره علي العقول و المصنف حكم بمقتضي اصل البراءة عن التعيين ان المجتهد مخير بين ايهما شاء و اراد ولكن الاظهر من القسمين انه يفتي بالخيار لسيرة العلماء التي ليست بحجة و لا معصومين و لا اتين من قبل الله و حكاية ظهور عدم الخلاف و هو ظن في ظن في ظن و علي اي حال ان قلت فما مفرك في ذلك و عليم تعمل قلت ليس اختيار المفتي مما يجب اتباعه و لا دليل من الله عليه فان يرو حديثاً يقل للمستفتي اني اروي فيه حديثا و يأخذ المستفتي بتلك الرواية و ان روي فيه حديثين لامرجح لاحدهما يعمل المستفتي بايهما شاء و نحن لانعرف مقلداً و مجتهداً.
قوله <و ان كانت الشبهة مصداقية> يعني ناشئة من نقصان فهم المكلف لا من جهة المراد من لفظ الحكم فان كان اصل يرجح جانب الحرمة كالحيض السابق
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۳ *»
مثلاً عمل بالاصل و ان فقد من الجانبين كالمنذور وطؤها جاء فيه الاحتمالات السابقة في الشبهة المرادية المصداقية و المختار هنا المختار هناك و باقي العبارة ظاهر و قدذكرت ان جميع ما ذكره خيالات و الامر مشكل و مرده الي القرعة فانها لكل امر مشكل و لمتوضع الا لمثل هذا المقام.
قال: اصل اذا دار الامر بين الوجوب و الكراهة او بين الحرمة و الندب جاء فيه الاحتمالات السابقة و الاظهر الاستحباب الظاهري في الاول لبناء اهل العقول و حكم العقل بحسن اتيانه و الكراهة الظاهرية في الثاني لما ذكر.
اقول: نحن لسنا بامة العقول و لا بشيعة العقول و لسنا علي دين العقول الجاهلة المتحيرة الخاطية المصبوغة بالعادات المتقلبة في الحالات كما مر و نحن لاننظر في الوجوب و الاستحباب و لا الحرمة و لا الكراهة و انما نحن نشك في الحق بورود نصين لامرجح لهما من جانب الشارع من المرجحات المنصوصة فاذا يكون الامر عندنا بالسعة و اذ سوي الله عزوجل بينهما ليس لنا ترجيح احدهما علي الاخر بهذه العقول السخيفة التي ماضل من ضل في الدنيا الا باتباعها و ترك ايات الله و حججه و بيناته فتري كلهم يستدلون بعقولهم و يدعون انهاء دليلهم الي البديهيات فشيء هذه سبيله لايجوز اتباعه و لا ابتناء دين الله عليه و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن و ان هم الا يخرصون.
قال: اصل لا عمل باصل البراءة في الاحكام الشرعية قبل الفحص عن الدليل لعدم جريان ادلته فلا مقتضي للعمل به و للاجماع و لزوم الخروج عن الدين لولاه.
اقول: كأنه ليس بناء القوم علي الرجوع الي الاثار و التمسك بها و انهم يحومون حول انفسهم و يتكلون علي عقولهم سواءاً طابقت الاثار ام لمتطابق و لايأكلون شيئاً ذكر اسم الله عليه بل ان ذكر اسم الله عليه قالوا دعه فانه ظني و ان لميذكر اسم الله عليه قالوا هاته فانه عقلي اما اصحابنا فانهم يبنون علي ما يعملون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۴ *»
و لاينبغي ان يساء الظن بهم و اما العامة لايمكن ان لايقرأ القرءان في حقهم و لا منع منه ان شاء الله قال الله اذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لايؤمنون بالاخرة و اذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون و ذلك ديدن قبيح.
بالجملة الذي يدل علي لزوم الفحص الايات الباهرة و الاخبار المتواترة و الضرورة من الاسلام يقول الله سبحانه فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و لو كان يجوز البناء علي اصل البراءة لما بقي <لاتعلمون> و قال فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون و الاخبار متواترة في وجوب طلب العلم قال النبي9 اطلبوا العلم و لو بالصين فان طلب العلم فريضة علي كل مسلم و قال ابوعبدالله7 تفقهوا في الدين فان من لميتفقه في الدين فهو اعرابي و الاخبار في ذلك اكثر من التواتر و قامت ضرورة الاسلام علي عدم جواز الابتناء علي اصل البراءة قبل الفحص و هو اوضح و الحمدلله.
قال: اصل من الادلة الاستقراء فان كان قطعياً فلا كلام او ظنياً الحق المشكوك بالاغلب فالمشكوك فيه اما فرد من صنف او صنف من نوع او نوع من جنس اما في القسم الاول فان كان في الصنف غالب معلوم بالتفصيل و في النوع ايضاً غلبة صنفية او فردية او هما موافقة لغالب الصنف او لميكن في النوع غالب لا صنفاً و لا فرداً لا معاضداً و لا معارضاً الحق المشكوك بالغالب لحصول الظن و ان كان في الصنف غالب معلوم بالتفصيل و في النوع ايضاً غلبة صنفية او فردية او هما مخالفة لغالب الصنف الحق المشكوك بغالب الصنف لان الظن معه مثاله المجاز المشهور عند تعارضه مع الحقيقة المرجوحة و ان كنا متوقفين لاحتمال كون الشهرة قرينة و كما في متحد المعني في رد ابنجني و ان لميكن في الصنف غالب و لا في النوع غالب او لميكن في الصنف غالب و كان في النوع غالب او كان وجود الغلبة في الصنف مشكوكاً و النوع لاغالب فيه او كانت في الصنف غلبة مجملة و لا غالب في النوع فالوقف علي الاصح لفقد الظن و ان كانت في الصنف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۵ *»
غلبة مجملة و في النوع غالب معلوم فاما انيكون ماوراء الصنف المفروض من الاصناف ذات اغلب في الغالب علي نهج واحد حكم ظناً بان الغالب المعلوم بالاجمال علي طبق الغالب في ساير الاصناف و اما لايكون كذلك فالوقف لفقد الظن و لزوم التحكم في الالحاق و ان كان وجود الغالب في الصنف مشكوكاً و في النوع غالب فكسابقه في الالحاق في الصورة الاولي منه و الوقف في الثانية و ان كان وجود الغالب مشكوكاً في الصنف و النوع معاً لوحظ الجنس فان كان فيه غالب من حيث الانواع و كان غالب انواع ذلك الجنس ذاغالب علي نهج واحد الحق النوع بالجنس و الصنف بالنوع و الفرد بالصنف و الا فالوقف و اما في القسم الثاني فان كان في النوع غلبة فردية فقط الحق الصنف المشكوك بغالب النوع علي الاصح و يظهر من بعض التأمل في الالحاق هنا لاشتراط اتحاد المشكوك فيه مع المستقري فيه صنفاً و هو وهم اذ بعد ما حملنا الصنف المشكوك علي اكثر افراد النوع للظن حملنا افراد ذلك الصنف ايضاً علي النوع للاستقراء او صنفية فقط او صنفية و فردية متعاضدتين فكذلك او متعارضتين مع عدم اضمحلال احدي الغلبتين في جنب الاخري فالوقف لفقد الظن و لايلاحظ غالب الجنس حينئذ و ان شك في وجود الغلبة في النوع او علم بوجودها و شك في الغالب فحكمها حكم القسمين فيما اذا كان المشكوك فرداً من صنف و قدتقدم و ان قطع بفقد الغلبة في النوع مطلقا فان كان ماوراء الصنف المشكوك متبعضاً لا علي نهج واحد فالوقف و الا فالالحاق للظن و ان كان افراد المشكوك فيه اكثر من افراد المستقري فيه و من هنا فسد ما قيل من ان استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل عند فقد شرطيه غيرجايز تمسكاً بفقد الاستقراء فيما فقدهما و ان كنا مشاركين معه في عدم الجواز لكن لوجود المانع و هو الاستهجان عرفاً لا لفقد المقتضي و ما قيل في اثبات فورية الامر من ان اغلب الالفاظ للفور بالمعني الاعم من حال النطق و ثاني الحال منه فيلحق المشكوك بالغالب فيثبت بذلك جنس الفور و يتعين فصله بكون الفور حال النطق محالاً في الامر فتعين الاخر و ذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۶ *»
لان الاستقراء المحقق في الجنس اما انيكون بنحو اتحاد المستقري فيه جنساً و فصلاً فيلحق المشكوك فيه به جنساً و فصلاً او جنساً فقط مع اختلاف الفصل فيلحق جنساً للظن و يتوقف فصلاً للتحكم الا انيكون فصل المشكوك معلوماً بالتفصيل لدليل خارجي فلا وقف او جنساً لا فصلاً مع وجود صنف اخر مغاير للمستقري فيه جنساً ايضاً بحيث يحتمل كون المشكوك فيه ملحقاً به في الواقع كما يحتمل الحاقه بجنس المستقري فيه لكن اذا الحق به كان فصله معلوماً كما فيما نحن فيه لاحتمال كون الامر كالمضارع فالوقف جنساً و فصلاً لفقد الظن و يظهر به حال القسم الثالث مما مر اقول اذا ظهر ذلك فاعلم ان الاستقراء يجري في الاحكام و الموضوع الصرف و المستنبط و غيرها فكل مقام حكمنا بحجية الظن فيه عملنا به و الا فلا و قديمكن حصول الاستقراء من مجموع النصوص فيكون حجة عند العامل بالنصوص من باب الظن الخاص ايضاً لان مدلول مجموع النصوص حجة كمدلول النص الواحد و علي الظن المطلق فالدائرة وسيعة.
اقول: هذا من الاصول التي باجرائها تقطع السماء رجعها و الارض صدعها و تزلزل اركان الدين و هار بناء الشرع المبين لمينزل به كتاب و لميتفوه الحجج به في الخطاب و قدعلم المستحفظون ان الشرع قد فرق بين المجتمعات و جمع بين المتفرقات و لميدع لذي مقال مقالاً و لا لذيحال حالاً و هذا من الاصول العظيمة التي فرعوا عليها كثيراً من احكام الدين و المرد الي رب العالمين بالجملة الاستقراء مأخوذ من قري البلاد كرمي اي تتبعها كاقتريها اقتراءاً و استقريها استقراءاً و في الاصطلاح تتبع افراد صنف او نوع او جنس ثم الحكم بما وجدوه فيما استقروا فيه فيما لميستقروا فيه فاذا رأوا الف نفس من الانسان له عينان حكموا بان كل فرد من افراد الانسان له عينان و هذا قياس محض لايجوز العمل به في الدين كما سيأتيك البرهان و كفاك في بطلانه انه ماانزل الله به من سلطان و نهي عنه في اخبار مطلقة كما يأتي من البيان ان شاء الله الموفق للبرهان.
قوله <فان كان قطعياً> هذا فرض قدمه لاسكات الخصم و الا فلايحصل به القطع ابداً.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۷ *»
قوله <اما فرد من صنف> الخ يعني اذا استقريت افراداً و بقي افراد لمتتبعه فهي اما فرد من صنف كزيد من صنف العلماء او صنف من نوع كالعلماء من نوع الانسان او نوع من جنس كالانسان من الحيوان.
قوله <اما في القسم الاول> يعني ان كان المشكوك فرد من صنف كزيد من صنف العلماء و تتبعنا اكثر اشخاص العلماء و رأيناهم علي صفة الوقار مثلاً معلوماً بالتفصيل واحداً بعد واحد و في النوع ايضاً غلبة يعني اذا علمنا ان للانسان عشرة اصناف زنجي و رومي و صقلابي و ايراني و امثال ذلك و كان الزنجي مائة فرد مثلاً تسعون منها اسود و تسعة منهم ابيض و واحد مشكوك و باقي الاصناف ابيض فالغالب النوعي هنا البياض و الغالب الصنفي هنا السواد و هذا النوعي و الصنفي فقديتوافقان و قديختلفان فقال المصنف اذا علم ان الغالب في الصنف الزنجي الاسود و اغلب اصناف النوع ايضاً اسود او اغلب الافراد اسود او لميكن في النوع غالب الحق ذلك الفرد المشكوك من الزنجي بالغالب و حكم بانه ايضاً اسود و لا دليل عليه الا الظن و الحدس العادي و ان الظن لايغني من الحق شيئا ها انتم هؤلاء جادلتم فيما لكم به علم فلم تجادلون فيما ليس لكم به علم و لو كان هؤلاء ذلك اليوم لقالوا للاستقراء.
قوله <و ان كان في الصنف غالب> كتسعين من الزنجية و ما في النوع مخالف الحق المشكوك ايضاً بغالب الصنف لما مر مثاله المجاز المشهور فاستقري بعضهم و زعم ان غلبة النوع مقدم فقال ان استعمال اللفظ من حيث هو في المعني المجازي اكثر من الحقيقي بمراتب فيلحق المشكوك بالاغلب و هذا استقراء في نوع الاستعمال و زعم بعضهم ان استعمال اللفظ بلاقرينة في الحقيقة اغلب فالمشكوك ملحق به و المصنف اختار ترجيح غلبة الصنف فالحقه بالحقيقة لكن توقف في المسألة للشك في ان الشهرة قرينة ام لا و كذلك مثال هذا المقام المتحد المعني و هو لفظ استعمل في معني واحد لا غير و لانعلم ان المستعمل فيه معني حقيقي ام مجازي فمنهم من قدم غلبة المجاز في الالفاظ فأخذ بغلبة النوع كابنجني و منهم من اخذ بغلبة الصنف و ندرة المجاز بلاحقيقة كالمشهور.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۸ *»
قوله <و ان لميكن في الصنف غالب> الي اخر ففي هذه الصور قال المصنف بالوقف لعدم حصول الظن العادي و لما قدمنا من المثال يتبين مراده من الاقسام.
قوله <و ان كانت في الصنف غلبة مجملة> الي اخر يعني ان كان في الزنجي غلبة السواد مجملة بان كان الغالب مشكوكاً و يكون ماوراء الزنجي غالب البياض فان كان في ماوراء الزنجي ذات اغلب في الغالب علي نهج واحد يعني الغالب في جميع الاصناف السواد الا ان الغالب من الزنجي مشكوك حكم بان غالب الزنجي ايضاً اسود كغالب ساير الاصناف و ان لميكن الغالب في ساير الاصناف السواد فالوقف.
قوله <و ان كان وجود الغالب> الي اخر يعني انت في شك من ان غالب الزنج اسود ام لا و في النوع غالب معلوم فيلحق المشكوك بالاغلب و ان لميكن في النوع غالب فالوقف.
قوله <و ان كان وجود الغالب مشكوكاً> يعني لاندري الغالب في الصنف و لا النوع تركناهما و نظرنا في الجنس فان كان فيه غالب و كان غالب انواع ذلك الجنس ذا غالب علي لون واحد الحق اولاً النوع بالجنس ثم الحق الصنف بالنوع ثم الحق الفرد بالصنف و حكم به في دين الله حتي يتبجح ابوحنيفة في قبره سروراً و الا فالوقف و اما في صورة عدم غالب في الجنس فان كان في النوع غلبة فردية فقد الحق الصنف المشكوك بالنوع اولاً ثم الفرد المشكوك بالغالب من الصنف ثم البحث و الرد واضح.
قوله <او صنفية فقط> الي اخر عطف علي اول الكلام يعني ان كان الغلبة صنفية فقط فتعلم ان الزنجي و الرومي و الهندي و غالب الاصناف اسود مثلاً و تشك في صنف او صنفية و فردية يعني ان الغلبة صنفية و فردية كأنيكون للانسان صنفان احدهما زنجي له مائة فرد و الاخر رومي و له الاف من الافراد و اخر له الوف و اخر ايضاً له الوف و هكذا او كان غالب الاصناف ابيض مع ان افرادها ايضاً غالبة و هي جميعها متعاضدة فيلحق المشكوك ايضاً بالغالب و ان كانت الاصناف متعارضة و الغلبات متساوية او احديها غيرمضمحلة عند الاخري
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷۹ *»
فالوقف و لايتركان حينئذ فيعمل بغلبة الجنس كما مر.
قوله <و ان شك في وجود الغلبة> الي اخر يعني ان شك في وجود اصل الغلبة في النوع او علم بالغلبة و شك في الصنف الغالب فحكمها حكم القسمين فيما اذا كان المشكوك فرداً من صنف من الوقف و الالحاق.
قوله <و ان قطع> الي اخر يعني ان علم انه لا غلبة اصلاً لصنف او نوع فان كان ما وراء الصنف علي الوان مختلفة فالوقف و ان كان علي لون واحد فالالحاق وان كان افراد المشكوكفيه اكثر يعني و ان كان الزنجي الوف و ساير الاصناف كل صنف عشرة عشرة.
قوله <و من هنا فسد> الي اخر يعني قيل ان استعمال اللفظ الموضوع للجزء كالركعة مثلاً في الكل اي في ما يشمل القيام و القراءة و الركوع و السجود مثلاً مشروط بكون التركيب حسياً لاعقلياً مع انتفاء الكل بانتفاء الجزء فيكون ركناً فيه لان المجاز لايكفي فيه محض العلاقة و هو داير مدار الاستقراء و الاستقراء علي ذلك فرده المصنف ان الاستقراء حصل في الواجد للشرطين و لميتحقق في غيره ففي غيره مشكوك فيلحق الغير بالمستقري فيه فيجوز و لعمري لو اقول انها محض الفاظ تقال و محال عادة الاستقراء في هذه المسائل الدقيقة و ماوقع و لايقع و لنيقع عادة لكان اقرب الي الحق من قولهم مع انها لو كانت حقاً لكانت ظنوناً محرمة و المصنف يقول و انا ايضاً اقول بعدم الجواز لكن لا من حيث الاستقراء بل من حيث الاستهجان العرفي.
قوله <و ما قيل في اثبات فورية الامر> الي اخر يعني بعض من قال بان الامر للفور استدل علي فوريته بالاستقراء فان اغلب الالفاظ للفور يعني حال النطق كزيد قائم مثلاً او زيد ضارب او بعد النطق متصلاً به و هو الفور بالمعني الاعم كـأنت حر و بعتك بكذا او هل زيد قائم و لاتضرب زيداً و امثالها فيلحق الامر بها استقراءاً فثبت بذلك جنس الفور و هل هو من القسم الثاني او الاول فيلحق بالثاني لمحالية الاول و باقي العبارة ظاهر بادني تدبر.
قوله <اقول> الي اخر فهذا القول مما يهتز له العرش فانه حكم في دين الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۰ *»
علي خلاف الكتاب و السنة و الاجماع الحق و دليل العقل المستنير الا انه منكر شايع خفي نكره و باقي العبارة واضح.
فاذا عرفت مبلغهم من العلم و مستندهم في دين الله بهذه الظنون الواهية فاعلم ان الامور علي نوعين امر شهادي يعرف الانسان مبدأه و منشأه و منتهاه و علله و اسبابه او يعرف اغلبها لاسيما اذا حصل له التجارب في نوعه و اكتسب او تسامع كثيراً و امر غيبي ليس له فيه علم و من ذلك يروي عن بعض حكماء يونان و اظنه البقراط انه قال اسألوني عن مسائل عالم الطبيعة اجبكم و لاتسألوني عماوراء عالم الطبيعة فانه لا علم لي به و يحتاج علم ذلك الي الوحي من المطلع علي الغيب فهذه الانظار غالب ما يحصل منها ظنون شهادية و في بعضها علوم عادية و لايجوز قياس الغيبيات بالشهاديات و استخراج مسائلها بالادلة الشهادية فانها اضحوكات عند الحكماء كمن قيل له ما الدليل علي التوحيد قال الواحد مجمع عليه و الزايد مشكوك و الاصل عدمه فذلك زخرف القول غروراً و المسائل الشرعية مسائل رضا الرب و سخطه و مسائل خفية موقوفة علي علل هي فوق شهادات الاشخاص و الشريعة من ذلك الباب و لو كان غير ذلك لكان يسع كل حكيم انيكون شارعاً و يتكلم فيه و يسع كل عالم بالطبايع و العلل الشهادية من اليونانية و الافرنج و اليهود و المجوس انيكون شارعاً و مبيناً للصلاح و الفساد في العالم و كانيسع كل حكيم عالم بسياسة المدن و تدبير المنزل و هما فنان من فنون الحكمة انيتكلم في الدين بل هم ادق نظراً من علماء الالفاظ الف مرة فهم كانوا اليق بالتشريع من هؤلاء الاصوليين و قداعترفوا بان الغيب لايعلم الا بالوحي و لو جوزنا ذلك لاستغنينا عن ارسال الرسل و انزال الكتب و لميكن الخلق محتاجين الي نبي و حجة من الله و ذلك من البطلان بمحل و لذلك قال ابوعبدالله7 في رد اهل الرأي و لو كان ذلك عند الله جايزاً لميبعث الله الرسل بما فيه الفصل و لمينه عن الهزل و لميعب الجهل و لكن الناس لما سفهوا الحق و غمطوا النعمة و استغنوا بجهلهم و تدابيرهم عن علم الله و اكتفوا بذلك دون رسله و القوام بامره و قالوا لا شيء الا ما ادركته عقولنا و عرفته البابنا فولاهم الله ما تولوا و اهملهم و خذلهم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۱ *»
حتي صاروا عبدة انفسهم من حيث لايعلمون و لو كان الله رضي منهم اجتهادهم و ارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لميبعث الله اليهم فاصلاً لما بينهم و لا زاجراً عن وصفهم و انما استدللنا ان رضا الله غير ذلك ببعثه الرسل بالامور القيمة الصحيحة و التحذير عن الامور المشكلة المفسدة ثم جعلهم ابوابه و صراطه و الادلاء بامور محجوبة عن الرأي و القياس فمن طلب ما عند الله بقياس و رأي لميزدد من الله الا بعداً و لميبعث رسولاً قط و ان طال عمره قابلاً من الناس خلاف ما جاء به حتي يكون متبوعاً مرة و تابعاً اخري و لمير ايضاً فيما جاء به استعمل رأياً و لا مقياساً حتي يكون ذلك واضحاً عنده كالوحي من الله و في ذلك دليل لكل ذيلب و حجا ان اصحاب الرأي و القياس مخطئون و مدحضون الحديث و لو لميكن ادلة هذه الاصول ادلة رأي و انظار عقل فماادري ما الرأي و هل كان يتكلم اصحاب الرأي بغير ذلك و هل يثبتون مطالبهم بغير هذه الادلة فاذا تبين ان ذلك رأي فيجري فيها الف و مأتا حديث و المرد الي الله.
قال: اصل عرفوا الاستصحاب بتعاريف لاتخلو من الخلل و يمكن ان يقال انه نفس الحالة السابقة او انه القاعدة الشرعية و هي ان كل امر ثبت تحققه حكم ببقائه ما لميعلم المزيل و الاظهر عندي انه بقاء ما كان علي ما كان ثم في كون المسألة اصولية ام فرعية ام تابعة للمستصحب وجوه كما ان في حجية الدليل الظني لاثباته مطلقا او في بعض الموارد ام لا مطلقا احتمالات ثم الاستصحاب باعتبار المستصحب اما وجودي او عدمي و باعتبار المتعلق اما حكمي او موضوعي و باعتبار الدليل ينقسم الي استصحاب حال العقل و يعبر عنه باصالة النفي و استصحاب حال الشرع و الاخير ينقسم الي استصحاب حال النص و حال الاجماع و قديكون الاستصحاب استصحاباً لحالة شيء خارج عن الادلة المعهودة ثم في حجية الاستصحاب مطلقا او في خصوص الموضوعات او في خصوص الاحكام مطلقا او في الوضعية خاصة او استصحاب حال غير الاجماع في الاحكام او اذا كان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۲ *»
الشك في طروء المانع او اذا لميكن الشك في المقتضي او عدمها مطلقا اقوال ثم في كون الحجية من باب الوصف او السبب وجهان ثم ان استصحاب حال العقل ليس داخلاً في هذا النزاع لتعدد العنوان بل الاستصحاب العدمي مطلقا ليس من محل النزاع لمنقول الاجماع و لاتفاقهم قديماً و حديثاً علي الاستدلال بالادلة اللفظية و لايمكن تتميمها الا بضم الاصول العدمية مضافاً الي ظهور دليلهم العقلي و رده في ذلك.
اقول: قوله <عرفوا الاستصحاب> الي اخر هذا ديدن القوم يعرفون الالفاظ بتعاريف ثم يصول بعضهم علي بعض و يقدح بعضهم في تعريف بعض و جميعها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءاً حتي اذا جاءه لميجده شيئاً و لاينفع في دينهم و لا دنياهم شيئاً و لذلك تنبه بعضهم و ترك التعاريف و اقتصر علي المعروف و نحن ايضاً لانصرف العمر في صحة تعريفاته و بطلانها مع ان اصل الاستصحاب عندنا غيرمرضي الا علي ما سنذكره.
بالجملة الاستصحاب لغة الملازمة يقال استصحبت الشيء اذا لازمته و استصحبت الكتاب اذا حملته و قديقال استصحبه اذا دعاه للصحبة و في عرف المتشرعة قيل هو كون حكم او وصف يقيني الحصول في الان السابق مشكوك البقاء في الان اللاحق و امثال ذلك من العبارات و هذا محل الاستصحاب لا الاستصحاب و قال المصنف يحتمل انيكون نفس الحالة السابقة و ذلك من باب ما جربنا ان المصنف بيده اختيار دلالة الالفاظ فيهب لكل لفظ ما يشاء من الدلالة و علي ما اختاره لا مناسبة بين اللفظ و المعني ولكن وهبه هبة و امره بالدلالة و الا فالاستصحاب مصدر و فعل فاعل و الحالة السابقة ما يستصحب مجهولاً و احتمل ذلك مع انه اعترف في الضوابط بانه لا قائل به و احتمل انيكون هو القاعدة الشرعية اي كلمة الاستصحاب اسم للقاعدة و تلك القاعدة ان كل امر ثبت تحققه سابقاً حكم بالبقاء ما لميتحقق المزيل و قال و الاظهر عندي انه بقاء ما كان علي ما كان و انت تعلم ان لفظ الاستصحاب فعل فاعل و البقاء صفة الامر فالاستصحاب ملازمة الامر الثابت يقيناً في الحال السابق في الحال الثاني الذي يشك في بقاء ذلك الامر فيه.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۳ *»
قوله <ثم في كون المسألة> الي اخر تردد في ان مسألة الاستصحاب هل هي اصولية يجب انيستدل عليه بالعقل المحض و لايجوز الاستدلال عليها بالكتاب و السنة كما كان ديدنهم و عرفت ام هي فرعية و يجوز الاستدلال عليه بالكتاب و السنة و الظن الخاص او المطلق ام تابعة للمستصحب فان كان المستصحب اصولياً فالاستصحاب اصولي او فرعياً فالاستصحاب فرعي و هذه المسألة عندنا ايضاً مما لا فائدة فيه فانا نأخذ اصول ديننا و اصول فقهنا و مسائل فروعنا عن الكتاب و السنة لا فرق في شيء من ذلك عندنا و لابد في جميعها من العلم كما حققنا و شرحنا.
قوله< كما ان في حجية الدليل> الي اخر هذا ترديد اخر من المصنف انه هل يجوز الاستدلال علي حجية الاستصحاب بالدليل الظني مطلقا سواءاً كان في الفروع او الاصول او الموضوعات ام لا يجوز الا في بعض الموارد كالاستصحاب في الفرعيات مثلاً ام لايجوز مطلقا في شيء من المواضع.
قوله <ثم الاستصحاب> الي اخر اراد تقسيم الاستصحاب فقال الاستصحاب باعتبار المستصحب اما وجودي او عدمي يعني الحال السابق وجود شيء كالطهارة مثلاً او عدم شيء و باعتبار المتعلق اما حكم شيء من الوجوب و اخواته او موضوع خارجي متعلق للحكم كالحدث و الطهارة مثلاً و باعتبار الدليل ينقسم الي استصحاب حال العقل و هو اصالة النفي و البراءة الاصلية فانها قبل الشرع و استصحاب حال الشرع اي ما ثبت بالشرع من حكم و قاعدة و استصحاب حال الشرع ينقسم الي استصحاب حال النص من كتاب و سنة و حال الاجماع و قال قديكون الاستصحاب استصحاباً بالحالة خارجة عن الادلة العقلية و الشرعية كاستصحاب وجود زيد في الدار مثلاً.
قوله <ثم في حجية الاستصحاب> الي اخر اراد انيذكر الاقوال في المسألة فمنهم من قال ان الاستصحاب مطلقا حجة في جميع الموارد و منهم من قال انه حجة في الموضوعات و منهم من قال انه حجة في خصوص الاحكام مطلقا و منهم من قال انه حجة في الاحكام الوضعية لا التكليفية و لا الموضوعات الخارجية و منهم من قال ان الحجة في استصحاب حال غير الاجماع في الاحكام و منهم من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۴ *»
قال الاستصحاب حجة اذا كان الشك في عروض المانع او مانعية الحادث و منهم من قال انه حجة اذا كان الشك في طروء المانع لا في مانعية الطارئ و منهم من قال بعدم الحجية مطلقا.
قوله <ثم في كون> الي اخر يعني انهم اختلفوا ايضاً في انه حجة من باب الوصف اي من باب انه مورث بوصف الظن فان لميورث لا حجية فيه و منهم من قال انه سبب شرعي يجب العمل به سواءاً احدث ظناً او لميحدث و قال المصنف فيه وجهان بالجملة جعلوا امرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون و ستعلم الحق في ذلك انشاءالله.
قوله <ثم ان استصحاب حال العقل> الي اخر اعلم انهم اختلفوا بعد ذلك في محل النزاع فقال انه لاخلاف في دخول الاستصحاب الوجودي في النزاع و اختلفوا في استصحاب العدمي فمنهم من قال انه ايضاً داخل و منهم من انكره للاجماع المنقول و لاتفاق العلماء علي الاستدلال بالادلة اللفظية و قدعرفت ان الاستدلال بالالفاظ لاتتم غالباً الا بالاصول العدمية كعدم الاشتراك و عدم التغير و امثالهما و هو دليل ان اعتبار الاستصحاب العدمي ليس من محل النزاع في شيء مضافاً الي ادلتهم التي يقيمونها في بقاء الشيء الموجود الثابت و ادلتهم التي يردون بها دليل اولئك فالحق عند المصنف ان النزاع في الاستصحاب الوجودي.
قال: اصل في اثبات حجية الاستصحاب في الجملة دفعاً للسلب الكلي و الدليل عليه بعد الشهرة و محكي الاجماعات و استقراء الموارد الاجماعية و الاخبار الخاصة كقوله7 كل شيء نظيف حتي تعلم انه قذر و قوله كل ماء طاهر حتي تعلم انه قذر و قوله كل شيء حلال حتي تعرف الحرام بعينه بناءاً علي حملها علي الشبهة الموضوعية خاصة في المسبوق بالحالة السابقة علي بعد فيه الي غير ذلك من النصوص الخاصة وجوه منها الاخبار العامة كصحيحة زرارة عن الباقر7 قال قلت له الرجل ينام و هو علي وضوء أتوجب الخفقة و الخفقتان عليه الوضوء فقال7 يا زرارة قدتنام العين و لاينام القلب و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۵ *»
الاذن فاذا نامت العين و الاذن و القلب وجب الوضوء قلت فان حرك علي جنبه شيء و هو لايعلم به قال لا حتي يستيقن انه قدنام حتي يجيء من ذلك امر بين و الا فانه علي يقين من وضوئه و لاينقض اليقين بالشك ابداً ولكنه ينقضه بيقين اخر و ذيلها يدل علي المطلوب من جهة نص العلة مع كون قوله لاينقض في قوة الكبري الكلية و المراد انه لاينقض اليقين السابق بالشك اللاحق و اللام في قوله اليقين للجنس للتبادر لا العهد فيفيد العموم مع كفاية عموم العلة المنصوصة و جزاء الشرط مضمر فالتقدير و ان لايستيقن انه قدنام فلايجب عليه الوضوء لان الوضوء يقيني و كل يقين لاينقض بالشك.
اقول: يريد في هذا الاصل انيثبت حجة الاستصحاب علي نحو الاجمال حتي يدفع القول بالسلب الكلي لمن يقول لا شيء من الاستصحاب بحجة و استدل عليه اولاً بالشهرة و هو كتشبث الغريق بالحشيش و لا دليل علي حجية الشهرة بنفسها فكيف يثبت بالشهرة غيرها و بالاجماع المنقول و قدعرفت حاله و باستقراء الموارد الخاصة المجمع عليها في الاخبار و غيرها و هو استنباط امر كلي من الجزئي و هو مما لايجوز و نوع من القياس المنهي و سمي ذلك بالاستقراء بناءاً علي ان الخبر الاخير وارد في الشبهة الموضوعية في المسبوق بحالة سابقة يعني اذا كان حلالاً اولاً ثم عرض الشك في انه هل عرضه ما يحرمه ام لا و اعترف بان ذلك المعني بعيد في هذا الخبر فبعد هذا التكلف اراد انيستدل بوجوه فمن ادلته حديث زرارة قال و ذيلها يدل علي المطلوب من جهة نص العلة يعني الحديث منصوص العلة فاينما وجد العلة يحكم بالاستصحاب.
قوله <مع كون لاينقض> الي اخر يعني كان العبارة قياس و هو انه علي يقين من وضوئه و لا شيء من اليقين ينقض بالشك فهذا لاينقض بالشك و اللام في اليقين في الكبري للجنس لا للعهد فيفيد العموم.
اقول قوله7 فانه علي يقين استدلال و علة حقاً لكن ان الرجل علي يقين في الموضوع و هو الوضوء و ليس المراد الحكم بالبداهة و قول ان اللام للجنس ادعاء بلا دليل و لقائل انيقول انه للعهد اي ان اليقين الموضوعي و ان قلنا انه للجنس فلا دليل علي ان المراد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۶ *»
الجنس الاعلي بل يكفي الجنس الادني جنس اليقين الموضوعي و القرينة علي انه ليس المراد الجنس الاعلي ان من اليقين ما ينقض بالشك و هو ما اذا ورد الشك علي نفس اليقين فالمراد جنس يقين ادون من الجنس الاعلي و لا دليل علي تعيين ما زعم و لنا دليل علي تعيين ما نقول مع ان ما نقول قطعي و ما يقول لا دليل عليه و ذلك ان هنا امرين حكم و هو شأن الامام العالم بحقايق الامور و موضوع و هو معرفته شأن المكلف الجاهل الذي يشتبه عليه الامور و لايجوز انيقال ان الامام7 استدل في حكم من الاحكام بالاستصحاب فانه شأن الشاك في حكم الحال الثاني و الامام لايشك و قول انه قال ذلك تعليماً قول بلا دليل و لايجوز و اما تعليم الرعية كيفية استخراج معرفة الموضوعات التي تشتبه عليه فمما ينبغي و هو من شأنهم و يليق بهم فالامام يريد تعليم زرارة المخرج عند اشتباه الموضوع و لايريد تعليمه استخراج الاحكام الذي امر الله فيها بالسؤال و امروا بالرجوع اليهم و نهوا عن القول بغير سمع و نطق منهم فهذا دليل علي ان اللام ليس للجنس الاعلي و شاهد اخر انه لميرد موضع في الشرع امروا شيعتهم باستنباط حكمه قياساً علي شيء اخر بل ورد النهي عنه كما قال رسول الله9 للمشركين أرأيتم ان امركم رجل بدخول داره يوماً بعينه ألكم انتدخلوها بعد ذلك بغير امره او لكم انتدخلوا داراً له اخري مثلها بغير امره او وهب لكم رجل ثوباً من ثيابه او عبداً من عبيده او دابة من دوابه ألكم انتأخذوا ذلك فان لمتأخذوا اخذتم اخر مثله قالوا لا لانه لميأذن لنا في الثاني كما اذن لنا في الاول الحديث و هو نص صريح في عدم جواز الاستدلال بالاستصحاب و الاستدلال بالقياس الاتري انه لو صحبك اخوك الي باب دارك فدخلت و قلت بسم الله ادخل له انيدخل و ليس له انيدخل غداً و بعد غد باستصحاب الاذن و انيقول ليس خصوص اليوم علة الحكم فاستصحب الحكم الي غير غد و ليس بناء الشارع اظهار علل احكامه الا نادراً فكذلك اذا حكم الله لشيء في حال بحكم و علمت به ثم انه تغير عن حاله الي حال اخر و لمتعلم حكم الحال الثاني ليس لك انتحكم عليه بحكم حال غيره
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۷ *»
و الغيرية تثبت في الاشياء بالمميزات فكل مميز عما سواه غيره فكما ان الذات المميزة عما سواها غيرها الحال المميزة عن غيرها غيرها ايضاً و كما انه قديتعلق الحكم بالحال قديتعلق بالذات فقديتعلق الحكم بالحديد و هو حكمه سواءاً صار علي صورة سيف او سكين و قديتعلق الحكم بالسيف من حيث انه سيف فاذا زال صورة السيف زال ذلك الحكم فاذا قيل لك لاتصحب حديداً في الصلوة لايجوز لك صحبته سيفاً كان او سفوداً او مسماراً و اذا قيل لك خذ السيف و الق عدوك ليس لك انتأخذ مسماراً فانه يشارك السيف في الحديدية و ان كان سيف و احمي و دق و صنع منه سفود ليس لك انتأخذه و تلقي العدو بحكم الاستصحاب لانه كان سيفاً يوماًما و كذلك مسألتنا هذه فان كان الحكم للذات فهي باقية في الحالات و حكمها ايضاً باق و ان كان الحكم للحال و هي ايضاً باقية فالحكم باق ببقائها و ان تغير الحال يقيناً زال ذلك الحكم و يحتاج الحال الثاني الي نص خاص و ان شككت في زوال الحال السابقة فاستصحب الموضوع اي الحالة السابقة مرخص لك محلل فان تعيين الحالات و معرفتها من شأنك و انت يشتبه عليك الامور نعم بعد ما اعتقدت شرعاً ببقاء الحالة الاولي تعتقد شرعاً ان حكمه الحكم السابق و لاضير فانك اذا اعتقدت شرعاً انه لميصب ثوبك دم تجري في الحال الثانية حكم الحال الاولي و هو الطهارة بل لنا اننقول ان الاحكام متعلقة بالاسماء و الاسماء موضوعة للمعاني المعلومة و ما لميكن الشيء معلوم الحقيقة لميسم بذلك الاسم فالنجس اسم لشيء معلوم النجاسة فان كان مشكوك النجاسة ليس يسمي بالنجس كما قال علي7 لاابالي أبول اصابني ام ماء اذا لماعلم فاذا اصابك ما تشك فيه انه بول ام لا ليس ببول و نجس فانت كنت طاهراً بحكم الله و لميصر بدنك نجساً و هذا معني الخبر ان الشك لاينقض اليقين و كذلك اذا كنت علي وضوء و شككت في الحدث فالمشكوك ليس بحدث ناقض فانت طاهر يقيناً و باق علي طهارتك اليقينية و لميحدث ناقض شرعي فانت كمن توضأ و لميحدث يقيناً فلاتحتاج الي استصحاب الطهارة فالشك العارض شك طبيعي لا شك شرعي و اما اذا كان الشك شرعياً فلايجوز لك الحكم بالاستصحاب كما اذا كنت متوضياً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۸ *»
ثم نمت جالساً و شككت شرعاً لتعارض الادلة في ان النوم جالساً هل ينقض الوضوء ام لا فلايجوز لك ترجيح دليل عدم النقض بالاستصحاب و الحكم بان النوم جالساً لاينقض لاستصحاب الطهارة فانك لمتؤمر بذلك و ليس مورد الاخبار في ترجيح الادلة الشرعية و انما موردها الشكوك الطبيعية فاذا لميثبت امر طبيعي لميثبت له اثر و حكم فنحن باقون علي اليقيني الثابت و حكمه قائم عليه و لو تدبرت في هذا الكلام المجمل لعرفت اني انجيتك من مهالك عظيمة من شبهات القوم و تطويلاتهم و قدبلغني انهم باحثوا في الاستصحاب سبع سنين و لمتتم حتي شاع بينهم الطاعون و تفرقوا فاعرف قدر ما عرفتك فانه من علم المحمد: فهذا الذي ذكرنا قرينة ان اللام لجنس الشبهة الموضوعية دون الجنس الاعلي حتي يشمل الحكمية.
قال: و عدم رعاية تلك القاعدة في مثل الشك بين الثلث و الاربع و نحوه من الموارد لايوجب القدح في النص اما لان تلك الموارد مما نقض فيه اليقين باليقين للدليل الوارد فهو تخصيص او لان العام المخصص حجة و توهم ان الاصل عدم صدور هذا الخبر عن الامام7 فيلزم من حجية الاستصحاب للخبر عدم حجيته مدفوع بعدم انصراف الخبر الي نفي نفسه و بان الغرض تراكم الادلة الظنية لتحصيل القطع و اذا جعلنا ظني الصدور حجة هنا فلااشكال لانتقاض اليقين باليقين اقول و عدم امكان العمل بالاستصحابين المتعارضين لاينافي كلية الكبري اذ الكلام منساق لاثبات الحجية الذاتية و نحوها في الدلالة نصوص مستفيضة بل العلم الاجمالي بصدور بعضها حاصل.
اقول: قوله <و عدم رعاية تلك القاعدة> الي اخر ليس هذا بكلي فان المنقول عن بعض الفقهاء فيه ايضاً البناء علي الاقل.
قوله <و توهم ان الاصل> الي اخر يعني ان قال قائل ان صدور هذا الخبر من الامام7 ليس بقطعي فعلي استصحاب الحال السابق نقول انه ليس بصادر فان كان الاستصحاب حجة فالخبر ليس بصادر عن المعصوم و لاحجية فيه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸۹ *»
و لايكون دليلاً و اجاب المصنف بما لايسوي بشيء ابداً لان اوله ادعاء محض و ثانيه فرع ثبوت التراكم و ثالثه قدثبت عدم حجيته.
قوله <اقول> و يظهر منه ان ما سبق ليس منه و يقول ان قال قائل كيف يكون اللام في اليقين للجنس و يكون الكبري كلية و الاستصحابان المتعارضان لايعمل لواحد منهما و لايمكن اجراء اليقين الذي في كل واحد منهما فاجاب عن ذلك ايضاً بصرف كلام في مقابل كلام و قال ان المراد هنا اثبات حجية ذات الاستصحاب لا العموم الاستغراقي الافرادي.
قوله <بل العلم الاجمالي> اراد انيفر به من البحث الاول اي اجراء الاستصحاب في نفس الخبر.
قال: و منها بناء العقلاء من لدن ادم علي العمل بالاستصحاب في الموضوعات و الاحكام و ايات النهي ليست برادعة لهم حتي يسقط بناؤهم عن الحجية و منها الاستقراء و يقرر بوجهين الاول ان بناء الشارع في اكثر الموارد من التوصليات و الارتباطيات علي اعتبار الحالة السابقة اما وصفاً او سبباً و فيه نظر من وجهين الثاني ان اغلب الاحكام الشرعية وضعية و تكليفيةً بل اغلب الاحكام الالهية بل اغلب الاحكام الصادرة من الموالي الي العبيد وجدناها ثابتة غيرمنسوخة فيلحق المشكوك بالاغلب و ان دار الامر في المحدود بين التوسعة و الضيق فاغلب المحدودات الشرعية موسعات او دار الامر بين التوقيت و عدمه فاغلب الاحكام الشرعية مؤبدات دائرة مدار موضوعاتها فمادام الموضوع باقياً فالحكم مترتب و ان شك في قدح وصف عارض فاغلب الاوصاف غيرمؤثرة في اختلاف الحكم الا انيتسبب الشك في البقاء من ارتفاع سبب حدوث الحكم و كان السبب مما له قرار و استقرار فلااستقراء في هذا القسم و ان كان الشك في بقاء الموضوع الصرف مما هو قار الذات فاغلب الممكنات القارة باقية بحسب استعدادها للبقاء فتأمل و لو شك في مقدار الاستعداد الحق بالجنس او في الموضوع المستنبط فالغالب بقاء الاوضاع علي حالها و ندرة النقل و الاشتراك نعم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۰ *»
يشكل التمسك بمثل اصالة تأخر الحادث استناداً الي الاستقراء اقول و كذا اصالة عدم التخصيص و التقييد لغلبة وجودهما و يمكن انيقال ان نفس الحالة السابقة تورث الظن بالبقاء في موارد الاستصحاب مع قطع النظر عن الاستقراء و انت اذا لاحظت مجموع ما ذكرناه قطعت بحجية الاستصحاب في الجملة.
اقول: قوله <منها بناء العقلاء> الي اخر هذا دليل فيه عيب و في عيبه عيب فاولاً متي صارت العقلاء انبياء من عند الله يجب اتباعهم و منهم يهود و نصاري و مجوس و من قررهم علي فعلهم و من يشهد للمصنف بذلك و الله يقول انا وجدنا اباءنا علي امة و انا علي اثارهم مقتدون و الله يقول و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن و ان هم الا يخرصون و اكثر من في الارض عقلاء المصنف الذين يبني علي اطاعتهم ثم ادعاء المصنف علم الغيب ان جميع العقلاء في بر العالم و بحره و سهله و جبله في جميع الامم علي تفرق السنتهم و مذاهبهم و تشتت ديارهم من لدن ادم الي يومنا هذا يعملون بالاستصحاب فعلي هذا جميع اصحابنا المحدثين الاتقياء الصلحاء المنكرين للاستصحاب سفهاء فان يقل بذلك فلا كلام مع مثله بعد و ان كانوا عقلاء فادعاء المصنف باطل ثم قوله <و ايات النهي> اي الدالة علي العمل بالظنون و بماوراء العلم ليست برادعة لهم و هذا نقص اولئك لا نقص دلالة الايات و شمولها الاستصحاب الاتري ان جماً غفيراً من المحدثين و الاصوليين ارتدعوا فلميعملوا بالاستصحاب و من جعل عدم ارتداع اولئك حجة علي اولئك و من منع كون ارتداع اولئك حجة علي اولئك.
بالجملة جميعها خبط في خبط و اعجب من ذلك ما قال في الضوابط ان بناء العقلاء حجة للتقرير و ان علمنا البناء و شككنا في الردع نفيناه بالاصل فيتم دلالة البناء مع الاصل و ان قطعنا بالردع فلاحجية في البناء و هيهنا نقطع بان المعصوم لميردعهم بل صرح بالبقاء علي طريقتهم و ان لمنقطع بالتصريح فيكفي القطع بعدم المنع و ان سلمنا عدم القطع بعدم المنع فلااقل من الظن و يكفي لانه ينضم الي ساير الظنون و يحصل القطع انتهي فاقول بلي قدمنع الله عن ذلك في الايات الناهية عن العمل بماوراء
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۱ *»
العلم في مأتي اية و منع الرسول9 و اهل بيته: في الف و مأتي حديث و ساير ما دل علي ذلك من العقل و قدعرفت ان الاستصحاب في الاحكام قياس حكم حال مجهول بحكم حال معلوم و النهي عن القياس من الضروريات هذا و بناء العقلاء هنا مدخول فان بناءهم في الدنيا لايقاس به بناء الدين فانهم شاعرون بالدنيا جاهلون بالدين و محللات الدنيا فوضت اليهم و لميفوض اليهم امر الدين و ان قرروا قرروا علي امر الدنيا لا علي امر الدين للردع الشديد و خصوص ردع النبي9 عن اجراء حكم يوم في يوم بعده كما سمعت.
قوله <و منها الاستقراء> الي اخر و هذا اقوي ادلتهم في حجية الاستصحاب فان كان المراد استقراء الموارد المنصوصة فهي في الموضوعات و قياس الاحكام عليهم مع الفارق العظيم و ان كان المراد الاستقراء في سيرة العقلاء فقدعرفت حاله هنا و سابقاً بالجملة الاستقراء قياس محض محض محرم بتواتر الاخبار و الاجماع المحقق فلا علينا هنا الا محض شرح العبارة.
قوله <من التوصليات> و هي كتطهير الثوب للتوصل الي الصلوة و الارتباطيات كارتباط الصلوة بالوضوء اما وصفاً اي لاجل الظن ببقائه او سبباً يعني حكم موضوع من الشارع سواءاً حصل الظن به ام لميحصل و المراد ان بناء الشرع في اكثر الموارد من التوصليات و الارتباطيات علي اعتبار الحالة السابقة اما للوصف او للسبب فمحل الشك يلحق بالاغلب.
قوله <و فيه نظر> ماادري لم ذكر المنظورفيه و نظره منع الاستقراء اولاً و عدم اعتناء الاصحاب بهذا الاستقراء ثانياً فانهم يجرون الاستصحاب في الشك في افعال الصلوة و ركعاتها مع ان النصوص فيها علي عدم اعتبار الاستصحاب و لنا ايضاً نظر فيه و هو انه لو اراد انيجمع احد من الاحكام علي خلاف مقتضي الاستصحاب لجمع الوفاً فلملايستقرون في ذلك و ينكرون الاستصحاب بالجملة الشارع اذن في الاستصحاب الموضوعي علي ما ذكرنا لان معرفته من شأن الرعية و قديشتبه الموضوعات عليهم فوسعوا عليهم ترحماً و اما احكام الله فالاحكام و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۲ *»
بيانها من شأنهم من غير شريك فان قالوا فقولهم هو الحكم و ان سكتوا فالسكوت عنده الحتم فلايحتاج الي استصحاب.
قوله <الثاني> الي اخر يعني ان اغلب احكام الله سواءاً كانت وضعية ام تكليفية بل اغلب الاحكام و ان كانت في الصفات و الاخلاق بل اغلب احكام الموالي الي عبيدهم ثابتة غيرمنسوخة فان شككنا في بقاء حكم يلحق بالاغلب فاولاً الالحاق قياس محض لايجوز و الثاني ان الاستصحاب ليس من باب النسخ بل الحكم ان تعلق بالذات فمادام الذات باقية فالحكم عليها باق و ان تغير قطعاً فالثانية ذات اخري و تقتضي حكماً اخر فان كان و الا فهي مسكوتعنها و ان شك في فنائها و حدوث اخري فهنا يجري الاستصحاب الموضوعي و ان تعلق الحكم بالوصف فمادام ثابتاً فحكمه ثابت و ان تغير قطعاً فالوصف الثاني موضع للحكم فان ورد و الا فاسكتوا عما سكت الله و ان شك في زوال الحال السابق فالاستصحاب الموضوعي مأذون فيه و اين هذا من النسخ و كيف يقاس بما لمينسخ من الشرع.
قوله <و ان دار الامر> الي اخر يريد انيبين اقسام الاستقراء فيقول ان دار الامر في موضع محدود بحد قطعاً انه موسع ام مضيق بحسب الزمان كصلوة الظهر مثلاً انها موسعة الي الغروب او مضيقة في الوقت الاول فاغلب الاحكام موسعات فيلحق المشكوك بها و ان دار الامر بين التوقيت و عدمه يعني حكمه الي زمان معين ام لا فاغلب الاحكام الشرعية باقية ببقاء الموضوعات فالمشكوك ملحق به و ان شك في قدح وصف عارض فاغلب الاوصاف غيرمؤثرة في ازالة الحكم فالمشكوك ملحق به اللهم الا انيكون سبب الشك في بقاء الحكم رفع سبب حدوث الحكم و كان السبب مما له قرار و استقرار بالذات ففي هذا القسم لا استقراء و ان كان الشك في بقاء الموضوع الصرف من الاشياء القارة بالذات كبقاء زيد و بقاء الرطوبة مثلاً فاغلب الاجسام القارة باقية فيلحق المشكوك به بخلاف غير القارة كالتكلم و الزمان مثلاً ولكن الاصحاب يجرون الاستصحاب في الزمان فيحكمون ببقاء النهار و بقاء الليل و بقاء الشهر.
قوله <فتأمل> فلعل تأمله لان الاجسام مختلفة و لايمكن الحكم فيها علي نحو
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۳ *»
واحد فلايمكن الحكم ببقاء شاة مثلاً الف سنة و يمكن الحكم ببقاء جبل الف سنة و علي هذه فقس ماسواها و لذلك يقول و لو شك في مقدار الاستعداد للبقاء الحق بالجنس باستقراء اخر.
قوله <او في الموضوع المستنبط> الي اخر يعني اذا دار الامر في الموضوع المستنبط فالغالب بقاء الاوضاع علي حالها و عدم تغيرها و النقل نادر و الاشتراك قليل فيلحق المشكوك بالغالب.
قوله <نعم يشكل> الي اخر استشكل انهم يجرون اصل العدم في تأخر الحادث و اصالة عدم التخصيص و التقييد مع غلبة وجودهما فاجاب عن اشكاله و بيده زمام التحقيق ان نفس الحالة السابقة هنا تورث الظن بالبقاء و لعمري ذلك محض كلام كيف يورث عدم الشيء في سنين سابقة الظن بتأخر حدوثه و الحكم لله رب العالمين.
بالجملة هذا غاية جهد القوم في اثبات الاستصحاب جملة الذي هو من افراد القياس و ليس له في كتاب الله و لا سنة رسوله9 برهان و من تتبع في كتابنا من الاول الي هنا عرف مقدار بياناتهم و بياناتنا و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه انيب ثم اعلم بعد ذلك ان ما عندنا من الحق في ذلك لمن القي السمع و هو شهيد ان الاشياء من حيث ذواتها لذواتها عند ذواتها لا حكم لها كما عرفت من قول علي7 و ان الله سبحانه لميأمر بشيء و لمينه عن شيء تعبداً من غير علة كما عرفت عن الرضا7 بل ماجعل شيء الا لشيء كما بينوا سلام الله عليهم و كل حكم له علة و تلك العلة في اقتران الاشياء بالمكلفين فان كانت الاشياء مما في اقترانها صلاح المكلفين امروا به و ان كان في اقترانها فساد المكلفين نهوا عنه كما روي و الاقتران اما اقتران ذات الشيء بالمكلف كاقتران الحديد مثلاً و اما اقتران وصفه به كاقتران السيف بالمكلف ففي الصورة الاولي تلك الذات هي اللسان السائل عن الله ذلك الحكم قل لايعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فبدعائها حكم لها بذلك و ذلك الحكم لايتغير ما لمتتغير الذات قال الله سبحانه ان الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم و قال ذلك بان الله لميك مغيراً نعمة انعمها علي قوم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۴ *»
حتي يغيروا ما بانفسهم فمادام الذات باقية يكون الحكم عليها باقياً و ان تغيرت الذات عن ذاتيتها فصار الكلب ملحاً ليس لك انتجري حكم الكلب علي الملح لتغير الذات و كون الملح حقيقة اخري بل هذه الذات لسان سائل من الله حكماً فما حكم لها به فهو حكمها و الا فهي مما لانص فيه و يجب السكوت عما سكت الله عنه و جميع اجسام هذا العالم متقلب في الصور كان يوم اول علي صورة فزال عنه تلك الصورة الذاتية و تصورت بصورة اخري و حدث لها احكام اخر او امروا بالسكوت عنها اذا كانت مسكوتاً عنها فان علمت انها قدتغيرت فقدزال الحكم المعلق عليها و ترقب النص او اسكت و ان شككت فهيهنا موضع قولهم: لاتنقض اليقين الا بيقين و انما ذلك وضع شرعي اخبروا: ان حكم مشكوك التغير حكم غير المتغير و ذلك ان اليقين صفة نفسانية و هو الجزم و الثبات و البت و السكون علي الشيء و الشك هو التردد و التزلزل في وجود الشيء و عدمه فهما ضدان كمضادة الحركة و السكون فان كنت في وجود شيء ساكناً ثم تزلزلت فيه زال السكون قهراً فلايمكن انيكلف الشارع الانسان بان لاتشك فيما تزلزلت فيه بعد سكون و ليس المراد من كلامهم ذلك قهراً فالمراد اذا كنت علي يقين بوجود الكلب و كنت تعلم ان حكمه النجاسة يقيناً فشككت في استحالته ملحاً معلوم الملحية و بقيت متزلزلاً في انه هل تم استحالته ملحاً ام فيه شائبة من الكلبية باقية فلاتنقض يقينك بوجود الكلب حينئذ و اعلم ان حكمه حكم الكلب اليقيني الشرعي و الشارع حكم لهذا المشكوك ايضاً بالنجاسة كما حكم لذلك المعلوم بالنجاسة و لاتجر عليه حكم معلوم الملحية فانه غير معلوم الملحية و الا فالشك ينقض اليقين قهراً و انت في حال تزلزلك في الاستحالة عالم متيقن انه كان كلباً و كان حكمه النجاسة و حصل له استحالةما الا انك علي شك من تمام الاستحالة و الاستحالة المشكوكة غيرمطهرة شرعاً فلايطهر غير المطهر النجس فهو باق علي ما كان شرعاً لا خارجاً واقعاً هذا معني الحديث الذي لا شك فيه و لاريب يعتريه قال علي7 من كان علي يقين فشك فليمض علي يقينه فان الشك لاينقض اليقين و معناه ان اليقين ينقض اليقين و الشك لاينقض
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۵ *»
اليقين كما صرح في اخبار اخر و اليقين الناقض لليقين هو اليقين المخالف لليقين الاول فالشك ايضاً شك في وجود المخالف لليقين الاول فهو الشك في وجوده و زواله في حال الشك و ليس المراد عدم نقض اليقين الاول بالشك الحادث في تحققه فانه حينئذ لايقين له حتي يمضي علي يقينه و قال ابوالحسن الاول7 اذا شككت فابن علي اليقين قيل هذا اصل قال نعم و معني ذلك ايضاً ان لاتعتن بالشك و ابن علي يقينك الموجود في حال الشك فابن علي الاقل المتيقن و لاتعتن بالزايد المشكوك.
و عن احدهما8في حديث لاينقض اليقين بالشك و لايدخل الشك في اليقين و لايخلط احدهما بالاخر ولكنه ينقض الشك باليقين و يتم علي اليقين فيبني عليه و لايعتد بالشك في حال من الحالات و هذا الحديث يشتمل علي احكام فقوله لاينقض اليقين بالشك و ذلك فيما لو كان بدل الشك يقيناً لنقض اليقين الاول فهو في الرافع و قوله و لايدخل الشك في اليقين و ذلك كيقينك بشهر رمضان انه شهر صيام من الهلال الي الهلال فلاتدخل يوم الشك فيه و قوله لايخلط احدهما بالاخر يعني اذا عرفت ان افراد الغنم حلال فشككت في حيوان انه شاة ام لا فلاتدخلها في الغنم و اذا شككت في افراد قطيع انها جلالة ام لا و تيقنت في فرد انه جلالة فلاتدخله في المشكوكات و ان كنت شاكاً في شيء تنقض بيقين يحصل لك لا العكس و ان كنت تتيقن بالاقل فابن عليه و لاتعتد بالشك في الزايد.
و عن زرارة قال قلت له اصاب ثوبي دم رعاف او غيره او شيء من مني الي ان قال فان ظننت انه قداصابه و لماتيقن ذلك فنظرت فلمار شيئاً ثم صليت فرأيت فيه قال تغسله و لاتعيد الصلوة قلت له لم ذاك قال لانك كنت علي يقين من طهارتك ثم شككت و ليس ينبغي لك انتنقض اليقين بالشك ابداً الي ان قال و ان لمتشك ثم رأيته رطباً قطعت الصلوة و غسلته و بنيت علي الصلوة لانك لاتدري لعله شيء وقع عليك فليس ينبغي لك انتنقض اليقين بالشك و معني هذا الخبر ان كنت علي يقين فشككت في حدوث الرافع فلاتنقض اليقين بالشك في الرافع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۶ *»
فان الاصل عدمه و الفقرة الثانية ان شككت في تقدم الحدوث و تأخره فانت في الحدوث في الان الاخر متيقن و في الان المتقدم شك فالشك لاينقض اليقين المتقدم و انما تنقضه باليقين المتأخر و عن علي بن محمد القاساني قال كتبت اليه و انا بالمدينة اسأله عن اليوم الذي يشك فيه من رمضان هل يصام ام لا فكتب اليقين لايدخل فيه الشك صم للرؤية و افطر للرؤية وقدمر معني ذلك و في الفقه الرضوي فان شككت في الوضوء و كنت علي يقين من الحدث فتوضأ و ان شككت في الحدث و كنت علي يقين من الوضوء فلاينقض الشك اليقين الا انتستيقن و ان كنت علي يقين من الوضوء و الحدث و لاتدري ايهما سبق فتوضأ و ان توضأت وضوءاً تاماً و صليت صلوتك او لمتصل ثم شككت فلمتدر احدثت ام لمتحدث فليس عليك وضوء لان اليقين لاينقضه الشك الخبر و ذلك ايضا كما مر و قال ابوعبدالله في الثوب المعار للذمي صل فيه و لاتغسله من اجل ذلك فانك اعرته اياه و هو طاهر و لمتستيقن انه نجسه فلابأس انتصلي فيه حتي تستيقن انه نجسه و معني ذلك ايضاً ان اليقين بالمانع ينقض اليقين المقتضي الاول و الشك في المانع لايرفع المقتضي ذكرنا هذه الاخبار استطراداً و تقدمةً.
و اعلم انه يمكن انيراد من اليقين عين الحال السابق اي المتيقن مجازاً او عين حكمه و لابأس به و يراد من الشك الحال العارض اي المشكوك فيه او حكمه كقوله7 اليقين لاتدخل فيه الشك يعني لايدخل في شهر رمضان اليوم المشكوك فيه و كقوله في الوضوء لاينقض الشك الوضوء يعني ليس من نواقض الوضوء الشك في الحدث و ذلك ايضاً معني لطيف لا بأس به.
فبالجملة اذا كان متعلق الحكم الذات المقترنة فذلك حكمه كما عرفت يعني مادام باقياً علي صفته الذاتية و يسمي باسمه يكون حكمه قائماً عليه فاذا زال الاسم زال الحكم كما قال ابوعبدالله7 في الرجل اذا باع عصيراً فحبسه السلطان حتي صار خمراً فجعله صاحبه خلاً فقال اذا تحول عن اسم الخمر فلا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۷ *»
بأس به و سئل موسي بن جعفر7 عن الخمر يكون اوله خمراً ثم يصير خلاً قال اذا ذهب سكره فلا بأس انتهي و ان تغير الذات حتي شك في الاستحالة و صدق الاسم فالمتكفل له المطلقات كما مرت فهيهنا يجري الاستصحاب و ان كان متعلق الحكم شيء متصرم غيرمستقر كالزمان فان الشك ليس في تصرم آن لايستقر و انما الشك في وقت و اجل ممدود منه كالشهر و الاسبوع و اليوم فان شك في تصرم الشهر لاينقض يقينه بكونه بشك دخول شهر اخر فلايسمي المشكوك باسم الشهر الاتي و يسميه باسم الشهر الماضي اذ لاواسطة و هكذا في البواقي و ان كان متعلق الحكم وصف و حالة لشيء فمادام ذلك الوصف و الحال باقياً يكون حكمه عليه قائماً فاذا زال الوصف يقيناً زال ذلك الحكم يقيناً و الحال الحادث يحتاج الي حكم جديد فان جاء حكم فهو منصوص والا فهو حال غيرمنصوص و يجب فيه السكوت و ان تغير الحال الاول في الجملة حتي حصل الشك يجري عليه حكم اليقين السابق بوضع الشارع و عدم تأثير المشكوك اللاحق كما سمعت في الاخبار ان الشك لاينقض اليقين و لاينبغي نقضه به.
فعلم من ذلك ان الشك في بقاء الحكم ان كان بسبب الشك في زوال متعلقه يجوز اجراء الاستصحاب فيه و الا فلا و جميع ما يقولون نفخ في غير ضرام و خبط في خبط و ظن في ظن و لا عبرة بشيء منها و هذا الاستصحاب اصل عظيم من اصول المحمد: القوها الينا و هو من الابواب التي يفتح منها ابواب لاتحصي و مسائل لاتستقصي فاحفظه و هذا الاصل قديجري في العدم فيحكم به ما يشك في الوجود و قديجري في وجود شيء فيحكم به ما يشك في الزوال و لما كان الاستصحاب امراً وضعياً من الشارع يجري في الشرعيات فيحكم بعدم صدور نص او حكم او نسخ و تغيير و تبديل و تأثير و تسبيب و تعليق و امثال ذلك و لايجري في واقعيات العالم و لايمكن الحكم به و لايحصل به يقين و لا ظن طبيعي.
الاتري انك لو علمت كون زيد في الدار يوم الاحد و شككت في كونه فيه يوم الاثنين ليس شكك يفيد اليقين و لا الظن و ليس الاستصحاب و قول ان الاصل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۸ *»
بقاؤه دعاء يقرأ و منطر يذكر فيحدث منه اليقين فمعني الحكم بالاستصحاب في الواقعيات ان الشك هو مفيد اليقين او الظن و هو كلام جاهل لا عاقل فجميع ما استدل به القوم في الواقعيات و الاجتهاديات و اثبات المعاني اللفظية و امثالها من الامور الخارجية خبط عشواء و محض لفظ و انما قلنا بالاستصحاب في الشرعيات لانه حكم وضعي فيها فكما وضع الواضع ان المني نجس وضع ان المني المشكوك الزوال نجس لان نجاسته الثوب مثلاً وجدت بمؤثر و ذلك الاثر لايرفع الا بمؤثر يقيني مزيل للاول في عالم الشرع الذي هو عالم وجودات معلومة فما لمتتيقن لا مؤثر فلا ازالة و يحصل من استصحابنا العلم بالحكم و ليس يحصل لنا ظن ببقاء المني بذلك لان ذلك امر واقعي و لميضعه الشارع لمعرفة الواقعيات و ليس الاستصحاب بدليل عقلي حتي يثبت به الامور الواقعية و قدعرفت ان نفس الشك ليس يفيد الظن و انا صرنا نحكم في الامور الخارجية ببقاء شيء بعد ما غبنا عنه كالجبل الفلاني فليس ذلك من باب الاستصحاب و ان الشك يفيد الظن او حكمنا ببقاء الغائبات حكم شرعي لا طبعي بل انما ذلك من العلم العادي الطبيعي ببقائه فلربما يؤدي الطبيعة الي اليقين و لربما تؤدي الي الظن و لربما تؤدي الي الشك علي حسب قوابل الاشياء الخارجية فنعلم ان الجبل باق بعد ما غبنا مائة سنة و نحكم به و نظن ان زيداً الشاب حي بعد سنة و نشك ان الرطوبة باقية علي الارض بعد ساعة فان علمنا حكمنا علماً و قلنا نعلم و ان ظننا قلنا نظن و لانعلم يقيناً و ان شككنا قلنا نحن في شك و لايفيد لنا قول الاصل بقاء ما كان علي ما كان شيئاً و اجراؤه في الخارجيات سفاهة و يضحك منه الباقون علي الفطرة اللهم الا انيقول انا من جانب الشارع مأمورون باننقول ان الاصفهان باق علي حاله بعد ما غبنا و نعتقد بذلك ثم ننظر في ان هذا التكليف الشرعي هل هو علي سبيل الوجوب او الندب ثم نتكلم في ما يتعلق في الامر به و النهي عن خلافه و هذا كلام لا اظن احداً يرضي به فليس اعتقاداتنا و اعمالنا في ساير امور العالم باعتقاد او عمل شرعي بل هو اعتقاد او عمل طبيعي بداهة و علي مقتضي الطبيعة العلم علم و الظن ظن و الشك شك و لايفيد احدهما الاخر و لانجري علي غير ما نجد في الطبيعة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹۹ *»
قال: اصل في اثبات حجية الاستصحاب في خصوص الامور الخارجية المرتبطة بالاحكام الشرعية و يدل عليها اصل الاشتغال لانا قداثبتنا الحجية في الجملة و لايحصل القطع بالامتثال الا بالعمل بكل افراد الاستصحاب اذ ليس في المقام قدر متيقن يؤخذ به و هو ارجح هنا من اصالة حرمة العمل بماوراء العلم لوجود العلم الاجمالي بحجية بعض افراد الاستصحاب و الظن بحجية كل افراده كما انه ارجح من اصالة الاشتغال بالصلوة مثلاً في الطهارة المستصحبة بعد تعارض الاصلين بضم الاجماع المركب و ذلك لان العمل بالمعارض مستلزم للمخالفة القطعية و فيه نظر لكن نقول يكفي في ذلك دلالة الاخبار العامة و بناء العقلاء او مجموع الادلة المتقدمة و توهم ان بيان الموضوعات ليس من شأن الشارع فلاتنصرف النصوص اليها مدفوع بان بيان الموضوعات المرتبطة بالاحكام من شأنه لانه بيان للحكم الكلي بالواسطة مع ان عدم كونه من شأنه لايستلزم قبح بيانه فلميصرف كلامه عن ظاهره اذا كان في البيان فائدة و افسد منه توهم تعارض تلك النصوص مع ايات النهي و اخبار الاحتياط او دعوي كون الاخبار احاداً.
اقول: قوله <و يدل عليه اصل الاشتغال> الي اخر مراده انا قداثبتنا في الاصل السابق ان الاستصحاب في الجملة حجة يجب اتباعه فاشتغل ذمتنا بالعمل به و لا قدر متيقن من اقسامه و يلزم تحصيل القطع بالامتثال و ذلك لايحصل لنا الا بالعمل بجميع افراده و قدعرفت حال ادلته في الاصل السابق و انها ان صحت حرم العمل بها و ان فسدت فكيف.
قوله <و هو ارجح> الي اخر يعني ان قال قائل ان الاستصحاب لايفيد الا الظن و قداثبتنا حرمة العمل بالظن و الخارج بالاجماع احدهما اي استصحاب الامور الخارجية و استصحاب الاحكام فيبقي الاخر علي اصل الحرمة فاجاب المصنف بان العلم الاجمالي بوجوب العمل بالاستصحاب حاصل لنا و العلم الاجمالي بحجية بعض افراده و الظن بحجيته كله ايضاً حاصلان لنا.
قوله < كما انه ارجح> الي اخر يعني ان قال قائل قديعارض اصل الاشتغال هذا اصل اشتغال اخر في بعض الموارد كما اذا حكمت بطهارة الماء استصحاباً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۰ *»
يعارضه الاشتغال بصلوة بعد طهارة قطعية فيتساقطان و يبقي اصل الحرمة علي حاله و لان الاصحاب يقدمون الاشتغال المخصوص علي الاشتغال العام و الاشتغال بالاستصحاب عام و في الموارد الخاصة خاص فهو مقدم و اما في غير محل التعارض بين الاصلين كما لو كان الاستصحاب علي طبق الاشتغال او لميكن اشتغال في الموارد الخاصة فيجري بالاجماع المركب.
قوله <و ذلك لان العمل> الي اخر هذا من تمام قول القائل يعني و ان توهم متوهم انه يمكن اثبات حجية الاستصحاب من وجه اخر بانيقال ان الاستصحاب حجة في صورة عدم المعارضة باصل الاشتغال و في صورة المعارضة بالاجماع المركب فيكون الاستصحاب العام مقدماً يدفع ذلك بان غاية ما في الباب تعارض الاجماعين و يبقي اصالة عدم الحجية سليمة فاجاب المصنف عن ذلك بان اجماعنا المركب اقوي لان مع العمل به لايلزم المخالفة القطعية و اما لو عملنا بالاجماع المركب الذي يقتضي عدم حجية الاستصحاب رأساً لزم طرح ما قطعنا به من حجية الاستصحاب في الجملة هذا و اجماعنا مثبت و اجماعك ناف و المثبت مقدم.
قوله <و فيه نظر> ماادري لم يذكرون دليلاً فيه نظر بالجملة نظره في تتميم الاستدلال علي حجية الاستصحاب بقاعدة الاشتغال اذ هو فرع تمامية الاجماع المركب بين ما تعارض اصل الاشتغال في الاصول مع اصل الاشتغال في الموارد الخاصة و بين ما لميتعارض فيه الاصلان و ليس بتمام لانه يجوز خرق هذا الاجماع لان احد شطريه ثابت بالاصل الفقاهي كاصل الاشتغال و الذي لايجوز خرقه ما ثبت احد شطريه بالدليل الاجتهادي القطعي او الظني لانه يحصل القطع او الظن حينئذ بالواقع في كل من الشطرين و جميع ذلك اقوال بالرأي و لابرهان عليه في دين الله.
قوله <لكن نقول يكفي في ذلك> الخ يعني ان كان في ما قلنا من اصل الاشتغال نظر كفانا دلالة الاخبار العامة و بناء العقلاء حيث لايفرقون في العمل بالاستصحاب بين الموضوعات المرتبطة بالاحكام و نفس الاحكام و مجموع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۱ *»
الادلة المتقدمة منضماً بعضها ببعض و باقي العبارة ظاهر و قدذكرنا ان اجراء الاستصحاب في الامور الخارجية الشرعية الوضعية مما لاشك فيه و لاريب يعتريه و انما الخطاء منهم في اجراء الاستصحاب في نفس الاحكام التي وضعها و بيانها من شأن الشارع و يأتي ان شاء الله.
قال: اصل في اثبات حجية الاستصحاب في خصوص الاحكام و يدل عليها ما سبق في الاصل السابق و المنكر له فيها مع قوله بحجيته في الموضوعات ان كان يتوهم عدم دلالة الاخبار علي ذلك لكون موردها الموضوعات فيختص الجواب بها ففيه ان مثل طهارة الثوب و الجسد من الاحكام لا الموضوع فتأمل و ان عموم الجواب كاف و لو حمل اللام علي العهد لزمه عدم التعدي الي ساير الموضوعات و ان ذلك لايتم فيما ليس مسبوقاً بالسؤال و لا في ساير ادلة الاستصحاب او يتوهم احادية الاخبار فقد مر علميتها مع انه وارد عليه ايضاً او يتوهم ان تخصيص الاخبار بالموضوعات قبل الفحص و بعده اولي من تخصيصها بما بعد الفحص في الاحكام او هما متساويان ففيه ان العمل بعمومها الا في الاحكام قبل الفحص اقل تخصيصاً مع امكان منع العموم الاحوالي فيها فتأمل او انه يلزم من العمل بها في الاحكام عدم العمل لاستصحاب حرمة العمل كما كانت قبل الفحص ففيه انه استصحاب عرضي و انها لاتنصرف الي نفي انفسها و ان ذلك من باب نقض اليقين باليقين لفرض دلالة الاخبار ثم لا فرق في الاحكام بين التكليفية و الوضعية لوحدة الدليل و من يخصصها بالوضعية ان نظر الي انها مورد السؤال فيها ففيه ان اللام في الجواب ان حمل علي العهد فكيف يعمم الحجية في كل الوضعيات او علي الجنس فما الفارق بينها و بين التكليفيات او الي ان مورد السؤال مادة تعارض الاستصحاب الوضعي و هو استصحاب الطهارة مع التكليفي و هو استصحاب الامر بالصلوة و الامام7 رجح الوضعي معللاً بالقدر المشترك بينهما و هو اليقين السابق و هذا محال فلابد اما من حمل اليقين في النص علي اليقين بالحكم الوضعي فيكون تخصيصاً او حمل العلة علي المقتضي فيصير مجازاً و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۲ *»
الاول ارجح فيفسد الاستدلال و لو سلمنا التساوي فيجمل و النصوص الابتدائية وحدها لاتكفي في حصول القطع ففيه انه لاتعارض هنا قبل اتمام الصلوة و لاشك بعده في الامتثال و انه يمكن تخصيص استقلال العلة بغير صورة التعارض و هو اقل اخراجاً من الاول فيكون اولي من غيره و لاينافي ذلك حجية منصوص العلة او الي ان التكليفي ان كان موقتاً فلا استصحاب في الوقت لبقاء الامر قطعاً و لا بعده لارتفاع الامر قطعاً (لارتفاعه كذلك خل) اذ القضاء بفرض جديد او غيرموقت فان قلنا بدلالة الامر علي التكرار فالاتيان من مقتضيات الامر او بعدم الدلالة عليه فعدم الاتيان ثانياً من لوازم الامتثال بالطبيعة ففيه امكان عروض الشك في الموقت كما لو شك المريض الذي حدث مرضه في اثناء النهار في وجوب اتمام الصوم الي الليل مع امكان وجود الخطاب المهمل في التكليفيات ايضاً كالوضعيات و لا بين حال الاجماع و غيره للعموم و من منع من استصحاب حال الاجماع فيما اذا كان الشك في المقتضي او قدح العارض ان نظر الي ان الوصف لايحصل فهو مشترك او الي ان الاجماع لو كان موجوداً في حال الشك لماحصل الخلاف ففيه ان لازمه عدم حجية استصحاب حال النص ايضاً اذ لو كان دالاً علي حكم حالة الشك لميكن استصحاب.
اقول: هذا اصل لا اصل له ابداً و ستعرف ان شاء الله. قوله <و يدل عليها ما سبق في الاصل السابق> و قدعرفت انها كانت ادلة سخيفة لايمكن التعويل عليها.
قوله <ففيه ان طهارة الثوب و الجسد من الاحكام> هذا قياس محض و خبط واضح فانا في هذا المثال كنا عالمين بان البول نجس بحكم الشارع و نعلم ان الثوب طاهر بحكم الشارع ما لميصبه نجس يقيني فاذا شككنا في وصول البول الي الثوب لمنجعل هذا الشك منشأ تأثير لان المشكوك ليس بنجس معلوم النجاسة من عند الشارع و مشكوك الوصول ليس بمنجس فلمينجس هذا الثوب يقيناً و لمننقض بهذا الشك اي شك الوصول يقين الطهارة لان المقتضي للطهارة موجود و المانع عنها مفقود لان المانع هو وصول معلوم النجاسة و هو مفقود فحكمنا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۳ *»
بان الطهارة الثابتة المعلومة لمترفع و اين هذا من الاستصحاب في الحكم هذا استصحاب الموضوع و يتبعه الحكم المعلوم له و لعل هذا وجه تأمله و محل النزاع ما اذا حدث حال لمنعلم حكمها من جانب الشارع و نريد استخراج حكمها بهذا الاصل كما اذا كنا علي طهارة من البدن و اصاب بدننا مني الشاة و لانعلم حكمه من جانب الشارع انه نجس ام طاهر فنحكم بطهارة المني باستصحاب طهارة البدن و هذا خطاء و نحن اذا لمنجد نصاً في مني الشاة لانشك في حكمه بانه طاهر و ان اختلف اقوام لكن لا من حيث الاستصحاب بل من حيث انا نقول كل شيء مطلق حتي يرد فيه نهي فهو طاهر لاجل النص العام لا من باب الاستصحاب و كذلك اذا قال الزوج لزوجته انت خلية فتقول انه لايقع بقوله طلاق و ليس بطلاق لاجل استصحاب الزوجية و ذلك باطل و ان كنا نقول بعدم وقوع الطلاق لكن ليس من جهة استصحاب الزوجية بل لاجل النص علي انا لو كنا في شك منه من جهة تعارض النصوص حكمنا بالسعة في الدليلين بالجملة انا لانستنبط حكم حال مجهول من حكم حال معلوم و لانقيس عليه و انما نطلب حكمه من طرق اخر وافق حكم الحال السابق ام خالف.
قوله <و ان عموم الجواب> الي اخر يعني ان الاخبار و ان وردت في مواضع خاصة لكن الاجوبة فيها عامة و العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المحل و لو حمل اللام علي العهد فتعديه الي ساير الموضوعات ايضاً غلط و علي فرض ذلك الاحاديث غيرالمسبوقة بالسؤال موجودة و لايحتمل فيها ذلك و كذلك لايرد هذا البحث في ساير ادلة الاستصحاب.
قوله <او يتوهم> عطف علي <يتوهم> اول يعني ان توهم ان الاخبار ظنية قلنا انها علمية بمعاضدة ساير الادلة و كثرتها مع ان هذا البحث يرد ايضاً علي من يقول بجواز الاستصحاب في الموضوعات لا الاحكام.
قوله <او يتوهم ان تخصيص الاخبار> الي اخر عطف علي ما مر يعني ان توهم متوهم ان اخبار الاستصحاب عامة قبل الفحص و بعده و هو خلاف الاجماع فلابد من تخصيصها لكن تخصيصها بما قبل الفحص في الموضوعات لانها لاتحتاج الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۴ *»
الفحص اولي من تخصيصها بما بعد الفحص في الاحكام او التخصيصان متساويان فيسقط الاستدلال فقال المصنف العمل بعمومها في غير الاحكام قبل الفحص اقل تخصيصاً فهو اولي مع انه لنا اننمنع عمومه الاحوالي يعني حال قبل الفحص و بعده بل هي مجملة من هذا الحيث و عمومه افرادي فليس اخراج حال عدم الفحص تخصيصاً و تقييداً فليس الروايات بظاهرها خلاف الاجماع.
قوله <او انه يلزم من العمل بها في الاحكام> يعني ان قيل ان مسألتكم هذا ان وجب العمل بها وجب انكارها لان العمل به قبل الفحص حرام فبحكم الاستصحاب بعد الفحص ايضاً حرام اجاب المصنف بانه استصحاب عرضي و الحرمة العرضية لاجل عدم الفحص يزول بالفحص و ليس حرمة الاستصحاب سنخياً لايزول و بانه لاينصرف الي نفي نفسها كقول ما من عام الا و قد خص و بان ذلك اي حجية الاستصحاب في الاحكام صارت يقيناً فهي من باب نقض اليقين باليقين فيدخل في المستثني.
قوله <ثم لا فرق في الاحكام> الي اخر لعموم الالفاظ و الادلة علي زعمه فيعم الاحكام التكليفية كالوجوب و الحرمة و اختيهما و الوضعية كالشرطية و السببية و اخواتهما.
قوله <و من يخصصها بالوضعية> الي اخر يقول من يخصصها بالاحكام الوضعية فيجريه فيها ان نظر الي انها مورد السؤال يعني في الوضوء الذي هو شرط الصلوة و في الطهارة التي هي شرط الصلوة فاجاب المصنف انه يقال له ان كان اللام للعهد فكيف تعممه في جميع الوضعيات و ان كان للعموم فلا فارق بين الوضعيات و التكليفيات و ان نظر الي ان مورد السؤال محل تعارض الاستصحاب الوضعي الذي هو الطهارة مع التكليفي الذي هو الامر بالصلوة و الامام7 رجح الوضعي و امر باستصحاب الطهارة و علل بلفظ هو القدر المشترك بينهما و هو اليقين و القدر المشترك لايكون مرجحاً و هو محال انيكون مرجحاً فللوضعي مرجح فلابد اما من حمل اليقين في النص علي اليقين بالحكم الوضعي فيكون تخصيصاً او حمل العلة علي المقتضي و ذلك مجاز فانه ظاهر في العلية التامة و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۵ *»
الاول ارجح ففسد الاستدلال بالحديث علي العموم و ان سلمنا تساويهما فيجمل الحديث و النصوص الابتدائية لاتكفي في حصول القطع.
فاجاب المصنف انه لاتعارض بين الاستصحابين اذ قبل الاشتغال بالصلوة و قبل اتمامها هو مأمور بالصلوة و اتمامها قطعاً بلا استصحاب و بعد الفراغ ارتفع الامر بسبب الامتثال الشرعي اليقيني و كذلك نقول الحديث علي عمومه و غاية الامر انه مخصص بغير صورة التعارض و كم من عام مخصص في الدنيا و هذا التخصيص اقل اخراجاً و هو اولي من غيره و ان قيل ان منصوص العلة ان كانت العلة فيه تامة فلميخرج من تحتها شيء و ان لمتكن علة تامة فلاتجري في جميع المواضع فالمصنف قال ان العلة تجري في جميع الموارد كما هو المشهور و خروج فرد من تحته كتخصيص العام و يكون حجة في الباقي.
قوله <او الي ان التكليفي> الي اخر يعني ان نظر الي ان التكليفي اما موقت و اما غيرموقت فالموقت لا استصحاب فيه في الوقت و لا بعده لارتفاع الامر لان القضاء بفرض جديد و اما غيرالموقت فان قلنا بدلالة الامر و النهي علي التكرار فيمتثل بهما من غير استصحاب و ان قلنا بعدم التكرار فترك الامتثال مرة اخري من مقتضيات الامر و النهي فلا استصحاب في التكليفيات اجاب المصنف بامكان عروض الشك في الموقت مع امكان وجود الخطاب المهمل في التكليفيات ايضاً كالوضعيات و لعمري كان اولئك من اهل مدينة لميبعث اليهم نبي و لمينزل عليهم كتاب و انما يرون انفسهم مستقلين و يستبدون بارائهم و عقولهم و لايعتمدون علي اله او رسول او حجة فان قال لهم قائل ءانتم باذن امامكم تقولون بارائكم ام لا فان قالوا نعم كذبوا و ان قالوا لا فيقول القائل فلمتقولون بما لميقل به امامكم و تصرفون عمركم فيما لميأمركم به امامكم و ذلك احتجاج قدح به الامام7 في مؤمن الطاق بالجملة مردهم الي الله و هو اعلم بما كانوا يعملون.
قوله <و لا بين حال الاجماع> الي اخر عطف علي قوله <بين التكليفية و الوضعية> يعني يستصحب حال الاجماع ايضاً يعني اذا ثبت حكم بالاجماع يستصحب لعموم الادلة و منهم من يمنع من استصحاب حاله اذا كان الشك في المقتضي او قدح
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۶ *»
العارض و المراد بالمقتضي استعداد الحكم السابق او الامر الخارج للبقاء كما اذا شك ان هذه الصلوة الموقتة هل هي موسعة ام مضيقة او السراج الموضوع اول الليل هل فيه دهن بقدر الكفاية الي الصبح ام لا و قدح العارض كالشك في قادحية رؤية الماء في اثناء الصلوة في الطهارة و كالعلم بوجود الدهن و الشك باطفاء الريح اياه فان نظر هذا المانع الي ان الظن لايحصل فهو مشترك بين حال الاجماع و حال النصوص او الي ان وجود الخلاف في الحال الثاني دليل اختصاص الاجماع بالحال الاول اجاب المصنف المحقق المجدد بان حال النص ايضاً كذلك لانه لو كان دالاً علي حكم حالة الشك فلااستصحاب و ان كان دالاً علي الحال الاول و لذا اختلفوا في حكم الحال الثاني و الا لميكونوا يخالفون النص فلايجري في الحال الثاني.
بالجملة هذا غاية استبداداتهم في الدين و لعمري لايجوز التعويل علي شيء منها في دين الله و هي لو كانت صحيحة لكانت اثماً كيف و بعضهم يرد علي بعض و بعضهم يقدح في بعض يقول هذا ينقاد و هذا لاينقاد و هذا ينساق و هذا لاينساق و كفاك انه يشارك كل فريق منهم جمع من العامة و يستدلون بادلتهم التي ورد الايات و الاخبار في ردها و اعلم ان الحق في المسألة ان الاستصحاب علي ما يقولون للشك في الحال الثاني و نحن لانشك في احكام الله و الحمدلله فان الحكم لايخلو من قسمين اما فيه نص عن الحجج: عموماً و خصوصاً و اما ليس فيه نص اما ما ليس فيه نص فلا شك لنا فيه فانه مطلق و يجب فيه السكوت عن وضع حكم فيه و ليس اخبار الاستصحاب نصاً عاماً فيه لانا لانشك في الحكم و اخبار الاستصحاب صريحة في عدم نقض اليقين بالشك و ان كان فيه نص واضح بين رشده و دلالته فالعمل عليه و لاشك فيه و ان كان متشابهاً فلايتم حجة بالمتشابهات فان لله الحجة البالغة و حجة الله هي الحجة الواضحة فيرد حكمه الي الله و رسوله و يجب الكف عنه الي ان نري القائم فنردها اليه و نحن في سعة في العمل حتي نعلم و ان كان فيه نصان متعارضان فالرجوع الي المرجحات فان علمنا فعليه العلم و العمل و ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۷ *»
لمنعلم فالامر بالسعة نصاً منهم فنحن لانشك في الحكم نعم نجهل الحكم كثيراً و الجهل غير الشك و لانقيس حكم الذات المجهول او حكم الحال المجهول علي حكم الحال المعلوم نعم نجري الاستصحاب كما امرنا في الموضوع لانه من شأننا و تكليفنا و يجب علينا تمييزه و يحصل لنا الشك في تمييزه فاذا اثبتنا موضوعاً كما امرنا يقوم عليه حكمه الذي حكم الله عليه فالقوم ان كانوا يجرون استصحاب الحكم في موضع تغير الموضوع يقيناً فلايجوز و ان كانوا يجرون في موضع شكوا في تغير الموضوع فيجري الاستصحاب في الموضوع ثم يجري حكمه عليه و ان علموا بالتغير و لايعلمون له حكماً من الله فهو حال مجهول لايجوز قياسه علي حال معلوم و بيان الحكم من شأن الشارع و موكول الي علمه و توقيفه.
و اعلم ان القوم اشترطوا في العمل بمقتضي الاستصحاب شرايط:
الاول انيكون الامر ثابتاً في الزمن الاول فلايحكم باستصحاب وجود زيد في الدار الا انيكون فيها قبله و كذا الحكم الشرعي المترتب علي الامر الوضعي اذ بقاء الحكم في الزمن الثاني فرع ثبوته في الزمن الاول و هو حق لا مرية فيه.
الثاني ان لايتغير الموضوع بحيث يصير حقيقة اخري في الواقع او عند العرف ولكن لاينبغي انيراد بالموضوع الاجناس العالية التي لاتتغير كما ان العذرة اذا صارت تراباً لمتخرج عن الموجودية و الشيئية و الجسمية بل ينبغي انيراد بالموضوع الذي تعلق به الحكم و الحالات التي تطرأ عليه مما يشك معها استحالة الموضوع و عدمها فان اريد هذا فهو ايضاً حق لا شبهة فيه.
الثالث عدم زواله بالدليل و ان نسخ ما دل علي الزوال كما اذا امر بشيء ثم نهي عنه ثم نسخ النهي فانه حينئذ لايعقل استصحاب الوجوب السابق و هو ايضاً في كمال الصحة.
الرابع اشتراط الظن ببقاء الامر السابق فاذا تساوي الاحتمالان او انعكس الامر فلايجري فيه الاستصحاب و هذا بناءاً علي ان العمل بالاستصحاب يفيد الظن فان لميكن ظن ببقائه لايجوز الاستصحاب المشكوك و اما نحن فنعمل بالاستصحاب بحكم الاخبار الساطعة الانوار فان حصل علم بحصول حالة مغيرة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۸ *»
للحكم نرجع عن الحكم الاول اليه و الا فالمعلوم الاول باق علي حاله.
الخامس ان لايوجد في الزمان الثاني ما يوجب زوال الامر الاول كما اذا صلي بالتيمم ثم وجد الماء في الاثناء فينبغي لمريد الاستصحاب انيلاحظ النص الدال علي ان المتمكن من استعمال الماء الناقض للتيمم هل هو مطلق او عام بحيث يشمل هذه الصورة ايضاً ام لا فان كان مطلقاً او عاماً شاملاً لايجوز العمل بالاستصحاب لانه يرجع الي فقد الشرط الثالث و الرابع و لايجوز و هو ايضاً كلام صحيح.
السادس ان لايتحقق دليل شرعي خاص اخر يوجب انتفاء الحكم السابق الثابت اولاً في الوقت الثاني و هو ايضاً كلام حق.
السابع ان لايوجد استصحاب معارض في مقابله.
و انا ازيد الثامن ان لايكون الامر الثابت في الزمن الاول بدليل مطلق او عام يشمل الحال الثاني فانه عمل بمدلول النص الاول.
و التاسع ان كان متعلق الحكم الاول الذات فيعتبر تغير الذات و لاعبرة بتغير ساير الحالات كما اذا تعلق الحكم بزيد فلاينظر الي قيامه و جلوسه و حركته و سكونه و ان كان الحال فيعتبر خصوصه فان كان متعلقه جلوسها فيعتبر تغير الجلوس و ان كان قيامها فيعتبر القيام و لاينظر الي ساير التغيرات و لايحتاج الي استصحاب فيها الا اذا شك في زوال المتعلق نفسه فهيهنا موضع جريان الاستصحاب.
و العاشر ان لايكون في دليل ثبوت الحكم للحال الاول ما يدل علي خصوصيته بالزمان الاول المحدود كصم هذا اليوم او يوم الخميس فلايمكن اجراء الاستصحاب هيهنا و الحكم بصوم اليوم الاتي.
و الحاديعشر انيعرف الموضوع و حالاته مثلاً اذا تنجس العصاء فلابد من معرفة ان النجس ورد علي عصائية العصاء او علي خشبيته او علي نباتيته او علي جسميته كما ان متعلقات الحكم تختلف علي حسب ذلك فالوارد علي العصائية يتغير بتغير العصاء و اما الوارد علي الخشبية لايتغير بتغير العصا فلو كسر و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰۹ *»
دق لميطهر و الوارد علي النبات لايتغير بتغير الخشب و الوارد علي الجسم لايتغير بتغير النبات و هذا الشرط مما يشتبه كثيراً فيزعمون ان الموضوع تغير ولميتغير فالخشب النجس اذا صار فحماً او رماداً تغير الخشب و صار غيره و لميتغير الجسم النجس اللهم الا انيقال ان النجس الواصل اليه احترق و استحال و هو شيء اخر و كذلك ينبغي معرفة متعلق الحكم حتي يحكم عليه بحكمه.
قال: اصل لا فرق في حجية الاستصحاب بين كون الشك في المقتضي او غيره والمحقق الحلي و الخونساري نفيا الاول و الظاهر عدم الفرق علي هذا القول بين الموضوعات و الاحكام و الاصح الحجية مطلقا سواء كان الشك في ذات المقتضي ام في بقائه للشك في قدر استعداده للبقاء او لاحتمال طرو مانع او مانعية طار لعموم ما سبق و لعل نظر المانع في المقتضي الي عدم انصراف النصوص او اكثرها اليه اذ المراد من اليقين في قوله لاتنقض اليقين بالشك هو المتيقن و ما في حكمه بحكم العقل فالمراد حينئذ من النقض اما النقض الواقعي بمعني ان المتيقن الواقعي في الواقع لاينقض بالشك او الظاهري بمعني ان المتيقن الظاهري في الظاهر لاينقض بالشك و علي التقديرين اما قوله لاينقض نهي او نفي و علي التقادير اما يراد من الشك معناه او المشكوك فيه لا سبيل الي الواقعيات باقسامها اما للكذب او التكليف بالمحال و في الظاهريات ان اريد من الشك المشكوك فيه فهو صحيح لكن عدم نقض المتيقن بالمشكوك فيه انما يتصور اذا كان الشك في ناقضية المشكوك فيه اذ لو كان الشك في المقتضي لميكن هناك نقض اذ الشك حينئذ في الانقطاع و عدمه لا في النقض و عدمه او الشك نفسه فهو مناف لسؤال السائل اذ مورده الشك في ناقضية المشكوك فيه اي الخفقة فقال أتوجب الخفقة و الخفقتان الوضوء فتأمل لا ناقضية نفس الشك بل من المعلوم ان الشك بنفسه ليس ناقضاً مع قطع النظر عن متعلقه و لعل ما ذكرناه مراد الخونساري في استدلاله علي مدعاه و الا فدليله واه جداً و فيه صدق النقض عرفاً في الشك في المقتضي فتأمل بل المتبادر من النصوص عرفاً حجية الاستصحاب مطلقا مع ان من النصوص ليس
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۰ *»
ينبغي لك اه و هو لايجري فيه الوجه المذكور مضافاً الي كفاية ماعدا النصوص من الادلة.
اقول: مراده من المقتضي استعداد الموجود الخارجي كأن يشك مثلاً في ان السراج هل هو من حيث الدهن كان قابلاً للاشتعال الي الصبح ام لا و ان علم استعداد البقاء ولكن عرض له شك في هبوب رياح مطفئة او في اطفائها فهو شك في المانع و حكي عن الحلي و الخونساري نفي حجية الاستصحاب في الشك في المقتضي و ظاهرهما عدم الفرق بين الموضوعات و الاحكام فقال المصنف ان الاصح الحجية مطلقا سواءاً كان الشك في ذات المقتضي ام في بقائه ام في المانع بوجهيه لعموم الادلة التي سمعتها و عرفت حالها و الحق ان اليقين الطبيعي بالشيء ينتقض بالشك فيه و لايعقل التكليف بترك نقضه و ان كان اليقين بالشيء في زمان و عرض الشك في بقائه في زمان اخر فمتعلق كل واحد غير الاخر و يمكن اجتماعهما كيقينك بوجود زيد يوم الجمعة و شكك في وجوده يوم السبت و لاينقض هذا اليقين هذا الشك و لايحتاج ايضاً الي تكليف و لا كلام فيهما و انما المراد من الحديث عدم نقض اليقين باثر مستمر جعله الشارع للمتيقن به باليقين الطبيعي الي عروض امر اخر كما انك تتيقن بالوضوء باليقين الطبيعي و تتيقن باثره باليقين الشرعي و هو الطهارة فلاتنقض يقينك بالطهارة بالشك في زوال هذا الاثر لان زواله يحتاج الي علة و ما لمتتيقن بوجود علة الزوال لاتحكم بالزوال و اما اذا تيقنت بالمقتضي للاثر في الان الاول و شككت في الان الثاني في ان الوضوء هل كان يقتضي الطهارة ام لا فذلك شك في دليل ايجاب الوضوء الطهارة فلميبق لك شيء تستصحبه كما اذا شككت في الان الثاني في انك هل توضأت ام لا فلميبق شيء تستصحبه و ان تيقنت بالوضوء في الان الاول ثم حصل لك شك في ان الوضوء يورث الطهارة في ساعة او اكثر فذلك ايضاً شك في كيفية وضع الشارع ففي الان الثاني لاتدري هل انت متطهر بحكم الشارع ام لا غاية الامر انك تعلم انك كنت متطهراً بحكم الشارع في الان السابق بدليله الذي وضعه له و لاتدري الان هل دليله يدل علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۱ *»
ان الوضوء مورث للطهارة في الان الثاني ام لا و القائلون بحجية الاستصحاب يجرون الاستصحاب في هذه الصورة و هو خطاء محض لان متعلق الشك حال الان الثاني و هو شك ابتدائي و متعلق اليقين حال الان الاول و هو في ذاته غير منتقض بهذا الشك و لايحتاج الي التكليف و هو امر طبيعي و انما التكليف يقع علي الوضع الشرعي و ليس من وضع الشرع لاتنقض يقينك بوجود زيد بشكك في وجود عمرو فتحكم به بوجود عمرو و هذان الحالان كزيد و عمرو في التباين فكيف يقع التكليف باجراء اليقين في احد المتباينين في الاخر فليس المقصود من الاخبار الخاصة و المطلقة الاستصحاب في الشك في المقتضي فان الشك في المقتضي يرجع في الواقع الي الشك في وضع الواضع و يرجع الي الشك في حكم الله فان كان الان الثاني و الحال الثاني عين الاول فلمتشك فيه و ان كان غيره فكيف جاز لك انتحكم في شيء بحكم لميحكم الله فيه به و قدعرفت انه ليس المراد بالخبر لاتنقض يقينك بوجود زيد بشكك في وجود عمرو و اجر حكم وجود زيد في وجود عمرو مثلاً فهذه الاخبار واردة في التكليف لا في الطبيعة ففي الطبيعيات اليقين ينتقض بالشك الوارد علي متعلقه كما اذا كنت علي يقين بوجود زيد فاذا جاء الشك في وجود زيد زال اليقين قهراً و لايعقل تكليف العبد بعدم نقض يقينه بعروض الشك فانه قهري لايستطيع التخلف عنه و هو مما قضي الله علي عبده فالتكليف بعدم الاعتقاد بزوال اثر ذلك الامر المتيقن به بسبب ما عرض من الشك فهو راجع الي الشك في المانع و بالاعتقاد ببقاء اثر ذلك المتيقن به و هذا التكليف ممكن لان الشرع امر وضعي تابع لوضع الواضع فاذا كان متيقناً انه علي وضوء ثم شك في انه هل علي وضوء ام لا زال يقينه الطبيعي بلا شك و لميكلف بعدم زوال يقينه فانه مقضيعليه و انما كلف انيعتقد ان اثر الوضوء و هو الطهارة الشرعية و اباحة دخول الصلوة باق في هذه الحال ايضاً يعني يعتقد ان الذي اباح الدخول في الحال الاول اباح الدخول في الحال الثاني ايضاً و هذا ممكن و هذا معني الخبر بلاشك و كذلك اذا كان عدم شيء مقطوعاً في السابق و شككت في وجوده يجب انتعتقد ان اثر ذلك العدم شرعاً باق حال الشك و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۲ *»
لايكون المشكوك منشأ اثر شرعي.
بالجملة هذا في الموضوعات ظاهر و اما في نفس الحكم فان كان حكم الموضوعات معلوماً من الخارج و تشك في الموضوع و تشك في حكمه بتبعية الشك في الموضوع لك انتجري الاستصحاب في الحكم بتبعية الموضوع كما قدمنا و اما ان لميعلم حكم الموضوع و تريد انتستخرج بذلك حكمه فلايجوز ذلك ابداً و هو قياس محض محض كما سمعت و عرفت انشاءالله و لايدل عليه الاخبار لنصها علي عدم نقض اليقين بالشك و الشك غير الجهل و الحكم مجهول لانه توقيفي و الموضوع يحصل فيه الشك لانه تكليفي فليس معني الاخبار لاتنقض يقينك بحكم شيء تعلم حكمه في شيء لاتعلم حكمه اللهم الا انيكون تابعاً للموضوع فذلك جايز من عند الله كما سمعت.
قوله <طار> بحسب العربية غلط فانه مهموز و الصواب طارئ.
قوله <اذ المراد> الي اخر اراد انيذكر دليلاً للمانعين فقال انه يمكن الاستدلال لهم بان الاخبار منصرفة الي الشك في المانع لان المراد من اليقين ليس ظاهره فانه ينتقض اليقين اذا عرض الشك عليه بل المراد المتيقن بالفتح اي الشيء الذي تيقنته و ما في حكمه اي ما يترتب عليه ثم احتمل هنا ثمانية احتمالات و هي ان النقض اما واقعي و اما ظاهري يعني ان المتيقن الواقعي لاينقض او المتيقن الظاهري و علي اي حال اما يكون لا نفياً او نهياً و علي اي حال اما يكون المراد من الشك معناه الظاهر او المشكوك فيه اما الواقعيات الاربع فلايمكن انتراد لان النفي كذب و النهي تكليف بما لايطاق و اما الظاهريات الاربع فان اريد المشكوك فيه من الشك فهو صحيح ولكن عدم نقضه للمتيقن يتصور اذا كان الشك في ناقضية المشكوك فيه لان النقض يتصور فيما كان له استمرار كالحائط و شك في ان الزلزلة هل هدمته ام لا و اما في ذات الحائط فلا نقض و ان اريد من الشك نفس الشك فذلك مناف لسؤال السائل فانه سأل ان الخفقة و الخفقتين هل تنقضان الوضوء ام لا و الشك من حيث نفسه من غير متعلقه ليس بناقض ثم اعترض علي ذلك بان النقض يصدق في الشك في المقتضي ايضاً عرفاً ولكن تأمل المصنف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۳ *»
في هذا الجواب لمنع الصدق و منع الانصراف ولكن اختار المصنف الجواب بان الاخبار يتبادر منها حجية الاستصحاب مع ان من النصوص ليس ينبغي لك و هذا عادة القوم ينشطون عند اقوال العامة العمياء و يحكونها برمتها و يكسلون عن ذكر الخبر و مراده من ليس ينبغي لك ما مر من حديث زرارة قال قلت له اصاب ثوبي دم رعاف او غيره او شيء من مني الي ان قال فان ظننت انه قداصابه و لماتيقن ذلك فنظرت فلمار شيئاً ثم صليت فرأيت فيه قال تغسله و لاتعيد الصلوة قلت له لم ذلك قال لانك كنت علي يقين من طهارتك ثم شككت و ليس ينبغي لك انتنقض اليقين بالشك ابداً الي ان قال و ان لمتشك ثم رأيته رطباً قطعت الصلوة و غسلته و بنيت علي الصلوة لانك لاتدري لعله شيء وقع عليك فليس ينبغي لك انتنقض اليقين بالشك فهذا الخبر لايجري عليه ما ذكر المانع فانه7 اسند النقض الي المكلف نفسه لا الي الشك فيجري عليه ما مر مضافاً الي ان دليل الاستصحاب ليس منحصراً بالاخبار و انما اقام عليه ادلة قدسمعت انه ما بها اعتبار و قدسمعت الذي عندنا اذا شك في المقتضي يعني ان كان ماء متغير بالنجاسة مثلاً فضربه الرياح و زال تغيره فشككت في ان المقتضي للنجاسة هل هو التغير المستمر ام نفس حصوله فالذي يمنع من الاستصحاب في المقتضي لابد و انيقول انه طاهر و الذي يقول بحجيته يقول بنجاسته و الذي عندنا انا ننظر في سبب هذا الشك فان كان من الوساوس فلانعتني بها و ان كان الشك من تعارض الاخبار فالامر بالسعة و لاشك و ان كان الشك من دلالة الخبر فان كان متشابهاً يرد الي المحكم و الا فالماء كان نجساً قطعاً و النجاسة و الطهارة امران توقيفيان وضعيان بوضع الشارع و لا مطهر الا ما جعله الشارع مطهراً و لميصل الينا ان زوال التغير بنفسه مطهر للماء و لميقع بهذا الزوال تحت مطلق او عام اخر و لك علي طريقة القوم انتجعل هذا المثال من باب الشك في المانع فانك شككت في ان زوال التغير هل يمنع من النجاسة ام لا و هو اولي من جعله من باب الشك في المقتضي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۴ *»
فلانقول ان هذه الحالة طهرته فهو نجس شرعاً في الحكم الظاهر الي انيرد عليه مطهر قطعي فيجري عليه الاستصحاب و لانحتاج الي هذه الليات المدهشة الباهتة للذهن.
و اما اذا كان الرجل حاضراً اول الوقت ثم سافر قبل انيصلي او بالعكس فانه كان اول الوقت علي يقين من وجوب الاتمام عليه فلما سافر شك ان المقتضي للاتمام هل هو الحضر المستمر الي حال الصلوة او محض حصول الحضر اول الوقت فمنهم من استصحب حال دخول الوقت فحكم بالتمام و منهم من اعتبر حال الاداء فلميجر الاستصحاب و الحق هنا ان المسافر له حكم معين علي الاطلاق و الحاضر له حكم معين علي الاطلاق و هذا الرجل زال حضريته قطعاً و هو من افراد المسافر و يشمله حكم المسافر و ليس بحاضر فلايشمله حكم الحاضر و هو مكلف باداء الصلوة و لميفته الصلوة فيصلي صلوة المسافر اذ من شروط الاستصحاب ان لايقع الحال الثاني تحت مطلق او عام يخالف حكمه حكم الحال السابق و لذا روي انه قيل لابيعبدالله7 يدخل عليّ وقت الصلوة و انا في السفر فلااصلي حتي ادخل اهلي فقال صل و اتم الصلوة قيل فدخل عليّ وقت الصلوة و انا في اهلي اريد السفر فلااصلي حتي اخرج فقال فصل فقصر فان لمتفعل فقدخالفت والله رسول الله و في حديث اخر قيل له الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس فقال اذا خرجت فصل ركعتين انتهي و اما اذا فاتته الصلوة فالمعروف ان العبرة بحال الفوات لاطلاق النص و لانه في اخر الوقت لو صلاها علي مقتضي اول الوقت لميجزه فالمستقر في ذمته مقتضي اخر الوقت فاذا فاتت عليه قضاء ما استقر في ذمته و لايبعد انيقال انه قدقصر في اداء الصلوة في كل جزء من الوقت فاذا فاته الاداء في الوقت فاته الاداء في كل جزء فاذا قضي له انيقضي حال كل جزء و لعل حال افضل جزء و هو اول الوقت اولي كما ورد النص الخاص بانه يقضي علي حسب اول الوقت بالجملة لسنا بصدد بيان ذلك.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۵ *»
قال: اصل الشك في المانع علي اقسام اما شك في حدوث المانع المعلوم المانعية او مشكوكها او شك في مانعية الشيء الحادث لاجل الشك في الحكم الشرعي او في الموضوع المستنبط او الصرف ثم مع تعدد المشكوك فيه في الشك الحادث اما لايعلم بمانعية احد الامور المتعددة و لو اجمالاً او يعلم اجمالاً بناقضية احدها سواءاً حدث الكل في دفعة واحدة اي من غير تخلل عبادة ام علي وجه التعاقب و المحقق السبزواري انكر حجية الاستصحاب اذا كان الشك في الحادث باقسامه و وافقه الخونساري فيما اذا كان الشك في الحادث باقسامه مسبباً عن الشبهة الحكمية لا الموضوع المستنبط و لعله لان المتبادر من الشك في النص الشك اللاحق لا السابق الذي كان حاصلاً قبل و من اليقين السابق و الظاهر من الشك فيه ايضاً هو الشك اللاحق الذي يوجب الشك في البقاء و هذا لايتصور الا في الشك في حدوث المانع و اما في الشك في المانعية فالشك الذي يكون جزء سبب للشك في البقاء مقدم علي اليقين بالحدوث و فيه ان مورد رواية الخفقة هو الشك في المانعية و ان هذا الوجه يقتضي الحجية اذا كان الشك في المانعية للشك في الموضوع الصرف فكيف يدعي السلب الكلي و ان ظاهر النصوص كون المراد من الشك الشك في البقاء لا الشك السببي حذراً من التفكيك و دلالة سياق بعضها مع ان دليل الاستصحاب غيرمنحصر في الاخبار ثم لو ادعي الخصم انصراف الاخبار الي الشك في الحدوث لانه مورد السؤال في بعضها او ادعي اختصاص النصوص بالموضوعات لا الاحكام و لا الاعم منهما بقرينة عدم اشتراط الفحص فيها و الشك في الموضوعات يختص بالشك في الحدوث فجوابه يظهر مما سبق كما يظهر احكام ساير اقسام الشك في الحادث بعد التأمل.
اقول: مراده من الشك في المانع الشك في الرافع للحكم اليقيني الاولي و هو في تحقيقاتهم علي اقسام الاول انيشك في حدوث المانع المعلوم المانعية كحدوث البول بعد الوضوء الثاني انيشك في حدوث المشكوك المانعية كأنيشك في حدوث المذي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۶ *»
مثلاً علي فرض كونه مشكوك الناقضية الثالث انيحدث شيء و يشك في انه مانع ام لا كأنيحدث مذي و يشك في انه ناقض للوضوء ام لا لانه شاك في حكم المذي الرابع انيحدث شيء و يشك في انه مانع ام لا لاجل الشك في الموضوع المستنبط كأن نذر علي وجه و شك في انه موجب عليه ام لا لانه شاك في انه هل كان علي وجه شرعي ام لا و كالخفقة الحادثة المشكوك كونها نوماً ناقضاً للوضوء الخامس انيكون كذلك للشك في الموضوع الصرف كأنيعلم انه لاقي ثوبه شيء رطب ولكن لايدري هل هو بول ام ماء.
قوله <ثم مع تعدد> الي اخر ما مر من التقسيم كان فيما اذا كان متعلق الشك واحداً و اما ان كان متعدداً كأن حدث له بعد الوضوء خفقة و خرج منه مذي و ودي و سال منه دم مثلاً فهو علي اقسام اما لايعلم ان احدها ناقض للوضوء او يعلم اجمالاً ان احدها ناقض قطعاً و لايعلم ايها هو سواءاً حدث الكل دفعة واحدة اي من غيرتخلل عبادة او مع تخلل عبادة.
قوله <و المحقق السبزواري> الي اخر هو انكر جميع اقسام الشك في الحادث فلميجر فيه الاستصحاب و الخونساري انكر جميع الاقسام اذا كان الشك من جهة الشك في الحكم.
قوله <و لعله لان المتبادر> الي اخر يعني ان الظاهر من الاخبار ما اذا كان الشك حدث بعد اليقين و الشك الحكمي يكون من السابق.
قوله <و فيه ان مورد رواية الخفقة> الي اخر يعني كيف ينفي الاستصحاب في الشك في المانعية و رواية الخفقة في الشك في المانعية و لو كان الوجه ما ذكر فهو يقتضي حجية الاستصحاب ان كان سبب الشك الموضوع الصرف فكيف يدعي السلب الكلي و الوجه الاخر ان ظاهر النصوص كون المراد من الشك الشك في بقاء ذلك اليقين و هو الشك المسببي حتي يطرد في جميع الاقسام لا الشك في السبب للبقاء فيستلزم اختلاف المواضع مع ان استدلال القوم بالاخبار لاجل التأيد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۷ *»
و التفنن و ان الاخبار ضعيفة ظنية و ادلته غيرمنحصرة بتلك الاخبار و باقي العبارة ظاهر.
و اعلم ان الشك الحكمي لايكون عندنا لما مر و الحكم المشكوك لايتم به الحجة فلايتم به تكليف لان حجة الله هي الحجة البالغة و يجب التوقف في الحكم المشكوك اعتقاداً و نحن لانقدر علي استنباطه بالقواعد و الاراء و المقائيس و في العمل سعة و اما الشك في الموضوع اما الموضوع المستنبط فان ثبت حقيقة شرعية فلا شك و ان لميثبت فالمرد العرف العام ان عرف و الا فهو من المتشابهات و لايتحقق به تكليف و اما الشك في الموضوع الصرف فممكن لانه من شأننا و الاخبار منها صريحة في ان الشك في حدوث معلوم المانعية كالشك في حدوث الحدث بعد الوضوء و ليس معني الاخبار استنباط حكم مشكوك المانعية بالقياس علي الحال السابق فاذا حدث شيء و شككتم في انه مانع ام لا فنقول نحن ان الشرع توقيفي فما بين الشارع انه مانع فهو و الا فهو مطلق ليس بمانع شيء و لانحتاج فيه الي استصحاب و لانحتاج الي شيء من ادلة القوم و لياتهم و تشكيكاتهم لايقال ان الشرع توقيفي و قداوقفونا باخبار الاستصحاب فانا نقول الاخبار ناصة في ان الشك لاينقض اليقين و قدعرفت ان الحكم مجهول لامشكوك و ان شك في موضع امرونا بالاحتياط في مثله.
قال: اصل اذا لميكن الشاك حين شكه مستيقناً بالمتيقن السابق بحيث يكون اٰن الشك ظرفاً لليقين و الشك معاً لميكن الاستصحاب حجة و ان كان حين الشك متيقناً باليقين السابق و كذا اذا علم بحكم او وصف في محل واحد في زمان سابق و كان له جهتان و كان ذلك الشيء من احدي الجهتين قطعي التحقق و من الاخري مشكوك التحقق فشك في بقاء ما ثبت سابقاً بعد القطع بارتفاعه من الجهة التي كانت مقطوعة كل ذلك لعدم مساعدة ادلة الاستصحاب مثل ذلك.
اقول: اعلم انهم اصطلحوا الشك الطارئ و الشك الساري نظراً الي ان الانسان ان كان يتيقن بالوضوء مثلاً و يشك في حدوث بول و هو حين الشك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۸ *»
في حدوث البول متيقن بالوضوء فهذا الشك في اصطلاحهم هو الشك الطارئ و يرجع الي الشك في بقاء الوضوء لا في نفس الوضوء و ان شك في انه هل توضأ ام لا و لكن يعلم انه كان سابقاً متيقناً بالوضوء ولكن الان شاك في انه توضأ ام لا و هذا في اصطلاحهم الشك الساري و كذلك اذا بني المجتهد علي نجاسة العصير لادلة ثم تزلزل في تلك الادلة و توقف في المسألة فالان شاك في المتيقن لا في اليقين فالذي يعتبر الاستصحاب هنا يقول انه بالاستصحاب يجب عليه انيفتي بالنجاسة فاذا عرفت ذلك فاعلم ان المصنف اختار الاستصحاب في الشك الطارئ لا الساري.
قوله <و كذا اذا علم> الي اخر يعني اذا علم المتيمم مثلاً بطهارته او جواز دخوله به في الصلوة في محل لميكن فيه ماء في زمان لمير ماءاً ثم وجد الماء و اعتقد تمكنه من الاستعمال ثم انكشف فساد اعتقاده هذا فالطهارة من احدي الجهتين قطعية لانه تيمم في زمان سائغ و من الاخري مشكوكه لانه لايدري هل انتقضت برؤية الماء و اعتقاده التمكن من استعماله ام لا فشك حينئذ في بقاء الطهارة بعد القطع بارتفاعه من تلك الجهة فهذا القسم ايضاً ليس بحجة لان الادلة لاتساعده و اما عندنا فهذا شك في مانعية الحادث و هو حكمي و لايجوز الاستصحاب في الحكم كما مر.
قال: اصل قداشتهر في الالسن عدم جواز التمسك بالاستصحاب اذا كان الشك في الحادث و قديتوهم التناقض بين قولهم بهذا و اختلافهم في بحث تعارض الاستصحابين علي اقوال و كيف كان فيمكن التفصيل في الشك في الحادث بان المتوجه الي المكلف ان كان اصلاً واحداًً كما في الثوبين اللذين كل منهما لشخص غير الاخر فالعمل بالاصل مطلقا و ان كان المرجح علي الخلاف او اصلين متوافقين نوعاً من حيث المستصحب فالعمل بالعلم الاجمالي و طرح الاصل سواءاً كانا موضوعيين ام حكميين ام مختلفين او اصلين متخالفين فالعمل بالاصل و العلم الاجمالي معاً فيرجع الي المرجحات و يؤخذ بالارجح و الا فالطرح
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱۹ *»
او التخيير و اما في الموضوع المستنبط فيظهر منهم طرح الاصلين و ان وجد مرجح لاحد الطرفين و المحصل ان المعيار طريقة ارباب العقول و انتظر لمزيد البيان في باب تعارض الاستصحابين.
اقول: مراده بالشك في الحادث ما اذا علم بتحقق امرين فصاعداً ثم علم ارتفاع بعض اجمالاً و شك في تعيين المرتفع كما اذا علم ان زيداً و عمراً في الدار ثم علمنا بخروج احدهما و شككنا في تعيينه و هذا الشك يمكن انيكون في الموضوع و يمكن انيكون في الحكم و يمكن انيكون وجودياً و يمكن انيكون عدمياً.
قوله <و قديتوهم> الي اخر لانهم يقولون هنا ان الاستصحاب لايجري في الشك في الحادث علي الاطلاق فلا عبرة به و في تعارض الاستصحابين يحكمون بالترجيح او الوقف و هو ايضاً علي الاطلاق فيجتمعان في موضع و يتعارض القولان فاراد المصنف انيرفع هذا التناقض فقال يمكن اننفصل الشك في الحادث بان المتوجه الي المكلف ان كان اصلاً واحداً كأنيكون ثوبان لرجلين و علما ان احد الثوبين قدتنجس فكل واحد له اجراء الاصل اي اصل الطهارة و ان ظن الخلاف او اصلين متوافقين كأنيكون الثوبان له و تنجس احدهما بلاتعيين فليس له اجراء الاصلين بل يعمل بالعلم الاجمالي من النجاسة او اصلين متخالفين كأنيكون له ثوبان و حوضان في احدهما ماء طاهر و في احدهما ماء نجس و وقع احد الثوبين في هذا و احدهما في هذا فلايعلم التعيين فالعمل بالاصل و العلم الاجمالي معاً فيرجع الي المرجحات و يؤخذ بالارجح ان كانت و الا فالتخيير او الطرح كذا قال و اما مقتضي الاخبار في الثوبين لهما اجراء الاصل و في الثوبين له يسعه اجراء الاصل في احدهما مع ترك الاخر اما لبسهما معاً في صلوة او علي التعاقب فلايجوز و كذلك في الثوبين و الحوضين يختار احدهما و يدع الاخر لان احدهما طاهر قطعاً و احدهما نجس قطعاً و لابسهما لابس النجس قطعاً و لا فرق في الاخبار بين الشبهة المحصورة و غيرالمحصورة و قد فرق من فرق بالقياس الاستقرائي و العقليات غيرالمعتبرة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۰ *»
قوله <و اما في الموضوع المستنبط> الي اخر فيظهر من العلماء طرح الاصلين كما اذا صليت خمس صلوات بخمس طهارات ثم علمت ان احدي الطهارات كانت فاسدة او سافر رجلان و علم موت احدهما فيطرحون الاصلين و ان وجد مرجح لاحد الطرفين و قدعلمت ان في مثل الصلوات هو الذي قد فاتته صلوة واحدة و لايدري ايها هو و قد امر الامام7 بصلوة ركعتين و ثلث و خمس و اما في مثل الرجلين فلايحكم بموت احدهما و مقتضاه و يجري الاصل في كل واحد و لا ارتباط بينهما كما في غيرالمحصورة و لايجري الاصلان علي شخص واحد ثم اختار المصنف ان مدار دين الله و احكامه الغيبية التوقيفية علي طريقة ارباب العقول فيجب اننعرف المذهب من اليهود و النصاري و المجوس و الدهرية و الكفار و المشركين لانهم عقلاء الدنيا.
قال: اصل الاستصحاب في الموضوع المستنبط حجة و ان لميكن عدمياً و لا منضماً اليه و ان لمنجد مثاله و ذلك لطريقة اهل العقول و في انصراف النصوص اليه تأمل لبعد ارتباطه بالاحكام بخلاف الصرف و هل حجيته فيه من باب الظن الخاص او المطلق او السببية المطلقة او المقيدة او التفصيل بين ما اذا تعلق الاستصحاب بالوضع كاصل عدم الوضع و النقل و الاشتراك او بالمراد كاصل عدم القرينة و التخصيص و التقييد او بنفس الموضوع كاصل عدم السقط وجوه نعم حجيته في الاحكام و الموضوعات من باب السببية المطلقة الي ان يجيء دليل معتبر علي الخلاف لدلالة النصوص فان المراد من الشك فيها مطلق الاحتمال بقرينة السياق بل هو معناه لغة مضافاً الي بناء العقلاء في الجملة.
اقول: قد علمت ان الموضوع المستنبط هي الفاظ الكتاب و السنة و قديحتاج في اثباته الي استصحاب اما الاستصحاب العدمي فكثير و معمول لا شك فيه كاصل عدم الوضع و عدم تعدده و عدم الاشتراك و عدم النقل و امثال ذلك من عدم القرينة و عدم الزيادة و النقيصة و عدم التحريف و المصنف مع فكره الحاد يقول لمنجد مثالاً للموضوع المستنبط و موضعاً كان فيه استصحاب وجودي غير
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۱ *»
منضم الي استصحاب عدمي اما مع الانضمام فكثير كأنتقول ان الماء في الوضع الاولي كان كذا و الاصل عدم نقله و امثال ذلك و لو وجد فالمصنف يقول ان الاستصحاب فيه حجة و قدعرفت عدم حجيته في الامور الواقعية الخارجية لانه ان كان من باب الوصف فلايفيد الظن في موضع الا انيكون سبب الظن امر خارجي اخر و ان كان من باب السببية فلااظن ان عاقلاً يقول اني بحكم شرعي مأمور اناقول ان مكة باقية علي حالها و ان جبل احد باق و امثال ذلك و لا فرق في شيء من الامور الخارجية.
قوله <و ذلك لطريقة اهل العقول> فاهل العقول انبياء مبعوثون الي المصنف و اضرابه و ان لميكونوا انبياءاً فهل امر نبي باتباع اليهود و النصاري و المجوس و الدهرية و المشركين في اجراء الاستصحاب فنجعله دليلاً يستخرج منه احكام دين الله.
قوله <و في انصراف النصوص اليه تأمل> كلام ينبغي انيكتب بالنور علي وجنات الحور فان لميكن الاخبار تنصرف اليه فلا دليل في الدنيا عليه فهو قول بلا دليل و وجه بُعد الانصراف انك بالاستصحاب تثبت اللغة ثم تعلق الاحكام باللغات و اما الموضوع الصرف فهو يتعلق به الاحكام اولاً.
قوله <و هل حجيته فيه من باب الظن الخاص> لانه سبب شرعي مستنبط من الاخبار فمن يعمل بالظن الخاص يجب انيعمل به و لايعمل به العامل بالعلم.
قوله <او المطلق> فلايعمل الاولان <او السببية المطلقة> و انلميفد وصفاً فلو عارضه ظن ضعيف عمل بالاستصحاب <او المقيدة> بعدم ظن معارض فلايعمل به اذا عارضه ظن.
قوله <او التفصيل> الي اخر فاعلم ان الاستصحاب في الموضوع المستنبط قديثبتون به الوضع كما تقول الاصل عدم الوضع و عدم النقل و عدم الاشتراك و قديثبتون به المراد كمايقولون الاصل عدم القرينة و عدم التخصيص و التقييد و قديثبت به نفس الموضوع كاصل عدم التحريف و عدم الزيادة و عدم النقيصة و عدم النسخ و امثال ذلك ففي القسم الاول يعملون بالاستصحاب من باب السببية
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۲ *»
المطلقة لانه طريقة ارباب العقول و كذلك في القسم الثاني و الثالث فيعتبرونه من باب السبب المطلق و من باب الوصف بلحاظ.
قوله <نعم حجيته> الي اخر فعند المصنف ان الاستصحاب سبب من الاسباب يجب العمل به و ان لميورث الظن او عارضه ظن و ليس يترك العمل به بمحض الاحتمال الا انيجيء دليل معتبر علي الخلاف و ذلك لان الشك في الاخبار يراد به الاحتمال و لايعمل به مضافاً الي بناء العقلاء الذين ائمة المصنف في هذه الموارد.
قال: اصل قديتمسك في اثبات مهية العبادة المركبة باصالة الاطلاق او قاعدة البراءة عن الجزء المشكوك او اصالة عدم الوجوب او عدم الشرطية و الجزئية او عدم الدليل او استصحاب الصحة و محل الكلام هنا الاخير و الحق عدم جريانه فيها سواءاً كان المشكوك فيه بدوياً كالنية ام اثنائياً كالسورة كان الشك بدوياً ام اثنائياً مقصراً كان الشاك ام قاصراً اما للزوم الدور او العمل بالاصل قبل الفحص او فقد المستصحب اليقيني او لعدم الدليل علي الاعتبار فتأمل و كذا في اثبات مهيات مداليل الالفاظ كاصالة عدم ملاحظة الواضع الجزء المشكوك و ان ظهر من القمي ره خلافه و ذلك اما لكون الشك في الحادث او لعدم الدليل علي الاعتبار و كذا في اثبات حكم المركب لجزئه بعد فقده باستصحاب حكم نفس المركب عقلياً كان التركيب ام خارجياً اما الاول فلانتفاء الجنس بذهاب فصله فلا مستصحب و اما الثاني فلكون استصحابه عرضياً.
اقول: اعلم ان القوم في اثبات اجزاء المهيات كالصلوة اذا شك في السورة مثلاً هل هي من اجزاء الصلوة ام لا فمنهم من عمل باصالة الاطلاق و منهم من عمل بالبواقي و منهم من عمل بالجميع و منهم من طرح الجميع و المصنف في الضوابط اختار طرح الجميع ولكن لي كلام هنا و هو ان الالفاظ منها ما كان يعلم تأويله قبل تنزيله كالماء و النار و البيع و الشراء و امثالها و منها ما لميكن يعرف تأويله قبل تنزيله و الذي كان يعرف منها قبل التزيل غيرمقصود و المقصود كان يعرف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۳ *»
مع التنزيل و هي كالفاظ اصطلحها الشارع في معاني موضوعة وضعها علي وضع جديد و منها ما لايعرف تأويله الا بعد تنزيله و هي كالفاظ اخبروا بها عما سيأتي فاذا بين الشارع حكماً و علقه علي اسم كان يعرف تأويله قبل تنزيله فيبني فيه علي ما كان يعرف و ان ورد بعد زمان حديث اخر بقيد او شرط او جزء زايد علي ما كان يعرف فنحن نعمل في الخبرين بقاعدة المطلق و المقيد و لانقيد المطلق مطلقا بل نرجع الي المرجحات كما مر فان تساويا فالعمل علي الاطلاق و نثبت بذلك الاطلاق ما كنا نعرف من ذلك اللفظ و الزايد مكمل له و مندوباليه و ان كان الحكم معلقاً بلفظ تأويله مع تنزيله فمطلقة مجمل لانعرف منه شيئاً و العمل علي المبينات فما صح عن الحجج سلام الله عليهم في شرحه من غير معارض فهو و ما جاء متعارضاً نرجح و بعد العجز نخير و ان لميرد شيء فهو مجهول و لا شك و لاحاجة الي استصحاب الا اصل البراءة و اصل الاطلاق اي كل شيء مطلق حتي يرد نهي و لاتكليف الا بالبيان.
بالجملة قال المصنف محل الكلام هنا الاخير اي استصحاب الصحة فانكر جريانه في البدوي اي البدئي الذي هو في ابتداء العبادة كالنية و في الاثنائي كالسورة التي يتقدمها بعض الاجزاء كان الشك فيهما في ابتداء العمل او حدث في الاثناء سواءاً قصر الشاك او كان قاصراً في الفهم او في المقارنات اما للزوم الدور كمازعم المصنف في صورة الشك في السورة في اول الصلوة فان الصحة قبلها موقوفة علي العلم بالوجه و العلم بالوجه موقوف علي استصحاب الصحة فالدور مضمر عندهم و اني لااعرف معني توقف العلم بالوجه علي استصحاب الصحة فالظاهر ان المصنف بنفسه ايضاً تردد بعد ما كتب لقوله او العمل بالاصل قبل الفحص مع انه يمكنه الاحتياط او لفقد المستصحب اليقيني و هو الصحة او لعدم الدليل علي الاعتبار لان بناء العقلاء في امثال هذه المقامات علي الاحتياط و الاخبار ايضاً لاتنصرف علي خلاف العقلاء.
قوله <و كذا في اثبات ماهيات> الي اخر يعني لايجوز فيه التمسك بالاستصحاب.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۴ *»
قوله <اما لكون الشك في الحادث> لان التفات الواضع الي شيء يقيني و انما الشك في الملتفت اليه فلايمكن اثباته بالاصل.
قوله <او لعدم الدليل> الي اخر لان بناء العقلاء ليس عليه و الاخبار لاتنصرف اليه.
قوله <و كذا في اثبات> الي اخر كما ان غسل اليد كان واجباً فقطع بعضها فتحكم بوجوب غسل الباقي استصحاباً او اذا امرت بصوم يوم الخميس فتقول اذا ذهب الخميس يجب الصوم استصحاباً اما الاول و هو المركب الخارجي فنقول ان الامر بالبعض تبعي للكل فاذا ذهب الكل المتبوع فلا تابع فلايجري فيه الاستصحاب هذا طريقه من باب العقل و ان كان حكمه فقهاً بخلاف ذلك ولكن الذي اقول انه لايجوز اجراء الاستصحاب في نفس الحكم و يجب الرجوع الي الشارع فاذا راجعناه وجدناه حكم بخلاف حكم المصنف لان الاخبار متضافرة في انه يغسل الموضع الذي قطع منه و علي دليل المصنف لو قطع خنصره بل انملة منها ايضاً لايجب غسلها بعد و كأنه خلاف الضرورة نعم لايجوز اجراء الاستصحاب في نفس احكام الله.
و اما مراده بالاستصحاب العرضي فاعلم انهم قسموه بالذاتي و العرضي اما الذاتي فهو ما كان سبب المنع فيه عدم وجود المقتضي كما منع المحدث من الدخول في الصلوة و العرضي ما كان المقتضي فيه موجوداً و حدث في الخارج مانع فالمقتضي يؤثر تأثيره و ان منع مانع من جهة اخري كما يقال ان وجدان الماء ليس بناقض للتيمم و انما امر بالوضوء عند وجدانه فان لميفعل ثم فقد الماء لميبطل تيممه و صح صلوته و هيهنا ايضاً مقطوع اليد منهي عن الصلوة بغير وضوء لا ان ترك غسل اليد مبطل لطهارته نعوذ بالله من هذه الخيالات المردية التي لميهلك من هلك الا بها و بامثالها.
و اما الثاني فهو مركبه العقلي و قال لايجوز فان هنا جنس و هو الصوم و فصل و هو الخميس فاذا ذهب الخميس ذهب الصوم فلميبق مستصحب حتي يستصحب ولكن اشتبه الامر علي المصنف فقال علي الاطلاق و هو صحيح اذا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۵ *»
كان يوم الخميس جزء المأمور به و لكن اذا كان المأمور به الصوم و انما ضرب الخميس تكميلاً له كما في الثلثة الايام في الشهر فاذا ذهب اليوم ذهب الكمال و لميذهب المأمور به فيستصحب كما امروا بقضاء الثلثة الايام و ان قلت ان القضاء بفرض جديد قلت انه لو كان كذا لكان اداءاً لا قضاءاً بل القضاء بالامر الاول و انما يحتاج الي بيان الشارع ان الامر كان متعلقاً باصل الفرض او به و بالوقت و قد مر.
قال: اصل اذا لميستلزم لازم الحادث حدوثاً غير حدوث الملزوم كالزوجية للاربعة لميجر الاستصحاب في ذلك اللازم و ان استلزم حدوثاً غير حدوث ملزومه بان لايكونا متحدي الوجود جري فيه الاستصحاب سواءاً كان اللزوم عقلياً ام عادياً ام شرعياً لبناء العقلاء و لان مرجع الشك حينئذ الي الشك في المانعية و قد مر جريانه فيه باقسامه فلو اصاب ثوبه مايع لايعلم انه ماء ام بول استصحب طهارة ثوبه و ان لميحكم بان المايع ماء بل الامر من تلك الجهة يدور مدار الاصول الفقاهية.
اقول: اراد انيحقق اجراء الاستصحاب في التوابع و اللوازم و قسمها علي اربعة اقسام ما لايلازم اللازم غير حدوث الملزوم كما ان الزوجية لازم الاربع و لايلازمها الا الاربعة و اما يلازمه غيره و هو علي ثلثة اقسام اما شرعي كأنيقع علي الثوب مايع مجهول فان كان المجهول بولاً فلازمه الشرعي رفع طهارة الثوب او عادي كما اذا وقع مجهول في سلعتك فان كان المجهول ناراً فلازمها العادي احتراق سلعتك او عقلي كما اذا ثبت تخيير بدليل ثم علمت اجمالاً بورود نص فان كان مدلوله واقعاً الوجوب او الحرمة لكان رافعاً للتخيير فنفي جريان الاستصحاب في القسم الاول و هو كأنتشك في ان في الدار اربعة او خمسة فان كان اربعة ففي الدار زوج و ان كان خمسة ففي الدار فرد فلايقال الاصل عدم زوج في الدار و هو بمنزلة الاصل عدم اربعة في الدار و هو راجع الي اجراء الاستصحاب في الحادث و قد مر انه لايجوز و اما الثلثة الباقية فيجري فيها لبناء العقلاء الذين هم الائمة للمصنف يقتدي بهم في كل مقام و لان المرجع الي الشك في المانعية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۶ *»
قوله <بل الامر> الي اخر يعني ما حكمنا في المايع ليس من جهة الاستصحاب هنا بل من جهة قول ابيعبدالله7 كل شيء نظيف حتي تعلم انه قذر فاذا علمت فقد قذر و ما لمتعلم فليس عليك و قوله كل شيء حلال حتي تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك.
قال: اصل مجري اصالة تأخر الحادث فيما قطع بحدوث حادث و شك في مبدء حدوثه و اما ما يتوهم من انه اذا ثبت للفظ معني في العرف العام و شك في اتحاده مع المعني اللغوي فاصالة عدم النقل معارضة باصالة تأخر المعني العرفي عن زمن اللغة فمدفوع بانه اذا علم للفظ معني في العرف العام فان علم انه كان له معني في اللغة ايضاً و شك في اتحادهما فاصل عدم النقل لا معارض له اذ النقل حينئذ يستلزم حوادث ثلثة الوضعان للمعنيين و هجر الاول و اما اصل عدم تقدم هذا المعني العرفي فمعارض باصل عدم تقدم معني اخر و ان علم انه كان له معني في اللغة غير هذا المعني العرفي لكن احتمل اشتراكه في اللغة بين المعني العرفي و ذلك المعني المهجور فاصل تأخر الحادث حينئذ سليم عن المعارض معتضد باصالة عدم الاشتراك في اللغة و اما النقل فمعلوم هنا لايمكن نفيه بالاصل و ان شككنا في ان هذا اللفظ هل كان في اللغة موضوعاً لمعني ام لا بل كان من الالفاظ المستحدثة لكن نعلم بان المعني كان موجوداً فيها و كان لفظ من الالفاظ موضوعاً بازائه اما هذا اللفظ او غيره حكمنا باتحاد اللغة و العرف لاصالة عدم تعدد الوضع و اصل تأخر الحادث معارض بمثله و ان شككنا في وجود اللفظ و المعني في اللغة فاصل تأخر الحادث سليم عن المعارض ثم اصل تأخر الحادث باعتبار نفس الحادث اما وجودي او عدمي ثم زمان الشك و المشكوك فيه اما متحد او مختلف بتقدم زمان احدهما ثم المستصحب اما حكم فرعي او اصلي او موضوع صرف او موضوع مستنبط و الحق جريان اصل تأخر الحادث فيما اذا اتحد زمان الشك و المشكوك فيه او تأخر زمان المشكوك فيه عن زمان الشك من غير فرق بين الاقسام المذكورة و بين كون المراد من اصل تأخر الحادث استصحاب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۷ *»
الحالة السابقة ام عدم عروض القادح و ذلك للاخبار و بناء العقلاء و لان كل من قال بحجية الاستصحاب قال بذلك و لانه لولاه لزم عدم حجية الاستصحاب في الشك في عروض القادح لا اذا تأخر زمان الشك عن زمان المشكوك فيه و هذا القسم هو مرادهم من اصالة تأخر الحادث فالحق حينئذ عدم اعتبار اصل تأخر الحادث و لا الاستصحاب المعكوس الذي هو ضده لعدم الدليل فتأمل.
اقول: اعلم ان اصل تأخر الحادث مما لاشك فيه و لاريب يعتريه فان الاثار الشرعية اثار نفسانية علمية لا اثار طبيعية فان كان المؤثر معلوم الوجود كان له اثر و الا فلا اثر له كما قال اميرالمؤمنين7 ماابالي أبول اصابني ام ماء اذا لماعلم و قال7 في حديث السفرة هم في سعة حتي يعلموا و قال ابوعبدالله7 كل شيء نظيف حتي تعلم انه قذر فاذا علمت فقد قذر و مالمتعلم فليس عليك فمادام الشيء مشكوك الوجود لايكون منشأ اثر شرعي فاذا علم وجوده حصل له اثر شرعي نفساني فالشيء القطعي العدم ليس منشأ اثر شرعي الي انيقطع بوجوده فاذا رأيت اليوم شيئاً و لمتعلم مبدأ وجوده فتجعل مبدأ علمك مبدأ وجوده الشرعي العلمي المؤثر كما قال ابوجعفر7 في حديث قيل له ان رأيته في ثوبي و انا في الصلوة قال تنقض الصلوة و تعيد اذا شككت في موضع منه ثم رأيته و ان لمتشك ثم رأيته رطباً قطعت و غسلته ثم بنيت علي الصلوة لانك لاتدري لعله شيء وقع عليك فليس ينبغي انتنقض اليقين ابداً بالشك و كذلك قال ابوعبدالله7 في فارة رأيت في اناء وان كان انما رءاها بعد ما فرغ من ذلك و فعله اي التطهير فلايمس من الماء شيئاً و ليس عليه شيء لانه لايعلم متي سقطت فيه ثم قال لعله انيكون انما سقطت فيه تلك الساعة التي رءاها الخبر و هذا هو لاجل تأخر الحادث و هذا الاصل انما هو اصل شرعي و يفيد لنا علماً شرعياً و لايفيد في الواقعيات الخارجية علماً و لا ظناً و انما مبدأ الحادث في حيز الشك حتي تعلم زمانه.
قوله <و اما ما يتوهم> الي اخر يعني توهم بعضهم انه اذا تحقق للفظ معني
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۸ *»
في العرف العام فهيهنا اصلان اصل تأخر المعني العرفي فانه حادث و اصل عدم النقل يعني لميتحقق نقل فهذا المعني هو المعني اللغوي فاجاب المصنف بان هذا التوهم مدفوع بان هيهنا صورتين فمرة نعلم انه كان في اللغة له معني و انما الشك في اتحادهما فاصل عدم النقل سليم عن المعارض لان النقل يستلزم حوادث ثلثة الوضع اللغوي و الوضع العرفي و هجر الاول فالاصل عدمه و ان قيل ان الاصل عدم تقدم هذا المعني العرفي فنقول ان اصلكم معارض باصل عدم تقدم معني اخر و انا اقول ان هذه الاصول لاتجري في الامور الواقعية فانها لاتحدث علماً و لا ظناً و لميأمرنا الشارع باجراء هذه الاصول في الامور الواقعية كما عرفت مفصلاً و ثانياً ان للقوم ديدناً عجيباً و غفل عن قبحه الاكثرون و هو انهم يحسبون الادلة كابطال في الميدان اذا اشتغل بطل ببطل فهما يتصارعان و يتكافئان و لا فرصة لهما للاشتغال بالغير و يقولون الشيئان اذا تعارضا تساقطا ثم يتوجهون الي ثالث ان كان و يعملون به و انا لااعرف هذا المعني في حكمة و لا شرع و في اصول و فروع فان الدليل هو ما يؤثر في النفس اثراً فان كان منفرداً و تاماً يؤثر تأثيراً تاماً منفرداً و هو اليقين و ان قام بازائه دليل اخر مثله حدث من اثريهما الشك في النفس و التردد لا انهما يتساقطان فلا تأثير لهما فان جاء دليل ثالث يقوي احد الطرفين يحدث الظن ان كانا اقوي من ذلك الدليل الاخر و يغلبان ذلك الدليل الاخر فيسقط هو عند من يعمل بالظن و لايسقط عند من يعمل بالعلم و يمنع عن العلم و يحدث الشك و ان كان من طرف الف دليل و من طرف اخر دليل واحد غاية الامر انه يُحدث الظن اللهم الا انيبطل ذلك الواحد و يظهر فساده و يسقط عن درجة الاعتبار و اري القوم اذا ادعي من طرف دليل و من طرف اخر دليل اخر مثله يقولون هو معارض بمثله و ساقط ثم يطلبون ثالثاً و اري المحمد: وضعوا اسباب ترجيح عند تعارض الحديثين فان جاء مرجح فهو و الا امرونا بالتخيير لا باسقاطهما و طلب ثالث كما يفعل بعض القوم عند تعارض الدليلين فيسقطهما و يعمل بالاصل نعوذ بالله بالجملة هذا اشتباه عظيم و لذا قال المصنف اصل تقدم المعني العرفي معارض باصل عدم تقدم معني اخر فلااعتبار لهما.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲۹ *»
قوله <و ان علم> الي اخر يعني اذا علمنا ان هذا اللفظ له معني لغوي قطعي و هو غير هذا المعني العرفي و يحتمل ان يكون اللفظ مشتركاً بين المعنيين فاصل تأخر الحادث سليم عن المعارض و يعضده عدم الاشتراك لانه يستلزم تعدد الاوضاع و الاصل عدمه و اما النقل فقطعي الحدوث.
قوله <و ان شككنا> الي اخر يعني ان لمنعلم لهذا اللفظ معني متحداً و مختلفاً مع المعني العرفي بل شككنا في ان له معني لغوياً ام لا بل كان مستحدثاً و نعلم ان هذا المعني كان في اللغة له لفظ و لانعلم هل هو هذا اللفظ ام غيره حكم المصنف بهذا الرمل و الفال بان العرف و اللغة واحد لان الاصل عدم تعدد الوضع و ان قيل ان الاصل تأخر هذا المعني العرفي قلنا انه معارض باصل عدم لفظ لهذا المعني غير هذا اللفظ و انا اقول ان الاصل القطعي تأخر حدوث هذه الخيالات في دين الله و لايجوز اجراؤها في دين الله و شر الامور محدثاتها و لايحصل من ذلك علم عادي و لا عقلي و لا ظن فيهما و لميأمر الشارع بذلك.
قوله <و ان شككنا في وجود اللفظ> الي اخر يعني ان شككنا في ان الواضع هل توجه الي هذا المعني ام لا و هل وضع له لفظاً ام لا فاصل تأخرالمعني العرفي سليم عن المعارض.
قوله <ثم اصل تأخر الحادث> يعني ان اصل تأخر الحادث يمكن انيكون عدمياً كأنتعلم بزوال النجاسة مساءاً و تشك في زوالها صباحاً فالاصل زوالها مساءاً و وجودياً كأنتعلم بوقوع النجاسة علي ثوبك مساءاً و تشك في وقوعها صباحاً.
قوله <ثم زمان الشك و المشكوك> الي اخر و ذلك كأنتعلم وجوب العشاء و تشك في انتهاء وقتها هل هي الثلث الاول من الليل ام نصف الليل ام الفجر فتقول وجوب العشاء اداءاً معلوم و نشك في ارتفاعها في الاوقات الثلثة فالاصل تأخر الارتفاع فهي ممتدة الي طلوع الفجر و من هذه الاحكام يهتز العرش و يمنع السماء رجعها و الارض صدعها و لايجوز استعمال هذه الادلة في نفس الاحكام ابداً ابداً و هذه هي الاراء التي منع منها الكتاب و السنة و هذا مثال اتحاد زمان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۰ *»
الشك و المشكوك و اما اختلافهما فكأنتشك في ارتفاعها قبل حلول وقتها او بعد حلول وقتها.
قوله <ثم المستصحب> الي اخر فقسمه الي الحكمي و الموضوعي و قسم الحكمي الي الاصلي و الفرعي و قسم الموضوعي الي الصرف و المستنبط.
قوله <ثم الحق> الي اخر فاختار المصنف ان هذا الاصل يجري في ما اذا اتحد زمانهما او تأخر المشكوك سواءاً كان وجودياً ام عدمياً و سواءاً كان حكمياً بقسميه او وضعياً بقسميه للاخبار و قدعرفت انها لاتجري في الاحكام و الامور الواقعية و لبناء العقلاء و قدعرفت ان العقلاء ليسوا بانبياء بل و لا اوصياء بل و لا جميعهم مؤمنين و لاحجة في بنائهم و لان كل من قال بحجية الاستصحاب قال بذلك و لا حجة في ادعاء علم الغيب و لا في توهم عدم القول بالفصل و الاجماع المركب و لانه لولاه لزم عدم حجية الاستصحاب في الشك في عروض القادح لان الشك في البقاء و الارتفاع مسبب عن الشك في عروض القادح.
قوله <لا اذا تأخر زمان الشك عن زمان المشكوك فيه> الي اخر و ذلك كأنتشك في ارتفاع وجوب العشاء في الثلث الاول او النصف او الفجر بعد ما حصل القطع بالارتفاع و صار الفجر فبعد الفجر تشك ان الارتفاع القطعي المجمل هل كان في الوقت الاول او الثاني او الثالث فهيهنا يقول بعضهم الاصل تأخر الحادث فقدارتفع عند الفجر و المصنف انكر ذلك و قال لايجري فيه اصل تأخر الحادث فيحكم بارتفاعها عند الفجر و لا الاستصحاب المعكوس فيحكم بارتفاعها في الوقت الاول اما الاستصحاب المعكوس فلانه لا دليل عليه اما الكتاب فغير ناطق به و اما الاجماع فغيرمحقق و اما العقل فغيردال و اما الاخبار فكذلك و اما بناء العقلاء و ان كان علي القهقري لكن يحتمل انهم لايعملون بالاستصحاب و انما يعملون بتشابه الازمان و اما اصل تأخر الحادث فان الاخبار غيرمنصرفة اليه و بناء العقلاء غيرمعلوم و ما تري من عملهم بذلك في الموضوع الصرف فلعله من باب اصل البراءة و ما للعقلاء و هذه الاصول و هم يمشون علي فطرتهم او مسامحاتهم في دنياهم و والله العظيم كل ذلك خيالات و وهميات لايجوز اجراؤها في دين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۱ *»
الله و ابتناء احكام الله التوقيفية الموقوفة علي السمع و النطق عليه و قدعرفت الاخبار و صحيح الاعتبار في ذلك و الله الموفق للصواب.
قال: اصل لا فرق في حجية الاستصحاب بين الاحكام الواقعية و الظاهرية فلوثبت نجاسة شيء بالبينة الشرعية ثم شك في ارتفاعها استصحب بقاؤها للاجماع المركب و دلالة النصوص بعموم حذف المتعلق و طريقة اهل العقول و كذا الظن الشرعي ناقض لليقين اما من باب التخصص او التخصيص.
اقول: مراده بالاحكام الواقعية مثل ما اذا رأيت انه اصاب الثوب بول و بالاحكام الظاهرية ما اذا ثبت بالعدلين انه اصابه بول فزعم المصنف انه يجري الاستصحاب فيهما معاً اما الواقعي فلا شك فيه لان مدلول الاخبار ان كان حجيته او اعم فهو و ان كان الاحكام الظاهرية فالواقعية بالطريق الاولي و اما الظاهري فيجري فيه ايضاً للاجماع المركب و دلالة النصوص لان اليقين في الاخبار محذوف المتعلق و حذف المتعلق يفيد العموم مع انه يفيد الاجمال و هو من المتشابهات و لطريقة اهل العقول و قدعرفت انهم ليسوا جميعهم بائمتنا.
قوله <و كذا الظن الشرعي> اي الظن الذي اجاز الشارع العمل به كمن ظن ابتلال جسده جميعاً في الغسل عند من يكتفي به فينقض بهذا اليقين يقين الجنابة اما من باب التخصص اذا كان المراد من الشك في الروايات ما هو اعم من الواقعي و الظاهري او التخصيص اذا كان المراد من الشك الواقعي فوجهان.
قال: اصل في جواز اجراء الاستصحاب في الامور التدريجية بحسب الواقع و الدفعية في نظر العرف كالاكل و التكلم و القاء الدلاء علي الماء القليل في مجلس واحد عرفاً و في التعليقيات و فيما يتمسك فيه باصل الشغل كما لو شك في وجوب السورة في الصلوة و هو لميشرع فيها بعد وجهان و اذا احطت خبراً بتضاعيف ما ذكر قدرت علي استخراج الدليل.
اقول: اعلم ان المراد من الامور التدريجية ما يحدث شيئاً بعد شيء كالسفر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۲ *»
فانه خطوة بعد خطوة و الاكل فانه لقمة بعد لقمة و الامور الدفعية كالتي تحدث دفعة واحدة كالقيام و القعود و الدخول و الخروج و امثال ذلك فقال في الضوابط لاريب في حجية الاستصحاب في الامور التدريجية بحسب العرف و العادة و اما في الامور التدريجية بحسب الواقع و الدفعية في نظر العرف كالاكل و التكلم مثلاً و كأنيكون ماء قليل و تصب فيه الماء دلواً بعد دلو في مجلس واحد.
قوله <و في التعليقيات> كالاحكام الوضعية فانها معلقة بالاعيان الخارجية فالكلب نجس لو وجد و الصلوة صحيحة لو صليت و هكذا فهل يجري في ذلك استصحاب الحالة السابقة كما اذا شك في ناقضية الالتفات اليسير للصلوة فيقول كانت الصلوة قبله صحيحة و كذلك بعد ام لا.
قوله <و فيما يتمسك فيها باصل الشغل> الي اخر و ذلك انك تقول ان الاشتغال القطعي يقتضي البراءة اليقينية كأنتشك قبل الصلوة في وجوب السورة و استحبابها فتقول ان اصل الاشتغال يقتضي الاتيان بها ليحصل البراءة اليقينية فهل يجري الاستصحاب ايضاً تكثيراً للدليل ام لا بان تقول الامر بالصلوة كان واقعاً قطعاً و لايرتفع الا باليقين و قديتعارض الاشتغال مع الاستصحاب كما لو شككنا في زوال النجاسة بالماء المشكوك الطهارة مع كوننا قاطعين بالطهارة فهل يجوز الوضوء بهذا الماء ام لا فاصل الاشتغال يقتضي عدم التطهير بهذا الماء و استصحاب الطهارة يقتضي الجواز فالمصنف يقول في هذه الثلثة وجهان و من تتبع في نحو الادلة الماضية قدر علي استخراج الدليل و اختار في الضوابط في مثل الماء القليل الذي مثلنا و ساير الامور التدريجية في العدمي عدم جواز العمل بالاستصحاب لان بناء العقلاء هنا علي الطهارة و الاخبار ايضاً منصرفة اليها فلايجري استصحاب عدم الكرية و اما في الامر الوجودي كالكر المأخوذ منه الماء شيئاً بعد شيء فيعمل فيه بالاصل لبناء العقلاء.
و الذي اعلم انا في هذا المقام ان كل شيء غير غيره و موجود بوجوده حادث بحدوثه فكل جزء من الامور التدريجية شيء برأسه غاية الامر يجمعها اسم واحد و جميع المتعددات النوعية في العالم يجمعها اسم واحد و لاتأثير في انيسمي في العرف باسم واحد فاذا شككت في انه اكل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۳ *»
في مجلس واحد مائة لقمة او تسعاً و تسعين لقمة يحكم بعدم الزايد فانه حادث و عدمه كان مقطوعاً و وجوده مشكوك و كون الاكل مقطوعاً به غيرضاير و غير مثبت للقمة الاخيرة و كذلك في التكلم و اما لو كان كر و رفعت منه اناءاً بعد اناء فعند الشك يحكم ببقاء الكرية و عدم اتيان القلة كما اجري الامام7 في الشهر دخولاً و خروجاً و سمعت و كذلك الماء القليل الذي صب فيه شيء بعد شيء يجري فيه حكم القلة فانه اليقين و لميأت الكر المعلوم المحكوم بعدم الانفعال و هو بمنزلة ورود يوم بعد يوم علي ما مضي من الشهر و نحن لانعرف هذه التشكيكات لما قدمنا ان مدار الشرع علي النفسانيات و العلميات لا الواقعيات و المشكوك غيرمؤثر شرعاً حتي يتيقن به و الامور التدريجية و ان سميت عرفاً باسم واحد الا انها اجزاء متمايزة لكل واحد وجود خاص و حدوث خاص.
و اما التعليقيات فاختار في الضوابط جريان الاستصحاب فيها لبناء العقلاء الذين هم ائمته في دين الله و لانصراف الاخبار الي بناء العقلاء كما اذا شك في جواز تقليد الميت يقول تقليده حياً صحيح فيستصحب و اذا شك في صحة البيع وقت النداء فيقول البيع قبله كان صحيحاً فكذلك عنده و بعده مع انه ليس شيء موجود في الخارج فيستصحب و قدعرفت صراحة الاخبار في كون شيء موجود في الخارج و المطلقات ايضاً ظاهرة في الموضوعات الخارجية كما عرفت و لايجوز اجراؤها في الاحكام و هيهنا يثبت به حكم المشكوك عندهم مجهول عندنا بالاستصحاب و لايجوز و اما ما يتمسك فيه باصل الشغل فلابأس به في صورة تكثير الدليل اذا كان المطلب ثابتاً بوجه اخر و اما في صورة التعارض علي زعمهم فلاتعارض عندنا لانا مأمورون بصلوة نعلمها صحيحة و نحن نعلم ان ما اخبرنا به الشارع هو الصحيح و لانبالي بالواقع و هذا الماء مما حكم الشارع بطهارته فيجوز التطهير به للصلوة و الدخول بها في الصلوة.
قال: اصل في بيان مجاري الاستصحاب بالنسبة الي الدليل الدال علي المستصحب فاعلم ان الدليل علي الحكم ان كان مقيداً بوصف يوجب ارتفاعه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۴ *»
ارتفاع الحكم كأنيقول الماء المتغير بالنجاسة متنجس مادام متغيراً فهذه بمفهومه ينفي الانفعال بعد زوال الوصف فلااستصحاب و كذا اذا قال الماء المتغير متنجس لا لدلالة مفهوم الوصف لانه ليس حجة علي الاصح بل لانتفاء الموضوع بزوال التغير فلااستصحاب من حيث مدلول اللفظ و اما من حيث اللب فسيأتي في المسألة الاتية و ان كان دالاً علي ثبوت الحكم للموضوع المجرد عن القيود و الاوصاف كأنيقول الماء اذا تغير تنجس فان كان هذا الكلام بحسب العرف متواطئاً بالاضافة الي حالة زوال التغير و هو المسمي بالمؤبدة كفانا الاطلاق فلا استصحاب او مشككاً مبين العدم فمرجعه الي القسم الثاني او مشككاً اجمالياً و هو المسمي بالمطلقة جري فيه الاستصحاب سواءاً كان الشك في المقتضي او المانع و ان كان الدليل مردداً بين المطلقة و غيرها من الاقسام او بين المؤبدة و الاولين فالحق جريان الاستصحاب لاطلاق النصوص و بناء العقلاء و تنقيح المناط و هو حصول الظن بالبقاء و فقد الفارق بين هذين و المطلقة التي هي المهملة حقيقة و من هنا ظهر بطلان استصحاب دين موسي او عيسي الي ان يثبت حقية الاسلام بكون الامر فيه مردداً بين المطلقة و غيرها و ان الاستصحاب لايجري حينئذ و قداوردنا علي هذا الجواب في ضوابطنا ايرادات خمسة و الصواب في الجواب عن هذا الاستصحاب رده بالادلة الواردة من المعجزات لا بمنع الجريان مع انه لايرد علي من ينكر حجية الاستصحاب رأساً و لا علي من يقول بحجيته للنصوص حتي الزاماً و لا علي من يقول بحجيته لتراكم النصوص و غيرها.
اقول: قوله <فاعلم ان الدليل> الي اخر هذا حق لا شك فيه لانه بمنزلة النص علي الحالة السابقة و عليه يدل ايضاً بالمفهوم و هو حجة فلا استصحاب فان من شروطه عدم النص علي الحالة الثانية.
قوله <و كذا اذا قال الماء المتغير نجس> الي اخر و هذا ايضاً حق لا شك فيه و عليه يدل حديث احتجاج الرسول9 علي المشركين و قد مر.
قوله <و ان كان دالاً علي ثبوت الحكم> الي اخر يعني اذا كان متعلق الحكم المهية غير المقيدة بقيد او وصف فهو متواطئ بالنسبة الي حال التغير و حال زواله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۵ *»
و هذا يسمي عند الاصوليين بالمطلقة و عند المنطقيين بالمؤبدة و الدائمة فان كان كذلك فلا استصحاب فان ذلك المطلق شامل للحال الثاني باطلاقه.
قوله <او مشككاً مبين العدم> الي اخر و هذا علي اصطلاحه فمرجعه الي القسم الثاني يعني لااستصحاب فيه لانه تبين ان الحالة الثانية ليست من افراده و تغير الموضوع كلية فلااستصحاب من حيث مدلول اللفظ.
و اما المشكك المضر الاجمالي و هو المسمي بالمطلقة و سماها في الضوابط بالمهملة و سمي الدائمة بالمطلقة و لعله الاصح فهيهنا اجري الاستصحاب و رضي به سواءاً كان الشك في المقتضي او المانع و قدعرفت عدم جواز اجراء الاستصحاب في الاحكام مطلقا و انما محله الموضوعات الصرف التي علم احكامها من جانب الشارع فما كان من ذلك في الموضوعات الصرف المعلومة احكامها يجري حكم الحال السابق ما لميأت حال لها حكم معلوم من الشارع مغاير لحكم الحال السابق الا انيكون مدلول اللفظ تخصيص الحكم بالحال السابق مع النفي عن الحال اللاحق او لا مع نفيه او شاملاً للحال اللاحق واما اذا شككت في الشمول و عدم الشمول و الموضوع باق فحكمه حكم الحال السابق و قدعرفت حال الشك في المقتضي و المانع.
قوله <و ان كان الدليل مردداً> الي اخر و لعل الحق مردداً بين المهملة و غيره فان المؤبدة علي ما صرح هي المطلقة عندهم بالجملة المراد انه ان صدر حكم بلفظ يحتمل فيه هذه الاحتمالات فالحق جريان الاستصحاب فيه لان الاخبار مطلقة عن كل شك و بناء العقلاء علي ذلك و لاادري اي عاقل غير الاصولي تنبه لهذه المسائل المتمجمجة المتثبجة حتي يقتدي بهم المصنف و لتنقيح المناط الذي لميأذن الشارع باتباعه في دين الله و جل الفساد الحادث في الدين من تنقيح المناط فانه لايصير قطعياً الا بتصريح من الشارع او قيام ضرورة من الشيعة و ماسواه ظني بالجملة يقول السبب في اجراء الاستصحاب عند من يجريه بقاء الظن و في هذه الصور ايضاً الظن باق و الحق ان مناط الحجية الاخبار سواءاً حصل الظن بموافقة الواقع ام لميحصل و وجه انه من باب السبب ان الشارع لميجعل لمشكوك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۶ *»
ابتدائي اثراً في الشرع وافق الواقع ام لميوافق.
قوله <و من هذا ظهر> الي اخر يعني ان نبوة عيسي او موسي مرددة بين المطلقة و غيرها يعني كونهما نبياً مسلم ولكن لانعلم هل هي ممتدة الي اخر الابد او منقطعة الي وقت معين و الكلي لايمكن استصحابه الا بما يمكن في اقل افراده من البقاء و سبك كلامه ظاهر في انه رأيه و قوله ولكن يظهرمما بعد انه علي حسب مختار الغير و الذي يختاره هو ما قال بعد و الصواب في الجواب عن هذا الاستصحاب رده بالادلة الواردة من المعجزات لمحمد9 و هو نقض يقين بيقين مع ان هذا الايراد اي اثبات نبوة عيسي بالاستصحاب لايرد علي من ينكر الاستصحاب و لا علي من يثبته بالنصوص لان الاخبار غيردالة علي هذا القسم و لا علي من يقول بحجيته لتراكم الادلة فان النصوص لاتدل فارتفع التراكم و الذي اري ان النصراني اراد اثبات نبوة عيسي يومنا هذا بالاجماع لا بالاستصحاب و ما كان يعرف المسكين الاستصحاب فبين الامام7 ان قول النصراني باطل من رأسه فان المسلمين لميقولوا بنبوة مستمرة لعيسي و القول به مخصوص بالنصاري و لاحجة فيه علي المسلمين و انما قالوا انه كان نبياً الي مبعث محمد9 و هو ابطل الاجماع و الاتفاق الذي زعم الرجل و لذلك لميحر جواباً و يقبح من عالم الشيعة ان لايري جواب امامه كافياً شافياً و يسعي في اصلاحه بزعمه فقوله7 انا مقر بنبوة عيسي و كتابه و ما بشر به امته و ما اقر به الحواريون و كافر بنبوة كل عيسي لميقر بنبوة محمد و كتابه و لميبشر به امته فالجواب هو الفقرة الاولي النافية للاجماع علي دوام نبوته فانا نقول انه نبي و بشر بانقطاع نبوته عند مبعث احمد9 واما الفقرة الثانية فهو كلام مستأنف و لا دخل لجواب الامام في مسألة الاستصحاب و انما اراد الرجل اثبات نبوة عيسي يومنا هذا بالاجماع فنفي الامام الاجماع فبهت الذي كفر و القوم ادخلوه في الاستصحاب ثم رأوا قول الامام7 غير كاف و ارادوا تتميمه بهذه الخيالات و الليات التي لايعرفها المسكين النصراني الا انيصير اصولياً كاملاً.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۷ *»
قال: اصل قالوا يشترط في الاستصحاب بقاء الموضوع و الظاهر ان مرادهم عدم العلم بانتفائه فلاينتقض باستصحاب حيوة زيد مثلاً و باستصحاب نجاسة الماء المتغير اذا شك في بقاء التغير مع فرض كون الموضوع هو الماء المتغير و الفرق بين المستصحب و موضع الاستصحاب ان الاول هو الشيء الذي علم به سابقاً و شك في بقائه و الثاني معروض ذلك الشيء و لو بالواسطة ثم الانتقال اصطلاحاً انتقال جسم الي جوف حيوان مع تبدل الاسم و القدر المعلوم منه ما اذا كان المنتقل منه و اليه ما يعين و في المختلفين وجهان دون الجامدين و الانقلاب اصطلاحاً تبدل جسم باخر من غير جهة الانتقال و هو كسابقه في الصور الاربع و الاستحالة اصطلاحاً تبدل مهية باخري سواء كان المنقلب منه او اليه مائعاً ام لا و بينها و بين الاول تباين كلي و بين الثاني عموم و خصوص مطلق و هم نازعوا في جريان الاستصحاب في الثلاثة علي اقوال ثالثها التفصيل بين النجس الذاتي و المتنجس بالعرض و نزاعهم صغروي لا كبروي و نظير هذه الثلاثة ما زال عنه الاسم دون الصورة النوعية كالحنطة المتنجسة اذا صارت دقيقاً و المقيدات بعد زوال قيودها و الموقتات بعد خروج اوقاتها و الحق في مقام تشخيص الكبريات فيما تبدلت فيه الصورة النوعية و الحقيقة الي اخري سواءاً بطريق الاستحالة او الانتقال او الانقلاب انه ان علم ان الموضوع هو الصورة النوعية او شك فيه فلااستصحاب للعلم بانتفاء الموضوع في الاول و كون الشك في الثاني شكاً في الحادث ان اريد استصحاب الموضوع و عرضياً ان اريد استصحاب الحكم او هو الاجزاء الجنسية جري الاستصحاب الا اذا علمنا بان الصورة النوعية علة لحدوث الحكم في الاجزاء الجنسية و لبقائه ايضاً من غير فرق فيما ذكر بين الذاتي و العرضي بعد رعاية ان المتبادر من قوله الملاقي للنجس متنجس بثبوت الحكم مادام بقاء الملاقي علي صورته النوعية فيكون الموضوع ايضاً هو الصورة النوعية او مشكوكاً و لو شك في بقاء الصورة النوعية و عدم بقائها كما في الخشب اذا صار فحماً جري فيه الاستصحاب و بعد ما عرفت ذلك عرفت احكام الاقسام الستة بعد رعاية ظواهر خطابات الشارع في مقام تميز الصغريات
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۸ *»
فكل موضع جري فيه الاستصحاب كان حجة و الا فلا ثم ان كان دليل اجتهادي عام يوجب اندراج الطبيعة الحادثة في افراد تلك الطبيعة من حيث الحكم عملنا به و الا فبالاصول الفقاهية ثم انهم قالوا ان الاحكام تدور مدار الاسماء اذا كان تبدل الاسم لتبدل المسمي كالكلب اذا صار ملحاً مثلاً مع ملاحظة اتحاد زمن الحضور و الغيبة من حيث التسمية علماً او اصلاً لا ان العرف اذا غير اسم الكلب و سماه ملحاً تغير الحكم.
اقول: فسر المصنف بقاء الموضوع بعدم العلم بالانتفاء مع انه اعترف في الضوابط ان ظاهر كلامهم العلم بالبقاء لانه رأي انه علي ظاهر كلامهم لايجري الاستصحاب في حيوة زيد الغايب فان الموضوع حينئذ نفس زيد و هو غيرمعلوم البقاء حين اجراء الاستصحاب و كذلك الماء المتغير فانهم بعد الشك في زوال التغير يحكمون بالنجاسة للاستصحاب و لايعلمون بقاء التغير فلاجل ذلك عبر المصنف بعدم العلم بالانتفاء.
قوله <و الفرق> الي اخر يعني ان العرض هو المستصحب و معروضه هو الموضوع كالعصير و الخمرية فاذا شك في زوال الخمرية يحكم بانه خمر بحكم الاستصحاب فالخمرية مستصحبة و العصير موضوع و هذا المعروض قديكون معروضاً بلا واسطة كبقاء زيد و حيوته و قديكون بواسطة كرطوبة الثوب و بقائها فبقاؤها مستصحب و الرطوبة موضوعة اولي و الثوب موضوع ثان.
قوله <ثم الانتقال> الي اخر انا لماتحقق هذه الاصطلاحات و لماطلع علي اصطلاح من جميعهم بالجملة رأي المصنف ان في الانتقال يحتاج الي منتقل منه و الي منتقل اليه فرأي انه يمكن انيكون الشيء في كل منهما مايعاً و جامداً و المصنف رأي القدر المعلوم منه انيكون فيهما مايعاً كعلق شرب دم انسان فالدم في بدنك مايع و اذا انتقل الي العلق يكون ايضاً مايعاً و اما الجامدان كما اذا اكل الدود عذرة فصارت في بطنه فضلة له و اما المختلفان فقال فيه وجهان و لميحقق الاصطلاح فيهما.
قوله <و الانقلاب> الي اخر و هذا ايضاً مما لااعرف فيه امراً معروفاً عند
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳۹ *»
الجميع ولكنه قال هو تبدل جسم باخر و هو كسابقه في الصور الاربع الا انه ليس علي وجه الانتقال بل علي وجه تغير صورة كانقلاب الخمر خلاً.
قوله <و الاستحالة> الي اخر فذكر انه تبدل مهية باخري مطلقا كاستحالة العذرة تراباً و الكلب ملحاً و استنباط النسب من فضل القوم و لا حاصل له.
قوله <و هم نازعوا> الي اخر يعني منهم من لميجوز الاستصحاب في الثلاثة مطلقا و منهم من جوز في الجميع و منهم من فصل بين النجس الذاتي فلايجري فيه الاستصحاب كالكلب اذا صار رماداً لان الموضوع قدانتفي و العرضي فالخشب المتنجس اذا صار رماداً فالموضوع هو هذا الجسم و هو باق لا الخشب الذاهب.
قوله <و نزاعهم صغروي لا كبروي> يعني نزاعهم في بقاء الموضوع و عدمه لا في اشتراط بقاء الموضوع و عدمه.
قوله <و نظير> الي اخر يعني يجري مجري ما ذكر ما زال عنه الاسم دون الصورة النوعية كالحنطة النجسة الصايرة طحيناً و المقيدات بعد زوال قيودها كالماء المتغير بالنجاسة اذا زال تغيره بالهواء مثلاً و الموقتات بعد خروج اوقاتها كصوم يوم الخميس.
قوله <و الحق> الي اخر يعني في مقام تشخيص الكبري يكون الحق انه اذا تبدل من شيء صورته النوعية و الحقيقية كاستحالة الحنطة رماداً فان علم ان الموضوع هو الصورة النوعية اي الحنطية و قدزالت او شك في ان الموضوع هو الصورة النوعية فلااستصحاب اما في الصورة الاولي فلزوال الموضوع و اما في الصورة الثانية فلان الشك في الحادث ان اريد استصحاب الموضوع لا الحكم و ان اريد استصحاب الحكم فهو من الاول مشكوك ففي مثل الكلب الواقع في الملاحة اذا تبدل صورة الكلب بالكلية و صار ملحاً و كانت الصورة النوعية الكلبية موضوعاً لحكم النجس فقد زال الموضوع و اذا تبدلت الصورة حتي شك في الزوال و لاندري هل موضوع النجاسة الكلبية او هذا الجسم المصور بهذه الصورة فان اردنا استصحاب الموضوع فيكون الشك في الحادث و لايجوز الاستصحاب و ان اردنا استصحاب الحكم فان كان المراد الحكم الاستقلالي للاجزاء الباقية فمن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۰ *»
الاول كان مشكوكاً و ان كان الحكم التبعي فهو مقطوع الارتفاع لارتفاع المتبوع.
قوله <او هو الاجزاء الجنسية> الي اخر يعني اذا علمنا ان موضوع النجاسة الاجزاء الجنسية يجري الاستصحاب فان الموضوع باق الا اذا علمنا بان الصورة النوعية المرتفعة علة لحدوث الحكم في الاجزاء الجنسية يعني ان حدوث الحكم يتوقف علي حدوث الصورة النوعية و بقاؤه يتوقف علي بقائه فحينئذ لااستصحاب من غير فرق فيما ذكر بين الذاتي اي استصحاب ذات الموضوع و العرضي اي استصحاب حكمها.
قوله <بعد رعاية ان المتبادر> الي اخر يعني ان المتبادر من قول الشارع الملاقي للنجس متنجس ثبوت الحكم مادام بقاء الملاقي علي صورته النوعية فهي الموضوعة للحكم و لو شك في بقائها كما في الخشب اذا صار فحماً جري فيه الاستصحاب فمجمل القول علي مذهب المصنف في الاستحالة انه لااستصحاب سواءاً كان الموضوع النوعية او الجنسية او مشكوك الحال لما مر و في الانقلاب ايضاً كذلك و اما الانتقال فان صار موجباً لتبدل الماهية كصيرورة النجس في بطن الغنم اذا اكل او شرب نجساً فهو كالاستحالة و ان لميصر كانتقال الدم الي العلقة فان كان الدليل متواطياً بالنسبة الي الحالين فالحكم ثابت فيهما بنفس الدليل فلااستصحاب و ان لميظهر الشمول فالاستصحاب جار و اما المقيدات بعد انتفاء القيد كقوله الماء المتغير نجس فيجري فيه الاستصحاب و اما الموقت كصوم يوم الخميس فلااستصحاب فيه للقطع بارتفاع الحكم و اما ما تبدل صورته الصنفية و النوعية باق كالحنطة اذا صارت دقيقاً فان كان الحكم متواطئاً بالنسبة الي الحالين فلااستصحاب و ان كان مشككاً بالتشكيك المضر فالاستصحاب جار و استدل المصنف فيما حكم بجريان الاستصحاب فيه بعموم الادلة و بناء العقلاء و بان دعوي انصراف الاخبار الي غيرها باطلة.
قوله <ثم ان كان دليل اجتهادي> الي اخر يعني ان وجد في موضع دليل اجتهادي يقتضي موافقة الملح مثلاً للطبيعة الكلبية من حيث الحكم عملنا به ولكن لميقم له دليل علي الموافقة و المخالفة و الا فنعمل بالاصول الفقاهية كاصل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۱ *»
الطهارة في الحكم الوضعي و اما الحكم التكليفي فنعمل فيه باصل التحريم ان كان المنتقل اليه ذا روح و اصل الاباحة ان كان غيره.
قوله <ثم انهم قالوا> الي اخر يعني ان الاحكام تدور مدار الاسماء اذا كان سبب تبدل الاسم تبدل المسمي كصيرورة الكلب ملحاً و لابد من ملاحظة اتحاد زمان حضور الشارع و غيبته من حيث التسمية بانيعلم ان السنجاب اليوم مثلاً هو السنجاب في زمان الشارع كما يعلم ان الخبز اليوم هو الخبز ذلك اليوم او يثبت الاتحاد بالاصل ثم يجري عليه احكامه لا اذا سمي كلب بالملح يكون حلالاً و طاهراً.
هذا مختصر خيالات المصنف و ليات كلامه و لنا في ذلك تحقيق و هو ان الموجود في هذا العالم كزيد مثلاً له مشخصات من الزمان و المكان و الكيفية و الكمية و الرتبة و الجهة و الوضع و بهذه الحدود السبعة يمتاز عن غيره و له مهية محدودة بهذه الحدود سارية فيها و هو كما تري ان زيداً زيد في كل وقت و في كل مكان و في اي كيف و في اي كم و جهة و رتبة و وضع مع ان كل حد غير الاخر فصباه غير شبابه و صحته غير سقمه و صفرته غير حمرته و هكذا و في جميع هذه الاحوال زيد زيد و قس علي هذا جميع الاشياء ثم ان زيداً ربما هو فقيه و من اهل العلم و عاقل و هو انسان و هكذا و لله سبحانه حكم لكل جنس و نوع و صنف و قبيلة و حركة و سكون و وقت و مكان و كم و كيف و جهة و رتبة و وضع و يعرف ذلك من تعليق الحكم فان قال الصبي كذا فالموضوع زيد في صورة الصبي و ان قال المريض كذا فالموضوع زيد في صورة المرض و ان قال المصفار كذا فالموضوع زيد من حيث الصفرة و ان قال الفقيه كذا او العالم كذا او العاقل كذا او الانسان كذا فذلك المسمي هو الموضوع للحكم و يجب انينظر الفقيه الي تعليق الحكم من غير التفات الي شبهات المصنف و لكل من هذه المراتب اسم في لغة العرب فاي اسم ذكره الشارع و علق عليه الحكم فهو حكم ذلك المسمي فمادام ذلك المسمي باقياً موجوداً فذلك الاسم اسمه و ذلك الحكم حكمه و اذا فني المسمي فني الاسم و فني الحكم فالشارع اذا علق النجاسة علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۲ *»
الكلب ننظر الي الكلب انه اسم لاي شيء من الاشياء المذكورة فاذا نظرنا رأينا انه اسم موضوع لمهية و صورة نوعية تظهر في المتممات السبعة و لاتتغير بتغيراتها فالكلب كلب صغيراً و كبيراً و متحركاً و ساكناً في اي لون و في اي هيئة كان فالكلب مادام علي الصورة الكلبية و هي التي بها يمتاز عن غيره مثلاً فهو نجس و اذا تغير تلك الصورة و صار غير كلب فقددخل تحت اسم ذلك الشيء و حكمه عليه قائم فاذا زال صورته الكلبية و صار ملحاً دخل تحت اسم الملح و جري عليه الملح طاهر و شفاء مثلاً علي ان جميع ما تري من متولدات هذا العالم كان يوم اول شيئاً معيناً ففني ذلك الشيء و تصور بصورة غيره و لو بنينا علي اجراء حكم الحال الاول علي الحال الثاني لبطل جميع الاحكام فليحكم علي ملح الملاحة مطلقا بالحرمة فانه كان تراباً و استحال ملحاً وليحكم علي جميع النباتات و الثمار بالحرمة فان جميعها من التراب ولكن المدار علي الاسم زمان الحضور و الحكم حكمه سواءاً كان بالانقلاب او الاستحالة او الانتقال بلا تفاوت و اذا حصل التغير للمسمي حتي شككنا في دخوله تحت اسم اخر فهيهنا يجري الاستصحاب و لاننقض اليقين بالشك فان الحالة الثانية لمتكن موجودة و لابد من العلم بوجوده و لما نعلم فالشيء الذي لمنعلم وجوده ليس منشأ حكم و لا اثر له و الحالة الاولي كانت موجودة و لما نعلم فناءه فلاننقض علمنا الاول بالشك الثاني سواء في ذلك تعلق الحكم بجنس الشيء او نوعه او صنفه او شخصه او صفاته او حدوده المتممة او افعاله او قراناته مع غيره و لكل حكم و الشارع لايعلق حكم مسمي علي غير اسمه فيغري بالباطل نعوذ بالله هذا هو الصراط المستقيم و السبيل المقيم و البواقي ليات و طيات و احاديث لهو تترك القلب لاهيا.
بقي شيء و هو انه اذا عرض عارض علي شيء و لذلك العرض حكم يفيد المعروض حكمه كما اذا اصاب ثوبك بول و تنجس الثوب فلابد من معرفة الملاقي و المصاب هل هو الثوب فاذا صار بحال لايسمي ثوباً كما اذا فتقته بكله فني الثوب و النجس الثوب و فني الثوب فالباقي غيرنجس لانه غيرثوب و هل هو المحوك فاذا فرق سداه عن لحمته زال حكم النجاسة عنه لانه غيرمحوك و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۳ *»
المحوك كان نجساً و لا محوك او الغزل فاذا نكث و عاد قطناً و زال اسم الغزل طهر او القطن فاذا صار فحماً او رماداً طهر او الجسم مثلاً فلا زال هو جسماً فلايطهر لانه الجسم الذي تنجس و لمايصبه مطهر منصوص شرعي فلابد من معرفة ذلك الملاقي و لابد من معرفة ذلك من قبل الشارع و لابد انيتلقي منه ان هذا النجس ينجس كل شيء ام لا فان جعله منجس كل شيء فالملاقي هو الجنس و ان جعله منجس اشياء فالملاقي هو الجهة الجامعة بين تلك الاشياء حتي اذا جعله منجس شيء مخصوص فالملاقي هو ذلك الشيء في جميع متمماته و لو جعله مؤثراً في حد من الحدود لكان تأثيره في ذلك الحد الاتري ان حرمة الحرير مخصوصة باللبس مثلاً لا بالحمل و الوضع و الرفع و البيع و الشراء و غير ذلك و لو منع من الحرير مطلقا لكان جميع ذلك محرماً و لذلك نقول اذا علق حكم علي المهية فان لميكن قرينة علي خصوصية متمم خاص يعم الجميع مثلاً في قوله حرمت عليكم امهاتكم اذا قام القرينة انها في النكاح اختص بالنكاح و اما اذا قال حرمت عليكم الخمر و لميقم قرينة مثلاً علي انها في الشرب خاصة تعم ضمادها و شربها و استعمالها و ساير قراناتها كما ورد انه ليس فيها شفاء و لعن الله عاصرها و بايعها و مشتريها و شاربها لانه في جميع هذه الاحوال يصدق عليه انه قارن محرماً ممنوعاً هذا و لما كان المكلفون جهالاً باحكام الله ضعفاء و لميكلهم الله الي عقولهم الضعيفة لايتركهم الشارع و عقولهم بل يبين لهم جزئيات الاحكام و تفاصيلها و خفاياها و يوضح لهم باوضح ما يمكن حتي صاروا في ذلك منه الي الرضا و هذا ما يدل عليه الاخبار و صحيح الاعتبار.
قال: اذا تعارض استصحابان فاما حكميان او موضوعيان او مختلفان ثم اما وجوديان او عدميان او مختلفان ثم الحكميان الوجوديان اما تعارضهما لامر خارج او لانفسهما و علي الاخير اما احد الشكين سبب للشك الاخر او مسببان من امر ثالث فان كان الاستصحابان المتعارضان حكميين وجوديين متعارضين لانفسهما مع سببية احد الشكين للاخر كتعارض استصحاب طهارة الماء مع استصحاب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۴ *»
نجاسة المغسول و استصحاب نجاسة مستصحب النجاسة مع استصحاب طهارة الملاقي ففي العمل بهما معاً كما عليه بعض من تأخر اذ لميثبت ان مستصحب النجاسة منجس او تقديم استصحاب السبب وجهان اوجههما الاخير لان الظاهر من امره بابقاء ما كان علي ما كان هو ترتيب اثاره عليه و من جملتها نجاسة ملاقيه فقبل ملاقاة الطاهر بمستصحب النجاسة نحكم بنجاسة المستصحب لسلامة الاستصحاب حينئذ عن المعارض فهو متنجس شرعاً ينجس ملاقيه بالعموم فالتعارض هنا ابتدائي و لا تعارض حقيقة و هكذا في نظائره مضافاً الي بناء العقلاء و ظهور الاجماع من القائلين بحجية الاستصحاب.
اقول: قوله <ثم الحكميان الوجوديان> الي اخر قسم ذلك المصنف قسمين فقال اما تعارضهما لامر خارج كما اذا علم ان الكلب نجس و الخل طاهر ثم علم ان احدهما نسخ و لميعلم ايهما هو ففي كل منهما استصحاب و لاتعارض بينهما من حيث انفسهما و يمكن العمل بهما معاً لكن لايمكن العمل بهما معاً لاجل احتمال النسخ الخارجي في كل واحد منهما او تعارضهما لاجل انفسهما كما اذا علمنا بطهارة ماء ثم شككنا في ملاقاته النجاسة فنحكم بالاستصحاب انه طاهر فغسلنا بهذا الماء المشكوك ثوباً نجساً فيتعارض استصحاب طهارة الماء التي لازمها تطهير الثوب مع استصحاب نجاسة الثوب التي لازمها نجاسة الماء و كذلك اذا غسل ثوب نجس حتي شك في زوال النجاسة ثم شر علي ارض طاهرة فيستصحب نجاسة الثوب و مقتضاه نجاسة الارض و يستصحب طهارة الارض و مقتضاه طهارة الثوب و كذلك اذا ورد كر علي قليل نجس تدريجاً فيعارض استصحاب طهارة الوارد مع نجاسة المورود.
قوله <و علي الاخير> الي اخر يعني اذا كان التعارض لاجل انفسهما فهو علي قسمين اما يكون احد الشكين سبباً للشك في الاخر و ذلك كما مثلنا بالماء المشكوك الطهارة اذا غسل به ثوب نجس فان الشك في كل واحد مسبب عن الشك في الاخر و اما يكونان مسببين عن امر ثالث اخر كما مثلنا بالكر الوارد فان الشك في طهارة الوارد مسبب عن وروده تدريجاً و الشك في نجاسة المورود
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۵ *»
من ورود الماء تدريجاً ثم ذكر احد هذه الاقسام كما اذا تعارض الاستصحاب في الماء المشكوك الطهارة مع الاستصحاب في ثوب نجس غسل بذلك الماء و كما اذا تعارض محكوم النجاسة بالاستصحاب مع استصحاب الملاقي الطاهر ففيهما قولان احدهما العمل بهما معاً فيقول بنجاسة الثوب و طهارة الارض مثلاً و طهارة الماء و نجاسة الثوب نظر الي ان النجس بالاستصحاب غيرمنجس و ثانيهما تقديم استصحاب السبب اي المزيل فاختار المصنف الاخير فاذا غسل بماء مشكوك الطهارة ثوب نجس يقول بطهارة الثوب لانه غسل بماء طاهر شرعي مزيل للنجاسة و اذا شر ثوب مشكوك التطهير علي ارض حكم بالنجاسة للارض لانه لاقاه نجس شرعي منجس و استدل علي ذلك بعدم نقض اليقين بالشك و بان العقلاء يعملون في مثل ذلك بالاستصحاب و ظهور الاجماع من القائلين بالاستصحاب و الدليلان الاخيران باطلان كما عرفت مكرراً و الدليل الاول حق و المزيل وارد علي المزال حاكم عليه و المراد بعدم نقض اليقين بالشك نقض حكمه فان اليقين بوجوده منقوض قهراً و لايمكن التكليف بترك نقضه.
قال: و يرد علي العامل بالاصلين هنا حكمه بطهارة غسالة هذا المتنجس و نجاسة غسالة المتنجس المعلوم نجاسته و لمنجد هذا التفصيل في باب الغسالة و حكمه بطهارة الارض الملاقية له لاستصحاب طهارتها و عدم جواز السجود و التيمم عليها لاستصحاب الامر عملاً بالاصلين و الحال انه صرح بجوازهما ثم انه ان قال بعدم تعارض بين الاصلين و لذا يعمل بهما فقدخرج عن الفرض او بوجود التعارض بينهما فتعارضهما من باب التباين الكلي لا العامين من وجه حتي يبعض في العمل بلوازم كل منهما من غير دليل ثم انا اذا قلنا بعدم حجية الاستصحاب في الشك في المانعية فاستصحاب الشك السببي خال عن المعارض رأساً فيقدم بلاريب و لا فرق فيما ذكرنا بين تقارن الشكين و تقدم الشك السببي زماناً لوحدة المناط و ان كان الشكان في الصورة المفروضة مسببين عن امر ثالث كما في الكر الوارد علي الماء المتنجس تدريجاً و في نظائره من موارد تعدد الموضوع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۶ *»
فالوقف الي انيوجد مرجح لاحدهما لبطلان الترجيح بلا مرجح و عدم الدليل علي التخيير بعد امكان طرحهما و الحكميان العدميان او المختلفان حالهما كما سبق من تقديم الشك السببي و التوقف عند تسببهما من امر ثالث لوحدة الدليل و الاجماع المركب و اما الحكميان المتعارضان لا لانفسهما و يعبر عن ذلك بالشك في الحادث فان اتفق العمل بالاصلين لمكلفين فصاعداً كالثوب المشترك الذي وجد فيه المني و كما اذا علم بنجاسة احد الثوبين اللذين هما لشخصين فكل يعمل بالاصل في حق نفسه لبناء العقلاء و لايشمله عموم اخبار عدم نقض اليقين بالشك او لمكلف واحد فالوقف الا اذا كان احد المستصحبين موافقاً لاصل البراءة دون الاخر فيعمل بالاصلين و اذا تعارض الموضوعي مع الحكمي قدم الاول علي الاصح لمنقول الاجماع فانه يكفي مرجحاً لاحد الاصلين و لان كل من قدم الشك السببي في القسم الاول قدم الموضوعي هنا و لبناء العقلاء و دلالة النصوص فان الموضوعي مزيل للحكمي و لعمل الاكثر و ظهور اجماع العاملين بالاستصحاب و لايضر مخالفة البعض و لو فرض هنا تسبب التعارض من امر خارج حتي صار الشك في الحادث عملنا بالاصلين و طرحنا العلم الاجمالي لطريقة اهل العقول و لو تعارض استصحابان موضوعيان قدمنا المزيل علي المزال كما مر و الا فالوقف نعم لو تسبب التعارض من امر خارج و صار الشك في الحادث عملنا بالاصلين اذا كان العمل من شخصين و الا فالوقف ايضاً الا انيوجد مرجح لاحد الاصلين بحيث يكون نفس المرجح دليلاً مستقلاً.
اقول: قوله <و يرد علي العامل بالاصلين> الي اخر يعني اذا بني الانسان انيعمل بالاصلين فيحكم بطهارة الماء المذكور و نجاسة الثوب يلزمه انيقول بطهارة غسالة هذا المتنجس اذا غسل مرة اخري و بنجاسة غسالة ثوب نجس و لميقل به احد و هو خرق للاجماع المركب و كذا يلزمه انيحكم بطهارة تلك الارض عملاً بالاستصحاب و يحكم بعدم جواز السجود عليه و التيمم منه عملاً باستصحاب الامر و هو يقول بجوازهما.
قوله <ثم انه ان قال> الي اخر يعني لايخلو من انيقول بعدم التعارض و هو
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۷ *»
خلاف الفرض او يقول بالتعارض فتعارضهما من جميع الجهات لا من وجه حتي يبعض في العمل بلوازمهما.
قوله <ثم انا اذا قلنا> الي اخر يعني اذا قلنا بعدم حجية الاستصحاب في الشك في المانعية كما هو الحق و لميقل به المصنف فاستصحاب الشك السببي لا معارض له ففي المثال المذكور استصحاب طهارة الماء هو استصحاب الشك السببي و هو مقدم و ثابت و اما استصحاب نجاسة الثوب للشك في ان ذلك الماء الوارد عليه هل هو مانع النجاسة ام لا فالمفروض انا منعناه.
قوله <و لا فرق> الي اخر يعني سواء ان شككت في الماء ثم غسلت به الثوب او غسلت الثوب بماء ثم شككت في طهارته في اثناء الغسل لتنقيح المناط.
قوله <و ان كان الشكان> الي اخر فاختار المصنف الوقف في هذه الصورة لانهما معاً مسببان عن امر ثالث و لا مرجح لاحدهما علي الاخر و لا دليل علي التخيير و ان كان يمكن طرحهما لان الاصل جواز الطرح حتي يثبت خلافه فلابد انيطرحا و يؤخذ بالوقف و اما عندنا فهذا استصحاب في الحكم و لايجوز استعماله هذا و نحن ان قلنا في المسألة بان الاتمام كراً مطهر و لايحمل خبثاً كما عليه بعض نقول بطهارة المجموع و ان لمنقل فالماء القليل النجس نجس فاذا اوردت عليه قليل ماء طاهر فان تغير تنجس و هكذا الي انيزول التغير من الماء فما ورد عليه بعد ذلك لاينجس و جملة الماء طاهرة لان الماء اكثر من القذر و الماء قاهر علي النجاسة.
قوله <و اما الحكميان المتعارضان> الي اخر يعني اذا كانا من حيث انفسهما يمكن جمعهما لكن يتعارضان من حيث الخارج كما اذا كان ثوب مشترك بين رجلين و وجد فيه مني يعمل كل واحد باصل الطهارة لان كل واحد مكلف بتكليفه غيرمرتبط بالاخر و لظهور الاجماع المركب من العاملين بالاستصحاب و بناء العقلاء و عدم شمول الاخبار هذا المقام و ان اتفق لمكلف واحد فالوقف الا اذا كان احد المستصحبين موافقاً لاصل البراءة كما اذا كان احد الشيئين مباحاً و الاخر حراماً فعلم بنسخ احدهما اجمالاً او علم بطهارة احد الثوبين و نجاسة الاخر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۸ *»
ثم علم ان احدهما ارتفع بان تنجس الاول او طهر الثاني لكن علي سبيل الاجمال فكل واحدة منهما مستصحبة فحينئذ يعمل بكل من الاصلين.
قوله <و اذا تعارض الموضوعي مع الحكمي> الي اخر فمنهم من عمل بالاصلين في جميع صوره التي فرض المصنف و هي ثمانية و اربعون صورة لا فائدة لعدها و ذكرها و منهم من وقف و منهم من قدم الموضوعي و مثاله كالجلد المطروح المشكوك تذكيته فيتعارض استصحاب الحكم اعني الطهارة الكائنة في حال الحيوة مع استصحاب الموضوع يعني عدم التزكية فان الموت يمكن انيكون حتف انفه و يمكن انيكون بالتذكية و الاصل عدمها فاختار المصنف تقديم الموضوعي لانه مزيل و الحكمي مزال و للاجماع المنقول و الاجماع المركب لان كل من قدم المزيل في المسألة السابقة قدم الموضوعي هنا و لشمول الاخبار و لطريقة العقلاء و لعمل الاكثرين و للاولوية يعني اولوية العمل بالموضوعي هنا من العمل بالمزيل هناك.
قوله <و لو فرض هنا> الي اخر يعني قديكون و لو علي سبيل الندرة تعارض بين الحكمي و الموضوعي مسبباً عن الخارج فيكون الشك في الحادث كما لو شك في بقاء زيد و طهارة ثوبه بعد القطع بارتفاع احدهما اجمالاً عقيب القطع بوجودهما فبناء اهل العقول علي العمل بالاصلين و طرح العلم الاجمالي.
قوله <و لو تعارض استصحابان> الي اخر و ذلك ظاهر ان المزيل منهما مقدم علي المزال كما لو خرج زيد مسافراً الي مكة حاجاً فعلمنا بوصوله الي المنزل الاول و شككنا في انه هل ارتحل منه ام لا و فسخ عزم سفره فاصالة بقاء ارادة السفر الموجبة للخروج معارضة مع اصالة عدم الخروج فيقدم المزيل علي المزال اي يقدم علي عدم الخروج و ان لميكن احدهما مزيلاً فالوقف.
قوله <نعم لو تسبب> الي اخر يعني اذا كان سبب التعارض امر خارجي كما مر و صار الشك في الحادث عملنا بهما جميعاً اذا كان بين شخصين و ان كانا ظاهراً لشخص واحد فالوقف و باقي الكلام واضح والذي يقتضي النظر الدقيق في الاخبار ان الاستصحاب الحكمي غيرجايز ابداً و اما الموضوعي فانه اذا تعارض
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴۹ *»
ظاهرا استصحابان و ورد احدهما علي الاخر فالعمل علي استصحاب الوارد كما اذا تنجس ثوب و غسل حتي شك في زوال نجاسته ثم اصاب يدك فاستصحاب طهارة يدك يعارض استصحاب نجاسة الثوب ولكن استصحاب طهارة اليد يرد علي استصحاب نجاسة الثوب يعني ان الثوب محكوم بالنجاسة شرعاً اصاب يدك او لميصب لان اليقين لاينقض بالشك فهو نجس شرعاً فاذا اصاب يدك و هو نجس فيدك متنجسة به شرعاً و نقض طهارتها اليقينية بالنجاسة الشرعية اليقينية و ليس هو محل استصحاب رأساً و استصحاب المورود لا معارض له و كذلك اذا ادركت الامام و هو راكع فدخلت في الصلوة و ركعت و شككت في درك ركوعه فتعارض ظاهراً استصحاب عدم ادراكك استصحاب عدم رفع رأسه من الركوع ولكن استصحاب عدم الرفع ثابت سواءاً اقتديت به او لمتقتد فهو محكوم بكونه راكعاً شرعاً و انت ادركت اماماً راكعاً شرعاً فانت تنقض اليقين باليقين في حقه و لاتنقض اليقين بالشك في حقه فلاتعارض حقيقة.
قال: لا عمل بالاستصحاب في الاحكام قبل الفحص عن المعارض للاصل تكليفاً و وضعاً و الاجماع و لزوم الخروج عن الدين في العمل بالاصول الفقاهية قبله و الاولوية بالنسبة الي الادلة الاجتهادية و مثلها الموضوع المستنبط للاصل و ظهور الاتفاق و الاولوية و لزوم المخالفة القطعية لولاه لا الصرف علي الاصح عندي لدلالة النصوص بالعموم و الخصوص.
اقول: اما الاستصحاب في الاحكام فلايجوز لا قبل الفحص و لا بعد الفحص لما عرفت و اما عند هؤلاء في الاحكام التكليفية فلان الاصل حرمة العمل بالظن و خرج ما بعد الفحص بدليلهم و بقي قبل الفحص في حيز المنع و في الوضعية لان الاصل اشتغال الذمة و لايحصل البراءة اليقينية الا بالعمل بعد الفحص و لقيام الاجماع علي عدم الجواز و لزوم الخروج عن الدين اذا بني الانسان علي العمل بالاصول كالاستصحاب و اصل البراءة و اصل الاباحة و الاصول الاجتهادية و التبعيض تحكم بلا دليل و اذا لميجز العمل بالادلة الاجتهادية قبل الفحص ففي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۰ *»
الفقاهية بطريق اولي و لعمري ادلة القوم كلها عندنا كالسراب يلمح لهم كأنه ماء ولكن اذا جئته لمتجده شيئاً و كلها ظنون و اوهام لاتفيد علماً و لا عملاً.
قوله <و مثلها الموضوع المستنبط> الخ يعني لايجوز فيها العمل بالاصل قبل الفحص لاصل حرمة العمل بالظن و ظهور الوفاق الذي ليس بحجة و الاولوية بالنسبة الي الادلة الاجتهادية و هي ظنية.
قوله <لا الصرف> الي اخر يعني في الموضوع الصرف يجوز العمل بالاستصحاب قبل الفحص علي الاصح عند المصنف و ان كان الاصل الاولي الحرمة لدلالة النصوص و اختار في الضوابط عدم الجواز ظاهراً للاصل الاولي و لان اطلاق الاخبار في سنخ الاستصحاب لا شرائطه و الاجماع المحقق غيرمعلوم و المنقول غيرحجة و لعدم حصول الظن و ان قلنا بان المسألة فرعية و الحال ان المسألة اصولية و لايعمل فيها بالظن و بناء العقلاء يعمل به اذا وافق الاحتياط فالاصل سليم عن المعارض و هكذا عاقبة هذه الادلة و الذي اقول ان كل شيء كلفت بمعرفته يجب عليك تحصيل معرفته و هو الفحص الواجب حتي يحصل لك اليقين او الظن ان جوز لك فيه و بعد ما حصل اليقين لاتنقضه الا بيقين و كل ما لمتكلف بتحصيله و انما امرت بتكليف ان حصل يوماًما فلايجب عليك الفحص حتي يحصل لك العلم بوجوده و قدعرفت سابقاً ان الاستصحاب لايجري في تحقيق الامور الخارجية ابداً.
قال: لايصح التمسك باستصحاب ما لميعلم نسخه من احكام الشرايع السابقة كان في المشتبهات علم اجمالي قليلاً في كثير ام كثيراً في كثير ام لميكن لعدم انصراف النصوص الي مثله و كون بناء العقلاء علي خلافه فيسلم اصالة عدم حجية الاستصحاب لكونه عملاً بماوراء العلم عن المعارض و لو قيل ان المتدين بالدين السابق في زمان لو شك في النسخ لعمل بالاستصحاب كما عليه بناء العقلاء و يتم فيمن عداه بالاجماع المركب قلنا انه مقلوب بمثله فالاصل ايضاً سليم عن المعارض اقول و لقائل دعوي كون عمل الفقهاء علي ذلك و دلالة النصوص
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۱ *»
فيدفع به الاصل.
اقول: اختلف العلماء في هذه المسألة فمنهم من جوز العمل باستصحاب الشرع السابق بناءاً علي عدم العلم الاجمالي بالنسخ في الاحكام المشتبهة فيجري الاستصحاب و هذا القول ايضاً من تسويلات العامة العمياء المنقطعين عن معاقل العلم الذين ليس في ايديهم من سنن رسول الله9 الا اقل قليل كما لايخفي علي المتتبع في كتبهم فارادوا انيستخرجوا لهم اصولاً يستنبطون منها الاخبار و علي ذلك يجب علينا في كل مسألة غيرمنصوصة مراجعة اليهود و النصاري و المجوس و الفحص عن كتبهم و علمائهم و موارد شهرتهم و اجماعاتهم بل لما كان كتب العهد القديم علي اللفظ العبري يجب الفحص عن الفاظهم و كتبهم اللغوية و اجراء هذه الاصول التي سمعت ثم يجب الفحص عن الموضوعات المستنبطة ثم عن الاخبار و الاثار ثم في اقوال العلماء والاحبار و معرفة شهرتهم و اجماعاتهم باقسامها و استعمال جميع ما مر في علم الاصول حتي يعرف المسألة في دين موسي ثم يعمل بها و هو كأنه حبر من احبار اليهود حينئذ الا انيعلم انها منسوخة بعينها فيتركها ثم يفعل ذلك في دين عيسي و اللغة السريانية و يصير كفادري رابوني ثم في دين زردشت او جاماسب مثلاً و لغة الفرس القديم و يصير كاحد الهرابذة و في كل هذه الملل يستعمل جميع علم الاصول لانها علي ما يقولون شرط فهم الالفاظ و استخراج الاحكام نعوذ بالله و هل عوهد في دين الاسلام في عصر من الاعصار انيكون فعل ذلك احد من علمائنا و لو كان يجب العمل به لوجب الفحص عنه و لايفحص عنه الا باجتهاد تام كما اشرنا اليه و قدروي من طريق العامة في المصابيح عن النبي9 انه قال حين اتاه عمر فقال انا نسمع احاديث من يهود تعجبنا أفتري اننكتب بعضها فقال أمتهوكون انتم كما تهوكت اليهود و النصاري لقدجئتكم بها بيضاء نقية و لو كان موسي حياً لماوسعه الا اتباعي و من طرقنا ما روي عن القمي في قوله تعالي ألمتر الي الذين تولوا الاية قال نزلت في الثاني مر به رسول الله9 و هو جالس عند رجل من اليهود و يكتب خبر رسولالله9 فانزل الله ألمتر الي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۲ *»
الذين تولوا الاية فجاء الثاني الي النبي9 فقال9 له رأيتك تكتب عن اليهود و قدنهي الله عن ذلك فقال يارسول الله كتبت عنه ما في التورية من صفتك و اقبل يقرأ ذلك علي رسول الله و هو9 غضبان فقال رجل من الانصار ويلك اماتري غضب النبي عليك فقال اعوذ بالله من غضب الله و غضب رسوله اني انما كتبت ذلك لما وجدت فيه من خبرك فقال له رسولالله9 يافلان لو ان موسي بن عمران كان فيهم قائماً ثم اتيته رغبة عما جئت به لكنت كافراً بما جئت به الخبر و من الكافي عن محمد بن مسلم عن ابيجعفر7 قال ان من عندنا يزعمون ان قول الله عزوجل فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون انهم اليهود و النصاري قال اذاً يدعونكم الي دينهم ثم قال بيده الي صدره قال و نحن اهل الذكر و نحن المسؤلون الي غير ذلك من الاخبار و قدتواتر الاخبار انه يجب الرجوع اليهم في كل مجهول و الرد اليهم و شر علينا اننقول بشيء ما لمنسمعه منهم و يجب السكوت عما سكتوا منه.
بالجملة هذا قول باطل و عن حلية الاعتبار عاطل ءانزل الله ديناً ناقصاً علي محمد9 و احوج امته الي مراجعة اليهود و النصاري و المجوس الذين امر بقتلهم او يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ام انزل ديناً تاماً فقصر الرسول9 عن ابلاغه و ادائه او بلغ ديناً تاماً فقصر عنه حفظة دينه في الاعصار و قدعرفت ان الله سبحانه انزل و من يتولهم منكم فانه منهم و انزل ألمتر الي الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم و لا منهم و يحلفون علي الكذب و هم يعلمون و قال و اسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و قال فلاوربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم الاية الي غير ذلك من الايات و الاخبار و تعجبت من السيد عبدالله بن شبر مع كونه في اواخر عمره اخبارياً كيف ذهب في الاصول الاصلية الي استصحاب ما ثبت في ساير الامم و الملل و قداجاد المصنف اتفاقاً ان كان قوله حيث قال <لايصح التمسك باستصحاب ما لميعلم نسخه> لعدم انصراف نصوص الاستصحاب اليه قطعاً ولكن استدل بكون بناء العقلاء علي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۳ *»
خلافه و هو ضعيف.
قوله <و لو قيل> الي اخر يعني لو احتج الخصم بان اليهودي اذا اسلم و شك في نسخ مسائل اليهود لعمل به كما عليه بناء العقلاء و يثبت ذلك في المسلم بالاجماع المركب يقلب عليه التعليل بان المسلم لايجوز له العمل بما علم من الشرايع السابقة فاليهودي الذي اسلم ايضاً مثله للاجماع المركب فاصل حرمة العمل بالاستصحاب سليم عن المعارض.
قوله <اقول> يظهر من قوله اقول ان الانكار السابق ليس منه و اليه و ان قوله هو هذا اي الجواز و دليله ان عمل الفقهاء علي ذلك اما كلهم فلميكن و لايعلم الغيب و اما بعضهم فلاحجية فيه حتي يدفع به الاصل.
قال: اصل عرفوا الاجتهاد الاصطلاحي حالاً بانه استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي و ملكةً بانه ملكة يقتدر بها علي استنباط الحكم و يرد علي كل منهما اشكالات و الاحسن تعريف الملكي بانه عند اهل هذا الفن ملكة يقتدر بها علي تحصيل الاعتقاد بالحكم الشرعي الفرعي الواقعي تحصيلاً نظرياً و الحالي بانه استفراغ الفقيه وسعه في تحصيل الاعتقاد بالحكم الشرعي الفرعي الواقعي و هو مشترك بين المعنيين لفظاً و الفقه الحالي القطع بالحكم الظاهري و الملكي ملكة تحصيل العلم بالحكم الظاهري و المفتي يطلق علي من يشتغل باظهار الاحكام عن رأيه و اجتهاده و علي من له هذا المنصب و القاضي يطلق علي من يرفع الخصومة بين الخصمين علي الوجه المخصوص و علي من له هذا المنصب و الحاكم يطلق علي المتصرف في اموال الغيب و المجانين و نحوهم علي الوجه الشرعي المخصوص و علي من له هذا المنصب و الاظهر عندي ان الحاكم يطلق علي الاعم من القاضي و يحتمل ترادفهما.
اقول: اعلم انه كما عرفت في اول الكتاب ان اصل الاجتهاد ليس من دين رب العباد و حجج الله علي البلاد و انما هو من بدع عمر بن الخطاب كما روي عن الحسن بن علي8 في حديث طويل ثم امر عمر قضاته و ولاته
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۴ *»
اجتهدوا اراءكم و اقضوا بما ترون انه الحق فلايزال هو و بعض ولاته قدوقعوا في عظيمة فيخرجهم منها ابي ليحتج عليهم بها فيجتمع القضاة عند خليفتهم و قدحكموا في شيء واحد بقضايا مختلفة فاجازها لهم الخبر و الي هذا يشير كلام علي7 ترد علي احدهم القضية في حكم من الاحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها علي غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم تجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم فيصوب اراءهم جميعاً و الههم واحد و نبيهم واحد و كتابهم واحد الخبر و هو معروف مشـهور و الي هؤلاء يشير ابوعبدالله7 في رسالته و لو كان الله رضي منهم اجتهادهم و ارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لميبعث الله اليهم فاصلاً لما بينهم و لا زاجراً عن وصفهم الخبر و عليهم رد علي7 في حديث طويل قال7 و اما الرد علي من قال بالرأي و القياس و الاستحسان و الاجتهاد و من يقول ان الاختلاف رحمة الي ان قال و اما الرد علي من قال بالاجتهاد فانهم يزعمون ان كل مجتهد مصيب علي انهم لايقولون انهم مع اجتهادهم اصابوا معني حقيقة الحق عند الله عزوجل لانهم في حال اجتهادهم ينتقلون عن اجتهاد الي اجتهاد و احتجاجهم ان الحكم به قاطع قول باطل منتقض فاي دليل ادل من هذا علي ضعف اعتقاد من قال بالاجتهاد و الرأي ان الله تعالي بهذا المذهب لميكلفهم الا بما يطيقونه و كذلك النبي9 و احتجوا بقول الله تعالي و حيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره و هذا بزعمهم وجه الاجتهاد الخبر و قدقدمنا في اول هذا الشرح الي ذلك بقدر الكفاية و قدظهر من هذه الاخبار بلا غبار ان الاجتهاد من بدع اولئك الاشرار و لميكن من طريقة المحمد: فعندهم هم العلماء و شيعتهم المتعلمون و امروهم بالوقوف عند الشبهة و السكوت عما سكتوا و الرد اليهم فيما جهلوا فلميبق بمقتضي مذهب الشيعة موضع للاجتهاد و طال ما كان يعيب بعضهم علي بعض بان قولك اجتهاد في مقابلة النص فالاجتهاد فيما لا نص فيه و فيما سكت الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۵ *»
و رسوله و حججه: عنه ولعمري ماادري انهم ان اجتهدوا فيما لا نص فيه كيف يصير حكم الله و دين الله و شرع رسول الله بل هو حكمهم و دينهم و شرعهم و ماادري كيف يفترض طاعتهم فيه و لم و قدقال ابوعبدالله7 في رسالته الي اصحاب الرأي و القياس اما بعد فانه من دعا غيره الي دينه بالارتياء و المقائيس لمينصف ولميصب حظه لان المدعو الي ذلك لايخلو ايضاً من الارتياء و المقائيس و متيما لميكن بالداعي قوة في دعائه علي المدعو لميؤمن علي الداعي انيحتاج الي المدعو بعد قليل لانا قدرأينا المتعلم الطالب ربما كان فائقاً لمعلمه و لو بعد حين و رأينا المعلم الداعي ربما احتاج في رأيه الي رأي من يدعو و في ذلك تحير الجاهلون و شك المرتابون و ظن الظانون و لو كان ذلك عند الله جايزاً لميبعث الله الرسل بما فيه الفصل و لمينه عن الهزل و لميعب الجهل و لكن الناس لماسفهوا الحق و غمطوا النعمة و استغنوا بجهلهم و تدابيرهم عن علم الله و اكتفوا بذلك دون رسله و القوام بامره و قالوا لا شيء الا ما ادركته عقولنا و عرفته البابنا فولاهم الله ما تولوا و اهملهم و خذلهم حتي صاروا عبدة انفسهم من حيث لايعلمون الخبر.
بالجملة هذا مبدأ الاجتهاد و حده و قدساق العامة الي ذلك انهم انقطعوا بعد نبيهم9 عن المحمد: و لميحفظوا من احاديث النبي9 الا اقل قليل لايكفي عشراً من معشار مسائل الدين و انفوا انيسألوا القوام بدين الله و وردت عليهم المسائل فاضطروا الي الاجتهاد بارائهم و وضع قواعد كلية حتي يتكلموا بمقتضي قاعدة و اصل كما قال ابوعبدالله7 يظن هؤلاء الذين يدعون انهم فقهاء علماء انهم قداثبتوا جميع الفقه و الدين مما يحتاج اليه الامة و ليس كل علم رسول الله9 علموه و لا صار اليهم من رسول الله9 و لاعرفوه و ذلك ان الشيء من الحلال و الحرام و الاحكام يرد عليهم فيسألون عنه و لايكون عندهم فيه اثر عن رسول الله9 و يستحيون انينسبهم الناس الي الجهل و يكرهون انيسألوا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۶ *»
فلايجيبون فيطلب الناس العلم من معدنه فلذلك استعملوا الرأي و القياس في دين الله و تركوا الاثار و دانوا بالبدع و قدقال رسول الله9 كل بدعة ضلالة فلو انهم اذ سئلوا عن شيء من دين الله فلميكن عندهم فيه اثر عن رسول الله9 ردوه الي الله و الي الرسول و الي اوليالامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من المحمد.
ثم بعد ما وقع الغيبة الكبري و انقطع الشيعة عن امامهم و كانوا معاشرين للعامة العمياء و راجعوا كتبهم و اصولهم الموضوعة قدسري فيهم شيئاً بعد شيء تلك الشبهات و استعملوا تلك الاصول في مسائل دينهم ثم تكلموا فيها و تراجمت ظنونهم و تراكمت اراؤهم حتي عادوا يتكلمون سنين عديدة في مسألة واحدة كما تكلم بعضهم مدة قبل هذا سبع سنين في مسألة الاستصحاب و تسعة اشهر في مسألة الخطاب الشفاهي و حسبوا تمام دورة الاصول فرأوا انها تنتهي الي الف و مأتي سنة فمن ذلك اقتفوا اثرهم و حدث فيهم ما حدث فيهم و احتاجوا الي الاجتهاد و ما سمعت في هذه الكتب من المسائل و لميرجعوا الي اثار المحمد: لما اسسوا من انها ظنية و يجب انيكون علم الاصول قطعياً و علم الاصول لمعرفة الاخبار فلايجوز الاستدلال بالاخبار قبل معرفتها و انت تعلم ان شر الامور محدثاتها.
قوله <حالاً> يعني من حيث اشتقاق الاجتهاد من الجهد اي المشقة فمن حيث ان المجتهد يتحمل المشقة عرفوه بانه استفراغ الفقيه الوسع و اما من حيث القدرة النفسانية فقدعرفوه بانه ملكة يقتدر بها علي استنباط الحكم و كأنهم قالوا انه ملكة يقتدر بها علي الاطلاع علي غيب علم الله من غير ان ينزل به كتاباً او يخبر عنه نبي و يصير بها من الذين قال الله سبحانه لعلمه الذين يستنبطونه منهم لان الاجتهاد يتحقق في موضع لا نص فيه بالظنون و الاراء.
و اما ماقال انه يرد علي كل منها اشكالات فلاحاجة بنا الي ايراد تلك الاشكالات و ردها و اصلاحها لما عرفت من حال الاجتهاد.
قوله <و هو مشترك بين المعنيين لفظاً> يعني ان لفظ الاجتهاد يمكن انيكون
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۷ *»
مشتقاً من الجهد بالضم و هو الطاقة و الوسع او بالفتح فيكون بمعني المشقة فالاجتهاد من حيث اللفظ مشترك كالمختار المشترك بين الفاعل و المفعول لا بالمعني المعروف المصطلح هذا ما قاله المصنف و الذي نري في اللغة ان الجهد بالضم لغة الحجاز و لغة غيرهم بالفتح و كلاهما بمعني الوسع و الطاقة و قيل الاول الطاقة و الثاني المشقة و الجهد بالفتح بمعني النهاية و الغاية يقال اجهد جهدك اي ابلغ غايتك و هو مصدر من جهد كنفع اذا بلغ المشقة و طلب حتي وصل الغاية فيمكن انيكون المجتهد هو الساعي في طلب المسألة حتي وصل الغاية او المستعمل للوسع و الطاقة و البالغ في المشقة فعلي ذلك يمكن انيكون مشتركاً اصطلاحياً لان الجهد بالفتح يأتي للمعنيين و ليس في الاعتناء بهذه الامور مزيد علم و غرضنا غير ذلك.
بالجملة فعلي ما يعرفونه بئس العمل هو لقول ابيعبدالله7 من شك و ظن فاقام علي احدهما فقدحبط عمله ان حجة الله هي الحجة الواضحة و لما عرفت من مبدأ الاجتهاد.
قوله <و الفقه الحالي القطع> الي اخر لان فقيههم بعد ما اجتهد و حصل الظنون من اينما حصل يقول هذا ما ادي اليه ظني و كل ما ادي اليه ظني حكم الله في حقي و حق مقلدي فهذا قطعاً حكم الله في حقي و ان كبراهم ايضا ظني كما عرفت من وهن ادلتهم و وضوح بطلانها.
قوله <و المفتي يطلق علي من يشتغل باظهار الاحكام عن رأيه و اجتهاده> الي اخر فبئس العمل هو و بئس المنصب هو لقول ابيعبدالله7 من افتي الناس برأيه فقددان بما لايعلم و من دان بما لايعلم فقدضاد الله حيث احل و حرم فيما لايعلم و لقوله من حكم برأيه بين اثنين فقدكفر و لقول ابيجعفر7 من افتي الناس بغيرعلم و لا هدي من الله لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه و البواقي واضح.
قال: اختلفوا في جواز تجزي ملكة الاجتهاد و عدمه في الفروع و ادعوا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۸ *»
الوفاق علي جوازه في الاصول و قديتخيل تناقضهما و الحق امكان التجزي للاصل و الوجدان و عدم امكان الاطلاق لولاه و لزوم عمله بظنه كما يعمل بعلمه لان احتمال عدم كونه مكلفاً بشيء او كونه مكلفاً بالاحتياط او التبعيض منفي بالاجماع فامره داير بين التقليد و الاجتهاد و التخيير بدواً و خيرها اوسطها للدليل العقلي الحاكم حينئذ ببطلان ترجيح المرجوح علي الراجح او التسوية بينهما و لو لميحصل له الظن بعد الفحص عمل بالاصول الفقاهية و في جواز فتويه و تقليد الغير اياه و جواز قضائه و حكومته وجهان كما ان في وجوب اجتهاد التجزي في مسألة التجزي او تقليده او خياره بينهما وجوهاً.
اقول: هذه المسألة من المسائل السنية و لاتناسب دين الله و دين رسوله و حججه: و لاتتمشي علي مذهب الشيعة بوجه من الوجوه و علي مذهبنا ائمتنا سلام الله عليهم هم العلماء العالمون بكل شيء قداشهدهم الله خلق السموات و الارض و خلق انفس الخلايق و من سواهم من الشيعة متعلمون من فواضل علومهم و يرشح عليهم ما يطفح منهم و لايعلمون الا ما علموهم و لذلك ثلثوا لهم الاحكام و قال رسول الله9 في كلام له الامور ثلثة امر تبين لك رشده فاتبعه و امر تبين لك غيه فاجتنبه و امر اختلف فيه فرده الي الله عزوجل و قال حلال بين و حرام بين و شبهات بين ذلك الخبر و قال ابوعبدالله7 لايسعكم فيما ينزل بكم مما لاتعلمون الا الكف عنه و التثبت و الرد الي ائمة الهدي حتي يحملوكم فيه علي القصد و يجلو عنكم فيه العمي قال الله تعالي فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و قال طلب العلم فريضة علي كل مسلم و قال الناس يغدون علي ثلثة عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء و قال علي7 في كلام له لايستحيي العالم اذا سئل عما لايعلم انيقول لا علم لي به و قال من ترك قول لاادري اصيبت مقاتله و عن محمد بن الطيار قال قـال لي ابوجعفر7 تخاصم الناس قلت نعم قال و لايسألونك عن شيء الاقلت فيه شيئاً قلت نعم قال فاين باب الرد اذاً و قال
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵۹ *»
ابوعبدالله7 اذا سئلت عما لاتعلم فقل لاادري فان لاادري خير من الفتياء و قال ان من اجاب في كل ما يسأل عنه فهو المجنون و قال رسولالله9 من حفظ من امتي اربعين حديثاً في امر دينه يريد به وجه الله و الدار الاخرة بعثه الله يوم القيمة فقيهاً عالماً و قال ابوجعفر7 والله لحديث تصيبه من صادق في حلال و حرام خير لك مما طلعت عليه الشمس حتي تغرب و في حديث ابيخديجة عن ابيعبدالله7 اجعلوا بينكم رجلاً قدعرف شيئاً من حلالنا و حرامنا فاني قدجعلته عليكم قاضياً و قال7 سارعوا في طلب العلم والذي نفسي بيده لحديث واحد تأخذه عن صادق خير من الدنيا و ما حملت من ذهب و فضة و قال7 في احاديثهم فمن اخذ بشيء منها فقداخذ حظاً وافراً و قال في حديث انظروا الي رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قدجعلته قاضياً فتحاكموا اليه و قال ابوجعفر7 لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها الي غير ذلك من الاخبار التي رويناها في فصل الخطاب فاين المجتهد المطلق في الرعية بل و اين المجتهد و جميع الرعية يعلمون اشياء و يجهلون اشياء و ما يعلمونه عشر من معشار ما يجهلونه الا ان ائمتهم امروهم بالعمل بما علموا كما علموا عنهم سلام الله عليهم و علموهم المخرج فيما يجهلون الي انيأتي من يعلمهم فان اريد من المجتهد المطلق من يعلم حكم كل شيء فلا احد يعلم علم كل شيء الا الحجة7 و ان اريد من يعلم المخرج في مجهولاته فكل عالم يعلم المخرج في مجهوله بقولهم كل شيء مطلق حتي يرد فيه نهي و هم في سعة ما لميعلموا فجميع ما تكلموا في هذه المسألة نفخ في غير ضرام.
بالجملة قوله <في جواز تجزي ملكة الاجتهاد> يعني الفعل متدرج و التجزي الحالي واقع و لايوجد جميع الاجتهاد في الزمان فهو يتجزي و اما القدرة فهي صفة نفسانية يمكن انلاتتجزي.
قوله <و الحق> الي اخر استدل علي حق بادلة واهية منها الاصل اي اصالة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۰ *»
امكان كل شيء و هذا شيء فهو ممكن و منها الوجدان فانا نري ان الرجل ربما يكون له ممارسة في العبادات دون المعاملات او بالعكس و منها عدم امكان الاطلاق لولاه يعني لكل نوع من مسائل الفقه ملكة و الاجتهاد المطلق مركب من ملكات فلو لميكن ملكة البعض معتبرة ماحصل ملكة كل الفقه و الاجتهاد المطلق و منها لزوم عمله بظنه كما يعمل بعلمه اما عمله بعلمه فاجماعي و اما عمله بظنه فانه لو لميعمل بظنه فعدم كونه مكلفاً بشيء منفي بالاجماع و كونه مأموراً بالاحتياط منفي بالاجماع و لزوم العسر و الحرج و كونه مأموراً بالتبعيض بانيختار الاجتهاد اذا كان مسبوقاً بالاطلاق و التقليد اذا كان مسبوقاً بالتقليد و ان لميكن مسبوقاً بشيء كالمتجزي في اول بلوغه يجتهد او يحتاط او يتخير فهذه الجملة منفي بالاجماع فيدور الامر بين انيقلد مطلقاً او يجتهد اما التقليد فالاصل حرمة العمل بالظن و منه تقليده و عمله باجتهاده معاً الا ان عمله بالتقليد ظن اضعف و مرجوح و ترجيحه علي الظن الحاصل له من الاجتهاد خلاف الحكمة و التخيير تسوية بين الراجح و المرجوح فظن المتجزي اولي و يجتهد و هو خير الامور لان المصنف عده في الوسط و خير الامور اوسطها.
والله ماادري اي دار دار هؤلاء أليس ينادي فيها بالتوحيد و النبوة و الامامة انظر انهم لايستندون في اختيارهم الي كتاب و لا سنة و انما يتكلمون بادلة وهمية خيالية سموها عقلية و يتبجحون بها و يعتمدون عليها ثم يتدينون بها و يحبون عليها و يبغضون عليها و لو تنفس متنفس بحديث لزبروه بان هذا ظني و لايجوز التمسك به في اصول الفقه و المرد الي الله سبحانه و اذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لايوقنون فذرهم يخوضوا و يلعبوا حتي يلاقوا يومهم الذي كانوا يوعدون.
قوله <و لو لميحصل> الي اخر يعني اذا تدبر في المسألة و لميحصل له ظن باحد الطرفين عمل بالاصول الفقاهية التعبدية التي لايشترط فيها حصول الظن كاصل الاباحة و اصل البراءة و امثالهما لان كل من جوز عمله بظنه قال بعمله بتلك الاصول و هذا دليل سخيف كما تقدم و للاستصحاب في المطلق الذي صار
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۱ *»
متجزياً و في البواقي بالاجماع المركب و هو اوهن من الاول و من بيت العنكبوت و لانه بطل ظنه بصحة ظن المجتهد المطلق و لايمكنه تحصيل العلم و لايجب عليه الاحتياط لانه منفي فلابد من الاجتهاد فاذا امتنع تحصيل الظن فالاصول الفقاهية متعينة و باقي العبارة ظاهر و لاحاجة الي شرحه.
بالجملة ذلك مبلغهم من العلم و هذا جزاء من لميرجع الي المحمد: اما نحن فلسنا بمجتهدين في الدين و انما نتبع الال الطاهرين و اخبار المعصومين فما بلغنا و عرفنا نعمل به و مالميبلغنا و لمنعرف نعمل بالتكليف المشروع لمن لميبلغه شيء و لميعرف و ذلك معلوم و الامام7 هو فقيهنا و العلماء رواة احاديثهم و فتاويهم و العوام الجاهلون غيرالحافظين يأخذون عن الرواة عن كل راوٍ ما روي و ان لميرو الا حديثاً واحداً و لانعرف شيئاً من هذه المسائل السنية التي لاتتمشي في مذهبنا نعم نحن نسعي و نجتهد في تصحيح الخبر و اثباته و العلم الشرعي بصحة صدوره و توضيح معناه علي متفاهم العرف ان لميكن له معارض و ان كان له معارض عملنا فيه بما اوقفونا عليه فنعمل بمفاده و نروي لمن يستفتينا ما صح عندنا لفظاً و معني أتري ان الله يؤاخذنا يوم القيمة و يقول لم سلمتم لالمحمد: و لم تقولوا في ديني بارائكم و عقولكم.
قال: من شرط الاجتهاد المطلق معرفة العربية مادة و هيئة و لو لباً و لو بالتقليد المحصل للظن الطبعي الا اذا كان المدرك في ايدينا فلابد من الاجتهاد للاصل و تكفي معرفة مقدار الحاجة في الاستنباط و لو بالقوة دفعاً للعسر و التعطيل و معرفة علم الكلام بقدر ما يتوقف عليه حصول الاعتقاد بالحكم الشرعي و لو لميكن بنحو مراجعة كتب الكلام و في اشتراط الاجتهاد او كفاية التقليد وجهان يأتيان و معرفة علم الرجال اما لاجل تحصيل شرايط الراوي او تحصيل اسباب الظن او تحصيل قراين القطع او لترجيح القطعيات اذا تصادمت و شكوك الاخباريين واهية كما مر و في جواز الاكتفاء بتصحيح الغير و تضعيفه وجهان تقدما و معرفة علم الاصول لانه متكفل لبيان عوارض ادلة الفقه و تكفي الملكة لما اشرنا في العربية
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۲ *»
و لايكفي التقليد للاصل و معرفة علم المنطق اجتهاداً و لو لباً لانه متكفل لتميز صحيح الدليل من سقيمه و معرفة مواقع الاجماعات ولو ملكة لئلايخالفها لكن هذا الشرط مستغنيعنه بعد ما سبق من الشرايط كما يستغني عن اشتراط قدرته علي فهم ايات الاحكام و هي الايات التي يمكن استخراج الاحكام منها مطابقةً او تضمناً او التزاماً نعم يشترط انيكون له انس بالاخبار لارتباط الابواب بعضها ببعض و انيكون له قوة رد الفروع الي اصله و انيعلم المعاني و البيان و البديع ليرجح الافصح او الفصيح عند التعارض و فيه نظر و ان لايكون له جربزة لايقف ذهنه علي شيء و لا بليداً يميل الي كل ناهق و ناطق و لا معوج السليقة و لا كثير التوجيه و التأويل فربما يجعل الاحتمال البعيد من الظواهر لانسه بذلك و يمكن انيقال ان اكثر المذكورات ليست من الشروط الخارجة عن ملكة الاجتهاد بل هي مقومات لها ثم بعض ما ذكر ليس شرطاً لتحقق التجزي و بعضه شرط له و للاجتهاد مكملات حسنة كمعرفة بعض مسائل الهيئة و الطب و الهندسة و الحساب.
اقول: اعلم ان العامة لما عدلوا عن المحمد: واستبدوا بارائهم رأوا بالفطرة الاولية ان امر الجماعة لايقوم و لايستقيم الا و انيكون فيها مطاع و مطيع و عالم و جاهل و امر و مأمور و كبير و صغير و وال و موليعليه و حاكم و محكوم اتفقوا انيقسموا جماعتهم بقسمين مجتهد و مقلد و قالوا من لميكن مجتهداً او مقلداً فعبادته باطلة لعدم امكان التقرب الي الله سبحانه بالجهل و الشك فاقاموا المجتهدين مقام الائمة و لقبوهم بالقابهم و سموهم باسمائهم و اقاموا المقلدين مقام الرعية لهم فاذا جعلوا المجتهدين ائمة رأوا بالفطرة الاولية ان الامام و الوالي ينبغي انيكون كافياً لامر الرعية فيحتاج الي علوم فاشترطوا عليهم علوماً يكونون بها علماء كاملين و ائمة فاضلين لهم فلما عاشرهم اصحابنا و نظروا الي كلماتهم اغتروا بها فكما اتوا بالاجتهاد في مذهبنا اتوا بشروطه من غير روية و غفلوا عن انهم اقاموا المجتهدين مقام ائمتنا و لذا سموهم بالامام الحنفي و الامام الحنبلي و الامام المالكي و الامام الشافعي حتي انهم في بعض كتبهم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۳ *»
اذا ذكروا اسماء هؤلاء الفسقة الكفرة كتبوا بعدها عليه السلام مجاراة للشيعة و ائمتنا هم العالمون بجميع ما هو من شروط الامامة و نحن المتعلمون و كنا نأتيهم من البدو و الحضر و السوق و الرباطات و الخانات و نستفتيهم فيجيبوننا و نعمل بما امرونا به من غير اننعلم علوم الامامة و ما يشترط في الامام و كان علي الامام انيكلمنا بلساننا و يعرفنا مراده لانا اتينا بما علينا و هو السؤال و كنا نفهم سؤالنا و عليه الجواب و التفهيم و هو معصوم لايقصر و لايغري بالباطل و لايعمي كلامه و لايَثبَجُ مرامه و لايمجمج في خطابه و لايغلط في جوابه و هو مأمور من عند الله سبحانه بالابلاغ و البيان و الهداية و هو معصوم مطهر غيرمقصر في ما عليه و قدفعل فنحن لانستوجب لنا الا السعي في ان نصير كاحد من العرب لان اخبارهم اتتنا بالعربية و في صيرورتنا كاحد من العرب طريقان طريق المعاشرة و الخلطة حتي نتعلم العربية كما كان العجم ذلك اليوم يدخل بلاد العرب و يعاشرهم حتي يتعلم العربية و قدقررهم الائمة: علي هذا التعلم و لميأمروهم بشيء ازيد من ذلك قطعاً فسم هذا القسم و هذا التحصيل بم شئت فانه مرضي لله سبحانه قطعي الجواز و الكفاية ولكن هذا القسم من التحصيل في زماننا هذا غيرمعتبر لفساد عربية العرب لاختلاطهم بالعجم و سهل الله لنا الامر ببركات مولانا اميرالمؤمنين و الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم بانوضعوا علم اللغة لمواد كلمات العرب و علم الصرف لاشتقاقاتها و تصريفاتها و علم النحو لحركاتها و اعرابها و هذه الثلثة ايضاً قدشاعت في زمان الائمة: و بلغت الغاية و قرروها و تعلم العرب المتغيرون و العجم العربية الصحيحة بها و يشهد القرائن ايضاً بصحتها فالان الطريق الاقرب الاسد الاصح تحصيل العربية الصحيحة بها حتي ان العرب في زماننا يحتاجون اليها في فهم العربية الصحيحة و ذلك امر لاشك فيه و لاريب يعتريه بل عندي ان هذه الثلثة علوم و العلم بلا عمل غيرمجد كما نشاهد جماعة من الطلبة في غاية المهارة و الحذق في هذه العلوم الثلثة و لايقدرون علي فهم كلام واحد و عندي انه لابد معها من العمل و ممارسة الاخبار و الخطب و كتب الادب حتي يصير فهماً لقناً يفهم اشارات الكلام و لحنه كما روي والله لانعد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۴ *»
الرجل من شيعتنا فقيهاً حتي يلحن له فيعرف اللحن و يقال في العربية لحن لفلان لحناً اذا قال له قولاً فهمه عنه و خفي علي غيره من القوم و لحن الكلام و فحواه و معاريضه بمعني و قال ابوعبدالله في حديث انا لانعد الفقيه منكم فقيهاً حتي يكون محدثاً فقيل او يكون المؤمن محدثاً قال يكون مفهماً و المفهم محدث و قال في حديث لايكون الرجل منكم فقيهاً حتي يعرف معاريض كلامنا انتهي فاذا ضم العمل بالعلم حصل له قراين في فهم الكلام لاتحصي و يتمكن من فهم الكلام كأنه رجل لقن في مجلس الخطاب يفهم الاشارات و يتنبه من العبارات و معذلك كله لابد و انيكون مخلوقاً لذلك موضوعاً له غريزة فهم العبارة فان ذلك ايضاً كالتمكن من الشعر و الخط فلا كل احد يقدر علي الشعر و لو مصرع واحد و ان كان في علم العروض و البديع و الادب ماهراً و لا كل احد يقدر علي حسن الخط و لو كان كثير المشق قدصرف عمراً فيه و كذلك لا كل احد يقدر علي فهم المعني المراد من الكلام و ان كان في جميع علوم العربية ماهراً و ذلك محسوس مشاهد فاذا اجتمع له هذه الشروط يصير كرجل لقن من العرب جالس في مجلس الخطاب قدخاطبه الحجة بكلامه فيفهم المراد من الحديث ان كان واحداً بلا معارض و ان كان له معارض فيجب انيعمل فيها بما اذن له امامه و علمه من المخرج فاذا بلغ هذا المبلغ و مارس و داوم فهو فقيه.
و اما معرفة علم الكلام فلايجب منه ما دوّنه علماؤه بل متكلموا هذه العصابة شرار من هم منهم و لايؤلون الي خير ابداً و الجهل به خير من العلم به و هو علم بدعي مخترع من العامة يجب التحرز منه
و لكل رأيت منهم مقاما | شرحه في الكلام مما يطول |
و اما ما ورد في الاخبار فهو يراجع الاخبار و يسلم للائمة الاطهار صلوات الله عليهم و اما بقدر الواجب و اصلاح الاعتقادات فذلك واجب علي كل مسلم و لايختص بالفقيه و الواجب منه تحصيل اليقين كيفما اتفق و اما معرفة علم الرجال فليس لها فائدة لازمة نعم انها من المكملات و اما معرفة علم الاصول فان كانت مما في الكتاب و السنة فهو يراجعهما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۵ *»
و يسلم لهما بعد ما يفهمهما و ان كانت مما ابدعته العامة العمياء فعدمها اولي بالاشتراط من وجودها لئلايتشوش الذهن و لايتغير الفطرة و لايعوج السليقة التي خلق الله المرأ عليها و انما الكلام في جواز مراجعتها و عدم جوازها قال ابوعبدالله7 لاخير فيمن لايتفقه من اصحابنا ان الرجل منهم اذا لميستغن بفقهه احتاج اليهم فاذا احتاج اليهم ادخلوه في باب ضلالتهم و هو لايعلم وقال7 ليونس لاتغرنك صلوتهم و صومهم و كلامهم و رواياتهم و علومهم فانهم حمر مستنفرة ثم قال يا يونس ان اردت العلم الصحيح فعندنا اهل البيت فانا ورثنا و اوتينا شرع الحكمة و فصل الخطاب و قيل له انا نأتي هؤلاء المخالفين فنسمع منهم الحديث يكون حجة لنا عليهم قال لاتأتهم و لاتسمع منهم لعنهم الله و لعن مللهم المشركة و قال رسول الله9 في حديث ان احسن الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد و شر الامور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و قال علي7 ايها الناس انما بدء وقوع الفتن اهواء تتبع و احكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله يقلد فيها رجال رجالاً الخطبة و الذي يدل علي انه محدث انهم يقولون انه لايجوز الاستدلال في هذه المسائل بالاجماع لانها محدثة و لميتحقق فيها الاجماع الذي فيه المعصوم فتدبر بالجملة لا شك في ان ترك مراجعتها اولي و احوط في الدين لما رأينا من اثارها في من يراجعها و اما علم المعاني و البيان و البديع فهي علوم مستحدثة لايحتاج اليها و كم من رجل لميتناولها و يتكلم بفصيح الكلام و بليغه و بديعه و يفهمه و كم من رجل تناولها و لايقدر علي فهم كلام واحد و كفاها انها لفهم كلام العرب الجهال بها و لدرك محاسن كلام الجهال بها فالجهال كانوا يتكلمون فصيحاً بليغاً بديعاً من غير علم بها و هي من العلوم الطبيعية الجبلية لاتحتاج الي اكتساب و غاية ما تفيد معرفة اسماء اصطلحها السكاكي و اضرابه و وضعها للالفاظ و المعاني و لاحاجة اليها.
قوله <من شروط الاجتهاد المطلق> اي الذي يقدر معه المجتهد علي فهم كل مسألة بخلاف المتجزي.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۶ *»
قوله <معرفة العربية مادة و هيئة> اما مادة فكاللغة و الصرف علي اعتبار و اما هيئة فكالنحو و يمكن انيلحق به الصرف ايضاً.
قوله <و لو لباً> يريد انيكون الرجل عربياً يعرف لب اللفظ و معناه من غير انيعرف ان هذا فعل او اسم فاعل او مفعول كعوام العرب.
قوله <و لو بالتقليد> و استدل له بالاجماع و لزوم العسر لو قلنا بلزوم الاجتهاد و يكفي فيه الظن الطبعي و النوعي للاجماع و بناء العقلاء.
قوله <الا اذا كان المدرك في ايدينا> يعني اذا علمنا ان من نأخذ منه و نقلده انما اخذه عن فلان او استنبطه بدليل فلان فحينئذ يجب علينا الاجتهاد في مدركه للاصل اي اصل حرمة العمل بماوراء العلم خرج ظن المجتهد و الباقي في حيز المنع.
قوله <و في جواز الاكتفاء> الي اخر يقول ينبغي الاجتهاد في علم الرجال و يشهد بوجوبه ان الاصل حرمة العمل بالظن لكن المصنف جوز التقليد و الاكتفاء فيه بجش ثقة و كش ضعيف للزوم تكليف ما لايطاق او العسر و تعطيل الاحكام لان الاجتهاد فيه يحتاج الي زمان طويل لايفي به عمر الفقيه فهو مخير بينهما و قدتقدم الكلام في علم الرجال.
قوله <و معرفة علم الاصول> قدقدمنا الاشارة اليها.
قوله <و معرفة علم المنطق اجتهاداً و لو لباً> يعني من غير مراجعة الكتب و هو اشتباه محض و هو من علوم الافرنج و ليس من علوم الاسلام و قداتي به من الافرنج و ترجم كتبهم و شاع في الاسلام و افسد عليهم الايمان و فتح عليهم ابواب الرأي و كفاك في عدم الحاجة اليه ان النبي لميأت به و لميأمر به وصي و حقيقته طبيعي الانام حتي الاطفال فانهم مجبولون عليها و ليس علم المنطق الا بيان اسماء وضعوا علي التصورات و التصديقات و القضايا و فيه مع عدم الفائدة ضرر كثير و يشتمل علي كفر و اراء من عقول ناقصة مع انه لايعرف منه الا صور الادلة و يبقي موادها في قالب الاشكال.
قوله <و معرفة مواقع الاجماعات> اما الحجة منها فهي شيء يحصل بعد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۷ *»
مراجعة الاخبار و تحدث في النفوس قهراً و ليست بشيء موضوع خارج الكتاب و السنة فيحصله و اما البواقي مما حبروا بها الكتب فقدذكرنا في مبحث الاجماع شرح احوالها.
قوله <و لو ملكة> يعني لايجب استحضارها و لو كان له قدرة يطلع بها عليها متي ارادها كفت.
قوله <و ان يعرف البيان> الي اخر قدعرفت حالها هذا و ترجيح الافصح علي غير الافصح بدعة عامية سنية.
قوله <و لا كثير التوجيه> الي اخر هذا الشرط ينافي اشتراط معرفة علم الاصول فانه اصل الشبهات و الشكوك و الاحتمالات و التوجيهات و التأويلات كما عرفت في هذا الكتاب و باقي العبارة ظاهر.
قال: في عدم معذورية الجاهل بالعبادة مطلقا او مع عدم المطابقة او مع التقصير اقوال و محل النزاع الصحة و الفساد قاصراً ام مقصراً لا الاثم و عدمه و في كونه اعم من الجهل بالوجه او اختصاصه بما عداه وجهان ثم لاريب في وجوب تعلم المسائل التي تعم بها البلوي كتاباً و سنة و مقتضي اصل الشغل كونه شرطاً لصحة العبادة و عدم كفاية الموافقة الاتفاقية الا انيكون في المقام اطلاق ينفيه كما ينفيه بناء العقلاء و قاعدة تبعية الاحكام للصفات الكامنة من دون مدخلية العلم و الجهل المؤيدة بظاهر حديث عمار نعم لو علم بعدم المطابقة او شك فيها و الوقت باق وجب الاعادة قاصراً و مقصراً لاستصحاب بقاء الامر و بناء العقلاء و عدم مدخلية العلم و الجهل في الاحكام كما مر و لظاهر حديث عمار و مما مر تقدر علي استخراج حكم وجوب القضاء و عدمه و الاثم و عدمه و حكم ما لو علم الجزئية و جهل الركنية و ما لو اخذ الحكم من المجتهد جاهلاً باجتهاده او بلزوم الاخذ منه و حكم المقصر بقسميه و القاصر باقسامه و ما لو كان شرط العبادة معاملة كستر العورة و اما المعاملات فاتفقوا فيها علي ان المناط مطابقة الواقع و عدمها.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۸ *»
اقول: قوله <و محل النزاع الصحة و الفساد> يعني ليس محل النزاع في الحكم التكليفي اي الوجوب و الاستحباب و انما النزاع في الحكم الوضعي اي الصحة و الفساد و لذا تعنون المسألة بانه هل يصح عبادة الجاهل ام لا و اتفقوا علي كفاية مطابقة الواقع في المعاملات و ليس محل النزاع في الاثم و عدمه لان المقصر آثم و ان طابق الواقع و القاصر غير آثم و ان خالف الواقع بالجملة و لما كان النزاع في الحكم الوضعي يعم القاصر و المقصر.
قوله <و في كونه اعم> الي اخر يعني في كون النزاع اعم من الجاهل بالوجه اي الوجوب و الاستحباب و غيره او هو مختص بما عداه احتمالان.
قوله <ثم لاريب> الي اخر يعني المسائل التي تتفق دائماً و يحتاج اليها الناس يجب تعلمها و البلوي اسم الاختبار يعني عم الناس الابتلاء به و الاختبار و يسمي التكليف بلاءاً لانه اختبار فلاريب في وجوب تحصيل العلم بتلك المسائل بالكتاب و السنة و زاد في الضوابط و لبناء العقلاء و لوجوب المقدمة و مقتضي اصل الشغل كون هذا العلم شرطاً لصحة العبادة فلو صلي مثلاً و لايعلم بعض المسائل التي يعم بها البلوي مما يتعلق بها كان باطلاً فلو صلي جاهلاً بمسائل الشك مثلاً فصلوته باطلة و ان لميشك و نعوذ بالله من هذه الاحكام التي تهتز لها السماء و ما فيها و ترجف الارض و ما عليها و يؤثمون العباد بها.
قوله <الا انيكون> الي اخر يعني الا انيكون دليل العبادة مطلقاً عن هذه القيود فهو ينفي الاصل كما ينفيه بناء العقلاء و تبعية الاحكام للصفات الكامنة من دون مدخلية العلم و الجهل المؤيدة هذه الادلة بحديث عمار حيث اجنب و تمرغ في التراب و لميأمره النبي9 بالاعادة فحينئذ يمكن انيقال ينصرف عن الاصل.
قوله <نعم لو علم> الي اخر يعني اذا علم في الوقت عدم المطابقة وجب الاعادة سواءاً كان مقصراً او قاصراً للاستصحاب و لبناء العقلاء الذين هم كالائمة عند المصنف و لعدم مدخلية العلم و الجهل في الاحكام و هو خطاء محض كما عرفت و لميؤمر الناس بالاحكام الواقعية و لظاهر حديث عمار و هو ما روي عن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶۹ *»
ابيجعفر7 قال اتي عمار بن ياسر رسول الله9 فقال يارسول الله اني اجنبت الليل فلميكن معي ماء قال كيف صنعت قال طرحت ثيابي و قمت علي الصعيد فتمعكت فيه فقال هكذا يصنع الحمار انما قال الله عزوجل فتيمموا صعيداً طيباً فضرب بيديه علي الارض ثم ضرب احديهما علي الاخري ثم مسح بجبينه ثم مسح كفيه كل واحدة علي ظهر الاخري فمسح اليسري علي اليمني و اليمني علي اليسري وبهذا المضمون ساير الاخبار و ليس فيها ذكر امر باعادة و ماادري كيف تدل علي الاعادة اما اذا كان قاصراً و عمل عملاً ثم علم المطابقة بعد الوقت فقال في الضوابط لايلزم الاعادة و استدل باستدلال شريف قال لبناء العقلاء فلو قرر المولي اوامر و نواهي و اثبتها في طومار و امر عبيده بالعمل بما فيه و الاخذ منه و العلم به فواحد منهم لميسمع حكم المولي بلزوم العلم به و اعتقد جواز اخذ الحكم من كل احد ثم ظن بالمأمور به و عمل به ثم اطلع علي حكم المولي و رأي عمله مطابقاً يعد نفسه ممتثلاً فبهذا الدليل حكم بعدم لزوم القضاء و ماادري اي عبد اسود زنجي صار معلماً له و حجة عليه و كيف جاز التأسي بهذا العبد الزنجي و اخذ دين الله منه و الحكم علي العباد في البلاد نعوذ بالله هذا هو الذي ان اصاب لميوجر و ان اخطأ كذب علي الله ذلك مبلغهم من العلم و الذي عندنا ان كل عمل عمله الانسان ان لميكن بدلالة المحمد: فعمله فاسد و ان طابق الواقع و لا واقع الا طاعتهم قال ابوجعفر7 كل من دان الله عزوجل بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من الله فسعيه غيرمقبول و هو ضال متحير و الله شانئ لاعماله الي ان قال و ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق و اعلم ان ائمة الجور و اتباعهم لمعزولون عن دين الله قدضلوا و اضلوا فاعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لايقدرون مما كسبوا علي شيء ذلك هو الضلال البعيد انتهي فالذي يعمل عملاً من غير اخذ من المحمد: لا امام له في ذلك العمل و هو عامل برأيه و ظنه و الله
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۰ *»
شانئ لعمله لانه لميأذن له بالعمل بظنه في كتاب و لا سنة و قال ابوجعفر7 ذروة الامر و سنامه و مفتاحه و باب الاشياء و رضاء الرحمن الطاعة للامام بعد معرفته اما لو ان رجلاً قام ليله و صام نهاره و تصدق بجميع ماله و حج جميع دهره و لميعرف ولاية ولي الله فيواليه و يكون جميع اعماله بدلالته اليه ما كان له علي الله حق في ثوابه و لا كان من اهل الايمان انتهي فالعمل الذي لميؤخذ عن المحمد: لايمكن انيعتقد انه مرضي لله و لايمكن قصد التقرب به الي الله و هو متزلزل فعمله من اوله باطل ولكن المصنف اخذ دينه من عبد حبشي او زنجي ظن انه لوسئل يقول كذلك فتبصر و انصف هل هذا دليل يكشف عن مكنون رضاء الله و اما اذا كان مقصراً و علم بالمطابقة في الوقت قال فكذلك لبناء العقلاء و عدم اختلاف الاحكام الواقعية بالعلم و الجهل و بان الجهال يتقربون باعمالهم الي الله بمحض احتمال المطلوبية و اما المقصر العالم بعدم المطابقة و هو في الوقت يلزمه الاعادة لبناء العقلاء و الاصل و عدم اختلاف الاحكام بالعلم و الجهل و كذلك عند الشك لذلك.
قوله <و مما مر تقدر> الي اخر يعني انه لا قضاء علي القاصر كما لا اعادة فان القضاء يحتاج الي امر جديد و الاجماع علي ان ما لا اعادة فيه لا قضاء فيه و لبناء العقلاء و هم ائمة المصنف و عدم اختلاف الاحكام بالعلم و الجهل و قداتي بمطابقة الواقع و اما في صورة العلم بعدم المطابقة بعد خروج الوقت فعليه القضاء لشمول الفوات له و اما في صورة الشك بعد خروج الوقت فلا قضاء للاصل و عدم شمول الفوات و الله ماادري هؤلاء اهل اي بلد و هل بلغ ذكر المحمد: الي بلدهم ام لا و هل عرفوا وجوب الرجوع اليهم ام لا و هل قرأوا فلاوربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليما كيف يبنون دين الله علي هذه الادلة و كيف يستخرجون مكنون رضاء الله في اللوح المحفوظ بهذه البراهين السخيفة بالجملة و اما المقصر عنده فان علم المطابقة فلا قضاء لما مر في القاصر و ان علم عدم المطابقة قضي لما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۱ *»
ذكر مع الاولوية.
قوله <و الاثم و عدمه> يريد ان المقصر اذا طابق عمله الواقع فعليه اثم و الا فعليه اثمان و القاصر لا اثم عليه علي حال.
قوله <و حكم ما لو جهل> الي اخر اعلم انهم اختلفوا في المسائل التي ليس يحتاج الناس اليها في اغلب احوالهم هل العلم بها شرط صحة العبادة مطلقا ام ليس بشرط مطلقا او لابد من التفصيل بعامة البلوي و غيرها فاختار المصنف التفصيل للاجماع و لزوم العسر و الحرج ثم اختلفوا في العامة البلوي هل العلم بها شرط الصحة و ان لميتفق الحاجة اليها او مع الاتفاق فذكر ان هيهنا وجوهاً و اختار ان العبادة ان طابقت الواقع لايضر الجهل و ان خالفت ضر كالجهل بنفس العبادة و حكم بعدم اشتراط العلم بها في صحة العبادة لبناء العقلاء الذين نبيه و عدم اختلاف الاحكام بالعلم و الجهل و اما من يعلم ان هذا العمل مطلوب الشارع بانه جزء او شرط و يجهل الركنية و عدمها فاختار المصنف التفصيل المذكور انفاً و جميعها اراء و ظنون لايؤل الي خير و ان طابق بعضها الواقع و لكن اكثر الناس لايعلمون.
قوله <و ما لو اخذ الحكم من المجتهد> الي اخر فحكمه عند المصنف التفصيل السابق.
قوله <و حكم المقصر> الي اخر انهم قالوا من لميتمكن من تعلم المسائل تقليداً او اجتهاداً فهو قاصر و غيره مقصر فغير المتمكن اما لاجل عدم التفاته الي وجود مجتهد و مقلد و ان الناس صنفان او لاجل عدم التفاته الي وجوب الاخذ عن المجتهد و عدم عمله بجواز العمل باحد القسمين من الاخذ و ان التفت الي وجود الصنفين و اما هو ملتفت الي كل ذلك و لايصل يده الي مجتهد و المقصر اما مقصر في تحصيل العلم او في مقدماته بسوء اختياره بالجملة قد مر احكامهما.
قوله <و ما لو كان شرط العبادة> الي اخر فذلك و ان كان من المعاملات و اتفقوا علي ان مناط الصحة فيها مطابقة الواقع لكن لما كانت مرتبطة بالعبادة فهل يشترط في صحة العبادة العلم بها ام لا فاختار المصنف العدم و الاكتفاء
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۲ *»
بمطابقة الواقع.
فاذا عرفت ما عندهم فاعلم ان الله العدل محال انيطلب من العبد ما لميبينه له و يوضحه له قل فلله الحجة البالغة وما كان الله ليضل قوماً بعد اذ هديهم حتي يبين لهم ما يتقون لايكلف الله نفساً الا ما اتاها و لايكلف الله نفساً الا وسعها فالجاهل من لميعلمه الله سبحانك لاعلم لنا الا ما علمتنا و من لميعلمه ليس عليه انيعلم و يوجد علماً لنفسه فليس لله عليه حجة و لايؤاخذه الله و لذلك روي عن علي7 هم في سعة حتي يعلموا و في احاديث المرفوعات رفع عن الناس ما لايعلمون و قال ابوعبدالله7 ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم وقال ابوجعفر7 ليس علي الناس انيعلموا حتي يكون الله هو المعلم لهم فاذا علمهم فعليهم انيعلموا انتهي فاذا هم في حال جهلهم معذورون بالبداهة و لذا روي مزيداً علي ما مر عن ابيعبدالله7 اي رجل ركب امراً بجهالة فلا شيء عليه فهذا الجاهل ان استمر جهله فيمضي علي وجهه و لا شيء عليه و ان عمل عملاً جهالة ثم تنبه ان فيه حكماً و سأل و علم انه خالف السنة رد الي السنة لقول ابيجعفر7 من جهل السنة رد الي السنة و قوله7 كل من تعدي السنة رد الي السنة و قال ابوعبدالله7 كلما خالف كتاب الله و السنة فهو يرد الي كتاب الله و السنة هذا اذا كان وقت ذلك العمل ان كان موقتاً باقياً و اما ان كان فائتاً فلا قضاء عليه فانا لاندري هل هو في غير ذلك الوقت مطلوب لله سبحانه ام لا كما احتج رسول الله9 علي المشركين بقوله انكاراً أرأيتم ان امركم رجل بدخول داره يوماً بعينه ألكم انتدخلوها بعد ذلك بغير امره قالوا لا الخبر و ان لميكن موقتاً فيجب رده الي السنة متيما كان لقول الرضا7 جايز انتؤدي الحقوق في اي وقت كان اذا لميكن موقتاً و كذلك المعاملات فان علم بعد الجهل بالمطابقة يمضيها بعد العلم و يبني عليها و ان علم المخالفة ترد الي الحق لما مر من وجوب رد مخالف السنة الي السنة و هي غيرموقتة و يجب متابعة السنة علي كل حال و لقول الرضا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۳ *»
7لايحل مال الا من وجه احله الله و لقول ابيجعفر7 لاتبطل حقوق المسلمين بينهم و لقول رسول الله9احيوا الحق لصاحب الحق و قال ابوعبدالله7 لايصلح ذهاب حق احد فالجاهل مادام جاهلاً لا اثم عليه و لا شيء عليه و بعد ما علم يجب رجوعه الي الشارع و يعمل بقوله فان امره بالاعادة و القضاء يعيد و يقضي و ان امره بالامضاء يمضيه و لما راجعنا الشارع وجدناه امراً بما وصفنا.
و اما الجاهل المتنبه كالذي اتفق له في اثناء صلوته شيء لايعلم المخرج منه فعمل عملاً جهلاً او ظناً بالواقع ثم راجع الشارع فكان عمله موافقاً للواقع فهو ممضي للاجماع القطعي الذي لاشك فيه علي ذلك و يشهد بذلك جميع الاخبار و السنة و السيرة فان الناس كانوا يستفتون الائمة في جميع الاعصار في اعمالهم فان كانت موافقة للواقع قالوا لابأس به و ان كانت مخالفة قالوا افعل كذا و كذا و لمنجد حديثاً يأمر بالاعادة لاجل انه فعله جاهلاً حتي انه كتب الي صاحب الزمان7 يسأل عن رجل يكون في محمله و الثلج كثير بقامة رجل فيتخوف ان نزل الغوص فيه و ربما يسقط الثلج و هو علي تلك الحال و لايستوي له انيلبد شيئاً لكثرته و تهافته هل يجوز انيصلي في المحمل الفريضة و قدفعلنا ذلك اياماً فهل علينا فيه اعادة ام لا فاجاب لابأس به عند الضرورة الشديدة انتهي و علي ذلك جري جميع الاخبار و السنة و السيرة في جميع الاعصار.
و لقد من الله علينا قاعدة اخري ببركات المحمد: و هي ان الفرايض التي فرضها الله ان تركت جهلاً او سهواً او نسياناً يعاد منها العمل لقول ابيعبدالله7 كل شيء خالف كتاب الله فهو رد الي كتاب الله عزوجل و قول ابيجعفر7 من جهل السنة رد الي السنة و قوله كل من تعدي السنة رد الي السنة و اما السنة في الفرايض فان تركت جهلاً او نسياناً او سهواً لايعاد منها العمل لقول ابيعبدالله7 لاتنقض السنة الفريضة و ان كان لها تدارك خاص بحسب النصوص يتدارك و قل من تنبه بذلك من الفقهاء و اما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۴ *»
السنة في غير الفريضة فلاتدارك لها لما مر الا ان لايكون موقتاً فيؤتي بها في اي وقت كان.
و اما الجهل بالوجه فقدقام لنا الاجماع الذي لاشك فيه و لاريب يعتريه انه لايجب علي الرعية العلم بالفصل اي الوجوب و الندب و الحرمة و الكراهة و يجزيهم الجنس اي المطلوبية و المبغوضية و لميرد الله و لارسوله و لاحججه: من الرعية العلم بالفصول و علي ذلك جرت الاخبار بلا غبار و لاجل ذلك يظهر في بادي النظر ان في الاخبار اختلافاً والحال انه ربما يكون الامر للندب في الواقع و النهي رخصة او النهي للكراهة و الامر رخصة و ذلك اكثر كثير و انما كان ديدن الحجج: قول افعل و لاتفعل حسب و من كان فقيهاً يعلم ذلك عياناً بلا غبار و ليس علي العباد انيعرفوا ان ذلك شرط او شطر ركن او غيرركن و ساير ما اعتني به الفقهاء و تكلفوا فهمها و كثر الاختلاف بينهم لاجلها مما لايلزم و لو اقتصروا في المسائل علي الاجناس لزال الاختلاف و جاء الايتلاف الا في مسائل نادرة و عند التحقيق جل الاختلاف في هذه الامور التي تكلفوا معرفتها و لها دونت الدواوين و كثر القيل و القال في المتشرعين و الحال ان مولانا اميرالمؤمنين7 يقول لاتكلفوا ما لمتكلفوا و يقول مولانا الحجة7 لاتتكلفوا علم ما قد كفيتم انتهي و قدكفونا ذلك المحمد: و يعلم من تركهم بيان ذلك ان ما صنعوا هو سبب الايتلاف و هو الاولي فما صنع المتشرعون هو سبب النزاع و الخصومة و الجدال و الاختلاف و هو خلاف الاولي والله من ورائهم محيط هذا اعتقادي في الجاهل ولعلك بعد ما احطت بما ذكرت خبراً لو ضربت اباط الابل شرقاً و غرباً لمتجد حقاً غيره مطابقاً للكتاب و السنة و الاجماع و الحمدلله الذي خصنا بـفاضل علوم محمد و المحمد: و سهل لنا سلوك سبله و صلي الله علي محمد و اله.
قال: اصل المصيب في العقايد واحد عند جمهور المسلمين و الباقي مخطئ و العنبري علي ان الكل مصيب و يرده لزوم اجتماع النقيضين ثم انه اثم مع التقصير لا القصور حذراً من تكليفه بما لايطاق انما الكلام في تحقق القاصر هنا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۵ *»
و لا دليل علي عدم امكانه الا انيتمسك بمنقول الاجماع و بالاية الشريفة الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و بعموم ما دل علي تعذيب الكفار و في الكل كلام و من هنا بطل قول الجاحظ بعدم الاثم و العقليات التي يستقل بحكمها العقل من الفرعيات كقبح الظلم كالعقايد في الاصابة و الاثم و عدمهما و ضروريات الفروع عبادة و معاملة كذلك و اختلفوا في غير الضروريات من الفرعيات فبين قائل بانه لاحكم عند الله تعالي في الواقع بل حكمه تابع لظن المجتهد فكل مجتهد مصيب و لعله لان الحسن و القبح يختلفان بالاعتبارات حتي العلم و الجهل او انه تعالي جعل احكاماً يطابقها اراء المجتهدين قهراً او اتفاقاً او انه تعالي لما علم بان رأي كل مجتهد يصير كذا فجعل احكاماً علي طبقها و قائل بان له تعالي حكماً واحداً في كل واقعة و ان المصيب واحد و المخطي معذور و هذا مذهب اصحابنا الا الشيخ في العدة فجعل المخطي فاسقاً و لعله محمول علي صورة التقصير في الاجتهاد او العمل بمثل القياس و فيه ان المجتهد في الصورتين يعاقب اصاب ام اخطأ ثم النزاع ليس في تعدد مدلولات خطابات الشارع و وحدتها لاتفاقهم علي ان المراد من الخطاب معني واحد و لا في تعدد الاحكام الظاهرية و وحدتها لاتفاقهم علي تعددها بتعدد الاراء و اصابة الكل في ذلك بل النزاع في تعدد الحكم الاصلي المقصود بالذات في الواقعة الواحدة و وحدته و الموضوعات الصرفة ليست من محل النزاع و ان كان قديظهر دخولها ممن فرض ثمرة النزاع في القبلة و ذلك لان العنوان في الاحكام الفرعية و لانه لايعقل التصويب فيها و لانه يلزم التناقض بين قول الامامية هنا بالتخطئة و نزاعهم في وضع الالفاظ للامر النفس الامري او الذهني او الخارجي ثم قديقال ان الاصل مع المخطئة لاصالة عدم التعدد و عدم الاصابة و فيهما نظر و ان كان المدعي حقاً و امكن تتميمه بتقرير اخر ثم الصواب بطلان التصويب لتبعية الاحكام للصفات من غير مدخلية العلم و الجهل و للزوم الترجيح بلا مرجح في ارادة واحد من الاحكام الاصلية من الخطابات دون غيره و في الامر بالفحص عنه دون غيره و لبناء العقلاء و الاجماع محققاً و منقولاً و لظاهر الايات الثلث و من لميحكم بما انزل الله والنص النبوي المشهور الذي جعل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۶ *»
للمصيب اجرين و للمخطي اجراً و ينبغي تنزيله علي الفحص الزايد المستحب لا علي القدر الواجب حتي لاينافي قواعد العدل و للنصوص الدالة علي ان له تعالي في كل واقعة حكماً و لحديث نهج البلاغة و تظهر ثمرة القول بالتخطئة في ان الامر لايقتضي الاجزاء فيما كان البدل عقلياً الا انيقوم دليل علي الاجزاء و قدتفرض ثمرة النزاع ايضاً في جواز القدوة بمن ينافي رأيه رأي المأموم و عدمه و في انفاذ حكم حاكم اخر و عدمه و فيهما كلام.
اقول: قوله <عند جمهور المسلمين> ان كان دليلاً فيضحك منه الثكلي ما للعقايد و للاجماع و اتباع العقول المجبولة علي اعتقاد ما تيقنت به و التردد فيما لمتتيقن بنفسها و لو اجتمع علي خلافها جميع اهل العالم لجمهور المسلمين و الامر الواقعي في الخارج واحد لاتتعدد بالاراء فلايصير العالم حادثاً و قديماً و المعاد جسمانياً و روحانياً بحسب اختلاف الاراء و هذا مفروغعنه بل مسكوتعنه بل غير متوجه اليه عند الحكماء.
قوله <انما الكلام> الي اخر لا شك و لاريب في وجود المستضعفين الذين لايمكنهم تعقل الشيء و لا الجهاد في سبيل الله لتعقله فقد سئل ابوجعفر7 عن المستضعف فقال هو الذي لايهتدي حيلة الي الكفر فيكفر و لايهتدي سبيلاً الي الايمان لايستطيع انيؤمن و لايستطيع انيكفر فهم الصبيان و من كان من الرجال و النساء علي مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم انتهي فهؤلاء اهل القصور الكلي ثم يتدرج الناس في القصور الي انيبلغوا حد الكمال و كل احد قاصر في شيء و كفاك قوله7 لو علم ابوذر ما في قلب سلمان لكفره و لا شك ان ذلك من قصوره لا من تقصيره فما لمنقول الاجماع في الامور الواقعية و الاية في المجاهدين و القاصر قاصر في جهاده و معذور.
و قوله <و بعموم ما دل> الي اخر لا شك عند العدلية انها مخصصة بغير المستضعفين لاستثناء الله اياهم بقوله الا المستضعفين من الرجال و التفسيرات الواردة لها و شهادة العقول المستنيرة و اقتضاء العدل.
قوله <من هنا> اي من اجماع المسلمين بطل قول من قال ان المصيب واحد و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۷ *»
غيره مخطئ و غير اثم.
قوله <والعقليات> الي اخر اما نحن فلانعرف شيئاً يستقل بحكمه العقل و دين الله لايعرف بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة كما تواتر به الاخبار معني و قدمضي بعضها والذي يقول بشيء يستقل بقبحه العقل يلزمه انيقول اني لااحتاج في ذلك الي كتاب من الله و لا الي رسول مرسل من عند الله و انا غني عنهما في ذلك و انا مستقل بنفسي و عقلي في ذلك و انا احكم فيه كمايحكم الله في ساير الاشياء فلنا اننقول و علي الله انيرضي و نحن لسنا بشركاء الله في دين الله و لانجسر اننقول بذلك.
قوله <و اختلفوا> الي اخر يعني ان الناس اختلفوا فيما سوي ما مر علي اقوال قدذكرها و كلها ظاهر لايحتاج الي شرح.
قوله <الا الشيخ في العدة> بلي ان الاخباريين يقولون ان حكم الله في الواقع واحد و المخطئ اثم و مؤاخذ و يستدلون علي ذلك بقول ابيعبدالله7 الحكم حكمان حكم الله عزوجل و حكم اهل الجاهلية فمن اخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية و قوله7 القضاة اربعة ثلثة في النار و واحد في الجنة رجل قضي بجور و هو يعلم فهو في النار و رجل قضي بجور و هو لايعلم فهو في النار و رجل قضي بالحق و هو لايعلم فهو في النار و رجل قضي بالحق و هو يعلم فهو في الجنة و بقول ابيجعفر7 من حكم في درهمين فاخطأ كفر و بقول ابيعبدالله7 اي قاض قضي بين اثنين فاخطأ سقط ابعد من السماء انتهي.
و الذي افهم في المسألة ان طالب الحكم رجلان رجل طلب حكم الله و اتي باب الله و اخذ عن حجة الله و اخطأ في فهم كلام الحجة و رجل طلب حكم الله فنظر بعقله و استبد برأيه و خرّج في دين الله شيئاً برأيه و حكم به و قد قال علي7 ليس من طلب الحق فاخطأه كمن طلب الباطل فادركه انتهي فالطالب للحق الراجع الي اهله اذا جهل و اخطأ فذلك معفو قطعاً لما روي عنه9
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۸ *»
رفع عن هذه الامة تسعة و عد منها الخطاء و عن ابيعبدالله7 رفع عن هذه الامة ستة و عد منها الخطاء و لان غير المعصوم لايسعه عدم الخطاء و قال الله سبحانه ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا و لايكلف الله نفساً الا وسعها و مقتضي العدل عدم مؤاخذة الخاطئ و الخاطئ قاصر فالخاطئ معفو بل مأجور لانه طلب الحق بقدر وسعه و فيه ما يرويه العامة ان صح عن ابيبكرة قال سمعت رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول اذا حكم الحاكم فاجتهد و اصاب فله اجران و اذا حكم فاجتهد فاخطأ فله اجر واحد فمورد تلك الاخبار الذي ينظر برأيه و يستقل بعقله فهذا هو الذي ان اصاب لميوجر و ان اخطأ اثم كما قيل لابيجعفر7 ترد علينا اشياء ليس نجدها في الكتاب و السنة فنقول فيها برأينا فقال اما انك ان اصبت لمتوجر و ان اخطأت كذبت علي الله انتهي و قوله لمتوجر يعني باجر الاصابة و الا هو اثم للنظر برأيه و الاستبداد به لقول ابيجعفر7 من افتي الناس بغيرعلم و لا هدي من الله لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه انتهي.
واعلم ان المراد بالعلم في امثال هذا الخبر الاطلاع علي ما حكم به النبي9 نطقاً و سمعاً و عيناً و ذلك ان النبي9 اتي باحكام دين الله و ذكرها لعلي7 و كتبها عنه في كتاب و ذلك الكتاب محفوظ عند المحمد: لايعلم بذلك الكتاب احد الا من سمعهم يقرأونه له او عاينوه و رأوا فيه الاتري اني لو كتبت كتاباً و طويته و وضعته في صندوق عندي لايعلم ما فيه احد من الحكماء و ان كانوا صمدانيين و لا من العلماء و ان كانوا ربانيين بل و لا احد من الانس و الجن الا من شاهده او سمع من يقرأه عليه و الا فبالادلة و اصل العدم و الاستصحاب و اصل البراءة و غيرها لايعلم ما في كتابي و كذلك كتاب علي7 المشتمل علي جميع احكام الدين فالعالم بالدين من روي ذلك الكتاب عن اهله و الباقون من الجن و الانس كلهم جهال و ان شقوا الشعر فمهما رأيت في الاخبار من القول بالعلم و ترك القول
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷۹ *»
بغيرعلم و امثال ذلك فالمراد بالعلم رواية كتاب علي7 و هو موجود شخصي في الخارج لايثبت ما فيه بالادلة العقلية الكلية فالمراد من الحديث من لفظ يعلم و لايعلم في حديث اصناف القضاة يعني من يعلم ما في كتاب علي7 بالرواية و من لايعلم ما فيه بالرواية عن الحجج: فاغتنم ذلك و يكشف عن ذلك قول ابيالحسن7 اذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به و اذا جاءكم ما لاتعلمون فها و وضع يده علي فيه فقيل و لمذاك قال لان رسول الله9اتي الناس بما اكتفوا به علي عهده و ما يحتاجون اليه الي يوم القيمة و قيل له7 اصلحك الله اتي رسول الله9 الناس بما يكتفون به في عهده قال نعم و ما يحتاجون اليه الي يوم القيمة فقيل فضاع من ذلك شيء فقال لا هو عند اهله فمن نظر بعقله فهو اثم لنظره ثم اما يصيب ما في ذلك الكتاب فلايوجر علي الاصابة و اما يخطئ فهو مأخوذ اثم.
قوله <لاتفاقهم علي تعددها> الي اخر ففي ذلك تفصيل تقدم و ليس احكام الله الظاهرية متعددة بتعدد الاراء و الاهواء و العقول الناقصة بل تكليف كل احد ما فهمه من الكتاب و السنة و علم انه دين الله و مدار جميع الشرع علي العلم و الشرع من عرصة العلم لا الامور الواقعية التي يجهلها المكلف و لايسعه علمه و الله يقول لايكلف الله نفساً الا مااتاها و لايكلف الله نفساً الا وسعها و ليس جميع اهل الاراء مصيبين الاحكام الظاهرية كما عرفت.
قوله <بل النزاع> الي اخر من عرف معني الحكم و عرف اختلاف عالم ذوات الاشياء و عالم اعراضها عرف ان الاحكام الاولية للاشياء واحدة لايختلف لعدم اسباب الاختلاف هناك و الاحكام الثانوية النفس الامرية تختلف بحسب الاعراض لوجود اسباب الاختلاف و هي ايضاً مثبتة في كتاب علي7 بتفاصيلها و اختلافها و ليست منوطة باراء المجتهدين و انظارهم.
قوله <و الموضوعات الصرفة> الي اخر يعني ان نزاع التخطية والتصويب ليس في الموضوعات الصرفة للزوم التناقض و لان عنوان كلمات العلماء في هذه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۰ *»
المسألة الاحكام الفرعية و ان ذكر بعضهم من ثمرات النزاع الصلوة الي الجهات عند جهل القبلة يعني ان قلنا بالتخطئة قلنا اذا اجتهد و صلي و تبين بعد الخطاء كان غيرمعذور و ان قلنا بالتصويب كان معذوراً و نحن نقول معذورية المعذور ليست من جهة التصويب و غير معذورية غير المعذور ليس من جهة التخطية بل كلاهما تابع للنص و الحكم بهذه الادلة حكم بالرأي و غيرجايز و زعم انهم تنازعوا في وضع الالفاظ و تنازعهم في ذلك ينافي اتفاقهم علي التخطئة فان علي القول بانها موضوعة للامور الذهنية يستلزم التصويب و علي القول بانها موضوعة للامور الخارجية قديخطئ الانسان و قديصيب و علي القول بالامور النفس الامرية لايستلزم التخطئة و لا التصويب.
قوله <ثم قديقال ان الاصل> الي اخر يعني قيل كذا ولكنه كلام ناقص لان الحكم الظاهري متعدد قطعاً و الشك في كون واقعي واحد غيرها فلايجري اصل عدم التعدد و لان المجتهد قد ادي ما عليه و اصاب الحكم الظاهري قطعاً و اصل عدم الاصابة لايثبت حكماً واحداً و اما وجه امكان تتميمه ان المصوبة يقولون ان نفس الاحكام متعددة و الاصل عدم التعدد في وضع الحكم اولاً و بهذا المعني صحيح لا بأس به.
قوله <ثم الصواب> الي اخر اخذ في الاستدلال علي بطلان مذهب المصوبة و استدل بوجوه منها ان الاحكام تابعة للصفات اي صفات الاشياء و هي لازمة ذواتها و هي مؤثرة تأثيرها علم بها او جهلت و منها لزوم الترجيح بلا مرجح و ذلك انهم اتفقوا علي ان مراد الشارع في خطابه واحد فارادة امر واحد من امور متعددة مع ان الاحكام متعددة ترجيح بلامرجح و منها لبناء العقلاء علي ان المولي اذا قال لعبيده اذا اصبتم معني كلامي و الا فاعملوا بمعتقداتكم يكون مراده من كلامه بالذات ذلك الذي اراد و العمل بالمعتقدات لاضطرارهم و منها الاجماع علي التخطئة محققاً عند المصنف و منقولاً من السايرين و منها ظاهرالايات الثلث و من لميحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون و في اخري هم الظالمون و في اخري هم الفاسقون فانها تدل علي ان لكل واقعة حكماً خاصاً من لميحكم به فهو كافر
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۱ *»
و ظالم و فاسق و منها النص النبوي و هو من طريق العامة رواه في المصابيح من الصحاح عن ابيبكرة و ركاكة لفظ الرواية تشهد بانها مجعولة لان فيها اذا حكم الحاكم فاجتهد و اصاب فجعل الاجتهاد و الاصابة بعد الحكم هذا و الاجتهاد بالمعني المعروف من اصطلاحات عمر و من دونه كما قدمنا و لميعهد عن النبي و الائمة: الا في العبادة و الا علي سبيل الرد علي المجتهدين كما تقدم بالجملة ليس الخبر علي ما يرويه الاصوليون مرسلاً فانهم يروونه ان الحاكم اذا اجتهد فاصاب فله اجران و ان اخطأ فله اجر واحد و لقائل انيقول ان صح الخبر فلعل معناه ان الحاكم اذا اجتهد في فهم الكتاب و السنة و سعي حتي اصاب الواقع الخارجي و حكم لصاحب المال الواقعي بالمال فله اجران اجر الحكم و اجر السعي و الاصابة و ان حكم بمقتضي الحكم الظاهري و لميصب الواقع فليس عليه اثم لانه حكم بحكم ظاهر الشرع كما قال رسولالله9 ايها الناس انما انا بشر و انتم تختصمون و لعل بعضكم الحن بحجته من بعض و انما اقضي علي نحو ما اسمع منه فمن قضيت له من حق اخيه بشيء فلايأخذنه فانما اقطع له قطعة من نار انتهي.
قوله <و ينبغي تنزيله> الي اخر يعني ان قيل ان المجتهد اذا قصر فلا اجر له و ان جاهد بقدر الواجب فالمصيب و المخطي في الاجر سواء في حكم العدل فنزيل الاشكال بان ذلك في الفحص الزايد عن حد الواجب ثم تطبيقه مع اطلاق الخبر في ذمة المصنف.
و منها النصوص الدالة علي ان لله في كل واقعة حكماً و يشكل الاستدلال بها لانه فرع ورود خبر بهذا اللفظ و بعد الورود فرع ثبوت ان التنوين فيها للوحدة و لمار هذا اللفظ في الاخبار و لعله لقلة تتبعي او كثرة نسياني و منها حديث نهجالبلاغة و قدذكرناه في اصل تفسير الاجتهاد و هو قوله يرد علي احدهم القضية فيحكم فيها برأيه الخبر و العجب من المصنف انه لما رأي الخبر هادم بنيان الاجتهاد قال في الضوابط و اما منافاته لما يستعمله المجتهدون في هذا الزمان من عمل كل برأيه لاجل دلالته علي وحدة حكم الله سبحانه ظاهراً و واقعاً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۲ *»
فهو غيرمضر اذ المنفي بالاجماع هو الجزء الدال علي وحدة الحكم الظاهري و يبقي الجزء الدال علي وحدة الحكم الواقعي سليماً عن المعارض انتهي و ماادري لم اجمعوا علي نفي قوله7 أكان قوله ذلك باطلاً او صادراً عن تقية و هو يرد علي العامة بالجملة هذه ادلته و هي كما تري واهية الا ما استند فيه الي كتاب و سنة و الباقي لايدل علي المراد دلالة قطعية الا انا لانكون للخائنين خصيماً و لانعاضد المصوبة و هم علي الباطل و قد مر تحقيق الكلام في هذه المسألة فلانعيد.
قوله <و تظهر ثمرة القول> الي اخر يعني من ثمرات التخطئة انه لو امر الشارع بامر موقت فاخطأ المكلف و علم بالخطاء في الوقت و لميجعل الشارع له بدلاً شرعياً و انما اتي المكلف بالبدل الذي اقتضاه علمه و فحصه لميبرأ ذمته لان الامر تعلق بالواقع و الحسن له و اخطأ المكلف و لميأت به فالامر لايقتضي الاجزاء و قدذكرنا ان اصل القول بان الامر يقتضي الاجزاء باطل فراجع.
قوله <و قدتفرض ثمرة النزاع> الي اخر يعني ثمرة النزاع في التخطئة و التصويب قديفرض في الامام و المأموم المخالفين في الاعتقاد فالامام يجوز حمل الحرير في الصلوة و حمله و المأموم لايجوز فعلي التصويب صلوة الامام عند المأموم فاسد لايجوز اقتداؤه به و علي التخطئة مصيب الواقع غيرمعلوم و يجوز الاقتداء به و لا شك ان تصحيح صلوة و افسادها بهذه الادلة حكم بالرأي في دين الله و لايجوز.
قوله <و في انفاذ حكم حاكم اخر> الي اخر يعني علي التصويب ينفذه و علي التخطئة لاينفذه و كذلك لايجوز الحكم في دين الله بهذه الادلة و سيأتي الكلام في انه لايجوز نقض حكم حاكم اخر اذا خالف رأيه رأيه لان المترافعين اذا ترافعا الي حاكم جايز الحكم و حكم بينهما وجب عليهما قبوله لقوله7 فاذا حكم بحكمنا و لميقبله منه فكأنما بحكم الله استخف و علينا رد و الراد علينا كالراد علي الله و هو علي حد الشرك بالله و القاضي الثاني ايضاً يفتي بعدم جواز رد حكم القاضي فاذا حكم و عملا بحكمه فاختص كل واحد بما حكم له فقبل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۳ *»
الترافع ثانياً ليس علي الحاكم نقضه لعدم تنازع و بعد التنازع عليه انيقول لهما لا نزاع بينكما بعد انقطاعه بحكم الفقيه الجايز الحكم و اختصاص كل واحد شرعاً بما حكم له فلاتحتاجان الي ترافع.
و اعلم ان المراد من التصويب ان كان ان الفقيه اذا اجتهد برأيه و هواه و علم شيئاً هو حكم الله الواقعي في حقه و حق مقلديه فهو باطل لايتمشي في مذهب اهل البيت: و فيهم قال الحسن بن علي7 في حديث طويل ثم امر عمر قضاته و ولاته اجتهدوا اراءكم و اقضوا بما ترون انه الحق فلايزال هو و بعض ولاته قدوقعوا في عظيمة فيخرجهم منها ابي ليحتج عليهم بها فيجتمع القضاة عند خليفتهم و قدحكموا في شيء واحد بقضايا مختلفة فاجازها لهم الخبر فالتصويب هو مذهب عمر بن الخطاب و اليهم يشير علي7 ترد علي احدهم القضية في حكم من الاحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها علي غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم تجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم فيصوب اراءهم جميعاً و الههم واحد و نبيهم واحد و كتابهم واحد الخبر فهذا المذهب لايتمشي في مذهبنا و ان كان ان الفقهاء اذا راجعوا الكتاب و السنة و فهم كل منهم منهما غير ما فهمه الاخر هو حكم الله النفس الامري في حقه و يجب عليه الاخذ به و ان كان حكم الله الواقعي الاولي غيره فهو مذهب المحمد: ليس للانسان الا ما سعي و لايكلف الله نفساً الا وسعها و لايكلف الله نفساً الا ما اتاها حتي انه لو حكم بغيره لحكم بغير ما انزل الله في اعتقاده و يري فهم غيره خطاءاً لنفسه لا لذلك الغير و لذا تريهم مع ذلك كله اخواناً علي سرر متقابلين فكل يعمل بما علم من عمل بما علم كفي علم ما لميعلم و هذا غاية جهد العبد و لما اشبعنا القول في تحقيق هذا الاصل سابقاً لانعيده ثانياً.
قال: اذا علم المقلد برجوع مجتهده عن رأيه رجع عنه للاجماع و بناء العقلاء و الاولوية الدافعة للاستصحاب و الاحوط تقليده في رأيه الثاني لا تقليد غيره
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۴ *»
و ان اقتضي جوازه استصحاب التخيير الاصلي المقدم علي اصل الشغل و علي استصحاب حرمة العمل برأي غيره التي كانت حين اختياره تقليده قبل رجوعه و ليس عليه اعلام الناس بتجدد رأيه للاصل و لو علم المقلد اجمالاً برجوع مجتهده عن بعض فتاويه ففي اعتبار هذا العلم الاجمالي وجهان بل وجوه.
اقول: ان كان المراد بالمجتهد من استفرغ الوسع في تحصيل الظن بحكم الواقعة في غير موضع النص كما يعيب بعضهم علي بعض فيمن يجتهد في موضع و يقول هذا اجتهاد في مقابل النص فلايجوز تقليده اولاً و اخراً ثبت علي رأيه او رجع و ان كان المراد انه فهم من الكتاب و السنة شيئاً اول مرة ثم عرف خطاء فهمه و عرف ثانياً شيئاً اخر و يفسرهما علي نحو اخر و يقول اني اخطأت في روايتي اولاً فلايجوز الاخذ بروايته الاولي و من اجراء الاستصحاب في هذا المقام يضحك الثكلي و ما اشبهه بما روي عن ابيعبدالله7 انه قال كان رجل في الزمن الاول طلب الدنيا من حلال و لميقدر عليها و طلبها من حرام فلميقدر عليها فأتاه الشيطان فقال له الا ادلك علي شيء تكثر به دنياك و تكثر به تبعك فقال بلي قال تبتدع ديناً و تدعو الناس اليه ففعل فاستجاب له الناس و اطاعوه فاصاب من الدنيا ثم انه فكر فقال ما صنعت ابتدعت ديناً و دعوت الناس اليه مااري لي من توبة الا اناتي من دعوته اليه فارده عنه فجعل يأتي اصحابه الذين اجابوه فيقول ان الذي دعوتكم اليه باطل و انما ابتدعته فجعلوا يقولون كذبت هو الحق ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه فلمارأي ذلك عمد الي سلسلة فوتد لها وتداً ثم جعلها في عنقه و قال لااحلها حتي يتوب الله عزوجل علي فاوحي الله عزوجل الي نبي من الانبياء قل لفلان و عزتي لو دعوتني حتي ينقطع اوصالك مااستجبت لك حتي ترد من مات علي ما دعوته اليه فيرجع عنه انتهي و استدلال المصنف بالاجماع قريب و ببناء العقلاء لانعرف من يتبع غير المحمد: و لسنا بامة جميع العقلاء و بالاولوية فلا عبرة بها عندنا لانه قياس منهيعنه بالنصوص و مراده بالاولوية ان المجتهد حينئذ لايجوز انيعمل برأيه الاول فكيف مقلده
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۵ *»
بالجملة لايجوز العمل بما ينادي الفقيه علي نفسه اني اخطأت في روايتي الاولي و ليست من المحمد:.
قوله <و الاحوط> الي اخر هذا اجتهاد من المصنف و الاحوط بل الواجب ترك الاجتهاد في دين الله الفقهاء ثقات عدول يروون روايات فان كانت متفقة فبها و لايجب نية اني اعمل بهذه الرواية اخذاً بقول فلان فان جميع الرعية مقلدون لالمحمد: و الفقهاء حملة و رواة و ان كانت مختلفة و كان من اهل الترجيح يرجح علي ما ستطلع عليه و الا فهو بالخيار فقدسئل ابوعبدالله7 عن رجل اختلف عليه رجلان من اهل دينه في امر كلاهما يرويه احدهما يأمر باخذه و الاخر ينهاه عنه كيف يصنع قال يرجئه حتي يلقي من يخبره فهو في سعة حتي يلقاه قال الكليني و في رواية اخري بايهما اخذت من باب التسليم وسعك و قيل للرضا7 يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين و لانعلم ايهما الحق قال فاذا لمتعلم فموسع عليك بايهما اخذت و قال ابوعبدالله7 اذا سمعت من اصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتي تري القائم فترده اليه انتهي فذهب احتياط المصنف فانه احوط الاراء بزعمه و قدعرفت انه اجتهاد في مقابلة النصوص.
قوله <و ليس عليه اعلام الناس> الي اخر فان اجتهد في الرأي و اضلهم فقدعرفت من الحديث انه يجب و يجب اعلامه اياهم و ردهم عن ضلالتهم بل لايقبل توبته حتي يحيي من اضل و يرجعه و ان عرف من الاخبار شيئاً و اخبر الناس ثم عرف خطاءه فمن استفتاه ثانياً يخبر بما فهم ثانياً و ان لميستفته احد فما علمه بانه يعمل به احد فلعله لميحتج اليه احد و لميعمل به و في وجوب اعلام اهل المشرق و المغرب و البادي و الحاضر حرج ظاهر و مراد المصنف بالاصل اصل البراءة.
قوله <و لو علم> الي اخر فجعله المصنف كالشبهة فان كان غيرمحصور فلايجتنب الكل و يعمل بالكل و ان كان محصوراً فذكر ان فيه وجوهاً من الخيار و القرعة و طرح الكل و العمل بالكل و مختاره العمل بالكل للاستصحاب و قد
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۶ *»
عرفت مقدار الاستصحاب سابقاً و الحكم و اني لماجد نصاً في هذا الباب الا ان المحكم في ذلك ان ما وجد من كتابه موافقاً لرواية ثقة غيره يعمل به و ما تفرد به يمسك عنه حتي يعلم ما رجع عنه عما لميرجع.
قال: الحكم رفع المجتهد بمقتضي رأيه الخصومة بين الناس و لو قوة فيما يتعلق بامر معاشهم بصيغة اخبار ام انشاء و ربما ينتقض عكساً بالشهادة علي شرب الخمر و الهلال و نحوهما و قديتكلف في ادراجهما في الخصومة و لو عرف بانه ما يطلق عليه لفظ الحكم من غير تنافر و صحة سلب لكان اولي و الفتوي اخبار عن حكم الله سبحانه و لو بلفظ الانشاء و قديشتبه الحكم و الفتوي كما في قضية زوجة ابيسفيان و المدار علي قصد الحاكم و تظهر الثمرة في التعدي عن مورد النص و عدمه اقول و مع الشك فالاصل جعله من باب الحكومة.
اقول: قوله <الحكم> الي اخر ذلك حكم الجاهلية و حكم الشيطان لا حكم الله عزوجل لقول ابيعبدالله7 من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر الخبر و هؤلاء لو اولوا عباراتهم بما يوافق الاخبار نعارضهم بانه ما الزمكم علي انتتكلموا بالفاظ يبغضها الله و رسوله و يخالف اخبار المحمد: ثم تأولوها بغير ظواهرها أليس لايحب الله الجهر بالسوء من القول و لو ارادوا منها ظواهرها فهي علي ما سمعت.
قوله <و لو بالقوة> يعني و لو كانت الخصومة بالقوة فيحكم المجتهد قبل وقوعها بصيغة اخبار كأنيقول حكمت و الزمت كذا و كذا ام انشاء و ليس موضع لفظة ام بل هو محل او كأنيقول افعل كذا.
قوله <و ربما ينتقض> الي اخر فانه يقال حكم الحاكم بتحديد شارب الخمر و صوم غد و ثبوت الهلال مع انه لاخصومة الا انيقال ان في مثلهما خصومة بالقوة.
قوله <و الفتوي> الي اخر ماادري اذا كان عن رأي من المجتهد كيف يجسر انيقول هذا حكم الله و هذا دين الله و كيف يكون ذلك دين الله و دين محمد9 بل هو شرع المجتهد و حكمه كما ان رأي محمد9
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۷ *»
شرعه قال الله سبحانه احكم بما اراك الله.
قوله <و قديشتبه> الي اخر و قضية ابيسفيان من روايات العامة ظاهراً و هي ان امرأة ابيسفيان اتت النبي9 و قالت زوجي رجل شحيح لايعطيني من المال ما يكفيني و ولدي فقال9 لها خذي لك و لولدك ما يكفيك انتهي فاحتمل المصنف انيكون ذلك حكومة فلاتتعدي الي غير موضع القضاء لان القاضي ربما يري من خصوص القضية ما يحمله علي الحكم الخاص فلايجوز التعدي الي غيره و انيكون فتوي فيتعدي الي غير موضع النص ايضاً و المدار علي قصد الحاكم و جعل المصنف الاصل الحكومة في موضع الشك فانها اليقينية و جعل الاصل عدم التعدي الي غير تلك الموضع.
قال: اصل اذا حكم الحاكم في واقعة خاصة فمقتضي قاعدة التخطية و اصالة الفساد و اطلاق ادلة المسألة الفرعية جواز نقض حاكم اخر اياه و جواز نقضه حكم نفسه اذا تجدد رأيه ظاناً بطلان رأيه الاول او قاطعاً الا ان الاجماع المنقول و المحقق و لزوم الهرج و المرج اوجب عدم نقض الحاكم الاخر و كذا عدم نقضه حكمه السابق اذا ظن بطلانه بتجدد رأيه لاطلاق منقول الاجماع و بناء العقلاء و لزوم الهرج و ظهور الاجماع المركب بينه و بين سابقه و لا دليل علي عدم جواز النقض في القسم الثالث فالادلة الاولة سليمة عن المعارض و التفصيل بين العبادة و المعاملة فاسد بل الحكم لايكون الا في المعاملات.
اقول: اعلم انه اذا حكم الحاكم في واقعة برأيه و اجتهاده كما فسره المصنف انفاً فلايجوز التعويل عليه و اخذ احد بمقتضاه لما عرفت انه من حكم بدرهمين بغير ما انزل الله فقدكفر و ما انزل الله هو الكتاب و لقوله7 ينظران من كان منكم ممن قدروي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكماً فاني قدجعلته عليكم حاكماً الخبر و اما من حكم بالرأي فقدحكم بحكم الجاهلية.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۸ *»
قوله <فمقتضي قاعدة التخطية> الي اخر يعني اذا قلنا ان المصيب واحد فاذا تبين خطاؤه فهو خاطئ و لميكن ما قاله حكم الله فوجب الرجوع الي حكم الله.
و كذلك قاعدة اصل فساد المعاملات يعني عدم تأثير عقد الانتقال حتي يعلم انه مؤثر و اطلاق ادلة المسألة الفرعية التي عرفها اخيراً جواز نقضه و نقض غيره اياه.
و قوله <اطلاق الادلة> كلام يقولونه في كل مقام و لا معني له في كثير من المواضع فان معني المطلق لفظ دال علي الماهية غير مقيد بشيء من المتممات فتحكم بحكمه علي ذوات افراد تلك الماهية لا علي اعراضها و اما الامر بشيء بالانشاء و الاخبار فليس بمطلق مثلاً اذا قال صل او تصلي ركعتين فليس بمطلق حتي تستدل به علي اطلاقه عن الطهور و غير الطهور و الي القبلة و الي غير القبلة و في الحرير و غيره مكشوف العورة و مستورها و في اي مكان كان و هكذا و الا لكان يوجد لحديث مقيد الف حديث مطلق معارض و لا شك انه يجب العمل بمضمون المشهور المتواتر و ترك النادر و لااحد يعمل بذلك و لايتوهمه و كذلك اذا حكم علي المطلق يجري الحكم علي الافراد من حيث الماهية لا من حيث الاعراض فان لميصدر في الاعراض حكم فلاحكم لها و ان صدر فحكمها مخصوص بها فاذا قيل لحم الغنم حلال ليس بمطلق عن الاعراض حتي يدل علي عدم حرمة الموطوء و المغصوب و المسموم و المضر لمرض او غيره و لايمكن الاستدلال به الا علي ان الافراد من حيث الغنمية حلال و ان عرض عليها عارض جري عليه حكم العارض بالجملة لابد في كل مسألة من مراجعة الفاظه و ليس عدم ذكر الاعراض في حديث و عدم ذكر احكامها سبب الاطلاق و كثيراًما يستدل القوم بالمطلقات و لا محل لها ابداً مثلاً يقولون مطلقات الوكالة تقتضي كذا و اذا راجعنا كتاب الوكالة لمنجد لفظاً مطلقاً و يقولون مقتضي مطلقات الاجارة كذا و ليس في كتابها لفظ مطلق مثلاً فلاتغتر و لاتغفل.
قوله <الا ان الاجماع المنقول> و قدعرفت عدم اعتباره.
قوله <و المحقق> و لا عبرة به في موضع عدم النص.
قوله <و لزوم الهرج و المرج> و الهرج بمعني الفتنة و الاختلاط و القتل و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸۹ *»
المرج كسبب الفساد و القلق و الاختلاط و الاضطراب و يسكن راؤه ازدواجاً بالجملة هذا دليل سياسي استحساني و لايجوز البناء عليه في الدين و اعلم انه ربما يكون شيء محذوراً و يجب الحذر منه و العمل بغيره و ربما يكون غيره وجوهاً يمكن التوقي بكل وجه عن ذلك المحذور فبذلك يفسد اغلب ادلة القوم في مثله مثلاً يقول ان الغبن ضرر فيجب انيكون للمغبون الخيار لدفع الضرر و دفع الضرر يمكن بوجوه فتعيين الخيار محض اختيار لا عبرة به فلاتغفل فاذا كان في النقض الهرج و المرج فلربما يدفع الهرج و المرج عن العالم بوجوه فتعيينك عدم النقض يحتاج الي دليل فلاجل ذلك لايجوز الاعتماد علي هذه الادلة الاستحسانية من العقول الناقصة.
قوله <لاطلاق منقول الاجماع> و الاجماع ليس بامر لفظي و مزيداً علي ذلك لا عبرة به.
قوله <و بناء العقلاء> و ليسوا بانبياء و لا اولياء و لا حجة في بنائهم في دنياهم التي يسامح الناس في كلها.
قوله <و لزوم الهرج> و قدعرفت بطلان الاستدلال به.
قوله <و ظهور الاجماع المركب> و نحن من حقيقته في عويل فاي عبرة بظهوره الظني.
قوله <و لا دليل علي عدم جواز النقض في القسم الثالث> فلا كل ما لادليل عليه لادليل عليه في الواقع و ليس عدم الوجدان دليل عدم الوجود و ليس عدم الدليل دليل العدم فلعل المولي يريد التوقف فلاينسب عليه دليلاً و هو من الشبهات التي يجب التوقف فيها او المشكل الذي يجب فيه الرد الي الله و رسوله و المراد بالقسم الثالث اذا كان المجتهد قاطعاً بفساد رأيه الاول فاذ لا دليل علي زعمه علي عدم جواز النقض فاصل الفساد و اطلاق ادلة المسألة بحالها فينقض حكمه الاول اذا قطع بفساده.
قوله <و التفصيل> الي اخر يعني لا وجه للفرق بين العبادات و المعاملات فيوجب الاعادة في العبادات و لايوجبها في المعاملات اذ الحكم حقيقة في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۰ *»
المعاملات و موضوع البحث الحكم.
بالجملة كلها كلمات لميذكر اسم الله عليها و لميستدل عليها بقول النبي و لا بفعله و لا بتقريره و يستدل بقول الناس و فعلهم و بنائهم و تقريرهم و المرد في الكل الي الله و الحق في المسألة ان الحاكم اذا عرف انه حكم بغير ما انزل الله يجب عليه و علي من عرف نقضه و ان حكم بالكتاب و السنة ثم عرف انه اشتبه عليه فما كان من حقوق الناس و اخذ من واحد و اعطي الاخر اشتباهاً فيرد الحق الي اهله لانه لايبطل حق امرئ مسلم و ما كان من شيء اثره باق فلايجوز التقرير علي الباطل و يرده الي الحق لان من جهل السنة رد الي السنة و اما ما مضي مما ليس له اثر فلا شيء عليه لان كل من ركب امراً بجهالة فلا شيء عليه اللهم الا انيكون له تلاف مأثور فيعمل به اما في حقوق الناس فكما روي انه كتب الخليل بن هاشم الي ذيالرياستين و هو والي نيسابور ان رجلاً من المجوس مات و اوصي للفقراء بشيء من ماله فاخذه قاضي نيسابور فجعله في فقراء المسلمين فسأل المأمون عن ذلك فقال ليس عندي في هذا شيء فسأل اباالحسن7 فقال ابوالحسن7 ان المجوسي لميوص لفقراء المسلمين و لكن ينبغي انيؤخذ مقدار ذلك المال من مال الصدقة فيرد علي فقراء المجوس انتهي و عن الاصبغ بن نباتة قال قضي اميرالمؤمنين7 ان ما اخطأت القضاة في دم او قطع فهو علي بيت مال المسلمين و اما في حقوق الله فكما سئل ابوالحسن7 عن رجل احرم فنسي انيقلم اظفاره فقال يدعها قيل انها طوال قال و ان كانت قيل فان رجلاً افتاه ان يقلمها و يغتسل و يعيد احرامه ففعل قال عليه دم و امثال ذلك من الاخبار.
قال: اصل اذا اجتهد المجتهد في العبادة كطهارة القليل الملاقي للنجاسة و عدم وجوب السورة في الصلوة و عمل هو و مقلدوه برهة من الزمان ثم تبدل رأيه فالاعمال الصادرة قبل تجدد الرأي ان كان اثرها باقياً كما لو كان باقياً علي وضوئه السابق الذي كان بالقليل الملاقي للنجاسة لميجز له البناء في الاعمال
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۱ *»
الاتية علي العمل السابق فلايصلي بعد تجدد الرأي بذلك الوضوء بل يطهر ما لاقاه و يجدد الوضوء و هكذا و ذلك للاجماع و قاعدة التخطئة و اصالة الفساد و بناء العقلاء واطلاق ادلة الانفعال نعم ليس عليه وعلي مقلديه فيما مضي من الصلوات و الاعمال المتقدمة اعادة و لا قضاء حذراً من هتك الشريعة و للسيرة و قاعدة الاجزاء في الادلة الشرعية و ادلة العسر الا اذا قطع بفساد رأيه السابق فيعيد و يقضي و اما في المعاملات فاذا عامل هو او مقلدوه كأن تزوج بالمرتضعة معه عشر رضعات ثم تبدل رأيه فمقتضي الاجماع المنقول و التخطئة و اصل الفساد و بناء العقلاء و اطلاق الادلة و ظاهر الشهرة نقض المجتهد لكن الحق عدمه في حقه و حق مقلديه حذراً من الهتك و الهرج مؤيداً بان فائدة الحكومة هي ذلك و عدم الاختلال و هل لمجتهد نقض معاملة مجتهد اخر او مقلد له عند مخالفة الرأي لرأيه و حصول المرافعة عنده ام لا وجهان اوجههما عدمه اذا لميكن قاطعاً ببطلان رأي الاخر للوجهين المتقدمين في سابقه و للاجماع المركب و الاولوية هذا في معاملات العالم و في معاملات الجاهل من الطرفين يحكم بصحة المطابق لرأي من قلده بعد ذلك لتبعية الاحكام للصفات و بناء العقلاء و اطلاق الادلة النافية لاشتراط العلم و بفساد غير المطابق للدليلين الاولين مع اطلاق ادلة الفساد او من طرف واحد كما لو تزوج المجتهد العالم البالغة الرشيدة بلااذن وليها و هي جاهلة بالجهل الساذج ثم قلدت من يقول بالفساد ففي الصحة لهما او الفساد لهما او للزوجة خاصة وجوه اخيرها خلاف الاجماع و موجب للتشاجر و ادلة الصحة للزوج اقوي من ادلة الفساد للزوجة بفهم العرف الورود فيحكم بالصحة لهما للاجماع المركب فتأمل و اذا كان المتعاملان عالمين متخالفين في الرأي ففيه الوجوه السابقة.
اقول: اعلم انه اذا اجتهد المجتهد في الادلة العقلية و الرأي فان اصاب لميوجر و ان اخطأ اثم و علي اي حال لايجوز له العمل برأيه لانه ليس بطاعة لله و لرسوله و هو بغيره اقرب و هو حري بالاعراض عنه و الرجوع منه الي الحق و الانابة الي الله عزوجل و التوبة لقول ابيجعفر و ابيعبدالله8 من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۲ *»
حكم في درهمين بغير ما انزل الله عزوجل من له سوط و عصا فهو كافر بما انزل الله علي محمد9 و قال ابوعبدالله7 اي قاض قضي بين اثنين فاخطأ سقط ابعد من السماء و قال ابوجعفر7 الحكم حكمان حكم الله و حكم اهل الجاهلية فمن اخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية و من حكم بدرهمين بغير ما انزل الله عزوجل فقدكفر بالله تعالي و عن النبي9 من حكم بما لميحكم به الله كان كمن شهد بشهادة زور و يقذف به في النار بعذاب شاهد الزور انتهي و قدعرفت ان من افتي الناس برأيه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب فان كان حكم بالرأي فيجب عليه العدول و التوبة و الاعادة و يجب علي غيره نقضه و اما ان حكم بالكتاب و السنة ثم عرف انه اخطأ في فهمهما يوم اول اما في ما يحدث في ما سيأتي فلايجوز له و لمن اطلع علي العدول العمل به فانه الان معتقد انه ليس من ما انزل الله و مما جاء به محمد9 و اما ما مضي وقته و اثره فلمنجد دليلاً علي لزوم اعادته و تلافيه بل عمل بما اتاه الله و بما وسعه و بما كان تكليفه يومئذ و سقط عنه التكليف قبل تبين الخطاء و برئت ذمته لان مدار الشرع علي العلم لا علي الواقع و قدعمل بما كلف به و الاشتغال الجديد و التكليف الجديد لايكون الا بالبيان و في هذا الدليل كفاية و يونس النفس بذلك انهم: لميكلفوا النواصب اذا ابصروا باعادة صلوتهم و صومهم و حجهم كما روي عن ابيعبدالله7 كل عمل عمله و هو في حال نصبه ثم من الله عليه و عرفه الولاية فانه يوجر عليه الا الزكوة فانه يعيدها لانه وضعها في غير مواضعها و عن محمد بن حكيم قال كنا عند ابيعبدالله7 اذ دخل عليه كوفيان كانا زيديين فقالا انا كنا نقول بقول و ان الله من علينا بولايتك فهل يقبل شيء من اعمالنا فقال اما الصلوة و الصوم و الحج و الصدقة فان الله يتبعكما ذلك و يلحق بكما و اما الزكوة فلا لانكما ابعدتما حق امرئ مسلم و اعطيتما غيره مع انهما عملا ما عملا من غير ولاية المحمد: و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۳ *»
هي شرط قبول الاعمال فكيف من عمل عملاً امتثالاً لامرهم معتقداً انه حكمهم و مما يدل علي ذلك قول ابيعبدالله7 اي رجل ركب امراً بجهالة فلاشيء عليه انتهي و لا شك انه كان جاهلاً بخطائه و جاهلاً بغير ما عرفه ذلك اليوم ساعياً بقدر الوسع و ليس للانسان الا ما سعي مع ما فيه من الحرج و ماجعل عليكم في الدين من حرج و ما فيه من العسر و لايريد بكم العسر و انه خاطئ و رفع عن هذه الامة الخطاء و عمل بما علم و من عمل بما علم كفي ما لايعلم.
و اما ما اثره باق في المعاملات كأن زوج او تزوج و هو يعلمها حلالاً ثم علم انه اخطأ و هو حرام و الزوجة موجودة او حكم بملك لرجل ثم علم انه خطاء و الملك باق في يده و امثال ذلك اما مما مضي فلا اثم عليه و لاحرج لما مر و اما فيما سيأتي فمقتضي ما مر من الاخبار عدم جواز تقريره لانه يعلم الان انه علي خلاف ما انزل الله و خلاف دين محمد9 و لا معني للاستصحاب بعد اليقين بفساد الاول و المصنف حكم بالتقرير لوجهين للزوم هتك الشرع و عدم اعتبار الناس به و للزوم الهرج و المرج لانه ربما يرجع عن حكمه يوماً مائة مرة فيحكم تارة لهذا و تارة لهذا و هما دليلان لايدلان الا علي امر استحساني ظني لايجوز الحكم به في دين الله و انما التنقلات المتعددة التي ظن المصنف لزوم الهرج و المرج منه انما هو في تنقلات الاراء و الظنون و اما من يعمل بالكتاب و السنة و بالعلم فلايحصل له التنقل كثيراً الا في واحد بعد واحد اتفاقاً و لايلزم منه عدم اعتبار الناس به و الهرج و المرج.
و اما الزكوة و الخمس و حقوق الناس فمقتضي الاخبار الاعادة كما مر في الحديث لانكما ابعدتما حق امرئ مسلم و اعطيتما غيره و لما روي ان النبي9 قال لايبطل حق مسلم و قال ابوجعفر7 لاتبطل حقوق المسلمين بينهم و قال ابوعبدالله7 لايصلح ذهاب حق احد و اما العبادات و شروطها و امثالها مما مر و مضت اوقاتها فلا شك ان تكليفه يوم اول كان ما علم انه دين الله و دين رسوله و امتثل ما علمه امر الله و برئ ذمته من
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۴ *»
الامتثال و الاشتغال لان مدار الشرع علي العلم و لا احد مكلف بالحقايق الواقعية كما مر و الاشتغال ثانياً يحتاج الي دليل و لمنجد دليلاً يدل علي لزوم الاعادة و القضاء.
قوله <حذراً من هتك الشريعة> كأن هؤلاء يخلقون الادلة و لقد حن قدح ليس منها و بهذا الدليل استباح بعضهم ترك زيارة بعض اخوانه لان بيت ذلك الاخ كان في سكة كثيرة التراب فقال لو زرته لتترب لحيتي و فيه هتك الشريعة لاني حامل الشريعة و هذا الدليل وسيلة حسنة لمن كان في نفسه كبر و حب رياسة و في كل قلة اعتناء به ينهتك الشريعة نعوذ بالله.
قوله <و للسيرة> متي صار سيرة العلماء و الناس حجة شرعية و المدار علي الكتاب و السنة و القطع من شك و ظن فاقام علي احدهما فقدحبط عمله و العلم بسيرة الكل علم غيب و البعض غير مجد.
قوله <الا اذا قطع بفساد رأيه> الي اخر قدعرفت ان الرأي حرام في دين الله مطلقا و الاعتماد علي غير الكتاب و السنة اتخاذ وليجة من دون الله و دون رسوله و من عمل بالرأي فعمله باطل لايعود الي الله و ان اصاب كما عرفت فمن عمل بالرأي ثم استبصر في الوقت اعاد و اذا مضي الوقت و كان الرأي مذهبه فان قامت عليه الحجة من الكتاب و السنة علي ان الرأي حرام في دين الله و مع ذلك اقام عليه فعمله باطل لانه متعمد علي ترك الحق و ان لميقم عليه الحجة و هو من اهل التسليم و الطاعة و الامتثال و زعم ما هو عليه من دين الله و دين رسوله و حججه و لو عرف انه خلاف دينهم لعدل عنه فهو من اهل الايمان و لااقول لما عمله انه يعيد لقول ابيجعفر7 من سمع من رجل امراً لميحط به علماً فكذب به و من امره الرضا بنا و التسليم لنا فان ذلك لايكفره و قيل له7 باي شيء علم المؤمن انه مؤمن قال بالتسليم لله في كل ما ورد عليه و قال7 كل من تمسك بالعروة الوثقي فهو ناج قيل ما هي قال التسليم انتهي فلايعيد عمله لما عرفت انه لايعيد الا حق الناس و ذلك تفضل من الله و عفو عما سبق كما عرفت في النواصب و الزيدية و من دان بدين قوم لزمته احكامهم و اما ان عرف ما كان عليه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۵ *»
من الكتاب و السنة ثم عرف انه كان علي خطاء و معناهما غير ما كان يعرف فلا قضاء عليه لما عرفت سابقاً و هنا و المصنف اوجب القضاء لسلامة الادلة الاربعة و هي اطلاق الادلة و اصالة الفساد و بناء العقلاء و قاعدة التخطئة عن المعارض و بعد معرفة الادلة نقول ليست سالمة اذا كان الفقيه في الاول اخذاً حكمه من الكتاب و السنة و عمل به ثم عرف بعد مدة انه اشتبه عليه الامر في فهمهما و المراد منها غير ما فهمه و قدقال علي7 ليس من طلب الحق فاخطأه كمن طلب الباطل فادركه و رفع عن هذه الامة تسعة منها الخطاء و ما لايعلمون و لايكلف الله نفساً الا ما اتاها و ما اتاها الله ذلك اليوم هو ذلك الحكم و اي رجل ركب امراً بجهالة فلا شيء عليه و الجهل بعد الجهد اعظم من الجهل الابتدائي بالجملة الاعادة تحتاج الي دليل و قدسمعت حديث النواصب و الزيدية فالاصل الاجزاء حتي يأتي دليل و قاعدة التخطية لاتجري هنا فانه لميك مكلفاً بالواقع حتي يضر به خطاء الواقع و انما كان مكلفاً بالحكم الثانوي النفس الامري و قدكان اصابه واطلاق الادلة لايشمل الموضع فانه غيرمتعمد مخالفة العلم و ليس بساه و لا ناس بل هو عامل بعلم و عمد و اعتقاد و اطلاق الادلة يجري فيما ذكرنا و اصالة الفساد يعدل عنها بدليل اجزاء الامتثال و بناء العقلاء مطاع لامة العقلاء و نحن عباد الله و امة رسول الله9.
قوله <و اما في المعاملات> الي اخر اما الادلة فقدعرفت و زاد هنا ظاهر الشهرة و باطنها لاحجية فيه فضلاً عن ظاهرها و قدقال اميرالمؤمنين7 انما يعرف الهدي بقلة من يأخذه من الناس و قد مر صفة الشهرة ولكن المصنف اختار النقض حذراً من الهتك و شرحه في الضوابط ان العقلاء حينئذ يذمون الشرع و يقولون علي الشارع اما قدرت علي اقامة حكم كلي لايكون فيه المزاحمة بل اهل العقول يقولون لا اعتماد بهذا المجتهد حيث انه في كل وقت يحكم ببطلان ما افتي و باعادته ثم باعادة ما اعاد و هكذا تدبر في هذا الدليل و بناء الدين عليه و هل هو الا كقول الرجل لحيتي يتعلق بها التراب و ينهتك حرمة الشرع و علي ذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۶ *»
لو زني المجتهد لايجوز تحديده لان فيه هتك الشريعة و لو ارتكب كل منكر لايجوز الانكار عليه لان فيه هتك الشريعة و لو كذب لايجوز الاقرار بانه كان كذباً لان فيه هتك الشريعة و هذا باب من ابوابهم يفتح منه الف باب فاذا اخطأ في الحكم و اعطي مال زيد عمراً لايجوز نقضه اذ فيه ظهور تلون مزاج المجتهد و فيه هتك الشريعة و كذلك فعل امير البخارا حكم بقتل رجل ثم تبين خطاء حكمه قال حكمنا بحكم و لانرجع منه اقتلوه و نحن نحسن الي عياله و لذلك تأيد المصنف بقوله مؤيداً بان فائدة الحكومة هي ذلك و لعمري ان في هذه الاحكام لعبرة لاولي الابصار و قدرضي ابوعبدالله7 بالهتك حيث قال القضاة اربعة ثلثة في النار و واحد في الجنة رجل قضي بجور و هو يعلم فهو في النار و رجل قضي بجور و هو لايعلم فهو في النار و رجل قضي بالحق و هو لايعلم فهو في النار و رجل قضي بالحق و هو يعلم فهو في الجنة و قال7 الحكم حكمان حكم الله عزوجل و حكم اهل الجاهلية فمن اخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية الي غير ذلك من الاخبار و قدعرفت انه لايحل مال امرأ الا بطيبة نفسه و لاتبطل حقوق المسلمين بينهم و لايصلح ذهاب حق احد فكيف انفذ المصنف حكمه حذراً من انيقال ان المجتهد لارأي له ثابتاً أليس ان اباعبدالله7 نقض حكم القاضي الذي حكم في البغل المغصوب اياماً ان الغاصب يضمن قيمة البغل و لا كراء عليه و قال7 في مثل هذا القضاء و شبهه تحبس السماء ماءها و تمنع الارض بركتها ثم حكم عليه بالكراء و لميحتسب بقيمة علفه لانه كان غاصباً فقال الغاصب اني كنت اعطيته دراهم و رضي بها و حللني فقال7 انما رضي بها و حلل حين قضي عليه ابوحنيفة بالجور و الظلم ولكن ارجع اليه فاخبره بما افتيتك به فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شيء عليك بعد ذلك.
قوله <و هل لمجتهد نقض معاملة مجتهد اخر> الي اخر هذا ينفع نفس المصنف و المجتهد الاخر لايقلد المصنف فاختار المصنف العدم حذراً من هتك حرمة الفقيه و من الهرج و المرج و ضعفهما واضح و الدليل القوي انه مع الظن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۷ *»
ببطلان السابق لايجوز له التصرف في حكمه لحرمة العمل بالظن و نقض حكم الحاكم الذي كان الرد عليه رداً علي رسول الله9 و ان علم بخطائه و لميترافع اليه فليس له نقضه لان السابق ايضاً كان يعلم خطاء غيره و الخصم قدقلدوا الفقيه الاول بحكم و تملكوا ما تملكوا بحكم الله و علي الفقيه الثاني انيقول لاتنازع بينكم لانكم تملكتم ما تملكتم قبلي بحكم الله فلاتنازع بعد بينكم و المدعي يكذب في ادعاء مالكية ما في يد المدعيعليه بحكم ظاهر الشرع اللهم الا انيعلم احدهم بطلان ما قضي له فيجب العمل بحق يعلمه و اما اذا لميعلم فلا لانه امر انقضي و حكم قضي و كان الرد عليه استخفافاً بحكم الله و علي حد الشرك بالله و كان يجب عليهما طاعته و انفاذ حكمه فامتثلا و صار كل واحد من المتعاوضين ملكاً لواحد منهما يجوز له التصرف فيه كيف شاء ثم اذا تبين خطاؤه لغيره و تحوكم عنده ثانياً في عين ذلك المدعي يحتاج النقض الي دليل من الشرع و مناط الشرع علي علم المكلف نفسه لا علي علم الغير مع ما يلزم منه ان لاينحسم مادة نزاع في الدنيا ابداً و فيه فساد مدينة الاسلام و يبطل خاصية وضع القاضي اللهم الا اذا كان فقيه حاضراً في محضر قاض و عرف خطاءه فاوقفه علي خطائه فعليه انيرجع هذا و المراد بالخطاء خطاء رسم القضاء و حكم المسألة لاخطاء ما حكم به لواقع امرها فانهما لو علما بخطاء الحكم في الواقع وجب عليهما الرجوع الي الحق لما روي عن الحسن بن علي العسكري7 عن اميرالمؤمنين7 قال كان رسول الله9 يحكم بين الناس بالبينات و الايمان في الدعاوي فكثرت المطالبات و المظالم فقال ايها الناس انما انا بشر و انتم تختصمون و لعل بعضكم الحن بحجته من بعض و انما اقضي علي نحو ما اسمع منه فمن قضيت له من حق اخيه بشيء فلايأخذنه فانما اقطع له قطعة من النار.
قوله <و في معاملات الجاهل> الي اخر يعني اذا تعامل رجلان جاهلان بالحكم من غير اجتهاد و لاتقليد لاحد مثلاً يحكم بصحة المطابق لرأي مجتهدهم لتبعية الاحكام للصفات و بناء العقلاء الذي هم ائمته و اطلاق الادلة النافية لاشتراط
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۸ *»
العلم و كان الاولي انيقول عن اشتراط العلم و اي اطلاق ينفي اشتراط العلم و مراده مثل اطلاق حديث عدم حلية المرتضعة من ثدي امك عشراً و ليس في حديثه شرط العلم بل هو مطلق فهو مطلق عن الاشتراط لا ناف له و يحكم بفساد غير المطابق لاصل التخطئة و اصل الفساد مع اطلاق ادلة الفساد و ان كان الجهل من طرف واحد كما لو تزوج المجتهد العالم البالغة الرشيدة بلا اذن وليها و هي جاهلة ساذجاً ثم قلدت من يقول بالفساد ففي الصحة لهما او الفساد لهما او للزوجة خاصة وجوه اما الاخير فابطله و بقي الاولان فرجح الصحة لان ادلتها اقوي لان النكاح للزوج صحيح قطعاً لعلمه فلها ايضاً صحيح بالاجماع المركب و ان قلت يمكن عكس الاجماع اعد المصنف لك ان العرف يفهم ورود اجماعنا علي اجماعكم فان النكاح للزوج العالم صحيح سواءاً علمت بالفساد او لمتعلم و بهذه الاحكام تهتز العرش و الفرش اذ حكم المصنف بانها يحل لها الزني حيناً مع انها تعلم انها زانية بدليل ان العرف يفهم من اجماعنا المركب انه وارد علي اجماعكم و اين عرف العرف في اختلاف القرون و البلاد و من جعل العرف مناط احكام الله و من جعل هذا الاجماع المركب حجة و متي اطلعت علي جميع فقهاء العالم نعم اذا اعوج الاساس اعوج جميع الحائط بلا التباس و الذي يقتضيه القواعد الشرعية ان النكاح للزوج حلال و للزوجة حرام يجب عليها الامتناع و قدوقع الحكم بمثل ذلك في الشرع و لا غرو كما سئل ابوابراهيم7 عمن تزوج في العدة فقيل فان كان احدهما متعمداً و الاخر يجهل فقال الذي تعمد لايحل له انيرجع الي صاحبه ابداً.
قوله <و اذا كان المتعاملان عالمين> الي اخر كأنيعامل مجتهد مجتهداً كأنيتزوج مجتهد بامرأة ثم تبينت انها ارتضعت من امه عشراً و هو يستحلها و المرأة مجتهدة لاتستحله ففي التبعيض او ترجيح الصحة المطلقة او الفساد المطلق اوجه عند المصنف و اشكال و قدعرفت ان لكل واحد العمل بعلمه و لا غرو.
و اعلم انه تنبه المصنف في الضوابط في اخر هذه المسائل و قال ان الحق و ان كان في المواضع المذكورة عدم جواز النقض بعد تبدل الرأي لكن الانصاف عدم خلو
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹۹ *»
المسألة من مراعات الاحتياط و ان لميكن لازماً الي اخر كلامه.
قال: اصل الحق ان التقليد اصطلاحاً هو الاخذ بقول الغير من غير دليل علي القول سواءاً كان دليل علي الاخذ ام لا و ذلك لقاعدة الاستعمال و التبادر و عدم صحة السلب بعد ضم اصالة عدم الاشتراك اللفظي.
اقول: اعلم انه بحسب اللغة القليد كامير الشريط و القِلادة ككِتابة ما يجعل في العنق جمع قلايد كرسالة و رسائل و قلدت المرأة تقليداً جعلت القلادة في عنقها فتقلدت علي تفعل للمطاوع و منه تقليد الهدي و منه التقليد في الدين و تقليد الولاة الاعمال كأنها جعلت قلادة في عنقهم و تقلد السيف علي تفعل جعله في عنقه و بحسب الاصطلاح عند المصنف هو الاخذ بقول الغير من غير دليل علي القول فيدخل عنده الاخذ من الفقيه لانه لا دليل للعامي علي نفس القول و ان كان له دليل علي الاخذ و قيل التقليد هو الاخذ بقول الغير من غير دليل فليس علي هذا اخذ العامي عن الفقيه تقليداً و علي التقديرين ليس الاخذ عن النبي9 عندهم تقليداً هذا اصطلاحهم ولكن في اصطلاح المحمد: التقليد هو التفويض كأنه مأخوذ من قولهم اعطيته قِلْدَ امري كجسم اي فوضته اليه فيدخل الاخذ من المعصوم7 لانك تفوض اليه امر دينك و تقلده كما تقرأ في الزيارة و مفوض في ذلك كله اليكم و في اخري اليكم التفويض و عليكم التعويض و كما روي عن الرضا7 انه قيل جعلت فداك ان بعض اصحابنا يقولون نسمع الامر يحكي عنك و عن ابائك: فنقيس عليه و نعمل به فقال سبحان الله لاوالله ما هذا من دين جعفر هؤلاء قوم لاحاجة بهم الينا قدخرجوا من طاعتنا و صاروا في موضعنا فاين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفراً و اباجعفر قال جعفر لاتحملوا علي القياس فليس من شيء يعدله القياس الا و القياس يكسره انتهي و اعتبر من هذا الخبر انه مع قول السائل نقيس علي ما يحكي عنك قال لاحاجة بهم الينا قدخرجوا من طاعتنا و صاروا في موضعنا و هو
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۰ *»
خلاف التقليد فما حال جماعة لايسمون اسم احد من المعصومين من اول علمهم الي اخره و يؤسسون اصولاً يتفرع عليها ما لايحصي و عن محمد بن عبيدة قال قال لي ابوالحسن7 ان المرجئة نصبت رجلاً لمتفرض طاعته و قلدوه و انكم نصبتم رجلاً و فوضتم طاعته ثم لمتقلدوه فهم اشد منكم تقليداً و كذلك يدخل في ذلك الاخذ من الفقيه الذي تستأمنه وتفوض اليه امر دينك و تأخذ منه كما سمعت في حديث ابيالحسن7 و كماقال الصادق7 في حديث فاما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً علي هواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام انيقلدوه و ذلك لايكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم فاما من ركب من القبايح و الفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلاتقبلوا منهم عنا شيئاً و لا كرامة الخبر فان كان اراؤهم و اهواؤهم حراماً قبيحاً و فاحشة فركوب مراكبهم و الاخذ بادلتهم و ارائهم و براهينهم ركوب القبايح و الفواحش و المرد الي الله و يمكن انيكون الاخذ من الفقيه من باب القلادة و الزامها العنق كما روي انه كان ابوعبدالله7 قاعداً في حلقة ربيعة الرأي فجاء اعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فاجابه فلما سكت قال له الاعرابي أهو في عنقك فسكت عنه ربيعة و لميرد عليه شيئاً فاعاد المسألة عليه فاجابه بمثل ذلك فقال له الاعرابي أهو في عنقك فسكت ربيعة فقال ابوعبدالله7 هو في عنقه قال أو لميقل و كل مفت ضامن انتهي فتقليد الفقيه جعل الدين في عنقه كالقلادة.
قوله <لقاعدة الاستعمال> الي اخر يعني ان الاصل فيه الحقيقة.
<و التبادر> يعني عند اهل الاصطلاح.
<و عدم صحة السلب عندهم بعد ضم عدم الاشتراك اللفظي> فهو مشترك معنوي و لافائدة في شيء من ذلك.
قال: الحق عدم جواز التقليد في اصول الدين بان يسأل المجتهد عن اعتقاداته و يرسمها في قلبه و يجعلها نصب عينيه و يعترف بها لساناً و يعمل بمقتضاها و ان لميعتقد بتلك الاعتقادات و ذلك لاستصحاب الامر و الاجماع و ايات النهي عن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۱ *»
التقليد و ايات النهي عن الظن المستلزم للنهي عن التقليد مطابقةً او التزاماً للاولوية و لاصل الاشتغال نعم لو كان احد لايتمكن الا من التقليد فان كان له دين سابق و تردد بقي علي ما كان لبناء العقلاء و الا سقط عنه التكليف لاصل البراءة فالتقليد بالنحو المذكور لا محل له و اذا علمت وجوب الاجتهاد في العقايد فان تمكن من تحصيل القطع وجب لاصلي الاشتغال و الاستصحاب و الاجماع و الا كفاه الظن اذ الامر حينئذ داير بين نفي التكليف فهو خلاف الاجماع ظاهراً و تكليفه بالعلم فهو تكليف بالمحال و تكليفه بالظن و هو المطلوب ثم الحق كفاية حصول العلم و ان لميكن من الدليل التفصيلي المصطلح عند ارباب الجدل حذراً من التكليف بما لايطاق و اختلال النظم نعم لا بعد في وجوب ذلك كفاية حفظاً للاسلام عن الشبهات.
اقول: المراد بالتقليد في الاعتقاد الاخذ بما يقول الغير من دون سكون نفس و ان سكن نفسه عليه فليس بمقلد و ان الله جلوعز خلق الانسان خلقة لاتسكن علي ما يشك فيه كما قال ابوعبدالله7 ان القلب ليرجج فيما بين الصدر و الحنجرة حتي يعقد علي الايمان فاذا عقد علي الايمان قر و ذلك قول الله عزوجل و من يؤمن بالله يهد قلبه و قال7 ان القلب ليتجلجل في الجوف يطلب الحق فاذا اصابه اطمأن و قر ثم تلا ابوعبدالله7 هذه الاية فمن يرد الله انيهديه يشرح صدره للاسلام الي قوله كأنما يصعد في السماء فالمقلد هو متردد القلب في اصل المعتقد الا انه حمل نفسه علي القول و العمل بمقتضي قول من يقلده و لكن لابد في ذلك من تفصيل و هو ان المؤمن بعد ما عرف الله و عرف رسوله و ائمته علي الاجمال يسعه انيأخذ بما صح عنهم: في جميع دقايق التوحيد و صفات الله و افعاله و عبادته و جميع مقامات المعصومين: و فضائلهم و معارفهم و جميع مسائل الرجعة و البرزخ و القيامة و جميع المسائل الاعتقادية و ان لميعرف ادلة ذلك بخصوصها لما حقق عنده من رسالة النبي و امامة الائمة: و صدقهم و عصمتهم و لزوم القبول منهم فان روي الفقيه الثقة العدل عن المعصومين: رواية معتقداً صحتها وجب
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۲ *»
قبولها فان سميته تقليداً فليكن تقليداً و جايزاً و يكشف عن ذلك ما قيل لابيعبدالله7 أرأيت من لميقر في ليلة القدر كما ذكرت و لميجحده فقال اذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلميثق به فهو كافر و اما من لميسمع فهو في عذر حتي يسمع ثم قال ابوعبدالله7 يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين انتهي نعم اذا بين عالم بادلة كلامية وهمية مسألة في العقايد لايجوز تقليده و لا كرامة بالضرورة.
قوله <الحق عدم جواز التقليد> الي اخر اني متحير في هذا الحكم و البحث هل اراد المصنف انيحكم علي نفسه بعد الاجتهاد و البصيرة فيقول لايجوز لي التقليد بعد البلوغ مرتبة اليقين في العقايد بالادلة القاطعة فذلك بحث لافائدة له فيه و لاينفع غيره او اراد انيحكم علي ساير الناس المستيقنين بدينهم فيقول لايجوز لكم التقليد فقلدوني في حكمي بعدم الجواز فهم لايحتاجون الي التقليد بعد اليقين و لايتركون يقينهم و لايطاوعهم قلوبهم فلافائدة لهم ايضاً في ذلك الحكم او اراد انيحكم علي الشاكين في التوحيد و النبوة و يقول حكمي عدم جواز التقليد فقلدوني في ترك التقليد فالذي هو لايعرف رباً و لا نبيا لمَ يقلد المصنف و يرجحه علي احبار اليهود و فوادري النصاري و هرابذة المجوس بل علي الدهريين فلااعرف ان هذا الحكم لمن هو و ان اراد التعليم فالمتعلمون هم الاصناف المذكورة و هم علي ما مر و اعجب من هذا الحكم الهزل استدلاله باستصحاب الامر و المتيقن لايقلد و الشاك لايستدل باستصحاب الامر و ما الاستصحاب و الامر امر من و احسن منه الاستدلال بالاجماع و من اهل الحق عند الشاك و ما اجماعهم و من المعصوم الداخل في الاجماع و افضل منه الاستدلال بايات النهي عن التقليد و عن الظن و اكبر منه الاستدلال باصل الاشتغال و هي ذمة من و مشغولة بماذا و لمن اللهم الا انيفرض المسألة ان مؤمناً ممتحناً مستيقناً باصول دينه هل يجوز له ترك دينه و الاخذ بقول مجتهد يخالفه تبركاً و تقليداً ثم يقلد المصنف و يترك هذا العمل و ذلك مما لايتفق في الدنيا ابداً و لايستبدل احد بالادني الذي هو خير.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۳ *»
قوله <نعم لو كان> الي اخر و هذا هو احلي مزّة من سابقه فان شك يهودي في دينه بقي علي ما كان تقليداً للمصنف و دليله احلي و هو بناء العقلاء و من العقلاء و من جعل عملهم حجة علي العباد فان كانوا حجج الله فلاحاجة الي رسل الله نعوذ بالله و ان لميكن له دين سابق و هو شاك سقط عنه التكليف لعدم دين يستصحبه و تالله يتحير العقل السليم من هذه الواهيات التي سموا انفسهم بها علماء متبجحين متوقرين متعظمين متوقعين سجود الانام لهم لاجل هذه البيانات و التحير الاعظم تحمل القوم منهم ذلك و اعظم من ذلك تعصب قوم لهم و يزعمون التعرض لهم كفراً بالله العظيم و مرد الكل الي الله يوم تبلي السرائر.
قوله <و اذا علمت> الي اخر ماادري حكم وجوب الاجتهاد علي من علي مؤمن عرف اصول دينه و عقائده فيحصل الحاصل بتقليد المصنف او علي الشاك و الجاهل فَلِمَ يقلد المصنف و افضل من حكمه دليله و هو اصل الاشتغال و الاستصحاب فاذا سمع الشاك هذا الدليل و لميرد التقليد المحض يصير مجتهداً ببركة المصنف و تعليمه اصل الاشتغال و استصحاب الامر بتحصيل العقايد و الاجماع فغيرالعارف من اهل اي لسان و ما يقول المصنف اي لسان ذمة من مشغولة بتكليف من و امر من و اجماع من و فيه دخول من.
قوله <و الا كفاه الظن> الي اخر المصنف لميكن كذلك الشاك الغافل و سمع الايات و الاخبار و سمع ان الظن لايغني من الحق شيئاً و سمع من شك و ظن فاقام علي احدهما فقدحبط عمله و ان الظن اكذب الكذب في مائة اية و الف و مأتي حديث فلم حكم بغير كتاب الله و سنة نبيه9 و هل يكفيه ذلك في ظاهر الشرع فما حاصله له او في الاخرة فمااعلم المصنف ذلك و بهذا الدليل الدوراني لايمكن الحكم في ملك الله علي عباد الله و لايمكن انيلقي الجاهل بالعقائد الحكم و لايبالي هو بنفي التكليف و خلاف الاجماع و لايقلد المصنف أليس يمكن انيكون من حرم اليقين هالكاً أليس اذا اخبر المخبر الصادق بعد الامكان واقعاً او ليس في مائة اية و الف و مائة حديث مقتنع و قدكنتم تقولون انها في العقائد بعد اذ كنا نحتج عليكم بها في الفروع تعميماً لعمومها و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۴ *»
اجراءاً لاطلاقها.
قوله <نعم لا بُعدَ> الي اخر هذا مسألة سنية و هم لما عدلوا عن الامام الحق و استبدوا بارائهم و انزووا بانفسهم رأوا ان مدينة الاسلام تحتاج الي امور و الا يتفرق اهلها و ينهدم بنيانها فلو جاء ساحر في الاسلام و اظهر سحراً و ادعي باطلاً من يجيبه و يكسره من المسلمين فرأوا انه ليس فيه احد فقالوا علم السحر واجب كفائي ليدفع كيد ذلك المبطل عند الضرورة و لو جاء منجم و اتي بشبهات نجومية او اشتبه علي المسلمين معرفة القبلة مثلاً في وقت او مكان من يجيبه فرأوا انه ليس فيهم احد فقالوا ان علم النجوم واجب كفائي و هكذا جميع العلوم حتي الكيميا و الليميا و السيميا و الريميا و العلوم الغريبة من الشعوذات و النيرنجات ثم وسعوا الخرق الي الحياكة و النجارة و ساير المكاسب و غفلوا عن ان هذه العلوم لاتحصل بالكمال الذي يجيب به الانسان مدعي النبوة و يأتي بخارق عادة مثله الا بعد صرف عمر و اشتغال اناس عديدة حتي يترقي واحد بعد واحد و يصير كاملاً و لو بنوا علي ذلك لوجب في كل عصر اشتغال رجال عديدة بالكهانة و السحر و النيرنجات و العلوم المحرمة من باب المقدمة و يبني لهم مدارس و خوانق و زوايا حتي يسكنوا و يتعلموا حتي يترقي واحد كما يشتغل رجال بالفقه لاتحصي و يحصل في كل عصر واحد كامل و ربما لايكون حلال كل مشكل و اما الشيعة فكان لهم امام شاهد خلق السموات و الارض و خلق انفسهم و كان يحمي الدين و يدفع عن الاسلام و المسلمين و نهي الناس عن العلوم المحرمة و الصنايع المحرمة علي الاطلاق فهذه المسائل بين هؤلاء من باب علم سياسة المدن و لايعلمون ولايتصورون عواقب ما يقولون و الله الموفق للصواب.
قال: اصل اذا بلغ رتبة الاجتهاد المطلق و اجتهد في بعض المسائل او كلها فعلاً حرم عليه التقليد فيها اجماعاً و ان لميكن اجتهد فعلاً ففي جواز تقليده فيما لميجتهد فيه مطلقا او اذا ضاق الوقت عن الاجتهاد او اذا قلد الاعلم او اذا كان لعمل نفسه لا مقلده او لايجوز مطلقا اقوال و الاصح عدم الجواز الا مع عدم تمكنه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۵ *»
من الاجتهاد لضيق الوقت او لعذر اخر و ذلك لاصل الشغل و ايات النهي و بناء العقلاء و الاجماع و لايضر به مخالفة البعض و لقبح ترجيح المرجوح علي الراجح او التسوية بينهما و اما استصحاب جواز التقليد الذي كان قبل حصول الملكة و استصحاب الحكم الفرعي و استصحاب الصحة فلاتعارض الادلة المذكورة مع عدم جريان الاستصحابين الاولين لارتفاع فصل الوجوب بعد حصول الملكة و اما الجواز مع عدم التمكن فللزوم التكليف بما لايطاق لولاه.
اقول: هذا اصل اخر سني فانه لا اجتهاد في طريقة اهل البيت و علي فرض المسامحة فيه لا مجتهد علي الاطلاق في مذهب الشيعة و الشيعة كلهم متعلمون جهال لايعلمون الا ما علمهم امامهم قال ابوعبدالله7 ان الامور ثلثة امر بين رشده فيتبع و امر بين غيه فيجتنب و امر مشكل يرد علمه الي الله و الي رسوله الخبر و قال علي7 لابنه الحسن7 دع القول فيما لاتعرف و الخطاب فيما لاتكلف و امسك عن طريق اذا خفت ضلالته فان الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الاهوال و قال ابوجعفر7 لمحمد بن الطيار تخاصم الناس قال نعم قال و لايسألونك عن شيء الا قلت فيه شيئاً قال نعم قال فاين باب الرد اذاً و قال ابوعبدالله7 من اجاب في كل ما يسأل عنه فهو مجنون و قال علي7 من ترك قول لاادري اصيبت مقاتله الي غير ذلك من الاخبار فنحن لانعرف مجتهداً فضلاً عن المطلق الا امامنا فانه عالم مطلق و كل شيء احصيناه في امام مبين و اما غيره فمااوتيتم من العلم الا قليلاً و فوق كل ذيعلم عليم بالجملة يقول المطلق لايقلد غيره و ان لميكن له علي مسألته كتاب و لميرو لها رواية فلايجوز عليه انيستمع الي رواية الغير و يسأل غيره و يعمل بما يرويه له عن امامه بل يجب عليه انيستبد برأيه و ينظر رأيه لكن هذا اذا اجتهد برأيه و نظر في المسألة بالفعل و اما ان لميراجع المسألة مع الملكة لاستخراجها فذكر فيه اقوالاً و اختار عدم جواز اخذه عن غيره الا مع العذر و استدل له باصل الشغل فلايحصل له القطع ببراءة الذمة الا بالاجتهاد و ايات النهي عن العمل بالظن و هي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۶ *»
ان كانت دالة علي حرمته فلم لايعملون بها في ساير المواضع و لاصارف عنها الا ظنون مرت و بناء العقلاء و هو امام الادلة للمصنف و هم حجج الله عليه يفترض طاعتهم من غير كتاب و سنة فجميع المحدثين من المتقدمين و المتأخرين الذين يجوزون اخذه برواية الغير اذاً سفهاء و المتمسك بهذه الادلة الواهية عاقل و من امره باتباع العقلاء من اليهود و النصاري و المجوس و الهنود و الدهرية و عبدة الاوثان و ان كان المراد المسلمين فلم لايقول لبناء المسلمين و الاجماع و اي اجماع في موضع لا نص فيه و اصل المسألة لايتمشي في مذهب الشيعة و المسألة مستحدثة فاين الاجماع و كيف الاجماع و جميع المحدثين ظاهراً مخالفون له و لا شاهد له من كتاب و لا سنة و لا سيرة و لقبح ترجيح المرجوح فان تقليده مرجوح و ظن ضعيف و لعمري لو لميقلد من يروي له و تركه و عمل بظنه و رأيه و امثال ادلة المصنف استبدل الذي هو ادني بالذي هو خير و رجح المرجوح علي الراجح والله لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها و اي شيء ارجح منه و المراد باستصحاباته انه قبل بلوغه كان يجوز له التقليد فكذلك بعد عند الشك و كان تكليفه ذلك الحكم الفرعي التقليدي فكذلك بعد عند الشك و كان عمله صحيحاً بالتقليد فكذلك بعد عند الشك و باقي العبارة ظاهر غني عن الشرح و لا علينا ان نرخي عنان القلم هنا قليلاً في شرح التقليد لان المصنف لميضع اصلاً لجواز اصل التقليد حتي نتكلم فيه.
اعلم ان الله عزوجل هو الرب القديم السلطان القاهر الغالب المنعم فخلق خلقاً من العدم لكي يعرف و يعبد فكان حقاً و خلقاً لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما فسري هذا السر في جميع المراتب فلاجل ذلك قسم الله الخلق ثانياً بانبياء و امم و لا ثالث غيرهما فعلي الانبياء الهداية و وضع الشرايع و الاحكام و علي الامم انيهتدوا بهم و يعملوا باوامرهم و نواهيهم و هم لايقولون الا ما قال الله عزوجل و لايحكمون الا بحكمه و لايحكون الا عنه و قال تعليماً لهم ان اتبع الا ما يوحي الي و قال ماينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي و قال و لو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين و قال من يطع الرسول فقد اطاع الله فكان علي الامة اطاعتهم لان اطاعتهم و هم
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۷ *»
معصومون مطهرون اطاعة الله ثم هم قسموا الامة قسمين امام و رعية و كان الامام راوياً عن النبي لايستبد بحرف واحد لعصمته و لايجهل دين الله لانه موضع الرسالة و عيبة علم النبي و مستودع سره و كان لايقول الا ما اودعه النبي و عرفه اياه من الشرايع و الاحكام و الحلال و الحرام و ساير العلوم الخاص منها و العام فكان علي الرعية و الشيعة اتباعهم قال ابوجعفر7 لجابر يا جابر لو كنا نفتي الناس برأينا و هوانا لكنا من الهالكين و لكنا نفتيهم باثار من رسول الله9 و اصول علم عندنا نتوارثها كابراً عن كابر نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم و فضتهم و قال7 لو انا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا و لكنا حدثنا ببينة من امرنا بينها لنبيه فبينه لنا و قال7 انا علي بينة من ربنا بينها لنبيه9 فبينها نبيه لنا فلولا ذلك كنا نحن كهؤلاء الناس و سأل اباعبدالله7 رجل عن مسألة فاجابه فيها فقال الرجل ان كان كذا وكذا ما كان القول فيها فقال مه ما اجبتك فيه بشيء فهو عن رسول الله9 لسنا نقول برأينا من شيء و قيل لابي الحسن7 جعلت فداك الامام7 باي شيء يحكم قال بالكتاب قيل فما ليس في الكتاب قال بالسنة قيل فما ليس في السنة فقال بيده قداعرف الذي تريد يسدد و يوفق و ليس كما تظن و في رواية قيل لابيالحسن7 كل شيء تقول به في كتاب الله و سنته او تقولون برأيكم قال بل كل شيء نقوله في كتاب الله و سنته الي غير ذلك من الروايات فالامام وجب اطاعته علي الرعية لانه يقول بكتاب الذي خلقنا من العدم و نحن عبيده و بسنة رسوله المخبر عنه فرجع الامر كله الي الله الذي هو ربنا و خالقنا ثم هم: شرحوا ذلك و قال ابوعبدالله7 الناس يغدون علي ثلثة عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء انتهي فليس الا هم و شيعتهم ثم قسموا الشيعة الي راو و مروي اليه و قال الحجة7 اما الحوادث
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۸ *»
الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و قال علي7 قال رسول الله9 اللهم ارحم خلفائي ثلثاً قيل يا رسولالله9 من خلفاؤك قال الذين يبلغون حديثي و سنتي ثم يعلمونها امتي و في رواية الذين يأتون من بعدي يروون احاديثي و سنتي فيعلمونها الناس من بعدي و زاد في رواية اولئك رفقائي في الجنة و قال ابوعبدالله7 في حديث و كذلك عوام امتنا اذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر و العصبية الشديدة و التكالب علي حطام الدنيا و حرامها و اهلاك من يتعصبون عليه و ان كان لاصلاح امره مستحقاً و الترفرف بالبر و الاحسان علي من تعصبوا له و ان كان للاذلال و الاهانة مستحقاً فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالي بالتقليد لفسقة فقهائهم فاما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً علي هواه مطيعاً لامرمولاه فللعوام انيقلدوه و ذلك لايكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم فاما من ركب القبايح و الفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلاتقبلوا منهم عنا شيئاً و لا كرامة و انما كثر التخليط فيما يتحمل عنا اهل البيت لذلك الخبر و قال7 في حديث ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكماً فاني قدجعلته عليكم حاكماً فاذا حكم بحكمنا فلميقبل منه فانما استخف بحكم الله و علينا رد و الراد علينا الراد علي الله و هو علي حد الشرك بالله و عن ابيخديجة قال بعثني ابوعبدالله7 الي اصحابنا فقال قل لهم اياكم اذا وقعت بينكم خصومة او تدارؤ في شيء من الاخذ و العطاء انتحاكموا الي احد من هؤلاء الفساق اجعلوا بينكم رجلاً قدعرف حلالنا و حرامنا فاني قدجعلته عليكم قاضياً و اياكم انيخاصم بعضكم بعضاً الي السلطان الجاير و عن الرضا7 منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الانبياء في بنياسرائيل و من المستند حديث مرسل مجاري الامور و الاحكام علي ايدي العلماء بالله الامناء علي حلاله و حرامه الي غير ذلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰۹ *»
من الاخبار الوافرة فالرعية بعد الامام7 علي قسمين فقيه حافظ للاخبار المأثورة عن المحمد: الناظر فيها المتدبر في مطاويها العارف بلحنها و الفهيم لمضامينها الجامع لاحكامهم و ساير العوام المتوجهين الي مكاسبهم و صنايعهم و ساير حوائجهم فالفقيه في هذا الزمان بين العوام خليفة الامام7 و حجته و خازن علمه و القائم بامور العامة يأخذون عنه الاخبار و الاثار و اما ان قال احد بغير ما انزل الله في كتابه و ما اتي به النبي9 في سنته و ما فصل المحمد: في اثارهم برأيه و هواه و استحسانه و مصالحه و قياساته و قواعده المجعولة و قوانينه المحدثة فليس بخليفتهم و انما هو خليفة الشيطان راكب مراكب فسقة فقهاء العامة و لايجوز الاخذ عنه كما صرح به الصادق7 و ورد به اخبار متواترة مؤيدة بالكتاب و العقل المستنير و ليس ما يقول بدين الله و شرع رسول الله و سنة الالله: و انما هو دينه و شرعه و سنته و يفرض طاعته علي الناس فهو مدعي النبوة بل الالوهية و ان لميصرح به.
بالجملة الرعية بعد الامام رجلان رجل حمل علمه و بلغه من لايعلم و رجل اخذ العلم عن العالم و تعلم و ساير الناس جهال و ان شقوا الشعر بالخيالات فان معدن العلم المحمد: و ليس عند احدهم علم الا ما خرج من بيتهم و الجاهل لا دين له فان المرأ بالعلم يتدين و هذا معني التقليد الحق و لايجوز انيقلد الانسان الا راوياً اميناً يروي عن امامه رواية غاية الامر ينقله بالمعني له و ليس الراوي اماماً يقتدي به بل هو حاك لمقلده حكم الامام فرجع التقليد الي جعفر و ابيجعفر و غيرهما من الائمة: كما روي ثم يرجع المجموع الي رسول الله9 و طاعته فان الائمة: حكاة و رواة عنه9 ثم يرجع الطاعة الي الله سبحانه لانه9 لسان الله المترجم المعبر عنه و لذلك يكون الرد علي عالم الشيعة الامين الثقة كفراً بالله و شركاً كما قال ابوعبدالله7 في حديث اذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلميثق به فهو كافر و اما من لميسمع فهو في عذر حتي يسمع ثم قال
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۰ *»
ابوعبدالله7 يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين و قال7 في حديث فاذا حكم بحكمنا فلميقبل منه فانما استخف بحكم الله و علينا رد و الراد علينا الراد علي الله و هو علي حد الشرك بالله و عن ابيبصير قال قلت لابيعبدالله7 أرأيت الراد علي هذا الامر كالراد عليكم قال من رد عليك هذا الامر فهو كالراد علي رسول الله9 انتهي و الفرق بيننا و بين العامة انا نأخذ الحديث من عالم يحكي و هم يأخذون من عالم يدعي فان عالمهم يفتي بعقله و رأيه و استحسانه و مصالحه و قواعده المبدعة و قوانينه المستحدثة و مقائيسه المخترعة و ليس الاخذ عنه اخذاً عن النبي و عن الله جلوعز بل هم بانفسهم اصحاب تلك الشريعة و واضعوا تلك الملة عليهم الاف الاف لعنة ثم ان كان الفقيه الراوي واحداً يأخذ العامي منه روايته و يعمل بها و ان تعدد الفقهاء الرواة فان عرف ان احدي الروايتين تقية و لايكاد يعرف العوام ذلك فيترك ما فيه التقية و الا فهو بالخيار بينهما بايهما اخذ من باب التسليم لحكم المحمد: وسعه لما يأتيك في معالجة الاخبار المختلفة انشاءالله و لا فرق في الرواة عندي بين حيهم و ميتهم كما يأتي انشاءالله و مورد مقبولة عمربنحنظلة في الحكمين المختلفين فتخص به و كذلك لا فرق عندي بين الاعلم و غير الاعلم و لايجب طلب الاعلم لما يأتي.
قال: اصل اذا كان مجتهدان متوافقان في الرأي في مسألة مثلاً و احدهما اعلم من الاخر فهل للمقلد العمل بهذه الفتوي من دون تعيين استناد عمله الي فتوي احدهما المعين فيكون اقوال المجتهدين المتوافقين في الرأي بمنزلة النصوص المتوافقة للمجتهد مع كون بعضها اقوي من بعض ام لابد من التعيين وجهان مقتضي اصالة الشغل الاشتراط الا اذا قلنا بان الاصل عند الشك في الاشتراط البراءة.
اقول: هذا الخلاف في الرأي المحض و لا فرق عند المحمد: بين الشيخعلي و الشيخحسن مثلاً و زرارة و ابيبصير قال7 اما الحوادث
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۱ *»
الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و نحن لانجوز الاخذ من الفقيه الا من حيث روايته و لاجل روايته و لايجب انتنوي الوسائط بينك و بين الامام حين العمل بخبر رويته بعشرة وسائط و لميأمرنا بذلك امام من الائمة كل ذلك استحسانات و خيالات لايعتني بها و اصالة الشغل لاتوجب ذلك لانك مشغول الذمة بالعمل بحكم امامك و قدسمعت و فهمت و عملت و لولا اختلاف هؤلاء لميكن يخطر بخلد عاقل ان نية تعيين الراوي شرط صحة العمل بالرواية.
قال: اصل في كون التقليد من باب الظن او السببية المطلقة او المقيدة وجوه و الاصح انه ان كان مقلداً لاحد ثم ظن بقول غيره لميعتبر هذا الظن و بقي علي تقليده للاستصحاب و كذا اذا كان قدر متيقن في البين اخذ به و ان كان الظن علي خلافه للاشتغال كما لو علم من اجماع و نحوه ان تقليد الاعلم مبرئ و ان كان الظن مع غيرالاعلم وان لميكن دليل شرعي علي عدم العمل بالظن اخذ بالمظنون حذراً من ترجيح المرجوح كما في المجتهدين المتساويين في بدو تقليده و هو ظان باحدهما.
اقول: هذه مسائل مبتدعة مخترعة لاتتمشي في مذهب اهلالبيت: فاولاً لاتقليد الا للامام7 بل باعتبار لاتقليد فان قول الامام7 هو الدليل و العمل بقوله قول بالدليل او هو عمل بقوله بادلة ساقته الي وجوب الاخذ منه و ثانياً ليس من باب الظن و لا من باب التعبد و كونه سبب الاخذ و ان لميظن بان قوله مطابق للواقع او كون خصوص قول من قلده و علي اي حال لا اخذ الا من الامام بدليل قطعي و انما الفقيه راوي خبره و حديثه فان علمت صدقه و علمت صحة روايته عملت بها و الا فلا فان علمت صحة قوله علماً شرعياً اخذت به ان كان واحداً و ان كان روايتان من راويين و علمت صحة احدهما عملت بالصحيحة و ان علمت بصحتهما انت بالخيار اللهم الا انتكون رجلاً تعرف التقية من غير التقية فتعمل بما ليس فيه تقية هذا مقتضي الاخبار و ما سواه نفخ في رماد.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۲ *»
قال: اذا قلد احد المجتهدين المتساويين او المختلفين بناء علي عدم وجوب تقليد الاعلم احتمل جواز الرجوع عنه لاصالة بقاء الخيار و صحة اعماله كما كانا قبل اختيار احدهما الا انيدفع الاصلان بعد تسليم جريانهما باصل الشغل و استصحاب التكليف و لزوم التقليد و الحكم الفرعي و ظهور الوفاق و اطلاق منقول الاجماع و ايات النهي عن التقليد الا ما خرج و لزوم المخالفة القطعية فالاصح عدم الجواز و ان رجع الي الاعلم علي الاظهر ثم ان التقليد الملزم للبقاء لايتوقف علي العمل حذراً من التسلسل لكن هل يحصل اللزوم بمجرد الاختيار ام بوصول وقت الواجب ام بضيق وقته ام بالشروع وجوه اقواها الاول ثم في اشتراط العلم التفصيلي برأي المجتهد حين اختيار تقليده ام كفاية البناء الاجمالي مطلقا او بشرط تحقق ارائه يوم اختياره احتمالات مقتضي الاستصحاب الاول و مقتضي الاشتغال الثاني.
اقول: قوله <احتمل جواز الرجوع> الي اخر و في الضوابط جعله الحق و المراد باصالة بقاء الخيار انه كان قبل تقليده مخيراً فبالاستصحاب هو مخير و المراد بصحة اعماله انه لو لميقلد يوم اول هذا و قلد اخر كان عمله صحيحاً فباستصحاب ذلك اذا رجع اليوم عمله صحيح نعوذ بالله من هذا الاصل التوهمي الذي لميكن له وجود خارجي.
قوله <الا انيدفع> الي اخر و استضعف هذه الاصول في الضوابط و المراد ان اصل الشغل اي انت مشغول الذمة يقيناً و البقاء علي تقليد الاول مبرئ يقيناً و الاخر مشكوك و استصحاب التكليف لانك كنت مكلفاً بالاخذ عن الاول و انت شاك في جواز العدول منه فيستصحب التكليف و لزوم من قلده و استصحاب الحكم الفرعي الحاصل اولاً بتقليد الاول و ليس في شيء من هذه الاستصحابات خير اذا قام دليل شرعي علي حكم الحال الاول و ظهور الوفاق و ليس فيه حجة و اطلاق منقول الاجماع و لا حجية فيه كما عرفت مكرراً و ايات النهي عن التقليد الا ما خرج و لزوم المخالفة القطعية فان حكم الله في الواقع واحد و العامل بالقولين المخالفين عامل بخلاف الواقع مجملاً قطعاً.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۳ *»
قوله <فالاصح عدم الجواز> و في الضوابط جعل الحق الجواز.
قوله <حذراً من التسلسل> يعني به انه لو كان التقليد الملزم للبقاء متوقفاً علي العمل لزم التسلسل لانه قبل الشروع في العمل مخير لايجب عليه الاخذ باحدهما بعينه فلايقدر انيعمل العمل بنية الوجوب و الالتزام الا بعمل سابق و هكذا الامر في العمل السابق فيتسلسل و كل ذلك خيالات و شكوك و شبهات و الائمة: علماء و الفقهاء رواة احكامهم و هداة رشدهم نحن نسمع منهم الرواية بلفظها او معناها و نثق بهم فهي رواية صحيحة و لايجب الفحص عن المعارض فاذا سمع رواية من واحد منهم عمل بها و ان سمع من واحد اخر منهم رواية اخري مخالفة فان علم ايهما تقية و لا عسي انيعلم العامي فيترك التي فيها التقية و يعمل بالاخري و ان لميعلم و هو الشايع المعروف فبايهما اخذ من باب التسليم وسعه و الاخبار ليس فيها تخصيص بشيء من هذه الخيالات فكلما يحضر وقت عمل له الخيار بايهما اخذ بحكم الله و من باب التسليم و لايضر المخالفة القطعية فانها مع الواقعية و لمنؤمر بها و الحكم الظاهري من الله التخيير و لاتقليد و لاعمل بظن و لايمنع عنه اية و لارواية و يبرأ الذمة بامتثال الحكم الظاهري و نحن مكلفون بالحكم الظاهري و الدليل قام علي الخيار المطلق.
قوله <ثم في اشتراط> الي اخر كل ذلك تخريجات في الدين و تشكيكات غيرجايزة و لايجب العلم بجميع ما يرويه زرارة في الدنيا عند الاخذ برواية واحدة منه.
قال: المشهور وجوب تقليد اعلم المجتهدين المتخالفين في الرأي و نفي عنه الخلاف و قيل بالخيار و لا قول بتعين تقليد غيرالاعلم و التحقيق انه اذا وجد مجتهدين احدهما اعلم فمقتضي الاشتغال اخذ الاعلم و اذا كانا في الاول متساويين ثم صار احدهما اعلم قبل تقليده فمقتضي استصحاب التخيير الخيار و اذا وجد مجتهداً واحداً لا غير ثم حصل اخر ادون منه قبل التقليد فمقتضي الاستصحاب وجوب اخذ الاعلم لانه كان واجباً عينياً حين الانحصار فيستصحب الا انيقال ان
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۴ *»
هذا الاستصحاب عرضي و لو صار الاخر اعلم في الفرض قبل تقليده فمقتضي الاستصحاب لزوم تقليد الادون لكن الوجوب ارتفع يقيناً فلاينفع الاستصحاب فالاستصحاب لايجري الا في القسم الثاني و مقتضاه الخيار و يتم الامر فيما عداه بالاجماع المركب و لايعارضه الشغل و يؤيده اية السؤال ان كان المراد من اهل الذكر مطلق اهل العلم و كذا روايتا ابيخديجة و ابنحنظلة و اية النبأ و يعضده اية النفر لاختلاف المنذرين و لو كان الاعلم و غيره متوافقين في الرأي فالخيار بطريق اولي و بالاجماع المركب و اتحاد الدليل مع دعوي بعض عدم الاشكال فيه و يتفرع علي القول بوجوب تقليد الاعلم فروع جيدة لاحاجة لنا اليها و مما مر ظهر عدم وجوب تقليد الاورع ثم المراد بالاعلم هو الاقوي ملكة للتبادر لااكثر ضبطاً و لااستنباطاً.
اقول: قوله <المشهور> الي اخر قدعرفت ان المشهور لا عبرة به و لاحجية فيه الا اذا عمل احد بالظن فيراعي الوصف و ما احسن ما قال في الضوابط في نفي الخلاف قال و عدم الخلاف ان كان محققاً لاينفع فكيف اذا كان محكياً فاذا كان ما لاخلاف فيه كذا فماحال المشهور.
قوله <و التحقيق> الي اخر كل ذلك واضح و دار مدار الاستصحاب و نحن من التقليد في عويل فضلاً عن هذه الشقوق.
قوله <الا انيقال هذا الاستصحاب عرضي> يعني ان لزوم تقليده اولاً كان ناشئاً عن الانحصار و قدزال بعد وجود الغير.
قوله <و لايعارضه الشغل> يعني لايعارض الخيار اصل الاشتغال و كون تقليد الاعلم قطعياً و غيره مشكوك و اية الذكر مفسرة بالائمة عند الائمة: و رواية ابيخديجة و فيها اجعلوا بينكم رجلاً قدعرف حلالنا و حرامنا فاني قدجعلته عليكم قاضياً و رواية ابنحنظلة و فيها ينظران من كان منكم ممن قدروي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكماً فاني قدجعلته عليكم حاكماً الخبر تدلان علي وجوب الرجوع الي الفقيه علي الاطلاق و اية النبأ و الفقيه عادل و لايجب التبين عند خبره و هو مطلق في اختلاف المنبئين و
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۵ *»
يعضده اية النفر لاختلاف المنذرين.
قوله <و لو كان الاعلم و غيره> الي اخر يعني اذا كانا قائلين بقول واحد فان كنا في المختلفين بالخيار ففي المتفقين بطريق اولي و لان كل من قال هناك بالخيار قال هنا ايضاً و لجريان تلك الادلة هنا ايضاً مع ان بعضهم قال لا اشكال هنا و ان كان لا حجة في هذا.
قوله <ثم المراد بالاعلم> الي اخر اما لفظ اعلم فهو معناه اكثر علماً و لاخصوصية له بما قال المصنف من كتاب و سنة و انما هو رأي منه لايعتني به و ما قال المصنف من الاراء في هذا الكتاب مااحببنا اننخاصمه بالرأي و نتفوه بغير الكتاب و السنة و الا فما من شيء اقامه دليل الا و كسره دليل اخر مثله و لذلك نهينا عن الاعتماد علي هذه الاراء و تري كل اصولي يستدل علي مطلبه و ينهيه الي البديهيات في اعتقاده و يبطل ادلة غيره بخياله.
بالجملة الذي ورد في هذا المقام مما ينبغي النظر فيه اما في الحنظلية المعروفة ففيه قيل فان كان كل واحد اختار رجلاً من اصحابنا فرضيا انيكونا الناظرين في حقهما و اختلفا فيما حكما و كلاهما اختلفا في حديثكم فقال الحكم ما حكم به اعدلهما و افقههما و اصدقهما في الحديث و اورعهما ولايلتفت الي ما يحكم به الاخر و عنه7 في حديث اخر في رجلين اتفقا علي عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف فرضيا بالعدلين فاختلف العدلان بينهما عن قول ايهما يمضي الحكم قال ينظر الي افقههما و اعلمهما باحاديثنا و اورعهما فينفذ حكمه و لايلتفت الي الاخر و حديث اخر سئل ابوعبدالله7 عن رجل يكون بينه و بين اخ له منازعة في حق فيتفقان علي رجلين يكونان بينهما فحكما فاختلفا في ما حكما قال و كيف يختلفان قيل حكم كل واحد منهما للذي اختاره الخصمان فقال ينظر الي اعدلهما و افقههما في دين الله فيمضي حكمه انتهي و هذه الاخبار في اختلاف الحكمين لما كان المقصود من وضع القاضي
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۶ *»
رفع الاختلاف و هيهنا اختلف القضاة و بقي الخلاف وضع الائمة: قاعدة للترجيح حتي يؤلوا الي امر واحد و يرتفع الخلاف فحكموا بانفاذ حكم الافقه يعني الاعلم باللحن كما فسر والاعلم بالاحاديث لان بعضها يشهد لبعض و بعضها يفسر بعضاً و من كان منهما اعدل و اصدق و اورع لانه اكثر حذراً من الشبهات فيمضي حكمه و ليست هذه الاخبار واردة مورد اخذ الحكم من الفقهاء في غير موضع الترافع الا انينقح المناط كما اجروا الحنظلية في ترجيح الاخبار و ذلك عندي غيرمنقح و الواجب الوقوف موقف الخبر و ليس في اخبار التراجيح ترجيح بشيء من ذلك الا ما روي في مرفوعة زرارة و فيها خذ بقول اعدلهما عندك و اوثقهما في نفسك و الخبر بنفسه غيرموثوق به و هو من عوالي اللئالي و ليس بمعتبر و معذلك ليس فيه ذكر الاعلم و الاورع الذين ذكرهما المصنف و عنونهما بل الوارد في الاخبار الصحيحة في اخذ الخبر خلاف ذلك فقدروي انه سئل ابوعبدالله7 عن رجل اختلف عليه رجلان من اهل دينه في امر كلاهما يرويه احدهما يأمر بأخذه و الاخر ينهاه عنه كيف يصنع قال يرجئه حتي يلقي من يخبره فهو في سعة حتي يلقاه و عن الكليني و في رواية اخري بايهما اخذت من باب التسليم وسعك و قال7 اذا سمعت من اصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتي تري القائم فترده اليه و قيل للرضا7 يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين و لانعلم ايهما الحق قال فاذا لمتعلم فموسع عليك بايهما اخذت الي غير ذلك من الاخبار و كل من عرف السيرة و طريقة اصحابنا علم انهم في الصدر الاول كانوا يستفتون المحدثين و كانوا يفتونهم بنفس الاخبار و كتب عملهم كتب اخبارهم و اصولهم و لميكن فيهم احد يفتي برأيه و كان المراد بالتقليد اخذ الخبر من الفقيه فالاخبار المذكورة فيما اذا سمع المستفتي و طالب الحكم من فقيهين حديثين مختلفين و حكموا فيهما بالخيار بقول مطلق و ليس في شيء منها هذه الخيالات و التشكيكات الواهية فاذا سمعنا الحديث من علمائنا و اختلفوا فنحن بالخيار بالنسبة
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۷ *»
الي الاخذ من كل واحد اذا لمنعلم ايهما الحق و اذا علمنا ان احدهما تقية نترك التقية و نأخذ بالاخر كما امرونا وسيأتيك ان شاء الله و نحن لانعلم شيئاً من هذه الاراء و الاهواء و لانعمل بها فافهم وفقك الله و اعتبر.
قال: اصل يجوز التبعيض في التقليد للاجماع و بناء العقلاء و اطلاق اية السؤال و النفر و غيرهما و انما يجوز ما لميلزم من التركيب مخالفة قطعية للاصل.
اقول: جواز التبعيض عند من يقول انه يجوز تقليد غيرالاعلم و اما الذي لايجوز ذلك و كان فقيهان احدهما اعلم فلايجوز التبعيض و اما علي ما عندنا فيجوز اخذ كل رواية عن فقيه و لو كانوا الف نفس و استدل علي ذلك بالاجماع و هو محقق و ببناء العقلاء و هو مضحكة و هل من الدين ان نأخذ كيفية التقليد من اليهود و النصاري و المجوس الذين هم عقلاء العالم و ان كان مراده المسلمين فلم لايقول لضرورة المسلمين و ان كان المراد من العقلاء الشيعة فلم لايقول لضرورة الشيعة و ان كان المراد الائمة فلم لايقول للروايات المأثورة.
قوله <و انما يجوز> الي اخر يريد اذا كان فقهاء يقول كل واحد بعدم وجوب جزء و قلد المقلد المجموع فصلي صلوة بتقليد الجميع و ترك تلك الاجزاء فحصل من المجموع صلوة علم اجمالاً ان رسول الله9 لميأت بصلوة هكذا و اني سمعت هذا الحكم من واحد من علماء العامة و كان سنوياً و سماه بالجمع بين الرخص و ذلك اني سألته عن تقليد علمائهم الاربعة فقال يجوز ما لميجمع بين الرخص و ذلك انهم خافوا فضيحة ما فعل بعض العلماء بحضرة الخليفة حيث صلي في جلد كلب مدبوغ و قرأ مكان القراءة «دو برگ سبز» و سجد علي عذرة يابسة و اخرج الريح قبل السلام فلما خافوا من الجمع بين الرخص هذه الفضيحة منعوا عنه و كذلك المصنف حمي المذهب بالنهي عن الجمع بين الرخص لان للاسلام فيه فضيحة عظيمة لان مناطهم الاراء و الاهواء التي لاتتوقف علي حد و اما المحدثون ففي غني من ذلك لان اخبار المحمد: اذا اخرج الفقيه منها التقية و جري علي القواعد المأثورة لايخاف فيها من جمع
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۸ *»
الاخبار و لا فضيحة فيها كلامكم نور و امركم رشد و وصيتكم التقوي و فعلكم الخير و عادتكم الاحسان و سجيتكم الكرم و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً.
قال: اصل الاصل و ان اقتضي اشتراط مشافهة المفتي في اخذ فتاويه لكنها ليست شرطاً و يكفي النقل عنه في الجملة اجماعاً معلوماً و منقولاً مع لزوم الحرج لولاه و بناء العقلاء و القوة العاقلة فيما اذا حصل العلم بالنقل فان السؤال بعده سفه ثم ان حصل العلم من النقل و لو بلفظه كفي و ان ظن بمراده اذ قلما يحصل العلم بالمراد فيلزم العسر لولاه مع الاجماع عليه و كذا خبر العدل و ان لميفد قطعاً بلفظ او معني للاجماع و بناء العقلاء و عسر تحصيل العلم و الاحتياط بل لو كان حاضراً عنده جاز اخذه من العدل ايضاً للاجماع المركب ثم ان افاد خبره الظن شخصاً و طبعاً او شخصاً فلا كلام او طبعاً لا شخصاً لمعارض لايعتبر كخبر فاسق و نوم عمل به ايضاً و ان ظن بخلافه او لا طبعاً و لا شخصاً فلا عمل عليه للاصل و ان عارض خبر عدل مع اخر اخذ باقوي الظنين و ان فقد الظن من الجانبين سقطا من البين و رجع الي عدل اخر او مجتهد اخر فان لميمكن احتاط في العمل فان لميمكن تخير بين تقليد الميت و الاخذ باحد العدلين فان لميمكن اخذ باحد العدلين و لو كان مسبوقاً بتقليد ذلك المجتهد فنسي فتواه و تعارض فيه عدلان و لميمكنه غيرهما لميرجع الي مجتهد اخر و لا وجب عليه الاحتياط بل يأخذ باحد العدلين تخييراً و خبر معلوم الفسق لا عمل عليه و ان ظن به و لو لميتمكن من غيره او كان فيه عسر ففي العمل بقوله و قول المستور وجه قوي سيما في رجوع الزوجات الي ازواجهن في نقل الفتاوي للزوم الفساد في ارخاء عنانهن.
اقول: قوله <الاصل و ان اقتضي> الي اخر يعني اصل الشغل يقتضي المشافهة فان البراءة فيها قطعية و غيرها يحتاج الي دليل ولكن بالاجماع المحقق و المنقول يكفي النقل عنه و يلزم الحرج لولاه و الدليل الخاص بناء العقلاء فان اليهود يكتفون بالنقل عن احبارهم و النصاري يكتفون بالنقل عن فوادريهم و المجوس
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱۹ *»
عن هرابذتهم فيجب اتباعهم و كذلك القوة العاقلة التي يحرم الاتكال عليها بالكتاب و السنة.
قوله <ثم ان افاد> الي اخر المراد بالظن الطبعي ما يحصل للانسان عند سماع خبر و الظن الشخصي انيظن ان هذا الخبر صادق لادلة خارجية قال فان حصل طبعاً و شخصاً او شخصاً فلا كلام و ان ظن طبعاً لا شخصاً لمعارض غير معتبر كخبر فاسق او نوم و ان حصل الظن بخلافه عمل بظنه الطبعي و ان لميحصل له الظن لا طبعاً و لا شخصاً فلا عبرة به لاصل الاشتغال.
قوله <فان لميمكن> الي اخر فهذا التخيير ابتداءاً مما لا دليل عليه الا الاستحسانات و كانينبغي له انيقول يجب ملاحظة التاريخ فان علم فالعمل علي القول الاخير و الا فهو مخير بين رواية العدلين ان لمنجوز تقليد الميت و ان جوزناه فتلك ثلث روايات عن عدل و المقلد حينئذ بالخيار.
قوله <و لو كان مسبوقاً> الي اخر هذا علي فرض عدم جواز الرجوع عن قوله و الا فلم لايجوز تركه رأساً.
قوله <و خبر معلوم الفسق> الي اخر لقوله تعالي ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا و اما عند عدم التمكن او عسره فجوز الاخذ بقوله لدليل سياسي.
بالجملة الحق في المسألة ان المدار علي حصول العلم الشرعي برواية الفقيه عن الامام فان حصل فهو والا فلا عبرة بالرواية لقوله7 ما علمتم انه قولنا فالزموه و ما لمتعلموا فردوه الينا و ينبغي الاحتياط في العمل ان علم بتكليف مجملاً و الا فالاطلاق لقوله7 كل شيء مطلق حتي يرد فيه نهي.
قال: اذا وجد قبل تقليده مجتهدين حي و ميت و كان ظنه مع الحي لميجز له تقليد الميت للاشتغال و لان التخيير مستلزم للتسوية بين الراجح و المرجوح اذ الشهرة و منقول الاجماع مع الحي فالظن في جانبه نوعاً و شخصاً بالفرض فهو راجح من وجهين و كذا اذا فقد الظن في الطرفين للاشتغال و رجحان النوع و اذا كان الظن مع قول الميت تعارض الظن الشخصي و النوعي و دار الامر بين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۰ *»
المحذورين لفقد القدر المتيقن في البين سيما اذا جعلنا مناط التقليد هو الوصف و نحن لما رجحنا الظن الشخصي في بابه فلازمه تعين تقليد الميت في الفرض المذكور مضافاً الي استصحاب جواز تقليده و صحته فيما اذا كان حياً قبل تقليده فمات بعد ارادة المقلد تقليده و لازمه جواز تقليده في جميع الاقسام المفروضة و يتم الامر فيما عدا هذه الصورة بالاجماع المركب و لايعارضه الاجماع المقلوب بضم الاشتغال و الي بناء العقلاء حيث لايفرقون في اهل الخبرة بين الحي و الميت كماتراهم يراجعون كتب الاطباء السلف و اما الشهرة و الاجماعات فلاتورثان الوصف هنا بعد ملاحظة ادلتهم الواهية و الاعتبار العقلي الحاكم بعدم مدخلية الحيوة و المماة هنا سيما اذا كان الميت اعلم و اما توهم ان الاستصحاب لايجري لانه بعد موت المجتهد ينتشر ذهنه الذي هو محل اعتقاداته و يصير تراباً فتذهب اعتقاداته او انه يرتفع ظنه و ينكشف له الاشياء فلايبقي له ظن حتي يقلد بل ربما يعتقد بعد موته بخلاف ما افتي به فيصير كما لو علم في حيوته بتبدل رأيه او ان الاستصحاب معارض باصل الشغل المعتضد بالشهرة و منقول الاجماع و باية السؤال ففاسد كما يظهر بتأملما هذا و عندي مع كل ذلك في الجواز تأمل و اما البقاء علي تقليد الميت فالاصح جوازه بل لزومه للاستصحاب في هذه المسألة و في المسألة الفرعية و في شمول الشهرة و الاجماع المحكي علي عدم جواز تقليد الميت لصورة الاستمرار وجهان و علي فرضه ففيهما ما مر في الابتداء فبطل من ذلك لزوم الرجوع الا اذا كان الميت اعلم فيجب البقاء او يتخير و لزوم البقاء ان كان الميت اعلم و ان كان الحي اعلم لزم الرجوع و ان تساويا فالخيار و لو فسق المجتهد لميجز تقليده بدواً و لا استمراراً اجماعاً و كذا لو صار لبعد عهده عامياً و لو عرضه الجنون مع بقاء الملكة بحيث متي زال جنونه فهو واجد للملكة ففيه اشكال و لو نصب قيماً ثم مات بقيت القيمومة للاستصحاب و كذا لو تصرف تصرفاً استمر اثره الي ما بعد موته كما لو اجر وقفاً و نحوه ثم مات.
اقول: قوله <للاشتغال> يعني انه مشغول الذمة بتكليفه قطعاً و المفروض ان مظنونه ان حكم الحي مصيب و تقليد المجتهد من باب الوصف فالبراءة اليقينية
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۱ *»
في تقليده و التخيير مستلزم للتسوية بين الراجح و المرجوح و هو قبيح و الراجح هو تقليد الحي لان الشهرة و الاجماع المنقول مع الحي و كذلك اذا لميحصل ظن باحدهما و لميتمكن من غيرهما للاشتغال و رجحان النوع للشهرة و الاجماع.
قوله <للاستصحاب في هذه المسألة> الي اخر يعني كان عليه تقليده و هو حي و لميكن عليه الرجوع حال حيوته فكذلك بعد موته و لان الحكم الفرعي تعلق به بتقليده و كان تكليفه العمل به فيستصحب بعد موته.
قوله <فبطل من ذلك> الي اخر يريد انه في الاستمراري احتمالات احدها لزوم البقاء و ثانيها لزوم الرجوع و ثالثها جواز الامرين و رابعها لزوم البقاء الا اذا وجد اعلم فيجب الرجوع و خامسها انيكون مخيراً في هذه الصورة و سادسها لزوم الرجوع الا اذا كان الميت اعلم فيجب البقاء و سابعها انيكون مخيراً في هذه الصورة و ثامنها لزوم البقاء ان كان الميت اعلم و ان كان الغير اعلم لزم الرجوع و ان تساويا تخير و الذي اختاره لزوم البقاء و ساير عباراته واضح لايحتاج الي شرح.
و الذي اعرف في هذه المسألة ان المجتهد عندي راوٍ ثقة و جاز الاخذ بقوله لروايته و وثاقته لا لشيء اخر و لو افتي برأيه و ظنونه لميجز تقليده و انما التقليد للامام المعصوم الذي امر الله بطاعته في قوله اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و لميأمرنا بطاعته الا لانه معصوم مطهر و ديدن الشيعة في الاول لميكن غير ذلك و لميكن احد يفتي بغير الرواية و لميكن احد يقبل من احد بغير رواية فاذا كان العمل بالرواية فلايتفاوت الحي و الميت كما اذا حكي عدل فتوي عن فقيه ثم مات الراوي لميكن ذلك سبب شك في فتوي الفقيه و سبب عدول و ان كان غيرالحاكي اعلم و يدل علي ذلك بخصوصه قول ابيعبدالله7 اكتب و بث علمك في اخوانك فان مت فاورث كتبك بنيك فانه يأتي علي الناس زمان هرج لايأنسون الا بكتبهم وقيل لابيجعفر الثاني7 جعلت فداك ان مشايخنا رووا عن ابيجعفر7 و ابيعبدالله7 و كانت التقية شديدة فكتموا كتبهم فلمترو عنهم فلما ماتوا صارت تلك الكتب الينا فقال حدثوا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۲ *»
بها فانها حق انتهي و لا شك ان الرواية كانت للعمل و كان ذلك ديدنهم و اصول الاصحاب الي اليوم معروفة و لميكن لهم كتب فتاوٍ بلا شك و قال ابوعبدالله7 قال رسول الله9 يجيء الرجل يوم القيمة و له من الحسنات كالسحاب الركام او كالجبال الرواسي فيقول يارب اني لي هذا و لماعملها فيقول هذا علمك الذي علمته الناس يعمل به بعدك و قال النبي9 اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلث علم ينتفع به او صدقة تجري له او ولد صالح يدعو له و قال ابوعبدالله7 من علم خيراً فله بمثل اجر من عمل به قيل فان علمه غيره يجري ذلك له قال ان علمه الناس كلهم جري له قيل فان مات قال و ان مات و عن الرضا7 عن العالم7 منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الانبياء في بنياسرائيل الخبر و نحن لانعرف نبياً لايجوز العمل بقوله بعد موته و لو طال الف سنة الا انينقطع نبوته بنبي ناسخ لدينه و كذلك قول الحجة7 و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و الرواة مطلقة عن الاحياء و الاموات و كذلك قوله7 لا عذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و قدعرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم و الثقات اعم من الاحياء و الاموات.
و اما ما روي عن علي7 في حديث هاه ان هيهنا و اشار بيده الي صدره لعلماً لو اصبت له حملة بلي اصبت لقناً غيرمأمون يستعمل الة الدين في طلب الدنيا و يستظهر بحجج الله علي خلقه و بنعمه علي عباده ليتخذه الضعفاء وليجة من دون ولي الحق او منقاداً لحملة العلم لابصيرة له في احنائه يقدح الشك في قلبه باول عارض من شبهة الا لا ذا و لا ذاك فمنهوم باللذات سلس القياد للشهوات او مغريً بالجمع و الادخار ليسا من رعاة الدين في شيء اقرب شبهاً بهما الانعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه الخبر فهو صريح في ان العالم اذا لميجد من يعلمه علمه يبقي علمه في صدره فيموت و لمايعلمه احداً فيموت
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۳ *»
علمه و يذهب عن الدنيا و لا بدل له في ذلك العلم و اين هذا من فقيه كتب رواياته عن الائمة و اخذ بها المقلدون المتقون في حيوته او بعد موته بل من قلده الناس و اخذوا عنه لميمت علمه بموته فانه اصاب من يحفظ علمه فهو صريح في خلاف المراد و كيف يعارض هذا الخبر تلك الاخبار و الادلة و سيرة الشيعة قديماً و حديثاً و ضرورتهم انهم اخذون بروايات رواة مات كلهم و لايجوز الاخذ من الفقيه الا انيروي كما تواتر فيه الاخبار و مما يدل باطلاقه علي ما مر انه كتب ابوالحسن الاول7 و هو في السجن الي رجل و اما ما ذكرت ياعلي ممن تأخذ معالم دينك لاتأخذن معالم دينك من غير شيعتنا الحديث و هذا الخبر مطلق عن الاحياء و الاموات و لميفصل في موضع الحاجة و كتب رجل الي ابيالحسن الاول7 يسأل عمن اخذ معالم ديني و كتب اخوه بذلك فكتب اليهما فهمت ما ذكرتما فاعتمدا في دينكما علي كل مسن في حبنا و كل كثير القدم في امرنا فانهم كافوكما ان شاء الله تعالي و هذا الخبر ايضاً عام يشمل الاحياء و الاموات و قال ابوعبدالله7 في حديث فاما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً علي هواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام انيقلدوه و ذلك لايكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم الخبر و هو عام يشمل الاحياء و الاموات و قال ابوالحسن7 في حديث العمري ثقة فما ادي اليك عني فعني يؤدي و ما قال لك فعني يقول فاسمع له و اطع فانه الثقة المأمون و قال ابومحمد7 العمري و ابنه ثقتان فما اديا اليك عني فعني يؤديان و ما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما و اطعهما فانهما الثقتان المأمونان و هذان الخبران معللان و يجري علتهما في الاحياء و الاموات الي غير ذلك اولاحسبك ان الائمة: قدتكلموا في ازيد من مأتين و خمسين سنة و الشيعة كانوا يعملون بكتب السلف و برواياتهم و لميتفوهوا بهذه المسألة و لميخطر علي خلد احد انيسألهم و لو باشارة بعيدة و انما جل ذلك لانه لميكن الشيعة يعرفون تقليداً الا تقليد ائمتهم و قالوا نحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء و حثوا شيعتهم علي تعلم الاحاديث
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۴ *»
و ابلاغها الي غيرهم و كان يبلغ الشاهد الغايب و يسمعون مقالتهم و يعونها و يؤدونها الي من لميسمع و يعملون بها و لميكن اسم بينهم من التقليد و سؤال و جواب الا في ما سمعت من الاخبار التي جرت علي مصطلح شاع بين العامة و الا كان اتباعنا لالمحمد: و معذلك لميتفوهوا بهذه المسألة و لميسألهم احد كأنه كان من ضروريات الشيعة ان الامام هو العالم المطاع و الشيعة متعلمون و رواة بعضهم لبعض.
و ان قلت ان تقليد الميت من شعار العامة و الرشد في خلافهم قلت اني خالفتهم بشطري كلامهم و شعارهم و انتم وافقتم شطراً و خالفتم شطراً انا انكرت تقليد الحي و الميت و لااجوز تقليداً لاحد الا تقليد اخذ الرواية و جواز اخذ الرواية عن الميت من ضروريات الاسلام بل الملل فانتم اعمل بقولهم مني و ان قلت المشهور عدم جواز تقليد الميت قلت علي ما تقول امواتهم لاعبرة بقولهم و ظنونهم في الاخرة تغيرت و اذهانهم رمست و اراؤهم بطلت و ليس اقوالهم من دين الله و لو كان من دين الله لجاز الاخذ به و الاحياء ليسوا علي حد الشهرة هذا و الشهرة في الفتوي من غير نص لاعبرة به لقوله7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان و لقول علي7 انما يعرف الهدي بقلة من يأخذه من الناس هذا و نحن منكرون لاصل التقليد و نراه من سنن العامة و اما الاجماع المنقول فهو اوهن من الشهرة لانه من استنباط العقول بالجملة اني لماجد دليلاً و لو ضعيفاً علي جواز التقليد لغيرالمعصوم فضلاً عن تقليد الميت.
قال: اصل علي المقلد تحصيل العلم بالمجتهد فلايكفي الظن باجتهاده للشغل و الاستصحاب و ايات النهي عن الظن الا انيدعي ان تحصيل العلم غيرممكن غالباً لاغلب الناس و اهل البلدان لندور تكاثر اخبار اهل الخبرة بحيث يحصل العلم لكل الناس فلابد من كفاية الظن اذ وجوب الاحتياط خلاف الاجماع و توهم انا اذا جوزنا تقليد الميت ابتداءاً فوجود المجتهد الذي اجتهاده
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۵ *»
معلوم ضرورة حاصل فلا عسر مدفوع بعدم جريانه في المرافعات و المسائل المستحدثة و ساير تصرفات الحاكم و لمنجد مفصلاً ثم علي فرض كفاية الظن ففي جواز الاكتفاء بكل ظن ام له ظن مخصوص وجهان و اذا تمكن من الحي المعلوم اجتهاده لميقلد مظنونه لعدم الدليل و شهادة العدلين في ثبوت الاجتهاد حجة اما مطلقا او اذا حصل الظن.
اقول: اصل هذه المسألة فرع انيكون التقليد مشروعاً فقال علي المقلد تحصيل العلم باجتهاده لان الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية و انا لو كنا شاكين في اجتهاده لميكن يجوز لنا تقليده فيستصحب في حال الظن ايضاً و لايات النهي عن العمل بالظن الا انيدعي ان تحصيل العلم غيرممكن و هذا هو الحق و اني يمكن لابناء ثلثعشرة سنة و بنات التسع في جميع الاقطار انيحصلوا العلم باجتهاد رجل في بلد من البلدان هذا و كثرة انواع التصانيف قدبلغت مبلغاً يمكن لكل من يقدر علي سرد الكلمات و نظم الاقوال حسب انيكتب كتاباً ككتاب اعظم المجتهدين و كذلك قد بلغ ضبط الاقوال و الرد و البحث مبلغاً يمكن لكل من له حافظة ان يحفظ الاقوال و الرد و البحث و لايكون في قلبه شيء من غريزة التفقه فاني يمكن للعامي العلم بان هذا مجتهد فاذا امتنع العلم يجيزون الظن و نحن لانجيزه ايضاً فانا لانحتاج الي اجتهاد مجتهد و الذي نقوله انه يجب العلم بالوثاقة فاذا روي الثقة لفظ الحديث يؤخذ به و يتفكر في معناه او يبحث عنه و يسأل من يعلمه و ان روي بالمعني فان كان ممن يعرف المعني و من اهل الضبط و الفهم بحيث يحصل الوثوق بنقله بالمعني يؤخذ به و الا فلانحتاج الي علم بالاجتهاد مع كثرة شروطه التي شرطوها و لا الي ظن.
قوله <و توهم> الي اخر يعني ان قال قائل كيف يجوز الاكتفاء بالظن و في الدنيا من يتيقن باجتهاده موجود و اصل الشغل مع الاخذ عن المتيقن و لا عسر يسوغ الاكتفاء بالظن اجاب المصنف المحقق ان ذلك مدفوع لان الناس لايمكنهم المرافعة الي الاموات و الذين لايصل اليهم الايدي و في المسائل المستحدثة و ساير تصرفات الحاكم و لميجد المصنف مفصلاً فهو حجة الله عنده و لايجوز له
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۶ *»
القول بالفصل لهذه العلة فبهذا الدليل الوهمي عدل عن الاصل و خصص الايات و الاخبار المتكثرة الناهية عن الظن فانظر ماذا تري.
قوله <ففي جواز الاكتفاء> الي اخر مراده بالظن المخصوص هو الظن المعتبر عند العقلاء و اما الظن الحاصل من خبر فاسق مثلاً او فاسقين او حدس او غير ذلك فلا عبرة به و اما استفاضة خبر الفساق فلا بأس به عنده كما في الضوابط واما في مظنون الاجتهاد الحي و معلوم الاجتهاد الميت فالرجحان عنده لتقليد مظنون الاجتهاد الحي للاجماع المركب و البرهان العقلي و كل ذلك عندنا مبتن علي اصل غير اصيل و قد مر ما يكفي عن التفصيل هنا لاسيما و قد قدر لي سفر يمنعني من التفصيل.
قال: اصل في كون مسائل التقليد تقليدية ام اجتهادية لكل احد عيناً وجهان و الاوجه التفصيل بان المقلد اما قادر علي الاجتهاد كبعض الطلبة المستعدين او ادون من ذلك بمرتبة لكنه بحيث لو القي عليه ادلة الطرفين ميز بين الحق و الباطل بحسب قوته او ادون من ذلك بمرتبة لكنه لو القي عليه الاقوال و المجمع عليه و المختلف فيه و المشهور لقدر بعد التأمل علي الاخذ بفهمه بالقدر المتيقن او المشهور لكونه اقرب في نظره او ادون من ذلك ايضاً بحيث لايقدر الا علي التقليد فكل صنف مأمور بمقتضي طاقته من الدرجات المذكورة لانا ان اوجبنا الاجتهاد علي جميع الاصناف او اوجبنا ترقي كل صنف الي ما فوقه من المرتبة فهو حرج و اختلال او عيناً المرتبة الثانية او الثالثة للكل فهو عسر علي السافلين و ترجيح للمرجوح بالنسبة الي ماعدا الصنف الاخير هذا و الاصح عندي جواز تقليد من عدا الصنف الاول او الكل.
اقول: العبارة ظاهرة و هذه ايضاً مسألة من فروع الاجتهاد و التقليد اللذين شاعا بينهم و علي فرض ثبوت الاجتهاد و التقليد كان الاوجه انيقول ان مسائله علي قسمين قسم يقدر عليه كل احد فلايجوز التقليد كأنيقول بعد الاسلام اني من امة محمد9 و يجب علي التدين بدينه و انا لااعلم دينه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۷ *»
و حلاله و حرامه فوجب علي اناخذ ممن يعلم و فلان الحي يعلم لان العقلاء من اهل الخبرة المتدينين يأخذون عنه و يذعنون له بعلم الدين و هذا القدر يمكن لمن لميكن مستضعفاً كالاطفال و السفهاء و اما ازيد من ذلك من ساير تدقيقات المصنف فمما لايمكن للكل الا علي نحو فصله المصنف الا ان الظن لايغني من الحق شيئاً.
و ان قلت ان كان لايمكنه الا التقليد في تلك المسائل فكيف يصنع ان كان لايجوز له الاكتفاء بالظن قلت اما نحن ففي فراغ من ذلك كما يأتي و اما علي مذهبهم فليكتف بتقليد من يعلم جواز تقليده فان لميحصل له مثله فليعمل كما يقولون فيمن لايتمكن من الاخذ من احد و ذلك فرع انيقول المكلف به و اما اذا كان المدار علي الوثاقة فكل من يثق المكلف بخبره بنفسه او بضم القراين كخبر فاسق شهد بصدقه القرائن يعمل بخبره و نقله كما يعمل الفقيه مع الوسائط بينه و بين الامام7 من دون فرق و الوثوق امر طبيعي لاينفي اذا اقبل و لايثبت اذا لميحصل اما الثقات فلقوله تعالي ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا و قوله يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين و لقول الحجة7 لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و قدعرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم و لقول ابيعبدالله7 اما اذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلميثق به فهو كافر و اما من لميسمع فهو في عذر حتي يسمع ثم قال ابوعبدالله7 يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين و اما غير الثقات فلقول ابيعبدالله7 ما جاءك في رواية من بر و فاجر يوافق القران فخذ به و ما جاءك في رواية من بر و فاجر يخالف القرءان فلاتأخذ به و عن ابيجعفر7 ان لنا اوعية من العلم نملأها علماً و حكماً و ليست لها باهل و مانملأها الا لتنقل الي شيعتنا فانظروا الي ما في الاوعية فخذوها ثم صفوها من الكدورة تأخذونها بيضاء نقية صافية و اياكم و الاوعية فانها وعاء سوء فنكبوها و عن العبد الصالح7 ما علمتم انه قولنا فالزموه و ما
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۸ *»
لمتعلموا فردوه الينا الي غير ذلك من الاخبار و ليس الفقيه عندنا الا من يروي و هو معتن بالروايات ضابط لها مهتم بها مشتغل بالفحص عنها و تحصيل صحاحها و هو امين الله علي ذلك لقول الامام7 الفقهاء امناء فيأخذ العامي الغيرالضابط الغيرالمعتني بذلك عن امناءالله و امناء رسوله كما قال ابومحمد7 في حديث مر فاسمع لهما و اطعهما فانهما الثقتان المأمونان فكل ثقة امين يؤدي عنهم و يروي عنهم يجب القبول منه بالسمع و الطاعة كماقال الصادق7 و اما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً علي هواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام انيقلدوه الخبر و من راجع صدر الكلام و ذيله عرف ان هذا التقليد في اخذ الرواية حسب و اما الوثوق فهو امر طبيعي يحصل لكل مكلف بلاتكلف و باقي ما ذكروه عندي نفخ في رماد فاختر لنفسك ما يحلو.
قال: اصل تعارض الدليلين تنافيهما مدلولاً و هو يتحقق في المتضادين و المتناقضين و العامين من وجه و المطلقين قالوا لايمكن التعارض الا في الظنيين لا في القطعيين و لا في المختلفين فان ارادوا القطع بالصدور فهو ممكن في كل الاقسام او بالمضمون لكن نوعاً بحيث لولا احد المتعارضين لافاد الاخر القطع او الظن فكذلك او فعلاً فهو محال في الكل و ان ارادوا في القطعيين و المختلفين الفعلي و في الظنيين النوعي فهو صحيح لكنه تفكيك ثم ان التعارض له فردان التعادل و الترجيح و الثاني منهما ممكن في المختلفين ايضاً فما وجه التخصيص بالظنيين ثم المراد بالدليلين اعم منهما و ممازاد عليهما و اعم من الامارتين فيشمل تعارض الدليل و الامارة.
اقول: قوله <المتضادين> فهو كقولهم صل في اول الوقت و اغسل المسجد اذا تنجس و المتناقضين كقوله يجب السورة في الصلوة و لاتجب و العامين من وجه كقولهم لاتترك صلوة اذا دخل وقتها و لاتغصب ملكاً من احد و المطلقين كلحم الغنم حلال و الشاة الموطوءة حرام.
قوله <و لا في المختلفين> يعني ظني و قطعي و هذا متمش علي مذهب العامة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲۹ *»
قوله <لكن نوعاً> و هو ما فسره و فيه ايضاً يمكن التعارض.
قوله <او فعلاً> يعني بعد ملاحظة المعارض و تكافؤهما.
قوله <و ان ارادوا> الي اخر يعني ان ارادوا انه لايمكن التعارض في القطعيين مضموناً و المختلفين بالفعل و يمكن في الظنيين نوعاً فهو صحيح لكنه تفكيك في الكلام لارادة معنيين باعتبارين و لا بأس عندنا في استعمال لفظ واحد في معنيين.
قوله <ثم ان التعارض> الي اخر يعني ان المتعارضين اما يتعادلان فلايترجح احدهما علي الاخر فكان الصواب انيقول الترجح لا الترجيح فان الترجيح فعل المرجح لا المترجح.
قوله <و الترجيح ممكن> الي اخر ظاهره ان الترجح لايمكن في القطعيين و هو خطاء كمايأتي.
قوله <ثم المراد بالدليلين> الي اخر يعني هو اعم منهما و من الادلة المتعددة و من الامارات و القرائن هذا مختصر مراداته.
و بيان الحق في المسألة علي نحو الاختصار ان الله الواحد الاحد الذي ليس في علمه اختلاف اوحي بدين واحد الي نبيه المعصوم المطهر عن السهو و النسيان و الخطاء و هو ايضاً ادي ما حمل الي امته من غير قصور و لا تقصير الا انه كان في احكامه نسخ لتبدل قوابل الامة و تغير مصالحهم فكان يحكم بشيء ازماناً ثم ينسخه علي حسب قوله تعالي ما ننسخ من اية او ننسها نأت بخير منها او مثلها و سبب ذلك ما ابانه الله في كتابه ان الله لايغير ما بقوم حتييغيروا ما بانفسهم فمحال في ما صح صدوره يقيناً عن النبي9 الاختلاف الا من باب النسخ فيمكن انيكون احاديثه قطعية الصدور و قطعية المضمون و تكون مختلفة من باب النسخ لا غير و اما مظنونة الصدور و مظنونة المضمون فلايجوز التعويل عليها و العمل بها الا بالقرائن القطعية فلاتعادل بين المظنون و المقطوع اذ لا عبرة بالمظنون لانه كأن لميكن و اما ما صح صدوره عن الائمة: فمحال انيختلف بعضه بعضاً و يكون فيه تناقض ايضاً لانهم معصومون مطهرون و من عند الله الا من وجهين من وجه حكاية الناسخ و المنسوخ و من وجه التقية و من غير هذين الوجهين محال انيكون في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۰ *»
علمهم و في احاديثهم تناقض و اما مظنون الصدور عنهم فلاعبرة به للايات و الروايات المتجاوزة حد التواتر و الادلة العقلية التي مرت اللهم الا انيقترن به قرينة قطعية و اما التضاد و العموم و الخصوص فممكن و لكل معالجة علي ما مر و نحن لانعرف شيئاً مما قالوا من هذه التدقيقات و لانحب اننعرف ايضاً و الحمدلله ما قال المحمد قلنا و ما دان المحمد دنا.
فدع عنك قول الشافعي و مالك | و احمد و المروي عن كعب الاحبار | |
و خذ عن اناس قولهم و حديثهم | روي جدنا عن جبرئيل عن الباري |
هذا الذي ذكرنا هو واقع الامر و لكن لما كان افهامنا ناقصة و لانعلم حقائق كلامهم و دقائق مرامهم قد نعجز عن فهم المراد و يبقي لنا الاشكال في فهم بعض الاخبار فنري فيها اختلافاً او لانعلم ايها منسوخ و ايها ناسخ و ايها حقيقة و ايها تقية فنتحير فيحصل بالنسبة الي افهامنا تعادل و تعارض بين الاخبار و ان كانت صحيحة و ليس في الواقع بينها تعارض و تعادل فامرونا سلام الله عليهم بالخيار اذا لمنعلم ايها الحق كما يأتي.
قال: اصل في تعادل الدليلين هل هو تساويهما او تساوي اعتقاد المجتهد بمدلوليهما وجهان اقويهما الاول و هو اخص مطلقا من الثاني و لاريب في جوازه عقلاً و شرعاً بل نظيره واقع في مثل المجتهدين المتساويين المختلفين في الرأي بالنسبة الي المقلد و دليل عدم الجواز شرعاً عليل من وجوه.
اقول: هذان تعريفان لتعادل الدليلين و زعم المصنف ان لكل وجهاً و المراد بتساوي الدليلين صحتهما معاً او كونهما مظنونين معاً و المراد بتساوي اعتقاد المجتهد بمدلوليهما يعني بحسب الاعتقاد لايقدم مدلول احدهما علي الاخر و ان كان الدليلان مختلفين بحسب نفسهما و اختار المصنف ان الاقوي ان التعادل في نفس الدليلين و هو بينه و بين الثاني عموم و خصوص مطلق و استخراج النسب فضل القوم بالجملة التعريف الثاني اعم لانه قديوجد و لاتعادل في نفس الدليلين كما لو تعارض دليلان غيرمتساويين ولكن احدهما مقرر و الاخر ناقل و لكل عند
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۱ *»
الفقيه رجحان لايقدر علي ترجيح احدهما علي الاخر.
قوله <و لاريب في جوازه> الي اخر اشارة الي الخلاف في جواز التعادل في الدليلين الظنيين هل يجوز شرعاً و عقلاً ام يجوز عقلاً لا شرعاً فمنهم من انكره شرعاً لانه لغو لايصدر من الشارع و المصنف جوزه و مثل له بالمجتهدين و من عرف ما قدمنا في الاصل السابق لايخطر بباله هذه الشبهة فان المعصوم لايختلف اقواله في الواقع الا من باب النسخ او التقية و لاتعادل هناك فيرجع ذلك الي عجز الرعية عن اثبات اخبارهم و فهم كلامهم فربما يأتيه خبران مختلفان متعارضان في المعني ظاهراً لقلة فهمه و هما قطعيان صدوراً و تعارضهما ليس بواقعي بل لقلة فهمه و ربما هما ظنيان فلا عبرة بهما تعارضا ام لا او مختلفان فلا عبرة بمظنونهما تعارضا ام لا فالتعادل المقصود حقيقة بين القطعيين لا الظنيين و لا المختلفين و هو جايز عقلاً و شرعاً و لامانع منه و لا شيء فيه.
قال: اصل اذا حصل التعادل بين الدليلين ففي التخيير بينهما او الرجوع الي الاصل او الوقف وجوه و الاخير لايتصور في مثل دوران الامر بين الوجوب و الحرمة و في المعاملات النفسية و نحن نقول ان المتعادلين ان كانا خبرين و ظن بعدم خروج الحكم الواقعي عن احدهما في الواقع و اتحد موضوع الحكمين المختلفين كالوجوب و الحرمة او الندب و الكراهة فالحق التخيير الابتدائي لنفي الثالث بالظن الاجمالي المستفاد من الدليلين المشمول لعموم ما دل علي حجية الظن نعم لو دار الامر بين المتباينين في المعاملات كأنيكون المال لزيد او عمرو وجب الوقف عن الافتاء للاصل و لاينافيه الظن الاجمالي بنفي الثالث فتأمل او بين الوجوب و الندب او الحرمة و الكراهة اخذ بالندب و الكراهة لانهما الاصل حينئذ او بين الوجوب و الكراهة او الندب و الحرمة فالندب في الاول و الكراهة في الثاني عرضاً للاحتياط لا اصلاً او بين الوجوب و الاباحة او الحظر و البراءة فالبراءة لما مر في بحثها او بين المتباينين كالظهر و الجمعة فالجمع لانه الاصل حينئذ كما مر و لو علم بنفي الثالث اجمالاً فالحكم الحكم و الدليل الدليل و اذا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۲ *»
تعارض خبر و غيره و تعادلا او تعارض دليلان غير خبرين و تعادلا فحكمهما يظهر بادني تأمل و اذا حصل التعادل في الموضوع الصرف لميكن الظن بنفي الثالث حجة لما مر او في الموضوع المستنبط و حصل الظن بنفي الثالث فهو حجة كما تقدم فيتوقف في الترجيح لانه الاصل في اللغات.
اقول: يعني اذا حصل التعادل و عجز المجتهد عن الترجيح يلزمه التوقف في الاجتهاد لامحه و اما في العمل فمنهم من قال بالتخيير و منهم من قال بالتساقط و الرجوع الي الاصل و منهم من قال بالوقف و يفسره بترك الفعل الوجودي فقال المصنف الاخير اي الوقف لايتصور في دوران الامر بين الوجوب و الحرمة و صدق و تفسيرهم تفسير بالرأي لا بنص و ان كان القول من المحدثين و يمكن تصوره في معاملات الغير فلايحكم بشيء ولكن لايتصور في معاملات نفسه.
قوله <و نحن نقول> الي اخر هذا كلام غريب لان المكلف ليس بمكلف بحكم واقعي و انما هو مكلف بمقتضي الادلة الواصلة اليه و هي الكتاب و السنة فلا معني لقوله <ان كانا خبرين> فانه لا دليل الا في الكتاب و السنة فلا معني للشرط و لميرد من غير الخبرين الا غير الكتاب و السنة و كذلك لا معني لقوله <ظن بعدم خروج الحكم الواقعي عن احدهما> و لا فائدة لهذا الظن و وجوده و عدمه سواء لان العلم حاصل بكون الحكم الظاهري فيهما لا غير.
و قوله < كالوجوب و الحرمة> تمثيل للحكمين المختلفين فالحق في ذلك التخيير مطلقا و لاوجه لقوله <الابتدائي> فان الاخبار اعم من الابتدائي و الاستمراري و ليس وجه التخيير ما استدل به بل وجهه الاخبار و هي ما سئل ابوعبدالله7 عن رجل اختلف عليه رجلان من اهل دينه في امر كلاهما يرويه احدهما يأمر باخذه و الاخر ينهاه عنه كيف يصنع قال يرجئه حتي يلقي من يخبره فهو في سعة حتي يلقاه انتهي و المعني يرجئ الحكم و الاعتقاد و في العمل هو في سعة حتي يلقاه و هو يفيد الاستمرار فدائماً هو في سعة حتي يلقي امامه و عن الكليني و في رواية بايهما اخذت من باب التسليم وسعك و قال7 ان من قرة العين التسليم الينا انتقولوا لكل ما اختلف عنا ان تردوا الينا انتهي و ذلك ان احداً
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۳ *»
من الرعية لايعلم وجه اختلاف كلامهم الا بالسماع عنهم و توقيفهم فاذ لميسمع فالنجاة في التسليم و الرد و عدم الجزم بالحكم لان الحكم حينئذ متشابه و يجب الوقوف عند الشبهة و قال ابوعبدالله7 اذا سمعت من اصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتي تري القائم فترده اليه انتهي و هو ايضاً يفيد التخيير الاستمراري و قيل للرضا7 تجيئنا الاحاديث عنكم مختلفة الي ان قيل يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين و لانعلم ايهما الحق قال فاذا لمتعلم فموسع عليك بايهما اخذت انتهي و وجه ذلك ان الشارع لو شاء انتعرف تعيين احد الامرين لعرفك و لايعجزه شيء و لايغلبه احد فان لميعين لك لايريد منك الا التسليم و التوقف في الحكم فتتوقف في اصل الحكم و اما في العمل فتركهما خروج عن الدين في اغلب المسائل مع وقوع التكليف بهما مجملاً فوسعوا لك الامر تفضلاً منهم كما قال ابوجعفر7 يجزي المتحير ابداً اينما يتوجه اذا لميعلم اين وجه القبلة و سئل7 عن قبلة المتحير فقال يصلي حيث يشاء انتهي و ذلك لانه مكلف باحد الجهات من غير تعيين اراده الله لاخفاء اسباب التعيين فوسع له الامر تفضلاً.
قوله <نعم لو دار الامر> الي اخر ان كان يريد الحكم بان المال مثلاً مال زيد او عمرو في الواقع فالتوقف سديد و واجب و ان اراد الوقف و لو عن الحكم الظاهري فلايرتفع التنازع ففي هذه الصورة فان امكنه الصلح فالصلح خير و الا فلايبعد الحكم علي حسب اختياره لاطلاق الاخبار.
قوله <او بين الوجوب و الحرمة> الي اخر و هذا التفصيل ناشئ عن الرأي و الاخبار المذكورة مطلقة فالتخيير جار في الكل عملاً و بايهما اخذ له انينوي مقتضاه مع انه لاحاجة الي نية الوجه.
قوله <او بين المتباينين> الي اخر فمراده بالاصل اصل الاشتغال و الاخبار مطلقة عن التخيير نعم لا بأس بالاحتياط في جميع الصور لاخبار الاحتياط الا ان الكلام في وجوب الاحتياط مع معارضة اخباره باخبار السعة و عدم مرجح
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۴ *»
لاحدهما و تعادلهما و لايبعد رجحان التخيير لان اخباره واردة في مقام العمل بالخبرين خاصة و اخبار الاحتياط مطلقة و لربما يكون الاحتياط في عدم تعيين الاحتياط و التعسير لقول النبي9اذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني اهنأه و اسهله و ارشده و روي عنه9 بشروا و لاتنفروا و يسروا و لاتعسروا و في حديث اخر انما بعثتم ميسرين و لمتبعثوا معسرين و عنه9 يسروا و لاتعسروا و سكنوا و لاتنفروا و لما كان مضامينها مطابقة للكتاب و اخبارنا لا بأس بالاخذ بها قال الله سبحانه يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر و في ايجاب الاحتياط تعسير واضح فالرجحان لاخبار الخيار و اما ما روي في خبر زرارة المشهور في الخبرين اذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك و اترك ماخالف الاحتياط فقلت انهما معاً موافقان للاحتياط او مخالفان له فكيف اصنع فقال اذن فتخير احدهما فتأخذ به و تدع الاخر فاولاً هذا الخبر غير مصحح بنفسه لانه من كتاب غوالي اللئالي و هو غيرمعتبر و اخبار التخيير مصححة و الرجحان لها و ثانياً هو معارض باخبار التخيير و التيسير و ان قلت انه قدعمل به المشهور و هو منجبر بالشهرة قلت هو بنفسه دليل الشهرة و لاتجري عليه و المراد بما في الحنظلية الضرورة كما بينا مع انها في الحكمين.
و قوله <اذا تعارض خبر و غيره> الي اخر فذلك عندنا مفروغعنه فانا لانعرف غير الخبر دليلاً الا الكتاب و يأتي حكم تعارض الخبر و الكتاب و اما غيرهما من الادلة فلاعبرة بها عندنا.
قوله <و اذا حصل التعادل في الموضوع الصرف> الي اخر كأنيقول بعض اهل اللغة العين هذا و بعضهم يقول هذا غيره و ظن نفي الثالث فيتوقف في التعيين و اما الموضوع المستنبط من الاخبار فيرجع حكمه الي حكم الاخبار كما عرفت و عند التعادل يتوقف في اصل التعيين و في العمل يعمل كما مر في علاج الاخبار.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۵ *»
قال: اصل اذا تعادل الامارتان عند المجتهد و بني علي التخيير فان كان ذلك في الموضوع الصرف افتي بالتخيير اذ المجتهد ليس دائماً مع المقلد حتي يختار احدهما و يفتي بالمختار او في المعاملات كتعارض البينات و نحو مسألة ارث ابن البنت و بنت الابن افتي بالمختار اذا الحكم بالخيار لايرفع الخصومات او في الاحكام العملية افتي بالخيار.
اقول: يقول اذا تعادل الامارتان عند المجتهد في المسألة الفرعية او غيرها و بني علي التخيير فان كانت في الموضوع الصرف كتعارض امارات القبلة عند المجتهد افتي للمقلد بانك مخير فاختر ما شئت و ان كانت في الموضوع المستنبط كمسألة ارث ابن البنت و بنت الابن فلايدري هل للذكر مثل حظ الانثيين لانهم اولاد او لابن البنت نصيب امه و لبنت الابن نصيب ابيها و تعادل عنده الامارات و الادلة افتي بالمختار اذ الحكم بالخيار لايرفع الخصومات و ان كانت في الاحكام العملية افتي بالخيار.
قال: اصل اذا ترجح احد المتعارضين علي الاخر بمرجح داخلي او خارجي في سند او دلالة او معاضد اخذ بالارجح لاجماع العلماء و بناء العقلاء و ندرة دليل لامعارض له عموماً و خصوصاً مضافاً الي نصوص العلاج و لايشترط في المرجح كونه بنفسه حجة فالشهرة تترجح و ان لمنقل بحجيتها بل و ظن القياس و نحوه و هل المدار علي المرجحات الخاصة ام علي ظن الفقيه وجهان و علي المختار من الظن المطلق فالدائرة واسعة ثم ان المرجحات قدتتركب من اثنين فصاعداً و قدتتعارض فيلاحظ فيها التعادل و الترجيح فرجح الاقوي فالاقوي.
اقول: قوله <بمرجح داخلي او خارجي> فالداخلي كما يتعلق بسند الحديث و متنه و الخارجي كالشهرة و الاجماع.
قوله <و لايشترط في المرجح> الي اخر فان المقصود عنده ما يذهب بالظن الي احدي الجهتين.
قوله <و علي المختار> الي اخر فقدوسعوا لهم اسباب الترجيح حتي انهوها
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۶ *»
الي مائة نعوذبالله و كلها قول بالرأي و الهوي من غير برهان من الله و رسوله و باقي العبارة ظاهرة و نحن لانعلم شيئاً من هذه الاقوال و والله لانحب اننعلمه.
و الذي اقول في ذلك ان الخبر الواصل اليك لايخلو اما انه يصل اليك بواسطة ثقة تثق به نفسك و يعتقد هو بصحته ام لا فان وصل اليك بواسطة ثقة فهو الصحيح الشرعي المأمور بالاخذ بوثقي عروته فخذ به ثلج الفؤاد بارد القلب و ان وصل من غير ثقة سواءاً كان مجهول الحال او فاسقاً فجبلت القلوب علي عدم الاعتماد بذلك الخبر و الاخبار فيه مذكورة في محله فان قام قرينة من الخارج علي صحة روايته فالعمل عليها و الا فلا.
ثم ان الخبر ان قام بازائه خبر اخر مثله في الاعتماد فهو معادل له في الصحة و الا فالعمل علي المعتمد و لماجد في الاخبار ما يوجب العمل برواية الافقه و الاورع و الاصدق و الاعلم و الاعدل و انما مورد تلك الاخبار في ترجيح قاض علي قاض اذا اختلفا في الحكم و اجراء الاصحاب اياها في موضع ترجيح خبر علي خبر لاحجة فيه و لمنؤمر بالاخذ بقول الناس و الاقتداء بعملهم من غير حجة فاذا كان الخبر عن ثقة ضابط يثق به النفس يجوز الاخذ به من عند الله اذ غاية المطلب العلم بصدور الكلام من الامام و هو حاصل و ساير المرجحات الظنية لايصير سبب التعيين فاذا تعادلا في الصحة اي صحة الصدور من المعصوم و تعارضا فان عرف ان احدهما ناسخ و الاخر منسوخ يقيناً فيترك المنسوخ و يعمل بالناسخ و ظن النسخ لاعبرة به و ان لميعرف ذلك فان عرف ان احدهما تقية و الاخر غير تقية يترك ما فيه التقية و يعمل بالاخر و محال انيكون في كلام المعصومين اختلاف واقعي بغير هذين الوجهين بتة اما العلم بالنسخ فلايعلم الا بضرورة او اجماع قطعي او نص صريح قطعي و اما التقية فيعرف بمخالفة ضرورة مذهب الشيعة او الاجماع القطعي او مخالفة الكتاب المستجمع علي تأويله او السنة الجامعة او موافقة العامة قاطبة او ما هم اليه اميل او موافقة اخبارهم او مخالفة سنة المحمد: و سيرتهم و هذه الامارات وردت لاجل معرفة التقية و الا لايمكن انيكون فيما صح عنهم و له معادل معارض شيء من هذه المفاسد.
و اما ما لميصح منهم و لميعلم صحة صدوره و عدمها فقديعرف
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۷ *»
صحة المضمون بموافقة الكتاب المستجمع علي تأويله او موافقة السنة الجامعة او موافقة خبر صحيح اخر او موافقة اجماع قطعي او مخالفة اجماع العامة او موافقة دليل عقلي قطعي فان انضم اليه هذه القرائن او بعضها علم صحة مضمونه لا صحة صدور لفظه عنهم و ان كان لهذا القسم ايضاً معارض فلايعادله فلايعمل به و يترك.
و ان لميصح الخبر علي المعنيين و روي فان كان موافقاً للاصل يعمل به لانه لولاه لكفي الاصل و ان كان مخالفاً للاصل فلا بأس بالعمل به لا علي وجه التعيين فانه موافق لاحد شقي الاطلاق مع ما في العمل به من الاحتياط و ان كان لهذا القسم ايضاً معارض فانت فيهما بالخيار لانك بايهما عملت لمتتجاوز احد شقي الاطلاق.
ثم اعلم انه قديتفق في الاخبار تشابه فلايجوز العمل بالمتشابه لان اتباعه علامة زيغ القلب و قديتفق اجمال فان كان مفسر بازائه فالمفسر يحكم علي المجمل و هذه اقسام ما يأتينا من الاخبار المتعارضة و المخلص منها و انت ان احطت بنحو ما بينا من البيان عرفت الحق من الباطل و قديغني سبك بيان الحكيم و ترتيبه الكلمات و المطالب عن الدليل ولكنا نسرد لك الاخبار لتعلم صراحة ما قلنا في الاخبار و ان كان اكثرهم لايعلمون و تحيروا في جمعها و نظمها فقال ابوجعفر7 اذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهداً او شاهدين من كتاب الله فخذوا به و الا فقفوا عنده ثم ردوه الينا حتي يستبين لكم انتهي و هذا في حديث جاء فان لمتعلم صحته فهو دليل الصحة في المضمون فتعمل به لان الكتاب كان يكفي عن الخطاب و ان كان صحيحاً فان كان شاهده في الكتاب فهو و الا ففي الكتاب وجوب العمل بخبر صحيح عن المعصوم فعليه شاهد نوعي من الكتاب و سئل ابوعبدالله7 عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به و منهم من لانثق به قال اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله او من قول رسول الله9و الا فالذي جاءكم اولي به انتهي و ذلك ان قول رسول الله9 لايخالف كتاب الله لقوله ان اتبع الا ما يوحي الي فان كان في الكتاب شخصاً فهو و الا فهو في الكتاب نوعاً و هو
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۸ *»
ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و لولا ذلك لكان الواجب ترك اكثر الشرايع لانه ليس في الكتاب شخصاً فوافق هذا الخبر الخبر الاول و قال ابوعبدالله7 مالميوافق من الحديث القرءان فهو زخرف انتهي فقديطلق ما لميوافق علي ما يخالف فهو زخرف و ان اخذ بظاهره فالمراد ما لميوافق شخصاً او نوعاً و عن الرضا7 من رد متشابه القرءان الي محكمه فقدهدي الي صراط مستقيم ثم قال ان في اخبارنا محكماً كمحكم القرءان و متشابهاً كمتشابه القرءان فردوا متشابهها الي محكمها و لاتتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا انتهي و هو شاهد ما قدمنا و روي عنهم: اذا اختلف احاديثنا فخذوا بما اجتمعت عليه شيعتنا فانه لاريب فيه انتهي فان كانت عن ثقة فما اجتمعت عليه الشيعة دليل عدم النسخ و عدم التقية و ان لمتكن عن ثقة فهو دليل صحة المضمون كما قدمنا و قيل للرضا7 في امر الرواية فتكذب بالروايات فقال اذا كانت الروايات مخالفة للقرءان كذبتها الخبر فان كانت عن ثقاة او غيرثقاة تكذب صحة المضمون و عدم كونه تقية و مطابقته للواقع و لاتدل علي عدم صحة الصدور و قال ابوعبدالله7 قـال رسولالله9 اذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني اهنأه و اسهله و ارشده فان وافق كتاب الله فانا قلته و ان لميوافق كتاب الله فلماقله انتهي فالموافق للكتاب هو قوله مضموناً و المخالف ليس قوله مضموناً و هو شاهد قولي انه قديقال لميوافق و يراد منه المخالف و اعلم ان الاهنأ و الاسهل و الارشد هو موافق الكتاب نوعاً لقوله يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر و قوله ماجعل عليكم في الدين من حرج و قال ابوجعفر7 في حديث انظروا امرنا و ما جاءكم عنا فان وجدتموه للقرءان موافقاً فخذوه به و ان لمتجدوه موافقاً فردوه و ان اشتبه عليكم الامر فقفوا حتي نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا انتهي و هو علي طبق ما مر و قال ابوعبدالله7 ما جاءك في رواية من بر او فاجر يوافق القرءان فخذ به و ما جاءك في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳۹ *»
رواية من بر او فاجر يخالف القرءان فلاتأخذ به انتهي و هو ايضاً شاهد ما مر من ان الموافقة لصحة المضمون و لاتدل علي صحة الصدور و قال ابوعبدالله7 ارأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه فبايهما كنت تأخذ قيل كنت اخذ بالاخير فقال له رحمك الله انتهي و انما ذلك لتقية حدثت او تقية ارتفعت و مثله قيل له اذا جاء حديث عن اولكم و حديث عن اخركم بايهما نأخذ قال خذوا به حتي يبلغكم عن الحي فخذوا بقوله انتهي ثم قال ابوعبدالله7 انا والله لاندخلكم الا في ما يسعكم و عن الكليني و في حديث اخر خذوا بالاحدث انتهي و لعمري هذه الامارة امارة عظيمة لو تعادلت الا فيها ولكن يعارضها اطلاق اخبار السعة و قديكون الاحدث معلوم التقية باماراتها فيتعارض اخبار الاحدث مع اخبار الاخذ بخلاف العامة و بين النوعين عموم من وجه و لعمري للاخذ بكل واحد وجه وجيه و انا عاجز عن الترجيح بينهما ان حصل اليقين بالاحدث ولكن افسد ذلك علينا اذنهم في رواية حديث اللاحق عن السابق فمع هذا الاحتمال الترجيح للاخذ باخبار ترك ما فيه التقية فان عرف الاحدث يقيناً فانت اذا تعارضا بالخيار تسليماً لاخبار السعة عند الاضطرار في فهم الحق.
و قيل لابيعبدالله7 مابال اقوام يروون عن فلان عن فلان لايتهمون بالكذب فيجيء منكم خلافه قال ان الحديث ينسخ كما ينسخ القرءان انتهي يعني نسخ رسول الله9 قوله الاول و اولئك لايعلمون و نحن نعلم فنحدث بالناسخ و عن الصدوق قال اعتقادنا في الحديث المفسر انه يحكم علي المجمل كما قال الصادق7 انتهي و هو شاهد ما قلنا و عن العبد الصالح7 اذا جاءك الحديثان المختلفان فقسهما علي كتاب الله و علي احاديثنا فان اشبههما فهو حق و ان لميشبههما فهو باطل انتهي اي ان خالفهما و المراد بشباهة احاديثهم شباهة سيرتهم و سنتهم اليقينية او موافقة حديث صحيح الصدور ان لميكن الجائي معلوم الصدور و سئل الرضا7 يوماً و قداجتمع عنده قوم من اصحابه و قدكانوا
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۴۰ *»
تنازعوا في الحديثين المختلفين عن رسول الله9 في الشيء الواحد فقال7 ان الله عزوجل حرم حراماً و احل حلالاً و فرض فرايض فما جاء في تحليل ما حرم الله او تحريم ما احل الله او دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك فذلك ما لايسع الاخذ به لان رسول الله7 لميكن ليحرم ما احل الله و لا ليحلل ما حرم الله عزوجل و لا ليغير فرايض الله و احكامه كان في ذلك كله متبعاً مسلماً مؤدياً عن الله عزوجل و ذلك قول الله عزوجل ان اتبع الا ما يوحي الي فكان7 متبعاً لله مؤدياً عن الله ما امره به من تبليغ الرسالة قيل فانه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله مما ليس في الكتاب و هو في السنة ثم يرد خلافه فقال و كذلك قدنهي رسول الله9 عن اشياء نهي حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله تعالي و امر باشياء فصار ذلك الامر واجباً لازماً كعدل فرايض الله تعالي و وافق في ذلك امره امر الله عزوجل فما جاء في النهي عن رسولالله9 نهي حرام ثم جاء خلافه لميسع استعمال ذلك وكذلك في ما امر به لانا لانرخص فيما لميرخص فيه رسول الله9 و لانأمر بخلاف ما امر به رسول الله9 الا لعلة خوف ضرورة فاما اننستحل ما حرم رسولالله9 او نحرم ما استحله رسول الله9 فلايكون ذلك ابداً لانا تابعون لرسول الله9 مسلمون له كما كان رسول الله9 تابعاً لامر ربه عزوجل مسلماً له وقال الله عزوجل ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا و ان رسولالله9 نهي عن اشياء ليس نهي حرام بل اعافة و كراهة و امر باشياء ليس امر فرض و لا واجب بل امر فضل و رجحان في الدين ثم رخص في ذلك للمعلول و غير المعلول فما كان عن رسول الله نهي اعافة او امر فضل فذلك الذي يسع استعمال الرخص فيه اذا ورد عليكم عنا فيه الخبر باتفاق يرويه من يرويه في النهي و لاينكره و كان الخبران صحيحين
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۴۱ *»
معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الاخذ باحدهما او بهما جميعاً او بايهما شئت و احببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله9 و الرد اليه و الينا و كان تارك ذلك من باب العناد و الانكار و ترك التسليم لرسول الله9 مشركاً بالله العظيم فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما علي كتاب الله فما كان منه في كتاب الله موجوداً حلالاً او حراماً فاتبعوا ما وافق الكتاب و ما لميكن في الكتاب فاعرضوه علي سنن رسول الله9 فما كان في السنة موجوداً منهيا عنه نهي حرام او مأموراً به عن رسول الله9 امر الزام فاتبعوا ما وافق نهي رسول الله9 و امره و ما كان في السنة نهي اعافة او كراهة ثم كان الخبر الاخر خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسولالله9و كرهه و لميحرمه فذلك الذي يسع الاخذ بهما جميعاً او بايهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم و الاتباع و الرد الي رسول الله9 و ما لمتجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا الينا علمه فنحن اولي بذلك و لاتقولوا فيه بارائكم و عليكم بالكف و التثبت و الوقوف و انتم طالبون باحثون حتي يأتيكم البيان من عندنا انتهي انظر في مطاوي هذا الحديث الشريف فانه يشتمل علي شواهد كثير مما قلنا.
قوله فماجاء في تحليل ماحرم الله الي اخر فالمراد ما يكون فيه كتاب مستجمع علي تأويله و بقاء حكمه فانه بغير ذلك لايكاد يعرف حكم الله و محال انيخالف رسول الله9 ذلك و اما غيره فيمكن انيحكم رسول الله9 بخلاف ما يفهم عنه بعض الناس او ينسخه. قوله و كذلك قدنهي رسول الله9 الي اخر المراد من هذا النهي و الامر ما تواترت في الامة و صارت مجمعاً عليها او صارت ضرورية لايكاد يختلف فيها احد فما كان كذلك لايسع احداً استعمال الرخص فيه فان جاء حديث بخلافه ان لميصح فهو وان صح فهو تقية من الائمة:. قوله و ان رسول الله9 الي اخر المراد انه قديكون في
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۴۲ *»
السنة اوامر ندبية و نواه كراهية و هما ضروريان او مجمع عليهما فما كان كذلك يسع الائمة: استعمال الرخص فيهما لان رسول الله9 رخص فيهما فهم يرخصون فيما رخص فيه باذنه و من هذا الباب كثير من اخبارهم و الناس يحسبونها متعارضة و لا تعارض فيها بل المعارضة من باب الرخصة و لما لميكن ديدنهم انيخبروا الناس بوجوه الاحكام اكتفوا بالامر و النهي كما صرح به في هذا الحديث و الناس زعموا كل امر للوجوب و كل نهي للحرمة فحسبوا اختلاف الاخبار تعارضاً و هم غافلون عن ان ذلك من باب الرخصة و ليس كل هذا الاختلاف من باب التقية او من باب الكذب عليهم فيجب الاخذ بكلها او بايهما شئت تسليماً لرخص رسول الله9 و قوله يرويه من يرويه في النهي و لاينكره و كان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يدل علي ما ذكرنا سابقاً من ان الثقة اذا روي و عرف صحتها يجب الاخذ بها.
قوله فما ورد الي اخر ثم اراد7 انيعطي قاعدة كلية في الخبرين اللذين لايعرف صحتهما و عدمها فامر اولاً بالعرض علي الكتاب المستجمع علي تأويله و بقاء حكمه فما خالفه مكذوب او تقية و ما وافقه حق و ان لميكن في الكتاب فما وافق السنة الجامعة العزمية فهو حق لا مرية فيه و ما خالفها مكذوب او تقية و يترك و ان كان السنة خيارية فالموافق و المخالف كلاهما حق يعمل بهما او بايهما شئت و ان لميكن فيه كتاب و لاسنة مطلقا فهنالك محل التوقف و الرد اليهم في اصل الحكم ان لميعرف صحة الخبر و اما ان عرف صحة الخبر فهو موافق للكتاب و السنة النوعية من قوله اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا و بداهة فرض طاعة الرسول و الائمة: ثم ان تعارضت صحاح هكذا فيعمل فيها كما مر و يشهد بذلك ما قال ابوعبدالله7 ان رسول الله9 قال ما وجدتم في كتاب الله عزوجل فالعمل به لازم و لاعذر لكم في تركه و ما لميكن في كتاب الله عزوجل و كان في سنة مني لاعذر لكم في ترك سنتي و ما لميكن
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۴۳ *»
فيه سنة مني فما قال اصحابي فقولوا به فانما مثل اصحابي فيكم كمثل النجوم بايها اخذ اهتدي و باي اقاويل اصحابي اخذتم اهتديتم و اختلاف اصحابي لكم رحمة قيل يارسول الله من اصحابك قال اهل بيتي انتهي و يدل علي ما بيناه من ان المعرض المجمع عليه ما روي عن ابيالحسن موسي7 قال قال لي الرشيد احببت انتكتب لي كلاماً موجزاً له اصول و فروع يفهم تفسيره و يكون ذلك سماعك من ابيعبدالله7 فكتبت بسم الله الرحمن الرحيم امور الاديان امران امر لااختلاف فيه و هو اجماع الامة علي الضرورة التي يضطرون اليها و الاخبار المجتمع عليها المعروض عليها كل شبهة و المستنبط منها كل حادثة و امر يحتمل الشك و الانكار و سبيل استيضاح اهله الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و ما لميثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له كذلك هذان الامران من امر التوحيد فما دونه الي ارش الخدش فما دونه فهذا المعروض الذي يعرض عليه امر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عنك ضوؤه نفيته و لا قوة الا بالله و حسبنا الله و نعم الوكيل انتهي و هذا الخبر محكم لا شك فيه و يشهد به العقل المستنير كما بينا سابقاً و لايخفي ان القياس ان كان بمعناه المعروف الذي اجمع الشيعة علي حرمة العمل به حتي الذين يقولون بالظن المطلق فيكون ذكره هنا تقية و ان كان المراد القياس اللغوي فتعليقه علي معرفة العقول مما يلحق معرفته بالنوادر و اما الاستدلال بالكتاب و السنة فالمراد بهما النص الخاص و النوعي كما يشهد به ما كتبه ابوالحسن علي بن محمد العسكري8 في رسالته الي اهل الاهواز و لا فرصة لي اناذكرها بطولها و هي مذكورة في الكتب المصححة.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۴۴ *»
و اما ما يدل علي الاخذ بما خالف القوم ان عرف فما قال ابوعبدالله7 اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فردوه فان لمتجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما علي اخبار العامة فما وافق اخبارهم فذروه و ما خالف اخبارهم فخذوه انتهي و كلا الامرين لاجل معرفة التقية كما عرفت و ان كان الخبرين صحيحين معروفين لعدم تنافي التقية مع صحة الصدور كما قال7 ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية و ما سمعت مني لايشبه قول الناس فلا تقية فيه و سئل يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالاخذ به و واحد ينهانا عنه قال لاتعمل بواحد منهما حتي تلقي صاحبك فتسأله قيل لابد من اننعمل باحدهما قال خذ بما فيه خلاف العامة و قال اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم انتهي و انما ذلك لانهم كانوا يتعمدون علي خلاف علي7 كما روي و قال ابوعبدالله7 ما انتم والله علي شيء مما هم فيه و لا هم علي شيء مما انتم فيه فخالفوهم فما هم من الحنيفية علي شيء و قال7 لاوالله ما هم علي شيء مما جاء رسول الله9 الا استقبال الكعبة فقط انتهي و اعتبر من هذه الاخبار و انظر في مطاوي هذا المتن و امثاله هل هي بلحن العامة و علي نحو ادلتهم و اصطلاحاتهم ام لا و هل يوافق كل مسألة منها جمعاً منهم ام لا فان كان كما اوقفناك في كل مقام فاعرف قدر الرجال بالمقال و اما في زمان المشاهدة فيجب الاخذ بما امر الامام7 و ان كان تقية و يشهد بذلك الاخبار و لاحاجة الي ذكرها هنا و لما بلغ الشرح الي هنا قرب وقت الترحال و لايسع الوقت التفصيل ازيد من ذلك والله المستعان علي كل حال.
و قد فرغ من تسويد هذه الاوراق مصنفه المنقطع الي المحمد:
في عام حل بعد الخمسين و المأتين من الالف الثاني
حامداً مصلياً مستغفراً