الرسالة العاملیة
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۶۵ *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين و الصلوة و السلام علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطاهرين.
اما بعــد؛ فيقول العبد الفقير الحقير الجاني كاظم بن قاسم (القاسم خل) الحسيني الرشتي ان بعض سلاّك سبيل الحق و اليقين و طلاب البصيرة في الدين اطال اللّه بقاه و بلغه الي مايتمناه و جعل خير يوميه غده و خير داريه عقباه قدعرض علي مسائل غامضة خفية علي الاذهان و صعبة علي العقول و الاحلام اراد من الحقير جوابها و كشف نقابها و انا مع قلة البضاعة و كثرة الاضاعة و توفر الاشغال و تبلبل البال و ضعف الحال ماامكنني الاّ اسعاف مطلوبه و انجاح مأموله علي حسب المقدور و قداحببت انتأتيني هذه المسائل في غير هذا الوقت لاؤدّي بعض حقها من التحقيق و البسط ولكني الآن اكتب ماهو الميسور لانه لايسقط بالمعسور و اختصرت في المقال لضيق المجال و علي اللّه التوكل في المبدأ و المآل و لا حول و لا قوة الاّ باللّه العلي العظيم.
قــال سلمه اللّه تعالي: بسم اللّه الرحمن الرحيم بعد السلام علي تلك الطلعة البهية و رحمة اللّه و بركاته يعرض لذلك الجناب انه قدشرفنا سابقاً باجوبة مسائل قدازالت عنا كثيراً ما كنّا مشتبهين فيه من امور الدين و الدنيا و الآن المرجو من ذلك الجناب العالي انيتلطف علينا باجوبة هذه المسائل لانه اهل لذلك اطال اللّه بقاه و اهلك من عاداه بمحمد۹ و من نبّاه و جعلني الله فداه بعلي و من والاه.
مسألة: ما الفرق بين دوام اللّه تعالي و دوام الجنة و النار و الارض و السماء.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۶۶ *»
اقــول: اعلم ان الدوام هو استمرار وجود الشيء الي الابد بحيث لايفرض فيه انقطاع و تصرم لا من جهة البداية و لا من جهة النهاية فاذا فرض انقطاعه في حال من الاحوال بطل دوامه و انقطاع الآخر دليل علي انقطاع الاول و كذا العكس و لذا قالوا بل ربما اجمعوا علي ان ما لا اول له لا آخر له و ماسبقه العدم لحقه العدم و ما له اول له آخر.
فالدائم الحقيقي هو الذي لايعتريه عدم و لايفرض في حقه ذلك ثم ان كان لميسبقه شيء و لميكن متقوماً بشيء كان استمراره بعين هوية ذاته و ماكان كذلك فلايتصور فيه التغيير لان الاستمرار اذا كان من مقتضي ذاته فلايتصور المانع الموجب للانقطاع ازلاً و ابداً لان المانع انما يكون اذا كان المقتضي باعتبار العوارض الخارجية من الشرايط و اللوازم و ساير المتممات و المكملات او باعتبار الامور الذاتية الاصلية لكنها غيرية في تأصلها تحتاج الي ذلك الغير فاذا امدّها بمعونته و مدده استمر و الاّ انقطع.
اما اذا لميكن وجوده غيرياً فلاتلحقه العوارض الموجبة للاقتضاء الثانوي القابل للحوق المانع لان لحوق العوارض انما هو بالارتباط و انما هو جهة غير جهة الذات فيكون للمعروض جهتان و علة تحقق الجهتين الحدوث ليكون له جهة الي مبدئه و جهة الي نفسه.
و اما القديم الذي ليس له وجود غيري ليكون في ذاته وجه الي ذلك الغير زائداً عن توجهه الي نفسه في نفسه فيتمحض له وجه واحد فاين الارتباط لان الوجه الارتباطي متأخر عن الوجه الذاتي فاذا انقطعت الروابط و العوارض استمر الوجود و انقطع التصرم و الانقطاع مطلقاً فهذا هو المستمر بعين هوية ذاته
و اما اذا كان الاستمرار و البقاء بالغير بمعني ان مابه الاستمرار من الغير و مابه الاستمرار هو المادة و الوجود لا العوارض الصورية و الحدود فانها مابه الانقطاع فاذا كان الوجود هو فيض الغير و اثره فهو منقطع عن رتبة الغير و عدم و فان عنده لا وجود له لديه و منقطع ايضاً عند نفسه لان بقاءه و استمراره انما هو بمدد الغير فهو دائماً يأتيه المدد الجديد فلولا ذلك لانعدم فاذا انقطع الفيض
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۶۷ *»
انقطع المفاض عليه فيبطل استمراره و دوامه و اذا استمر الفيض و لمينقطع فالفيض الوارد علي المفاض عليه فی كل آن فيض وجودي و مدد جديد غير ماكان في الآن الآخر و الاّ لماترقي من حال الي حال اعلي و بقيت يد الغير المفيض مغلولة اكتفي باثر واحد فلايؤثر بعده و استغني المفاض عليه عن المفيض لانه قائم بفعل المفيض لا بذاته و الفعل لايدخل في حقيقة ذات المفعول بذاته و انما دخوله باثره و الاثر هو المادة و التأثر هو الصورة فقوام المتأثر بالاثر و قوام الاثر بالفعل الخاص.
فاذا وجد الشيء و فرض استمراره في الاوقات فلاشك انه في كل آن و وقت محتاج الي علته و لا شك ان وجهه الي العلة اي الفعل الخاص به مختلف فكل حال من الاحوال الحاصلة للشيء انما هو متحصل بوجه من وجوه الفعل فتتعدد الوجوه و تلك الوجوه محلها حقيقة الاثر فيتجدد الاثر بتجدد وجوه الفعل الصادر من الفاعل بل لا وجود له الاّ حين ايجاده و انصداره من المبدأ و في حفظه و ابقائه يحتاج الي مدد جديد و ذلك كالكلام الصادر عن المتكلم فانه لا بقاء له الاّ حين صدوره من المتكلم فاذا اراد استمراره في الكون الخارجي لابد انيمدّه بمدد جديد كالاول و ذلك ظاهر لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد فاذا اتي المدد الجديد ينكسر الصوغ الاول فيصاغ جديداً فهو حين الكسر منقطع و حين الصوغ مستمر فلا دوام للاثر ابداً و انما هو انقطاع و فناء و هلاك و اضمحلال و دائماً في الكسر و الصوغ الجديدين فهو كالنهر الجاري المستدير يذهب منه شيء و يعود اليه مرة اخري و هكذا و هو قوله تعالي افعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد و قوله تعالي و تري الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب و قول اميرالمؤمنين۷ و لقدكورتم كورات و كررتم كرات الحديث فمن امعن النظر و اتقن الفكر يجد رأي العين ان لا بقاء للاثر بحال من الاحوال يعني هو دائماً في الدثور و الاضمحلال و الفناء و يري في كل شيء من الفناء و الموت في كل حال مايري الناس بالموت الظاهري في افراد الموجودات في الدنيا و بين النفختين فيتمحض له تصديق قوله تعالي كل شيء
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۶۸ *»
هالك الاّ وجهه لا انه سيهلك فاذا عرفت ماذكرنا يظهر لك جواب ماسألت مجملاً.
و اما التفصيل بالاجمال فاعلم ان دوام اللّه سبحانه هو الدوام الازلي الابدي الذي لا اضمحلال فيه و لا انقطاع و لا زوال و لا دثور و لا تغير و لا تبدل و هو سبحانه و تعالي علي ماهو عليه اوليته عين اخريته فلايقال هناك اول و لا اخر و قبليته عين بعديته فلايقال فيه قبل و لا بعد قال علي۷ لميسبق له حال حالاً ليكون اولاً قبل انيكون اخراً و يكون ظاهراً قبل انيكون باطناً فلايعرف كيفية هذا الدوام و لا حقيقة ذلك الاستمرار لانه ذاته و لا كيف لذاته كيف و هو سبحانه كيّف الكيف بلاكيف بل لايسئل عن الفرق بين دوامه و دوام غيره لان السؤال عن الفرق انمايكون في مقام احتمال الاشتراك او الاتصال اين الحادث من القديم و اين الممكن من الواجب و كيف يفرض اجتماعهما او احتماله حتي يسئل عن افتراقهما و لذا قال مولينا الباقر۷ في جواب من سأله عن اللّه متي كان قال۷ متي لميكن و ليس دوامه سبحانه كدوام المخلوقين من الاستمرار الذي يفرض في الانات و الاوقات او ماتلزمه الصفات و تلحقه الحيثيات سبحانه و تعالي عن ذلك علواً كبيراً فهو تعالي قبل الاشياء حين كونه بعدها و بعدها حين كونه قبلها و اول فلايزال في اوليته و آخر كذلك لا اله الاّ هو سبحانه و تعالي عمايشركون و عمايصفون و عمايقولون.
و اما دوام الجنة و النار فبادامة اللّه سبحانه و ابقائه و لهما شيئية مادام اللّه سبحانه يمدها بمدده و بمعونته المتجددة كماقال عزوجل كلاًّ نمدّ هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ماكان عطاء ربك محذوراً فدوامهما و تأصلهما بالمدد الجديد من اللّه سبحانه في كل آن و دقيقة فلو قطع عنهما آناً فنيتا و عدمتا بل هما في كل آن او اقل فانيتان و هالكتان و منقطعتان و اللّه سبحانه يمد الجنة من فيض فضله و عطائه و النار من فيض عدله و حكمته و لو شاء اعدامهما فعل بل قديري العارف هلاك ماسوي اللّه سبحانه في كل حال و وقت كمااخبر سبحانه عنه
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۶۹ *»
بقوله كل شيء هالك الاّ وجهه فلا نسبة بين دوام اللّه سبحانه و دوام الجنة و النار فان دوامهما اذا نسبته الي اللّه سبحانه بطل و انقطع و اضمحل بل فني و انعدم لان الحادث في رتبة القديم معدوم ممتنع لا ذكر له فيها بوجه من الوجوه و بنحو من الانحاء و اذا نسبته الي انفسهما فلا دوام ايضاً و اي دوام لمن لا بقاء له في انين و هو سيال متجدد الاّ ان الفيض الالهي لماكان لاينقطع و انما يجري علي حسب القابليات و الحدود و المشخصات و لماكانت قابليات الجنة و اهلها و النار و اهلها صفت عن الاعراض و الغرايب الخارجة و الموانع اللاحقة لميتحقق فيها التفكيك و عدم الشعور و تفرق الاجزاء الظاهرية فيجري الفيض فيهما سالماً عن المعارض لاظهار نورانيته في الرحمة و ظلمانيته في الغضب و اللّه سبحانه ابي انيجري الاشياء الاّ بالاسباب فاذا كانت اسباب الموت و الفناء الظاهريين منتفية فيتحقق البقاء و هو المطلوب من فيض الفياض و كرم الكريم المنان.
و لماكان الجنة و النار واقعتين في القوس الصعودي كلماتطول عليهما المدد كانت اشد و الطف مماقبلها فيجري الفيض فيهما علي حسبهما فهما لايزالان في التغيير و التبديل الاّ ان التغيير انما يكون من الاسفل الي الاعلي دائماً لا العكس و لا المساوي و تقييدي الموت و الفناء بالظاهريين لبيان ان الجنة و النار ممكنتان و كل ممكن هالك باطل وجوده و بقاؤه حين صدوره دائماً و الكسر و الصوغ الواقعان فيهما عند ظهورات آثارهما فناء و موت فيالحقيقة الاّ انه غير معروف عند عامة الخلق و ذلك الفناء و الهلاك و الانقطاع لاتفارق الممكن في كل حال في كل آن بل اقل و ذلك لاينافي الحيوة في اشد النعيم او اشد الاليم و الخلق في كل حال فان و منقطع لا انهم سيهلكون في الجنة او النار كلاّ بل الموت الذي هو تفريق الاجزاء و خمود الحرارة الغريزية و فقدان الحس و الشعور و امثال ذلك كلها قدتذبح بين الجنة و النار فينادي اصحاب الجنة لكم الخلود الابدي و ينادي اصحاب النار لكم الخلود الابدي فيشتد سرور اهل الجنة و اليم اهل النار بذلك فافهم فاني كررت العبارة و رددتها للتفهيم.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۰ *»
و اما دوام الارض و السماء فان اريد بهما سماء الجنة و ارضها و سماء النار و ارضها فكماتقدم في دوام الجنة و النار و ان اريد بهما سماء هذه الدنيا و ارضها فاعلم ان لهما الهلاك و الفناء (الفناء و الهلاک خل) و الانقطاع بالمعني الذي ذكرنا في الجنة و النار و بالمعني المعروف عند الخلق من تفكيك الاجزاء و تفريقها و اعدام الحواس و المشاعر و ابطال حركات السماء و انفطارها و تكدر الكواكب و انتثارها كمادلت عليه الآيات القرآنية و الاخبار المعصومية و اجماع الفرقة الناجية بل كلهم من الفرق الاسلامية ان بين النفختين يبقي العالم اربعمائة سنة فلا حس و لا محسوس و لا حركة و لا متحرك لا صوت و لا صائت فهذا هو الموت الاكبر للعالم الاكبر و هو الكسر في هذه المدة المعلومة ثم يصاغ صوغاً جديداً كماقال الله تعالي يوم تبدل الارض غير الارض و السموات و برزوا للّه الواحد القهار و ذلك هو الصوغ الثاني بعد الكسر و الصوغ الاول في الدنيا و هذا الصوغ لايحتمل الكسر و الموت كسر و الحيوة صوغ فكل ماكان فيه الكسر و الصوغ يجري فيه الموت و الحيوة الاّ ان للكسر و الصوغ مراتب في الظهور و الخفاء حسب غلظة الشيء و رقته و شرافته و كثافته و قربه و بعده و صفائه و كدورته فتبين لك ان لا دوام الاّ للّه سبحانه و كل ماسواه هالك الاّ وجهه فماتري من الاستمرار و الدوام فبنظر الانجماد و الظاهر و تري الجبال تحسبها جامدة و اذا نظرت الي الحقيقة بنظر الفؤاد تري الاشياء كلها ميتة و يحييها المدد الالهي حين وجوده ثم لا بقاء له الاّ بمدد جديد و هكذا و قداجمل المقال الامام سيد الساجدين۷الهي وقف السائلون ببابك و لاذ الفقراء بجنابك و قال۷ كل شيء سواك قام بامرك.
قــال سلمه اللّه تعالي: و هل اللّه تعالي يعلم ان زيداً سيكون قبل انيكون ام لايعلم الاّ انه كان حين يكون.
اقــول: اعلم ان اللّه سبحانه و تعالي ليس زمانياً ليجري عليه الحال و الاستقبال و الماضي فان ذلك حال المتغير و هو (تعالی خل) سبحانه منزه
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۱ *»
عن ذلك فلايسئل عنه بمتي و لايقال كيف حاله تعالي قبل خلق الخلق و كيف حاله بعد خلق الخلق فان كانت الحالان احديهما عين الاخري فهو المطلوب و ان لمتكن لزم التغير فيه تعالي فاذا قلت هل علم اللّه الخلق قبل خلق الخلق اقول هل علمه بعد خلقه ام لا فان قلت بلي قلت هل حاله تغير مع خلقه حتي سألتني عن الحالة الاخري و عندك العلم باحدي الحالتين فان قلت بلي قلت ان هذا مخالف لمااجمع عليه المسلمون ان اللّه سبحانه لميتغير حالته و لايؤثر المصنوع في صانعه حتي تحصل له حالة لمتكن قبل الصنع فان قلت لميتغير حالته قلت اذن عندك علم المسألة فانه تعالي يعلم زيداً قبل انيكون انه اذا كان كيف كان يكون بعين ماعلمه بعد انيكون كماقال۷ علمه بالاشياء قبل كونها كعلمه بها بعد كونها و قال اميرالمؤمنين۷ في الدعاء و علم بماكان قبل انيكون و في الكافي باسناده عن ايوب بن نوح انه كتب الي ابيالحسن۷ يسأله عن اللّه عزوجل أكان يعلم الاشياء قبل ان خلق الاشياء و كوّنها او لميعلم ذلك حتي خلقها و اراد خلقها و تكوينها فعلم ماخلق عند ماخلق و ماكون عند ماكون فوقع بخطه۷ لميزل اللّه عالماً بالاشياء قبل انيخلق الاشياء كعلمه بالاشياء بعد ماخلق الاشياء انتهي و الاخبار في هذا المعني متواترة معني مع كونه من ضروري المذهب و هذا لا اشكال فيه علي اجماله.
قــال ايده اللّه تعالي: و كيف يكلف اللّه الكافر بالاسلام و هو يعلم انه لايسلم و كيف يكلف اللّه المؤمن بالايمان و هو يعلم انه يؤمن من دون امر فما الثمرة في الامر لهما.
اقــول: لهذه المسألة جوابان احدهما ظاهري قريب الي الافهام و ثانيهما حقيقي بعيد عن المدارك و الاوهام لانه نصيب اولي الافئدة الاعلام اما الاول فاعلم ان اللّه سبحانه ابي انيجري الاشياء الاّ بالاسباب (باسبابها خل) لاقتضاء حكمة الايجاد و الاّ فهو سبحانه قادر انيخلق مايشاء كمايشاء دفعة واحدة بدون هذه الاسباب من اللوازم و الشرايط و المتممات المشهودة
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۲ *»
بالعيان ولكنه تعالي جعل الاسباب اظهاراً لقدرته و عظمته و جلاله و سطوة قيوميته فحكم سبحانه ان لايكون لمحتج عليه حجة و تكون حجته تعالي ابلغ من كل حجة و لاتكون لخلقه عليه حجة و لماعلم اللّه سبحانه ان عمرواً (عمراً خل) باختياره يقبل الكفر فيستحق بذلك خسران الابد و ان زيداً باختياره يقبل الاسلام و الايمان فيستحق بذلك نعيم الابد فلو ان اللّه سبحانه يعاملهما بعد وجودهما علي مقتضي علمه لكان للكافر حجة في الظاهر حيث يقول يا رب لماذا تعذبني و تنعم علي غيري مع اني و اياه في النسبة اليك سواء فلميكن حكم اللّه سبحانه ظاهراً مبرهناً مشروحالعلل مبينالاسباب حيث لميتبين للكافر كفره او للغير كفره و لميتبين للمؤمن ايمانه او لغيره ايمانه و ليس ذلك مقتضي حكم الربوبية المطلقة كماقال عزوجل و ماكان اللّه ليضل قوماً بعد اذ هديهم حتي يبين لهم مايتقون.
فاذا كان ذلك نقصاً في حكمة الحكيم فوجب انيتبين (يبين خل) للكافر كفره و للمؤمن ايمانه ليعرفا به عند كل احد من المخلوقين لئلايكون له حجة علي اللّه سبحانه و لايظهر ذلك الاّ بالتكليف و الامر و النهي مع الاقدار و تخلية السرب و اراءة الطريق فمن لميقبل باختياره كان كافراً و من قبل كان مؤمناً فعرف كل واحد منهما و ساير المخلوقين شقاوة احدهما و سعادة الآخر قال تعالي لئلايكون للناس علي اللّه حجة بعد الرسل و قال ايضاً و لنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم و الصابرين و نبلوا اخباركم و قال الله تعالي ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة فلولا الامر و النهي و الوعد و الوعيد و التكليف و الرسل لماظهر سر حكمة الربوبية و لماكان الخلق علي بصيرة من امرهم و طريقهم الذي يسلكونه فلو لميكلفهم لماكان بينهم امتياز عندهم و ان كانوا عند اللّه ممتازين فهو سبحانه اما انيعذب الكل او ينعم الكل او يعذب الذين يعلم انهم يكفرون و ينعم الذين يعلم انهم يؤمنون و الاوّلان قبيح علي اللّه سبحانه و علي الثالث لمتكن حجته بالغة و نعمته كاملة و لترك الخلق في ظلمة عمياء حياري تعالي اللّه عن ذلك علواً كبيراً و ذلك اعظم الثمرات.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۳ *»
و اما الثاني فالاشارة اليه اعلم ان اللّه سبحانه ليس عنده الصور الذهنية حتي يدرك الامور الغائبة الآتية بها و ليست الاشياء عين ذاته تعالي حتي يدركها في ذاته و انما هي آثار حادثة في مراتب الامكانات و العلم المتعلق بها لو كان ذاته تعالي لتغيرت بتغير المخلوقين ضرورة وجوب تطابق العلم مع المعلوم و الاّ لميكن معلوماً فيكون علمه بالاشياء في مقام التعلق هو عين تلك الاشياء فعلم الاشياء كلها في مراتبها و اماكنها و مقاماتها و ليس في الاشياء بالنسبة اليه تعالي تقدم و تأخر و لايتصور عنده تعالي حال و مضي و استقبال فكلما سيقع عنده تعالي واقع في وقته و مكانه فعلمه تعالي مثلاً بآدم ابينا۷ و يوم القيمة بطور واحد و ليس علمه بآدم۷ قبل علمه بيوم القيمة مثلاً و لا علم يوم القيمة يوم تكون ادم و لا العكس و الاّ لميكن العلم مطابقاً للمعلوم بل انما علم ادم حين تكونه يوم تكونه و يوم القيمة عند قيامها و يوم قيامها في وقت واحد لان التقدم و التأخر الذي عندنا ليس عنده تعالي و لذا يعبر تعالي عن المستقبل بالماضي في كثير من المواضع في القرآن مثل قوله تعالي و نفخ في الصور فصعق من في السموات و من فی الارض الاّ من شاء الله و امثاله من الآيات.
فاذا كان كذلك فيصح اننقول انه تعالي علم ان الكافر يكفر بكفره حين كفره بعد ماكلفه فقبل التكليف لميكن كافراً و كذا المؤمن مؤمناً و حين التكليف و الانكار و الاقرار علمه كافراً او مؤمناً و ذلك العلم في ذلك الحين قبل انيخلق اللّه الخلق و العرش و الكرسي و اللوح و القلم و الي سرّ ماذكرنا اشار مولينا الصادق۷ في حديث الي ان قال۷ ان اللّه لميجبر احداً علي معصيته و لا اراد ارادة حتم الكفر من احد ولكن حين كفر كان في ارادة اللّه انيكفر و هم في ارادة اللّه و في علمه الاّيصيروا الي شيء من الخير الحديث و قال۷ ان اللّه لميكن خلواً من الملك قبل انشائه.
و الحاصل ان الاشياء لمتفقد عن ملك اللّه و ماسيأتي عند اللّه كائن في رتبة ماسيأتي فعلم الاشياء في اماكنها في اوقات حدودها و ازمنة شهودها لانه تعالي علم الاشياء علي ماهي عليه و الزمان و المكان و الشرايط و اللوازم كلها من
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۴ *»
كينونات الشيء فعلم سبحانه كلها في محالها لكن الممكن لضيق احاطته و قلة سعته لايقدر علي رفع التقدم و التأخر السيالين فاذن علم اللّه سبحانه و تعالی الكافر حين كفر بعد التكليف و ذلك قبل الخلق و قبل انيخلق ذلك الكافر ايضاً فافهم مااسعدك لو وفقت لفهم هذا و لو كان لي مجال لبسطت في المقال (المقام خل) و ذكرت المقدمات حتي يتبين الامر و الآن اكتفيت بالاشارة و لو اني شافهتك لدللتك الي مالاتحيط به العبارة في هذه المسألة و اللّه الموفق للصواب.
قــال سلمه اللّه تعالي: و ما وجه توجه الخطاب لنا و نحن معدومون حين صدور الخطاب فكيف يصح خطاب المعدوم.
اقــول: قدذكرنا (ذكرت خل) لك آنفاً ان الذرات الوجودية كلها عند اللّه حاضرة و الموجودات كلها و ان كانت لا نهاية لها لكن اللّه سبحانه محيط بها لانه وراء مالايتناهي بمالايتناهي فالاشياء علي جهة سيّاليتها عند اللّه كائنة قدجف القلم بماهو كائن و هو سبحانه ليست له حالة الانتظار و لايستقبل فكلها عنده في الحال فاذا كان كذلك قدخاطب الكل بخطاب واحد يسمعه كل احد اذا وصل اليه الخطاب حين الخطاب فليس الخطاب علي المعدوم و انما هو علي الموجود لكن كل موجود في وقته و مكانه فخاطبنا في العالم الاول في زماننا هذا و خاطب الذين بعدنا الي يوم القيمة بذلك الخطاب لكن في زمانهم و مكانهم و علي هذا القياس و مثاله الملك الذي هو واقف في السماء علي دائرة نصفالنهار فينادي قوموا علي نيرانكم التي اوقدتموها علي ظهوركم فاطفئوها بصلوتكم و هو صوت واحد يدور الفلك و في اي جزء من الارض حازي تلك الدائرة يخاطبون اهل ذلك الجزء من الارض فلاينقطع ذلك الخطاب ابداً ولكنه قبل انيصل الي محاذاة كل جزء من الارض لميكن اهلها مخاطبون و مكلفون بذلك الخطاب و انما كان للمحاذين فاذا حاذي ذلك الجزء وقع علي اهله الخطاب الاول و مثل الشمس فان نورها واحد كلما حصل جسم
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۵ *»
كثيف وقع عليه فاذا لميكن الجسم الكثيف لميظهر النور و ان كان موجوداً و كذلك الخطاب الالهي فهو نور مشرق من صبح الازل ظاهر في صورة الالفاظ و العبارات و هو باق كلما وجد البالغ العاقل في كل وقت وقع ذلك الخطاب عليه حقيقة و هو مخاطب اذن مشافهة لايكلف الاّ بمايعرفه في وقته و زمانه لا مايعرفه المتقدمون و لذا ورد ان النبي۹ بلّغ كل احد مشافهة فان الواسطة اذا كانت حاملاً لا ناقلاً لاتضر في الخطاب الشفاهي و الاّ لزم انتكون الخطابات القرآنية كلها مجازات بلا حقيقة فانها ماوصلت الي الخلق الاّ بواسطة النبي۹ و وصلت اليه۷ بواسطة جبرئيل و وصلت الي جبرئيل بواسطة ميكائيل و وصلت اليه بواسطة اسرافيل و وصلت اليه بواسطة الملك الاعظم او بواسطة اللوح و الي اللوح بواسطة القلم كمادلت عليه الاخبار المتكثرة و الاجماع بتحقق الواسطة واقع فلو كانت الواسطة تضر في الخطاب لزم انتكون مجازات لا حقيقة لها و لاتكون الخطابات خطاب اللّه حقيقة و مدعي الاول خارج عن اهل اللسان و الثاني خارج عن اهل الاسلام.
ثم ان القرآن نزل كله الي السماء الدنيا في ليلة القدر كماقال تعالي حم و الكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين و قال تعالي انا انزلناه في ليلة القدر و لميكن هناك مخاطب يقع عليه الخطاب فكيف يصح من اللّه علي زعمهم انيخاطب و لايشعر المخاطب به بل لميوجد فان شرط الخطاب شعور المخاطب و معرفته اياه كماقالوا انا لانخاطب الناس الاّ بمايعرفون و هم: لايخالفون اللّه سبحانه فيكون اللّه سبحانه اولي بان لايخاطب عند غفلة المخاطب و لايسعهم انكار ان في ليلة القدر نزل القرآن غير هذا او طور غير هذا فان ذلك يخالف صريح الاية في قوله عزوجل شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدي للناس و بينات من الهدي و الفرقان و لايصار الي التأويل الاّ لدليل قاطع و نور ساطع و اذ (ان خل) ليس فليس و لا ريب ان القرآن نزل تدريجاً و ان قبل البعثة مانزل الي الخلق شيء منه و كانت البعثة في السابع و العشرين من شهر رجب و ايضاً ان الاخبار المسلمة المقبولة التي
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۶ *»
لاينكرها احد من الشيعة دلت علي ان علياً۷ حين تولده بمحضر النبي۹قرأ القرآن كله من اوله الي اخره و لمينزل علي رسولاللّه۹ حرف منه لانه۷ تولد قبل البعثة بعشر سنين او بسبع سنين.
و الحاصل ان انكار المشهور عموم الخطاب الشفاهي قول في غاية السقوط و جهل بالسر و الواقع ولكن الخطاب لميقع علي المعدوم من حيث كونه معدوماً بل علي الموجود في مراتب اكوانه و اعيانه كماذكرنا ان الاشياء كلها حاضرة عند اللّه سبحانه غير معدومة عنده تعالي اذ ليس له (لله خل) تعالي حالة الانتظار فخطابه يقع علي كل شيء في وقته و مكانه عند وجوده حين وجوده فلايفقد شيئاً و لايغيب عنه شيء و لاتتوهم ان الاشياء كانت سابقة علي وجوداتها الزمانية بل الاشياء كلها حادثة في مراتبها و اوقات وجودها فلميكن وجود زيد مثلاً في زمان آدم ابينا علي نبينا و آله و عليه السلام و انما كان في هذا الزمان فهو في زمان آدم مفقود عند نفسه و عند الخلق علي الحقيقة اذ ليس له احاطة بكل الازمنة و الامكنة ولكنه عند اللّه سبحانه موجود حين وجود آدم۷ في زمانه و كونه لا في زمان آدم و كونه و خطاب اللّه سبحانه وقع علي ادم۷ في زمانه و وقع علي زيد في زمانه و ان كان زيد مفقوداً عند ادم۷ في زمان ادم۷ و لكنه موجود عند اللّه في زمانه و مكانه فافهم فاني كررت العبارة عسي انتهتدي الي المقصود.
فقولك ما الوجه في توجه الخطاب لنا و نحن معدومون فان اردت بالعدم عدم اللاحق في رتبة السابق فهو صحيح فان المستقبل في زمان الماضي مفقود و لايضر ذلك في توجه الخطاب كماذكرنا من ان اللّه سبحانه ليس عنده الماضي و الحال و الاستقبال و المجموع عنده نقطة واحدة و لذا قال النبي۹ جف القلم بماهو كائن ای عند اللّه سبحانه و اما عند الخلق و حفظة الالواح و حملة التدابير فان القلم لميزل رطب (رطباً) و في الجريان و كل يوم في شأن و ان اردت
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۷ *»
بالعدم مطلقاً فلايصح توجيه الخطاب للمعدوم الصرف من حيث هو معدوم لانه قبيح.
و اما الوجه في عموم الخطاب لكل المخلوقين المكلفين فوجوه كثيرة نكتفي ببعضها:
الاول سعة احاطة الحق سبحانه و شمول قدرته و سلطانه اذ ليس عنده تعالي شيء غايب حتي ينتظر وجوده لتحقق الخطاب فان الامكان كله عنده سبحانه مشهد واحد و الخلق فيه مجتمعون يخاطب الكل بخطاب واحد علي انحاء مختلفة في الاصالة و التبعية و الاختصاص ببعض دون آخر فرع غيبتهم او عدم شمول احاطته علي الجميع و كلاهما محالان علي اللّه سبحانه فاذن يقبح خطاب بعض دون (و عدم خل) خطاب الآخرين مع تساوي الجميع في التكليف و حضور الكل عند المكلف (بكسر اللام) و شمول علمه و احاطته علي الجميع و كذلك حكم النبي و الامام: فان المكلفين عندهم كالدرهم بين يدي احدكم فيشاهدون الاشياء علي ماهي عليه فيحكمون عليها بماتقتضي كينوناتها اماسمعت ماروي عن النبي۹ انه قال۹ ذات يوم علي المنبر ايها الناس اتدرون مافي يدي اليمني قالوا اللّه و رسوله اعلم قال۹ ان فيها اسماء اهل الجنة و اسماء آبائهم و ان الرجل ليعمل عمل اهل النار الي ان يظنوا الناس انه من اهل النار فيختم له بالخير و يدخل الجنة ثم قال۹ اتدرون مافي يدي اليسري قالوا اللّه و رسوله اعلم قال۹ ان فيها اسماء اهل النار و اسماء آبائهم و ان الرجل ليعمل عمل اهل الجنة حتي يظن الناس انه من اهل الجنة فيختم له بالسوء و يدخل النار انتهي و كل الخلق اما اهل الجنة او اهل النار لقوله تعالي هو الذي خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن فاذا كان كل اهل الجنة و کل اهل النار باسمائهم و صفاتهم و كينوناتهم حاضرين لديه لانه۷ قطب وجوداتهم و مذوت حقايقهم و ذواتهم فيشملهم خطابه۷ و خطاب اوصيائه: في مقامات وجوداتهم و لا ضير في ذلك او تقول ان خطاباتهم: كنور الشمس باقية علي السنة الحملة و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۸ *»
الحفظة فاذا وجد مكلف وقعت عليه و كصوت الملك في الفلك كمامـرّ و الواسطة في ايصال الخطاب ماتضر قطعاً كماذكرنا عقلاً و نقلاً و لغة كمااشرنا الي بعض انواعها و لذا قال النبي۹ رحم اللّه امرأ سمع مقالتي فوعاها و ادّاها كماسمع فرب حامل فقه و ليس بفقيه و رب حامل فقه الي من هو افقه منه.
الثاني ان التكليف هو اثبات دواعي و مقتضيات كينونات المكلفين و الارشاد الي مافيه صلاحهم و فسادهم حسب طبايعهم و بنيتهم و ساير احوالهم و لا شك ان احوال الخلق و صفاتهم و كينونات ذواتهم تختلف بحسب الاوقات و الاماكن و الاشخاص و الاهوية و الميولات و ساير الدواعي من احكام القرانات فلو كلف طائفة بتكليف و جعل ماسواهم كلهم تابعين لتلك الطائفة في تكليفاتهم و احوالهم كان ذلك خلاف مقتضي الحكمة و يقبح من الحكيم ذلك لان الخطاب يجب انيكون علي مقدار فهم المخاطبين فاذا كان الاولون هم المخاطبين فتكون تلك الخطابات علي مقتضي افهامهم و من سواهم يجب عليهم متابعة افهامهم و ان لمتقتض كينوناتهم و صفاتهم ذلك و نحن نجد الاختلاف عياناً و اللّه سبحانه يقول ان اللّه لايغير مابقوم حتي يغيروا مابانفسهم و يأتي انشاءاللّه لذلك زيادة بيان عند بيان قوله۷ نحن اوقعنا الخلاف بينكم.
و لذا تري المتقدمين ربما يجمعون علي حكم و يكون في المتأخرين بخلافه (بخلافهم خل) الاتسمع الاجماعات المنقولة اذا كانت منقولة عن الاجماع المشهوري المحقق العام فلو كانت في هذه الازمان محققة لمتكن منقولة و كذا المشهوريات قديكون حكم مشهور في الزمان المتقدم و يعكس في المتأخر كالحكم بنجاسة البئر بالملاقات فان المشهور بين المتقدمين ذلك و بين المتأخرين فالمشهور علي طهارتها و ليست هذه الاختلافات الاّ لتغيير الموضوع في الاشخاص و الانواع و الاجناس فلو كانت الخطابات خاصة للحاضرين في زمن الخطاب او مجلس الخطاب لايسع المتأخرين الاّ اتباع افهام المتقدمين لان الخطاب علي مقدار فهم المخاطبين فلايسعهم خلاف المتقدمين
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۷۹ *»
فيما فهموا[۱] فاسداً فيجب عليهم الفحص اولاً عن اقوال المشافهين و جمع كتبهم و فتاويهم فاذا وقع الاختلاف في افهامهم فان امكنه الجمع بينها او ترجيح احدها فعل و الاّ يعمل باحدها من باب التسليم و ليس فرضه النظر في ادلتهم و الخطابات الواردة عليهم اذ قديكون ذلك بالرموز و الاشارات و انحاء القرائن الحالية و المقالية التي قدتخفي علي غيرهم لعدم كونهم مخاطبين حتي يلاحظ فهمهم فعلي هذا تكون ادلة المتأخرين و غيرهم ممن لميشافهوا منحصرة في اقوال المشافهين و فتاويهم لا الكتاب و لا السنة و لا الاجماع و لا دليل العقل مما لايرجع الي فتاويهم و اقوالهم و ان لايصح الرجوع الي الكتاب و السنة الاّ عند الضرورة الشديدة و اليأس عن كتب فتاوي المشافهين مع ان اجماع المسلمين علي خلاف ذلك و لا احد يعتني بتحصيل كتب المتقدمين و لا الفحص عن فتاويهم ليجعلوها قدوة لاعمالهم مقدماً علي الكتاب و السنة و لايستريب فيماذكرت من له ادني انصاف و لمتسبقه الشبهة السوفسطائية و لانطول الكلام بذكر المقدمات و ايراد ماعسي انيرد علي الكلام و دفعه فان العاقل تكفيه الاشارة و الجاهل لايكتفي بالف عبارة.
الثالث ارادة اليسر و عدم ارادة العسر و اتمام الحجة و اكمال النعمة فان اللّه سبحانه اذا كلف الشخص بالذي يفهم هو و اهل وقته بمقتضي افهامهم اوسع و اسهل و اكمل في النعمة و اتم في اثبات الحجة من انيجعله تابعاً لاناس متقدمين لايعرف لغتهم و لايفهم سمتهم مع اختلاف الناس في اللغات و العرف حسب تمادي الازمان و ساير الاحوال مع عدم تحصيل اليقين فلو ركنوا الي الاصول الظنية لميحصل لهم الاطمينان التام كمايحصل فيما اذا كانوا مكلفين علي مقدار مايعرفون و حسب مايفهمون و يطيقون و يكونوا بذلك علي ثقة و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۰ *»
بصيرة و سكون و اطمينان في توجههم الي معبودهم و لايقولوا انما انزل الكتاب علي طائفتين من قبلنا و ان كنا عن دراستهم لغافلين او يقولوا انما اشرك اباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم و هذا واضح انشاءاللّه تعالي.
و اما قولكم فكيف يصح خطاب المعدوم فقدذكرنا الوجه فيه من ان المعدوم من حيث هو معدوم ليس بمخاطب و انما الخطاب حين الوجود كنور الشمس الواقع علي الجسم الكثيف ان وجد حين وجد و نور الشمس معها و المخاطب (بفتح الطاء) متأخر عن الخطاب لان الخطاب مادة له كتقدم (لتقدم خل) الكون المتحصل من كـن علي فيكون في قوله تعالي كـن فيكون فافهم راشداً موفقاً.([۲])
قــال سلمه اللّه تعالي: و هل كان التكليف في عالم الذر بالاصول و الفروع معاً او باحدهما و علي الاول لايصح الاّ بعد اكمال الخلقة و التمكين من الطاعة و المعصية حتي يتبين الطائع من العاصي و اما بدونها فلا و ظاهر الحديث ذلك حيث قال ادم۷حين رأي ذريته في عالم الذر يا رب فمالي اري بعض الذر اعظم من بعض و بعضهم له نور كثير و بعضهم له نور قليل و بعضهم ليس له نور.
اقــول: اما في الذر الاول كانوا مكلفين بشهادة ان لا اله الاّ اللّه و ان محمداً رسول اللّه۹ و ان علياً و الائمة الاحدعشر من ولده و الصديقة الطاهرة: اولياء اللّه و امناؤه و لميكن لهم تكليف في ذلك العالم اي عالم العقول بازيد من ذلك لقلة روابط الكثرات و عدم ظهور الحيثيات المقتضية للتوجه الي بارئ السموات و اما في الذر الثاني عالم النفوس و الارواح فهم كانوا مكلفين بالاصول علي كمال التفصيل من التوحيد و العدل و النبوة و الولاية و حكم الغيبة و الرجعة و المعاد علي تفاصيل احواله و اوضاعه و تهذيب الاخلاق من مساوي الصفات من البخل و الحسد و الغضب و الغيبة و البغض و اضمار العداوة و الشحناء و الشك و الوهم و الظن و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۱ *»
الريبة و السفسطة و الانكار و الجحود و القسوة و امثالها من الاخلاق الردية و بالتخلق بمعالي الاخلاق مثل العلم و الورع و الزهد و التقوي و النصيحة و الخضوع و الخشوع و الاستكانة للّه تعالي و العفو عن الناس و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و صلة الوالدين و ذوي الارحام و امثالها من الاخلاق الحسنة و بالاعتقاد بوجوب الواجبات الفرعية الشرعية و مكروهاتها و مندوباتها و محرماتها و مباحاتها عند ظهور الاختلاف و اشتداد الظلمة و خفاء النور و بانيعملوا تلك الاعمال الشرعية بالآلات البدنية الجسمانية اذا اتوا الي هذه الدنيا لان الخلق كانوا في عالم الذر الثاني صوراً جوهرية و مثلاً نورية و اشباحاً حقيقية و قدكانوا في كمال الشعور و الادراك و المعرفة و الاختيار و التمكن من الطاعة و المعصية حيث كانوا مخلوقين من قبضة من الارض الطيبة المقدسة المسقاة من بحر الصاد من اعلي عليين و الارض المالحة السبخة الخبيثة المسقاة من عين آنية من السجين في اسفل السافلين.
فبالقبضتين تم اختيارهم فحسن اختبارهم فبالقبضة الاولي يميلون الي الحق و الخير و النور و بالثانية يميلون الي الباطل و السوء فكانوا بهما جامعين مملكين صالحين لانيكلفوا و تجري عليهم الاحكام كماقال الصادق۷ حين سئل عن الخلق في عالم الذر كيف سئلوا و هم ذر قال۷ جعل فيهم مااذا سئلوا اجابوا هـ و هذا الذي ذكرنا هو الذي جعل اللّه فيهم فتمكنوا بذلك من الاجابة و الانكار و الاقبال و الادبار ولكنهم حيث كانوا في عالم الارواح كانت الآلات الجسدانية عندهم مفقودة فماكلفوا بالاعمال الموقوفة عليها لقبح التكليف من دون التمكين نعم انما كلفوا بماقدروا عليه من الاعتقاد بتلك الاعمال و انها جهات القرب الي اللّه تعالي و انهم يعملونها اذا اتوا الي هذه الدار فلماكلفهم اللّه تعالي بماذكرنا صاروا باختيارهم علي فرق مختلفة فمنهم من قبلوا و اجابوا قلباً و لساناً مع يقين ثابت و عزم جازم و اخلاص و محبة و شوق الي طاعته و رضاه فخلقهم اللّه تعالي بايمانهم من طينة العليين و صورهم بالصورة الانسانية فعظم نورهم و اشتد ظهورهم و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۲ *»
ظهر قربهم من خالقهم و هؤلاء الذين رآهم آدم۷ و لهم نور كثير و منهم من اجابوا و قبلوا بلسانهم لكنهم في الباطن من المتوقفين المتحيرين حيث لميظهر لهم الامر لانجماد قريحتهم و خمود طبيعتهم علي مقتضي قبولهم و اختيارهم فخلقهم اللّه سبحانه بايمانهم الظاهري من طينة العليين في ظاهرهم و صورهم بالصورة الانسانية في ظاهرهم و لميخلق بواطنهم حيث لميقروا (فيه خل) و لميجحدوا و هؤلاء الذين رآهم آدم۷ و لهم نور قليل و منهم من انكروا و جحدوا قلباً و عاندوا اللّه سبحانه عتواً و اقروا ظاهراً لساناً استهزاءاً ليتمكنوا من اغواء الضعفاء و تقوية الاشقياء باختيارهم فخلقهم اللّه سبحانه بواطنهم من السجين اسفل السافلين و اعارهم الصورة الانسانية لينالوا نصيبهم من الكتاب كماقال تعالي و لايحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثماً و لهم عذاب مهين و هؤلاء الذين رأهم ادم۷ و ليس لهم نور و قدوصفهم اللّه عزوجل في كتابه العزيز او كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لميكد يراها و من لميجعل اللّه له نوراً فما له من نور.
ثم لمااراد اللّه انينزلهم الي هذه الدنيا كسر صيغتهم و دكّ هويتهم و ابطل تركيبهم فصار المجموع طبيعة واحدة ثم انزلهم الي الارض و استجنوا فيها الي انيخرجوا منها فلمااخرجوا من الارض و تخلت منهم و نضجت كينونتهم و بنيتهم و صحت آلاتهم الجسمانية و اعتدلت و ظهرت قوتهم فكلفهم اللّه سبحانه زايداً عماكلفهم في الذر الثاني بالاعمال البدنية الصالحة و نهاهم عن الاعمال الطالحة كذلك فجري عليهم الحكم حسب قبولهم و انكارهم في الاعتقاد و العمل او الاعتقاد وحده او العمل كذلك و في هذا المقام تفاصيل يطول بذكرها الكلام الاّ ان فيماذكرنا ظهر الجواب عن كل ماسألت.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۳ *»
قــال سلمه اللّه تعالي: و ما الثمرة من الاكل من البقول و الفواكه التي يقطر عليها من شجرة المزن كما في الحديث عن ابيعبداللّه۷ ان في الجنة لشجرة تسمي المزن فاذا اراد اللّه انيخلق مؤمناً اقطر منها قطرة فلايصيب بقلة و لا ثمرة اكل منها مؤمن او كافر الاّ اخرج اللّه من صلبه مؤمناً و في آخر ان في جهنم شجرة الزقوم فمن اكل مااصيب من قطرها الاّ و خرج منه كافر فاذا كان السعيد سعيداً من هناك و الشقي كذلك فما ثمرة الاكل.
اقــول: اعلم ان الجنة سقفها عرش الرحمن و تحت العرش بحر اسمه الصاد كما في قوله تعالي ص و القرآن ذي الذكر و في حديث المعراج يا محمد۹ ادن من صاد و توضأ لصلوة الظهر و يطلق عليه المزن ايضاً كمافي قوله تعالي افرأيتم الماء الذي تشربون ءانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون و من ماء ذلك البحر حيوة الاشياء كلها كماقال تعالي و من الماء كل شيء حي و ذلك الماء اصل كل خير و نور و اليه تنتهي الانوار و منه تبدو و اليه تعود و لما ان اللّه سبحانه خلق الخلق في عالم الذر من نطفة امشاج من المائين و كلفهم بماكلفهم و آمن من آمن و كفر من كفر خلق اللّه سبحانه طينة المؤمن في الخلق الثاني من طينة العليين و هي طينة مأخوذة من الجنة في مقام الرفرف الاخضر الممزوجة المختلطة بالطينة المأخوذة منها في ارض الزعفران و مقام الاعراف الي انيصل الي مقام الرضوان فاسكن في الجنة فكان يسبح في بحر الصاد و المزن الي ان اراد اللّه ان ينزله الي هذه الدنيا لتتم نعمته و يكمل احسانه لان نعيمه كان في الجنة اذ ذاك روحاني لا جسماني و لاشك ان اجتماع النعيمين اكمل و اعظم و اتم و اشرف فاقتضت حكمته البالغة انينزله الي هذه الدنيا لتتم نعمته و يكمل احسانه و ليجمع العلوم الدنيوية و الاخروية و يكمل له المقامات الغيبية و الشهودية فانزل اللّه قطرة من ذلك البحر المختصة بكينونة ذلك الشخص الي الشجرة الواقعة النابتة في الارض الطيبة البلد الطيب و تسمي شجرة المزن و شجرة الخلد و لها ستمائة و عشرون الف الف الف الف الف الف الف غصن و اربعمائة و اربعون الف الف الف الف الف الف غصن و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۴ *»
اربعمائة الف الف الف الف الف غصن و سبعمائة و سبعة و عشرون الف الف الف الف غصن و سبعمائة و تسعة عشر الف الف الف غصن و اربعمائة و تسعة و ثلثون الف الف غصن و ثلثمائة و ستون الف غصن فالاول سبعة عقود و الثاني ستة و الثالث خمسة و الرابع اربعة و الخامس ثلثة و السادس عقدان و السابع عقد واحد و هذا عدد الاغصان الكلية و في كل غصن اغصان جزئية هي كلية بالنسبة الي الاوراق.
و اما عدد اوراقها فلايعلمه الاّ اللّه سبحانه فاذا قطرت قطرة من ذلك البحر الي تلك الشجرة و قطرت منها خرقت السموات و بقيت في كل سماء الي ان اخذت و صحبت قبضة منها فصحبت قبضة من العرش فظهر فيها قلبه و قبضة من الكرسي فخلق منها صدره و قبضة من السماء السابعة فخلق منها عقله و قبضة من السماء السادسة فخلق منها علمه و قبضة من السماء الخامسة فخلق منها وهمه و قبضة من السماء الرابعة فخلق منها مادة وجوده الثانوي و قبضة من السماء الثالثة فخلق منها خياله و قبضة من السماء الثانية فخلق منها فكره و قبضة من السماء الدنيا فخلق منها حياته و قبضة من كرة النار فخلق منها مرّته الصفراء و قبضة من كرة الهواء فخلق منها الدم و قبضة من كرة الماء فخلق منها البلغم و قبضة من كرة الارض فخلق منها السوداء و من مجموع العناصر خلق الجسد فكانت تلك القطرة قدصحبت عشر قبضات و كل قبضة منشأ حكم من الاحكام الوجودية الغيبية و الشهودية و يظهر في كل منها سر من اسرار الربوبية و لمانزلت الي الارض لمتكن متمايزة تمايزاً يترتب عليها احكامها منفردة فسرت مطوية في تلك القبضات في غيب البقول و الثمار الطيبة غيبوبة الشجرة في النواة حتي دارت ثلثة ادوار دورة الجماد و دورة المعدن و دورة النبات فمقام الجماد كالنطفة و مقام المعدن كالعلقة و مقام النبات كالمضغة الي انتتكون العظام الي انتكتسي لحماً فتمايزت القوي و محال تلك القبضات فظهرت فيها تلك القطرة بصفة وجهها الي انيتولد الولد و يبلغ الي حد الاحتلام فهناك تظهر تلك القطرة بوجهها فاذا خلص في العلم و العمل و شابه اوائل جواهر عللها تظهر
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۵ *»
تلك القطرة بعينها فظهرت الثمرة في انزال تلك القطرة من المزن لاكمال الكون الثاني العالم الجسماني لاتمام النعمة و اكمال الحجة و ليكون فيضه عاماً و قدقال ايضاً مولينا الصادق۷ ان الارواح لو بقيت علي حالها في العالم الاول في كمال السعة و الاحاطة و القيومية لادعت الربوبية فانزلها الله سبحانه الي هذه الدنيا بهذه الاطوار و الاحوال ليظهر لها فقرها و حاجتها و دناءتها و ان لا فخر لها الاّ بطاعة مولاها و سيدها و علي اي حال لابد من الصوغ الجسماني و ذلك الصوغ ما(لا خل) يتم الاّ بماذكره۷ كماذكرنا.
لايقال انها كانت في الجنة فلايتصور في حقها ادعاء المعصية و الربوبية لانا نقول قبل النزول الي هذه الدنيا يتصور في حقهم ذلك بل يتحقق ايضاً لان الجنة لايجبر فيها الي الطاعة (لا تجبر فيها الطاعة خل) الاتري آدم كيف عصي و هو نبي اللّه في الجنة و الحية و الطاووس عصيا و كانا في الجنة نعم بعد النزول و الصعود الي الجنة فقدطهـر و لمتبق فيه كدورة اصلاً حتي يشتهي خلاف مايحب اللّه فافهم هذا حال المؤمن.
و اما الكافر فلماكفر و عاند في التكليف الاول في عالم الذر اهبط الي السجين اسفل السافلين فكان فيه الي ان اراد الله سبحانه اظهاره في هذه الدنيا لتتم عليه الحجة و لئلايقول لولا ارسلت علينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل اننذل و نخزي و ان كان الرسول الاول قدتم به الصوغ الاول لكن المراد به الصوغ الثاني كماذكرنا فاذا اراد اللّه سبحانه اظهار (ابراز خل) تلك الذوات الخبيثة و النطف الغيبية الملعونة الي هذه الدار تصاعد من السجين دخان منتن مظلم خبيث فتقع علي شجرة الزقوم تخرج في اصل الجحيم طلعها كانه رؤوس الشياطين تنبت في السجين طينة خبال ارض الجحيم اصلها لا علي قرار و اول نبات ورقها تحت الثري لايعلمه الاّ اللّه و تتم تلك الورقة المتعلق لها (بها خل) ذلك الدخان في الثري فيتصلصل قطرها في الطمطام و تصاعد كالابخرة من بين معترك تلك المركبات الخبيثات فتأخذ في ادبارها صاعدة لتلاطم امواج بحور تلك المركبات و يتكون في دركات النيران و تتسحق في عواصف الريح العقيم
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۶ *»
و تتعفن بالبحر الاجاج و تحيي بحيوة الهالكين و تكور في بحور السنين و ترقم (ترتسم خل) في سجين و تأتلف من الزمهرير و السعير ثم تتخطفها جنود الشياطين و تسير لها في كل واد سحيق من السبع الارضين فظهر من الصخرة قلبه الميشوم و من نتن بهموت صدره الملعون الضيق الحرج و من ارض الشقاوة جهله المركب و من ارض الالحاد جهله البسيط و من ارض الطغيان وهمه الباطل و من ارض الشهوة مادة وجوده الثانوي الخبيث و من ارض الطبع خياله الفاسد و من ارض العادات فكره الزايل الكاسد و من ارض الممات حيوته الميشومة فسري ذلك الدخان في هذه القبضات في البقول و الثمار فمااكله مؤمن او كافر الاّ و اخرج اللّه من صلبه الكافر اللعين فمن مزج هذه النطف و صلوح اكلها لكل احد صار المؤمن في صلب الكافر و الكافر في صلب المؤمن و اليه الاشارة في قوله تعالي يخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي و هنا تفاصيل و احوال اخر يطول بذكرها الكلام و ربما يؤدي ذكرها الي ذكر مالاينبغي و فيماذكرنا كفاية لمن طلب الهداية و اللّه الموفق للصواب.
قــال سلمه اللّه تعالي: فما الثمرة في بعثة الانبياء و الرسل: اذ الشقي شقي و السعيد سعيد من هناك.
اقــول: اعلم انا قدذكرنا سابقاً ان الذين كلفوا في العالم الاول صاروا في قبولهم للتكليف و انكارهم له عن معرفة و يقين و لا عن بصيرة علي اقسام مؤمن علي البصيرة و المعرفة قد دعاه الي الايمان شوقه الي رضاء اللّه سبحانه و قربه و طاعته و عبادته لا غير ذلك فهؤلاء المخلصون السابقون كماقال عزوجل و السابقون السابقون اولئك المقربون و هؤلاء حيث كان نظرهم قدتمحض لله سبحانه شوقاً لايتغير حاله في عالم من العوالم لان اللّه اجل انيطرد عن حماه من لاذ به او يرد عن بابه من عاذ به كيف و هو يقول و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و اليهم الاشارة بقوله الحق و السابقون الاولون من المهاجرين و الانصار و الذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و اعدّ لهم جنات تجري
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۷ *»
تحتها الانهار خالدين فيها ابداً ذلك الفوز العظيم و هؤلاء علي قسمين متبوع و تابع فالمتبوع هم اهل العصمة: و التابع هم خواص شيعتهم بل الخصيص منهم و من التابعين من دعاه الي الايمان شوقه الي رضاء الله سبحانه لكنه لميكن متمحضاً فيه و ان كان ذلك هو الاصل لكنه قديميل الي الجنة و النعيم الباقيين و منهم من لميتمحض في الباقي المحض بل قدمال الي الفاني ميلاً عرضياً لكنه لميقابل الزايل بالدائم اذا تعارض و هؤلاء قديصدر منه المعاصي بل الكباير لكنها لاتخرجه عن ايمانه و تصديقه كمااشار اليهم الحق سبحانه بقوله و الذين خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً عسي اللّه انيتوب عليهم قال۷ عسي في هذا المقام موجبة هـ فتدركهم الرحمة.
و كافر علي البصيرة و المعرفة قددعاه الي الكفر عناده و غيّه و استكباره عن طاعة الله سبحانه لا غير و هؤلاء في مقابلة الاولين فلايؤمنون ابداً كمااخبر عنهم عزوجل سواء عليهم ءانذرتهم ام لمتنذرهم لايؤمنون و قال ايضاً سبحانه فماكانوا ليؤمنوا بماكذبوا به من قبل اي في العالم الاول و اليهم الاشارة في قوله عزوجل و من اهل المدينة مردوا علي النفاق لاتعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الي عذاب عظيم مرة في قيام القائم عجل اللّه فرجه و مرة ثانية في الرجعة و العذاب العظيم في نار جهنم يوم القيمة الكبري.
و قدتبع هؤلاء من غرته شهوات نفسه حيث كانت طاعة الله تمنع من ذلك لا من جهة العناد مع الله تعالي فيحتمل في حقه الايمان بعد البصيرة التامة و الايقان.
و واقف متحير قد آمن تقليداً و انكر كذلك و هؤلاء لمتخلق بواطنهم و لمتثبت سرائرهم و هم الموقوفون المُرجَوْن لامر الله اما يعذبهم و اما يتوب عليهم كماقال عزوجل و آخرون مرجون لامر الله اما يعذبهم و اما يتوب عليهم.
و هؤلاء الاقسام لماانزلهم الله سبحانه الي هذه الدنيا دار المحن و الابتلاء و وفور الغرايب و الكثافات و الاعراض و استجنانهم و سريانهم في البقول و الثمار بعد ماكانوا خامدين في الارض و ذائبين في الهواء و منجمدين في السحاب و نازلين فی (من خل) المطر فصاروا غذاء للابوين و ظهروا في
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۸ *»
اكثف موضع و خرجوا من اقبح و اسوء محل و بقوا يأكلون من الدم و القيح و ساير الخبائث الي ان نشئوا و كبروا فهم في نزولهم الي هذه الدنيا و عروض هذه العوارض صاروا علي احوال و اوضاع:
فمنهم من بقي علي معرفته و ادراكه و ماظهر له في العوالم المتقدمة و مااكتسب من العوالم المتأخرة بحيث لميغب عنه شيء من الاحوال الماضية و الغابرة فهذا و امثاله هم المعصومون المطهرون ما الهاهم تلك العوارض و الكثرات عن مشاهدة عظمة بارئ السموات لانهم رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و اقام الصلوة و ايتاء الزكوة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب و الابصار.
و منهم من نسوا الاحوال الواردة عليهم بلحوق تلك العوارض و الاهوال كماقال مولينا الصادق۷ ثبتت المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه يوماًما فمنهم من طرأ عليهم النسيان في اول ادبارهم و ميلهم الي هذه الدنيا لان الله عزوجل لمااراد انينزلهم كسر صيغتهم و اذاب هويتهم بحيث صاروا شيئاً واحداً و طبيعة واحدة و منهم من طرأ عليهم النسيان حين زجر الملك اياه للخروج الي هذه الدنيا لماامتنع منه في بطن الام و لذا يخرج الولد منكوساً و هو يصيح و يبكي و هنا مقامات و احوال يطول بذكرها الكلام.
و لكل رأيت منهم مقاماً | شرحه في الكلام ممايطول |
و اما المستضعفون المقرون و المنكرون لا عن بصيرة فهم كانوا ناسين من اول الامر بل يظهر لهم الامر حتي ينسوا.
و لماكان الامر كذلك و كان حجة الله بالغة و نعمته سابغة و اعلام هدايته واضحة وجب انيذكرهم الميثاق و العهد المأخوذ لهم في العالم الاول و انيبين لهم الاعمال التي يوافق محبته في دار الدنيا حيث لمتكن في الذر ليتنبه المؤمن العارف اكمالاً للنعمة عليه و يتذكر الكافر المنافق اتماماً للحجة عليه و يتبين الامر للمستضعف المتحير ايضاحاً للحجة له حتي يحكم عليه بخلقه له في الباطن فانكاره (بانکاره خل) او اقراره من العليين او سجين و هذا البيان مايصح الاّ بالتكليف و التكليف لايكون الاّ بالمبلّغ حيث
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۸۹ *»
لميمكن للخلق انيأخذوا امر (من خل) الله بدون توسط احد من الخلق و ذلك المبلّغ هم الانبياء و المرسلون.
فثمرة الانبياء بالنسبة الي السعداء في العالم الاول الذين انعقدت نطفتهم من قطرات شجرة المزن امران احدهما تذكيرهم اياهم العهد الذي اخذ عليهم من التوحيد و رفع الانداد و الاضداد و النبوة و الولاية و الغيبة و الرجعة و المعاد في يوم القيمة حيث كانوا قدنسوا الامر لمااتوا الي هذه الدنيا كمامر و ثانيهما بيان طرق الطاعات و العبادات اللايقة لحضرة الاحدية المناسبة لمحض المقامات الجسمية و اطوار الاستقامة المخصوصة بها و التوجهات بالاعمال و الطاعات اللايقة المناسبة للکينونات (للكينونة خل)بجميع مراتبها فالثانية هي العبادات و اشرفها الصلوة و الاولي هي المعاملات و لا شك ان الرعايا ممن نسوا الموقف جاهلون بمايصلح لله تعالي من الاعمال و مايفسد و يقبح فعلها للعبد لعدم اقتضاء مقام العبودية و الربوبية اياه و لولا ذلك لكان مايفسد العبد من امره اكثر ممايصلحه و ليس ذلك شأن الحكيم العليم.
و ثمرتهم: ايضاً للكافر و الاشقياء الذين انعقدت نطفتهم من ابخرة سجين امران احدهما تذكير العهد لئلايقول نسيت و يكون له حجة بذلك و ثانيهما لزوم الحجة عليه و استحقاقه للعقوبات الجسمانية البدنية الحسية لان تلك الآلام في ذلك العالم كانت آلاماً معنوية و لمتتحقق الآلام الجسمانية الاّ في هذه الدنيا بهذه التكاليف بواسطة الانبياء اذا ماقبلوا امرهم و اعرضوا عن دينهم و طريقتهم و ثمرتهم: للمستضعفين ظاهرة واضحة و هي اثبات امرهم و اظهار حالهم و بيان سعادتهم و شقاوتهم و هذا ظاهر معلوم.
فقولكم «اذ الشقي شقي من هناك و السعيد سعيد من هناك» ليس علي عمومه بل قدتحصل السعادة و الشقاوة في هذه الدنيا ايضاً كماذكرت لك من حال المستضعفين و الذين لميعاندوا ربهم و انما انكروا لغلبة شهواتهم و ربما تنطفيء الشهوة في هذه الدنيا فيؤمنون ثم ان المقرين و المنكرين هناك حكم عليهم بالسعادة و الشقاوة حين الانكار و الاقرار و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۰ *»
لله فيهم المشية يمحو مايشاء و يثبت اذا اقرّ المنكر او انكر المقرّ و هو معني قوله۷ السعيد سعيد في بطن امه و الشقي شقي في بطن امه فان الام هي الصورة و الاب هي المادة و الاحكام لاتلحق المادة و انما تلحق الصورة فالخشبة لاتحكم عليها بالحسن و القبح الاّ اذا صنعت سريراً او صنماً فالسرير سعيد في الصورة السريرية و الصنم شقي في الصورة الصنمية فلو كسرت الصنم و صنعته سريراً محيت شقاوته و اثبتت سعادته و اذا كسرت السرير و صنعته صنماً محيت سعادته و اثبتت شقاوته و ليس كل ما سعد في عالم الذر يبقي علي (في خل) سعادته ابد الآبدين لانه حينئذ مختار له انيختار الكفر كمااختار الايمان و كذا بالعكس و لذا قال۷ في الدعاء اللهم ان كنت عندك محروماً مقتراً علي رزقي فامح من امّالكتاب حرماني و تقتير رزقي فانك قلت و قولك الحق يمحو الله مايشاء و يثبت و عنده ام الكتاب فافهم فقداشرت لك الي السرّ و حقيقة الامر و الله الموفق للصواب.
قــال ايده اللّه تعالي: و كيف ذهب الذر بعد بروزه الي الوجود هل رجع الي ظهر ادم۷او اسكن في مكان معلوم او اضمحل.
اقــول: قدروي عنهم: في سبب تسمية عيسي۷ مسيحاً ان الله سبحانه مسح علي ظهر آدم ع فاخرج منه ذريته كماقال عزوجل و اذ اخذ ربك من بنيآدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي انفسهم الست بربكم قالوا بلي فهم حينئذ كانوا ذراً و معناه انهم كانوا امة واحدة اي حصصاً غير ممتازة كالذر الذي هو الهباء المبثوث لا الذر بمعني حشرات الارض كمااخبر اللّه عزوجل عنه و قال كان الناس امة واحدة فاختلفوا فالذر هو الحقيقة المركبة من قبضة النور و قبضة الظلمة التي لها ادراك و شعور و اختيار لها التصرف فيمايشاء من الاحكام اللازمة لها و المتعلقة بها و هي صالحة للايمان ليصاغ انساناً ظاهراً و باطناً و للكفر ليصاغ بهيمة فقبل الصوغ مادة صالحة للامرين و حيث ان المادة من غير الصورة لاتحقق لها في الظهور شبهوا تلك
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۱ *»
الحقايق بالذرات.
و الحاصل ان الله سبحانه لمااخرجها من صلب آدم ثم كلفها و امرها و نهاها ثم كسر صيغتها و جعلها ماءاً واحداً و طينة واحدة و رجعها الي الطين و اودعها في صلب آدم۷ حين اراد انيسوي خلقته و يعدل طبيعته فاستودعت كل تلك الذرات المستودعة في النطف كلها في صلب آدم۷ كمااستودعت الشجرة في غيب النواة الاّ عيسي بن مريم۷ فانه مارجع الي صلب آدم لغلبة الروح و الطبيعة الهوائية فيه لميسكن في الجسد الترابي و انما كان روحاً معلقاً تحت العرش متعلقاً بالروح من امر الله فلما آن اوان ظهور العقل الكلي في العالم الكلي في رتبة الانبياء خرج مظهر الروح مقدماً مبشراً برسول يأتي من بعده اسمه احمد۹ و لذا قال عزوجل في قصة مريم۳ فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً و لاجل ذلك قيل له روح اللّه و لمحمد۹ حبيب اللّه اشارة الي مافي حديث العقل في الكافي ان الله خلق العقل فاستنطقه ثم قال له ادبر فادبر ثم قال له اقبل فاقبل فقال و عزتي و جلالي ماخلقت خلقاً احب الي منك و لااكملتك الاّ فيمن احب فكان۹في مقام ظهور العقل و عيسي۷ في مقام ظهور الروح و تقدمه عليه في القوس الصعودي كتقدم الروح حين ولوجها بعد اكتساء اللحم في الولد علي البلوغ الذي هو مقام التكليف و مقام العقل و لماكان العقل الغالب فيه البرودة و اليبوسة ناسب الوجه الاعلي من الجسد الترابي فظهر فيه بخلاف الروح لانها مجانسة للريح و الريح هو الهواء الحار الرطب ضد طبيعة التراب و من هذه الجهة بقي عيسي۷ حياً الي يوم الرجعة و لايقال ان طبيعة الهواء اشرف من طبيعة التراب لانا نقول في العناصر السفلية نعم و اما في العناصر العلوية فلا و لذا تري ترتيب البروج علي تقديم التراب لانها العلوية فتقول الحمل ناري و الثور ترابي و الجوزا هوائي و السرطان مائي وهكذا آدم۷ الذي استخرج من صلبه الذرات و ذلك ابوالارواح لا الاجساد فافهم.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۲ *»
قــال سلمه الله تعالي: و هل اصحاب اليمين الذين امرهم الله تعالي بالدخول في النار فدخلوا و اصحاب الشمال الذين امرهم الله تعالی بالنار (بالدخول خل) فامتنعوا و هل كان ذلك في عالم الذر ام قبله ام بعده و كيف ذلك و من اصحاب اليمين و من اصحاب الشمال.
اقــول: اعلم ان المراد من النار هي نار التكليف و هو نار حقيقة لا مجازاً لان قوام الموجودات كلها بالنار لان لها الفاعلية علي ساير الطبايع فكانت بذلك صفة الفاعل و مثله و هذه لها جهتان جهة يمني و جهة يسري فباليمني متعلق (تتعلق خل) بالاخيار الابرار و الاضواء و الانوار و اليه الاشارة بقوله تعالي يكاد زيتها يضيء و لو لمتمسسه نار و قوله تعالي فلما جاءها نودي ان بورك من في النار و من حولها قال۷ (و قوله عليه السلام خل) ان نضج ثمار الجنة من النار و لما كان ظهورها في تلك المحال علي جهة الاعتدال الطبيعي فكان كل طبيعة تميل الي الاخري ميل المحب الي المحبوب فلايحصل التنافر و التناكر و باليسري تتعلق بالاشرار و الظلمات و اهل الطغيان و المعاصي و هي نار جهنم و لماكانت تلك الطبايع الخبيثة ظلمانية و الغالب علي طبيعتها البرودة و اليبوسة و علي ظاهرها البرودة و الرطوبة من الميولات المنكوسة السفلية فتنفر من النار حين التعلق بها و تتأذي و تتألم فتكون النار لاهل الحق برداً و سلاماً و لاهل الباطل عذاباً و هواناً.
و اما التكليف فمن جهة انها الاعمال التي باعثها هيجان النفس و انبعاثها الي مبدئها و باريها و هي الحركة التي هي الحرارة و تنشأ منها الحرارة و تميل الي الجهة العليا كالنار فانها مركز الخفة فكل صاعد يصعد اليها و كل هابط يهبط الي الارض فلماكلفوا بطاعة الله سبحانه في عالم الذر اي بانيميلوا اليه سبحانه بكل السنتهم من الحالية و المقالية و الذاتية و الصفتية و العملية و اللفظية و غيرها.
فاما اصحاب اليمين فمن جهة موافقتها لطبايعهم و مناسبتها لغرايزهم و شوقهم الي لقاء معبودهم و محبتهم لخدمة محبوبهم فتلقوها بالتسليم و القبول لان ذلك لهم غاية المأمول و نهاية المسئول فكانت عليهم برداً و سلاماً مثالها الشمس اذا
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۳ *»
اشرقت علي الارض الطيبة المسقاة بالماء العذب الفرات فتخرج منها ثمرات طيبة مختلفة الوانها و طعومها لكن كلها شفاء لما في الصدور الباطنية و الظاهرية فتكون اشراق الشمس بحرارتها سبباً لنضج تلك الثمار و انبات تلك الاشجار و اظهار تلك المنافع و الآثار و بدونها لمتحصل و ان كانت الارض طيبة و الماء عذباً و كذلك اصحاب اليمين ماترقوا الي معالي الدرجات و مابلغوا اقصي المقامات و ماانكشف لهم العلوم من اسرار الآيات البينات الاّ بعد مقابلتهم و قبولهم لحرارة نار التكليف الحاصلة من اشراق الشمس المستنيرة من نور صبح الازل فحرارة العمل الباطنية من حرارة تلك النار فصلحت بذلك طويتهم و نضجب بنيتهم و اعتدلت هويتهم فانجلي ضياء المعرفة لهم في الفؤاد و بلغوا بذلك غاية المراد فاستأنسوا في ظلال المحبوب و وجدوا كل مطلوب و مرغوب و امنوا من كل مرعوب و مرهوب.
و اما اصحاب الشمال فمن جهة عدم موافقتهم لتلك الانوار لانهم ناكسوا رؤسهم عند ربهم فخمدت طبايعهم و جمدت غرايزهم و استولت عليهم الرطوبات اي الميولات الغيرالموافقة لمحبة الحق سبحانه كل ذلك بسوء اختيارهم فلمتتألف مع ظهور تلك النار و لمتقبل فصارت تتأذي و تتنفر و يولي مدبراً و يعكس معرضاً مثاله الشمس اذا اشرقت بحرارتها علي الميتة الملقاة في المزبلة فكلما يزداد عليه الاشراق يزداد نتناً و كثافة و رجساً و ظلمة فلميطيقوا للدخول في تلك النار و لميقدروا عندها علي القرار فلمانظروا الي اصحاب اليمين و ماهم فيه بعد دخول النار في كمال النعيم و السرور تمنوا ذلك بالطبيعة الفطرية الاولية او من جهة ميلها الي الراحة و السرور فاستقالوا فاقالهم الله تعالي فامرهم (و امرهم خل) بالدخول مرة ثانية فلماقربوا و اصابهم وهج النار هابوها و لميدخلوها و ذلك الوهج انما حصل لمنافرة طبايعهم معها فماصبروا اول مرة الي ان دخلوها ابد الابد فمااصبرهم علي النار و كان هذا الامر بالدخول في ثلث عوالم ثلث مرات مرة في ورق الآس في الاظلة و مرة تحت الحجاب الاخضر و مرة تحت حجاب الياقوت و مابعده من الحجب و الاطوار و كان ذلك في عالم الذر فالنار الاولي اسعرت في الذر الاول فدخلها
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۴ *»
اصحاب اليمين و هابها اصحاب الشمال و النار الثانية اسعرت في الذر الثاني كذلك و النار الثالثة احتجبت في الذر الثالث في هذه الدنيا عالم الاجسام قال تعالي و ان منكم الاّ واردها كان علي ربك حتماً مقضياً.
و اما اصحاب اليمين فهم شيعة علي اميرالمؤمنين۷ كمايشهد به لفظه زايداً عمادل عليه الاخبار المتكاثرة بل المتواترة معني و اصحاب الشمال و هم اعداؤه و مخالفوه و مبغضوه و الاختلاف في عالم الذر انما كان في علي۷ لاغير فنجي من نجي بمتابعته و مشايعته و كفر من كفر بمخالفته و معاندته و لذا قال تعالي عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و قدم الجار و المجرور لافادة الحصر و قال علي۷اي آية لله اكبر مني و اي نبأ اعظم مني و قال رسولالله۹ ياعلي مااختلف في الله و لا في و انما الاختلاف فيك يا علي هـ فاليهود مثلاً انما انكروا محمداً۹ لان الاقرار به يدعوهم الي الاقرار بعلي۷ و هم لايحبونه و كذا الدهرية الذين انكروا الربوبية خوفاً لانيدعوهم الي الاقرار بالنبي ثم يدعوهم الي الاقرار بالولي و هم لايحبونه و سرّ هذا الاختلاف و بيانه ممالايسعه الدفاتر بل يحتاج بيان شرذمة منه الي بسط طويل و ليس لي الآن اقبال ذلك نعم في شرحنا علي الخطبة الطتنجية قدذكرنا هذا السر مشروحاً مستوفي و اللّه الموفق للصواب.
قــال سلمه الله تعالي: و مامعني قول النبي۹ اني مخلف فيكم الثقلين الاكبر و الاصغر فالاكبر كتاب اللّه و الاصغر عترتي اهل بيتي الخ فجعل اهل بيته اصغر مع انه لولاهم لمينزل القرآن.
اقــول: اعلم ان لهم: مقامات و احوال ففي بعض المقامات و هو اشرفها و اعلاها هم اعلي من القرآن و افضل لانهم: اذ ذاك لسان اللّه و عين اللّه و يد اللّه و القرآن قدتنطق باللسان كمانطق علي۷ حكاية عن اللّه سبحانه لموسي في الشجرة بقوله اني انا اللّه لا اله الاّ انا فاعبدني
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۵ *»
و قدقال عزوجل بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء و اليد هي القدرة فيه سبحانه و القرآن اثر من اثار القدرة و قددلت الادلة العقلية و النقلية ان الائمة: هم يد اللّه كماقال۷ في الزيارة بكم فتح الله و بكم يختم و في دعاء عاشوراء ليس وراء الله و وراءكم يا سادتي منتهي بل لهم: مقام آخر اعلي من الذي ذكرنا و هو الذي اشار اليه الصادق ۷ بقوله لنا مع الله حالات هو فيها نحن و نحن فيها هو الاّ انه هو هو و نحن نحن و قال الحجة المنتظر عجل الله فرجه في دعاء رجب اللهم اني اسألك بمعاني جميع مايدعوك به ولاة امرك الي ان قال۷ و مقاماتك و علاماتك التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الاّ انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و رواد فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الاّ انت بل لهم: مقام اعلي مماذكرنا كمافي زيارة الحجة۷ الخارجة عن الناحية المقدسة مجاهدتك في الله ذات مشية الله و مقارعتك في الله ذات انتقام الله الزيارة فافهم و لهم مقامات اخر يقصر عن بيانها اللسان و يعجز عن تحملها الجنان و ترتعد عند ذكرها الفرايص و الاركان.
و بالجملة هم: في تلك المقامات اعلي و اكبر و اشرف من القرآن و لهم: رتبة اخري يساوون فيها القرآن و ربما يكونون افضل بالاضافة كماقال علي۷ انا كتاب اللّه الناطق و القرآن كتاب اللّه الصامت و قدقال الله عزوجل و کذلک اوحينا اليك روحاً من امرنا ماكنت تدري ما الكتاب و لا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء … الي صراط مستقيم و ذلك الروح هو الروح من امر الله و هو الذي قال النبي۹ اول ماخلق اللّه روحي و هو العقل بالوجه الاعلي كماقال۹ اول ماخلق الله عقلي و ذلك الروح او العقل لماامر بالاقبال و الادبار في التكوين ظهرت تلك الحقايق المقدسة و الهياكل المنورة عليهم الصلوة و السلام و في التشريع و التدوين ظهر القرآن الكريم و قدفصلت منه في بعض
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۶ *»
الاحوال التورية و الانجيل و الزبور و جميع الكتب السماوية و الصحف الالهية فلهما مقام واحد و لذا (لهذا خل) قيل لهم: في الروايات و شريك القرآن و اطلق القول۹ في اكثر الروايات و قال۹ اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي هـ من غير تفصيل اشارة الي هذا المقام.
و لهم: مقام آخر مقام البشرية و مقام انما انا بشر مثلكم يوحي الي مقام الاجساد الظاهرية و الاجساد (الاجسام خل) الدنيوية فهم في هذا المقام انزل من القرآن لانهم يأخذون عنه و يتعلمون به و يستندون اليه و ذلك كقولك في مقام النسبة ان العقل اشرف من الجسم فزيد في مقام العقل اشرف منه في مقام الجسم و اما الجامع بين المقامين و الواقف علي الطتنجين فلاشك انه اشرف و الامام۷ هو الجامع۷ فان العالي لابد انيجتمع مع السافل في رتبته حتي يتمكن السافل من الاستفاضة عنه و من هذه الجهة لهم: اطوار و ظهورات في كل مقام بحسبه يحكم عليهم نسبة ذلك المقام و مجمل الکلام (القول خل) ان لهم: ثلث مراتب:
احديها مرتبة الذات و الحقيقة و اصل الهوية و هم في هذا المقام اعظم و اشرف و اكبر من القرآن بل و لا نسبة بينهما في الفخر و الشرف و الثانية مرتبة العقل و هم فيها مساوون معه و الثالثة مرتبة الاجسام و الاجساد و هم فيها اصغر و انزل فالحديث المسئول عنه انما هو جار في الثالثة علي مقتضي فهم العوام و حسب ادراكهم و وقوفهم في مقام الجسم و الجمادية و مشاهدتهم للقرآن ذائباً حاكياً عن صفات الربوبية و للائمة: انهم معهم مشاركون في مآكلهم و مشاربهم و لميعرفوا ان آثار الربوبية و صفات العظمة و القيومية فيهم: اعظم و اكمل و اكثر ممافي القرآن فتكلم۹ معهم علي مايعرفون و للاشارة الي هذه المقامات (و خل) لميحرموا: خواص شيعتهم العارفين عن معرفة المقامات الاخر حيث ابانوها و كشفوا عن حقيقتها في احاديثهم و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۷ *»
كلماتهم و اشاراتهم و ارشاداتهم فان لهم: و جعلني فداهم (فداءهم خل) مع كل ولي اذن سامعة صلي الله عليهم اجمعين فافهم.
قــال سلمه الله تعالي: و هل الكعبة الحرام اشرف من القرآن حتي ان المتخلي في حال البول لايجوز له استقبالها و لا استدبارها بخلاف القرآن و ان كره ذلك فيه.
اقــول: هذا لايدل علي اشرفية الكعبة زادها اللّه شرفاً و تعظيماً كما ان الاخبار دالة و ناصة علي ان ارض كربلاء اشرف من ارض الكعبة و ان الله تعالي قبل خلق الكعبة و قبل خلق العالم خلق ارض كربلاء باثنين و عشرين الف سنة و انها طاهرة مطهرة و ان ارض مكة افتخرت علي ارض كربلاء فاوحي اللّه تعالی اليها ان اسكني فو عزتي و جلالي لولا ارض كربلاء و الجسد الذي تضمنته ماخلقتك الي ان قال فكوني خاضعة ذليلة لارض كربلاء و ان زمزم افتخرت علي الفرات فاجري الله تعالی فيها عيناً من الصبر عقوبة و لا شك ان مرقد الحسين۷و ساير الائمة: اشرف من الكعبة حيث كان لمن قصد زيارتهم: في تلك البقعة الشريفة لكل خطوة ثواب حج و عمرة و لمن زار الحسين۷ بكربلاء عشرين حجة و عمرة و في بعض الروايات سبعين حجة من حجج رسولاللّه۹ و في بعضها تسعين و في بعضها اكثر و ذلك لاريب فيه و مع هذا كله قدجعلت الكعبة مطافاً للخلق و قبلة و يجب علي المكلف قصدها دون كربلاء و مرقد الحسين۷ و ساير الائمة: و اختصاص بعض الاشياء دون بعض بحكم لايدل علي افضليتها اذ قديكون ذلك الاختصاص بامر عارض خارج عن ذاته المستدعيه للفضيلة.
و الشرافة الذاتية و الفضيلة الغيرية لاتقاوم الذاتية و ان كانت الغيرية اقوي كماورد في ابيطالب۲ ان له نوراً فی يوم القيمة يفوق علي نور كل الانبياء و المرسلين الاّ خمسة انوار نور محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين: و لايقال حينئذ ان اباطالب افضل و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۸ *»
اشرف من الانبياء لانه لميكن نبياً و هم معصومون مطهرون حملة الوحي الالهي و حفظة السر الرباني نعم اكتسب ذلك الفضل و الشرف بمجاورته للنيّر الاعظم۹ و مثل جبرئيل دلت الروايات انه اشرف من ميكائيل و اسرافيل و ليست هذه الشرافة ذاتية و انما هي من جهة المجاورة و الاّ فجبرئيل كان يأخذ من ميكائيل و هو عن اسرافيل او بالعكس فيهما و لا شك انهما اقرب الي الفيض فيكونان اشرف لكن المجاورة اثرت فيه و مثل آدم ابينا علي نبينا و آله و۷ قداوتي من الاسم الاعظم خمسة و عشرون (عشرين خل) و نوحاً۷خمسة عشر و ابراهيم۷ ثمانية و موسي اربعة و عيسي حرفان (حرفين خل) مع ان آدم لميكن من اوليالعزم و اولواالعزم افضل من غيره اجماعاً فكون آدم۷ عنده خمسة و عشرين حرفاً لايدل علي انه افضل من نوح لان الاستحقاق لميكن ذاتياً و انما هو بالغير حيث كان مبدأ للنسل يحتاج الي امور زايدة و قديكون الاختصاص لفضيلة ذاتية ولكن عدم اختصاص الغير بذلك الحكم ليس لانه لايستحقه في ذاته حتي يكون مفضولاً بل قديكون لعوارض و موانع اخر اقوي من المقتضي في الكون الثانوي مثل عدم اختصاص كربلاء بالمطاف و عدم ايجاب زيارة الحسين۷ و ساير الائمة: و ايجاب زيارة البيت علي احد الوجوه كماقال مولينا الصادق۷ لماسئل عن ذلك قال۷ كان علي۷ يقول لولا ان رسولالله۹ امر بمسح ظاهر القدم لكان باطن القدم اولي بالمسح من ظاهرها و مثل حرمة استقبال البيت و ادباره حال البول و الغايط دون القرآن مع انه افضل و ذلك لحكم و مصالح اخر لاتحيط باكثرها عقولنا و افهامنا لا من جهة ان البيت افضل مثل ارادة اليسر و عدم ارادة العسر و التوسعة اذ ليست للقرآن جهة معينة حتي ينحرف المتخلي عنها و انما هو محل ظهور وجه اللّه الذي لا تعطيل له في كل مكان كماقال تعالي فاينما تولوا فثم وجه اللّه.
فلو كلف المكلف بالانحراف عن جهته في تلك الجهة لكان تكليفاً بالعسر الشديد بل لايبعد اننقول انه تكليف بمالايطاق اذا نظرنا الحقيقة
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۳۹۹ *»
لان القرآن سر اللّه الظاهر الساري في الموجودات كلها فلايغيب عنه شيء و فيه تفصيل كل شيء و مطابق للكتاب الاكبر و الاسم الاعظم و فيه الاسم الاعظم في مواضع كثيرة بل فيه سره فهو وجه اللّه الظاهر في الاشياء كلها فلاتقيده جهة دون اخري و لماكان الظاهر طبق الباطن جري في الحكم الظاهري ان القرآن ليس خاصاً في موضع دون الآخر فكيف يتأتي الانحراف بخلاف الكعبة فانها في جهة معينة يتأتي هذا الحكم فيها و انما هي ظهور وجه واحد من الظهورات القرآنية و لماكان الحكم الالهي جارياً علي العموم و الحقيقة لايناسب تخصيصه اذا حضر القرآن فكره ذلك و حقيقة الامر ان تلك الفضيلة الثابتة للكعبة المشرفة فضيلة للقرآن لكنها هناك و نسبة القرآن الي الكعبة نسبة الشكل المثلث الي الشكل المستدير و نسبة الالوهية الي الاحدية و نسبة المصدر الي الاسم الفاعل مع ان الشكل المستدير مأخوذ و مستخرج من الشكل المثلث و الاحدية وجه واحد من الالوهية و اسم الفاعل مشتق من المصدر و المصدر عامل فيه فافهم فلنقبض العنان فللحيطان آذان.
و بالجملة لاينبغي التشكيك في ان القرآن افضل من الكعبة و ناهيك شرفاً قول النبي۹ انه الثقل الاكبر و ان اهل بيتي الثقل الاصغر مع ان جسد الامام۷ لا شك انه اعظم احتراماً من البيت الحرام و قول اميرالمؤمنين۷كلما في القرآن في الحمد و كلما في الحمد في البسملة و كلما في البسملة في الباء و انا النقطة تحت الباء مع ملاحظة قوله تعالي و فيه تفصيل كل شيء, و لا رطب و لا يابس الاّ في كتاب مبين, و كل شيء احصيناه كتاباً و قوله تعالي و كذلك اوحينا اليك روحاً من امرنا ماكنت تدري ما الكتاب و لا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء … الي صراط مستقيم و قدفسر ذلك الروح بالقرآن و الحاصل ان الامر في هذه المسألة واضح انشاءاللّه تعالي فلاينبغي التوقف فيها لان القرآن مجمع شئون الاحدية و الواحدية و القيومية و ظهور سر الا له الخلق و الامر و الكعبة مظهر وجه من وجوه الاحدية.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۰ *»
قــال ايده اللّه تعالي: و ما معني ان النبي۹ كان اذا سئل عن معجزة ينتظر الوحي و ان احد (احداً من خل) الائمة: يأتي بالجواب من غير توقف.
اقــول: لان الوحي التأسيسي قدانقطع بعد النبي۹ و لذا قال جبرائيل ع عند قبض النبي۹ هذا آخر هبوطي الي الارض اي هبوطه بالوحي التأسيسي و الاّ كان ينزل الي الارض دائماً و يحضر عند الائمة: لان مرجع العبد الي سيده الاّ ان ذلك لميكن بالوحي التأسيسي نعم قديكون تفصيل مجمل و اظهار مبهم و امثالهما و اما جملة العلم فقدعلم النبي۹ الوصي۷ فجميع احوال الرعية عند الامام۷ ظاهرة معلومة مشروحة بتعليم النبي۹ فلو انتظر الامام۷ كما كان ينتظر رسولاللّه۹ يلزم احد الامرين:
احدهما توهم انه نبي و ليس بوصي حيث ينتظر الوحي من اللّه كماكان شأن النبي۹فالآخذ عن اللّه سبحانه بلاواسطة البشر هو النبي لا الوصي فالوصي يرجع الي النبي و الي اللّه بالواسطة لا اليه بلاواسطة فاذا كان يجب استناد الوصي الي النبي ص و هو قدمات۹ فيجب انيستكمل جميع العلوم المحتاج اليها للخلق عند الوصي فاذا لميستكمل لمتكن (لميكن خل) وصايته عامة فلماذا ينتظر الوصي بعد موت النبي ففي الانتظار توهم انه نبي و النبوة قدانقطعت بنبينا۹ فلايجوز الانتظار.
و ثانيهما توهم انه ليس بوصي و انما هو مفتر العياذ باللّه اذ لو كان وصياً لبين له النبي جميع العلوم التي تحتاج اليها الرعية و الانتظار دليل (علي خل) انه لميبين له و الاّ لكان حاضراً عنده و انما يريد انيجيب بقوة فكره بعد الانتظار فتبطل بذلك وصايته.
فحيث كانت حجج اللّه بالغة و نعماؤه تامة يجب ان لاينتظر الوصي حكماً و لا امراً من الامور التي لها مدخلية في احكام الخلق الاّ انيكون مأموراً من قبل
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۱ *»
النبي۹ في مواضع مخصوصة فهو ايضاً ليس بانتظار و انما هو امتثال فكما انه يجب علي الوصي عدم الانتظار بعد موت النبي۹ كذلك يجب علي النبي الانتظار اذ لو لمينتظر الوحي لزم احد الامرين:
احدهما توهم انه رب اذ كلما يراد منه يأتي به دفعة واحدة و انما امره اذا اراد شيئاً انيقول له كن فيكون و لميكن معاجز النبي۹ بادون من سحر ابنالمقنع حيث اقر بربوبيته خمسون الفاً و عنده من سحر علم السيمياء. فينتظر الوحي و يظهر العجز لبيان انه مربوب مصنوع بشر مثلكم يوحي اليه و الامر ليس راجعاً اليه كما ادّبه اللّه سبحانه بقوله و لاتعجل بالقرآن من قبل انيقضي اليك وحيه و قل رب زدني علماً و قوله تعالي لاتحرّك به لسانك لتعجل به ان علينا جمعه و قرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه.
و ثانيهما انه اذا لمينتظر يتوهم في حقه انه يتقول علي اللّه و يفتري و ليس بمستند الي احد فلو كان مستنداً لظهر استناده اليه فاذا انتظر و اجاب بعد الانتظار علم انه لاينطق عن الهوي ان هو الاّ وحي يوحي فاذا ادعي النبوة و اظهر المعجزات الدالة علي صدق دعواه و اظهر فقره الي اللّه و خضوعه و خشوعه لديه علماً و عملاً فان الانتظار ابانة عن احتياجه الي الحكيم العلاّم و انه ليس عنده شيء فاتي۷ بالحجة البالغة و المحجة الواضحة فلايسع لاحد انكاره اذ لميبق لمحتج حجة بعد اظهار تلك الامور فلميبق الاّ الانكار او الاقرار هذا ظاهر الجواب و اما الاسرار الباطنية في هذا المقام فكثيرة يؤدي ذكرها الي الاطناب مع انه ماكل مايعلم يقال و لا كل مايقال حان وقته و لا كل ماحان وقته حضر اهله و اللّه ولي التوفيق.
قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قول المعصوم۷ نحن اوقعنا بينكم الخلاف (الخلاف بينكم خل).
اقــول: لبيانه و معناه وجوه كثيرة و نحن نقتصر علي وجه واحد متوسط لضيق المجال و تكثر الملال فتفهم مانقول بصافي فطرتك فتجد صحواً بلاغبار
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۲ *»
فاقول اعلم ان اللّه سبحانه خلق خلقه كمااحب من اجرائه علي الاسباب و جعل لحفظ هذا الخلق اسباباً و مقتضيات تمنعه عن الفناء و الزوال و الاضمحلال باذنه تبارك و تعالي و اقام خلقه في عالمين عالم غيب و عالم شهادة و جعل سبحانه لكل منهما اسباباً للحفظ و البقاء و موانع عنهما لئلايضطر احد في حال من احواله فجعل سبحانه لحفظ العالم الشهودي الاغذية الجسمانية من المآكل و المشارب و المناكح و الملابس و المعاشرة و الملاقاة و امثالها مماينتظم به نظام معيشة الخلق و جعل سبحانه لحفظ العالم الغيبي الاعمال الصالحة و العبادات و الطاعات و انحاء الشرعيات فالارواح انما تتقوي بها كما ان الاجسام انما تتقوي بتلك الاغذية و لماكانت العقاقير المتخذة منها الاغذية ليست كلها نافعة بل فيها سمومات قاتلة او طبايع ضارّة مفسدة جعل اللّه سبحانه اطباء ماهرين و علماء عارفين يعلمون تلك العقاقير و يعرفون (تلك خل) الطبايع و يميزون بين المصلح و المفسد فاذا افسد الجاهل شيئاً اصلحوه اذا امكن الاصلاح و اذا مشي الجهال الذين لايعرفون خواص الادوية علي منوال حكم اولئك الاطباء الماهرين و لميخالفوهم فلميزالوا في صحة و عافية و نعمة و سرور و اذا خالفوهم و اكلوا كل ماوجدوا من غير الميزان المستقيم تمرضوا و ضعف بنيتهم فلميتهنأوا بطعام و لا شراب و لا رقاد و لا كلام فاذا تمرضوا فمن جهة اختلاف طبايعهم تختلف امراضهم فمن مريض يشتكي من هيجان الصفراء و منهم من يشتكي من هيجان الدم و هكذا بسيطاً او مركباً غليظاً او رقيقاً و اشباه ذلك.
فاذا اراد الطبيب انيداوي هؤلاء المرضي فلو غذاهم بغذاء واحد و امر لهم بدواء واحد لمااستقامت به بنيتهم و لمااعتدلت به طبيعتهم لانه حينئذ مصلح لقوم و مفسد لآخرين الاّ انيداويهم بالاكسير فذلك نادر الوجود و الحكمة تقتضي عدم وجوده منتشراً ظاهراً فليس الاّ هذه العقاقير الغير الناضجة فتضر لبعض الامراض و تنفع لبعضها الاخر فاذا كان كذلك فالطبيب يأمر كل احد بدوائه الخاص به ممايسكن مرضه او يقطعه علي حسب مارأي المصلحة فيأمر كل واحد بضد مايأمر به الآخر فتختلف آداب تربيتهم علي
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۳ *»
حسب نظر الحكيم فلو داواهم بدواء واحد لسعي في اهلاكهم و لماكانت الطبيعة البدنية بحسب الاخلاط و الاهوية و الاوضاع تختلف احوالها قدتتهيج فيها الصفراء و اذا (فاذا خل) زادت الرطوبة تنقلب دماً فيكون مرضه من غليان الدم فلايصلح له حينئذ الدواء الاوّل فيجب تغيير الدواء وهكذا كلما اختلفت الطبيعة تختلف الادوية حسب مارأي الحكيم الماهر.
فاذا عرفت هذا المثال الذي ضربه اللّه لك فاعلم انه قال الامام الرضا روحي فداه و۷قدعلم اولوا الالباب ان ماهنالك لايعلم الاّ بماهيهنا فاذا لاحظ ماذكرنا لك في مقام الارواح فان الطبايع الغيبية و الامزجة الروحانية قدتمرضت و ضعفت من جهة غلبة اهل الجور و الظلم و مردة الشيطان (الشياطين خل) اما اولئك الظلمة و الفسقة فقدماتوا بالسموم القاتلة التي شربوها من الاعمال القبيحة من معاداة اولياء اللّه و موالاة اعدائه قال تعالي اموات غير احياء و مايشعرون ايان يبعثون و قال عزوجل أ و من كان ميتاً فاحييناه و جعلنا له نوراً يمشي به في الناس ولكن آثار تلك السموم من الميولات الظلمانية قداثرت في الشيعة اما بالذات او بالعرض فتمرضت طبايعهم و ضعفت بنيتهم و هم جهال لايعرفون الدواء و لايميزون بين الداء و الدواء و هم علي طبايع مختلفة و ميولات متشتتة و اوضاع و قرانات متفاوتة في انفسهم و بالنسبة الي اعدائهم و بالنسبة الي المستضعفين و بالنسبة الي عموم الرعية و الشيعة و خصوصهم فجعل الاطباء الماهرون و الائمة الطيبون الطاهرون عليهم الصلوة لهم ادوية و اغذية مختلفة حسب ماتقتضي شئوناته الذاتية و الفعلية و الوضعية فخصوا: كل واحد بماتقتضي كينونته ممايصلحها فاختلفت تلك المعالجات فهم: انما اوقعوا هذا الاختلاف و الاّ لهلكت الشيعة.
فهم اي الرعية بين ايديهم: يدبرونهم و يصلحونهم حسب مايريدون من اصلاح شأنهم فمن الفقهاء من ينظر مثلاً في مسألة من المسائل و يرون: ان ذلك لايصلح امره و لا مقلديه الاّ بالقول بالوجوب او الحرمة مثلاً فيجرونه عليه و ينصبون له القراين و الاحوال و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۴ *»
انحاء الترجيحات حتي يحكم بذلك الحكم و الآخر يكون صلاحه بالقول بعكس ذلك الحكم فيجرونه: عليه مثلاً ان صلاح ابن ابيعقيل و اتباعه في ذلك لميكن الاّ القول بعدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة و صلاح غيرهم و المشهور لميكن الاّ القول بالنجاسة فاعطوا: كل ذيحق حقه و ساقوا الي كل مخلوق رزقه و لميزل هذا الاختلاف حتي تصح البنية و تقوي الطبيعة فتقوي علي المآكل الطيبة و الملابس الفاخرة و تلك الصحة ماتتحقق الاّ اذا ظهر القائم المنتظر عجلاللّه فرجه و۷ فاذن تصح الامراض الباطنية و يرتفع الاختلاف و يعود الامر الي الايتلاف فيرجع الخلق كلهم الي العمل بالحكم الواقعي الاولي.
و اما مادام هذا الخلط و اللطخ الظلماني باقياً لميصح رفع الاختلاف و لميصح (لميصلح خل) العمل بالحكم الواقعي الاولي لكل احد فهم: انما اوقعوا الاختلاف (الخلاف خل) بيننا اصلاحاً لحالنا و تدبيراً لامرنا و لو ارادوا اننجتمع كلنا علي امر واحد لفعلوا كماقال مولينا الصادق۷ لعبيد بن زرارة الي ان قال۷راعيكم الذي استرعاه اللّه امر غنمه اعلم بمصالح غنمه فان شاء فرق بينها لتسلم و ان شاء جمع بينها لتسلم و قال ايضاً۷ انا لاندخلكم الاّ فيمايصلحكم.
فتفهم ماذكرت لك فاذا اتقنته ترتفع (ترفع خل) عنك الشبهات كلها و تكون علي بصيرة من امرك و هداية من ربك و اعتقد ان الامام۷ هو الناظر لاحوالك و اقوالك و اعمالك لايشذ منه شيء فيجريك علي مايحب اللّه سبحانه لان اللّه لايخلي الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه لهم و قالوا: ان لنا مع كل ولي اذناً سامعة و قالوا: انا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم و لولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء و احاطت بكم الاعداء و قالوا: ما من عبد احبنا و زاد في حبنا و اخلص في معرفتنا و سئل مسئلة الاّ و نفثنا في روعه جواباً لتلك المسئلة هـ و اعلم انهم: الكهف الحصين و غياث المضطر المستكين و ملجأ الخائفين و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۵ *»
عصمة المعتصمين فاطلبهم تجدهم في الشدايد في العلم و العمل في الدنيا و الاخرة.
ناد علياً مظهر العجايب | تجده عوناً لك في النوايب | |
كل هـمّ و غـمّ سينجلي | بولايتك ياعلي ياعلي ياعلي |
قــال ايده اللّه تعالي: و ما السر في جعل الائمة: من ذرية الحسين۷ مع ان الحسن اكبر منه فيكون اعلي منه.
اقــول: اما في الظاهر فلان ذلك كرامة من اللّه سبحانه عوضاً من الشهادة في سبيله خالصاً لوجهه و احياءاً لدينه و انقاذاً لعباده من حيرة الشكوك و الشبهات فلماافني۷ ظاهره و باطنه في طاعة اللّه سبحانه شرفه اللّه سبحانه بهذه الكرامة و كون الشفاء في تربته و الاجابة تحت قبته و افضلية اتمام الصلوة للمسافر في حائره عليه الصلوة و السلام و هذا لايدل علي افضليته۷ علي غيره حيث لميكن لهم ذلك كما ان اللّه سبحانه جعل كليمه موسي علي نبينا و آله و۷ خادماً لشعيب كرامة لشعيب۷ حيث بكي في محبة اللّه سبحانه حتي ابيضت عيناه مع ان موسي افضل من شعيب و جعل اللّه سبحانه النبوة في اولاد لاوي بن يعقوب۷ و لميجعلها في ذرية يوسف۷ مع ان يوسف افضل منه و كماجعل الخلافة و الولاية في اولاد هرون و لميجعلها في اولاد موسي۸ مع ان موسي افضل منه و هكذا امثالهم فلمااقتضت كينونة الحسين۷ بتوفر شرايط القابلية و متمماتها الفوز بدرجة الشهادة العظمي و الحظ الوافر الاعلي و امات نفسه و اهله في طاعة اللّه سبحانه و قابل اللّه سبحانه بغاية الخضوع و الانكسار للّه و نهاية الخضوع (الخشوع خل) و التذلل للّه سبحانه بحيث خضع كل خاضع بخضوعه و خشع كل خاشع بخشوعه فظهرت آثار الربوبية و الجلال و العظمة فيه۹فكانت تربته شفاء من كل داء لحملها نور التجلي الذي اندكت به فاندكاك جبل طور سيناء من فاضل اندكاك ارض كربلا لان ذلك الاندكاك انما كان
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۶ *»
بنور من مثل سم الابرة من شيعة آلمحمد: و اندكاك ارض كربلا باصل النور و اين هذا من ذاك.
فسري ذلك النور في كل ذرة من ذرات تلك التربة الزاكية فطهرها عن كل الكدورات و نقاها عن كل الكثافات فصيرها اكسيراً احمر مذهباً لكل الاوساخ و النكبات و من هذه الجهة تطهر كل ارض يوم القيمة الاّ ارض كربلا فانها قدتطهرت و تنظفت عند الزلزلة العظمي و الداهية الكبري حين ماوقع جسد الحسين جعلني اللّه فداه علي ارض كربلا و كذلك اقتضي ظهور نور الولاية المطلقة فيه۷ لانه صار۷ مهبط آثار العظمة فظهرت تلك الانوار منه۷ بخلاف سيدنا الحسن۷ و هو و ان كان افضل من اخيه۸ الاّ انه مااقتضت الحكمة انيظهر بماظهر به الحسين۷ و الاّ اختل النظام لان مقام الحسن۷ مقام النضج و التعفين لطبيعة العالم و هو مقام الروح الكلية علي اعتبار فانها الحاملة للحرارة و الرطوبة و مقام الحسين۷ مقام الفصل و التمييز و التقطير في العالم الكلي و هو مقام النفس الكلية في العالم المتعلقة بالطبيعة الكلية كما ان في الحسن الروح المتعلقة بالنفس و لذا كان لون الحسن۷ عند موته اخضر و قصره في الجنة من زمردة خضراء و لون الحسين۷ عند موته احمر و قصره۷ من ياقوتة حمراء فافهم راشداً موفقاً.
و اما في الباطن و حقيقة الامر فاعلم ان نسبة الحسن الي الحسين۸ نسبة محمد الي علي صلّي الله عليهما و نسبتهما نسبة العرش الي الكرسي و نسبة الحسن و الحسين۸ و روحي فدائهما نسبة الشمس و القمر فكما ان الشمس اقرب الي المبدأ و الفيوضات انما ترد عليه اولاً لكن علي جهة الاجمال و البساطة و تتقدر و تتمايز بالكواكب و البروج التي هي جهات المبدأ الي المخلوقين السفلية في الكرسي فكذلك حدود الولاية و اسرار الامامة اصلها من محمد۹ علي جهة الاجمال و البساطة لكنها تمايزت و تقدرت بالبروج الاثنيعشر و الائمة
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۷ *»
الاثنيعشر في الكرسي فوجب انتكون الائمة: في مقام التفصيل و التمييز كلها من نسل علي بن ابيطالب۷ روحي فداه لان مقامه مقام الكرسي و لذا قال رسولاللّه۹ان اولادي من صلب علي۷ و الشمس و القمر و ان ظهرا و وجدا من الكرسي اما القمر فظاهر و اما الشمس فلقوله۷ ان الشمس جزء من سبعين جزءاً من نور الكرسي و الكرسي جزء من سبعين جزءاً من نور العرش الحديث.
فالشمس و ان كانت من الكرسي لكنها منسوبة الي العرش لانها وجهه و لذا ورد انها اكتسب حلة من نور العرش فمقامها مقام الاجمال و البساطة و القمر صاحب التقدير و التصوير و التكييف و صاحب العدد و الحساب و هو مبدأ العلة الصورية في الاكوان الجسمانية السفلية قال تعالي و القمر قدرناه منازل حتي عاد كالعرجون القديم فاثبت سبحانه التقدير و التصوير و التعيين للقمر فاذا كانت الشمس مثال الحسن۷ يجب انيكون هو الاصل و ناقل الامامة و الولاية الي الحسين۷ و تقدير تلك الولاية الي الاولياء: يجب انيكون في الحسين۷ كماكان في علي۷ من رسولاللّه۹و يظهر هذا السر من حديث فاطمة۳ حيث اخذت يدي ولديها۸ و اتت بهما الي النبي۹ فقالت يا ابتا انحلهما فقال۹ اما الحسن فقدنحلته سؤددي و شرفي و اما الحسين فقدنحلته غيرتي و شجاعتي هـ و الغيرة و الشجاعة هي الولاية الظاهرة فجري التقدير الالهي انتكون الذرية من نسل الحسين۷ فافهم و اشرب عذباً صافياً فاني قداظهرت لك ماكان مكتوماً علي الناس و اخفيت ماكان يتلجلج في صدري و يجول في خاطري قائلاً:
و اياك و اسم العامرية انني | اغار عليها من فم المتكلم | |
اخاف عليك من غيري و مني | و منك و من مكانك و الزمان | |
فلو اني جعلتك في عيوني | الي يوم القيمة ماكفاني |
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۸ *»
و اللّه ولي التوفيق.
و قولكم مع ان الحسن اكبر منه فيكون اعلي منه, فيه ان كون الحسن۷ اعلي من الحسين۷ و ان كان صحيحاً الاّ انه لا من جهة التعليل الذي عللتم لان الكبر و الصغر لا دخل لهما في الافضلية و الاسفلية فان القائم المنتظر عجل اللّه فرجه افضل من الائمة الثمانية: كمايدل عليه قوله۹ تاسعهم قائمهم افضلهم مع انه ليس اكبر بحسب الظاهر منهم و الافضلية انما هي بامور ذاتية تكوينية الهية قدخفيت علي الخلق و نحن لاندرك التفاضل الذي بين ائمتنا: الاّ بارشاداتهم و بياناتهم: فان العقول و الحقايق و الافئدة تقصر عن ادراكه.
قــال ايّده اللّه تعالي: و ما السرّ في غيبة القائم۷ في هذه المدة الطويلة و لميره احد و بعض الاخبار تساعد ذلك من ان كل من يدعي رؤيته فهو كاذب مع ان اجماع الشيعة علي حكم من الاحكام يقولون لابد من ادخال قول المعصوم۷ في اقوال العلماء فكيف يدخل قوله و لمير شخصه.
اقــول: اعلم ان اللّه سبحانه ابي الاّ انيكون واضحاً نوره بيناً رشده ظاهراً امره و ان لايلجئ احداً الي الطاعة و لايجبر احداً في ترك المعصية اذن يقبح خلق الجنة و النار فان الجنة دار طيبة زكية لايجوز ادخال النجاسات و القاذورات فيها فاذا ادخل المجبور علي الطاعة بمعني انه كاره لها قلباً لكنه لميقدر علي اظهار مافي القلب و الباطن فباطنه نجس خبيث و ظاهره طاهر بالعرض فاذا ادخله (ادخل خل) الجنة فقد خالف الحكمة و هو سبحانه و تعالي منزه عن ذلك فيجب انيكون لاهل المعصية تمكن من اظهار باطنهم و ابراز مافي ضميرهم ثم انك قدعلمت ان قطرات شجرة المزن نزلت الي هذه الارض و سرت في البقول و الثمار و ان ابخرة شجرة الزقوم التي في اصل الجحيم صعدت الي الارض و سرت في البقول و الثمار و اكل المؤمن و الكافر من تلك البقول و الثمار فاستقرت النطف في الاصلاب و الارحام المستقرة و المستودعة فكانت نطفة المؤمن في صلب
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۰۹ *»
الكافر و نطفة الكافر في صلب المؤمن فحصل المزج و الاختلاط.
فاذا اظهر حجة اللّه۷ امره فلايخلو اما علي جهة الغلبة و الاستيلاء ام لا فان كان الاول فيلزم الالجاء في التكليف حيث يقبلون امره خوفاً و طمعاً اذ لميقدروا علي دفعه و ان كان الثاني فيقتلونه حيث ان اهل الباطل همّهم في اطفاء نور اللّه فاذا ثبت بالادلة القطعية من العقلية و النقلية كمانشير الي بعضها فيمابعد ان الامام ع لايزيد علي اثنيعشر و لاتقتضي الحكمة ازيد من ذلك فاذا ظهر الثانيعشر لا علي جهة الغلبة و الاستيلاء بل تكون الغلبة و الاستيلاء للاعادي فلاشك انهم يحاولون قتله فاذا قتل۷ خرب العالم و ساخت الارض باهلها و يكون في ذلك قطع الفيض عن الخلق و عن تلك النطف الطاهرة التي يتولد فيمابعد سواء كان في صلب المؤمن او في صلب الكافر و ذلك محال علي اللّه عزوجل فتجب الغيبة حتي تمتاز النطف الطيبة عن النطف الخبيثة و يمتاز المؤمن المحض عن الكافر المحض و يظهر اهل الباطل باطله حتي يكون حجة عليه و يثبت اهل الحق علي ايمانه و دينه حتي يكون نوراً و هداية له فهناك يظهر۷ فيطهر الارض من كل رجس نجس فلو انه۷ ظهر قبل الامتياز فان قتل المعاندين و المنكرين باجمعهم فيكون قدقطع الفيض عن تلك النطف الطاهرة فان لميقتل الذين كان في اصلابهم تلك النطف اولئك كانوا يقتلونه كمافعلوا بالحسين۷ و في ذلك خراب العالم و قبل الامتياز لاتقتضي الحكمة للاظهار و ان طال المداء و ليس لتلك المدة حدّ معلوم عند الخلق نعم اذا حصل الامتياز يظهر تلك العلامات من الصيحة و قتل النفس الزكية و ظهور جسد اميرالمؤمنين۷ في الشمس و الليلة الطويلة و طلوع الشمس من مغربها و خروج الدجال و السفياني و غيرها من العلامات فانها دلائل الامتياز فهناك يخرج سيفه من غِمده فيعلم۷ الاذن للخروج عجل اللّه فرجه و فرجنا به بمحمد و آله الطاهرين صلي اللّه عليهم اجمعين.
و في بعض الروايات علي مارواه المجلسي في الاربعين عن احدهم: مامعناه ان اللّه سبحانه كتب غيبة القائم۷ ستة
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۰ *»
اشهر ثم ان الامة لماقتلت حسيناً۷ غضب اللّه عليهم فكتب الغيبة ست سنين او سبع سنين ثم لمّاعلّمناكم الاسرار و انتم اذعتم سرّنا غضب اللّه علي الخلق و لميجعل لها حداً معلوماً هـ و هذا الوجه هو الذي ذكرنا لكم من حكم الامتزاج و الاختلاط قال اميرالمؤمنين۷ لو خلص الحق لميخف علي ذيحجي ولكن اخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فامتزجا فمن هنا هلك من هلك و نجي من سبقت له من اللّه الحسني.
و ماورد في بعض الروايات من التحديد و التعيين فهو امور اقتضائية يجري عليها البداء و المحو و الاثبات و ليست بامور محتومة و طول مدة الغيبة لاستحكام حكم الخلط و اللطخ بين الفريقين و ذلك انما هو بشدة ميل هؤلاء الي هؤلاء و هؤلاء الي هؤلاء في احوالهم و كينونات اطوارهم و لذا تري ينتفعون بعضهم من كتب الآخر فتري كتب المخالفين عند الشيعة يستدلون بها و ينظرون مافيها و ينتفعون منها و كذا بالعكس حتي من لميحصل كتب المخالفين و لمينظر الي اقوالهم لايرونه عالماً هذا كله من المزج فلو خلصوا لكان كل منهم الي جهة غير جهة الآخر فلاينتفع احد من الآخر (بالاخر خل) لكمال المعاداة و المباينة.
قولكم «و لميره احد» ليس علي عمومه اما في الغيبة الصغري فقدكانوا يرونه۷في بعض الاحوال من خواص شيعته كماهو مذكور في كتب علمائنا رضوان اللّه عليهم و اما في الكبري فقددل بعض الاخبار انه يريه۷ ثلثون من الشيعة و اظن انهم هم النقباء النجباء كمافي قول اميرالمؤمنين۷ نعم المنزل طيبة و ما بثلثين من وحشة و اما ساير المؤمنين فانهم يرونه۷ و لکنهم لايعرفونه و ذلك (هذا خل) لا اشكال فيه لدلالة الروايات عليه معتضدة بالعقل المستنير نعم الذي يدّعي رؤيته۷ مع المعرفة فهو الذي لابد من تكذيبه.
و اما ادخال قوله۷ في الاجماع فلاينافي غيبته لان له۷ الحكم و الولاية و التصرف و التدبير في امور رعيته و غنمه كيف شاء اللّه فيدخل قوله۷ في اقوالهم من غير انيروه فيجد الفقيه قولاً و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۱ *»
لايعرف قائله و بتكرر القرائن و الاحوال يقطع ان قول امامه۷ في هذه الاقوال من غير تعيين اذ لو عين قوله و تميز كان بمنزلة التواتر اللفظي الذي يفيد القطع بانه قول المعصوم۷ و لايفيد القطع بالمراد لانهم: يريدون بكل لفظ احد سبعين وجهاً كماقالوا: انتم افقه الناس ماعرفتم معني كلامنا و ان الكلمة منا لتنصرف الي سبعين وجهاً الحديث و فائدة الاجماع القطع بالمراد حيث لميتميز قوله عن قول غيره و كيفية ادخال قوله۷ علي انحاء كثيرة من اظهار عبارة او اشارة او تلويح او ارشاد او الهام او تقرير و امثال ذلك و هذه لاتستلزم مشاهدته و رؤيته لانه۷ يد اللّه الباسطة بالانفاق و التصرف و الناس لايشعرون و اليه الاشارة في الباطن بقوله تعالي و تحسبهم ايقاظاً و هم رقود و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال فافهم راشداً موفقاً.
قــال ايده اللّه تعالي: و لم كان الائمة اثنيعشر من دون زيادة و لا نقصان.
اقــول: اما في الظاهر فاعلم ان اللّه سبحانه يجب انيكون امره و فعله محكماً متقناً كاملاً بحيث لايتصور وجه اكمل منه لانه تعالي قادر عليه و الكمال مستحسن فالعدول من الاکمل (الكمال خل) الي غيره اما من جهة عدم علمه او عجزه و كلاهما منتفيان بالنسبة الي فعله سبحانه فيجب انيكون فعله تعالي بحيث لايمكن انيقال لو كان كذا لكان احسن و في ذلك اتمام النعمة علي المؤمنين و اكمال الحجة علي الكافرين و اذا كان كذلك فلا ريب ان الامام۷ لو كان اكمل اي جامعاً لجميع الصفات الكمالية اللايقة في الرتبة البشرية بحيث لاتكون فيه جهة نقصان بالنسبة الي تلك الرتبة كان احسن و اثبت في الالوهية و اظهار صفاتها لانه خليفة اللّه و ظاهر اللّه و بقية اللّه في خلقه فيكون متخلقاً باخلاق اللّه ليصح قوله عزوجل اللّه اعلم حيث يجعل رسالته و لئلايكون للناس علي اللّه حجة بعد الرسل اذ لو كان ناقصاً في جهة من الجهات و ان كان نقصاً جزئياً كان ذلك محل حجة لتمسك المنافقين المكذبين و كدورة خاطر
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۲ *»
المؤمنين و لذا وجبت فيهم العصمة و الطهارة و المعرفة البالغة و امثالها هذا حكم كل واحد منهم.
و اما عددهم فوجب انيكون تاماً لا ناقصاً و الستة هي العدد التام لمساواة كسورها مع اصلها و قداتفقت علماء العدد و الحروف عليه و فرعوا علي ذلك تفريعات عجيبة و استخراجات غريبة و لا شك ان الشيء لايتم مشروحالعلل مبينالاسباب الاّ بعد اجتماع مرتبتين مرتبة الغيب و الشهادة و الاجمال و التفصيل و البطون و الظهور فيكون كمال الستة في كل مرتبة انيتكرر و يتثني كما ان كمال العالم و الشيء انيتكرر و لذا قال عزوجل خلق اللّه السموات و الارض في ستة ايام و قال سبحانه عالم الغيب و الشهادة و لذا وجب انيكون للانسان جسم مع الروح و انما قيدت الانسان للظهور و الاّ فكل شيء فيه المرتبتان فعدد الاثنيعشر هو تكرار الستة فيجب انيكون (تكون خل) الائمة: علي هذا العدد التام و هذا لايختص بنبينا و ائمتنا: بل بين كل صاحب شريعة و بين صاحب الشريعة الاخري اثنيعشر وصياً لتمام الحجة البالغة.
و اما عدد الانبياء اولوا الشرايع فيجب انيكون ستة لانهم الرتبة الاولي و مقامهم مقام اجمال و الوصاية رتبة ثانية و مقامها مقام التفصيل و هو انبساط الاصل و تكريره كمايقولون ان الباء تفصيل الالف و تكريره و الدال تفصيل الباء و تكريرها و هكذا و ايضاً مبادي العالم التكويني تدور علي اثنيعشر لان العالم او كل جزء من اجزائه لايتم وجوده الاّ بعقل و نفس و جسد اي جبروت و ملكوت و ملك و كل من هذه الثلثة لايتم الاّ باربعة بخلق و رزق و حيوة و موت فاذا لاحظت نسبة الثلثة في الاربعة يكون اثنيعشر فلايتحقق الكون التكويني الاّ بهذه المبادي فيجب ان لايتحقق الكون التشريعي الاّ بهذه المبادي اي اثنيعشر لان حكم اللّه و امره واحد ماتري في خلق الرحمن من تفاوت بل المبادي التشريعي اصل للمبادي التكويني و ايضاً قدذكرنا سابقاً ان الافلاك التسعة الظاهرة لتربية الابدان و الانبياء و الاوصياء لتربية الارواح و العقول و المقامات الباطنية فكما ان العرش هو الاصل و الفيوضات انما ترد عليه مجملة مبهمة و منه تفاض علي الكرسي و فيه تتقدر الي اثنيعشر
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۳ *»
برجاً و بتلك البروج تنشر (تنتشر خل) الفيوضات الكونية في العالم فكذلك العرش مثال للنبي۷ و الكرسي مثال للوصي فيكون وصي كل نبي مؤسس اثنيعشر قال تعالي ان عدة الشهور عند اللّه اثنيعشر شهراً في كتاب اللّه يوم خلق السماوات و الارض.
و ايضاً قوام الانسان و اهتداؤه الي معاشه و معاده و ساير احواله مايكون الاّ باثنيعشر نوراً به يهتدي الي احواله و مآربه و هو العقل و النفس و الحواس الخمسة الظاهرية و الخمسة الباطنية فذلك اثنيعشر فلو اختل واحد من هذه الثلثة اختل امره بذلك القدر فكذلك العالم الكلي لايصلح نظامه الاّ باثنيعشر سراجاً وهاجاً موقداً من الشجرة المباركة الزيتونة التي لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضيء و لو لمتمسسه نار فان الانسان علي طبق العالم لقول اميرالمؤمنين۷ :
أتزعم انك جرم صغير | و فيك انطوي العالم الاكبر | |
و انت الكتاب المبين الذي | باحرفه يظهر المضمر |
و الانسان يدور علي اصل و هو الفؤاد و الحقيقة له اثنيعشر فرعاً متخذاً و مشتقاً منه يستكمل شئونه و احواله بذلك الاصل و فروعه.
و ايضاً ان الشمس مثال النبوة و القمر مثال الوصاية و الولاية فلاتكمل دورة الشمس الاّ بعد اكمال القمر اثنيعشر دورة و من هنا يجب انيكون كل صاحب شريعة له اثنيعشر وصياً كماهو مذكور في كتب اهل الاسلام و غيرهم من ساير الملل فقدذكروا ان بين ادم و نوح۸ اثنيعشر وصياً و بين نوح و ابراهيم كذلك و بين ابراهيم۷ و موسي كذلك و بين موسي و عيسي۸كذلك و بين عيسي۷ و محمد۹ كذلك و بين محمد۹ و قيام القيامة و فناء العالم كذلك و قدذكروهم باسمائهم فاذا اردت الاطلاع علي اسمائهم فانظر كتاب المجلي لابنابيجمهور الاحسائي و كتاب التاريخ للشيخ الحرّ و غيرهما تجدها واضحاً مشروحاً.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۴ *»
و اما سر الباطن فهو و ان كان غامضاً يطول بذكره الكلام الاّ اني اشير اليه اشارة اجمالية فاقول ان اللّه سبحانه لماخلق في العالم الاول المخلوق الاول حصلت له ثلث جهات جهة الي مبدئه و جهة الي نفسه و جهة الي غيره من حيث ارتباطه به و كل جهة من هذه الجهات الثلث لميتحقق الاّ في اربع مراتب لان ملاحظة الشيء وحده ثم ملاحظته مع الآخر لابد له من الاربعة و يحصل ذلك بملاحظة كل واحد مجرداً عن الآخر و منتسباً بالآخر فمرة ملاحظة (يلاحظ خل) نسبة احدهما مع الآخر و مرة ملاحظة (يلاحظ خل) نسبة الآخر به و هو قوله تعالي و من كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون و هذا هو الكينونة الاولي في الخلق الاول فهو في مقام الاجمال واحد و في مقام التفصيل اثنيعشر و لماكان الموجودات كلها انما حصلت و وجدت من اقبال هذا الخلق المكرم و ادباره سري سرّ هذا التفصيل و الاجمال في كل ذرة من ذرات الوجود في كل شيء بحسبه و تستمد كلها من ذلك النور المخلوق اولاً بمقام اجماله و تفصيله و ظهر سرّ ذلك الاجمال و التفصيل في كل مبدء من مبادي الوجود كالعرش و الكرسي و الشمس و القمر و الانسان و مشاعره و هكذا.
و قدعرفت ان المخلوق الاول هو محمد و اهل بيته الطاهرون فهم في مقام الجمع رتبة واحدة و حقيقة واحدة كماقالوا: كلنا محمد و اولنا محمد و آخرنا محمد صلي اللّه عليهم و قال۹ انا الشجرة و علي اصلها و فاطمة فرعها و الائمة اغصانها و علومهم ثمرها و في مقام التفصيل و التشخيص و التمييز اثنيعشر فالنبي هو العرش و الوصي هو الكرسي المفصل في المنطقة باثنيعشر برجاً كمااشار اليه تعالي ملوحاً بقوله عزوجل و من قوم موسي امة يهدون بالحق و به يعدلون و قطعناهم اثنتيعشرة اسباطاً امماً الاية و قدقال النبي۹ كل ماكان في الامم الماضية و القرون السالفة يكون في هذه الامة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة حتي انهم لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه فافهم الاشارة بصريح العبارة.
ثم اعلم ان العدد علي قسمين تام و كامل فالاول هو الستة و الثاني هو السبعة و انما يقال لها العدد الكامل لكمال جمعه جميع مراتب الكمال فان
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۵ *»
الكمال العددي لايخلو اما انيكون من الفرد او من الزوج و مبدأ الفرد هو الثلثة و مبدأ الزوج هو الاربعة و ليس الواحد و الاثنان من الاعداد بل ليس لهما حكم في الايجاد بل لميخلقهما اللّه سبحانه فان الممكن يمتنع انيكون واحداً فلا حادث من حيث هو حادث الاّ و هو مثلث و لا حادث من حيث هو مقترن بالآخر الاّ و هو مربع و السبعة جامعة للمقامين فهي منتهي الكمالات و لايكمل الشيء في شئونه و اطواره الاّ بها و لذا اتفقوا علي انها العدد الكامل.
و قدعرفت ان كل شيء له مقامان مقام الاجمال و مقام التفصيل فكمال السبعة في التثنية فاذا ثنيت تكون اربعة عشر و لماكان محمد و اهل بيته الطاهرون هم الكاملون في جميع الاحوال و المراتب فظهر فيهم العدد الكامل بكمال مقامه الذي هو مقام المثني و لذا كانوا اربعة عشر و قدشرفه اللّه تعالي بذلك حيث قال و لقد آتيناك سبعاً من المثاني و القرآن العظيم و السبع المثاني هم الاربعة عشر المعصومون فظهروا بذلك يداً للّه تعالي لان اليد اربعة عشر فظهر اللّه سبحانه بهم للخلق فاشتق له اسم الوهاب الظاهر بالموهبة و العطية في التكوين و التشريع و هو اربعة عشر و الجواد الذي هو اربعة عشر فكانوا بكونهم مبدأ الخلق و مصدر ايجادهم وجهاً يتوجهون بهم الي اللّه كماقالوا نحن وجه اللّه و الوجه اربعة عشر.
و لماكانت الموجودات كلها امثلة ظهوراتهم و اشباح اطوارهم ظهر سرّ اربعة عشر في المبادي العالية الكاملة حكاية عن صفاتهم فكانت الصلوة التي هي اصل الشرايع و عمدتها علي ظهور اربعة عشر و اثنيعشر فالواجبات الفعلية في كل ركعة سبعة و النية هي روح العمل و هي في صقع غير صقع الافعال البدنية فلاتحسب معها و كل صلوة تثني فيها الركعة فتكمل اربعة عشر و الحمد سبع آيات تثني في كل صلوة لتمام اربعة عشر و السجود علي المواضع السبعة يثني لتمام اربعة عشر و التسبيحات الاربع تثلث لتمام الاثنيعشر و الذكر في الركوع يثلث و كذا في السجود لتمام الاثنيعشر و لا اله الاّ اللّه لتمام الاثنيعشر و الطواف اسبوعاً في الحج و العمرة لتمام الاربعة عشر و السعي في الحج و العمرة كذلك فان الحج لايتم الاّ بالعمرة مفردة كانت او متمتعاًبها و المنازل
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۶ *»
النورانية اربعة عشر و الحروف النورانية اربعة عشر و اذا نظرت الي عدد اسمائهم: بعد حذف المكرر تجدها سبعة و هي محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و جعفر و موسي و السبعة الثانية قدكررت و اصول القوي و المشاعر سبعة قدتكررت و هي العقل و النفس و الحواس الخمسة و بالجملة قدجعل اللّه سبحانه ائمتنا: مصدر كل خير و ينبوع كل حق بحيث لايتصور كمال في مرتبة من المراتب الاّ و تجده فيهم علي اكمل مايمكن و لذا قال۷ في الزيارة ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه فهذا جواب ماسألت عنه علي جهة الاجمال و اللّه ولي التوفيق.
قــال سلمه اللّه تعالي: و هل تسميتهم بالاسماء المعلومة من قبل انفسهم ام اللّه تعالي اختارها لهم و علي الثاني فما وجه ترجيحها علي ساير الاسماء.
اقــول: اعلم انهم: صفوة اللّه و نوره (نور اللّه خل) و ضياؤه و كل احوالهم في كل شئونات اطوارهم ترجع الي اللّه سبحانه اذ لامشية لهم الاّ مشية اللّه و لا ارادة لهم الاّ ارادة اللّه فاذا كان كذلك فلايختارون شيئاً الاّ مااختاره اللّه لهم و الاسماء ايضاً كذلك فاختار اللّه سبحانه لهم هذه الاسماء المباركة المقدسة التي ليس في عالم الكون و الوجود بذلك النظم و الترتيب و الاعتدال شيء من الاشياء كمادلت عليه الروايات المتكثرة مثل حديث اللوح الذي اتي به جبرئيل عن اللّه سبحانه مكتوب فيه جميع اسماء الائمة: علي مارواه جابر كمافي الكافي و في معانيالاخبار باسناده عن ابيعبداللّه۷ عن ابيه۷ قال كان رسولاللّه۹ ذات يوم جالساً و عنده علي و فاطمة و الحسن و الحسين: فقال و الذي بعثني بالحق بشيراً ماعلي وجه الارض خلق احب الي اللّه عزّوجلّ و لا اكرم عليه منا ان اللّه تبارك و تعالي شق لي اسماً من اسمائه فهو محمود و انا محمد و شق لك يا علي اسماً من اسمائه فهو العلي الاعلي و انت علي و شق لك يا حسن
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۷ *»
اسماً من اسمائه فهو المحسن و انت حسن و شق لك يا حسين اسماً من اسمائه فهو ذوالاحسان و انت حسين و شق لك يا فاطمة اسماً من اسمائه فهو الفاطر و انت فاطمة الحديث و الاخبار في هذا الباب كثيرة.
و اما وجه ترجيح هذه الاسماء فاعلم ان لهم: سبعة اسماء كماذكرنا و الباقي مكرر منها و انما جعلها سبعة لبيان انهم: اول اصل نشأ في الوجود في الخلق الاول فان مبدأ الوجود متحصل من الشكل المثلث و الشكل المربع كماذكرنا و هم: الخلق الاول فظهرت ايام الاسبوع حاكية عن شأنهم و معلنة بالثناء عليهم فالسبت رسولاللّه۹ لانه الكامل المطلق و النقطة التي يدور عليها الكون و الوجود و الاحد هو علي۷لانه المبدء و الالف الظاهر من النقطة و مقام الظهور التفصيلي و لذا ورد ان في الاحد ابتدأ اللّه في خلق العالم و كوكبه الشمس و هي طبع الذكر و الاثنين فاطمة۳لانها الزوجة فتقارن الاحد و كوكبه القمر و طبعه البرودة و الرطوبة طبع الانثي و الصورة منتسبة اليه كما ان المادة الي الشمس كالاب و الام فافهم و الثلثاء الحسن۷ اذ به۷حصل التثليث و اليه ينسب حقيقة الشكل المثلث و لذا اثر تأثيره من الافناء و عدم الايتلاف و الاربعاء الحسين۷ لان به۷ تمام التربيع و به ظهر الدين و وقع الايتلاف كماهو تأثير الشكل المربع و كوكبه عطارد و الخميس جعفر۷ لان به۷ ظهرت المقامات الخمسة في مراتب التوحيد و اظهر۷ سر الهاء لكمال التجريد و كوكبه المشتري (و خل) مصدر العلم و ينبوعه و الجمعة موسي۷ لاجتماع العلل و الاسباب التي بها قوام نظام الخلق في مقام الخلط و اللطخ و اظهار الامور في مستجنات الغيوب و هؤلاء هي الايام التي في الحديث لاتعادوا الايام فتعاديكم.
و ظهر سرّ هذه السبعة في الحمد و لذا كان ثلاثياً في الصورة و رباعياً في المادة فان مادة الحمد هي الدال بالتكرير و التضعيف فظهرت التفاصيل في الآيات فكانت آيات سورة الحمد سبعة و هو قوله تعالي و لقدآتيناك سبعاً من
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۸ *»
المثاني و القرآن العظيم و لماكانت سورة الحمد مبدأ الكتاب التدويني و هو طبق الكتاب التكويني وجب انيكون مبدأ الكتاب التكويني الذي هو العالم الاكبر سبعة قدثنيت لتمام اربعة عشر و لماكانت الاسماء صفات المسمي و يشترط بينهما التطابق وجب انتكون الاسماء ايضاً سبعة قدكررت في سبعة و لماكان محمد و اهلبيته: هم المبدأ خلقهم اللّه سبحانه قبل الخلق وجب انتكون اسماؤهم المطابقة لمسمياتها سبعة (السبعة خل) كماذكرنا فافهم.
اما رسولاللّه۹ فاسمه۹ في القرآن محمد۹ و في التورية و الانجيل احمد و في الزبور ماحي لانه۹ يمحو الكفر و يثبت الاسلام و الايمان و في القيمة حاشر لان الناس يحشرون بين يديه و قدميه و الموقف لانه۹ يوقف الخلق في الموقف بين يدي اللّه عزّوجلّ و العاقب لانه عقب النبيين لكونه اول الخلق اجمعين و المقفي لانه قفي النبيين جماعة و القيم الكامل الجامع و هو ظاهر في معانيالاخبار عن الحسن بن علي بن ابيطالب۸ قال جاء نفر من اليهود الي رسولاللّه۹ فسأله فقال له لاي شيء سميت محمداً و احمد و اباالقاسم و بشيراً و نذيراً و داعياً فقال۹ اما محمد فاني محمود في الارض و اما احمد فاني محمود في السماء و اما ابوالقاسم فان اللّه عزّوجلّ يقسم يوم القيمة قسمة النار فمن كفر بي من الاولين و الآخرين ففي النار و يقسم قسمة الجنة فمن آمن بي و اقرّ بنبوتي ففي الجنة و اما الداعي فاني ادعو الناس الي دين ربي عزّوجلّ و اما النذير فاني انذر بالنار من عصاني و اما البشير فاني ابشر بالجنة من اطاعني انتهي.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۱۹ *»
و اما الوجه الحقيقي الباطني الذي هو الاصل فهو سر غامض و انما اشير اليه اشارة اجمالية لينتفع به العارف الفطن اعلم انا قداشرنا الي ان الكتاب التدويني طبق الكتاب التكويني بل شرح و صفة له علي كمال المطابقة و الموافقة و رسولاللّه۹ هو المبدأ و الاصل في العالم التكويني و جميع آثار الربوبية و الشئونات الالهية كلها قدظهرت منه۹ فيجب انيستنطق اسمه المبارك من مبدأ الكتاب التدويني و مبدؤه البسملة ثم الحمد فاذا عددت حروف البسملة تكون تسعة عشر فيستنطق منها الواحد الذي هو اول ظهور الاحد و مقام القيومية في الاكوان الوجودية و الواحد له من الحروف الالف و هو في مقام المبدأ واحد و اذا لوحظ التعلق يجب التكرار فيحصل الباء لفظاً و معني و الباء اذا كررت يظهر منها الدال و الدال اذا كررت يظهر منها الحاء و الحاء اذا كررت خمس مرّات يظهر منها الميم و هو تمام الحمد فاذا زادوا الاصل الواحد الذي هو الالف الذي ظهرت هذه الحروف من تكرارها ظهر الاسم المبارك احمد۹ و هو اسمه الشريف في السماء لكونه اقرب الي المبدأ و اذا لاحظوا مقام النبوة و مقام الظهور في المقامات الخلقية زادوا الميم في الاول و شددوا الميم في الثاني لبيان نسبة تقدم وجوده۹ علي وجود علي۷ مع انهما في مقام واحد و رتبة واحدة و كان ذلك ثمانين الف سنة كمافي رواية جابر ان اول ماخلق اللّه نور نبيك يا جابر كان يطوف حول جلال القدرة ثمانين الف سنة فاذا وصل الي جلال العظمة خلق فيه نور علي۷ فكان نوري يطوف حول جلال العظمة و نور علي يطوف حول جلال القدرة و علي۷ هو حامل لواء الحمد فافهم راشداً.([۳])
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۰ *»
و اما اميرالمؤمنين۷ فله روحي فداؤه (فداه خل) اسماء كثيرة عجيبة غريبة نشير الي نبذة منها فاسمه الشريف في الانجيل اليا و في التورية بري اي بريء من الشرك و كل نقص و دنس لانه وجه اللّه و قدطهره اللّه سبحانه عن كل مالايليق بجناب قدسه و عند الكهنة بوي من يبوأ مكاناً و بوأ غيره مكاناً و هو الذي يبوئ اهل الجنة منازلهم و امكنتهم و يبطل الباطل و يفسده و في الزبور اري و هو السبع الذي يدق العظم و يفترس اللحم و عند الهند كبكر و هو الذي اذا اراد شيئاً لج فيه فلميفارقه حتي يبلغه و عند الروم بطرسيا و هو مختلس الارواح و عند الفرس حبير و هو البازي الذي يصطاد و عند الترك ثبير و هو النمر الذي اذا وضع مخلبه في شيء هتكه و عند الزنج حيثر (حثير خل) و هو الذي يقطع الاوصال و عند الحبشة ثريك و هو المدبر علي كل شيء اتي عليه و عند امه۷ حيدر و هو الحازمالرأي الخبير النظار في دقايق الاشياء و عند ظئره۷ ميمون و روي في معانيالاخبار عن جابر عن محمد بن علي۸ قال كانت ظئر علي۷ التي ارضعته امرأة من بنيهلال خلفته في خبائها و معه اخ له من الرضاعة و كان اكبر منه سناً بسنة الاّ اياماً و كان عند الخباء قليب فمر الصبي نحو القليب و نكس رأسه فيه فخبا (فجاء خل) علي۷ خلفه فتعلقت رجل علي۷ بطنب الخيمة فجري الحبل حتي اتي علي اخيه و تعلق بفرد قدميه و فرد يديه اما اليد ففي فيه و اما الرجل ففي يده فجاءته امه فادركته فنادت يا للحي يا للحي يا للحي من غلام ميمون امسك علي ولدي فاخذوا الطفل من رأس القليب و هم يعجبون من قوته علي صباه و لتعلق رجله بالطنب و لجره الطفل حتي ادركوه فسمته امه ميموناً اي مباركاً فكان الغلام يعرف بمعلق ميمون و ولده الي اليوم.
و عند الارمن اسمه فريق و هو الجسور الذي يهابه الناس و عند ابيه۷ ظهير و كان ابوه يجمع ولده و ولد اخوته ثم يأمرهم بالصراع و ذلك خلق في العرب و كان علي۷ يصارع كبار اخوته و صغارهم و كبار بنيعمه و صغارهم فيصرعهم و هو۷ طفل فيقول ابوه ظهر علي۷ فسماه ظهيراً و عند
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۱ *»
العرب اسمه علي.
قال جابر اختلف الناس من اهل المعرفة لم سمي علي علياً فقالت طائفة لميسم احد من ولد ادم قبله بهذا الاسم في العرب و لا في العجم الاّ انيكون الرجل من العرب يقول ابني هذا علي يريد من العلو لا انه اسمه و انما تسمي الناس به بعده و في وقته و قالت طائفة سمي علياً لعلوه علي كل من بارزه و قالت طائفة سمي علياً لان داره في الجنان تعلو حتي تحاذي منازل الانبياء و ليس نبي يعلو منزلته منزلة غيره و قالت طائفة سمي علياً لانه علا علي ظهر رسولاللّه۹ بقدميه طاعة للّه عزّوجلّ و لميعل احد علي ظهر نبي غيره عند حط الاصنام من سطح مكة و قالت طائفة انما سمي علياً لانه زوج في اعلي السموات و لميزوج احد من خلق اللّه في ذلك الموضع و قالت طائفة انما سمي علياً لانه اعلي الناس علماً بعد رسولاللّه۹ هـ
اقول و الوجوه كلها تصح و الوجه الحقيقي في الظاهر هو الذي روت فاطمة بنت اسد في حديث طويل الي ان قالت فلما اردت اناخرج هتف بي هاتف يا فاطمة سميه علياً فهو علي و اللّه العلي الاعلي يقول اني شققت اسمه من اسمي و ادبته بادبي و اوقفته علي غامض علمي و هو الذي يكسر الاصنام في بيتي و هو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي و يقدسني و يمجدني فطوبي لمن احبه و اطاعه و ويل لمن ابغضه و عصاه.
و اما الوجه الباطني في سبب التسمية فامور كثيرة هي من غامض العلوم و السر المكتوم و نحن نشير الي وجه منه لينتفع به اهله فاعلم انه قددلت الادلة القطعية ان علياً۷ هو حامل لواء الحمد و الظاهر بالولاية المطلقة و الهيمنة التامة و هو محل مشية اللّه و ارادته و لسان وحيه و ترجمان امره بل هو امره و الباب الذي ظهرت فيه آثار الربوبية التي تصل الي المخلوقين فهو۷ جامع لشئونات المشية التي هي عالم الامر و اطوار الخلق لانه الواقف علي الطتنجين و البرزخ بين العالمين و لماكانت الاسماء بينها و بين معانيها مناسبة ذاتية كمادلت عليه الادلة القطعية من العقلية و النقلية وجب انتكون تلك الاطوار و الاحوال ظاهرة في الاسم و لماكان عالم الامر يعبر عنه بكلمة
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۲ *»
كـن كماقال تعالي انما امره اذا اراد شيئاً انيقول له كن و هي في العدد سبعون و استنطاقه عين وجب انتكون مبدأ اسمه الشريف لان عالم الامر هو مبدأ الوجود الامري و الكوني و لماكان عالم الخلق يتم بالقابل و المقبول و مراتب القابلية ثلثون و مراتب المقبول عشرة و هو قوله تعالي و واعدنا موسي ثلثين ليلة و هي القابلية و اتممناها بعشر و هي المقبول فتم ميقات ربه اربعين ليلة و لماكان مقام علي۷ مقام التفصيل كماكان مقام النبي۹ مقام الاجمال و كان استنطاق الثلثين اللام و استنطاق العشرة الياء و استنطاق المجموع الميم وجب انيكون اللام و الياء بعد العين في آخر اسمه الشريف۷ فاذا اجتمعت الحروف علي هذا الترتيب يستنطق الاسم المبارك علي۷ و جعلت الميم في مبدأ اسم النبي۹ لان مقامه الاجمال فافهم و له وجوه كثيرة اخري طويتها خوفاً من فرعون و ملائه.
و اما الصديقة الطاهرة علي ابيها و بعلها و بنيها آلاف السلام و الثناء فان لها اسامي كثيرة و اشهرها عشرة اسماء و اصلها فاطمة سميت بها لان اللّه فطمها و فطم محبها عن النار و لانها اشتقت من اسم اللّه فاطر السموات و الارض.
و اما الوجه الباطني الحقيقي فاعلم ان الائمة الطاهرين: اول خلق اللّه سبحانه خلقهم اللّه سبحانه و كانوا يسبحونه و يقدسونه في ظل عرشه و لميكن خلق فبعد الف دهر و كل دهر مائة الف سنة خلق سبحانه ارواح الانبياء فهم: اصل واحد و بينهم اختلاف في الشرف و الرتبة فكان رسولاللّه۹ فخرهم و سيدهم و علي۷ اميرهم و رئيسهم و الحسن و الحسين۸سيدي شباب اهل الجنة و القائم الحجة المنتظر عجل اللّه فرجه افضل الثمانية لانه تاسعهم و هو قائمهم افضلهم كمادلت عليه الاخبار و الائمة الثمانية: في الرتبة سواء لعدم ورود شيء يدل علي التفاوت في اخبارهم و عدم اهتداء العقل الي معارج مقاماتهم ليعرفها.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۳ *»
و اما الصديقة الطاهرة۳ فهي بعدهم و آخرهم و لذا كانت وعاءهم و محل ظهور اشباحهم و هي الكلمة التامة الجامعة للحروف و الالف و النقطة و لماكانت الالفاظ و المعاني بينهما مناسبة ذاتية وجب انتكون ذلك المعني ظاهراً في اسمها المبارك و لماكانت الآحاد هي اصول الاعداد و هي كلها تقومت بها كما ان الائمة: اصول الخلق و هم كلهم تقوموا بهم: و التسعة هي آخر الآحاد و محل ظهورات كل مراتبها الحاصلة من ظهور الواحد في الاثنين و استنطاقها الطاء وجب انيكون اسمها الشريف الطاء ولكن لماكان كمال كل حرف انيجتمع معها الكمالان الكمال الظهوري و الشعوري و نظروا الي كمالي الطاء وجدوهما الـ «فا» و «مه» فضموهما بها فقالوا فاطمة و بيان الاجتماع ان الكمال الظهوري لكل عدد و حرف انتزيد عليه الواحد ثم تضربه في النصف الاول فالحاصل هو الكمال الظهوري و الكمال الشعوري هو مجموع الكمال الظهوري لذلك العدد و للعدد الذي هو قبله كالطاء فانك اذا اضفت اليها الواحد كان عشرة و اذا ضربت العشرة في نصف التسعة كان استنطاق اسم ادم اي خمسة و اربعين فاستنطاقه يكون مه و اذا اضفت الواحد علي الحاء اي الثمانية و ضربته علي نصفها اي الاربعة كانت ستة و ثلثين و مجموع الكمالين يكون واحداً و ثمانين و استنطاقه فا فاجعل الطاء التي هي الاصل في الوسط کالقطب و اجعل علي يمينها الكمال الشعوري و هو فا و علي يسارها الكمال الظهوري و هو مه فيتم اسم فاطمة۳ و من هذه الدقيقة الشريفة التي بينّاها مااتفق مثل هذا الاسم ابداً في اسم من الاسماء لان هذه الرتبة لمتتفق لاحد من افراد الموجودات صلي اللّه عليها و علي ابيها و بعلها و بنيها.
و اما مولينا و سيدنا الحسن۷ سمي به لكونه في العربي اسم ولد هرون بالسريانية و لماكان علي من محمد صلي اللّه عليهما بمنزلة هارون من موسي ناسب انيكون ولداه۸بمنزلة ولدي هرون
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۴ *»
و كان اسمهما شبر و شبير فصار اسم ولدي علي: الحسن و الحسين عليهماالسلام و لكونه۷ اشتق من اسم الله المحسن.
و اما الوجه الحقيقي الباطني فاعلم ان الحسن۷ لماكان من حملة العرش كماروي عنهم: ان الحملة ثمانية اربعة من الاولين و هم نوح و ابراهيم و موسي و عيسي و اربعة من الآخرين و هم محمد و علي و الحسن و الحسين: و كان۷ سبط محمد۹ و ابن علي۷ و هو اول مقام التفصيل و التكرير فوضع له۷ اسماً يجمع هذه المعاني كلها ليكون مجرد اسمه الشريف دليلاً علي نسبه و حسبه و فخره و انه اولي الخلق بابيه الطاهر الطيب صلي اللّه عليهما فجعل الحاء للاشارة الي انه من حملة العرش و السين للاشارة الي انه الرتبة الثانية من الولاية المطلقة و الولاية هي القمر و سيره ثلثون يوماً و لذا جعل اللام في علي۷ و السين للحسن۷ لانها تكرير اللام و لذا كان انزل مرتبة من ابيه قال۷ و ابوهما خير منهما و ظهور القابليات بالولي و هي ثلثون فاذا كرر الثلثون يكون ستين و جعل النون في اسمه الشريف للاشارة الي انه من محمد۹ فان النون بينات الميم و انما ذكر البينات دون الزبر للاشارة الي ان جهة الولاية فيه اقوي لكونها ميراثاً من ابيه و تلك النسبة من جهة الام و هي الصفة كما ان البينات صفة للزبر فكان اسمه الشريف دالاً علي انه من حملة العرش و ابن علي الولي و سبط محمد النبي صلي اللّه عليهم اجمعين فافهم راشداً و اشرب صافياً.
و اما مولينا الحسين جعلني اللّه فداه (فداءه خل) و عليه الصلوة و السلام سمي به لماذكر في اخيه الطاهر۸في الظاهر و الباطن الاّ انه زيد الياء بعد السين لبيان ان الائمة العشرة هو۷ و التسعة من ذريته: و لميكن ذلك في الحسن۷ و انما زيدت قبل النون لبيان ان الائمة: من فروع الولاية من اولاد علي۷ لانه۷ اصل للولاية الظاهرة في الخلق و لوجوه اخر يطول بذكرها الكلام.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۵ *»
و اما مولينا و سيدنا جعفر بن محمد۸ سمي به لانه۷ اظهر الدين و معالم التنزيل و التشريع و التكوين فاظهر جلال اللّه و عظمته و قهره و سلطانه و انه مقدس عن كل الصفات الامكانية و اظهر علمه سبحانه في ذاته و بخلقه و سعة احاطة علمه بالاشياء و سلوكه مع خلقه علي مقتضي علمه و هو باب غامض اسراره كثيرة و مبدء العلوم منه و اصل علم اصول الفقه و اغلب العلوم من معرفة سلوكه مع خلقه علي مقتضي علمه و هذه المعرفة ماظهرت مشروحة مبينة الاّ به۷ و اظهر كيفية خلقه تعالي للاشياء و تسويته و تقديره و قضائه و امضائه حتي ظهر انه تعالي فاطر السموات و الارض و اظهر۷ رأفته و رحمته و حلمه و لطفه و كيفية رزقه للاشياء و استمداد الاشياء منه فاظهر للخلق الاسماء الاربعة الالهية التي تدور عليه جميع احوال الامكان في التكوين و التشريع و الذوات و الصفات و الالفاظ و العبارات في كل الشئون و الاعتبارات و هو اسم الجليل العالم الفاطر الرازق و هذه الاسماء مترتبة في الوجود فالجليل اول و يترتب عليه العالم و يترتب عليهما الفاطر و يترتب عليها الرازق ثم ان هذه الاسماء لها ظهورات في ثلثة عوالم اولاً ثم يفصل في سبعين عالماً ثم في الثمانين ثم في المأتين فالاول عالم الجبروت و الملكوت و الملك و يفصل هذا الي عشرة عوالم في سبع مراتب العقل و الروح و النفس و الطبيعة و المادة و المثال و الجسم و في الكل عشرة اشياء القلب و الصدر و العقل و العلم و الوهم و الوجود و الخيال و الفكر و الحيوة و الجسد و هو تمام السبعين و الثالث لان مراتب الوجود اربعون ففي الغيب و الشهادة يكون ثمانين لانه موجود بتلك العشرة المقدمة في اربعة ادوار دور العناصر و دور المعادن و دور النبات و دور الحيوان و الرابع ملاحظة نسبة العشرة بعضها مع بعض الحاصل بالتجذير فيكون مائة في مقامين و عالمين عالم الاجمال و عالم التفصيل و اسرار هذه المراتب و ظهور تلك الاسماء فيها و ان كانت ظهرت بكلهم: كماقال الحجة۷ فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الاّ انت الاّ ان في
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۶ *»
مولينا الصادق۷ اظهر و ابين و اولي فاختص في الاسم بمايدل علي تلك المعاني فجعل الجيم اولاً للاشارة الي اسم الجلال و الجليل في العوالم الثلثة المتقدمة و العين ثانياً للاشارة الي ظهور الاسم العالم و العوالم السبعين و الفاء للاشارة الي اسم اللّه الفاطر و العوالم الثمانين و الراء للاشارة الي اسم اللّه الرازق و العوالم المائتين و هنا امور عجيبة تركت ذكرها لان مرادنا مجرد الاشارة الي وجه التسمية لا التطويل في العبارة فافهم.
و اما مولينا و سيدنا الامام موسي بن جعفر۸ سمي به لانه۷ اول مخفي مكتوم بعد الظهور و البروز حفظاً للدين و تعفيناً لنضج طبيعة العالم فجعل في مبدأ اسمه۷ الميم لبيان انه۷ اول مقام الاختفاء لان الميم مقامه الاجمال و الابهام بالنسبة الي اللام و هي شفوية و ليست من الحروف المجهورة ثم الواو الساكنة التي هي من حروف اللين و ليس لها مخرج اشارة الي تأكد الخفاء بحيث لايذكر كماكان في زمانه۷ كما في الكافي ثم السين و هي و ان كانت مما له المخرج (مخرج خل) لكنه من الحروف المهموسة المخفية لاثبات وجوده۷ علي جهة الخفاء و ظهور بعض الظهور حتي لايهلك الشيعة ثم الالف التي قدقلبت عن الياء اشارة الي تأكد الخفاء و الكتمان و التقية فهنا حرفان يدلان علي الظهور علي نهج الخفاء و حرفان تدلان علي شدة الخفاء و تأكدها لكنه سبحانه ماقارن بين الخفائين و لا بين الظهورين فان الظهور حرارة و الخفاء برودة و المزج يدل علي التعفين و خفاء اثر البرودة عند ظهور الحرارة و خفاء اثر الحرارة عند ظهور البرودة و هو التعفين المطلوب لنضج طبيعة العالم.
و من اللطايف انه قدظهرت في هذا الاسم الشريف كل حروف اللين المشار بها الي الخفاء الذي هو مبدأ الظهور فالواو و الالف مذكورتان صريحاً و الياء ضمناً و اشارة و تلويحاً ففي الميم و الواو ضم و سكون و في السين و الياء او الالف كلام مشوب بالخفاء و عدم الظهور و في المجموع شرح حال الامام الطاهر المعصوم۷
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۷ *»
و هذا الذي ذكرنا لك هو بعض وجه الترجيح فقدذكرت لك مالمتذكره العلماء و لمتنله ايدي الحكماء و مااخفيت اكثر و لا حول و لا قوة الاّ باللّه.
و قدبقي لك السؤال عن سبب تكرير الخاص اذ قدكرّر محمد۹ اربع مرات و كذلك علي۷ و الحسن مرتين و الباقي لا تكرير فيه و هو امر صعب بعيدالمنال و تحتاج (يحتاج خل) لبيانه الي بسط في المقال و ليس لي الان ذلك المجال ولكني اشير اليه اشارة اجمالية و هي انه اعلم ان محمداً مادته التربيع لانه۹نور الانوار و النور الذي منه نورت الانوار فهو مبدأ الايجاد و علة الانوجاد و به حصل التأليف لان مقامه التربيع فالمثلث ظهر في اللّه الرحمن الرحيم و التربيع ظهر في الحمد لان مادته الدال و هي اربعة قدكررت فكان ثمانية و هي الحاء و هي قدكررت خمس مرات فكانت اربعين و هي الميم فكل حروف الاسم الاقدس مربع و صورته ايضاً مربعة فيجب انيكرر كمايقتضيه (تقتضيه خل) كينونته فتكرر اربع مرات.
و اما علي۷ فله وجهان احدهما كونه نفس محمد صلي اللّه عليهما كماقال تعالي و انفسنا و قال النبي۹ انت نفسي التي بين جنبي فيكون حكمهما واحداً في جميع (كل خل) الاحوال المشتركة فيجري ذلك ايضاً في تكرير الاسم فيكون التكرير اربع مرات و ثانيهما كونه۷ ظاهراً بالولاية و لذا كان اسمه ثلاثياً في مقابلة اللّه الرحمن الرحيم لكن الولاية ظهرت علي العرش و له اربع اركان النور الاحمر و النور الاخضر و النور الاصفر و النور الابيض و له۷ ظهور في كل هذه المراتب فيجب انيكرر اسمه المبارك اربع مرات ليكون مع ذلك اشارة الي تمام الاثنيعشر الظاهر منه بملاحظة الاربعة في الثلاثة الظاهرة في اسمه الشريف و اما الحسن۷ فمن جهة السين و النون اللتين تدلان علي التكرير و التفصيل مرة واحدة فوجب انيكون في المسمي كذلك لكمال المناسبة و اما باقي الاسماء المباركة فلاينبغي التكرار فيها اما فاطمة۳فلانها آخر الاصل الاول فلايجتمع
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۸ *»
معها غيرها و اما الحسين۷ فلانه الاصل الاول في المقام الثاني و هو الفجر اظهر الدين المطلق و الايمان اشد الاظهار لا بالغلبة و القهر و انما هو بالخضوع و المسكنة و ذلك اظهار بلسان الكينونة و الحال لا بلسان المقال مثله فهو۷ متفرد في هذه الصفة و سبق الكل في هذا الميدان و لذا كان۷سيدالشهداء روحي له الفداء و كانت الشهداء كلهم من ذريته حتي محمد و علي صلي اللّه عليهما و آلهما و قدورد في تفسير قوله تعالي و وصينا الانسان بوالديه احساناً, ان الانسان هو رسولاللّه۹ و والداه الحسن و الحسين۸ و اما جعفر۷ فانه متفرد بالاظهار بالبيان المقالي و ان كان الباقر۷ كذلك الاّ انه متمم له و كاشف عنه فظهرت الآثار و تممت فيه و لذا اختص بهذا الاسم المبارك من دون تكرير و تشريك و اما موسي۷ فلانه۷مبدأ الخفاء و اصله و لميكن له ظهور الاّ عند خواص شيعته كمايشهد به اسمه الطاهر و اما الرضا۷ فقدظهر امره و انتشر خبره و ذكره و سطع نوره و ان كان جزئياً و كذلك باقي الائمة بانتسابهم الي الرضا۷ و لذا كانوا يكنون بابنالرضا و اما مولينا الكاظم۷ فقدبقي في الحبس الظاهر اربع سنين (فقتل خل) حتي قتل۷ فيه لعن اللّه قاتله.
و اما خصوص الالقاب و الكني فلظهور صفة من الصفات و غلبة ظهورها علي غيرها فاذا اردت ذلك في الظاهر فانظر كتاب معانيالاخبار و عللالشرايع تجد الامر واضحاً انشاءاللّه.
و اما سرّ الباطن فهو و ان كان مذكوراً في تلك الاحاديث لكنه سر مقنع بالسر يهتدي اليه من اراد اللّه و اللّه ولي التوفيق و انما اطلت الكلام في هذا المقام لان هذا امر كثيراًما كان يختلج ببال الناس و ماكانوا يدرون الوجه و السبب في ذلك فاشرت اليه بالاشارة الظاهرية و الباطنية ليعلم كل اناس مشربهم و لينال كل احد مطلبهم.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۲۹ *»
قــال سلمه اللّه تعالي: و لم ان النبي۹ قبل من النصاري الجزية و اقرّهم علي دينهم و هو قادر اما علي اسلامهم او (علی خل) قتلهم فلهم انيعتذروا يوم القيمة بانا (قد خل) اطعنا نبيك فلم تعذّبنا.
اقــول: قددلّت الادلة العقلية و النقلية علي ان اللّه سبحانه لميجبر الخلق و لميلجئ احداً في التكليف و امتثال الامر و النهي كماقال تعالي لا اكراه في الدين قدتبين الرشد من الغي فالنبي۹ لايخالفه تعالي لانه لاينطق عن الهوي و حكمه حكم اللّه و امره امره (امر الله خل) فلايرتكب ماهو قبيح علي اللّه انيعامل مع مخلوقاته فاذا كان كذلك فلو الجأهم۹علي الاسلام او قتلهم يلزم منه محذورات كثيرة نذكر بعضاً منها و هو انهم لو علموا بانه لا محيص لهم عن القتل كانوا يؤمنون و يسلمون من غير تصديق قلبي و اعتقاد ثابت راسخ و ربما يكون الاعتقاد بالعكس كمااخبر اللّه سبحانه عنهم بقوله تعالي اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول اللّه و اللّه يعلم انك لرسوله و اللّه يشهد ان المنافقين لكاذبون ولكنهم لايقدرون علي اظهار بواطنهم و سرايرهم فاذا ماتوا لايجوز في الحكمة انيدخلهم اللّه الجنة و لا النار و لا الاعراف و لا الحظاير.
اما الجنة فانها دار طيبة طاهرة من كل دنس و رجس و هؤلاء بواطنهم نجسة فلايصح في الحكمة و العدل و لا الفضل انيجعل النجس المطلق في مكان نظيف طاهر و التنظيف لايكون الاّ بقلب الحقايق اذن لميكونوا اياهم بل غيرهم هف.
و اما النار فانهم آمنوا في الظاهر و قبلوا و اسلموا و اطاعوا بجوارحهم الظاهرة و لميظهر منهم ماينافي الاسلام ليخرجهم عنه فاذا ادخلهم اللّه النار لكان لهم حجة علي اللّه و لهم انيقولوا يا ربنا لم تدخلنا النار و قداطعنا نبيك و عملنا بماامر و انتهينا بمانهي و يشهد لهم المؤمنون و الملائكة الكرام الكاتبون و الحفظة و اللّه سبحانه لايعامل مع الخلق بعلمه لماذكرنا سابقاً
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۰ *»
اذن لا حاجة الي بعث الانبياء و الرسل لانه يعلم المصلح من المفسد و هو سبحانه يقول لئلايكون للناس علي اللّه حجة بعد الرسل.
و اما الاعراف فلان المفروض انهم ليسوا بجهال و المستضعفين بل انما هم عرفوا و عاندوا باطناً و اقروا ظاهراً و في الاعراف تفصيل.
و اما الحظاير فانها توابع الجنة او النار و حكمها كاصلها مع ان حظاير الجنة لايدخلها الاّ ثلثة مؤمنوا الجن و اولاد الزنا ان كانوا صالحين مؤمنين و المجانين الذين استوعبت ايام تكليفهم كلها بالجنون و المفروض انهم ليسوا من هؤلاء الثلثة.
و اما حظاير النار فيدخلها كفار الجن و العصاة من الشيعة المخلصين و لا دار في الآخرة غير ماذكرنا حتي يكون محل (مکان خل) اولئك المنافقين الذين اظهروا الاسلام و ابطنوا الكفر فيجب علي النبي۹ ان لايجبرهم علي الاسلام و لايلجأهم اليها ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و اما قتلهم عن آخرهم فلايصح اذا قالوا لا اله الاّ اللّه محمد رسولاللّه۹ بظاهر اللسان لان النبي۹ يقاتل الخلق بالتنزيل لا بالتأويل و له حكم الظاهر و لو ترك المقرين باللسان و قتل الآخرين يلزم المفسدة المذكورة و يلزم ايضاً قطع الفيض عن النطف الطيبة التي في اصلابهم اما بالاصالة او بالاسباب و المعدات و الشرايط و اللوازم و امثالها من علل الوجود و لو تركهم علي حالهم و لميأخذ منهم الجزية لماعلت كلمة الاسلام و المراد اعلاء كلمته من غير الجاء فضرب۹ عليهم الجزية و جعلهم اذلاّء صاغرين كماقال تعالي حتي يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون حتي لايمكنهم المعاندة و المكابرة و الفساد لكمال ذلتهم و حتي يرسخ في قلوبهم الايمان و الاسلام و يثبت ذلك عندهم لانيؤمنوا و يسلموا او يكون اثبت في اشتداد العذاب عليهم و ذلك لاتمام النعمة و اكمال الحجة عليهم لانهم اهل الكتاب و الانسان له حالات بحسب الاقران و الاوقات و الازمان و الاماكن و قديكون اخذتهم المعصية و الحمية في ذلك الوقت فانكروا و بعد
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۱ *»
حين يراجعون كتبهم و زبرهم و الكتب السماوية لعلهم يرجعون و لعلهم يهتدون لان عندهم علامات النبوة و آثارها و يعرفونها في كتبهم السماوية التي نزلت عليهم فمن آمن منهم فاهتدي و من لميؤمن فهلك فاذا كان يوم القيمة يدخلون النار داخرين و ليس لهم انيقولوا انا اطعنا نبيك لان النبي۹انما اتي بنسخ شريعتهم لا بابقاء شريعتهم فطاعة النبي۹ بتبعية شريعته۹ فحيث لميؤمنوا و لميسلموا بالنبي۹ ليس علي النبي۹ اكراههم كماقال تعالي خطاباً لنبيه۹ أفانت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين فآمن به من آمن و كفر به من كفر قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ولكن لماكان الجاؤهم الي الايمان قبيحاً كقتلهم عن آخرهم و تركهم فيه فساد ضرب عليهم الجزية ليكفّ شرهم عن المسلمين و ليس انه۹ رضي دينهم حتي يقولوا انا اطعنا نبيك ثم انهم مااطاعوه في ذلك و انما هو لرغم آنافهم لا من جهة رضائهم و ذلك لايقال له طاعة و لو فرضنا الطاعة فهذه الطاعة لاينجيهم في الآخرة و انما ينجيهم في الدنيا اذا وفوا بها و قددلت الاخبار ان القائم۷اذا ظهر عجل اللّه فرجه ترفع الجزية و ليس لهم الاّ الايمان عن الاخلاص او القتل لان النطف ظهرت و الاصلاب من الطرفين خلصت و الذي ينفع في الآخرة طاعته۹ في دينه كماقال تعالي و لايشفعون الاّ لمن ارتضي اي من ارتضي دينه و لايجري ذلك في حقهم و ذلك ظاهر ان شاء اللّه تعالي.
قــال سلمه الله تعالي: و ما معني قوله تعالي و لن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلاً مع انا نري ان الكفار و المنافقين هم اصحاب السبيل في دار الدنيا.
اقــول: اعلم ان زخرف الدنيا و زهرتها و راحتها و عزتها ليست كمالاً عند اللّه سبحانه و عند انبيائه و حججه و العارفين الكاملين من عباده و يكفيك في
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۲ *»
ذلك قوله تعالي و لولا انيكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة و معارج عليها يظهرون و لبيوتهم ابواباً و سرراً عليها يتكئون و زخرفاً و ان كل ذلك لما متاع الحيوة الدنيا و الآخرة عند ربك للمتقين و قال تعالي و اضرب لهم مثل الحيوة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيماً تذروه الرياح و عنهم:لو ان الدنيا كان لها عند اللّه قدراً (قدر خل) مقدار جناح البعوضة لماسقي الكافر منها شربة ماء و قال عزوجل و لايحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثماً و لهم عذاب مهين.
فليس الاعتناء الي الدنيا و زخرفها و زبرجها و تسلطها بل المؤمن يتنزه عنها (منها خل) كماكان شأن الانبياء خاصة نبينا۹ و (علي (ع) خل) وصيه۷ و كذلك كبار الصحابة كسلمان و اضرابه و انما الاعتناء و الافتخار بالعلم الموصل الي اللّه سبحانه و الي رضاه و قربه كماقال اميرالمؤمنين۷ :
رضينا قسمة الجبار فينا | لنا علم و للاعداء مال | |
فان المال يفني عن قريب | و ان العلم باق لايزال |
فاذا كان كذلك فان اللّه سبحانه يمدّ المؤمن بالعلم و المعرفة و البصيرة في دينه و ايمانه و كيفية سلوكه مع اللّه سبحانه بحيث يطمئن قلبه و ينشرح صدره و يستريح فلايؤلمه (فلاتؤلمه خل) الآلام الدنيوية و لايلتذ بزخاريفها (بزخارفها خل) و كثافتها و ليس للكافر تلك البصيرة و المعرفة و العلم و ان كان يتسمي به و يتكلف في العلم فلايمكنه الاحتجاج مع المؤمن و غلبته في امر الدين و الآخرة و ليس له علي المؤمن سبيل بوجه ليفسد عليه ما مـنّ اللّه به عليه من نور الايمان و المعرفة و لذا لمتجد احداً من الشيعة احتج مع المخالفين الاّ و قدظهر عليه و استولي و هو قوله تعالي فمن يرد اللّه انيهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد انيضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كانما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علي الذين لايؤمنون و هذا صراط ربك مستقيماً و الي هذا المعني ناظر قوله تعالي و من اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكاً اذ
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۳ *»
لايجوز انتحمل المعيشة بماهو المعروف عند العوام و انما هي راحة القلب فان القلب ما (لا خل) يستريح الاّ باليقين و الثبات فاذا كان القلب في الاضطراب و التشويش و هو السلطان الرئيس فاذا كان مضطرباً مشوشاً فلايلتذ الرجل بشيء من الملاذ الجسمانية الجسدانية فيكون له معيشة ضنكاً و ان كان سلطاناً في الظاهر.
فظهر لك ان المخالفين و الكفار ليسوا باصحاب السبيل علي المؤمنين لا في الدنيا و لا في العقبي الاتري ان اللّه كيف مدحهم بقوله تعالي و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الاموال و الانفس و الثمرات و بشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا للّه و انا اليه راجعون و قال ايضاً تعالي لتبلونّ في اموالكم و انفسكم و لتسمعن من الذين اوتوا الكتاب و الذين اشركوا اذي كثيراً فتبين ان اللّه سبحانه لايريد بالسبيل الغلبة الدنياوية و انما يريد به الغلبة الدينية لان المؤمن متمسك بحبل الله و ذلك الحبل موصول بينه و بين الله فاذا اشتبه عليه امر يصل اليه من الله بواسطة ذلك الحبل المتين و اما الكافر فهو منقطع مجتث فلا ناصر له في الدين فافهم.
قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قوله تعالي و من قتل مظلوماً فقدجعلنا لوليه سلطاناً فلايسرف في القتل انه كان منصوراً.
اقــول: في الكافي عن الكاظم۷ انه سئل عن هذه الآية قيل فما هذا الاسراف الذي نهي اللّه عنه قال نهي انيقتل غير قاتله او يمثل بالقاتل قيل فمامعني قوله تعالي انه كان منصوراً قال۷ و اي نصرة اعظم من انيدفع القاتل اولياء المقتول فيقتله و لا تبعة تلزمه من قتله في دين و لا دنيا و فيه عن العياشي عنه۷ اذا اجتمع العدة علي قتل رجل واحد حكم الوالي انيقتل ايهم شاؤا و ليس لهم انيقتلوا اكثر من واحد ان اللّه عزوجل يقول و من قتل مظلوماً الي قوله فلايسرف في القتل هـ
و النهي في الاسراف في القتل تحريمي اذا كان القاتل واحداً فلايجوز انيقتل اكثر من الواحد المعين القاتل قال تعالي فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل مااعتدي عليكم و ان كانت
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۴ *»
عدة علي واحد فيقتل الوالي جميعاً من غير الدية فان ذلك حرام عليه نعم اذا كانت عدة قداجتمعوا علي قتل واحد فللوالي انيقتل الجميع بشرط انيؤدي دية الباقين غير واحد ففي هذه الصورة يكون النهي تنزيهياً لانه يستحب له ان لايسعي في اهراق دماء اكثر من واحد و ان كان يعطي الدية و ذلك ظاهر.
و اما في الباطن ففي الكافي عن الصادق۷ ان هذه الآية نزلت في الحسين۷ لو قتل اهل الارض كلهم به ماكان مسرفاً فيكون النهي بمعني النفي و المعني و لاتقتلوا النفس التي حرم اللّه و هي الحسين۷ و هو بيت الله الحرام و حرم اللّه الامن الاّ بالحق هذا تعليق بالمحال فان مايوجب القتل يمتنع انيصدر من الحسين۷ كماقال تعالي و مانقموا منهم الاّ انيؤمنوا باللّه العزيز الحميد و قال تعالي الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الاّ انيقولوا ربنا اللّه فان ذلك لميكن تقصيراً موجباً للاخراج و النقمة و من قتل مظلوماً و هو الحسين۷ قتل مظلوماً شهيداً روحي فداه فقدجعلنا لوليه سلطاناً و هو القائم۷ مع اربعة آلاف الملائكة الشعث الغبر اللائذين بقبره الشريف و يقدمهم ملك اسمه منصور و شعارهم يا لثارات الحسين۷ فلايسرف في القتل و ان قتل به اهل الارض و اهل الدنيا كلهم فالنهي هنا بمعني النفي و لها وجوه و بواطن و تأويلات اخر اكتفينا بواحد للاشارة الي البيان.
قــال سلمه الله تعالي: و ما معني قوله تعالي و ماكان استغفار ابرهيم لابيه الاّ عن موعدة وعدها اياه فما الموعدة.
اقــول: لمانصح ابرهيم اباه بقوله يا ابت لم تعبد مالايسمع و لايبصر و لايغني عنك شيئاً يا ابت انی قدجاءني من العلم مالميأتك فاتبعني اهدك صراطاً سوياً, يا ابت اني اخاف انيمسّك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً فلميقبل نصيحته و قال له أراغب انت عن الهتي يا ابرهيم لئن لمتنته لارجمنك و اهجرني ملياً اراد ابراهيم انيجلبه الي الايمان فلميغلظ عليه بالكلام لئلاينفر فقال له سلام عليك اي لااصيبك بمكروه و لااقول لك بعد ما
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۵ *»
يؤذيك ساستغفر لك ربي ان آمنت و اسلمت حتي يتجاوز الله عن سيئاتك و اكون انا شفيعك يوم القيمة فوعد ابراهيم۷ انيسلم و يؤمن فاستغفر له ابراهيم۷فلما انه اصرّ علي كفره و عتوه اعرض عنه ابراهيم علي نبينا و آله و عليه السلام و تبرء منه كماحكي اللّه سبحانه عنه فلمااعتزلهم و مايعبدون من دون اللّه وهبنا له الآية و هذا هو الوعد كماعن الصادق۷ علي مافي تفسير العياشي انه۷ قال ماتقول الناس في قول اللّه و ماكان استغفار ابراهيم لابيه فقيل يقولون ان ابراهيم وعد اباه انيستغفر له قال ليس هو هكذا ان ابا ابراهيم وعده انيسلم فاستغفر له فلماتبين انه عدو الله تبرء و في رواية لمامات تبين انه عدو لله فلميستغفر له (و خل) هذا علي قراءة وعدها اياه بجعل اياه الضمير المنصوب المنفصل و الضمير الفاعل راجعاً الي الاب كماصرح به۷ و اما علي قراءة اباه و جعل الضمير راجعاً الي ابراهيم فالمراد بوعد ابراهيم الاستغفار بشرط انيؤمن فوعد۷ له انيستغفر له اللّه فاستغفر فلما تبين انه عدو للّه باظهاره العداوة او بعد موته الظاهري او الباطني تبرء منه ان ابراهيم لحليم اواه منيب و لمااستقر مذهب الشيعة علي ان آباء الانبياء لايجوز انيكونوا كفاراً من اهل الشرك فوجب انلايكون هذا الكافر الذي هو عدو للّه اباه الحقيقي بل هو اما عمه او جده لامّه علي اختلاف الروايات.
قــال سلمه اللّه تعالي: و كيف صورة الرجعة و كيف ترتيب خروج الائمة : و كم يكون بقائها و كيف ان النبي يقتل ابليس لعنه اللّه فيها مع انه قال انظرني الي يوم يبعثون قال انك من المنظرين.
اقــول: الرجعة دار بين قيام (خروج خل) القائم۷ و بين نفخ الصور نفخة الصعق و فيها يظهر الائمة: و يرجعون الي الدنيا بعد موتهم الظاهري و يبعثون معهم: المؤمنون الممتحنون و الكافرون الماحضون و اما قيام القائم۷ فهو لايسمي رجعة و انما هو ظهور بعد
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۶ *»
الخفاء و انما الرجعة من بدو ظهور مولينا الحسين۷ الي خراب الدنيا ولكن الرجعة قدتطلق ايضاً علي اول ظهور مولينا القائم۷ فنذكر كيفية الجميع ليكون كلاماً وافياً شاملاً لجميع ماطلبت و لماكانت الاخبار و الروايات في هذا الباب مختلفة متعارضة متدافعة فذكر الجميع و بيان وجه الجمع يطول به الكلام فنقتصر علي محصل مايستفاد من الاخبار مطابقاً لمافهمه منها شيخنا و مولينا و ثقتنا و استادنا الشيخ احمد ابن الشيخ زينالدين اطال اللّه بقاه و جعلني عن كل محذور فداه فنكتفي علي ماذكره سلمه اللّه تعالي في هذا الباب لان الكلام عن لسان المحبوب احلي.
قال سلمه اللّه تعالي: «اذا كانت السنة التي يظهر فيها قائم آلمحمد۹ عجل اللّه فرجه وقع قحط شديد فاذا كان العشرون من جمادي الاولي وقع مطر شديد لايوجد مثله قطّ منذ هبط ادم۷ متصلاً الي اول شهر رجب تنبت لحوم من يريد اللّه انيرجع الي الدنيا من الاموات و في العشر الاول منه ايضاً يخرج الدجال من اصفهان و يخرج السفياني عثمان بن عنبسة الذي ابوه من ذرية عتبة ابن ابيسفيان و امه من ذرية يزيد بن معوية من الرملة من الوادي اليابس و في شهر رجب يظهر في قرص الشمس جسد اميرالمؤمنين۷ يعرفه الخلائق و ينادي في السماء مناد باسمه و في آخر شهر رمضان ينخسف القمر و في الليلة الخامسة منه و في النصف تنكسف الشمس و في اول الفجر من اليوم الثالث و العشرين ينادي جبرئيل في السماء «الا ان الحق مع علي و شيعته» و في آخر النهار ينادي ابليس من الارض «الا ان الحق مع عثمان الشهيد و شيعته» يسمع الخلايق كلا من الندائين كل منهم بلغته فعند ذلك يرتاب المبطلون فاذا كان يوم الخامس و العشرين من ذيالحجة يقتل النفس الزكية محمد بن الحسن بين الركن و المقام ظلماً و في يوم الجمعة العاشر من المحرم يخرج الحجة۷ يدخل المسجد الحرام يسوق امامه عنيزات ثماناً عجافاً و يقتل خطيبهم فاذا قتل الخطيب غاب عن
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۷ *»
الناس في الكعبة فاذا جنّه الليل ليلة السبت صعد سطح الكعبة و نادي اصحابه الثلاثمائة و ثلاثة عشر ليجتمعون (ليجتمعوا ظ) عنده من مشرق الارض و مغربها فيصبح يوم السبت فيدعو الناس الي بيعته فاول من يبايعه الطاير الابيض جبرائيل و يبقي في مكة حتي يجتمع اليه عشرة آلاف و يبعث السفياني عسكرين عسكراً الي الكوفة و عسكراً الي المدينة و يخربونها و يهدمون القبر الشريف و تروث بغالهم في مسجد رسولاللّه۹ و يخرج العسكر الي مكة ليهدموها فاذا وصلوا البيداء خسف بهم لمينج منهم الاّ رجلان يمضي احدهما نذيراً الي السفياني و الآخر للقائم۷ بشيراً ثم يسير۷ الي المدينة و يخرج الجبت و الطاغوت و يصلبهما في الشجرة و يسير في ارض اللّه و يقتل الدجال و يلتقي بالسفياني و يأتيه السفياني و يبايعه فيقول له اقوامه من اخواله كلب ماصنعت فيقول اسلمت و بايعت فيقولون واللّه مانوافقك علي هذا فلايزالون يحثون به حتي يخرج علي القائم۷ فيقاتله فيقتله الحجة.
و لايزال يبعث اصحابه في اقطار الارض حتي يستقيم له الامر فيملأ الارض قسطاً و عدلاً كماملئت ظلماً و جوراً و يستقر۷ في الكوفة و يكون مسكن اهله مسجد السهلة و محل قضائه مسجد الكوفة و مدة ملكه سبع سنين يطول اللّه الايام و الليالي حتي تكون السنة بقدر عشر سنين لان اللّه يأمر الفلك باللبوث فتكون مدة ملكه سبعين سنة من هذه السنين فاذا مضي منه تسع و خمسون سنة خرج الحسين۷ في انصاره الاثنين و السبعين الذين استشهدوا معه في كربلاء و ملائكة النصر و الشعث و الغبر الذين عند قبره.
فاذا تمت السبعون سنة اتي الحجة۷ الموت فتقتله امرأة من بنيتميم اسمها سعيدة عليهااللعنة و لها لحية كلحية الرجل بجاون صخر تضربه علي رأسه۷ من فوق سطح و هو متجاوز في الطريق فاذا مات تولي تجهيزه الحسين۷ ثم يقوم بالامر و يحشر له يزيد بن معوية و عبيداللّه بن زياد و عمر بن سعد و شمر و من معهم يوم كربلاء و من رضي بافعالهم
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۸ *»
من الاولين و الآخرين لعنة اللّه عليهم اجمعين فيقتلهم الحسين۷ و يقتص منهم و يكثر القتل في كل من رضي بفعلهم او احبهم حتي يجتمع عليه اشرار الناس من كل ناحية و يلجئونه الي البيت الحرام فاذا اشتد به الامر خرج السفاح اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب۷ لنصرته مع الملائكة فيقتلون اعداء الدين و يمكث علي۷ مع ابنه الطاهر الحسين۸ ثلاثمائة سنة و تسع سنين كمالبث اصحاب الكهف ثم يضرب علي قرنه فيقتل لعن اللّه قاتله و يبقي الحسين۷ قائماً بدين اللّه و مدة ملكه خمسون الف سنة حتي انه ليربط حاجبيه بعصابة من شدة الكبر و يبقي اميرالمؤمنين۷ في موته اربعة آلاف سنة او ستة الاف سنة او عشرة آلاف سنة علي اختلاف الروايات ثم يكرّ علي۷ في جميع شيعته لانه۷ يقتل مرتين و يحيي مرتين قال۷ انا الذي اقتل مرتين و احيي مرتين و لي الكرة بعد الكرة و الرجعة بعد الرجعة و الائمة: يرجعون الي الدنيا حتي القائم۷ لان لكل مؤمن موتة و قتلة فهو۷ في اول خروجه قتل و لابد انيرجع الي الدنيا حتي يموت و يجتمع ابليس مع جميع اصحابه و اتباعه و يقتتلون عند الروحاء قريب من الفرات فيرجع المؤمنون القهقري حتي تقع منهم رجال في الفرات و روي ثلثون رجلاً فعند ذلك يأتي قوله تعالي هل ينظرون الاّ انيأتيهم اللّه في ظلل من الغمام و الملائكة و قضي الامر و هو ان رسولاللّه۹ ينزل من الغمام و بيده حربة من نور فاذا رآه ابليس هرب فيقول له انصاره اين تذهب و قد آن لنا النصر فيقول اني اري مالاترون اني اخاف اللّه رب العالمين فيلحقه رسولاللّه۹ فيطعنه في ظهره فتخرج الحربة من صدره فيقتلون اصحابه اجمعين (جميعاً خل) فعند ذلك يعبد اللّه و لايشرك به شيئاً و يعيش المؤمن لايموت حتي يولد له الف ذكر اذا كسي ولده يطول معه كلماطال الثوب و يكون لونه علي حسب مايريد و تظهر الارض بركاتها بحيث تؤكل ثمرة الصيف في الشتاء و بالعكس و اذا اخذ الثمرة من الشجرة تنبت
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۳۹ *»
مكانها حتي لايفقد شيئاً و عند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة و ماحوله بماشاء اللّه فاذا اراد اللّه نفاذ امره في خراب العالم رفع محمداً و آله۹الي السماء و بقي الناس في هرج و مرج اربعين يوماً ثم ينفخ اسرافيل في الصور نفخة الصعق هـ.
هذا نهاية ماوصل الينا محصلاً ملتقطاً من الاخبار اما ترتيب خروج الائمة:ماسوي الحسين۷ و اميرالمؤمنين و رسولاللّه صلي اللّه عليهما فلمنقف في الاخبار مايشير الي ذلك و الذي نجده بالفطنة مانتكلم به قبل انتصل الينا اخبار اهل البيت:فاذا وصلت تصديقاً لماقلنا قلنا و الاّ سكتنا و اللّه اعلم.
و اما مدة بقاء الرجعة فعلي مقتضي بعض الاخبار ثمانون الف سنة اذ قدروي عنهم:ان عمر الدنيا مائة الف سنة عشرون الف سنة لساير الخلق و ثمانون الف سنة دولة آلمحمد: و ذلك من اول خروج القائم۷ الي ارتفاع رسولاللّه۹ الي السماء.
و اما قضية ابليس فانه قدسأل البقاء الي يوم البعث فاجابه سبحانه الي يوم الوقت المعلوم فمااجابه علي الاطلاق ليتبادر الي يوم القيمة الكبري و ماردعه و لميقل لاانظرك الي يوم البعث لبيان ان الرجعة بعث ثان و هي الوقت المعلوم بشهادة العقل و النقل.
قــال سلمه اللّه تعالي: و كيف صورة فناء العالم و كيف صورة احيائهم و حشرهم و كيف صورة حسابهم و باي بقعة يكون ذلك.
اقــول: اعلم ان اللّه سبحانه اذا رفع محمداً و آله صلي اللّه عليه و عليهم عن الارض الي السماء الاصلية الحقيقية علي الترتيب فيكون اول من يرتفع فاطمة الصديقة۳ ثم الائمة الثمانية: ثم القائم المنتظر عجل اللّه فرجه و۷ ثم الحسين۷ ثم الحسن۷ ثم اميرالمؤمنين۷ ثم رسولاللّه۹ فبعد رفع النبي۹ يبقي الخلق في هرج و مرج اربعين يوماً يعني يبقون من غير تميز
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۴۰ *»
و لا شعور و لا ادراك لايفرقون بين الخلف و القدام و الرأس و الرجل و المأكول و الملبوس كالبهايم بل اضل يهيمون متحيرين و لايدركون و لايفهمون الي انقضاء اربعين يوماً ثم يؤمر اسرافيل بنفخ الصور و له شعبتان شعبة الي السماء و اخري الي الارض فينفخ فيه نفخة الجذب و هي الصعق فتنجذب الارواح و يغيب و تفني عند اصلها و تبطل و تفسد و تبطل الحركات و الاحساس و القوي فلا حس و لا محسوس لا في السماء و لا في الارض لان بنية وجود الخلق انما استقامت بالتركيب و المزج فاذا فسد التركيب بطلت الاستقامة و اضمحلت البنية هذا في كل شيء من العلويات و السفليات و المجردات و الماديات و العقول و النفوس و الارواح و كل شيء مماخلق اللّه من الانبياء و المرسلين و الملائكة المقربين و الجن و الانس اجمعين و السموات و الارضين و لميبق الاّ وجه اللّه و هم اربعة عشر المعصومون الطيبون سلام اللّه عليهم اجمعين.
و هم المستثنون في قوله تعالي و نفخ في الصور فصعق من في السموات و الارض الاّ من شاء اللّه و هم الذين شاء اللّه ان لايصعقوا لان اسباب الفقدان و الموت منتفية عندهم ابي اللّه الاّ انيجري الاشياء باسبابها و ليس المراد بفناء العالم اعدام الخلق بالكلية و انما هو كبيت بنيته ثم اردت انتصنعه و تبنيه احكم صنعة و احسن استقامة فتهدم البيت ثم تبنيه جديداً فاذا هدمته بطلت صورته التي كانت عليه و بقيت المادة المضمحلة من غير تمييز و لا تشخيص فاذا صنعته تصنعه كما كان اولاً و هو قوله۷ ماخلقتم للفناء و انما خلقتم للبقاء و انما تنتقلون من دار الي دار و ذلك كالساعة الفرنجية اذا فككتها و بقي العالم ميتاً و السموات مندكة اربعمائة سنة فح يخاطب اللّه الارض و يقول اين ساكنوك و اين بانوك و اين المتكبرون و اين الجبارون و اين الذين يأكلون رزقي و يعبدون غيري لمن الملك اليوم فيجيبه الطاهرون الطيبون الاحياء المرزوقون عند اللّه عزوجل للّه الواحد القهار و هذا مجمل صورة فناء العالم.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۴۱ *»
و اما احياؤهم فاعلم انه بعد مامضت اربعمائة سنة بين النفختين امطر اللّه تعالي مطراً من بحر تحت العرش اسمه الصاد ماء رائحته كرائحة المني حتي تكون الارض كلها بحراً واحداً فيتموج في وجه الارض حتي تجتمع اجزاء كل جسد في قبره فتنبت اللحوم في قدر اربعين يوماً ثم يبعث اللّه عزّوجلّ اسرافيل فيأمره فينفخ في الصور نفخة الدفع و النشور و البعث فتطاير الارواح فتدخل كل روح في جسدها في قبرها فيخرج من قبره فينفض التراب عن رأسه فاذا هم قيام ينظرون.
و اما حشرهم فاعلم ان اللّه سبحانه بعد ذلك يجمعهم في صعيد واحد و هو مسافة ثلثمائة الف فرسخ في مثلها و الشمس قدزيد في حرّها اربعمائة الف و تسعمائة مرة و هي علي الجماجم و الارض كالحديدة المحماة بالنار و الخلايق ينضام بعضهم (بعضها خل) ببعض و يشتد عليهم الامر و هم عراة باكفانهم و يؤثّر الحر فيهم و يسيل منهم العرق فمنهم من يغرق فيه و منهم من عرقه الي شحمة اذنيه و منهم من هو الي الصدر و الي الركبة وهكذا و يشتد عليهم حتي ينادون يا ربنا اما الي الجنة او الي النار و النار تظهر علي صورة بعير هائل و الجنة تزخرف و الصراط يمد علي جهنم مسيرة ثلاثة الاف سنة الف سنة يصعدون و الف سنة ينزلون الي انيدخلوا الجنة و الف سنة حدال و فيه علي الحدال خمسون عقبة كل عقبة يقف فيه الخلايق الف سنة و هو احدّ من السيف و ادقّ من الشعر و ينصب الميزان ذوكفتين كفة الحسنات و كفة السيئات و يجعل الوسيلة و هي منبر للنبي۹ لها الف مرقاة من زمردة و ياقوتة و درّة و ساير اجناس الجواهر بين كل مرقاة عدو الفرس الجواد الف سنة و روي خمسمائة الف سنة و يأتي رسولاللّه۹يصعد المنبر و يقعد علي اعلاه و يأتي اميرالمؤمنين۷ و يصعد المنبر و يقف ادني من رسولاللّه۹بمرقاة ثم يؤتي بلواء الحمد و هي لواء لها سبعون الف شقة و كل شقة تسع الخلايق كلهم و هي لرسولاللّه۸ فيسلمها الي اميرالمؤمنين۷ و الخلايق من الانبياء و المرسلين و
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۴۲ *»
الملائكة المقربين و الجن و الانس و الوحوش و الطيور و ساير الاجناس كلهم وقوف صفوف و الائمة سلام اللّه عليهم واقفون علي المراقي و لكل شخص من الخلق مقام معلوم لايتعداه و كتاب عمل كل علي عنقه قال تعالي و كل انسان الزمناه طائره في عنقه و نخرج له يوم القيمة كتاباً يلقيه منشوراً ثم يأتي ملك الي النبي۹باحسن هيئة و اجمل صورة و اطيب نكهة و اعلي زينة (رتبة خل) فيقول له النبي۹ من انت فاني مارأيت احسن هيئة و اجمل صورة منك فيسلم علي النبي۹ و يقول انا رضوان خازن الجنان و هذه مفاتيح الجنان امرني ربي اناسلمها اياك و هي عطاء اللّه لك قال تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب ثم يأمره النبي۹ بانيسلمها الي علي۷ ثم يأتي ملك آخر باقبح صورة و اهول هيئة و اشوه خلقة فيسلم علي النبي۹ فيقول له النبي۹ من انت يا ملك فاني مارأيت اقبح وجهاً منك فيقول انا مالك خازن النار و هذه مفاتيحها امرني ربي اناسلمها اليك فيقول۹ سلمها الي علي۷ فيسلمها اياه.
و اما صورة حسابهم فاعلم ان الانسان اذا مات فاول مايوضع في قبره و يشرج عليه اللبن يأتيه رومان فتان القبور قبل منكر و نكير فيحاسبه و يقول (فيقول خل) له اكتب عملك فيقول نسيت اعمالي فيقول انا اذكرها لك فيقول ليس عندي قرطاس فيقول بعض كفنك فيقول ليس لي دواة فيقول فمك فيقول ليس عندي (لي خل) قلم فيقول اصبعك فيملل عليه رومان جميع ماعمل من كبيرة او صغيرة فيأخذ تلك القطعة فيطوقه بها في رقبته فتكون عليه اثقل من جبل احد و هو قوله تعالي و كل انسان الزمناه طائره في عنقه و نخرج له يوم القيمة كتاباً يلقيه منشوراً الآية فاذا كان يوم القيمة تطايرت الكتب فمن كان محسناً اتاه كتابه من وجهه و اخذه بيمينه و من كان مسيئاً اتاه كتابه وراء ظهره و ضربه و خرق ظهره و خرج من صدره و اخذه بشماله فيقفون صفاً جميع الخلايق بين يدي كتاب اللّه الناطق و هو سيدنا اميرالمؤمنين۷ و هو
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۴۳ *»
علي الوسيلة و بيده لواء الحمد فينطق علي الخلايق كلهم بماكانوا يعملون و كل ينظر في كتابه فلايخالف حرف حرفاً و هو يقول قولاً واحداً و هو قوله تعالي و تري كل امة جاثية كل امة تدعي الي كتابها اليوم تجزون ماكنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ماكنتم تعملون فمن كان من اهل ولاية علي۷ و كان من الشيعة المخلصين لمتبق له تبعة في الآخرة فتكفر في الدنيا و هو يوم القيمة في ظلال و عيون و ان كان منهم و اصابه لطخ اهل الباطل و ماكفرت معاصيه في الدنيا تصيبه وهج النار في البرزخ و عند نزع الروح و ان تمكن اللطخ فيه و رسخ بحيث ماكفت آلام البرزخ و اهواله فان بقي عليه ذنوب بقدر عذاب ثمانين سنة يعفي عنه و يدخل الجنة فان كان ازيد يدخل في حظاير النيران لا النيران الاصلية فيطهر و يخرج و يغسل من عين الحيوان فيدخل الجنة و ان لميكن من اهل الولاية فبعكس ماذكرنا كلاً الاّ انه لو بقي عليه اجر و ثواب في القيمة ماوصل اليه بتخفيف الاهوال يدخل في النار و يخفف عليه بحيث لايشعر بالتخفيف الاّ اذا زيد عليه بعد التخفيف فيعلم اني كنت سابقاً في السعة و التخفيف فلايدخل في حظاير الجنان ليخرج لانه نجس و ليس له محل هناك و اولاد الزني ان عصوا فمأويهم جهنم لان ولد الزنا شر الثلثة و ان اطاعوا و ثبتوا علي الولاية فيدخلون حظاير الجنان لا الجنان الاصلية و الاّ لماكان اللّه حكيماً تعالي عن ذلك علواً كبيراً و كذلك مؤمنوا الجن مأويهم الحظاير و المجانين الذين استغرقت (استقرت خل) ايام تكليفهم بالجنون فيكلف يوم القيمة فان آمن و اطاع يدخل في الحظاير.
و اما المستضعفون و الاطفال مطلقاً سواء كانوا من الكفار ام من المؤمنين فيكلفون فان آمنوا فهم في الجنة الاصلية و الاّ ففي النار كذلك و كذلك الذي مات في الفترة و الذي لميسمع صيت الاسلام و شرح هذه الاحوال يطول بذكرها الكلام و الحاصل ان الحساب عبارة عن اعطاء كل ذي حق حقه و السوق الي كل مخلوق رزقه سواء كان من الرحمة الواسعة ام من الرحمة المكتوبة و هو سبحانه و تعالي سريع الحساب.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۴۴ *»
و اما ان المحشر في اي بقعة يكون الذي فهمته من بواطن الاخبار و اشاراتها و تلويحاتها انها ارض الكوفة لان لها كصاحبها ثلثة اوجه اما باطنها فهو واديالسلام و ارض الجنة و اصلها و اما ظاهرها اي عكسها و مقابلها فهو النار و العذاب و اما الجامع بين الامرين و الواقف علي الطتنجين هو الذي يحشر فيه الخلايق و يحشر اليه الخلايق فافهم فقداظهرت لك الرمز المنمنم و السر المعمّي و اللّه الموفق للهداية و الرشاد.
قــال سلمه اللّه تعالي: و هل كان اجداد النبي كفاراً ام مؤمنين فعلي الاول ينافيه انه كان في الاصلاب الطاهرة و علي الثاني كيف كانوا راضين ببقاء الاصنام علي ظهر البيت و هم سادات قريش.
اقــول: هذا آخر مسائله اطال اللّه بقاه اعلم ان الشيعة اجمعوا علي ان اجداد النبي و الامام: لايجوز انيكونوا كفاراً و اجماعهم كاشف عن قول امامهم و سيدهم۷ و اما كونهم سادات قريش فلايدل علي انهم كانوا متمكنين من ذلك اماعلمت ان سيدنا و مولينا اميرالمؤمنين۷ بعد مابايعوه و استقر الامر له ماقدر و ماتمكن انيزيل البدع التي ابتدعها المتقدمون مع انه مطاع اليه الامر في الظاهر كماكان في الباطن و رسولاللّه۹لماانكر علي قريش و اظهر الاسلام كل اقربائه۹ و اقوامه و عشايره انكروه فلميقبلوا قوله و ان اباطالب; و ۲ ماتمكن عن نصرة النبي۹ الاّ بانه (بان خل) ابطن الاسلام و كان يتشهد بالعقود و يسلم بحروف الجمل فاذا كان واحد مؤمن رئيس بين طائفة عظيمة كلهم كفار و اهل الهوي كيف يمكنه ردعهم و الاّ قتلوه ارأيت ان سلطان الروم اذا كان مؤمناً مخلصاً يمكن له انيظهر ايمانه و يجعل كل اهل مملكته علي الطريقة المستقيمة فان ذلك متعذر في حقه و هذا ظاهر واضح انشاءاللّه تعالي و لا حول و لا قوة الاّ باللّه العلي العظيم و الحمدللّه و الصلوة علي محمد و آله.
«* جواهر الحكم جلد ۱۲ صفحه ۴۴۵ *»
قدفرغ من تسويدها منشيها في اليوم الثلثاء (الثلاثاء خل) الرابع و العشرين من شهر جماديالاولي في سنة ۱۲۳۶ مع كمال اختلال البال و اغتشاش الاحوال. حامداً مصلياً مستغفراً.
[۱] و يجب علي المخاطب بكسر الطاء ان يأمر المخاطبين و يثبت ما عرفوا و فهموا من تلك الخطابات ليكون مستندا لمن يأتي فيما بعد ممن لميحضر حتي لايضطرب و لايشتبه عليه الامر في تحصيل افهام المشافهين مع ان الامر بخلاف ذلك و قد قال النبي صلي الله عليه و آله رحم الله امرءا سمع مقالتي فوعاها و اداها كما سمع و رب حامل فقه و ليس بفقيه و رب حامل فقه الي من هو افقه منه فافهم, منه اعلي الله مقامه.
([۲]) و يجب علي المخاطب بكسر اللام المخاطبين و يثبت ماعرفوا و فهموا من تلك الخطابات ليكون مستنداً لمن يأتي فيمابعد ممن لميحضر حتي لايضطرب و لايشتبه عليه الامر في تحصيل افهام المشافهين مع ان الامر بخلاف ذلك و قدقال النبي۹ رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها و اداها كماسمع و رب حامل فقه و ليس بفقيه و رب حامل فقه الي من هو افقه منه فافهم. منه اعلي الله مقامه.
([۳]) و شرحت هذه المقامات كلها في شرحي علي الخطبة الطتنجية و انما اشرت هنا اشارة اجمالية للتنبيه علي نوع المسألة. منه اعلياللّهمقامه