18-01 مکارم الابرار المجلد الثامن عشر ـ شرح النتايج المجلد الثانی – چاپ – الجزء الاول

شرح النتایج المجلد الثانی – الجزء الاول

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹ *»

 بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدللّه و سلام على عباده الذين اصطفى

و بعد هذا هو المجلد الثاني من كتاب شرح النتايج في الاصول.

القول فى الادلة الشرعية

قالاصل الاجماع يطلق علي العزم مجازاً و علي الاتفاق حقيقةً للتبادر و صحة السلب عن العزم و نقل اصطلاحاً الي الاتفاق الخاص فعند العامة اتفاق المجتهدين من هذه الامة علي امر ديني في عصر من الاعصار و عند الخاصة الاتفاق الكاشف و لهم فيه طرق فعند القدماء هو الاتفاق الكاشف عن دخول شخص المعصوم في المجمعين قولاً او فعلاً او تركاً او تقريراً او الاتفاق الكاشف عن دخول قول المعصوم في الاقوال المجتمعة او الاتفاق الكاشف عن صدور قول من المعصوم علي طبق الاقوال الصادرة عن المجمعين او الاتفاق الكاشف عما عليه المعصوم شخصياً او قولياً او صدور قول و عند الشيخ بعد موافقته القدماء في طريقتهم انه اذا اجتمعت الطائفة علي امر مع عدم وجود خلاف و عدم العلم بصحته و سقمه و عدم العلم بوفاق المعصوم و خلافه فذلك اجماع و حجة للاخبار و قاعدة اللطف فهو حينئذ كاشف بملاحظة ضميمة قاعدة اللطف لا لذاته و عند المتأخرين الاتفاق الكاشف عن رضاء المعصوم رضاً حقيقياً و النسبة بين هذه الطرق و بينها و بين طريقة العامة واضحة.

اقول: الاجماع في اللغة العزم يقال اجمع الامر و علي الامر اذا عزم عليه و اراد فعله و قطع عليه و عقد ضميره علي فعله او جد فيه منه قوله تعالي فاجمعوا امركم و الامر مجمع و مجمع عليه و يقال جمع امرك اي لاتدعه منتشراً و اجعله جميعاً بعد تفرقه و يقال اجمع القوم اجماعاً ايضاً اذا اتفقوا.

و قول المصنف <يطلق علي العزم مجازاً> محض خرص باستدلال باطل و هو التبادر و قد ذكرنا ان التبادر

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰ *»

في ذهن المبتلي بالشبهات و المستغرق في اصطلاح غيرمعتبر و لذا التبادر عند المتأخرين لايجدي و التبادر عند المتقدمين مجهول و الله انزل كتابه علي لسان عربي مبين و قال اجمعوا امركم و عرفوه و في الخبر من لم‏يجمع الصيام قبل الفجر فلاصيام له و اما صحة السلب فهو ايضاً كالتبادر حرفاً بحرف و من اين عرف صحة الس لب عند العرب في عصر النبي9 و تالله ان اكثر ادلتهم الفاظ دليل و لكن يأتون بها في غير محلها.

و نفي في الضوابط الاشتراك المعنوي بين المعنيين للقطع بعدم وجود القدر المشترك القريب و من اين هذا القطع و اي قدر مشترك اجمع و اقرب من الحد المشترك بين العزم و الاتفاق فان القوم لايتفقون الا بالعزم و لايعزمون الا و يتفقون علي الامر و الجامع بينهما القصد و التوجه و نفي الاشتراك اللفظي بانه باطل و هذا حكم بلا دليل و اخبار عن الغيب و مدار اللغة علي المتعارف عند اهل اللسان و الكاشف عن ذلك كتب اهل اللغة و الله انزل كتابه علي متعارف العرب كما روي عن النبي9 فاذا راجعنا كتب اللغة رأيناهم ذكروا المعنيين شرعاً سواءاً و ترجيح احدهما علي الاخر بهذه الخيالات مما لاينبغي.

و علي اي حال في الاصطلاح هو اتفاق خاص يعني اصطلاح الفقهاء و المجتهدين من العامة و الخاصة او الخاصة و لو كان من عند الله و رسوله لقال في الشرع ولكنه علم انه لم‏ينزل به كتاب و لم‏يرد به نص كماسيأتيك فبعد ما ظهر انه لفظ تداولوه بينهم اختلفوا في معناه و اصل اختلافهم غلط فان اللفظ اذا كان من الله و من رسوله و حججه: فعلي الامة ان‏يفحصوا عن مرادهم فاتفقوا بعد او اختلفوا و اما ان لم‏يكن عنهم و كان اصطلاح القوم فكل علي ما اصطلح و قصد فليس لهم ان‏يقولوا الاجماع هو هذا فانا نسأل كل واحد منهم الاجماع عند من هو كذا فان قال عند الفقهاء فنقول له لم اختلفوا في معناه و ان قال عندي هو كذا فنقول له انت و شأنك بالجملة قد ذكر التعريفات علي ما ذكر و في رابع اقوال المتقدمين عجمة غليظة و باقي العبارات واضحة لا غبرة عليها.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱ *»

قالثم الاجماع اما محصل او منقول بالقطعي او بالظني ثم اما بسيط او مركب و اما ضروري او نظري و اما ديني او مذهبي.

اقول: الاجماع المحصل عندهم ما حصله الشخص بنفسه من الفحص و الاستقراء فعلم الاتفاق الكاشف فهذا الاجماع يقال له المحصل و المحقق و هو علي قسمين محصل عام يطلع عليه كل من دخل عرصة الفقهاء او فحص لوضوح مدركه و محصل خاص اتفق لفقيه دون غيره فحصل العلم باتفاق كاشف و ربما لم‏يحصل هذا العلم غيره و اما المنقول فهو ما حصله غيرك و نقله لك يعني ذكر غيرك اني اطلعت علي اتفاق كاشف او ينقل ان فلاناً ادعي الاجماع في هذه المسألة فهذا المنقول اما يصل اليك من اشخاص كثيرة يتواتر خبرهم و يحصل لك العلم بوجود ذلك الاتفاق فيلحق عندك بالمحصل او يصل اليك بنقل الاحاد فيحصل لك الظن بوجود ذلك الاتفاق و لايجوز لك ادعاء الاجماع حينئذ.

و قد يقسم الاجماع بتقسيم اخر و هو اما بسيط كأن‌يتفق القوم اتفاقاً كاشفاً علي وجوب الطهور في الصلوة مثلاً و اما مركب كأن‏يحصل لك العلم بان الشيعة في هذه المسألة علي قولين مثلاً  فمنهم من قال بوجوبها مثلاً و منهم من قال بحرمتها و لم‏يقل احد باستحبابها فيحصل له العلم بان المعصوم مع احد هؤلاء فالقول الثالث غير قول المعصوم يقيناً فلايجوز القول به.

ثم انهم فرضوا المركب علي ثلثة اقسام  فاما يحصل الاجماع في مسألة كاختلاف القوم في وجوب سجدة القراءة في الصلوة و حرمتها فالقول بالاستحباب خرق للاجماع  و اما يحصل في مسألتين بينهما جامع كاختلاف القوم في وجوب الغسل بوطي الدبر مطلقا و عدم وجوبه مطلقاً فان قلت بوجوبه بالوطي في دبر الرجل دون المرأة فقدخرقت الاجماع و اما يحصل في مسألتين ليس بينهما جامع كأن‏يقول بعض الفرقة بان المسلم لايقتل بالذمي و يقول ايضاً في مسائل البيع انه لايصح بيع ما لايملك و يقول بعض اخر بانه يقتل المسلم بالذمي و يقول في مسائل البيع بجواز بيع ما لايملك فلو قلت بقتل المسلم بالذمي و عدم جواز بيع ما لايملك فقدخرقت الاجماع كذا قالوا.

و قد يقسم بتقسيم اخر و هو اما ضروري و اما نظري غيرضروري و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲ *»

الضروري اما ضروري المسلمين جميعاً و اما ضروري الشيعة و ان خالفهم فيه العامة و اما النظري فهو ما لايعمهما ثم لايخفي عليك ان المراد بالضروري ليس ما اجتمع جميع من اقر بالشهادتين فان ذلك غيرحاصل الا في نفس الشهادتين و اما في ساير مسائل الدين فان الوفاً من المسلمين ربما لم‏يسمعوا اسم الصلوة فضلاً من ان‏يعترفوا بفرضها مع انه من ابده مسائل الدين و ضرورياتها فما ظنك بساير فروع الدين اللهم الا ان تقول المسلم اسم من اعترف بالضروريات و هو خلاف المعروف و من كان يسلم كان يزداد معرفة بحدوده يوماً فيوماً و كذلك الامر في ضروريات الشيعة فمعني الضروري ما صار بديهياً عند الفاحصين المتدينين بادني توجه و اذ لم‏يكن شرطه اقرار الكل فيكفي البعض و حده وضوح الامر فذلك يسمي بالاجماع الذي لاخلاف فيه يعني بالنسبة الي الطالبين للاحكام و الذين هم اهل الوفاق و الخلاف فافهم ذلك.

قالثم لاريب في امكان طريقة المتأخرين في يومنا هذا و وقوعه و حجيته و دليل الشيخ لاينهض بمراده كادلة العامة و شكوك القاصرين و الاجماعات المنقولة في كلام الشيخ تحمل علي مصطلح القوم.

اقول: لما كان اصل هذا الاصل من الاصول العظيمة عندهم و به يصولون و عليه يتهافتون و به يحققون و يبطلون و به يفسقون و يكفرون و به يحددون و يقتلون و به اكثر الاحكام التي لانص فيها يثبتون به زينت الدروس و زخرفت الطروس و به صاحوا في المجالس و جادلوا في المدارس بل عند التحقيق عندهم لايتم مسألة واحدة في الفقه الا بضميمة الاجماع اما في مقدماتها او نتيجتها لابد و ان نعتني به بقدر الامكان و سعة الوقت و الفرصة و نشرحه شرحاً كافياً فتحقيق ذلك لايمكن الا في ضمن فصول.

فصل

في مبدأ هذا المدرك لنعرف هل هو مما نزل به الكتاب او مما اتي به محمد9 في شرعه و سنته و هل كان في عصره او حدث بعده

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳ *»

ثم هل ورد من المعصومين الاوصياء: فيه اثر او حديث من العامة العمياء او من الشيعة و لاينبغي للعاقل ان‏يجادل برهة من الدهر و هو لايدري فيم يجادل.

فاعلم ان الكتاب محصور و ليس فيه لفظ اجماع غير قوله فاجمعوا امركم و اجمعوا كيدكم و هو بمعني العزم و ليس من هذا المدرك في شي‏ء و اما معني الاجماع فقد استشهدوا له بآي منه منها و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي و نصله جهنم و ساءت مصيراً و هي ظاهرة في جميع الموصوفين بالايمان بذلك الرسول فمن اتبع سبيلاً غير سبيل جميع المؤمنين من الاولين و الاخرين معاقب هو و هذا هو ضرورة الاسلام و لا كلام فيها و يجب اتباعها لانها هي مما جاء به النبي9 قطعاً و اين هذا مما يدعونه من الاجماعات و منها و ان تنازعتم في شي‏ء فردوه الي الله و الرسول فانها تدل علي عدم لزوم الرد عند الاتفاق و هي ايضاً ظاهرة في الضرورة فان المخاطب ان كان بعض الامة يلزم ان‏يكون اتباع كل ثلثة متفقين واجباً و هو خلاف المدعي و ان كان جميع الامة و عنده لا تنازع بين المخاطبين فعند اتفاق جميعهم لايجب الرد و هو الضرورة.

بالجملة لا دليل في الكتاب بيناً ظاهراً علي معني الاجماع غير الضروريين و لو كان لتمسكوا به هذا و الكتاب اذا كان تأويله اتفاقي الامة يكون حجة و ان كان اختلافياً تنازعياً يجب رده الي الله و رسوله بحكم ذلك الكتاب فلايجوز البت علي مدلوله الا عند كونه ضرورياً لاخلاف فيه و لو كان اية كذلك لتمسكوا بها كمايتمسكون بارواحهم.

و اما من السنة فتمسكوا بالرواية المشهورة لاتجتمع امتي علي الخطاء و في رواية علي ضلالة و هي ظاهرة في جميع من يسمي بالامة و هي في الضروري و لا كلام فيه و بقوله9 سألت الله ان لاتجتمع امتي علي الخطاء ابداً فاعطانيها و هو ايضاً كالاول و كذا ما في رواية اخري لم‏يكن الله ليجمع امتي علي خطاء و بقوله يد الله علي الجماعة و بقوله من خرج من الجماعة قدر شبر خلع ربقة الاسلام من عنقه و لاشك انهما و ما بمعناهما لايدلان علي حرمة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴ *»

مفارقة بعض الامة و البعض الاخر مخالف لهم فانه يلزم منه التناقض فان متبع البعض مخالف للبعض الاخر لامحالة فالمراد به جميع الامة مع انه روي جماعة امتي اهل الحق و ان قلوا فلابد من ان‏يعرف حقيتهم بدليل اخر و هو المتبع لا نفس اجتماع جماعة.

و يؤيد ما ذكرنا من المعاني ما روي عن ابي‏الحسن علي بن محمد العسكري7 في حديث اجتمعت الامة قاطبة لااختلاف بينهم في ذلك ان القرءان حق لاريب فيه عند جميع فرقها فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون و علي تصديق ما انزل الله مهتدون لقول النبي9 لاتجتمع امتي علي ضلالة فاخبر9 ان ما اجتمعت عليه الامة و لم‏يخالف بعضها بعضاً هو الحق فهذا معني الحديث لا ما تأوله الجاهلون و لا ما قاله المعاندون من ابطال حكم الكتاب و اتباع حكم الاحاديث المزورة و الروايات المزخرفة و اتباع الاهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب و تحقيق الايات الواضحات النيرات و نحن نسأل الله ان يوفقنا للصواب و يهدينا الي الرشاد الخبر.

و عن ابي‏الحسن موسي7 امور الاديان امران امر لا اختلاف فيه و هو اجماع الامة علي الضرورة التي يضطرون اليها و الاخبار المجتمع عليها المعروض عليها كل شبهة و المستنبط منها كل حادثة و امر يحتمل الشك و الانكار و سبيل استيضاح اهله الحجة عليه الخبر فتبين ان الضرورة هي المتبع و غيرها يحتمل الشك و الانكار و يحتاج الي حجة خارجية قل اهله او كثر.

و في حديث قال ابوقرة لابي‏الحسن الرضا7 فتكذب بالروايات فقال ابوالحسن7 اذا كانت الروايات مخالفة للقرءان كذبتها و ما اجمع عليه المسلمون انه لايحاط به علماً و لاتدركه الابصار الخبر و كتب الي الرضا7 فيما سئل عن الرؤية و ما ترويه العامة و الخاصة و سئل ان‏يشرح له ذلك فكتب بخطه اتفق الجميع لاتمانع بينهم ان المعرفة من جهة الرؤية الحديث و هما مأثوران في الكافي و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵ *»

دالان علي معني الضرورة و لم‏اجد دليلاً اخر عن النبي9و لم‏ينقله احد ولو وجدوا حديثاً واحداً يفيد معني ما يذكرونه لماغفل عنه المتقدمون و المتأخرون.

و كذلك لم‏يكن في عصر النبي9 اجماع فان مدارهم كان علي السمع و النطق فحديثه9 ربما كان يتواتر بينهم و ربما كان جميعهم سمعوا و عملوا به و اقروا و صار بينهم ذلك الحكم المسموع بديهياً كل يسنده الي الصدور منه و ان لم يحفظ لفظاً خاصاً منه هذا و قل ما يوجد في الشرع شي‏ء ضروري و ليس فيه نصوص عديدة فضلاً عن نص واحد.

و يكشف عن عدم اجماع في عصره ما قاله ابوعبدالله7 في رسالته الي اصحابه و قد عهد اليهم رسول الله9قبل موته فقالوا نحن بعد ما قبض الله عزوجل رسوله يسعنا ان‏نأخذ بمااجتمع عليه رأي الناس بعد ما قبض الله رسوله9 و بعد عهده الذي عهد الينا و امرنا به مخالفاً لله و لرسوله فما احد اجرأ علي الله و لا ابين ضلالة ممن اخذ بذلك و زعم انه يسعه والله ان لله علي خلقه ان‏يطيعوه و يتبعوا امره في حيوة محمد9 و بعد موته هل يستطيع اولئك اعداء الله ان‏يزعموا ان احداً ممن اسلم مع محمد9 اخذ بقوله و رأيه و مقاييسه فان قال نعم كذب علي الله و ضل ضلالاً بعيداً و ان قال لا لم‏يكن لاحد ان‏يأخذ برأيه و هواه و مقاييسه فقد اقر بالحجة علي نفسه و هو ممن يزعم ان الله يطاع و يتبع امره بعد قبض رسول الله 9 و قد قال الله و قوله الحق و ما محمد الا رسول الاية و ذلك ان الله يطاع و يتبع امره في حيوة محمد و بعد قبض الله محمداً9 و كما لم‏يكن لاحد من الناس مع محمد9 ان‏يأخذ بهواه و لا رأيه و لا مقاييسه خلافاً لامر محمد9 فكذلك لم‏يكن لاحد من بعد محمد9 ان‏يأخذ بهواه و لا رأيه و لا مقاييسه الخبر.

بالجملة لا شك انه في عصر رسول الله 9 لم‏يكن يعمل احد باجماع و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶ *»

باتفاق الناس من غير اسناد الي النبي9 لفظاً او معنيً و كان بناء العمل علي النطق و السمع و الطاعة كماقال الله سبحانه ما اتاكم الرسول فخذوه و مانهاكم عنه فانتهوا من يطع الرسول فقداطاع الله و لم‌اسمع و لم‏ار من يدعي ذلك و اما بعد حيوته9 فلاشك عندالشيعة ان الائمة: لم‏يأمرونا بالاخذ باجماع و لم‏يجعلوه مدرك دينهم و لم‏يسألهم احد عنه بوجه مع انه كان بين العامة شايعاً معروفاً و اما ما روي عنهم هذا اللفظ فهو في مقام الاتفاق علي الرواية لا غير و في مقام اتفاق الامة جميعاً بحيث لم‏يخالف بعضها بعضاً و ساتلو عليك تلك الاخبارحتي تري الحق بلا غبار.

فمن ذلك ما رويناه انفاً عن ابي‌الحسن علي‌ بن‌ محمدالعسكري7 اجتمعت الامة قاطبة الخبر فراجع و هو ظاهر بين في اتفاق كل الامة و هو الضروري المعروف و لا كلام فيه و يأتي شرحه و وجهه ان شاء الله و روي عن الحجة7 في عقد الاحرام فان السنة المجمع‌عليها بغير خلاف تغطية السرة و الركبتين الخبر و هو نص في اتفاق الفرقة بغيرخلاف و هو معني الضروري و عنه7 في دعاء التوجه قبل الصلوة و السنة المؤكدة فيه التي كالاجماع الذي لاخلاف فيه وجهت وجهي الحديث و هو كسابقه و فيهما تعليم منه7 وجوب الاخذ بالمجمع‌عليه الذي لاخلاف فيه و الا كان غنياً عن الاستدلال به.

و قال ابوعبدالله7 في حديث ينظر الي ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع‌عليه عند اصحابك فيؤخذ به من حكمنا و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك فان المجمع‌عليه لاريب فيه الخبر و ظاهر هذا الخبر ان المراد بالمجمع‌عليه ما رواه رواة الشيعة و محدثوهم من غير نكير بينهم و ليس المراد اتفاق جميع الشيعة قطعاً فانه لايوجد رواية يرويها جميع الشيعة خواصهم و عوامهم و رجالهم و نساؤهم و انما المراد ما اتفق عليه الرواة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷ *»

و لم‏يردها احد منهم و لم‏ينكر عليه كما قال الرضا7 في حديث العمل بالاخبار المتعارضة فاذا ورد عليكم عنا فيه الخبر باتفاق يرويه من يرويه في النهي و لاينكره و كان الخبران صحيحين باتفاق الناقلة فيهما يجب الاخذ باحدهما الخبر.

و ان قيل قوله7 فان المجمع‌عليه لاريب فيه اصل استدل به الامام و هو مطلق و يشمل كل ما اجمع عليه من رواية او غيرها قلت نعم هو اصل و استدل به الامام7 بلا شك لكن لما ذكرنا ان المراد بالمجمع‏عليه في اول الكلام ما رواه من رواه من الرواة و لم‏ينكره الباقون اذ لايوجد حديث يرويه جميع الشيعة رجالهم و نساؤهم فالمراد بالاصل هو ذلك اذ لايجوز ان‏يستدل علي وجوب الاخذ بما اتفق عليه الرواة بان اتفاق جميع المسلمين حق فاللام فيه للعهد يعني لان اتفاق الرواة حق فانه كالمتواتر و لما لم‏يكن المراد من الاول اتفاق الكل ليس المراد من الاصل ايضاً اتفاق الكل و اما ما تريدون من المعني الاصطلاحي العلمي الاصولي فيحتاج الي دليل قطعي واضح انه المعني الشرعي و لم‌يقم.

و كذا ما روي الكليني مرسلاً عنهم سلام الله عليهم اذا اختلفت احاديثنا فخذوا بما اجتمعت عليه شيعتنا مع انه بلفظ الاجتماع فالمراد به كما ذكرنا في الحديث السابق فالمراد رواه من رواه من الشيعة و لا نكير عليه بينهم و لا راد عليه بين الفرقة فما اتفقوا عليه هكذا لاريب فيه و لم‏يثبت له معني شرعي غير ذلك.

و عن العسكري7 في حديث فاذا شهد الكتاب بتصديق خبر و تحقيقه فانكرت طائفة من الامة و عارضته بحديث من هذه الاحاديث المزورة صارت بانكارها و دفعها الكتاب كفاراً ضلالاً و اصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع‌عليه من رسول الله9 حيث قال اني مستخلف فيكم خليفتين الخبر و هو ايضاً معناه المتفق‌عليه بين من رواه و لم‏يقل احد انه مكذوب او فيه تحريف و تغيير فالمراد المجمع‌عليه في‌الروايات بلا شك

و منها ما روي في حديث في الكافي قال ابوقرة لابي‏الحسن الرضا7

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸ *»

فتكذب بالروايات فقال ابوالحسن7اذا كانت الروايات مخالفة للقرءان كذبتها و ما اجمع عليه المسلمون انه لايحاط به علماً و لاتدركه الابصار الخبر و هذا الخبر ظاهر في اتفاق المسلمين و كذا ما رواه ايضاً انه كتب الي‌الرضا7 فيما سئل عن الرؤية و ما ترويه العامة و الخاصة و سئل ان‏يشرح له ذلك فكتب بخطه اتفق الجميع لاتمانع بينهم ان المعرفة من جهة الرؤية الي اخر و هو ايضاً ظاهر في اتفاق المسلمين و هو الضرورة.

و منها ما روي عن ابي‏الحسن موسي7 في كتابه للرشيد امور الاديان امران امر لااختلاف فيه و هو اجماع الامة علي الضرورة التي يضطرون اليها و الاخبار المجتمع عليها المعروض عليها كل شبهة و المستنبط عنها كل حادثة و امر يحتمل الشك و الانكار و سبيل استيضاح اهله الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لااختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و ما لم‏يثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له كذلك هذان الامران من امر التوحيد فمادونه الي ارش الخدش فمادونه فهذا المعروض الذي يعرض عليه امر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عنك ضوؤه نفيته و لا قوة الا بالله و حسبنا الله و نعم الوكيل انتهي.

ففي هذا الحديث الشريف اوضح و بين و لم‏يدع لذي مقال مقالاً ان الامور لاتخلو بالحصر العقلي من ان‏تكون متفقاً عليها او مختلفاً فيها بين الامة اما ما كان متفقاً عليه بينهم فهو بنفسه حجة من الله و رسوله و حججه: لايحتاج الي حجة اخري و لايحتاج الي رد الي الله و رسوله ثانياً و عليه مفهوم و ان تنازعتم في شي‏ء فردوه الي الله و الرسول و مفهوم حتي يحكموك فيما شجر بينهم فاذ لاتنازع فلا رد ثانياً و هو بنفسه حجة الله عليك و ان كان فيه اختلاف يرد عليه الايتان

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹ *»

و يجب الرد الي الله و خليفته الكتاب المستجمع علي تأويله و الرسول و خليفته السنة الجامعة و الائمة من الرسول و سنتهم سنته فالمختلف فيه يحتاج الي حاكم و مااختلفتم فيه من شي‏ء فحكمه الي الله و حكم الرسول حكم الله و الحاكم عنهما فينا الكتاب و السنة فالحجة فيهما و لذا قال7 فسبيل استيضاح اهله الحجة عليه ثم بين الحجة انها الكتاب و السنة و دليل العقل المتفق‌ عليه العقول و ما لم‏يثبت بهذه الحجج الثلث وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له فالاجماع المصطلح ان كان من السنة فلم جعلوه في مقابلها قسيماً لها و ان كان شيئاً اخر فبهذا النص وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له.

و عن الحسن بن علي7 انه قال في حضرة معاوية ان الناس اجتمعوا علي امور كثيرة ليس بينهم اختلاف فيها و لاتنازع علي شهادة ان لا اله الا الله و ان محمداً رسول الله عبده و الصلوات الخمس ثم عد اشياء الي ان قال و اجتمعوا علي تحريم الزني و السرقة ثم عد اشياء الي ان قال و اختلفوا في سنن اقتتلوا فيها و صاروا فرقاً يلعن بعضهم بعضاً الي ان قال ايهم احق و اولي بها الا فرقة تتبع كتاب الله و سنة نبيه9 فمن اخذ بما عليه اهل القبلة الذي ليس فيه اختلاف و رد علم ما اختلفوا فيه الي الله سلم و نجا من النار و دخل الجنة الي ان قال انما الناس ثلثة فذكر المؤمن و الناصب الي ان قال و رجل اخذ بما لايختلف فيه و رد علم ما اشكل عليه الي الله مع ولايتنا و لايأتم  بنا و لايعادينا و لايعرف حقنا فنحن نرجو ان‏يغفر الله له و يدخله الجنة فهذا مسلم ضعيف الخبر و هو ظاهر بين في ان امر الدين امران امر ليس فيه اختلاف يجب الاخذ به و امر فيه اختلاف و يجب رده الي الله و اليهم كالحديث السابق و ليس فيه اخذ بالهام لبي او دليل عقلي او بقول رجال لا برهان لهم عليه فهذه الاخبار هي التي وجدتها في الاجماع و فيها لفظ الاجماع و الالفاظ تحمل علي المعني العرفي حتي يثبت لها معني شرعي و لم‏يرد نص في معناه و لم‏نجد استعمالهم اياه في المعني المصطلح بين الفقهاء و اقوي شاهد علي صدق

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰ *»

مقالتنا ان المتقدمين و المتأخرين لم‏يذكروا له مستنداً من الاخبار و لو وجدوا حديثاً واحدا لحفظوا عليه كما يحفظون علي عينيهم لامحه.

فتبين و ظهر انه لم‏يرد من الشارع في ايامه و لا من خلفائه بعده حجية اجماع بهذا المعني المصطلح فهو من العامة العمياء و اول فساد ظهر في الاسلام في دين نبي الانام ظهر بالاستدلال بهذا الاصل و استدلوا بالاجماع علي خلافة ابي‏بكر بالضرورة و اجمعوا علي كونه خليفة و علي غصب حق اميرالمؤمنين7 و اجماعهم كان عندهم اجماعاً كشفياً عن رضاء  المعصوم و هو النبي9 و هو حيوته و موته واحدة اذا اخبر ان امته لاتجتمع علي ضلالة فاجتماعهم علي هداية و هو راض بالهداية بل عن رضاء الله فان الله لايرضي لعباده الكفر و ان تشكروا يرضه لكم و قداخبر النبي9 انهم لايجتمعون علي ضلالة و قال سألت الله ان لاتجتمع امتي علي الخطاء ابداً فاعطانيها فالله راض بالهداية هذا و الكشف علي ما يقولون امر قهري غريزي يحصل بتضافر السماع عن جماعة تعتمد عليهم و تحسبهم متبعين لرأي حجتهم و عاملين بما اذن لهم حجتهم و هو لايأذن الا بما رضي لهم فاجماعهم كشفي عن رضاء النبي قهراً قالوا بالكشف او لم‏يقولوا قالوا لوشاء الله مااشركنا و لا اباؤنا و لاحرمنا من دونه من شي‏ء و هو استدلال بان اتفاقهم كاشف عن رضاء الله فان كان الاجماع اصلاً فلاحجة للشيعة علي ردهم الا ان‏يثبتوا عليهم انه لم‏يتحقق اجماع و هم مدعون تحققه.

و كذلك اذا ادعي احد من الشيعة الاجماع و لم‏يثبت للاخر لايعمل به ولكن لايخطئ المحصل و يقول انت عملت باصل صح عندك فاي بحث لهم علي العامة و هذا هو منشأ الفساد في دين الله اذ كل امر اجيز التمسك به و ليس له حجة يراها غيره و يسمعه يكون سبب فساد في الامة و شق عصاهم الاتري انه يسع اهل الشام ان‏يقولوا قام لنا الاجماع الكشفي علي حل دم علي و اصحابه و كذلك في كل طائفتين متعاندتين الي يوم القيمة و الاجماع دليل لبي في باطن قلوبنا قدانكشف لنا رضاء الله و رضاء رسوله به و كذلك الرأي و الاجتهاد و الادلة العقلية لوصارت مناط دين الله لوسع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱ *»

كل احد ان‏يقول رأيي و اجتهادي و دليل عقلي اداني الي استحلال قتلك و كذلك العكس فيتقاتلان كما ادي الامر الي لعن بضعهم بعضاً و تكفير بعضهم بعضاً و الاستدلال بالاجماع علي كفر بعض فرق الاسلام فما كان هذا سبيله لايجوز ان‏يكون مناط دين الله و لذا قالوا ان سيدهم معاوية قاتل سيدنا علي7 عن اجتهاد و قد قال الله عزوجل لله الحجة البالغة و قال ابوعبدالله7 ان حجة الله هي الحجة الواضحة و نفي موسي بن جعفر7 ان‏يكون من الدين كل ما ليس عليه حجة من الكتاب و السنة و اوجب الله الرد الي‌ الله و الرسول في التنازع و قال اميرالمؤمنين7 في حديث انما الطاعة لله و لرسوله و لولاة الامر و انما امر الله بطاعة الرسول9 لانه معصوم مطهر لايأمر بمعصية و انما امر بطاعة اولي الامر لانهم معصومون مطهرون لايأمرون بمعصية و قال7 في كتاب له و اردد الي الله و رسوله مايظلعك من الخطوب و يشتبه عليك من الامور فقدقال الله سبحانه لقوم احب ارشادهم ياايها الذين امنوا اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم فان تنازعتم في شي‏ء فردوه الي الله و  الرسول فالراد الي الله الاخذ بمحكم كتابه و الراد الي الرسول الاخذ بسنته الجامعة غيرالمتفرقة و قال7 لكميل بن زياد لا غزو الا مع امام عادل و لا نقل الا من امام فاضل يا كميل هي نبوة و رسالة و امامة و ليس بعد ذلك الا موالين متبعين او مناوين مبتدعين انما يتقبل الله من المتقين يا كميل لاتأخذ الا عنا تكن منا و قدقال ابوعبدالله7 اما انه شر عليكم ان تقولوا بشي‏ء ما لم‏تسمعوه منا.

و ان قلت ان اجماعنا هو الرد الي الله و الرسول لانه كاشف عن رضاهما قطعاً قلنا هو كاشف سمعاً و نطقاً او كاشف استنباطاً فان كان كاشفاً استنباطاً فيتسع الخرق علي الراقع و يسع كل احد ان‏يقول انا استنبطت رضاهما في لبي من غير سمع و نطق و يقع منه الفساد و سفك دماء العباد و تخريب البلاد و هكذا الشي‏ء لايكون حجة الله و ان حجة الله هي الحجة الواضحة فتبين و ظهر ان حجة الله التي يحتج به علي خلقه و ينبغي ان‏يحتج بعضهم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲ *»

علي بعض ما كان عن نطق و سمع محسوس يمكن القاؤها الي كل احد و يتم به حجة الله علي خلقه قال الله سبحانه لقدجاءكم برهان من ربكم و قال قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين و كما لايجوز ان‏يقول لمسلم الهمت انك علي خطاء و يجب قتلك كذلك لايجوز ان‏يقول عرفت في لبي بدليل لبي انك علي خطاء او عرفت بدليل عقلي انك علي خطاء و لايأتي ببرهان من الله و رسوله علي خطائه و هذا الاجماع الذي يذكرونه و يصولون به ان كان علي طبقه دليل من الكتاب و السنة فهما الحجة الكافية و ليحمد الله اهله علي التوفيق لاتباعهما و ان لم‏يكن له دليل منهما فهو رأي و هوي فلاعبرة به فقدقال اميرالمؤمنين7 من اخذ دينه من افواه الرجال ازالته الرجال و من اخذ دينه من الكتاب و السنة زالت الجبال و لم‏يزل و الاخذ بالاجماع بلا دليل اخذ من افواه الرجال و سئل7 عن اختلاف الشيعة فقال ان دين الله لايعرف بالرجال بل باية الحق فاعرف الحق تعرف اهله و الاخذ بالاجماع بلا دليل عرفان الحق بالرجال و عن ابي‏عبدالله7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان فان دين الله لم‏يوضع بالرأي و المقائيس انتهي فعلم منه ان الادلة العقلية و المقائيس ليسا ببرهان و قدجاءكم برهان من ربكم و هو الكتاب النازل من عنده و السنة الاتية من عنده و قال7 انما الناس رجلان متبع شرعة و مبتدع بدعة ليس معه من الله برهان سنة و لا ضياء حجة.

بالجملة هذه هي طريقة ال‏محمد: و اصحابهم ليس عندهم غير الكتاب و السنة شي‏ء و انما الاجماع الذي ليس معه برهان منهما من طريقة العامة و لذلك اختلفوا في تعريفه و ما يلزم العمل به فقال قوم منهم انه اتفاق امة محمد9 علي امر ديني و قال قوم ان الحجة في اجماع المؤمنين الا انه لما لم‏يعلم وجب اعتبار الكل من باب المقدمة فيستثني منهم من اتضحت ضلالته كالغلاة و المجسمة و قال قوم انه اتفاق اهل الحل و العقد من امة محمد9 علي امر من الامور الي غير ذلك من الاقوال .

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳ *»

و من ادلتهم علي حجية الاجماع انهم اجمعوا علي القطع بتخطئة المخالف للاجماع فدل علي انه حجة فان العادة تحكم بان هذا العدد الكثير من العلماء و المحققين لايجمعون علي القطع في شرعي بمجرد تواطؤ و ظن بل لايكون حكمهم الا عن قاطع فوجب الحكم بوجود نص بلغهم في ذلك فيكون مقتضاه و هو خطاء المخالف حقاً و هو يقتضي حقية ما عليه الاجماع و هو المطلب و هل هذا الا ان الاجماع كشف لهم عن قول المعصوم و هو النبي9 و قوله نصه فهو قائل بقول الجماعة فالقائلون باجمعهم فيهم الحجة.

و كذلك احتجوا علي حجيته بايات و روايات مرت فاجماعهم ايضاً كشفي عن قول الله و رضائه و قول النبي و رضائه ذكروه في تعريفهم او لم‏يذكروه فلو سألت احدهم هل الله و رسوله راضيان بعملكم بالاجماع علي خلافة ابي‏بكر ام لا يقولون نعم و يستدلون باحاديث النبي9 و الكشف امر قهري اخذوه في التعريف ام لم‏يأخذوه فانصف و تدبر و قد دل الاحاديث التي مرت علي ان ذلك من ادلتهم و من مداركهم المخترعة و لا شك ان الرشد في خلافهم و في ترك مدرك انشأ الفساد في هذه الامة الي ظهور مهدي ال محمد صلوات الله عليهم و عجل فرجه هذا و هم يقولون اذا تعارض النصان فالعمل علي مخالف العامة فاذا تعارض القولان يجب رد موافق العامة بطريق اولي و ان الرشد في خلافهم مطلقا.

فصل

في امكان اتفاق الجماعة و عدمه و قداستدلوا علي امتناعه عادة بادلة معروفة مرسومة في كتبهم مفصلة و انا نشير هنا علي الاجمال و هي انه لايمكن الاتفاق علي شي‏ء من الامة او من العلماء مع كثرتهم و تفرقهم و اختلاف طبايعهم و عاداتهم و عقولهم و انظارهم و شهواتهم.

و رده المجوزون بانه لايمكن اذا كان المدار علي ما به اختلافهم مما ذكر و اما اذا كان المدار علي ما به اتفاقهم فيمكن و هو تدينهم بدين اله واحد و كتاب واحد و نبي واحد و امام واحد و الرجوع الي ما جاءوا به فاذا كان امر اراده الله من جميعهم و اقام عليه حجة يعرفه جميعهم و هم جميعاً طالبون له باحثون عنه يمكن ان‏يقعوا عليه و يتفقوا كما اتفق الامة علي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴ *»

الضروريات و اتفاق جميعهم اصعب من اتفاق كثير منهم و هو متين لا شك فيه و لاريب يعتريه اذا كان المراد من الامكان العقلي او كان المسلمون معدودين و اما الامكان العادي مع هذه الكثرة و هذه العادات و الشهوات و الشكوك و الشبهات التي شككت اهلها في التوحيد فما دونه الي ارش الخدش كما هو مشاهد فلايمكن عادة و اما الضروريات فانا لانجد ضرورياً ابده من الصلوة فكم من الوف من اهل الشهادتين لايعرفون صلوة فكيف هم متفقون علي ما لايعرفون و لا ضروري في الاسلام يعرفه كل من دخل في الاسلام و يسمي بالمسلم اللهم الا ان‏تخرج جميعهم عن الاسلام و لااظنك و الناس يسلمون ثم يعرفون شيئا بعد شي‏ء و ما ذكرناه هو خلاصة الجواب الحق و هي كافية في المقام.

فصل

في امكان العلم به و عدمه قداختلفوا في ذلك ايضاً فمن انكره قال كيف يمكن اطلاع من هو جالس في بيته علي اتفاق من لايحصي عددهم و لايعلم امكنتهم في البر و البحر و الجزاير و البراري و الجبال الا الله جل و عز و لم‏ير كتبهم و لم‏يطلع علي ارائهم و لايميز بين قولهم تقية او بالحق و لا بين ما عدلوا عنه او استقروا عليه و من جوزه قال بلي يمكن الاطلاع و واقع كماانك تعلم ان جميع المسلمين مقرون بالصلوة و جميع الشيعة مقرون بعدم التكفير في الصلوة و جواز المتعتين و امثال ذلك من ضروريات الدين و المذهب و هم اكثر من البعض فيمكن الاطلاع مع انك قداجتمع عندك كتب العلماء من اطراف البلاد و كل واحد باحث عمن امكنه مما يليه و قداجتمعت الكتب من النقلة المعتبرين عندك فبذلك امكن الاطلاع علي قول الكل و البعض و هو ممكن و واقع للمقلدين من غيرمراجعة الكتب فضلاً عن الفقهاء  المتتبعين في الكتب و ذلك ايضاً حق لامرية فيه و لاريب يعتريه و لايمكن انكاره لذي مسكة و كل فقيه يري في نفسه اليقين بالاتفاق في مسائل كثيرة حتي المنكرين لامكان حصول العلم لكن هذا اذا كان المراد الاطلاع علي جماعة يحصل من اجتماعهم العلم بان ما قالوه هو ما اتي به المعصوم كما تعلم ما يسمي بالضروري و اما امكان الاطلاع علي جميع المسلمين

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵ *»

فالامكان العقلي غيرممنوع و كذا ان كانوا معدودين يمكن عقلاً و عادةً و اما بعد هذه الكثرة و هذا التفرق فلايمكن الاطلاع علي‌الكل عادةً ابداً و لايعلم الغيب الا الواحد القهار و حججه المحيطون‌الابرار.

فصل

في كيفية حصول العلم من الاتفاق بعد ما علمنا امكانه و وقوعه فالفقهاء في ذلك بحسب اختلاف انظارهم مختلفون فمنهم من قال انا اذا تتبعنا في الكتب و عرفنا اقوال العلماء و نحن نعلم انهم متبعون لامامهم حذرون من مخالفته فاذا رأيناهم اتفقوا علي قول يحصل لنا العلم بان الامام ايضاً قائل بذلك القول فالقائلون بهذا القول احدهم الامام و ان لم‏يكن له قول لفظي يروي ولكنه قائل بمعتقد هؤلاء العلماء و معتقد به و لولا اعتقاد هؤلاء لم‏نعلم اعتقاده فهؤلاء الجماعة المعتقدون بهذا الاعتقاد الذين احدهم الامام7 لا بعينه اجماعهم و اتفاقهم علي هذا الاعتقاد حجة لاشك فيه و لاريب يعتريه و عد المصنف من الاحتمالات كون الاجماع الاتفاق الكاشف عن دخول قول المعصوم في الاقوال المجتمعة لا شخصه محض تغيير لفظ فانه اذا دخل قول الامام في الاقوال دخل الامام في القائلين فيرجع الي القول الاول و لافائدة في عده احتمالاً علي‏حدة.

و علي اي حال يزعمون انه هو اقوي من كل رواية فان غاية مفادها الظن و مفاده العلم و لايحتاج ذلك الي دخول مجهول النسب فان العلم بان الامام معتقد بهذا الاعتقاد كاف في هذا المقام و ليس ذلك بلفظ فيكون سنة و حديثاً و لايكون ذلك الاعتقاد معلوماً بغير اتفاق هؤلاء فيكون مستقلاً و نستغني عن العلماء و هذا القول هو عمود الاجماع و مآل كل الاقوال الي هذا و ان كان جهات الانظار مختلفة و وجوه الاستدلالات متشتتة اذ كل يطلب هذه النتيجة.

و منهم من قال بذلك كذلك و اشترط دخول مجهول نسب في الجماعة يحتمل كونه اماماً و عدم خروج مجهول نسب يحتمل كونه اماماً و اما خروج معلوم النسب فلايضر و زعم بعضهم ان مجهول النسب الواحد غير كاف فان بعد العلم بدخول الامام فيهم و كون المعلومين غير امام يحصل العلم بان ذلك

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶ *»

المجهول الواحد هو الامام بعينه و عرف و علم باسمه و نسبه بل لابد ان‏يكون اثنين فما فوق حتي لايعلم بعينه فيدخل قوله في السنة و الرواية و هؤلاء كأنهم اشترطوا صدور لفظ و قائل ظاهري بقول لفظي و هو خبط عظيم فانا اذا علمنا ان زيداً في الدار قطعاً بلاشك و لا ارتياب و كان فيها عشرة نعرف تسعة منهم فقدعرفنا العاشر بعينه انه زيد و ان لم‏نكن نره قبل ذلك فهؤلاء اذا علموا ان في الجماعة امام قطعاً و المعلومون ليسوا بامام قطعاً فالمجهول معلوم النسب و هو الخلف بن الحسن عجل له فرجه او امام اخر فنعلم حينئذ انه امام بعينه فالقول المأثور منه حديث و ان كان المجهول متعدداً فعرف سبعة او ثمانية منهم باعيانهم و الباقون مجهولون فان كان المأثور منهم مختلفاً فلااجماع و ان كان متفق اللفظ او المعني فهو سنة مأثورة عن امام قطعي في ضمن جماعة و اقوال المعلومين لاحاصل له و لذا يقولون لو كان الجماعة كلهم مجهولين لتحقق الاجماع و ان كان الغرض وجود من يكون اماماً في المعتقدين بهذا الاعتقاد من غير اعتبار لفظ فلايحتاج الي مجهول النسب فلو كان جميعهم معلوم النسب و انت تعلم باعتقادهم اعتقاد الامام لكفي لان المعتقدين احدهم الامام حينئذ و علي اي حال لي في هذا القول نظر ظاهر و لابد لمن به سعال ان يسعل و لا قوة الا بالله العلي العظيم فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم.

و هو انا نعلم قطعاً علماً لاشك فيه ان علماءنا رضوان الله عليهم اجمعين لم‏يسلكوا مسلكاً واحداً في استنباط الاحكام حتي آل القول بينهم في المسألة الاصولية الي عشرين قولاً و اكثر و لذلك لايرتضي كل واحد ما اختاره كل واحد في طريق الاستنباط و نري من انفسنا انا لانرتضي جميع ما اختاروا مع ما يلزم في ذلك من التناقض فانهم لم‏يسلكوا مسلكاً واحداً فلربما سلك واحد منهم مسلكاً لايراه الاخر من دين الله و يراه رأياً و اختراعاً و بدعةً و لا اقل من الخبط و الخطاء و السهو و الاشتباه و الغفلة كما ينسب ذلك بعضهم الي بعض و الكتب به مشحونة فاذا كان الامر كذلك و نظر ناظر في كلام جماعة لايرتضي مسلكهم في الاصول او يرتضي مسلك بعض و لايرتضي مسلك بعض او لايعلم كيف كان مسلكه و اختلاف المسالك واقع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷ *»

موجود فاذا اتفق جماعة من هؤلاء علي قول و لاتشترطون اتفاق الكل كالعامة كيف يحصل العلم بان اعتقاد هؤلاء المتشتتين في المسالك اعتقاد امامهم و لاشك ان امامهم ايضاً لايرتضي مسالكهم جميعاً مع اختلافها و الحق واحد و هناك جماعة اخري موصوفون بصفتهم من الزهد و التقوي و العلم يقولون بغير قولهم فكيف يحصل العلم من نفس اتفاق هؤلاء علي ان اعتقاد امامهم ذلك ثم ما النكير علي اجماع العامة و هم ايضاً قدعلموا من نفس اتفاق الجماعة ان رضاء النبي9 ذلك و رضاء الله ذلك فان قلت لافرق في الحيوة و المماة فرضاء النبي و ان قلت لابد من الحيوة فرضاء الله كاف فما الفرق بين هذا القول و قولهم و الدليل علي انهم يدعون الكشف ما رواه فى الكافى عن محمد بن منصور قال سألته عن قول الله عزوجل و اذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها اباءنا و الله امرنا بها قل ان الله لايأمر بالفحشاء أتقولون علي الله ما لاتعلمون قال فقال هل رأيت احداً زعم ان الله امره بالزنى و شرب الخمر او شى‏ء من هذه المحارم فقلت لا قال ما هذه الفاحشة التى يدعون ان الله امرهم بها قلت الله و وليه اعلم (ظ) فقال ان هذا فى ائمة الجور ادعوا ان الله امرهم بالائتمام بقوم لم‏يأمرهم بالائتمام بهم فرد الله ذلك عليهم فاخبر عن امر قدقالوا عليه الكذب و سمى ذلك فاحشة انتهي.

و علي اي حال كيف يحصل العلم بدخول الامام في قول هؤلاء و لاترتضي طريقة جميعهم و اغلبهم افتوا بالظن بمحض اقوالهم و هناك قوم يخالفونهم في المسألة ثم ان الجماعة يذكرون ادلتهم ام لا فان ذكروا فالمدار علي صحتها و سقمها فان رأيتها سقيمة كيف تتيقن انه رأي الامام و ان عرفتها صحيحة فتعمل بها و لاحاجة الي القائلين و اتفاقهم و ان لم‏يذكروا دليلهم و هم علي مسالك لاترتضيها قطعاً جزماً كيف تتيقن ان الامام معتقد بقولهم و هو ايضاً لايرتضي جميع مسالكهم قطعاً و جزماً و قدخالفهم قوم من اتباع الامام هذا و قدروي النهي عن الاعتماد علي قول لابرهان عليه كما مر فاري حصول العلم باعتقاد الامام و دخوله في القائلين بمحض قول جماعة شططاً من القول مع ما قلنا ان مثل هذا المدرك الذي لا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۸ *»

دليل لقائله يقدر ان‏يهدي به غيره غير اني حصل لي العلم لايجوز ان‏يكون مستند دين الله الذي له الحجة البالغة الواضحة و جعل البرهان شرط صدق البيان و لم‏يبعث نبي يكون حجته علي قومه اني علمت اني نبي فاتبعوني.

و لما كان قولهم انا حصل لنا العلم بقول المعصوم و ليس فوق السواد لون و ليس فوق العلم تكليف ليس لنا حجة عليهم الا انا نقول لايحصل لنا العلم بما تقولون و نحن ايضاً طالبون للحق ناظرون نظر المنصف بلاغرض و لايحصل لنا علم و العلم امر قهري و حصل لنا العلم بعدم جواز الاعتماد علي قول جماعة لا برهان لهم و علي عدم جواز الاعتماد علي اقوال جماعة لانرضي مسالكهم بل لما روي لنا من النهي عن الاعتماد ربما يحصل لنا العلم بان الامام غيرراض بقولهم فنحن لسنا مكلفين بالعمل بهذه الاجماعات و نحن نظن انه قداشتبه عليكم الامر و انتم تسمون الظن علماً كما تقولون ان الاخباريين اشتبه عليهم الامر في حصول العلم لهم بالاخبار و ان يظنون الا ظناً و هم ايضاً رجال علماء اتقياء مثلكم و نحن نري ان هذا المدرك من طريقة العامة كما شهدت به اخبارنا و نري الرشد في خلافهم فلانعتمد علي هذه الاجماعات في النظريات لاسيما في غير العامة البلوي لاسيما في المسائل الاصولية و نري انه لم‏ينبهنا الائمة الرؤفاء علي هذا المدرك العظيم الذي تظنون انه لولاه لم‏يخضر للاسلام عود و لم‏يقم له عمود و به يتم المسائل الفقهية بحيث لولاه لم‏يقم حجة واحدة في مسألة واحدة من الفقه مع ما انتم عليه من الاختلاف في طريق تحصيله و انتم الذين تشقون الشعر في العلم بظنكم و لم‏يتفوهوا فيه بكلمة و لم‏يوقفونا عليه و لم‏يجسر احد من اصحابهم ان‏يسألهم مع شيوع المسألة بين العامة و اختلاطهم بهم فان كان واضحاً فلم اختلفتم فيه حتي وقعتم تحت كل كوكب و ان كان خفياً فلم لم‏يوقفونا عليه و هم ابر برعيتهم منكم.

و اعجب من ما مر انهم يستدلون بان مذهب ابي‏حنيفة يعلم باتفاق بعض اصحابه المعتبرين بل بنقل معتبر واحد سواءاً اسند او ارسل فكذلك مذهب الائمة و الجواب عن ذلك يخاف منه النقص عليهم و لكن لابد في مقام ذكر الحق ان

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۹ *»

‏يذكر و هو ان اصحاب ابي‏حنيفة مقلدون له اخذون بما بلغهم منه بالنطق و السمع و لو كانوا مستنبطين رأي ابي‏حنيفة و ما في قلبه بالرأي و الحدس و التخمين و الظن و الادلة العقلية و الاستصحاب و المصالح المرسلة و الاستحسان و القياس لما كان اتفاقهم دليل ما في قلب ابي‏حنيفة.

و منهم من قال انه اتفاق جماعة من الخواص علي امر بحيث يحصل من نفس ذلك الاتفاق رضاء المعصوم فربما يحصل من اثنين و ربما لايحصل من مائة كما يحصل العلم بمذهب ابي‏حنيفة من قول الحنفيين و لايحتاج الي مجهول النسب اقول و هذا مذهب المتأخرين و لعمري علي هذا القول لاحاجة الي وجود معصوم و يكفي العلم برضاء النبي كما انه لايشترط هناك حيوة ابي‏حنيفة و هذا القول هو عين مذهب التسنن فانهم ايضاً علموا برضاء النبي من نفس الاجماع كما اعترف به المصنف في الضوابط حيث قال ما حاصله ان مقتضي استدلالهم بالرواية ان الاجماع حجة من باب الكشف و اللطف و انت تعلم ان المأكول اذا كان واحداً فلايتفاوت ان‏ تأكله من حيث انه حنطة ام من حيث انه مطبوخ فقداكلته و الواقع شي‏ء واحد في الخارج فالعامل باتفاق القوم و هم علي غير برهان عامل بقولهم سواءاً كان من حيث الكشف او من حيث التعبد مع ان الجواب عن ذلك كما مر من الفرق بين هؤلاء و بين الحنفية.

و منهم من قال انه يمكن العلم برضاء الامام بالتقرير و عدم ردعه اياهم مع اطلاعه و تمكنه و لي علي هذا القول ايضاً ايراد و هو ان هذا الوجه نقول به اذا اتفق جميع الفرقة علي قول بلامخالف منهم و لا من الكتاب و السنة فانه اذا كان فيهم اختلاف و كان جماعة منهم علي الباطل كفي في ردعهم اثارته المخالفين لهم علي خلافهم لاسيما اذا كان للمخالف برهان قوي او كان كتاب و سنة علي خلافهم كفي في ردعهم او ذكروا ادلتهم و كانت ضعيفة كفي في اظهار بطلانهم و هو لو ردع عن باطل لايزيد علي امثال ذلك لايظهر بشخصه في زمان الغيبة و لايبعث رسولاً مع معجز و انمايردع عن الباطل بالادلة و قدردع فلايتحقق هذا النحو من الاجماع الا في الضروريات و بعدم ردعه اهل الضرورة علم انه معتقد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۰ *»

باعتقادهم قائل بقولهم و هو فيهم و منهم فاتفاق جماعة منهم المعصوم حجة و اما مع الخلاف و المعارض فلايكاد يعلم تقريره فتدبر و انصف و هذا القول ايضاً يرجع الي القول الاول في الغاية.

و لافرق بين هذه الجهة و جهة اللطف فانه به يجب التقرير و الردع فليسا بقولين في الاجماع حقيقةً و ان عدوا قاعدة اللطف قاعدة برأسها و نسبوها الي الشيخ ولكن المنقول من الشيخ اربعة وجوه فمنهم من نقل عنه انه قال اذا اتفق الامامية علي قول و لم‏نجد اية و لاسنة مقطوعاً بها دالة علي صحته و لا علي فساده و لم‏نعرف له مخالفاً ايضاً و لم‏نعرف وفاق المعصوم و لا خلافه فنحكم انه قول الامام و منهم من نقل عنه اذا ذهب المعظم الي قول و النادر علي خلافه و لايجري فيه التخيير الاستمراري كالوجوب و الحرمة فان وجد دليل من الكتاب و السنة علي النادر فهو قول الامام و الا وجب اتباع المعظم لتقرير الامام لهم و منهم من نقل عنه اذا اختلف الامامية علي قولين و يجري فيه التخيير الاستمراري فان وجد دليل علي طرف فهو و الا فحكم الطائفة اللاحقة التخيير للحيرة و منهم من نقل عنه علي الظاهر انه لو وجد قول من واحد من الامامية و لم‏نجد له دليلاً و لم‏نعرف له مخالفاً و لا موافقاً و لم‏نعرف وفاقه للمعصوم و لا خلافه فهو قول المعصوم بقاعدة اللطف و الا لردع عنه.

فاقول اما القسم الاول فهو ضرورة المذهب و لا خلاف فيه و اما القسم الثاني فيكفي في قاعدة اللطف اثارة النادر بخلافهم فان كان لا دليل له فلا دليل للمعظم ايضاً و ترجيح احدهما يحتاج الي دليل و الاخذ بالمشهور في الرواية مسلم و في الفتوي المحض خلاف المشهور و اما القسم الثالث فلايكاد يمكن الاطلاع علي الحصر و ان امكن اتفاقاً و الحق لايرتفع عن اهله فيجب فيه الاحتياط ان امكن و التوقف عن التعيين و البت عليه و اما القسم الرابع فكفي في الردع عنه قوله7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين هذا و انا اقول علي القول بالتقرير و اللطف يكون

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۱ *»

الكاشف هو التقرير و اللطف و البرهان العقلي علي كونهما كاشفين لا اتفاق الجماعة من حيث انه اتفاق نعم اتفاق الجماعة يكشف عن المراد المقرر فلاحجية في الاجماع و انما الحجة في التقرير الاتري انه لو قال قائل واحد بحضرة الامام قولاً و قرره الامام  هل الحجة قول الرجل او الحجة تقرير الامام و كذلك هنا.

و منهم من قال انا اذا وجدنا مجتهداً بارعاً ورعاً ثقةً يقول لحكم انه حكم الله يحصل لنا الظن بانه حكم الله و ليس كعدمه قطعاً فاذا وجدنا فقيهاً اخر قال كذلك تأكد ظننا و هكذا كلما يزيد واحد يزيد ظننا قوة الي ان يحصل لنا القطع بانه حكم الله كما يحصل لنا القطع من اتفاق كثير من الصيارفة علي ان الدرهم زيوف و ان كانوا فسقة كفرة و كما يحصل لنا العلم من التواتر و هذا لايشترط فيه دخول مجهول النسب و الاتفاق الكل فاقول لعمري هذا عين مذهب التسنن و علي هذا القول لايحتاج الي وجود المعصوم ايضاً و لا لوم علي متخذي ابي‏بكر خليفة بالاجماع و متي صار اجتماع الاراء و الاهواء و الانظار المختلفة دليل رضاء الله و سخطه في غيبه و دليل ما نزل علي قلب محمد9 من الالهام و الوحي أليس ابوعبدالله7 في رسالته رد علي هذا القول بعينه و قياس الاتفاق علي المعقول علي الاتفاق علي المحسوس قياس مع الفارق العظيم لاسيما اذا كان اهل الاجماع اكثرهم يعمل بالظن و ما لاتستحسنه و لاتقبله و ترده و كيف يحصل القطع بالواقع من ظنون المخبرين و هل اذا قال احد اني اظن ان في الدار اسد و قال الاخر ان رأيي يدلني علي ان في الدار اسد و قال الاخر ان استحساني دلني علي ان في الدار اسد و هكذا هل يمكن ان‏يحصل لك القطع كلا هذا و الظانون كما هم مجمعون علي رجحان الاثبات مجمعون علي جواز الخطاء الاحتمال المرجوح فهم مجمعون علي جواز الخطاء علي انفسهم و انت قاطع علي عدم خطائهم ان هذا الا خطاءاً واضحاً.

و منهم من قال بهذا القول ولكن قال انا نستكشف انه كان لهم دليل قطعي بحيث اذا اطلعنا عليه قلنا بقولهم و ذلك كاجماع اهل الفنون علي مسائل فنونهم و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۲ *»

هو في الوهن كسابقه.

و منهم من قال كذلك ولكن قال نستكشف وجود نص واصل اليهم و هذا القول ايضاً لايشترط فيه وجود مجهول النسب في الجماعة و هو ضعيف فان اهل الاجماع ان كانوا ممن لانرتضي جميع ارائهم و اصولهم و نعلم انهم يعملون بادلة لانرتضيها فأي دلالة في اجماعهم علي وجود نص و ان كانوا من اصحاب النص فلايزيد علي الظن و ان الظن لايغني من الحق شيئاً هذا و لا كل من يروي يدري و لرب نص استدل به واحد فلما وقع في ايدينا علمنا انه لايدل علي مطلبهم ابداً و لذلك اختلف الفتاوي لاختلاف الانظار في الاخبار فلايدل اتفاقهم علي حسب افهامهم علي دخول الامام في القائلين.

و منهم من سلك فجاً واسعاً و طريقاً مهيعاً و قال انا اذا تتبعنا قواعد الفقهاء و مدارك اقوالهم و رأيناها تقتضي حكماً و لاينافيه قاعدة و لامدرك يسعنا ادعاء الاجماع و ان لم‏نطلع علي اقوالهم و لم‏نر كتبهم فانهم لايخالفونها قطعاً و ذلك بحر ضل فيه السوابح فبذلك يكثر ادعاء الاجماع في عرض الفقه ممن ليس له تتبع و اذا عثر عليه اخر مع حسن الظن بالعلماء الراسخين وجد اجماعات فيعتقد انه اجماع منقول.

و منهم من قال انه ربما يحصل لبعض الاولياء علم برأي الامام و هو مأمور بالاعلان و لادليل له عليه من الكتاب و السنة فيظهره بصورة الاجماع و هو قول اسخف من الكل و ليس من الفقاهة في شي‏ء و منهم من يقول ان الشهرة اذا لم‏يدل دليل علي رجحان النادر اجماع و الامام في القائلين لانه امرنا بالاخذ به و سيأتي الكلام فيه في الاجماع المشهوري.

و انت اذا احطت بما ذكرنا خبراً و عرفت ان كل واحد يري الاجماع شيئاً معيناً و طريقاً خاصاً و ينكر الباقي و انت بنفسك اما تنكره رأساً او تتخذ واحداً منها رأياً فأي عبرة بهذه الاجماعات المنقولة التي ملأوا منها الكتب و صالوا بها علي الكتائب بحيث من تفوه بخلافها يستحق اللعن و التكفير مع ان كل واحد يرد علي غير ما اختاره بلا شك بالجملة هذه مسالكهم في استكشاف العلم بوجود الامام

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۳ *»

في القائلين فاختر لنفسك ما يحلو.

و اما الذي اخترته انا و لا قوة الا بالله علي نحو الاختصار و الاشارة و تلخيص العبارة ان الفقيه قديحصل له علم مؤكد قوي بقول الامام7 بحيث اذا خالفه اية اولها او خبر اوله و لم‏يعمل به او فقيه خطأه و طريق تحصيله انه ربما ينظر الي الكتاب فيجد فيه اية او ايات تدل علي مطلب و اذا تتبع الاخبار حصل له علم من مضامينها بذلك المطلب ثم اذا نظر في السيرة رءاها مطابقة مع ما عرفه من الكتاب و السنة ثم اذا راجع عقله و الادلة العقلية رءاها تدل علي ذلك المطلب و اذا نظر الي ايات الافاق و الانفس رءاها شاهدة علي ذلك المطلب ثم تتبع و اطلع علي رأي كثير من الفقهاء انهم وافقوه علي ذلك المطلب و عرفوا من الكتاب و السنة ما عرفه و عملوا به ثم نظر الي مقتضي سياسة المدن و اصلاح العباد و البلاد فرأي انه يدل علي ذلك يحصل له علم مؤكد لاريب فيه ان هذا الحكم الحاصل من الكل لا من خصوص الالفاظ هو مذهب الامام و الامام قائل به قطعاً جزماً بحيث لو خالفه حديث وجب تأويله و حمله علي تقية او غيرها او كتاب لم‏يكن الظاهر منه مراد الله و من خالفه من الفقهاء عادلون عن الصواب و مثل هذا العلم يحصل للفقيه البصير بما ذكرنا فسمه ما شئت و مثل هذا لايحتاج الي تتبع اقوال جميع الفقهاء و لايحتاج الي مجهول النسب و ان شئت ان‏تسمي الامام مجهول النسب فمجهول النسب داخل في الجماعة قطعاً و فيه التسديد و التقرير و اللطف و الدليل و الحجة و النص و هو حجة بينة ظاهرة بالغة و سنة قائمة يمكن الاحتجاج به علي كل احد و يتفق مثله كثيراً للفقيه و هو اقوي من الادلة اللفظية و لايتطرق فيه الاحتمالات

هذا جناي و خياره فيه   و كل جان يده الي فيه

و اما من محض اقوال جماعة من العلماء من غير حجة و برهان منهم مع علمي باختلاف مذاقاتهم في الاصول و الانظار و علمي باني لااستحسن جميع اقوالهم و لاارتضيها لايحصل لي علم بدخول الامام و لا برضاه و لا بقوله بوجه من الوجوه و ان ذكروا حججهم فان كانت قوية اعمل بها و الا فلااعتمد علي محض القول فمن يدعي انه حصل له علم به من محض اتفاقهم فليعمل به و لانلومه علي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۴ *»

عمله به و لانكذبه هو و شأنه و اما نحن فليس تكليفنا العمل بما لم‏يحصل لنا علم بدخول الامام فيه باجماعهم فكما انا كففنا عنهم لادعائهم العلم و قول ليس فوق السواد لون كذلك ليكفوا عنا حيث لم‏يحصل لنا علم بدخول قول المعصوم و هم مجمعون علي ان ما لم‏يحصل علم بوجوده او قوله او رأيه او رضاه ليس باجماع فليس لهم ان‏يلومونا ايضاً.

فصل

في حجيته و في الحقيقة لاتحتاج الي تطويل مقال فان الذي يقول حصل لي العلم القطعي بان الامام قائل بهذا القول لايمكن ان‏يقال لم‏يحصل لك علم و لايمكن ان‏يقال ليس علمك بحجة عليك و الامام7 يقول ما علمتم انه قولنا فالزموه و ما لم‏تعلموا فردوه الينا و يقول من عمل بما علم كفي ما لم‏يعلم و روي ما علمتم فقولوا و ما لم‏تعلموا فقولوا الله اعلم فهم و شأنهم و هم اعلم بتكليفهم فالذي ينكر حجيته علي خطاء و الذي يكذبهم في حصول العلم علي الخطاء و الذي ينكر امكان حصوله علي الخطاء فالاحسن ان‏يقال انت اعلم و قلبك فان حصل لك علم فاعمل به و ليس لك حجة علي غيرك بوجوب اتباعك.

ثم عند هؤلاء قديحصل العلم بدخول المعصوم في جماعة واحدة ناطقين او ساكتين و هو الاجماع البسيط و هو حجة و يمكن ان‏يحصل لهذا الفقيه بعد برهة من الدهر علم بان الامام داخل في جماعة يقولون بخلاف اولئك فيدعي الاجماع علي خلاف الاجماع الاول و يري الاول في الزمان الثاني خطاءاً فالحجة عليه هو القول الثاني و قد يكون العلم بكون الامام في قولين بان‏يكون موضوع المسألة كلياً و الحكم فيه بالايجاب الكلي او السلب الكلي او بالايجاب في فرد و السلب في فرد فاذا استقر اهل العصر علي قولين منها انحصر الحق فيهما و الامام فيهما يقيناً و القول الثالث باطل يقيناً و ان كان احد الفريقين معلومي النسب باجمعهم و في الاخر مجهول يحتمل كونه اماماً فهو بسيط و ان كان في كليهما مجهول محتمل ولكن مع احدهما دليل قاطع معين فهو بسيط ايضاً و ان تساويا و حصل له دليل ظني لاحدهما يعمل به و لايدعي الاجماع و الا فقيل بالتخيير قياساً علي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۵ *»

الخبرين و قيل بالتوقف و الاحتياط في العبادات و الصلح في المعاملات و منهم من قال بطرح الدليلين و طلب دليل اخر و هذا القول معقول اذا لم‏يحصل العلم بكون الامام في الفريقين و احتمل كونه قائلاً بقول اخر فح يجوز القول له بالاخر و يجوز بعد تحقق الاجماع المركب عدول فرقة الي قول الاخري فيتبين ان الامام7 كان مع الفرقة الاخري.

ثم لنا في مقام الحجية كلام اخر و هو انه لايلزم ان‏يكون المجمع‌عليه الحكم الواقعي الذي لايختلف اذ مدار هذا العالم علي الحكم الثانوي الذي يختلف باختلاف الاقطار و الاعصار فاذا المحصل يتتبع في الاعصار السالفة ام في عصره اما التتبع في اقوال اهل العصر فمن الممتنعات عادة و لماينتشر الكتب و لمايعرف اسماءهم بل لم‏يسمع باسم بلادهم و ممالكهم و جزائرهم فهو جاهل باقوال اهل عصره طراً و اما السالفين فهب انه اطلع علي اقوال بعضهم و هم مختلفون فزعم ان الامام في جماعة منهم اليس ذلك هو الحكم الثانوي المخصوص بذلك العصر و هو لايعلم حكم الامام في اهل عصره الا ان‏يضم الي ذلك اصل عدم التغيير فذلك اصل ظني و لم‏يعلم من نفس الاتفاق حكم الامام له و لاهل عصره و لعلهم اجمعوا علي خلاف اجماع الاولين و ذلك غير عزيز فلم‏يكف نفس العلم بحصول الاجماع في الاولين في ان اليوم حكم الناس كذا و لعل الامام قدغير الحكم و ان ضممت الي ذلك اللطف فهو غير باب الاجماع و ان ضممت اليه الاصل فانقلب الي الظنون الفقاهية و ليس من الاجماع في شي‏ء.

قوله <و دليل الشيخ لاينهض بمراده كادلة العامة> الي اخر فالمنسوب الي الشيخ انه اذا اجتمعت الطائفة علي امر مع عدم وجود خلاف و عدم العلم بصحته و سقمه و عدم العلم بوفاق المعصوم و خلافه فذلك اجماع و حجة تمسكاً بالاخبار و قاعدة اللطف فالمصنف رد عليه الاخبار بانها ظنية و لايتمشي الظني في هذه المقامات و بان المعظم علي ترك تلك الاخبار و بان مقتضي اللطف مجهول لنا فلعل مقتضاه عدم الردع لمصلحة اقول هنا ان كان مراد الشيخ اذا اجتمعت جميع الشيعة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۶ *»

علي امر و هو الضروري كان حجة فلو اجتمعوا علي الباطل وجب علي الامام ردعهم فان الارض لاتخلو من الحق و لايجوز رفع الحق عن اهله فان السموات و الارض قائمتان بالحق فلا شك فيه و لا نزاع و ان كان غير الضروري ففي الشيعة اذاً قائل بخلافه فلايتم قاعدة اللطف فانه لم‏يرتفع الحق عن اهله اذاً فلايجب ردع هؤلاء بغير مخالفيهم و بازيد منهم هذا و الذي يقتضيه الكتاب و السنة انه لابد و ان‏يكون للصدق برهان و يكون برهانه غالباً علي برهان الباطل فنحن نتبع البرهان القوي فأي الطائفتين له برهان قوي نأخذ به و وجه اللطف تقوية برهان الحق و هو ثابت و ان لم‏يكن لطائفة برهان فلايتبع و كفي في قدحهم القول بغير برهان و اما بطلان مذهب العامة فلانحتاج الي ذكره.

و اما <شكوك القاصرين> فمراده الاخباريون و جمع من الاصوليين المنكرين للاجماع امكاناً او وقوعاً مطلقا او في زمن الغيبة او اطلاعاً عليه و مراده من الشكوك ما قالوا من لزوم الدور فان قول الامام لايعرف الا بقول القوم و حقية قول القوم لاتعرف الا بمطابقة قول الامام و من انهم ان قالوا بغير مستند فلاعبرة بقولهم و ان قالوا بمستند منقول فالعبرة به و غير المنقول فالعادة تمنع عنه و من عدم امكان الاطلاع لتفرق القوم و من الاخبار الدالة علي الرجوع الي الكتاب و السنة و من جواز الخطاء علي كل واحد فيجوز علي المجموع و من ان اكثرها خلافية و لا حاجة الي تطويل المقال بتفصيلها و كتب القوم بها متكفلة و جل مقصودنا بيان ما يستنبط من الاخبار من هذا العلم.

و قوله <و الاجماعات المنقولة> الي اخر فكل حملي مظنون او محض احتمال و الظن لايغني من الحق شيئاً. بالجملة دليله ان الاجماع حقيقة في مصطلح القوم فيحمل عليه لا علي المشهور و لا علي عدم الاطلاع علي المخالف و لو اراد الشيخ الاجماع اللطفي و لم‏ينصب قرينة لزم منه التدليس و الشيخ لايدلس فعند عدم القرينة يحمل علي مصطلح القوم و ماادري مصطلح القوم ما هو مع اختلافهم و لكل اصطلاح علي حسب اعتقاده و لما كان المنقول عن الشيخ اقساماً كان اللازم التوقف لا الحمل علي مصطلح القوم و ليس للقوم مصطلح واحد نعم يجمعها الكشف عن رضاء المعصوم مجملاً.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۷ *»

قالو في جواز تعارض الاجماعين المحققين مطلقا ام لا مطلقا ام علي بعض الطرق المذكورة دون بعض وجوه و اذا اتفقت الامة علي قولين مثلاً في مسألة او مسألتين بينهما قدر جامع ام لا ففي جواز الخرق اقوال و النسبة بينه و بين القول بعدم الفصل عموم من وجه ثم لو لم‏يحصل علي احد الطرفين دليل اجتهادي قطعياً ام ظنياً او فقاهي ففي التخيير كما عن الشيخ ام طرح القولين قولان ثانيهما عن بعض الاصحاب و لاريب في جواز اتفاق الفريقين بعد اختلافهما علي احد القولين بناء علي طريقة القدماء و المتأخرين و العامة و في جواز تعاكس شطريه وجهان اظهرهما ذلك سيما اذا جوزنا تعارض الاجماعين و الاجماع السكوتي ليس اجماعاً و اما حجية الشهرة و منقول الاجماع و الاجماع الظني و عدم الخلاف و حكم تعارض الشهرتين فستظهر ان شاء الله من بحث حجية الظن.

اقول: قوله <و في جواز> الي اخر اذا قلنا بالاجماع و بتحققه لا شك انه لا دليل علي كون كل اجماع علي طبق الحكم الواقعي الذي لايختلف بل يجوز ان‏يتحقق الاجماع علي الحكم الظاهري و لاشك ان الحكم الظاهري يمكن ان‏يختلف باختلاف الاعصار و الاوضاع فيمكن ان‏يحصل للفقيه في زمان اجماع محصل محقق ثم بعد زمان اذا راجع يحصل له اجماع بخلافه و لاغرو كماروي خذوا بالاحدث و قال ابوعبدالله7ارأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه فبأيهما كنت تأخذ قيل كنت اخذ بالاخير فقال رحمك الله فكما جاز اختلاف قوله7 مشافهة لرجل واحد في زمانين جاز حصول اجماع بخلاف الاجماع الاول و القلوب بيد مقلب القلوب.

قوله <و اذا اتفقت الامة> الي اخر اعلم اولاً انه رب شي‏ء يمكن وجوده عقلاً ولكن لايمكن وجوده عادةً ثم لوجوده العقلي اقتضاء ان وجد ولكن لايوجد عادةً فلايحصل ذلك المقتضي فمن ذلك انه لو اتفق جميع الفرقة علي شي‏ء لايتخطاهم الحق قطعاً ولكن لايمكن اتفاقهم عادةً بعد تكثرهم و ان فرض الاتفاق لايمكن الاطلاع علي جميع الفرقة عادةً و ان لم‏يمنع عنه العقل في الامكان العقلي و ما قلنا من امكان الاطلاع علي الضروريات فلأنا لانشترط في الضروري اتفاق الرجال

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۸ *»

و النساء و الحضري و البدوي و الجبلي و السهلي و هكذا فان الصلوة التي ليس شي‏ء ابده منها في الاسلام ليست هكذا و لايعرفها كل ذات تسع و كل ساكن في الجزاير و الجبال بالبداهة بل مرادنا بالضرورة الحد الذي يحصل القطع لكل معتن بدينه عايش في الاسلام او المذهب و ذلك امر ممكن و اما العلم باتفاق جميع اهل الاسلام فلا و ربك لايحصل عادةً ابداً و من قال غير ذلك فهو مكابر للبديهي فكم من منزو من اهل الاسلام في جزيرة لايطلع عليه الا الله و حججه و

 لله تحت قباب العرش طائفة   اخفاهم عن عيون الناس اجلالاً
ً

و كم من خامل في كسر لايعتني به احد و لايعرفه احد و ان عرفه لايعرف لسانه و لايمكن ذلك للسياحين الذين داروا حول الارض مرات فضلاً عن الجالس في كسر بيته له كتيبات عديدة عن امثاله و اقرانه.

بالجملة فعلية الاطلاع خيال فاسد و توهم كاسد ليست تمكن فاذ لم‏يمكن الاطلاع علي اقوال الجميع فكيف يمكن العلم بحصر الاقوال في القولين او ازيد فهو من الفروض الممكنة عقلاً و المحالة عادةً فقوله <اذا اتفقت> هو من الفروض الممكنة عقلاً فعلي فرض اتفاق الامة علي قولين في مسألة كأن يقول فرقة بحلية الشي‏ء و فرقة بحرمته او مسألتين بينهما قدر جامع كمسألة الغسل في وطئ الدبر التي مثلنا بها او لايكون بينهما جامع كمسألة القتل و البيع التي مثلنا بها سابقاً ففي جواز الخرق اقوال يعني في جواز احداث قول ثالث اقوال.

اما في المسألة و المسألتين بينهما جامع فلايجوز لان الفرقة المحقة اجتمعت علي هذين القولين و الحق لايتخطاهم قطعاً فالحق اما في هذه او في هذه و الثالث باطل قطعاً فلايجوز خرق الاجماع و قيل ان كان القول الثالث يرفع شيئاً متفقاً عليه لايجوز كما اذا وطئ المشتري البكر ثم وجدها معيباً فقيل يمنع الوطئ الرد و قيل يرد بالارش فالقول بانه يرد مجاناً خلاف المتفق‌عليه و ان كان لايرفع فلابأس به كما اذا قال بعضهم يفسخ النكاح بكل عيب و قال بعضهم لايفسخ بعيب فان قلت بالفسخ ببعض دون بعض لم‏تخرج عن المجمع‌عليه و لعله اقرب الي الصواب عملاً و هذا الاجماع مركب ما بقي الاشتباه علي حاله و اما اذا حصل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۳۹ *»

الرجحان لاحدهما انقلب اجماعاً بسيطاً و اما القسم الثالث و هو اذا كانت الفرقة علي قولين في مسألتين لا جامع بينهما فلعمري هذا خيال لاينطبق علي عقل و لا شرع و لا دليل عليه و لا داعي في احدهما الي الاخري و لا ذكر لاحديهما في الاخري و ليس الا محض خيال سخيف و رأي واه و ما ذكروا من الدليل ان بناء العقلاء علي ذلك محض كلام بلا معني و اي عاقل في الدنيا يزعم ذلك او يخطر بباله فعلي قولهم الاصل جواز العمل بما قوي في النظر الي ان‏يمنع عنه مانع.

قوله <و النسبة> الي اخر هذا علي عادتهم من استخراج النسب و لاحاصل له في الدين و الدنيا و الاخرة اما معني عدم الفصل فاحتملوا فيه ثلثة معان احدها ان‏يكون القوم متفقين علي حكم و متفقين علي عدم الفصل بينه و بين حكم اخر الا انه لايعرف لهم حكم معين كما لو لم‏نعلم حكم تزكية المسوخات فثبت تزكية الذئب منها لاجل ما دل علي تزكية السباع فح يحكم بجواز التزكية في جميع المسوخات و هو عندنا قياس محض و لايجوز و الاتفاق علي عدم الفصل ان كان من غير برهان من الكتاب و السنة غيرمسموع مع ان الاتفاق كما قلنا لايعلم و الاجماع في الامور غيرالمنصوصة غيرمحقق فهذا  كلام لا برهان عليه.

و ثانيها ان لايعلم اتفاقهم علي عدم الفصل ولكن لا مفرق من الاصحاب بينهما فان علم اتحاد طريق الحكم فهو كالاتفاق علي عدم الفصل كما اذا علمنا حرمة الخمر بقوله الخمر حرام لانه مسكر فمن حكم بحرمة الخمر قال بها في ساير المسكرات ايضاً للعلة المذكورة و من لم‏يحرمها مثلاً لم‏يحرمها لاتحاد الطريق في المسألتين فالطريق السكر و هو واحد في الخمر و غيرها و العرف يفهم عموم العلة

و ثالثها ان لايعلم اتحاد الطريق بينهما فمنهم من جوز الفصل عملاً بالاصل و منهم من منع لان الفرقة علي قولين و الامام معهماو بين الاجماع المركب و القول بعدم الفصل عموم من وجه يتصادقان في مثل ما اذا قال بعض القوم بجواز الفسخ للنكاح بكل عيب و قال بعض بعدمه بكل عيب و في مثل مسألة حرمة الخمر التي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۰ *»

مثلنا بها و يختص الاجماع المركب بما مثلنا به من قراءة سورة السجدة في الصلوة في بيان الاجماع المركب و يختص القول بالفصل بتزكية المسوخات التي مثلنا بها.

قوله <ثم لو لم‏يحصل> الي اخر يعني اذا اتفق القوم علي قولين و قطعنا بانتفاء الثالث مع انه كما بينا غيرممكن عادةً بل هو محض فرض عقلي فان دل علي احدهما دليل اجتهادي قطعي او ظني او فقاهي يؤخذ به كما في مسألة السجدة مثلاً او مسألة الفسخ بالعيوب فحينئذ يعود المركب بسيطاً لانه حصل العلم بان الامام ليس بداخل في الجماعة الاخري فهو في الجهة التي اختاره قطعاً و اما اذا لم‏يدل دليل علي ترجيح احدهما فمنهم من قال بالتخيير و لا دليل عليه و ما روي في الاخبار من التخيير فهو بين الخبرين و اما هنا فلا وجه الا في الاحتياط لقوله7 اذا اصبتم بمثل هذا فعليكم بالاحتياط حتي تسألوا و هو امر مشكل فالرد الي الله و الي رسوله و منهم من قال بطرح القولين و الرجوع الي الاصل و هو طرح لقول الامام القطعي اللهم الا ان‏يكون قول احدهما مطابقاً للاصل ولكن تعيينه لا دليل عليه و النجاة فيما ذكرنا من الاحتياط لما مر و للاصل.

قوله <و لاريب في جواز اتفاق الفريقين> الي اخر و ذلك ان الاجماعات يمكن ان‏تقع في الاحكام الظاهرية و هي تختلف فيمكن ان‏يكون الاختلاف لاجل التقية و من باب نحن اوقعنا الخلاف بينكم ثم اذا ارتفع التقية جمعهم كما روي عن ابي‏عبدالله7 الذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه و هو اعرف بمصلحة غنمه في فساد امرها فان شاء فرق بينها لتسلم ثم يجمع بينها ليأمن من فسادها و خوف عدوها في اثارها باذن الله و يأتيها بالامن من مأمنه و الفرج من عنده الخبر و كذا يجوز تعاكسهما بان‏يرجع كل طائفة الي قول الاخر و فرض هذه المسألة في عصر واحد و هو فرض عقلي يمتنع عادةً الاطلاع علي اقوال اهل العصر مع عدم وصول اخبار بعض الي بعضهم و انتشار كتبهم و ارائهم و لكثرتهم و تشتتهم بالجملة علي الفرض العقلي يمكن ان‏يبتلي كل طائفة ببلاء

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۱ *»

الاخري و يصير حكمه كحكم الاخري فيحولهم الامام الي ما يناسبهم.

قوله <و الاجماع السكوتي ليس اجماعاً> و قال في الضوابط ليس بحجة عندنا و عند محققي العامة مؤذناً بدعوي الاتفاق فاولاً ليس هو بعالم الغيب حتي يطلع علي جميع مذاهب الشيعة كما لم‏يطلع هنا و هناك من يقول انه اجماع و حجة في فرض المسألة و لو عقلاً مستدلاً بانه اذا قال احد من الشيعة او جمع بقول و اطلع الباقون علي قولهم و سكتوا و لم‏يدل دليل من الكتاب و السنة علي بطلان قولهم و لا دليل من العقل القاطع علي فساده فهو قول قدقيل بحضرة الامام7 و لم‏يردع عنه فهو كالسنة التقريرية فحينئذ الامام في جملة الساكتين عنه بعد الاطلاع علي قوله فالمتفقون علي السكوت و التقرير احدهم الامام7 فهو اجماع و منهم من يقول اجماع من باب اللطف كماعرفت و انا مصدق لاصل هذه القاعدة مؤمن بها الا اني اقول اذا قام رجل كوفي بحضرة الامام7 و قال الحكم في هذا الشي‏ء كذا و كذا فقال الامام7 لاتقبلوا قول كوفي كفي في ردعنا عن قبول قوله و النهي عنه و نحن متعلق نهي القبول سواء كان في الواقع كاذباً علي الامام او صادقاً فان كان كاذباً ينهاه الامام عن كذبه كيف شاء و لايجب ان‏نطلع نحن علي تكذيبه و نهيه عن الكذب في الواقع و في زمان يكفي في نهيه تعليمه الحكم كما يكفي في نهي شرب الخمر تعليم حرمة شرب الخمر و قدعلموا و اما ردعهم عن الشرب الخاص فلايجب اليوم فلوكان ذلك الكوفي كاذباً فقدنهوه عن الكذب بالنهي عن مطلق الكذب و نهونا عن قبول قول الكوفي بمطلق اخر اللهم الا ان‏يجي‏ء غير كوفي و يشهد به فنحن نقبل قول غير الكوفي و كذا لو قام شارب خمر معروف عنده و قال شيئاً ثم قال الامام لاتقبلوا قول شارب خمر لكفي في النهي عنه و لا حاجة الي ان‏يقول انه باطل و لايجوز ان‏يقال ان الامام قرره لانه لم‏يقل انه باطل اذ اعطاني اصلاً كلياً يتفرع منه فروع و نهاه مطلقا عن الكذب بتعليم حرمة الكذب.

و كذلك اذا قام رجل فاسق و قال شيئاً و قال الامام لاتقبلوا علينا حديث فاسق فانه يكفي في نهينا عن القبول هذا الاصل و ان كان في الواقع صادقاً او كاذباً

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۲ *»

فلا علينا اذ نحن مكلفون بالظاهر فان يك كاذباً فعلي الامام نهيه عن كذبه و قدفعل حيث نهي عن الكذب مطلقا و ان كان صادقاً فله اجره و ان قلت ان الله لم‏ينهنا عن قبول خبر الفاسق مطلقا بل امرنا بالتبين و سكوت الامام تقرير و هو من التبين قلت انه لم‏يسكت اما عنه فقد نهاه عن الكذب و اما عنك فقدقال لاتقبل قول الفاسق كما قال ابوعبدالله7 حيث قال في حديث فاما من ركب من القبايح و الفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلاتقبلوا منهم عنا شيئاً و لا كرامة الخبر فقبول خبر الفاسق من حيث نفسه منهي‌عنه فان ضم بعد به شي‏ء يخبر عن موافقة خبره للواقع فانت اخذ بخبر ذلك الشي‏ء لا بخبر الفاسق و الكلام في ان سكوت الامام عن تكذيبه بعد نهيي و نهيه مخبر عن صدقه ام لا و هو اول الكلام و لم‏يعلم انه من اللطف اظهار صدقه و كذبه اذ لم‏تكن كلفت بفهمه و كفاك نهيك و لعل صلاحك في التوقف كما تتوقف في الف مسألة فلايصير سكوت الامام شاهد صدق له و لا سكوت فانه اعطانا اصلاً و نهانا عن قبول قول الفاسق من حيث هو و يقول ابوعبدالله7 في حديث اضطروا بمعارف قلوبهم الي ان من فعل ما يفعلونه فهو فاسق و لايجوز ان‏يصدق علي الله و لا علي الوسائط بين الخلق و بين الله الخبر.

و كذلك وجدناهم صلوات الله عليهم قد نهونا عن قبول قول ليس له برهان سواءاً كان في الواقع صدقاً ام كذباً و انما تكليفنا في الظاهر ان لانقبل قول احد من غير برهان ثم ان ذلك القائل ان كان قائلاً بالرأي و الهوي فقد نهاه في الف حديث و كفي في ردعه و ان كان قائلاً بالسمع و النطق فله اجره و اما نحن فقد نهانا عن قبول قول لا برهان له من الله في احاديث متضافرة و كفي في ردعنا فلم‏يسكت الامام7 و لم‏يقرر و نهي عن المنكر باشد انكار اذا قال قائل قولاً بغير برهان و سكت الباقون تقريراً و ليس ذلك باجماع و لم‏يكن الامام في الساكتين كما اذا شرب احد بحضرة الامام خمراً و لم‏يقل الامام الخمر حرام ليس تقريراً بعد وضوح حرمة الخمر و اما نهيه عن الشرب فهو نهي اخر عن الفعل من باب النهي عن فعل عصيان الله و كذلك الامر هنا فلايحتاج الي نهي اخر بعد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۳ *»

وضوح حرمة القول من غير برهان.

قوله <و اما حجية الشهرة> اعلم ان الشهرة لغةً ظهور الشي‏ء في شنعة و وضوح الامر و انتشاره و في اصطلاح القوم هو ما انتشر بين فقهاء العصر او جميعهم بحيث يكون خلافه نادراً قليلاً و النادر لغةً هو الخارج من بين اشياء و في اصطلاح القوم هو ما قل القائل به و خرج عن الاكثر فلايتحقق شهرتان في عصر و يمكن حصولهما في عصرين و قداختلفوا في حجيتها فمنهم من قال بحجيتها ولكن في الرواية فانها بمنزلة التواتر و يحصل منها القطع العادي بصدور الخبر و يدل علي ذلك الحنظلية حيث يقول ينظر الي ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع‌عليه عند اصحابك فيؤخذ به من حكمنا و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك فان المجمع‌عليه لاريب فيه الخبر و المرفوعة المعروفة خذ بما اشتهر بين اصحابك و اترك الشاذ النادر فان المجمع‌عليه لاريب فيه فحكما8بان الخبر المشهور لاريب فيه و يحصل القطع العادي بصحة صدوره ولكن لايخفي عليك ان شهرة الرواية للترجيح ليست تحصل للمتأخرين لفقد الاصول المتعددة و انحصار الامر في الجوامع المعروفة و جميع ما فيها مشهورة بين المتأخرين و يرويها جميع فقهاء الشيعة عن مصنفيها و هي غير مفيدة شيئاً و الشهرة بين اصحاب الاصول غيرحاصلة لفقد الاصول فلايفرق بين المشهور و النادر و علي فرض الحصول لاريب في صحة صدور المشهور كما قالا8.

و اما الشهرة في الفتوي المحض من غير استناد الي كتاب و سنة فلاحجية فيه عندنا لقوله7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان و الظن الحاصل من الشهرة ليس بحجة لمائة اية في كتاب الله و الف و مأتي حديث وارد عن اهل العصمة سلام الله عليهم هذا و يحصل الظن اذا علم ان القوم لايعملون الا بالكتاب و السنة و اما اذا علم انهم قديعملون بمدارك لانري لها حجية من الكتاب و السنة و بالظنون الحاصلة منها فلايحصل ظن بان ما اختاروه هو مذهب ال‏محمد:.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۴ *»

و منهم من قال بحجيتها نظراً الي عموم لفظ الحديثين و بان اصحابنا عدول طالبون لمذهب ال‏محمد: فاذا اشتهر بينهم قول مع اختلاف ارائهم في المدارك حصل الظن بانهم لم‏يفتوا بذلك الا بعد وجدانهم مدركاً معتبراً من ائمتهم: و الظن حجة في الفروع و بان المناط في حجية الشهرة في الرواية عملهم بها فانهم ان رووا و لم‏يعملوا بها فهم فساق و حاشاهم فان عملوا بروايتهم فهي حجة لاجل عملهم بها فالمناط الفتوي و من هؤلاء من عده اجماعاً كاشفاً اذا لم‏يدل دليل علي رجحان النادر فان الامام7 لوكان مع النادر لاقام عليه حجة لاظهار الحق فاذ لم‏يقم دليلاً علي حقية النادر و قدامر بالاخذ بالمشهور فهو مع المشهور فاذا اهل الشهرة جماعة احدهم الامام7و لذلك سماه اجماعاً لاريب فيه.

و يردهم النافون بان اللفظ في الخبرين و ان كان عاماً الا انه عام في الروايتين لان الموصول الواقع بعد المحصور ظاهر فيه كما اذا قلت ضربني زيد بالسيف اضربه بالعصا او بالسيف فقيل لك اضربه بما ضربك به فيعني به اضربه بما ضربك به منهما و اذا قلت اي المسجدين اصلي فيه فقيل ما كان الاجتماع فيه اكثر فيعني به منهما لا كل ميدان او سوق او صحراء او خان او بيت و لو قلت اي الرمانين اكل فقيل ما كان اكبر فيعني به منهما لا كل بطيخ و دابوغة و شاة و بقر و جمل و حجر و هكذا هذا و الحنظلية صريحة الدلالة ناصة في الخبرين و اللام في المجمع‌عليه للعهد لما ذكر قبل و قد فهم زرارة من كلام الامام ما ذكرناه و لذلك قال ياسيدي انهما معاً مشهوران مرويان مأثوران عنكم و ان دارينا قلنا ان ما ذكرناه ان لم‏يكن هو الظاهر و هو الظاهر فلااقل من الاحتمال المساوي المانع من تعميم اللفظ في غير الخبرين.

و اما ما قيل من ان لفظة ما دالة علي العموم بشهادة التعليل الذي يعم الفتوي بالبداهة و لاجل ان الشهرة في الرواية وحدها لاترفع الريب ما لم‏تكن مفتي بها بين الاصحاب فاذا المدار علي الفتوي فنقول في الجواب عنه انه علي فرض صدق استدلالكم لايدل دليلكم الا علي ان الخبر المفتي به لاريب فيه و كما ان الخبر المشهور غير المفتي به مريب الفتوي المشهور من غير خبر ايضاً مريب

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۵ *»

فالتعليل دليل علي ان الخبر المفتي به لاريب فيه و اما كون المشهور بلاحديث حجة فلا دلالة فيه و قدذكرنا ان الظاهر من التعليل المجمع‌عليه الخاص لمكان اللام الظاهرة في العهد كما قدمنا فراجع و لو كان التعليل شاملاً للفتوي المحض لماعدل المشهور عن حجية المشهور.

و اما قولهم ان اصحابنا عدول فانا لاننكر عدالتهم و كذا لانقر بعصمتهم و لانعترف بصحة مسالكهم و مداركهم و نعاين منهم ما لانرتضيه من الاقوال فكيف اذا قالوا كلاماً من غير برهان نظن انه دين الله و انهم وجدوا مدركاً معتبراً و قدنري منهم انهم قديتركون المدرك و يعملون بما لانرتضيه فكيف نعمل بفتاويهم من غير برهان و نهينا عن اخذ قول ليس له برهان.

و اما قولهم ان المناط فتاويهم لا رواياتهم فلانسلم انهم اذا لم‏يعملوا بروايتهم صاروا فساقاً فان صحة الصدور غير صحة العمل فلربما يروي الراوي حديثاً يعتقد انه صادر من امامه ولكن يحسبه تقية و يعمل بما يحسبه غير تقية او بما هو ارجح في نظره و لربما نري ما حسبه تقية غير تقية و يرجح عندنا العمل به و رب حامل فقه الي من هو افقه منه هذا و الذي يقول ان المشهور اجماع و يعمل به انما يعمل به اذا لم‏يكن دليل علي بطلان المشهور و الدليل علي عدم جواز الاخذ بالمشهور اذا لم‏يكن له دليل قائم و هو قولهم دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان و الاخبار المتكاثرة في النهي عن اتباع الظن و امثال ذلك مما مر و يأتي فلايجوز العمل بالمشهور الذي ليس له برهان فان ذكروا لقولهم برهاناً فالنظر في البرهان هذا و الاخذ بالمشهور ان كان من باب حصول الظن مع انه لا ظن كيف يكون اجماعاً قطعياً و ان كان من باب الخبرين فهما عندهم لفظيان ظنيان ايضاً كيف يكونان دليل الاجماع مع ان الكلام في دلالتهما و المشهور عدم جواز العمل بهما في المشهور في الفتوي و اذا صار المراد الشهرة في الرواية فلافائدة في تسميته اجماعاً. ثم انهم قسموا الشهرة ثلثة اقسام فان القول المشهور اما مستند الي رواية ضعيفة و اما غير مستند و الثاني اما تكون معه رواية او لاتكون اما في حال الاستناد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۶ *»

فقالوا الخبر منجبر بالشهرة و لا كلام في العمل به اقول اذا عملوا بالخبر علي انه صحيح الصدور فهي رواية مشهورة قدامرنا بالاخذ بها و الا فلا فائدة في الظنون.

بالجملة و نزاعهم في غير المستند و قدعرفت الحال فيه و ستعرف ان شاء الله ان العمل بالظن ليس من دين الله و غاية ما يحصل من الشهرة الظن ان كانت في العاملين بالعلم فما ظنك بالشهرة في العاملين بالظن هذا و المشهور ما كان خلافه نادراً و معرفة ذلك فرع معرفة جميع اقوال الشيعة و ذلك محال و علم غيب و اما ما يسمونه مشهوراً فهو قول خمسة معروفين مثلاً عند المجتهد و النادر هو القول السادس و ليس عنده ازيد من اقوال عديدة و لعل هذا المشهور عند من لايعرفه نادر فان الخمسة عند الالوف نادر البتة ثم اختلفوا في تعارض مشهور القدماء و مشهور المتأخرين و هو نزاع لا حاصل له فان القدماء اصحاب الاصول قدانقرض اصولهم و لايعلم شهرتهم الا بنقل الشيخ و من بعده و هو غير مفيد و لاشهرة عند القدماء علي فرض ثبوتها الا شهرة رواية و بابها اليوم مسدود و اما شهرة المتأخرين فهي علي ما عرفت.

قوله <و منقول الاجماع> فالمراد بالاجماع المنقول ما لم‏يحصل لك بالاطلاع و انما اطلع علي الاجماع غيرك فاخبر عن نفسه اني حصلت الاجماع او اخبر عن غيره انه ادعي الاجماع فذلك بالنسبة اليك منقول و هذا النقل قديكون عن المحصل العام و قديكون عن المحصل الخاص و قديكون عن السكوتي و قديكون عن المركب و قديكون عن المشهوري و زعم القائلون بحجيته انه كالخبر فينقسم الي متواتر و احاد محفوفة بقرينة او غيرمحفوفة و صحيح و ضعيف و زعموا انه اقوي من الخبر لقطعية مفاده و قالوا ان المتواتر و المحفوف منه لا نزاع في حجيته و انما النزاع في غير المحفوف فمنهم من قال بحجيته تعبداً لاية النبأ و النفر و منهم من قال بحجيته من باب حصول الظن.

اما قولهم انه كالخبر فكلام سخيف جداً لان الخبر مناطه النطق و السمع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۷ *»

و لايقع فيه الاشتباه الا نادراً و الاجماع مناطه هذه الخيالات المختلفة و الاراء المتشتتة و الانس و العادة و الاستيحاش و الاستبعاد و اني و اني و نحن في عويل من اصل الاجماع فضلاً عن منقوله و اما التقسيم فهو فرع كونه كالخبر و ليس كالخبر و كذلك كونه اقوي من الخبر لاسيما اذا كان من غير مستند من الكتاب و السنة و اما انه لا نزاع في المتواتر فان اخبار جماعة عن ارائهم و اهوائهم و افهامهم ليس بمتواتر اذ كل واحد يخبر عما في نفسه و ليس الجماعة يخبرون عن علم الله و علم رسوله9 و كل واحد انما يخبر عما فهم سواءاً كان مطابقاً مع الواقع او مخالفاً و اما الاستدلال بالايتين فغريب فان مفادهما الاخبار الحاصلة عن النطق و السمع و اما القول بحجيته من باب الوصف فالكلام في العمل بذلك الوصف رأساً و ليس من دين الله اجماعاً قطعياً.

ثم ان المنقول يحتمل ان‏يكون من المشهور لانهم كثيراًما كانوا يطلقون الاجماع عليه و يحتمل ان‏يكون من المحصل العام و الخاص فان كان عن المحصل العام و علم يقيناً فكالمحصل و الا فلاحجية فيه اذ لعله اذا اطلع علي مأخذه المستوضح لم‏يثق بالجماعة و لم‏يحصل به العلم بدخول الامام او عرف المجهول فهو حجة لمحصله و يحتمل ان‏يكون من المركب و السكوتي و يشترط فيهما الفحص الشديد حتي يحصل العلم بعد و هو صعب غيرميسور لكل احد فلاحجية في هذه الاجماعات المنقولة.

ثم انهم ذكروا في حجيته شروطاً الاول ان لايدعي في المسائل المستحدثة كالمسائل الاصولية و الفروع البديعة التي لم‏تكن معروفة و الثاني هل يعتبر اذا لم‏يختر الناقل خلافه ام مطلقا الثالث هل يعتبر مطلقا ام ما لم‏يكن المعظم علي خلافه الرابع هل يعتبر مطلقا ام مع العلم بان المدعي غير قائل بالاجماع اللطفي المنقول عن الشيخ و ليس جميع ذلك بشي‏ء بعد ان لم‏يكن عبرة بقول جماعة ليس له في دين الله برهان.

قوله <و الاجماع الظني> و هو عندهم عبارة عن اتفاق جماعة يظن منه ان الامام داخل في الجماعة او يظن ان الامام راض بقولهم و هو غير الاجماع المشهوري

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۸ *»

فانه لايشترط فيه ذهاب المعظم اليه و كون المخالف نادراً بل مداره علي حصول الظن برضاء المعصوم و لو كان من اثنين و الظاهر ان اغلب اجماعات القوم من هذا القسم و حجية ذلك من باب حجية الظن فمن يجوز الظن في دين الله يعمل بهذه الظنون و الا فلا.

قوله <و عدم الخلاف> و المراد ان المجتهد يتجسس في الكتب الموجودة عنده فيري ان كل فقيه يقول في المسألة هكذا و ليس اتفاقهم بحيث يكشف عن دخول المعصوم فيهم الا انه لم‏يصادف احداً يقول بخلافهم فان حصل له علم فعليه ان‏يقول بلاخلاف او لا خلاف فيه او عند الجميع و امثال ذلك و ان حصل له الظن فعليه ان‏يقول لااعلم فيه خلافاً او لااجد و امثال ذلك و جعلوا مدار ذلك علي حصول الوصف فان حصل فهو و الا فلاحجية فيه و هو اعظم من الشهرة.

و لعمري هذه الاقوال مما يتحير العقول الباقية علي الفطرة فيها و يستولي عليها الضجر و الكسل عن‌العلم و ذلك ان من البديهيات ان ما كتب في الدنيا من الكتب لايحصي كثرة و لانعلم اسماء اكثرها و لامقرها فضلاً عن ان‏تكون عندنا و ان التي تجتمع عندنا معدودة مما لاتحصي و كذلك عدد علمائنا و افاضل اصحابنا و فقهائهم ممالايحصي كثرة و لايعرفهم و لايعرف اسماءهم و بلادهم الا الله و كم من بلد لم‏نسمع اسماءها فضلاً عن قبائل فيها فضلاً عن اسماء اشخاصها فضلاً عن ارائهم في المسائل الجزئية فمنهم من صنف و فقد و منهم من صنف و هو في اطراف الارض و منهم من وصل الينا كتبه و منهم من لم‏يصنف و منهم من لم‏يصنف في جميع الفقه و لربما يكتفي في ما يعتريه بحفظه او بكتاب بعض المشايخ حياً و ميتاً فالجالس في مكتبه و عنده ثلثة كتب او اربعة او عشرة كيف يطلع علي جميع ما لم‏يحضره و علي ارائهم و سكوتهم و توقفهم في المسألة و عدم توقفهم و تقيتهم و عدمها و

لله تحت قباب العرش طائفة   اخفاهم عن عيون الناس اجلالاً

فلرب علماء اجلاء زهاد عباد يعيشون في الجزائر او في المغارات او في المفاوز لايعلم بهم الا الله فكيف يتمكن العاقل من ان‏يقول لا خلاف في هذه المسألة و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۴۹ *»

اي حجية في قولهم لااجد فيه خلافاً و عدم الوجدان لايكون دليل عدم الوجود.

و ان قلت ان كنت انا طالب الحق و علي الامام الهداية فان كان هناك قول يعتبر فلابد و ان‏يعرفنيه فاذ لم‏يعرفنيه فلا قول معتبراً فعدم الوجدان دليل عدم وجود قول معتبر بعد ضم تلك القرينة قلت قولكم علي الامام الهداية فلا شك فيه و ان عليه الهداية انما انت منذر و لكل قوم هاد لكن متعلق الهداية مجهول و انا نري ان الامام لم‏يلتزم ايصال الرعية الي ما يحبون بل الي ما يري صلاح الرعية فيه كما قال الرضا7 لو انا اعطيناكم كل ما تريدون كان شراً لكم و اخذ رقبة صاحب هذا الامر فلربما يكون الصلاح في توقفهم فانهم ثلثوا الامر في اخبار متضافرة فلعل الامام7 يريد توقفك في المسألة فيسد عليك ساير الطرق فلايحصل لك القطع منها و معرفة الاقوال ايضاً من الطرق المسدودة و ليس كل ‌ما طلب الانسان وجده

لا كل ما يتمني المرء يدركه   تجري الرياح بما لاتشتهي السفن

و هذا اصل في جميع الموارد فلا كل ما حكمت به علي امامك يلزمه ان‏يعلمك و لا من اي طريق سلكت فيه و طلبت منه يوصلك الي ما تريد بل ما يري صلاح عبيده و امائه فيه و من طرق امر بسلوكها و اجله له و كفاك عدم ورود كتاب و سنة في الاكتفاء في دين الله بعدم وجداني الخلاف و ان عدم الوجدان دليل عدم الوجود و من البينات ان لله عزوجل في كل قضية حكماً موجوداً عند ال‏محمد: و انت لاتحده و كفاك ان كل شي‏ء موجود في الكتاب و السنة و انت لاتحده و انما جعل الله بعض حظ غير المعصومين التوقف فرقاً بينهم و بين حجج الله المعصومين سلام الله عليهم اجمعين و والله ليس شي‏ء عندي احوط و لا اوسع من رد جميع العلم الي ال‏محمد: و الاكتفاء بالنطق منهم و السمع من الرعية و هو قوله في الحوادث فارجعوا فيها الي رواة حديثنا و قوله اما انه شر عليكم ان‏تقولوا بشي‏ء ما لم‏تسمعوه منا.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۰ *»

قال: اصل في حجية الكتاب الكتاب قطعي السند في الجملة لكنه ظني الدلالة.

اقول: اعلم ان هذا اصل اخر من الاصول التي يستنبط منها الاحكام و لما كان مبدأ علم الاصول من العامة و هم تكلموا فيه علي مقتضي مذهبهم مع انقطاعهم عن ال‏محمد: عنونوا هنا ايضاً عنوانات و تكلموا فيها علي حسب مذهبهم ملاحظين فيه ما يشد به اركان مذهبهم فلماراجع بعض اصحابنا تلك الكتب و اطلعوا علي تلك العنوانات و المباحث قاموا يتكلمون غافلين انها لاتتمشي في مذهبنا و لانحتاج اليها ابداً و صار العامة اشد شي‏ء ولعاً بالاجماع و اثباته لان به يثبت خلافة ابي‏بكر و بالكتاب و اثبات حجيته جملةً و عدم تغيره و تبدله و تواتره و ثبوته لان بها يتحقق قول عمر بن الخطاب و يستقر مراده كما روي عن البخاري عن ابن‏عباس قال لما اشتد بالنبي صلي الله عليه وجعه قال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده قال عمر ان النبي غلبه الوجع و عندنا كتاب الله و حسبنا الخبر.

فلما عدلوا عن احد الثقلين ارادوا التمسك باحدهما مع انهما لايفترقان و لايجوز التمسك باحدهما و ترك الاخر فارادوا تسجيله وحده و الاستغناء به عن اهل‏البيت: فعنونوا عنواناتهم و بحثوا فيها فمنها ان الكتاب يجب ان‏يكون متواتراً فما كان من اخبار الاحاد فليس بكتاب و ارادوا بذلك نفي ما يروي و كان في ايدي الناس من الايات في فضل اهل البيت و فضايح القوم فقالوا هذا الكتاب المعروف متواتر و هو الكتاب و ما سواه احاد لاتفيد علماً و لا عملاً و ليس بكتاب و تواتر الخبر بحذف كثير من الالفاظ و الايات و السور و تحريفها عن ال‏محمد: و ان بعض اصحابنا لما راجعوا هذا العنوان غفلوا عن مكرهم و دسهم فاغتروا بادلتهم و زعموا ان ما بين الدفتين متواتر و انت تعلم ان القرءان كان ينزل علي النبي9نجماً بعد نجم الي ان توفي و لم‏يجمع في حيوته و كان عند كل مسلم ممن يرويه شي‏ء اية او ايات او سورة فمنهم من مات و لم‏ترو عنه و منهم من قتل و لم‏ترو عنه و منهم من روي و لم‏تقبل منه لانه لم‏يكن معه شاهد و منهم من روي و كان له

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۱ *»

شاهد فقبلت منه و لم‏يجمع القرءان في اوائل زمان ابي‏بكر الي اواخره كما يروونه ثم جمعه زيد بن ثابت بامر ابي‏بكر و عمر علي ما وصفنا و شرحنا في كتابنا تقويم اللسان في قراءة القرءان فينتهي الجميع الي زيد بن ثابت و الي الرجل الذي روي و شاهده نعم بعض السور و الايات كانت معروفة و كم من اية يرويها رجال علي اختلاف و لم‏يكن سورة اكثر دوراناً علي الالسن من سورة الفاتحة و قرأها عليهم النبي9 ثلثاً و عشرين سنة في كل صلوة مرات فلما ذهب9 جعلوا من رواياتهم لها هكذا و هي مروية عن الحسن البصري و غيره الحمدَِ لُِله ربَِ العالمين الرحمن الرحيم مَلِْكِ يوم الدين هيّاك نعبد ويّاك نستعين ارشدنا السبيل المستقيم سبيل الذين انعمت عليهمي سوي المغضوب عليهمي و الا الضالين فقرأوا الحمد بفتح الدال و كسر اللام من لله و روي ضم الدال و اللام و روي بكسر الدال و قرأوا رب العالمين بنصب الباء و روي ملك يوم بكسر اللام و روي بسكونها و روي بفتح الكاف و روي عليهم بضم الهاء و روي عليهموا و روي عليهمي و روي عليهم بضم الميم بغير اشباع و روي من انعمت عليهم و روي غير المغضوب بالنصب و قري‏ء غير الضالين فما ظنك بساير الايات التي ما كانت تدور علي الالسن.

ثم كتب عثمان سبعة كتب و سماها ائمة و ارسل الي الافاق و امر الناس بقراءتها و مدارستها و نهاهم عن غيرها و جمع عماله ما كان عند الناس من سور و ايات مكتوبة ما يقرب اربعين الف كتاباً و ارسلوها اليه فاحرقها جميعاً لئلايختلف الامة في الكتاب بعد فشاع و ذاع علي ما تري و هذا هو تواترهم و هذا هو الكتاب الذي حسبهم من دون العترة الطاهرة و يشهد بما ذكرنا ما روي عن الحسن بن علي7 انه ذكر حديثاً طويل الذيل بحضرة معاوية و قال فيه ان عمر ارسل الي ابي اني اريد ان‏اكتب القرءان في مصحف فابعث الي بما كتبت من القرءان فاتاه فقال تضرب والله عنقي قبل ان‏يصل اليك قال و لم قال لان الله تعالي قال والراسخون في العلم اياي عني و لم‏يعنك و لا اصحابك فغضب عمر ثم قال يا ابن ابي‏طالب تحسب ان احداً ليس عنده علم غيرك من كان يقرؤ القرءان شيئاً فليأتني به فاذا جاء رجل فقرأ شيئاً معه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۲ *»

يوافقه فيه اخر كتبه و الا لم‏يكتبه ثم قالوا قدضاع منه قرءان كثير بل كذبوا والله بل هو مجموع محفوظ عند اهله الخبر و في حديث احتجاج علي7 علي القوم في زمن عثمان قال طلحة لعلي7يا اباالحسن شي‏ء اريد ان‏اسألك عنه رأيتك خرجت بثوب مختوم فقلت ايها الناس اني لم‏ازل مشتغلاً برسول الله9بغسله و كفنه و دفنه ثم اشتغلت بكتاب الله حتي جمعته فهذا كتاب الله عندي مجموعاً لم‏يسقط عني حرف واحد و لم‏ار ذلك الذي كتبت و الفت و قدرأيت عمر بعث اليك ان ابعث به الي فابيت ان تفعل فدعا عمر الناس فاذا شهد رجلان علي اية كتبها و اذا لم‏يشهد عليها غير رجل واحد ارجاها فلم‏يكتب فقال عمر و انا اسمع انه قد قتل يوم اليمامة قوم كانوا يقرءون قرءاناً لايقرؤه غيرهم فقدذهب و جاءت شاة الي صحيفة و كتاب يكتبون فاكلتها و ذهب ما فيها و الكاتب يومئذ عثمان و سمعت عمر و اصحابه الذين الفوا ما كتبوا علي عهد عمر و عثمان يقولون ان الاحزاب كانت تعدل سورة البقرة و ان النور نيف و مائة اية و الحجر تسعون و مائة اية فما هذا و ما يمنعك يرحمك الله ان‏تخرج كتاب الله الي الناس و قدعهد عثمان حين اخذ ما الف عمر فجمع له الكتاب و حمل الناس علي قراءة واحدة فمزق مصحف ابي ‏بن كعب و ابن مسعود و احرقهما بالنار الخبر.

و قال ابوعبدالله7 خرج عبدالله بن عمر و عمرو بن العاص من عند عثمن فلقي اميرالمؤمنين7 و قال له ياعلي بتنا الليلة في امر نرجو ان‏يثبت الله هذه الامة فقال اميرالمؤمنين7 ان‏يخفي علي ما بتم فيه حرفتم و غيرتم و بدلتم تسعمائة حرف ثلثمائة حرفتم و ثلثمائة غيرتم و ثلثمائة بدلتم فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله الاية انتهي.

فهذا هو القرءان المتواتر و ماادري انه متواتر عمن عن الله او عن رسوله او عن خلفائه: او عن المحرفين الراكبين سنن اليهود المحرفين الكلم عن مواضعه فاراد اتباع الثاني في تسجيل قوله فقالوا ان الكتاب ما هو متواتر لتوفر الدواعي الي نقله و ارادوا ستر هذه الفضيحة و هذا دليل باطل لانه لو توفر الدواعي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۳ *»

الي نقله لم ‏احتاج الاولون الي شاهد و لم خفي ايات كثيرة عن الناس برواياتهم و نصوصهم و لم اخفي اميرالمؤمنين كتابه لو كان موافقاً لما هو في ايدي الناس و كما يتوفر الدواعي بنقل الكتاب يتوفر الدواعي بنقل السنة فلم لم‌يتواتر كل السنة و لم ليس في ايدي العامة من احاديث النبي9 في جميع الدين بقدر ما في ايدي الشيعة من احاديث الصلوة فلم لم‏يحفظوا باقي سنته أ قصر عن ادائها او اداها و لم‏يحفظوا و لم‏يعتنوا و كذلك امر الكتاب.

بالجملة قال القوم اقوالاً و اتبعهم بعض اصحابنا غفلةً فاين قطعية سند الكتاب و فيه كل هذه الاختلافات و قدروي عن ابي‏جعفر7 لولا انه زيد في كتاب الله و نقص منه ماخفي حقنا علي ذي‏حجا و لو قدقام قائمنا و نطق به صدقه القرءان و قدذكرنا اخباراً عديدة في شواهد ما قلنا في كتابنا الكبير فصل الخطاب.

فقول المصنف <الكتاب قطعي السند في الجملة> ان اراد ان في هذا الكتاب آياً مجهولة يقينية الصدور فلا فائدة فيه و ان اراد ان القرءان جملةً و نوعاً كتاب محمد9فنعم و لا فائدة فيه و ان اراد ان جواهر الفاظه قطعية الصدور و ان كان فيها قراءات مختلفة فليس كذلك لماعرفت و لاافهم كيف هو قطعي السند في الجملة و اي فائدة في هذا القطع و علي هذا السنة ايضاً قطعي السند في الجملة فانها صدرت عن النبي9 و خلفائه: في الجملة ولكن الصادر اليقيني اي حديث هو و هل هو محرف ام لا فليس بمعلوم فاذا لا فرق بين الكتاب و السنة بوجه و جميع الكتاب الا ما شذ و ندر اخبار احاد في الصدر الاول و ان تكثرت الرواة في الاواسط و الاواخر و كذلك السنة فانها اخبار احاد في الصدر الاول ثم تكثرت الرواة و جمعت في الجوامع و تعددت النسخ و سعوا في التصحيح و رووها بالاجازات و هي محفوظة في الجوامع المصححة فلا فرق بين القرءان و الاحاديث عند العاقل اللبيب الناظر علي بصيرة من غير استيناس بكلام الناس نعم قدوقع الاجماع القطعي الذي لاخلاف فيه و صدرت نصوص عن اهل البيت: انه يجب علينا في زمان غلبة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۴ *»

الجهال و دول الضلال ان‏نقرأ هذا القرءان تعبداً و نرجع اليه متواتراً كان او احاداً باقياً علي تنزيله او محرفاً زايداً او ناقصاً و نقرءه كما علمنا حتي يجيي‏ء من يعلمنا و يأتي بكتاب جديد هو علي العرب شديد فهذا الكتاب الذي عندنا بين الدفتين هو المعمول به اليوم قطعاً جزماً كايناً ما كان.

و اما قول المصنف <ظني الدلالة> فليس علي اطلاقه بل علي ما افصل فمنه مقطوع الدلالة يعرفه كل من عرف العربية يعني علي حذو ساير كتب العالم و اشعارهم و خطبهم و تواريخهم و مكاتباتهم فكما يقطع بمداليل الفاظها عادةً من غير وسوسة يقطع بمدلول تلك الايات عادةً ان لم‏يكن النفس ذات وسواس فانا نري ان الرجل يبلغ من الوسواس مبلغاً لايستيقن بان يده اغتمست في الماء حين الاغتماس و هو محسوس بالعين فماظنك بالمدركات الذهنية و كذلك ترون ان الرجل ربما يرتمس في الماء الغزير لغسل واحد مائة مرة و لايستيقن انه ارتمس فماظنك بالمطالب العقلية التي غلب عليها الوساوس الخيالية و منه مظنون الدلالة لايكاد يستيقن بمعناه الانسان.

و اعلم ان اليقين و الظن امران قهريان لايدفعان اذا نزلا في قلب امرأ و لايجلبان اذا امتنعا و لا معني للاستدلال بان هذا اللفظ قطعي الدلالة او ظني الدلالة فانه ان كان يقطع بمدلوله طبعاً و قهراً فهو قطعي الدلالة و الا فهو ظني و استدلال القوم علي ان الكتاب و السنة قطعي الدلالة او ظنيها مما يضحك الثكلي و الذي يشهد بصدق ما قلنا و نجد في انفسنا و الحمدلله قول ابي‏عبدالله7 ماكان الله ليخاطب خلقه بما لايعقلون و قال في حديث اخر ماكان الله عزوجل ليخاطب خلقه بما لايعلمون و قال الرضا7 في حديث في اسماء الله تعالي و الدليل علي ذلك قول الناس الجايز عندهم السايغ و هو الذي خاطب الله عزوجل به الخلق فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة الخبر.

و اعلم ان القرءان نزل علي ما يعقله العرب فهو عربي مبين يعرف العرب جميع الفاظه و معانيها و معاني عباراتها بلا شك و لاريب و هذا القدر يكفيهم في معرفة عجزهم عن الاتيان بمثله فانهم اذ قاسوا به كل كلام عرفوا انه افصح و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۵ *»

ابلغ و اكمل ولكن القرءان كتاب علم و فهم علم الكتاب غير فهم عباراته و الفاظه و ليس ما يعرفه العرب تفسيراً و لا تأويلاً بل و لا معني فانك لو سألت العرب ما معني قال يقول قال اي قال و ليس عنده ازيد منه و لو قلت له ما معني كان يقول اي كان و الذي يقدر علي ترجمة الالفاظ بالفاظ اخر و حدود هو العالم بعلم اللغة و هو علم برأسه و ليس كل العوام يقدرون علي ذلك في اي لسان كان و علم اللغة علم مستقل يحتاج الي كسب و مهنة فالعرب يفهم الفاظه و عباراته من غير علم زايد علي نطقه بالعربية و ماوراء ذلك من التحقيقات من مراتب العلم للعلماء فمنهم من يعلم صرفه و منهم من يعلم نحوه و منهم من يعلم بيانه و منهم من يعلم معانيه علي حسب العربية و منهم من يعلم ما فيه من الصنايع البديعية و منهم من يعلم ما فيه من ساير العلوم الغريبة و منهم من يعرف ما فيه من الحكمة و الكلام و الفقه و الاحتجاجات و امثالها فجميع العلوم الظاهرية الادبية يمكن لاهل الادب فهمه فانهم اهله كل في علمه و كذلك الحكيم في حكمته و الفقيه في فقهه و هكذا الاتري ان كتاب شرح اللمعة عربي يعرف العرب جميع الفاظه و عباراته و لايقدرون علي تبيينه و تفسيره و شرحه و درسه و يعرف الصرفيون صرف كلماته و النحويون اعراب كلماته و اما ما فيه من الفقه فهو مجهول عليهم اذ فهم ما فيه من العلم و تحقيق المطلب هو شأن الفقيه العالم بعلم الفقه و هو غير عربية الالفاظ فان قلت ان شرح اللمعة علي لسان العرب و يعرفونه صح و ان قلت انه لايعرفه الا الراسخ في علم الفقه صح و كذلك ساير الكتب العلمية في اي لسان كان علي هذه الصفة و القرءان كتاب علم و اي علم فاعلم انما انزل بعلم الله و ان لا اله الا هو تبياناً لكل شي‏ء و لارطب و لايابس الا في كتاب مبين فاذا كان علي هذه الصفة فلايعلمون المراد من كلماته و عباراته الا الراسخون في العلم و هم ال‏محمد: و كما يتدرج ارباب الفهم في فهم كتاب شرح اللمعة فمن كان له فقه قليل يعرف ظواهر فقهه من العبارات و من كان له مهارة اكثر يعرف اكثر من الاول و يلتفت الي اللطائف و الاشارات و من كان له اطلاع ازيد من ذلك يعرف منه اكثر فيعرف المسألة و دليلها و وجه دلالتها و يفرع عليها فروعاً

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۶ *»

و يستخرج منها اموراً و مسائل لم‏تذكر فيه بخصوصها و من كان له ضرس قاطع يعرف اكثر من الاولين و يعرف ظواهره و خوافيه و يحيط بما فيه و يلتفت الي مواضع سهوه و خطاه و تركه الاولي و الاحسن في الاداء و يذكر ما هو الاحسن و الاولي و كذلك يتدرج فهم العلماء في القرءان فان تجاوزت عن رتبة العرب الذين يعرفون الالفاظ و العبارات دون ما يتضمنه من العلم فالناس فيه علي درجات فكل يعرف علي قدر درجته و لايحيط بجميع ما فيه الا محمد و ال‏محمد: انظر كيف اجتمع الاخبار علي ما ذكرت بلا غبار فما روي ان علم القرءان عند ال‏محمد: حق لامرية فيه و هو ما ذكرنا و ما روي من العرض علي الكتاب فهو علي المحكم القطعي الدلالة علي المسألة العلمية و الا في العربية كلها قطعي الدلالة الا قليل و ما روي من التدبر في القرءان فلزيادة الفهم في اشاراته و نكاته مثل ساير الكتب كلما تزداد من مطالعتها و مدارستها و قراءتها و التفكر فيها تزداد علماً بها و تعتمد دائماً علي ما حصل العلم به منها كذلك القرءان حرفاً بحرف و ما روي من الحث علي التمسك بالقرءان و العمل به فهو مما لا شك فيه يجب التمسك به و ملازمته والعمل بما حصل العلم به منه لا بما بقي متشابهاً مشكوكاً من حيث المسألة العلمية التي يستنبطه العالم من كتاب العلم بالجملة لو احطت خبراً بما ذكرنا لوضعت كل حديث موضعه و حمدت الله و عرفت ان القوم لم‏يحلوا المسألة تحليلاً تاماً حتي يظهر خوافيها و يتبين ما فيها و تكلموا فيها من غير ان‏يحلوها حلاً تاماً فهم في القال و القيل كمثل العميان و الفيل كل نظر الي جزء منه و قاس عليه ما بقي منه فنحن نذكر هنا من كل نوع احاديث تبركاً ليظهر لك شواهد ما شرحنا و اوضحنا ببركات سادتنا سلام‏الله‏عليهم.

فعن الرضا عن ابائه: قال قال الله عزوجل ماامن بي من فسر برأيه كلامي انتهي وقدعرفت معني التفسير و كذلك ساير ما ورد بهذا المضمون و قال رسول الله9 في حديث ان الله انزل علي القرءان و هو الذي من خالفه ضل و من يبتغي علمه عند غير علي هلك انتهي لاشك في ذلك و ذلك

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۷ *»

كأن تقول اذا انحصر الامر في تقليد الشهيد شرح اللمعة كتاب من خالفه ضل و من ابتغي علمه عند غير الفقيه هلك و لابد و ان يقرء علي الفقيه فبعد ما قري‏ء علي الفقيه حصل من تعليمه العلم بمعاني شرح اللمعة فيقلده و ان كنت قدتلمذت عند ذلك الفقيه برهة فلربما تعرف بعض مسائل شرح اللمعة بسبب انسك بالفقه و اما كله فلابد من الدرس ما لم‏تبلغ رتبة الفقيه الكامل.

و كتب الحسين بن علي7 في جواب اهل البصرة اما بعد فلاتخوضوا في القرءان و لاتجادلوا فيه و لاتتكلموا فيه بغير علم فاني سمعت جدي رسول الله9 يقول من قال في القرءان بغير علم فليتبوء مقعده من النار انتهي فلاشك ان القرءان كتاب علم و لايجوز التكلم في حل علومه الا للعلماء و هم ال‏محمد: و قال اميرالمؤمنين7 ما من شي‏ء تطلبونه الا و هو في القرءان فمن اراد ذلك فليسألني انتهي و ذلك لا شك فيه لانه العالم بجميع العلوم الذي يحتوي عليه القرءان كما قال7 ان علم القرءان ليس يعلم ما هو الا من ذاق طعمه فعلم بالعلم جهله و بصر به عماه و سمع به صممه و ادرك به ما قدفات و حي به بعد اذ مات فاطلبوا ذلك من عند اهله و خاصته الخبر و قال7 في حديث اتقوا الله و لاتفتوا الناس بما لاتعلمون الي ان قالوا فما نصنع بما خبرنا به في المصحف فقال يسأل عن ذلك علماء ال‏محمد صلوات الله عليهم و قال7 في حديث ان الله قسم كلامه ثلثة اقسام فجعل قسماً منه يعرفه العالم و الجاهل و قسماً لايعرفه الا من صفا ذهنه و لطف حسه و صح تمييزه ممن شرح الله صدره للاسلام و قسماً لايعلمه الا الله و ملائكته و الراسخون في العلم و انما فعل ذلك لئلايدعي اهل الباطل من المستولين علي ميراث رسول الله9 من علم الكتاب ما لم‏يجعله الله لهم و ليقودهم الي الاضطرار الي الايتمام بمن ولي امرهم فاستكبروا عن طاعته انتهي و ذلك شاهد ما قدمنا من الكلام.

و اعلم ان هذه الاقسام طبقات تفسير جميع ايات القرءان لا ان كل قسم في اية كما زعم من اراد جمع الاخبار فللقرءان جميعه طبقة تفسير و علم لايعلمه الا هم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۸ *»

و له طبقة يعرفه ذوواالبصاير و له طبقة يعرفه العالم و الجاهل اي الجاهل بالعلوم المقتصر علي النطق بالعربية وروي ان علياً7 مر علي قاض فقال أتعرف الناسخ من المنسوخ قال لا قال هلكت و اهلكت تأويل كل حرف من القرءان علي وجوه انتهي و ذلك ان معرفة الناسخ من المنسوخ امر كسبي سمعي من العالم به و لا شك ان جميع الناسخ و المنسوخ عندهم و ان علم ببعضه غيرهم اخذاً من رسول الله9 فمن لم‏يأخذه منهم فقدهلك اذا قضي و افتي و قال7 في وصية له عليك بقراءة القرءان و العمل بما فيه و لزوم فرايضه و شرايعه و حلاله و حرامه و امره و نهيه الخبر و لا شك في ذلك و لاريب ولكن الجاهل يجهل القرءان قهراً و لايمكن له العمل بمجهوله قهراً و كذا لايمكنه العلم بما فيه من العلوم الا بالتعلم فعليه بالتعلم ثم العمل به كما اذا قلت لك عليك بالعمل بشرح اللمعة و انت لاتفهمه قهراً فمعناه ان اقرأ علي فقيه و حصل العلم بمعناه ثم اعمل به.

و قال ابوعبدالله7 انما يعرف القرءان من خوطب به انتهي و ذلك ايضاً لا شك فيه فان القرءان كتاب علم حكمة و فقه غير ساير ما يحتوي من العلوم و هذان العلمان قدجاء بهما النبي9 و هو العالم بهما علي نحو الكمال و كل من تعلم في الاسلام منهما شيئاً فقدتعلم منه و لم‏يتعلم جميع علمه الا آله: فكما انه يعرف شرح اللمعة الفقيه دون العرب يعرف القرءان من خوطب به يعني محمد9 ثم من علمه محمد9 و قال في حديث فانما علي الناس ان‏يقرأوا القرءان كماانزل فاذا احتاجوا الي تفسيره فالاهتداء بنا و الينا انتهي و ذلك علي طبق ما قدمنا  و قيل له في حديث و ما يكفيهم القرءان قال بلي لو وجدوا له مفسراً قيل و ما فسره رسول الله9 قال بلي قدفسره لرجل واحد و فسر للامة شأن ذلك الرجل و هو علي بن ابي‏طالب انتهي و ذلك هو ايضاً قهري لانه لم‏يرو عن رسول الله 9 تفسير جميع آي القرءان فضلاً عن جميع ما يحتوي عليه من العلوم فلم‏يفسره للناس و انما فسره لحامل علمه و ينبغي اخذ ما تجاوز عن فهم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۵۹ *»

العرب و فهم ارباب البصاير منهم سلام الله عليهم.

و اذا عرفت نوع هذه الاخبار و معانيها فاعلم انه قدورد وجوب الاخذ بمحكم الكتاب و رد متشابهه اليه و ان المتشابه ما يلتبس علي الانسان من معني الكتاب فلايدري هل هو مراد الله عزوجل ام لا و قديكون اسباب التشابه لفظية كأن يكون لفظ له معان عديدة لايدري ايها المراد و تراكم القرائن وتعارضت فاشتبهت واشتباهها عن عمد من الناطق جل‌وعز ليضطروا الي الرجوع الي الراسخين و لايقولوا حسبنا كتاب الله و قالوا بعد اتمام الحجة و قديكون التشابه من جهة النسخ فلايدري هل نسخ ام لا و قديكون التشابه من جهة العموم و الخصوص فان من القرءان ما لفظه عام و معناه خاص و ما لفظه خاص و معناه عام و قديكون التشابه من جهة المخاطب فان من القرءان ما ظاهره الخطاب لقوم و معناه لقوم اخرين من باب اياك اعني و اسمعي يا جاره و قديكون التشابه من جهة الاختلاف و التنازع فيه فكل قوم يفسره علي وجه و قد يكون التشابه من جهة الاطلاق و التقييد كما مر في العام و الخاص و قديكون التشابه من جهة العلم الذي شرحه  فانك اذا لم‏تعلم مثلاً معني الصلوة بمسائلها لاتعرف معني اقيموا الصلوة اي معني الصلوة و قديكون التشابه من جهة غموض العلم و علو درجته فربما معني الاية ايمان و تحسبه كفراً و تعرض عنه او كفر و تحسبه ايماناً و تأخذ به كما روي لو علم ابوذر ما في قلب سلمان لكفره و امثال ذلك فوجوه متشابهات القرءان كثيرة و قدشرحها ابوعبدالله7 في حديث طويل رواه في البحار عن النعماني و اوردنا موضع الحاجة منه في فصل الخطاب فراجعه و ذكر مواضع الحاجة منه علي بن ابراهيم في اول تفسيره فراجعه ان شئت و من راجعه ايس من تفسير الكتاب علي حسب الانظار الناقصة و يعلم ان طبقة من تفسير القرءان متشابهة علي كل احد.

بالجملة المتشابه ما التبس عليك مراد الله منه من اي جهة كان فذلك مما يجب رده الي الراسخين في العلم و اما المحكم فهو المتقن من كل جهة يعني لفظاً و وضعاً و نزولاً و مراداً و علماً بحيث تعلم علماً يقينياً ان المراد منه هذا و لا تنازع فيه و لا اختلاف في فهم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۰ *»

المراد منه و لا في رواية تفسيره عن العلماء فذلك لايكون الا بعد العلم من علماء القرءان و هم من نزل القرءان في بيتهم و علمهم الله معناه اذ هم يعلمون الناسخ و المنسوخ و العام و الخاص و ساير ما في رواية النعماني و بدون معرفتها لايصير محكماً و لايعرفها سواهم فان شئت قل المحكم هو النص و ان شئت قل هو ما اخذ من ال‏محمد: فجميعها واحد و يرجع الي شي‏ء واحد بحول الله و قوته فلنذكر بعض ما روي في هذا المعني.

فسئل ابوعبدالله7 عن القرءان و الفرقان أهما شي‏ء واحد فقال القرءان جملة الكتاب و الفرقان المحكم الواجب العمل به انتهي و منه عرف ان المحكم يجب العمل به و ذلك بعد ما اخذ عن اهله و لا شك فيه و ان لم‏يؤخذ من اهله يكون من حيث العلم متشابهاً و ان كان من حيث اللفظ واضحاً و قال7 ان القرءان فيه محكم و متشابه فاما المحكم فنؤمن به و نعمل به و ندين الله به و اما المتشابه فنؤمن به و لانعمل به و هو قول الله فاما الذين في قلوبهم زيغ الاية و قال ابوجعفر7 في حديث فالمنسوخات من المتشابهات و الناسخات من المحكمات و سئل ابوعبدالله7 عن المحكم و المتشابه فقال المحكم ما يعمل به و المتشابه ما اشتبه علي جاهله الي غير ذلك من الاخبار و لاتعارض بين وجوب العمل بالمحكمات و بين ما مر ان علمها عند ال‏محمد: كما عرفت.

و اما ما روي من العرض علي الكتاب فذلك ايضاً مما لا شك فيه و لاريب يعتريه و ذلك ان من القرءان محكم لا اختلاف في ان معناه المراد لله سبحانه هذا لا غيره و منه متشابه و فيه اختلاف و لايعلم المراد منه فالمعرض للاخبار المحكمات المجمع‌عليها المعروض عليها كل شبهة لا المتشابهات التي فيها تنازع و اختلاف من حيث نفس الكتاب او من حيث الروايات الواردة في تفسيرها بحيث يشتبه علي الناظر معناها فترجع تلك الاخبار ايضا الي ما مر و يكشف عما ذكرنا ما روي عن اميرالمؤمنين7 من كتابه الي الاشتر و اردد الي الله و رسوله ما يضلعك من الخطوب و يشتبه عليك من الامور فقدقال الله سبحانه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۱ *»

لقوم احب ارشادهم ياايها الذين امنوا اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم فان تنازعتم في شي‏ء فردوه الي الله و الرسول فالراد الي الله الاخذ بمحكم كتابه و الراد الي الرسول الاخذ بسنته الجامعة غيرالمتفرقة.

و قال موسي بن جعفر7 في حديث مر في الاجماع فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و ما لم‏يثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له الخبر فتبين و ظهر ان اخبار العرض ايضاً موافقة لما ذكرنا و ليس كل اية ظاهرة في معني غير بالغة حداً لا اختلاف فيه معرضاً بل هو مما فيه التنازع و يجب رده الي الله و رسوله.

و اما اخبار التدبر و التفكر و الاتعاظ به و الاعتبار والسير في ارض ما فيه فاعلم ان من بركات محمد و ال‏محمد: ان اغلب ايات القرءان من حيث مطابق مع ضرورة الاسلام بل الملل بل العقول فهو مجمع‌عليه و يجوز الرجوع اليه و العمل به و التدبر فيه من حيث انه مجمع‌عليه و اما من حيث الاجمال فانت تتفكر فيه لعلك تنال من اشارات الكتاب او ايات الافاق و الانفس و العقول و لطائف الاثار فلا ضرر فيه و ليس تفسيراً بالرأي البتة فلاتعارض بين هذه الاخبار و الاخبار السالفة و الحمدلله و هذه الاخبار قد اعجزت الاخيار عن جمعها و قدمنحنا الله اياه لوتدبرت في ما قلنا بنظر الانصاف.

و لي هنا كلام اخر و هو ان النبي9 قال في اخر خطبته اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي اهل بيتي لن‏يفترقا حتي يردا علي الحوض الخبر فاطلق القول في عدم افتراقهما فيشمل جميع الوجوه و العامة فرقوا بينهما فقالوا نؤمن ببعض و نكفر ببعض و قالوا حسبنا كتاب الله و لانريد ان‏تكتب كتاباً في حقية العترة و افتراض طاعتهم فالواجب علينا ان

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۲ *»

لانفرق بين الكتاب و بين العترة ابداً فلايجوز لنا الاستناد الي الكتاب في مسئلة من المسائل من دون العترة فان كانت الاية ضرورية فنحن نقول بوجوب العمل بها لان العترة في اهل الضرورة و لاحجية في الضرورة من حيث هي و لانعمل بالكتاب من دون تصديق العترة فان الكتاب نزل عليهم و هم اعلم به و يجب ان‏يؤخذ بتفسيرهم فضروريات الكتاب و محكماته حق لتصديق العترة و تصديق النبي المعروف بالضرورة فنحن لانعرف معانيها و لانعمل به من حيث انه كتاب و نعرف ما نعرف منه بتصديق الحجج سلام الله عليهم و لانستقل بالعمل بنصوص الكتاب منقطعة عن الحجج كالسني و لانفرق بين الكتاب و العترة علي حسب التشيع ان شاء الله و اما المتشابهات فلانعمل بها الا بعد الرد الي المحكمات و الي الحجج فنعمل بما صدر عنهم و جميع الكتاب لايخلو من هذين القسمين كما اخبر الله سبحانه عنه منه ايات محكمات هن ام الكتاب و اخر متشابهات فما كان متفقاً عليه هو محكم و ما كان مختلفاً فيه هو متشابه و ليس بين النفي و الاثبات منزلة فنحن لانعتبر نصاً و ظاهراً من حيث اللفظ بل نعتبر الاتفاق و الاختلاف فلو كانت الاية نصاً ولكن اختلفوا في انه منسوخ ام لا هو متشابه او اختلفوا في انه عام ام خاص فمن حيث المراد فهو متشابه و ان كان من حيث اللفظ نصاً و كذلك نعمل به اذا كان من حيث اللفظ ظاهراً و يحتمل غيره الا انه قدقام الاجماع علي ان المراد منه هذا و هو باق غير منسوخ ولكن القوم رضوان الله عليهم اتبعوا المفرقين في عنواناتهم و تحقيقاتهم فاذاً ان شئت فقل علم الكتاب كله عند ال‏محمد: و نحن لانعرف منه حتي قول قل هو الله احد فهو من حيث المعني متشابه بالنسبة الينا فان مدار التشابه ليس علي دلالة اللفظ من حيث تفاهم العرب و العرف لاخبار متواترة و ان شئت فقل نحن نعمل بالمحكمات و نرد المتشابهات اليها و الظواهر من غير اتفاق و من غير تصديق الحجج متشابهة فان القرءان كتاب علم غامض و لانعرف منه شيئاً من دون تفسير النبي و الوصي8.

بالجملة قول المصنف <ظني الدلالة> يعني من حيث انها الفاظ و لها احتمالات شتي فالكتاب ظني الدلالة من حيث اللفظ عندهم و لي في الظن تحقيق انيق هو

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۳ *»

بمباحث الظن اليق و اولي فانتظر حتي نكتبه في محله ان شاء الله و قدكتبناه في ساير كتبنا لاسيما علم اليقين و لو راجعت ذلك الكتاب عرفت ان قوله ان الكتاب ظني الدلالة ليس علي اطلاقه بل منه نصوص قطعية الدلالة من حيث اللفظ و ما يريد منه اهل اللسان و منه ‏ظني الدلالة من ذلك الحيث ثم من تلك الظنيات ما يصير قطعياً باسباب اخر و من تلك القطعيات ما به يصير ظنياً باسباب اخر و سيأتي ان‏شاء الله زيادة بيان في ذلك.

قالو لو قيل ان خطابه شامل للمعدوم و يقبح الخطاب بما له ظاهر و ارادة خلافه بلاقرينة و لازم المقدمتين قطعية الدلالة لدفعناه بمنع عموم الخطاب و بمنع عدم القرينة بعد اختلاف لسان المشافه و المعدوم و وحدة الخطاب و لااقل من احتمال كونه قرينة فلا قطع.

اقول: قوله <و لو قيل> هاهنا محل كلمة ان بحيث العربية لا لو فان القائل بهذا القول موجود و يقول به ثم الاستدلال علي قطعية دلالة القرءان بشمول الخطاب و قبح ارادة الخلاف عجيب غريب فان القطع امر قهري ان كان دلالته موجبة للقطع توجب و ان عجز الناس عن وجهه و ان كانت لاتوجب فهو ايضاً قهري و ان دل الف دليل علي انه يجب ان‏يكون دلالته قطعية فالمستدل اخطأ في استدلاله و الدافع اخطأ في دفعه بمنع عموم الخطاب كما قدمنا في مبحثه.

و اعلم ان المنع لايكون دليلاً الا ان‏يكون له دليل و وجه فان القائل ان قال الشمس طالعة و قال الخصم نحن نمنع طلوع الشمس و هي طالعة يسفهه الناس و كذلك اذا كنت تعلم سفر زيد و الخصم لايدري منه شيئاً و قلت ان زيداً قدسافر فقال الخصم انا نمنع ذلك من غير وجه و اطلاع و دليل و مانع من ذلك فهو سفه من القول فمحض المنع ليس بكاسر دليل المدعي الا ان‏يكون مقروناً بدليل  فقول المصنف بمنع عموم الخطاب ليس بكاسر دليل الخصم و قدعرفت مما تقدم ان خطابات الله عامة واما منع عدم القرينة كمنع سفر زيد بلا بينة و لا برهان و علي لغتهم للخصم ان‏يقول الاصل عدم القرينة.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۴ *»

و قوله <من احتمال كونه قرينة> فيه عجمة و لااعرف للضمير مرجعاً.

بالجملة الاستدلال و المنع كلاهما واهيان و نحن لانقول انه قطعي الدلالة من حيث اللفظ بكله و لاظني الدلالة بكله كما سيأتي في السنة ان شاء الله بل فيه ايات دلالتها علي ظاهر العربية قطعية و ايات علي ظاهر العربية ظنية و لانستغني بهما عن ال‏محمد: و لانستقل بالعمل بهما من دون تفسيرهم علي ما سمعت فتدبر.

قالثم الحق حجية الظن الحاصل منه من باب الظن الخاص لا المطلق و لا عدم الحجية و ذلك لاطباق المسلمين قديماً و حديثاً علي العمل بظواهره و نصوصه و احتجاج اصحاب الائمة دائماً به في رد الخصوم و اطباق اصحابنا علي الافتاء بالعمل به فتأمل و لبناء العقلاء عليه و الاجماعات المحكية و الاخبار البالغة حد التواتر كاخبار عرض المتعارضات عليه و خبر الثقلين و ابن‏الزبعري و ما ورد في اية التقصير و لان خطابه متعلق بالمشافه و ظاهره حجة لقبح ارادة خلافه بلا قرينة و الاخبار الناهية لاتصير قرينة كما ستعرف و نحن اذا علمنا بما كان ظاهراً للمشافه و لو بضميمة الاصول العملية فقدعلمنا بحكم الله سبحانه بعد ادلة الاشتراك في الحكم مع التأيد بقوله تعالي أفلايتدبرون القرءان و كل واحد من هذه الادلة او مجموعها يفيد القطع بالحجية و لو تمسك الخصم بما دل علي حرمة التفسير بالرأي و علي ان علم القرءان عند اهل الذكر و علي انه محرف فيحتمل اختلاف ايات الاحكام لقلنا ان العمل بالظواهر لايعد تفسيراً بالرأي و ان علم الكتاب عند اهله و نحن لاندعي العلم مع ان الظاهر منه علم المتشابهات و البطون و النقص علي فرض تسليمه مجمع علي عدمه في خصوص ايات الاحكام و اما قوله تعالي لايعلم تأويله الخ فليس للخصم التمسك به الا الزاماً و جوابه ان التأويل غير العمل بالظاهر.

اقول: قوله <ثم الحق> الخ اشارة الي ما وقع فيه الخلاف بين المسلمين فالعامة علي حجية الكتاب الا ما اشتبه و لم‏يعلم المراد منه لان شيخهم قال حسبنا كتاب الله

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۵ *»

و اما الخاصة فالمجتهدون منهم قالوا كما قال العامة ان نصوص القرءان و ظواهره حجة و بعدهما لايبقي الا المتشابهات و لازم هذا القول انا في تلك المسائل لانحتاج الي امام و حجة و نكتفي بالكتاب و انما نحتاج الي الامام فيما ليس في محكم الكتاب بل صرحوا به و اما الاخباريون فقالوا نحن لانفهم من القرءان شيئاً الا ما ورد تفسيره من اهل البيت: و من العلماء من وقف بين الموقفين فقال في النصوص كالمجتهدين و قال في الظواهر كالاخباريين ثم المجتهدون الذين قالوا بحجية النصوص و الظواهر اختلفوا في ان الظواهر المظنونة الدلالة حجيتها من باب حجية الظن الخاص او من باب حجية الظن المطلق نظراً الي ان الكتاب مخصوص بالمشافهين و ظنهم به كان حجة عليهم و نحن نثبت حجية ما نفهم منها بادلة اخري عقلية فالمصنف اختار حجية الظنون الحاصلة من الكتاب من باب الظن الخاص لقيام الاجماع و ورود الاخبار علي وجوب الرجوع الي الكتاب و السنة و العمل بما فهمنا منهما و ليس من باب الظن المطلق بان‏يكون ما فهمنا منه من اسباب حصول الظن بحكم الله كبعض الادلة العقلية مثلاً فهو حجيته من باب اندراجه تحت الظن المطلق و الظاهر ان مراده من قوله <و لا عدم الحجية> يعني ليس ذلك من باب ان الكتاب بنفسه ليس بحجة و انما هو من باب الوصف بل يجب الرجوع اليه تعبداً و هو حجة.

ثم العجب من المصنف و اضرابه انهم يقولون ان الظن الحاصل من الكتاب حجة و لايحصل لهم ظن من مائة اية من كتاب الله في تحريم العمل بالظن و يخصصونها و يأولونها من غير دليل حتي يعملوا بالظن و المرد الي الله.

قوله <و ذلك لاطباق المسلمين> الي اخر شرع المصنف في الاستدلال علي مراده باطباق المسلمين و هو علم غيب هذا و اما العامة فهم يعلمون و شأنهم و اما الشيعة فهم مختلفون كيف علم اطباقهم قديماً و حديثاً و جميع القدماء يحرمون العمل بالظن مطلقا و جميع الاخباريين يحرمون العمل بالظن و علي قولكم المتأخرون منهم  يحرمون العمل بالكتاب من غير تفسير من ال‏محمد: و قدذكرنا سابقاً ان طريقة هؤلاء ان‏يذكروا الفاظ الدليل بعد المطلب

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۶ *»

سواء كانت في محالها ام لا و باحتجاج اصحاب الائمة كيف علم بخمسة احاديث او عشرة من اصحاب الائمة انهم استدلوا باية ان جميعهم كان‏يعملون كذا و كيف علم انه كان ظاهراً عند من استدل به و لم‏يكن له قرينة يقطع بها او لم‏يكن سمع من امامه تفسيره او جادل العامة علي حسب طريقتهم كل ذلك خرص و اغلب طبايع الناس هكذا اذا رأي احد نصرانياً مثلاً يصلي و لو كان اجهلهم بالصلوة يقول ان النصرانية يصلون هكذا و لعل البواقي بريئون من صلوته و كذا باطباق اصحابنا و لعمري لايعلم منهم الا اقل قليل من كثير كيف ادعي الغيب و عرف الاطباق و ببناء العقلاء عليه و هؤلاء ان كانوا فقهاء علماء فقدذكرهم و اما ساير العقلاء فمتي صار عملهم في تفسير القرءان حجة يستدل به و متي صار قولهم في حجية ظواهر القرءان حجة و بالاجماعات المحكية و هي اجماعات منقولة لا حجية فيها غاية الامر انها كالخبر و تعارض الاخبار الناهية عن العمل بالظن المتجاوزة حد التواتر الموافقة للكتاب المخالفة للعامة و الرجحان لتلك الاخبار و باخبار العرض و قدعرفت ان الائمة:جعلوا المعرض الايات المجمع‌عليها و لا كلام فيها لا المختلف فيها و بخبر الثقلين و هو عليه لا له فهو نص في انهما لايفترقان و يجب ان‏يؤخذ الكتاب عنهم و الفرق هو القول بحسبنا كتاب الله و لو في بعض المسائل و بخبر ابن‏الزبعري و هو كما عرفت حاله سابقاً و انه ماعرف معني الاية حتي سأل النبي9 و بما روي في اية التقصير و هو صريح في ان زرارة ماعرف معني الاية حتي اوقفه الامام و ان الاية لم‏تكن علي ظاهرها و بان خطابه متعلق بالمشافه الي اخر العجب من المصنف و ليس بعجب ان بين انفاً دليل الخصم بقبح ارادة الخلاف بلا قرينة فمنعه و دفعه و هاهنا استدل بما دفعه هناك و ذلك من باب ما ذكرت من ان القوم يستدلون بالفاظ الادلة سواءاً كانت في مواقعها ام لم‏تكن و قال و الاخبار الناهية لاتصير قرينة ارادة غير الظاهر كما قيل.

قوله <و نحن اذا علمنا> الي اخر اراد دفع ماعسي ان‏يقال ان القرءان مخصوص بالمشافهين فقال القرءان و ان كان ظاهراً خطاباً للمشافهين ولكن ان عملنا به و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۷ *»

علمنا بما كان ظاهراً للمشافهين و لو بضميمة الاصول العملية و بعد ادلة اشتراك الغائب و المعدوم مع المشافهين كالاجماع المحقق و المنقول و النصوص و بناء العقلاء و الاستقراء كما مر عملنا بحكم الله و علمنا ثم تأيد ذلك بقوله سبحانه أفلايتدبرون القرءان لاجل ان التدبر فرع الفهم و زعم انه ليس بدور لانه تأيد به و يحصل منه الظن و من تراكم الظنون يحصل القطع.

قوله <و لو تمسك الخصم> الي اخر و لفظة لو ليس في محلها و ينبغي ان‏يقول ان تمسك الخصم فان الخصم يستدل بهذه الادلة فزعم انه ان استدل بالايات الناهية عن التفسير نقل له ان الظواهر ليست تفسيراً لانه كشف الخفيات و ان استدل بالاخبار الدالة علي ان علم القرءان عندهم نقل ان العلم عندهم و نحن نعمل بالظن و يضحك من هذا الجواب الثكلي قال <مع ان الظاهر منها علم المتشابهات> و لعمري الاخبار مطلقة و هذا القول محض قول في مقابل قولهم من غير اصل و ان استدل بالتحريف قلنا قام الاجماع علي انه لا نقص في ايات الاحكام و لعمري ذلك محض قول متي قام الاجماع و متي صار الاجماع في هذه الخلافات المستحدثة حجة و قدانكرتها انفاً و كفاك انه قيل لعلي7 قوله تعالي و ان خفتم الاتقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء و ليس يشبه القسط في اليتامي نكاح النساء و لا كل النساء ايتاماً قال7 فهو مما قدمت لك ذكره من اسقاط المنافقين من القرءان و بين القسط في اليتامي و بين نكاح النساء من الخطاب و القصص اكثر من ثلث القرءان و قال ابوعبدالله7 ان في كتاب الله عزوجل فيما انزل الله و لله علي الناس حج البيت في كل عام من استطاع اليه سبيلا و قال7 انما نزلت فما استمتعتم به منهن الي اجل مسمي فاتوهن اجورهن فريضة انتهي و هي من ايات الاحكام و كأن القوم منقطعون عن ال‏محمد: لايراجعون الاخبار و يأخذ بعضهم عن بعض كما اخذ اوائلهم عن الاولين.

قوله <و اما قوله تعالي لايعلم تأويله> الي اخر اراد ان‏يسد الطريق علي خصمه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۸ *»

فقال لايجوز له ان‏يستدل بهذه الاية الا ان‏يريد محض الالزام الظاهري فانا نقول ان التأويل في المعاني الباطنة و نحن نعمل بظاهره.

و اعلم بعد كل هذا القال و القيل ان هذا التنازع قليل المنفعة جداً فان اغلب ما في القرءان من النصايح و المواعظ و العبر و الاوامر بالعدل و الاحسان فمما يشهد به جميع العقول السليمة و ضرورة الشيعة بل الاسلام بل الملل بل العقلاء و المعصوم فيها فهو مفسر لها و ما فيه من القصص و حكايات السالفين فيشهد به اثار الحجج سلام الله عليهم الواردة في التواريخ و لاسيما و اغلبها مجملات معروفة بين اهل السير و وردت بها الاخبار و ما فيه من فضائل الحجج و مكارم خصالهم و علو مقاماتهم فالاخبار في ذلك اكثر من ان‏تحصي و اوفي من ان‏يستقصي و ما فيه من التوحيد و البرزخ و المعاد فقدملأ العالم اخبارهم سلام الله عليهم بتفصيلها و حلها و شرحها و ما فيه من مجملات الفقه كلها متواترة ضرورية من بديهيات الاسلام و ما فيه من بعض التفاصيل فقد منّ ال‏محمد: علي شيعتهم و بينوا و شرحوا و فصلوا  كما في الزيارة فعظمتم جلاله و اكبرتم شأنه و مجدتم كرمه و ادمنتم ذكره و وكدتم ميثاقه و احكمتم عقد طاعته و نصحتم له في السر و العلانية و دعوتم الي سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة و بذلتم انفسكم في مرضاته و صبرتم علي ما اصابكم في جنبه و اقمتم الصلوة و اتيتم الزكوة و امرتم بالمعروف و نهيتم عن المنكر و جاهدتم في الله حق جهاده حتي اعلنتم دعوته و بينتم فرائضه و اقمتم حدوده و نشرتم شرايع احكامه و سننتم سنته و صرتم في ذلك منه الي الرضا الزيارة.

و قال علي7 في خطبة له و خلف فيكم ما خلفت الانبياء في اممها اذ لم‏يتركوهم هملاً بغير طريق واضح و لاعلم قائم كتاب ربكم مبيناً حلاله و حرامه و فرايضه و فضائله و ناسخه و منسوخه و رخصه و عزايمه و خاصه و عامه و عبره و امثاله و مرسله و محدوده و محكمه و متشابهه مفسراً جمله و مبيناً غوامضه بين مأخوذ ميثاق علمه و موسع علي العباد في جهله الخبر و قد مر و قال فاطمة3 في خطبتها فيكم عهده قدمه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۶۹ *»

اليكم و بقية استخلفها عليكم كتاب الله الناطق و القرءان الصادق و النور الساطع و الضياء اللامع بينة بصائره منكشفة سرايره متجلية ظواهره مغتبط به اشياعه قايد الي الرضوان اتباعه مؤد الي النجاة اسّماعه به تنال حجج الله المنورة و عزائمه المفسرة و محارمه المحذرة و بيناته الجالية و براهينه الكافية و فضائله المندوبة و رخصه الموهوبة و شرايعه المكتوبة الي ان قالت فهيهات منكم و كيف بكم و اني تؤفكون و كتاب الله بين اظهركم اموره ظاهرة و احكامه زاهرة و اعلامه باهرة و زواجره لايحة و اموره واضحة قدخلفتموه وراء ظهوركم رغبةً عنه تريدون ام بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا الخطبة.

فتبين ان اغلب ظواهر الكتاب مفسر بديهي قدحمل رسول الله9 الخلق عليه و ان بقي اية في جزئيات الاحكام فقدورد فيه اخبار عديدة عن ائمة الانام حتي ان لقائل ان‏يقول لم‏يبق حكم بين الشيعة يحتاجون فيه الي الكتاب و لايكون فيه نص عن الائمة الاطياب سلام الله عليهم فاغلب الكتاب اما مفسر و اما مجمع‌عليه و ان بقي اية تكون من حيث متشابهة فالمرد فيها الي الله و رسوله9 و اليهم سلام الله عليهم و ليست بمعرض قبل الرد لانها متشابهة و بعد الرد ان كان الاخبار متعارضة كما قدمنا هنا و شرحناه في ساير كتبنا و لو احطت خبراً باطراف ما رسمناه استغنيت و لا قوة الا بالله عن جميع تحقيقاتهم و يعلم ان اصل النزاع في حجية ظواهر الكتاب بعد هذا البيان الوافي يتمشي علي مذهب العامة فانه ليس في ايديهم من احاديث النبي9 ما يكفي عشر اعشار الدين فارادوا استنباط الاحكام من الكتاب و كتابهم غير مفسر و كتابهم غير مشروح فاحتاجوا الي تلك المزخرفات و اما كتابنا و الحمدلله مشروح مفصل واضح قائم عليه شارح عليم حكيم بجميع ما فيه محيط بظاهره و خافيه ادام الله ظله علي رءوسنا و اقر عيوننا برؤيته ظاهراً مشهوراً ان‌شاءالله.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۰ *»

قالاصل في الكلام علي السنة السنة لغةً الطريقة و اصطلاحاً علي ما ذكروه قول المعصوم او فعله او تقريره و لعل المراد من القول اعم من مثل الكتب و الاشارة و من الفعل اعم من الترك و الحديث ما تحكي السنة و النسبة بينهما عموم من وجه و نقل السنة الي المعني المصطلح من نقل المناسب الي المناسب لا الكلي الي الفرد و المنقول اليه احد الامور لا كل واحد منها للاصل و النقل تعيني للغلبة.

اقول: اعلم ان في بعض نسخ النتايج قدم علي هذا الاصل اصلين و هما اصل دفع الضرر و اصل نفي العسر و الحرج و في بعضها اخر و لما كان تأخيرهما انسب و التقديم في غير محله اخترنا هنا مطابقة النسخ التي اخرا فيها.

فيقول <السنة لغةً> الي اخر اعلم ان السنة بالضم لغة الطريقة مأخوذة من السنن كسبب و عنق و صرد بمعني الطريق و سنة الله اي طريقته فان كانت في الايجاد فهي صفة ايجاده او في معاملته مع خلقه في مجازاتهم في الدنيا و الاخرة فهي صفة معاملته او في هدايته خلقه فمنها امره و نهيه و حكمه و ارشاده و سنة النبي9 طريقته في ارشاد الامة للامر و النهي او الفعل الوجودي و التركي او تقريره و ذلك ان السنة في اللغة الطريقة و السيرة و السيرة الطريقة و الهيأة و الحالة فالفعل و التقرير يدخلان في السيرة يقال سار بسيرته اي استن بسنته هذا و المراد بالطريقة ليس طريق الارض و انما هو طريق السلوك في الاخلاق و الاحوال فالقول و الفعل و التقرير كلها من الطريقة لغةً فلفظة السنة جرت علي حسب اللغة و ليست منقولة من مناسب الي مناسب.

و قول المصنف <علي ما ذكروه> يشعر بتأمله في ذلك كما يشعر كلامه في الضوابط و ليس محل تأمل فانها كلها طريقة و سيرة و هيأة و حالة و قال في الضوابط من معانيها اللغوية و قديراد منها المستحب و هو اشتباه و العرب لايعرفون مستحباً و انما هو اصطلاح شرعي نعم قديختص في الشرع بما جاء به النبي9 سواءاً كان واجباً او مستحباً كما قال علي7 السنة سنتان سنة في فريضة الاخذ بها هدي و تركها ضلالة و سنة في غير فريضة الاخذ بها فضيلة و تركها الي غير خطيئة و روي عن ابي‏عبدالله7

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۱ *»

في رسول الله9 من رغب عن سننه الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض الله انتهي فخصت الفريضة بما فرضه الله و السنة بما اتي به النبي9 فمنها موجبات و منها مستحبات و فضائل.

قوله <و لعل المراد> الي اخر لا بأس به و لم‏يكن يحتاج الي قول لعل.

قوله <و الحديث ما تحكي السنة> يعني ما حدث به الرواة و حكوا من قوله او فعله او تقريره.

قوله <و النسبة> هذا من غزارة علم القوم ان‏يستخرجوا النسب فما حدث الراوي عن السنة هو محل اجتماعهما و ما حدث عن قول غيرالمعصوم و فعله و تقريره او ثبت السنة بدليل اجماع او مشاهدة او غيرهما هما محل افتراقهما.

و قول المصنف <ما يحكي السنة> خطاء فان نفس قول المعصوم حديث و لذا سمي الائمة: كلامهم بالحديث كما روي عن ابي‏عبدالله7 نفس المهموم لظلمنا تسبيح و همه لنا عبادة و كتمان سرنا جهاد في سبيل الله ثم قال يجب ان‏يكتب هذا الحديث بماء الذهب فالحديث اعم من قول نفس المعصوم او ما حكي الرواة من قوله او فعله او تقريره.

قوله <و نقل السنة> الي اخر الكلام فيه كما عرفت في النقل بل هو استعمال في فرد من الافراد كالمدينة.

و قوله <و المنقول اليه> الخ يريد ان النقل من اللغة لاحد الامور الثلثة لا الي كل واحد لان الاصل اتحاد النقل و هو اصل لا اصل له في الامور الخارجية الواقعية كما قدمنا مكرراً و كل واحد من الثلثة سنة النبي و طريقته و لعله يريد من احد الامور القول وحده و هو باعث تأمله في كون السنة الثلثة.

قوله <و النقل تعيني> و قدذكرنا انه لا نقل من مناسب الي مناسب و انما استعملت في معناها اللغوي الا انه خص بغلبة الاستعمال عند اهل الشرع بهذه الثلثة و المندوب كالمدينة في خصوصيتها الان بمدينة الرسول فهو من باب استعمال الكلي في بعض الافراد لا النقل من مناسب الي مناسب هلا قال الاصل عدم النقل مطلقا و استعمالها في بعض افراد معناها هو الاصل علي مذاقهم.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۲ *»

قالثم الخبر المرادف للحديث اما متواتر و هو ما يفيد العلم بسبب كثرة المخبرين بحيث يمتنع تواطؤهم علي الكذب عادةً استقلت الكثرة في افادة العلم ام انضمت الي القرائن الداخلة فتعريفه بانه خبر جماعة يفيد العلم بنفسه لايطرد لدخول خبر ثلثة افاد العلم بضم القرائن الداخلة فانه لايسمي متواتراً اصطلاحاً و لايدفعه اشتراط الكثرة في بعد التعريف لان ذلك جزء مفهومه لا شرطه الخارجي و لاينعكس لعدم صدقه علي خبر جماعة كثيرين افاد العلم لا بنفسه بل بضم القرائن الداخلة فتأمل او غيرمتواتر و هو ما ليس كذلك و ان افاد العلم بقرينة خارجية ثم المتواتر اما يفيد القطع باللفظ و لو اجمالاً او بصدق المضمون او بهما و كذا الواحد المحفوف بقرينة قطعية.

اقول: قوله <الخبر المرادف> يريد به ان الخبر قديطلق و يراد به المرادف للحديث كما قدمنا و قديطلق و يراد به ما جاء عن غير المعصوم و قيل باختصاصه بما جاء عن غير المعصوم فعلي معني المرادفة الخبر اما متواتر و هو لغةً المتتابع او مع فترات من الازمان و في الاصطلاح عرفه المصنف بما عرفه في المتن و هو ما يفيد العلم بسبب كثرة المخبرين بحيث يمتنع تواطؤهم علي الكذب عادةً استقلت الكثرة في افادة العلم ام انضمت الي القرائن الداخلة و كان الاحسن ان‏يقول هو خبر لان لفظة ما اعم و منهم من عرفه بانه خبر جماعة يفيد العلم بنفسه فقال هذا لايطرد فان الحد يشمل خبر الثلثة اذا افادت القطع و ليس بمتواتر.

قوله <و لايدفعه> الي اخر لم‏افهم قوله <في بعد التعريف> ما يصنع بلفظة في هنا و في بعد مغناة عنها لانه ظرف بالجملة يريد ان البحث الذي قلنا وارد علي المعرف و ان شرط الكثرة ضمن الشروط التي يشترطونها في التواتر و هي امور منها عدم كون المخبرين ظانين بالمخبربه و كان مستند ظنهم امراً واحداً بل لابد اما من كونهم عالمين او ظانين باسباب مختلفة و منها ان لايخبروا بما يمتنع عادةً الا من ذي‏معجز فانه لايمتنع منه عادةً و منها كون علمهم مستنداً الي الحس و منها عدم كون السامع مسبوقاً بشبهة او تقليد يؤدي الي عدم الاعتقاد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۳ *»

بمضمون الخبر و منها تساوي الطبقات و ينبغي ان‏يراد من التساوي التساوي في افادة العلم لا في العدد و منها كثرة المخبرين بحيث يمتنع تواطؤهم علي الكذب و هذا بأخذه في التعريف اولي من اخذه في الشروط لان ذلك جزء مفهومه لا شرطه الخارجي و يرد عليه بحث اخر و هو انه اذا كان هذه الشروط شروط خارجة لافادته العلم فليس خبر الجماعة يفيد العلم بنفسه بل بانضمام شروط خارجية.

قوله <و لاينعكس> يعني ان المحدود اعم من حدهم فان خبر جماعة يفيد العلم بضم القرائن الداخلة متواتر و لايصدق عليه الحد.

قوله <او غيرمتواتر> الي اخر يعني ما اخبر به واحد او اكثر ولكن لايفيد بنفسه و لو بضم القرائن الداخلة بل لايفيد اليقين او يفيد بضم القرائن الخارجة فهو غيرمتواتر.

قوله <ثم التواتر> الي اخر يعني يفيد القطع بصدور لفظ الخبر من المخبرعنه او صدور معناه او بهما معاً اما التواتر اللفظي من الاخبار فقدذكر العامة منه حديث من كذب علي متعمداً فليتبوء مقعده من النار و حديث انما الاعمال بالنيات و لم‏يثبت و اما التواتر المعنوي فهو في اخبارنا كثيرة و الحمدلله و كذلك الخبر الواحد بواسطة القرائن الخارجية ثم ان العامة في علم الدراية سموا الاخبار بواسطة اختلاف المتون و الاسناد باسماء لاحاصل لها بوجه من الوجوه و امثالها غاية علوم العامة و من تبعهم.

قالفما كان من هذه الاقسام الستة مقطوع اللب فلا كلام في حجيته لان العلم حجة لكل احد في كل مقام من اي سبب حصل اي مرتبة كانت من مراتب العلم في اي زمان كان قبل الفحص ام بعده و ما كان منها مقطوع اللفظ فهو من الظن الخاص المقطوع حجيته للاجماع عليه و ماينكر حجيته احد عدا ابن‏قبة (فيحتمل انكاره لذلك طريان الدليل علي عدم جواز التعبد بالواحد من استلزام

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۴ *»

تحليل الحرام و عكسه فيه خ) فانحصر النزاع في قسم سابع خارج عن الستة و هو الواحد الذي لا قطع بصدوره و لا مضمونه و لما كان هذا فرداً من افراد الظن فالاحسن طرد الكلام في حجية مطلق الظن و عدم حجيته.

اقول: يعني بالاقسام الستة المتواترة المقطوع اللفظ او المقطوع المعني او هما معاً و الاحاد التي هي كذلك فهذه ستة فما كان من هذه الستة مقطوع اللب اي المراد و المعني فلا كلام في حجيته لان العلم حجة مطلقا كما فصل و كأن القوم غفلوا عن معني قوله و لاتأكلوا مما لم‏يذكر اسم الله عليه و انه لفسق مع انه قال فلينظر الانسان الي طعامه و ما روي يعني الي علمه عمن يأخذه فلايستندون الي شي‏ء من الاخبار و يكون بياناتهم عن محض الاعتبار و اما نحن فلم‏نتعود ذلك و الحمدلله فنقول قال الله سبحانه و لاتقف ما ليس لك به علم و مفهومه جواز قفو ما لك به علم و هو بظاهره مفهوم وصف و باطنه مفهوم شرط و قال ابوعبدالله7 قال رسول الله9 من عمل علي غير علم كان ما يفسد اكثر مما يصلح و هو يدل علي المطلوب بمفهوم الشرط و قال علي بن الحسين7 ان وضح لك امر فاقبله و الا فاسكت تسلم و رد علمه الي الله فانك في اوسع ممابين السماء و الارض و قال ابوجعفر7 ما علمتم فقولوا و ما لم‏تعلموا فقولوا الله اعلم و قيل لابي‏عبدالله7 ما حق الله علي خلقه  قال حق الله علي خلقه ان يقولوا ما يعلمون و يكفوا عما لايعلمون فاذا فعلوا ذلك فقد والله ادوا اليه حقه و قال ابوعبدالله7 من عمل بما علم كفي ما لايعلم و قال ابوالحسن7 في حديث اذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به و اذا جاءكم ما لاتعلمون فها و اومأ بيده الي فيه.

قوله <و ما كان منها مقطوع اللفظ>‌ الخ يقول اذا كان الخبر مقطوع اللفظ يعني كان لفظه قطعي الصدور دون لبه علي اصطلاحه و كذلك حكم القرءان عنده كما بين في الاصل السابق فهو من الظن الخاص المقطوع حجيته للاجماع عليه و كأنه مفروغ عنه عند المصنف قدذكر لفظ الدليل و خيل اليه انه استراح من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۵ *»

القال و القيل و اني حصل الاجماع علي حجية الظن الخاص و قدانزل الله مائة اية في تحريم العمل بالظن و سوي العلم مطلقا و ورد علي ما عده بعضهم الف و مأتا حديث في تحريم الظن و القول و العمل بما سوي العلم و اللعن و القدح العظيم علي من عمل بغير علم و تقدم ان اوائل الاصوليين يحرمون العمل بالظن في دين الله كالمفيد و السيد المرتضي و ابن‏ادريس و اضرابهم و ينادي الاخباريون المتقدمون منهم و المتأخرون علي تحريم العمل بالظن و كتبوا كتباً و رووا اخباراً غيرمحصورة و طال التشاجر بينهم و بين الاصوليين حتي آل الامر الي شنيع القول بينهم و فظيعه و مع ذلك يقول المصنف ان العمل بالظن الخاص اجماعي و يستريح أليس انه محض لفظ الدليل يأتون به بعد المدعي سواءاً طابق الواقع ام لم‏يطابق.

قوله <و ماينكر حجيته عدا ابن‏قبة>([1]) ان كان جميع من سميتهم ابن‏قبة فصح قوله و الا فكثير من ينكر علي المصنف و لايعده من دين الله.

قوله <فانحصر النزاع> الي اخر فالقسم السابع هو الخبر الواحد المعري عن القرائن الدالة بالقطع علي صدق صدور اللفظ او المضمون او هما معاً.

و قوله <خارج عن الستة> زايد في الكلام و السابع خارج عن الستة لامحة و لما كان العمل بمثل هذا الخبر من افراد العمل بالظن وجد المصنف ميدانه الذي يمكنه الجولان فيه يميناً و شمالاً فعطف عنان الكلام الي جانب تحقيق مسائل الظن.

و قول المصنف <طرد الكلام> ليس فصيحاً لان الطرد المنع و الابعاد و ان استعمل في السوق فانما يراد منه سوق الابعاد و لايريد المصنف ذلك و يريد المصنف اجراء الكلام فكان الفصيح ان‏يقول اطراد للكلام كما قال ابن‌عباس لعلي7 لو اطردت مقالتك من حيث افضيت يا اميرالمؤمنين بالجملة هذا سهل مغتفر.

قالفاعلم ان من الظنون ما هو مقطوع الاعتبار شرعاً كالحاصل من متواترات الكتاب و المتواتر اللفظي و الواحد القطعي الصدور و ما هو مقطوع عدم الاعتبار

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۶ *»

كالحاصل من القياس المستنبط و الاستحسان و المصالح المرسلة و ما هو مشكوك الاعتبار بالمعني الاعم و محل النزاع هو الاخير ثم الكلام في الظن اما من حيث الظان انه المجتهد المطلق او المتجزي او العامي فهذا من مباحث الاجتهاد او من حيث محل الظن انه الحكم الفرعي او الاصولي او الموضوع المستنبط او الصرف او المسائل المشتبهة او الاعتقادية او من حيث اسباب الظن او من حيث مراتبه او من حيث زمان العمل به انه قبل الفحص ام بعده فلابد من ذكر هذه في طي اصول.

اقول: اراد المصنف ان‏يبين اقسام الظنون لتكون فذلكة للاصول الاتية.

قوله <فاعلم ان من الظنون ما هو مقطوع> الي اخر هو خطاء و ليس الظنون الحاصلة منها قطعية و لا دليل علي حجيتها من عند الله نعم الظن المعتبر الذي امر الشارع بالاخذ به كالظن في اجزاء الصلوة مثلاً و الظن الحاصل من شهادة العدلين مثلاً.

و قوله <و ما هو مقطوع عدم الاعتبار> الي اخر نعم هي غيرمعتبرة و انتم معترفون به علماً ولكن عملاً قداخذ بها كثير من المجتهدين و من تتبع كتب الفقه وجد ما اقول و لو شئنا ان‏نذكر فتاويهم من هذه المدارك لذكرنا كثيراً منها.

و قوله <و ما هو مشكوك الاعتبار بالمعني الاعم> اي من الظن و الشك من حيث نفسه و انما الكلام في هذا القسم الاخير لان الاولين مفروغ عنهما ثم بين ان الظن له جهات جهة الظان و جهة محل الظن و جهة اسباب الظن و جهة مراتبه و جهة زمانه و يذكر كل واحد من هذه الاقسام في محله.

قالثم اعلم ان المجتهد اذا رأي خبراً او ظن وجوب غسل الجمعة مثلاً فتحصيل هذا الظن و الاعتقاد لاشبهة في جوازه عندهم ظاهراً و خروجه عن محل النزاع و كذا الاتيان بذلك المظنون في الخارج بان‏يغتسل غسل الجمعة ليس من محل النزاع بل محل النزاع جواز جعل ذلك المظنون حكماً لنفسه و جعله حجة له و بناء حكمه عليه و لو لم‏يعمل به ابداً عصياناً او نسياناً ثم انهم بعد ما نازعوا في

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۷ *»

انسداد باب العلم بالمعني الاعم من الظن الخاص في اغلب ابواب الفقه او انفتاحه و افترقوا فرقتين نازعوا في انه بعد فرض الانفتاح الاغلبي لو فرض نادراً موضع لم‏يمكن فيه العلم بعد الفحص فهل يجوز العمل بالظن في هذا الموضع ام لا فمنهم من انكره و منهم من اثبته كما يظهر القول الثاني من تمسكهم في حجية الظن بدليل دفع الضرر و ترجيح المرجوح و اما علي فرض الانسداد الاغلبي و تسليمه فالكل متفقون علي حجية الظن و انما ذكروا ابطال البراءة و الاحتياط علي فرض هذه الصغري دفعاً للتوهم لا لوجود عامل بهما في الحقيقة فمحل النزاع اجمالاً انما هو ما شك في جواز العمل بالظن فيه و عدم جوازه و اما تفصيلاً فقدعرفت ان مورد الشك انما هو صورة الانفتاح الاغلبي او الشك فيه و اما في صورة الانسداد الاغلبي فالجواز مقطوع و لو فرض الشك فيه ايضاً كان من محل النزاع فظهر ان هاهنا نزاعاً صغروياً و نزاعاً كبروياً علي فرض احدي الصغريين ثم انهم اتفقوا علي ان العمل بالظن اما واجب او محرم فالقول الثالث خرق للاجماع المركب.

اقول: اراد المصنف في هذا المبحث ان‏يحرر محل النزاع ليكون الداخل في التفاصيل الاتية علي بصيرة مما ينازع فيه و نعم ما صنع و لكن بئس ما بين.

قوله <ثم اعلم ان المجتهد> الي اخر يعني به ان تحصيل هذا الظن ليس فيه اثم و لا كلام في هذا و فيه ان العاقل ينبغي ان‏يكون جميع اعماله باجازة ربه كما عد ابوجعفر7 من الثلثة الذين هم في ظل عرش الله يوم لا ظل الا ظله و رجل لم‏يقدم رجلاً و لم‏يؤخر رجلاً حتي يعلم ان ذلك لله رضا الخبر و تحصيل هذا الظن فعل لا غاية له و لا فائدة لانه لايمكن العمل به و لاينفع في دين و لادنيا و لا اخرة فهو لغو و عباد الرحمن اذا مروا باللغو مروا كراماً فتركه احسن من فعله و لاسيما هو مزلة و يحتمل فيه تسويل النفس و استحسانها كثيراً من الظنون و الوقوع فيها و الاجتناب من الضرر المظنون لازم عند العقلاء.

قوله <و كذا الاتيان> الي اخر فهو و ان لم‏يكن محل النزاع في هذه المقامات الا انه لايجوز فعله لانه ما لم‏يثبت من كتاب و لاسنة عبادة مبتدعة و حرام فلايجوز العمل به في الخارج.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۸ *»

قوله <ثم انهم بعد ما نازعوا> الي اخر هذا كلام فيه عيب و في عيبه عيب اذ نحن كنا في عويل من قولهم قدانسد باب العلم و نحن نزعم انهم يريدون بالعلم العلم بمعني القطع ففزعنا و قلنا ان ذلك محال و هنا قدجعل المصنف العلم بمعني الاعم من القطع و الظن الخاص الحاصل من الكتاب و السنة ثم ذكر تنازعهم في انه قد انسد هذا الباب الاعم في اغلب ابواب الفقه ام لا و هذا الانسداد صار سبب عمل متأخريهم بالظن المطلق و صار الاصل الثالثي حجية الظن المطلق و بعد هذا النزاع ان قال قائل بالانفتاح في اغلب ابواب الفقه و وجد موضع لم‏يحصل العلم بالمعني الاعم فهل يجوز العمل بالظن في ذلك الموضع ام لا فمنهم من انكره و منهم من اثبته و يظهر القول به من دليلهم في حجية الظن و هو دفع الضرر و ترجيح المرجوح فانه ات في هذا الموضع و جار فيه ايضاً.

قوله <و علي فرض الانسداد الاغلبي> الي اخر يعني كما ظنه متأخروا المجتهدين فالكل يعني كل المجتهدين متفقون علي حجية الظن.

قوله <و انما ذكروا ابطال البراءة> الي اخر يعني اذا فرضنا الصغري من قياسنا هنا انه قدانسد باب العلم و الظنون الخاصة و الكبري انه كلما انسد فالعمل باقرب الاشياء اليه متعين فالعمل بالظن المطلق متعين و لايمكن ان‏يقال كلما انسد فالذمة بريئة للاجماع علي بقاء التكليف و لايمكن ان‏يقال كلما انسد فالعمل بالاحتياط متعين لانه عسر و حرج و انما ابطال هذين لاجل دفع التوهم لا لاجل ان احداً قال به و سيأتي ان شاء الله ان جميع ذلك باطل لاحقيقة له بوجه من الوجوه.

قوله <فمحل النزاع اجمالاً> فيه سهو فان‌ ما شك في جواز العمل بالظن فيه هو الصلوة مثلاً و ليس هو محل النزاع و انما النزاع في جواز العمل بالظن و عدمه.

قوله <و اما تفصيلاً> الي اخر يعني ان مورد الشك الذي يجب الكلام فيه حتي يتضح الامر هو في صورة القول بانفتاح باب العلم في اغلب المسائل فما بقي و لم‏يحصل لنا العلم به هو محل النزاع و كذلك اذا شك في الانفتاح و الانسداد و حصل الظن هو من محل النزاع و اما في صورة الانسداد في اغلب المسائل فالجواز مقطوع به يعني عند المجتهدين و لو فرض الشك في الانسداد يكون

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۷۹ *»

الظن الحاصل محل النزاع.

قوله <فظهر ان هاهنا> الي اخر فالنزاع الصغروي في انه هل انسد باب العلم ام لم‏ينسد و النزاع الكبروي هل يجوز العمل بالظن ام لا علي فرض صغري قائل بالانفتاح و صغري قائل بالانسداد.

قوله <ثم انهم اتفقوا> الي اخر اخذ المصنف في علم الغيب و الخبر عن جميع من في عصره و الاعصار السابقة و زعم ان من قال ان العمل بالظن جايز خرق الاجماع المركب و قداشتبه عليه فان الاجماع ما بقي القولان بلا دليل علي حجية احدهما و هنا الدليل موجود من الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل علي ابطال العمل بالظن الخاص و العام و وجوب العمل بالعلم فانقلب مركب المصنف بسيطاً و الحمدلله.

قالاصل الاصل الاصيل حرمة العمل بماوراء العلم الي ان‏يقوم عليه دليل و ذلك لوجوه الاول قاعدة الاشتغال المقتضية للاحتياط بعد العلم الاجمالي بتعلق التكاليف الشرعية و لازمه التوقف عن الافتاء في المعاملات حيث ما دار الامر فيها بين المحذورين ككون المال لزيد او لعمرو و اتيان ما يحتمل وجوبه فيما دار الامر فيه بين الواجب و غير الحرام و ترك ما يحتمل حرمته فيما دار الامر فيه بين الحرام و غير الواجب و فيما دار الامر فيه بين الحرام و الواجب تحري الظن فيأخذ بالمظنون لا من باب الظن بل من باب القدر المتيقن و ان لم‏يمكن الظن تخير بينهما و في كل من تلك السلاسل نعلم اجمالاً بوجود التكاليف بينها و القطع بالامتثال لايحصل الا بما ذكر.

اقول: ثم شرع المصنف في بيان الاصل الاولي الذي يدل عليه العقل و النقل و عليه بناء الدين و ايجاد الخلق المتين و له ادلة كثيرة من انحاء الادلة لم‏يطلع عليها المصنف و قدوضعنا كتاباً خاصاً فيه و سميناه بعلم اليقين و ذكرنا التفصيل في ساير كتبنا فان شئت فراجع و انما ذكر في عالمه و علي سياقه تسع ادلة و قال <الاول قاعدة الاشتغال> الي اخر يعني العلم الاجمالي حاصل لنا بانا مكلفون بتكاليف من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۰ *»

عند الله جل‌وعز يثيب من اتي بها و يعاقب من تركها فاذا جهلنا خصوص التكليف تفصيلاً و ان قول الله و حكمه اي شي‏ء هو لزمنا الوقوف عن البت علي حكم الله ثم ان كان الامر مما لابد من امضائه فان كان في المعاملات فلابد من الصلح حتي لاتقع في احد المحذورين و ان كان في العبادات فان دار الامر بين الوجوب و غير الحرام يعمل به تفصياً عن الوقوع في ترك الواجب ان كان في الواقع واجباً و ان دار الامر بين الحرام و غير الواجب فالاحتياط في الترك لئلايقع في الحرام اذا كان الواقع محرماً و ان دار الامر بين الحرام و الواجب تحري الظن من باب القدر المتيقن و المصنف زعم ان الظن حينئذ محل اجماع و عمل بالمتيقن فان اراد تعيين الظن فلا دليل عليه و ان زعم ان الدليل قبح ترجيح المرجوح و انه القدر المتيقن لانه لو لم‏يعمل بالمظنون الراجح عمل بالمرجوح قلنا ان المرجوح مخالفة الله و بعد ايات مائة من الكتاب و اخبار تبلغ الفاً و مأتين في حرمة العمل بالظن تعيين العمل بالظن و تعيينه و ايجابه علي العباد و تفسيق مخالفه مرجوح البتة و ان اراد العمل بالظن من باب انه في سعة ما لم‏يعلم و يسعه الاخذ بايهما شاء و اراد غاية الامر انه يعمل بما تحري فلايضر هذا و نحن في فراغ من هذا فانا لايحصل لنا الشك بين القولين لا برهان لهما من الله و لا من خبر و قول و انما يحصل لنا الشك من خبرين متعارضين لانعلم ايهما الحق و قد امرونا بالتخيير و لم‏يأمرونا بالعمل بالمظنون نعم لو عمل بالمظنون من باب احد الفردين المخير بينهما لابأس به و لايخطي‏ء العامل بالاخر و لايفسقه و المصنف اخلي كلامه من ذكر اسم الله عليه فنزين كتابنا و نتبرك بذكر الذين ذكرهم ذكر الله.

فنقول ان الانسان لايخلو اما انه يعلم انه مكلف في هذا الامر بشي‏ء ام لا و هو علي اقسام اما ليس بملتفت الي شي‏ء ابداً و اما هو ملتفت الي انه مكلف في بعض الامور و لايعلم انه في هذا الامر الخاص مكلف بشي‏ء ام لا و اما يعلم انه في هذا الامر مكلف بشي‏ءما و لايدري انه مكلف باي شي‏ء فان كان غيرملتفت اصلاً فليس علي الجاهل تكليف و قدقال ابوعبدالله7 رفع عن هذه الامة ما لايعلمون و فيه اخبار متضافرة مذكورة في فصل الخطاب و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۱ *»

ان كان ملتفتاً و يفحص و لايجد و لايدري هل في الواقع صدر فيه حكم ام لا فهو في سعة حتي يعلم كما روي و كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه نص و ان كان ملتفتاً الي انه في هذا الامر مكلف بشي‏ءما و لايدري ما هو فهو في سعة ما لم‏يعلم لانه لايقدر علي الاحتياط للزوم العسر و الحرج المنفيين و اما هو ملتفت و فاحص و علم بان له فيه تكليفاً معيناً و لكن لايعرفه فهاهنا موضع الاحتياط كما سئل العبد الصالح7 عن رجلين اصابا صيداً و هما محرمان الجزاء بينهما او علي كل واحد منهما جزاء قال لا بل عليهما ان‏يجزي كل واحد منهما الصيد قيل ان بعض اصحابنا سألني عن ذلك فلم‏ادر ما عليه فقال اذا اصبتم بمثل هذا و لم‏تدروا فعليكم بالاحتياط حتي تسألوا عنه فتعلموا انتهي و انما هذا لان العلم باشتغال الذمة كان حاصلاً و لم‏يدر و اما يحصل به البراءة و ان كان ملتفتاً و فاحصاً و واجداً فان كان ما وجد بلا معارض او مع معارض مرجوح فتكليفه معين و ان عجز عن الترجيح فيجب فيه التوقف في الفتوي و العمل موسع‌عليه حتي يري القائم فيرده اليه ان شاء الله و اما اذا كان ملتفتاً و فحص و لم‏يجد كتاباً و لا سنةً و انما وجد اقوالاً مختلفة من غيربرهان فلا احتياط و ان حصل له الظن باحدهما و ان الظن لايغني من الحق شيئاً دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان فافهم ان كنت مسلماً لال‏محمد: تسلم.

قوله <و في كل من السلاسل> يعني في سلسلة مايحتمل وجوبه و ندبه او مايحتمل وجوبه و كراهته او مايحتمل وجوبه و اباحته و كذلك في سلسلة مايحتمل حرمته ففي سلاسل الوجوب واجبات كثيرة لانك لاتدري بتكليفك فيحتمل ان‏يكون الواجب كذا و كذا الي ما شاء الله و كذلك في سلاسل الحرمة و القطع بالامتثال لايمكن الا بالاتيان بجميع ما يحتمل وجوبه و الانزجار عن جميع ما يحتمل حرمته و هذا خيال من المصنف و مما فصلنا يعلم التكليف و ليس الامر كما ذكره و ان الدين اوسع من ذلك و يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر فان كان الرجل يعلم بانه مكلف بشي‏ءما و لايعلم به بوجه من الوجوه فلا احتياط

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۲ *»

لانه حرج منفي و عسر مرفوع عن هذه الامة و لايكلف الله نفساً الا ما اتيها و ان الذي قلنا فيه بوجوب الاحتياط لاجل انه يعلم انه لابد في الصيد من الجزاء و يعلم الجزاء ولكن لايعلم انه بينهما بالشراكة او علي كل واحد فامره بالاحتياط و اما مع احتمال مائة الف شي‏ء هو غيرعالم و الناس في سعة ما لم‏يعلموا و من عمل بما علم كفي ما لم‏يعلم و رفع عن هذه الامة ما لايعلمون و الاصل ما وضعه الله و ذلك الذي ذكره المصنف ظلم لاعدل فيه و لم‏يجعل الله الظلم اصلاً ثانوياً و لا اولياً و لم‏يكلفه بما لم‏يبينه له و لاتكليف الا بالبيان فاصل الاشتغال مرفوع هنا.

قالو لو قيل لو علم المجتهد حين عروض المسألة بتمكنه من تحصيل العلم فاخر الفحص الواجب تفريطاً الي ان‏تعذر العلم و يتمكن من الظن فان لم‏يكن الظن حجة ارتفع التكليف بالفحص و ان كان حجة بقي الامر بالفحص و استصحاب الامر بالفحص يقتضي وجوبه بعد تعذر العلم ايضاً و لازمه حجية الظن و يتم فيما عدا هذه الصورة بالاجماع المركب و لايمكن قلبه بقاعدة الاشتغال اذ الاستصحاب اقوي منها قلنا المجتهد بعد عروض المسألة اما يعلم من اول الامر بتمكنه من تحصيل العلم او بعد تمكنه منه او يشك و في الاخير لو تفحص و عجز عن العلم اما ينكشف انه لم‏يكن متمكناً من اول الامر او ينكشف عروض عدم التمكن بعد ذلك او يستمر الشك لاحقاً كما كان سابقاً و في شي‏ء من الصور الخمس لايصح التمسك بالاستصحاب بعد رعاية اتفاق الكل علي عدم حجية الظن للمتمكن من العلم و عدم حجية الاستصحاب في الشك العرضي و الساري.

اقول: اراد المصنف ذكر بحث من المنكرين لهذا الاصل الاولي و رده و حاصل البحث ان الفقيه مأمور بالفحص ان علم تمكنه من تحصيل العلم فان عصي و لم‏يفحص حتي تعذر له العلم لتفرق اسبابها و انقطاعها فبقي متمكناً من الظن لاغير فان لم‏يكن ظنه حينئذ حجة ارتفع التكليف بالفحص لخلوه عن الفائدة و فيه رفع التكليف الثابت و ان كان ظنه حجة في مثل هذه الحالة فالامر بالفحص مستصحب فيجب بعد تعذر الامر حتي يحصل الظن فاذا ثبت في هذه الحالة ففي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۳ *»

جميع الاحوال حجة للاجماع المركب و لايمكن قلب هذه القضية ان‏يقال كنت مأموراً بالفحص لطلب العلم عند امكانه فاذا تعذر العلم فالاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية و هي لاتحصل بالعمل بالظن بل بالاحتياط لان اصل الاستصحاب اقوي من اصل الاشتغال لان مدركه الدليل العقلي.

فاجاب المصنف عن ذلك بان الانسان عند عروض المسألة اما يعلم تمكنه من العلم او يعلم عدم تمكنه او يشك و في القسم الاخير لو تفحص و عجز عن تحصيل العلم فلايخلو من ثلث حالات اما ينكشف له عدم تمكنه من العلم من اول الامر و اما ينكشف له انه كان متمكناً و عرض عدم التمكن عليه و اما يستمر الشك فهذه خمس صور و لايصح في صورة منها اجراء الاستصحاب فان في صورة التمكن من العلم قام الاجماع علي حرمة العمل بالظن و اما في باقي الصور فلايجري الاستصحاب لانه حين العمل شاك في ان الفحص لطلب الظن كان واجباً عليه في الاول ام لا فهذا هو الشك الساري و لايجري الاستصحاب في الشك الساري اذ ادلة الاستصحاب لاتعمها.

و المصنف هنا ادعي الاتفاق علي عدم جريان الاستصحاب في الشك الطاري مع انه في بحث الاستصحاب اعتبر الاستصحاب في الشك الطاري و هو الذي يكون الشك في استمرار الحكم السابق في ذاته بالجملة جميع البحث و الرد في عالمهم الذي ليس فيه ذكر الله و خيالاتهم ممنوع‌عنها و ان كانت صحيحة لانا امرنا بالرد الي ال‏محمد: في الجل و القل و سيأتي الكلام فيه علي مذهب ال‏محمد: و الغرض في امثال هذه العبارات حلها و بيان مراده منها و الا فانا لانرضي بحرف من حروفها لعدم ذكر الله فيها.

قالو لو قيل لو قطع المجتهد اولاً بالسد الاغلبي فحصل الظن و عمل به في الاحكام ثم قطع بفتح باب العلم غالباً لحصول القرائن بعد ذلك كأن حصل الاصول المهجورة و صار اغلب النصوص متواترة عنده فحصل العلم فيما امكنه و بقي قليل من مظنوناته السابقة علي حالة السد فيستصحب حجية الظن و جواز العمل به في هذا القليل و يتم ما عداه من موارد الشك في حجية الظن بالاجماع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۴ *»

المركب و لايمكن القلب بالاشتغال لما مر و ايضاً نفرض ما اذا قطع بالسد الاغلبي اولاً ثم شك في بقائه و ارتفاعه فيستصحب الموضوع و الحكم معاً و يتم فيما عداه بما مر قلنا ان الفرض الاول معارض بمثله فبعد تعارض الاستصحابين بضم مركب الاجماع بقي الاشتغال سليماً عن المعارض و كذلك الفرض الاخير مضافاً فيه الي ان استصحاب الانسداد حين الشك في بقائه لايتصور اما لانه عمل بالاصل قبل الفحص او لانه شك في الحادث.

اقول: اراد ذكر بحث و دفع اخر و هو انه لو قيل رداً علي وجوب العمل بالعلم انا لو قطعنا علي ما نحن عليه ان باب العلم و الظن الخاص مسدود في اغلب المسائل و اخترنا العمل بالظنون ثم اتفق لنا حصول كتب الاصول الاربعمائة التي هجرت الان فرأينا اخبار اغلب المسائل متواترة فعدلنا الي العلم فيها و بقي مسائل لم‏يحصل لنا العلم فيها يستصحب حجية الظن السابق في هذه المسائل فاذا صح العمل بالظن فيها صح في الباقي بالاجماع المركب و لايمكن ان‏يقال يجب فيها العمل بالاحتياط تحصيلاً لبراءة الذمة فان الاستصحاب اقوي من اصل الاشتغال و كذا اذا قطع بالسد في اغلب المسائل ثم شك في زوال اسباب السد يستصحب الموضوع و هو وجود السد و الحكم و مقتضاه جواز العمل بالظن و يتم فيما عداه بالاجماع المركب و لعمري جميعها صورة دليل ليس لمقتضي ابداً متي سد الباب و متي جاز العمل بالظن حتي يستصحب و متي احاط بالامة حتي حصل الاجماع المركب و متي انحصر الامر في القولين.

بالجملة قال المصنف ان الفرض الاول معارض بمثله فانه عند العلم بالسد وجب الاحتياط و بعد حصول العلم بالاغلب يستصحب الاحتياط فتعارضا الاستصحابان و تساقطا فبقي اقتضاء الاشتغال علي حاله و كذا في الفرض الاخير و يراد فيه انه اذا قطع بالسد ثم شك في بقائه لايصح الاستصحاب فانه حين القطع بالسد عمل بالظن لمكان القطع بالسد و بعد حدوث اسباب حصل منها الشك في بقاء الانسداد لايجوز اجراء الاستصحاب و العمل بالظن لانه عمل بالظن قبل الفحص و هو ممنوع او يقول ان الشك في نفس الحادث فان العلم الاجمالي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۵ *»

بالتكليف حاصل و انما الشك في الوجوب و الحرمة و اخوتهما فليس محل اجراء الاستصحاب.

قالو لو قيل ان الاحتياط بالتقرير الذي ذكرت عملاً بالاشتغال غيرممكن اما في المعاملات فلان الوقوف عن الافتاء يحتمل الحرمة لدوران الامر بين وجوب الافتاء و حرمته فلااحتياط مع الوقوف و اما في العبادات فلان مجرد الاتيان بمحتمل الوجوب كغسل الجمعة لايقطع معه بالبراءة لاحتمال وجوب القصد الوجه او اشتراط العلم به  و العلم به غيرممكن بالفرض و اما العمل بالظن في تعيين الوجه فانه مردد بين الوجوب و الحرمة فلايمكن الاحتياط في الفروع غالباً لفقد المقتضي و هو عدم امكانه ذاتاً لا لوجود المانع و الدليل الوارد حتي لاينافي تأسيس الاصل قلنا ان مخالفة الاحتياط مع الافتاء ازيد لاحتمال مخالفة الواقع حينئذ في كل من الافتاء و المفتي به بخلاف الوقف فهو اوثق و احوط و اقل محذوراً و اما اشتراط العلم بالوجه فغيرمحتمل عندنا لبناء العقلاء او اطلاق الادلة سلمنا لكن ترك العمل بالظن مستلزم لارتكاب خلاف احتياط واحد و هو احتمال حرمة تركه و العمل به في تعيين وجه الفعل يوجب خلاف احتياطين اذا ظن عدم الوجوب و ترك الفعل فترك العمل بالظن و الاتيان بالفعل اوثق سلمنا الاشتراط لكن يكفي العلم بالوجه الظاهري و هو الوجوب المسبب من قاعدة الاشتغال كما في ساير الاصول العملية.

اقول: هذا بحث اخر و جواب اخر و كلاهما عن الحق بمعزل فانهما رأي صرف كسابقيه و قول هذا ينقاد و هذا لاينقاد و هذا ينساق و هذا لاينساق فتقرير البحث ان الاحتياط الذي زعمتم لايمكن العمل به اما في المعاملات فان الامر دائر بين وجوب الافتاء و حرمته لانه ان كان العمل بالظن جايزاً وجب الافتاء و ان كان غيرجايز حرم الافتاء فلااحتياط مع الوقوف الذي يرجع الي عدم الافتاء و اما في العبادات فمع احتمال الوجوب لايكفي اصل العمل لاحتمال وجوب قصد الوجه او العلم به و هو غيرممكن فلااحتياط في هذا العمل لانه لم‏يحصل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۶ *»

القطع بالبراءة و ان عمل بالظن في تعيين الوجه فهو اي العمل بالظن مردد بين الوجوب و الحرمة فلااحتياط فلايمكن الاحتياط في الفروع غالباً لفقد المقتضي و هو عدم امكانه ذاتاً لا انه ممكن ذاتاً ولكن المانع من الخارج او جاء دليل من الخارج.

فاجاب المصنف بان ما قلتم حق لكن خطر الافتاء اعظم لاحتمال مخالفة الواقع بخلاف الوقف فانه اوثق و احوط و اما اشتراط العلم بالوجه فغيرمحتمل عندنا في مقام الاحتياط او مطلقا لبناء العقلاء و اطلاق ادلة الاحتياط و علي فرض اشتراطه ترك العمل بالظن خلاف احتياط واحد و العمل به يوجب خلافين في محل يظن عدم الوجوب و يتركه العمل بالظن و ترك الفعل فترك العمل بالظن اقل ضرراً و ايضاً علي فرض وجوب العلم به هذا القدر من الوجوب بحكم الاحتياط كاف و كلها بحث و جدال في دين الله بالاراء و الظنون و هي جدال بغير التي هي احسن و التي هي احسن جدال بالكتاب و السنة اللذين جعلهما الله برهان الصدق لا هذه الخيالات و الليات و لما مر ذكر الاحتياط فلا علينا ان‏نذكر فيه ما يرضي الله و رسوله9.

اعلم ان الاحتياط في اللغة الاخذ بالحزم يقال احتاط الرجل علي افتعل اذا اخذ في الحزم و هو طلب الاخذ باوثق الوجوه و اما الاحوط فليس من الاحتياط لانه لايبني الافعل من غير الثلاثي و حاطه اي تعهده و صانه و حاط به اي استدار بجوانبه فالاحوط اي احفظ و لكن في السنة الفقهاء يستعمل في مقام يكون اشد حزماً و اقرب الي النجاة و السلامة فعلي اي حال فاذا عرفت ذلك فاعلم انه قدروي في الاحتياط اخبار منها قول علي7 لكميل بن زياد اخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت و قال ابوعبدالله7 في حديث النكاح هو الفرج و امر الفرج شديد و منه يكون الولد فنحن نحتاط فلايتزوجها و قال في حديث اخر ان النكاح احري و احري ان‏يحتاط فيه و هو فرج و منه يكون الولد و قال في حديث اياك ان‏تعمل برأيك شيئاً و خذ بالاحتياط في جميع امورك ما تجد اليه سبيلا و اهرب من الفتيا هربك من الاسد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۷ *»

و لاتجعل رقبتك عتبة للناس و قال في حديث لك ان‏تنظر الحزم و تأخذ بالحايطة لدينك و كتب العبد الصالح7 في وقت المغرب لك ان‏تنتظر حتي تذهب الحمرة و تأخذ بالحائطة لدينك و في حديث الصيد اذا اصبتم بمثل هذا فعليكم بالاحتياط  حتي تسألوا عنه فتعلموا و قال7 فيمن جهل التحريم ذلك بانه لايقدر علي الاحتياط معها و قال ابوجعفر7 في الحديثين الموافقين للعامة او المخالفين فخذ بما فيه الحائطة لدينك و اترك ما خالف الاحتياط فقيل انهما معاً موافقان للاحتياط او مخالفان له فكيف اصنع فقال7 اذن فتخير احدهما فتأخذ به و تدع الاخر و في رواية اذن فارجه حتي تلقي امامك فتسأله و عن النبي9 ان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة و عنه9 دع ما يريبك الي ما لايريبك فانك لن‏تجد فقد شي‏ء تركته لله عزوجل و قال علي7 في كتاب له فانظر الي ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه و ما ايقنت بطيب وجوهه فنل منه. هذا ما وجدت من نوع الاحتياط في الاخبار.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الامور لاتخلو من ثلثة اما بين وجوبه او ندبه او كراهته او حرمته او اطلاقه فالاحتياط في الدين و الاخذ بالحزم ان‏تعتقد كما علمك الله و تعمل به كما عرفك الله و اما مشكوك و الشك اثر دليلين خارجيين و لا دليل في الدنيا الا كتاب الله و سنة نبيه فما لا دليل له في الخارج هو مجهول لامشكوك لما ذكرنا و سنذكره من انه لاعبرة بشي‏ء في الدنيا الا بالكتاب و السنة الا في الموضوعات التي امر الشارع باعتبار العلوم المتعارفة فيها فما قام عليه دليلان من الله و رسوله فان لم‏يعرف المخرج فيهما علي ما اوقفونا عليه فهو مشتبه و هاهنا مقام الاحتياط فان كانا بحيث اذا عمل باحدهما حصل العمل بالاخر يقيناً فهو اولي و هو ترك المريب الي ما ليس بمريب قطعاً و هو الاخذ بالحزم و اعمال الدليلين و فيه البراءة اليقينية و هو مما لاشك فيه و ان لم‏يكن كذلك و كان مفاد احدهما التخيير و مفاد احدهما العزيمة فلاشك ان الاخذ بالعزيمة و هي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۸ *»

احد شقي التخيير في العمل اولي و لا دليل من الكتاب و السنة علي نية الوجه فلاعبرة به و نية الامتثال كافية في جميع الاعمال بالنصوص التي لاتحصي و الاجماع الذي لاريب فيه و لاعبرة بشبهات المشبهين و ان كان مفاد كل واحد عزيمة ضد الاخري فذلك شبهة لا مخرج منها و قول الاخباريين ان دفع المضرة اولي من جلب المنفعة كلام لا دليل عليه من الكتاب و السنة فهاهنا الاحتياط للدين في التوقف عن الفتوي و اما في العمل فاخبار السعة كافية شافية و الاحتياط في الاخذ بها فانه اخذ بما امروا به عند الحيرة كما يأتي ثم بعد العلم بالسعة و الخيرة ان بني العمل بما يظن انه انسب او اولي او اقوي او اشبه او اقرب او اصح او اوضح و امثال ذلك غير ناف ما يخالفه فلايضر.

ثم هل الاحتياط مع رجحانه نقلاً و عقلاً واجب ام لا فاعلم ان الواجب ما اوجبه الله و الراجح ما رجحه الله و لاعبرة بما يحكم به العقول ابداً ابداً فاذا راجعنا الاخبار وجدناها ظاهرة في الندب و مع العدول عن ظواهرها هي متعارضة مع اخبار اخر فمنها ما امر فيه بالاحتياط و منها ما امر فيه بالتخيير و ليس الاحتياط في تعارض الخبرين الا في خبر زرارة و هو من كتاب غوالي اللئالي و هو غيرمصحح و سائر اخبار الاحتياط فمنها مطلقة و منها ظاهرة في الموضوعات و منها صريحة في الندب و اخبار التخيير في الكتب المصححة و مطلقة و لاترجيح بينهما و الترجيح بالعقول غيرمعقول فلايمكن ايجاب الاحتياط مع ان الاحوط و الاوسع في التوقف عن اصل الحكم حذراً من القول بغير علم في دين الله و الاخذ بما وسع فيه من الامر و انه اسهل و اهنأ و ارشد و اقرب الي التسليم و التيسير.

و اما في الموضوعات فاما ان‏تعلم حلها و حرمتها و ما هي عليه فهو و ان اشتبه الامر فلاتقتحم في الهلكة و اعدل الي غيرها مما ليس بمشتبه ان امكن و ان اضطررت الي تناوله فكل شي‏ء حلال حتي تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك و هذا الاجتناب ايضاً مرغوب‌اليه مندوب لمكان كل شي‏ء لك حلال حتي تعلم انه حرام بعينه فاذا انت تراجع في دينك الكتاب و السنة فكل مسألة قام عليها دليل منهما تعمل به و ما قام عليه دليلان متعارضان فعليك الخيار و يستحب الاحتياط ما

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۸۹ *»

امكنك و يمتحن به المتقون و يعرفون به من غيرهم و سيأتي تفصيل ادلة ما ذكرنا في ما سيأتي ان‏شاء الله تعالي فترقب و اياك و ان‏تغتر بهذه الادلة التي زعموها عقلية و زينت علي الناس.

قالالثاني استصحاب الامر بالصلوة مثلاً و لايمكن ذهاب الظن في كل مقامات الشك الي جانب الاحتياط و استصحاب بقاء التكاليف المعلومة بالاجمال في ابواب الفقه و سلاسل الشكوك المتقدمة و اما القدح في الاستصحاب بمنع جريانه اذ المستصحب ان كان الامر بالاقل فقداتي به او بالاكثر فالتكليف به مشكوك من اول الامر او الامر النفس الامري فالقدر المعلوم منه مأتي به و لا دليل علي الزايد او بمنع اعتباره لان حجية الاستصحاب اما لاجل ظنية نفسه او ظنية مدركه و هو الاخبار و حيث نفيت بالاستصحاب اعتبار الظن فقدنفيت اعتبار الاستصحاب او بوجود المعارض له للاستصحابات السابقة فواه جداً.

اقول: هذا هو الوجه الثاني عند المصنف من الوجوه الدالة علي حرمة العمل بالظن في دين الله فاراد ان‏يثبت حرمتها بالاستصحاب فقال لاشك ان الامر تعلق باقامة الصلوة مثلاً و اشتغل ذمة المكلف باقامته علي حسب ارادة الامر و لابد من البراءة القطعية و الظن ليس يلزم ذهابه دائماً الي جانب الاحتياط قطعاً و قهراً فاستصحاب تلك الاحكام باق الي ان‏يبرأ ذمة المكلف عن ذلك الاشتغال قطعاً و سلاسل الشكوك المتقدمة ايضاً موجودة فلايحصل البراءة الا بالاحتياط.

و قوله <و اما القدح> الي اخر اشارة الي قول من يقول ان هذا الاستصحاب استصحاب سار هو ليس بحجة لان مفاد الامر الاول ان كان الاقل اي اقل الامور المشكوكة فقداتي به و كونه الاكثر مشكوك فالشك في اصل المكلف به فلا استصحاب و ان كان مفاد الامر الاول الامر الواقعي النفس الامري فالمكلف قداتي بالامر المقطوع ‏به و الزايد مشكوك ان‏يكون مكلفاً به في نفس الامر فلا استصحاب و كذلك حجية الاستصحاب اما بنفسه لانه يفيد الظن او من حيث المدرك و هو الاخبار و هي ايضاً ظنية و انت تفيد بدليلك نفي حجية دليلك هذا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۰ *»

و هذا الاستصحاب معارض بما قدمنا في الوجه الاول و اذا تعارضت تساقطت.

قال المصنف هذه الاعتراضات واه جداً و يقول غيرالمصنف جميع الدليل و الاعتراض واه و ليس هذه الاعتراضات باوهي من ادلتكم فان دين الله جل و عز لم‏يوضع علي هذه الاراء و علي قول هذا ينقاد و هذا لاينقاد و ان كان ما تقولون صواباً كان خطاءاً و هذا الاصل العظيم يدور عليه رحي جميع الفقه و لاينبغي ان‏يثبت بهذه الادلة الواهية العقلية التي ليس يرضي الله بها و رسوله9 و ان كان المدلول‌عليه حقاً لامرية فيه و العمر اعز من صرفه في اظهار بطلان الجزئيات التي ذكرها بعد ما عرف من الشرع ان نوعه ممنوع ‏عنه و نحن نقدر ان‏نحبر الكتب بذكر الاقوال و ما ذكروه من الادلة و الاعتراضات و نزينها كحانوت السماسرة ولكن دوننا حاجز من نهي الله و ضنة علي صرف العمر فيما لا طائل تحته.

قالالثالث قاعدة المقدمية المقتضية لوجوب الاتيان بما يحتمل كونه مقدمة للواجب بمعني ترتب العقاب علي ترك ذي‏المقدمة عند ترك المقدمات القطعية و الاحتمالية كما مر في مقدمة الواجب دليله و هو بناء العقلاء و لو قيل ان هذه الادلة الثلثة انما تتم فيما علم بالتكليف اجمالاً في خصوص الواقعة او بين الوقايع المشتبهة لا في السد الجزئي مع فقد العلم الاجمالي قلنا ان كل من حرم العمل بالظن في المعلوم بالاجمال حرمه هنا ايضاً فالاجماع المركب من جهة الجنس و هو الحرمة موجود نعم الاجماع المركب من جهة الفصل اي العمل بالاحتياط لا البراءة بعد الحكم بالحرمة كما اقتضته الادلة المذكورة عند العلم الاجمالي غيرموجود.

اقول: هذا وجه اخر من الوجوه و اراد اثباته بقاعدة وجوب مقدمة الواجب و تحريره ان مقتضي القاعدة المذكورة ان المكلف بامر يجب عليه ان‏يأتي بما يتوقف فعل المكلف‏به عليه فلو ترك ما يتوقف عليه اثم بترك ذي‏المقدمة حكماً اقلاً فان ترك ذا المقدمة ايضاً اثم بتركه حقيقةً و الا فقد اثم بالترك الحكمي اقلاً

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۱ *»

و ذلك الاثم عند المصنف ثابت بترك المقدمات القطعية و الاحتمالية لان بناء العقلاء علي ذلك و تقليد العقلاء من العوام و غيرهم من ادلة القوم و لادليل علي ذلك من كتاب و لاسنة و من نصبهم ائمة للدين و لتعيين مراضي الله و مساخطه هذا و لايعلم باتفاق جميعهم مع اختلاف عقولهم الا العالم بالغيب الذي خلقهم و علي ما يقول المنكرون لهذه القاعدة ليسوا من العقلاء و هف فالعمل بالظن مما يحتمل افضاؤه الي ترك ذي‏المقدمة في مقام تحصيل الاحكام الواقعية فانه ربما يترك بسبب الاقتصار علي الظن بعض المقدمات او ما يحتمل كونه مقدمة فلايصل الي الحكم الواقعي فاذا فيه اي في الاقتصار بالظن عقاب و قداستوفينا الكلام في هذا المبحث سابقاً فان شئت فراجع.

ثم قال و لو قيل ان هذه الادلة الثلثة اي دليل اصل الاشتغال و دليل الاستصحاب و دليل المقدمة انما تتم فيما علم بالتكليف اجمالاً في خصوص الواقعة او بين الوقايع المشتبهة كما في الشبهة المحصورة لان‏يثبت الاشتغال اولاً حتي يسعي في البراءة او يستصحب او يكون له مقدمة و اما اذا فقد العلم الاجمالي الخاص و سد باب العلم به بخصوصه فلم‏يثبت التكليف من الاول قلنا ان كل من حرم العمل بالظن في المعلوم بالاجمال حرم هنا ايضاً فيثبت هنا ايضاً بالاجماع المركب.

و قوله <فالاجماع المركب من جهة الجنس> الي اخر يعني به ان حرمة العمل بالظن في المعلوم و غيرالمعلوم من حيث الحرمة يجتمعان جنساً و يختلفان في الفصل ففي المعلوم العمل بالاحتياط و في غيرالمعلوم العمل بالبراءة الاصلية فالاجماع المركب علي الجنس محقق فكل من قال بالحرمة هناك قال هنا و ان كان من يعمل بالاحتياط هناك لايعمل بالاحتياط هنا ففي فصلهما ليس اجماع مركب و قدعرفت حال هذه الاجماعات الخيالية فلاحاجة الي التكرار و البحث و الرد كلاهما خاليان عن الاعتبار لما عرفناك في هذا الشرح في كل باب من الاثار و كفاك استبدادهم بالخيالات لا اخبار العترة الاطهار.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۲ *»

قالالرابع ما مر من لزوم دفع الضرر المحتمل و لايندفع الا بالاحتياط كما مر و لو قيل ان القائل بوجوب العمل بالظن يحرم الاحتياط و الحكم علي مقتضاه فاحتمال الضرر معارض بمثله قلنا الامر في المسألة الاصولية و هي وجوب العمل بالظن و حرمته و ان كان دائراً بين المحذورين و الضررين الا انه في المسألة الفرعية و مقام العمل يمكن الاحتياط كترك محتمل التحريم ففي العمل بالظن احتمال مخالفة الواقع من جهتين بخلاف الاحتياط.

اقول: يظهر من كلمة <ما مر> ان المصنف قدم عند تحريره اصل دفع الضرر و اشار هنا اليه ثم اخره بعد ذلك و غفل عن تغيير هذه اللفظة و لا بأس به بالجملة لابد من الاشارة هنا الي دفع الضرر حتي يتبين المرادو

اعلم ان الضرر نقصان في البدن او الحال او المال و هو ضد النفع و هو في نفسه اجمالاً منفي من هذا الدين لقول ابي‏عبدالله7 لا ضرر و لا ضرار والله الغني اجل من ان‏يضر بعبده والله الرءوف الرحيم اكرم من ان‏يحلل اضرار البعض بالبعض اذ فيه الفساد في الخلق والله لايحب الفساد و الفساد محرم كما روي الا ان درك الضرر امر صعب فلا كل ناقص العقل يدرك الضرر و النفع الاتري انك تمنع الصغير ماله و هو يحسبه ضرراً و تقطع رجله التي بها شقاقلوص و يحسبه ضرراً والله يأخذ من الناس اولادهم و يتلف اموالهم و يمرضهم في ابدانهم و يحسبونه ضرراً و كذلك كم من شي‏ء يحسبونه نفعاً و هو ضرر بل ربما هو ضرر عظيم فلربما يوجع له بطنه و يشرب الخمر و يسكن وجعه فيحسبه نفعاً و لعله ضرر كما يقول بحرمته من يقول فادراك الضرر و النفع حظ الكاملين لاحظ من له عقل ظاهر و بحسب العقول الظاهرة اغلب ما فرض في الشرع ضرر و لذا يتركونه الناس طمعاً في المنافع الظاهرة التي يحسبونها و يتنفرون منها فاذا كل ما امر الله به و ندب اليه من امر الدين و الدنيا و الاخرة فيه النفع و ان لم‏ندرك نفعه و كل ما نهي الله عنه و كرهه من امر الدين و الدنيا و الاخرة فيه الضرر و ان لم‌ندرك ضرره ثم اذا حصل اتفاق العقلاء الذين فيهم المعصوم علي امر انه فيه الضرر فهو ضار و ان اختلفوا فهو مشتبه.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۳ *»

اذا عرفت ذلك مجملاً فاعلم ان دفع الضرر بعدم ارتكاب ما فيه الضرر مجملاً مما لا شك فيه شرعاً و عرفاً و لايمكن التوقي عن الضرر الا بالتباعد منه ان كان الشخص ضعيفاً او الايواء الي ركن شديد و تقوّ ٍ به او افناء الضار و اعدامه بالجملة الاقتحام في الامور بالظن يحتمل الضرر بلا شك فان الظن ما يحتمل فيه الخلاف و الاقتحام في الخلاف ضرر البتة فبحكم هذا الاصل يجب الاجتناب عن الظن و اذ لا وصول الي العلم بالنفع بخصوصه فيجب التحري و الاحتياط حتي لايقع في الضرر القطعي و يقع في النفع القطعي.

و لو قيل الذي يوجب العمل بالظن و يقول بكراهة الشي‏ء مثلاً بظنه يحرم العمل به وجوباً و انت تحتاط و تستعمله فاحتياطك حرام عنده و الحرام ضرر فانت ايضاً باحتياطك مقتحم في الضرر قال المصنف في الجواب عن ذلك ان وجوب العمل بالظن و حرمته داير بين ضررين ضرر الافتاء و ضرر العمل و اما في احتياطنا يمكن ترك محتمل التحريم فالاحتياط اولي و اني اعوذ بالله من الاستبداد بالعقول و ترك الرجوع الي ال الرسول صلي الله عليهم و وحقك اري الساير في هذا العلم كساير في بلد ليس فيه ذكر من الله و من رسوله9 فلااذان و لاصلوة و لاصيام و لاذكر من الله بوجه من الوجوه و اهله مستبدون بعقولهم يختارون مايشاءون و يتركون مايريدون و الحمدلله الذي اسكننا في بلاد الاسلام نسمع الاذان و نحضر المساجد و نصلي في جماعة المسلمين و نسمع المواعظ و احكام الدين و نتذكر و لانكون من الغافلين و الحمدلله رب العالمين.

قالالخامس اصالة البراءة عن وجوب الفحص اذا علم عند عروض المسألة بانه لايتمكن من العلم بل يتمكن من الظن و يتم فيما عداه كما لو كان ظاناً من اول الامر بالاجماع المركب الا ان‏يرد ذلك بان وجوب الفحص مقدمي تبعي لايجري فيه اصل البراءة.

اقول: هذا دليل اخر من ادلته علي حرمة العمل بالظن و تحريره اذا عرض مسألة و علم انه لايتمكن من العلم و الظن بها فمقتضي اصل البراءة عدم وجوب

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۴ *»

الفحص فكذلك اذا علم انه يتمكن من الظن للاجماع المركب الا ان‏يرد ذلك راد بان اصل البراءة يجري في الواجبات النفسية لا المقدمية التبعية فيجب الفحص من باب مقدمة العلم بالتكليف فاذا فحص وقع علي الظن تالله ان هذه الادلة الواهية تكسل صاحب السجية المستقيمة ولكني ابتليت و لابد من رسمها.

قالالسادس انه لاريب في اتحاد الاحكام الواقعية و تبعيتها للصفات الكامنة و لا في ان جعل تلك الاحكام من الشارع انما هو لاعلام العباد حتي يعثروا علي تلك المصالح و المفاسد كما هو مقتضي اللطف الواجب و لا في ان مقتضي اللطف الواجب نصب دليل علمي علي تلك الاحكام المنبئة عن المصالح الواقعية اجمالاً فان الظن يخطئ و يصيب فيوجب تحريم الحلال و عكسه و يوجب لغوية جعل الاحكام بمقتضي المصالح الواقعية و خلاف اللطف بالنسبة الي العباد لارتكابهم حينئذ الحرام الواقعي المهلك بمقتضي الصفة الكامنة فيه فلابد من كون باب العلم القطعي مفتوحاً لكل احد و فيه ان المراد ان كان مجرد نصب الدليل القطعي للعباد و ان لم‏يصب الواقع لزم ما لزم في الظن او القطعي المطابق للواقع فان لم‏يكن ذلك لازماً عليه تعالي فلا كلام او لازماً عليه و لم‏ينصب او نصب لكن كان اختلاف العلماء عن تقصير منهم فهو كماتري او عن قصور فلم‏ينصب فبطلان الدليل محسوس بوجداننا الانسداد سلمنا لكنه ماذا يقول في الظنون الاتفاقية كالحاصل من المتواترات اللفظية و في الموضوعات الصرفة المبنية علي الظن او السبب كيد المسلم و اصالة الطهارة مع ان محل كلامنا في تأسيس الاصل صورة الشك في حجية الظن و هذا الدليل لو تم لاثبت الانفتاح المطلق و معه لا شك في حرمة العمل بالظن و لا نزاع.

اقول: هذا دليل اخر من ادلة المصنف علي حرمة العمل بالظن و تحريره ان الاحكام الواقعية واحدة و هي عند القوم ما صدر عن النبي9 و هو خطاء كما حققناه في محله و في سائر كتبنا بل الاحكام الصادرة عن الحجج سلام الله عليهم احكام بحسب مقتضي اعراض هذا العالم و لذلك كانوا يجيبون باجوبة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۵ *»

مختلفة في مسألة واحدة و النبي9 و ان لم‏يفعل ذلك لكونه مبدءاً الا انه كان ‏يحكم بالشي‏ء ازماناً ثم يعدل عنه الي غيره فاحكامه علي حسب اقتضاء هذا العالم عالم الاعراض و هي تختلف و تتعدد و الاحكام الواقعية المتحدة هي احكام العالم الخالي عن الاعراض و هو غير هذا العالم و من يوم قتل قابيل هابيل انسد باب تلك الاحكام و تغيرت البلاد و من عليها و احكامها و ما يقتضيها و جرت الشرايع لهذا العالم فكانت علي حسب اقتضاء هذا العالم فالاحكام الواقعية اي الصادرة عن الحجج ليست واحدة و لايجب ان‏تكون تابعة للصفات الكامنة و لعلها بمقتضي الصفات الظاهرة ولكنها كلمة تعلموها و لم‏يعلموا موضعها و علل الاحكام لايجب ان‏تكون كامنة بل هي صفات الاشياء مطلقا من حيث الاقتران بالمكلفين.

و قال لاريب في ان جعل تلك الاحكام لاعلام العباد و هو كلام ناقص ككلام من ليس من اهل علم فان علم العباد ليس غاية وضع الشرايع و انما خلق الله خلقاً لاجل المعرفة و لايحصل المعرفة الكاملة الا بالعبادة و لايتمكنون من العبادة الا ان‏يعملوا بما يؤدي الي حصول تلك الغاية و فيه صلاحهم و يجتنبوا عما يمنع من حصول تلك‌ الغاية و فيه فسادهم و لايتمكنون من العمل بالعلم و لايتمكنون من العلم الا ان‏يعلمهم العالم بالصلاح و الفساد و ليس للشرايع وضع خاص و انما هي بيان ما فيه الصلاح في الخارج و بيان ما فيه الفساد في الخارج و لو اني قلت لك لاتلق نفسك من الجبل فينكسر عظامك و اشرب الماء لترتوي ليس اني جعلت احكاماً و انما بينت لك اقتضاء الوقوع من الجبل و شرب الماء و كذلك لم‏يضع الشارع شريعة علي غير هذا النحو.

بالجملة علي قول المصنف لاريب في جعل الاحكام للاعلام كما هو مقتضي اللطف الواجب و لاشك في ان مقتضي اللطف الواجب نصب دليل علمي فان الظن يخطئ و يصيب فيصير جعل الاحكام لغواً و يحصل خلاف اللطف بالعباد فانهم بجهلهم يرتكبون الحرام فيهلكون فلابد من كون باب العلم بالاحكام الواقعية مفتوحة لكل احد و نحن قدذكرنا ان العلم امر قهري لايدفع اذا حل و لا يجلب اذا امتنع و لايحتاج الي دليل انه يحصل العلم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۶ *»

بالجملة قداستدل المصنف هنا باللطف و الاستدلال به شايع بين المتكلمين و مرادهم باللطف ما يقرب العبد الي الطاعة و يبعده عن المعصية بحيث لايؤدي الي الالجاء و طائفة منهم قالوا هو واجب علي الله و استدلوا بذلك علي امور فاوجبوا به عليه اشياء و حرموا به عليه اشياء و نحن قدحققنا في ساير كتبنا ان الله عزوجل لايجب عليه شي‏ء و لايلتزم بشي‏ء و لايحد بحد و الايجاب عليه شيئاً خطاء محض و يفعل الله ما يشاء بقدرته و يحكم ما يريد بعزته لايسأل عما يفعل و هم يسألون و اما ما يقرب العبد من الطاعة و يبعده عن المعصية ما هو فهو ايضاً مجهول علي العباد عسي ان‏تكرهوا شيئاً و هو خير لكم و عسي ان‏تحبوا شيئاً و هو شر لكم و ربما يكون شي‏ء صلاحاً من وجه و فساداً من وجوه اخر مجهولة و كذا العكس و لايعلم جميع جهات الاشياء الا المحيط بالاشياء فليس للمخلوق الجاهل ان‏يقول هذا من اللطف و يجب علي الله ان‏يفعل و هذا الكلام بهذا الوجه سخيف جداً نعم الذي يأمر عبده بشي‏ء يجب في الحكمة ان‏يمكنه من فعله و الذي ينهي عن شي‏ء يجب في الحكمة ان‏يمكنه من تركه و الا لايقدر علي الامتثال فيكون الامر و النهي لغواً و اما كيفية التمكين و اسبابه و وجوهه فنحن لانعلم ذلك و لربما علمنا شيئاً و غاب عنا اشياء و كم من شي‏ء نحسبه حسناً و لازماً و اولي و اكمل و نري ان الله لم‏يفعل و هو لايفعل الا الاصلح و كم من شي‏ء نحسبه قبيحاً او ظلماً او خلاف اولي و نري ان الله فعله و لايفعل الا الاصلح و الاولي و الاحسن و انما ذلك لاجل ان انظارنا قاصرة و لانعرف حقايق الاشياء و جهاتها و مباديها و غاياتها و ان الله يعلم و انتم لاتعلمون فالاستدلال باللطف علي حسب عقولنا المختلفة الضعيفة خطاء لاعبرة به كما تري ان مفاد دليله صار وجوب انفتاح باب العلم القطعي بالاحكام الواقعية لكل احد و ليس كذلك بداهةً و وجداناً من كل نفس اقلاً.

قوله <و فيه ان المراد> الي اخر يعني مجرد نصب الدليل و ان لم‏يصب الدليل يخطئ و يصيب كما مر في الظن و ان كان مصيباً فنقول هذا لازم علي الله ام لا فان كان غير لازم فالدليل ناقص و ان كان لازماً و لم‏ينصب فيكون تاركاً للاولي و ان نصب فلم‏اختلف العلماء فان كان الاختلاف من تقصيرهم فقداثبتت

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۷ *»

التقصير في كلهم و ذلك قدحهم و لايليق بشأنهم و ان كان الاختلاف من قصورهم فلم‏ينصب و نحن نجد بوجداننا انسداد باب العلم في كثير من المسائل و لاسيما في الظنون الاتفاقية الحجية كالحاصل من المتواترات اللفظية و الموضوعات الصرفة المبنية علي الظن كتعيين الخل و الملح و الماء و التراب و امثالها مثلاً او السبب كيد المسلم و اصالة الطهارة و امثالها مع ان كلامنا في صورة الشك في حجية الظن و هذا الدليل لوصح اثبت الانفتاح المطلق و في هذه الصورة لا نزاع في حرمة العمل بالظن.

قالالسابع اجماع الخاصة علي عدم جواز العمل بالظن ما لم‏يرد عليه دليل و لذا لم‏نر احداً يقول بحجية الظن تمسكاً بعدم الدليل علي حرمته و لعل مراد المرتضي ايضاً من الاجماع علي حرمة العمل بالواحد هو اندراجه تحت هذا الاصل المجمع‌عليه لعدم عثوره علي الدليل الوارد لامن اجل عثوره علي حرمة العمل به. الثامن و التاسع الايات و النصوص القطعية.

اقول: هذه الفقرات حق لا شك فيه و لاريب يعتريه و ينبغي ان‏يكتب بالنور علي صفحات جباه الحور ولكنه طوي هذا البساط بعد بسطه و لفه بعد نشره فكأنما لم‏يذكر و لم‏يسطر ولكنا نعتني به و نشيده و لانهدمه و نعمل به ان‏شاء الله و لما كان ما ذكره من الادلة غير هذه الثلثة في غاية الوهن فلابد و ان‏نشرح ذلك بقدر سعة الوقت و ان كنا شرحنا ذلك في ساير كتبنا كعلم اليقين و الحجة القاطعة و القواعد و السوانح و غيرها مفصلاً مستوفي ولكن نذكر هنا ايضاً ماتيسر اتماماً للحجة و ايضاحاً للمحجة و لاحول و لاقوة الا بالله و يستدعي شرح ذلك عنونة اربعة مقاصد.

المقصد الاول

فى ذكر بعض الايات الدالة على المراد الامرة بالعلم او الناهية عن الظن

قال الله عزوجل قل اتخذتم عند الله عهداً ام تقولون علي الله ما لاتعلمون

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۸ *»

و قال و ان منهم لفريقاً يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب و ما هو من الكتاب و يقولون علي الله الكذب و هم يعلمون و قال هاانتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم و قال و لكن الذين كفروا يفترون علي الله الكذب و اكثرهم لايعقلون و قال تعالي قدخسر الذين قتلوا اولادهم سفهاً بغير علم و حرموا ما رزقهم الله افتراءاً علي الله قدضلوا و ماكانوا مهتدين و قال و اذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها اباءنا والله امرنا بها قل ان الله لايأمر بالفحشاء أتقولون علي الله ما لاتعلمون و قال انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و ان‏تشركوا بالله ما لم‏ينزل به سلطانا و ان‏تقولوا علي الله ما لاتعلمون و قال الم‏يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ان لايقولوا علي الله الا الحق و قال و ان كثيراً ليضلون باهوائهم بغير علم و قال قدخسر الذين قتلوا اولادهم سفهاً بغير علم و قال ثمانية ازواج من الضأن اثنين و من المعز اثنين قل ءالذكرين حرم ام الانثيين ام مااشتملت عليه ارحام الانثيين نبئوني بعلم ان كنتم صادقين و قال و من الابل اثنين و من البقر اثنين قل ءالذكرين حرم ام الانثيين ام مااشتملت عليه ارحام الانثيين ام كنتم شهداء اذ وصاكم الله بهذا فمن اظلم ممن افتري علي الله كذباً ليضل الناس بغير علم ان الله لايهدي القوم الظالمين و قال سيقول الذين اشركوا لو شاء الله مااشركنا و لا اباؤنا و لاحرمنا من شي‏ء كذلك كذب الذين من قبلهم حتي ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن و ان انتم الا تخرصون و قال الاعراب اشد كفراً و نفاقاً و اجدر ان لايعلموا حدود ما انزل الله و قال تعالي أتقولون علي الله ما لاتعلمون قل ان الذين يفترون علي الله الكذب لايفلحون و قال ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيمة و من اوزار الذين يضلونهم بغير علم و قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و قال و لاتقف ما ليس لك به علم ان السمع و البصر و الفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا و قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون بالبينات و الزبر وقال و تقولون بافواهكم ما ليس لكم به علم و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۹۹ *»

تحسبونه هينا و هو عند الله عظيم و قال بل اتبع الذين ظلموا اهواءهم بغيرعلم فمن يهدي من اضل الله و قال و كذلك يطبع الله علي قلوب الذين لايعلمون و قال و من الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغيرعلم و قال قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لايعلمون انما يتذكر اولوا الالباب و قال ماتفرقوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم و قال و اتيناهم بينات من الامر فمااختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم و قال و لاتتبع اهواء الذين لايعلمون و قال ايتوني بكتاب من قبل هذا او اثارة من علم ان كنتم صادقين و قال و ما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن و ان الظن لايغني من الحق شيئا و قال ياايها الناس كلوا مما في الارض حلالاً طيباً و لاتتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين انمايأمركم بالسوء و الفحشاء و ان‏تقولوا علي الله ما لاتعلمون و قال و ان كثيراً ليضلون باهوائهم بغير علم ان ربك هو اعلم بالمهتدين و قال ثم جعلناك علي شريعة من الامر فاتبعها و لاتتبع اهواء الذين لايعلمون انهم لن‏يغنوا عنك من الله شيئا و قال ان يتبعون الا الظن و ما تهوي الانفس و لقدجاءهم من ربهم الهدي الي غير ذلك من الايات المحكمات الباهرات.

و لو تدبر متدبر و خاف قوله سبحانه و اذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه اباءنا او لو كان الشيطان يدعوهم الي عذاب السعير و قوله و اذا قيل لهم تعالوا الي ما انزل الله و الي الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه اباءنا او لو كان اباؤهم لايعلمون شيئاً و لايهتدون و قوله الم‏تر الي الذين اوتوا نصيباً من الكتاب يدعون الي كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولي فريق منهم و هم معرضون و لم‏يرتكب التأويل و لم‏يستعمل التشكيك و لم‏يخض في الشبهات عرف بلاغبار ان العمل بغيرعلم محرم و هو من خطوات الشيطان و تأويل العلم بما هو اعم من الظن جسارة علي الله و علي كتابه و تفسير بالرأي المنهي‌عنه من غير سند و في لغة العرب العلم هو اليقين و المعرفة و الظن خلاف اليقين و في العرف العلم ما لايحتمل الخلاف و الظن ما يحتمل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۰ *»

الخلاف و سأتلو عليك الاخبار ان شاء الله حتي تعلم ان في الشرع ايضاً الظن عديل الشك و خلاف العلم و قدقال الله سبحانه هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن فالقول بان العلم اعم من الظن تفسير بالرأي و قول علي خلاف اللغة و العرف و الكتاب و السنة.

و كذلك تخصيص الايات باصول العقايد تخصيص و تقييد للكتاب بالرأي و هو منهي‌عنه و من فسر الكتاب برأيه فليتبوء مقعده من النار و كثير منها صريح في المسائل الفرعية و كثير منها مطلقة غاية الامر ان الظن في العقايد ايضاً فرد من افراد الظن المنهي و خص بالذكر في بعض الايات فلايصير سبب تخصيص العمومات و تقييد المطلقات و تأويل الايات المخصوصة بالفروع و هذه الايات التي ذكرناها محكمة لصراحة دلالتها و قيام الاجماع علي ان ظاهرها ما ذكرنا و بعضها نص و شهادة اخبار متجاوزة حد التواتر بصحة ظواهرها فهي محكمة و العدول عنها امر عظيم و لو اردنا ان‏نذكر ايات تدل علي المراد بضم بعضها الي بعض لبلغ مبلغاً يصير خارجاً عن وضع الكتاب و انما اكتفينا بما هي بانفسها صريحة الدلالة و يكفي من الكتاب اية واحدة و ان الله سبحانه لم‏يبالغ في النهي عن القتل و الزني و اللواط و شرب الخمر هذا المبلغ كما هو ظاهر فالاعراض عنها جسارة عظيمة و الامر الي الله.

المقصد الثانى

فى ذكر بعض الاخبار الواردة

و هي متجاوزة حد التواتر حتي انه ذكر بعض اصحابنا انه عد الفاً و مأتي حديث و ستة و عشرين حديثاً في النهي عن الظن و العمل بغيرعلم و العمل بالرأي و امثال ذلك ولكنا نذكر منها ما يكون صريح الدلالة غيرقابل للتأويل و غيرمحتاج الي ضم ضميمة.

قال ابوجعفر7 من افتي الناس بغيرعلم و لا هدي من الله لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه و قال ابوعبدالله7 انهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال انهاك ان‏تدين الله بالباطل و تفتي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۱ *»

الناس بما لاتعلم و قال7 اياك و خصلتين ففيهما هلك من هلك اياك ان‏تفتي الناس برأيك او تدين بما لاتعلم و قال ابوجعفر7 ما علمتم فقولوا و ما لم‏تعلموا فقولوا الله اعلم و قال ابوعبدالله7 القضاة اربعة ثلثة في النار و واحد في الجنة رجل قضي بجور و هو يعلم فهو في النار و رجل قضي بجور و هو لايعلم فهو في النار و رجل قضي بحق و هو لايعلم فهو في النار و رجل قضي بالحق و هو يعلم فهو في الجنة و سئل ابوجعفر7 ما حق الله علي العباد قال ان‏يقولوا ما يعلمون و يقفوا عند ما لايعلمون و قيل لابي عبدالله7 ما حق الله علي خلقه فقال ان‏يقولوا ما يعلمون و يكفوا عما لايعلمون فاذا فعلوا ذلك فقدادوا الي الله حقه و قال ابوعبدالله7 قال رسول الله9 من عمل علي غيرعلم كان ما يفسد اكثر مما يصلح و قال7 لايسعكم فيما ينزل بكم مما لاتعلمون الا الكف عنه و التثبت و الرد الي ائمة الهدي حتي يحملوكم فيه علي القصد و يجلو عنكم فيه العمي و يعرفوكم فيه الحق و قال7 ان الله خص عباده بايتين من كتابه ان لايقولوا علي الله الا الحق و قال بل كذبوا بما لم‏يحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله و قال اميرالمؤمنين7 ياايها الناس اتقوا الله و لاتفتوا الناس بما لاتعلمون و قال ابوالحسن موسي7 اذا جاءكم ماتعلمون فقولوا و ان جاءكم ما لاتعلمون فها و اهوي بيده الي فيه و عن الصادق7 في حديث قال قال ابوجعفر7 من افتي الناس برأيه فقددان الله بما لايعلم و من دان الله بما لايعلم فقدضاد الله حيث احل و حرم فيما لايعلم و قال ابوعبدالله7 من شك او ظن فاقام علي احدهما فقدحبط عمله ان حجة الله هي الحجة الواضحة و عن اميرالمؤمنين7 في حديث من عمي نسي الذكر و اتبع الظن و بارز خالقه الي ان قال و من نجي من ذلك فمن فضل اليقين و عن ابي‏البختري عن جعفر عن ابيه8ان علياً7 قال لرجل و هو يوصيه خذ مني خمساً لايرجو احدكم الا ربه و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۲ *»

لايخاف الا ذنبه و لايستحيي ان‏يتعلم ما لم‏يعلم و لايستحيي اذا سئل عما لايعلم ان‏يقول لااعلم الخبر وقال ابوعبدالله7 ان من حقيقة الايمان ان‏تؤثر الحق و ان ضرك علي الباطل و ان نفعك و ان لايجوز منطقك علمك و عن الرضا7 عن ابائه عن اميرالمؤمنين: قال قال رسول الله9 من افتي الناس بغير علم لعنته ملائكة السموات و الارض و سمع ابوعبدالله7 يقول من استأكل بعلمه افتقر فقلت له جعلت فداك ان في شيعتك و مواليك قوماً يتحملون علومكم و يبثون في شيعتكم فلايعدمون علي ذلك منهم البر و الصلة و الاكرام  فقال7 ليس اولئك يستأكلون انما المستأكل بعلمه الذي يفتي بغيرعلم و لا هدي من الله عزوجل ليبطل به الحقوق طمعاً في حطام الدنيا و قال ابوعبدالله7 اذا سئل الرجل منكم عما لايعلم فليقل لاادري و لايقل الله اعلم فيوقع في قلب صاحبه شكاً و اذا قال المسئول لاادري فلايتهمه السائل وقال7 اذا سئلت عما لاتعلم فقل لاادري فان لاادري خير من الفتيي و عنه7 عن ابيه قال قـال رسول الله9 في كلام له لايستحيي العالم اذا سئل عما لايعلم ان‏يقول لاعلم لي به وسئل7 رجلان تداريا في شي‏ء فقال احدهما ان هذا كذا و كذا برأيه فوافق الحق و كف الاخر فقال القول قول العلماء فقال هذا افضل الرجلين او قال اورعهما و قال رسول الله9 ان الله لايقبض العلم انتزاعاً ينزعه بين الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء و اذا لم‏يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسألوهم فقالوا بغيرعلم فضلوا و اضلوا و قال9 اذا تطيرت فامض و اذا ظننت فلاتقض و عن الصادق7 قال قال رسول الله9 اياكم و الظن فان الظن اكذب الكذب و قال الصادق7 لايفلح من لايعقل و لايعقل من لايعلم الي ان قال من فرط تورط و من خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لايعلم و من هجم علي امر بغيرعلم فقدجدع انف نفسه و من لم‏يعلم لم‏يفهم و من لم‏يفهم لم‏يسلم و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۳ *»

من لم‏يسلم لم‏يكرم و من لم‏يكرم هضم و من هضم كان الوم و من كان كذا كان احري ان‏يندم و قال اميرالمؤمنين7 المتعبد بغيرعلم كحمار طاحونة يُدير و لايبرح من مكانه الي غير ذلك من الاخبار التي لاتحصي كثرة و ناهيك ماذكرناه من الاخبار و هو متواتر المعني مطابق مع الكتاب مخالف للعامة مطابق للعقل المستنير و انسب بلطف الله القدير و هو الاولي و الاحسن و اليق باكمال الدين و اتمام النعمة و ابلاغ الحجة و عليه جل المتقدمين من الاصوليين و المحدثين و جل من الاخرين و لا باعث للعدول عنها الي ما ليس في الكتاب منه اثر و لا في السنة خبر و لايدل عليه عقل و ستعرف.

بالجملة هذا مصباحنا الذي قدمنا و حجتنا التي اتينا

و من كان ذافهم يشاهد ما قلنا   و ان لم‏يكن فهم فيأخذه عنا
و ما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد عليـ   ـه و كـن في الحال فيه كما كنــا

قال بعض اصحابنا المحدثين الثقات الذي وقفت عليه من الايات القرءانية و الاخبار المعصومية الواردة في هذا المقام الدالة علي المطلب بالمطابقة و التضمن او الالتزام ما يزيد علي مائة اية و يقرب من خمسمائة حديث و عد غيره الفاً و مأتي حديث و ستة و عشرين حديثاً و الخبر الصحيح عن المعصوم يكفي واحد منه فكيف بهذا المبلغ و لاتكن كالذي قال روي لي اخبار الغدير من اربعمائة طريق و ماحدث لي ظن بالجملة هذا الكتاب لايتحمل ازيد من ذلك و ان شئت فراجع ساير كتبنا و قدذكرنا كثيراً من اخبار الباب في كتابنا فصل الخطاب و غيره من كتبنا.

المقصد الثالث

فى الاجماع على ذلك

قال بعض محدثينا اعلم انه قداجمع الامامية رضوان الله عليهم قديماً و حديثاً حتي صار من ضروريات مذهب اهل البيت: علي اصالة عدم حجية الظن في امور الدين و انها مبنية علي العلم و اليقين دون الظن و التخمين و نقل التصريح بذلك عن الشيخ المفيد و السيد المرتضي و شيخ

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۴ *»

الطائفة و ابن‌ ادريس و ابن قبة و الكليني و تلميذه النعماني و الفضل بن شاذان و الصدوق و الطبرسي و القطب الراوندي و الكراجكي و غيرهم و نحن لانحتاج في ذلك الي عدم وجود خلاف في ذلك ولكني اقول ان هؤلاء اساطين الدين و عوام اعصارهم اخذون عنهم ذاهبون مذهبهم و هم مصرحون بالاجماع و بذلك يشهد مائة اية من الكتاب و الاخبار المتواترة المتجاوزة عن اقل مراتبه و يشهد به العقل السليم و سخافة ادلة القوم المخالفين و مخالفة العامة و ساير سنن الله و سنن رسله فيحصل من جميع ذلك علم لا شك فيه و لاريب يعتريه علي ان العمل بالظن ليس من دين الله و لايجوز و لايوصل الي الله و لايقوم بالظن حجة من الله علي خلقه كما سيأتيك و قدبلغ بطلان العمل بالظن مبلغاً لو قلت لشيعي ان فلاناً الفقيه يقول ان نظن الا ظنا و ما نحن بمستيقنين يكذبك و يزعمك قادحاً في العلماء مفترياً عليهم و يقول لو كان قولك صادقاً فلم‏نأخذ عنه ديننا و هو بنفسه غيرمستيقن بدينه و ان انت لايحصل لك العلم من مجموع ذلك فاسأل الله ان‏يصلح وجدانك و اذاً لاتكاد تتيقن بشي‏ء من امور دينك و ليس ادلة حرمة الخمر و الزني و اللواط بهذه المثابة و ان كنت فقيهاً تصدقني. فتبين و ظهر انه قدقام الاجماع الذي لاريب فيه بعد محكمات الكتاب و اخبار اصحاب فصل الخطاب علي حرمة العمل بالظن فلا مناص عن القول به البتة.

المقصد الرابع

فى الادلة العقلية

و انما اتينا بالادلة العقلية لنقابل ادلتهم و نبطل براهينهم لا لاجل انا نعمل بالادلة العقلية في دين الله و نثبت بها هذا الاصل العظيم الذي هو مبني جميع الشرايع و الاحكام و ان كان ادلتنا العقلية ايضاً مأخوذة من الكتاب و السنة جارية علي طبقها لانه بعد ما تلونا من الكتاب و روينا من السنة لايحتاج الي اعتضاد بغيرهما

اذا قالت حذام فصدقوها   فان القول ما قالت حذام

ما قال ال‏محمد قلنا و ما دان ال‏محمد دنّا فنذكر منها هنا ما يتيسر و يساعده نشاط

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۵ *»

الخاطر اذ ساير كتبنا بها مشحونة فهي من وجوه.

الاول: اعلم ان حكمة الحكيم جل شأنه في خلقه اقتضت ان‏يخلقهم جهالاً اولاً ثم يمن عليهم بالتعليم فاخرجهم من بطون امهاتهم و هم اقل شعوراً من البهائم الا انه جعل فيهم قوة صالحة للتعلم و الصعود الي عرصة العلم و انما خلقهم لاجل عبادته و معرفته و كانوا بانفسهم جهالاً لايعلمون طرق عبادته و معرفته و لم‏يجعل فيهم اداة بالفعل ينالون بها المعرفة فارسل اليهم الرسل و انزل عليهم الكتب و امرهم بالتعليم و التعريف و اخراج ما فيهم من القوة الي الفعلية و كان من كمال التعريف و التعليم ترهيب سايق لهم و ترغيب قائد فخلق ناراً و جنة رهبهم عن عذاب تلك النار و رغبهم في ثواب تلك الجنة و لم‏يكن الله جل وعز يضع فيهم قوة العلم و المعرفة و يخلقهم لها و لايخلق لاخراجها الي الفعلية اسباباً فيكون خلقها لغواً و زايداً و عبثاً و لم‏يكن عاجزاً عن خلق اسباب لاخراجها الي الفعلية مع ان اخراجها الي الفعلية ادل علي قدرته و اتم لحجته و اقود لهم الي الجنة و اسوق لهم عن النار و كان اولي و انسب الي شأن الربوبية و اكمل لدينه و اتم لنعمته و تلك الاسباب ادلة دالة علي القطع و اليقين علي ما اراد من خلقه العلم به و المعرفة بحقه لانه اتم و اكمل و اولي هذا و الدليل نزولاً من اثار المدلول و صعوداً منشأ المدلول و والده و ان الله سبحانه جعل لكل واحد من خلقه اثراً يشاكله و يخصه و يدل عليه و يطابقه فما اراد الله من خلقه في علمه له اثار و هي دالة عليه فان اخفي عنهم ما في علمه اظهر لهم ادلته و برهانه و لذا قال لقدجاءكم برهان من ربكم و قال قل هاتوا برهانكم فكل ظاهر غني عن برهان و كل خفي يحتاج الي دليل ظاهر في العيان و كل ولد يتولد من نطفتي والديه فيكون منهما مادة و صورة فالعلم و المعرفة يتولدان من والدين يناسبانهما فلذلك جعل الله علي مكنون علمه دليلاً و هو كتابه الناطق علي لسان نبيه9 و لم‏يجعل دليل مكنون علمه ما لايؤديه و لايوصل اليه و ما يتولد منه غيره و ما يدل عليه و يدل علي غيره او مايحتمل ان‏يكون دليلاً له و ان لايكون و لم‏يكن عاجزاً عن خلق دليل دال قطعي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۶ *»

ليكمل دينه و يتم نعمته و الدليل علي ان العلم اكمل و اتم و اولي غني عن البرهان لبداهته و مع ذلك قال الله سبحانه قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لايعلمون و قال الله سبحانه أفمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمي انمايتذكر اولوا الالباب و قال هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن و ان انتم الا تخرصون الي غير ذلك من الايات و الاخبار المتواترة التي مر شي‏ء منها والله سبحانه عذب الانبياء بترك الاولي و استقبحه لهم فكيف يرتكب القبيح و هو قادر علي ان‏يهيئ اسباب حصول العلم لهم فتبين و ظهر انه خلق اسباب العلم و لم‏يعدل عنه الي ما كان نقصاً في خلقه و حكمته و قدرته فمن ظن غير ذلك بالله سبحانه فقدعدل بالله و تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً فهذا دليل ظاهر باهر يطابق الكتاب و السنة و الاجماع و لايخصص و لايقيد و شواهد كل كلمة مما ذكرنا موجودة في الكتاب و السنة فاسلم تسلم.

الثاني: ان الله سبحانه خلق الخلق لعبادته و امرهم بعبادته للتقرب اليه و لايتقربون اليه الا بالسير اليه و صاحب اليقين يسير اليه دائماً باقدام الامتثال و لاينقلب و اما صاحب الشك و الظن متردد و يحتمل في كل قدم انه متقرب الي الله و يحتمل انه منقلب مدبر عن الله فان رفع القدم الي مقام الرب جذبه احتمال الخطاء الي ورائه فان اصاب خاف انه اخطأ و ان اخطأ رجا ان‏يكون اصاب فهو في ريبه متردد دائماً فيكون عمله مع هذا التردد باطلاً فاسداً لانه لايعتقد انه متقرب الي الله به فلايقدر علي قصد القربة و لايدري انه مطيع شيطان في عمله او مطيع الله فكيف يعبد الله من يحتمل في قلبه انه يعبد الشيطان و لذا قال ابوعبدالله7 من شك و ظن فاقام علي احدهما فقدحبط عمله ان حجة الله هي الحجة الواضحة و قال الله سبحانه ان الظن لايغني من الحق شيئاً و لم‏يكن الله عاجزاً ان‏يدل خلقه علي ما يتقربون به دائماً من غيرانقلاب و لاتردد.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۷ *»

الثالث: ان مما ساق العاملين بالظن امران معتمدان عندهم احدهما وجوب دفع الضرر المظنون و ثانيهما قبح ترك الراجح الي المرجوح و هما دليلان بهما يصولون و الي ركنهما يأوون اما الاول فلابد لنا من معرفة الضرر و هو الذي اشتبه عليهم و ليس الضرر هو النقص في البدن او الحال و المال من جهة واحدة و الا لكان الجهاد و الختان ضرراً و الزكوة و الخمس و الحج ضرراً و لا ضرر و لا ضرار في الدين بل مناط الضرر ان‏يلاحظ جميع جهات وجود الشي‏ء و يراعي الحاصل من الكل و قداشرنا انفاً الي ذلك الاتري ان الوالد الشفيق ربما يقطع يد ولده الملسوع و هو ضرر ظاهر حاضر ولكن الوالد يلاحظ نفع بقائه و يراه اعظم من ضرر كونه بلا يد و يقطع رجل ولده الذي به شقاقلوص و هو ضرر حاضر ولكن يري نفع بقاء حيوته اعظم فيختار الضرر الحاضر لكثرة نفع الحاصل فبعد الموازنة يري ان النفع في قطع يده و العقلاء يصرفون اموالاً كثيرة و هو ضرر حاضر رجاء منفعة غائبة تفضل علي الضرر الحاضر فاذاً لا كل نقص في البدن و الحال و المال ضرر اذا كان في غير الحاضر من الجهات الخفية الدنيوية و الاخروية منفعة و لايعلم تلك الجهات الا المحيط بجهات الاشياء فاولاً لايجوز للعقول الناقصة الاستدلال علي نفي شي‏ء للضرر المظنون فلعل في الجهات الخفية الدنيوية و الاخروية وجوهاً لاتحصي فيها منافع لايوصل اليها الا بهذا الضرر فالضرر ما اخبر العليم الخبير انه ضرر و النفع ما اخبر العليم الخبير انه نفع و كليةً لا ضرر الا في عصيان الله و لا نفع الا في طاعته و قدقال رسول الله9 ما من شي‏ء يقربكم من الجنة و يبعدكم من النار الا و قدامرتكم به و ما من شي‏ء يبعدكم عن الجنة و يقربكم من النار الا و قدنهيتكم عنه و لعلي نقلته بالمعني.

فالضرر و التهلكة ما نهي الله عنه و الا لكان الجهاد حراماً و النفع فيما امر الله سبحانه فاذا كان الامر كذلك و رأينا الله قدنهانا عن العمل بغيرعلم و بالظن في مائة اية و ورد الاخبار في النهي عنه ما عد الفاً و مأتين و ستة و عشرين حديثاً كما عده بعض محدثينا و جعلوا العامل بغيرعلم ملعوناً مطروداً فاذا العمل بالظن ضرر في

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۸ *»

الدين و الدنيا و الاخرة فكيف استدل هؤلاء بان الظان يظن العقاب بترك مظنونه و الاجتناب عن الضرر المظنون شيمة العقلاء و اري ذلك كمن شرب الخمر لانه ظن في تركها وجع المعدة و غفل عن ان في نفس الشرب ضرراً مهلكاً يهلك دينه و ايمانه الا اجتنبوا هؤلاء عن الضرر المقطوع ‏به و هو العمل بالظن بالكتاب و السنة و الاجماع و ظن العقاب من وجه واحد ظن حسبوه و العليم الخبير المحيط قال ان عملتم بظنكم حبط عملكم و لم‏تنتفعوا به ابداً و في ظنكم ضرر عظيم في دينكم و به يقع التنازع و التقاتل و التفاسد و التعادي بينكم و يبرأ بعضكم من بعض و يلعن بعضكم بعضاً كما احدث في ثنتين و سبعين فرقة كلهم عاملون بالظن و قدجربتم و عاينتم بعينكم و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن و ان هم الا يخرصون و ان الظن لايغني من الحق شيئا و ما بالكم لايحصل لكم ظن من هذه التجارب و هذه الايات و هذه الاخبار بضرر العمل بالظن فتحرموه و تتكلون علي ادلة هي اوهن من بيت العنكبوت و هي بنفسه ظنية فالحكم لله العلي الكبير و فيه ضرر في اخريكم حيث تخرجون بذلك عن زمرة المرحومين لقوله سبحانه ولايزالون مختلفين الا من رحم ربك فانهم غيرمختلفين و فيه ضرر في دينكم حيث يورث لكم الاختلاف و غلبة الشبهات و التشاجر في الدين و التنازع و يؤل امركم الي الشك و الريب و الارتداد عن الدين ففي العمل بالظن فسادكم والله لايحب المفسدين و ان قلتم انا نظن في تركه العقاب فوجب الاجتناب فهناك قوم اخرون يقولون انا نظن في ترك قتل فلان العقاب و يقول اخرون انا نظن في ترك امرأته له او ماله له عقاباً و ابطالاً للحكم فوجب ان‏نعمل بظنوننا و في ذلك فساد الملك.

فتبين ان هذا الدليل دليل باطل و عن حلية الاعتبار عاطل و الدين هي ميزان اعمال العباد و لابد و ان‏يكون امراً خارجياً معيناً مشخصاً يرجعون اليه في التنازع لا ان يقول كل احد اني حاكمت الي قلبي و افتاني بكذا و انتم تقولون ان الكتاب و السنة ليسا بدليلين لان الدليل ما يدل علي اليقين و هما ظنيان و انما الحجة و الدليل ظن المجتهد فليس لله حكم في الخارج يرجع المتنازعون اليه و ظن المجتهد غيب

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۰۹ *»

في باطنه هذا و دليلكم هو ظني و استدلال بالظن علي الظن و لذا اختلفتم و رد بعضكم علي بعض و اعترض بعضكم في دليل بعض و تقفون علي ما عجزتم عن رده و لايثبت ظن بظن فانه لايساعده كتاب و لا سنة و معني لا ضرر و لا ضرار انه لم‏يجعل في دينه و شرايعه ضرراً علي عباده و كل‌ما جعله نافع لهم و لايدل علي مطلبكم اصلاً و الاجتناب عن الشبهة المحصورة ان كان ثابتاً بدليل شرعي في كتاب و سنة فهو الدليل لا كون الضرر فيه و ان لم‏يكن فلايجب باحتمال الضرر فيه و بناء هذه الجهال التي تسمونهم العقلاء من الاجتناب عن الضرر المظنون ليس من المدارك الشرعية و لم‏يرد كتاب و لا سنة ان‏تتعلموا دينكم من جهالكم الذين تسمونهم عقلاءكم و ليسوا بانبياء.

و اما الثاني و هو قبح ترك الراجح الي المرجوح فعلي حذو ما مر فان الراجح ما طابق رضاء الله و المرجوح ما خالف رضاء الله و نحن لانعرف الراجح من المرجوح كما لم‌نكن نعرف الضرر من النفع و الصلاح من الفساد و من دلكم علي ان الراجح في عقولكم الناقصة و افهامكم البائرة راجح عند الله و محبوب و المرجوح عندها مرجوح عند الله فالراجح ما امر الله به و ان كان في عقولنا مرجوحاً و المرجوح ما نهي الله عنه و ان كان في عقولنا راجحاً قال الله سبحانه عسي ان‏تكرهوا شيئاً و هو خير لكم و عسي ان‏تحبوا شيئاً و هو شر لكم فلم لاتقولون ان العمل بالظن مرجوح بهذه الادلة الشافية الكافية من الكتاب و السنة و الاجماع و العقل المستنير و يجب ترك المرجوح الي الراجح و تعمدون علي ما رجح في هذه العقول الضعيفة المتقلبة في الاراء في كل يوم المائلة مع كل ريح و توجبون العمل بمقتضاه دون تلك الادلة الباهرة الالهية المحمدية العلوية و مرد الكل الي الله.

الرابع: و عمدة ما ساق القوم الي القول بجواز الافتاء و العمل بالظن ما زعموا انهم يعتقدون بالاجماع انهم مكلفون اليوم و لم‏يرفع عنهم التكليف و ذلك اجماع لاريب فيه و انهم يرون بالبداهة و العيان انه ارتفع العلم باغلب المسائل عنهم و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۰ *»

ذلك ايضاً مما لا شك فيه و لاريب يعتريه و لايكلف الله نفساً الا وسعها و نيل ما رفع عنهم ليس في وسعهم فليسوا بمكلفين به و هم مكلفون يقيناً و الشك و الوهم لايمكن ان‏يكونا مناط التكليف فلم‏يبق الا الظن فهم عند تعذر العلم مكلفون بالافتاء بالظن و هذا حاصل تحرير المسألة و تفصيلها مضبوط في كتبهم.

فنقول في مقابلهم لنا قياس اخر و هو انتم مكلفون بالعلم اجماعاً و عجزتم عن العلم وجداناً و الظن محرم بالكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل فعليكم بالاحتياط او تقليد من نال العلم لجوازه اجماعاً و كتاباً و سنةً و نقول تفصيلاً اما انتم اليوم مكلفون فلا شك فيه ولكن مكلفون بالعلم اذ سند هذا الاجماع هو الكتاب و السنة و قدعرفت حالهما في الدلالة علي وجوب طلب العلم فانتم مكلفون بالكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل لكن بالعلم كماتعترفون انه الاصل الاولي بالاجماع و انتم تجدون في انفسكم عياناً انه لايمكنكم تحصيل العلم و يمكنكم تحصيل الظن و دونكم ايضاً جماعة لايمكنهم تحصيل الظن ايضاً و يمكنهم الشك و دونهم قوم انزل منهم و لايحصل لهم الا الوهم فالجماعة الذين لايحصل لهم العلم بوسايط الله اعلم بها لايتكلفوا و لايدعوا انهم فقهاء و يتركوا الامر لاهله كما يجب لاصحاب الوهم و الشك ان‏لايعملوا بوهمهم و لا شكهم و علي زعمكم يجب عليهم ان‏يأخذوا من اصحاب الظن و كذلك يقول لكم غيركم انتم ايضاً لاتأخذوا بظنكم و خذوا عن اصحاب العلم و ان قلتم نحن علماء فقهاء اساتيد كيف نأخذ بقول غيرنا قلت انا نري ايضاً علماء يشقون الشعر و تمام عمرهم مشغولون بالعلم و البحث ولكن بلغ امرهم من كثرة الشبهات و الشكوك مبلغاً لايحصل لهم ظن بمسألة من المسائل و انما هم في مرية منها لتراكم الشبهات فما تكليفهم هل يجب ان‏يعملوا بشكهم و وهمهم او يقلدوكم فما تقولون فيهم نقول فيكم و نقول انكم من كثرة الشبهات و الشكوك و الرجوع الي كتب العامة انسد عليكم باب العلم و هناك اقوام باقون علي الفطرة عدول ثقات اصحاب ذكر و فكر و علم و حلم و تقوي يقولون يحصل لنا العلم و كما تقولون لايجوز تخطيتنا لايجوز تخطيتهم و القول بانه اشتبه عليكم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۱ *»

ليس ببرهان و ان كان برهاناً فهم ايضاً يقولون لكم هكذا ثم نحن نري الكتاب و السنة و الاجماع يصدقهم فانهم يرتبون قياساً هكذا و يقولون ان الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل شهدت علي بقاء التكليف و العمل بالعلم و الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل ايضاً شهدت بان الله لايكلف بالمتعذر فليس العلم بمتعذر قطعاً فالقول بالتعذر قول بابطال هاتين المقدمتين اللتين شهدت الادلة الاربعة بحقيتها و المرد الي الله فاما تخلو عن شبهاتكم و ادخلوا مدخل اخوانكم من المدعين للعلم و اهتدوا الي ما اهتدوا اليه و اما اتركوا الاجتهاد في الدين و قلدوا اخوانكم العالمين و لا نقص والله في اصابة الحق أليس اذا راجعتم الادلة مراجعة اجمالية و ضاق الوقت و لم‏تهتدوا الي مر الحق في المسألة و توقفتم فيها و شككتم في الحق و لكن نظر عدل ثقة فقيه غيركم و عرف الحق جاز لكم تقليده و الاعتماد عليه في تلك المسألة بقوله تعالي و اسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون فانت لاتعلم و اولئك اهل الذكر فامتثل امر الله و قلدهم هذا بيان الحق علي الاجمال و سنذكر في محله ان شاء الله عدم انسداد باب العلم و انه مفتوح واسع و الحمدلله و دين الله حنيف سهل ليس فيه هذا الضيق.

الخامس: ان الادلة التي تقيمونها علي جواز العمل بالظن عقلية او شرعية فان كانت عقلية فما يحكم به العقل يحكم بامتناع ضده فلايقبل التخصيص و التقييد في الخارج و ان قبل كان الدليل خطاءاً فلم تمنعون عن العمل بالقياس و الاستحسان و المصالح و الرأي و لربما يكون الظن الحاصل منها اقوي من الظنون التي تجوزونها و علي ذلك يجوز ان‏يكون النبي مظنون النبوة و الامام مظنون الامامة بل التوحيد مظنوناً فان الادلة القطعية لاتخصص و ان كانت شرعية فهاتوا باية من كتاب الله او سنة عن النبي9 حتي نتبعكم و اتفقتم جميعكم علي ان‏تأتوا بحديث واحد يدل علي مطلبكم فلم‏تجدوا حتي تمسكتم بما يقال المرء متعبد بظنه و لم‏ير احد موضعه في كتب العامة و الخاصة و علي ما تفسرونه يعارضه ما سمعتم من الكتاب و كان الواجب علي فرض كونه حديثاً

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۲ *»

عرضه علي الكتاب و السنة و العامة فلوعرضته لصار هباءاً منثوراً مع انه ليس بحديث حتي انه في احاديث العامة ايضاً ما يعارضه و هو مارواه في المصابيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ان الله لايقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتي اذا لم‌يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فافتوا بغيرعلم فضلوا و اضلوا و قال رسول الله صلي الله عليه و سلم من افتي الناس بغيرعلم كان اثمه علي من افتاه و قال من قال في القرءان بغيرعلم فليتبوء مقعده من النار انتهي و في احاديث الخاصة ما لايحصي فاذا كان خبر هكذا شأنه كيف يجوز تأسيس اصل به يبتني عليه جميع امر الدين و يرد به الكتاب و السنة و علي قولكم هو اثبات ظن بظن بل بوهم نعم اتم دليل يذكر لهم في العدول عن مفاد تلك الايات هو انها حق و اصل اولي و انما ساقنا الي العمل بالظن الاضطرار كأكل الميتة و قدقال الله سبحانه فمن اضطر غيرباغ و لا عاد فلااثم عليه و روي ما من شي‏ء حرمه الله الا و قداحله لمن اضطر اليه فاقول ان الانصاف يقتضي ان‏يقال ان الوجوه التفصيلية التي يذكرها القوم لسد باب العلم و وجوب العمل بالظن جار في جميع الشرايع في جميع الازمان من لدن ادم الي يومنا هذا و جارية تلك الادلة في جميع المسلمين غير الحاضرين مجلس الخطاب بل في جميع اهل المجلس الا عالم باللحن و الا فالعوام الغافلون بعيدون عن فهم المطالب من الالفاظ حتي ان اليوم بعد كل هذه التربية ربما يستفتي السوقي و يجيبه الفقيه فلايفهم الا ان‏يكرر عليه و يمثل له و مع ذلك كله لايفهم حاق المسألة فكيف بالناس ذلك اليوم و هم جديدوا الاسلام عرب بوالون علي اعقابهم لايفهمون من الاسلام الا شيئاً بعد شي‏ء فادلة القوم تعم جميع الازمان كما يصرحون به ايضاً انه في مجلس الخطاب كان العمل بالظن فاذا كان باب العلم مسدوداً علي بني‏ادم كما تقولون انه علي الظن بناء العالم و اساس عيش بني‏ادم هل من الحكمة ان‏ينزل الله مائة اية في تحريمه و يحدث حججه بالف و مأتين و ستة و عشرين حديثاً في تحريمه و يشددوا عليه باللعن و الطعن ما

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۳ *»

لم‏يشددوا مثله في الزني و اللواط و لم‏يجوزوا لهم في حديث العمل بالظن ثم يتركوهم يعملون به من باب اكل الميتة و هو بمنزلة ان لايكون في الدنيا من لدن ادم الي اخرالزمان مأكول لابن‏ادم الا الميتة و يحرمها الله عليهم في جميع الشرايع و يتركهم يتناولونها من باب الاضطرار الي اكل الميتة و الشريعة جارية علي مقتضي ما في هذا العالم و ليس فيه الا الميتة فانصف و انظر هل هذا من السياسة و هل من السياسة ان لايخلق لبني‏ادم مشروب في الدنيا غير الخمر فيحرمها الله و يلعن شاربها و يتركهم يشربونها من باب الاضطرار بالله لايظن بالحكيم العالم بالسياسة ذلك هلا اجري شريعته علي الاصل الثانوي و هلا تفوه بحديث واحد يدل علي ذلك فتبين من ذلك ان الماء الكافي لشرب الناس موجود فاحل الماء و حرم الخمر و انتم سكنتم في بلد ليس فيه الا الخمر فقلتم نحن مضطرون الي شربها تحولوا الي الغدران العذبة و الانهار الجارية التي يشربها غيركم او خذوا الماء عن جماعة عندهم الماء و لاتشربوا الخمر و اي اضطرار اذا كان يمكنهم الاخذ عنهم و اي اضطرار لكم اذا كان يمكنكم الاحتياط علي ما شرحنا لا علي ما تقولون مما يتعسر او يتعذر و ليس كل‌ما يحتمل عقلاً او قولاً مما يجب فيه الاحتياط فراجع الي كيفية الاحتياط تجده غير متعذر و الحمدلله فاذاً ذهب الاضطرار الي اكل الميتة و لانحتاج الي اكله ببركات اولياء النعم و هداة الامم.

السادس: ان القول بان المدار علي ظن الفقيه يستلزم عدم حجية الكتاب و السنة و حجيتهما كأنها من الضروريات كما نقل عن جماعة منهم ان اطلاق الدليل علي الكتاب و السنة مجاز لان الدليل ما يفيد بنفسه القطع بالمقصود و هما ليسا كذلك بل هما امارتان من الامارات الاجتهادية و حكي التصريح عن الشهيد بان المسألة بعد موت الفقيه يبقي بلامستند فان المستند ظنه و بطل بموته و الكتاب و السنة ليسا مستندين للمسائل بانفسهما الا مقرونين بظن الفقيه و من تتبع الكتاب و السنة عرف ان مذهب ال‏محمد: انهما برهانان جاءا من ربنا و يجب الرجوع اليهما و العمل بهما قال علي7 ان المؤمن لم‏يأخذ دينه عن رأيه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۴ *»

و لكن اتاه من ربه فاخذ به و قال من اخذ دينه من افواه الرجال ازالته الرجال و من اخذ دينه من الكتاب و السنة زالت الجبال و لم‏يزل و سئل عن اختلاف الشيعة فقال ان دين الله لايعرف بالرجال بل باية الحق الخبر و كثرة الاخبار تعجز الانسان عن ايرادها في المختصرات و قدذكرناها في فصل الخطاب و ساير كتبنا و مر بعضها في حجية الكتاب و السنة فان شئت فراجع فالكتاب الذي مصدق لما بين يديه و ما خلفه ليس بدليل و لامستند و لاحجة و ان الظن الذي هو اكذب الكذب صار حجة الله و المرد الي الله و لو انصفت لكفاك هذه الاخبار و الايات بل اية واحدة بل خبر واحد و مع ذلك اوردنا هنا زايداً عن حد الكفاية و ان شئت مع ذلك اكثر من ذلك فعليك بساير كتبنا.

قالاصل الحق انقلاب اصالة الحرمة الي اصالة الجواز في الاحكام الفرعية في الجملة و يدل عليه البرهان العقلي و يتم ذكره في طي مقدمات اربع المقدمة الاولي ثبوت التكاليف في حقنا بالضرورة و وجوب تحصيل العلم بها و الفحص عنها الثانية لاريب في انسداد باب العلم بالمعني الاعم من الظن الخاص في معظم الاحكام الفرعية لان ادلة الفقه غالباً اربعة العقل و الاجماع و الكتاب و السنة و هي لاتفيد غالباً القطع اما العقل القطعي المستقل علي فرض ادراك العقل الحسن و القبح و الثواب و العقاب و الحجية و وجود موضع لم‏يصل حكمه من الشارع الا من جهة العقل ففي غاية القلة في الفروع و كذا الاجماع القطعي النظري الذي لايحتاج مفاده الي اعمال الظنون الاجتهادية لاجماله و اما الكتاب فايات احكامه قليلة ثم منها ما هي مجملة بذاتها و منها ما اختلف في اجمالها و بيانها و منها ما هي ظاهرة تثبت حكماً اجماعياً او ضرورياً او حكماً مجملاً يحتاج تفصيله الي اعمال الظنون الاجتهادية كـاقيموا الصلوة و اتوا الزكوة و اما السنة فما كان منها مقطوع الصدور فمن الظن الخاص لكنه قليل كمقطوع اللب بل غالب الفرعيات تثبت بالواحد الذي لا قطع بصدوره و لامضمونه و لاحجيته من دليل خاص قطعي فباب العلم غالباً منسد.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۵ *»

اقول: نعم هنا

تغيرت البلاد و من عليها   و وجه الارض مغبر قبيح

و تصدي المصنف للاستدلال علي انقلاب ذلك الاصل المطابق للكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل باعترافه و اراد ان‏يذكر علي ذلك دليلاً له مقدمات فالمقدمة الاولي التي استدل بها و قدمها ثبوت التكاليف و هو غني عن البرهان و عليه كافة اهل الايمان و المقدمة الثانية قد اهتم المصنف علي اثبات نقصان الدين و قصور الشرع المبين و تقصير خاتم النبيين و تقاعد الائمة الطاهرين عليهم صلوات المصلين بل و عجز رب العالمين و اقدر القادرين فانه مع انه انزل مائة آية ان لاتعملوا بالظن و خلاف العلم و قال اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا و اصدر الحجج الفاً و مأتين و ستة و عشرين حديثاً انه لايجوز العمل بغيرعلم و قام الاجماع عليه لم‏يجعل الله ديناً تاماً كاملاً قطعياً بين عباده من لدن ادم الي يومنا هذا و لم‏يسن نبيه9 سنة قطعية تكفي العباد و تعمر البلاد و كلفوا الناس بما يجدون خلافه وجداناً قهراً و طبعاً و لايستطيعون له مع ان الله قال لايكلف الله نفساً الا وسعها و لايكلف نفساً الا ما اتاها و لعمري هذه لو صدقت لكانت ادلة من رام ان‏يثبت التناقض في اقوال الله و افعاله و في اقوال النبي9 و اراد نفي الالوهية و الحكمة عن الله و اراد نفي الرسالة عن رسوله و الامامة عن ذريته فان هذا الفعال ليس بفعل عدل حكيم و لو اراد نصراني اثبات عدم حكمة هذا النبي و تناقض اقواله في شرعه و ابطال نبوته و عدم عدله لمازاد علي هذا و لاشك ان من حرم الخمر مطلقا و حدد عليه و جميع بني‏ادم مضطرون اليه ليس بعدل و لاحكيم و ليس بنبي البتة و ذلك كأن‏يحرم عليهم التنفس و جميعهم مضطرون اليه و قول ان العلم المأموربه اعم من الظن قول لا مستند له من لغة و لا شرع و لا عرف و لاسيما الادلة العقلية التي اقاموها تدل علي المقطوع لا المظنون.

بالجملة اخذ المصنف يستدل علي نقصان واحد واحد من الادلة عن افادة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۶ *»

العلم المأموربه في تلك الايات و الاخبار فان كان الله انزل ديناً هكذا و ليس هكذا فهو العاجز علي قولهم و ان انزل ديناً كاملاً فابطل العباد دينه فهو المغلوب علي قوله و ان انزل ديناً تاماً فقصر الرسول عن ابلاغه فليس برسول و ان لم‏يقصر هو و قصر ائمته الذين نصبهم فليسوا بائمة علي زعمهم و ان ادوا ديناً كاملاً فلعب به الاعادي حتي رفعوه عن العالم و قلبوه ظهراً لبطن فصار الدين مخترماً و المخترم باطل و ارتفع الحق عن العالم و لايرتفع و غلبوا هنالك و انقلبوا صاغرين و الحق لايغلب و لاينقلب صاغراً و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين بالجملة قدصار هذا المنكر معروفاً و المعروف منكراً

يا ناعي الاسلام قم فانعه   قد مات عرف و بدا منكر
ليبك علي الاسلام من كان باكيا   و قد هدمت اركانه و دعائمه

قال اميرالمؤمنين7 ترد علي احدهم القضية في حكم من الاحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها علي غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم تجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم فيصوب اراءهم جميعاً و الههم واحد و نبيهم واحد و كتابهم واحد فامرهم الله سبحانه بالاختلاف فاطاعوه ام نهاهم عنه فعصوه ام انزل ديناً ناقصاً فاستعان بهم علي اتمامه ام كانوا شركاء له فلهم ان‏يقولوا و عليه ان‏يرضي ام انزل ديناً تاماً فقصر الرسول عن تبليغه و ادائه والله سبحانه يقول مافرطنا في الكتاب من شي‏ء و فيه تبيان كل شي‏ء و ذكر ان الكتاب يصدق بعضه بعضاً و انه لا اختلاف فيه فقال سبحانه و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً  كثيراً و ان القرءان ظاهره انيق و باطنه عميق لاتفني عجائبه و لاينقضي غرائبه و لاتكشف الظلمات الا به انتهي و عبارته ظاهرة لاتحتاج الي شرح.

قالفان قلت باب العلم الوجداني منفتح في الاحكام غالباً ام دائماً كما عليه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۷ *»

ابن‏قبة حذراً من تحريم الحلال و عكسه قلنا قد مر تقريره و جوابه في تأسيس الاصل فان قلت ان الاخبار كلها او جلها كاخبار الكتب الاربعة مقطوعة الصدور فالظن الحاصل منها ظن خاص فباب العلم بالمعني الاعم منفتح غالباً قلنا ان الدليل علي ذلك ان كان ان تلك الاربعة من الثلثة بالتواتر و لو غالباً سيما بعد اتفاق اكثر النسخ و هي مأخوذة من الاصول الاربعمائة التي كانت مشهورة بين الامامية في زمن الائمة معولاً عليها بينهم كما يشهد بذلك التتبع و اخبار الثقة الموجب للعلم اذا كان المخبر به امراً جلياً و اخبار تلك الاصول كلها من المعصوم و الا لمااتفقت الامامية علي العمل بها و الاعتماد عليها بل لو كان فيها كذب لردعهم المعصوم عن (علي خ‏ل) العمل بها لاطلاعه علي عملهم بها في زمانه ففيه ان تلك الاصول ليست بايدينا اليوم حتي نعلم بالتتبع ان اخبار الكتب الاربعة هي اخبار تلك الاصول و الثقة المخبر بذلك لم‏نجده الا الفقيه بالنسبة الي كتابه لا الكتب الاربعة مع ان كون هذا الخبر مأخوذاً من الاصل المجمع عليه ليس امراً جلياً حتي يفيد اخبار الثقة عنه العلم اذ الاطلاع علي الاجماع امر صعب سيما عند هذا الخصم و هو الاخباري المنكر للاجماع من اصله و اطلاع المعصوم علي اخبار تلك الاصول تفصيلاً اول الكلام فكيف يكون تقريره هنا حجة و اجماع الامامية علي العمل بها لعله لاجل عملهم بالواحد او تبعضهم في جهة العمل فلايكشف عن قطعيتها عند جميعهم بل لو قطعنا بكون المخبر عن الامام ثقة لم‏نقطع بعدم سهوه لكون المخبر به امراً خفياً.

اقول: قوله <قد مر تقريره> يعني في الدليل السادس من تأسيس اصل حرمة العمل بماوراء العلم و ظهر منه ان المصنف لم‏يرتضه و قدذكرنا تهافت دليله و مر الكلام فيه.

قوله <و ان قلت ان الاخبار كلها او جلها> الي اخر يعني ان قلت انها مقطوعة الصدور كالقرءان فالظن الحاصل منها ظن خاص كالظن الحاصل من القرءان فباب العلم بالمعني الاعم مفتوح و هذا تركيب بين قول المحدثين و قدماء الاصوليين و بين قول القائلين بالظن و الا القائلون بوجوب العمل بالعلم يقولون انها تفيد العلم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۸ *»

القطعي الوجداني.

قوله <قلنا ان الدليل علي ذلك ان كان ان تلك الاربعة> الخ يعني ان قلت ان الجوامع الاربعة و هي الكافي و من لايحضره الفقيه و التهذيب و الاستبصار من الثلثة اي من محمد بن يعقوب و من محمد بن علي بن الحسين و من محمد بن الحسن بالتواتر و مقطوع انهم مصنفوها سيما بعد اتفاق اكثر النسخ في الالفاظ و العبارات فيعلم صحة صدورها منهم و هي من الاصول الاربعمائة المصنفة في عصر الصادق او الصادقين: المشهورة بين الامامية في زمن الائمة: و هم اي المصنفون ثقات و قداخبروا ان الجوامع من تلك الاصول و الثقة اذا اخبر من امر جلي يوجب العلم.

قوله <و اخبار> بكسر الهمزة عطف علي التتبع و المراد بالثقة كل واحد من المصنفين او كل واحد من العلماء الشاهدين علي ذلك.

قوله <و اخبار تلك الاصول> الي اخر يعني اتفقت الامامية في عصر الائمة علي العمل بتلك الاصول الاربعمائة و لو لم‏يكن صحيحة لردعهم المعصوم هذا دليل من ادلة المحدثين علي صحة تلك الكتب بالاجتهاد.

قوله <ففيه> الي اخر يعني ان تلك الاصول عدمت او خفيت و ليست اليوم بين الشيعة حتي نعلم مطابقة الاصول الثلثة معها و لم‏نجد الثقة المخبر بذلك الا الفقيه و اراد صاحب الفقيه و ذلك ايضاً بالنسبة الي كتابه بل هو شهد علي ساير الكتب بخلاف ذلك حيث قال لم‏اقصد فيه قصد المصنفين قبلي في ايراد ما رووا يعني سواءاً كان صحيحاً ام لا.

قوله <مع ان كون هذا الخبر> يعني ان كون هذا الخبر المخصوص من اصل مجمع عليه ليس بامر جلي اذ تحصيل الاجماع امر خفي و انت قلت ان الثقة اذا اخبر عن امر جلي يوجب العلم.

قوله <و اطلاع المعصوم> الي اخره ليته لم‏يتفوه به فانه امر عظيم و جسارة جسيمة فانكر تقريره بالشك في علمه بهذه الاخبار المأثورة فمن القائل بالاخبار المتواترة معني التي منها ما روي عن ابن‏صدقة عن جعفر بن محمد عن ابائه:

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۱۹ *»

ان النبي9 قال في كل خلف من امتي عدل من اهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجهال الخبر و قال ابوعبدالله7 لن‏تبقي الارض الا و فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قدزادوا و اذا نقصوا منه قال قدنقصوا و اذا جاءوا به صدقهم و لو لم‏يكن كذلك لم‏يعرف الحق من الباطل انتهي و قدورد اخبار متواترة مطابقة للكتاب انهم شهداء علي اعمال العباد حتي ان معني ذلك مروي من طرق العامة كما رواه في المصابيح عن ابرهيم بن عبدالرحمن الغُدِّري قال قال رسول الله صلي الله عليه و سلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين انتهي فالذي لايطلع علي ما في ايدي العباد كيف ينفي عنه تحريف جميع الغالين و انتحال جميع المبطلين و تأويل جميع الجاهلين و قدفصلنا هذا المطلب في ساير كتبنا و لعلنا ذكرنا هنا ايضاً في محله.

و قوله <و اجماع الامامية> الي اخر هذا محض تشكيك لا مستند له كيف يحتمل ذلك و كانت تلك‌الاصول مملوة من حرمة العمل بماوراء العلم و كان ذلك ديدن الشيعة و ما به امتيازهم من العامة بالجملة شكك انهم لعلهم كانوا يجوزون العمل بالظن الحاصل من خبر الواحد او كان بعضهم يعمل بها من هذه الجهة و بعضهم من جهة اخري و حصل لهم قرائن علي صحة مضمونها مثلاً و بهذه التشكيكات لم‏يبق للاسلام اثر.

قوله <بل قطعنا> الي اخر يقول علي فرض كون المخبر عن الامام ثقة و سماعه امر جلي واضح لم‏يقطع بعدم سهوه لكون المخبر به اي حقيقة المسألة امراً خفياً ليس بامر واضح كالسماء فوقنا و الارض تحتنا مثلاً و سيأتيك تفصيل امر الاخبار ان شاء الله.

قالو ان كان ان تأليف المشايخ الاربعة انما هو لفائدة هي هداية الناس كلهم كما يظهر من حملهم تعديلات علماء الرجال علي المعني الاعلي و اجماعات

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۰ *»

الشيخ علي مصطلح المشهور و انتفاع الكل لايكون الا بذكرهم الاخبار القطعية ليعمل بها كل احد حتي من لا‏يعمل بالواحد ففيه ان القطعية عند المشايخ لايوجب القطع عند غيرهم مع احتمال كون غرضهم من التأليف انتفاع العاملين بالواحد مطلقا و غيره مع حصول العلم له فذكروا الاحاد و غيرها بل لايمكن قصدهم نفع الكل لما عرفت و القياس علي التعديل و نقل الاجماع مع الفارق لانهما لفظيان ينصرفان الي الفرد الظاهر.

اقول: قوله <و ان كان> الي اخر يعني ان قلت ان المشايخ الثلثة الفوا هذه الاصول الاربعة لهداية الناس و ينبغي حمل غرضهم علي الغرض الكامل كما يحمل قول علماء الرجال ان فلاناً عدل علي العدل الملكي لئلايلزم اغراء بعض الناظرين بالجهل و كذلك يحمل اجماعات الشيخ علي المشهور المعروف لئلايلزم التدليس كذلك يحمل غرضهم علي انهم ارادوا الهداية للكل فاوردوا احاديث قطعية الصدور لئلايبقي لاحد عذر فاجاب المصنف عن ذلك ان القطعية عند المشايخ لايوجب القطع عند غيرهم و لعل غرضهم انتفاع العاملين بالخبر الواحد و لايمكن قصدهم نفع الكل كما لم‏ينفع المجتهدين و لم‏يعتنوا بها و القياس علي التعديل و نقل الاجماع مع الفارق فان التعديل و الاجماع لفظيان و الهداية امر قلبي و الانصاف يقتضي ان‏يقال ان المردود و الراد كليهما تخمين و ظن علي غير سداد و مطالب غيرمستندة الي برهان وثيق كما يأتيك ان‌شاء‌الله.

قالو ان كان ان المشايخ حكموا بصحة ما في مؤلفاتهم هذه و الصحيح عندهم هو المطابق للواقع لاصالة عدم النقل عن المعني اللغوي عندهم و الظاهر من حكمهم هو الحكم القطعي ففيه ان كون مرادهم ما ذكرت ظني و ان القطع عندهم لايوجب القطع لنا و ان كان ان الكافي عرض علي الامام7 و قال انه كاف للشيعة و سماه كافياً و هذا يكشف عن صحة جميع اخباره ففيه ان اصل العرض غيرمعلوم ثم التسمية غيرمعلوم و ان في تقريره ما في التقرير السابق هذا كله مضافاً الي كثرة الاخبار في الاربعة و كثرة الوسائط و طول الزمان و وجود

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۱ *»

الاختلاف الكثير بينها و ان الكذابة كثيراًما دسوا في اخبارهم مع احتمال السهو و النسيان في اصحاب الاصول و المشايخ سيما في المطالب العلمية فمتي علم او احتمل و لو وهماً خطاء واحد في مجموع تلك الكتب الاربعة سرت الشبهة الي كل خبر فيها و خرج عن القطع فدعوي قطعية السند واهية فان قلت ان اخبار الاربعة قطعية الاعتبار بدليل خاص و هو شهادة المحمدين علي صحة ما فيها و كل شهادة حجة شرعية فباب العلم بالمعني الاعم منفتح قلنا كون ذلك شهادة لا اخباراً ممنوع و لااقل من الشك فيه مع ان كون مرادهم من الصحة قطعية الصدور مظنون لا مقطوع و لعل مرادهم ما يعتمد عليه قطعياً ام ظنياً فشهادتهم علي قطعية تلك الاخبار غيرقطعية لنا حتي نعمل بشهادتهم مع انه لا دليل علي حجية الشهادة في الاحكام الشرعية.

اقول: هذه الكلمات منه ظاهرة الدلالة لاتحتاج الي شرح الا ان قوله <و ان في تقريره ما في التقرير السابق> خبط عظيم و جسارة جسيمة و يريد انه و ان عرض علي الامام لكن اطلاعه علي جميع اخبار كتابه غيرمقطوع به فليس تقريره حجة و كان الصحيح ان‏يقول علي زعمه فلاتقرير لا ان‏يقول فكيف يكون تقريره هنا حجة لانه اذا اعترف بالتقرير لزم ان‏يعترف بالحجية و لايمكن ان‏يقرر المعصوم ما لم‏يطلع عليه و قد مر الاشارة الي خطائه.

قالفان قلت اخبار الاحاد حجة من باب الظن الخاص للادلة الدالة علي حجية خبر الواحد كما عليه الاكثر فيكون باب العلم بالمعني الاعم منفتحاً فمن ادلتها ان بناء المسلمين في زماننا علي العمل بالاحاد التي تطمئن اليها (بها خ‏ل) النفس في اخذ فتاوي المجتهدين و لايقتصرون علي الشفاه و لا علي الكتاب و هذه الطريقة كانت مستمرة من زمن النبي9 الي زماننا حتي ان اهل المدينة ما كان ديدنهم اخذ جميع احكامهم مشافهة عن النبي9 بل الزوجة كانت تراجع زوجها و الولد اباه و الطفل معلمه و هكذا و من المعلوم عدم حصول القطع لهم في جميع تلك الاحاد و هكذا اهل البلاد في زمن

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۲ *»

الائمة بل و اهل بلدهم ايضاً مع امكان الاخذ منهم: فسيرة المسلمين و اجماعهم علي ذلك من قديم الزمان الي زماننا تدل علي حجية الواحد اما لتقرير المعصوم او لكشف اجماعهم عن رضاه به و اذا ثبت الحجية للحاضرين ثبت لنا بادلة الاشتراك لان الداعي علي اختلاف حكمنا هنا مع الحاضرين ان كان اختلاف الزمان لاحتمال النسخ ففيه الاجماع علي عدم عروض النسخ في هذه المسألة مع ان النسخ بعد انقطاع الوحي لاوجه له او لاحتمال التقية ففيه ان النبي9 لاتقية عنده مع ان هذا الاحتمال يرفع جهة التقرير لا الكشف او اختلاف الاشخاص فينفيه ادلة الاشتراك او احتمال ان تقريرهم اهل زمانهم لعله كان لاجل علمهم بمطابقة اخبار زمانهم للواقع و ان لم‏يعلم العاملين بذلك ففيه اولاً انا نعلم وجود الكذب في زمنهم في الاخبار و ثانياً ان مجرد العلم بالمطابقة لايكفي في عدم المنع عن العمل بالخبر باعتقاد انه واحد يحتمل عند العاملين المطابقة و عدمها لانه اغراء بالجهل او كثرة الوسائط لنا لا لهم ففيه انها لاتصير فارقة بل هم كانوا يعملون بالواحد حتي مع كثرة الوسائط.

اقول: العبارات واضحة لاتحتاج الي شرح و اراد هنا دفع بحث اخر من الاخباريين و حاصله انهم لو تمسكوا باجماع اهل عصر الرسول9 علي العمل بخبر الواحد او تقريره لهم نجيب عنه بما يأتي.

قوله <ان لم‏يعلم العاملين> فان اخذ يعلم من باب الافعال فافراده مع كون المرجع جماعة لامعني له و ان رجع الي النبي فبعيد و يتغير الكلام عن السبك السابق و ان اخذ مجرداً فلامعني للعاملين بالياء.

قوله <ففيه اولاً> هذا دفع بحث من الاخباريين انهم يقولون لا داعي لاختلاف حكمنا مع الحاضرين و ان قيل انه يحتمل تقريرهم اهل زمانهم لاجل علم الائمة بمطابقة اخبار زمانهم مع الواقع قلنا انا نعلم وجود الكذب في زمنهم و وجه اخر ان مجرد علم الحجة بالمطابقة لايكفي في عدم المنع و لايوجب عدم المنع اذ لعل العامل يعمل بخبر الواحد المظنون المطابقة فعدم ردعه اغراء بالجهل.

قوله <او كثرة الوسائط> هو من تتمة كلام الاخباريين اي ان كان الداعي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۳ *»

علي اختلاف حكمنا مع الحاضرين كثرة الوسائط لنا لا لهم ففيه انهم ايضاً كانوا يعملون بالواحد مع كثرة الوسائط.

قالو منها ان نصب النبي9 و الائمة: الولاة في البلاد لتبليغ الاحكام و السياسات يدل علي حجية اخبار الوالي لهم مع وحدتها للاستقراء و التقرير و لغوية النصب لولا حجية قوله لهم و نحوه ارسالهم الرسل الي الاطراف لتبليغ الاحكام بالتقريب المذكور و منها ان اصحاب الائمة دونوا كتباً كثيرة تبلغ ستة الاف او اربعة الاف و اهل عصرهم كانوا يعملون بجملة منها و الحال ان العلم غيرحاصل غالباً لغالب هؤلاء فاجماع اهل ذلك العصر و تقرير الائمة: اياهم يدلان علي حجية الاحاد لهم و لم‏نجد مفصلاً بين افراد الواحد و ادلة الاشتراك تعم الحكم بالنسبة الينا و منها اجماع علماء الامامية علي العمل باخبار الاربعة و ان كان عمل بعض لاجل كون جلها او كلها قطعية عندهم و اخر من باب الظن الخاص و اخر من باب الظن المطلق.

اقول: هذا دليل اخر اراد ان‏يقيمه للقائلين بحجية اخبار الاحاد من باب الظن الخاص الذي زعم المصنف انسداد بابه فقال من ادلتهم نصب الحجج الولاة و هم احاد كانوا يذهبون الي البلاد و يروون فبالاستقراء عرفنا حجية كل خبر واحد و بتقرير الحجج اهل تلك البلاد في عملهم و بانه لولا الحجية لكان نصب الولاة لغواً.

قوله <و منها ان اصحاب الائمة> الخ يعني به ان الاصحاب المستمعين دونوا ما سمعوا و كان الشيعة يعملون ببعضها و ليست تفيد علماً لغالبهم فاجماع اهل العصر علي الاخذ بها و تقرير الائمة: اياهم يدلان علي حجية الاحاد و لم‏نجد مفصلاً بين افراد الاحاد فبدليل عدم القائل بالفصل كلها حجة و ادلة اشتراكنا مع اولئك في التكاليف يجريها فينا ايضاً.

قوله <و منها اجماع الامامية> الي اخر اي و من الادلة علي حجية اخبار الاحاد اجماع جميع علماء المذهب علي العمل باخبار الكتب الاربعة فالعمل بهذه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۴ *»

الاخبار مجمع عليها و ان كان كل عمل بها لعلة.

قالو منها ان الكافي دون في الغيبة الصغري و هي زمان حضور الامام7 و تمكنه من الردع و كان هذا الكتاب مشتهراً ذلك اليوم بين الامامية لكونهم يومئذ طائفة قليلة و مؤلفه من المشاهير مع حكم العادة بعدم حصول العلم غالباً للعاملين به فتقريره اياهم كاشف عن الحجية و يتم في ساير الاحاد بالاجماع المركب و منها امر قطعي مركب من امور ظنية يحصل من مجموعها العلم و هي ذهاب المعظم الي ذلك حتي الشيخ بل الكليني و الصدوق ايضاً لانهما ذكرا حديث الاخذ بالاعدل عند تعارض الخبرين في كتابهما و تدوين العلماء كتب الاخبار و الاجماع المنقول عن الشيخ و العلامة و غيرهم علي الحجية المقدم علي اجماع المرتضي بوجوه و الاخبار العلاجية و تدوين العلماء علم الرجال و ظاهر بناء العقلاء علي اعتبار الواحد في امور دينهم و دنياهم الا ما خرج و تحريص المعصوم اصحابه بتدوين الاخبار و عدم تدوين القائم كتاباً للشيعة يغنيهم عن العمل بالاحاد مع علمه بالحال و منها اية النبأ و النفر و السؤال و الكتمان.

اقول: عباراته ظاهرة لا غبرة عليها و ان استدل عن لسان القائلين بحجية اخبار الاحاد الا ان ادلتها ليست علي لحن الاخباريين القائلين بان العمل بها من باب حصول العلم منها و انما هي علي لحن القائلين بانها حجة من باب الظن الخاص فلانتعرض لجزئيات ما فيها مما لانرتضيه و نذرهم يتعارضون كيفما شاءوا.

قالقلنا اما الجواب عن الاول فهو ان محل الكلام حجية الاحاد علي فرض انفتاح باب العلم غالباً كزمن المرتضي; علي زعمه حيث اجتمعت فيه الاخبار و جمعت الاصول بحيث كان الشخص متمكناً يتمكن غالباً من الاجماعات و المتواترات اللفظية و الاحاد القطعية للقراين الخارجية و اما اصحاب النبي9 و الائمة: فكان باب العلم منسداً لهم في الاغلب لعدم تمكن المعصوم من قضاء حوائج جميع اهل زمانه رجالاً و نساءاً قريباً و نائياً مشافهة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۵ *»

و بلاواسطة و عدم تمكن كل الناس من اخذ شتات مسائلهم عنه7 شفاهاً و لا بالاخبار القطعية غالباً كمقلدي زماننا بالنسبة الي فتاوي المجتهدين فلعل جواز العمل لاصحاب الائمة بالاحاد الظنية انما كان لسد باب العلم لهم غالباً بحسب النوع كما عرفت و اذا فرضنا الانفتاح الاغلبي كما فرضنا فلا اجماع حينئذ في حق اصحاب الائمة حتي يثبت لنا بادلة الاشتراك سلمنا وجود الاجماع في حقهم لكن الفارق بيننا و بينهم موجود لانا نعلم غالباً علماً اجمالياً بوجود المعارض و الاخبار الكاذبة دونهم و نحن ملتفتون الي ذلك دونهم و لو التفتوا الي ذلك لكان ذلك الالتفات منهم في غاية الندرة بخلافنا و هذا العلم الاجمالي اوجب الفحص علينا و لم‏يكن واجباً عليهم بل كانوا كمقلدي المجتهدين في زماننا و اوجب اختصاص العمل بالاخبار بالفقيه دون العامي في زماننا بخلاف زمانهم فلعله اوجب فرقاً اخر و هو حجية الخبر لهم لا لنا فالموضوع مختلف فلايتم الدليل علي حجية الاحاد مع الفتح الاغلبي حتي صحيح القدماء و الصحيح الاعلي و الصحيح المشهوري فكيف بماعدا الصحيح سلمنا لكن القدر المعلوم من اجماعهم انما هو الخبر الصحيح الصادر من العدل الامامي الضابط الخالي عن المعارض المساوي و الاقوي و هو نادر سيما في ابواب المعاملات فباب العلم منسد غالباً و توهم ان الصحاح العامة كافية مدفوع بحصول العلم الاجمالي بتخصيصها بعد ملاحظة معارضاتها من الظنون المطلقة كالاستقراء و الشهرة و عدم الخلاف و الاجماع الظني و غيرها و مما ذكر تقدر علي استخراج اجوبة ساير ادلتهم و ان شئت البسط فراجع رسالتنا المفردة في حجية الظن فانها قدبلغت الغاية و تجاوزت النهاية.

اقول: قوله <قلنا> جواب للشرط المقدم في اول الكلام حيث قال <فان قلت ان اخبار الاحاد حجة من باب الظن الخاص> الخ فاراد ان‏يذكر جواباً من الادلة السابقة التي اوردها للقائلين بحجية اخبار الاحاد شرعاً و انفتاح باب العلم بالمعني الاعم فقال <ان الجواب عن الاول و هو قولهم ان بناء المسلمين في زماننا> الخ ان محل الكلام حجية الاحاد التي لاتفيد علماً علي فرض انفتاح باب العلم بالمعني الاعم في اغلب المسائل و الا فعلي فرض انسداد باب العلم لا كلام في جواز

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۶ *»

العمل باخبار الاحاد الظنية الصدور فمحل الكلام في مثل زمن المتقدمين حيث ادعي بعضهم الاجماع علي عدم جواز العمل باخبار الاحاد فيه و بعضهم ادعي الاجماع علي جوازه و اما في مثل زمن النبي9 فكان باب العلم منسداً غالباً علي اكثرهم و قول المصنف <منسداً لهم> فيه عجمة و ذكر وجوهاً لانسداد باب العلم عليهم ثم قال <فلعل جواز العمل> الخ ذلك خيال محض و حرمة العمل بالظن كان عندهم من ابده البديهيات و كان هو الفارق بينهم و بين العامة و كانوا يعيبون علي العامة بالعمل بالظن او لم‏يكف مائة اية في كتاب الله لوضوحها لديهم و الاخبار المتكررة المتواترة في اصولهم و لم‏يك في اذهانهم هذه الشكوك و الشبهات و اذا فرضنا الانفتاح الاغلبي في مثل ازمنة متقدمي العلماء فلا اجماع في حق اصحاب الائمة لما ظهر ان باب العلم كان مسدوداً عليهم فاذ لم‏يثبت في حقهم فلايثبت لنا انفتاح باب العلم بالمعني الاعم بادلة الاشتراك.

قوله <سلمنا وجود الاجماع> الخ يعني علي فرض قيام الاجماع علي انهم كانوا يعملون باخبار الاحاد من باب انفتاح باب العلم بيننا و بينهم فارق و هو انا نعلم بوجود المعارضات و هم لم‏يكونوا يعلمون و هذا خرص و تخمين و جواب ظني و لولا علمهم بالمختلفات لماسألوا عن علاج المختلفات كما في اخبار متواترة و اخبار وجود الاحاديث الكاذبة في كتبنا كانت من ذلك اليوم و كانوا يسألون في مجلس واحد عن مسألة واحدة و يجابون باجوبة مختلفة و اختلافهم في الاحكام كانت معروفة حتي انهم سلام الله عليهم قالوا نحن اوقعنا الخلاف بينكم و ذلك ابقي لنا و لكم و حكاية التقية و اختلاف فتاويهم كانت معروفة و واضحة اوضح من الشمس في رابعة النهار.

قوله <و هذا العلم الاجمالي> الي اخر علي ما ذكر خطاء و هم و نحن سواء في استنباط الاحكام من الاخبار و لايجب عليكم و لا عليهم الفحص و انتم لا دليل لكم علي وجوب الفحص من كتاب و لا سنة و لا اجماع و لا دليل عقل قطعي وانما توجبونه بهذه الاستحسانات فان عثرتم علي خلاف فعليكم بالعلاج كما امروكم و الا فلايجب كالمتقدمين و قد مر الكلام في ذلك في هذا الكتاب و ذكرناه في

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۷ *»

ساير كتبنا مفصلاً.

و قوله <و اوجب اختصاص العمل بالاخبار> الي اخر و هذا ايضاً كلام لا حجة عليه و يجب علي الكل العمل بالسنة و بالاخبار لاحاديث لاتحصي و لايجوز تقليد احد و الذي نجوزه من الاخذ بقول الفقيه فهو اذا كان حديثاً منقولاً بالمعني فيأخذه المقلد من غير فحص عن حديث اخر و اذا قال الفقيه حكماً بظنه و من الادلة الظنية غير الكتاب و السنة فلايجوز الاخذ بقوله و لا كرامة و لا دليل عليه من كتاب و لا سنة بل الدليل علي خلافه دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان فجميع الرعية اخذون بقول امامهم و حديثه و العلماء نقلة حديثهم اما بلفظه او بمعناه و هذه الاحاديث الموجودة في الكتب ايضاً منها منقولة بالفاظها و منها منقولة بمعانيها.

قوله <فلعله اوجب فرقاً اخر> الي اخر يقول لعل هذه العلل صارت سبب ان الخبر كان حجة عليهم و يجب عليهم العمل بالخبر كما انه يجب علي المقلد العمل بخبر مأثور عن الفقيه و ليس الخبر من حيث انه خبر حجة علينا بل من حيث حصول الظن و انه احد اسباب الظن و لذا قال بعضهم نحن نعمل بالاخبار لا من حيث انها اخبار بل من حيث حصول الظن.

قوله <فالموضوع مختلف> يعني حالهم غير حالنا فلايجري الاجماع المذكور عليهم و علينا فليس اخبار الاحاد مع الفتح الاغلبي حجة من حيث انها اخبار احاد حتي لوكانت صحيحة باصطلاح القدماء يعني قدعرفوا صحة صدورها عن المعصوم بالقرائن و الصحيح الاعلي يعني ما كان رواته كلها عدولاً اماميين و الصحيح المشهور ما كان مشهوراً بين العلماء معمولاً به و ان لم‏يكن سنده صحيحاً فيقول ليس واحد من هذه الاقسام حجة علينا من حيث انها اخبار فانها و ان كانت صحيحة لسنا نؤمن عليها السهو و الخطاء من الرواة و النساخ و في دلالتها فكيف بماعدا الصحيح.

قوله <سلمنا> الي اخر يعني علي فرض ان‏يكون الاجماع قائماً علي حجية الخبر و حصول الظن المعتبر منه علي اصحاب الائمة: و علينا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۸ *»

ليس ذلك كل خبر بل هو الصحيح بالمعني الاعلي و هو نادر سيما في ابواب المعاملات التي كان اعتناء الناس بضبط اخبارها قليلاً بخلاف العبادات و لذلك يكون اخبار العبادات اضعاف اخبار المعاملات فباب العلم علينا منسد و ساير الاخبار لاتفيد علماً و الصحاح العامة و المطلقة غيركافية للفروع غيرالمتناهية مع العلم الاجمالي بتخصيصها و تقييدها حتي قيل ما من عام الا و قدخص هذا و لها معارضات من ساير اسباب الظنون الاجتهادية التي يستعملها المجتهدون كالظن الحاصل من الاستقراء و الشهرة و عدم الخلاف و الاجماعات الظنية فاذا ثبت الانسداد الاغلبي ثبت لزوم العمل بالظن من باب الاحتياط في الدين كما ذهب اليه المصنف و سيأتي ان شاء الله ما يكفيك و غرضنا عاجلاً حل العبارات.

قالالثالثة بعد ما عرفت الانسداد الاغلبي في ابواب الفروع فهل اللازم حينئذ العمل بالظن من حيث انه ظن و لعله اجماعي علي فرض هذه الصغري ام اللازم حينئذ تحصيل العلم او العمل بالاحتياط او البراءة او التخيير بين الظن و الاحتياط او بين الظن و البراءة او بين البراءة و الاحتياط او التبعيض مكان التخييرات المذكورة او الرجوع الي الاصول العملية كالاستصحاب و اصل الاشتغال و اصل البراءة و الاحتياط و اصل الاباحة كل في مقامه او غير ذلك من الاحتمالات وجوه فنقول اما لزوم تحصيل العلم فيدفعه التكليف بما لايطاق و لو قيل ان المكلفين سدوا باب العلم علي انفسهم و صاروا سبباً لغيبة الحجة فلا مانع من عقابهم علي عدم اتيانهم بالواجبات الواقعية لان الامتناع بالاختيار لاينافي الاختيار خطاباً و عقاباً او عقاباً قلنا بعد تسليم ذلك في حق كل العباد انهم و ان صاروا سبباً للامتناع لكنهم غيرمعتقدين بالسببية فتأمل مع عدم حصول التفويت فعلاً من المعدومين مع عدم صدور الخطاب بالنسبة اليهم في زمن تمكنهم فشرط الامتناع بالاختيار منتف من وجوه.

اقول: قوله <و لعله اجماعي علي فرض هذه الصغري> فاولاً هو فرض باطل كما مر ويأتي ان‏شاء الله و <لعله اجماعي> كلام احتمالي لايسمن و لايغني من جوع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۲۹ *»

و اين الاجماع و كيف الاجماع و ما الاجماع و هذا الفرض فرض عدم حكمة الله و حكمة رسوله و عصمته و تقصير الحجج في ابلاغ الشرايع و اي حجية في هذا الاجماع و الامام لايدخل في هذا الفرض.

و قوله <فنقول اما لزوم تحصيل العلم> الي اخر فنفاه بانه تكليف بما لايطاق اذا سد الله باب امكان تحصيل العلم عليهم.

قوله <و لو قيل> الي اخر يعني اذا قيل ان الله لم‏يسد علي المكلفين باب العلم و هو لطف من الله واجب قدعمل به ولكن المكلفين قصروا في تحصيل العلم فسدوا علي انفسهم باب العلم فهم ممتنعون عنه باختيارهم و هم صاروا سبب غيبة الحجة الباعثة لانسداد باب العلم عليهم كما قيل وجود الحجة لطف و تصرفه لطف اخر و عدمه منا فالامتناع بالاختيار اختيار فلا مانع عن عقابهم بترك تحصيل العلم و العمل بالشرايع الواقعية فيجوز خطابهم و امرهم بتحصيل العلم و عقابهم علي تركه فاجاب المصنف عن ذلك بانا لو سلمنا ذلك لكن لنا ان‏نقول انهم و ان عملوا اعمالاً بها استحقوا هذا العقاب لكنهم غيرمعتقدين انها سبب السد و انها مقدمة ترك الواجب فليس عليهم عقاب و هو محض جواب لا برهان عليه و لاحجة في مقابل قولهم و اري هذه الاجوبة بعينها كمشاتمة الناس بعضهم بعضاً فهذا يشتم ابا ذاك و المشتوم ايضاً يشتم ابا الشاتم سواءاً كان صدقاً او كذباً و مع ذلك قال <فتأمل> علماً منه بانه ليس بجواب و ان الظاهر انهم يعتقدون ان المعاصي سبب الحرمان عن كل خير و لو اجمالاً بالجملة و ازداد المصنف ان المعدومين يوم الخطاب لم‏يصدر خطاب بالنسبة اليهم و لم‏يصدر منهم تفويت فلا عقاب عليهم فهم ممتنعون بالاضطرار لا بالاختيار و قدمضي منا ما يجيب عنه فراجع.

قالو اما الاقتصار علي المعلومات و الاخذ بالبراءة فيما عداه فمستلزم للخروج عن الدين و هدم الشريعة لمكان العلم الاجمالي كثيراً في كثير و مناف لادلة الاشتراك بل مخالف للاجماع بعد فرض هذه الصغري و ذكر بعض المحققين ذلك في هذا المقام انما هو للمناقشة لا الاعتقاد مع ان مخالفته لاتضر

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۰ *»

بالاجماع مضافاً الي ان مقتضي البراءة التوقف عن الافتاء في المعاملات و المرافعات فيما لايمكن فيه الاحتياط فيلزم اختلال النظم و يتم الامر فيماعداها بالاجماع المركب و لايمكن قلبه لقوة ضميمته سلمنا ان لا دليل علي بطلان البراءة لكن لا دليل عليها ايضاً فسلم اصل الاشتغال عن المعارض و لو قيل لو لم‏يجز مخالفة المعلوم بالاجمال و الحكم بالبراءة فلم حكم بعضهم بجواز ارتكاب الجميع في الشبهة المحصورة و حكم العلامة بجواز طرح الامرين فيما اجتمعت الامة فيه علي قولين بل العادة قاضية بخطاء المجتهد في بعض ظنونه في مجموع ابواب الفقه و مع ذلك يعمل بمظنوناته في كل ابواب الفقه سواءاً العامل بالظن الخاص و المطلق قلنا كل ذلك علي فرض صحة المقيس‌عليه قياس مع الفارق و اما وجوب الاحتياط الكلي فيماعدا المعلومات فمستلزم للعسر و الحرج الشديد و موجب للتوقف عن الافتاء في المعاملات المستلزم لاختلال النظم مع انه في دوران الامر بين الوجوب و الحرمة كيف يمكن الاحتياط و ان حكمت بالتخيير في مثله ففيه ان ما يحصل من التخيير و هو الاخذ باحد الطرفين يحصل من العمل بالظن ايضاً فكيف بعد الظن باحد الطرفين يحكم بالتخيير و لو قيل ان ادلة نفي العسر انما يعمل بها ما لم‏يرد دليل علي العسر و هنا قدورد للايات الناهية عن العمل بالظن قلنا ان انصرافها الي صورة العسر ممنوع مع ان ايات نفي العسر ارجح من ايات النهي فيما نحن فيه سلمنا تعارض الايتين و تساقطهما و يبقي اجماعهم علي قاعدة نفي العسر مالم‏يرد دليل علي خلافه سليماً عن المعارض الا ان‏يعارض باصالة حرمة العمل بالظن فتأمل و توهم النقض بما اذا انجر ظن المجتهد في جميع ابواب الفقه الي طبق الاحتياط فالعسر و الاختلال لازم علي العامل بالظن ايضاً فواه جداً.

اقول: يعني بعد ما عرفت ان باب العلم مسدود في اغلب ابواب الفقه هل اللازم الاقتصار علي المعلومات و هي القليلة النادرة فنتدين بما علمنا و اما في ماعداه و هو الاكثر الاغلب الاخذ باصل براءة الذمة فنعمل فيه كيف شئنا فذلك مستلزم للخروج عن الدين فلايكون في ايدينا حكم لاغلب المسائل اذ ربما لايحصل لنا العلم بواقع المسائل الا في مسألة من بين الف مسألة و نحن نعلم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۱ *»

اجمالاً ان لنا حكماً في كثير من الامور و هذا الاختيار مناف لادلة ساقتنا الي القول باشتراكنا مع المعاصرين الاولين في الاحكام اذ كان لهم في ايديهم في كل شي‏ء حكماً خاصاً و نحن مشتركون معهم و علي هذا الاختيار نحن براء بل هذا القول مخالف للاجماع لقيام الاجماع من الشيعة علي ان لنا في كل مسألة حكماً اجمالاً سواءاً كان بالظن او العلم و مخالف لاجماع المجتهدين مع فرض انسداد باب العلم فانهم يقولون ان لنا في كل مسألة حكماً ظنياً و ما ذكره بعض المحققين في هذا المقام هو لمحض المناقشة اي المجادلة بالتي هي اسوء و لم‏يكن يعتقد ذلك و علي فرض اعتقاده ايضاً لايضر وجوده فانه معلوم النسب ثم استزاد المصنف فقال مقتضي البراءة التوقف عن الافتاء بين الناس بان‏يكلهم الي انفسهم فيما لايمكن فيه الاحتياط فيختل النظام فاذ لم‏يجز هنا تم في الباقي بالاجماع المركب و قدعرفت ان ادلتهم محض قول و الاجماع المركب لايكاد يحصل العلم به الا لعالم الغيب.

قوله <و لايمكن قلبه> اي قلب الاجماع المركب بابطال العمل بالظن في المعلومات بايات و اخبار فهو جار في غير المعلومات بالاجماع المركب لقوة ضميمة ما اخترنا من الاخبار الدالة علي الاشتراك و من الاجماعات المنقولة المتواترة عليه و ذهاب المعظم اليه و اتفاق العقول علي ان المقتصر علي المعلوم خارج عن الدين و امثال ذلك فانها تدل علي ان الاقتصار باطل و الاحتياط في الكل متعذر فالعمل بالظن متعين.

قوله <سلمنا ان لا دليل> الي اخر يعني سلمنا ان لايكون المقتصر علي المعلوم و الاخذ في الباقي بالبراءة ليس بكافر لان العمل بالاركان ليس من شرائط الايمان و الاخذ به ليس بمنكر ضروري ولكن لا دليل علي وجوب الاخذ بالبراءة في الباقي فهي لا دليل علي وجودها و لاعدمها فاصل الاشتغال باق علي حاله فانه يعلم مجملاً انه مشغول الذمة بامور و لايحصل له البراءة الا بالعمل بكل ما يظن انه مشغول الذمة به.

قوله <قلنا كل ذلك> الي اخر يعني و ان افتينا بما ذكرت من المسائل يكون

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۲ *»

القياس مع الفارق فان القائل بتلك المسائل اداه ظنه اليها و لا دليل يؤدينا علي العمل بالبراءة بل الدليل يؤدينا الي خلافها فان من علم بالمعلوم من الشرايع و هي شي‏ء مجمل من كل مسألة ثم ترك الباقي يعده كل اهل الاسلام خارجاً عن الاسلام كالصلوة مثلاً فلو تركت مظنوناتها و عملت بما هو المعلوم يبقي اقامة الصلوة مثلاً مجملة و انها اربع ركعات للظهر و اما التفاصيل فكلها مجهولة فاذا يصلي صلوة لايرتضيها احد من اهل الاسلام و هكذا الامر في كل الشرايع.

قوله <و اما وجوب الاحتياط> الي اخر يعني اذا احتاط في كل غير معلوم الحكم يجب عليه في كل مسألة ان‏يأتي بما يحتمل ان‏يكون واجباً عليه و هي لاتحصي فيلزم العسر و الحرج الشديد و في المعاملات يؤدي الي الاختلال العظيم مع انه مع دوران الامر بين الوجوب و الحرمة لايمكن الاحتياط و هذا القول من المصنف يجري علي مذهبه فانا ذكرنا انه لا احتياط عند التردد في الامارات الظنية المعتبرة عند المصنف و اضرابه و لا احتياط عند اختلاف الاقوال و الشكوك و الشبهات الحاصلة من العلوم التي لا دليل عليها من الكتاب و السنة و لا برهان علي اعتبار شي‏ء من ذلك و انما الاحتياط في تعارض خبرين لاتعلم ايهما الحق و ذلك لايوجب عسراً و لا حرجاً و قلما يتفق ذلك و لذا قال المصنف في الضوابط <فان قلت لو كان العمل بالاحتياط موجباً لاختلال نظام العالم فكيف يعمل به بعض الاخباريين قلنا لما كان الاخبار عندهم مقطوعة الصدور كان موارد الاحتياط عندهم قليلاً غاية القلة و في المواضع النادرة لايكون الاحتياط موجباً للاختلال فلو كان لنا باب العلم في معظم الاحكام مفتوحاً كما كان لهم لقلنا بلزوم الاحتياط في المواضع> انتهي و ان الله اذا شاء ان‏يظهر الحق يظهره علي يد من شاء و انه حجة علي المصنف فالحمدلله الذي لم‏يسد باب علمه عن وجه جميع عباده و قدقلنا ان جميع ما سوي كتاب الله و سنة نبيه9 عندنا كعفطة عنز و وجودها و عدمها عندنا سواء فلااحتياط بين تلك الاسباب و اما الاخبار فالاحتياط فيها علي سبيل الاستحباب و التخيير موسع و الحمدلله و اسهل و اهنأ و ايسر و العجب من المصنف حيث يقول في الضوابط <ان الادلة الدالة علي حرمة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۳ *»

العمل بالظن انما تدل علي حرمة العمل بالظن من حيث هو ظن و نحن لانعمل به من حيث هو بل من حيث الاحتياط> انتهي و ذلك بحر ضل فيه السوابح و ذلك بمنزلة ان‏يقول قائل من العامة ان الادلة التي قامت علي حرمة مخالفة علي7 مثلاً من حيث هو و اما نحن فنخالفه احتياطاً علي الامة و حفظاً لبيضة الاسلام.

قوله <و ان حكمت بالتخيير> الي اخر يعني ان بنيت علي التخيير بين الاحتياط و العمل بالظن ففيه ان في العمل بالظن عملاً بالتخيير ايضاً و اذا ظن احد الطرفين كيف يجوز العدول عنه الي غيره مع ان العقل كمايستقبح ترجيح المرجوح علي الراجح يستقبح تسويتهما و كيف بعد حصول الظن تعمل بالتخيير.

قوله <و لو قيل ان ادلة نفي العسر> الي اخر يعني ان قال قائل ان ادلة نفي العسر ليس علي اطلاقها و ان موردها ما لم‏يرد دليل علي اثباته و قدورد في الشرع موارد حكم فيها بالعسر كالصلوة الي الجهات و هنا قدورد ايات و اخبار علي حرمة العمل بالظن فالعمل بالاحتياط و ان كان عسراً متعين فاجاب المصنف انا نمنع انصراف تلك الايات و الاخبار الي صورة توجب فيها الاحتياط العسر و ايات نفي العسر و الحرج ارجح من ايات حرمة العمل بالظن.

قوله <سلمنا تعارض الايتين> الي اخر و مفاده ان الايتين من كتاب الله اذا تعارضتا سقطتا عن الحجية و ليستا بحجة علي الخلق فيكون هذا الجزء من الكتاب مما لا عبرة به و لا فائدة و ليس لها طاعة مفروضة فتساقطا و يبقي الاجماع و القاعدة بلا معارض و العمل بهما و لعمري ماادري اي عالم عالم هؤلاء فهل في عالمهم امام ام لا و هل يجب الرجوع اليه ام  لا لم لايقول اذا اشكل الامر و كان الكتاب غيرمحكم يجب الرجوع الي الحجج سلام الله عليهم فاذا راجعنا الحجج وجدناهم حرموا العمل بالظن اشد من لحم الكلب و الخنزير و الميتة و الدم و الخمر و الزني و اللواط و ورد الاخبار اضعاف التواتر و قام الاجماع الذي لاريب فيه لنا علي ذلك فحرمة العمل بالظن مسلمة فهو خلاف الاحتياط و هو الاخذ بالمرجوح و هو التهلكة و هو الضرر فهذا متروك معرض‌عنه فيبقي الاحتياط بين الخبرين الذين لانعلم ايهما الحق و هو لايبلغ حد العسر كما اعترف و اي موضع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۴ *»

بلغ العسر و الحرج نترك ذلك الموضع بعينه فان عدم العسر في الدين ايضاً مما لاريب فيه و عليه محكم الكتاب و اثار الحجج الاطياب بالجملة اراد المصنف ان‏يقول اذا كان نفي العسر سليماً عن المعارض و الاحتياط فيه العسر فلااحتياط فالعمل بالظن متعين.

قوله <و توهم النقض> الي اخر يعني اذا قال قائل ان في العمل بالظن ليس فرار عن العسر الاحتياطي فانه اذا ذهب ظن المجتهد في جميع ابواب الفقه الي ما فيه الاحتياط فهو واقع في العسر بلا شك قلنا ذلك الاحتمال نادر جداً و هذا القول واه جداً لايعبؤ به و لما كان عزمنا علي ان‏نفصل المطلب بعد ان شاء الله لم‏نتعرض هنا الي ازيد من شرح كلامه هذا و اذا كان وجه كلام بعضهم الي بعض و نحن لم‏نرتض كلام الطرفين لم‏نحاكم بينهم و لايلزمنا صرف العمر في ما لاطائل تحته و نذرهم يتعارضون كيف‌ما شاءوا و اذا كنا نرتضي احد الطرفين فعلينا نصر المؤمنين.

قالو اما التبعيض بين الاحتياط و البراءة فهو مسلم ان عمل بالاحتياط في مظنون التكليف و بالبراءة في موهوم التكليف و ليس هذا الا عملاً بالظن و ان عمل بالاحتياط في موهوم التكليف فهو مستلزم للاحتياط في مظنون التكليف بطريق اولي و ان عمل بالبراءة في مظنون التكليف فهو مستلزم للبراءة في موهوم التكليف بطريق اولي فتعين التبعيض بنحو ما ذكرناه ففي العمل بالظن جمع بين البراءة و الاحتياط و لو قيل اعمل بالاحتياط الي حد لايلزم العسر و اعمل بالظن فيما عداه و لازمه التبعيض في موارد الفقه بين الاحتياط و الظن قلنا ان المجتهد لايمكنه هذا التحديد في جميع ابواب الفقه بحيث لايلزم عسر عليه و لا علي مقلديه لاختلاف دواعي الناس و احوالهم فهذا التحديد لايمكن من اصله عادة اولاً لاختلاف الدواعي و لو امكن فلايمكن اطلاع المجتهد عليه ثانياً و لو امكنه فهو عسر عليه ثالثاً منفي بادلة العسر مع انه يقبح من الحكيم ان لايجعل سبيلاً جلياً لعباده و يأمرهم بالتبعيض الموجب لعدم الانتظام مضافاً الي الاجماع علي نفي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۵ *»

هذاالتبعيض بل علي نفي التبعيض باقسامه و مما ذكرنا تقدر علي ابطال ساير المحتملات و ان اردت التفصيل فراجع رسالتنا المفردة فانا قدبلغنا فيها اقصي الغايات.

اقول: قوله <و اما التبعيض> الي اخر فارتضي هذا القول لانه يؤل الي العمل بالظن فان احتياطه ان كان في عمله بالظن فهو و ان كان في الموهوم فالظن اولي و عمله بالبراءة ان كان في مظنون التكليف فهو في موهومه بطريق اولي فهذا القول في الجملة عند المصنف حسن فاذا عمل بالظن و ترك الموهوم فقدجمع بين البراءة و الاحتياط.

قوله <و لو قيل اعمل بالاحتياط> الي اخر اجاب المصنف بان العسر يختلف باختلاف الاشخاص و المجتهد لايمكنه معرفة حال الاشخاص فهو عسر عليه.

قوله <مع انه يقبح> الي اخر ان كان عدم جعل سبيل جلي للعباد قبيحاً والله لايفعل القبيح فقدجعل لعباده الي تكاليفهم سبيلاً جلياً يوجب العلم و لم‏يحوجهم الي ان‏يعملوا بهذه الاوهام و الشكوك التي يسمونها ظنوناً ثم علوماً مع هذا التكليف الشديد.

قوله <مضافاً الي الاجماع> الي اخر ماادري كيف صار زمام الاجماع باختيارهم يسوقونه حيث شاءوا و هذه المسائل نظرية مستحدثة لم‏يخطر بخلد قدمائنا ابداً و لم‏يؤثر في خصوصها قول.

قوله <بل علي نفي التبعيض باقسامه> ينافي عموم ما جوزه انفاً الا ان يراد به الاقسام التي غيره و لايدل و مراده من الاقسام كأن يعمل في مورد بالاحتياط و في مورد بالبراءة او الظن او الوهم او التخيير بين الثلثة او التبعيض بين الاشخاص يعني من لا مدخلية له في نظام العالم فعليه الاحتياط دون غيره.

بالجملة كل ذلك مما لم‏يذكر اسم الله عليه و الفرض علي الشيعة ان‏يتمسك بالبرهان الذي جاءه من عند الله و هو العلم فانه ليس العلم الا ما خرج من هاهنا اي من بيت ال‏محمد: وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله فنقول ان المحرم بالكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل المستنير العمل بالظن

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۶ *»

خاصه و عامه كما سمعت و ستسمع و العمل بالعلم ممكن لمن لم‏يبتل بالشبهات و الشكوك العامية و هو فج واسع و طريق مهيع ليس فيه ضيق و لاحرج و لايكلف الله نفساً الا ما اتيها و ما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم لقدجاءكم برهان من ربكم و ما لايدل عن قطع ليس ببرهان اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا و لله الحجة البالغة فما لم‏يرد فيه الينا نص عام او خاص مطلق او مقيد فنحن في الاصل الثانوي برءاء من التكليف فيه و نعمل بالاطلاق و البراءة علي حسب امرهم لا عقلنا و ان افتوا فيه و افتوا و ان شبهوا و شبهوا و احتملوا و احتملوا و ان وصل نص فان لم‏يكن له معارض فهو المعلوم المعمول به و ان كان له معارض فان عرف المخرج بالقواعد المأثورة لا غير فهو المعلوم المعمول به و ان لم‏يعلم المخرج فان عملت بالاحتياط و هو ما اذا عمل باحدهما عمل بالاخر فهو الراجح الممدوح و ان عملت بايهما شئت فهو الموسع من عندهم رحمة و حينئذ ان عملت بما يذهب اليه ظنك من الاحوط و الاصح و الاقرب و الاقوي و الاشبه و الانسب و الاولي من غير نفي الغير فلا بأس به بل هو احسن لقوله9 دع ما يريبك الي ما لايريبك فان الصدق طمأنينة و الكذب ريبة و لقوله9 البر ما اطمأنت اليه النفس و البر ما اطمأن به الصدر و الاثم ما تردد في الصدر و جال في القلب و ان افتاك الناس و افتوك و علي نقل اقناك الناس و اقنوك ثم لا احتياط في شي‏ء من الاحتمالات الامكانية و هذا الاحتياط ابتلي اكثر صالحي الاصوليين الي الوسواس الشديد فربما يغتسل واحد منهم لجنابة واحدة مائة و عشرين مرة و ربما يغتسل من قبيل الفجر الي بعد طلوع الشمس مرات متوالية و لايحصل له اليقين بالبراءة و ربما يغشي عليهم و ربما لايقدرون علي صلوة واحدة من كثرة الشبهات و هذه ثمرة الاحتياطات في غير المنصوصة و غير المأثورة و المرد في الكل الي احكم الحاكمين.

قالالرابعة بعد ما عرفت حجية الظن من حيث انه ظن في جميع ابواب

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۷ *»

الفقه في الجملة فهل يعم الحكم جميع اسباب الظن او يختص ببعض دون بعض فاعلم ان الظنون المشكوكة بالمعني الاعم التي هي محل النزاع منها ما هو مظنون الاعتبار لذهاب الاكثر الي اعتباره كالصحاح و الضعاف المنجبرة بالشهرة و منها ما هو مشكوك الاعتبار لعدم ذهاب الاكثر الي احد طرفيه بحيث يوجب ظناً عليه كالحسان و الموثقات و منها ما هو موهوم الاعتبار لذهاب الاكثر الي عدم اعتباره كالشهرة و الاستقراء و عدم الخلاف و الاجماع الظني و الاولوية الظنية و مقتضي الاصل و الاقتصار فيما خالفه علي القدر المتيقن الاقتصار في مقام العمل علي قسم من القسم الاول و هو الصحيح الاعلي كما عليه صاحب المعالم و المدارك فلايتعديان حتي الي الصحيح المشهوري لكن يردهما انه ان عمل الفقيه بالصحيح الاعلي و ان كان الظن علي خلافه لمعارضة شهرة او صحيح مشهوري منجبر بالعمل او حسن او موثق او نحوهما من الظنون كما هو ظاهر صاحب المعالم فلا مقتضي له لوجود العلم الاجمالي بمطابقة شطر كثير من تلك الظنون الشخصية المعارضة مع تلك الصحاح الاعلائية في مجموع ابواب الفقه للواقع فالعمل بتلك الصحاح بعد هذا العلم الاجمالي لا دليل عليه بل مخالف للاجماع و لبناء العقلاء بل للعقل لانه ترجيح للمرجوح او للمساوي اذ ليس العمل بها مع هذا الفرض قدراً متيقناً في مقام العمل.

اقول: قوله <بعد ما عرفت حجية الظن> الي اخر اما نحن فماعرفنا حجية الظن من حيث انه ظن و لم‏يقم منك دليل الهي نبوي علوي علي حجيته و انما اقمت توهمات مخدوشة و خيالات منفوشة لاتغني من الحق شيئاً و قدقدمنا من الكتاب و السنة و دليل العقل و الاجماع الذي لاريب فيه ان العمل بالظن مطلقا محرم كحرمة الميتة و الدم و لحم الخنزير بل اعظم و اعظم و به فساد الدين و تخريب الشرع المبين و هو منشأ الفساد و علة العناد بين العباد و سبب شق العصا بين المسلمين و الاختلاف الشديد في الدين كما وقع جميعها رأي العين و سيأتيك ان شاء الله مزيد بيان.

قوله <فاعلم ان الظنون المشكوكة بالمعني الاعم> و هو الشك الذي اعم من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۸ *»

الظن و الشك الاصطلاحين و ادخل المصنف الظن في الشك فطرة.

قوله <منها ما هو مظنون الاعتبار لذهاب الاكثر الي اعتباره> الي اخر و هذا اجل اقسام الظن و هو يظن ان هذا الظن معتبر و علة ظنه الثاني ذهاب الاكثر مع ان المشهور لا عبرة به وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن و قليل من عبادي الشكور و قول جماعة لا برهان لهم من الله لاحجية فيه لاسيما اذا كان مذهب الاكثر مطابقاً للعامة مخالفاً للكتاب و السنة كما عرفت فالمصنف من هذا الاكثر ظن ان الظن حجة فاتخذه مذهباً و مثل له بالصحاح اي ما كان رجال سندها كلها امامي عدل و العمل به اتفاقي بين المجتهدين بشروطه ولكن الذي لايعتني بالسند و انما يصحح الخبر بالقرائن فلربما يكون غير صحيح السند عنده اكثر اعتباراً من صحيح السند فيعمل به و نحن قدبينا في علم الدراية ان المتن ان كان صحيح الصدور فلاحاجة به الي السند و لايزيده كمالاً و لاينقصه حسناً و ان لم‏يكن المتن صحيح الصدور فالذي افتري المتن يقدر علي افتراء سند صحيح له فلا اعتناء عندنا بصحة السند و لكن المجتهدين يعتنون به كثيراً و العمل به اجماعي عندهم بشرط عدم معارض اقوي و اما الضعاف المنجبرة بالشهرة فان كان المراد شهرة الرواية و شهرة العمل بها فنعم لقوله7 خذ بما اشتهر بين اصحابك و اما ان افتي قوم بارائهم و لم‏يروا خبراً ثم صادف موافقتها له فلاتجبر الشهرة حينئذ الخبر اصلاً و هو علي ضعفه.

قوله <و منها ما هو مشكوك الاعتبار> الخ و انما شك لان الاكثر لم‏يذهب الي احد طرفيه فعلم ان المناط ذهاب الاكثر و الله ذم الكثرة في كتابه في آي و ورد نصوص علي ذمها كمارويناها في فصل الخطاب بالجملة و مثل لها بالحسان و الموثقات و الحسان عندهم ما كان رجال سنده كلهم امامي و فيهم من لم‏يعدل و الموثق ما كان فيهم او كلهم مخالف ثقة و هو من محاسن علم الرجال حيث يقولون فلان ناصبي ثقة فهو ثقة في قوله يجب انكار ال‏محمد: عندهم.

و اعلم ان قدماء اصحابنا كان الصحيح عندهم ما علم انه صحيح الصدور عن الحجة و الضعيف ما شك في صحة صدوره و كانوا يطلبون لتصحيح الاخبار

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۳۹ *»

القرائن و يتفحصون في الاطراف و الجوانب و الكتب حتي يحصل لهم العلم بالقرائن انه صدر من الحجة فيركنون اليه و الا فيذرونه في سنبله حتي يحصل لهم العلم و لايصدقونه و لايكذبونه تسليماً لال‏محمد: فلايعملون به و كان ذلك ديدنهم الي زمان السيد بن طاوس; فانسد علي اصحابنا في ليلة واحدة جميع طرق القرائن ففتحوا باب تنويع الاخبار الي هذه الاقسام الاربعة المعروفة لشبهة عرضت له ثم تبعه العلامة بعده ثم شاع بين القوم ثم اختلفوا في العمل بها فمنهم من عمل بالصحاح و منهم من ضم بها الحسان و منهم من ضم بهما الباقي ان عمل به الاصحاب و ليس هنا موضع تفصيله و لعله يأتيك ان شاء الله في هذا الكتاب و ساير كتبنا به مشحونة.

قوله <و منها ما هو موهوم الاعتبار> الي اخر لان اكثر الاصحاب اعرضوا عنه كالشهرة و هو استدلال عجيب فانه يقول الشهرة موهوم الاعتبار لان المشهور عدم اعتباره و الشهرة اقوي من قول الاكثر و مثل بالاستقراء و هو ان‏يفحص الانسان عن موارد خاصة في الشرع فاذا وجدها متطابقة حكم في الكلي بحكمها و هو قياس صرف و قدعمل به صاحب الحدايق مع انه اخباري و يقول كما نعرف من الاستقراء ان الفاعل كليةً مرفوع فنحكم بالرفع فيه اذا تتبعنا موارد خاصة و يحصل لنا العلم بانه كله كذا حتي انه يحصل له الاستقراء باربعة موارد او خمسة فيحكم في الباقي و مثل المصنف بعدم الخلاف فانه من باب الظن المطلق و الاجماع الظني كما مر كذلك و الاولوية الظنية التي عملوا بها و اشتهر العمل بينهم مع ورود نصوص عديدة في المنع عنه و كذلك العمل بمقتضي الاصل و الاقتصار فيما خالفه علي القدر المتيقن.

بالجملة كل ذلك من اسباب الظن المطلق و اما الظنون المنهية كالظن الحاصل من القياس و الاستحسان و المصالح و امثالها فعلماً يعرضون عنها و عملاً قل من لم‏يعمل بها و لو كثيراً و قد حكي بعض المجتهدين قولاً بجواز العمل بالقياس لا من حيث انه قياس بل من حيث حصول الظن و سوق البرهان العقلي علي حجية الظن مطلقا اليه و لاجل انه منهي‌عنه عند انفتاح باب العلم و اما عند

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۰ *»

انسداد باب العلم و العمل بالظن الحاصل منه فلا اجماع علي النهي عنه و عما قليل يسوغونه بلا اكتراث و اصحاب الظن المطلق لايقدرون علي الردع عنه لاسيما اذا كان الظن الحاصل منه اقوي لقبح ترجيح المرجوح و ترك الراجح.

قوله <الاقتصار في مقام العمل> الي اخر مااعرف موضع الاقتصار ان كان مبتداءاً اين خبره علي اي حال يريد ان الاقتصار علي العمل بالصحيح السند كما ذهب اليه الفاضلان لايتعديان الي غيره حتي الصحيح المشهوري اي الضعيف المنجبر بالشهرة ليس بصحيح.

قوله <لكن يردهما> الي اخر يعني ان عمل الفقيه بصحيح السند و ان كان الظن الحاصل من اسباب اخر علي خلافه فلا مقتضي له لان الفقيه يعلم اجمالاً في كثير من المواضع بمطابقة بعض تلك الظنون للواقع فالعمل بتلك الصحاح بعد هذا العلم الاجمالي لا دليل عليه اقول بلي عليه دلائل لاتحصي اما الخبر الصحيح فقدامرنا بالاخذ به بالكتاب و السنة الدالين علي وجوب العمل باخبار الآحاد و حرمة الاعراض عنها و اما الظنون المخالفة لها فان كانت من حديث يعارضه فالعمل علي ما قرره الشارع و ان كانت يعارضها ساير الظنون فهي وجودها و عدمها سواء و لا عبرة بها.

قوله <بل مخالف للاجماع> متي تحقق الاجماع و جميع المنكرين للعمل بالظن يخالفونك و كيف تصولون بهذا الاجماع في الموارد و ليس له تحقق ابداً و هو كمدفع فارغ يصال به علي العدو فيخاف منه الجاهل و لاحاصل له عند العارف بالامر.

قوله <و لبناء العقلاء> ماادري متي صار فعل العقلاء من العوام و خارجي المذهب و غيرهم مدرك احكام الله و دليلاً من الادلة في ترجيح اخبار اهل العصمة و علي ذلك جميع قدماء اصحابنا المحرمين للعمل بالظن و محدثي اصحابنا فاذاً ليسوا من العقلاء اذ بناؤهم علي ترك المظنون و الاقتصار علي المعلوم و مع ذلك هو علم غيب يدعونه في كل مقام اذ لم‏يحيطوا بهم.

قوله <بل للعقل> الي اخر قد مر بيانه ان الاخذ بالمظنون اخذ بالمرجوح بعد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۱ *»

ما علم تحريمه من الكتاب كما يقول المصنف ان العمل بالقياس اخذ بالمرجوح بعد ما قام الاجماع علي النهي عنه و هو ايقاع النفس الي التهلكة فانه عصيان.

قالو ان عمل به مع عدم كون الظن علي خلافه كما هو ظاهر صاحب المدارك فهو مسلم لكن الصحاح الاعلائية بهذا الوصف في ابواب الفقه نادرة لاتكفي اذ مع الاقتصار عليها يلزم العسر فيماعدا تلك الموارد ان احتاط و الخروج عن الدين ان عمل بالبراءة فعاد المحذور فلابد من التعدي من تلك الصحاح المذكورة الي غيرها من الظنون فان تعدي الي الظنون الشخصية المعارضة مع الصحاح الاعلائية و الواجدة للعلم الاجمالي لزمه التعدي الي ما ليس معارضاً معها من تلك الظنون للاولوية و الاجماع المركب و ان تعدي الي الخالية عن معارضة الصحاح خاصة ثبت لزوم التعدي في الجملة ايضاً سلمنا لكن الصحاح الاعلائية لو عمل بها اجمع حتي ما له معارض منها لم‏تكف في ابواب الفقه سيما ابواب المعاملات و ليت شعري ماذا يفعل المقتصر علي الصحاح الاعلائية في ابواب الفقه عند فقدها فان تمسك بالاطلاقات و العمومات فهي مخصصة بالمجمل كما عرفت فلا مفر من التعدي الي غيرها.

اقول: قوله <و ان عمل> الي اخر يعني ان عمل عامل بصحيح السند ان لم‏يكن الظن علي خلافه فلا بأس به ولكن مثل ذلك نادر في ابواب الفقه لاتكفي لجميع الاحكام و هذا القول كلمة حق لا من حيث ذهب بل الاحاديث التي اسنادها صحيحة يجوز العمل بها ان لم‏يعارضها ما هو اقوي منها من الاخبار الصحيحة علي ما اوقفونا ال‏محمد: عليه لا ساير الظنون حتي انه لو ورد نص صحيح و كان الظن علي خلافه وجب ترك الظن و العمل بالصحيح رغماً لانف الظن الذاهب علي خلاف ما صح عن محمد و ال‏محمد: لقول النبي9 اذا ظننت فلاتقض و لقوله اياكم و الظن فان الظن اكذب الكذب و قال اميرالمؤمنين7 لولا اني رأيت رسول الله9 يمسح ظاهر قدميه لظننت ان باطنهما اولي بالمسح عن ظاهرهما انتهي و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۲ *»

اراه7 كان ظنه علي خلاف السنة و لم‏يعمل بظنه و قال رسول الله9 في حديث وصية جبرئيل و مازال يوصيني بالجار حتي ظننت انه سيورثه و مازال يوصيني بالمملوك حتي ظننت انه سيضرب له اجلاً يعتق فيه و مازال يوصيني بالمرأة حتي ظننت انه لاينبغي طلاقها انتهي فاراه9عمل بظاهر نص جاء به جبرئيل و لم‏يعمل بظنه الحاصل من القراين فاذا ورد نص صحيح عن ال‏محمد: و ذهب الظن علي خلافه بئس الظن هو و يجب خلافه رغماً لانف النفس و الظن و هذا قول جماعة اخبر الله عنهم و قال ما انت الا بشر مثلنا و ان نظنك لمن الكاذبين و قال قال الملأ الذين كفروا من قومه انا لنريك في سفاهة و انا لنظنك من الكاذبين حيث عملوا بالظن الحاصل لهم علي خلاف ايات الله و نص نبيهم بالجملة قصر العمل علي صحيح السند ليس يكفي في جميع ابواب الفقه مسلماً.

قوله <اذ مع الاقتصار> الي اخر ليس يلزم العسر مع الاحتياط علي ما ذكرنا و من العجايب ان مثل ابن‏ادريس الحاكم بحرمة العمل بالظن و اخبار الاحاد يحكم في جميع ابواب الفقه و العامل بالصحاح وحدها يحكم في جميع ابواب الفقه و الحاكم بالصحاح و الحسان ايضاً يحكم في جميع ابواب الفقه بلا عسر و لاحرج بالجملة الاحتياط علي ما قررنا ليس فيه عسر و اما العمل بالبراءة فخروج عن الدين و ترك لاكثر مسائل الدين بل لايقدر علي صلوة واحدة علي ما يرتضيه المسلمون بلا شك.

قوله <فلابد من التعدي> ليس كذلك و لايجب التعدي الي ساير الظنون بل هذه الطريقة خطاء و انما نعمل باخبار صحيحة شرعاً المورثة علماً عادياً كما يأتيك و يصير الامر اوسع مما بين السماء و الارض و يناسب الشريعة السهلة و يطابق الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل كما يأتي.

قوله <فان تعدي> الي اخر يعني ان تعدي الي الظنون الشخصية كالظن الحاصل من الشهرة او عدم ظهور الخلاف او غيرها و الظنون الواجدة للعلم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۳ *»

الاجمالي بان فيها الحكم قطعاً و لايحصل البراءة منه الا بالعمل بتلك الظنون لزمه التعدي الي ساير الظنون غيرالمعارضة ايضاً فانها اولي بالاخذ لعدم المعارض و الاجماع المركب فان كل من رجح العمل بالظنون الشخصية قال بترجيح مطلق الظنون و لعمري يتحير العقل من هذه المطالب المعيوبة التي عيوبها معيوبة و عيوب عيوبها معيوبة لايدري الانسان اي كلمة منها يرد و كم يرد و نحن لانعرف ظناً شخصياً و لا نوعياً و لانعرف اجماعاً مركباً و قداشرنا الي جميع ذلك مكرراً.

قوله <و ان تعدي> الي اخر يعني ان عمل بالصحاح الخالية عن معارض صحيح من الاخبار فذلك ايضاً قليل و لايكفي في ابواب الفقه مع انه يجري فيه ما جري في سابقه فيلزمه العمل بالظن المطلق ثم تعجب المصنف ان المقتصر علي الصحاح ما يصنع في ابواب الفقه فان تعدي الي المطلقات و العمومات فالعلم الاجمالي حاصل بانها مقيدة و مخصصة فلايبقي ظن علي اطلاقها و عمومها فلا مفر من التعدي الي الظنون المطلقة لما مر.

قالو لو قيل ان لصاحب المعالم دليلاً علي عدم اعتبار الصحيح المشهوري بل مطلق الخبر ماعدا الصحيح الاعلي و هو اية النبأ فانها تدل بمنطوقها علي التبين عن خبر هذا الراوي الذي زكاه عدل واحد لعدم حصول العلم بعدالته بتزكية الواحد و الفاسق موضوع للامر النفس الامري فلابد من التبين لاحتمال الفسق فلايكون خبره حجة و المفهوم و ان دل علي حجية قول العدل المزكي له الملازمة لحجية قول المزكي لكن المنطوق عند التعارض اقوي من المفهوم قلنا بعد تسليم كون المراد هو التبين العلمي لا الظني و تسليم عدم انصراف الفاسق الي المعلوم التفصيلي ان دلالة المنطوق هنا دلالة عقلية مقدمية و دلالة المفهوم علي قبول تزكية المزكي دلالة اصلية فيقدم المفهوم لذلك بل العرف يفهم هنا وروده علي المنطوق مضافاً الي ان اية النبأ لاتعارض الدليل العقلي الذي اقمناه علي التعدي كما لاتعارضه ايات النهي عن‌الظن و مما ذكرنا تقدر علي استخراج دليل التعدي الي ساير الاقسام سيما بعد ملاحظة ان الظن الحاصل من مثل الشهرة اقوي من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۴ *»

الصحيح الاعلي و ان كون الاعلي قدراً متيقناً بعد الانسداد الاغلبي اول الكلام و ان ذهاب المعظم الي عدم حجية الشهرة لايصيرها موهوم الاعتبار لعدم حصول الظن من ذهابهم الي عدم الحجية سيما اذا كان حكمهم بعدم حجيتها لعدم الدليل عملاً بالاصل لا للدليل علي العدم و ملاحظة قبح ترجيح المرجوح او الترجيح بلامرجح او الاجماع المركب في بعض المقامات.

اقول: قوله <و لو قيل> ان صاحب المعالم استدل بالاية الشريفة ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا علي عدم حجية الخبر الذي ليس سنده صحيحاً بل علي عدم حجية خبر زكي راويه عدل واحد لان بتزكية الواحد لايحصل العلم و الفاسق ايضاً موضوع للفاسق في الواقع النفس الامري فلابد من التبين و عدم الاعتداد بروايته حتي يثبت صحتها و ان قلت ان كان مفهومه حجة فتزكية هذا المزكي مقبول فالخبر مقبول قلنا ان مفهوم الاية و ان كان يوجب ذلك لكن منطوقها علي خلاف ذلك و عند تعارضهما المنطوق اولي بالاخذ فاجاب المصنف عن ذلك و قال قلنا في جواب ذلك بعد تسليم التبين العلمي و تسليم ان الفاسق هو النفس الامري ان دلالة المنطوق عقلية و امر بالتبين لاجل عدم اصابة القوم بقول فاسق  و مقدمية لقوله ان تصيبوا قوماً بجهالة و دلالة المفهوم علي قبول تزكية المزكي اصلية فانه يدل علي ترك التبين فالمفهوم مقدم و مااعرف هذا القول فان المنطوق ان كان عقلياً ليس مفهومه حجة كيف يكون هنا مقدماً.

قوله <بل العرف> الي اخر فان منطوقه لاتعمل بخبر الفاسق قبل التبين و مفهومه اذا جاءكم عادل بنبأ فلا حاجة الي التبين و كأنه نظر الي ان المفهوم يفهم ثانياً بعد فهم الاول فهو وارد عليه.

قوله <مضافاً الي ان اية النبأ> الي اخر جسارة عظيمة و اما نحن فان نزل اية علي خلاف بصرنا و سمعنا نكذب بصرنا و سمعنا و نصدقها كيف و روي كذب سمعك و بصرك و صدق اخاك المؤمن هذا و هذه الادلة التي هي كالعهن المنفوش و اوهن من بيت العنكبوت و يستدل بها صباحاً و يرجع عنها مساءاً و يستدل بها هو و يخدش فيها جماعة من امثاله و افضل منه كيف تعارض القرءان و تكون اقوي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۵ *»

منه فعلي هذا لو قال ربك لك يوم القيمة ان رأيك خطاء تقول قولك مسموع لفظي و لايعارض عقلي و قدذكرت مرة لبعض منتحلي الحكمة و الاصول لو خالف عقلك الكتاب و السنة ما تصنع قال اترك الكتاب و السنة لانهما ظنيان و اخذ بعقلي لانه قطعي و هذا ديدنهم في جميع الموارد نعوذ بالله و به نستعين.

قوله <سيما بعد ملاحظة> الي اخر و هذا ايضاً كاخيه فان الشهرة قول جماعة من الشيعة و الحديث الصحيح قول الامام المعصوم فكيف يكون الظن الحاصل من اقوال هؤلاء الخاطئين القائلين قولاً بلا برهان اقوي من قول الامام المعصوم الذي هو علي ما هو عليه برهان مأمور بالاخذ بوثقي عروته من الله و الشهرة ظن خارج عن براهين الله لم‏نؤمر بها كما مر و ليس المصنف يتمسك بها الا من باب انه يحصل منها الظن و قدقال اميرالمؤمنين7 انما يعرف الهدي بقلة من يأخذه من الناس الخبر.

قوله <و ان كون الاعلي> الي اخر هذا رد بحث منه ان قيل بعد الانسداد يكون الاخذ بالصحيح هو القدر المتيقن المجمع‌عليه بين الفرق و لا كذلك الشهرة اجاب المصنف بان كونه القدر المتيقن اول الكلام فانه قدر متيقن ان لم‏يعارضه ظن اقوي و الظن الحاصل من الشهرة اقوي و نقول بان الظن الحاصل من الحديث معتبر متبع لذهاب الاكثر اليه كما مر فاذا عارضه الاكثر فلارجحان له فالمصنف لايسلم ان الحديث الصحيح الذي قام الاجماع علي الاخذ به اولي بالاتباع من قول الاصحاب الذي لا برهان لهم به و هذا حظهم من العلم.

قوله <و ان ذهاب المعظم> الي اخر جواب اخر لبحث اخر يعني لو قال قائل ان كان الظن الحاصل من الشهرة اقوي فالمشهور عدم الاعتناء بالشهرة فيكون الظن الحاصل من الحديث سليماً فاجاب المصنف انا نقول ان الشهرة متبعة اذا حصل منها الظن و نحن من الشهرة علي عدم حجية الشهرة لايحصل لنا الظن بعدم حجية الشهرة لما راجعنا ادلتهم و رأينا سخافتها فتلك الشهرة لا عبرة بها و بقي الشهرة الاولية علي سلامتها فيرجح علي الخبر و لعمري تحسبهم و زمام الاختيار بيدهم يختارون ما يشاءون و يقولون ما يشاءون و اينما عجز عن الرد و الجواب يتخذه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۶ *»

مذهباً سواءاً سكن عليه قلبه او لم‏يسكن.

قوله <و ملاحظة> عطف علي ملاحظة الاولي يعني يتخذ المشهور مذهباً لاسيما بعد ملاحظة قبح ترجيح المرجوح و الظن الحاصل من الشهرة اقوي فترجيح المرجوح عليه قبيح و يعارض بانه ان كان كذلك فلم لم‏ترجح الظن القياسي اذا كان اقوي و يجيب المصنف انه لقيام الاجماع علي حرمته فاقول فاذا اترك الظن الحاصل من المشهور ايضاً لنزول الكتاب و ورود الاخبار و قيام الاجماع و دليل العقل علي حرمته بالجملة تالله اتحير ان ارد اي كلمة و كم ارد و كم اكرر بالجملة و يلزم من ذلك عند المصنف الترجيح بلامرجح اذ لاترجيح للخبر الصحيح المأموربه علي المشهور العاري عن البرهان المنهي‌عنه عند المصنف و الاجماع المركب في بعض المقامات اذ ينبغي اما ترك العمل بالشهرة مطلقا كما هو مختار فريق او العمل بها مطلقا كما هو مختار فريق فالاعتماد عليها في بعض المواضع و تركها في موضع خرق للاجماع المركب الذي لايمكن معرفته و لايعلم حصر اهل الحق علي قولين الا عالم الغيب.

قاللكنا نقتصر في العمل بالظنون علي كل ظن ادخله احد المعممات و نعمل فيماعداه باصالة الحرمة فلانقول بانقلاب الاصل كليةً فمثل الظن الحاصل من النوم لانعمل به للاصل و عدم جريان المعممات فيه لا الدليل علي عدم حجيته و ان امكن وجوده ايضاً و اما مثل القياس و الاستحسان و المصالح المرسلة فمما نقطع بعدم اعتباره للدليل فليست هي من الظنون المشكوكة و لا داخلة في محل النزاع و لا خروجها موجباً لتخصيص الدليل العقلي لما عرفت ان مورد الدليل العقلي الظنون المشكوكة لا ما قطع بعدم اعتباره فليس ذلك تخصيصاً بل اختصاص لعدم جريان المقدمة المعممة و هي المقدمة الرابعة فيه و اما الظن الحاصل من خبر المجنون و الصبي الغير المميز فليس حجة للاجماع ظاهراً و بناء العقلاء و في خبر الصبي المميز وجهان.

اقول: ثم اخذ المصنف في بيان خروج بعض الظنون عن قوله بحجية مطلق

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۷ *»

الظنون المستنتجة من الادلة العامة كدفع الضرر و وجوب الاحتياط و قبح ترجيح المرجوح و الترجيح بلامرجح و امثال ذلك فقال كل ظن ادخله احد المعممات من الادلة الماضية نعمل به و نعمل في الباقي باصل الحرمة فلانقول بانقلاب الاصل كليةً فمثل الظن الحاصل من النوم و الرمل و الجفر و امثالها غيرمعمول به للاصل اي اصل حرمة العمل بالظن كما مر و عدم جريان المعممات فيه و هذا القول من المصنف غيرمسموع فان العقل هو مدرك كلي و لايدرك الا الكلي فكل‌ماادركه هو كلي شئت ام لم‏تشأ و ما ثبت بالدليل العقلي لايخصص لان مدركه كلي فان كان ما ذكروه من الدليل عقلياً فهو كلي فهو لايخصص و ان لم‏يكن كلياً فليس بعقلي و اذا يجوز ان يخصص فاذا كان الدليل قبح ترجيح المرجوح علي الراجح فهو امر كلي لايجوز ترجيح اي مرجوح علي اي راجح فالظن الحاصل من النوم و الجفر و الرمل و النجوم و الطيرة و امثالها اذا رجحت من حيث انفسها وجب علي قولهم ترجيحه و ان قلت ان الدليل الخارجي قام علي عدم اعتبارها قلت فدليلكم ليس بعقلي كلي بل نفسي شخصي فقوله <عدم جريان المعممات> خطاء فاصل الحرمة يعدل عنه بالدليل العام المطلق و هو قبح ترجيح المرجوح و قبح الترجيح بلامرجح و وجوب الاجتناب عن الضرر المظنون بل الموهوم و ان قلت ان الظن الحاصل من هذه الامور ليس براجح للمانع و هو الاجماع قلت ان الاجماع اذا قام علي خلاف الدليل العقلي القطعي الكلي فالاجماع مقدوح لا العقل فان ادلتكم علي زعمكم منتهية الي البديهيات فالاتفاق القائم علي خلاف بداهة العقول لايكشف عن قول الامام و لا رضاه مع اني اقول ان مثل هذا الاجماع بزيادة الكتاب و السنة و ادلة اخر قامت علي حرمة العمل بالظن فاعدلوا عنه و ان قلت ان هذه الامور موهومة الاعتبار لذهاب الاكثر الي عدم اعتبارها فليست من محل النزاع و لاتخصص قلت هذا تسويل سولت للمصنف نفسه كما يأتي و الدليل العام عام سواءاً اوردته في محل خاص ام عام.

و قوله <و اما مثل القياس و الاستحسان> الي اخر هذا تدبير اخر منهم في الجواب عما اورده المحدثون عليهم ان ادلتكم ان كانت عقلية فهي كلية لا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۸ *»

تخصص فلم‏خصصتموها بالقياس و الاستحسان و المصالح فتصدي المصنف للجواب فقال ان الظنون الحاصلة منها ليست من الظنون المشكوكة الحجية لقيام الاجماع علي حرمته و محل كلامنا في الظنون المشكوكة الحجية و ليس خروج هذه الظنون تخصيصاً للدليل بل هو لاختصاص محل كلامنا بالمشكوكة الحجية و هو تسويل غريب فانا نقول ان هذه الاسباب محدثة للظنون بلا شك و الظن راجح علي مقابله الموهوم بلا شك غاية الامر قام دليل من الخارج علي النهي عن اتباع هذا الظن و اما هي من حيث نفسها تفيد ظناً راجحاً و الدليل العقلي القائم عندكم ان ترجيح المرجوح قبيح علي الله و علي رسوله و حججه: و علي العقلاء فالنهي عن الظن الحاصل من القياس اذا كان راجحاً علي الظن الحاصل من الخبر نهي عن الراجح و هو قبيح عقلاً كليةً و الاجماع القائم علي حرمته اتفاق علي قبيح لايمكن دخول المعصوم فيه فليس باجماع و كذا الترجيح بلامرجح قبيح و كذا دفع الضرر المظنون قبيح و هذه الادلة كلية لاتختص بموضع دون موضع بلا شك و لايجوز العقل ابداً ترجيح مرجوح ابداً و لايجوز الترجيح بلا مرجح ابداً.

و ان قلت هذا من حيث ملاحظة نفس الراجح و المرجوح كذا و لكن جاء دليل من الخارج و نهانا قلت ان الدليل العقلي لايمكن الخدش فيه فاذا الراجح المنهي‌عنه ليس براجح و المرجوح المأمور به راجح و كان الاشتباه في الموضوع لا الدليل العقلي فاذا سلمتم لذلك فلنا ان نقول ان الظن و ان كان راجحاً من حيث نفسه لكن يمكن ان‏يكون له مفاسد في دين الله لاتعلمها انت و نهي عنه لاجلها فالظن مع تلك المفاسد مرجوح فلايتم دليلكم علي حجية الظن و كذلك الاستدلال بقبح الترجيح بلامرجح و بدفع الضرر و امثال ذلك فبطل ما استدللتم بها رأساً و لم‏يبق لكم دليل لوجود الادلة الظاهرة الباهرة علي حرمة استعمال الظن في دين الله و في احكام الله بما لامزيد عليه.

بالجملة مقصوده من المقدمة المعممة الترجيح بلا مرجح و عدم كفاية الصحاح و المعلومات فيقول في الظن الحاصل من القياس ان تركه ترجيح مع المرجح و هو الاجماع و نحن نستخرج جميع المسائل من غير حاجة الي القياس

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۴۹ *»

فلا اضطرار محلل للعمل به و هذا الجواب ينقلب علي المصنف ان ترك العمل بالظن ليس ترجيحاً بلامرجح فان المرجح الايات و الاخبار و الاجماع و الادلة العقلية و اتفاقكم علي حرمة العمل بالظن اولاً ثم لا دليل صالح علي جوازه لانها كلها مخدوشة و لاحاجة الي العمل بالظن لان الوفاً من علماء الامة حرموا العمل بالظن و اوجبوا العمل بالعلم و افتوا في كل الفقه و قالوا نفتي بالعلم فان تكذب تلك النفوس القدسية فلاجواب لك عندنا و للناس ايضاً السن فان قلت اشتبه عليهم فهم ايضاً يمكن لهم القول بذلك فكل‌ما تقول في القياس نقول في مطلق الظن و لما بلغ التحرير الي هنا احببت ان‏اذكر ما يتضح به كيفية تحصيل العلم حتي يعلم ان ما نقوله و قاله المقتصرون علي العلم ليس محض ادعاء بل هو امر له حقيقة و لم‏يشتبه علينا الامر ببركات محمد و ال‏محمد: و تحقيق ذلك في ساير كتبنا مستوفي ولكنا نذكر هنا علي نحو الاشارة و ان شئت التفصيل فراجع كتابنا الحجة القاطعة ففيه غنية ان شاء الله و شرح ذلك يقتضي رسم مقدمة و مقاصد.

المقدمة

فيما يجب تقديمه و فيه فصول

فصل

اعلم ان للموجودات الخارجية ثلث مراتب متباينة في الخواص و قداعطي الله سبحانه الانسان من جنس كل رتبة مدركاً به يدرك ما فيها و جعل لكل مدرك دليلاً يهتدي به فيها الي مقاصده ففي الموجودات حقائق معرات عن المعنوية و الصورية و اعطي الانسان حقيقة يدرك بها الحقائق و هو اذا ادركها يدركها بانها كذا و يمتنع ان‏يكون غير ذا و فيها معان كلية فاعطي الانسان مدركاً كلياً معنوياً و هو العقل يدرك بها المعاني الكلية و هو اذا ادركها يدركها بانها في

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۰ *»

الواقع الخارج كذا و لايكون غير ذا و يسمي باليقين و فيها صور جزئية ذات مراتب مختلفة فاعطي الانسان مدركاً صورياً و هو النفس و لها مشاعر جزئية بعدد انواع مراتب الصور يدرك بكل مشعر نوعاً من تلك الصور و يسمي بالعلم و هو اذا ادرك شيئاً يدركه بانه عندي كذا و يمكن ان‏يكون في الواقع الخارج غير ذا و يسمي دليل مدرك الحقيقة بالحكمة و دليل مدرك العقل الموعظة الحسنة و دليل مدرك النفس هو المجادلة بالتي هي احسن و لما كان درجات الامة علي هذه الثلث قال الله سبحانه ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن و قدتكفل بشرح ذلك ساير كتبنا و يكفي الاشارة هنا.

فصل

حظ الحقيقة المعرفة تعرف حقيقة الشي‏ء و هذه المعرفة يقابلها الانكار كقوله تعالي يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها و الانكار هو الجحود و ذلك ان الانسان اما يصل الي حقيقة و اما لايصل فان لم‏يصل فلم‏يعرف و ليس من اهل الحقيقة و ان وصل و اتحد بها فهو من اهل المعرفة فلاتردد للحقيقة و ليس بين النفي و الاثبات منزلة الا ان‏ينكر بعد ما عرف و يجحد.

و حظ العقل اليقين لانه يستيقن بالشي‏ء بمشاهدة الاثار من غير وصول الي الكنه فان وجد اثاراً متفقة اعتبر بها الكنه و تيقن به و ان تعارضت الاثار تردد في اثبات الكنه فان غلب اثر علي ساير الاثار فمن حيث نظره الي ذلك الاثر الغالب حصل له الظن بالكنه و من حيث نظره الي الاثار المغلوبة حصل له الوهم بالكنه و هذه العوارض الثلثة قهرية لايمكن دفعها عن العقل اذا ارتبعت  و لا جلبها اذا امتنعت فانها تابعة للاثار و حاصلة منها و ليست توجد بغيرها.

و حظ النفس العلم لانها مرءاة ينطبع فيها و في مشاعرها صور الاشياء فاذا انطبع فيها صورة كان لها علم و الا فهي جاهلة يعني ليس في مرءاتها صورة و هي خالية عن العلم.

فصل

اعلم ان كمال مرتبة دنيا يجتمع مع جميع ما في المرتبة العليا فاليقين بالشي‏ء يجتمع مع المعرفة و مع الانكار كقوله تعالي و جحدوا بها و استيقنتها

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۱ *»

انفسهم و العلم بالشي‏ء يجتمع مع المعرفة و مع الانكار و الظن و الشك و الوهم الاتري انه قديكون الصورة عند النفس او مشعر من مشاعرها و يتيقن انه موافق للواقع او مخالف و ربما يظن و ربما يشك و ربما يتوهم انه موافق او مخالف فلاتغفل عن هذه الاصول و لاتخلط بعض المراتب ببعض.

فصل

اعلم ان امور هذا العالم بلحاظ اخر ثلثة كليات و جزئيات و الجزئيات علي قسمين عاديات و وضعيات اما الكليات فيتوصل اليها بالادلة العقلية المعنوية علي ما مر و اما الجزئيات العادية فيتوصل اليها بمشاعر النفس الجزئية و الادلة العادية و اما الوضعيات فيتوصل اليها بالاسباب الموضوعة و من رام التوصل الي كل نوع بغير ما ذكرنا يعد مجنوناً و خاطئاً و لايكاد يصل اليه ابداً و كما مر في الفصل السابق يمكن ان‏يحصل للانسان علم وضعي و لايكون له علم عادي و ذلك كما اذا قام شاهدان علي ان المال مال زيد يحصل لك علم وضعي شرعي علي ان المال مال زيد و ليس لك علم عادي بان المال له و يحصل لك علم شرعي بان الثوب نجس و لم‏يحصل لك علم عادي ابداً و كذلك قديحصل لك علم عادي بشي‏ء في الخارج كوجود الهند مثلاً و لايحصل لك يقين عقلي بدليل عقلي يوجب نفي ما عداه في الخارج ان الهند موجود في الخارج و ربما يحصل لك ظن او شك او وهم عقلي و لاتغفل من ان في عالم العاديات ايضاً يقين علمي و ظن و شك و وهم الاتري انك تري النهار موجوداً فهو يقين عادي و ربما تسمع خبرين تظن صدق احدهما و يكون الاخر موهوماً و ربما تشك و هذه الاربعة كلها علمي صوري ليس بمعنوي و لا كلي و كأن عقل القوم هو هذا المشعر المدرك للصوري لانهم يسمون ادلتهم الجزئية الصورية عقلية و ما جزموا عليه يقيناً و اضداده ظناً و شكاً و وهماً و ليس لهم اطلاع علي العقل و ادلته ابداً و هذا اليقين و اضداده تجتمع مع اليقين العقلي و اضداده الاتري انك تري النهار و تجزم بوجوده و ليس لك دليل عقلي علي وجوده و ربما يكون لك مظنوناً عقلياً او مشكوكاً او موهوماً ولكن يكون للنفس مجزوماً به قطعياً و هكذا اضداده و كذلك للشرعي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۲ *»

ايضاً يقين و ظن و شك و وهم و هي تجتمع مع الحالات العقلية و اليقين العادي و ظنه و شكه و وهمه الاتري انك قدتتيقن بالادلة الشرعية الوضعية ان المال مال زيد و في العقل ربما تتيقن بامر كلي ذلك من افراده او تظن او تشك و كذا في الخارج ربما متيقن انت ايضاً بذلك او ظان او شاك و ربما يحصل لك ظن شرعي بسبب تعارض الادلة و لكن بالعادة لك الاحوال الاربعة و كذلك الشك و الوهم كما انك بالعلم العادي تعلم ان زيداً يقدم الجبت و الطاغوت او تظن او تشك او تتوهم و ربما بالعقل ايضاً تتيقن بامر كلي ذلك من افراده او تظن او تشك و بالعلم الشرعي تظن ان من كان كذا ناصب او تشك او تتوهم بالجملة مارأيت في قليل تتبعي في كلمات القوم ان‏يفرقوا بين هذه المراتب و لذلك وقع منهم الخبط و الخلط العظيم.

فاذا عرفت هذه المقدمات و عرفت مشعر كل شي‏ء و دليله

فاستمع ماذا يقول العندليب   حيث يروي من احاديث الحبيب

و اعلم انا نحتاج هنا الي ثلثة مطالب الاول كيفية حصول العلم بصحة الاخبار جملاً و ما معني الصحة الثاني كيفية حصول العلم التفصيلي بان هذا اللفظ بعينه هو الصادر عن الحجة صلوات الله عليه و ليس فيه سهو و لاخطاء و لاتحريف و لاوضع الثالث كيفية حصول العلم بمعناه مع كل هذه الاحتمالات اللفظية السبعينية و الاحتمالات التي ذكرها اهل الاصول فلابد لنا من رسم ثلثة مقاصد ليتبين كل مطلب من هذه المطالب الثلثة.

المقصد الاول

في كيفية حصول العلم بصحة الاخبار جملاً و في هذا المقصد ايضاً فصول نذكرها علي سبيل الاختصار و ان كنا به ضنيناً علي الاغيار لكن لابد للاولياء من الاعتبار.

فصل

اعلم ان الفرقة المحقة في تصحيح الاخبار علي طريقين فمنهم من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۳ *»

يصححها بالقرائن الخارجية كمعاصري الائمة: و متقدمي العلماء و محدثيهم الي يومنا هذا فيطلبون القرائن حتي يحصل لهم القطع و ان كان كل واحد من القرائن لاتوجب علماً الا انه اذا تراكمت ظنونهم يحصل لهم القطع بان هذا الخبر صحيح جملاً و من تلك القرائن ما تعود الي الاصول و اصحابها كما ذكروها في كتبهم و هذه القرائن قدانسدت بابها علينا لخفاء تلك الاصول او فنائها فليس لنا اليوم اطلاع عليها ابداً و ان اطلعنا علي شي‏ء جزئي ظني بسبب اخبار بعض القدماء لايكاد ينفع و منها ما تعود الي المحدثين و الرواة و المشايخ التي كانوا يرونهم و قرب العهد و قلة الوسائط و معرفة الحاضرين و سهولة معرفة من قرب عهده و توفي عن قليل و بيته و اهله و ولده و رسمه و حالته و اثاره موجودة يمكن الاطلاع علي احوالهم فكانوا يحضرون المجالس و يدخلون في المدارس و يرون المشايخ و يسمعون من هذا و من هذا مع قرب العهد و يرون في الكتب فكان يحصل لهم العلم العادي بصحة صدور الخبر جملاً عن الحجة7 و هذه القراين ايضاً قدخفي علينا و ليس عندنا منها اثر و لا عين الم‏تسمع ان المرتضي يقول ان احاديثنا الا ما شذ و ندر متواترة عن الائمة الاثني‏عشر و نحن لانجد خبراً واحداً متواتراً و لانميزه و لانعرفه الا بالنقل و هي لاتفيد علماً حتي ان المتواتر المعنوي ايضاً قليل عندنا الا في الكليات و المجملات التي لاتنفع في معرفة الاحكام الجزئية و لم‏يبق في ايدينا الا كتب عديدة منقولة من تلك الاصول غاية الامر ان بعض مصنفيها قال اني اذكر في هذا الكتاب ما صح عندي و قوله ان ترقي الي الغاية يورث ظناً عادياً و الانصاف الذي لاعصبية فيه و لاحمية يقتضي ان اتكلم بالحق و اقول اني تتبعت في كتب المحدثين كثيراً و اري ان جميع ادلتهم اليوم في تصحيح الاخبار ظنية نعم من تراكمها يمكن ان‏يحصل لهم علم بصحتها جملاً و مع ذلك ليس الظن الحاصل منها باضعف من الظن الذي يعمل به المجتهدون بل هي اقوي و اسد و اوفق و ماادري سبب ترجيحهم المرجوح علي الراجح و ترجيحهم من غير مرجح و لاحاجة الي ذكر ادلتهم فان ساير كتبنا و كتبهم بها مشحونة.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۴ *»

و منهم من يصححها بعلم الرجال و هو عندي بالانصاف علم اوهن من كل علم و انه لايفيد غالباً الا وهماً او شكاً و لايفيد الا ظناً في بعض المشاهير المسموع بهم و بحالاتهم كثيراً في الاخبار و الا فنفس ذلك العلم عندي من الموهومات و لي علي ذلك وجوه من الادلة.

الاول ان علماء الرجال لم‏يلاقوا الرجال فيشهدوا او يخبروا عن الخارج الواقع و انما وثقوا و جرحوا باجتهاد و تتبع في النقول و التواريخ و لاعبرة بالاراء سواءاً اجتمعت او تفرقت و كل يخبر عما في نفسه و ظنه و لايبلغ عددهم ايضاً عدداً يحصل من اتفاقهم ظن طبيعي.

الثاني انك ان بنيت في العدالة علي معرفة حسن الظاهر او الملكة فالرجل يعرف بالحالات اذا علم بها في ازمنة كثيرة و تعاشرها في مدة مديدة و ان كتبوا في رجل حالاته التي يعرف بها الوثاقة كتبوا حال ساعة او يوم و قل من كتبوا حال عمره و لايوجد من كتبوا حال حال روايته و ان ما كتبوا هو ايضاً من غير مشاهدة و اما ساير حالاته كقولهم انه تاجر او مات في سنة كذا او اسند عن فلان فلاتفيد شيئاً و ان بنيت علي الاسلام و عدم ظهور الفسق فذلك لايحتاج الي علم رجال.

الثالث انهم لم‏يزدوا في الرجل علي انه ثقة او ضعيف او ما يشاكلهما الا في قليل من الرجال و ان زادوا زادوا ما لايفيد العدالة و قلما ذكروا في رجل انه عدل و الوثاقة اعم من العدالة و اراهم في الرجل يقولون ناصبي ثقة و الكتاب و السنة يدلان علي الاخذ بخبر العدل و ما قيل ان التوثيق في علم الرجال تعديل كلام بلا دليل و هذا التوثيق ايضاً عن اجتهاد و عن واحد او اثنين او ازيد بقليل.

الرابع انهم يقولون ان اول من كتب في علم الرجال ابن‏عقدة الزيدي البتري ثم اخذ عنه علي بن فضال الفطحي و كل من له فيه حظ اخذ عنهما و هما ناصبيان و لايعتني بقولهما لاسيما في الجرح و التعديل فانهما فيه محل تهمة.

الخامس ان علماءنا مختلفوا العقايد فيوثقون موافقهم و يضعفون مخالفهم و هم محل تهمة في ذلك كما نشاهد في اهل عصرنا انهم يوثقون موافقهم و ربما هو افسق الفساق و يكفرون و يضعفون مخالفهم و ربما هو اعدل العدول و ربما

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۵ *»

يجمعون علي تعظيم احد و يكتبون في كتبهم و في الاستفتاءات و في المكاتيب و هو لا عظم له و لا كرامة و يجمعون علي تنقيص احد و هو من اجل الاجلاء فاي عبرة بتوثيقهم و جرحهم و هؤلاء المشهودون ايضاً اذا ماتوا دخلوا في زمرة الماضين رضوان الله عليهم اجمعين.

السادس انهم مختلفون في معني العدالة و عدد الكباير و المعاصي و اسباب الوثاقة و اسباب الجرح و منهم من قدم الجرح و منهم من قدم التعديل و منهم من قال ان الاصل العدالة حتي يظهر خلافها و منهم من قال ان الاصل الفسق حتي يظهر خلافه فماذا تستفيد من توثيق قوم لاتدري رأيهم في هذه المسائل و لاتدري موافقة رأيك مع رأيهم و مخالفته.

السابع انك لم‏تر هذه العلماء الموثقين و الجارحين و لاتعرفهم و لاتعرف حالهم الا بحسن الظن و هؤلاء في سنين متأخرة عن الرجال بكثير و يأخذ بعضهم من بعض و يجتهد بعضهم في قول بعض و لربما ينتهي الي واحد و ذلك يساوي علم الغيب ان‏يدعي الرجل ان اليوم بالتتبع و الاجتهاد عرفت فلاناً الرجل الكوفي و عرفت وثاقته في كل حالاته مع الاختلاف في معني العدالة و الوثاقة و اسبابها و بعد ذلك كله يخبر عن ظنه ان‏حصل و ماذا تستفيد من ظنون قوم هكذا و قل من وثقه الجميع او جرحه الجميع.

الثامن ان اغلب الرجال غيرمذكورين في كتب الرجال فانهم دونوا ان رجال الصادق7 وحده المدونين عنه اربعة الاف فضلاً عن باقي الائمة و هؤلاء الملاقون السامعون ثم من روي عنهم في كل طبقة لايعلم عددهم الا الله فلعلهم يزيدون علي مائة الف و المذكور في كتب الرجال معدودون و كثير منهم مشتركون في الاسم و اسم الاب و البلد و الصنعة فلعل منهم عدل و منهم فاسق و كثير من المذكورين في كتب الرجال مجهول و مهمل فمن اين عرفت ان هذا المذكور في السند هو المذكور في الكتاب و قرينة قولهم يسند عن فلان غير كافية فلعل الشيخ الواحد كان يسمع منه الوف و فيهم مشتركون في الاسماء و اسم الاب و البلد و الصنعة مختلفون في الصفة و غاية ما يحصل اذا حصل ظن لم‏يصل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۶ *»

من الشرع اعتباره.

التاسع انا نري ان علماء الرجال يميزون بين الرجال بالاجتهادات و القرائن و الاستحسانات و الخيالات التي اذا ذكروها نراها واهية و يختلفون اختلافاً فاحشاً فاي عبرة بقولهم ان هذا عندي هو فلان و ليس بفلان.

العاشر علي فرض ان‏يحصل لك شي‏ء من علم الرجال نقول لك ان هذا الحديث المسند مكذوب او صدق فان كان صدقاً فلاحاجة الي السند فدعه علي ما كان و ان كان مكذوباً فالذي يضع متناً يقدر علي وضع سند اسماء كل رجاله اسماء العدول فاي عبرة به و هو فرع كون السند حقاً فان كان حقاً معلوماً في الخارج فلاحاجة الي علم الرجال و ان كان باطلاً فاي فائدة في علم الرجال.

الحادي‏عشر كما يحتمل التحريف في المتن يحتمل في السند ايضاً و تحريف المتن كثيراً ما يعرف بالقرائن و تحريف السند قل‏ما يعرف فضلاً عن ان بابدال لفظة عن بواو ربما يرجع السند الضعيف صحيحاً قوياً كما نقل صاحب المنتقي انه رأي بخط الشيخ ابدال عن بواو في كثير من المواضع و اعجب منه انه ذكر انه ليس في التهذيب حديث واحد الا انه اما محرف المتن و اما محرف السند و كثرة سهو الشيخ معروف مشهور كأنه كتب كتبه و مر ثم لم‏يراجعها ابداً.

الثاني‏عشر ان العدالة امر لابد فيه من معرفة اعتقاد الرجل و اعتقاد اغلب الرجال او كلهم الا نادراً خفي و ليس بمرسوم في كتب الرجال فكيف يمكن العلم او الظن بوثاقة الرجال و قول اهل الرجال ان من ذكره الكشي من غير تعرض الي مذهبه هو شيعي قول ظني مع انه لايفيد في تفصيل الاعتقاد و الشيعة فرق مختلفة و لايفيد في كل الرجال.

الثالث‏عشر انا نشاهد الناس يبالغون في مدح من له عظمة في شأن او سابقة في صنعة حتي يرفعونه عن درجته كثيراً و ذلك شايع في كل عصر و يبالغون في ذم من صدر منه قادحة حتي ينزلونه عن درجته كثيراً كما نري في كتب علمائنا المتقدمين و المتأخرين مع انا نعرف الممدوحين و المذمومين فاي عبرة بمدح هؤلاء او ذمهم اذا شاهدوا و اهون من ذلك اذا اجتهدوا في سوالف الزمان.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۷ *»

الرابع‏عشر ان هذا العلم لو كان مما يناط عليه التصحيح لكان الائمة: يأمرون اهل عصرهم ان‏يكتبوا احوال اهل عصرهم حتي لاتفوت و كذلك يأمرون اهل كل عصر ان‏يكتبوا رجال عصرهم فان ذلك شي‏ء يخفي في الازمنة الاتية و الناس يحتاجون اليه الي ظهور القائم7 و ذلك كان من اكمال الدين و اتمام النعمة و ماكانوا يتركونه حتي يتم الدين ابن‏عقدة الزيدي البتري و علي بن فضال الفطحي و نري انه لم‏يقع منهم حديث واحد في ذلك و ما تري من قولهم خذ برواية الاعدل و الاوثق و امثالهما او نهي عن قبول خبر الفاسق او وثقوا احداً او جرحوا احداً فانما ذلك في المعاصرين الذين يمكنهم الاطلاع علي احوالهم و لايفهم منها الرجوع الي علم الرجال.

الخامس‏عشر ان هذا العلم علم تاريخ و من علوم النسابة الشايعة في العرب و كان بذلك فخرهم و كان ذلك غاية خبرتهم و لذلك روي عن ابي‏الحسن موسي بن جعفر7 عن ابائه: قال دخل رسول الله9 المسجد فاذاً جماعة قداطافوا برجل فقال ما هذا قالوا علامة قال و ما العلامة قالوا اعلم الناس بانساب العرب و وقايعها و ايام الجاهلية و بالاشعار و العربية فقال النبي9 ذلك علم لايضر من جهله و لاينفع من علمه.

السادس‏عشر ان الحاصل منه ليس بشهادة فان علماء الرجال لم‏يشهدوا القوم و لم‏تشهدهم انت و ليس من باب اخبار فان الاخبار لابد ان‏يكون عن السمع و الابصار لا عن اجتهاد و اعتبار و انما هو ككتاب قاض الي قاض فليس للقاضي الثاني ان‏يحكم بمقتضي كتاب قاض اليه فقدروي عن السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي7 انه كان لايجيز كتاب قاض الي قاض في حد و لا غيره حتي وليت بنوامية فاجازوا بالبينات انتهي فالعالم بالرجل قضي بظنه ان فلاناً عدل او ثقة و اتاك كتابه و حكمت بانه عدل او ثقة بمحض كتابه و ان قلت ان كتب الرجال من امارات الظن و اني اعمل بالظنون الاجتهادية في الموضوعات قلت اولاً رأيت الله سبحانه نهي عن الظن في الرجال قال الله سبحانه و قال ما لهم به من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۸ *»

علم الا اتباع الظن و ماقتلوه يقيناً بل رفعه الله اليه و ثانياً كيف يحصل الظن من ان‏تفتح كتاب الرجال و تري انه كتب فيه فلان قال الكشي ثقة و اريك توثق بمحض ان رأيت كش ثقة او جش ثقة و لم‏يحصل في قلبك منه شي‏ء مع العيوب المتقدمة و لم‏ير الرجل كشي و لا نجاشي و الظن امر طبيعي يحصل من سبب مفيد لذلك و لايحصل بوضع قواعد موضوعة او اسباب مجعولة و علي فرض حصول الظن من الذي قال لك ان هذا الظن في الموضوع حجة و قداطلق الله القول في كتابه بالنهي عن الظن و اطلق الحجج: في اخبارهم النهي عنه و قال رسول الله9 ان الظن اكذب الكذب و الذي قال باكتفاء الظن بالعدالة فمن باب انه زعم انها الملكة و يتعذر الاطلاع عليها فحكم بجواز الاعتماد علي الظن فيها برأيه و اما الذي يقول انها حسن الظاهر او ظاهر الاسلام فلايقول بالظن اذ لاتعذر من معرفتها و ليس في الاخبار جواز الاكتفاء بالظن في العدالة.

السابع‏عشر أليس اذا حكمت بفسق الرجل او سوء عقيدته تحكم بحل غيبته لانه متجاهر بالفسق و اي تجاهر اعظم من ذلك ان‏يشتهر فسق الرجل في جميع الاعصار لاهل الانظار و تبرأ منه و تكفره و تلعنه اذا ظننت انه فطحي او واقفي او تفسقه و تجرحه و تستحل غيبته و تفضيحه بين العلماء في الكتب اذا ظننت انه فاسق و هل يجوز مثل هذه المعاملة في حي مع ان الميت اعظم حرمة او يساويه و هل تطمئن في حي ان‏توثقه و تعدله بان تري في كتاب جاءك من مكة مثلاً فيه قال فلان ان فلان ثقة فتصلي خلفه و تستأمنه علي اموال اليتامي و الغيب و تستأمنه في مالك لااظن بك ان‏تعامل الاحياء بذلك ابداً فكيف تستعمل ذلك في الاموات و باي دليل و باي كتاب و سنة أذلك ايضاً من باب اكل الميتة و من الذي جوز لك هذا الاكل و اي فائدة في اكل لايشبع و هذا العلم لايفيد لاحد ظناً في اكثر الرجال و اري القوم يصححون بمحض رؤية كش ثقة جش ثقة و يا ليته كان عن رؤية و انما كان عن اجتهاد بعد اعوام طويلة و ذلك الاجتهاد ايضاً في كتب مجتهدين اخرين فيحصل لهذا ظن لاجل انه حصل لفلان ظن من ظن فلان لاجل ظن فلان و هكذا الي عشر او عشرين واسطة و هل تكتفي بامثال هذه الظنون في دنياك و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۵۹ *»

تستودع ثقة هكذا دراهمك ام لا الي غير ذلك من الوجوه و هي كثيرة و قدذكرنا منها شيئاً وافياً في كتابنا القواعد و هذا المختصر لايتحمل ازيد من ذلك.

فتبين و ظهر انه لو كان البناء علي الظن لكان ظنون ادلة المحدثين اقوي و امتن و الاخذ بها اولي و لكن لنا في تصحيح الاخبار وجوه علمية قطعية هدانا الله اليها و الحمدلله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله.

فصل

اعلم ان للصحة معاني لابد و ان‏تعرفها اولاً فمنها صحة شخصية ان‏يكون هذا الحديث صدر لفظاً او معنيً من الحجة7 و تفوه بلفظه او معناه و هذا هو المعروف بين العرف و هو الخبر الصحيح بينهم و مرة يقال الصحيح لما يطابق صحيحاً اخر و ان لم‏يصدر من الحجة هذا اللفظ الخاص او معناه الخاص و هو الصحيح المعنوي النوعي كما روي عن النبي9 ماجاءكم عني من حديث موافق للحق فانا قلته و ما اتاكم عني من حديث لايوافق الحق فلم‏اقله و لن‏اقول الا الحق و عنه9 سيكذب علي كما كذب علي من كان قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب الله فهو حديثي و ما خالف كتاب الله فليس من حديثي و قال ابوعبدالله7 ما جاءك في رواية من بر او فاجر يوافق القرءان فخذ به و ما جاءك في رواية من بر او فاجر يخالف القرءان فلاتأخذ به و امثال هذه الروايات كثيرة و انما هي لمعرفة هذا النوع من السنة و الا أليس يمكن ان‏ينطق الانسان بكلام يكون مطابقاً للكتاب او السنة او الاجماع او دليل العقل او مخالفاً للعامة و لايكون ذلك اللفظ صادراً من حجة ابداً فهذه العروض لاتكشف عن صحة الصدور و انما تكشف عن صحة المعني نوعاً.

و منها صحيح العمل و هو ربما يكون غير صحيح الصدور فلرب حديث صحيح الصدور و ليس بصحيح العمل لمكان معارض اقوي.

ثم من الصحيح ما هو صحيح عرفي كالحديث الذي علم صحة صدوره من فلق فم الحجة او من يده و منه ما هو صحيح شرعي كالذي امرت يقيناً من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۰ *»

جانب الشارع ان‏تأخذ به كائناً ما كان و ذلك مثل ما امرت ان‏تأخذ باقرار الرجل سواءاً كان في الواقع كذب لمصلحة ام صدق ام سها ام اخطأ و امرت ان‏تأخذ بالبينة العادلة سواءاً كانت كاذبة في الواقعة او ساهية او خاطئة او مشتبهاً عليها و امرت ان‏تستحل ذبيحة السوق سواءاً علمت انها ذكية ام ظننت ام شككت فهذا هو الصحيح الشرعي سواءاً كان في الواقع كذباً ام صدقاً حقاً ام باطلاً علمت به ام ظننت ام شككت ام توهمت و انت اذا علمت باقرار الرجل و انت تتوهم مطابقة اقراره للواقع لاتقول اني عامل بالوهم و حاكم به فان هذا الوهم موضوع امرت ان‏تأخذ به يقيناً من عند الله و كذلك اذا شككت او ظننت فليس من باب ان الشك حملك علي العمل و لا الظن و انما هما موضوعان و انت عامل بحكمهما لابهما و كذلك انت تأكل اللحم و ربما لاتتوهم صحة تذكيته و انما تأكل حلالاً قطعياً شرعياً و انت عامل بالقطع و لاتقول ان الوهم او الشك حجة او اعمل بالظن و انما تعمل بالقطع و هذا الظن موضوع حكم كالرمان و العنب و انت لاتعمل بالرمان و انما تعمل بحكم الله القطعي في الرمان أليس لو قال لك الامام ما قال لك زرارة في هذه المسألة فخذ به ما كان زرارة مفترض الطاعة و ما كان معصوماً و ما كان مأموناً عن الخطاء و السهو و النسيان و الشبهة و لايشترط علمك او ظنك بمطابقته للواقع و لايضر شكك و لا وهمك بمطابقة قوله مع الواقع و انماتعمل بقول الحجة القطعي و هو امرك اياه بالاخذ بقوله فافهم ما قلت لك في هذا الفصل مجملاً و اتقنه.

فصل

اعلم انه لا شك في ما قاله الاصوليون من سد باب العلم العادي بصحة صدور هذه الاخبار عن الحجج: و انما هم مفرطون حيث يقولون بانها ظنية و يحصل منها الظن و لعمري جميع ما قالوا و اضعاف ذلك محتمل و لايحصل منها الشك فاكثرها موهوم و اقل منه مشكوكاته و اقل منه مظنوناته و نادر نادر منها قطعي و هو بعض المجملات كمجملات مطابقة مع الضروريات و هي ايضاً لايعلم صحة صدور شخصها و انما يعلم صدور معناها النوعي لا الشخصي و لعمري ان الاخباريين متكلفون في اثبات العلم العادي بصحة صدور هذه الاخبار

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۱ *»

و جميع ما قالوا ظنون الا انها اقوي من ظنون المجتهدين و اصفي و اقرب الي الفطرة فعلوم الاخباريين من كل قرينة قرينة عند الانصاف ظنون عادية و ظنون المجتهدين عند الانصاف شكوك و اوهام

هذا اعتقادي فيه قد ابديته   فليقبل الواشون او فليمنعوا

و الرعية من لدن ادم الي يومنا هذا مأمورون ان‏يأخذوا بالصحيح القطعي الشرعي في جميع امورهم فلايقدموا رجلاً و لايؤخروا حتي يعلموا ان لله فيه رضا يقيناً و هذا العلم و العمل به يدخلهم في اهل التسليم و الطاعة و الانقياد و يوجب لهم الزلفي و التقرب و الفوز بالنعيم المقيم سواءاً كان موضوعه معلوماً عادياً او مظنوناً او مشكوكاً او موهوماً و لهم: لكل شي‏ء حكم يقيني و عليهم ايصاله الي العباد في كل قرن و عصر و علي اهل العصر ان‏يطيعوهم و ليس لهم ان‏يقولوا نحن نعمل بالظن أهم اذا اكلوا البطيخ بامر الحجة7 عاملون بالبطيخ او بامر الحجة و ان قال الحجة7 اعمل في هذا الشي‏ء بقول هذا المجوسي أهو عامل بقول المجوسي و ينبغي ان‏يختلفوا و يباحثوا في ان قول المجوسي حجة ام لا ام هو عامل بقول الحجة المعصوم المفترض الطاعة و علي هذه فقس ما سواها.

فصل

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم ان الاخذ باخبار الاحاد هو دين الله القطعي الذي لا شك فيه و لاريب يعتريه و لنا في اثبات ذلك صنوف من الادلة فمنها كتابية و منها ما قال الله سبحانه فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون و لا شك و لاريب في ان مفادها ان‏يخرج رجل او رجال من كل فرقة الي موضع يكون فيه عالم فيتفقه عنده و يتعلم علم الدين حتي اذا راجع الي قومه يحدثهم بما تعلم و يعملوا به لعلهم يحذرون فلولا ان اخبار الاحاد حجة يعني مأموراً بالاخذ بها لم‏يكن لهذا الانذار فائدة و اذا نظرت بالفطرة من دون توجه الي الشبهات تري ذلك عياناً من الاية و منها قوله تعالي اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا و لا شك ان مفهومه اذا جاءكم عادل بنبأ فلاتتبينوا و المراد من لاتتبينوا يعني اعملوا به من غير تثبت و الا لكان خبر

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۲ *»

العدل اخس من خبر الفاسق و كذلك اذا قطعت النظر عن الشبهات تري ذلك واضحاً جلياً لاسيما بعد الاعتضاد بالادلة الاتية و منها قوله تعالي ياايها الذين امنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين فمن عرفته صادقاً و وثقت بصداقته يجب ان‏تكون معه فيما هو صادق فيه و منها قوله يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين و هو تصديق افراد المؤمنين فيما يقولون و يخبرون كما روي في خبر اسمعيل لاتصديق كلهم الي غير ذلك من الايات و يكفي اية من كتاب الله.

فصل

و من ذلك اخبار رويت في هذا المعني و هي كثيرة نذكر منها ما تيسر قال ابوجعفر7 لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها و سئل ابوعبدالله7 عن المتعة فقال الق عبدالملك بن جريح فسله فان عنده منها علماً و قال ان ابان بن تغلب قدروي عني رواية كثيرة فما رواه لك عني فاروه عني و قيل له ربما احتجنا ان‏نسأل عن الشي‏ء فمن نسأل فقال عليك بالاسدي يعني ابابصير و قال اما ما رواه لك زرارة عن ابي‏جعفر فلايجوز لك ان ترده و قال لرجل اذا اردت حديثنا فعليك بهذا الجالس و اومأ الي رجل من اصحابه قال الرجل فسألت اصحابنا عنه فقالوا زرارة بن اعين و قيل له ليس كل ساعة القاك و لايمكن القدوم و يجيء الرجل من اصحابنا فيسألني و ليس عندي كل ما يسألني عنه فقال ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فانه سمع من ابي و كان عنده وجيها و قال اما لكم من مفزع اما لكم من مستراح تستريحون اليه ما يمنعكم من الحرث بن المغيرة النضري و ذم رجلاً فقال لا قدس الله روحه و لا قدس مثله انه ذكر اقواماً كان ابي7 ائتمنهم علي حلال الله و حرامه و كانوا عيبة علمه و كذلك اليوم هم عندي مستودع سري و اصحاب ابي حقاً اذا اراد الله باهل الارض سوءاً صرف بهم عنهم السوء هم نجوم شيعتي احياءاً و امواتاً هم الذين احيوا ذكر ابي بهم يكشف الله كل بدعة ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين و تأويل الغالين

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۳ *»

ثم بكي فقيل من هم فقال من هم عليهم صلوات الله و عليهم رحمته احياءاً و امواتاً بريد العجلي و ابوبصير و زرارة و محمد بن مسلم و قيل للرضا7 شقتي بعيدة و لست اصل اليك في كل وقت فممن اخذ معالم ديني قال من زكريا بن ادم القمي المأمون علي الدين و الدنيا و قال في الحديث المروي سلمان كان محدثاً قال انه كان محدثاً عن امامه لا عن ربه لانه لايحدث عن الله الا الحجة و قال لرجل اي شي‏ء بلغني عنكم قال ما هو قال بلغني انكم اقعدتم قاضياً بالكناسة قال قلت نعم جعلت فداك رجل يقال له عروة القتات و هو رجل له حظ من عقل نجتمع عنده فنتكلم و نتساءل ثم يرد ذلك اليكم قال لابأس و قيل له لااكاد اصل اليك اسألك عن كل ما احتاج اليه من معالم ديني أفيونس بن عبدالرحمن ثقة اخذ عنه ما احتاج اليه من معالم ديني فقال نعم و سئل ابوالحسن7 من اعامل و عمن اخذ و قول من اقبل فقال العمري ثقتي فما ادي اليك عني فعني يؤدي و ما قال لك عني فعني يقول فاسمع له و اطع فانه الثقة المأمون انتهي و هو معلل يجري في كل ثقة مأمون و سئل ابومحمد7 عن مثل ذلك فقال العمري و ابنه ثقتان فما اديا اليك عني فعني يؤديان و ما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما فانهما الثقتان المأمونان انتهي و هو ايضاً معلل جار فيما سواهما و قال النبي9 المؤمن وحده حجة و المؤمن وحده جماعة و قيل لابي‏عبدالله أرأيت من لم‏يقر بانكم في ليلة القدر كما ذكرت و لم‏يجحده قال اما اذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلم‏يثق به فهو كافر و اما من لم‏يسمع ذلك فهو في عذر حتي يسمع ثم قال يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين و في التوقيع الرفيع فانه لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا قدعرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم و في توقيع اخر اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله الي غير ذلك من الاخبار الساطعة الانوار و هي ربما تتجاوز مائة حديث

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۴ *»

و لاتقل انه اثبات اخبار باخبار فانها اذا كثرت و بلغت حداً يحصل للانسان العلم بصحة مضمونها و وافقت الكتاب و ضمت اليها قرائن قطعية فافادت القطع يمكن الاستدلال بها.

فصل

في الادلة العقلية المستنيرة بالانوار النقلية اعلم ان الله جل و عز خلق الانسان مدني الطبع لايقدر فرد منهم علي ان‏يعيش وحده لان لكل واحد مقومات وجود و حوائج لاتحصي و محال في حقه ان‏يقوم بجميع تلك الحوايج بل لايقدر علي القيام بحاجة واحدة من نفسه لانها ايضاً موقوفة علي اسباب و علل لاتحصي فقدر في محكم حكمته ان‏يتمدنوا في المدن و يقوم كل واحد بحاجة و يتشبك حوائجهم و يتشكك حتي يمكنهم ان‏يعيشوا الي منتهي اجلهم فجعل في محكمات شرعه المستمر الذي لاينسخ ان‏يكون بعضهم امين بعض و يستأمنه صاحبه فيما تكفل من الحاجة و يكون في فراغ منه و لولا ذلك لوجب عليه ان‏يشتغل بنفسه بذلك و هكذا في كل حاجة فوجب ان‏يكون كل حاجة موكولاً الي واحد و يكون اميناً فيه لايجب الفحص عن شغله و عمله اللهم الا ان‏يظهر منه خيانة في صنعته فيعرض عنه الي غيره كما اذا اساء الخباز خبز خبزه لايشتري منه و يشتري من غيره و امر المدينة لايتعطل و يكون لكل احد بدل فان الصانع الواحد لايكفي الكل في تلك الصنعة فلكل صنعة رجال قائمون بها فان ظهر من واحد خيانة يرجع الي غيره و بدون استيمان بعضهم بعضاً لاتقوم المدينة و يلزم هلاك الكل و ذلك جار في جميع الشرايع و الاعصار و المدن و من جملة ما يحتاجون اليه بل من اعظمها ضبط الاخبار و حملها و نقلها فان ذلك ايضاً صنعة عظيمة تحتاج الي صرف عمر و فكر مستمر و سهر و سفر و نفر من بلد الي بلد و لو اشتغل كل الناس بذلك لخرب المدينة و بطل جميع الصنايع و تعطل جميع الحوائج و لذلك تري ان في كل عصر و بلد يشتغل بطلب العلم رجال اعمارهم و لاينال منهم علماً و فهماً الا واحداً بعد واحد فاذا لم‏يكن العلماء امناء الله علي حلاله و حرامه و احكامه لوجب ان‏يطلب ذلك كل احد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۵ *»

و يتعطل سوق المدن فلابد و ان‏يكونوا امناء يجب استيمانهم و الوكول اليهم كما يستأمنون الخباز في خبزه و اللحام في لحمه و لو لم‏يكونوا مأمونين لكانوا اخس جميع الناس و حاشاهم و قدشرفهم الله و انزل بامانتهم اية و قال و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياماً امنين فمن الاحتجاج عن الباقر7 في حديث الحسن البصري في هذه الاية قال7 بل فينا ضرب الله الامثال في القرءان فنحن القري التي بارك الله تعالي فيها و ذلك قول الله عزوجل فيمن اقر بفضلنا حيث امرهم ان‏يأتونا فقال و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها اي جعلنا بينهم و بين شيعتهم القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و القري الظاهرة الرسل و النقلة عنا الي شيعتنا و فقهاء شيعتنا و قوله سبحانه و قدرنا فيها السير فالسير مثل للعلم سير به فيها ليالي و اياماً امنين مثل لما يسير من العلم في الليالي و الايام عنا اليهم في الحلال و الحرام و الفرائض و الاحكام امنين فيها اذا اخذوها عن معدنها الذي امروا ان‏يأخذوا منه امنين من الشك و الضلالة و النقلة من الحرام الي الحلال.

و يؤيد ذلك ما قاله ابوعبدالله7 العلماء امناء و الاتقياء حصون و الاوصياء سادة انتهي و لم‏يجز اتهامهم في ما ادوا من الشرايع و الاثار لما ورد في دعاء الصحيفة في الصلوة علي اتباع الرسل و مصدقيهم يصلي فيه علي الصحابة ثم علي التابعين لهم باحسان الي ان يقول يدينون بدينهم اي بدين الصحابة و يهتدون بهديهم و يقفون عليهم و لايتهمونهم فيما ادوا اليهم اللهم و صل علي التابعين من يومنا هذا الي يوم الدين الي ان يقول و تبعثهم بها علي اعتقاد حسن الرجاء لك و الطمع فيما عندك و ترك التهمة فيما تحويه ايدي العباد لتردهم الي الرغبة اليك و الرهبة منك الدعاء و هو صريح في مدح الذين لايتهمون الصحابة فيما ادوا من الاخبار لان علي ذلك قوام العباد في البلاد.

الم‏تسمع قول رسول الله9 المؤذنون امناء المؤمنين علي صلوتهم و صومهم الم‏تسمع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۶ *»

قول اميرالمؤمنين7 ان المسلمين عدول بعضهم علي بعض الا مجلود في حد لم‏يتب منه او معروف بشهادة الزور او ظنين و قوله في صاحب الحمام انما هو امين و قال المستشار مؤتمن الم‏تسمع قول ابي‏عبدالله7 الحجام مؤتمن و قوله لايقطع الاجير و الضيف اذا سرقا لانهما مؤتمنان و قوله الظئر مأمونة و قوله صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان الم‏تسمع قول الباقر و الصادق8 القابلة مأمونة فاذا كانت الظئر و القابلة مأمونتين في صنعتهما ما بال العلماء الاتقياء ليسوا بامناء في صنعتهم و سمعت ما روي ان العلماء امناء و ما روي عن الصادق7 اذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلم‏يثق به فهو كافر و اما من لم‏يسمع فهو في عذر حتي يسمع ثم قال ابوعبدالله7 يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين و عن علي7 قال قال رسول الله9 اللهم ارحم خلفائي ثلثاً قيل يارسول الله من خلفاؤك قال الذين يبلغون حديثي ثم يعلمونه امتي و في رواية الذين يأتون من بعدي و يروون احاديثي و سنتي فيعلمونها الناس من بعدي و زاد في رواية اولئك رفقائي في الجنة و قال الحجة7 اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله.

فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان العلماء في كل عصر امناء الله و حجج الله و خلفاء الله يؤدون الي من يليهم و يجب الاخذ عنهم و الوثوق بهم و الوكول اليهم و عليهم ان لايؤدوا الا الحق و ليس علي غيرهم المسألة كما اطلق الله القول في المدينة فانه يريد بكم اليسر و لايريد بكم العسر و قال لاتجسسوا بقول مطلق فان ظهر شي‏ء من غير تجسس فعليكم مراعاة حكمكم فيه فعن البزنطي قال سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لايدري أذكية هي ام غيرذكية أيصلي فيها قال نعم ليس عليكم المسألة ان اباجعفر7 كان‏يقول ان الخوارج ضيقوا علي انفسهم بجهالتهم ان الدين اوسع من ذلك علي ان تكليف تصحيح الاثار

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۷ *»

من يوم صدورها و حفظها و ضبطها و معرفتها في كل عصر ممتنع للمكلف كما ان تصحيح معاملة الشاة من يوم تولدت و كلما انتقلت من يد الي يد في السنين الي ان وصل الي يد المكلف ممتنع عادي او عسر علي المكلف فكلف بالوكول الي اللحام و علي اللحام ان لايبيع الا حلالاً طاهراً و ليس علي الناس المسألة و التجسس و لايشترط في حلية اللحم يقينهم بحله العادي او ظنهم او شكهم او وهمهم و الحلال اليقيني اخذه من سوق المسلمين و كذلك ليس علي الناس ازيد من ان‏يأخذوا دينهم من ثقة ثم علي الثقة ان لايروي و لايؤدي الا ما اطمئن به و اخذ به بيقين و هكذا في كل طبقة و عصر و غير ذلك عسر و حرج و تكليف علم غيب و ممتنع في حقهم كما يمتنع عليهم معرفة حال المتاع من يوم خلق الي يوم اخذه بل ذلك اسهل من معرفة صدور الخبر في الف و مأتين سنة قبل ذلك و العلم بانه في كل عصر ما لحقه من السهو و النسيان و الخطاء و التحريف و غير ذلك علي ان العمل بالظن لاحجة عليه و علي فرض الحجية لم‏يبق للقوم ما يمكنهم الظن بهذه الامور معها فليس شي‏ء من ذلك علينا بل علي كل عالم في عصره ان‏يروي صحيحاً ان لنا في كل خلف عدولاً ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و قدعرفت ان زرارة و نظراءه من هذه العدول فرواية الصحيح عليهم فمهما اخذت الحديث من راو ثقة فقد اديت تكليفك و لاعليك بعد ذلك شي‏ء كما روي عن الحجة7 اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و الواجب علي كل احد ان‏يأخذ من ثقة حديثه و يتكل عليه و ليس بتقليد له كما ليس اخذك جميع ما توكل به المسلمون تقليداً لهم و ليس اخذ العلماء عن زرارة تقليداً له بل و اخذ العوام عن العالم تقليداً له بل كلها من هذا الباب و الا فعلي فرض امكان معرفة العدالة و عرفان الفقيه ان زرارة عدل او امكان معرفة العامي عدالة الفقيه متي امكنه معرفة انه اخطأ ام لا و سها ام لا و حرف حديثه ام لا هو مدسوس ام لا هو محفوظ عن الغلط ام لا بل جميع ذلك مرفوع عن هذه الامة و عليهم الاخذ من دون فحص و تجسس و ذلك علي ذمة زرارة و الفقيه و هذا الطريق المهيع الذي وسعت لك ما

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۸ *»

امر الله سبحانه في كتابه كما سمعت من دون اشتراط علم او ظن و امر النبي و الحجج في احاديثهم كما سمعت مطلقا.

و ان قلت فما معني ما قدمت من حرمة العمل بالظن و وجوب الاخذ بالعلم قلت هذا هو العلم الشرعي الذي امرت به قطعاً جزماً سواءاً كنت عالماً بالعادة او ظاناً او شاكاً او متوهماً و علي ذلك بناء العالم و اساس عيش بني‏ادم و شرايع الانبياء و الرسل في القل و الجل فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئاً و هو حسير.

فصل

انت تقر بنبوة محمد9 و امامة عترته و عصمتهم فضلاً عن حكمتهم و سياستهم و اهل ساير الملل مذعنون بحكمته في السياسة و علمه بالرياسة و تعميره البلاد و تدبيره للعباد لاشك لاحد فيه مع وجود اثار ذلك في مرءاهم و مسمعهم فانصف هل يجوز في حكمته فضلاً عن نبوته ان‏يأتي بشرع جديد و يدعي انه خاتم الانبياء و يبقي دينه الي يوم القيمة و قدجرب ما افسد الامم الماضية في اديانهم و تمزيقهم كل ممزق من ارائهم و اهوائهم و ظنونهم و علم بما سيقع بعده من غلبة الجهال و دول الضلال و علم ما سيبتلي به امته من كثرة الشبهات و الشكوك من مؤامرة المذاهب و مخالطتهم و علم بالكذبة عليه و الخونة و اللاعبين في دينه و الساعين في اطفاء نوره و علم بغصب الخلافة و ارتداد الامة و بقاء اقل قليل و علم بغيبة خليفته دهوراً تبيض الاعين منها و تسود القلوب و تنطمس فيها اعلام الدين و تسد مسالك اليقين فيحرم في كتابه في مائة اية العمل بالظن و الرأي و الهوي و ما سوي العلم و يصدر الفاً و مأتين حديثاً في تحريم ذلك و كونه عديل الخمر و لحم الخنزير و الميتة و الفواحش ثم يرتحل من بينهم و لايترك فيهم اخباراً قطعية الصدور تكون خليفته و حجته عليهم قطعية لايكون لهم عذر و يتركهم الي ايام ظهور الحجة لا نبي لهم و لا امام لهم و لا اثار قطعية منهم و لاحجة عليهم بالغة من الله و هو قادر علي ذلك لا مانع له منه هل يظن بحكيم ذلك فضلاً عن نبي.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۶۹ *»

فان قلت انه قداتي بالدين و اظهره و هو غني عن ايمان المؤمن و كفر الكافر فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر فاذا افسد دينه الامة بعده فاثمه علي من افسده ليس عليه شي‏ء قلت ان الذي يقول لله الحجة البالغة و يقول اليوم اكملت لكم دينكم و يقول اني رسول الله اليكم جميعا و يقول انا خاتم النبيين و يقول يجب علي جميع الخلق الي يوم القيمة ان‏يتدينوا بديني لايأتي بدين يلعب به رجال من متقدمي الامة و منافقيهم في سنين عديدة ثم يترك الناس الي يوم القيمة بلا دين و لا شرايع و لا اثار و لا اخبار قطعية كلعب الصبيان و هو يعلم انه يشتد الشبهات و الشكوك يوماً فيوماً و هو يعلم انه سيخرج في امته رجال مدعون للنبوة و الامامة و يأتون بشرع جديد و يريدون اطفاء نوره و رفع دينه بالكلية فلابد و ان يتم حجته البالغة علي اهل كل عصر و يكمل دينه لاهل كل عصر و يتم نعمته عليهم و قدحرم علي اهل كل عصر العمل بالظن و الرأي و الهوي و القياس بايات و اخبار لاتحصي غيرمخصصة بزمان دون زمان هل تظن به ان لايبقي بعده اخباراً قطعية الصدور تكون خليفته و خليفة وليه في غيبته و حكماً بين رعيته و مرجعاً عند اختلاف امته فان لم‏يترك فقدضيع من في اصلاب الرجال و ارحام النساء بلا اثم منهم و لم‏يبلغ حجته اليهم و لارسالته اليهم اذ لم‏يبلغ منه اليهم دعوة قطعية و لم‏يكمل لهم دينه و انما سمعوا بدين ناقص و اخبار واهية يحتمل الصدق و الكذب و الخطاء و السهو و التحريف و التبديل و اختلاف وجوه الدلالات و الاحتمالات و المعارضات فاي حجة لله عليهم و هم يعارضونه يوم القيمة انك قلت في كتابك و لاتقف ما ليس لك به علم و انا ماعلمنا بدين منك و لا حكم فما قفونا هذه الاوهام و انت نهيتنا ان‏نقول عليك ما لم‏نعلمه و جعلته عديل الفحشاء فلم‏نقل عليك ما لم‏نعلم انه دينك و لعمري لو فعل ذلك مدع للنبوة لكان ذلك دليل انه ليس بنبي بل و لاحكيم البتة و لعمري ان ذلك من فروع تجويز ان‏يرتحل النبي و لاينصب خليفة بعده فيهمل الامة و انما العامة بعد ما جوزوا عدم نصب الخليفة و رأوا اخبارهم كلها مشكوكة او مظنونة جوزوا ذلك و الا فالدليل الذي يوجب نصب الخليفة يوجب نصب اخبار قطعية بعد الغيبة تكون خليفة بعد غيبة امامهم و الاخبار الظنية عديل نصب

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۰ *»

امام ظني و بعث رسول ظني بل و اله ظني و الادلة العقلية لاتخصص فان لم‏يجز هناك لم‏يجز هنا حرفاً بحرف.

فان قلت قدبقي منهم اخبار فيها اخبار صحيحة قطعية و اخبار ظنية و يجب علي الرعية ان‏يستخرجوا الاخبار الصحيحة من بينها باجتهادهم قلت ان ذلك يؤدي الي الاختلاف و ذلك بمنزلة ان‏يكون امام حق في عرض الناس غيرمعروف بعينه و يجب علي الناس طلبه بظنونهم فلايكون مثل ذلك حكماً بينهم و يتخذ كل واحد رجلاً و يقع الاختلاف و التنازع و حكاية منا امير و منكم امير و ذلك ليس من الحكمة و لعمري لايظن بسلطان عاقل ذلك فضلاً عن نبي.

فصل

لا شك ان محمداً9 هو رسول الله الي الناس الي يوم القيمة و قدعاش اياماً و ارتحل علي مقتضي تقدير البشرية و ان ال‏محمد: خلفاؤه و اوصياؤه و حفظة دينه و قدارتحلوا بمقتضي تقدير البشرية و قدغاب قائمهم ايضاً من بين الرعية فلايراه احد و لايسمعه احد فاما ان‏تقول رفع عنا التكليف و الاسلام فتخرج عن الاسلام و اما ان‏تقول نحن مكلفون بدين الله و الاسلام الي يوم القيمة فاسألك ان‏تنظر في السماء و الارض هل بقي فينا من يهدينا و ما يهدينا الي دين و يدعونا الي الله جل و عز غير هذا الكتاب و السنة فهما اللذان بقيا فينا يدعواننا الي الحق و الي طريق مستقيم فلابد و ان‏يكونا جملاً خليفة النبي و الولي و الداعيان لنا الي الله و رسولاً قولياً من الله و اماماً نطقياً و حجة من الله من اعرض عنهما فقداعرض عن الله و من تمسك بهما فقدتمسك بالله و العدول عنهما خروج عن الدين و كفر برب العالمين فكما ان الرسول في حيوته رسول يقيني كوني فبعدهم هما رسول قولي يقيني و كما كان هو معصوماً عن الخطاء و ان افتري عليه مفتر فضحه الله يجب ان‏يكونا بعدهم معصومين مطهرين و كيف لايكونان معصومين محفوظين و في كل عصر عدول يحفظونهما و الا لم‏يبق متمسك لمن في ارحام النساء و اصلاب الاباء و كما انه عدل عن الحجج في حيوتهم جماعة من بعد ما تبين لهم الهدي كذلك هنا يعدلون عنهما بعد الادلة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۱ *»

الواضحة و البراهين النيرة.

بالجملة لو جاز فيهما ان‏يكونا ظنيين لجاز فيهم ان‏يكونوا ظنيين فالحق فيهما قطعاً جملاً و هما الحق بلا شك اذ ليس غيرهما شي‏ء في ايدي الامة و قدسألوا الحجة حين الغيبة عن الحوادث فقال اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و اما محمد بن عثمان العمري فرضي الله عنه و عن ابيه من قبل فانه ثقتي و كتابه كتابي انتهي.

فالحين ان كانا قطعيين عن الله جل‏وعز و رسوله و حججه: ففيه البغية و السرور و ان كانا موهومين او مشكوكين فقدضاع من في اصلاب الرجال و ارحام النساء و اخترم الدين و دل علي بطلان القول من الاول فان كان بعض منهما قطعياً غيرمعلوم بعينه فهو كنبي مبعوث غيرمعلوم بعينه فلايتم به الحجة و ان كان معلوماً بعينه فهو الخليفة و المرجع و ما سواه من القاء الشيطان.

و ان قلت المرجع اليها جملاً الا انها مظنونة الصدور قلت ان كلامنا فوق هذه الكلمات و لايجري فيه شي‏ء من هذه الشبهات فاني اقول ان هذه‌الاخبار المخلفة الباقية كائنة ما كانت بالغة ما بلغت حجة الله و يجب الرجوع اليها سواءاً كانت بالعلم العادي معلومة ام لا و هو علي من امرني باتباعه اذ ما اقول علم شرعي و ليس ذلك من باب ان الظن حجة فان الظن لايغني من الحق شيئا بل امرنا الله سبحانه ان‏نعمل بهذا الخبر الموضوع هنا و ليس علينا الفحص عن انه مظنون في العادة ام لا و الظن العادي حجة ام لا و ليس علينا ان نعرف او نلتفت الي شي‏ء من ذلك.

و ان قلت فعلي ما تقول جميع ما يسند اليهم و لو في ظهر كتاب او ذكره مرأة يجب ان‏يؤخذ به لانه خبر مخلف و بذلك يتسع الخرق قلت انهم و ان امرونا بالاخذ باخبارهم امرونا ايضاً بالاخذ بخبر الثقات و ترك اخبار الفسقة الا ان‏يثبت من وجه اخر فما رواه لنا عالم ثقة ففيه الحجة و هو محل الاعتناء لا كل ما روي و ما نسب اليهم نعم علينا ان‏نسكت عن رد ما نسب اليهم و انكاره بل نردها اليهم و اما ما رواه العالم الثقة فذلك ايضاً علي قسمين فمرة يقول اني سمعت من فلان كذا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۲ *»

و كذا و لاادري صحته من سقمه فهذا جبلت القلوب علي عدم الاعتداد به و النظر فيمن يروي عنه الثقة و مرة يروي معتقداً صحة صدوره فهذا هو الذي لاعذر من قبوله كما روي لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيمايرويه عنا ثقاتنا و قدعرفوا انا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم بالجملة يجب الاخذ عن الثقة المأمون ثم لايجب الفحص فانه امين الله و صحة الرواية و الاخبار عن العلم تكليفه كما مر و ليس علينا الفحص عما قبل ذلك المخبر و ذلك تكليفه كجميع ما في العالم كما مر.

فصل

ان الله سبحانه بعث محمداً9 بشراً يأكل الطعام و يمشي في الاسواق و يسكن البلاد فجاء و دعا الي الله و حدث باحكام الله فسمع منه من حضر و الي ساير الناس روي الخبر و من البديهيات انه لم‏يتواتر احاديثه لكل ذي‌ثلث‌عشرة و ذات تسع و لم‏يلق جميع الناس و لم‏يلقوه و انما يعملون في عصره باخبار الاحاد و كذا بعده في زمن الحجج و تلك الاخبار علي ما هي عليه دونت و انتشرت الكتب بين الشيعة و كانوا يعملون بها و بما يصل اليهم من الروايات بالاحاد و الائمة: قرروهم علي ذلك فالعمل بها هو الحق ثم لما غاب الحق امرنا ان‏نرجع الي اولئك الرواة و الي تلك الكتب و الروايات كائنة ما كانت و لم‏يبقوا لنا شيئاً غيرها فوجب الرجوع قطعاً اليها و يشك في رابعة النهار و لايشك في ذلك و لم‏يميزوا بين صحيحها و سقيمها بوجه من الوجوه الا انهم امرونا بالاخذ برواية الثقة فالواجب علينا بلا شك الاخذ برواية الثقة كائنة ما كانت فانك ان عدلت عنها عدلت عما خلف الله فتكفر كما روي اذا قامت عليه الحجة بمن يثق به في ديننا فلم‏يثق به فهو كافر و روي لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا فهو المرد القطعي الشرعي كائناً ما كان بالغاً ما بلغ.

فصل

ان الله سبحانه خلق الخلق مدنيين علي طبايع مختلفة ليشتغل كل واحد بحاجة من الباقين فاذا اجتمعوا في مدينة حدث بينهم التجاذب و التنازع و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۳ *»

التعادي فاحتاجوا الي حكم يحكم بينهم بالقسط و يردوا اليه عند التنازع فيحكم لكل ذي‌حق بحقه فوجب ان‏يكون ذلك الحكم شخصاً واحداً معيناً معروفاً عند اهل المدينة بنسبه و حسبه و شخصه و بالعصمة و العدل و الحكمة و العلم و الايمان ليرجعوا اليه و يعتمدوا عليه و هو النبي و الائمة سلام الله عليهم فمن عليهم بذلك و له الحمد و لم‏يك يجوز ان لايكون حكم فيتفرق اهل المدينة بل يفنوا عن اخرهم و لم‏يك يجوز ان‏يكون ولكن مجهول الشخص بين الاشخاص لانه لايمكن الرجوع الي مثله و لم‏يك يجوز ان‏يكون معروف الشخص ولكن جايراً ظالماً او جاهلاً فيجور في الحكم و يفسد العباد و البلاد و ليس يجوز ان‏يكون نصب ذلك علي حسب اختيار العباد و استحسانهم و ظنونهم فيتخذ كل واحد لنفسه اميراً و يتنازع الامراء و اتباعهم.

فكذلك بعد ما ارتحلوا و بقي الخلق علي طبعهم المدني و تجاذبهم الي يوم القيمة فمن الحكم بينهم بالقسط أ بقي حكم منهم ام لا اما الحجة الغائب عجل الله فرجه فلايصل اليه الايدي و اما العلماء فالكلام فيما يحكمون به و ما لم‏يثبت لا عالم فاما ان كان يجوز ان‏يخلي الله العباد الي يوم التناد من حاكم فلم‏يبق دليل علي وجوب وجود الحجة و الرسل و الائمة و لايجوز ذلك بالبداهة فلابد من ان‏نقر اما بحكم اليوم او نقول بعدم وجوب الرسل و الائمة و ذلك يؤدي الي فساد عظيم فان اقررنا بوجوب وجود حكم اليوم فما الحكم هل لنا غير هذه الاخبار ثم هل هي صحيحة معروفة عند اهل المدينة بالصحة او مجهولة او معلوم عدم صحتها فان كان معلوم الصحة عند الخصوم جاز ان‏يكون حكماً و الا فلا و كذا لايجوز ان‏يكون فيها صحيح مجهول الشخصية اذ لايمكن الرجوع اليه و لايجوز و كذلك لايجوز ان‏يكون الصحيح الحكم في الاخبار ضالة و يتجسس العباد عن الضالة و يتخذ كل واحد لنفسه صحيحاً بحسب ظنه فيصول بعضهم علي بعض بصحيحه و يلعن بعضهم بعضاً و يقتل بعضهم بعضاً بصحيحه فالحكمة اقتضت ان‏يكون بين المدن بعد الحجج اخبار صحيحة معروفة الصحة مجمعاً عليها بين الخصوم ليردوا اليها المنازعات و يعملوا بحكمها.

و ان قلت ان دليلك منقوض بالعيان انه لم‏يبق اخبار معلومة الصحة لاهل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۴ *»

المدن و الا لمااختلف العلماء قلت لكل سؤال جواب و لابد لمن به سعال ان‏يسعل و لاقوة الا بالله و سيكفيكهم الله و هو السميع العليم هل وضع النبي9خليفة بعده يحكم بين العباد ام لا فاختر ما شئت و هل عرفهم شأنه ام لا و هل اوضح لهم بالجلية ام لا فلم اختلفوا في الوصي بعده و لم شكوا و ارتابوا و ارتدوا و انقلبوا حتي هدموا اثار الوصاية و انكروا صدورها فكل ‌ما قلت هنا قلنا هنا و اشهد بالله انهم لم‏يقصروا و تركوا بعدهم اخباراً صحيحة و جعلوها مجمعاً عليها و من البديهيات ولكن صار ما صار و لاقوة الا بالله.

فصل

اعظم من جميع هذه الادلة بل جميع الادلة في كل باب دليل منّ علينا الله الوهاب و خصنا به من بين الناس بلاارتياب و هو دليل التقرير و قدملأنا به الكتب و الطروس و وشحنا به المباحثات و الدروس حتي وضح اعلامه و تجلي انواره و صفته ان الله سبحانه لما خلق الخلق علي خلقة لايمكن ان‏يعيشوا الا بناموس بينهم و علم انهم كلهم ليسوا بقابلين لمقام النبوة و الاخذ عن الله اصطفي من بينهم نفوساً زكية قابلة لتلقي ذلك الناموس من الله و الايصال اليهم و هم الانبياء و الرسل و لما علم انهم لاعوجاج طبايعهم و اختلاف اغراضهم و وجود الاعادي و المنافقين فيهم و اختلافهم في الطبايع الناسية الخاطئة الساهية اللاهية الجاهلة البليدة لايمكنهم حفظ ذلك الناموس و ايصاله الي من يليهم حتم في حكمته ان‏يكون في كل عصر من تلك النفوس الزكية رجل يحفظ تلك الناموس عن التغيير و التبديل و دس الداسين و تحريف المحرفين و كذب المفترين و تأويل الجاهلين و تلبيس المنتحلين و لابد و ان‏يكون من وكل بهذا الامر شاهداً مطلعاً علي اطراف هذا الناموس و اجزائه و علي ما يتغير منه و يتبدل حتي يقدر علي اصلاحه لا ان‏يقعد في بيته فلو اتفق ان طرق سمعه منكر و قدر ان‏يتكلم يتكلم و الا فلا فيفسد الدين في اطراف بلاد العالم و يلعب به من يلعب و يشبه علي الناس ما يشبه بل لابد و ان‏يكون شاهداً مطلعاً علي جميع جهات ذلك الناموس و اجزائه في البلاد و العباد و يكون قادراً علي الاصلاح قوياً في العلم بالغاً في الامر فان زادوا شيئاً نفي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۵ *»

عنه باظهار الزيادة و اعلام الرعية ان هذه زيادة و ان نقصوا شيئاً تممه باظهار انه نقص من هنا هذا و ينفي عن الدين تحريف المحرفين و كذب الكاذبين و سهو الساهين و خطاء الخاطئين و لعب اللاعبين بالحجج و البراهين حتي يكمل الدين و يتم نعمة رب العالمين و يحصل اليأس للكافرين عن التمكن من تضييع الدين و يدل علي حقية هذا البرهان المتين ما روي عن الرضا7 في حديث فان قال فلم جعل اولوا الامر و امر بطاعتهم قيل لعلل كثيرة منها ان الخلق لما وقفوا علي حد محدود و امروا ان لايتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم‏يكن يثبت ذلك و لايقوم الا بان‏يجعل عليهم فيه اميناً يمنعهم من التعدي و الدخول فيما حظر عليهم لانهم لو لم‏يكن ذلك كذلك لكان احد لايترك لذته و منفعته لفساد غيره فجعل عليهم قيماً يمنعهم من الفساد و يقيم فيهم الحدود و الاحكام و منها انا لانجد فرقة من الفرق و لا ملة من الملل بقوا و عاشوا الا بقيم و رئيس لما لابد لهم منه في امر الدين و الدنيا فلم‏يجز في حكمة الحكيم ان‏يترك الخلق مما يعلم انه لابد لهم منه و لا قوام لهم الا به فيقاتلون به عدوهم و يقسمون به فيئهم و يقيم لهم جمعتهم و جماعتهم و يمنع ظالمهم من مظلومهم و منها انه لو لم‏يجعل لهم اماماً قيماً اميناً حافظاً مستودعاً لدرست الملة و ذهب الدين و غيرت السنن و الاحكام و لزاد فيه المبتدعون و نقص منه الملحدون و شبهوا ذلك علي المسلمين لانا قدوجدنا الخلق منقوصين محتاجين غيركاملين مع اختلافهم و اختلاف اهوائهم و تشتت انحائهم فلو لم‏يجعل لهم قيماً حافظاً لما جاء به الرسول9 لفسدوا علي نحو ما بينا و غيرت الشرايع و السنن و الاحكام و الايمان و كان في ذلك فساد الخلق اجمعين الخبر فهذا سر وجوب وجود قيم حافظ لهذا الدين في كل عصر.

و يزيد ذلك وضوحاً ما روي عن النبي9 في كل خلف من امتي عدل من اهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين و انتحال المبطلين

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۶ *»

و تأويل الجهال انتهي انظر هل هذا العدل جالس في كسر بيته يشرب الشطب و كلما اتفق امامه مما ينافي يصلحه و لايعلم العلم التفصيلي بالاخبار و الاثار و امور الدين كما يزعمه المصنف ام هو مطلع علي جميع الدين و الاخبار المأثورة و ما يلعب بها اللاعبون و يبتدع المبتدعون و بذلك وضعه الله و وضعه رسوله في هذا الخلف ليحفظ الدين في المشرق و المغرب.

و عن علي7 في خطبة اللهم انه لابد لارضك من حجة لك علي خلقك يهديهم الي دينك و يعلمهم علمك لئلاتبطل حجتك و لايضل تبع اوليائك بعد اذ هديتهم به اما ظاهر ليس بالمطاع او مكتتم او مترقب ان غاب عن الناس شخصه في حال هدنتهم فان علمه و ادابه في قلوب المؤمنين مثبتة فهم بها عاملون و عن علي بن الحسين8 في حديث لم‏تخل الارض منذ خلق الله ادم من حجة لله فيها ظاهر مشهور او غايب مستور و لاتخلو الي ان‏تقوم الساعة من حجة لله فيها و لولا ذلك لم‏يعبد الله و قيل للصادق7 في حديث فكيف ينتفع الناس بالحجة الغايب المستور قال كما ينتفعون بالشمس اذا سترها السحاب و قال ابوجعفر7 في قوله انما انت منذر و لكل قوم هاد المنذر رسول الله9و علي الهادي و في كل زمان منا امام يهديهم الي ما جاء به الرسول9 و قال ابوعبدالله7 مازالت الارض الا و لله تعالي ذكره فيها حجة يعرف الحلال و الحرام و يدعو الي سبيل الله و لاتنقطع الحجة من الارض الا اربعين يوماً الخبر و قال ابوعبدالله7 ان الله لايدع الارض الا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان فاذا زاد المؤمنون شيئاً ردهم و اذا نقصوا اكمله لهم فقال خذوه كاملاً و لولا ذلك لالتبس علي المؤمنين امرهم و لم‏يفرق بين الحق و الباطل انتهي انظر و انصف كيف اذا زاد المؤمنون في شرق الارض و غربها شيئاً يردهم و اذا نقصوا اكمله لهم و هو غيرمطلع علي الافاق و ما فيها.

و قال7 ان جبرئيل7 نزل علي محمد9 

 

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۷ *»

يخبر عن ربه عزوجل فقال له يامحمد لم‏اترك الارض الا و فيها عالم يعرف طاعتي و هداي و يكون نجاة فيما بين قبض النبي الي خروج النبي الاخر و لم‏اكن اترك ابليس يضل الناس و ليس في الارض حجة و داع اليّ و هاد الي سبيلي و عارف بامري و اني قدقضيت لكل قوم هادياً اهدي به السعداء و يكون حجة علي الاشقياء و قال7 لن‏تبقي الارض الا و فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قدزادوا و اذا نقصوا منه قال قدنقصوا و اذا جاءوا به صدقهم و لو لم‏يكن كذلك لم‏يعرف الحق من الباطل و قال7 لن‏تخلو الارض من حجة عالم يحيي فيها ما يميتون من الحق ثم تلا هذه الاية يريدون ان‏يطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره و لو كره الكافرون و قال رسول الله9 اذا ظهرت البدع في امتي فليظهر العالم علمه فمن لم‏يفعل فعليه لعنة الله انتهي فلابد للحجة العالم الشاهد القادر غيرالخائف علي نفسه ان‏يظهر عند كل بدعة يكاد بها الايمان علمه حتي يرفع الباطل عن الزمان.

و قال9 ان عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الايمان ولياً من اهل بيتي موكلاً به يذب عنه ينطق بالهام من الله و يعلن الحق و ينوره و يرد كيد الكائدين يعبر عن الضعفاء و اعتبروا يا اولي الابصار و توكلوا علي الله و قال ابوجعفر7 في قول الله عزوجل انما انت منذر و لكل قوم هاد فقال رسول‌الله9 المنذر و لكل زمان منا هاد يهديهم الي ما جاء به نبي الله9 ثم الهداة من بعده علي ثم الاوصياء واحد بعد واحد و قال ابوعبدالله7 ان الارض لاتخلو الا و فيها امام كيما ان زاد المؤمنون شيئاً ردهم و ان نقصوا شيئاً اتمه لهم و عن احدهما8ان الله لم‏يدع الارض بغيرعالم و لولا ذلك لم‏يعرف الحق من الباطل و عن العبد الصالح7 ان الحجة لاتقوم لله علي خلقه الا بامام حتي يعرف و قال ابوجعفر7 ان الارض لاتبقي الا و منا فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس قال قدزادوا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۸ *»

و اذا نقصوا منه قال قدنقصوا و لولا ان ذلك كذلك لم‏يعرف الحق من الباطل و قال7 ان الله لم‏يدع الارض الا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان من دين الله عزوجل فاذا زاد المؤمنون شيئا ردهم و اذا نقصوا اكمله لهم و لولا ذلك لالتبس علي المسلمين امرهم و قال7 ماترك الله الارض بغير عالم ينقص ما زاد الناس و يزيد ما نقصوا و لولا ذلك لاختلط علي الناس امورهم و قال7 ان الارض لاتخلو من ان‏يكون فيها من يعلم الزيادة و النقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها و اذا جاءوا بالنقصان اكمله لهم فلولا ذلك اختلط علي المسلمين امورهم و قال7 ان الارض لن‌تخلو الا و فيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئاً ردهم و اذا نقصوا اكمله لهم فقال خذوه كاملاً و لولا ذلك لالتبس علي المؤمنين امورهم و لم‏يفرقوا بين الحق و الباطل انتهي.

انظر يا اخي في هذه الاخبار بعين الاعتبار و انظر من قالها و لم قالها و كيف قالها و ما معناها فان كان معناها ان الله سبحانه خلق في كل عصر اماماً شاهداً مطلعاً علي ما في ايدي الناس من الدين و الاخبار و هم عالمون بحقها و باطلها و صدقها و كذبها مأمورون من عند الله سبحانه بهذه الخدمة ان‏ينفوا عن هذا الدين كذب الكاذبين و تحريف المحرفين و زيادة الزائدين و نقص الناقصين و هم قادرون علي ذلك بان اعطاهم قوة علي ما امرهم به لطفاً فاذا تم الشروط و في كل شرط اخبار متواترة فاي مانع من ان‏يحفظوا الدين في كل عصر و يكون الدين مصوناً من كذب الكاذبين و تحريف المحرفين و سهو الساهين و لعب اللاعبين و لما رأوا ذلك كذلك امرونا بالرجوع الي اخبارهم و قال الحجة7 اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و الامام لايحتج علي الرعية بشي‏ء يحتمل الصدق و الكذب كما ان الله لايحتج بما يكون محتملاً للصدق و الكذب فالرجوع الي الرواة هو الرجوع الي القري الظاهرة و من سار فيها يكون من الامنين و بعين الله من المحفوظين و لم‏يكن الله يترك ابليس يضل الناس و لايكون من عنده هاد يهدي الناس و يدعو الي الله و لم‏يكن ابليس

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۷۹ *»

و المنصوبون من عنده للاضلال باشد تصرفاً من الله و المنصوبين من عنده فاذا خلق لحفظ دينه رجالاً كذلك و عرفهم و عرف شأنهم قال اليوم يئس الذين كفروا من دينكم حيث عرفوا ان كلما يلعبون في الدين يكون من ينفي عن الدين لعبهم فيئسوا من تخريب هذا الدين و الله متم نوره و لو كره الكافرون فلاتخشوهم ان‏يقدروا علي تلبيس دينكم عليكم و اخشون اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي بنصب علي خليفتي و حافظ ديني و رضيت لكم الاسلام دينا حيث تم و كمل بنصب علي7 فاذا دخلت هذه المدينة من هذا الباب رأيت ان الاحاديث المأمورة بالتمسك بوثقي عروتها محفوظة لايحتمل فيها شي‏ء من تلك الاحتمالات التي احتملها اهل البوادي البائتين خارج الباب تائهين فانهم علي خوف و وجل و لايأمنون علي انفسهم من جهة من الجهات و اما سكنة المدينة فهم من فزع يومئذ امنون و ساروا فيها ليالي و اياماً امنين فانت اذا عرفت هذا الفصل و امنت امنت من الخوف من كذب الكاذبين و دس الداسين و تحريف المحرفين و سهو الساهين و خطاء الخاطئين و علمت ان اصلاحها و حفظها هو تكليفهم يدبرون الامر من وراء حجاب و هم عالمون قادرون مكلفون معصومون فلما علموا من انفسهم و من دينهم ذلك امرونا ان‏نرجع الي رواة حديثهم و الاعتماد علي ثقاتهم بلا اكتراث و انت مع جهلك اردت ان‏تحاول منصبهم فلم‏تقدر فسولت لك نفسك الاخذ بالظن و هذه الاراء المردية المهلكة و لو تركت تكليفهم لهم و عملت بتكليفك لاسترحت كماقال علي7لاتكلفوا ما لم‏تكلفوا و اري امامكم و اياكم كسفر في سفينة قال لهم السفان انا ادبر امر السفينة و اذهب بها الي الساحل فاشتغلوا انتم بعبادتكم فحاول القوم تدبير السفينة مع جهلهم به و تركوا عبادتهم و تركهم السفان خذلاناً فلا علي تدبير السفينة قدروا و لا بعباداتهم عملوا فاتتهم الامواج و الطوفان من كل مكان فغرقوا و لاقوة الا بالله.

بالجملة قد ظهر من هذه الاخبار و البيانات ان الاخبار جملاً محفوظة و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۰ *»

معلوم الصحة و انها مرضية الامام و العامل بها تكلاناً علي حفظهم و سائراً بنور هدايتهم محفوظ عن العثار و الزلق في المزالق التي يذكرونها و هذه الصحة هي سر امر الائمة: بالعمل بها و لو علموا انها فيها ما يقوله الاصوليون لماامروا بالاخذ بها و هي سر صحة العمل بهذه الاخبار فخذ بها بارد القلب ثلج الفؤاد حامداً مصلياً علي محمد و ال‏محمد: و قدفصلنا هذا المطلب في اغلب كتبنا و رسائلنا فان شئت فراجع.

و ان قلت انك ذكرت ايات و اخباراً دالة علي مطلبك في البيان و لكن يعارضها الوجدان و يخالفها العيان فانا علمنا بانه في عصرهم سلام الله عليهم كان كذبة يكذبون عليهم و داسون يدسون في كتب اصحابنا و كثرت عليهم الكذابة و افتري عليهم النصاب و شهد بذلك الاحاديث الكثيرة و حرفوا و غيروا اخبارهم كل تغيير و من البديهيات كون الغلط في الاخبار كثيراً من الرواة و المصنفين و النساخ و السهو و الخطاء ما لايطمئن النفس اليه بمحض انه رأي في كتاب قال ابوعبدالله7 كذا و كذا و هذه الامور من البديهيات فكيف تقولون ان هذه الاخبار محفوظة بعين الائمة الاطهار و يجب ان لانخشي الكفار بهذا الاعتبار فاجمع بين المقامين حتي نراه بلا غبار.

قلت اولاً علي سبيل المداراة ان حكم الله فوق جميع ما ذكرت و هو جعل لكل شي‏ء حكماً يقينياً اوصله الي عباده و جعله معلوماً لهم و جعل لجميع ما ذكرت حكماً يقينياً و علمنا ذلك عن قطع و يقين الاتري انك لو شاهدت الامام و قال لك غداً يأتونك الف نفس يروون لك عني و لكل واحد عيب في نقله فمنهم من يحرف نقله و منهم من يبدل و منهم من يكذب و منهم من يسهو و هكذا فاذا جاءوك غداً و اخبروك اني قلت لك كذا و نقلوا لك قولي بالف وجه مختلف فتكليفك هذا و هذا و علمك وجهاً ثم ذهبت الي بيتك و بكر عليك الالف نفس و قالوا ان اباعبدالله7 امرك ان تصنع كذا و كذا و حدثوا بالف نحو فهل تتردد في تكليفك او تضطرب و هل تحتاج الي ان‏تكتب كتاباً في انه يجب الاخذ بخبر ايهم و ايهم ارجح و ايهم اقوي و هل تكليفي العمل بارجحها او ابعد عن الضرر او احوطها و هل الظن الحاصل منها حجة ام ليس بحجة

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۱ *»

الي غير ذلك من المباحث التي صرفوا عمرهم فيها و من البين انك في راحة من جميع هذا الاختلاف فلاتخشاهم و تخشي الله و تعمل بما امرت به مواجهاً بلا اكتراث و لا تزلزل كانت الاخبار ما كانت فانها هي الموضوعة و لكل موضوع منهم حكم سلام الله عليهم فكذلك الامر هنا و نظير ذلك ما تأخذون به من الاخبار الضعاف و لو من طرق العامة في السنن و الاداب مع انها تحتمل كل احتمال اخذاً باخبار مستفيضة امرة بالاخذ بخبر ورد في ثواب و ان لم‏يكن رسول الله9 قاله مع ان تلك الاخبار الضعيفة غيرمعتبرة لكن سند الاخذ بها معتبر.

و اما علي سبيل الحق الواقع فنقول سلمنا جميع ما قلت واقع لكن عن هذا الموضوع خبر و له حكم اما الخبر فيقولون لاتخف علي هذا الدين فانا نحفظه و نجدده و ننفي عنه ما لانرضي باي وجه شئنا و ذلك تكليف لهم و اخبرونا بانهم مكلفون بذلك و ليس علينا علم انهم كيف يحفظون الاتري انك تقرؤ بكم يمسك السماء ان‏تقع علي الارض فتؤمن به و لاتعرف كيف يمسك بهم السماء و هم جثث صغيرة في الارض و كذلك هم اخبرونا انا نحفظ هذا الدين و لولا حفظنا لفسد و ارتفع عن الامة و نري ايضاً احاديث مأثورة في ايدي الشيعة و نسخ عديدة و علماء و اجازات و متون و شروح مستمرة و لاندري كيف يحفظون فنؤمن بانهم يحفظون هذه الاخبار و يخبرون عن الزيادة و النقصان و ان لم‏نعلم وجهه كما نؤمن بان الشيطان يغوي جميع الانس و الجان في المشرق و المغرب الا من شاء الله و لاندري كيف يغوي الجميع في آن واحد و اين هو و هو شخص واحد و ليس ولي الرحمن باضعف من الشيطان فهذا ما اخبروا عن انفسهم و هم صادقون فحفظوا و لانعرف معناه و كيفيته و امثاله كثيرة الاتري انك تؤمن ان الله لايغالب و هو غلب كل شي‏ء و كان عليه نصر المؤمنين و جند الله هم الغالبون مع ان اولياءه في انظارنا مغلوبين مقهورين مطرودين فنؤمن به و ان لم‏نعرف وجهه و كذلك لله العزة و لرسوله و للمؤمنين و نري المؤمنين اذل اهل العالم في العالم بادي الرأي فنؤمن به و ان لم‏نعرف وجهه فامن بانهم حفظوا و يحفظون الدين و ان لم‏تعرف وجهه و هذا خبر عن تكليفهم و هم معصومون فقدفعلوا.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۲ *»

و اما تكليفنا و حكمنا فقالوا هذه الاخبار التي نحن حافظوها و لاتعلمون فاعملوا بها علي ما هي عليه في الواقع اذا اخذتموها عن الثقات و بذلتم المجهود علي ما هو المعهود في اخذها و لاعذر لكم في التشكيك فيها و هذا تكليفكم اليقيني القائم فوق هذا الموضوع و انتم تركتم هذا الحكم اليقيني و سرحتم النظر و اتلفتم العمر في اخبار الالف نفس و رجحان بعضها علي بعض فاتركوها علي ما هي عليه و اعملوا بالحكم القطعي الذي بلغكم و اي قطع اعظم من انهم ذهبوا و لم‏يتركوا فيكم خليفة الا هذه الاخبار فهي جملاً حجة الجبار و خليفة الله القهار من حاد عنها فقد حاد الي النار هذا فضلاً عن الاجماع الضروري القائم بين الشيعة ان الرجوع الي هذه الاخبار جملاً دين الله العلي العظيم و ورد النصوص القطعية ايضاً بذلك كما تلونا عليك و الله خليفتي عليك.

فصل

ان الله سبحانه خلق خلقاً جهالاً و لم‏يجعل لهم اداةً ينالون بها معرفة ما يصلحهم مما يفسدهم كما مر من الروايات و يؤيده المعاينات مع انهم لايبقون في الدنيا زماناً يعتد به ليخرج ما في قوتهم الي الفعلية الا بمعرفة ما يصلحهم و ما يفسدهم فارسل اليهم الرسل و انزل اليهم الكتب و جعل لكل رسولاً مدة لامتداد شرعه و دينه و امكنة و اشخاصاً معينين ثم امرهم بالابلاغ اليهم و الابلاغ ان‏يوصل مراد الله الي قلوبهم و يدخله في مشاعرهم و اذهانهم الي ان بعث محمداً9 في اخرهم و جعله خاتم الرسل و جعل شرعه خاتم الشرايع و جعل امته الي يوم يبعثون فالله يعلم امتداد ذلك انه مائة الف سنة او اقل او اكثر و عاش في امته بالنبوة ثلثاً و عشرين سنة و امره الله بالابلاغ الي امته الي يوم القيمة حيث قال ياايها الناس اني رسول الله اليكم جميعاً و قال و ماارسلناك الا كافة للناس و قال ياايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك و ان عليك الا البلاغ و ما علي الرسول الا البلاغ فهل بلغ هذا الرسول ما انزل اليه من ربه الي امته ام لا و ما معني الابلاغ هل لو بعث سلطان رسولاً هندياً الي الروم و امره بالابلاغ فذهب و قام بين ظهرانيهم و تكلم بالهندي فلم‏يفهمه احد هل يقال بلغ ام لا و لا شك انه لم‏يبلغ و هذا في

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۳ *»

الجانب الاعلي ثم ننزل ليتضح شي‏ء بعد شي‏ء فهل اذا قام و تكلم بالرومية ولكن جعله معميات لم‏يفهمه احد و لم‏يعلم المراد منه بلغ الرسالة اليهم ام لا لااظنك ان‏تقول بلغ و هل اذا قام و تكلم بالرومية ولكن تكلم بعضهم بحيث ظن بعضهم ان المراد هذا و بعضهم ان المراد هذا و احتمل في كل كلمة احتمالات عديدة بحيث لم‏يعلم المراد فوقع بينهم التشاجر و النزاع و وقع بسبب هذه الظنون بينهم تقاتل و تفاسد و تنازع هل يقال بلغ مراد السلطان الي قلوب الرعية و ادخله في مشاعرهم و اتم الحجة عليهم او يقال قصر و افسد ملك السلطان و افسد رعيته و اوقع الفتنة و الحرب كالشيطان انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة و البغضاء هلا بلغ اليهم بلسان مبين ليفهموا مراد السلطان و يطيعوه و ينتظم ملكه لااظن ان عاقلاً يقول بانه بلغ و لااظن احداً يرضي بابلاغ رسالة هكذا الي اهله و عياله اذا كان في سفر فلم‏يبلغ ذلك الرسول الي الروم مراد السلطان الا اذا قام بين ظهرانيهم و اوضح و بين و شرح و عاهد عليه و استشهد انه بلغ و ماقصر كما كان يخبر النبي صلي الله عليه ثم يقول لهم هل بلغت فيقولون نعم و البلوغ الوصول و لابد من وصول المراد الي ارواحهم و عقولهم حتي يصدق الابلاغ و لايكفي طرق اذانهم حسب و كذلك اذا تكلم ذلك الرسول في رياح عاصفة فذهب الريح بصوته و لم‏يبلغ صوته القوم أيقول الرسول كان تكليفي القول و التفوه و ان لم‏يبلغكم و ذهب به الرياح ثم لااعيد لكم ام ‏لم‏يحصل الابلاغ الا ان‏يعيد و يوصله الي ارواحهم ليتم الحجة عليهم فان لم‏يجز ذلك الا ان‏يوصله الي ارواحهم فكيف يجوز لمحمد و ال‏محمد: ان‏يتكلموا بكلمات و يسمعها بعض المعاصرين ممن حضر ثم لايوصلوه الي الغيب و الذين هم في اصلاب الرجال و ارحام النساء و يأتون بعد ذلك و يأتي رياح لعب اللاعبين و دس الداسين و يجعل احاديثهم اباديد كهشيم تذروه الرياح ثم لم‏يصل الي روح احد و لا قلبه و لم‏يعرفوه و يجعلها الرياح ابعد و اشد تناثراً و تفرقاً يوماً فيوماً حتي لم‏يبق لها اثر فهل يقال بلغ رسول‌الله الي البشر الي يوم القيمة و ادي تكليفه حاشا بالله حاشا فلم‏يبلغ رسالته و لم‏يؤد تكليفه حتي يبلغ دين الله و يفهمه كل ذات‌تسع و ذي‌ثلث‏عشرة و يتم حجة الله عليه علي ما

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۴ *»

يري لا ما ترون و تحكمون عليه فكيف‌ما يري و بقدر ما يري و علي ما يري عليه البلاغ بنص القرءان فاذا كنتم انتم في هذا الزمان ليس في ايديكم من دين الله ما تعلمون به فلم‏يبلغ اليكم الرسول و قصر فاذا ليس بنبي و لاتقل انه بلغ و لكن التقية كانت شديدة و الاعداء غالبة و دولة فلان و فلان متعالية فخفي اعلام الدين و انطمس رسوم الشرع المبين و بقي اعباء الدين علي ظهورنا و هو ناقص و علينا ان‏نتممه و نكمله و ننقيه من الاكدار و هكذا من البيانات المزخرفة التي يغتر بها الجاهلون فان ذلك قول بان الرسول تكلم و ذهب الرياح بصوته فلعمري ليس ذلك بابلاغ و يلزم القول بما تقول ان الله مغلوب مقهور و ان الرسول غير معصوم و هو انكار الرسالة لان من يؤمر بالابلاغ و لايبلغ عاص و العاصي غير رسول فاشهد الله و كفي به شهيداً انه9 بعث رسولاً و بلغ ما امر به الي جميع رعيته و ان هذه الاحاديث المخلفة ابلاغه و قوله الذي لم‏يذهب به الرياح و بلغ الي اقصي القوم و انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون و هي محفوظة في كل قرن و عصر و تكليفهم الاصغاء اليه و العمل به و رفع شبهات يقولون هو تكليف صاحب‌المدينة فان ما لايقدر عليه الرعية هو علي السلطان فهو يحفظها و ساير الرواة الثقات امناء الله علي دينه و بلغوا الينا و احسنوا و جزاهم الله عنا خير الجزاء و نحن بما قدمنا في هذه المدينة مأمورون بان‏نشتري من هذه الرواة الروايات امنين مطمئنين علي ان السلطان من ورائهم و هو اعلم بتكليفه و اعمل و نحن نعمل في ظله بما كلفنا فنحن كسفر جلسوا في سفينة مشتغلين بتكاليفهم و السفان يذهب بالسفينة و يحرك الكل الي حيث شاء و لو انصفت لكفاك ما ذكرنا و ان لم‏يكن علي لسان القوم و كان علي لحن ال‏محمد: و من كان متتبعاً في الاخبار عرف ذلك بلا غبار ان جميع ما قلنا علي لحن الائمة الاطهار.

فمن كان ذافهم يشاهد ما قلنا   و ان لم‏يكن فهم فيأخذه عنا
و ما ثم الا ماذكرناه فاعتمدعليـ   ــه و كن في الحال فيه كما كنا

 

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۵ *»

فصل

و لما كان هذا النحو من البيان غريباً في الاذان لانسهم بلغة اهل الاصول نذكر هاهنا دليلاً علي لغتهم و ان لم‏نقدر علي اخلائه من ذكر الله و اكل ما لم‏يذكر عليه اسم الله اعلم انه لاشك ان الناس قبل بعثة محمد9 كانوا علي الفطرة الانسانية الظاهرة يعاشرون و يتكلمون و يكاتب بعضهم بعضاً و يأمر بعضهم بعضاً بما شاء و ينهاه عما شاء اما بالمشافهة او بالمراسلة و يفهم بعضهم عن بعضهم و يعاملون بذلك و يودعون بذلك الودايع و يردونها عند المطالبة و يتناكحون و هكذا و كانوا يعيشون بذلك الي ان جاء محمد9 و قام بين ظهرانيهم يدعوهم الي ان‏يشهدوا لااله الا الله و انه رسول الله و يخلعوا الانداد و يتركوا الاصنام الي ان امرهم باعمال و نهاهم عن اعمال و كالمهم و خاطبهم كما كان يخاطب الرجل صاحبه و كان ينقل عنه اوامره بعضهم لبعض و الشاهد للغايب و الرجل لاهله فانتشر اوامره و نواهيه بين من امنوا به و امتثلوا علي عادتهم السابقة من استماع الاخبار و العمل باوامر سلاطينهم و ملوكهم و علي مقتضي طبيعة البشر و كل ذلك عليه الاجماع الذي لا شك فيه و لاريب يعتريه و كان يلقي اليهم امراً بعد امر و حكماً بعد حكم و ينتشر اوامره و زواجره علي حسب طبيعة العالم و اوامر الملوك و زواجرهم و الرعية ايضاً يمتثلون كما كانوا يمتثلون امر ملوكهم الي ان نزل عليه ايات من الكتاب و حرم علي امته الخمر و الزني و اللواط و ساير الفواحش و الشرك و حرم في جملتها العمل بماوراء العلم كما قال قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و ان‏تشركوا بالله ما لم‏ينزل به سلطاناً و ان‏تقولوا علي الله ما لاتعلمون ثم لما كان كل فاحشة جزئياً علي حدة ليس يسري ضرره الي غيره ولكن العمل بما وراء العلم يضر بجميع الدين اصوله و فروعه و به ينقلب صالحات فواحش و فواحش صالحات و معارف منكرات و منكرات معارف و يقع به التنازع و التقاتل و التحارب بين الامة و التفاسد كما وقع كما قالوا ان سيدهم معاوية كان مجتهداً فاجتهد فرأي قتال علي7 لازماً فان اصاب فله اجران

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۶ *»

و الا فلايخلو من اجر واحدٍ كما روي في المصابيح عن ابي‏بكرة قال قال رسول الله صلي الله عليه و سلم اذا حكم الحاكم فاجتهد و اصاب فله اجران و اذا حكم فاجتهد فاخطأ فله اجر واحد انتهي انزل الله عزوجل في تأكيد النهي عن هذه الفاحشة مائة آية و اكد عليه النبي9 في كل موقف و مقام وقف فيه9 بحيث رواه العامة و الخاصة و حرم العمل بالظن علي امته و قال ان الظن اكذب الكذب و قال اذا ظننت فلاتقض و قدروينا عن العامة ايضاً فيما سبق اخباراً في ذلك و قداخبر في الملاحم و الفتن التي اخبر عنها ان امتي بعدي يفترقون الي ثلث و سبعين و الناجية منهم التي لاتعمل بالرأي و امر وصيه بجهاد طوايف يعملون بالرأي.

بالجملة و اكد هو و اوصياؤه في هذا المحرم العظيم الذي هو سبب ارتداد الامة و تفرقهم و بغي بعضهم علي بعض و قتال بعضهم بعضاً و لعن بعضهم بعضاً و به نقض ما ابرمه محمد9 بكد يمينه و عرق جبينه و بذل ماله و نفسه و عياله و اهله و ولده و ذريته فمزقت هذه المسألة امته كل ممزق و فرقهم تحت كل كوكب فاكدوا في تحريم ذلك باصدار الف و مأتين و ستة و عشرين حديثاً مما وصلنا والله اعلم بما قال في المواطن و المواقف و لم‏يؤكد في فاحشة من الفواحش بقدر ما اكد في ذلك لما ذكرنا من عظم هذه الفاحشة و خطرها علي الامة فاوجب عليهم العمل بالعلم ثم بين لهم وجه هذا العلم و امرهم بالاخذ بقول الثقة و انذر و حذر عن مخالفته و رفع العذر و كفر و جعل هذا علمهم الشرعي الذي يرتضي لهم و انزل بذلك اياً من الكتاب و اصدر بذلك اخباراً في الخطاب كما قدمنا و كان علي ذلك عمل امته بلاارتياب كماقدمنا بعض الاخبار في الاخذ باخبار الاحاد فابان لنا ان العلم الشرعي الذي اراد الله منكم ان‌تعملوا باخبار الثقات و الله من ورائكم محيط انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون و في كل خلف عدل ينفي عن اخبار الثقات ما لايرتضيه الله و هذا تكليفه و لا عليكم من ذلك ان‏لم‏تعرفوا وجه تسديده و تقويمه العوج و اصلاحه الدين فالذي نأمركم هو ان‏تسيروا من هذا الطريق و علينا ان‏نجعله اٰمناً سيروا فيها ليالي و اياماً اٰمنين و يدل علي جميع ذلك اخبار اوردناها فيما سبق و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۷ *»

في كتابنا فصل الخطاب فكان بناء اهل عصره و عصر خلفائه علي ذلك و بالبداهة و الضرورة لم‏يوجب عليهم تحصيل التواتر و لو اوجب ذلك لنقل الينا لعموم بلواه فكان في زمانه عمل امته باخبار الثقات المأخوذة من الاحاد بامره و بما نزل في الكتاب و بتقريره و لان طبيعة العالم لاتتحمل غير ذلك و السياسة لاتتمشي الا بذلك و علي ذلك اجماع لا شك فيه و لاريب يعتريه.

و اما قول الشيخ ان الاجماع قائم علي حرمة العمل باخبار الاحاد فاخبار الاحاد عنده اخبار ضعيفة مأخوذة عن غير الثقات او متروكة بين العصابة فانه عمل في كتابه بهذه الاخبار و ادعي قيام الاجماع علي صحة العمل بهذه الاخبار مع انها احاد فمراده ان الاخبار غير المتواترة اما قام الاجماع علي صحة العمل بها فهي تخرج عن خبر الاحاد و العمل بالاجماع لا بها من حيث انها احاد و اما هي ضعيفة و لم‏يقم الاجماع علي جواز الاخذ بها فهي الاحاد التي قام الاجماع علي عدم جواز العمل بها.

بالجملة قدقام الاجماع علي العمل باخبار الثقات و وردت اخبار متواترة مطابقة للكتاب و دليل العقل المستطاب و علم السياسة و تحمل طبيعة العالم فهم كانوا يعملون و قدقدمنا انا نحن ايضاً متعلقوا خطابات الشارع و مكلفون بنفس امره و نهيه لا من وجه قيام الاجماع علي الاشتراك و لم‏ينسد علينا هذا الباب و باب الاخذ عن الثقة مفتوح دائماً و لايجب علينا الفحص عن وثاقة غير من نأخذ عنه كما لايستوجبون الفحص عن زرارة انك اخذت عمن و بينك و بين الامام واسطة ام لا و يجب ان‏يقبل بمحض قوله قال ابوجعفر7 كذا و لا شك انه رب حكم عنده وصل اليه بواسطة او وسائط و الذي يدل علي عدم تفاوت بين عدم الواسطة و الوسائط عمومات الاخبار و مطلقاته حيث يقول لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و هو اعم من عدم الواسطة و مع الواسطة و حيث يقول فارجعوا فيها الي رواة حديثنا و هو اعم من كونها مع الواسطة او بلاواسطة و الاحاديث الامرة بالاخذ عن رجال كزرارة و محمد بن مسلم و يونس و زكريا و فضل بن شاذان و الحٰرث بن المغيرة و عبدالملك بن جريح و امثالهم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۸ *»

و هؤلاء يروون بواسطة و بغيرواسطة و امرونا بالاخذ عنهم من غيرفحص عمن اخذوا عنه و امرونا بالاخذ عن الفقهاء و هم يروون بوسائط هذا و لو كان هذا يضر لماامرونا باسقاط الواسطة كما روي ان ابان بن تغلب قدروي عني رواية كثيرة فما رواه لك عني فاروه عني و قيل لابي‏عبدالله7 الحديث اسمعه منك ارويه عن ابيك او اسمعه عن ابيك ارويه عنك قال سواء الا انك ترويه عن ابي احب اليّ و قال7 لرجل ما سمعته مني فاروه عن ابي الي غير ذلك من الاخبار و عمل بذلك اكابر الاصحاب فارسلوا الاخبار و لم‏يعب عليهم احد من الابرار و لم‏يصدر حديث بان الاخذ عن الثقة المعتقد بصحة حديثه مشروط بان‏يكون بغير واسطة و الاخبار مطلقة و الاجماع قائم علي جوازه لان الاخذ عن الفقهاء هو اخذ حديث يعتقده و هو يروي بوسائط و لايجوز الاخذ برأيه فيجوز الاخذ عن الثقة المعتقد بصحة حديثه و هو العلم الشرعي الذي امر الشارع به و رضيه لامته فسمه ما شئت هذا هو المكلف به يقيناً و باب ذلك لم‏ينسد و لسنا نطلب العلم العادي و لا العلم العقلي و لاحاجة بنا في البحث عن ان اجازة الحجج لذلك لاي علة فان ذلك فعل من يريد اجراء العلة في غير الموضع الخاص و نحن لانريد ذلك فاذا باب العلم مفتوح و يجوز العمل باخبار الثقات جملاً و هو دين الله و انما صار ذلك علماً للعلم بان ايدي الحجج علي اخبارهم و علمنا بذلك باخبار متواترة قدسمعت بعضها فاليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلاتخشوهم و اخشون اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا.

تذنيب

اعلم ان اخبار الثقات تقوم مقام العلم في كثير من الموارد و ورد بها نصوص و لا علينا ان‏نسرد بعضها فعن اسحق بن عمار عن ابي‏عبدالله7 قال سألته عن رجل كانت له عندي دنانير و كان مريضاً فقال لي ان حدث بي حدث فاعط فلاناً عشرين ديناراً و اعط اخي بقية الدنانير فمات فلم‏اشهد موته فاتاني رجل مسلم صادق فقال انه امرني ان‏اقول لك انظر الدنانير التي امرتك ان‏

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۸۹ *»

تدفعها الي اخي فتصدق منها بعشرة دنانير قسمها في المسلمين و لم‏يعلم اخوه ان عندي شيئاً فقال اري ان تصدق منها بعشرة دنانير انتهي انظر كيف جعل خبر الثقة بمنزلة المشاهدة و الاستماع من صاحب المال و امره بترك ما سمع اولاً و جعل خبر الثقة ناسخاً له و هذا منتهي الاعتماد و الاعتبار و عن ابي‏جعفر7 في رجل صلي الغداة بليل غره من ذلك القمر و نام حتي طلعت الشمس فاخبر انه صلي بليل قال يعيد صلوته انتهي فجعل خبر الثقة قائماً مقام العلم بانه صلي بليل و عن ابي‏عبدالله7 في الرجل يشتري الامة من رجل فيقول اني لم‏اطأها فقال ان وثق به فلابأس بان‏يأتيها انتهي انظر كيف جوز الجماع مع لزوم الاحتياط في الفروج بمحض قول ثقة واحد و قال ابوعبدالله7 ان الوكيل اذا وكل ثم قام عن المجلس فامره ماض ابداً و الوكالة ثابتة حتي يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه او يشافه بالعزل عن الوكالة انتهي انظر كيف رفع حكم الوكالة الثابتة باخبار الثقة و جعله عديل المشافهة و قيل لابي‌عبدالله7 أرأيت من لم‏يقر في ليلة القدر كما ذكرت و لم يجحده فقال اما اذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلم‏يثق به فهو كافر و اما من لم‏يسمع فهو في عذر حتي يسمع ثم قال ابوعبدالله7 يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين انتهي كيف جعل خبر الثقة بمنزلة الوحي النازل و ترك الوثوق به كفراً و عن عيسي بن منصور قال كنت عند ابي‏عبدالله7 في اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان فقال ياغلام انظر أصام السلطان ام لا فذهب ثم عاد فقال لا فدعا بالغداء و تغدينا معه انتهي انظر كيف عمل في فرض الله بخبر الغلام لانه ثقة عنده و كذلك في خبر حبس الكاظم7 ان الغلام كان يخبره بالاوقات و كان يعتمد عليه و يصلي الفرض و عن سماعة قال سألته عن رجل تزوج جارية او تمتع بها فحدثه رجل ثقة او غيرثقة فقال ان هذه امرأتي و ليست لي بينة فقال ان كان ثقة فلايقربها و ان كان غيرثقة فلايقبل منه و سئل ابوالحسن7 عمن يلي صدقة العشر علي من لا بأس به قال ان كان ثقة فمره يضعها في مواضعها

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۰ *»

و ان لم‏يكن ثقة فخذها منه و ضعها في مواضعها و سئل7 من اعامل و عمن اخذ و قول من اقبل فقال العمري ثقتي فما ادي اليك عني فعني يؤدي و ما قال لك فعني يقول فاسمع له و اطع فانه الثقة المأمون انتهي فصار الوثاقة و الامانة مدار السمع و الطاعة و قال ابومحمد7 العمري و ابنه ثقتان فما اديا اليك عني فعني يؤديان و ما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما و اطعهما فانهما الثقتان المأمونان فتبين ان المدار علي الوثاقة و الامانة و هي مطابقة لقوله سبحانه في اية النفر و الكون مع الصادقين و اية النبأ و ما مر من الاجماع و الاخبار الخاصة فاخبار الثقة في الشرع نازل منزلة العلم و هو علم شرعي.

و ان قلت ان كان اخبار الثقة الواحد بمنزلة العلم فما الحاجة الي عدلين في الحقوق و الهلال و الطلاق و الحدود و امثالها قلت ان مدار عملنا علي السمع و الطاعة لا علي الاستنباط و القياس و التعرض لال الله هاهنا امرونا هكذا فعلينا ان‏نعمل به و هناك امرونا كذلك فعلينا ان‏نعمل به الاتري انه لم‏يكتف في الزني بعدلين و امر باقامة اربعة من الشهود و في الدعاوي امر بيمين واحد و في القتل شرع القسامة فذلك تعبدي يجب علينا الحكم بما حكموا فالثقة اذا حدثنا بحديث هذا هو العلم الشرعي الحاصل و انما سماه علماً لان يده من الغيب عليه كما مر في اخبار التقرير و التسديد و ان لم‏تفهم وجهه الاتري انه لو كان بيد صبي طعام نقي و بيد رجل طعام مسموم و انا اعلم بذلك و امرك ان‏تأكل مما يأتيك به الصبي علماً مني بسلامة باطنه و امتثلت انت نجوت و يكفيك و لاتحتاج الي ان‏تباحث صاحبك ان الامر بالاخذ بطعام الصبي هل هو ظن خاص او من باب حجية الظن المطلق او هو محدث للعلم لا ذا و لا ذا بل الاخذ بطعام الصبي لاجل اني امرتك به و لاجل اني اعلم ان فيه سلامتك و لا مدخلية للحامل في ذلك كذلك الحجة لما نظر في الاخبار المأثورة و اصلح في الغيب بما شاء كيف شاء اخبار الثقات و علم انها نافعة موصلة الي دار القرب و فيها رضا الله امرنا بالاخذ بها و ليس للحامل دخل فيها و لانحتاج الي ان‏نعرف انها اسباب ظنون خاصة ام مطلقة كم ذا اريكم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۱ *»

الصراط المستقيم و الطريق الاقرب و تقولون ربنا باعد بين اسفارنا و تظلمون انفسكم و تمزقون كل ممزق.

المقصد الثانى

فى حصول العلم التفصيلى بالاخبار و فيه كسابقه فصول

فصل

نحن اذا اخذنا الخبر عن ثقة مصحح له سواءاً كان بمشاهدة و سماع او بوجادة في كتابه مع حصول العلم العادي بان الكتاب له و ذلك ميسور لا شك فيه كما انك لاتشك في ان الكافي من محمد بن يعقوب الكليني و من لايحضر من محمد بن علي بن بابويه القمي و التهذيب و الاستبصار من محمد بن الحسن الطوسي و البحار من محمدباقر بن محمدتقي المجلسي و الوافي من الملا محمدمحسن القاساني و العوالم من الشيخ عبدالله بن نور الله و الوسائل من محمد بن الحسن العاملي فلايتفاوت بعد هذا العلم ان‏يناولك الثقة الكتاب و يقول هذا مني او يقرؤ عليك او تجده له و يدل علي ذلك ما روي انه قيل لابي‌الحسن الرضا7 الرجل من اصحابنا يعطيني الكتاب و لايقول اروه عني فقال اذا علمت ان الكتاب له فاروه عنه انتهي فجعل المناط العلم بانه منه و قيل لابي‏جعفر الثاني7 جعلت فداك ان مشايخنا رووا عن ابي‏جعفر7 و ابي‏عبدالله7 و كانت التقية شديدة فكتموا كتبهم فلم‏ترو عنهم فلما ماتوا صارت تلك الكتب الينا فقال حدثوا بها فانها حق انتهي.

فلا فرق بين ان‏يقرأ عليك او يناولك الكتاب او تجده له فان المناط العلم العادي بان هذا الكتاب روايته فنحن نعلم علماً اجمالياً عادياً بالاجازة و السماع و المناولة و الوجادة ان هذه الكتب الحاوية لعمدة الاخبار لمصنفيها شكر الله مساعيهم الجميلة و كذلك ساير الكتب المشهورة النسبة الي مصنفيها الثقات و نعلم كالشمس في رابعة النهار انهم ثقات في نقلهم لايتعمدون الكذب علي ائمتهم و لا علي الرواة عنهم و ان منهم من ادعي صدور ما الفه من الائمة و جعله كتاب عمله كالصدوق و الكليني و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۲ *»

ما عمل به الشيخ في كتابيه و غيرهم كالشيخ الحر المتعهد صحة ما الفه و شهادته بصحة كتب عديدة فهذه الاخبار مأخوذة عن الثقات المدعين لصحتها و يكفينا و ان لم‏يعملوا بجميع ما فيها لان صحة الصدور غير صحة العمل ثم هم يعلمون و ربهم كما تقول في حق زرارة اني اخذ بروايته ثم هو يعلم و ربه و لست بمكلف بتكليفهم و كما ان تكليفي الاخذ عنهم تكليفهم الايرووا الا ما اعتمدوا عليه اذا ادعوا صحة ما رووا علي ما شرحنا و بينا فحصل لنا علم شرعي ان احاديث كتب الوسائل صحيح مثلاً فنثق به لقول الامام7 ان لم‌يثق به فهو كافر و لقوله تعالي ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا و ما مر من الادلة و ليس ذلك بعد كل هذا الاستدلال من الكتاب و السنة تقليداً و الا فالمجتهدون مقلدون لزرارة و لااحد يقول بذلك هذا و نحن لانعمل باحاديث وسائل من حيث انه خبر محمد بن الحسن بل لان امامنا امرنا بذلك و قام الاجماع لنا عليه و مناطنا العلم الشرعي الحاصل في صدورنا لا صرف الخبر الخارجي فقدحصل العلم الاجمالي لنا بان كتاب الوسائل من امامنا كماحصل العلم لنا بان القرءان كتاب ربنا علي ما ذكرنا سابقاً و هذا هو العلم الاجمالي المحقق الحجة بان هذه الاحاديث كلام مولانا الصاحب عجل الله فرجه.

فصل

بقي لنا ما عسي يقول اصولي انت علي فرض علمك الاجمالي ما يؤمنك من سهو الشيخ الحر مثلاً و خطائه و اشتباهاته و ليس بمعصوم فمع ذلك انت ايضاً متورط في الظن قلت نعم مع ذلك لايبقي ظن غالباً من حيث انه خبر رواه غيرمعصوم بل يحصل الشك في انه هل هو مسهوفيه ام لا و هل هو مخطأفيه ام لا و لكن ليس نظرنا الي هذا الظن و هذا الشك دعه يكن موهوم الصحة و انما نظرنا ما امرنا به و الذي امرنا به كان يعلم ان الرواة يسهون و يخطئون و يغفلون و يشتبه عليهم و لهم سقطات و مع ذلك قالوا عدم الوثوق بالثقة كفر و مع ذلك قالوا لاعذر لاحد في التشكيك فيه و مع ذلك قام الاجماع بالاخذ بخبر الثقة و مع‏ذلك قام التقرير علي العاملين باخبار الثقات من لدن ادم الي يومنا هذا فراعيكم الذي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۳ *»

امركم بهذا هو متكفل بهذا و ليس يمكن لاحد من الرعية العلم بان الراوي لم‏يسه فاصلاح ما فسد من ذلك علي الحجج و لما تكفل هو ذلك و علم انه يعالجه او يظهر سهوه او خطاءه او يصلحه او هو سهو معفو او يناسب زمان الهدنة او التقية و كيفما كان امرني بالاخذ به و انا اخذ به بارد القلب ثلج الفؤاد كما انك تعمل بالكتاب لما قام الاجماع علي العمل به و في كل اية يحتمل التحريف و الحذف و التقديم و التأخير و غير ذلك لكن لما قام الاجماع عليه علي ما هو عليه لايضر و كذلك قام الاجماع علي الاخذ بخبر الثقة مع كل هذه العيوب لانه يمتنع غيره و لايجوز غيره في السياسة فخذ باخبار الثقات مع سهوهم و خطائهم و ليس من الدين ان‏يكون جميع الرواة معصومين و اوجبوا العمل بالعلم و العلم العادي ليس يحصل فمرادهم العلم الشرعي و هو حاصل ذلك من فضل الله علينا و علي الناس ولكن اكثر الناس لايشكرون فنحن نرفع هذه الغائلة ايضاً بالعلم الشرعي و نكل اصلاح ذلك الي الحجة الشاهد العالم القادر الحافظ المأمور بحفظ الدين الامر بالاخذ بها و علي الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين و اذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لايوقنون.

فصل

و ان قال اصولي مع جميع ذلك كله ما تصنع بغلط الكتب و النسخ و ذلك كثير مشهود فعلي فرض صحة جميع ما قلت كتب الوسائل مختلفة في بعض الكلمات و فيها الغلط و كم من نسخة مغلوطة لاينتفع بها من كثرة غلطه قلت هذا كائن و كان و يكون كمايوجد قرءان مغلوط لايمكن ان يقرأ و كم من قرءان فيه كلمات مغلوطة فالمتكفل لذلك ما كان مقدور طبيعة البشر و كانوا عليه في جميع الاعصار و وقع تقرير الحجج عليه و لم‏يغيروا و لم‏يأمروا بغيره و لو لم‏يرضوا به و امروا بغيره لكان بديهي الفرقة لتوفر الدواعي و اذ ليس فليس و بامرهم بالاخذ بالكتب مع انها كانت في جميع الاعصار كذلك فمقدورنا المقرر من ذلك المقابلة مع نسخ متعددة و التصحيح و مع الاشتباه الرجوع الي الاصل الذي اخذ منه كما من الله علينا بتصحيح فصل الخطاب و بلغنا فيه الجهد و المشقة و سهرنا ليلنا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۴ *»

و اتعبنا نهارنا و راجعنا النسخ و الاصول حتي نقحنا و صححنا الاحاديث و الحمدلله فخرج كتاب ليس صنف في الاسلام مثله و الحمدلله و نحن الي الان ايضاً مشغولون بمراجعته و تصحيحه و اخرجنا اشتباهات وقعت في كتب المحدثين و ماابري‏ء نفسي و لعل غيري وقف علي اشتباهات لي لكن لايكلف الله نفساً الا وسعها و قدكانت اربعة الاف اصل في اعصار الائمة و هي منتشرة بين الشيعة و كانوا هكذا يصححون تلك الاصول حتي يحصل الوثوق العادي بصحتها و يعملون بها و مدينة بني‏ادم لاتقوم بغير ذلك و لايسعهم ازيد من ذلك و قد وقع التقرير علي ذلك و امرونا برواية كتب اصحابنا و كتب بني‏فضال و كتب ابن ابي‏عذافر و امرونا بالكتابة و نشر الكتب و ايراثها البنين و الكتب هذه حالها لاتكون افضل من ذلك و لايتحمل بني ‏البشر ازيد من ذلك و لايكلف الله نفساً الا وسعها و لايكلف الله نفساً الا ما اتيها و هذا هو تكليفنا و منتهي كلفتنا في تصحيح الكتب و لما كان ذلك علي حسب مقتضي العادة و مما يمكننا حولوه علينا و وكلوه الينا و ايديهم علينا و تسديدهم من ورائنا فيجب علي المكلف ان‏يبادر و يصرف همته الشديدة في تصحيح كتاب في يده فان رزقه فليجعله شعاره و دثاره و ليحفظه كما يحفظ عينيه و يفارق روحه و لايفارقه فانه خير له من الدنيا و ما فيها و هو دينه و هو خليفة رسوله و هو خليفة امامه و هو حجة الله عليه و هو الثقل الاصغر عديل الثقل الاكبر و هذا هو المصداق الحقيقي للاحاديث الواردة في ان من حفظ علي امتي اربعين حديثاً حشره الله يوم القيمة فقيهاً عالماً لان هذا الكتاب هو علمه و هو فقهه و هو دينه و هو عقله و هو حاصل عمره و هو حاصل دنياه و سبب نجاته في الاخرة فبادر يااخي بادر الي تصحيح كتاب لك بنفسك و منتهي جهدك في ليلك و نهارك حتي تطمئن و لو كان فيه عشرة احاديث و لو كان فيه حديث واحد فقد قال ابوجعفر7 سارعوا في طلب العلم فوالذي نفسي بيده لحديث واحد في حلال و حرام تأخذه عن صادق خير من الدنيا و ما حملت من ذهب و فضة و ذلك ان الله يقول ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و في حديث اخر لحديث

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۵ *»

واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها و ان حصلت كتاباً صحيحاً علي ما وصفت لك فكأنك من الذين شاهدوا النبي9 و كانوا في مجلس الخطاب و شافهوا النبي و بلغهم تلك الاحكام من الله عزوجل ثم بقي لك ما كان في قصدنا ان‏نذكر في المقصد الثالث فاصغ لما اقول فانه المأمول.

المقصد الثالث

اعلم انك بعد ما حصلت لك رسولاً و اماماً و حجة من الله عليك و حبلاً متصلاً بينك و بين الله بتحصيل اخبار صحيحة و اخذت بحجزة الله و تمسكت بعروته الوثقي بقي عليك فهم تلك الاخبار فان الاصولي يقول هب هذا الخبر صحيح بمنزلة القرءان أليس هي الفاظ و فلاة الالفاظ مفازة يتيه فيها الخواطر و يحسر فيها الانظار و يكل فيها الابصار فان في كل كلمة يحتمل احتمالات شتي اكثرها ينبغي ان‏يثبت بالاصول الاجتهادية و جميعها ظنون كيف يمكن العمل فيها بالعلم فالجئت الي العمل بالظن في اخر الامر بلا شك فنقول في الجواب عن ذلك جواب اجمالي و جواب تفصيلي اما الجواب الاجمالي فهو انا كنا قبل بعثة النبي نتكلم في الدنيا و نتعامل و نعيش ثم جاء النبي9 و امر بابلاغ دينه الينا كما مر فقام فتكلم بلساننا فكما كنا نتفاهم في ما بيننا ما يكالم بعضنا بعضاً تكلم معنا و فهمنا كلامه علي المعروف بيننا فسم الذي كان بيننا بما شئت و نحن ما كنا نعلم اصولاً و ما كنا نجري في كل كلمة عشرة اصول بل كنا نفهم المراد علي حسب عرفنا فان شئت سمه وهماً او شكاً او ظناً او يقيناً كنا نتكلم و كنا نفهم و كنا نتعامل و كنا نتناكح و كلمنا رسول الله9 بلساننا ففهمنا كلامه علي عادتنا و كان هذا التكليم و التفهيم منه ابلاغاً امر به و قال الله سبحانه ما علي الرسول الا البلاغ و نقلنا كلامه الي اهلينا و اولادنا و عبيدنا و امائنا و اكرتنا و رواعينا لانه امرنا و قال فليبلغ الشاهد الغايب فكما بلغ هو الينا بلغنا الي من يلينا ففهموا علي عادتهم و علي حسب لسانهم و حملنا الي الغيب من القبائل و القري و البلاد ففهموا علي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۶ *»

متفاهمهم و النبي9 مطلع علي ذلك و عمل بما امر به من الابلاغ بذلك و استبرأ ذمته من الابلاغ كذلك و قرر الرعية علي ذلك و استحسنه منهم و لم‏يأمرهم بغير ذلك و لا لامهم و لاانكر عليهم بذلك فذلك التفاهم كلما كان مرضي لله و لرسوله ثم بعد رحلته9 كان يحدث بعضنا بعضاً و يروي بعضنا لبعض الاحاديث و يفهم من روينا له علي دأب العرف المعروف بيننا و ان لم‏يفهم لاغلاقه استفهم ابصر منه و هكذا مر بنا مئين من السنين و الائمة شهد يعلمون بروايتنا و فهمنا في الاعصار و الامصار فلم‏ينكروا علينا و قررونا علي تفاهمنا و كانوا يكالموننا و يحدثوننا بكلامنا المعروف و نفهم عنهم و هم ايضاً استبرأوا ذمتهم عن ابلاغ دين النبي الي امته بذلك و احتجوا علي الخلق بذلك و لم‏يدلوهم علي طريق اخر و لم‏يعرفوهم امراً اخر و لم‏يكلفوهم شيئاً اخر بل حثونا علي ذلك و امرونا بذلك و لامونا علي التقصير و التكاسل في ذلك و لم‏يك يمكننا غير ذلك نعم غاية الامر انه اذا كان مراد الرسول و مراد حججه: من لفظ غير ما نفهم فيما بيننا كان للزوم الابلاغ الينا عليهم عليهم الترديد و التكرير و نصب القرائن تكليفهم لان الابلاغ تكليفهم فكانوا ينصبون القراين حتي نفهم فما فهمنا هو مرضي لله سبحانه و هو المأمور به و هو التكليف و هو الذي اراد الرسول من رعيته فسمه ما شئت.

ثم ان الامة في زمان الغيبة امة النبي و مخاطبون له و هو رسول مبعوث اليهم و هو المأمور بالابلاغ اليهم و القول بان تكاليفه و خطاباته مخصوصة بالمشافهين و نحن بالاجماع مشاركون معهم قول بان محمداً9 لم‏يبعث الينا معاشر اهل الغيبة و من كان بعد وفاته و هو لم‏يبعث الينا و لاجاء بكتاب لنا و لاجاء بسنة لنا و لاامرنا و لانهانا بامر و نهي و انما قام الاجماع علي انه يجب ان‏نعمل بنحو تلك الاعمال و نحن امة الاجماع فلولا الاجماع لم‏نطع محمداً في امره و نهيه و انما ذلك كان الله بعث عيسي رسولاً الي بني‏اسرائيل فهو مبعوث اليهم و هم رعيته و كان علي ساير الناس العمل بشرع عيسي لا بانه بعث اليهم بل بحكم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۷ *»

خاص و دليل خاص افاد لهم ذلك و اوجب عليهم الاتباع لا بانهم رعيته و امته و هؤلاء القوم ايضاً قائلون بهذا القول فانهم يقولون ان جميع خطابه الي غيرنا و امره و نهيه الي غيرنا و كلامه مع غيرنا و نحن نعمل بتلك الاعمال لامر الاجماع فان كان الاجماع غير كشفي فهم يطيعون اهل الحل و العقد و هم امة لهم و ان كان كشفياً فهم امة ذلك الامام الذي كشف الاجماع عن قوله او رضاه و علي اي حال ليسوا بامة محمد9 كما لم‏يكن العرب قبل البعثة من امة عيسي و ان كان الواجب عليهم ان‏يعملوا بشرع عيسي بحكم خالد النبي7 و اما نحن فليعلموا علانية انا امة محمد9 و نحن مخاطبون بخطاباته و هو كان مأموراً بالابلاغ الينا و ليس يقصر و هو معصوم و قدبلغ و انذر و بشر و نهي و امر فما فهمنا علي متفاهم العرب فان رضيه فهو و الا كان عليه الابلاغ و التفهيم كيف شاء و اراد فما فهمنا و عملنا بهذا النحو الذي نفهم هو مرضي امام العصر و هو دين الله و لو لم‏يكن مرضيه كان عليه الابلاغ فليغير فانه المأمور بالهداية انما انت منذر و لكل قوم هاد و قدامرنا الحجة في زمان الغيبة بالرجوع الي الاثار و لو لم‏يكن ما نفهم مرضيه لم‏يكن للرجوع فائدة و ليس مقصوده قراءة الفاظ الاثار بالبداهة فما نفهم منها هو مرضي له و ان كان يريد غير ذلك فليغير و لينصب القراين.

بالجملة هذا التفاهم المعروف الذي نفهم الاخبار و الكتاب عليه هو قطعاً جزماً دين الله الذي رضيه لنا و رضيه رسوله و امرونا بالرجوع الي اثارهم و العمل بها علي متفاهم العرب و البعيد عن تلك الاعصار له قانون و غرايز و طبايع في فهم لسان السلف و نحن جرينا علي غريزتنا و طبعنا من الرجوع الي كتب اللغة و الادب و السير و غيرها و قدعملنا بتكليفنا فان كان الحجة7 يريد غيرها لم لايغير و لم لم‏يضع قانوناً اخر و لم لم‏يوصنا يوم غاب بشي‏ء اخر فليس تكليفنا الا هذا التفاهم المعروف فان شئت سمه وهماً او شكاً او ظناً او يقيناً فنحن نعمل بذلك التقرير اليقيني الذي لا شك فيه و لاريب يعتريه و نحن امة محمد9 و هو الرسول المبعوث الينا و امرنا و نهانا فامتثلنا حكمه و الحمد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۸ *»

لله رب العالمين فتدبر و انصف صدقت ام لم‏اصدق و هذه الحيوث في العقايد و الاعمال معتبرة أليس يقول القائل بالظن المطلق نحن نعمل بالاخبار لا من حيث انها اخبار بل من حيث حصول الظن فلو عمل بها من حيث انها اخبار يصير من اصحاب الظن الخاص و كذلك انت لو صليت اربعاً لاجل ان زيداً امرك باربع لا من حيث ان النبي امرك لست بتابع للنبي9 و هؤلاء اذا عملوا بهذه الاعمال لقيام الاجماع علي انهم مشاركون مع المشافهين فليسوا بامة محمد9 و لابمأمورين باوامره و لامنهيين عن نواهيه فلم‏يبعث اليهم و انما هم امة الاجماع باي معني اختاروه نعوذبالله من بوار العقل و قبح الزلل و به نستعين و كذلك حال الذي يقول نحن نعمل بالاخبار لا من حيث انها اخبار بل من حيث حصول الظن و هي كلمة مااعظمها من كلمة و كبرت كلمة تخرج من افواههم و من البديهيات ان الظنون حالات نفسانية للظان و الاخبار هي الصادرة من مصادرها عليهم الاف التحية و الثناء فهم يطيعون ظنونهم فهم امة ظنونهم لا امة مصدر الاخبار و رعيته و مااشبه هذا القول بمايروي من ان ابليس قال لعيسي قل لااله الا الله فقال كلمة حق لااقولها بقولك فان كان العامل بالظن عاملاً بقول صاحب الخبر فعيسي ممتثل امر ابليس اذا قال لااله الا الله لا بقوله و ان كان قوله به لا بقوله ليس طاعة له فليس هؤلاء يطيعون الاخبار و مصادر الاخبار.

و ان قلت انا اذا عملنا بالظن عملنا به لاجل انا ظننا انه حكم الله و حكم رسوله و حججه و عملنا به من غاية احتياطنا في الطاعة لهم فكيف نخرج بذلك عن طاعتهم قلت انكم تحصلون الظن بحكم المشافهين فانكم تقولون لم‌‏يتعلق بنا خطاب فاذا حصل لكم هذا تقولون حكم الاجماع باشتراكنا معهم فتعملون بتلك الظنون بحكم الاجماع و هذا الاجماع ان كان غير كشفي فانتم تطيعون اهل الحل و العقد و ان كان كشفياً فانتم تطيعون الامام ثم طاعة الامام لماذا ان كان لامر النبي فخطاباته للمشافهين لا لكم و ان قلتم نحن مشتركون لهم بالاجماع فيعود الكلام الي الاجماع و ان كان لغير امر النبي فنصبتم الامام بعد امر النبي و هو

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۱۹۹ *»

مذهب العامة.

و اما الجواب التفصيلي لذلك انا نري من انفسنا علي العلم العادي انا نفهم اشعار الجاهلية و خطبهم و كتبهم و الشاهد الصدق اتساق كل عبارة و فهم المطلب و اتساق ساير العبارات اذا وقع هذه الكلمات فيها و فسرناها بما فسرناها هنا و قرائن صدور الكلام و ذيوله و اوساطه و اتساقه و ارتباطه بحيث لانشك في المعني بشرائط ان لانفسد الذهن بشبهات اهل الاصول و كذلك نفهم الاحاديث بحيث يتسق الكلام و ينتظم و يرتبط الكلمات و يشهد بصحة المعني بعض الاحاديث لبعض و نري تلك الكلمات اينما وقعت يتسق و تنتظم بذلك المعني و لاسيما و في الاخبار سؤال و جواب مرتبط به و في مسألة واحدة ربما توجد مآت من الاحاديث و اقل و اكثر و مضوا علي هذا التفاهم الذين كان يقرب عهدهم و يحصل لنا العلم العادي بان معني هذا الكلام هذا و هو مراد الامام7 و لاامنع من اتفاق حديث فيه كلمة لانفهمها او حديث تام لانفهمه فان مثل ذلك يتفق في كلام كل احد حتي في كلام الانسان نفسه فانه ربما يكتب العالم كتاباً و يكتب فيه عبارة ثم بعد سنين اذا راجعها عميت عليه فلم‏يفهم مراده منها و يحتاج الي تفكر و تدبر و ذلك غيرعزيز فكذلك هب اتفق الف حديث متشابه المعني فنحن لانعمل بها و نرجع الي المحكمات او نتوقف و نحتاط و اما قول ان باب فهم الاخبار عن علم مسدود هو خلاف الوجدان الواضح البين بحيث انه اذا قال بغيره فانما هو من التشكيكات و جميع اهل اللسان يقرؤون الاخبار و يفهمون المعاني بصحيح الاعتبار بلا غبار و اهل هذه التشكيكات ايضاً يقولون هذه الكلمات في علم الاصول فاذا دخلوا الفقه و غفلوا عن الاصول يفهمون الاخبار و يجادلون في صحة ما يفهمون و يخطئ بعضهم بعضاً.

بالجملة لايحسن تغيير الفطرة التي فطر الله الناس عليها و تشويشها بهذه الشبهات و التشكيكات و عباد الرحمن الذين يمشون علي الارض هونا يعني علي الفطرة و علي الجبلة و اما نحن فكما تقولون ان سد باب العلم وجداني نري عياناً كالشمس في رابعة النهار ان باب فهم الفاظ الاخبار و استخراج المطلب

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۰ *»

من محكمات الاثار مفتوح لنا اجمالاً بحيث نقدر علي ان‏نحلف ان معني هذه العبارة هذا فان وجدتم من انفسكم انه سد عليكم فادعوا الله ان‏يصلح وجدانكم و الا فاعلموا انا صادقون و انتم ايضاً تجرون علي ذلك في فقهكم لو تشعرون فانه جبلي الانسان و لعمري يمكن بحسب علم المناظر و المرايا و علم التشريح و العلم الطبيعي ان‏يذكر الانسان شبهات لاجل ان ما رأيته احمر يمكن ان‏يكون اسود و ما رأيته اثنين يمكن ان‏يكون واحداً ولكن الفطرة السليمة تأباه ولكن هؤلاء مضوا علي الشبهات و خربوا الامر علي ما تري و الامر اوضح من نار علي علم

فهب اني اقول الصبح ليل   أيعمي الناظرون عن الضياء

فقداتينا بما قصدنا من اثبات صحة الاخبار جملاً و تفصيلاً و اثبات انفتاح باب العلم بمعانيها علي حسب العلم العادي والحمدلله علي سبيل الاجمال و ساير كتبنا مشحونة بتفاصيل ازيد من ذلك فان شئت فراجع و لاتحسبنها ككتب الاخباريين حيث استدلوا في اغلب مسائلهم بالظنون و هم يحسبون انهم يحسنون صنعاً بل من الله علينا بادلة قطعية لاصحاب الفطرة كما سمعت و كتبناه في كتابنا الحجة القاطعة مفصلاً فلنرجع الي شرح كلام المصنف.

قالاصل في لزوم الفحص قبل العمل بالظن حجية الظن المطلق مشروط بعدم التمكن من العلم في المسألة العارضة للاصل و عدم جريان المقدمة الثانية من الدليل السابق حينئذ فلو علم التمكن من العلم في تلك المسألة تفحص عنه و كذا مع الشك للاصل و عدم جريان المقدمة الثالثة من الدليل السابق حينئذ و لو علم بعدم التمكن منه و حصل له الظن بالمسألة ابتداءاً من غير فحص وجب عليه الفحص عن المعارض لاحتمال حصول الظن بعد الفحص علي الخلاف و الاصل لا معارض له حينئذ لعدم جريان المقدمة الثالثة بل و لا الرابعة حينئذ و لو لم‏يتمكن من الفحص حينئذ لم‏يعمل بهذا الظن ايضاً للاصل.

اقول: يريد ان‏يثبت انه لايجوز العمل بالظن الابتدائي من غير فحص في

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۱ *»

اسباب الظن لانا قررنا سابقاً ان الاصل الاولي حرمة العمل بالظن و انما انقلب الاصل لعدم التمكن من العلم.

و قوله < للاصل> اي الاصل الاولي و هو حرمة العمل بالظن و عدم جريان المقدمة الثانية و هي انسداد باب العلم فان قبل الفحص لايدري هل باب العلم بهذه المسألة منسد ام لا.

قوله <و لو علم> الي اخر يعني اذا علم اجمالاً انه لايمكن له تحصيل العلم بهذه المسألة لايجوز له العمل ايضاً بالظن الابتدائي لاجل انه ربما اذا فحص اطلع علي معارض و انقلب ظنه ولكن كان في بلادنا من المجتهدين من سهل علي نفسه الامر و كان يقول اني اظن جملاً ان صاحب الرياض مصيب في اجتهاده بارع في علمه مجتهد في فحصه فاعمل بالرياض و ظني انه اصاب و انا عامل بالظن المطلق فانا اعمل به اجتهاداً و لعله كان يجيب عن قول المصنف ربما اذا فحص بان الاصل عدم معارض اقوي من ظني.

قوله <و الاصل لا معارض له> اي اصل الحرمة لا معارض له حينئذ فان معارضه بعد صورة الفحص فيبقي غيره تحت الاصل و لايجري عليه المقدمة الثالثة اي الخروج عن الدين لو لم‏يعمل بالظن و الرابعة اي الترجيح من غير مرجح لانهما يجريان اذا عمل بهما مطلقا و اما بعد الفحص فلايجريان.

قوله <و لو لم‏يتمكن> الي اخر يعني ان ما قدمنا كان في المتمكن فلو لم‏يتمكن المجتهد من الفحص فيقلد غيره للاصل اي لاستصحاب الحالة السابقة و انت اذا عرفت ما قدمنا عرفت ان كل ذلك نفخ في غير ضرام و نقول له

لقداضرمت لو اشعلت ناراً   ولكن لا حرارة في الرماد

قالاصل الميزان في مقدار الفحص الواجب استفراغ الوسع فيه الا ان يلزم العسر و الحرج فلايجب الزايد و ان جاز او يلزم تعطيل الاحكام فيحرم الزايد و يكفي حصول الظن بلزوم التعطيل اذ القطع به غالباً لايحصل الا بعد حصوله.

اقول: هذا اصل ابطل المصنف تفقه نفسه و تفقه كثير من اصحابه فاني اراهم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۲ *»

يقعدون في كسر بيوتهم بين كتيباتهم و يكتبون من اول الفقه الي اخره و يفتون و حكم المصنف انه يجب الفحص ما لم‏يلزم العسر و الحرج و اي عسر و حرج علي هذا الفقيه ان‏يؤخر الفتوي و يكتب الي علماء البلاد هل رأيتم لهذه المسألة خلافاً ام لا او حديثاً معارضاً ام لا او هل يخطر ببالكم دليلاً علي خلاف هذا ام لا فانه من الفحص اذ لا فرق بين مراجعة كتابهم او السؤال منهم و لايفتي في المسائل التي لايمس الحاجة اليها غالباً و يفحص دائماً الي وقت يمس الحاجة اليه و كما قال المصنف يفحص لعله يظهر علي خلاف اقول ليؤخر الي وقت الحاجة لعله يظهر علي خلاف بل و في المسائل التي مس الحاجة اليه فانكم تقولون بحرمة التقليد بعد الاجتهاد و الاجتهاد هو استفراغ الوسع فلابد و ان‏يفحص ما امكنه و قبل تمام الفحص و الاجتهاد ليس بمجتهد في هذه المسألة فعليه التقليد فليقلد الي ان‏يفحص عن المخالف حتي ييأس او يلزم عسر و لزوم الفحص لاجل حرمة العمل بالظن قطعاً فيجب الفحص الي ان‏يحصل له العلم بعدم امكان العلم و هو مضطر الي اكل الميتة ميتة الظن فيأكله و قبل العلم بالاضطرار لايحل الميتة المعلومة الحرمة و انا اراهم يقولون ان العمل بالظن من باب اكل الميتة و لا شك ان اكل الميتة عند الاضطرار الي الاكل و اراهم يكتبون كل الفقه بالظن و لا اضطرار الي كثير من مسائله لعدم مس الحاجة اليها في هذه الازمان.

و ان قلت ان الادلة مرسومة في الكتب و اذا راجعناها فكأنما راجعنا الرجال قلت ليس كذلك لا كل ما في الصدور مرسوم في السطور و الافهام تتزايد و الاحلام تترقي اين كان كل هذه التحقيقات الشريفة في الاصول قبلكم بثلثين سنة و كذلك نري ان كل فقيه يلتفت الي اشارة او لحن اليوم و لم‏يكن ملتفتاً اليه امس فهؤلاء المجتهدون يعملون بالظن قبل الفحص و لو اجاز المصنف ذلك و استدل بالاجماع و سيرة الاصحاب و عمل المجتهدين لو كان فيه حجة لكان اقرب بالجملة ماساقهم الي الفتوي في كل الفقه عسر و لاحرج قطعاً.

قوله <او يلزم تعطيل الاحكام> و كذلك اقول هنا و اي تعطيل في الاحكام و في الدنيا الف مجتهد و يمكنني التقليد فتأخير التفقه في الكل او في المسائل التي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۳ *»

لايحتاج اليها في هذه الاعصار كليةً او غالباً و تقليد فقيه اخر ليس يلزم منه تعطيل الاحكام ابداً.

و قال المصنف ان ما دون العسر و الحرج واجب و الزايد جايز لانه تعب يتعب هو نفسه باختياره و اما ان استلزم تعطيل الاحكام فيحرم الزايد علي حد الواجب و الظن بتعطيل الاحكام كاف فان العلم لايحصل غالباً الا بعد وقوع التعطيل و قدذكرنا ان بعد وجود الف نفس متكفلين لامر الاجتهاد و التفقه ليس الفحص ما امكن بعسر و لاحرج و لايلزم منه تعطيل الاحكام فلايجوز تفقههم فلااعتبار بفتاويهم الواقعة قبل الفحص فلا عبرة بشهرتهم و اجماعهم و كفي في بطلان اصل المسألة ان حد هذا الفحص لايوقف عليه ابداً مع انه يختلف في كل مسألة و العسر و الحرج لايعرفان الا بعد الابتلاء و امكان الفحص يختلف بحسب كثرة الكتب و قلته و قلة ذات اليد و كثرته و اعتناء الناس و قلته فليس لهذا الحكم منهم حد يوقف عليه و كفي ذلك في ابطال اصل المسألة.

قالاصل الاقوي لايجب علي المجتهد تحصيل الظن الاقوي فالاقوي بازدياد الفحص و الدليل حذراً من لزوم العسر او تعطيل الاحكام او هما معاً اقول مضافاً الي انا ان اوجبنا اعلي درجات الظن فغيرممكن غالباً او درجة من الدرجات المتوسطة فلا دليل عليه فهو تعيين بلامعين او تحصيل الاقوي فالاقوي ما امكن بحيث لايلزم معه تعطيل و لاعسر فتحديده غيرممكن للفقيه فتعين الاكتفاء بمطلق الظن بعد فحص مظان الادلة و معارضاتها.

اقول: نفي المصنف وجوب تحصيل الظن الاقوي حذراً من لزوم العسر و الحرج و قدعرفت انه علي ما بينا لاعسر و لاحرج و تعطيل الاحكام و عرفت انه لايتعطل الاحكام و استدل في الضوابط بعموم ادلة حجية الظن و مع ذلك انكر الظن الضعيف فيه.

قوله <اقول مضافاً> الي اخر يعلم منه ان السوابق من تحقيقات الغير و انما اضاف المصنف ما بعد اقول فزاد المصنف ان اعلي درجات الظن غيرممكن غالباً للزوم العسر و الحرج و ساير الدرجات لاتعين لها فهو تعيين بلا معين و خصوصية

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۴ *»

او نقول تحصيل الاقوي يختلف بحسب الاشخاص و الاوقات و الامكنة و المسائل و حاجة المصنف نفسه و حاجة المقلدين فلايمكن تحديده للفقيه فتعين الاكتفاء بمطلق الظن اقول و لما ثبت حرمته من الكتاب و السنة و الاجماع تعين حرمته فتعين العمل بالعلم و اذا رأيناه مسدوداً علينا مع ان الله اوجبه و لايكلف الله نفساً الا ما اتاها فقدضللنا عن الطريق و الطريق غير ما سلكناه فيجب علينا ان‏نطلبه.

قالاصل اذا تعارض ظنان احدهما اقوي اعتباراً من الاخر كالصحيح مع الشهرة و كان الظن الشخصي في جانب الاقوي اعتباراً عمل به لرجحانه اعتباراً و وصفاً او في جانب الاضعف اعتباراً عمل به علي الاصح لوجود العلم الاجمالي بين الظنون الشخصية بمطابقة جملة منها للواقع فتترجح مع امكان منع كون الصحيح في مثل الصورة المفروضة مظنون الاعتبار اذ لايورث عمل الاكثر الظن بالاعتبار حينئذ و لو حصل ظن فهو ابتدائي يرتفع بملاحظة ان الظن الشخصي بالحكم الفرعي الواقعي انما هو مع الشهرة بالفرض و ان الغايب يشارك المشافه و ان العمل بالادلة لاصابة الواقع و ان فقد الظن الشخصي من الجانبين طرحنا الثالث باتفاق الدليلين و رجحنا العمل بالصحيح لسلامة قوة اعتباره عن المعارض مع ان ما يحصل من الحكم بالتخيير حاصل من تقدم الصحيح ايضاً.

اقول: اعلم ان جميع هذا الاصل لا اصل له عندنا و لا فائدة له فانه في تعارض الظنون و اصل العمل بالظن حرام عندنا ولكن لما تصدينا بشرح كتابه لابد من شرح كلامه.

قوله <اذا تعارض ظنان> الي اخر اعلم اولاً ان مرادهم من الظن النوعي هو ما يقال ان ذهاب اكثر الاصحاب او جلهم الي قول يفيد لنا ظناً او الاخبار الصحيحة يستفاد منها ظن علي النحو الكلي و اما الظن الشخصي فالمراد منه الظن الحاصل من خبر معين او شهرة في مسألة خاصة فيقول اذا تعارض ظنان احدهما اقوي اعتباراً من الاخر كالظن الحاصل من الخبر الصحيح و الظن الحاصل من الشهرة علي خلافه و كان احدهما بسبب الادلة الخارجية اقوي اعتباراً و المراد باقوي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۵ *»

اعتباراً الخبر الصحيح لما مر من انه مظنون الاعتبار فان كان الظن الشخصي في جانب الاقوي اعتباراً عمل به لرجحانه من حيث الاعتبار و من حيث الوصف اي الظن الشخصي الخاص و ان كان الظن الشخصي في جانب الاضعف اعتباراً و هو الشهرة لانه نوعاً مشكوك الاعتبار عمل به علي الاصح عند المصنف لانا نعلم علماً اجمالياً ان كثيراً من الظنون الشخصية مطابق للواقع مع انه يمكن ان‏نقول في الصورة المفروضة ان الصحيح ليس اقوي اعتباراً لانه كان اقوي اعتباراً بسبب عمل الاكثر و هاهنا اذا ذهب المشهور علي خلافه لايكون اقوي اعتباراً و لو حصل ظن من الصحيح هو ظن ابتدائي لا من اجل عمل الاكثر به و هذا الظن يرتفع اذا صار الظن الشخصي مع الشهرة و بملاحظة ان الخطاب الذي في الصحيح مخصوص بالمشافهين و نحن نشاركهم بالاجماع و في الصورة المفروضة صار الشهرة في عدم المشاركة في هذا الحكم الخاص و بملاحظة ان العمل بالادلة لاصابة الواقع لا لانفسها و ظن اصابة الواقع حينئذ مع الشهرة.

و لقائل ان‏يقول انا كما نعلم علماً اجمالياً ان كثيراً من الظنون الشخصية مطابق للواقع نعلم ايضاً ان كثيراً منها مخالف للواقع لاسيما بعد شهادة الله ان الظن لايغني من الحق شيئا و ان بعض الظن اثم و شهادة النبي9 الظن اكذب الكذب فتعارض العلمان فتساقطا و بقي الظن بالخبر سليماً عن المعارض فالعمل عليه مع ما امرنا بالرجوع الي الكتاب و السنة.

قوله <و ان فقد> الي اخر يعني ان لم‏يحصل ظن شخصي من الصحيح و لا من الشهرة طرحنا الثالث اي الاصل لانهما مناديان معاً علي خلافه و يعدل عن الاصل بالدليل و هما دليلان ثم بعد ذلك رجحنا العمل بالصحيح لسلامته عن المعارض المعتبر مع انا لو اخذنا بالصحيح لاخذنا باحد شقي التخيير و جميع ذلك خيالات لاتسمن و لاتغني من جوع الخبر الصحيح مأمور بالتمسك بعروته الوثقي و المشهور بلا دليل منهي عن الاخذ بمنفصم حبله و لايعارضان ابداً.

قالو اذا تعارض ظن لايعتبر قطعاً كالقياس مع الظن المعتبر كالصحيح و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۶ *»

الحسن و الشهرة و كان الظن الشخصي في جانب القياس مثلاً عملنا بالظن المعتبر للاجماع و ما تراه من نفيهم العمل بالخبر تعبداً رداً علي الحشوية فانما هو التعبد طبعاً لا التعبد لاجل المانع و لو سلمنا عدم الاجماع لقلنا ان حرمة العمل بالظن القياسي مطلقا اجماعية و الثالث منفي بتعاضد الظنين فتعين العمل بالظن المعتبر اقول و في كون الظن الذي لايعتبر للاصل في حكم الظن الذي يقطع بعدم اعتباره كالقياس وجهان.

اقول: العبارات لا غبرة فيها و لا شك ان العمل بالقياس محرم في دين الشيعة و لايجري علي اصول التشيع الا اني اري يسمون اكثر انواعه باسم اخر و يعملون به كالقياس الاولوية و القياس الاستقرائي و تنقيح المناط و مستنبط العلة بل القياس المحض و من كان فقيهاً لم‏يحتج الي ذكر تلك المسائل من الفقهاء و عرف صدق ما اقول.

قوله <اقول و في كون الظن> الي اخر يعني هل الظن الذي لايعتبر كالموهوم الاعتبار كالمقطوع عدم اعتباره كالقياس اذا تعارض الظن المعتبر ام لا وجهان فانه يشبه في عدم الاعتبار القياس مثلاً فيلحق به و من حيث انه لا اجماع في عدم اعتباره و الظن الشخصي معه يحتمل الحاقه بالمعتبر لقوة الظن الشخصي بالجملة ان جميع ذلك الا كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماءاً حتي اذا جاءه لم‏يجده شيئا.

قالو اذا تعارض الظن المطلق كالخبر الواحد او الشهرة مع الظن الخاص كالكتاب و الخبر المقطوع السند فان كان الظن الشخصي في جانب الظن الخاص قدم بلاريب و الوجه واضح او لا في شي‏ء من الجانبين فكذلك و الثالث منفي باتفاق الدليلين او في جانب الظن المطلق قدم اذ لو لم‏يكن كذلك لزم عدم العمل بالظن المطلق غالباً لمعارضته مع العمومات الكتابية غالباً فيلزم من طرحه الخروج عن الدين فتأمل اقول و اذا كان الظنان المتعارضان من صنف واحد فحكمه موكول الي باب التعارض و التراجيح و المحصل ان الظن الحاصل اما خاص او مطلق ثم اما لا معارض له او له معارض معتبر من صنفه او من غير صنفه مساوياً معه او اقوي و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۷ *»

لو من جهة او اضعف او غيرمعتبر قطعاً ام اصلاً ثم الظن الشخصي اما مفقود من الجانبين او في احد الطرفين و احكامها تظهر بتأمل‌ما.

اقول: يعني اذا تعارض الظن المطلق اي المظنون الاعتبار و المشكوك الاعتبار و الموهوم الاعتبار مع الظن الخاص الحاصل من الكتاب او الخبر المتواتر او المقطوع الصدور فان كان الظن الشخصي مع الكتاب فالرجحان للكتاب و في القسم الاخير الثالث اي الاصل مطروح لاجل اتفاق الدليلين اي الظنين علي نفيه و ان كان الظن الشخصي مع الظن المطلق فقدم المصنف الظن المطلق لانه لو لم‏يعمل به يلزم عدم اعتبار الظن المطلق و هو كأنه كفر عند المصنف و خروج عن الدين ثم لما لم‏يذكر المصنف احكام تراجيح ما زاد من عنده و لم‏يكن في شرحها فائدة تركناها مع ان العبارة ظاهرة و جميع ما حققه في هذا الفصل عندنا خارج عن طريق الصواب و عملنا علي السنة و الكتاب و يتبين المحق من المبطل يوم الحساب.

قالاصل الاصح عدم حجية الظن في المسائل الاصولية العملية لسلامة الاصل الاصيل فيها عن الدليل الوارد اذ باب العلم بالمعني الاعم منفتح في اغلب مسائلها و السد في نادرها لايوجب حجية الظن فيها اذ لايلزم من الرجوع الي الاحتياط او البراءة فيها عسر و لاخروج عن الدين لفقد العلم الاجمالي و لو قيل عد بعض الاحكام الالهية اصولية و بعضها فرعية مجرد اصطلاح فنقول باب العلم في معظم الاحكام الالهية منسد فيجري البرهان المتقدم في مجموع الاحكام من حيث المجموع بجميع مقدماته و توهم ان المرجح موجود للقطع بالمخالفة لو اقتصرنا علي المعلومات في الفروع و ليس كذلك في الاصول مدفوع بان مجرد التسمية غيرمجد فلنا ضم بعض الاحكام الفرعية الي الاصولية و ترك بعض اخر منها حتي يحصل العلم بالمخالفة في هذا الشطر دون باقي الفرعيات قلنا هذا مدفوع بالاجماع المركب و بعد رعايته يدور الامر بين حجية الظن في الفروع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۸ *»

و الاصول و حجيته في الفروع خاصة و لما كان الاخير قدراً متيقناً اقتصرنا في مخالفة الاصل عليه فتأمل.

اقول: اراد المصنف ان يحقق في هذا الاصل ان الظن المطلق في المسائل الاصولية المعروفة التي شحن بها هذا الكتاب كاف ام لابد فيه من العلم بالمعني الاعم من الظن الخاص فقال الاصح عدم حجية الظن فيها و نفس الاصح الذي قاله المصنف من كلمات اهل الظن فان مفهومه ان المخالف ايضاً صحيح الا ان هذا اصح فالنفس تميل اليه اكثر فظنها مع الاصح فعمل فيها بالظن جملاً.

قوله <لسلامة الاصل الاصيل> يعني اصل حرمة العمل بالظن و انما عدلنا عنه في المسائل الفرعية لسد باب العلم في اغلبها و باب العلم بالمعني الاعم هنا منفتح فلا وجه للعدول عن الاصل و ان اتفق مسألة نادرة انسد فيها باب العلم و لو بالمعني الاعم لاتصير سبب حجية الظن فانه يمكن فيها مصادفة الواقع بالاحتياط و لندرتها لايوجب عسراً و العلم بالمعني الاعم ليس بمعني لغوي و لا شرعي و انما هو اصطلاح اهل الاصول لا كل المتشرعة.

قوله <لفقد العلم الاجمالي> يعني اذا حكمنا في المسائل الفرعية ان العمل باصل البراءة هو خروج من الدين للعلم الاجمالي بانا مكلفون بمسائل كثيرة فهيهنا في المسألة النادرة ليس لنا علم اجمالي بانا مكلفون بشي‏ء فلو عملنا فيها باصل البراءة ايضاً لايوجب خروجاً من الدين.

قوله <و لو قيل> الي اخر يعني لو قال قائل ان الفرق بين المسائل الاصولية و الفرعية محض اصطلاح و هي كلها احكام الله لا فرق بينها و انما الفرق بينها كالفرق بين العبادات و المعاملات مثلاً و ما تقدم من الدليل ان باب العلم في معظم الاحكام مسدود فالعمل بالظن واجب يشمل الاصول ايضاً.

قوله <و توهم> الي اخر هذا تمام كلام المعترض يعني اذا قال المعترض ان هذا التوهم ليس بشي‏ء و هو انه اذا توهم متوهم ان بين الاصول و الفروع و بين فرع و فرع فارق و هو انا اذا اقتصرنا علي المعلومات في الفروع لخرجنا من الدين و لا كذلك هنا ندفعه بان محض التسمية بالاصول غيرمجد و علي ما تقولون فلنا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۰۹ *»

ان‏نلحق بعض الفروع ايضاً بالاصول كاحكام الطهارة مثلاً فان كليهما احكام الله و بالحاق البعض و العمل بالمعلوم يحصل العلم بالمخالفة ففي الكل العمل بالظن متعين و في باقي الفروع لايحصل العلم بالمخالفة من الاقتصار فيجب العمل فيه بالعلم فاجاب المصنف عن هذا البحث بان هذا مدفوع بالاجماع المركب فان كل من قال بحجية الظن قال بها مطلقا او في الاحكام الفرعية و كل من لم‏يقل به لم‏يقل به مطلقا فالقول بحجيته في الاصول دون الفروع خرق للاجماع المركب.

قوله <و بعد رعايته> الي اخر يعني هنا احتمالات و هي ان‏يكون الظن حجة في الفرعية دون الاصولية او العكس او في بعض الاول دون الثاني او العكس او في الكل كذلك و جميع الاقسام مخالف للاجماع المركب الا هذين القسمين و هو ان‏يكون حجة فيهما معاً او في الفروع دون الاصول و الاخير هو القدر المتيقن في مخالفة الاصل فاقتصرنا عليه و لعمري قدابتليت بهذا الشرح كما ابتليت في علم المناظر و المرايا باصحابه حيث انهم قائلون بخروج الشعاع و جميع مسائلهم متفرعة عليه جارية عليه و نحن قدابطلنا خروج الشعاع فبطل جميع ما نسجوه علي ذلك المنوال و هكذا هنا جميع مسائلهم و كتبهم منوط بالادلة العقلية و الظنون غيرالمعتبرة عند ال‏محمد: و لايمكن تكرار الرد عند كلمة كلمة.

قوله <فتأمل> لعل وجهه ان الادلة العقلية من ترجيح المرجوح و الترجيح من غيرمرجح جارية هنا ايضاً.

قالو لو قيل ان الظن بالمسألة الاصولية مستلزم للظن بالحكم الفرعي و الظن في الحكم الفرعي حجة قلنا ان الظن بالمسألة الاصولية انما يستلزم الظن بالحكم الفرعي الظاهري لا الواقعي و النسبة بينهما عموم من وجه و الذي ثبت من البرهان السابق حجية الظن المسبب عن الظن بالحكم الفرعي الواقعي لانه القدر المتيقن لا الظاهري فتأمل و لو قيل اذا كان الظن حجة في ذي المقدمة و هو الفروع ففي المقدمة و هي الاصول العملية بطريق اولي قلنا ان الاولوية ظنية لاتثبت حجية الظن مع امكان منع الاولوية لان الاصول مبان و اس للفروع فينبغي

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۰ *»

الاهتمام فيها ازيد و لو قيل نتمسك بقاعدة الاشتغال قلنا هو فرع وجود العلم الاجمالي.

اقول: هذا بحث و دفع اخر و هو انه اذا قال قائل انا اذا عملنا في المسائل الاصولية بالظن غاية الامر انه يستلزم الظن بالحكم الفرعي و هو فيه حجة فاي ضرر فيه فاجاب المصنف بخيال ليس له عليه برهان و هو ان الظن بالمسألة الاصولية انما يستلزم الظن بالحكم الفرعي الظاهري اي مؤدي الدليل و لايستلزم الظن بالحكم الواقعي و النسبة بينهما عموم من وجه يجتمعان في الخبر الصحيح الذي يظن منه الحكم الواقعي و هو مظنون الاعتبار في الاصول و يستقل الظن في الفرع اذا حصل من الشهرة مثلاً فانها موهوم الاعتبار في الاصول و يستقل الظن في الاصول كظن حجية الاستصحاب من الاخبار و به تحكم ببقاء الوضوء مع الشك في حصول الناقض فليسا بمتلازمين و الذي ثبت بالبرهان فيما سبق حجية الظن في الفروع اذا كان سببه الظن بالحكم الواقعي و لقائل ان‏يقول هب لم‏نعمل لهذا الدليل بالظن المطلق في الاصول و عملنا بهذه الادلة المذكورة في الكتب فعلي فرض حصول العلم منها فهل اذا جرينا بهذا الاصول في الفقه يحصل الظن بالحكم الواقعي ام لا فان قلتم لا فالعمل بهذا الظن في الفروع ممنوع و ان قلتم نعم فعليكم باظهار الفارق و الباعث ان العلم بالاصول بالمعني الاعم يورث الظن بالواقع دون الظن بالاصول هذا و جميع ادلتكم ظنية و لهذا كثر الجدال و طال القيل و القال و الاختلاف في مسألة واحدة الي عشرين قولاً اٰل و تتحولون في الاراء في حال بعد حال و عند الانصاف تسكتون متي عجزتم عن الرد و تتخذونه مذهباً سواءاً حصل في قلبكم شي‏ء ام لا و الظن امر طبيعي قهري و الادلة المجوزة للظن و الموجبة العمل به مطلقة بالجملة لايعجبني ان اخاصم عن مذهب لاارتضيه و الا كان الغلبة للاخرين.

قوله <و لو قيل نتمسك بقاعدة الاشتغال> الي اخر يعني ان قال قائل ان الاشتغال ثابت بدليل بقاء التكليف و اشتراكنا مع المكلفين و لايحصل اليقين بالبراءة الا اذا عملنا بكل مظنون و هذا ايضاً مظنون تخيل المصنف جوابه ان الاشتغال فرع العلم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۱ *»

الاجمالي بان اغلب هذه الظنون مصيب للحكم الواقعي و هو هنا مفقود و لو كان مصيباً لاجرينا عليه قبح ترجيح المرجوح و هو بعينه كجواب سب بسب سواءاً طابق الواقع ام لم‏يطابق و اما نحن فنقول لايجوز ابداً في الفروع العمل بالظن و في الاصول بطريق اولي لانها اس الفروع و لايجوز لاحد ان‏يستدل فيها بالادلة العقلية فانه لاحجية فيها و ليست العقول بانبياء و ليس كل احد امة عقله و الا لمابعث اليهم الرسل و لمانزل عليهم الكتاب و قدنهي الله عنه في كتابه و الرسول في سنته بما لامزيد عليه و لايجوز للشيعي ان‏يتفوه في شي‏ء من الفروع و الاصول بغير الكتاب و السنة قيل لابي‏جعفر7 ترد علينا اشياء لانجدها في الكتاب و السنة فنقول فيها برأينا فقال اما انك ان اصبت لم‏توجر و ان اخطأت كذبت علي الله و قال ابوعبدالله7 انه لايسعكم فيما ينزل بكم مما لاتعلمون الا الكف عنه و التثبت و الرد الي ائمة الهدي حتي يحملوكم فيه علي القصد و يجلو عنكم فيه العمي قال الله تعالي فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و قيل له7 ان من عندنا من يتفقه يقولون يرد علينا ما لانعرفه في الكتاب و السنة نقول برأينا فقال ابوعبدالله7 كذبوا ليس شي‏ء الا و قدجاء في الكتاب و جاء في السنة انتهي يعني اذا لم‏يجدوا لايقتضي عدم وجدانهم العمل برأيهم بل يقتضي رجوعهم الي من يعلمها و قيل له7 ان قوماً من اصحابنا قدتفقهوا و اصابوا علماً و رووا احاديث فيرد عليهم الشي‏ء فيقولون برأيهم فقال لا و هل هلك من مضي الا بهذا و اشباهه و قال علي7 في حديث ما كلفك الشيطان علمه مما ليس في الكتاب عليك فرضه و لا في سنة النبي9 و ائمة الهدي اثره فكل علمه الي الله سبحانه فانه منتهي حق الله عليك و قال ابوعبدالله7 اما انه شر عليكم ان‏تقولوا بشي‏ء ما لم‏تسمعوه منا.

فهذه المسائل الاصولية ان كانت في محكم كتاب الله و سنة نبيه9 فليس لاحد التخلف عنهما و ان كان لايجدها فيهما فالسكوت و الرد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۲ *»

الي ال محمد: فان التعدي من ذلك عمل بما يلعنه فيه ملئكة الرحمة و ملئكة العذاب هذه طريقتي فمن شاء فليسلكها و من شاء فليحد عنها و اما ما اختاره المصنف من العمل بالعلم فقدعرفت انه في مقابل الظن المطلق فلايأبي فيها من الظنون الخاصة و هذه الادلة العقلية باصطلاحهم التي جميعها ظنية متشابهة اختلافية غيرمنتهية الي البديهيات و الاصول التي يجريها في كل باب.

قالاصل الظن في الموضوع الصرف ان كان موافقاً للاصل كالظن بعدم دخول الوقت او مرجحاً لاحد طرفي المحذورين فيما دار الامر بينهما او مخالفاً للاصل ولكن لايتمكن المكلف من العمل بالاصل و لا من تحصيل العلم و لو امتناعاً عرضياً مسبباً من لزوم الاختلال في الزام مجموع المكلفين و ان لم‏يلزم في كل واحد واحد كالظن باجتهاد شخص لمن وجب عليه التقليد مثلاً فلا كلام و الا فلا عمل علي الظن المخالف للاصل في الموضوع الصرف لاصالة حرمة العمل بما وراء العلم و للاصل الذي هو في خصوص المسألة اذ الفرض ان الظن علي خلاف الاصل كالظن بنجاسة غسالة الحمام.

اقول: المراد بالموضوعات الصرف الاشياء الخارجية التي هي متعلق الاحكام فقال ان كان الظن موافقاً للاصل كالظن بعدم دخول الوقت و الظن ببقاء النجاسة و بقاء الطهارة فهذا لا كلام فيه لانه علي اي حال يعمل بموافق الاصل.

قوله <او مرجحاً> الي اخر كأن‏يكون مرأتان احديهما زوجته و قد نذر وطأها والاخري محرمة ابدية و اشتبهتا فلايسعه تركهما و لا وطؤهما و لا اختيار الموهوم و لا التخيير و لايمكنه تحصيل العلم فان لم‌يعمل بظنه وقع في احد المحذورين فعند المصنف العمل بالظن متعين و هو مفروغ عنه و لاحجة له ابداً الا من هذه الخيالات و هو حكم بالرأي و الذي اري ان المرد في ذلك الي القرعة لقول ابي‌الحسن7 كل مجهول ففيه القرعة قيل ان القرعة تخطي و تصيب قال كل ما حكم الله به فليس بمخطي‏.

قوله <او مخالفاً للاصل> الي اخر و ذلك كالظن بجهة القبلة بعد اشتباهها و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۳ *»

الظن بالاناء النجس في الانائين المشتبهين و الظن بنجاسة الثوب و طين الطريق و غسالة الحمام فهذا القسم اما يمتنع العلم به لكل احد امتناعاً اصلياً او يمتنع بسبب الاعراض الخارجية كاختلال النظام لو كلف الناس بتحصيل العلم به كالعلم باجتهاد المجتهد لغيره مثلاً او يمكن العلم فان امكن فلا كلام فيه و وجب العلم و الا فالظن متعين عند المصنف و ماادري ما وجه هذا الحكم علي الاطلاق و ما الدليل عليه و كيف يجسر الانسان علي القول علي الله بهذه الخيالات و الاصل يقيني و روي لاتنقض اليقين الا بيقين مثله و ان الظن لايغني من الحق شيئا و اني اري الامام7 ربما اعتبر الظن مع مخالفة الاصل و ربما لم‏يعتبره ففي القبلة جوزوا لنا العمل بالظن و في الانائين امرونا باهراقهما مطلقا فلو كان له مناص بالظن لماامر بالتيمم مطلقا و امرونا بعدم الاعتناء بظن نجاسة الثوب و امرونا في طين المطر بطهارته ثلثة ايام و ان ظن النجاسة و بالاجتناب عنه بعد الثلثة و ان لم‌يظن و في غسالة الحمام حكموا بالطهارة و نهوا عن الاغتسال فيه خوفاً من الجذام و نهونا عن العمل بالظن في الاهلة نعم اذا امر الشارع بامر متعلق بموضوع و تحصيل العلم بذلك الموضوع ممتنع عادة او يحصل بعسر و حرج كامر القبلة مثلاً يمكن الاكتفاء بالظن فيه لانه يعلم انه المأموربه لقوله تعالي لايكلف الله نفساً الا ما اتيها و الا وسعها و يريد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر و ماجعل عليكم في الدين من حرج و امثالها من الادلة بالجملة الواجب الوقوف موقف النصوص و ليس بكلي كما زعمه المصنف و افتي بهذه الاوهام المنهية و هلا جاء له لو كان حقاً بكتاب او سنة و قال هذا لا كلام فيه و اما فيما سوي ذلك فلايجوز العمل بالظن لاصالة حرمة العمل بما وراء العلم و للاصل اليقيني الذي في خصوص المسألة و لايجوز نقض اليقين الا باليقين.

قالو لو قيل يلزم من ترك الظنون في الموضوعات الصرفة المخالفة القطعية الاجمالية كما كانت تلزم في الفروع فدليل الحجية مشترك بينهما قلنا المخالفة القطعية الاجمالية انما تضر في الفروع لا الموضوعات للاصل و الفرق انا قدعلمنا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۴ *»

بتكليف المشافهين بالاحكام الواقعية الفرعية و باشتراكنا معهم في التكليف فوجب الاحتراز عن المخالفة القطعية بخلاف الموضوعات اذ كما ان باب العلم منسد لنا في بعض الموضوعات الصرفة فكذا كان منسداً للمشافهين و التكليف للمشافه في مظنونات الموضوعات الصرفة الغير المحصورة ليس ثابتاً حتي يثبت لنا بادلة الاشتراك و لو قيل ان الظن بالموضوع مستلزم للظن بالاحكام الشرعية و الظن في الاحكام حجة قلنا القدر المتيقن من البرهان المتقدم حجية الظن في الاحكام الكلية الالهية لا الاحكام الجزئية الشخصية التابعة للموضوعات الخاصة نعم الظنون الرجالية الموجبة للظن بصدور الحديث عن الامامحجة و ان كانت من الظن في الموضوع الصرف و ذلك لاستلزام هذا الظن الظن بالحكم الفرعي الواقعي و لانه لولا ذلك لزم عدم حجية اخبار الاحاد لان معظم الاحاد احوال رجالها مظنونة فينسد الباب و لزم ما لزم من هدم الشريعة مع ان مثل هذه‌ الظنون اقوي من ظن الشهرة و نحوها لكن في الاكتفاء بالظن الحاصل من تصحيح العلماء السند و تضعيفهم وجهان مقتضي الاصل عدمه الا ان‏يلزم من الفحص عسر فلايجب او تعطيل فيحرم.

اقول: اراد ذكر بحث و رده فقال لو قيل في الموضوعات الصرف و الصرفة غلط المظنونة ما هو مطابق للواقع فلو لم‏يجر الحكم بسبب ظنه يلزم المخالفة القطعية كماقلتم في الفروع فكل ما تقولون هناك نقول هنا و هذا البحث و ان كان كالعهن المنفوش فانه لقائل ان‏يقول في المظنونات ما هو مخالف للواقع قطعاً فلو حكمت عليه باحكام القطعيات لحكمت بغير ماانزل الله قطعاً لكن جواب المصنف عنه كبيت العنكبوت فانه اجاب بان بين المقامين فرقاً و هو ان خطابات الشارع للمشافهين و هم كانوا مأمورين بالاحكام الواقعية و نحن مشتركون معهم في الاحكام فيجب علينا التوقي عن مخالفة الاحكام الواقعية فنعمل بالظن احتياطاً و توخياً للحكم الواقعي لان في الظنون ما يطابق الواقع و بتركها يحصل المخالفة القطعية و جميع هذا الكلام معيوب و عيوبه معيوبة فلا المشافهون مأمورون بالحكم الواقعي و لا الصادر عن الحجج احكام واقعية بل بمقتضي هذا العالم و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۵ *»

ليس لهم دليل علي ان احكام الرسول واقعية مع انه كان ينسخ الاحكام و كانوا يأخذون باخر اوامره و الواقعي لاينسخ ثم لسنا بمشتركين معهم بل نحن مخاطبون و علي قول المصنف محمد9 نبي المشافهين و بلغ اليهم و خاطبهم و نحن بالاجماع نعمل بتلك الاحكام كما ان عيسي كان نبي بني‏اسرائيل و العرب كانوا يعملون بشرعه بحكم خالد بن سنان7.

ثم قوله نعمل بالظن احتياطاً لان فيها ما يطابق الواقع ولقائل ان‏يقول في الظنون ما يخالف الواقع بشهادة الله ان بعض الظن اثم و شهادة النبي9 ان الظن اكذب الكذب و اي و اخبار مرت و في العمل بالظن المخالفة القطعية فتعارضا فتساقطا.

بالجملة قال بخلاف الموضوعات الصرف فان باب العلم ببعضها كان منسداً عليهم كما هو منسد علينا و تكليفهم بها اول الكلام و لم‏يك حاجة الي هذه الليات العقلية بل الوهمية التي ليس فيها شائبة ذكر الله قل ان الله نهي عن الظن مطلقا و كل مما ذكر اسم الله عليه.

قوله و لو قيل <ان الظن بالموضوع> الي اخر هذا بحث و رد اخر فقال ان قيل ان غاية ما يلزم الظن في الموضوعات الظن باحكامها و هو حجة لما مر من الادلة المطلقة العامة و هذا البحث اوهن مما مر كما تري فاجاب المصنف ان القدر المتيقن من الادلة السابقة الظن في الحكم كليه يعني ان الماء طاهر اما هذا الذي في هذا الاناء أماء هو ام لا و ظني انه الماء فهو طاهر فلم‏يثبت و هذا القول شطط من المصنف فان دليل قبح ترجيح المرجوح و الترجيح بلا مرجح و دفع الضرر عام يشمل الاحكام الجزئية ايضاً و عدم شموله محض دفع بحث بلا دليل.

قوله <نعم الظنون الرجالية> يعني الظنون التي تحصل من التتبع في علم الرجال باحوال الرجال انه مؤمن او مخالف ثقة او غيرثقة عادل او غيرعادل هي مستثناة لان تلك مستلزمة للظن بالحكم و هو حجة و ليس كل شي‏ء يستلزم الظن بالحكم هو حجة و اي دليل دل علي ذلك و لقائل ان‏يقول مثل قوله للباحث ان المتيقن الظن الحاصل من نفس الخبر و اما الظن بالسند فلم‏يثبت و انما ذلك بمنزلة ان تجد كتاباً في بادية لم‏تره قبل فتفتحه و تنظر فيه فتظن انه لزرارة فتعمل بما فيه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۶ *»

لان الظن بانه لزرارة يستلزم الظن بالحكم بل علي هذا اعمل بقول علامة بلاروية لان الظن بحسن اجتهاده و غزارة علمه يستلزم الظن بنفس الحكم و لم‏يقل بذلك احد فهذا الدليل دليل سخيف هذا و اني اري الله سبحانه رد علي الذين اختلفوا في قتل عيسي و صلبه و هو كعلم الرجال و من الموضوعات الصرف فقال و ان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن و سمي مع ذلك الظن شكاً.

و قوله <و لانه لولا ذلك> و ذلك ايضاً في السخافة مثل سابقه فانه لايلزم من ذلك عدم حجية الاخبار فانها حجة تثبت بوجه اخر كما كان يثبت صحتها لقدمائنا و القرائن وافرة و الدلائل قائمة و لايلزم من ذلك هدم شريعة بل والله يلزم هدم الشريعة من ابتناء الدين علي هذه الخيالات و الاراء المحرمة و التوهمات الكاسدة و القول بغيرعلم المقرون في الاية بالشرك بالله.

قوله <مع ان هذه الظنون اقوي من ظن الشهرة> فلو كان الظن الحاصل من محض كش ثقة جش ثقة اقوي من الشهرة فويلاً للشهرة و كيف جعلتموها اقوي من الظن الحاصل من الحديث.

قوله <لكن في الاكتفاء بالظن> الي اخر يعني اذا قال عالم من العلماء في استدلاله لصحيح زرارة مثلاً هل يجوز الاكتفاء بهذا الظن ام لايجوز و كذا اذا قال لموثقة فلان او هذا الخبر ضعيف قال لهذا وجهان لان عموم الادلة شامل لهذا الفرد ايضاً ولكن لما كان الاصل حرمة العمل بالظن و خرج هذان الموضعان اللذان اخرجهما المصنف و هو حال العسر و تعطيل الاحكام بالدليل لانهما الظنان المعتبران بقي الباقي في حيز المنع و قول المصنف شطط لان الاصل يصرف عنه بدليل و الدليل العقلي لايخصص فعلي قواعدهم يجوز الاكتفاء به ولكن المصنف يخاف من ورود بحث المحدثين عليه لانهم اوردوا علي الاصوليين انكم تكتفون في الرجال باخبار علماء الرجال و تقولون ان الحاصل منه ظن اجتهادي و الحال ان اخبارهم اخبار عن اجتهاداتهم فلم لاتكتفون بقول المحدثين ان هذا الخبر صحيح مع ان اخبارهم هذا ناشئ عن المحسوسات و هو اولي بالقبول فاراد المصنف ان

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۷ *»

لايرد عليه ذلك و هو وارد علي طريقهم و ضيق علي نفسه بذلك.

قالاصل الحق ان الظن في الموضوع المستنبط حجة و المراد به هنا الفاظ الكتاب و السنة بقرينة النزاع في الحجية و النزاع ليس فيما علم عدم حجيته فيه كالقياس و الاستحسان و المصالح المرسلة و لا فيما علم حجيته فيه كقول اللغوي و ان كان واحداً و الاصول العدمية كاصالة عدم النقل فان حجيتهما اجماعية و الامارات الظنية كالتبادر الظني المثبتة للمعني بضميمة الاصول الاجماعية بل فيما شك في حجيته فيه كالاستقراء و الخبر الواحد الظني و ذهاب الاكثر فمقتضي الاصل فيه مع نافي الحجية سيما مع انفتاح باب العلم الوجداني او الظن المقطوع الحجية فيه غالباً بحيث لايلزم من طرح الظن المشكوك و الرجوع في المواضع النادرة الي الاصول الفقاهية مخالفة قطعية لكن الحق الحجية وفاقاً للاكثر بل ادعي عليه الاجماع و ذلك لان الظن به مستلزم للظن بالحكم الفرعي الواقعي و للزوم المخالفة القطعية عند ترك هذه الظنون فتأمل و لانا نفرض اية من الكتاب او المتواتر مشتملة علي لفظ ظني الوضع و خبراً واحداً صحيحاً مشتملاً علي الفاظ كلها قطعية الوضع فلكل جهة رجحان و مرجوحية فالمقدمة الرابعة تثبت حجيتهما معاً لعدم كون احدهما قدراً متيقناً حينئذ لوجود القائل بحجية الاول دون الثاني و يمكن ان‏يدعي ان اغلب الالفاظ و ان كانت معلومة الا ان وجود اية او حديث يكون جميع الفاظها مفرداتها و مركباتها معلومة نادر فيلزم السد الاغلبي ايضاً عند طرح الظنون فتأمل ثم اذا كان مثل الكتاب او المتواتر المشتمل علي لفظ ظني الوضع مثبتاً لحكم اصولي عملي عملنا به ايضاً لا للاستلزام اذ الظن في الاصول ليس حجة بل لبناء العرف و العقلاء علي الاكتفاء بالظن في وضع الالفاظ.

اقول: مراده بالموضوع المستنبط متعلق احكام الكتاب و السنة سواءاً كان ذلك المتعلق موضوعاً شرعياً كالصلوة و الصوم و الحج و امثال ذلك او عرفياً كالرجل و المرأة و الماء و التراب و امثال ذلك فيريد ان‏يقول في هذا الاصل انا اذا استنبطنا باستفراغ الوسع و الاجتهاد و حصل لنا الظن ان الصلوة هي هذه هل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۸ *»

نجري عليها الاحكام المتعلقة بالصلوة ام لا و اذا عرفنا باستفراغ الوسع و استنبطنا بالاجتهاد و حصل لنا الظن ان الماء هو هذا و التراب هو هذا هل يجوز لنا ان‏نحكم بحكم الله فيه ام لا و لا نزاع لهم في ساير الفاظ العرف في معاشهم و دنياهم فهذا الظن عندهم ثلثة اقسام منه مقطوع عدم الحجية كالظن الحاصل بموضوع بواسطة القياس و الاستحسان و المصالح المرسلة فلا نزاع لهم في هذا القسم ايضاً و كذا لا نزاع لهم فيما علم حجيته كالظن الحاصل من قول اللغوي و لو كان واحداً و انا مااعرف هذا اللغوي من هو هل اللغوي هو العرب فاريكم تخرجون العلماء من اهل اللغة و تقولون ان الشيخ قال كذا مثلاً و قال اهل اللغة كذا و هل هو من كتب وريقات في اللغة و لو نقلاً من الكتب السالفة و هل هو المتتبع الخبير البصير باللغة المتفحص فيها في الكتب و اهل اللسان ثم ما علمكم بان صاحب المصباح مثلاً نقل سرقة من الكتب و الف او هو من اهل الخبرة و البصيرة و الاطلاع علي الشواهد و العلوم الادبية و لايفرق بين كتاب السارق الململم من هاهنا و من هاهنا و بين كتاب العالم الخبير الا اتفاقاً بالجملة زعم المصنف ان قول اهل اللغة و لو كان واحداً حجة و لا دليل عليه الا دليل حجية الظن و ان الظن لايغني من الحق شيئا.

و قال و الاصول العدمية فلربما تنفي بالاصول العدمية اشياء او شي‏ء فذلك الباقي هو الموضوع المستنبط و هذا الظن عنده حجة لا نزاع فيه و قدعرفت مكرراً ان الاصول العدمية لاتثبت الاشياء الخارجية و لاتورث في النفس ظناً ابداً و لايحتاج الي تكرار و الامارات الظنية كالتبادر و اصل العدم و ما مر ذكره في مبادي الالفاظ و هي و ان لم‏تكن اجماعية عندهم الا انها بضميمة الاصول العدمية الاجماعية تثبت المطلوب فهي ايضاً كأنها اجماعية.

قوله <بل فيما شك> الي اخر يعني ان النزاع ليس في شي‏ء مما مر و انما النزاع في الظنون المشكوكة الاعتبار كالظن الحاصل من الاستقراء بان‏نعرف موضوعاً باستقرائنا في مواضع فنري العرف او الشرع قالوا هذا اللفظ و ارادوا هذا الشي‏ء و الخبر الواحد الظني كخبر واحد من العلماء بان هذا اللفظ معناه هذا و ذهاب اكثر المتشرعة اليه فهاهنا نظران نظر الي مقتضي الاصل فمقتضي اصل الحرمة ان

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۱۹ *»

‏تكون هذه الظنون ممنوعة و نظر الي ادلة يذكرها و مقتضاها الحجية.

قوله <لاسيما> الي اخر يعني في اغلب الالفاظ باب العلم مفتوح فانا نقطع ان السماء هذه و الارض هذه و الماء هذا و النار هذه و هكذا بالعلم الوجداني و نعلم منهما الفاظاً بالظنون المقطوعة الحجية و ان‏بقي نادر فيعرف المخرج فيه بالاصول الفقاهية فلايلزم من مخالفة هذه الظنون مخالفة الاحكام الواقعية ولكن مع ذلك الحق الحجية عند المصنف ليصير الاعمال ظناً في ظن وفاقاً للاكثر و لا حجة فيه و قليل من عبادي الشكور بل ادعي عليه الاجماع الشريف الشيرواني و ادعاء الاجماع في المسائل النظرية الاجتهادية غيرمعتبر و المنقول اضعف اعتباراً و الواحد منه اضعف و اضعف لاسيما اذا كان علي خلاف الكتاب و السنة و وفاق العامة كما قال العسكري7 و قد مر ان الاجماع ما اتفق عليه الامة لا ما تأوله الجاهلون و لا ما قاله المعاندون من ابطال حكم الكتاب الحديث فراجع فالاجماع المنقول بطريق واحد من الشريف الشيرواني علي خلاف الكتاب ليس بحجة في باب.

قوله <و ذلك لان الظن> الي اخر هذا عيبه و سبب حرمته و كونه عديل الشرك بنص الكتاب لا وجه حجيته و اتعجب من صيرورة المعروف منكراً و المنكر معروفاً و لا قوة الا بالله.

قوله <و للزوم المخالفة القطعية عند ترك هذه الظنون> الي اخر اقول كما يلزم من ترك الظنون مخالفة الواقع الاجمالي الذي في طيها كذلك يلزم اقتحام الهلكات الاجمالية و الحكم بغير ماانزل الله الاجمالي في طيها فانا نري العلماء الظانين يؤلون في المسألة الي عشرين قولاً و في الواقع واحد منها صواب و الباقي خطاء و لقيام الاجماع علي ان في الظنون خطاءاً لانكم جميعكم مخطئة و اعداؤكم مصوبة.

قوله <فتأمل> لعله لاجل ما بين للنافين انه لايلزم ارتكاب خلاف الواقع و هو عنده قوي في الجملة.

قوله <و لانا نفرض> الي اخر يعني اذا فرضنا مقطوع لفظ كالكتاب و الخبر

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۰ *»

المتواتر ظني المعني و ظني صدور كالخبر الواحد الصحيح مقطوع المعني لكل واحد منهما جهة رجحان و جهة مرجوحية و لايمكن ترجيح احدهما علي الاخر فالمقدمة الرابعة اي قبح ترجيح المرجوح تثبت حجيتهما معاً فهذا دليل علي ان الظن في الالفاظ معتبر و الا ماقاوم القطعي.

قوله <و يمكن ان‏يدعي> الي اخر هذا تأكيد لاثبات حجية الظن فيها و هو بانه و ان كان اغلب الالفاظ معلوم المعني لكن حديث واحد جميع الفاظه معلوم المعني قليل جداً فلو لم‏نعمل بالظن يلزم السد الاغلبي يعني سد فهم الاخبار غالباً و يتعطل الاحكام فلابد من العمل بهذه الظنون.

قوله <فتأمل> لعل وجه تأمله ما مر.

قوله <ثم اذا كان مثل الكتاب> الي اخر يقول اذا كان الكتاب القطعي اللفظ و المتواتر اللفظي المظنون المعني مثبتاً لحكم اصولي عملي مع ان شرطه القطع عملنا به ايضاً لا لاجل ان الظن في الاصول مستلزم للظن في الفروع و هو حجة بل لاجل ان بناء العرف و العقلاء علي الاكتفاء بالظن في وضع الالفاظ و لم‏يجعل الله العقلاء الكفار و المؤمنين انبياء و لم‏يأمر بالرجوع اليهم و لايجب متابعتهم بعد الشرع أليس ان جميع العقلاء يقولون ان الرجل السري الوقور المحترم يقبح ان‏يمشي الي موضع ثم يهرول مسافة ثم يمشي و يتعري في الشمس عشرة ايام حتي يشوه وجهه فهذه العقول لاينفع الا في دنياكم و معايشكم في الامور المجربة المعروفة و اما في المعاد فانها صم بكم عمي فهم لايعقلون و هذه العقول دلتكم علي العمل بالظنون مع ان الله ينادي في كتابه بحرمته و ينادي الرسول بحرمته و ينادي المعصومون بحرمته و ينادي اولياؤهم بحرمته و ينادي الحكماء بحرمته و مع ذلك لاتبالون و لاتصغون اليهم و تقابلونهم بهذه الشبهات ليتني كنت ادري ان الله اذا اراد ان‏يحتج علي خلقه باي شي‏ء ينبغي ان‏يحتج بعد هذا الكتاب فقدانزله و السنة فقداقامها و الاجماع فقدحققه و العقل فقداشهده و الحفظة المسددة فقد ارقبهم و الدليل علي الخلاف فقد افقده ثم ماذا عذرهم في التخلف و العمل بالظن أليس اذا قال الحجة يجب عليك ان‏تشرب الماء يكون ايجابه شرب الماء دليلاً علي وجود الماء و من لبس الامر بانه لا ماء في الدنيا هو

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۱ *»

علي خطاء لان الحجة لايكلف بالمفقود قطعاً لقبحه و المرد في الجميع الي الله و لاقوة الا به.

قالاصل اذا اشتبه علي المجتهد بعض المسائل و لم‏يعلم انها مسألة فقهية ام اصولية ام كلامية كمايتفق ذلك في بعض مسائل الاجتهاد و التقليد و نحوها فهل يعمل فيها بالظن ام النتيجة تتبع اخس المقدمات الحق ان الظن فيها ان كان موافقاً للاصل كما لو ظن بعدم جواز تقليد المفضول مع وجود الافضل او بعدم جواز تقليد الميت ابتداء مع وجود حي اعلم منه او مساو له كما يقتضيه اصل الشغل او ظن بعدم جواز الرجوع عن التقليد كما يقتضيه الاستصحاب فلا كلام اذ الواقع لايخلو من اعتبار الظن او الاصل و هما متوافقان او كان الظن في احد طرفي المحذورين عند دوران الامر بينهما كما لو ظن بوجوب عمل المتجزي بظنه اذ كما ان الاصل حرمة العمل بالظن فكذا الاصل حرمة التقليد و كما ان الاستصحاب يقتضي جواز التقليد في المسبوق به فكذا يقتضي جواز الاجتهاد في المسبوق به فلا اصل في البين و كما لو ظن بجواز تقليد الميت الاعلم مع وجود حي ادون فلااشكال في الاخذ علي طبق الظن لجريان البرهان العقلي فيه اذ التكليف ثابت و باب العلم منسد و الاحتياط غيرممكن و ترجيح الموهوم او التخيير بينه و بين المظنون غيرمتصور او كان الظن مخالفاً للاصل كما لو ظن بجواز الرجوع عن التقليد او بجواز تقليد المفضول مع وجود الافضل فلا عبرة بالظن للاصلين اصالة الحرمة العامة و الاصل الذي في خصوص المقام و لايلزم المخالفة القطعية في العمل بالاصل لقلة المشتبهات.

اقول: ثم تفكر المصنف من بسط نظره في المسائل الاصولية فرأي ان بعض المسائل مشتبه انه هل هو من المسائل الاصولية الاعتقادية فيكون كلامياً ام هو من الاصول العملية فيكون من هذا العلم ام هو من المسائل الفقهية ككثير من مسائل الاجتهاد و التقليد فانها من حيث مرتبطة بالعقايد فان العالم حامل علم النبي الي رعيته الجهلة و طاعته طاعة النبي و عصيانه عصيان النبي9

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۲ *»

فهو يد النبي و لسانه و خليفته و حجته و الحاكم العامل المنصوب من قبله و امناء الله في ارضه و يدل علي هذا المجموع ما روي عن الحجة7 لا عذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و قدعرفوا انا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم و في الحنظلية المعروفة فليرضوا به حكماً فاني قدجعلته عليكم حاكماً فاذا حكم بحكمنا و لم‏يقبل منه فانما استخف بحكم الله و علينا رد و الراد علينا الراد علي الله و هو علي حد الشرك بالله وفي رواية ابي‏خديجة اجعلوا بينكم رجلاً قدعرف حلالنا و حرامنا فانه قدجعلته عليكم قاضياً و قال ابوعبدالله7 اذا قامت عليه الحجة بمن يثق به في علمنا فلم‏يثق به فهو كافر و عن علي7 قال قـال رسول الله9 اللهم ارحم خلفائي ثلثاً قيل يا رسول الله من خلفاؤك قال الذين يبلغون حديثي و سنتي ثم يعلمونها امتي و قال الحجة7 و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و قال العلماء امناء.

فلما كان العلماء خلفاء رسول الله9 و حججهم علي رعاياهم و حكامهم و قضاتهم بين عبادهم و بلادهم و طاعتهم طاعة الله و عصيانهم عصيان الله و الرد عليهم كفر و شرك بالله فهم من هذا الباب ملحقون بهم و جزء منهم فيرجع فهم وجوب الاخذ منهم و التسليم لهم و حرمة الرد عليهم و فهم المقدم المطاع منهم و جواز الاخذ من ميتهم و هكذا الي اصول العقائد و لاجل ان الاصول معرفة الله و معرفة الاشخاص و معرفة الفقيه من معرفة الاشخاص و اما الفروع فهي معرفة احكام الافعال فمن هذا الحيث هي ملحقة باصول العقائد فهي من علم الكلام ولكن المصنف رد هذا الاحتمال في الضوابط بدليل شريف و هو انه لو كانت من العقايد لكان اهل الكلام يكتبونها و بانه لو كتبها احد في علم الكلام يستهزؤ به و هذان دليل دين الله عند المصنف.

و من حيث الحقها المصنف بعلم الاصول نظراً الي ان علم الاصول علم يبحث فيه عن اعراض الدليل بقول مطلق و كما ان الادلة الخاصة ادلة الفقيه قول الفقيه ايضاً دليل المقلد و الكلام في

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۳ *»

اعراضه من علم الاصول فابان المصنف اذ وفقه الله انه كما ان معرفة الكتاب و السنة و لزوم اتباعهما و معرفة انهما اي شي‏ء من علم الكلام و العلم الاعلي و انمايبحث في علم الاصول عن اعراضهما لا عن حقيقتهما فكذلك معرفة الفقيه المتبع الذي هو خليفة رسول الله و حجته و الحاكم من عنده و القاضي في بلاده الذي الرد عليه كفر و شرك و رد علي رسول الله و الائمة: من العلم الاعلي و من علم الكلام و اما معرفة اعراضه و كيفية الاخذ و البقاء علي تقليد احدهم و العدول عنه و الاخذ عن حيهم و ميتهم من علم اصول الفقه و ان لم‏يلتفت المصنف الي ذلك.

و من حيث الحقها بعلم الفقه نظراً الي ان حكم الاخذ عن فلان و فلان و ترجيح فلان و البقاء و العدول من عوارض افعال المقلد فهو من الفروع و اعلم انه ليس ان الفروع علي الحجج تعليمها و الاصول ليس عليهم بل هم المعلمون يعلمون الاصول و الفروع و هم المعصومون المصيبون الحق فما علموا في الاصول و حدثوا بها هو المتبع و ما علموا في الفروع و حدثوا بها هو المتبع و قدحدثوا بمسائل الاجتهاد و التقليد فان تكن من العقائد فليكونوا معلمين كالحكماء و لاتحسبن ان العقائد يجب الاستبداد فيها بالعقول الناقصة فانت في علم الكلام لاتقدر ان‏تستبد علي حال جهلك الا ان‏تخدم علماء الكلام دهراً فكيف تقدر ان‏تستبد بالعقائد من غير ان‏تأخذ من العلماء الذين سيدهم محمد و ال‏محمد: قيل لابي‏عبدالله7 سمعتك تنهي عن الكلام و تقول ويل لاصحاب الكلام فقال7 انما قلت ويل لقوم تركوا قولي بالكلام و ذهبوا الي ما يريدون و قال متكلموا هذه العصابة من شرار من هم منهم انتهي و ان كانت من الاصول العملية فليكونوا علماء معلمين و ان كانت من المسائل الفقهية فليكونوا فقهاء معلمين فخذوا عنهم مسلمين من اي علم كانت و لايمكن الاخذ بالاحاديث الا من بابها و لايجوز التفوه بمسائلها بالرأي و الهوي من غير اخذ من ال‏محمد: اما انه شر عليكم ان‏تقولوا بشي‏ء ما لم‏تسمعوه منا.

بالجملة هذه المسائل مما وقع الاشتباه فيها بينهم انه هل الظن حجة فيها ام لا فقسم المصنف مسائله علي ثلثة اقسام فقال

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۴ *»

قسم من مسائله يوافق اصل العدم كما اذا اداه الاجتهاد الي عدم جواز تقليد المفضول مع وجود الافضل و عدم جواز تقليد الميت و امثال ذلك فالظن في هذا القسم متبع بلا كلام عندهم لانه ان لم‏يعمل بالظن يعمل بالاصل و لقائل ان‏يقول انكم تعتبرون هذه الحيوث كما تقولون نحن نعمل بالاخبار لا من حيث انها اخبار بل من حيث حصول الظن فاذاً اذا وافق الظن مع الاصل فان قلنا بحرمة العمل بالظن و جواز العمل بالاصل ان كان مستنبطاً من الكتاب و السنة كما هو هنا فلايكون الظن متبعاً و لايجوز العمل لاجله و انمايكون الاصل متبعاً و يجب ان‏يكون العمل لاجله.

و قسم ان‏يكون الظن في احد المحذورين كما اذا ادي ظنه الي جواز التجزي فظن التجزي دائر بين المحذورين فان الاصل حرمة العمل بالظن و حرمة التقليد معاً فاستصحاب التقليد السابق يقتضي جوازه و اذا كان احد مجتهداً مطلقا فنسي اكثر ادلة الاجتهاد و صار متجزياً فاستصحاب الاجتهاد يقتضي جوازه فلا اصل في البين يرجح طرفاً علي اخر فاختار المصنف في هذا القسم ايضاً العمل بالظن لانه لو لم‏يعمل لزم ترك الراجح فان عمل بخلافه لزم ترجيح المرجوح علي الراجح.

و قسم ان‏يكون الظن علي خلاف الاصل كما لو ظن جواز الرجوع عن التقليد فلا عبرة بالظن هنا لاصالة حرمة العمل بالظن و اصل استصحاب البقاء علي التقليد السابق.

قوله <و لايلزم المخالفة> الي اخر جواب عن بحث و هو انا اذا لم‏نعمل بهذه الظنون يستلزم المخالفة القطعية للواقع فرده بقلة مسائله المشتبهة و امكان الاحتياط فيها و قال في الضوابط انه لا دليل علي حرمة المخالفة القطعية هنا و هو كلام عهدته عليه و سائر عباراته واضحة مع انا في فراغ من ردها للرد الكلي الساري في جميعها.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۵ *»

قالاصل في حجية الظن في المسائل الاعتقادية وجهان و مقتضي القاعدة الحجية ان انسد باب العلم فيها حذراً من التكليف بما لايطاق بعد ثبوت اصل التكليف او ان استلزم تكليف كل الناس بالعلم و الدليل اختلال النظم و ان تمكن احاد الناس منه و ان لم‏يلزم احد المحذورين فمقتضي الاصل عدم الحجية انما الشأن في تشخيص الصغري و الحق عدم لزوم شي‏ء من المحذورين في المسائل الواجبة اذ القوة العاقلة حاكمة في جملة منها حكماً قطعياً يدركه العقلاء بفطرتهم مع قيام الضرورة في جملة منها.

اقول: هذا كلام يصدر منهم من غير روية لانهم ليسوا من فرسان هذا الميدان و انا اضن بذكر التفصيل في هذا الكتاب خوفاً من الوقوع في يد من ليس من اهله ولكن لابد من الاجمال بقدر تبين فساد اقوال المصنف فاعلم ان العقايد مسائل شتي منها ما هو اصول و منها ما هو فروع و الموجب لفهم المسائل الاعتقادية الاصلية جملاً ليس الشرع بلا عقل و لا عقل بلاشرع و انما هو العقل بتنبيه الشرع و تعليمه فالعقل يوجب علي نفسه التدبر و التفكر في ايات الافاق و الانفس بعد اذ رأي هذه الايات العجيبات و هذه الاختلافات بين هذه الامم المختلفة و شهادة بعض بهلاك بعض و رؤيته مدعي النبوة و هلاك امم بعدم قبولهم دعوتهم و بعد ما سمع ادلتهم و تعلم من فاضل علومهم و هذا العقل الذي يوجب التدبر يوجب الاستكشاف القطعي فانه اوجب التدبر ليطمئن و يقطع بنجاته اذ سمع هذا الغوغاء و لايطمئن بالظنون لاحتمال الهلاك الابدي فيها فيتلجلج قلبه في صدره و يتردد في الريب حتي يستيقن فيستقر فوجوب تحصيل العقائد القطعية عقلي باعانة الشرع فقول المصنف <حذراً من التكليف بمالايطاق بعد ثبوت التكليف> علي اطلاقه كلام عجيب لان التكليف فرع ثبوت مكلف شارع و الانسان اذا لم‏يستيقن بشارع مكلف كيف ثبت له التكليف و ما معني تكليف ما يطاق او مالايطاق و كيف يكتفي بالظن حذراً من تكليف ما لايطاق و ايجاب العقل العلم بالواقع لايخصص بما يطاق و ما لايطاق فانه اوجب ذلك ليطمئن بنجاته و لايحتمل خلافه ابداً.

قوله <او ان استلزم> الي اخر هذا كلام عجيب اخر يقول اذا تمكن جميع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۶ *»

الناس من تحصيل العلم بمشقة ولكن اذا اشتغلوا بتحصيل العلم التهوا به و تركوا ساير الاعمال و اختل النظام و فسد مدينة الناس فح نقول يجوز لهم الاكتفاء بالظن و هذا عند قوم مقدمة جواز تقليد العوام العلماء في العقائد فيركبوا كواهلهم و يزموهم و يوجهوهم الي حيث شاءوا و ليحملوا اثقالهم الي بلد لم‏يكونوا بالغيه الا بشق الانفس و الرجل ان لم‏يعرف لنفسه الهاً و لا نبياً و لا اماماً لم‏يقلد هذا العالم و لايقلد العالم الدهري او احبار اليهود او فوادر النصاري او هرامذة المجوس و باي دليل يقلده ليكتفي بالظن الحاصل منه بالجملة المصنف ذاهب الي وجوب الاجتهاد لنفسه و حرمة التقليد الا انه عند انسداد باب العلم قال يجب العمل بالظن.

قوله <و ان لم‏يلزم احد المحذورين> يعني التكليف بما لايطاق و اختلال النظم فمقتضي الاصل عدم حجية الظن و هذا الاصل هو حرمة العمل بالظن و انما الشأن في تشخيص الصغري اي انسداد باب العلم و الحق انه لايلزم احد المحذورين في المسائل الواجبة اذ قوة عاقلة المصنف حاكمة مع انها قوة في كثير من مسائل العقائد بالقطع مع ان كثيراً منها ضروري اي بديهي و زاد في الضوابط بالجملة المقام مقام الخطر ولكن الحكم ما ذكرنا من العمل بالظن تعليقاً يعني مشروطاً بانسداد باب العلم و قال في مباحث التقليد ان لم‏يكتف بالظن اما يلزم نفي التكليف و هو خلاف الاجماع او التكليف بالعلم و هو تكليف بالمحال لانه ما لايطاق و لعمري يضحك من هذه الاقوال الثكلي التي ثكلت عشرين من اولادها في ان واحد فجاءة ياايها المنتحل للعلم الذي لايعرف لنفسه رباً يبالي بخلاف الاجماع و ماادراك ما الاجماع و كيف الاجماع هو كاشف عن قول من و ما فضل اجماعكم ح علي اجماع الدهرية و اليهود و النصاري و المجوس و العامة و ما معني الاجماع في المسائل الاعتقادية الاصلية و هي كاشفة عن قول من و لاتعرف لنفسك رباً و ما التكليف و ماادراك ما التكليف و اي شي‏ء يطاق و لايطاق حينئذ بالجملة ذلك مبلغهم من العلم.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۷ *»

قالاصل كل ‌ما جعلناه دليلاً علي اثبات الوجوب و الحرمة في الاحكام الشرعية الفرعية فهو دليل لماعداهما من الاحكام الخمسة اجماعاً و هل يثبت الاستحباب او الكراهة بما لايثبت به الوجوب و الحرمة من الادلة الضعيفة وجهان مقتضي اصالة حرمة العمل بماوراء العلم و استصحاب عدم المطلوبية العدم لكن الحق جواز التسامح في السنن فيما لايحتمل المرجوحية و كان الدال علي الاستحباب الخبر و يدل علي ذلك بعد ظهور الاجماع حكم القوة العاقلة بحسن الاقدام علي ما لايحتمل الا الرجحان المعتضد او المؤيد بنصوص الباب و نصوص الاحتياط و منه يظهر الكلام في الكراهة و فيما اذا كان الدليل فيه فتوي الفقيه مجردة وجهان و الاقوي جواز التسامح عندي حينئذ بل و في مجرد الاحتمال العقلائي و ان خلا عن الفتوي كما لو كان النص المجمل او المطلق المشكك مورثاً لاحتمال المطلوبية ثم في جواز التسامح للعامي وجهان كما في اشتراط الفحص و عدمه.

اقول: هذا اصل اخر قد شاع و ذاع بينهم و لا اصل له في كتاب الله و سنة نبيه9 كما ستري ان‏شاءالله.

قوله <لكن الحق> الي اخر يقول اذا كان الدال علي الاستحباب الخبر بان‏يكون نصاً في الاستحباب الا انه ضعيف من طرق العامة او رواه فاسق و لا قرينة علي صحته فزعم المصنف جواز المسامحة في هذا الخبر و المسامحة المساهلة فانت تسامح خصمك و تساهله و تياسره اذا احتج عليك بهذا الخبر و استدل علي هذا الجواز بظهور الاجماع و ظهوره لاحجية فيه مع انه لاظهور و قدقال في الضوابط ظاهر الاكثرين ذلك و عن جمع عدم جوازه و بحكم القوة العاقلة بحسن الاقدام علي ما لايحتمل الا الرجحان بلي اذا ورد خبر ضعيف بعمل ليس بمنصوص في ساير الاخبار عموماً و لاخصوصاً يحتمل فيه البدعة و لعله من اعمال المبدعين في الدين و لايمكن التقرب الي الله بما لم‏يجعله الله من اسباب القرب اليه و الزلفي لديه.

و قوله <المعتضد بنصوص الباب> ايّ نص في الباب و من روي شيئاً فيه و انا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۸ *»

اتلو عليك ما اعتضدوا به قال ابوعبدالله7 من بلغه شي‏ء من الثواب علي شي‏ء من الخير فعمله كان له اجر ذلك و ان كان رسول الله9 لم‏يقله انظر في هذا الحديث الشريف فقوله شي‏ء من الثواب فالثواب حقيقة في الجزاء و حمله علي العمل مجاز بلا قرينة و تأويل بلا دليل و قوله علي شي‏ء من الخير و هو ما علم انه خير بدليل اخر فالمعني انه لو روي لك ان من زار الحسين7 مثلاً فله كذا و كذا من الاجر و كانت الرواية كذباً و زرت الحسين7 طمعاً في ذلك الثواب تعطاه و هذا الحديث في بيان كرم الكريم و لا دخل له فيما يريدون و انما هو بمنزلة ان‏تمدح رجلاً و تقول بلغ من جوده انه لو وعد رجلاً رجل عليه كذباً و سمع هو ينجز ذلك الوعد لانه وعد عليه و سمي اسمه في ذلك الوعد انظر ايدك الله هل تفهم بعد التنبيه من الخبر شيئاً غير ذلك.

و كذا روي عن ابي‏عبدالله7 من بلغه عن النبي9 شي‏ء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي9 كان له ذلك الثواب و ان كان النبي9 لم‏يقله انتهي فالمراد من قوله شي‏ء من الثواب اي علي عمل فلو كان المراد من الثواب العمل لما كان لقوله اخيراً له ذلك الثواب معني و لكان ظاهراً علي خلاف المراد و كذلك روي عن ابي‏عبدالله7 من سمع شيئاً من الثواب علي شي‏ء فصنعه كان له و ان لم‏يكن علي ما بلغه و هو ايضاً صريح في الثواب و ذكر الاجر و ان كان قوله علي شي‏ء فيه ابهام و اجمال ولكن ليس فيه عموم بداهة و يحمل علي ما كان محكم الدلالة.

بالجملة جميع الاخبار في ذكر الثواب و الاجر و كرم الكريم و تنجيز ما وعد عليه فلادلالة فيها مع خصوصها علي جميع الاعمال و السنن و انما يجرونها في غير موردها بتنقيح المناط و هو قياس ممنوع و هل يجوز ان‏يري الانسان اخباراً هكذا ثم يجريها في جميع السنن قياساً علي ما لا اصل له ثم يقيس علي ذلك القياس الكراهة و يجوز التسامح في ادلة الكراهة ايضاً.

قوله <و نصوص الاحتياط> فياسبحان الله الاحتياط هو الاخذ بالجزم و ما

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۲۹ *»

لم‏يثبت عبادة و هي توقيفية اي جزم في الدين في كل ما رواه عجوز او شريب خمر او زان او لاط او ناصب و الاحتياط هو ان‏تعمل بعمل منصوص تقطع بانك لو فعلته برئت ذمتك او تقربت به الي الله و هذا الخبر لو عملت به احتمل البدعة و العمل بفعل المبتدعين و احتمل امتثال كذب الكاذبين و حيل المحتالين و اضلال المضلين كيف هو احتياط في الدين و لم‏يثبت لك اشتغال ذمة حتي تتوخي البراءة منه و الخبر مريب يحتمل الصدق و الكذب و قال النبي9 دع ما يريبك الي ما لايريبك و الاحتياط في ترك مثل هذا العمل فان في تركه لايحتمل اثم و في فعله يحتمل ابتداع عبادة لم‏يجعلها الله سبحانه اسباب التقرب اليه.

قوله <و منه يظهر الكلام في الكراهة> نعم ظهر هكذا و هو من باب تنقيح المناط كما صرح في الضوابط و استدل عليه بحكم القوة العاقلة و لااعرفها في الانبياء و الاوصياء و لو كانت حجة فلم جاءت الرسل تتري و لم نهي الحجج عن العمل بالعقول و الاراء في الف حديث.

قوله <و فيما كان الدليل> الي اخر هذا شر مما قبله و كنا نحن في عويل مماذكره فلم‏يكتف به حتي حكم قوته العاقلة بجواز التسامح اذا افتي مفت بلا دليل و لا برهان من الله و لم‏يكترث بقول ابي‏عبدالله7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان و بقول علي7 لانقل الا من امام فاضل و قوله7 من اخذ دينه من افواه الرجال ازالته الرجال و من اخذ دينه من الكتاب و السنة زالت الجبال و لم‏يزل و بقوله سبحانه قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين فجعل البرهان اية الصدق و لم‏يأمرنا نبي و لا امام بالاخذ بقول غير المعصوم من غير برهان.

قوله <و في مجرد الاحتمال العقلائي> هذا شر مما قبله كيف صار الاحتمال العقلاني دليل دين الله و صريح العقل ليس دليلاً قال علي بن الحسين7 ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة و المقائيس الفاسدة و لايصاب الا بالتسليم و قال ابوعبدالله7 لو كان الله رضي منهم اجتهادهم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۰ *»

و ارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لم‌يبعث اليهم فاصلاً لما بينهم و لازاجراً عن وصفهم الحديث فتبين ان هذه الاجتهادات غيرمرضية لله و لذلك بعث اليهم الانبياء و الرسل.

قوله <ثم في جواز التسامح> الي اخر يعني في جواز التسامح للعامي وجهان ناشئان من اقتضاء الاصل العدم و من اطلاق الادلة و نحن في عويل من تسامح المجتهد منهم فضلاً عن تسامح المقلد و لاسيما قبل الفحص فيتكل علي كل ما يسمع من عجوز نعوذ بالله و قال في الضوابط في هذه المسألة انه لو دار الامر بين الاباحة و الاستحباب او الاباحة و الكراهة الحق انه يجوز التسامح قبل الفحص لاطباق المسامحين و لا دليل علي لزوم الفحص اصلاً من الادلة الاربعة و غيرها و اقول اما اطباق المسامحين فمتي صار دليلاً علي الحق و لمايثبت حقيتهم و ليسوا بانبياء و اما قوله لا دليل علي لزوم الفحص فكفاك ان هذا الواصل ليس بشي‏ء لاية النبأ و للاخبار الناهية عن قبول خبر الفاسق و البدع هذا ان كان خبراً و لما تلونا عليك من الاخبار لو كان محض فتوي او دليل عقل و عليك طلب العلم و التفقه لجميع اعمالك و افعالك باخبار متواترة.

ثم اعلم ان الله سبحانه لما خلق الخلق و قدر في حكمته اشياء فيها فسادهم و اشياء فيها صلاحهم و علم انهم بتقديره جهال لايعلمون صلاحهم و فسادهم و علم انهم لايعيشون الا بعلمهما ارسل اليهم الرسل و انزل اليهم الكتب لطفاً و اعانةً فعلموهم ما فيه صلاحهم و لم‏يقصروا و لم‏يتركوا شيئاً فيه صلاحهم الا و نبئوهم به و علموهم ما فيه فسادهم و لم‏يقصروا و لم‏يتركوا شيئاً فيه فسادهم الا و نبئوهم به و سكتوا عن البواقي من غير نسيان بل رحمةً و فضلاً ثم قال الله سبحانه ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا و قال ياايها الذين امنوا لاتقدموا بين يدي الله و رسوله و اتقوا الله ان الله سميع عليم و قال وليه7 قال رسول الله9 ان الله تعالي حد لكم حدوداً فلاتعتدوها و فرض فرائض فلاتضيعوها و سن لكم سنناً فاتبعوها و حرم عليكم حرمات فلاتنتهكوها و عفا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۱ *»

لكم عن اشياء رحمة منه من غير نسيان فلاتتكلفوها الي غير ذلك من الاخبار و معرفة الصلاح و الفساد ليس بالتظني و الترئي و لا بالقياسات و لا الاجتهادات و انما هي توقيفية لاتعرف الا بالتوقيف و لا توقيف الا بالكتاب و السنة فما ثبت بهما رجحانه هو الصلاح و ما ثبت بهما مرجوحيته هو الفساد لايتفاوت في ذلك الواجب و المستحب و لا الحرام و المكروه و كلها من غير علم قول علي الله و هو عديل الشرك بالله كما سمعت من قوله تعالي و ان تشركوا بالله ما لم‏ينزل به سلطانا و ان تقولوا علي الله ما لاتعلمون فالحق ان المسامحة في الادلة مسامحة في الدين و في احكام رب العالمين و خاتم المرسلين و ليست بشبهة حتي اقول ان الاخذ بالشبهات اقتحام في الهلكات بل هي قول علي الله و جرأة علي رسول الله9 .

قالاصل في حجية الخبر المرسل مطلقا او اذا كان الراوي لايرسل الا عن ثقة او عدمها مطلقا اقوال مقتضي الاصل عدم الحجية سواءاً علمنا انه لايرسل الا عن ثقة معلوم الوثاقة عند الكل باعتقاده ام ظننا بذلك ام شككنا فيه اذ العلماء مختلفون في الجرح و التعديل فلعل ما فهمه المرسل ثقة عند الكل لايكون كذلك او له معارض في التزكية فوجب الفحص و العلم بكونه ثقة عند الكل اجمالاً او تفصيلاً و يمكن ان‏يقال ان لازم القول بالظن المطلق العمل بمثل ذلك عند حصول الظن منه مع كون ديدن المرسل انه لايرسل الا عن ثقة سيما مع تصريحه بذلك.

اقول: يعني في المسألة اقوال ثلثة فمنهم من قال بحجيته مطلقا و منهم من انكرها مطلقا و منهم من فصل كما ذكر.

قوله <مقتضي الاصل> اي حرمة العمل بالظن.

قوله <و يمكن> الي اخر يشعر بترديده هنا و في الضوابط بتّ عليه و المراد انه اذا علم ان المرسل لايرسل الا عن ثقة كابن ابي عمير مثلاً يمكن القول باعتباره علي مذهب من يعمل بالظن فان الظن حاصل منه و ساير العبارة ظاهرة ولكني اقول ان هذه الاصطلاحات من اصطلاحات العامة و لم‏يك مناط عمل قدمائنا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۲ *»

الا علي العلم بصحة الخبر سواءاً كان مرسلاً او مسنداً و الاخبار الساطعة الانوار كانت مطلقة و انما المناط ان‏يكون من يروي لك ثقة مأموناً معترفاً بصحة خبره سواءاً رواه مسنداً ام مرسلاً بل يحكي ان ديدن اصحابنا كان ذكر متون الاخبار من غير سند فعاب عليهم العامة ان احاديثكم مرسلة فذكروا الاسانيد و كرروها لاجل ذلك كما صنعه الكليني ثم صنعه الشيخ في اوائل كتابه و اما الصدوق فابتدأ بذكر صاحب الاصل في كتابه و ارسل كثيراً و كذا الشيخ في اواخر كتابه لما كسل عن تكرار الاسانيد و ليس بشي‏ء معتني‏به بعد ما تعهد الراوي صحة خبره و لاجل ذلك تركنا نحن في كتابنا فصل الخطاب الاسانيد بعد ما اخذناه من الكتب المصححة فمن يذهب مذهبنا يكتفي به و من رام الاسانيد فساير الكتب له موجود و في الحقيقة لايعد ذلك من المرسل اذا كان السند موجوداً في كتاب اخر و انما المرسل اذا لم‏يعرف الواسطة و علي اي حال الاخبار الامرة بالاخذ عن الثقة شاملة بل امرونا بالارسال كما مر في اخبار العمل باخبار الاحاد بل اقول علي ذلك اجماع العامة و الشيعة فان الفريقين يجوزون الاخذ عن الفقيه و فتوي الفقيه ان كانت من نص فهو حديث مرسل غاية الامر انه منقول بالمعني و ان كانت من رأيه و هواه و قياسه فلايجوز فالاخذ بالحديث المرسل محل وفاق بين الشيعة و السني و هو مدلول الاخبار و مقتضي ما قدمنا من الادلة لانها مطلقة فالمدار علي تعهده صحة ما يرسله و اما محض الرواية فلا عبرة بها سواءاً كان ارسل ام اسند.

قالاصل الكلام في الادلة العقلية الحق ادراك العقل الحسن و القبح بطريق الايجاب الجزئي و تفصيله ان الحسن يطلق علي ما يوافق الغرض و علي ما يلائم الطبع و هذان يتفاوتان بحسب الاشخاص و الطباع فهما اضافيان قديجتمعان و قديفترقان و علي صفة الكمال و علي ما يمدح فاعله في العاجل اما مطلقا بحيث يشمل فعله تعالي او مع استحقاق فاعله الثواب في الاجل فيختص بغيره تعالي و علي ما لاحرج في فعله فيشمل ماعدا الحرام او ماعدا المرجوح تحريماً و كراهةً و القبيح يقابله في كل هذه و هو مجاز في الاخير للتبادر و صحة السلب عن مثل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۳ *»

المباح و حقيقة في البواقي لعدم صحة السلب بنحو الاشتراك المعنوي و ان كان القدر المشترك مشكوكاً لا اللفظي لاصالة عدم تعدد الوضع المقدمة علي اصالة عدم وجود القدر المشترك و اما اصالة عدم الاستعمال فيه المستلزم للمجاز بلاحقيقة فمعارضة بمثلها و مدفوعة بالقطع بان اطلاقه علي تلك المعاني من باب اطلاق الكلي علي الفرد مع كون المتبادر هو الامر المجمل القدر المشترك بل الامر المبين و هو مطلق المرغوب اليه و لو من جهة عكس القبيح بل يصح سلبه عن الخصوصيات.

اقول: لما فرغ المصنف من الاجماع و الكتاب و السنة عمد الي بيان تفصيل الادلة العقلية و هي كثير منها من المسائل الكلامية فاقول كليةً انه قال ابوعبدالله7 يهلك اصحاب الكلام و ينجو المسلمون ان المسلمين هم النجباء يقولون هذا ينقاد و هذا لاينقاد اما والله لو علموا اصل الخلق مااختلف اثنان و قال متكلموا هذه العصابة من شرار من هم منهم و عن يونس بن يعقوب قال كنت عند ابي‏عبدالله7 فورد عليه رجل من اهل الشام فقال اني رجل صاحب كلام و فقه و فرايض و قدجئت لمناظرة اصحابك فقال له ابوعبدالله7 كلامك هذا من كلام رسول الله9 او من عندك فقال من كلام رسول الله بعضه و من عندي بعضه فقال ابوعبدالله7 فانت اذا شريك رسول الله9 قال لا قال فسمعت الوحي عن الله قال لا قال فيجب طاعتك كما يجب طاعة رسول الله قال لا فالتفت اليّ ابوعبدالله7 فقال يايونس هذا خصم نفسه قبل ان‏يتكلم ثم قال يايونس لو كنت تحسن الكلام كلمته قال يونس فيا لها من حسرة فقلت جعلت فداك سمعتك تنهي عن الكلام و تقول ويل لاصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد و هذا لاينقاد و هذا ينساق و هذا لاينساق و هذا نعقله و هذا لانعقله فقال ابوعبدالله7 انما قلت ويل لهم ان تركوا ما اقول و ذهبوا الي ما يريدون و عن الرضا عن ابائه عن علي: لعن الله الذين يجادلون في دينه اولئك ملعونون علي لسان نبيه انتهي.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۴ *»

و المصنف في هذه الابواب شرع في التكلم في علم الكلام و قول هذا ينقاد و هذا لاينقاد و المنازعة و المجادلة مع الاشاعرة لم‏يستند في كلمة الي قول نبي و لم‏يعتمد علي كلام وصي و تكلم في جميعها بعقله و ما ينساق و ما لاينساق فلاجرم ان اصاب لم‏يوجر و ان اخطأ اثم كماروي انه قيل لابي‏عبدالله7ترد علينا اشياء ليس نعرفها في كتاب و لاسنة فننظر فيها فقال لا اما انك ان اصبت لم‏توجر و ان اخطأت كذبت علي الله الي غير ذلك من الاخبار التي اخاف ان‏اذكرها خوفاً من النفوس الجامحة فجميع ما ذكره في هذه الابواب و ما مر من ابواب المقدمات الكلامية جميعها عندنا كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماءاً حتي اذا جاءه لم‏يجده شيئا و وجد الله عنده فوفاه حسابه و الله سريع الحساب و لايجوز عندنا التفوه فيها الا ما يرد الي محمد و ال‌محمد: ولكن لابد لنا من الكلام في شرحها و لما كانت تحتاج الي مقدمات قدم هذا الاصل فقال <الحق ادراك العقل الحسن و القبح بطريق الايجاب الجزئي> يعني يدرك حسن بعض الاشياء و قبحها.

اعلم اولاً ان العقل عند القوم هو الشعور المميز بين الاشياء و لايعرفون غير ذلك ولكن اعرف انت ذلك فان العقل ثلثة احدها العقل الشرعي الذي يسميه الانبياء و الرسل اياه عقلاً و ما سواه جهلاً و هو ما قيل لابي‌عبدالله7 ما العقل قال ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان قيل فما الذي في معوية فقال تلك النكراء تلك الشيطنة و هي شبيهة بالعقل و ليست بالعقل وقال7 من كان عاقلاً كان له دين و من كان له دين دخل الجنة انتهي و هو الذي لم‏يخلق الله خلقاً احب اليه منه و اغلب اخبار العقل المأثورة جار علي هذا العقل و حديث جنود العقل و الحديث المفصل الذي رواه هشام عن موسي بن جعفر7 و يطول الكتاب بذكر الاخبار و ذكرنا كثيراً منها في فصل الخطاب و هذا العقل نور و خير و كمال و محبوب لله عزوجل لايعصي الله و لايفتر عن عبادة الله و هو وجه من وجوه روح القدس يؤيد الانسان

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۵ *»

و يسدده و هذا العقل لايوجد الا في المؤمن و ليس هذا الكتاب موضع ازيد من ذلك و لاسيما و انا به ضنين عن غير اهله و كل من ليس بمؤمن فليس فيه عقل بل ما فيه جهل و ان شق الشعر في ساير العلوم و اي جهل اعظم من ان‏يكفر الانسان بربه او يعصيه.

و الثاني العقل الذي هو مدرك المعاني الكلية و هو من عالم الجبروت و هو في العالم الكلي العقل الكلي الذي هو اول مخلوق خلقه الله بمشيته و يعبر عنه بتعبيرات ليس هاهنا بيانه و في كل شخص جزئي هو مشعر يدرك به المعاني الكلية علي حسب سعته و هو صاحب اليقين و صاحب الموعظة الحسنة و هو ما سئل علي7 فقيل ما العقل فقال جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها عارف بالشي‏ء قبل كونه فهو علة الموجودات و نهاية المطالب  انتهي و هذا هو العقل الكلي و هو المشاراليه في حديث روي انه سئل النبي9 مم خلق الله عزوجل العقل قال خلقه ملكاً له رءوس بعدد الخلايق من خلق و من لم‏يخلق الي يوم القيمة و لكل رأس وجه و لكل ادمي رأس من رءوس العقل و اسم ذلك الانسان علي وجه ذلك الرأس مكتوب و علي كل وجه ستر ملقي لايكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتي يولد هذا المولود و يبلغ حد الرجال او حد النساء فاذا بلغ كشف ذلك الستر فيقع في قلب هذا الانسان نور فيفهم الفريضة و السنة و الجيد و الردي الا و مثل العقل الذي في القلب كمثل السراج في وسط البيت انتهي.

و الثالث الشعور الذي هو مناط التكليف و يقابل الجنون و يقال فلان عاقل و فلان مجنون او سفيه و مدار التكاليف في الشرع علي هذا و اقيم الحجة علي هذا و هذا هو العاقلة المدركة للمعاني الجزئية و هذا العقل هو مشعر من مشاعر النفس و دليله المجادلة بالتي هي احسن و لذلك تري ادلة القوم كلها مستندة الي المسموعات و المبصرات الخارجية و كلياتها غالباً مجموع الافراد او المنتزعة منها و جزئياتها الافراد و يستنبطون اكثرها من مداليل الالفاظ و ادلتها مجادلة ان كانت

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۶ *»

بالتي هي احسن فهي جايزة و الا فهي حرام و يسمون ادلتهم هذه بالادلة العقلية و هي عند الحكماء ادلة نفسية و مشعرها الكلي النفس الجزئية الدهرية و مشاعرها الجزئية العاقلة و العالمة و الواهمة و المتخيلة و المتفكرة و الحواس الخمسة الظاهرة و لااظن المصنف تعقل غير هذا العقل او ظن غيره عقلاً فانه متبجح بان ما ذكره في هذا الكتاب ادلة عقلية و ليس فيه منها كلمة و جميعها ادلة مجادلة نفسية و ليس هذا الكتاب مقام تفصيل ازيد من ذلك.

فقوله <الحق ادراك العقل> يعني به هذا العقل النفساني البرزخي الذي هو مناط التكليف و يعرف به النفع و الضر فهو يدرك الحسن و القبح في بعض الاشياء الدنياوية التي جربها و رأي عواقبها او عواقب امثالها لا كل الاشياء و ليس انه لايدرك حسناً و لا قبحاً.

ثم قال <الحسن يطلق علي ما يوافق الغرض> ماادري هذا المعني لغوي عنده او عرفي ففي اللغة الحسن الجمال و هو ضد القبح و قالوا في القبح هو ضد الحسن و مثل لذلك في الضوابط بقول القائل قتل زيد حسن لاعدائه و قبيح عند اوليائه و قول الطبيب شرب هذا الدواء حسن و هذا قبيح و علي ذلك هذا معني عرفي و ليس بمعلوم ان‏يكون ذلك في العرف العام و لم‏يثبت غاية الامر ان صح النقل فقوم قالوا كذا و لعله من خيالات المتكلمين و الذي نري انه ليس بمصطلح في ما نعلم ان‏يقول الطبيب للدواء المضر هذا قبيح و كذلك قتل زيد قبيح بمعني لايوافق غرض الاولياء بل اذا قالوا ذلك يريدون انه معصية شرعاً و حرام.

قوله <و علي ما يلايم الطبع> الي اخر و مثل لذلك المرأة الجميلة حسنة و المرأة السوداء قبيحة او الصوت الحسن حسن و صوت الحمار قبيح و لانسلم ان ذلك من جهة خصوصية ملائمة الطبع و عدم الملائمة بل الجميلة حسنة لجمالها و السوداء قبيحة لانها علي ضد الجمال و كذلك في الاصوات فان جمال كل شي‏ء بحسبه.

و قوله <بحسب الاشخاص و الطباع> سبك العبارة يشهد بان المصنف ظن الطباع جمعاً و هي مصدر استعمل اسماً مفرداً و ليست بجمع.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۷ *»

قوله <و علي صفة الكمال> كقولك العلم حسن و الجهل قبيح و لانسلم ان معني ذلك ان العلم كمال و الجهل نقص بل العلم جمال النفس و الجهل قبحها و هو علي اللغة كقول علي7 فيما نسب اليه

مااحسن الدين و الدنيا اذا اجتمعا   و اقبح الكفر و الافلاس في رجل

قوله <و علي ما يمدح> الي اخر اما في العاجل وحده كان‏ينشد رجل شعراً حسناً و شعراً قبيحاً و ليس ذلك من حيث المدح بل جمال الشعر و قبحه بحسبه و اما فيه و في الاجل كالصلوة حسنة و الزني قبيح و ذلك ايضاً من باب الجمال فان جمال الانسان من حيث الانسانية بالاخلاق الحسنة و الافعال المحمودة فان بها يحشر جميلاً في الاخرة و اي حسن احسن منها و قبحها بالاخلاق الردية و الافعال المذمومة و بها يحشر قبيحاً دميماً.

قوله <و علي ما لاحرج في فعله> كبيع المرابحة حسن اي لاحرج فيه و لا بأس به و الربوي او البيع قبل القبض قبيح و لااعرف شيئاً من هذه الوجوه و هي من خيالات المتكلمين المستبدين بارائهم الذين هم من شرار من هم منهم و الحسن هو الجمال في كل شي‏ء بحسبه و القبح ضد الحسن في كل شي‏ء بحسبه.

قوله <و هو مجاز في الاخير> الي اخر ذلك علي فرض الاستعمال في غير الجمال فمهما استعمل في غير الجمال فهو مجاز اينما استعمل و لا اختصاص له بالمعني الاخير و انما زعمه المصنف مجازاً لان المباح لاحرج فيه و ليس فيه حسن الا مجازاً و زعمه في الباقي حقيقة ماادري حقيقة لغوية و ليست او عرفية و ليست بعرف عام فلعله حقيقة في العرف الخاص بقوم لم‏نطلع عليهم نعم كل معني يلحظ فيه جمال يطلق عليه الحسن من باب الاشتراك المعنوي و اما تلك الخصوصيات فلانعرفها و ماادري وجه الاستدلال بالتبادر للمجازية نعم بصحة السلب يستدل عليه اللهم الا ان‏يريد انه حقيقة في البواقي للتبادر و مجاز في الاخير لصحة السلب حتي يستدّ العبارة.

و قوله <حقيقة في البواقي> الي اخر اذا كان القدر المشترك مشكوكاً فالاصل عدمه و اذ لا قدر مشترك فهو مشترك لفظي اللهم الا ان‏يقول نحن نعلم ان بينها(بینهماخ)

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۸ *»

قدر مشترك ولكن لانعلم انه اي شي‏ء هو و هو محض محاجة و لكن قدذكرنا نحن ان الحسن موضوع للجمال و لكل شي‏ء جمال و اعتدال بحسبه و جمال كل شي‏ء في اعتداله و كامليته فيما خلق لاجله.

قوله <لا اللفظي> الي اخر يعني ليس بمشترك لفظي بينها لان الاصل عدم تعدد الوضع و لو قيل و كذلك الاصل عدم الحد المشترك قلنا ان الاصل الاول مقدم لانه من جهة الواضع.

قوله <و اما اصالة عدم الاستعمال> الي اخر يعني لو قيل الاصل عدم الاستعمال في القدر المشترك المشكوك غيرالمعلوم و يلزم منه المجاز بلاحقيقة فيدفع بمثله بان الاستعمال في الخصوصيات ايضاً مشكوك فالمستعمل‌فيه مشكوك فالشك في الحادث و الاصل عدمه و بعد الوجود يشك في كونه مستعملاً فيه.

قوله <و مدفوعة> الي اخر يعني انا نقطع ان اطلاقهما علي تلك المعاني من باب اطلاق الكلي علي الفرد و المتبادر منه كلي مجمل بل مبين و هو في الحسن المرغوب فيه و في القبح عكسه بل يصح سلبه عن الخصوصيات.

بالجملة هذا البحث و الرد لا حسن فيه بل يقبح لصرف العمر من غير فائدة و لو كان العقل يدرك حسن الاشياء و قبحها لادرك عقولهم قبح صرف العمر فيما لا طائل فيه و حسن السكوت عما سكت الله عنه.

قالو النزاع مع الاشعري انما هو في المعني الرابع حيث ان ظاهر قدماء الاشاعرة عدم ادراك العقل المدح و الذم و الاولان لا كلام في ادراك العقل اياهما بحكم البداهة و كذا الثالث و ان كان يظهر من التهذيب انكار بعض الاشاعرة ادراك العقل اياه و الاخير داخل في النزاع ان كان المراد الحرج الاخروي لا خصوص الدنيوي و محل الكلام ادراكه المدح و الذم في نظر الكل حتي الحكيم علي الاطلاق لا في الجملة و الا لجاء الخلاف في الاطلاقات الاول و لخرج النزاع عن مقاصد الفن لنا علي الادراك في موضع النزاع اولاً بداهة الذم عند كل عاقل علي الظلم و العدوان و المدح لفاعل الاحسان و توهم كونه ناشئاً عن

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۳۹ *»

الانس بالشرع كمدح المصلي او عن العادة كذم الرجل المتلبس بلباس النساء او عن كونه صفة نقص او كمال او عن مخالفة الغرض و موافقته كقبح قتل زيد عند اوليائه و حسنه عند اعدائه او عن ملائمة الطبع و منافرته مدفوع بانا نري قبح الظلم و ان قطعنا النظر عن الشرع بل عندنا في الاديان و ان فرضنا اعتياد الناس به بل عدو زيد يذم قاتله ظلماً لاجل ظلمه و ان كان موافقاً لغرضه او ملائماً لطبعه و اما جعله من صفة النقص فلا وجه له لانه من الافعال لا السجايا فيذم فاعله و لو فعل مرة و لو سلمنا قلنا غرضنا اثبات القبح بمعني الذم و ان تسبب عن صفة النقص.

و ثانياً انه لولاه لماامتثل المكلفون باوامر الله تعالي و نواهيه لاحتمال كذبه اذ حكم العقل بامتناعه منه تعالي انما هو لقبحه لا لعدم قدرته فاذا لم‏يحكم العقل بقبحه لم‏يحكم بامتناعه فلايوثق بوعده و وعيده فلايمتثل المكلف و هو باطل باتفاق الخصم و يكون التكليف حينئذ سفهاً و التمسك في اثبات العلم بعدم صدوره عنه تعالي لجريان عادته علي الصدق مردود بنقل الكلام الي بدو الامر حيث لم‏يكن عادة فمن اين حصل العلم بالصدق الاغلبي حتي يحصل العلم العادي مع انه لايتم الا في حق قليل من المكلفين او بكون الصدق موافقاً لغرضه مدفوع بان الكذب لعله موافق لغرضه كما عليه بعض المتصوفة و بانه لايقول بكون احكامه معللة بالاغراض و بانه ما الدليل علي امتناع صدور مناف الغرض عنه او بكونه ملائماً لطبعه مزيف بكونه منزهاً عن الطبع و بانه من اين علم منافرة الكذب لطبعه و لا معاشره و بانه ما الدليل علي عدم صدور منافر الطبع عنه او بكون الكذب صفة نقص و الصدق صفة كمال و هو منزه عن النقايص مستجمع للكمالات مضعف بان الصدق او الكذب من اوصاف الافعال الظاهرة و هو الكلام لا الاوصاف الباطنة كالعلم و الجهل حتي يسمي صفة فالتسمية بالصفة خلاف المصطلح اقول سلمنا لكن النقص في صفات الافعال ليس الا القبح و بان مجرد كونه صفة نقص لايوجب عدم صدوره منه بل لابد من ادراك العقل انها ليست من صفاته تعالي فان ادعيت انه يدرك ذلك ايضاً فقدثبت المطلوب فتأمل و ان قلت ان الاجماع دل علي تنزهه عن صفات النقص قلت نقلنا الكلام الي الاجماع فان كان حجيته بنفسه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۰ *»

فهو ممنوع او لاجل الكشف عن الشرع فلعله كذب او العقل فالمطلوب ثابت و لو قيل يكفي في لزوم الامتثال احتمال صدقه دفعاً للضرر المحتمل قلنا يمكن كون وعده في محل الوعيد و عكسه فاحتمال الضرر مشترك و ايضاً لزوم دفع الضرر المحتمل ان كان بالشرع فلعله كذب او بالعقل فالمطلوب ثابت نعم للاشعري ان‏يقول بناء علي مذهبه ان حصول الوثوق اضطراري او يقول انه لاضير في تكليف السفه عند عدم الوثوق.

اقول: قوله <و النزاع مع الاشعري> قدذكرنا سابقاً ان الرسم ان‏يقول الاشاعرة اي المنسوبين الي ابي‏الحسن الاشعري و ليس كل اشعري يقول بهذا و اشعر ابوقبيلة منها ابوموسي الاشعري.

و قوله <في المعني الرابع> اي المدح و الذم و ماادري لم ‏ينازعون الاشاعرة و يحيون اسمهم و مذهبهم اما تزيلوا اما تفرقوا أليس ان الباطل يموت بترك ذكره ءاذا رجح واحد منهم قول الاشاعرة يصير اشعرياً او خالفهم يصير معتزلياً ما لكم و لهم دعوهم يموت ذكرهم و توجهوا الي انفسكم و لايلتفت منكم احد و امضوا حيث تؤمرون قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون بالجملة خص النزاع بالمعني الرابع فان الاولين يفهمهما العقل بلا كلام و تسمية فاهم ذلك بالعقل دليل علي ان عقول هؤلاء نفوسهم الناظرة من اعينهم السامعة من اذانهم.

قوله <و كذلك الثالث> اي صفة الكمال و النقص و اما الاخير اي ما لاحرج فيه ان عمم يدخل في محل النزاع.

قوله <و محل الكلام> الي اخر اي الذي فيه النزاع ليس مدح و ذم يختصان بقوم و انما المراد المدح و الذم عند الكل حتي عند الله و سبك بيانه هنا و في الضوابط يتبادر منه في الذهن ان كلمة حتي هنا للضعف فلولا ذلك لكان في نظر الحكيم علي الاطلاق بطريق اولي و ليس محل الكلام المدح و الذم في الجملة فلو كان هذان محل النزاع لجاء الخلاف في الاطلاقات الاول اي الثلثة المذكورة فانها مخصوصة باقوام و لاتعم الكل و لخرج النزاع عن مقاصد الفن فانا نريد اثبات الاحكام العامة و اثبات احكام شرعية بالعقل علي رقاب جميع العباد.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۱ *»

ثم شرع المصنف في الاستدلال فقال <لنا علي الادراك> الي اخر اي كل عاقل يذم علي الظلم و العدوان و يمدح فاعل الاحسان و هنا لابد من تفصيل فان كان الغرض ذم العاقل الظالم علي الظلم بالمعني الكلي اي وضع الشي‏ء في غير محله و مدح المحسن علي الاحسان الكلي اي وضع الشي‏ء في محله فهو حق العقل يدرك ذلك بعد تنبيه الشارع و تقويمه و تسديده العقل و تربيته له و اما دركه افراد الظلم انها افراد الظلم القبيح و افراد الاحسان انها افراد الاحسان الحسن كلية فلا وربك و اي عقل يدرك ان اخذ دية المرأة مثل دية الرجل ظلم و نصفها احسان و عدل و من يدرك ان صلوة الظهر ثلثاً قبيح و اربعاً حسن و اغلب وضعيات الشرع هكذا و لذلك قال علي بن الحسين8 ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة فالعقل لايدرك كل ممدوح و كل مذموم و انما يدرك بعض المذمومات و بعض الممدوحات بتنبيه الانبياء و ان قلت انا قلنا ان المذموم عند الكل و الممدوح عند الكل يدركه العقل فنقول ما الغرض من هذا الكل فان اردت الاستدلال من الكل علي الجزء فذلك كقولك ما يدركه كل عاقل يدركه زيد فلا فائدة فيه و ان كان الغرض ان ما ادركه زيد ممدوحاً فهو عند الكل ممدوح و ما ادركه زيد مذموماً فهو عند الكل مذموم فلا وربك فكم من شي‏ء يعده عقولنا ظلماً و قدجري به الشرع و كم من شي‏ء نراه بعقولنا عدلاً و نهي عنه الشرع و كفاك ان علياً7 يقول لولا اني رأيت رسول الله يمسح ظهر القدم لكنت اظن ان باطن القدم اولي بالمسح و كفاك ان الناس مختلفون في ادراك الحسن و القبح من الاشياء.

و ان قلت ان ذلك لاختلاف الطبايع قلت هذا البلاء العظيم الذي جعل نظر العقل حشواً رثاً لا فائدة فيه و ذلك ان العقول لما نزلت الي هذا العالم غطتها الجهل و العادات و الطبايع و الشهوات و الغضب و الالحاد و الشقاوة فاعمت عينها و غطت فهمها و عوجت ادراكها فلم‏تبق علي صرافتها و بذلك اختلفت العقول و لولا ذلك لايتلفت فانها نور العقل الكلي و هو واحد و هذا معني ما اشرنا اليه بقولنا بعد تنبيه الشارع اي ان الانسان اذا تولد لو خلي في مكانه حتي يكبر يكون كالبهائم

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۲ *»

لايدرك حسناً و قبحاً و ان ما يدركه الان هو من بركات الانبياء فاما علموه بانفسهم او علموا من علمهم و هكذا و كل ما بنا من سداد فهم و رشاد عقل فانما هو بالشرع و الا لكنا كالبهائم و لاجل ذلك يكون غير الاخذين عن الشرع كالانعام بل هم اضل و ان شقوا الشعر هؤلاء الافرنج المعروف بينهم ان الحلاقين في حماماتهم النساء و هذا يجامع حلاقه هنا و هذا يلاعب هناك من دون درك قبح و كان حكماء اليونان اذا اتفق لهم عرس يتجرد جميع قبيلة العروسين و يرقصون في المجلس بلا نكير منهم و العرب كان صلوتهم عند البيت التجرد مكشوفي العورة و المكاء و التصدية فالعقول لولا الشرع هذا حالها و سمعت ان جزيرة من الهند فيها نساء يسترن اثداءهن و يكشفن فروجهن و هذا ديدنهن بالجملة هذه العقول المغطاة بما ذكرنا لاتدرك شيئاً و لاعبرة بادراكها و الاستدلال من ادراك الجزئي علي الكل باطل كما عرفت و الاستدلال من ادراك الكل علي الجزء تحصيل الحاصل.

ثم شرع المصنف في دفع ما عسي ان‏يتوهم فقال ان توهم ان هذا الادراك ناشئ من الانس بالشرع مدفوع بانا نري قبح الظلم و ان قطعنا النظر عن الشرع و قد مر جواب ذلك ان الشرع ريض عقولكم و سددها و ارشدها و الا كنتم كالبهائم الهائمة الله اخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئا و انما علمكم النبي او علم ابائكم و علموكم بفضل تعليم الانبياء و قطع النظر عن الشرع محض خيال و الانسان لايقدر علي قطع ما تطبع عليه و ان توهم ان الادراك من اعتياد الناس دفعه المصنف بانا نري ان جميع الناس يستقبحون الظلم مع انهم معتادون به و ان توهم انه لموافقة الغرض و ملائمة الطبع دفعه بانا نري ان عدو زيد يعد قتله ظلماً قبيحاً و المصنف غافل انه علي فرض ادراك بعض الناس شيئاً انه انما يدرك قبح امر بديهي قبحه او حسن امر بديهي حسنه و ذلك ايضاً علي معني كلي مع انه بتعليم الانبياء ايضاً و ذلك ليس يخفي علي احد و لاينفع في احكام الله الجزئية و في ساير الاحكام فما يذكره ليس بدليل الا بضم الاستقراء او القياس و لا حجية فيها و ان توهم متوهم ان درك العقول قبح الظلم لانه صفة نقص فدفعه المصنف بان الظلم صفة فعل لا سجية فيكون صفة ذات فيذم فاعله و لو فعله مرة في عمره فلايقاس

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۳ *»

صفة الافعال بالسجايا و السجايا يدرك نقصها كل احد اتفاقاً و الظلم ليس منها و مع ذلك يدرك العقل قبحه.

و قوله <و لو سلمنا> الي اخر يعني علي فرض تسليم قولك يحصل غرضنا و هو ادراك العقل سواءاً كان سببه كونه صفة سجية او غيرها و جميع هذه الادلة اخص من المدعي ان كان حقاً و قدعرفت حالها مما ذكرنا.

قوله <و ثانياً لولاه> الي اخر هذا تحقيق اخر سمح به خاطر المصنف و تحريره ان صدور الكذب من الله من حيث القدرة عليه ليس بممتنع و قوله <لاحتمال كذبه> غلط عظيم و ذلك لاجل ان المصنف لم‏يكن من اهل هذا المقام بالجملة فالعقل يحكم الان بعدم صدوره منه لقبحه منه تعالي فان لم‏يدرك العقل قبح الكذب لم‏يحكم بعدم صدوره من الله فعنده يحتمل في حقه الكذب فلايثق بوعده و وعيده اقول جميع ذلك بتعليم الانبياء كما عرفت و مع‏ذلك اخص من المدعي و بانفتاق زهر لايدخل الربيع.

قوله <و التمسك في اثبات العلم> الي اخر و هذا كلام يموت منه الثكلي ضحكاً من حيث البحث و الرد يقول لو قال قائل انا علمنا بعدم صدور الكذب من الله لجريان عادته علي الصدق لا من حيث القبح رده المصنف بنقل الكلام الي بدو تولد الاله او بدو تكلمه او بدو ملكه او بدو الوهيته قبل ان‏يعتاد بالصدق و لانعرف بدو الامر الا امثال هذه و مااشبه هذا بكلام من قيل له ان الله كان يأخذ الامم السالفة بعصيانهم اسرع من هذه الامم قال كل احد في شبابه له عجلة و طيش بالجملة قوله فمن اين حصل الي اخر اي في اوائل عمر الله لم‏يتفق له صدق اغلبي حتي يحصل العلم العادي بانه عادته كذا و لايكذب مع ان هذا العلم العادي لايحصل الا في حق قليل من المكلفين المجربين ان الله لايكذب و الحال ان جميع العقول يشهد بقبحه من الله و ماادري اين كان المكلفون في بدو عمر الله.

قوله <او بكون الصدق موافقاً> الي اخر يعني اذا قيل انا علمنا بان الله لايكذب لا من حيث القبح بل لاجل انه موافق لغرض الله دفعه المصنف بانه لايجب ان‏

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۴ *»

يكون الصدق دائماً موافقاً لغرض الله بل ربما يكون الكذب موافقاً لغرضه كما قاله بعض الصوفية من ان الوعد و الوعيد لاجل مصلحة الخلق و لاحقيقة لهما انظر في الدليل و صدقني انهم يريدون ان‏يقولوا ما يدفع الخصم و ان كان الدليل لا معني له و باطلاً كيف يكون الكذب موافق غرض الله و ما غرض الله و كيف استعنت بمذهب الصوفية في رد قول خصمك و هو جدال بالتي هي اسوء و ابطال باطل بباطل فهل يعجز الله عن اظهار غرضه بصدق حسن فيستعين بكذب قبيح لم‏يرضه لعباده و يخدعهم بامر باطل فلو كان العقول تدرك الحسن و القبح لماتكلم المصنف بامثال هذه الكلمات.

قوله <و بانه لايقول> الي اخر يعني ندفع قول الخصم هذا بانه اي الخصم لايقول بكون احكامه معللة بالاغراض و تابعة للمصالح يا سبحان الله هل يعقل لحكيم ان‏يكون فعله لغير غاية و لغير غرض فما الفرق بينه و بين السفهاء و الصبيان و قدسئل ابوعبدالله7 عن شي‏ء من الحلال و الحرام فقال انه لم‏يجعل شي‏ء الا لشي‏ء و قال علي7 ان الله حرم الاشياء لمصلحة الخلق لا للخلق التي فيها و قال الرضا7 انا وجدنا كل ما احل الله تبارك و تعالي ففيه صلاح العباد و بقاؤهم و لهم اليه الحاجة التي لايستغنون عنها و وجدنا المحرم من الاشياء لاحاجة للعباد اليه و وجدناه مفسداً داعياً الي الفناء و الهلاك الحديث فجميع احكام الله لغرض و مصلحة نعم ليس لغرض عايد اليه صالح له فليس رد المصنف علي اطلاقه صحيحاً علي اي حال.

قوله <و بانه ما الدليل> الي اخر و هذا رد اخر من المصنف يعني سلمنا انه له غرض ما الدليل علي امتناع صدور منافي الغرض من الله بان‏يكون غرضه صلاح الخلق فيحكم بما فيه الفساد مثلاً او يكون الصدق موافقاً لغرضه فيكذب علي خلاف غرضه فهو قادر و لا دليل علي امتناعه.

قوله <او يكون ملائماً> الي اخر و ذلك بحث اخر يعني اذا قال قائل لعل صدور الصدق من الله لانه يلايم طبعه لا لاجل قبحه فقال المصنف انه مزيف لان الله لا طبع له و احسن من الجميع رد المصنف ثانياً انه علي فرض تسليم الطبع

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۵ *»

من اين علم ان الكذب لايناسب طبع الله و لا احد عاشره حتي يعرف طبعه و رده ثالثاً بانه ما الدليل علي عدم صدور منافر طبعه عنه يعني لايمتنع ذلك و يمكن ان‏يصدر من الله ما ينافر طبعه و لااعرف طبع الله و لااعرف منافره و هو لا ضد له لعمري الابحاث ابحاث السفهاء و الاجوبة اجوبة المحرومين و تسويد القرطاس بها اسراف ماادري ما اقول

انا ابكم رائي الرؤي و اخلتي صـــ   ـــم فمن يحكي و من ذا يسمع

قوله <او بكون الكذب صفة نقص و الصدق صفة كمال> الي اخر يعني ان قيل انا نعلم ان الله صادق لاجل ان الصدق صفة كمال و لابد و ان‏تكون فيه لا من حيث انه قبيح فاجاب المصنف المحقق المدقق عنه بان الاوصاف الباطنة كالعلم و الجهل تسمي بصفة النقص و صفة الكمال لا اوصاف الافعال الظاهرة كالصدق و الكذب العارضين للكلام و تسميتها بصفة النقص و الكمال خلاف الاصطلاح فياليته لم‏يتكلم في علم لم‏يشم رايحته و لم‏يتصرف فيما ليس له باهل و مايدري المصنف انه ليس الا الله و كماله و جميع انواره من كماله و مايدريه باصطلاح المتكلمين و محض خلاف الاصطلاح لايدل علي بطلان المراد.

قوله <و ان قلت ان الاجماع> الي اخر هذا بحث و دفع بحث اخر و هو انه ان قلت انا علمنا بصدقه تعالي من حيث قيام الاجماع علي صدقه لا من حيث القبح نقل ان الاجماع بنفسه ليس بحجة و انما هو حجة من حيث الكشف عن الشرع و انت اذا لم‏تعرف قبح الكذب فلعل الشرع كذب و الاجماع قائم علي كذب او من حيث الكشف عن العقل فالمطلوب ثابت هذا و الدليل علي حجية الاجماع ما هو ان كان هو الشرع فلعله كذب علي ما تقول و ان كان هو العقل فنمنع اعتباره بعد اجماع الامامية علي انه لا حجية فيه بنفسه و لعمرك ايها الناظر الانسان يستوحش من هذه الابحاث الواهية الخارجة عن طريقة ارباب الشعور اين الاجماع و اين هذه المسألة و ما هذا الرد أ كل مطلب يثبت باصولكم هذا و لااراكم الا كمن قيل ما الدليل علي وحدة الله قال وجود الواحد مجمع‌عليه و الاصل عدم الزايد و هذه الكلمات في نظر الحكماء اضحوكات لاينبغي للحكيم استماعها و لا صرف

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۶ *»

العمر باستماعها و ذلك مبلغهم من العلم.

قوله <و لو قيل يكفي> الي اخر بحث و دفع اخر يعني لو قيل ان ما قلتم من انه لولا ادراك العقل قبح كذبه سبحانه لماامتثل المكلفون مخدوش بان احتمال صدقه ايضاً يكفي في الامتثال دفعاً للضرر المحتمل فاجاب بما لايخطر في خلد حكيم صمداني فقال قلنا يمكن كون وعده في محل الوعيد يعني كذباً و يحتمل الصدق و يحتمل كون وعيده في محل الوعد يعني كذباً و يحتمل الصدق فاحتمال الضرر مشترك في الطاعة و المعصية و ينبغي ترك الطاعة و فعل المعصية ايضاً و ايضاً بم فهمت لزوم دفع الضرر فان كان بالشرع فلعله كذب و ان كان بالعقل فالمطلوب ثابت بالله أتحير في هذه المطالب و هذه الادلة الواهية كيف يدعون العلم بالاصول العملية مع هذه الادلة التي هي كهشيم تذروه الرياح و ان هي الا كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء فضلاً عن غيره و جميعها علي فرض الصحة اخص من المدعي و لايدخل الربيع من انفتاق زهر هذا و جميع ذلك مجادلات بالتي هي اسوء و لايجوز التكلم بشي‏ء منها بعد ورود متكلموا هذه العصابة من شرار من هم منهم و بعد ورود ويل لاصحاب الكلام و ورود النهي عن الجدال و الخصومة في الدين و قداوردنا كثيراً من اخباره في كتابنا فصل الخطاب و كفاك ما روي عن الرضا7 عن ابائه عن علي7 لعن الله الذين يجادلون في دينه اولئك ملعونون علي لسان نبيه و قال ابوعبدالله7 يهلك اصحاب الكلام و ينجو المسلمون ان المسلمين هم النجباء يقولون هذا ينقاد و هذا لاينقاد و قال ابوجعفر7 اياك و الخصومات فانها تورث الشك و تحبط العمل و تردي صاحبها و عسي ان‏يتكلم الرجل بالشي‏ء فلايغفر له انتهي و هذه هي الكلمات التي لاتغفر الي غير ذلك من الاخبار و لم‏نتعرض لرد هذه الكلمات فانها والله ليس بقابل للتوجه و ساير كتبنا بعلم الكلام مشحون قدملأت الاصقاع و طرقت الاسماع فان شئت فراجع.

قوله <نعم> الي اخر يعني انهم علي مذهبهم من القول بالجبر يسعهم ان‏يقولوا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۷ *»

ان حصول الوثوق و الامتثال اضطراري و ان‏لم‏يعتقد العبد قبح الكذب عليه و يسعهم ان‏يقولوا ان تكليف السفه ايضاً عند الوثوق جايز فلايتم استدلالكم. و قوله <و تكليف السفه> كلمة عجمية لااعرف لها عربية.

قالو ثالثاً و رابعاً انه لولاه لم‏يعلم الفرق بين النبي و المتنبي و لم‏يعلم صدق النبي المعلوم نبوته لاحتمال اظهار المعجزة علي الكاذب او ارساله رسولاً  كاذباً و التاليان باطلان باتفاق الخصم و بكون بناء المسلمين علي امكان العلم بهما و بلزوم ارسال الرسل و التكليف سفهاً و عبثاً الا ان‏يقول انه بمجرد الاطلاع علي صدور الخوارق منه يحصل العلم بنبوته و ان ديدن الناس علي ذلك و ليس اتكالهم في حصول العلم علي الدليل العقلي المذكور الذي لايفهمه الا الاقل من المكلفين او ان العلم بالامرين اضطراري و لمكان الجبر لكنك خبير بان الجبر مخالف للعيان مع ان الخصم يعترف بحقية شريعتنا و ببطلان التكليف بما لايطاق شرعاً للاية الشريفة لايكلف الله نفساً الا وسعها و لازم ذلك بقاء التكليف و فقد التكليف بما لايطاق فلاجبر حينئذ بل ظاهر الاية الشريفة ان للمكلف حالة وسع و حالة عدم وسع و الجبر يستلزم حصر الحالة في واحدة.

اقول: بعد ما ذكر المصنف وجهين من ادلته علي درك العقول الحسن و القبح اراد ان‏يذكر وجهاً ثالثاً و رابعاً فقال لولا ادراك العقل الحسن و القبح لم‏يعلم الفرق بين النبي و المتنبي فان النبي يعلم صدقه بمعجزته و انت تقول العقل لايدرك قبح شي‏ء فلاتدرك قبح وجود المعجز مع الكذب فلعله كاذب و جري علي يده معجزة و كذلك لاتدرك قبح ارسال رسول كاذب فلعله كاذب.

قوله الا ان‏يقول قائل ان العلم بالنبوة يحصل بمجرد رؤية خارق العادة و كان بناء المسلمين علي ذلك بل بناء جميع الناس علي ذلك و ماكانوا يتكلون علي هذه الادلة الدقيقة العقلية التي لايعرفها الا الاقلون فليس يتوقف العلم بالنبوة علي معرفة العقل حسن الصدق و قبح الكذب فلايلزم ما قلت في الدليل الثاني.

قوله <او ان العلم بالامرين اضطراري> الي اخر يعني اذا قال قائل جبري ان

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۸ *»

العلم بالنبوة و بصدق النبوة اضطراري فليس من باب درك العقل الحسن و القبح رده المصنف المحقق بان الجبر مخالف للعيان فجميع الجبريين علي ذلك عميان و لو كان الامر كذلك لمااختلف اثنان.

قوله <مع ان الخصم> الي اخر يعني ان الاشعرية في فرق الاسلام ظاهراً و هم معترفون بحقية شريعتنا و من شرعنا متابعة الكتاب و فيه لايكلف الله نفساً الا وسعها فنحن يسعنا فعل كل عمل و تركه و لازم اقرارهم بذلك ان لاجبر فانه علي قولهم العاصي لايسعه عدم العصيان مع انه كلف بتركه فهو يطيقه و يسعه بل ظاهر الاية ان للانسان حالة وسع كلف بها و فوق وسع لم‏يكلف بها و مقتضي الجبر ان له حالة واحدة فقدثبت بعلم الاصول ايضاً مع انه مبذول انه لاجبر مع ان علياً7 يقول انه سر من سر الله و ستر من ستر الله و حرز من حرز الله مرفوع في حجاب الله مطوي عن خلق الله مختوم بخاتم الله سابق في علم الله وضع الله العباد عن علمه و رفعه فوق شهاداتهم و مبلغ عقولهم الحديث و لم‏نتصد بشرح حقيقة الحال في هذه المسائل لان ساير كتبنا بها مشحون و كذا لم‏نتصد بشرح حقيقة الحق في ساير الكلمات في هاتين الفقرتين لانا لم‏نحب صرف العمر في حماية احد القولين مع ان القولين عندنا باطلان فتركنا بعضهم يرد علي بعض بما شاءوا.

و اما الاشارة الي حقيقة المطلب ان العقل عقلان عقل كلي محيط بالاشياء من جميع جهاتها كما سئل علي7 عن العقل فقال العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها عارف بالشي‏ء قبل كونه فهو علة الموجودات و نهاية المطالب انتهي فهذا هو العقل الكلي و ليس غيره بهذه المثابة و كذلك ما روي في صفته انه ملك له رءوس بعدد الخلايق فهذا هو العقل الكلي و كذلك ما روي في ان اول ما خلق الله العقل فهو العقل الكلي لا عقل كل جزئي فهذا العقل يدرك حقايق الاشياء الكلية بذاته و الاشياء الجزئية بالاته و ادواته و يعرف الاشياء و قراناتها و ما يحدث منها فيعرف كل شي‏ء في ذاته و محله و حده انه في غاية الحسن و ليس في الامكان احسن مما كان فكل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۴۹ *»

شي‏ء حسن في حده و مكانه و جميل في وضعه كيف لا و هي ظهور جمال الله و كماله فارجع البصر هل تري من فطور الذي احسن كل شي‏ء خلقه و يعرف قران كل شي‏ء بكل شي‏ء و تأثير كل شي‏ء في كل شي‏ء فما اثر في شي‏ء تأثير بقاء و ثبات و قوة له هو له صالح و ما اثر في شي‏ء تأثير فناء و زوال و ضعف له هو له فاسد فالعقل المحيط بالاشياء يعرف كل صلاح لشي‏ء و كل فساد لشي‏ء و من الاشياء الانسان و من الاشياء ما فيه صلاحه و منها ما فيه فساده و العقل الكلي المحيط يعلم ما فيه صلاح الانسان و ما فيه فساده فان شئت فسم الصلاح بالحسن فهو حسن للانسان و الفساد بالقبيح فهو قبيح للانسان فعلي هذا المعني العقل الكلي يعرف كل حسن لشي‏ء و كل قبح لشي‏ء.

و عقل جزئي و هذه العقول ان كانت صرفاً و علي حسب صدورها من مؤثرها ليست محيطة بالاشياء لحدودها الخاصة و انحصارها في مميزاتها و لاجل ذلك ليس كل ما يدركه عاقل يدركه كل عاقل لو علم ابوذر ما في قلب سلمان لكفره و فوق كل ذي‏علم عليم و مااوتيتم من العلم الا قليلا فالعقل الجزئي علي فرض الصرافة ليس يدرك حسن كل شي‏ء و قبح كل شي‏ء و انمايدرك ما يحضره و يسعه و ينطبع فيه فالقوم بعد ان جميع ادلتهم التي مرت اخص من المدعي غاية ما يقدرون علي اثباته ان‏يجدوا موردين او موارد معدودة ادرك عقولهم حسنها و قبحها و ذلك لايثبت ان العقل الجزئي يدرك كل حسن و كل قبح و الادلة الاصولية العملية لاتمشي في هذه المسائل الواقعية الخارجية كما كررنا في هذا الشرح ففي المورد الخاص الذي يريد الاصولي ان‏يستدل بالعقل و لا كتاب و لا نص انه له ذلك باي دليل يستدل ان عقلي الجزئي ادرك هذا الحسن الخاص او القبح الخاص و جميع ادلتهم اخص من المدعي و لايجب ان‏يكون من رأي مكة قدرأي شاماً ايضاً و من رأي زيداً ان‏يكون رأي عمراً و من علم علم الاسطرلاب ان‏يكون علم علم الرمل ايضاً و لنا ادلة من الكتاب و السنة و العقل ان العقل الجزئي لايدرك كل شي‏ء و كفاك  مااوتيتم من العلم الا قليلا و اكثرهم لايعقلون مع مائة آية و قول السجاد7 ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة مع الف و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۰ *»

مأتين و ستة و عشرين حديثاً منها ما سمعت.

فالعقول الجزئية علي فرض صرافتها تدرك اموراً عديدة و اما الان فقدشيبت بالجهل و العادات و الطبايع و الشهوات و البغض و الالحاد و الشقاوة و ساير اللطخ و الخلط و الانس و الحمية و الاغراض و الامراض و ما لايحصي فعميت بعد ما كانت مبصرة و صمت بعد ما كانت سامعة و جهلت بعد ما كانت عالمة والله اخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئا و لذلك احتجتم الي ارسال الرسل و انزال الكتب و التعليمات و التنبيهات و الحدود لعلكم تتذكرون مع ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين و لتنذر من كان حياً انما انت منذر من يخشاها فلاجل ان قلوبهم و عقولهم مريضة مصبوغة معوجة ارسل اليهم الرسل و انزل عليهم الكتب و حرم عليهم الاستبداد و اوجب عليهم طلب العلم و الرشاد انما انت منذر و لكل قوم هاد و من يقل منهم اني استبد برأيي و عقلي فقدادعي النبوة من غير بعث و الرسالة من غير ارسال و الحجية من غير حجة و المشاركة مع الانبياء و الرسل و قدخص الله محمداً بما يري دون غيره و قال فاحكم بينهم بما اراك الله و قال ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا و لا رأي لغيره و لا حكم و شدد علي الاستبداد في كتابه بما لم‏يشدد مثله الا علي الشرك و حرم حججه ذلك و شددوا علي الناس بما لم‏يشددوا مثله علي السحر و الكهانة بل علي قتل النفس و الزني بل الا علي الشرك و علي عبادة الجبت و الطاغوت فان ذلك ادعاء مقام ال‏محمد: و فيه تخريب الدين و شرك برب العالمين

هذا جناي و خياره فيه   و كل جان‌ يده الي فيه

فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر هذا الاعتقاد الذي عليه احيا و عليه اموت و عليه ابعث ان شاء الله.

قالاصل الحق ان العقل كما يدرك المدح و الذم كذا يدرك استحقاق

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۱ *»

الثواب و العقاب بنحو الايجاب الجزئي كما عليه الامامية الا القاصرين منهم خلافاً للاشاعرة حتي الزركشي فالمنع مطلقا و للتوني فالمنع في العمليات لنا قضاء الضرورة و حكم العقلاء بان المولي ليس عادلاً اذا لم‏ينتقم من عبده الظالم لعبده المظلوم و بذم من ترك انقاذ الغريق المحسن اليه مع قدرته عليه معللين بان جزاء الاحسان هو الاحسان مع تنقيح المناط العقلي بملاحظة طريقة العقلاء فان ترتب الثواب و العقاب علي الامر و النهي اللفظيين اي الواجب الشرعي ليس الا لاجل محبوبية المأموربه و مبغوضية المنهي‌عنه المعلومتين بخطاب الشرع الكاشف عنهما فاذا قطعنا من العقل بالمحبوبية و المبغوضية كما ثبت في الاصل السابق لزم القطع بترتب الثواب و العقاب و لاخصوصية للامر اللفظي لحكم العقلاء باستحقاق العبد القاتل لولد المولي ظلماً الذم و العقاب و ان لم‏يكن نهاه عنه بل و ان قال له قبل ذلك كل شي‏ء لك مطلق حتي انهاك عنه مع انه لولا ذلك لما كان تحصيل معرفة الله سبحانه و لا معرفة النبي9 و لا النظر الي المعجزة واجباً اذ الدال عليه ان كان العقل فهو معزول او الشرع بعد حصول المعرفة فتحصيل للحاصل او قبله فهو فرع ثبوت لزوم اطاعته فيدور او يتسلسل و هذا لايرد علي المفصل لكن يرده بعد ما مر ان العقل لو لم‏يدرك في العمليات البديهية كقبح الظلم و العقاب عليه لم‏يدرك في العقايد النظرية بطريق اولي ثم نظره في التفصيل الي ما دل علي تعذيب عبدة الاوثان و فيه انه ان جعل سبباً لادراك عقولهم في العقايد فهو غيرمعقول او كاشفاً عنه جاءت الاولوية.

اقول: اعلم ان هذه المسألة و امثالها مما اخترعها العامة لما بقوا بعد رسول الله9 بلاقائد و القي حبلهم علي غاربهم فمشوا حياري تائهين في فيافي الضلالة فاستبدوا بارائهم و استقلوا بعقولهم فاحتالوا لانفسهم مدارك يستخرجون منها المسائل لا لامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حكمة بالغة فلاتغني الايات و النذر عن قوم لايؤمنون ثم احتالوا لسد ما عسي ان‏يورد عليهم من الاخبار فقالوا ان الاخبار ظنية و اصولنا قطعية فمنعوا عن اثار رسول الله9 كلية و سموها نقلية ظنية و مااشتروها بفلس و ضربوها علي عرض

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۲ *»

الحائط و ان كان قداستدل فيها بالحكم الالهية و الادلة الصمدانية و سموا ما نقل عن اضرابهم عقلية و استعملوها في شهرتهم و اجماعهم و في اكثرهم و اشهرهم و ان خلت عن الادلة و صاروا شركاء لرسول الله9 فكان عليهم الاصول و علي رسول الله9الفروع ثم اغتر بهم بعض الامامية مع ان له اماماً و حجة و تكلموا في معقولاتهم بالعقل فقبلت عقولهم شيئاً و انقادت لها و انكرت شيئاً فدفعته حتي بلغ الامر الي ما تري من انهم يكتبون كتاباً ليس فيه اسم الله و اسم لرسوله من اوله الي تاليه و لو سميت من الحجج احداً و رويت خبراً رشقوك بسهام مسددة و زلقوك بالسنة حداد ان هذا ظني فلاتنطق به في عرصتنا فان عرصتنا عرصة العلم الاستقلالي و المرد الي الله فحكموا في كل المسائل بالاراء و العقول الناقصة ثم بنوا فقههم علي ذلك و انما سولت نفوس العامة بهذه المسائل المسطورة في باب الادلة العقلية لان‏يدفعوا قول قائل لو قال ان ما تقولون بعقولكم هو شرعكم و دينكم كيف صار شرع محمد9 و دينه فسول لهم نفوسهم هذه المسائل بان ما حكم به العقل هو ما حكم به الشرع و ان العقل يدرك الاستحقاق و اذا تحقق الاستحقاق تحقق الثواب و العقاب و اذا تحققا تحقق اسباب النجاة و الهلاك و اسباب النجاة هي دين الله و ان الدين عند الله الاسلام فما نقوله بعقولنا و رأينا هو الاسلام.

و لما كان هذا شركاً بالله العظيم في التشريع و برسول الله9 في النبوة و بالائمة: في الامامة نهوا عن ذلك اكثر من جميع المحرمات فانه لايبلغه محرم من المحرمات حتي لو زني بامه في بيت الله سبعين مرة فانه معصية يعود ضرره اليه وحده و لايخرب دين العباد في البلاد و هذه المسألة قدخربت دين العباد في البلاد حتي انه عرف الشافعي و الحنبلي و المالكي ذلك و انكروا علي ابي‏حنيفة و سموه و اصحابه باصحاب الرأي و انكر عليهم ابن‏عربي علي ما نقل عنه اشد انكار حتي جعل الخبر الضعيف احسن من رأي اصحاب الرأي و اوجب العمل عند المعارضة بالخبر الضعيف و لم‏يجوز الفتوي الا بالنص و لم‏يجوز بالرأي و القياس و ورد الاخبار من العامة و الخاصة علي النهي عن ذلك كما سمعت و نزل الايات بذلك و ماادري ما ساق

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۳ *»

قوماً الي الاغترار بقول اولئك و المعصوم من عصمه الله و اشهدوا ان قولي في جميع الاشياء قول ال‏محمد: فيما اسروا و فيما اعلنوا و في ما بلغني عنهم و في ما لم‏يبلغني.

بالجملة قال المصنف <الحق ان العقل> الي اخر يعني كما حققنا في الاصل السابق ان العقل يدرك المدح و الذم كذلك يدرك بعض الثواب و العقاب كما عليه الامامية اعلم ان الثواب هو الجزاء و الكفاء و العقاب هو المعاقبة علي الشي‏ء و هو الجزاء الذي يكون عقيب العمل السيئ كفاء عمله و الله سبحانه احد غيرمحدود بحد و غيرملتزم بشي‏ء و لايجب عليه شي‏ء ابداً و لايكون مضطراً الي شي‏ء ابداً و ليس لاحد حق عليه يطلبه به ابداً فلا ثواب عليه بقهر و لاعقاب و لايستحق احد منه ثواباً فيحق عليه ان‏يثيبه و لايستحق احد منه عقاباً فيحق عليه ان‏يعاقبه هو رب احد قدوس مختار يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد فلو اراد اهلاك انبيائه و حججه فعل و ليس لهم عليه حق ثابت و لو اراد انجاء كافر فعل و ليس لاحد ان‏يلومه اقرأ دعاء السجاد7 بعد الثامنة من الليلية الهي وعزتك و جلالك و عظمتك لو اني منذ بدعت فطرتي من اول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة في كل طرفة عين سرمداً ابداً بحمد الخلائق و شكرهم اجمعين لكنت مقصراً في بلوغ اداء شكر اخفي نعمة من نعمك علي و لو اني كربت معادن حديد الدنيا بانيابي و حرثت ارضها باشفار عيني و بكيت من خشيتك مثل بحور السموات و الارضين دماً و صديداً لكان ذلك قليلاً في كثير ما يجب من حقك علي و لو انك الهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق اجمعين و عظمت للنار خلقي و جسمي و ملأت طبقات جهنم مني حتي لايكون فيها معذب غيري و لايكون لجهنم حطب سواي لكان ذلك قليلاً في كثير ما استوجبه من عقوبتك انتهي أتري بعد هذا الدعاء استحقاق ثواب من احد و وجوب الاثابة علي الله جل وعز بحيث اذا لم‏يثبه قبح عليه ترك الاثابة و كذلك لايجب عليه عقاب مسي‏ء بحيث يقبح عليه التخلف عنه بل يثيب فضلاً و كل نعمه ابتداء و كل احسانه تفضل و يعاقب عدلاً.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۴ *»

و قول المصنف <لنا قضاء الضرورة> الي اخر كل ذلك خيال منه و توهم و قياس الخالق الغني الاحد بالمخلوق الفقير العاجز المحصور الاتري انه لو ظلم عبد عبداً لايجب علي الله الانتقام من الظالم للمظلوم و لو شاء اعطي من وجده المظلوم حتي يرضي و يعفو عن الظالم و اما القياس بترك انقاذ الغريق فمع الفارق فانه ليس لاحد حق علي الله و لا احسن اليه احد حتي‏ يثبت له حق عليه الم‏تسمع في معني قوله هل جزاء الاحسان الا الاحسان ان معناه هل جزاء من انعمنا عليه بالتوحيد الا الجنة و متي صار حكم العقلاء حجة الله مع انك تريد ان‏تثبت حجية حكم العقل و ذلك دور ظاهر.

و قوله <معللين> الي اخر ذلك يجري في الخلق لا بينهم و بين الخالق اذ لا محسن الي الخالق.

قوله <مع تنقيح المناط> الي اخر لا شك ان المناط ينقح بالعقول و الكلام في رأي العقول و انا نقول لاعبرة بنظر العقول في النظريات مطلقا و الاتكال عليها استبداد بها عن الرسول و الامام و لايجوز ابداً و الانسان الجزئي الجاهل لايقطع بمحبوبية امر لله عزوجل و مبغوضيته بصرف عقله من دون حاجة الي الرسل كما ذكرنا في الاصل السابق و لا اذا عرف محبوبية محبوب يمكن القطع بترتب الثواب عليه بل المقطوع عدم وجوب اثابة علي الله و عدم وجوب معاقبة عليه ثم قياسه الرب بالمربوب الفقير المحتاج المتضرر بما ينقص منه خطاء ظاهر و الكلام في حجية العقل و العقلاء ليسوا بانبياء و ليس حكمهم مناط دين الله و ليس اذا ابطلنا نظر العقل في النظريات و الخفيات يبطل بعض ما يدركه بالبداهة بهداية الانبياء و الرسل و ليس الحكم بكلي.

قوله <مع انه لولا ذلك> الي اخر هذا ايضاً خطاء ظاهر بين فاولاً لاجل ان الشرع قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق و لم‏يخل الله الارض من شارع فهم نبهوا رواقد العقول و بلغوا اليهم لزوم المعرفة و اولجوه في اسماعهم قهراً و ثانياً الانسان لايخلو اما هو غافل مطلق لم‏يخطر في خياله شي‏ء من المعرفة و غير المحسوسات و لم‏يطلع علي الخلاف بين الناس ابداً ابداً فهو غافل محض كالواقع في جزيرة من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۵ *»

البحر مثلاً فلا ربه يوجب عليه شيئاً و لا عقله و ان كان جاء اليه الرسل و نبهوه علي المعرفة استوجبه علي نفسه بتعليم الانبياء و الرسل و لايقاس ذلك بالجزئيات النظرية التي ليس للعقل قوة ادراكها ان الناس جعل فيهم قوة معرفة رب مجملة و قوة معرفة نبي مجملة و الانبياء و الرسل يثيرون تلك القوي بالتعليم و الدليل و البرهان حتي تصير بالفعل كالتلميذ الذي له قوة التفقه و يخرج استاذه تلك القوة الي الفعلية بالتعليم و التأديب حتي يصير فقيهاً عالماً و كذلك ان الله لم‏يخلق عاقلاً قبل نبي و ان من امة الا خلا فيها نذير و النذر هم المعلمون جاءوا و علموا اطفال العقول حتي استمكنوا من معرفة الله و معرفة رسوله و لم‏يتركهم الانبياء حتي‏يستوجبوا الفحص بعقولهم و يذهبوا هم في طلب الانبياء و انما ارسل الانبياء اليهم قهراً و ذكروهم و نبهوهم قهراً و اتموا عليهم الحجة فان قبلوا نجوا و الا انزلوا عليهم العذاب و اهلكوهم و لم‏يدعوا لك مجالاً لهذا المقال.

قوله <و هذا لايرد علي المفصل> الي اخر و المراد بالمفصل الفاضل التوني و من يقول بقوله من ان العقل يدرك الثواب و العقاب في العقايد و لايدركهما في العمليات فقال هذا الذي ذكرنا اخيراً من ملازمة عدم وجوب العقايد لايرد علي التوني و من يقول بقوله كما هو ظاهر ولكن لنا ان‏نرده بان درك الثواب و العقاب في الاعمال اوضح من العقايد فان لم‏يدرك في الاعمال ففي العقايد بطريق اولي و هذا اشتباه من المصنف فان العقول الجزئية تدرك الكليات و لاتدرك الجزئيات كما حقق في الحكمة الاتري انك مع جزئيتك تدرك الكليات السارية في السماء و الارض و لاتدرك ما هو خلف الحائط بل ما علي ظهرك علي جلدك و العقايد امور كلية يمكن دركها و اما الاعمال فهي جزئيات و مع ذلك مشيبة باعراض من كل جهة فلايسع العقول درك ما فيها و يسعه ادراك العقايد و وكل اليها و امرت به.

قوله <ثم نظره في التفصيل> الي اخر يعني نظر اهل التفصيل الي ما دل من الاخبار علي تعذيب عبدة الاوثان فلو لم‏يكن العقل يدرك العقايد و كان ادراكها حجة عليه لما كان من العدل تعذيب عبدة الاوثان فاجاب المصنف المحقق ان تلك الاخبار لاتخلو اما ان‏يقال فيها انها صارت سبب ادراك عقولهم فذلك باطل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۶ *»

بالضرورة او كاشفة عن ادراك عقولهم فدركها الاعمال اولي انتهي.

اقول و نحن بواد و العذول بواد و قدذكرنا ان الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق و هم نبهوا رواقد العقول و ذكروهم و علموهم فمن اشرك بعد ذلك فقداستحق العذاب الاليم بالبداهة و اما ان‏اتفق رجل في جزيرة مثلاً لم‏يسمع شيئاً ابداً و لم‏يعقل شيئاً ابداً فليس بمكلف ابداً و لايعذب بشي‏ء ابداً بمقتضي العدل و بمقتضي قوله سبحانه لايكلف الله نفساً الا ما اتيها و اما ان عقل و سمع و تهاون و اتبع الشبهات فيعذب لانه قد تم عليه الحجة و اما ان عقل و لم‏يسمع شيئاً فقدقال الله سبحانه و ما كنا معذبين حتي نبعث رسولا و ان الله سبحانه لم‏يجعل العقول لتستقل و لو جعلت مستقلة لجعلت معصومة لاتختلف افرادها و في احوالها و لمااحتاجت الي ارسال الرسل و انزال الكتب و انماجعلت مشاعر لو اتت الرسل و دلتها و عرفتها عرفت قال ابوجعفر7 ليس علي الناس ان‏يعلموا حتي يكون الله هو المعلم لهم فاذا علمهم فعليهم ان‏يعلموا و قال ابوعبدالله7 ستة اشياء ليس للعباد فيها صنع المعرفة و الجهل و الرضا و الغضب و النوم و اليقظة و قال7 لم‏يكلف الله العباد المعرفة و لم‏يجعل لهم اليها سبيلا وسئل7 عن قول الله عزوجل و كتب في قلوبهم الايمان هل لهم في ذلك صنع قال لا وقال7 ان الله احتج علي الناس بما اتاهم و عرفهم و قيل له7 هل جعل في الناس اداة ينالون بها المعرفة فقال لا فقيل فهل كلفوا المعرفة قال لا علي الله البيان لايكلف الله نفساً الا وسعها و لايكلف الله نفساً الا ما اتاها و قال7 ليس لله علي خلقه ان‏يعرفوا و للخلق علي الله ان‏يعرفهم و لله علي الخلق اذا عرفهم ان‏يقبلوا و قيل للرضا7 للناس في المعرفة صنع قال لا قيل لهم عليها ثواب قال يتطول عليهم بالثواب كمايتطول عليهم بالمعرفة و عن ابي‏عبدالله7 في قول الله و ما كان الله ليضل قوماً بعد اذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون قال حتي يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه الي غير ذلك من الاخبار.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۷ *»

فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر و بالايات و الاخبار اعتبر ان العقل في درك الاشياء كالعين ليس فيها شي‏ء و كالمرءاة ليس فيها شي‏ء فان قابلتها بشي‏ء انطبع فيها مثاله فان كانت صافية و حكت علي ما هو عليه مدحتها و ان كانت كدرة و غيرت او لم‏تحك ذممتها فكذلك ان الله سبحانه اعطي الانسان عقلاً من شأنها درك ما القي اليه الانبياء و الحجج بلاواسطة او بواسطة فان كان علي الفطرة التي فطر الله الناس عليها و لم‏يغير خلق الله عرف ما القوا اليه و صدقهم و الا كذبهم و خالفهم و لولا حجج الله ما كان يدرك حقاً من باطل و لم‏يك اعتبار بما عرف و لم‏يحتج الله عليه به بلاحججه فلو جاءت الحجج و لا عقل لم‏تكن تنفع و لو كانت العقول و لا حجج لم‏تكن تنفع لانها ليست بمعصومة و ليست دراكة من غير تنبيه ارأيت لو ولد طفل و القي في بئر و ربي بحيل من غير معاشرة الي ان‏يكبر كان‌يعقل شيئاً و يعقل هذه البراهين و علم الكلام و الحكمة و الاصول و تحقيقات المصنف و ما ينسبه الي ضرورة العقلاء حاشا و كلا و لو كان كذلك لما كان يحتاج الي رسول و كتاب و لكان الاعذار التي عذرهم الله بها غيرموجه و هو قوله ان‌تقولوا يوم القيمة انا كنا عن هذا غافلين او تقولوا انما اشرك اباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون و قال و لو انا اهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا ارسلت الينا رسولاً فنتبع اياتك من قبل ان‏نذل و نخزي و قال كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها الم‏يأتكم نذير قالوا بلي قدجاءنا نذير فكذبنا و قلنا مانزل الله من شي‏ء ان انتم الا في ضلال كبير و قالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لاصحاب السعير و قال يا اهل الكتاب قدجاءكم رسولنا يبين لكم علي فترة من الرسل ان‏تقولوا ماجاءنا من بشير و لا نذير فقدجاءكم بشير و نذير.

فتبين و ظهر ان الحجة لاتتم علي الخلق الا بالمطبوع و المسموع و لاينفع احدهما بدون الاخر فليس العقل يستقل بالادراك و اما باعانة الحجج فيمكنه ان‏يدرك الكليات و يدل علي ذلك قول علي7 بالحكمة يستخرج غور

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۸ *»

العقل و بالعقل يستخرج غور الحكمة انتهي و الحكمة هي السنة لقوله تعالي يعلمهم الكتاب و الحكمة و ان كانوا من قبل لفي ضلال مبين فقبل تعليم النبي يكون الناس في ضلال مبين لايهتدون الي شي‏ء و كذلك قال الله سبحانه ذلك ما اوحي اليك ربك من الحكمة فالسنة حكمة و بها يستخرج غور العقل و قال علي7 العلم علمان مطبوع و مسموع و لاينفع المطبوع اذا لم‏يكن مسموع انتهي فالعلم الطبعاني لاينفع من دون ارشاد المسموعي و اما في الجزئيات فيحتاج الي التوقيف في كل جزئي جزئي و لذلك صار جميع احكام الله توقيفية.

قالاصل قالوا كل ما حكم به العقل حكم به الشرع و المراد انه كل ما حكم به العقل فهو كذلك في متن الواقع و ان لم‏يجعل الشارع له حكماً اذا قلنا بجواز خلو الواقعة عن الحكم او جعله و لم‏يبينه لنبيه او بينه له و لم‏يبينه هو لسفرائه او لم‏يبين السفراء لعباده فان كل هذه المراتب خارجة عن هذا النزاع و الحق حجية العقل القاطع حتي في الفروع خلافاً للاخباريين كما يظهر من صدرالدين حيث منع من الحجية بعد تسليم ادراك المدح و الثواب و الذم و العقاب و يعم النزاع ما كانت الاستفادة و المستفاد فيه (منه خ‏ل) اصليين كقبح الظلم او تبعيين كوجوب مقدمة الواجب او مختلفين كما في قضية ابان اذ الاول قدر متيقن و يشهد للثالث تمسك الاخباري هنا بخبر ابان و للثاني قول الفاضل المذكور بان اتفاق المحدثين و الاخباريين حجة كاشفة عن وجود دليل علي المتفق‌عليه لانهم لايقولون بالاستلزامات العقلية بخلاف المجتهدين لقولهم بها و احتمال نشو اتفاقهم منها.

اقول: قوله <قالوا كل ما حكم به العقل> الي اخر يعني ان لهذا الكلام الذي جعلوه كالوحي و ليس بوحي معنيان محتملان احدهما ان ما حكم به العقل و ادرك له مدحاً و ثواباً او ادرك له ذماً و عقاباً فهو عند الله ايضاً كذلك اي يحكم كذا ان حكم و ان لم‏يجعل الان له حكماً اذا قلنا بجواز خلو الواقعة عن الحكم مع ان المصنف رجح عدم الجواز و ثانيهما انه عند الله كذا و جعل له حكماً سواءاً لم‏يبينه لنبيه او بينه له و هو لم‏يبين لسفرائه او بينه لهم و لم‏يبينوا لعباده و هذه تشقيقات

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۵۹ *»

سمحت به خاطرهم و عزلوا النبي9 عن ان‏يكون عيبة علم الله و ان يكون الله اكمل له دينه و اتم عليه نعمته و عزلوا الوصي عن ان‏يكون عيبة علم النبي و قصر الرسول9 عن ابلاغ دينه اليه انظر ماذا تري هل ينافي هذه التحقيقات مذهب الشيعة ام لا فهذا القسم الثاني لا كلام فيه و انما الكلام في القسم الاول.

قوله <و الحق> الي اخر ليس هذا بحق و انما الحق مع علي و علي مع الحق الحق معكم و فيكم و اليكم و منكم و انتم اهله و معدنه.

و قوله <خلافاً للاخباريين> ما هو لهم خاصة بل خلافاً للكتاب و السنة المتواترة و لابد ان‏نذكر شطراً منها هنا ايضاً فعن النبي9 لما نزل قوله اذا جاء نصر الله و الفتح قال رسول الله9 ان الله قضي الجهاد علي المؤمنين في الفتنة بعدي الي ان قال يجاهدون علي الاحداث في الدين اذا عملوا بالرأي في الدين و لا رأي في الدين انما الدين من الرب امره و نهيه انتهي و هل الرأي الا ما عليه اصحاب الرأي و هم ابوحنيفة و اصحابه و هل كانوا يحكمون الا بهذه الادلة الاصولية العملية التي يحكمون فيها بعقولهم و هل اراؤهم غير ما اُثِرت و اخترتم بعضها لادلتها و تركتم بعضها لادلة مثلها من غير استناد الي كتاب و سنة فلو ذكر لكم مسلم اية او رواية قلتم هذه ظنية و لا عبرة بها في الاصول العملية و انما المدار فيها علي العقول.

و قال علي7 قـال رسول الله9 ستفترق امتي علي ثلاث و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و الباقون هالكون و الناجون الذين يتمسكون بولايتكم و يقتبسون من علمكم و لايعملون برأيهم فاولئك ما عليهم من سبيل و قال اميرالمؤمنين7 ان المؤمن لم‏يأخذ دينه عن رأيه ولكن اتاه عن ربه فاخذ به و قال ابوعبدالله7 في قول الله عزوجل اهدنا الصراط المستقيم يقول ارشدنا للزوم الطريق المؤدي الي محبتك و المبلغ الي رضوانك و جنتك و المانع من ان‏نتبع اهواءنا فنعطب او نأخذ بارائنا فنهلك و قال7 مااحد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۰ *»

احب الي منكم ان الناس سلكوا سبلاً شتي منهم من اخذ بهواه و منهم من اخذ برأيه و انكم اخذتم بامر له اصل و سئل ابوعبدالله7 عن الحكومة فقال من حكم برأيه بين اثنين فقدكفر و من فسر برأيه اية من كتاب الله فقدكفر و قال يظن هؤ‌لاء الذين يدعون انهم فقهاء علماء انهم قداثبتوا جميع الفقه و الدين مما يحتاج اليه الامة و ليس كل علم رسول الله9 علموه و لا صار اليهم من رسول الله9و لاعرفوه و ذلك ان الشي‏ء من الحلال و الحرام و الاحكام يرد عليهم فيسألون عنه و لايكون عندهم فيه اثر عن رسول الله9 و يستحيون ان‏ينسبهم الناس الي الجهل و يكرهون ان‏يسألوا فلايجيبون فيطلب الناس العلم من معدنه فلذلك استعملوا الرأي و القياس في دين الله و تركوا الاثار و دانوا بالبدع و قدقال رسول الله9 كل بدعة ضلالة فلو انهم اذ سئلوا عن الشي‏ء من دين الله فلم‏يكن فيه اثر عن رسول الله9ردوه الي الله و الي الرسول و الي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من ال‏محمد9.

انظر في هذا الحديث الشريف انه كيف عاب علي قوم يسألون عن شي‏ء ليس في ايديهم اثر فيه فيستعملون الرأي و هو بدعة و كيف بين ان تكليفهم فيما ورد عليهم ان‏يجيبوا بالاثر ان كان عندهم اثر و ان‏يردوا الي الله و رسوله و حججه: ان لم‏يكن عندهم فيه اثر و ماادري هذا العلم الشريف الذي بنوا عليه امر الدين ان كان فيه اثر فلم لايستندون اليه و ان لم‏يكن فيه اثر فلم لايردون الي مهابط الوحي و ان كان من دينهم الرجوع الي الاثر فلم يضربون به عرض الحائط و يقولون انه ظني و لايجوز الاستناد اليه في الاصول فبتصريحهم بناء المذهب علي عدم جواز الاستناد الي الاثار فياليت كان ادلة اصولهم مورثة للعلم و كمارأيت جميعها وهميات فانظر ماذا تري.

و عن يونس بن عبدالرحمن قال قلت لابي‏الحسن الاول بما اوحد الله فقال يايونس لاتكونن مبتدعاً من نظر برأيه هلك و من ترك اهل بيت نبيه ضل و من

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۱ *»

ترك كتاب الله و قول نبيه كفر انتهي فبعد هذا الحديث لم يتركون الكتاب و السنة معللين بانهما ظنيان لاينبغي استعمالهما في الاصول و يرجح عليهما في الفروع ساير الظنون المطلقة علي تفصيل سمعت وقال الرضا7 ان هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترهم بالشبهة و لبس عليهم امر دينهم و ارادوا الهدي من تلقاء انفسهم فقالوا لم و متي و كيف فاتاهم الهلك من مأمن احتياطهم و ذلك بما كسبت ايديهم و ما ربك بظلام للعبيد و لم‏يكن ذلك لهم و لا عليهم بل كان الفرض عليهم و الواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحير و رد ما جهلوه من ذلك الي عالمه و مستنبطه لان الله يقول في كتابه و لو ردوه الي الله و الي الرسول و الي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم يعني ال‏محمد و هم الذين يستنبطون منهم القرءان و يعرفون الحلال و الحرام و هم الحجة لله علي خلقه و قال اميرالمؤمنين7 ترد علي احدهم القضية في حكم من الاحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها علي غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم تجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم فيصوب اراءهم جميعاً و الههم واحد و نبيهم واحد و كتابهم واحد فامرهم الله سبحانه بالاختلاف فاطاعوه ام نهاهم عنه فعصوه ام انزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم علي اتمامه ام كانوا شركاء له فلهم ان‏يقولوا و عليه ان‏يرضي ام انزل الله ديناً تاماً فقصر الرسول9 عن تبليغه و ادائه و الله سبحانه يقول مافرطنا في الكتاب من شي‏ء و فيه تبيان كل شي‏ء و ذكر ان الكتاب يصدق بعضه بعضاً و انه لا اختلاف فيه فقال سبحانه و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً و ان القرءان ظاهره انيق و باطنه عميق لاتفني عجايبه و لاتنقضي غرايبه و لاتكشف الظلمات الا به انتهي.

قوله في صدر الحديث ترد علي احدهم القضية و قوله ثم تجتمع القضاة بذلك الي اخر اشارة الي ما ذكره ابومحمد الحسن بن علي7 حيث قال بحضرة معوية امر عمر قضاته و ولاته اجتهدوا اراءكم و اقضوا بما ترون انه الحق

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۲ *»

 فلايزال هو و بعض ولاته قدوقعوا في عظيمة فيخرجهم منها ابي ليحتج عليهم بها فيجتمع القضاة عند خليفتهم و قدحكموا في شي‏ء واحد بقضايا مختلفة فاجازها لهم لان الله تعالي لم‏يعطه الحكمة و فصل الخطاب الحديث و احتاجوا الي ذلك لانهم لم‏يكن في ايديهم ما يكفيهم من رسول الله9 قهراً و اما اصحابنا ففي ايديهم اثار لكن ذهبوا الي انها ظنية لايجوز استعمالها في الاصول فصاروا باختيارهم كمن لا اثر له فاحتاجوا الي الاراء مثلهم.

و عن جعفر بن محمد عن ابيه8 ان علياً7 قال من نصب نفسه للقياس لم‏يزل دهره في التباس و من دان الله بالرأي لم‏يزل دهره في ارتماس و قال علي7 لارأي في الدين و قال7 حديثاً طويلاً ذكرناه في فصل الخطاب علي نهج الاستدلال فلم‏يدع مقالاً لذي مقال و جميعه في الرد علي اهل الاجتهاد و الرأي فان شئت فراجع و قد مر في اول الكتاب موضع الحاجة منه و قال علي بن الحسين8ان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و الاراء الباطلة و المقائيس الفاسدة و لايصاب الا بالتسليم فمن سلم لنا سلم و من اهتدي بنا هدي و من دان بالقياس و الرأي هلك و من وجد في نفسه شيئاً مما نقوله او نقضي به حرجاً  كفر بالذي انزل السبع المثاني و القرءان العظيم و هو لايعلم و قال جعفر بن محمد8 من افتي الناس برأيه فقددان بما لايعلم و من دان بما لايعلم فقدضاد الله حيث احل و حرم فيما لايعلم فتبين من هذا الحديث الشريف ان القول بالرأي ليس بعلم بل هو ظن لايغني من الحق شيئاً و التعويل عليه ادعاء الربوبية و لذلك يضاد الله و يحل و يحرم مثله و قال7 في قول الله و من اضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله يعني من يتخذ دينه رأيه بغير هدي من امام من ائمة الهدي الي غير ذلك من الاخبار و هي اكثر من ان‏احصيها و كفاك انها عدت الفاً و مأتين و ستة و عشرين حديثاً و لايمكنني تكريرها عند كل مسألة فهذا شأن العمل برأي العقول و لم‏يأل ابوحنيفة جهداً في تنقيح هذه المسائل و الاستدلال علي كل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۳ *»

واحدة من المسائل بهذه الادلة بعينها فهذا النحو من الاستدلال هو الرأي المنهي‌عنه في الاخبار المحكوم‌عليه بما حكموا فانظر ماذا تري و لاتكن باصحاب الاصول احسن ظناً منك بمحمد و ال‏محمد:.

فتبين لذي‏عينين ان الحق حرمة العمل بالظن و الادلة العقلية المعروفة و انها لاتفيد قطعاً مع انا نري العقلاء بهذا العقل مختلفين و نري انفسنا متقلبين في الاراء صباحاً و مساءاً في المسألة الواحدة فلايحصل قطع بها ابداً و انما هو قطع صناعي سموا الانقطاع عند توارد الادلة و العجز عن الرد قطعاً و ليس في قلوبهم منه شي‏ء و لنا ايضاً قلوب و نراه عياناً لايحصل من هذه الادلة في قلوبنا شي‏ء الا الظن في بعض و لو كانت مفيدة للقطع لافادت لنا ايضاً لايقال انه من جهلكم او‌ من‌ شبهة سبقت الي اذهانكم فانه شهدت علي ماندعيه ايات و اخبار لاتحصي و ما يقال في حقنا يقع علي ال‏محمد: ايضاً و فيه ما فيه و ان اولتم كلامهم مع هذا التشديد فاولوا كلامنا ايضاً لان ما قال ال‏محمد قلنا و ما دان ال‏محمد دنا و قدنهانا الائمة: عن اتباع الظن و نهانا الله عنه و عن الاكل من طعام لم‏يذكر اسم الله عليه و سماه فسقاً و ذكر ان سببه وحي الشياطين.

فقول المصنف <حتي في الفروع> يعني في مورد لا اثر فيه فان مع الاثر لاعبرة به و غفل عن لزوم السكوت عما سكت الله و تأويل ما يفهمه العقل بانه ليس بسكوت الله فذلك قبيح في الدين و لايخضر معه في الاسلام عود و لايقوم معه عمود و قدعرفت ان هذا القول رد علي الاخبار لا الاخباريين.

قوله <و يعم النزاع> الي اخر مراده بالاستفادة الاستدلال علي المطلب و المستفاد اصل المسألة فالمستفاد الاصلي ما ليس بمقدمة لشي‏ء اخر كوجوب الصلوة مثلاً و الاستفادة الاصلية كظاهر الكتاب او السنة مثلاً و اما المستفاد التبعي كوجوب مقدمة الواجب فوجوب مقدمة الواجب امر تبعي و الدليل عليه ايضاً امر تبعي يتبع سماع الامر بذي المقدمة و اما المختلفان فكدية الاصابع فانها مستفادة مستقلة فلو كان الدليل عليها ظنياً يكون الاستفادة تبعية فان حجية الظن تبعية لا اصلية او يستدل بالسنة علي حجية الظن مثلاً فالاستفادة اصلية و المستفاد تبعية

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۴ *»

يقول النزاع في جميع هذه الاقسام.

قوله <اذ الاول قدر متيقن> يعني اذا كانا اصليين فاستدل بالعقل الصريح علي قبح الظلم فهو القدر المتيقن من النزاع و اما الثالث و هو المختلفان فيجري فيه النزاع لان الاخباريين احتجوا علي عدم الحجية بخبر ابان و هو ما رواه ابان بن تغلب قال قلت لابي‏عبدالله7 ماتقول في رجل قطع اصبعاً من اصابع المرأة كم فيها قال عشرة من الابل قلت قطع اثنتين قال عشرون قلت قطع ثلاثة قال ثلثون قلت قطع اربعاً قال عشرون قلت سبحان الله يقطع ثلثاً فيكون عليه ثلثون و يقطع اربعاً فيكون عليه عشرون ان هذا كان يبلغنا و نحن بالعراق فنبرأ ممن قاله و نقول الذي جاء به شيطان فقال مهلاً يا ابان هذا حكم رسول الله9 ان المرأة تعاقل الرجل الي ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت الي النصف يا ابان انك اخذتني بالقياس و السنة اذا قيست محق الدين فالرواية تنفي حجية العقل في الاستفادة التبعية فانه استفاد من حكم الثلث حكم الاربع و المستفاد و هو دية الاربع اصلية فالاخباريون استندوا في نفي حجية الدليل العقلي بهذا الخبر و هذا ظاهر في الاستفادة التبعية و المستفاد اللفظي و الحال ان الادلة بانضمام الاجماع المركب شامل لهذا القسم ايضاً.

قوله <و للثاني ما اختاره الفاضل التوني> من حجية اجماع المحدثين فانها كاشفة عن وجود دليل فاستفادة وجود الدليل امر تبعي و المستفاد ايضاً و هو حجية الاجماع تبعي فانه حجة لكشفه عن رضاء المعصوم او قوله لا بنفسه بالجملة بعد بطلان الرأي و العقل جميع هذه التحقيقات مما لا طائل تحتها الا صرف العمر القصير.

قالثم النزاع هنا مع الاخباري يختص بالعمليات كما يظهر من بعضهم و مع الاشعري يعم العقايد في وجه لقولهم بعدم تبعية الاحكام للمصالح الكامنة لنا ان العقل بعد ماقطع باستحقاق الثواب و العقاب في مرحلة الظاهر و العمل كما هو المفروض من الاصل السابق فلازمه القطع بالحجية ايضاً و لايتصور الشك فيها حينئذ حذراً من اجتماع الضدين و انه لو لم‏يكن القطع بهما الحاصل من العقل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۵ *»

حجة لم‏يكن القطع بهما الحاصل من الشرع حجة اذ الدليل علي حجية القطع الشرعي ان كان هو الشرع نقلنا الكلام اليه الي ان‏يدور او يتسلسل و ان كان حكم العقل بلزوم دفع الضرر المقطوع فمشترك و الفرق تحكم و انه لو لم‏يكن قطع العقل حجة يلزم عدم تعذيب عبدة الاوثان و عدم وجوب تحصيل معرفة الله و نبيه و النظر الي المعجزة و التقريب قد مر و ان القبيح فاحشة بالعرف و نص اللغة و كل فاحشة منهي‌عنها للاية الشريفة ينهي عن الفحشاء و المنكر و حمله علي المحرم موجب لتحريم المحرم مع ان المتبادر من الفحشاء ما ذكرنا و هذا الدليل يتم بعد اثبات ادراك القبح و ان لم‏يدرك العقاب و للاخباري رده بان حرمة القبيح حينئذ ثبتت من الشرع لا العقل لكن الاية دلت علي رد الاشعري في كون احكامه تعالي تابعة للصفات و في ادراك العقل المدح و الذم اذا لم‏نجعل المنكر عطفاً تفسيرياً و جعلناه عبارة عما يحكم العقل بقبحه و لو تمسك الاخباري بقوله تعالي و ما كنا معذبين حتي نبعث رسولا بناء علي ان الظاهر الرسول الظاهري سيما بملاحظة البعثة و ان حذف المتعلق فيها يفيد العموم و ان الاخبار عن نفي فعلية العذاب مستلزم لنفي الاستحقاق حذراً من التجري علي المعاصي في الاخبار لاجبنا عنه بان المراد منها نفي العذاب في العاجل الا بعد البعث بملاحظة تفسير جمع من المفسرين كما نقل و ملاحظة ما دل علي تعذيب عبدة الاوثان و جريان عادته تعالي علي تعذيب الامم السالفة في العاجل و بان دلالة حذف المتعلق من باب الاطلاق لا العموم فينصرف الي الشايع و هو نفي العذاب عما يحتاج الي البيان و البعث لا ما يستقل به عقولهم فان شئت فارجع الي العرف و بانها معارضة مع الاية الشريفة ليهلك من هلك عن بينة لحجية منصوص العلة و التعارض من باب العامين من وجه مورد الاجتماع و التعارض ما يستقل به العقل قبل البعث فيرجع الي المرجحات و هي لو لم‏تكن مع الاخيرة فلااقل من التساقط و بان تلك الاية ظاهرة و ادلة الحجية قاطعة فلاتكافؤ او بقوله الدال علي ان كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه امر او نهي حيث ان المتبادر اللفظيان فلاتكليف قبل ورودهما و ان استقل العقل و لو كان المقام مما يحتمل ورودهما في الواقع اندفع الاحتمال

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۶ *»

بالاصل او بان المتبادر ما لم‏يعلم بورود الامر و النهي لدفعناه بعدم الانصراف الي المستقلات كما مر و بانها ظنية و المسألة علمية و بانها ظاهرة و ادلة الحجية قاطعة فيحمل النص علي الاعم من الامر العقلي او يخصص بغير ما يستقل به او بما رواه ابان في اصابع المرأة و زرارة في الولاية و الاخبار الدالة علي انه لاتكليف قبل البعث ليهلك من هلك عن بينة و الاخبار الدالة علي انه يجب علي الله تعالي بيان مصالح الناس و مفاسدهم و الاخبار الدالة علي ان الزمان لايخلو عن حجة ليعرف الناس ما يصلحهم و يفسدهم و الاخبار الدالة علي انه تعالي لايحتج علي العباد الا بعد ارشاد العقل و ارسال الرسل او ان التكليف فيما اريد فيه التعذيب لطف و كل لطف واجب ففيما لاتكليف لاتعذيب و ان استقل العقل لانه لا لطف فلا حجية او ان العباد مجبورون فلا حسن و لا قبح حتي يدرك العقل و يكون حجة او انه لو كان اللازم علي الله سبحانه ان‏يأمر بما امر به العقل خرج عن كونه مختاراً في ابداع الاحكام مع انه تعالي يحكم ما يشاء و يفعل ما يريد فقد ظهر اجوبة كل ذلك بعد التأمل فيما مر.

اقول: قوله <ثم النزاع هنا> الي اخر يعني ان الفاضل التوني لما قال ان العقل يدرك العقايد و لايدرك العمليات فنزاعنا معه في العمليات و مع طائفة سماهم في ا لعقائد ايضاً في وجه حيث يقولون انا لاندرك حسن بعض الصفات حتي نثبته و قبح بعض حتي ننفيه و يقولون ان الاحكام ليست تابعة للمصالح و لااعرف خصوص الكامنة التي يكررها المصنف و ليس بلازم ان‏يكون المصالح كامنة غيرظاهرة بالجملة اخذ المصنف في الاستدلال علي حجية العقل بالعقل و هو دور ظاهر فان خصمه يقول علي الجملة جميع ادلتك عقلية و لاعبرة بها سواءاً رددناها او عجزنا عن ردها علي لغتك كلها استبعاد بالرأي و اعداؤنا نصبوا اماماً من غير نص من الله و رسوله و انتم تنصبون حجة و خليفة اخري بعقولكم من غير نصب من الله و رسوله.

قوله <و لنا ان العقل بعد ما قطع> الي اخر لم‏يثبت ابداً في الاصل السابق درك استحقاق الثواب كما عرفت و لم‏يثبت ابداً في الاصل السابق عليه درك الحسن و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۷ *»

القبح من غير توقيف من الشارع فلاينتج هنا ما تريد ابداً بل لقائل ان‏يقول هب انك فهمت ان الفعل المعين حسن أفهمت ذلك من وجوه احطت بها خبراً ام من وجوه لم‏تحط بها خبراً لاسبيل الي الثاني فلعل فيها علل و اسباب اخر ينقلب الحسن في ذلك العمل قبحاً مثلاً اذا نظرت الي الصائم و ما يراد من الصوم و نظرت الي النرجس و طيبه عرفت ان شم الطيب حسن للصائم و فيه قوة روحانية فحكمت بانه حسن و ماادراك ان في الزمان السابق كان ذلك من شيمة المجوس و يقبح ان يعمل ولي الله عمل عدو الله فلا كل ما عرفت انه حسن حسن في الخارج و كفي في ردع هذا القول قوله تعالي عسي ان‏تكرهوا شيئاً و هو خير لكم و عسي ان‏تحبوا شيئاً و هو شر لكم و قوله  الله يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة و لا شك انهم يختارون ما يعدونه حسناً و لاعبرة بخيرتهم و كفي في ردعه ارسال الرسل و اختلاف العقول في الانظار و الاختيار هب عرفت انه حسن من اين عرفت انه يستحق الثواب من الله و الانسان لايستحق اجراً الا اذا عمل بامر صاحب العمل و الا ليس له اجر و قول انه ممدوح و ان لم‏يكن مأموراً به قول سخيف فلو كان صاحب العمل طالب ذلك العمل و راغباً اليه و انت عامل حاضر لاستأجرك اماسمعت النبي9 يقول ما من شي‏ء يقربكم الي الجنة و يبعدكم من النار الا و قدامرتكم به و ما من شي‏ء يبعدكم من الجنة و يقربكم من النار الا و قدنهيتكم عنه و اين قولهم و سكت عن اشياء رحمة من غير نسيان فلاتتكلفوها و هل قصر الرسول عن الابلاغ فاكملتم دينه بعقولكم هذه السخاف او جهل و استعان بكم فاعنتموه فلا كل عمل حسن مطلوب اما سمعت ان ابليس قال يارب اعفني عن سجدة ادم اعبدك عبادة يغتبط بها الملائكة فاوحي الله اليه اني احب ان‏تعبدني من حيث امرك لا من حيث تحب لعلي نقلته بالمعني أليس الله سبحانه يقول ليس البر ان‏تأتوا البيوت من ظهورها و لكن البر من اتقي و أتوا البيوت من ابوابها أليس العامة القايلون بهذا القول المخترعون لهذا الاصل لتصحيح الاستحسانات و هي ما عرف حسنه العقل لهم عقل الشعور و عقل الحسن و القبح

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۸ *»

عقلوا الثواب و العقاب ثم افتوا بعقولهم و لم‏يكن حسناً لوجوه غفلوا عنها فمن لايحيط بالوجوه كلها ليس نظره و استحسانه حجة.

قوله <و انه لو لم‏يكن القطع بها حجة> الي اخر فذلك استلزام ما لايلزم و ذلك انه ليس بلازم ان‏يفهم كل شي‏ء من فهم شيئاً و ان يفهم النظريات من فهم البديهيات و لا كل من قدر ان‏يعطي ديناراً يقدر ان‏يعطي الف دينار و الانسان اذا فهم بمافهم ان له رباً و انه بعث اليه رسولاً يفترض طاعته و يطيعه في كل ما يقول و يعلم ان قوله حجة و الدليل علي حجيته ذلك العقل المربي المعلم بالشرع المهتدي به حتي وقف علي اليقين لوضوح المسألة و اجمالها و كليتها في الجملة فاذا عرف رسوله علي اليقين عرف ان قوله حجة فاذا نزل عليه مائة اية و حدث هو الفاً و مأتين و ستة و عشرين حديثاً ان عقولكم لاتدرك الجزئيات فلاتعولوا عليها فيها و عليكم بالسمع و الطاعة وجب عليه الاطاعة و والله اني لاشم من هذه الاقوال رائحة لااجسر ان‏اتفوه بها و اقول اي رائحة هي.

قوله <و انه لو لم‏يكن قطع العقل حجة> الي اخر فذلك ايضاً استلزام ما لايلزم و قدفصلنا هذه المسألة في الاصل السابق فراجع قال الله سبحانه و ما كان الله ليضل قوماً بعد اذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون لله الحجة البالغة و لاتكليف الا بالبيان و لاحجة الا بالبرهان و قدقلنا ان من فهم شيئاً لايلزم ان‏يفهم كل شي‏ء و وجوب معرفة العقائد امر جبلي قهري لاسيما و ان الانبياء اولجوه في الاسماع بالبرهان و الادلة حتي ملأ الاصقاع و قد مر الكلام فيه.

قوله <و ان القبيح فاحشة> الي اخر هذا استدلال غريب يقول ان العقل يدرك القبح و القبيح فاحشة بالعرف و نص اللغة و هذا تسويل غريب متي كان القبيح فاحشة بالعرف و اللغة و الذي في العرف و اللغة ان الفاحشة قبيح فالقبح اعم مطلقا فلا العقل يعرف القبح من دون شرع كما مر و لا كل ما عرف العقل قبحه فاحشة و ان الله سبحانه حرم ما انزل انه فاحشة و منكر و بينه رسوله و اما ما لم‏ينزله علي رسوله و لم‏ينطق به رسوله و قالوا كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه نهي و قالوا اسكتوا عما سكت الله و قالوا لاتكلفوا ما لم‏تكلفوا و قالوا لاتكليف الا بالبيان و قالوا ان

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۶۹ *»

دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و قالوا ليس الحرام الا ما حرم الله فجميع ما قلت نفخ في غير ضرام.

قوله <و حمله علي المحرم> يعني لايقل قائل ان المراد بالفحشاء المحرمات لانا فرضنا ان الاية انشائية فيلزم منه تحريم المحرم و ذلك قول سخيف و تفسير بالرأي بحثاً و رداً و المأثور متضافراً ان الفحشاء هو الاول و المنكر هو الثاني و البغي هو الثالث و ان كان ظاهرها ايضاً من ضروريات الاسلام و الفحشاء لغة الاعمال القبيحة المتفاحشة اي المتجاوزة الحد و المنكر ما ينكره اهل الشرع و البغي الظلم و حرمتها ضرورية و ليست من محل الاستدلال علي اي حال في شي‏ء.

و قوله <جعلناه عبارة> ليس معان القرءان بجعل المصنف و من فسر القرءان برأيه فليتبوء مقعده من النار و روي في تفسير الاية و موالاة اعدائهم فهي المنكر الشنيع و الامر الفظيع و ظاهره ما يجب النهي عنه.

قوله <و لو تمسك الاخباري> الي اخر يقول ان تمسك الاخباري بهذه الاية و قال علي هذا قبل بعثة الرسول لاعذاب علي مشروع و معقول فلااستحقاق و لو كان استحقاق و اخبر بنفي العذاب لكان ذلك اغراءاً علي المعاصي و الله اجل منه فلا استحقاق فليس دليل العقل حجة فاجاب المصنف عن ذلك و حقق ان المراد منها نفي العذاب في العاجل بملاحظة تفسير جمع من المفسرين كما نقل و ماادري اذا اتفق جماعة من العامة الذين سموا انفسهم مفسرين علي تفسير من تلقاء انفسهم بالرأي الموجب لدخول النار كيف يصير حجة حيث يستند اليهم المصنف و غيره و يقولون هذا هكذا باتفاق المفسرين لعن الله المفسرين اذا لم‏يكونوا اخذين عن ال‏محمد: و روي العامة بانفسهم عن النبي صلي الله عليه و سلم ‏من قال في القرءان بغير علم فليتبوء مقعده من النار فنقول للمصنف من قال لك ان المراد من الاية نفي العذاب الدنياوي و ملاحظة ان الله كان يأخذ الامم السالفة بعذاب العاجل اي دلالة فيها علي المراد و هل اولئك لايعذبون في الاخرة و هل هذه الامة لايعذبون في العاجل و قداحاطت بهم العذاب من كل جانب.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۰ *»

قوله <و بان دلالة حذف المتعلق> الي اخر يقول ان قول الاخباري ان حذف متعلق العذاب زماناً و مكاناً و عملاً يفيد العموم نجيب بان حذف المتعلق سبب الاطلاق و المطلق يحمل علي الشايع و الشايع نفي العذاب عما يحتاج في فهمه الي رسول و لعمري ان هو الا كسراب و ان هو الا تفسير بالرأي و الامر اوضح من نارعلي علم متي صارت العقول الناقصة المعوجة المتقلبة المصبوغة الملونة حجج الله علي عباده أبشرع اثبت حجيته و علي قولك انت تثبت الشرع بالعقل و علي قولي فأتونا بسلطان مبين و أتونا باية او رواية تقابل مائة اية و الف حديث ما هذه الجرأة علي الله و ما هذا التفسير في كتاب الله و ما هذا الحكم في دين الله و اعجب من ذلك كله انه مثل لذلك في الضوابط بانه لو قال المولي لعبيده اني لا اعذبكم في فعل حتي ابعث اليكم رسولاً يخبركم بما هو محبوبي و مبغوضي أتري ان‏تقول انه ليس للمولي حينئذ عقاب العبيد فيما يستقل به عقولهم كتلف امواله و قتل اولاده و هتك حرمته معللين بانه لم‏يبعث الرسول و هذا قياس رب غني بعبد محتاج متضرر بنقصان منتفع بزيادة مع ما هو موجود قطعي من القرائن و تصريحات سابقة و شهادة فقره و فاقته و تحريم ما ذكرت بالشرايع فوالله اني اتعجب من هذه الافهام و هذه الادلة أبهذه الادلة تسمون انفسكم علماء و تبجحون علي جميع الناس.

قوله <و بانها معارضة مع الاية> الي اخر ماادري وجه المعارضة و هذه الاية شارحة للاية الاولي فان الله سبحانه اخبر ان من يهلك يهلك بعد البينة و البينة هو الرسول كما قال لم‏يكن الذين كفروا من اهل الكتاب و المشركين منفكين حتي تأتيهم البينة رسول من الله و قال أفمن كان علي بينة من ربه و هو رسول الله9 فمن هلك هلك بعد البينة و من حيي و استحق الثواب و الزلفي كان بعد البينة ولكن المصنف زعم ان فهم العقل بينة فمن فهم بعقله شيئاً قبيحاً و ارتكبه هلك فهو معارض مع الاية الاولي و النسبة بينهما عموم من وجه فتتصادقان علي ما يستقل به العقل قبل الشرع فالاية الاولي تحكم بعدم العذاب و الثانية تحكم بالعذاب و يفترق الاولي بما لايستقل العقل به قبل الشرع و الثانية

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۱ *»

بما بينه الشارع ففي موضع الاجتماع ان لم‏يرجح الاية الثانية فلااقل من التساوي و التساقط فبقي دليل الحجية سليماً نعوذبالله من بوار العقل و قبح الزلل كيف فسرت القرءان بالعقل و الرأي و باي دليل قلت ان البينة اعم من فهم العقل فلم ارسل الله الرسل و لم انزل الكتب و كيف يصير بينة الله و حجته هذه العقول المختلفة المتقلبة.

و اعجب من ذلك قوله <و بان تلك الاية ظاهرة و ادلة الحجية قاطعة فلاتكافؤ> فيا لله و للاساس الذي بنوا عليه امر الدين و هذه الادلة التي رأيتها كأنها العهن المنفوش كيف صارت قطعية و كتاب الله المحكم المطابق لاخبار لاتحصي و البراهين العقلية صارت ظنية و هؤلاء لو عملوا بحضرة النبي9 عملاً استحسنه عقولهم و نهاهم النبي بكلام ظاهره المعروف تحريم ما فعلوا لاينتهون و يقولون ان مفهوم عقولنا قطعية و مفاد كلامك ظني و لايتعارضان فانظر ماذا تري.

قوله <او بقوله الدال> الي اخر عطف علي <بقوله> في قوله <لو تمسك الاخباري بقوله> يعني لو قال الاخباري انه قدروي كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه امر او نهي و اقول ان الاخباري لايروي الحديث علي خلاف ما روي و هو محدث معتن بالحديث و الحديث المروي عن الصادق7 هكذا كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه نهي انتهي حيث ان المتبادر من النهي اللفظي فقبل ورود اثر في النهي الاشياء مطلقة و ان حكم بقبحها العقل و ان قال قائل انه يدل علي ان قبل الورود مطلق فلعله وارد في الواقع و لم‏يصل اليك فبطل الاطلاق يندفع هذا الاصل باصل عدم الورود و هذا القول بحثاً و رداً خطاء و ستعرف ان‏شاء الله في اصل جواز خلو الواقعة عن الحكم او بان المتبادر ما لم‏يعلم بورود الامر و النهي و ان كان صدر في الواقع و هذا هو الحق كما ستعرف ان شاء الله.

قوله <لدفعناه> الي اخر هذا مدفع المصنف يدفعه كيف شاء سواءاً اصاب به خاطئاً ام مصيباً فقال الخبر لاينصرف الي ما يستقل بادراكه العقل من غير حجة و لابرهان و اعجب منه قوله <و بانها ظنية> الي اخر فهذا باب سدوه حتي لايدخل عليهم روح و لاريحان من جنات علوم ال‏محمد: و ردوا بذلك

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۲ *»

ايديهم في افواه خصمهم حتي لايذكروا في حضرتهم ذكر الله و ذكر رسوله و حججه: ابداً و يستقلوا بعقولهم و بقول هذا ينقاد و هذا لاينقاد و هذا نعقله و هذا لانعقله و سلمنا هذا و لانسلم هذا.

قوله <فيحمل النص> الي اخر يعني يحمل ذلك الامر و النهي علي الاعم من الامر العقلي او يخصص بغير ما يستقل به العقل و ذلك لان هذا الحمل باختيار المصنف فيحمله علي هذا و يأوله بهذا و قدروي عن النبي9 في كل خلف من امتي عدل من اهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجهال الحديث فلايجوز التأويل بغير مستند ظاهر من اهل العلم سلام الله عليهم.

قوله <او بما رواه ابان في اصابع المرأة> عطف علي قوله <او بقوله> و قد مرت الرواية انفاً فانه7 ابطل الحكم العقلي فيه.

قوله <و زرارة في الولاية> و المراد به قول ابي‏جعفر7 ذروة الامر و سنامه و مفتاحه و باب الاشياء و رضا الرحمن الطاعة للامام بعد معرفته اما لو ان رجلاً قام ليله و صام نهاره و تصدق بجميع ماله و حج جميع دهره و لم‏يعرف ولاية ولي الله فيواليه و يكون جميع اعماله بدلالته اليه ما كان له علي الله حق في ثوابه و لا كان من اهل الايمان انتهي و موضع الاستشهاد انه لابد و ان‏يكون جميع اعماله بدلالته اليه و الا فليس له ثواب و ليس من اهل الايمان فبالاستحسان العقلي و درك الحسن لايستحق ثواباً علي خلاف قول المصنف و ساير الاخبار التي اشار اليها و ذراها ذرو الريح الهشيم بانها كلها ظنية و مفاد عقلي قطعي.

قوله <او ان التكليف> الي اخر يعني اذا استدل الاخباري بان الله سبحانه اذا اراد تعذيب احد لايعذبه الا بعد التكليف و الهداية و الارشاد لعله يتذكر او يخشي و ذلك لطف و اللطف واجب فاذ لم‏يكلف لايعذب و اجاب المصنف عن ذلك في الضوابط باحسن جواب و قال هذا اللطف مستحب علي الله فيما استقل العقل بدركه و لاحاجة بنا الي التحكيم بينهم.

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۳ *»

قوله <او ان العباد> الي اخر هذا جواب عن قول الجبرية و لااعرف وجه رسمه في سياق ادلة الاخباريين و يعني اذا قال جبري ان العباد مجبورون و لا حسن و لا قبح او اذا قال لو كان لازماً علي الله ان‏يحكم بما حكم العقل لكان مضطراً فقدظهر اجوبة ذلك كله بالتأمل في ما مر من امثال ما سمعت و لم‏يظهر الا وهن الاجوبة السابقة.

قالو تظهر ثمرة النزاع في حجية العقل في تكليف الكافر حتي القاصر بالفرع الذي يستقل به العقل و كذا المسلم القاصر الذي لاتنال يده (الي خ‏ل) الشرع و في تعارض الخبر مع العقل اقول و يمكن فرض الثمرة في اثبات حجية الظن من باب الدليل العقلي و في جعل الظن الغير المعتبر مرجحاً عند تعارض الدليلين او عند دوران القبلة بين الجهات مثلاً و لايتمكن الا من الصلوة الي احدها و في اثبات التخيير اذا دار الامر بين المحذورين و لا دليل علي احد الطرفين و اثبات جواز التسامح في السنن اذا لم‏نعتبر اخباره لقدح في السند او منع الحجية و اثبات التكليف في ايام الفترة في المستقلات العقلية و اثبات اصل الاباحة و البراءة لكن علي تأمل فيها او في جملة منها ثم لو قال الخصم لا ثمرة لان التكليف فيما يستقل به العقل لطف و كل لطف واجب فالشارع قدبين كل الاحكام لاجبنا بمنع كلية الكبري فتأمل و بان الوجوب تعليقي قابل لعروض المانع كظهور الحجة7 و بان بيان الشارع لايلازم عثور المكلف‌به دائماً كالقاصر و بان الدليل عقلي لايقول به الا ان‏يكون غرضه الالزام او يسلم حجيته في العقائد او يدعي ورود الشرع علي طبقه.

اقول: شرع المصنف في بيان ثمرات هذه الشجرة التي اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار بنص الكتاب و نصوص الاطهار صلوات الله عليهم و من البديهيات في عيون لا صبغ فيها ان هذه الابواب ابواب الحكم بغير ما انزل الله و تجويزها فان المدار علي حكم العقل لا الشرع و فرض المسألة ذلك لا غير فبعد ما جوز الحكم بغير ما انزل الله و قال الحق جوازه و استدل عليه و جادل و نازع اراد

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۴ *»

ان‏يبين ثمرة هذا الجدال بالتي هي اسوء فقال احدي ثمراته ان‏يعلم منه ان الكافر الذي لم‏يؤمن بالله مكلف بما فهم بعقله و مثاب ان عمل به و معاقب ان لم‏يعمل نعوذبالله من هذا الحكم الذي هو علي خلاف كتاب الله و الله يقول و ما كنا معذبين حتي نبعث رسولا و يقول ليهلك من هلك عن بينة و ايات و اخبار تشهد بذلك فانه بعد ما اسلم لايجوز له الاستبداد بالعقل فكيف قبله و اخري القاصر منهم المتمكن من الفحص و لم‏يفحص فبقي علي كفره هو ايضاً مكلف بعقله مثاب و معاقب به و في تلك التكاليف غني عن ارسال الرسل و انزال الكتب.

و اخري المسلم الذي هو في بلاد الاسلام الا انه قاصر كأن‏يكون في محبس او مضيق فلايقدر علي السؤال ولكن فهم بعقله شيئاً فذلك ايضاً تكليفه ما فهم.

و اخري في تعارض الخبر مع العقل اذا بقي العقل علي يقينه فالعقل مقدم لانه قطعي و الخبر ظني بل يقدمون ذلك علي الكتاب و السنة المتواترة كما اني سألت واحداً منهم و قلت له لو خالف الكتاب و السنة عقلك ما تصنع قال اخذ بعقلي لانه قطعي و اترك الكتاب و السنة فانهما ظنيان و سمعت واحداً اخر منهم يقول ان كلام النبي في مجلس الخطاب ايضاً ظني الدلالة لانه لفظ و يحتاج في اثبات معناه الي اصول فقاهية فاذا ضممت القولين احدهما الي الاخر فاذا قال النبي9 قولاً و انت في مجلسه و انت تفهم بعقلك غير ذلك فلك ان‏ترد عليه و لاتقبله لان كلامه ظني الدلالة و العقل قطعي فلاوربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليما اما والله اسسوا اساساً لايبني عليه بناء التشيع.

و اخري في جعل الظن الغيرالمعتبر و الصواب ان‏يقول غيرالمعتبر من غير لام بالجملة مراده كأن‏يخفي اعلام القبلة و لم‏يعرفها و حصل له ظن غيرمعتبر شرعاً بجهة و لايتمكن الا من صلوة واحدة فالعقل يحكم بترجيح هذا الظن و نحن لانقول و الحمدلله ببركات ساداتنا في القبلة بظن معتبر و ظن غيرمعتبر فان حصل

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۵ *»

في القلب ظن فهو المتبع شرعاً و يعمل بظنه لقول ابي‏جعفر7 يجزي التحري ابداً اذا لم‏يعلم اين وجه القبلة و ان لم‏يحصل فيصلي الي اين ما شاء لقوله7 يجزي المتحير ابداً اين ما يتوجه اذا لم‏يعلم اين وجه القبلة و سئل عن قبلة المتحير فقال يصلي حيث شاء فاي حاجة الي ان‏يولي الاخبار دبره و يعمل بعقله و من حيث عقله و في النسخ لايتمكن الا من الصلوة الي احدها و الصواب في العربية احديها.

و اخري اثبات التخيير اذا دار الامر بين المحذورين المحرمين فالعقل هنا يحكم بالتخيير و يجب اتباعه و قدذكرنا انه لايجوز التخيير و لاحكم العقل و القرعة لكل امر مشكل.

و اخري جواز التسامح في ادلة السنن و ان لم‏نعمل فيه بالاخبار بان‏نقول اخبارها ضعيفة او هي ظنية و لايعمل بها في الاصول او احاد و لايعمل بها في الفروع ايضاً فان قوة عاقلة المصنف حكم بجواز البدعة حينئذ و القول علي الله مع اخذ الله الميثاق عنه بقوله الم‏يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب الايقولوا علي الله الا الحق و بقوله قل حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و ان‏تشركوا بالله ما لم‏ينزل به سلطانا و ان‏تقولوا علي الله ما لاتعلمون مع غيرها من الايات و الاخبار.

و اخري اثبات التكليف قبل ان‏يأتي النبي اللاحق و اشتبه شرايع النبي السابق فالمصنف بعث العقل في هذا الزمان و افترض طاعته و ان لم‏يكن معصوماً و كل ما حكم به هو حكم الله ان حكم او لم‏يحكم.

و اخري اثبات اصل الاباحة و البراءة لان العقل حاكم فيهما و ان‏لم‏نقل بحجية الاخبار لانها ظنية و لاتستعمل في الاصول او انها اخبار احاد و لايعمل بها في الفروع ولكن علي تأمل في استقلال العقل فيهما و النسخ فيها و لااعرف وجهه بالجملة هذه ثمرات تلك الشجرة و اني بعد ما حرمتها يحق لي ان‏اقول انها

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۶ *»

شجرة تخرج في اصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين.

قوله <ثم لو قال الخصم> الي اخر المراد اذا قال الاخباري لا ثمرة لنزاعكم هذا لان التكليف في المعقول و غيرالمعقول لطف و كل لطف واجب و الله لايخل به فبين كل الاحكام فاجاب المصنف بمنع كلية الكبري اي كل لطف واجب كما مر ان بعض اللطف منه مستحب و ما يستقل فيه العقل يستحب فيه اللطف و هذا المنع منع اختياري لايحتاج الي دليل هذا و نتيجة قول الاخباري مما يدل عليه الكتاب و السنة و المصنف يمنع عنه بلا جهة و لا باعث اما الكتاب فقوله تعالي و تبياناً لكل شي‏ء و لارطب و لايابس الا في كتاب مبين و مافرطنا في الكتاب من شي‏ء و امثال ذلك و اما السنة فعن ابي‏بصير عن ابي‏عبدالله7 في حديث علم رسول الله9علياً الف باب يفتح كل باب الف باب الي ان قال فان عندنا الجامعة صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله9 و املائه من فلق فيه و خط علي7 بيمينه فيها كل حرام و حلال و كل شي‏ء يحتاج اليه الناس حتي الارش في الخدش و ضرب بيده الي فقال تأذن يا بامحمد قال قلت جعلت فداك انما انا لك فاصنع ما شئت قال فغمزني بيده قال حتي ارش هذا كأنه مغضب و قال7 ما من شي‏ء الا و فيه كتاب و سنة و عن ابي‏الحسن موسي7 في حديث قيل له اصلحك الله اتي رسول الله9 بما يكتفون به في عهده قال نعم و ما يحتاجون اليه الي يوم القيمة فقيل ضاع من ذلك شي‏ء فقال لا هو عند اهله و قال7 ان الله تبارك و تعالي انزل في القرءان تبيان كل شي‏ء حتي والله ماترك شيئاً يحتاج اليه العباد حتي لايستطيع عبد ان‏يقول لو كان هذا انزل في القرءان الا و قدانزل الله فيه و قال7 ما من امر يختلف فيه اثنان الا و له اصل في كتاب الله ولكن لاتبلغه عقول الرجال و قيل له7 أكل شي‏ء في كتاب الله و سنة نبيه او تقولون فيه فقال بل كل شي‏ء في كتاب الله و سنة نبيه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۷ *»

و عن ابي‏عبدالله7 انه قال رسول الله9 ان الله جعل لكل شي‏ء حداً و جعل علي من تعدي حداً من حدود الله حداً الي غير ذلك من الاخبار فالله سبحانه مافرط في شرعه من شي‏ء و بين حكم كل شي‏ء و اودعه عند اهله و اوجب علي الناس طلبه و قال طلب العلم فريضة علي كل مسلم فما بلغك تأخذ به علي ما بلغك و ما لم‏يبلغك تأخذ بقوله كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه نهي فاين مجال العقل ان‏يستقل في مقابلة رسول الله9 و يحكم مع حكمه و يكون نبياً مفترض الطاعة كمحمد9.

و اجاب المصنف ايضاً بان الكبري تعليقي بتمكن النبي و الحجة و قابل لعروض المانع كظهور الحجة لكلمة القاها نصيرالدين في افواه هؤلاء و قال وجود الحجة لطف و تصرفه لطف اخر و عدمه منا و اجاب بانه علي فرض الوجوب فقدبين و لايلازم بيانه عثور المكلف كما انه ضاع عنا اخبار لاتحصي ففيما لم‏يصل الينا لابد و ان‏نعمل بعقولنا و بان هذا الدليل الذي اقمتم عقلي و لاتقولون به و هذا قانون اهل المجادلة بالتي هي اسوء فانهم يكتفون في رد الخصم اذا قال بكلام ينافي قانونه سهواً بانه ينافي مذهبك و ان كان ذلك القول علي قانون المستمع صحيحاً و هذا في الحقيقة رد الحق و لايجوز و باقي العبارة ظاهر.

بقي هنا كلام و هو انه اذا قال لنا قائل كيف تنكرون حجية العقل و الحال انكم تردونها بالادلة العقلية فان لم‏تك حجة فادلتكم ليست بحجة و ان كنتم تردونها بالادلة الشرعية فما الدليل علي حجيتها الشرع فيلزم الدور او العقل فيكون حجة علي خلاف المدعي قلنا انا قدذكرنا سابقاً انه ليس بلازم ان‏يدرك الانسان كل شي‏ء اذا ادرك شيئاً و نحن اثبتنا الشرع بادلة عقلية اثارتها الانبياء و عرفونا طرقها و نبهونا عليه و قومونا و سددونا حتي عرفنا و ما كان المطبوع ينفعنا لولا المسموع و ما كان المسموع ينفعنا لولا المطبوع و ذلك كضعيف قواه الطبيب حتي مشي و لولا القوة لمانجح طب الطبيب و لولا الطبيب لمانفع القوة الضعيفة الناقهة فنبه الانبياء رواقد العقول و اكحلوا عيونهم المرمودة حتي ابصروا فابصروا

 

«* مکارم الابرار عربی جلد ۱۸ صفحه ۲۷۸ *»

ان الله سبحانه احد و انه ارسل رسولاً و تسديدهم لدرك هذين الامرين سهل لان الله جعله واضحاً حتي ينتفع به بنات التسع و ابناء ثلث‌ عشرة فابصروا باقل تقوية و تعليم و تسديد ثم افترضوا طاعة نبيهم ثم حكموه فيما شجر بينهم و ردوا اليه ما تنازعوا فيه و اختلفوا و ماوجدوا في انفسهم حرجاً مما قضي و سلموا تسليما فاذا تعلموا العلم من الانبياء و تقومت عقولهم و استدت قواهم و اعتدلت افهامهم توجهوا اليك و قاموا يردون عليك ما تدعي من حجية العقل علي الاستقلال فتلوا علي ذلك مائة اية و حدثوا بالف و مأتين و ستة و عشرين حديثاً فتبينوا ان عقولهم مستنيرة و قداصابت و الحجة كتاب الله و سنة نبيه و حسب العقول فخراً ان‏يساوي خطراتها و افهامها الكتاب و السنة فافهم ان كنت تفهم فقد والله اسقيتك ماءاً غدقا.

([1])  المعروف من ابن‏قبة انه لايجوز التعبد بالخبر الواحد المجرد عن القرائن المنفصلة عقلاً و به قال جماعة من علماء الكلام و الجبائي من العامة. منه اعلي‌الله‌مقامه‌الشريف