جستجو کردن
Close this search box.

۰۹-۲۳ جوامع الکلم المجلد التاسع ـ جواب الملامحمدطاهر المسمي بالطاهرية ـ مقابله

 

الرسالة الطاهریة في جواب الملا محمدطاهر

 

من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم

الشيخ احمد بن زين‌الدين الاحسائي اعلي الله مقامه

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۳۶ *»

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمِ
الحمد للّه ربّ العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين .
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين‌الدين ان العالم الفاخر و العلم الزاهر الٰآخوند الطاهر الملا محمدطاهر اصلح اللّه احواله و بلغه آماله في مبدئه و مأله قد ارسل الي محبّه و داعيه مسائل يريد جوابها و انا مع ما انا عليه من الامراض و الشواغل الّتي اشار عليه السلام الي نوع دواعيها بقوله عليه السلام انت لنفسك ما لم‌تعرف فاذا عُرِفتَ كنتَ لغيرك و لكن لمّا كان اهلاً للجواب و تكفيه الاشارة و لايحتاج الي التفصيل و التطويل و تقديم مقدّماتٍ سهل جوابه و اتيتُ به مختصراً مقتصِراً علي ادني ما يكفي لضيق وقتي و ضعف بدني و انهدام بُنْيَتي و اللّه سبحانه المستعان و عليه التكلان .
قال ايده اللّه تعالي : ما المراد من سهو النبي صلي اللّه عليه و آله في الاخبار الواردة فيه .
اقول السهو يستعمل بالمعني المتعارف و يستعمل بمعني الترك و ربّما ميّز بعضهم احد المعنيين عن الآخر فقال سها في الشي‌ء تركه عن غير علم و سها عن الشي‌ء تركه عن علم و لذا قال انس في قوله تعالي فويل للمصلّين الذين هم عن صلاتهم ساهون قال الحمد للّه الذي قال عن صلاتهم و لم‌يقل في صلاتهم و الحاصل سهو النبي و الائمة صلي اللّه عليه و عليهم من المعني الثاني فاذا سمعتَ انّ النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام يسهون فهو بمعني تركهم الشي‌ء و المراد انهم يعرضون عن الشي‌ءٍ و يقبلون علي شي‌ءٍ آخر و ما رُوي ممّا معناهُ اَنَّ الكاظم عليه السلام كان يعلم السم الذي وضع له في العنب فقال عليه السلام نعم قيل و حين وضع بين يديه كان يعلم؟ قال نعم قيل و حين تناوَل كان يعلم؟ قال اُنسِيَهُ ليجرِيَ عليه القضاۤءُ فمعناه انّه حين امر بالاكلِ تَوجّهَ الَي اللّه سبحانه في تفويض الامر اليه تعالي و الي اَسلافه محمد و اهل بيته صلّي اللّه

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۳۷ *»

عليه و آله حين حضروا عنده و قالوا عجّل الينا فكلّنا مشتاقون اليك فحين توجّه الَي اللّه تعالي و الي اسلافه غَفَل عن كل شي‌ء و لم‌يلتفت الي السّم و لا الي غيره و مثاله اذا اخذتَ تتكلّم في بيان مسئلةٍ في الفقهِ لاتذكر علم النَّحو و مع ذلك لستَ بغافلٍ عنه لانّك لستَ بصددِه لا انّك ساهٍ عنه فالاعراض عنه هو الترك المعبّر عنه بالسَّهْو و لذا تراهم عليهم السلام يعبّرون عنه بالسهو تارةً و بالترك اخري و تارة يقولون اُنْسِيَهُ و مرّةً اللّه اَنْساهُ وَ مرّةً غاب عنه الملك المحدّث و ما اشبهَ ذلك و كلّ ذلك يراد منه ما ذكرنا و نحوه و امّا السهو بالمعني المعروف فلايصح منهم عليهم السلام لانّه منافٍ للعصمة فلايجتمع مَعَها في محلٍّ فافهم .
قال سلمه اللّه تعالي : و ما المراد من العلماۤء في قولهم عليهم السلام العلماۤء ورثة الاَنْبياۤءِ و قوله صلّي اللّٰهُ عليه و آله علماۤءُ امّتي كانبياۤءِ بني‌اسراۤئيل او خير منهم فلو كان المراد من العلماۤء في امثال هذه الاخبار غير المعصوم عليه السلام فما المراد من كونهم مثلهم اوْ خير منهم .
اقول المراد من الحديث الاوّل ظاهر اذ معناه ان العلماۤء العاملين الذين قصروا علومهم علي آثار الوحي سُمُّوا ورثة للانبياۤء عليهم السلام لان الانبياۤء ادّوا جميع ما امروا بتبليغه الي اُممَهِمْ و تصدّي العلماۤء لجمعه و العمل به و حفظه علي امم الانبياۤء فصارت تلك العلوم الّتي اتي بها الوحي لتعليم الامم و ارشادهم مخزونة محفوظة عند اولۤئك العلماۤء الاعلام عاملين بها و مبلّغين لها اولۤئك العواۤمّ و الاَنْبياۤء عليهم السلام ما تركوا شيئاً يعتدّون به غير تلك العلوم الّتي سقطت الي اولۤئك العلماۤء و انّما تركوها لهم فلذا كانوا ورثةً و اَيُّما علمٍ لم‌يكن من آثار الانبياۤء و الاوصياۤء عليهم السلام لم‌يكن العالم به وارِثاً للانبياۤء عليهم السلام نعم يدخل في ذلك الميراث الشريف ما كان من العلوم يؤُل الي تلك الآثارِ و ان كان بالتفريع علي الاصول النازلة بالوحي و المراد بالعلماۤء هنا بالاصالة اوصياۤؤهم علي الخصوص و بالتبعيّة ساۤئر العلماۤء العَاملين بالشرط المذكور و قوله عليه السلام علماۤء امّتي يراد منهم الائمة عليهم السلام و التشبيه لجهة وجوب طاعتهم علي ساۤئر الرّعية و انّ اللّه سبحانه قد ابتلاهم بالرّعية و

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۳۸ *»

ابتلي الرّعية بهم كما قال تعالي و جعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً ، و لان من سواهم لايسَعُهُ الا الاخذُ عنهم و الرَّدُّ اليهم و انّهم اولي بهم من انفسهم و يجوز ان يراد بالعلماۤء علماۤء الشيعة اذا كان علمهم مستفاداً من الكتاب و السّنّة و لو بالتفريع علي اصول الكتاب و السّنة و كانوا عاملين بعلومهم فان هؤلاۤء في وجوب طاعتهم علي عواۤمّهم كوجوب طاعة انبياۤء بني‌اسراۤئيل علي اُممَهِمْ في كل ما يتعلّق باحكام الحلال و الحرام و المستفاد من اخبار اهل البيت عليهم السلام يدلّ علي الوجهين

و المراد من كونهم مثل الانبياۤء عليهم السلام في وجوب الطاعة فيما جعلهم اللّه سبحانه وساۤئط فيه

و المراد من كونهم خيراً منهم ان اريد بالعلماۤء ائمة الهدي عليهم السلام فظاهر لانّ الائمة عليهم السلام افضل من الانبياۤء بما لايكاد يحصر

و ان اريد بهم علماۤء الشيعة فمعني كونهم خيراً من الانبياۤء عليهم السلام ليس علي معني التفضيل بل المراد اَنَّ علماۤء الشيعة خيرٌ كثير و بركة وَاسعة من اثر الاَنْبيَاۤء عليهم السلام يَعْني انّ الانبياۤء عليهم السلام تركوا في اُمَمِهِمْ خيراً كثيراً و هو علماۤء الشّيعة يحفظون دينهم وَ يُبَلّغُونَ ما سَقَطَ اليهم من آثارهم الي العواۤمّ فالعلماۤء خير كثيرٌ لمَنْ اخذ عنهم امور دينه لانهم سبب نجاتهم في الدنيا و الآخرة .
قال ايّده اللّه سبحانه : و ما معني لو علم سلمن ما في قلب ابي‌ذر لقتله او لكفّره كما سمع علي عكس ما في الخبر و هل يجوز اَلايعلم سلمن ما في قلب ابي‌ذرّ و هل ذلك مخصوص بالسلسلة العرضية ام يمكن في السلسلة الطوليّة ايضاً .
اقول لاادري هذا حديث صحيح امْ لا و ان كنتُ سمعتُه لان المعروف لو يعلم ابوذر ما في قلب سلمٰن لقتله او لكفره و ورد ايضاً يا سلمٰن لو عمل عملك مقداد لكفر يا مقداد لو عمل عملك سلمٰن لكفر و امّا ما ذكرتم من انّه سمع من هذا القول لو علم سلمٰن ما في قلب ابي‌ذرّ لقتله اوْ لكفره و علي ايّ فرضٍ فالمعني فيه مثل المعني في قوله صلّي اللّه عليه و اله يا سلمٰن لو عمل عملك مقداد لكفر يا مقداد لو عمل عملك سلمٰن لكفر

و المراد انّ سلمٰن يعتقد شيئاً

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۳۹ *»

يكون اعتقاده عند مقداد كفراً و يعتقد مقداد شيئاً يكونُ اعتقاده عند سلمٰن كفراً مثاله الذّرَّة و هي النملة الصغيرة تعتقد انّ لِلّهِ قرنَيْن لانّ كمالَها انّما هو بالقرنَيْن و انّ الخالي منهما ناقص فلاتصف ربها بالنَّقْصِ و وصف اللّه سبحانه بهما عندك كفر فلَوْ عَمِلَتِ النَّمْلَةُ عملَك كفرَتْ و لو عملتَ عَملِهَا كَفرْتَ و هذا المعني جارٍ بين كلّ عالمٍ و جاهل فالعالم لو اطّلع علي اعتقاد الجاهل قتله او كفّره و كذا لو عمل عمله و بالعكس و هذا معني لو علم ابوذرّ ما في قلب سلمن لقتله او لكفّره و امّا قولكم و هل ذاك مخصوص بالسلسلة العرضيّة ام يمكن في السلسلة الطولية فالذي يليق بالعبارة ان يقال و هل ذاك مخصوص بالسّلسلةِ الطوليّة ام يمكن في السلسلة العرضيّة لانّ هذه المسئلة ماتعقل الا في السّلسلة الطوليّة و امّا في السلسلة العرضيّة فربّما لايمكن ذلك لانّ الاعمال لا اختلاف فيها و الاختلاف فيها لايوجب التكفير .
قال ايّده اللّه : و ما المراد من الانبياۤء في كونهم من فاضل طينة ائمّتِنا عليهم السلام و كون ساۤئر الناس من فاضل طينة الانبياۤء فهل ذلك يشملهم اجمعين اولي عزمهم و مرسليهم و غيرهما ممّن بعث علي اهله او علي نفسه علي ان يكون سَلمان مثلاً من فاضل طينةِ ادانيهم عليهم السلام او المقام يقتضي التفصيل و عليه فما التفصيل فيه و هل يمكن وصول احدٍ من غير الانبياۤء كسلمٰن مثلاً الي رتبة احدٍ منهم و لو من ادانيهم او لا .
اقول المراد من كون الانبياۤء عليهم السلام من فاضِل طينتهم عليهم السلام ان اللّهَ سبحانه خلق نور محمد صلي اللّه عليه و آله قبل كل شي‌ء ثم خلق من ذلك النور انوار اهل بيته عليهم السلام كما خلق السراج من سراجٍ آخر و ذلك اذا كان عندك سراج ثم اشعلتَ منه سراجاً آخر فان اللّه سبحانه خلق السراج الثاني من السراج الاول كما قال علي عليه السلام انا من محمدٍ كالضّوءِ من الضّوء ه‍ ، اي كالسراج من السراج ثم مكث الاربعة‌عشر معصوماً صلي اللّه علي محمد و آله يعبدون اللّه و يسبّحونه و يمجِّدونه الفَ دهرٍ كل دهرٍ علي ما ظهر لي مائة‌الفِ سنةٍ ليس في الكون خلق سواهم ثم نظر الي تلك الانوار بعين

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۰ *»

الهيبة فعرقَتْ فكان عنها اربعة و عشرون و مائة‌الف ( ١٢٤٠٠٠ ) قطرة فخلق من كل قطرة رُوحَ نبيّ فبقوا يعني اولۤئك الانبياۤء يسبّحون اللّه و يحمدونه الف دهرٍ ليس في الكون بعد محمدٍ و اهل بيته الطاهرين صلي اللّه عليه و آله و عليهم اجمعين سواهم ثم خلق من اشعّة انوار الانبياۤء عليهم السلام ارواح المؤمنين هذا ترتيب مراتب اكوان الموجودات في نفس الامر علي جهة الاجمال و اذا سمعت شيئاً من قولهم عليهم السلام هذا من فاضل كذا فالمراد بالفاضل و بالعرَق ايضاً شعاع ذلك الشي‌ء فان نور الشمس الواقع علي الجدار و فاضل السراج نوره المشرق علي الجدار و فاضل الفراۤئض النوافل و فاضل الحسنات كما في دعاۤء الحجة عليه السلام عجل اللّه فرجه في دعاۤئه للشيعة حيث يقول و ان خفّت موازينهم فثقِّلها بفاضلِ حسَنَاتِنا ه‍ ، يراد منها اجْر الآداب و النوافل .
و قوله سلمه اللّه تعالي : فهل ذلك يشملهم اجمعين اولي عزمهم و مرسليهم الخ ، نعم يشمل ذلك الحكم جميع الانبياۤء عليهم السلام و انّما تفاضلوا مع كونهم من حقيقة واحدة لان تلك الحقيقة حقيقة تابعيّة لا متبوعية لان التابعيّة صفة تختلف باختلاف مراتبها في القرب من المتبوع و البعد منه مثل نور السراج كلّما قرب من السراج كان اشدّ نوراً و اقوي اظهاراً و ظهوراً و كلّما بعد عن المنير ضعف فانوارهم عليهم السلام حقيقة واحدة كنور السراج كلّما قرب من نور محمدٍ و انوار آله صلي اللّه عليه و آله كان قوياً كنوح و ابراهيم و موسي و عيسي و كلما بعد كمن كان نبياً علي نفسه و امّا سلمٰن صلي اللّه علي سلمٰن فليس من نوع التابع بل هو بالنسبة الي غير محمد و آله صلي اللّه عليه و آله من نوع المتبوع ففي الكافي بسنده عن مسعدة بن صدقة عن ابي‌عبداللّه عليه السلام قال ذكرت التقية عند علي بن الحسين عليهما السلام فقال واللّه لو علم ابوذر ما في قلب سلمٰن لقتله و لقد آخا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بينهما فما ظنكم بساۤئر الخلق ان علم العلماۤء صعب مستصعب لايحتمله الا نبي مرسل

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۱ *»

او ملك مقرّب او عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للايمان فقال و انما صار سلمٰن من العلماۤء لانه امرءٌ منّا اهل البيت فلذلك نسبته الي العلماۤء ه‍ ، و اراد عليه السلام بقوله و انما صار سلمٰن من العلماۤء الخ ، التنبيه علي قوله عليه السلام نحن العلماۤء و شيعتنا المتعلّمون بمعني ان سلمٰن من العلماۤء لا من المتعلمين فاذا عرفتَ هذا و عرفتَ انّ رُوحَ القدس يَلْقاه و يحدِّثه و سمعتَ ما رُوي عن النبي صلي اللّه عليه و آله ان سلمٰنَ افضل من جبرئل عليه السلام و ما روي عن الصادق عليه السلام انّ سلمٰن افضل من لقمن ظهر لكَ انّ سلمٰن ليس من نوع ساۤئر النّاس من المؤمنين بل الذي يتلجلج في قلبي انه امّا ان يكون من نوع الانبياۤء عليهم السلام الذين هم الشيعة الخصيصون اوْ من البرازخ التي بين الانبياۤء عليهم السلام و بين المؤمنين الذين هم الشيعة الخواۤصّ و هذه الرتبة هي رتبة الابدال الّذين يسمّون بالنقباۤء كما في حديث زين‌العابدين عليه السلام فان فرض انّه من نوع الانبياۤء عليهم السلام فحقيقته من شعاع الائمةِ عليهم السلام و انت قد سمعتَ التّفاوت العظيم بين اجزاۤء شعاع السراج و ان فرض انّه من البرازخ كان من نوع اشعّة الانبياۤء عليهم السلام و كلّ من فرض انه من الشعاع لايمكن ان يكون من المنير الا ان تغيّر حقيقته و اللّه سبحانه علي كل شي‌ء قدير كما قال تعالي و لو نشاۤءُ لجعلنا منكم ملاۤئكة في الارض يخلفون .
قال سلمه اللّه : و ما معني كون جسدهم عليهم السلام الطف من ارواح الانبياۤء و منهم نوح و ابراهيم مع انكم تقولون ان روحهم علة للارواح و نفسهم علة للنفوس و طبيعتهم علة للطباۤئع و جسمهم علة للاجسام و جسدهم علة للاجساد و هل المراد من المعلولات في هذه المراتب معلولاتهم الجزئيّة ام لا .
اقول نعم نقول اجسامهم الطف من ارواح الانبياۤء عليهم السلام بسبعين رتبة و نريد ان ارواح الانبياۤء خلقت من شعاع اجسامهم فارواح الانبياۤء تقومت باشعة اجسام الائمة عليهم السلام تقوُّماً ركنيّاً بمعني انّ مادّة ارواحهم حِصَص من اشعة اجسام الائمة عليهم السلام و تقوّمت بارواح الائمة عليهم السلام تقوُّمَ صدورٍ لان تلك الارواح حاملة لفعل الصانع سبحانه كما تحمل الحديدة فعل

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۲ *»

النار فاذا حرقت الحديدة فانّما حرقت النار بفعلها علي حدّ و مارميتَ اذ رميتَ و لكن اللّه رمَي ، فلا منافاة بين قولنا ان ارواح الانبياۤء عليهم السلام من اشعة اجسامهم و قولنا ان ارواحهم صلي اللّه عليهم علة لارواح الانبياۤء لان القول الاول بيان للعلّة المادّية و الثّاني بيان للعلّةِ الصُّوريّة ، و قوله ايده اللّه و منهم نوح و ابراهيم يشير به الي نوع مبالغة و قد بيّنّا ان الانبياۤء عليهم السلام كلهم طينتهم واحدة و هي شعاع انوار الائمة عليهم السلام و ان تفاوتوا من حيث القرب و البعد ، و قوله سلمه اللّه و ما معني كون اجسادهم عليهم السلام الي آخره ، نحن لانقول ان ارواحهم شعاع اجساد الائمة عليهم السلام و انما نقول شعاع اجسامهم لااجسادهم و المراد بهذه المعلولات المعلولات الكليّة و الجزئيّة لانهم صلي اللّه عليهم العلل الاربع الفاعلية و المادّية و الصّورية و الغاۤئية اما الفاعلية فلانهم حاملوا فعل اللّه تعالي فهم محاۤلّ مشيّته و السن ارادته و امّا المادّيّة فلان جميع من سواهم من خلق اللّه من الجواهر و الاعراض الاعيان و المعاني الاجسام و الهيئات مواۤدّهم من اشعة انوارهم و في المؤمنين ظاهر و غير المؤمنين من اظلّة اشعّتهم و امّا الصوريّة فلان صور جميع من سواهم كذلك من هيئات اعمالهم في المؤمنين بالتبع و في غيرهم بالعكس .
قال ايده اللّه تعالي: و هل فضلاتهم عليهم السلام من الدم و البول و الغاۤئط نجسة لهم لا لغيرهم او لغيرهم ايْضاً و عليه فما المراد من نجاستها اَوْ لا لهم و لا لغيرهم.
اقول المشهور بين اصحابنا الحكم بالنجاسة لهم عليهم السلام و لغيرهم بناۤء علي ان الحكم تابع لصدق الاسم و لانّهم معلِّمون لغيرهم فيجب مشاركتهم لهم في الحكم لِيُقْتَدَي بهم و قيل بِالطهارة لما روي عنه صلي اللّه عليه و آله ان الحجام لمّا حجمه شرب ما في المحجمة من دمه الشريف فقال صلي اللّه عليه و آله له ما معناه اما جسدك فقد حرمه اللّه علي النار و لاتعد ه‍ ، و لمّا بال صلي اللّه عليه و آله في القارورة شربَتْه ام‌سلمة و رأها و لم‌يَنْهَهَا عن ذلك و الاعتبار شاهدٌ بالطهارة لان النجاسة الخبيثة اثر المعاصي و الذنوب و هم صلي اللّه عليهم

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۳ *»

مطهّرون من جميع الذنوب الكباۤئر و الصغاۤئر قد اذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً و بهذا قال بعض اصحابنا و به قال الشافعي و يمكن ان يقال انه لا منافاة بين القولين فان الاولين قاۤئلون بوجوب الغسل من فضلاتهم و وجوب الغسل لايستلزم النجاسة كما ورد في اغتسال اميرالمؤمنين عليه السلام حين غسل رسول اللّه صلي اللّه عليه و اله و هو (ص‌) طاهر مطهّر و انّما فعل ذلك لتجري السنة بذلك فكذلك هنا و يكون الغسل من فضلاتهم تعبّداً لا للنجاسة فافهم .
قال سلمه اللّه : و اذا لم‌يعرف اللّه سبحانه الا بهم عليهم السلام لانّهم اركان توحيده و صفات تعَرُّفهِ و تعريفه و الاعراف الذين لايعرف اللّه الا بسبيل معرفتهم فلا بدّ اَلايكونوا والداً و لا مولوداً كما انه سبحانه لم‌يلد و لم‌يولد مع ان حقاۤئقهم متولّدة من المشية و الاشياۤء متولّدة منها بالتناكح و التناسُل كما في الفواۤئد و ان كان المراد من كونهم محلّ معرفة اللّه اي نفس معرفته هو اعلي مقامهم اي مرتبة نفس المشيّة لا محلّها مع انّهم محلّ المشية لا نفسها فهو و ان كان مخلوقاً بنفسه و ليس مولوداً الا انه والِدٌ للاشياۤء .
اقول تعليل حصر معرفته تعالي فيهم بكونهم اركاناً لتوحيده صحيح جارٍ علي الحقيقة و امّا قوله و صفات تعرّفه و تعريفه فليس بصحيح بل الصحيح اَن يقال و تعرّفه و تعريفه بلا اتيان صِفات او يقال و اعْضَاد تعرّفه و تعريفه يعني انّ تعرّفه لعبادِه متوقّف علي المبلِّغِ الي المعرَّف بفتح الراۤء و الواسطة و المقوِّي و ما اشبه ذلك و هم عليهم السلام المبلِّغُون ما انزل اللّه سبحانه الي عباده من تعريفهِ تعالي ما تعرّفَ به لهم و المعرِّفون بكسرِ الراۤء و المقوّون لضعف المكلَّفين و الوسَاۤئط في جميع انحاۤءِ الاداۤء لان تعرّفه تعالي لزيدٍ هو حقيقة زيدٍ فكيف يكون الامام عليه السلام صفةً لحقيقةِ زيدٍ و انما هو عليه السلام عضد زيد و المقوّي له في قبول الايجاد و قبول التعريف و المبلِّغ اليه و الواسطة بينه و بين ربّه و معني قولهم نحن الاعراف الذين لايعرف اللّه الا بسبيل معرفتِنا يقع علي وجوه :

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۴ *»

الاوّل لايعرف اللّه الا بوصفهم للّٰه بصفاته التي يصح ان يوصف تعالي بها الثاني لايعرف اللّه الا بنحو معرفتنا له و عبادَتِنا ايّاه و ما اثنَيْنا عليه و مجّدناه به الثالث لايعرف اللّه سبحانَه احد الا اذَا عرَفَنَا و نزّلنا منزلتنَا الّتي وضعَنا اللّهُ فيها لانهم عليهم السلام اثر فعله فاذا كان الفاعل لايري و لايُدرك و لايعرف الا بما تعرّف به و لم‌يتعرّف الا بصنعه و كانوا صلّي اللّه عليهم اكملَ مصنوعاته و اَشْمَلَهَا كانت معرفته علي اكمل وجهٍ في الامكان منحصرةً في معرفتهم فكل معني خرج عن حيطة محاسن معرفتهم اذا اريد به معرفة اللّه باطل لايجوز ان يوصف اللّه به و لايعرف به لانه خلاف ما يجوز علي اللّه سبحانه الرابع لايعرف اللّه الا بما يكون قِوامه معرفتهم و هذا المعني الاخير شامل لكل شي‌ء بل لايكاد يسع تفاصيل اَمْثَاله وَ تِبْياناته الدّفاتر او تبقي لامدادِ بيانِه المحابر ،
و قوله سلمه اللّه تعالي فلا بُدَّ ان لايكونوا والداً و لا مولوداً كما انه سبحانه لم‌يلد و لم‌يولد فاعلم ان العنوان الذي يعرف اللّه به الذي هو الدليل و الآية لا بدّ ان يكون شيئاً ليس كمثله شي‌ء ليصحّ ان يعرف اللّه بِه لانه تعالي ليس كمثله شي‌ء فيكون الدليل عليه كذلك فقول اميرالمؤمنين عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربّه يريد به معرفة النفس مجردة عن كل شي‌ء غيرها فلو نظرتَ الي الرمح مثلاً و اردتَ ان تعرف به اللّه سبحانه فان نظرتَ اليه بانه شي‌ء طويل لماصحّ ان تعرف اللّهَ به و الا كنتَ وصفتَ اللّه تعالي بالطول و لكن تقطع النظر عن الطول لان الطول ليس هو حقيقة الرمح و الا لكانت المنارة رمحاً و النخلة رمحاً و لكن تجرده عن كل صفةٍ غير الشيئية فيبقي شي‌ء فبذلك يعرف اللّه سبحانه انه شي‌ء فان اردت بقولك شي‌ء تعني حادثاً اوْ قديماً لم‌تعرف به اللّه تعالي لانّ اللّه تعالي لايعرف بشي‌ءٍ موصوفٍ بحدوثٍ او قدمٍ لان الحدوث و القدم صفة للشي‌ء مغايرة لذاته فيكون متعدّداً و هو عز و جل غير متعدّد فانّك

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۵ *»

اذا وصفته تعالي بصفةٍ ان كانت غيره في الوجوب او في المفهوم لم‌يجز اَن يوصف بها لذاته بل ان كانت تليق به كانت صفة فعله اذ صفة الذات لاتقع في العبارة مغايرة للذات بل مهما ذكرت كانت صفة فعلٍ فاذا كانت صفاته هكذا حالها فكيف يعرف بشي‌ء موصوفٍ بل لا بد ان تكون الٰاية ليس كمثلها شي‌ء فاذا اعتبرتَ الرمح مثلاً من غير لحاظِ صفةٍ كان لك ان تقول انه يعرف به و ليس لك حينئذ ان يقول ان الرمح له مثل و هو الرمح الآخر فان قلتَ ذلك قلتُ لك المشابهة للآخر هي جزء ماهيّة الاوّل فان قلتَ لا قلتُ لَك فلاتلحظها و اِنْ قلتَ بلي قلتُ لك فاللّٰهُ يعرف بالمشابهةِ اذاً تعالي اللّه علوّاً كبيراً فلا ان يكون ما يعرف به اللّه غير موصوف فحين يكون الامام عليه السلام يعرف اللّه تعالي به لاتعتبر فيه صفة ولد و لا مولود فانّما يعرف اللّهُ به عليه السلام من حيث هو لا والد و لا مولود و لا حيثيّة و امّا جهة حيثيّة او صفة او موصوفية او واصفيّة او شي‌ءٍ غير محض تجرّد كنهه فلا بد عن اعتبار محوه و محو محوه في الوجدان و امّا ثبوت الوالديّة و المولوديّة و ما يتوقف علي ذلك و يترتّب عليه في الوجود فغير منافٍ لما ذكرناه و امّا تحقيق التّولّد و التّوالد و التناكح و التناسل من شي‌ء او لشي‌ءٍ فليس مسئُولاً عنْها وَ لَسْنَا بِصَددِ ذٰلِكَ .
قال سلمه اللّه : و ما التوفيق بين قول الطّبيعيّين من ان السّحاب متكوّن من الابخرة المتصاعدة الي كرة الاثير فتراكم ثم ينزل بحرارتها مٰاۤء و بين قول امامنا محمد بن عليٍّ الرضا عليهما السلام بعد سؤال المأمون من ان الغيم حين يأخذ من ماۤء البحر تداخَله سمك صغار فتسقط منه .
اقول اعلم ان البخار المتصاعد من البحار و الانهار و الاراضي الرطبة بحرارة اشعّة الشمس تتصاعد بجذب الاشعة متفرقة فقبل ان تصل الي الطبقة الزمهريريّة هي البحر المكفوف بين السّماۤء و الارض و بحكمة الحكيم تتكوّن فيه حيتان صغار بمقتضي قابلية الماۤء المجتمع بتقدير العزيز العليم و السَّحاب يغترف الماۤء تارة من هذا البحر البخاري و تارة من البحر الاجاج الَّذي علي وجه الارض المعلوم فالمطر الذي من البحر المكفوف بين السّماۤء و الارض

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۶ *»

يكون ملقحاً ينبت به النبات و الكماة و المعادن و اللؤلؤ في الصَّدف و ما اشبه ذلك و المطر الذي من البحر المالح عقيم لاينبت به شي‌ء فالتوفيق بين القَوْلَيْنِ بنحو ما سمعت .
قال سلّمه اللّه : و ما مثال عيسي عليه السلام الذي لم‌يولد من ابٍ في هذه الامة و في الانسان .
اقول قد صح من جميع المسلمين الخاۤصّة و العاۤمّة النقل عن النّبي صلّي اللّٰهُ عليه و آله علي نحو التّواتر المعنوي انه قال ما معناه لتركَبُنَّ سُنَن مَن كان قبلكم حذو النعل بالنَّعْل و القُذَّة بالقذّة حتّي لو سلكوا جُحْرَ ضَبٍّ لسَلكتموه ه‍ ، و قد اتفق الفريقان علي وقوع هذا المعني من ان كلّ ما يكون في الامم الماضيَة يكون في هذه الامّة و الجمع بين مقتضي الحكمة من انه لو كان الامر كما هو مذكور في هذا الحديث المذكور و غيره ما هو بمعناه للزم الالجاۤء في التكليف و لتبيّن الحق من الباطل من غير شبهة و لا احتمال و يقع الاضطرار في التكليف فيكون مقتضي الحكمة الايجاديّة التي اشار عز و جل اليها في كتابه المجيد في عدة مواضع مثل قوله سنة اللّه في الذين خلوا من قبل و لن‌تجد لسنّة اللّه تبديلاً و لن‌تجد لسنة اللّه تحويلاً و ان يعودوا فقد مضت سنة الاولين و اتّقوا الذي خلقكم و الجبلّة الاوّلين و امثال ذلك كثير مخالفاً لمقتضي الحكمة التشريعيّة و هو عدم صحة الالجاۤء في التكليف ليهلك من هلك عن بيّنةٍ و يحيي مَن حيَّ عن بيّنةٍ و الجمع بين مقتضَي الحِكمتَيْن الذي لايستقيم نظام الدارين الا به واجب في الحكمة الكليّة لقوام النظَام التّكويني و التكوّني فلمّا ذكر عز و جل هذا المعني المشار اليه من الجمع بين الحكمتين علي نحو الاجمال و الاشارة في قوله ان السَّاعة آتية اَكادُ اخفيها لتجزي كلّ نفسٍ بما تسعي قال صلّي اللّه عليه و آله ما معناه يؤخذ من هذا ضِغث و من هذا ضغث فيمزجانِ اذ لو خلص الحقّ لم‌يخفَ علي ذي حجي فهنالك هلك من هلك و نجا من سبقت له من اللّهِ الحسني ه‍ ، و هذا هو اصل ما سألتَ عنه و فرعه فلو كان ما ذكره صلي اللّه عليه و آله في حديث لتركبنّ سنن مَن كان قبلكم ظاهراً غير مستور و لا احتمال فيه مع اتّفاق

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۷ *»

الامّة علي صحته لزم الالجاۤء في التكليف و وقع خلاف الاصلح فاذا عرفتَ نوعَ ما لوّحْنٰا اليه ظهر لك ان سفينة نوح علي محمد و آله و عليه السلام مثال اهل البيت عليهم السلام و هي من خشب ذات الواح و دُسر و هم صلي اللّه عليهم من سمعتَ ما ذكرهم اللّه تعالي به في مثل و البحر يمدّه من بعده سبعة ابحر مانَفِدت كلمات اللّهِ.

ثم لولا مقام جنابك عندي و اخاف اخرج من هذه الدنيا و اُدفن مع جواب مسألتك في التراب و لاتجد جواب مسألتك ما دام المُفْتَقَدُ مُفْتَقَداً عجل اللّه فرجَه و سهل مخرجه و اعاننا علي طاعته و رضاه لمانطق بها فمي و لاجري بها قلمي و لكن المستعان باللّه علي الجهّال الذين سلكوا بالحق سبيل الضلال.

اعلم ان خاطري حدّثني علي ان اذكر لك اختها قبلها و هي ان موسي بن عمران اخذ برأس اخيه هرون و لحيته و جرّه بها صلي اللّه عليهما فاين مثاله في هذه الامّة مع ان علياً عليه السلام نبّه علي ذلك فقال في نظير تلك الواقعة حين سحبوه ملبّباً بثوبه يقودونه قود البعير لمّا قرب من قبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال ما قال هرون بن عمران لما اخذ موسي بلحيته يا ابن امِّ ان القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني فاين النبي الذي هو بمنزلة موسي و اين الاخذ للحية علي الذي هو بمنزلة هرون و اين اللّحية و لو كان المثال يراد منه المطابقة الظاهرة لخلص الحق و خلص الباطل و لم‌يحصل اشتباه فلايكون للمبطل شي‌ء موهوم يتمسّك به لاقامة ضلالته و لكن الان حصل له التمسّك بانّ نظير موسي محمد صلي اللّه عليه و آله و هو الآن ميتٌ و لم‌يكن احدٌ آخِذاً بلحية عليّ ليدلّ المثال علي انه بمنزلة هرون و ان مخالفيه هم العاكفون علي عبادة العجل و الحاصل ان مختصر البيان انّه صلّي اللّه عليه و آله هنا بمنزلة موسي عليه السلام و كان قد نهاه عن قتالهم و قال اصبر علي كلّ ما يفعلون معك فاخذوه يجرّونه ملبّباً بثوبه فقد اهانوه و احتقروه و وضعوا رفيع جاهه و مهابته التي هي بمنزلة اللحية فانها صورتها في عالم المثال و لذا تري المعبّرين للرؤيا اذا رأي الشخص في المنام انّ لحيته طويلة يعبّرونها بامتداد جاهه و بالعكس اذا رأها قصيرةً فلمّا نهاه صلي اللّه عليه و آله عن قتالهم سلّطهم علي جاهه الذي يعبّر به

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۸ *»

عن اللّحيةِ و يعبّر عنه بها فلمّا اهانوه كان ذلك لتسليطهم عليه بمنعه عن قتالهم فهذه اخت مسألتك .
و امّا مسألتُك فان محمد بن ابي‌بكر كانت امّه اسماۤء بنت عُمَيْس بمنزلة مريم في هذا التنظير و ابنها محمد لَيْس له اَبٌ من قوله تعالي فمن تبعني فانه منّي و قوله تعالي قال يا نوح انّه ليس من اهلك و انما خلقه من ترابٍ اي من ابي‌ترابٍ كما قال تعالي في عيسي عليه السلام كمثل آدم خلقه من تراب فعيسي بن مريم من روح جبرئل عليه السلام و نفخه كمحمّدِ بن اسماۤء من روح ابي‌ترابٍ و نفخِه عليه السلام فافهم السر الذي مابذل لغيرك ثبّتك اللّٰهُ بالْقول الثابت في الحيوة الدّنيا التي هي العلم و في الآخرة الّتي هي العقل و مثال عيسي عليه السلام في الانسان العلم خلق في النفس الّتي هي اُمّهُ و به حيوة الاموات اومن كان ميتاً فاحييناه الآية .
قال سلّمه اللّه : و ما مثال يونس عليه السلام في هذه الامة و في الانسان و ما المائة‌الف او يزيدون من قومه و ما فراره من القوم و ما سفينَتُه و ما ركوبه لها و ما القاۤؤه في البحر و ما الحوت و ما ابتلاعه له و ما تسبيحه في بطنه و ما وقوفه في الاربعين من الايّام و ما ملاقاته لقارون في اثناۤء سَيْره في البحر و ما انغمار قارون كل يومٍ قدر قامَتِه و ما خروج يونس عليه السلام من بطن الحوت و ما شجرة يقطين و ما رجوعه الي قومه و ما ايمانهم به بعد ذلك .
اقول اعلم ان هذه المساۤئل لو سألتَ بها حجّة اللّه علي اهل الدنيا و الآخرة و الاولي محمد بن الحسن عجل اللّه فرجه و سهّل مخرجه و اعاننا علي طاعته و رضاه لَمااجابك عنها فيما اعلم و ان كان عالماً بها فكيف بمثلي مع عدم علمي باكثرها اذ لا صلاح في الجواب و لايجوز فتح باب هذا النوع من العلم لما فيه من المفاسد العظيمة و هتك السّتر و امّا انا فقد اخبرتك باعتقادي الذي اَدينُ اللّه به و هو انّ اكثرها ما اعرفه من طريق اهل البيت عليهم السلام و انا لااستبِدُّ برأيي في شي‌ء لم‌يصل اليَّ فيه تصريح او تلويح عَلي اَنّي ماطلبتُ ذلك لنفسي و علمي فيه لاادري و ان كان قد وصل اليّ في بعضٍ من ذلك شي‌ء الا انه غَير تاۤمّ

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۴۹ *»

و ما كان كذلك فهو علامة عدم الرخصة في الكلام فيه و لكني اُنبّه جنابك علي الاشارة الي حرفٍ واحدٍ و هو في قول جنابك و ما مثال يونس عليه السلام و هو انّ جميع ما اشرتَ اليه امثال ما في هذه الامة و ما في الانسان و الحقيقة الممثل بها هي ما في هذه الامّة فصورة السؤال الحق ان يقال هذه الشقوق المذكورة امثلة لايّ شي‌ء لان يونس هنا مثال محمد صلّي اللّه عليه و آله و سيره في بطن الحوت مثال لعروج النبي صلّي اللّه عليه و آله علي البُراق ثم لا كلام و السّلام و اَمّا احتجاجكم في قولهم بسيط الحقيقة كل الاشياۤء علي الكلب بالكلب في الكلب فهو صحيح لا مردّ له لاينكره الا اهل الشقاوة و من ختم اللّه علي قلبه و سمعه و جعل علي بصره غشاوة و الحمد للّه ربّ العالمين .
قال ايّده اللّه : اذا كان العمل و العبادة يوجبانِ الترقّي الي عالم القدس و الصعود الي ذروة القرب فما معني كونهم حجج اللّه و اولياۤءه و خاۤصّة اللّه و اصفياۤءه علي جميع الاشياۤء قبل ظهورهم في هذه الدّار دَارِ التكليف و العمل و ليس لهم قرابة معه سبحانه حتّي يخلقهم في احسن تقويم و يردّ الاشياۤء نَازلاً الي اَسْفلِ سَافلين و هل للعمل دار غير تلك كما تدلّ بعض الاخبار من انّهم كانوا يُسبّحونَ اللّهَ و يقدّسونه و يهلِّلونَهُ و يكبّرونه فسبَّحت الملاۤئكة بتسبيحهم الي آخر ما يتضمّن الخبر .
اقول العمل و العبادة يوجبان ذٰلكَ و انّما كانوا حجج اللّه الخ بقيامهم بامر اللّه و طاعته كما اَمر قبل خَلْقِ احدٍ من خلقه فاقتضي امتثالهم امر اللّهِ و قيامهم بكمال طاعته بلوغ مقام القطبية المتبوعيّة المقتضية لان يخلق لهم مَن سواهم و ان يجعلَهم القوّام علي ساۤئرِ خلقه و القاۤئمين مَقامه في ساۤئر عالَمِه في الاداۤء فجعل طاعتهم طاعته و معصيتهم معصيته فادني مَن ادناهم و ابعد مَن ابعدهم فمن قرّبه لديه زُلفَي فبطاعته لهم عليهم السلام و موالاتهم و موالاة وليِّهِمْ و معاداة عدوِّهم و من بعّدَهُ من رحمته فبمعصيَتِه لهم عليهم السلام و موالاة عدوِّهم و معاداة وليّهم فبذلك ردَّهُ اسفل سَافِلينَ .
و قوله سلّمه اللّه و هل للعمل دار غير تلك ؟ فاعلم انّ التّكليف لاينفكّ

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۰ *»

المخلوق منه في رتبةٍ من مراتب وجوده من العرش الي الثري في كلِّ رتبةٍ بحسَبِها في الدنيا و الآخرة بل لايمكن الايجاد عَلي طِبق الحكمة بدون التكليف لانّ الايجاد قبيح بدون التكليف حتّي انّ اَهْل الجنّة مكلّفون بما يشتهون كما انهم في الدنيا مكلّفون بما يكرهون و بالجملة هم عليهم السلام قاۤئمون بامر اللّهِ كما امرهم سبحانه قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق و الحاصل الايجاد اختياريّ و لهذا ظهر بصورة العرض و السؤال فقال تعالي الست بربكم فقالوا بلي فلو لم‌يقبلوا لم‌يوجدوا عَلَي حَدِّ كسرته فانكسر فلو لم‌ينكسر لم‌يظهر فيه اثر الكسر فافهم سر الخليقة تعثر علي سرّ الحقيقة .
قال سلّمه اللّه : و اذا كانت الاشياۤء في عالم المشية متَساويةً غير متمايزةٍ فما معني يكاد زيتُ قابلية محمد و آله صلي اللّه عليه و آله يضيۤ‌ء و لو لم‌تمسسه نارُ مشيّتِنَا فما حقيقة هذا المطلب علي ما هو مقتضي قواعدكم الشريفة و اسراركم اللطيفةِ ثم السؤال في هذا المقام كثير و لكن المجيب روحي له الفداۤء اعلم بما في نفسي فيجيب بما يروي الغليل و يشفِي العَليل و اللّه الهادي الي سواۤء السبيل .
اقول قوله ايده اللّه اذا كانت الاشياۤء في عالم المشية متساوية غير متمايزة الخ ليس في المشية شي‌ء غير نفسها لان المشية و ان كانت في ذاتها واحدة الا انها باعتبار تعلّقها بالمفاعيل تتعدّد من حيث الاسم فنجعلها قسمين امكانية و هي باعتبار ما تعلقت به من الامكانات و كونية باعتبار ما تعلقت به من الاكوان يعني انه تعالي كان وحده و هو الآن علي ما كان ثم احدث الامكانات لا من شي‌ء اي ليس ثم امكان خلقت منه و انما اخترعها اختِراعاً فكان بصنعه كلّ شي‌ء ممكن علي وجهٍ كلّي مثلاً خلق امكان زيد اي جعل زيداً ممكناً علي وجهٍ كلي بمعني انه يمكن فيه شيئانِ غير متناهيين احدهما انه يمكن ان يخلق من امكان زيد و من زيد انساناً آخر او فرساً او طيراً او جبلاً او برّاً او بحراً او ارضاً او سماۤءً او جنّةً او ناراً او نبيّاً او شيطاناً و هكذا بلا نهاية و زيد زيد لم‌يتغيّر.

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۱ *»

و ثانيهما انه يمكن ان يجعل امكان زيدٍ او زيداً عمراً او فرساً او طيراً او جَبَلاً او برّاً او بحراً او ارضاً او سماۤءً او جنّةً او ناراً او نبيّاً او شيطاناً و هكذا بلا نهاية و زيد او امكانه لايصلح لشي‌ء الا بجعلِ اللّه تعالي صُلوحه لما اراد ان يصلح له فاذا اراد اظهار شي‌ء من خزانة امكانه اَلْبسَه ما شاۤء من لباس الاكوان فظهر به و اذا شاۤء اظهر منه ما شاۤء و هو هو بلا تغييرٍ و ان شاۤء غيّره الي ما شاۤء بلانهايةٍ كما قلنا في الامكان فليس في المشية شي‌ء و لايكون منها مُكَوَّن قَطّ و انما يكون بها من ماۤدّةٍ مخترعةٍ لا من ماۤدة او مخلوقة من ماۤدةٍ مخلوقة من مادةٍ مخترعةٍ لا من شي‌ء و لاتكون المشيّة مادة لشي‌ءٍ.
و قوله فما معني يكاد زيت قابليةِ محمد و آله صلي اللّه عليه و آله اعلم انّ الشي‌ء يتوقّف علي قابليته في ظهوره من خزانة الامكان الي ميدان الاَكوان و هي مخلوقة منه كالانكسار فان الكسر متوقف في الظهور عليه مع انه مخلوق من الكسر و قد ذكر اللّه سبحانه ذلك في كتابه قال تعالي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ و هو آدم عليه السلام و خلق منها زوجها و هو حواۤء فمادة الاشياۤء هو الاب بدليل دخول مِن عليه كما تقول صغتُ الخاتم من فضّةٍ فان الفضة هي الماۤدة بدليل دخول مِن عليه و هي المسماة بالوجود علي اصطلاح القوم و الام هي الصورة و هي الماهية باصطلاحهم و هي مخلوقة من المادة لان الام مخلوقة من الاب لا العكس كما توهمه المتوهمون لان اللّه سبحانه اخبر عن ذلك بقوله الحق خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و النفس آدم خلق منه حواۤء.

فاذا عرفتَ في الجملة ان المشية لاتدخل في شي‌ء من الاشياۤء لا بمادة و لا بصورة و ليست في الاشياۤء و لا الاشياۤء فيها و عرفتَ ان كل مخلوقٍ يتوقف في ظهوره الي مدينة الاكوان علي قابليته و قابليته خلقت منه فتتوقف قابليته عليه في التحقق و يتوقف عليها في الظهور و عرفتَ ان الامكان شي‌ء متحقّق في الخارج لا انه امر اعتباري كما توهموا بل هو مخلوق خلقه اللّه تعالي بمشيّته بقي عليك من معرفة راجحيّة زيت القابليّة شي‌ء و هو انّهم قالوا يمتنع الترجيح بلا مرجّحٍ مع قطع النظر عن خلاف بعضهم فيه فانهم انما اختلفوا لردّ حجّة

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۲ *»

المخالف لهم اذا احتجّ بهذه القاعدة و قالوا ايضاً يمتنع الترجّح بلا مرجّح و نحن نقول هاتان القاعدتان مضبوطتان مع انا نقول يجب الترجّح من غير مرجّح و الا لزم الترجيح من غير مرجّح و لا تنافي بين العبارتين امّا القاۤئلون بامتناع الترجّح من غير مرجّح فهو صحيح علي مرادهم و هو ان الشي‌ء يستحيلُ اَنْ يُوجَدَ بغير موجِدٍ و هذا صحيح عندنا ايضاً و نقول يجب الترجّح من غير مرجّح و هو صحيح عندنا و امّا عندهم فمنهم من يصحّحه و لايريد تصحيحه و بيان الاشكال انا نقول لو لم‌يجب الترجّح من غير مرجّح لزم الترجيح من غير مرجّح لانّ الترجيح كما لايجوز ان يكون من غير مرجّح لايجوز ان يكونَ الترجيحُ من قبَل الْفاعل لانّه لو كان من قبَل الفاعل لكَان ترجيحه للفعل من قِبَل نفسه و هو معني التّرجيح من غيرِ مرجّح الممنوع منه فلا بُدَّ من ان يكون الترجّح من قِبَلِ المفعول مثل ان يكون وجُوده ارجح من تركه فاذا اوجده الفاعل فقد رجّح ايجاده لمرجّحٍ لانّ وجوده ارجح من عدمه و هو شي‌ء مِن ذاته اعتبر لمصلحة النظام بعلم العالم فان قلتَ لو كان الامر هكذا لزم الدّور لان الشي‌ء يتوقّف علي قابليّته لانّه اذ لم‌يقبل الايجاد لم‌يوجد و القابلية انما تخلق منه فيتوقّف وجودها علَي وُجودِه قلتُ الدور الممتنع ان يتقدّم كلّ متوقّفٍ علي ما يتقدم عليه و اَمّا هذا فهو توقّف معي كتوقّف الكسر علي الانكسار و الانكسار علي الكسر بل هذا فرد من اَفْرادِ ما نحن بصَددِه بل جميع الشراۤئط الخاۤصّة تجري هذا المجري. فاذا فهمت راجحيّة كون كلّ مكوّنٍ اذ هي شرط الايجاد ظهر لك رجحان وجود كلّ موجودٍ بما هو هو فايّ شي‌ءٍ تعدّدت شراۤئط ايجاده انتظرها فلايوجد قبلها اجتماعها و ايّ شي‌ء لا شرطَ لَهُ لا انْتظارَ له اذ شرط وجوده هو و كلّ شي‌ءٍ بحسبه و الحقيقة المحمّدية صلّي اللّه عليه و آله لا شرط لها في الاكوان فيجب ان تكونَ قبل كلّ آنٍ فبينها و بين المشيّة كمال الاقتران بمعني التلازم في الكان فمعني يكاد زيت قابليته صلّي اللّه عليه و آله يضيۤ‌ء عدم الانتظار حتي كاد ان يوجد قبل الايجاد لكنه لايوجد قبل الايجاد و الايجاد الّذي هو المشية كذلك اذ كلّ ما يفرض فهو منهما و بهما و لهذا سَبَقَا الاوّليّة اذِ الاوّليّة انّما تكون بالفعل و

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۳ *»

من اثر متعلّقه صلي اللّه عليه و آله و قوله و لو لم‌تمسَسْهُ نارُ مشيّتِنَا الاَولي فيه ان يقال كما قال تعالي و لو لم‌تمسسه نار بدون مشيّتنا اذ مشيّتنا لاتستضيۤ‌ء الحقيقة المحمّدية بنارها و انما تستضيۤ‌ء بنار مشيّة اللّهِ علي نحو ما ذكرناها في كثير من رساۤئِلنا .
قال سلمه اللّه : ثم ما معني ما في الدعاۤء و اشهدُ انّ كلّ معبودٍ ممّا دون عرشك الي قرار ارضك السابعة السفلي باطل مضمحل ما عدا وجهك الكريم فهل المراد من الوجه من دون العرش الا حقاۤئقهم عليهم السلام كما نطق به احاديثهم عليهم السلام و ما وجه التخصيص بدون العرش و هل المعبود الا الوجه لغيرهم عليهم السلام حتي الانبياۤء عليهم السلام لان كل شي‌ء اما من شعاعهم او من شعاع شعاعهم و الشي‌ء لايدرك ما وراۤء مبدئه .
اقول لمّا كان اكثر الخلق لايفهمون ان ليس فوق العرش الا المعبود عز و جل اخرج الدعاۤء علي نحو ما يعرفون او يقال لمّا كان العرش له اطلاقات كثيرة فيطلق علي محدد الجهات و علي الملائكة الاربعة العالين الذين لم‌يسجدوا لآدم عليه السلام و علي الافلاك التسعة و عليها و علي الارض و اقواتها و المشيّة و الارادة و ساۤئر الافعال و علي الملك كلّه و علي الدّين و ما اشبه ذلك و كان العرش بكل معني محلّ استواۤء الحق عز و جل بكل معني جري خطاب المكلّفين و تعليمهم علي ما ذكر ليعلم ان المعبود عز و جل يتوجّه في عبادته و دعاۤئه و ذكره الي ما وراۤء العرش و اَنَّ ما دون العرش عبادته باطلة و دعاۤؤه باطل و ذكره غفلةٌ لان جميع الموجودات منحصرة في عابدٍ و معبود .
و قوله عليه السلام ما عدا وجهك الكريم يراد منه احد معنيَيْن احدهما يراد من معني الوجه المستثني الذات المقدّسة عز و جل فان كلّ معبود غير ذاته المقدّسة باطل مضمحلٌّ و ثانيهما يراد من معني العبادة الانقياد الذي يكون فعله طاعةً للّه و عبادة كما قال صلّي اللّه عليه و آله من استمع الي ناطقٍ فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن اللّه فقد عبد اللّه و ان كان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان ه‍ ،

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۴ *»

فيصير المعني انّ كُلَّ منقادٍ له مطاع من كل من هو دون عرشك الي قرار ارضِك السابعة السفلي باطل مضمحل لاتفيد طاعته الا البعد من رحمتك و جوارك الا وجهك الكريم محمد و اهل بيته الطاهرين صلّي اللّه عليه و عليهم اجمعين فان طاعتهم وَ الانقياد اليهم طاعتك و الانقياد اليك و ذلك لان طاعتهم للّه سبحانه لا لانفسهم من دون اللّه فان طاعتهم من دون اللّه و العياذ باللّه كفر و ضلالة كما تذهب اليه الكفرة الغُلاة فمعني الاوّل كل معبود بالعبادة الموظّفة المخصوصة من جميع ما هو دون عرشك الي قرار ارضك السابعة السفلي باطل مضمحلّ ما عدا ذاتك الكريمة المقدسة عز و جل و معني الثاني كلّ مطاعٍ و مستمعٍ اليه و منقاد له في جميع اقواله و افعاله و اعماله مما دون عرشك الي قرار ارضك السابعة السفلي باطل مضمحل ما عدٰا ما كان لك مثل ما كان من محمد و آله صلي اللّه عليه و آله و ممن يقول عنهم و يردّ اليهم و يحبس نظره و علمه علي دينهم و متابعتهم و هذان الوجهان لا بأس بهما اما الاوّل فظاهر و امّا الثاني فلايصحّ ان يراد من معني العبادة فيه العبادة الموظّفة التي حدّدها اللّه سبحانه بحدوده و حدّدها رسوله و اهل بيته كالصلوة المعلومة ذات الاركان و ساۤئر العبادات الموظّفة شرعاً بوجهٍ من الوجوه و ارادتها لما سوي ذات اللّه المقدسة عز و جل كفر و شرك باللّه تعالي ، فقوله سلمه اللّه : فهل المراد من الوجه من دون العرش الا حقيقتهم عليهم السلام كما نطقت به احاديثهم عليهم السلام يجب ان يراد من العبادة المستثني منها و المستثني محض الطاعة و الامتثال و الانقياد خاۤصة و لايصح ان يراد منها العبادة الموظفة الشرعيّة فان ارادة هذه مع الارادة من الوجه حقيقتهم عليهم السلام كفر و زندقة.

و قوله سلمه اللّه و ما وجه التخصيص بدون العرش فجوابه انّ ما دون العرش هو المتعارف بين عاۤمة المكلّفين ،
و قوله سلمه اللّه و هل المعبود الا الوجه لغيرهم عليهم السلام، غَلَطٌ ظاهِرٌ، الوجه الّذي يراد منه غير الذات عبد عابد حقير ذليل لعز جلال اللّه و مَن يقل منهم انّي الٰهٌ من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين لا فرق

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۵ *»

بينهم و بين الانبياۤء عليهم اجمعين السلام و بين عواۤمّ المكلّفين معبود جميع الخلاۤئق واحد لا تعدّد له و لا تعدّد فيه.

و قوله لان كل شي‌ءٍ امَّا مِن شعاعهم او من شعاع شعاعهم صحيح ان كلّ ما سواهم من شعاعهم و لكن معني كونهم من شعاعهم ان شعاعهم عليهم السلام مواۤدّ لمن سواهم و المكلف لايَعْبُد ما كان مخلوقاً منه اَلاتري انّكَ مخلوقٌ من التّراب و لاتعبد التّراب اسمع قوله تعالي اولم‌يروا الي ما خلق اللّه من شي‌ء يتفيّؤ ظلاله عن اليمين و الشماۤئل سجّداً للّهِ و هم داخرون فاخبر انّ الظلال يسجد للّه و لايسجد لذي الظّلال و الشعاع ظل النور فهو يسجد للّه لا للنور و هذا ظاهر.

و قوله هل المعبود الا الوجه لغيرهم عليهم السلام يشعر بارادة انّ معبودهم عليهم السلام هو اللّه و هو معبود غيرهم و هو غلط بل هو تعالي معبودهم و معبود الجمادات و النباتات و الحيوانات و الجواهر و الاعراض سبحانه سبحانه لا اله الا هو.

و قوله و الشي‌ء لايدرك ما وراۤء مبدئه يريد انه اذا كان مَن سواهم لايصل اليهم فضلاً عن اَنْ يتجاوزهم فكيف يعبد من هو وراۤءهم و فيه انه يلزم انهم عليهم السلام لايعبدونه لانهم لايدركون ما وراۤء مبدئهم و هو سبحانه وراۤء مبدئهم بما لايتناهَي و لكن الاعتقاد المطابق لمذهب ائمتنا عليهم السلام ان المعبود عز و جل لايقع عليه اسم و لا صفة و لاتعيّنه الاشارة و انما يقع الاسم و الصفة و الاشارة علي المصنوع و انما يعرف و يقصد و يراد من باب اللزوم مثلاً اذا فهمْت اسماً دلّ علي المسمي او صفة دلّت علي موصوف او اثراً دل علي المؤثر او نوراً دلّ علي منيرٍ فاذا وجداً ( وجدت ظ ) مصنوعاً كيف تجهل الصانع فالمعبود لايدرك و انما يدرك الدليل عليه و الموصل اليه فافهم .
قال سلمه اللّه : و عليه فما معني الصلوات من الانبياۤء و منّا عليهم عليهم السلام و كذا ما في الزيارة فاشفع لي عند اللّه ربي و ربّك في خلاص رقبتي الزيارة، اذِ المسئول عنه للانبياۤء و لنا هم و مربوبهم عليهم السلام .
اقول يريد انه اذا ثبث ان ما سواهم شعاع منهم و الشعاع لايتجاوَز رتبة المنير لزم ان تكون عبادة مَن سواهم لاتتجاوزهم و علي هذا يلزمنا ان صلواتنا

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۶ *»

بل و صلوات الانبياۤء عليهم عليهم السلام لاتصحّ لانهم اذا كانوا هم المسئولين الرحمة كيف نسألها لهم منهم و كيف يصح ان يقال للامام عليه السلام اشفع لي عند اللّه ربّي و ربّك و نحن لانصل اليه و انما ننتهي اليهم اقول و قد بيّنّا بطلان هذا من اصله و فرعه و بيّنّا انه سبحانه و تعالي هو المعبود لجميع خلقه و ان كل معبود سواه باطل و انه لايدرك و يُسْأل و لايوصل اليه و يعرفه من لايدركه و انما يعرفه جميع خلقه من الانبياۤء و غيرهم و من الحيوانات و غيرهم و كل من عرفه فانما يعرفه بالجهل به .
قال سلمه اللّه : و ما المراد بما في الفواۤئد و ذلك لان جميع ما يمكن في حق الممكن فانما هو من مشيته و ما في مشيّته في علمه فانكم قلتم في الشرح و ما يمكن ان يصدر عن المشيّة فهو في علمه الامكاني او الذاتي الذي هو اللّه عز و جل اما الامكاني فظاهر و اما الذاتي فلا بدّ من ارتكاب المجاز ليعود الي الامكان بتقدير التعلق و الوقوع الذي هو المعني الفعلي فهل قبل المشية شي‌ء يسمي بالعلم و القدرة او غيرهما بايّ فرضٍ و اعتبارٍ .
اقول جميع ما يمكن في الشي‌ء الممكن من الهيئات و الافعال فهو من المشيّة يعني ان المشية تقتضيه و تقتضي ايجاده في الممكن لان هيئات كلّ شي‌ء من هيئات المشية بمعني صدوره عنها و ليس المراد انه فيها و يخرج منها بحيث تكون اذا خرج خاليةً من الخارج و انّما نريد انّ المشيّة تصلح لاحداث كل ما يمكن فرضه في الممكن اوْ له و انّها مشتملة علَي ايجاد كل ما يُريد الفاعل اِحْداثه و كلّ ما تضمّنت من الكمال فهو في كمال علمه.

و امّا مرادي مما في الفوَاۤئد من قولي : و لايمكن في ذاته اعني لايمكن في ذات الممكن الا ما يمكن في المشيّة و لايمكن في المشيّة الا ما يمكن في العلم و هو الذات الحق سبحانه، اريد انه لايمكن في شي‌ء من المصنوعاتِ الا ما هو من الهيئات الممكنة في المشية و لايمكن في المشية شي‌ء من الهيئات الا ما كان في ملك اللّه الحاضر بين يديه في مكان وجوده و زمان حدوده و هذا معني ما نريد من قولنا ما يمكن في العلم يعني ان كلّ ما لايكون متعيّناً علي ما هو عليه في امكنة

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۷ *»

وجوده و ازمنة حدوده حاضراً كما هو فيما لايزال بين يدي اللّه اي في ملكه لايكون ممكناً في المشية و لا في المُشاۤءَات و هذا هو معني كونه في علم اللّه الذي هو ذاته يعني انه معلوم له و لانريد الظرفية فان العلم الذاتي هو اللّه و اللّه سبحانه ليس فيه شي‌ء غيره هو تعالي صمد لم‌يلد و لم‌يولد و لم‌يكن له كفؤاً احد و ليس الطريق في التخلص هو ارتكاب المجاز ليؤّل العلم بتعلّقه لانك اذا اردتَ بالعلم الذات الحقّ تعالي كما لايجوز كون شي‌ء فيه كذلك لايجوز ان يُأوّل بتعلّقه لان ذات اللّهِ لاينسب اليها التعلق لا حقيقة و لا مجازاً.

و قوله فهل قبل المشية شي‌ء يسمي بالعلم و القدرة نعم المراد بالمشية الكونيّة و قبلها المشية الامكانية و الامكانات لكل شي‌ء و هي العلم الذي لايحيطون بشي‌ء منه و كذا القدرة و اما الكونية فهي المستثني اي الذي يحيطون به في قوله تعالي الا بما شاۤء فلايحيطون بشي‌ء من علمه الامكاني الّا بما شاۤء من علمه الكوني.
قال ايّده اللّه : و عليه فهو امَّا مخلوق او قديم فان كان مخلوقاً امّا بنفسه فهو نفس المشية لا انّ ما في المشية فيه و امّا يغيره فلا بد ان يكون بشي‌ءٍ مخلوق بنفسه لعدم قولكم بالربط بين القديم و الحادث و لما يرد عليه ما يرد علي اهل الحكمة و ان كان قديماً فهو الذات نفسُهَا فما معني ما في المشيّة فيها و ان ما في المشية من الامكان و لا شي‌ء من الامكان في القديم تعالي لان الازل صمد.
اقول قد ذكرنا انّ ما قبل المشيّة هو المشيّة الامكانية و امْكانات الاشياۤء و كلّها مخلوقة امّا المشية فهي مخلوقة بنفسها و امكانات الاشياۤء اعْني انّ الاشياۤء حال كونها ممكنة قبل تكوينها اَيْضاً مخلوقة بالمشيّة الامكانية لان تلك الممكنات هي متعلق المشيّة الّتي تتقوّم بها فهي مخلوقة بالمشيّة لا من شي‌ءٍ و انما اخترعها اختراعاً و لا شكّ انّه ليس بين الحادث و القديم ربط و الا كان القديم مقروناً بما ارتبط به و المقترن حادث و ما في المشية يراد منه الهيئات الظاهرة علي الممكن بِها و ان كانت منها علي نحو الاشراق و التّجلي اِذ الهيئاتُ القاۤئمة بها في الاعتبار علي نحو العروض لاتقع علي الممكن و انّما الواقع علي الممكن اشراقات تلك الاظلّة و لهذا نسمّيها بالاشراقات المنفصلة و لانقول

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۸ *»

بوجود شي‌ء من الامكان في الازل و لو بالفرض و الاعتبار و لا بوجود شي‌ء من الازل في الامكان و لو بالفرض و الاعتبار .
قال ايّده اللّه : و ما معني التعلق و الوقوع في هذا المقام افليس العلم الامكاني هو نفس المشيّة اوليس اذا اوجد المشية اوجد العلم و القدرة و غيرهما و كل شي‌ء من الامكان و ما معني قولكم بعد ما تقدّم او بارادة العنوان الذي هو المقامات و العلامات فهل المقامات غير مخلوقة او مخلوقة و عليه فهل وُجِدَتْ قبل المشيّة او معها او هي نفس المشيّة مع محلِّها .
اقول معني التعلق و الوقوع في هذا المقام هو الظهور بالمتعلَّق بفتح اللام و بالموقوع عليه و العلم الامكاني قسمان : احدهما نفس المشية الامكانية و ثانيهما ذاتُ الممكن قبل التكوين سواء كان قبل وقوع التكوين علي ظاهره ام لا و المراد بالعنوان الدليل و المقامات و العلامات و هي الفعل مع المفعول حال تعلّقه به كالحديدة المحماة حين تعلّق حرارة النار بها و هي بمنزلة قاۤئم من زيد فان قاۤئم مركب من فعل القيام و من القيام فالقيام ركن قاۤئم و اذا عرفتَ انها مركبة من حادثين الفعل و اثره لم‌تشك في حدوثها و لم‌تشك في انّها مع المشية و المشاۤء فهي نفس المشيّة مع محلّها يعني اثرها المشاۤء .
قال سلمه اللّه : و ما عملكم في صلوة الليل الي مفردة الوتر فانها غير مذكورةٍ في مختصر الحيدريّة .
اقول صلوة الليل معلومة الكيفية و ليس فيها كثير اختلاف و لكن طريق عملي علي جهة الاجمال انّي اصلّي ركعتي الافتتاح قبل صلوة الليل اقرأ في الاولي الحمد و التوحيد و في الثانية الحمد و الجحد فاذا سلمتُ قرأت الدعاۤء : الهي كم من موبقةٍ حَلُمتَ عن مُقابلتها بنقمتك الدعاۤء ، ثم اقوم و اصلّي صلوة الليل ثمان ركعات و الافضل ان يقرأ في الاولي الحمد و التوحيد مرة و افضل منه في الاولي الحمد و التوحيد ثلاثين مرة و في الثانية الحمد و الجحد مرة و افضل منه في الاولي الحمد و التوحيد ثلاثين مرة و في الثانية الحمد و التوحيد

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۵۹ *»

ثلاثين مرة و امّا الست البواقي فاقرأ ما شئت و الافضل السور الطوال و تقرأ بعد كل ركعتين الدعاۤء المأثور ثم تسجد و تقوم و تصلّي ركعتي الشفع تقرأ في كل ركعة التوحيد ثلاثاً او تقرأ فيهما المعوذتين في كل ركعة واحدة و تقنت في الثانية قبل الركوع بما شئت او بالدعاۤء الوارد : اللهم اهدنا فيمن هديتَ الخ ، فاذا سلمتَ قرأت بعدهما الدعاۤء : الهي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون الخ ، ثم تصلي مفردة الوتر تقرأ فيها التوحيد ثلاثاً و الفلق و الناس مرة و تقنت بالدعاۤء و الافضل ان تستغفر بعده لاربعين من المؤمنين الي المائة ان شئت و لم‌يرد فيه نص بالخصوص و انما هو وصلة الي استجابة الدعاۤء ثم تستغفر سبعين مرة الي المائة و تستغفر سبع مرات استغفر اللّه الذي لا اله الا هو الحيّ القيوم بديع السموات و الارض ذو الجلال و الاكرام لجميع ظلمي و جرمي و اسرافي علي نفسي و اتوب اليه ثم تقرأ الدعاۤء المأثور : ربّ اسأتُ الخ ، او بدله و هو الذي انا استعمله و هو : اللهم اني استغفرك لكل ذنبٍ جري به علمك فيّ و علَيَّ الي آخر عُمري لجميع ذنوبي لاوّلِها و آخرِها و عمدِها و خَطأِها و قليلِها و كثيرِها و دَقيقِها و جليلِها و قديمِها وَ حادِثِها و سرِّها و علانيتِها و جميعِ ما اَنا مذنِبُهُ و اَتوبُ اليك و اسألُكَ ان تصلّيَ علي محمدٍ و ال‌محمدٍ و ان تغفِرَ لي جميعَ ما احصيتَ من مظالِم عبادِك قِبَلي فانّ لعِبَادِك عليَّ حقوقاً و انَا مُرتَهَنٌ بها فاغْفِرها لي كيف شئتَ و اَنَّي شئتَ يا ارحمَ الراحمينَ ثم قل اللهمّ انّ ذنوبي و ان كانت فظيعةً فانّي مااردتُ بها قَطيعةً و لااَقولُ لك العتبَي لااَعُودُ لما اعلمه من خلَّتي و لااَشْتَرِطُ استِمْرارَ توبَتي لما اَعلمهُ من ضَعْفي و قد جئتُ اطلبُ عفوَك و وسيلتي اليكَ كرمُكَ فصلِّ علي محمدٍ و آل‌محمدٍ و اكرمني بمَغْفِرتِك يا ارحمَ الراحمينَ ثم قل العفو العفو العفو ثلٰثمائة مرة ثم قل ما كان زين‌العابدين عليه السلام يقول : اللهم ان استغفاري ايّاك و انا مصِرٌّ علي ما نهيتَ عنه قلّة حياءٍ و تركَ الاستغفارِ مع علمي بسعة رحمتِك تضييعٌ لحقِّ الرجاۤءِ اللهمّ ان ذنوبي تؤيِسُني اَن ارجوَك و ان علمي بسعة رحمتِك يؤمِنُني اَن اَخشاك فصلِّ علي محمدٍ و آل‌محمدٍ و حَقِّقْ رجاۤئي لَكَ و كَذِّبْ خَوفي منك و كن لي عندَ حُسْنِ

 

«* جوامع الکلم جلد ۹ صفحه ۶۶۰ *»

ظنّي بك يا اكرمَ الاكرمينَ ثم اركع و ارفع رأسك و انتصِب و قل : هذا مقامُ مَن حسَناتهُ نعمةٌ منك الدعاۤء ، و اسجد و اذا سلمتَ قرأت : اناجيك يا موجوداً في كل مكانٍ الدعاۤء ، ثم اسجد و قل : ارحم ذلّي بين يديك الدعاۤء ، ثم صل ركعتي الفجر و الافضل ان تقرأ في الاولي بعد الحمد سورة الجحد و في الثانية التوحيد و ان نسيتَ الجحدَ في الاولي و قرأتَ التوحيد قرأت الجحد في الثانية و ان قرأتَ التوحيد في الاولي ناسياً ثم ذكرتَ قبل الركوع فاقرأ الجحد و لو تعمّدتَ العكس صحّت ، و الحمد للّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين .
قد وقع الفراغ من تسويد هذه الاجوبة ليلة الثامنة‌عشرة من شهر رجب سنة ست و ثلاثين بعد المائتين و الالف بقلم مؤلفها العبد المسكين احمد بن زين‌الدين بن ابراهيم الاحساۤئي المطيرفي حامداً مصلياً مسلماً مستغفراً.