رسالة فی جواب الشیخ علی بن قرین
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۱ *»
بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعین
الحمدلله رب العالمين و الصلوة و السلام علي محمد خاتم النبيين و آله الطيبين الطاهرين الي يوم الدين.
اما بعد فيقول العبد الجاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه کلمات امليتها جوابا للمسائل التي اتت من العالم الفاضل المسدد الکامل المؤيد بلطف الله الخفي و الجلي الشيخ علي بن قرين مع (کمال خل) تبلبل البال و اختلال الاحوال و الدواعي المانعة عن استقامة الحال ولکن الميسور لايترک بالمعسور و الي الله ترجع الامور.
قال سلمه الله تعالي: مسألة ما يقول سيدنا دام ظله و سما محله في وصية من قتل في معصية عامداً لها حال مرضه صحيحة ام لا و کذا عتقه و هل تشترط فيه اذا وقع منه او من غيره صيغة خاصة ام لا فيکفي ما دل عليه افدنا افادک الله.
اقول: الاصح عدم صحته (صحة ظ) وصيته و عدم نفوذها في ما يوصي به ان کانت الوصية بعد احداث ما يوجب قتل نفسه من جرح و شرب سم او غير ذلک واما ما کان من الوصية قبل ذلک فلاريب في صحتها ونفوذها لصحيحة ابي ولاد و هذا الحکم مخصوص بما اذا قتل نفسه بان جرحه او شرب سماً اما ما سوي ذلک مما اوجب قتله متعمداً کان يدخل دار شخص و هو يعلم انه يقتل او يضرب رجلاً و هو يعلم انه يقتله لاجله او يعصي معصية متعمدا و هو يعلم انه مقتول بها و غير ذلک فلا يجري عليه الحکم المذکور اقتصاراً بما خالف الاصل علي القدر المتيقن و هو مورد النص في صحيحة ابيولاد و انکر ابن ادريس عدم نفوذ الوصية و نفي عنه الباس العلامة والاصح ما ذکرنا و اما عتقه فصحيح لوجود المقتضي و ارتفاع المانع و اما الصيغة فالمعتبر فيها لفظان التحرير و الاعتاق لکونهما صريحين و قد نطقت بهما النصوص اما التحرير فلا يظهر فيه خلاف و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۲ *»
اما الاعتاق فيظهر المنع من جماعة و تردد المحقق و الاقوي الوقوع للنصوص کالاخبار الناطقة بالصحة اذا قال السيد لامته اعتقتک و تزوجتک و عتقک مهرک و اما الصيغة الخاصة فلا تشترط بل يکفي ما يدل عليه مما يشتق من ماده العتق و الحرية.
قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا دام ظله و سما محله في الناتج من المحلل فيه بعض اعضاء بني آدم کالوجه او غيره حلال هو ام حرام؟ ارشدنا ارشدک الله.
اقول: المناط الصورة فان کانت النتيجة علي صورة المحلل فهو حلال و ان کانت علي صورة محرم فهو حرام و ان کان اصله حلالا و العبرة في تعيين الصورة بالعرف و کذلک لو کان بعض اجزائه يشبه (شبيه خل) المحرم لانه حرام ايضا.
قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا دام ظله و سما محله في الصلوة في الخز و السنجاب جايزة ام لا. اقول: الاصح الجواز بلا اشکال.
قال سلمه الله تعالي: (مسألة خل) ما اشرف العوالم و ما اقدمها و ما مثل کل منها و ما عددها؟
اقول اشرف العوالم و اعلاها و ابهاها و اسناها و اقدمها التي ما تقدمها عالم و لاسبقها سابق عالم الحقيقة المحمدية و هو عالم واحد في حد ذاته و اثنان بحسب صفاته نبوة و ولاية و ثلاثة بحسب قراناته والد و والدة (ولادة خل) و ولد و سبعة بحسب اسمائه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و جعفر و موسي و اربعة عشر بحسب ظهوراته فهو اصل العوالم و باقي العوالم کلها مشتقة
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۳ *»
منه و مأخوذة عنه اشتقاق الشعاع من المنير و عدد تلک العوالم المنشعبة عنها الف الف علي ما روي عن الباقر عليه السلام.
و اما مثل کل عالم منها اي من العوالم المنشعبة من العالم الاول الذي هو اشرف العوالم کما في السؤال اما في العالم الکبير فالعرش مثال عالم النبوة الظاهرة في محمد صلي الله عليه و آله و هي النبوة المطلقة العامة المحيطة علي کل شيء و الکرسي مثال عالم الولاية الظاهرة في اميرالمؤمنين علي عليه السلام و البروج الاثناعشر مثال للائمة الاثنيعشر فالکرسي مثال للحقيقة (الحقيقة خل) الجامعة و البروج لخصوصية کل واحد من حدود الولاية فکما ان لرسول الله صلي الله عليه و آله معهم جهة جامعة کک لاميرالمؤمنين علي عليه السلام و لذا قلت ما قلت و اما مثالها في الحقيقة الانسانية فالقلب مثال العرش و الصدر مثال الکرسي و الدماغ مثال البروج.
و قول جنابک و ما مثل کل منها ان اردت مثل العوالم التي هي في العالم الذي هو اشرف العوالم و اقدمها فهو کما ذکرنا لک اجمالا و ان اردت مثل جميع العوالم ان اردت في العالم الاکبر فذلک غير معقول لان تلک العوالم بحقايقها و اعيانها موجودة و لاتحتاج الي مثل اوضح من حقيقتها و ان اردت مثال تلک العوالم في الحقيقة الانسانية فصحيح فان الله سبحانه تعالي جعل الصورة الانسانية مجمع صور العالمين و المختصر من اللوح المحفوظ و هي الکتاب الذي قال سبحانه و کل شيء احصيناه کتابا کماقال اميرالمؤمنين عليه السلام الصورة الانسانية هي اکبر حجة الله علي خلقه و هي الکتاب الذي کتبه بيده و هي الهيکل الذي بناه بحکمته و هي مجمع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ الحديث.
فجمع سبحانه في هذه الحقيقة جميع مراتب الموجودات و عوالمها و لکن شرحها و بيانها بجميعها لايعلمها الا الراسخون في العلم الذين اشهدهم الله خلق السموات و الارض و خلق انفسهم و هم الذين امتثلوا امر الله لما قال و في انفسکم افلاتبصرون الا ان شرحها و بيانها لاتسعه الدفاتر بل لاتحويها الضمائر و انما محلها السرائر و اما شرح قليل
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۴ *»
من کثير منها يؤدي الي التطويل و الاطناب و ربما يکون نحو مجلد من الکتاب و اما شرح بعض کلياتها الاضافية فقد ملأنا بها مصنفاتنا و اجوبتنا للمسائل ليس (بيانه الآن خل) اقبال لذکرها ولکني اشير الي بعض منها حرصاً لمزيد انتفاعکم.
فنقول مثال عالم المشية نقطة وجودک التي بلا کيف و لا اشارة و مثال عالم الافئدة وجودک من حيث صلاحية اقترانه بالماهية و مثال عالم العقول وجودک مع اقترانه بالماهية و مثال العرش قلبک و مثال الکرسي صدرک و مثال فلک زحل عقلک الذي في الدماغ و مثال فلک المشتري علمک و مثال (فلک خل) المريخ وهمک و مثال فلک الشمس الحرارة الغريزية المستجنة في تجاويف القلب و مثال فلک الزهرة خيالک و مثال فلک عطارد فکرک و مثال فلک القمر حياتک و مثال کرة النار المرة الصفراء و مثال کرة الهواء دمک و مثال الماء البلغم و مثال التراب المرة السوداء و مثال العيون الدم الجاري في العروق و مثال الاشجار الشعر النابت علي الاعضاء و مثال الجبال العظام و مثال الجن القوي الغضبية و مثال الجهل و الشياطين النفس الامارة بالسوء و توابعها و مثال الملائکة النفس المطمئنة و توابعها و مثال العين المرة الماء الذي في الاذن و مثال العين المالحة الماء الذي في العين و مثال العين الحلوة الدم و مثال (العين خل) التفه الريق و هکذا نوع امثال العوالم في الانسان فقد ذکرت لک نوعها فاستخرج الباقي منها.
قال سلمه الله تعالي: مسألة ما يقول سيدنا في باطن قوله تعالي و فديناه بذبح عظيم ما هذا الذبح الذي عظمه الله.
اقول: هذا الذبح العظيم هو الحسين بن علي عليه السلام لا کبش اسماعيل فانه مثال هذا العظيم لانه عليه السلام کبش کتيبة الوجود و له انقاد کل موجود و مشهود و فداه الله سبحانه و حمله جميع المصائب لاستنقاذ المؤمنين و تربية الوجود و حفظه عن الفناء و الدثور و هو عليه السلام الذي عظمه الله علي کل عظيم و لميکن سواه من يقوم بهذا الامر الا جده و ابوه و اخوه سلام الله عليهم و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۵ *»
لمتکن المصلحة في ظهور هذا الامر العظيم الذي هو الذبح علي هذا الوجه الشنيع الذي هو الظهور باعلي مقامات الخضوع و الخشوع و اعلي مراتب الذلة و الانکسار لله الواحد القهار فحمل بهذا الانکسار جميع ظهورات الجبار لانه سبحانه عند المنکسرة قلوبهم فکان عليه السلام بذلک محل العناية في الافاضة فيفاض به عليه السلام علي کل موجود مبروء و مذروء مقتضي خير القضاء و خير القدر و لذا ورد ان الامة المرحومة يوم القيامة الف صف تسعمائة و تسعة و تسعون صف يدخلون الجنة بشفاعة الحسين عليه السلام و الصف الواحد يستحقون الجنة بشفاعة باقي الائمة و هو عليه السلام معهم.
فقد نال هذه المرتبة العظيمة و المنزلة الجسيمة بهذا الذبح في سبيل (الله خل) بظاهره و باطنه و سره و علانيته و لذا اختص عليه السلام بما لميختص به غيره من جده و ابيه و امه و اخيه و سائر الائمة من الخصائص من تخير المسافر في الحائر و استحباب السجدة علي ترابه و اجابة الدعاء تحت قبته و کون الائمة من ذريته و هو عليه السلام الذبح العظيم الذي احيا العالم باحياء الحق بشهادته و امات الباطل بذبحه فکان عليه السلام بذلک هو الفجر الصادق و قال سبحانه ان قرآن الفجر کان مشهودا و هو الذي استشهد عليه السلام و لقد فصلنا هذه المسألة باشرح بيان و اکمل تفصيل في رسالتنا الموضوعة في اسرار الشهادة و شرحنا الامر کما ينبغي فيها فان اردت زيادة الاطلاع فعليک بمطالعتها.
قال سلمه الله تعالي: و ما معني قول سيدنا بان الوجه وجه القلب فيجوز تقبيله دون غيره.
اقول: معني ما ذکرنا هو ان الانسان حقيقة هو القلب و هو مقر النفس الناطقة و هو مقر الفؤاد و هو اول متعلق الجعل و الجامع لوصول الحقيقة الانسانية و بالجملة هو المعبر عنه بانا و لماکان هو السر الغيبي و الامر الحق (الخفي خل) ظهر في العالم الجسماني بالقلب الصوري الذي هو القلب (هو اللحم خل) الصنوبري معدن الحياة و موصلها الي جميع مراتب
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۶ *»
الاعضاء و هذا القلب حيث انه حکي ذلک القلب ظهر علي شکل المخروط و استقر في الوسط و ان کان لمصلحة يطول بذکرها الکلام مال الي الجانب الايسر مادامت الدولة للظالمين الذين اخرجوا الاشياء عن مواضعها و لماکان هذا الباطن لابد له من مظهر في الخارج الظاهر في مقام الصورة الظاهرية جعل الله سبحانه الوجه دليلا عليه و حاکيا له و مظهرا لکينونته و لماکان قلب المؤمن اثر الولاية و شعاعها ظهر الوجه علي حسب حدودها و شعبها فکان اربعة عشر کاسمه الدال عليه و لماکان قلب المؤمن انما خلق من فاضل طينة الائمة عليهم السلام و لميجر فيه اللطخ کان طيبا طاهرا معصوما و لذا قلب المؤمن لايعصي و لايميل الي المعصية و ان کان بظاهر جسده يعصي لکنه حين المعصية منکر لها و کاره لها و مبغض لها و لايحب فعلها و ان کان يفعلها و هو قوله عليه السلام في الدعاء الهي لماعصک حين عصيتک و انا بربوبيتک جاحد و لا بامرک مستخف و لا لعقوبتک متعرض الدعاء کان الوجه الظاهري الذي هو حکاية عن القلب و دليله ظهر فيه سر ذلک النور اي نور الولاية علي جهة الحکاية فتقبيل الوجه تبرک لکونه حاکيا لذلک النور و من قول الشاعر:
و ما حب الديار شغفن قلبي
و لکن حب من سکن الديارا
فاذا قبل الوجه لاجل هذه الحکاية ففيه الفوز العظيم و لذا وردت عن ائمتنا سلام الله عليهم عدة روايات في استحباب تقبيل الوجه و ما بين العينين و الحث الاکيد علي ذلک کما رواه ثقة الاسلام في الکافي و غيره في غيره و اما غير الوجه من سائر الاعضاء فليس فيه حکاية عن الوجه الذي هو محل نور الولاية فلايصح تقبيله و لا تعظيمه لانه حدود الانية و جهات الماهية و منها تنشأ احکام (انحاء خل) المعصية لاسيما اليد التي هي مظهر قدرةالشخص و محل افعاله فاذا لمتکن اليد معصومة فلااحترام لها و لا هي بموضع للتقبيل و التبرک و لذا قال عليه السلام لاتقبل الا يد نبي او وصي نبي فاستثني عليه السلام يد المعصوم.
و اما الغير المعصوم فلااحترام له و لا اکرام (کرامة خل) الا ان يکون حکاية عن المعصوم و بابا له فح يجب احترامه و اکرامه من جهة المعصوم و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۷ *»
ذلک لايکون الا الوجه و لذا جاز تقبيل الوجه و الناصية و الرأس دون غيرها من سائر الاعضاء و ان کان الوجه افضل و في الحکاية اکمل و انما قلنا ان الوجه دليل القلب لان سر القلب الذي هو الحقيقة انما ظهر بالوجه دون غيره و لذا لايعرف الشخص الا بالوجه دون سائر الاعضاء مع ان جهة المخالفة في سائر الاعضاء بعضها مع بعض بالنسبة الي الغير موجودة و مخالفة الحدود (و خل) هي جهات التمييز و التشخيص و مع هذا کله لايعرف الشخص و لايميز الا بالوجه فلو رأيت جثثا متعددة بلا رؤوس ماعرفتها و لاميزت بينها و لا شخصتها لفقدان ما فيه سر حکاية القلب و هذا معني قولنا ان الوجه وجه القلب فيجوز تقبيله دون غيره فافهم فهمک الله.
قال سلمه الله تعالي: ما معني قوله تعالي و لله علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا و من کفر فان الله غني عن العالمين ما معني هذا البيت و ما هذه الاستطاعة و ما هذه السبيل و من الموصوف بالکفر و ما هذا الکفر؟ اجبنا ايدک الله.
اقول: اما في الظاهر فالبيت هو الکعبة و هي التي فرض الله سبحانه السعي اليها عند الاستطاعة و هي التمکن من الزاد و الراحلة ذهابا و ايابا و النفقة لعياله الواجب النفقة و الذي يعول به من غيرهم و تخلية الدرب (السرب خل) و عدم الخوف علي نفسه و علي عرضه و علي ماله بما لايتحمله عادة و عدم مانع و لو من جهة تحصيل العلم الواجب قدر الضرورة و بهذه و امثالها من نوعها تحصل الاستطاعة و اما السبيل هي الطريق الموصل الي البيت قربا و بعدا سهلا و حزنا و غير ذلک.
و اما الموصوف بالکفر فهو الذي يترک الحج مع التمکن و الاستطاعة و هذا الکفر کفر طاعة لا کفر شرک و قد قال عليه السلام من استطاع الحج و لميحج ان شاء فليمت يهوديا و ان شاء فليمت نصرانيا هذا اذا اعتقد عدم مشروعية الحج اما اذا اعتقد مشروعيته و ترک تهاونا فذلک فاسق فاجر لکنه ليس بکافر الا کفر طاعة کما نص عليه الامام عليه السلام و هذا الکفر لايوجب
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۸ *»
الخلود في النار و هذه المسائل قد فصلها و دونها اصحابنا رضوان الله عليهم في کتب الفقه و نحن ايضا کتبنا رسالة مختصرة في مناسک الحج و آدابه و شرايطه و اسبابه و من اراد تفصيل مسائل الحج فليرجع اليها, هذا ما يتعلق بظاهر الآية الشريفة.
و اما ما يتعلق بباطنها فوجوه کثيرة يضيق البيان عن احصائها و لکنا نذکر منها وجهين لتعرف بهما نوع المراد من الباطن اما الوجه الاول فاعلم ان المراد بالبيت هو بيت الحسين عليه السلام المبني في کربلاء قبل دحو الارض لان کربلاء هي اب القري و الکعبة هي ام القري و لاريب ان اب القري اقدم وجودا و اسبق تحققا من ام القري و لذا ورد ان الله سبحانه خلق کربلاء قبل خلق العالم باربعة و عشرين الف سنة فاذا کان کذلک وجب ان يکون اول بيت وضع للناس هو البيت الذي في کربلاء لان الله سبحانه لايخل بالحکمة و لايترک الاولي فوجب ان يکون اول البيت في اول البقاع و اشرفها و ذلک البيت بيت الحسين عليه السلام خصه الله سبحانه به لشهادته و هو قبة حمراء من ياقوتة حمراء فيها سرير من ياقوتة حمراء صافية مشرقة يغشي نورها الابصار و حول هذه القبة تسعون الف قبة من زمردة خضراء فالبيت واحد و قببه کثيرة واسعة و لو اردنا (ان خل) نذکر سعة کل قبة و ما يترتب عليه من جوامع المحاسن لضاقت الدفاتر و کلت البصائر فکتمانها في الصدور خير من ابرازها في السطور.
و هذا البيت هو الذي ببکة و بکة هي کربلاء محل البکاء و الخضوع و الخشوع و الذلة و المسکنة لله سبحانه و تعالي و هو المبارک الذي عم برکتها کل الوجود اذا حل فيه الحسين عليه السلام اي يظهر ذلک و الا فهو حال فيه دائما و برکات العالم کلها انما تبرز و تظهر و تنتشر في الوجود من هذا البيت لانه علي موضع القطب الدائر عليه الکون الجسماني من العرش و الکرسي و السموات السبع و الارضين السبع و ما يظهر من استدارتها من المتولدات فکانت من تلک القطعة اي موضع قبر الحسين عليه السلام من ارض کربلاء جميع البرکات الواصلة الي جميع الذرات الجسمانية فلاجل ذلک وصف الله ذلک البيت
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۵۹ *»
بالبرکة بقوله مبارکاً و من ذلک البيت نشرت الهداية في العالم اما في هذا الکون الظلماني فبقتل الحسين عليه السلام في هذه الارض و ظهور الآيات البينات من بکاء السموات دما و کسوف الشمس يوم العاشر و خسوف القمر في الليلة الحاديةعشر (الحاديةعشرة ظ) و هما عند المنجمين محال و قد اقاموا علي محاليتهما براهين عقلية لقد نقضت براهينهم تلک الآيات الجليلة و سينقضها ايضا الليلة الطويلة عند ظهور مولانا عجل الله فرجه و سهل مخرجه و روحي له الفداء و عليه و علي آبائه السلام فکان ذلک (ذاک خل) البيت المشرف هدي للعالمين و فيها آيات بينات من نحو ما ذکرناه و فيها مقام ابراهيم الاول حين قال صلي الله عليه و آله حسين مني و انا من حسين و سيأتي زيادة بيان لذلک.
فاذا عرفت ما ذکرناه علمت ان الذي دخل هذا البيت کان آمنا من جميع المکاره الحقيقية من الدنيوية و الاخروية.
و اما ما يصيب المؤمن من المکاره في ارض کربلاء فذلک حقيقة لارتفاع درجة و انحطاط سيئة و الا فکل من مات و دفن في ارض کربلاء و کان مؤمنا موحدا مواليا امن من جميع الضراء و قد ورد عن صادق اهل البيت عليهم السلام انه سئل عن الناقة هل تدخل الجنة قال عليه السلام ناقة صالح و کل ناقة تموت في ارض کربلاء و سئل عن الحمار يدخل الجنة قال عليه السلام حمار بلعم بن باعوراء و کل حمار يموت في ارض کربلاء و سئل عليه السلام عن الکلب هل يدخل الجنة قال عليه السلام کلب اصحاب الکهف و کل کلب مات في ارض کربلاء و هذه الرواية رويتها عن شيخي و استادي اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه مرفوعا عن الصادق عليه السلام و اذا (فاذا خل) کانت هذه الارض امانا لهذه الحيوانات و امثالها من البهائم فما ظنک بالانسان الموحد الموالي فذلک البيت امان اذن لکل من دخل فيه.
و اما الاستطاعة للوصول الي هذا البيت فعلي قسمين لان هذا البيت له مقامان مقام وجود و تحقق و مقام ظهور و بروز ففي المقام الاول هو الآن موجود في (ارض خل) کربلاء ولکن لاتراه الابصار و قد خفي عن الانظار
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۰ *»
کالملائکة الموجودين و الجن و الجنة و النار و غيرها من الامور الموجودة المخفية عن ابصار النار (ابصارنا ظ) ففي (و في خل) هذا المقام المراد بالاستطاعة هو ما ذکرنا من الاستطاعة للوصول الي الکعبة المشرفة من الزاد و الراحلة (و غيرهما مما ذکرنا هناک و کذلک في هذا المقام من حصول الزاد و الراحلة خل) و النفقة الموصلة الي الارض المقدسة الحسينية علي مشرفها آلاف الثناء من رب البرية فاذا وصل اليها نال اقصي المني لدخول ذلک البيت المعظم و المشهد المکرم و لذا ورد ان زيارةالحسين عليه السلام تعدل عشرين حجة و عمرة و في رواية تسعين حجة من حجج رسول الله صلي الله عليه و آله و في رواية له بکل خطوة الف الف حجة و الف الف عمرة و الف الف غزوة مع نبي مرسل او امام عادل و عتق الف الف رقبة من اولاد اسماعيل ذبيح الله.
و المراد بالسبيل الطريق الموصل الي تلک الارض الطيبة المبارکة التي حل فيها ذلک البيت المکرم المعظم الذي هو اول بيت وضع للناس.
و اما الاستطاعة علي المقام الثاني اي مقام ظهور ذلک البيت و بروزه فلا يکون ذلک الا في الرجعة رجعة الحسين عليه السلام و اصحابه فهي المعرفة النورانية و البلوغ الي مقام الثبات والطمأنينة في العلم و العمل و التمسک بالرکن الرابع الذي به تمام بيت المعرفة و تصديق قوله تعالي و لئن قتلتم في سبيل الله او متم اي معرفة ان سبيل الله هو علي و القتل في سبيل الله هو القتل في سبيل علي عليه السلام فاذا حصلت له معرفة هذا النوع من المطالب و العقايد فقد استطاع سبيلا الي دخول ذلک البيت عيانا ظاهرا مع الحسين عليه السلام في الرجعة اي يرجع حتي يدخل ذلک البيت کما وردت به الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم سلام الله العزيز الجبار و ما ذکرناه هو مجمل وجه واحد من وجهي الباطن الذي وعدناک ببيانهما.
و اما الوجه الثاني فاعلم ان البيت في هذه الآية الشريفة هو اميرالمؤمنين عليه السلام لانه اول بيت من البيوت التي اذن الله ان ترفع و يذکر فيها اسمه و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۱ *»
تلک البيوت رجال لاتلهيهم تجارة و لابيع عن ذکر الله علي قراءة المبني للمجهول في يسبح و الوقف علي الآصال و هم عليهم السلام بيوت النبوة و بيوت المعرفة و بيوت المجد و الشرف و بيوت السودد اول تلک البيوت هو الذي وضع حمله في بکة و هي موضع البيت من مکة و لاريب ان الذي وضع حمله في مکة ليس الا اميرالمؤمنين عليه السلام فهو اذن اول بيت وضع حمله في مکة لاجل الناس لهداياتهم و ارشادهم و ايصال ما لهم و منهم و اليهم و فيهم و عندهم و بهم و عليهم کلها اليهم عن فوارة القدر بامر مستقر و بذاک کان اميرالمؤمنين عليهالسلام لانه يمير يعني يكيل يعني يقدر لهم عن الله سبحانه و عن رسوله صلي الله عليه و آله ما يقتضي کينونات الناس و هو عليه السلام هدي للعالمين فيه آيات بينات و هم الائمة عليهم السلام لانهم الآيات المرئية في الآفاق و في انفس الخلايق کما نص عليه مولانا الصادق عليه السلام و فيه مقام ابراهيم الاول لان اميرالمؤمنين عليه السلام مقام ظهور رسول الله صلي الله عليه و آله و به ظهر رسول الله صلي الله عليه و آله للخلق کما ظهر العرش بالکرسي فافهم ضرب المثل.
و لاريب ان من دخل هذا البيت يعني دخل في ولايته مؤمنا خالصا مطمئنا فهو آمن من کل لأواء و بأساء و ضراء و هو معلوم ظاهر و ما تجد من ابتلاء شيعته و رعيته باذية الظالمين فذلک شيء مأخوذ عليهم العهد و الميثاق في العالم الاول بان يصبروا و يصابروا و يرابطوا فهذه الشدة عليهم احلي من العسل فالذي يتذکر ذلک العهد فلايجد بأسا و لا الما و الذي نسي العهد فسيذکر و يکون کماقال اميرالمؤمنين عليه السلام:
عند الصباح يحمد القوم السري
و تنجلي عنهم غيابات الکري
فح تکون الاستطاعة يراد بها العقل و الادراک و الشعور و الاختيار و المعرفة بالوجوه السبعة في الاطوار الاربعة اما الوجوه السبعة فالتوحيد اولا ثم المعاني ثانيا ثم الابواب ثالثا ثم الامام رابعا ثم الارکان خامسا ثم النقباء سادسا ثم النجباء سابعا اما الاطوار الاربعة التسليم و التصديق و الايمان و المعرفة و في کل وجه من تلک الوجوه السبعة يراعي کل هذه الاربعة و قد قال عليه السلام انکم
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۲ *»
لن تؤمنوا حتي تعرفوا و لنتعرفوا حتي تصدقوا و لن تصدقوا حتي تسلموا ابوابا اربعة لايصلح اولها الا بآخرها ضل اصحاب الثلاثة و تاهوا تيهاً بعيدا.
فاذا تحققت المعرفة علي الوجه المسطور حصلت الاستطاعة للسير في سبيل الولاية فالاستطاعة هي ما ذکرناه و السبيل هي القري الظاهرة للسير الي القري المبارکة و القري الظاهرة هم العلماء الربانيون و العرفاء الالهيون و الابواب للباب الاعظم الذي هو باب مدينة العلم صلي الله عليه و آله و سلم فافهم راشدا و اشرب صافيا فح فالمراد بالکفر هو الکفر الحقيقي فان من لميؤمن بالولي لميؤمن بالنبي و من لميؤمن بالنبي لميؤمن بالله و من لميؤمن بالله هو الکافر المخلد في مهاوي جهنم نستجير بالله منها و قد روي اخطب خوارزم عن النبي صلي الله عليه و آله انه قال ليلة اسري به الي المعراج اوحي الله اليه و قال يا محمد لو ان عبدا عبدني صام نهاره و قام ليله حتي يصير کالشن البالي ثم يأتيني من غير ولاية ابن عمک علي ابن ابيطالب عليه السلام اکببته علي منخره في نار جهنم فلهذه الآية الشريفة وجوه کثيرة ترکناها خوفا للتطويل و صونا من اصحاب القال و القيل.
قال سلمه الله تعالي: مسألة ما يقول سيدنا ادامه الله في کيفية نصب الشاخص و طريق معرفة الزوال في سائر الاوقات و البلدان ارشدنا ارشدک الله.
اقول: اما نصب الشاخص احسن الطرق و اسهلها الدائرةالهندية و طريقها ان تعدل سطحا متساويا النسبة من جميع الجهات بحيث لو صب ماء في وسطه يقف في کل جهاته و لاينحدر الي جهة فاذا تعدل السطح کما ذکرنا ترسم عليه دائرة و تنصب علي مرکز الدائرة شاخصا و الاحسن ان يکون دقيق الرأس علي شکل المخروط و ان يکون ارتفاعه مقدار ربع القطر و ان کان يجوز اکثر فاذا نصب الشاخص في وسط يجعل في الشمس فينظر في الظل فاذا دخل في الدائره يعلم الدائرة عند اول دخول الظل فيها بعلامة ثم لايزال ينظر الي ان يخرج الظل من الدائرة فيعلم موضع خروج ظله منها بعلامة ثم يوصل بين
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۳ *»
العلامتين بخط و هو خط المشرق و المغرب و الاحسن ان يکون تحصيل هذا الخط عند اول نقطتي الاعتدال اي اول کون الشمس في اول برج الحمل او في اول برج الميزان و يکون خط المشرق و المغرب مارا علي مرکز الدائرة ثم ينصف هذه الدائرة نصفين و يرسم في الوسط خطا من محيط الدائرة الي محيطها فتجعل الدائرة بهذين الخطين ارباعا و هذا الخط الثاني هو دائرة نصف النهار فالظل من اول طلوع الشمس طويل ثم لايزال ينقص الي ان يدخل في الدائرة فلايزال ينقص حتي يصل الي خط نصف النهار فاذا تجاوز الظل عن ذلک الخط الي جهة المشرق فقد زالت الشمس يقيناً بالضرورة و هذا طريق تحصيل الزوال بمعرفة خط نصف النهار.
فاذا اردت تحصيل سمت القبلة فانظر الي انحراف قبلة البلد الذي انت فيه عن نقطة الجنوب التي هي محاذية لخط نصف النهار کم (من خل) درجة فتقف علي محاذات (محاذاة ظ) نقطة الجنوب ثم انحرف عن موضع سجودک الي جانب المغرب اذا کان الانحراف غربيا و (او خل) الي الشرق ان کان شرقيا فانحرف لکل درجة اصبعا من موضع سجودک فما ينتهي اليه هو القبلة مثلا انحراف قبلة ارض (اهل خل) الکوفة و مشهد الحسين عليه السلام عن نقطة الجنوب اثنتي عشر (عشرة ظ) درجة فاذا حاذيت نقطة الجنوب عند الزوال او غيره اذا علمت موضعها و انحرفت عن موضع سجودک الي جهة الغرب شبرا واحدا و هو عبارة عن اثني عشر اصبعا فذاک سمت القبلة و اذا اردت معرفة نقطة الجنوب بالليل فاجعل الجدي بين کتفيک ثم انحرف عن نقطة الجنوب بمقدار درجة انحراف تلک البلدة عن نقطة الجنوب فما ينتهي بک هو القبلة يقينا و هذه القاعدة لاتتخلف اصلا بشرط ان تعرف مقدار انحراف البلاد عن نقطة الجنوب او الشمال.
و اما استعلام الزوال فلايتوقف علي معرفة درجات الانحراف و هذا الذي ذکرنا لک قاعدة کلية لاتتخلف ان شاء الله في جميع الاوقات و جميع البلدان.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۴ *»
قال سلمه الله تعالي: مسألة ما الثلاث المسائل التي وقع (منها خل) الخلاف بين الشيخ رحمه الله و اهل العراق و ما دليل کل علي دعواه و ما مذهب جنابکم الشريف ايضا کذلک اسعدک الله.
اقول ليس في البين خلاف في الواقع و انما نسبوا الي جنابه الشريف بعض المسائل کذبا و افتراء و زورا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فبعضهم کماقال تعالي و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم و قوله تعالي يعرفونه کمايعرفون ابناءهم و ان فريقا منه ليکتمون الحق و هم يعلمون و الآخرون کماقال عزوجل و اذ لميهتدوا به فسيقولون هذا افک قديم و تلک المسائل التي نسبوا اليه اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه.
منها مسألة المعراج زعموا بل موهوا علي الناس انه اعلي الله مقامه يذهب الي ان المعراج ليس بهذا الجسم الدنيوي بل هو اما روحاني (او جسماني خل) بجسم شفاف آخر غير هذا الجسم الذي کان عليه صلي الله عليه و آله مع الناس و هذه الشبهة انما دخلت عليهم من عبارة ما عرفوا قراءة لفظها بل قرؤها غلطا و فرعوا عليه باطلا و الفرع و الاصل کلاهما باطلان و قولهم سواد في سواد في سواد سبحانک هذا بهتان عظيم بل الذي سمعنا منه مشافهة و ملأ به کتبه و مصنفاته ان رسول الله صلي الله عليه و آله انما عرج بهذا الجسم الدنيوي الذي کان مع الناس بل بثيابه و لباسه و نعله صعد الي السماء (السموات خل) خرق الحجب و السرادقات و وصل الي العرش و صعد الي مقام قاب قوسين فمن انکر عروجه صلي الله عليه و آله الي العرش من غير هذا البدن و هذا الجسم فعليه لعنة الله و لعنة اللاعنين و لعنة الله علي الکاذبين و المفترين و هذا مذهب شيخي و استادي و مذهبي به القي الله يوم القيمة من انه صلي الله عليه و آله عرج بجسمه الدنيوي و بثيابه التي کانت عليه الي السموات السبع و الکرسي و الحجب و السرادقات الي ان بلغ منتهي العرش و هذا مذهب الفرقة المحقة ولکن الجماعة ارادوا ايقاع الفتنة و قد ارکسوا فيها.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۵ *»
و منها مسألة المعاد زعموها انه اعلي الله مقامه لايذهب اليها کما موهوا علي الناس في المعراج و قالوا انه اشاد الله شأنه و اعلي برهانه يذهب الي ان المعاد ليس بهذا البدن العنصري و ان الجسد العنصري يذهب و لايعود فقالوا انه يقول ان المعاد بجسم آخر غير الجسم الموجود في الدنيا الا و قد کذبوا و افتروا و قالوا زورا و بهتانا بل المعاد عنده اعلي الله مقامه بهذا (هذا خل) الجسم المحسوس الملموس المرئي لکنه تتفاوت الصور کتفاوت الصور في هذه الدنيا و اعترائها علي الجسم و هو علي ما هو عليه کصورة الرضاع و الفطام و الصبا و المراهقة و البلوغ و التمام و الکمال و الشباب و الشيب و الصحة و المرض و غيرها من الصور و کذلک الصورة الدنياوية قد لاترجع في الآخرة الا تري ان لقمان کان عبدا اسود اتظن انه يحشر يوم القيمة اسود الوجه و البدن و ابوبصير ليث المرادي البختري کان اعمي اتظن انه يحشر اعمي و (او خل) الکفار الذين هم في هذه الدنيا ظهروا علي الصور الحسنة اتظن انهم يحشرون عليها و الله سبحانه و تعالي يقول و نحشره يوم القيمة اعمي قال رب لم حشرتني اعمي و قد کنت بصيرا الآية.
و تغير الصور في الآخرة مما لايستريبه عاقل الا ان يخرج من العقل و يدخل في سلک المجانين و هذه الصورة هي المسماة عنده اعلي الله مقامه بالجسد التعليمي العنصري کما انها هي المسماة عند الحکماء المشائين و المتکلفين المتکلمين بالجسم التعليمي و حيث انهم لميفهموا المراد اراد القوم من اهل العراق علي سابق طريقتهم مع اميرالمؤمنين عليه السلام التمويه علي الناس و (في خل) العداوة مع هذا العالم الرباني لما وسوس في قلوبهم الخناس قالوا انه اعلي الله مقامه ينکر المعاد الجسماني حاشا ثم حاشا بل هو الذي انکر علي المنکرين لهذا المعاد و ابطل شبههم و اثبت المعاد الجسماني بالبدن الجسماني الدنيوي بالبراهين القطعية من العقلية و النقلية مع اعتراف الحکماء بالعجز عن البرهان العقلي علي المعاد الجسماني و اکتفائهم بما نطقت الشريعة من اثباتها و من الذين نص عليه ابن سينا في عدة من کتبه افمن يهدي الي الحق احق ان يتبع امن لايهدي الا ان
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۶ *»
يهدي فما لکم کيف تحکمون و نسبة انکار المعاد الجسماني اليه کنسبة قبح الصورة الي يوسف الصديق عليه السلام و نسبة الحماقة الي اياس و الفهاهة الي قس بن ساعدة و هل يرضي بذلک ذو روية او يرکن اليه ذو بصيرة و طوية و الي الله المشتکي.
و منها نسبة الفاعلية و الخالقية و الرازقية و الاحياء و الاماتة و سائر الافعال الالهية الي اميرالمؤمنين عليه السلام او الي احد الائمة علي جهة الاستقلال او علي جهة التفويض و يزعمون ان مولانا الشيخ اعلي الله مقامه يذهب الي ذلک حاشا ثم حاشا ثم حاشا بل التفويض باطل فاسد عند جميع الامامية حتي في افعال العباد الاختيارية فما ظنک بافعال الله اذا نسب الي غير الله و شيخنا اعلي الله مقامه نص علي بطلان التفويض في الامکان في عدة من کتبه و برهن بالبراهين القطعية ان الامکان محال ان يفوض اليه شيء کيف لا و قد قال سبحانه خطابا لنبيه صلي الله عليه و آله ليس لک من الامر شيء فما ظنک بغيره صلي الله عليه و آله اذ لا افخر و لا انور و لا اعظم و لا اکرم و لا ابهي و لا اسني منه صلي الله عليه و آله من کافة الموجودات و (او خل) الکائنات من الامکان و الاکوان فاذا انتفي التفويض بتصريح منه اعلي الله مقامه فکيف يذهب الي ما ينفيه بالتصريح و التلويح بل علومه مبنية عليه بل الائمة عليهم السلام عنده اعلي الله مقامه کما هو في الواقع عند الله عباد مکرمون لايسبقون بالقول و هم بامره يعملون الي ان قال و من يقل منهم اني اله من دونه فذلک نجزيه جهنم کذلک نجزي الظالمين و ذکر الشيخ قدس نفسه الزکية ان المراد من قوله تعالي و من يقل منهم اني اله من دونه يعني من يقل منهم اني انا ملاحظا لوجدان نفسه فالذي هذا اعتقاده کيف يصرف الي ما ذکر مراده تباً و سحقاً للقوم الظالمين الا لعنة الله علي الکاذبين.
بل اعتقاده اعلي الله مقامه في ائمتنا عليهم السلام و هو الذي نعتقده نحن ان الله سبحانه حيث جعل العالم عالم الاسباب و ابي ان يجري الاشياء الا باسبابها جعل محمدا و آله صلي الله عليه و آله (عليهم خل) هم السبب الاعظم و الصراط الاقوم علي ما في زيارة آل يس لمولانا الحجة عليه السلام و من تقديره منايح
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۷ *»
العطاء بکم انفاذه محتوما مقرونا فما شيء منا الا و انتم له السبب الزيارة و کل الاشياء في کل اطوارها هم سبب وجودها و علة تحققها و بهم ظهرت افعال الربوبية و قد قال ابن ابيالحديد المعتزلي:
تقيلت افعال الربوبية التي
عذرت بها من شک انک مربوب
ايا علة الدنيا و من بدو خلقها
له و سيتلو العود للبدو تعقيب
فمن قال ان الامور الالهية قد فوضت اليهم فهم يفعلون بامر الله کما يفعل العبد بامر سيده و يفعل الوکيل بامر موکله او قال انهم شرکاء لله في هذه الافعال و غيرها او قال انهم المستقلون دون الله فعليه لعنة الله و لعنة اللاعنين و لعنة الملائکة و الانس و الجن اجمعين و من انکر کونهم اسبابا للوجود و ان الخيرات کلها خلقت من شعاع نورهم و الحق و الخير منحصران لهم (فيهم خل) و الکفار و الاشرار انما خلقوا من عکوسات اظلتهم و الخير و الشر منسوبان اليهم الا ان الخير من موافقتهم و الشر من مخالفتهم و في الزيارة السلام علي نعمة الله علي الابرار و نقمته علي الفجار و لاشک ان من آمن بهم سعد و کان من اهل الحق و من انکرهم شقي و کان من اهل الباطل و هم قسيم الجنة و النار فافهم و انهم مبدأ الوجود و انهم اول خلق الله و لولاهم ماخلق الله فمن انکر هذه الامور فلاحظ له في الايمان و لا هو من هذه الفرقة المحقة التي تدور عليهم الاکوان و الاعيان ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون.
و منها مسألة العلم يزعمون ان مولانا اعلي الله مقامه يذهب الي ان علم الله منه قديم و منه حادث و ان الله سبحانه يتجدد عنده ما لميکن عنده سبحانک هذا بهتان عظيم يعظکم الله ان تعودوا لمثله ابدا ان کنتم مؤمنين بل اعتقاده کما هو اعتقادنا ان الله سبحانه يعلم الاشياء کلها کليها و جزئيها ذاتيها و عرضيها و عاليها و سافلها مجردها و ماديها و کل شيء من الامکان و الاکوان و الاعيان و الاکوار والادوار و الاطوار و الاوطار کلها قبل وجودها و بعد وجودها و حين وجودها بلاتنقل و لاتجدد و لا انتظار و لا تغيير حال سبحانه و تعالي عما يقولون علوا کبيرا نعم يطلق العلم في الکتاب و السنة علي غير الله و غير علمه
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۸ *»
الذاتي کما عقد الکليني (ره) بابا في الکافي ان لله علمين علم علمه انبياءه و رسله و ملائکته و علم استأثره في علم الغيب عنده فنقول العلم الذي علمه الله انبياءه و رسله هل هو علمه الذاتي او غيره فان قلت انه علمه الذاتي و العلم الذاتي عين الذات عند کافة الامامية فيکون الله تعالي قد علم ذاته الانبياء و لا ريب انه کفر صريح و اذا کان ذاته علمه الانبياء فالعلم الذي استأثره (الله خل) في علم الغيب ما هو هل هو ذاته او غير ذاته؟ فان کان ذاته لزم التکثر في ذاته و التفرق حيث علم بعض ذاته و اخفي بعضا آخر و هو کما تري و ان کان غير ذاته فهل هو قديم او حادث؟ فان کان قديما کان الله متعددا و ان کان حادثا فذلک الذي کنا نبغي فان العلم له اطلاقان مرة يطلق و يراد به العلم الذاتي و مرة اخري يطلق و يراد به کون من الاکوان الحادثة فنسبة هذا الحادث الي الله کنسبة الروح الي الله في قوله تعالي و نفخت فيه من روحي و البيت الي الله کما في قوله و طهر بيتي للطائفين و القائمين و الرکع السجود و نسبة الاسف الي الله کما في قوله تعالي فلما آسفونا انتقمنا منهم و کذلک القول فيما ورد ان الائمة خزان علم الله و انهم عيبة علم الله و هکذا غير ذلک من الاطلاقات التي يطول الکلام بها.
و هذه المسائل الاربع هي التي نسبوها الي ذلک العالم العلم الرباني و الفريد الوحيد الذي ليس له ثاني باب الامام و حجة الخصام و رکن الانام مولانا اعلي الله مقامه کذبا و افتراء وزورا و بهتانا حتي ان بعضهم قد الجاه العناد و ابتغاء الفساد لا اناله الله رحمته قد کتب کتابا قد جمع فيه جميع المذاهب الباطله من مذاهب الزنادقه و مذاهب الملاحدة و مذاهب الصوفية و کل مذهب باطل و قول فاسد و نسبها کلها الي ذلک الشيخ العلام و البدر التمام و نور الله في الظلام و الحجة من حجة الله علي کافة الانام کل ذلک مکرا و خديعة ليصرفوا وجوه الناس اليهم ولا غروا ان فعلوا ذلک لقد نسبوا الي رسول الله صلي الله عليه وآله السحر و الجنون و التعلم من الفارسي و نسبوا الي امير المؤمنين و الائمة عليهم السلام ما نسبوه و بها اسسوا لعن امير المؤمنين علي المنابر ثمانين سنة و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۶۹ *»
کان اهل الشام يقاتلونه لانه لا يصلي ولا يصوم و لا يغتسل من الجنابة و ثلثوا بهذا العالم الرباني و النور الشعشعاني و الولي الصمداني و رابع الارکان و المعلم للبيان و الشارح لاسرار القرآن و له بذلک فخرا لقد تأسي نبيه صلي الله عليه و آله فيما جري عليه و عليهم لکم في رسول الله اسوة حسنة و هذا ليس بنقص بل هو فخر و شرف و قد قال المتنبي و نعم ما قال:
و اذا اتتک مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي باني کامل
و لقد شرحت هذه المطالب و فصلت هذه المقاصد و قطعت حجة کل جاحد و ابطلت عذر کل معاند في رسالتي المسماة بکشف الحق و اليقين في دفع شبه المعاندين فيما ينسب اي الشيخ الاعظم الاجل الاحمد بن زينالدين و اقمت فيه البراهين و لکن القوم کماقال مولانا الحجة عليه السلام لا لامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حکمة بالغة فما تغن النذر و يحسبون انهم يحسنون صنعا و لبئس ما يصنعون و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون فاطلب رسالة کشف الحق فان فيها (ما خل) يشفي العليل و يروي الغليل و انا (اذا خل) وفقنا الله لاتمام ما سئلنا من مسائل فيها الرد علي اليهود و النصاري و علي العامة العمياء و علي کل مخالف للحق و الدين و اثبات ما نحن عليه من الحق الواضح المبين و ابطال مخالفينا باوضح البراهين و وسمتها (سميتها خل) بالحجة البالغة و فيها (ففيها خل) منتهي الامر ان الله يسمع من يشاء و ما انت بمسمع من في القبور.
قال سلمه الله تعالي: ما معني قول العالم الفاضل علي بن سينا في الابيات المنسوبة اليه في وصف الروح و هي:
هبطت اليک من المحل الارفع
ورقاء ذات تعزز و تمنع
محجوبة عن کل مقلة عارف
و هي التي سفرت و لمتتبرقع
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۰ *»
وصلت علي کره اليک و ربما
کرهت فراقک و هي ذات تفجع
انفت و ما انست و لما واصلت
الفت مجاورة الخراب البلقع
و اظنها نسيت عهودا بالحمي
و منازلا بفراقها لمتقنع
حتي اذا اتصلت بهاء هبوطها
عن ميم مرکزها بذات الاجرع
علقت بها ثاء الثقيل فاصبحت
بين المعالم و الطلول الخضع
تبکي متي ذکرت عهودا بالحمي
بمدامع تهمي و لما تقلع
و تظل ساجعة علي الدمن التي
درست بتکرار الرياح الاربع
اذ عاقها الشرک الکثيف و صدها
قفص عن الاوج الفسيح المرتع
حتي اذا قرب المسير الي الحمي
و دنا الرحيل الي الفضاء الاوسع
و غدت مفارقة لکل مخلف
عنها حليف الترب غير مشيع
سجعت و قد کشف الغطاء فابصرت
ما ليس يدرک بالعيون الهجع
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۱ *»
و غدت تغرد فوق ذروة شاهق
و العلم يرفع کل من لميرفع
فلأي شيء اهبطت من شامخ
عال الي قعر الحضيض الاوضع
ان کان اهبطها الاله لحکمة
طويت عن الفطن اللبيب الاروع
و هبوطها ان کان ضربة لازب
لتکون سامعة لما لمتسمع
و تعود عالمة بکل خفية
في العالمين و خرقها لميرقع
و هي التي قطع الزمان طريقها
حتي لقد غربت بغير المطلع
فکأنما (فکأنها خل) برق تألف بالحمي
ثم انطوي فکأنه لميلمع
و يوجد في بعض النسخ بعده:
انعم برد جواب ما انا فاحص
عنه فنار العلم ذات تشعشع
اقول لو اردنا ان نشرح هذه الابيات کما ينبغي مما ارانا الله سبحانه و علمنا من علمه في اطوار عالم الملکوت التي هي مأوي الارواح و هي طيور قدس في مأوي الانس مستقرة علي دوحات سدرة المنتهي و مغردة علي افنانها و من اطوار عالم الملک بمراتبها و احوالها و من طيران تلک الاطيار عن تلک الدوحات (الدرجات خل) و هبوطها الي اوکارها في صفحات عالم الملک و ما بين تلک الاطيار و تلک الاوکار من الاطوار من قوله تعالي ما لکم لاترجون لله
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۲ *»
وقارا و قد خلقکم اطوارا لضاقت الدفاتر و کلت الابصار و البصائر و يطول بذکرها الکلام بل ربما يؤدي الي ذکر ما لاينبغي بحسب اقتضاء المقام و ترک الشرح و البيان ايضا لاينبغي لما اخذ علي المؤمن الانسان من الجواب عن کل سؤال بما يعرف مما يسطر و اما السائل فلاتنهر فاختصرت غاية الاختصار و لوحت الي بعض ما فيها من الاسرار لان ذلک هو الميسور و لايسقط بالمعسور و الي الله ترجع الامور.
فنقول اراد ابن سينا شرح اتصال الارواح بالاجسام و کيفية ارتباطها اي ارتباط ذلک المجرد النوراني اللطيف بهذا البدن الظلماني الکثيف و السر في هذا التنزل و الهبوط و المکث في هذا المنزل الضيق ثم خلعها لهذا البدن و رجوعها الي ذلک المنزل الفسيح الذي هو الوطن و قال:
هبطت اليک من المحل الارفع
ورقاء ذات تعزز و تمنع
و لماکانت الروح من عالم التجرد و هو اشرف من عالم الماديات فوجب ان يکون خلقتها قبل الاجسام لبطلان الطفرة و اليه الاشارة بقوله عليه السلام خلق الله الارواح قبل الاجسام بالفي سنة او اربعة آلاف او سبعة آلاف و لماکانت مخلوقة في العالم الاول من الخزاين العليا من قوله تعالي و ان من شيء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم فالخزائن الاولي عليا و التي بعدها سفلي و لذا عبر عن تعلق الروح المخلوقة في العالم الاعلي بالبدن المخلوق في العالم الاسفل بالهبوط و قال «هبطت اليک» و المخاطب الجسم «من المحل الارفع» اي عالم التجرد و عالم القدس و عالم الاحاطة و عالم السعة «ورقاء ذات تعزز و تمنع» عبر عن الروح بالورقاء لانها طير عالم القدس و مقرها افنان شجرة طوبي و انما عبر عنها بالطير لخفتها بعدم تعلق روابط الماديات الکثيفة المعبر عنها بثاء الثقيل کما سيأتي و ميلها الي الارتفاع الي العالم الاعلي و اما انها ذات تعزز و تمنع فمعلوم مما ذکرناه من کونها من ذلک العالم عالم التجريد و التفريد ثم اشار الي صفتها و کينونتها بالنسبة الي اهل العالم الاسفل بقوله:
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۳ *»
محجوبة عن کل مقلة عارف
و هي التي سفرت و لمتتبرقع
يعني ان الروح محجوبة مستورة عن عيون الواقفين في عالم الاجسام مقام النقش و الارتسام ضرورة ان بين الادراک و المدرک لابد من المناسبة و المجانسة بل الاتحاد في الصقع و هو قول اميرالمؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها فاذا کان الامر کذلک فاين عالم الارواح المجردة القادسة المطهرة من شوائب اطوار الماديات من عالم الاجسام المکدرة الغاسقة المظلمة محل المواد و موضع خفاء الاستعداد فاني للواقفين في هذا العالم الکثيف و مشاهدة ذلک النور المجرد اللطيف و اين الثريا من يد المتناول و هذا بالنسبة الي مقلة کل عارف مادام وقوفه في هذا العالم الجسماني فما ظنک بغير العارف.
ثم اراد ان يبين ان هذا الاحتجاب ليس لامر خارج من ستر قد تجللت به و احتجبت عن عيون الناظرين لا بل مقامها لعلوها و ارتفاعها يقتضي ذلک فقال «و هي التي سفرت و لمتتبرقع» يعني انها مسفورة ظاهرة غير مبرقعة و لامحتجبة و مع ذلک لا تدرکها الابصار و لاتشاهدها الانظار ثم اراد ان يبين نسبتها مع البدن لانها متغيرة الاحوال فقال:
وصلت علي کره اليک و ربما
کرهت فراقک و هي ذات تفجع
اما کراهتها لاقتضاء مقامها و عالمها و عدم المجانسة و المناسبة مع العالم الکثيف الجسماني فمن هذه الجهة تکره الاتصال به و لما الف الله بينهما برابط مناسب للعالمين المسمي بعالم المثال و عالم البرزخ و الجسم المثالي فتألفت و اتصلت و ارتبطت بالبدن کمال الارتباط حتي تکره مفارقتها و تفارق البدن و هي کارهة غير راضية لشدة العلاقة ثم اکد هذا المعني بقوله:
انفت و ما انست و لما واصلت
الفت مجاورة الخراب البلقع
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۴ *»
يعني انفت و ما انست في مبدأ الاتصال لعدم المناسبة فلما واصلت بتوسط البدن المثالي و استقرت و استقلت و ارتبطت کمال الارتباط استأنست و الفت مجاورة الجسم لانه مرکبها و محلها و موضع آثارها و مقر افعالها و اما قوله الخراب البلقع فالمراد به الفساد الحاصل في هذا البدن من جهة خلط الاعراض و الغرائب الخارجة المانعة عن ائتلاف الارکان و الاعضاء و النسبة المقتضية للتأليف کالبنيان المحکم اذا حصل فيه الخلل و الفرج و امور توجب هدمه و خرابه و الا فاذا خلص البدن عما (مما خل) يوجب فساده و خرابه فهو باق ابد الابدين دهر الدهرين (الداهرين ظ) کما هو شأن (الابدان خل) الاخروية و الاجسام التي في الجنة و هي عمران و معمورة و انما نسب الخراب اليه لاجل تلک الغرائب و الاعراض و الا فالامر اعظم ثم اشار الي اشتغالها بالبدن و احواله بعد الاتصال به و الوصول اليه فقال:
و اظنها نسيت عهودا بالحمي
و منازلا بفراقها لمتقنع
يعني ان الروح بعد اتصالها بالبدن و ارتباطها به و اشتغالها باصلاح البدن و دفع العوارض و الغرائب عنه لتمکن (لتتمکن خل) من الظهور فيه و اظهار آثارها به و هذا الاشتغال و التوجه الي العالم الاسفل انساها عالمها و هي الحمي المحمية بنور القدس عن تطرق علايق الماديات فنسيت تلک المعالم و العهود التي اخذت عليها فيها (منها خل) و المنازل التي سفرت اليها و هي محل انسها و موضع نشاطها و حبورها اما العهود المنسية باجمعها او ببعضها و هي شهادة ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله و علي اميرالمؤمنين و اولاده الطيبون الطاهرون و فاطمة الصديقة اولياء الله و انهم خيرة الله و لميسبقهم سابق و لايلحقهم لاحق و لايطمع في ادراکهم طامع و ان الله بهم افتتح الوجود و اليهم يرجع و يعود کل موجود و مفقود و انهم باب الله و حجاب الله و انهم الواقفون علي فوارة القدر بامر مستقر و هم المعنيون من قوله تعالي کلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و هم العطاء و هم المدد و هم باب المدد و هم سر المدد و هم روح المدد و هم
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۵ *»
حقيقة المدد و هم مبدأ المدد و منهم بدأ المدد و اليهم يعود المدد و هم سر الوجود و حجاب الغيب و الشهود و بهم بدأت الاشياء و اليهم تعود و ان الخلق انما خلقوا لاجلهم و وجدوا لاظهار امرهم و کونوا لحفظ سرهم و الخلق لهم و اليهم و ان الانبياء دعاة هداة رشدهم (و شهدهم خل) و الملائکة حملة اقلام فضلهم و حقايق الموجودات کتب لشرح مناقبهم و فضائلهم ان الشرايع کلها شرايعهم و ان محمدا صلي الله عليه و اله نبي و آدم بين الماء و الطين و هم الاولياء و آدم بين الماء و الطين و ان الانبياء مقدمة ظهور امرهم و حکمهم.
و بالجملة هذه و امثالها من العهود التي اخذت علي الارواح في العالم الاول فلما نزلت الي هذا البدن الضيق المظلم المنتن نسيت تلک العهود و غابت عن تلک المشاهدة و الشهود فهي لها مراتب علي حسب نسيانها و ذکرها حتي ان آدم عليه السلام ابوالبشر قال سبحانه في حقه و لقد عهدنا الي آدم من قبل فنسي و لمنجد له عزما و قال عليه السلام علي ما في الکافي و لقد عهدنا الي آدم من قبل في محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم الصلوة و السلام فنسي و لمنجد له عزما و اولوا العزم هم الباقون علي العهد الاول اما سمعت الله سبحانه يقول و اذ ابتلي ابرهيم ربه بکلمات فاتمهن و الکلمات هم سلام الله عليهم و معني اتمامها الالتفات اليهم و الانقطاع اليهم و الاعتماد عليهم و التوجه الي الله بهم و ذکرهم و عدم نسيانهم و بالجملة قد نسيت الارواح تلک العهود و لميبق لها ذاکر الا اولوا العزم من الانبياء عليهم السلام و اما ما سواهم فلهم مراتب في نسيان تلک العهود لايسعنا الآن بيانها و لا شرحها و تبيانها.
و اما المنازل التي بفراقها لمتقنع.
فاحدها منزل عالم الارواح و اول ظهور الاشباح و مقر سدرة المنتهي و مبدأ الجنة المأوي و هو اعلي المنازل و اشرف المراحل.
و ثانيها منزل الملکوت الاعلي و مأوي القدس و اول الانس جبال الزمرد و اصل المدد.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۶ *»
و ثالثها منزل الملکوت الاوسط بيت الشرف و اصل الجنة التي لها غرف مبنية من فوقها غرف.
و رابعها منزل الملکوت الاسفل مقام الاتصال بالعالم الاسفل الذي هو العالم الاول.
و خامسها مقام الطبيعة و مبدء نشر (نشو خل) الاجسام بسر الحقيقة الياقوتة الحمراء التي غلظها غلظ السموات السبع و الارضين السبع بل العرش و الکرسي.
و سادسها منزل عالم المواد و مواقع الاستعداد و هو البحر المواج و التيار الرجراج الحاصل من ذوبان الياقوتة الحمراء.
و سابعها منزل عالم المثال اول مقام الظهور و الاتصال صور عارية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد.
و ثامنها منزل عالم الاجسام من وراء جبل قاف الي حد جبل الاعراف مقام الاضافة و المضاف.
و هذه المنازل هي التي ما کانت الروح تقنع بفراقها لانها مهابط اشعتها و مواقع نجومها و محال ظهور افعالها و تشعب علومها و تکثر رسومها ولکنها لما ابتليت بالاعراض و الغرائب و خفيت الغرائز اشغلتها تلک الجهات و الکثرات و تصادم العناصر المختلفة الطبايع بروابط الانيات و الهتها الکثرات الي ان نسيت تلک المنازل الانيسات و استبدلت بالبراري الموحشات الهيکم التکاثر حتي زرتم المقابر کلا سوف تعلمون ثم کلا سوف تعلمون کلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم و هذه مجمل المنازل و العهود.
ثم اراد ابن سينا ذکر علة النسيان و جهة الطغيان و علة الذل و الهوان و الموت علي هيئة الحيوان و قال:
حتي اذا اتصلت بهاء هبوطها
عن ميم مرکزها بذات الاجرع
علقت بها ثاء الثقيل فاصبحت
بين المعالم و الطلول الخضع
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۷ *»
يعني بهاء الهبوط اصل الهبوط و سره و کذا ميم المرکز و ثاء الثقيل و انما کان کذلک لان سر الاسم في الوسط کالقلب في وسط الانسان اذ ما تري من تفاوت في خلق الرحمن و سر القلب في الوجه علي ما ذکرنا لک سابقا و الوجه في الالفاظ و الکلمات الحرف الاول فالحرف الاول من الکلمة اشارة الي وجه سرها و وجه مبدئها و حقيقتها فلما اراد الشاعر الاشارة الي حقيقة هذه الاشياء عبر عن حقيقة الثقل بالثاء و الهبوط بالهاء و المرکز بالميم يعني ان الروح لماهبطت کمال الهبوط حتي اذا اتصلت باصل المرکز و هو مرکز الارض مقام تحقق الاختلاف و ارتفاع الائتلاف موضع التناقض و التضاد و محل الخلط بين نقطة النور و نقطة الظلمة التي هي اصل الفساد علقت بها و تعلقت ثقل العلائق و الجهات و روابط الانيات و الماهيات و ظهور الکثرات و الاضافات فانستها تلک المعالم و المنازل و الدرجات فالهبوط الي المرکز بعلاقة العلايق و الجهات بقيت هابطة و نسيت و امتنعت عن الصعود الي معالي الدرجات فاصبحت بين المعالم و الطلول من الاطوار و الفروع (اطوار الفروع خل) و الاصول ناسية جهات علومها و مقامات رسومها هائمة في تلک البراري و الفلوات ممتنعة عن الصعود الي تلک النشأة التي فيها نور بارئ السموات و هي في حال خراب حليفة الحزن و الاکتئاب قرينةالذلة و المسکنة في التراب.
فلما کان لميعدم ذکر تلک المقامات بالمرة بل ربما تذکر تلک المعالم و المنازل لکنها مقيدة بقيود العلايق و لايسعها الصعود لمشاهدة تلک الحقايق تتأسف:
تبکي متي ذکرت عهودا بالحمي
بمدامع تهمي و لما تقلع
اي تنفعل بالالتفات الي تلک العالم و المعاهد و استشعار تلک العهود التي اخذت منها و انها قد ضيعتها او انها لاسبيل لها اليها فهي في همّ و حزن و عدم اقبال الي ما يرد (يراد خل) منها فلا هي متوجهة الي عالمها و مقبلة عليه و عليها و سائرة الي معالمها و معاهدها و معرضة عن البدن الذي هو القفص المقيد
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۸ *»
لها و لا هي متوجهة الي هذا البدن کمال التوجه و مدبرة له بالتدبير الذي يراد منها فالبدن لاجل ذلک دائما عليل و القلب لعدم تمحض الالتفات اليه کليل فقد کثر الفساد في العالمين و بقيت هنا (هي خل) متحيرة في البين کطاير مقصوص الجناح فحقيق لها ان تکثر من البکاء و العويل.
و اما في الجنة فلما لمتمنعها ثاء الثقيل و ميم المرکز (هي خل) تبقي في سرور و حبور و تظهر آثارها کما ينبغي في عالم (عالمي خل) الغيب و الشهود (الشهادة خل) من العلوم و الاسرار و حسن الصورة في البدن و جودة الترکيب و تناسب الاعضاء و تقارب الاجزاء و صفاء الاعتدال و عدم تمکن الاعراض و الغرائب ثم اکد المعني المذکور في هذا البيت بعبارةاخري لافادة مطلب آخر فقال:
و تظل ساجعة علي الدمن التي
درست بتکرار الرياح الاربع
يعني ان الروح تقف مغردة علي تذکر آثار المنازل و الدور التي منها اصلها و اليها ايابها و عندها نشرها (نشوها خل) و فيها انسها فلما نزل منها الي عالم العناصر و عالم الکون و الفساد اندرست تلک المنازل و الدمن و هي جمع دمنة آثار المنازل و الديار و الاهل و سبب اندراسها تکرار الرياح الاربع و هي العناصر الاربعة فريح الدبور مظهر النار و ريح الجنوب مظهر الهواء و ريح الصبا مظهر الماء و ريح الشمال مظهر التراب و العناصر الاولية المعتدلة التي بها يحصل المزاج هي الغريزية و بها قوام البدن و هو محل الروح المناسب له المشتاق اليها اشتياق العاشق الي معشوقه فلايزال معها و لايفارقها و ذلک هو الذي في الجنة و لذا اهل الجنة و اهل النار لايموتون ابدا لعدم الفضول و الغرائب الحاجبة للروح عن مشاهدة منازلها الداعية الي الاعراض عنها و تحقق الموت و ان الدار الآخرة لهي الحيوان فاذا تکررت هذه العناصر و زادت عن التقدير و الوزن الاول تحققت الغرائب و جاء الفساد و بقيت الروح تشتغل بدفع الاعراض و الغرائب و اصلاح المزاج و طرد الفاسد و ابقاء الصحيح و عدم
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۷۹ *»
تمکنها من عودها الي الاعتدال عن عالمها و معالمه و عن عهودها و معاهده فتري عالمها مندرسة حين اشتغالها بهذا العالم الجسماني و العلة في اندراسها بحسب نظرها تکرار الرياح الاربع لاترکب (ترک خل) البدن منها فالاندراس في نظرها و الا فعالمها في الواقع معمور.
ثم ذکر علة بکائها و حزنها و عدم رجوعها الي عالمها زيادة علي ما سبق فقال و نعم ماقال:
اذ عاقها الشرک الکثيف فصدها(و صدها خل)
قفص عن الاوج الفسيح المرتع
يعني علة ابتلائها انه قد عاقها و حبسها الشرک بفتح الراء المهملة و هو حبل الاتصال بثاء الثقيل و ميم المرکز و کثافته بتکرار الرياح الاربع اذ وجودها لاجل المزاج مما لابد منه و اما تکرارها و زيادتها و طول الاقتران و الاشتغال بها فهو الذي صار سببا لکثافة شرک التعلق فکان قفصا مانعا و صادا عن الطيران الي الاوج الفسيح المرتع و هو عالمها الذي خلق قبل وجود هذا العالم الذي صيغ فيه هذا البدن و هو فسيح لان نسبته الي هذا العالم نسبة المجرد الي المادي و لايمکن ان يقاس فسحة ذلک العالم و لايقال ان النسبة هي نسبة هذا العالم اي العرش الاعظم الي ذلک العالم الفسيح نسبة بطن الام اي الرحم الي العرش الاعظم الاعلي بل الامر اعظم و اعظم و اعظم و ذلک العالم الفسيح هو مرتع طيور الارواح و الاشباح.
ثم لماذکر ابتلاءها و احتباسها و اضطرابها و بکاءها و وقوعها في مکان ضيق حرج اراد ان يذکر ان هذا الفراق لايدوم و لابد من الوصل و الرجوع الي عالمها و مقام انسها فقال:
حتي اذا قرب المسير الي الحمي
و دنا الرحيل الي الفضاء الاوسع
و غدت مفارقة لکل مخلف
عنها حليف الترب غير مشيع
و هذا السير لابد ان يکون سيرا بحسب المرتبة و التوجه لا بحسب الوجود و الکون بمعني انها تنزع حلية البدن و تفارقه کيف و لو کان الامر کما هو الظاهر
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۸۰ *»
من البيت يلزم ان يفارق الروح الجسم بالکلية فاذا جاز ذلک وقتاما بعد تلبسها به لجاز دائما لان الکمال لايرد الي النقصان في القوس الصعودي بخلاف القوس النزولي فيلزم من ذلک عدم احکام فعل الحکيم و عدم تمام الفائدة في النزول لان الدليل الدال علي تنزل الحقيقة من عالمها الي عالم العقول و منها الي عالم الارواح و منها الي عالم النفوس التي هي المعبر عنها بالارواح في هذه الابيات هو بعينه الدليل الدال علي تنزل النفوس التي هي الارواح الي عالم الاشباح و الي عالم الاجسام حرفا بحرف و قد ذکرناه في اجوبة مسائل الشاهزاده محمدرضا ميرزا في المعاد و ربما يتخيل متخيل ان الموت عبارة عن ذلک و هو کلام شعري فان بالموت لاتفارق الروح عن البدن بالکلية بل هي في بدن عالم المثال و هو برزخ بين العالمين و جامع بين النشأتين فهي غير مفارقة للبدن و متمکنة من مشاهدة احوال العالم الجسماني بالوجه الاسفل من البدن المثالي فاين المفارقة.
و اما مابين النفختين فليس هناک حسن و لا محسوس و لا ادراک و لا مدرک و لاعقل و لامعقول بل هناک يضمحل الترکيب بکل الوجوه فلايبقي فهم و لا علم و لا عقل و ادراک لکل شيء الا لوجه الله الواحد القهار و ذلک ينافي قوله في البيت الآتي «سجعت و قد کشف الغطاء» کما يأتي اذ بين النفختين لاتبقي هذه الحالة في البين فالمراد من قرب المسير الي الحمي السفر من العالم الاسفل عالم الاعراض بکشف الحجب و الاستار في السفر من الخلق الي الحق بحکم موتوا قبل ان تموتوا, فتوبوا الي بارئکم فاقتلوا انفسکم فتسافر بقدم التوجه و الاخلاص و الاعراض عن العوالم السفلية الي ان تصل الي عالمها بتوجهها اليه و عدم الالتفات الي مقتضي العالم الجسماني حتي تصعد عن مراتب عالم الاجسام فتري عالمها مکشوفة الحجاب کما کانت تراه قبل نزولها و تذکر العهود و تشاهد المعاهد و لذا قال «حتي اذا قرب المسير الي الحمي» يعني قرب الاتصال بالملأ الاعلي مع کونها مقترنة بالنشأة الاخري من قوله عليه السلام في وصف العرفاء الکاملين الي ان قال عليه السلام ابدانهم مع الناس و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۸۱ *»
قلوبهم معلقة بالرفيق الاعلي و قرب المسير اول وصوله الي عالم الاجسام من جهة المسافرة لا بقصد البقاء و المنزل ليصدق عليها قوله تعالي او لمتکونوا اقسمتم من قبل ما لکم من زوال و لاريب ان لا احد من الخلق يتوهم عدم الزوال فضلا عن ان يقسم و يحلف علي ذلک فيکون المراد قصر النظر الي هذا العالم و عدم التوجه الي عالم القدس و النشأة الآخرة فاذا تجاورت الروح في مسيرها عالم الاعراض و وصلت الي عالم الاجسام و تجاوزت من سافلها و اتصلت باعاليها من المبادي الجسمانية کالکرسي و العرش و الجزيرة الخضراء و عالم جابلقا و جابلصا و جبل قاف و ماوراءه فاذا بلغت في سيرها بالتوجه و الالتفات الي هذا المقام فقد قرب المسير الي الحمي اذ ليس الا الاعراض عن هذا العالم و الصعود الي عالم المثال فحيث کان ذلک العالم مثال عالمها فيحصل الصعود و العروج عنه الي عالمها باسرع مقام و هو معني قوله «و دنا الرحيل الي الفضاء الاوسع» و يمکن ان يکون اشارة الي الموت الظاهر کما هو ظاهر کلامه في قوله «و غدت مفارقة لکل مخلف عنها» و هو البدن الجسماني و هو الذي يتخلف عنها بدليل قوله «حليف الترب» و ليس حليف الترب الا البدن المخلوق من التراب و هو الذي الي التراب و لايشيع الروح فيبقي في القبر و لايذهب معها فيبقي معذبا او منعما بفتح باب من الجنة الي القبر او من النار اليه و لکن يجب تأويل هذه المقدمة الي ما ذکرناه من ان بهذه المفارقة يذهب ما حصل بتکرار الرياح الاربع و يبقي الجسم الحامل و الامر الواصل و ذلک لايحجب بل يساعد و يکون حکمها حکم المفارق لعدم تأثير في ذلک و لذا (تري خل) اهل الجنة اجسامهم يفعل فعل الارواح و ارواحهم يفعل فعل الاجسام لعدم المزاحمة لقوة المناسبة.
ثم اراد الشاعر ان يبين ما يظهر بعد المفارقة من آثارها فقال:
سجعت و قد کشف الغطاء فابصرت
ما ليس يدرک بالعيون الهجع
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۸۲ *»
و غدت تغرد فوق ذروة شاهق
و العلم يرفع کل من لم يرفع
يعني انها اذ فارت (اذا فارقت خل) ما لحقها من احکام النزول من الشرک الکثيف و القفص الضيق الحاصلين من تعلق ثاء الثقيل و ميم المرکز بتکرار الرياح الاربع فاذا انکسر القفص و انقطع الشرک و طارت الي الفضاء الاوسع و استقرت الي دوحة من دوحات (درجة من درجات خل) سدرة المنتهي سجعت اي رددت صوتها و غنت طربا و شوقا و سرورا للوصول الي وطنها و البلوغ الي مأمنها و الاتصال بمسکنها و موطنها مع مشاهدة المراتب و المقامات الحاصلة من تعلقها بالعوالم السفلية و المراتب المتنزلة فادرکت من تلک المقامات و المراتب ما ليس يدرک بالعيون الهجع لقوله عليه السلام الناس نيام اذا ماتوا انتبهوا فمادام في هذه الدنيا مشغولة بمطالبها و احوالها محجوبة عن تلک المعالم و المعاهد کما هو شأن النائم فلما نزعت هذه الحليات (الجلباب خل) و دخلت الباب استيقظت و ادرکت ما لمتدرکه مادام في هذه الدنيا.
ثم قال «و غدت تغرد فوق ذروة شاهق» الشاهق عالم الملکوت و هو شاهق عال محيط مطلع علي جميع مراتب ما تحته فهو الشاهق العالي و له مراتب عليا و سفلي و وسطي فقطعت مراتب عالمها الي ان وصلت الي ذروتها من الملکوت الاعلي فاستقرت و بقيت تظهر اصواتها علي الهيئة الموسيقية التي ظهرت مباديها من النفوس المتعلقة بالافلاک و تلک النفوس التي هي الارواح انما تنزلت من النفس الکلية التي هي الروح الاعظم فهيئات اصواتها ظهرت في النفوس الجزئية و آثارها ظهرت في الافلاک عند حرکاتها باعتبار ملاحظة نسبها من السبب الثقيل و الخفيف و الوتد المجموع و المفروق و الفاصلة الکبري و الصغري فاذا کان اصل هذه النغمات و الاصوات من بعض ظهورات تلک الذروة فعندها اولي فبقيت الروح بعد صعودها الي تلک الذروة من ذلک الشاهق تغرد بتلک الالحان بلامزاحم و لا ممانع.
ثم ذکر علة کونها علي الذروة دون سائر مراتبها فقال «و العلم يرفع کل من لميرفع» يعني انها اکتسبت بحسب
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۸۳ *»
نزولها الي المراتب و صعودها الي مرتبتها علما غريزا (غزيرا ظ) فمن جهة العلم ترقت و بلغت الي الذروة العليا لان العلم يرفع کل حقير و يعز کل ذليل و يغني کل فقير و يسد کل حاجة ثم.
خطر ببال الشاعر سؤال بعد ما ذکر صعودها بعد نزولها و انها نزعت و فارقت کل ما لبسته من احکام هذه النشأة ثم رجعت الي مقامها من غير تلک العلايق من ثاء الثقيل و ميم المرکز و الهيئات الحاصلة من تکرار الرياح الاربع و الاحوال الثابتة و العلوم اللاحقة لها من تلک الامور و کلها تابعة لها او عينها علي قول بعض المحققين من العلماء الالهيين فاذا فارقتها و صعدت عن مراتبها لايبقي شيء من تلک المراتب عندها فتفقد ادراکها کما انک اذا غمضت عينک لمتبصر و سددت اذنک لمتسمع لان المبصرات و المسموعات ليست عند القلب الغيبي فلايدرک شيئا منها فاذا کان کذلک و الروح في عالمها و مقامها و لاشيء من الامور التي هبطت الروح اليها في مقامها و الا لماصح هبوطها اذ لايعقل الهبوط في رتبة واحدة و علي هذا البيان لمتبق فائدة لهذا الهبوط و النزول علي الوجه الذي ذکرنا و فصلنا اذا کانت تفارقها و الحکيم سبحانه لايفعل عبثا سبحانه و الي هذا الايراد اشار بقوله:
فلأي شيء اهبطت من شامخ
عال الي قعر الحضيض الاوضع
و ما الثمرة في نزولها اذا کانت تفارق ما نزلت و هبطت اليه و العلم عين المعلوم او تابعا و واقعا علي المعلوم فاذا فقد المعلوم فقد العلم فان کان المراد بالعلم الصورة الحاصلة فتلک الصورة کانت حاصلة لها قبل هبوطها و نزولها لان تلک الصور تنطبع فيها من کتاب الابرار و کتاب الفجار و هما في عالمها و مقامها فلاتحتاج الي الهبوط و مقاساة تلک الشدايد و الامور الهائلة التي اصابتها اذا لمتعقب فائدة و ثمرة ثم اشار الي تفصيل ما ذکرنا في اتمام ايراده و اعتراضه بقوله:
ان کان اهبطها الاله لحکمة
طويت علي الفطن اللبيب الاروع
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۸۴ *»
ثم اشار الي وجه الحکمة لتتميم الايراد و قال:
و هبوطها ان کان ضربة لازب
لتکون سامعة لما لمتسمع
و تعود عالمة بکل خفية
في العالمين فخرقها لميرقع
يعني ان هبوط الروح و نزولها ان کان قسما و صنفا و امرا لازما لايمکن التخلف عنه و علة لزوم الهبوط و نزولها ان تکون سامعة لما لمتسمع و عالمة بما لمتعلم من مخفيات الاسرار المنوطة بالعوالم السفلية و تعود عالمة بکل خفيّة من (في خل)العالمين اي في عالم الغيب و الشهادة لان العلم لايحصل الا بمشاهدة المعلوم و هو لايکون الا بما يناسبه لقول اميرالمؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها فهبطت لتحصيل تلک العلوم في العالمين اي في النشأتين.
ثم اراد دفع هذا الکلام و ابطال هذا المقام (البيان خل) بقوله «فخرقها لميرقع» يعني ان کان حصول العلوم بمشاهدة (و مشاهدة خل) الآيات الالهية في عجايب خلق السموات و الارض و الارکان و المتولدات و ساير ارکان الموجودات و المتولدات و ساير اطوار الوجودات الجسمانية و المثالية و العرضية هو علةالهبوط و هذه (فهذه خل) العلة و ان کانت غرضا صحيحا و علة حقيقية ولکن يشترط ان لاتفارق الروح هذه الاحوال و الاطوار و لمتزل معها حتي تتم لها علومها و مشاهدتها و مشاهدة الآيات في الحجب و السرادقات فح تحصل الغاية و تتم الفايدة و هي لعمري من اعظم الغايات و اهم (اتم خل) الفوايد ولکن تلک المراتب و الاحوال و الاطوار لمتبق معها و انما تزايلها و تفارقها فاذا فارقتها و وصلت الروح الي عالمها فلميبق معها شيء منها فصارت کالاول اي کالحالة الاولي من غير تفاوت و لميؤثر فيها الا اذي السفر فان کان التصور المحض فقد کان حاصلة (حاصلا خل) له ذلک قبل ما تهبط و تتنزل فعلي هذا فخرقها لايرقع (لميرقع خل) اي العلم و المعرفة اللتان لاجلهما هبطت حتي يرقع بهما خرق الجهل و النقصان لميحصل فاذا صعدت بقيت الاجسام في اماکنها و محالها و هي صعدت فالمقصود لميحصل و الخرق لميرقع و الجرح لميندمل و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۸۵ *»
الفائدة التي لاجلها کان النزول ما تمت ثم فصل ان الروح صعدت عن هذا العالم السفلي و هو بقي في مکانه و لميتجاوز رتبته بقوله:
و هي التي قطع الزمان طريقها
حتي لقد غربت بغير المطلع
يعني (ان خل) الروح هي التي قد قطعت في طريقها للوصول الي منزلها الزمان لان الزمان وقت عالم الاجسام منتهاه محدب محدد الجهات و فوقه اي محدد عالم المثال عالم الارواح (عالم المثال و فوق عالم المثال عالم الروح خل) فمقامه المجردات و الزمان وعاء للماديات فطريق الروح لسيرها الي عالمها قطع الزمان الذي هو منتهي مراتب عالم الاجسام فاذا قطعت الزمان و صعدت عنه فقد قطعت الاجسام و صعدت عنها فکان (ان کان خل) طريق غروبها غير طريق طلوعها لانها طلعت في هذا العالم في بطن الام و هي مطلعها عند قوله تعالي ثم انشأناه خلقا آخر ولکن غروبها في القبر او قل ان طلوعها في الزمان و غروبها في عالم المثال و لايصح ان يکون الصعود من طريق النزول للزوم انتفاء فائدة النزول قطعا.
و بالجملة فالزمان الذي هو وعاء الاجسام قد صعدت عنه لانه قد وقع في طريقها فاذن لميبق معها الا ما کان معها قبل النزول فاي فائدة ح في الهبوط و النزول ثم اکد في هذا المعني بقوله:
فکأنما برق (فکأنها نهار خل) تألق بالحمي
ثم انطوي فکأنما (فکأنه خل) لميلمع
يعني کأن الروح برق تألق السمع (التمع خل) في الحمي اي في عالم البدن عالم الاجسام و ظهرت آثارها و شعاعها (لمعانها خل) و اشراقها ثم انطوي بالموت و ذهب و اضمحل فکأنه لميلمع فالفائدة انقطعت و المقصود لميحصل و الخرق لميرقع و وجود الروح في عالمها لايفيدنا لانا نريد فائدة متحققة باقية لا فانية
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۸۶ *»
فاسدة بالية و حاشا الحکيم ان يفعل ذلک لاسيما اذا کان هو الله خالق الخلق باسط الرزق المستغني عن کل شيء فلما صعب له هذا الاشکال و صار له کالداء العضال سأل عنه بصورة السؤال لتحقيق الجواب فقال:
انعم برد جواب ما انا فاحص
عنه و نار العلم ذات تشعشع
الجواب قد سبق منا سابقا عند قوله «حتي اذا قرب المسير» الخ ما يکون جوابا لسؤاله و هو (فهو خل) ان الروح في هبوطها اخذت من کل عالم ما يناسب ذلک العالم لباسا فلما نزلت الي عالم المثال اخذت منه بدنا مثاليا له وجهان وجه الي عالم المجردات و الآخر الي عالم الماديات و لذا سمي البرزخ الجامع للنشأتين ثم لما نزلت و هبطت الي عالم الاجسام اخذت منه بدنا جسمانيا و کانت بذلک الجامعة المملکة تنظر الي کل عالم بما عنده من انموذج ذلک العالم و لماکان البدن الجسماني بواسطة تکرار الرياح الاربع و حصول الغرائب و الاعراض قد طرأه الفساد و الامراض و الاعراض قلت المناسبة بينه و بينها فاعرضت عنه و خلعته لتزول عنه تلک الغرايب و الاعراض الخارجة عن حقيقته بطول مکثه في الارض و الروح في القالب المثالي في عالم البرزخ و بالوجه في الاسفل (و بالوجه الاسفل خل) منه يدرک الاجسام لمناسبتها (لمناسبة خل) معها فيطلع عليها اما سمعت ما ورد عن اهل البيت عليهم السلام ان الارواح لتأتي الي موضع قبورهم و الي بيوتهم و تطلع علي الامور التي تقع عليهم و ان حملا من الحنطة لو مر علي قبر مؤمن يعلم کم فيه من حبة و هذا الاطلاع و العلم بذلک الوجه المناسب لعالم الاجسام و الموت الاکبر بين النفختين عبارة عن تنظيف جميع المراتب و المقامات و تحليل تراکيب وجودها لطرد الغرائب و الاعراض و اصلاح الغرايز فترکب تركيبا لايحتمل الکسر فيما بعد فترد الارواح الي اجسادها و تقترن بها کمال الاقتران ثم لاتفارقها ابدا دائما سرمدا فالفائدة الکلية قد حصلت و العلم و المعرفة قد تحققت و عدم المفارقة لازمة
فتعود عالمة بکل خفية
و تکون سامعة بما لمتسمع
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۸۷ *»
فخرقها قد رقع و رتقها قد فتق و الفائدة قد حصلت و الحکمة قد ظهرت و الحمدلله و صلي الله علي محمد و آله آل الله.
هذا مختصر المقال و اني لفي واسع العذر من عدم البسط في المقال و شرح حقيقة الاحوال, يکفيک رؤية منظري عن مخبري, و السلام و کتب منشيها عصر يوم الخميس ۲۵ شهر جمدي الاولي من شهور سنة ۱۲۵۷.