09-11 جوامع الکلم المجلد التاسع ـ رسالة في تفسير کلمة الاحد في سورة‌التوحيد ـ مقابله

رسالة فی تفسیر کلمة احد من سورة التوحید

 

من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم

الشيخ احمد بن زين‌الدين الاحسائي اعلي الله مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 60 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي انه قد عرض لي وارد و انا في بعض الصلوات النوافل ففتح لي فهم بعض معاني احد من قل هو الله احد و ما يراد منه فاردت ان‌اثبت بعض ما ورد علي (علي من خ‌ل) معني احد في السورة الشريفة ليتنبه لمحض التوحيد من كان له قلب من طالبي مراتب (المراتب خ‌ل) العالية من اخواننا المؤمنين او القي السمع و هو شهيد و ينبغي ان‌اذكر قبل ذلك بعض كلام اهل اللغة و العلماء و ما اشاروا اليه من الشبه و الاجوبة من باب المقدمة لانه هو الذي انست به افهام الاكثرين ليكون سلماً يرتقون به الي ما اشير اليه تسهيلاً للبيان و الله سبحانه هو المستعان رجاء ان‌يعثر الطالب للعرفان علي مراد سادات الزمان عليهم سلام الرحمن الذي خلق الانسان و علمه البيان من التوحيد الذي هو من نهايات الايمان في رتبة الامكان.

فاقول ان احد عند اهل اللغة بمعني الواحد و كذا في ظاهر بعض الاخبار قال في النهاية و في حديث الدعاء انه قال لسعد و كان يشير في دعائه باصبعين احد احد اي اشر باصبع واحدة لان الذي تدعو اليه واحد و هو الله تعالي انتهي، و في القاموس الاحد بمعني الواحد و يوم من الايام جمعه آحاد و احدان او ليس له جمع او الاحد لايوصف به الا الله سبحانه و تعالي لخلوص هذا الاسم الشريف له تعالي و يقال للامر المتفاقم احدي الاحد و فلان احد (احدي خ‌ل) الاحدين و واحد الاحدين و واحد الاحاد و واحدي (احدي خ‌ل) الاحد لا مثل له و هو ابلغ المدح هـ ،

اقول و ظاهر ما ذكره من المبالغة و الشهرة (الشدة خ‌ب) في احد انما هو مستفاد من الاضافة لا من نفسه و قال في النهاية في اسماء الله تعالي (تعالي الاحد خ‌ب) و هو الفرد الذي لم‌يزل وحده و لم‌يكن معه آخر و هو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول ما جائني احد و الهمزة فيه بدل

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 61 *»

من الواو اصله وحد لانه من الوحدة هـ ،

و قال الازهري الفرق بين الواحد و الاحد ان الاحد بني لنفي ما يذكر (يذكره خ‌ل) معه من العدد تقول ما جاءني احد و الواحد اسم بني لمفتتح العدد تقول جاءني واحد من الناس و لاتقول جاءني احد و الواحد هو المتفرد بالذات في عدم المثل و النظير و الاحد المتفرد بالمعني هـ ، و قيل الاحد هو الذي لايتجزأ و لايقبل الانقسام و لا نظير له و لا مثل و لايقبل مع هذين (لايقبل هذين خ‌ب) الوصفين الا الله تعالي

و في توحيد الصدوق الاحد معناه انه واحد في ذاته قال السيد نعمة الله في شرح هذا الكلام هذا مبني علي ترادف الواحد و الاحد كما هو احد القولين و قال يجوز ان واحداً من الدواب او الطير او الوحوش او الانس قال (و قال خ‌ب) السيد نعمة الله محصل هذا الفرق ان الواحد يطلق علي الانسان و غيره بخلاف الاحد فانه لايطلق الا علي الانسان يعني ان الواحد اعم مورداً لكونه يطلق علي من يعقل و غيره و لايطلق الاحد الا علي من يعقل.

و ذكر المحققون وجهاً آخر للفرق بينهما اذا وقعا في سياق مثل هذا النفي و هو ان قولك ليس في الدار واحد لايقتضي استغراق النفي مطلقاً فيجوز ان‌يكون فيها اثنان بخلاف قولك ليس في الدار احد فانه يقتضي استغراق الآحاد و غيرها و ذكر الشهيد طاب ثراه ان الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الي الذات و الاحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الي الصفات،‌ انتهي كلام السيد نعمة الله.

و عبارة الصدوق في التوحيد هكذا: الواحد الاحد معناه انه واحد في ذاته ليس بذي ابعاض و لا اجزاء و لا اعضاء و لايجوز عليه الاعداد و الاختلاف لان اختلاف الاشياء من آيات وحدانيته مما دل به علي نفسه و يقال لم‌يزل الله واحداً و معني ثان انه واحد لا نظير له فلايشاركه في معني الوحدانية غيره لان كل من كان له نظراء و اشباه لم‌يكن واحداً بالحقيقة و يقال فلان واحد الناس اي لانظير له فيما يوصف به و الله واحد لا من عدد لانه عزوجل لايعد في الاجناس و لكنه واحد لا نظير له.

و قال بعض الحكماء في الواحد و الاحد انما قيل واحد لانه متوحد و الاول لا ثاني معه ثم ابتدع الخلق كلهم محتاجاً بعضهم الي بعض و الواحد من العدد في الحساب

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 62 *»

ليس قبله شيء بل هو قبل كل عدد و الواحد كيف ما ادرته او جزيته لم‌يزد فيه شيء و لم‌ينقص منه شيء تقول واحد في واحد, واحد, فلم‌يزد عليه شيء و لم‌يتغير اللفظ عن الواحد فدل علي انه لاشيء قبله (قبله و اذا دل علي انه لاشيء قبله خ‌ل) دل علي انه محدث الشيء و اذا كان هو معني محدث الشيء دل علي انه لاشيء بعده فاذا لم‌يكن قبله شيء و لا بعده شيء فهو المتوحد بالازل فلذلك (فكذلك قيل خ‌ب) واحد احد.

و في الاحد خصوصية ليست في الواحد تقول ليس في الدار احد فهو مخصوص بالآدميين دون سائرهم و الاحد ممتنع من الدخول في الضرب و العدد و التشبيه و في شيء من الحساب و هو منفرد بالاحدية و الواحد منقاد للعدد و القسمة و غيرهما داخل في الحساب تقول واحد و اثنان و ثلثة فهذا العدد و القسمة و الواحد علة العدد و هو خارج من العدد و ليس بعدد و تقول (بعدد تقول خ‌ب) واحد في اثنين و ثلاثة فما فوقها و تقول في القسمة واحد بين اثنين او ثلثة لكل واحد من الاثنين واحد و نصف و من الثلاثة ثلث فهذه القسمة و الاحد ممتنع في هذه كلها لايقال احد و لا اثنان و لا احد في احد و لا واحد في احد و لايقال احد بين اثنين و الاحد و الواحد و غيرهما من هذه الالفاظ كلها مشتقة من الوحدة انتهي كلامه في كتاب التوحيد.

و فيه قال الباقر عليه‌السلم الاحد الفرد المتفرد و الاحد و الواحد بمعني واحد و هو المتفرد الذي لانظير له و التوحيد الاقرار بالوحدة و هو الانفراد و الواحد المتباين الذي لاينبعث من شيء و لايتحد بشيء و من ثم قالوا ان ابناء العدد من الواحد و ليس الواحد من العدد لان العدد لايقع علي الواحد بل يقع علي الاثنين فمعني قول الله (الله احد اي خ‌ب) المعبود الذي يأله الخلق عن ادراكه و الاحاطة بكيفيته فرد بالهيته متعال عن صفات خلقه هـ ، و باستناده (باسناده خ‌ل) الي المقداد (المقدام خ‌ل) بن شريح بن هاني عن ابيه قال ان اعرابياً قام يوم الجمل الي اميرالمؤمنين عليه‌السلم فقال يا اميرالمؤمنين اتقول ان الله واحد قال فحمل الناس عليه و قالوا يا اعرابي ماتري ما فيه اميرالمؤمنين (ع) من تقسم القلب فقال اميرالمؤمنين عليه‌السلم دعوه فان الذي يريده

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 63 *»

الاعرابي هو الذي نريده من القوم ثم قال يا اعرابي ان القول في ان الله واحد علي اربعة اقسام فوجهان منها لايجوزان علي الله عزوجل و وجهان يثبتان فيه فاما اللذان لايجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الاعداد فهذا ما لايجوز لان ما لا ثاني له لايدخل في باب الاعداد الاتري انه كفر من قال ثالث ثلثة و قول القائل هو واحد (احد خ‌ب) من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لايجوز عليه لانه تشبيه و جل ربنا عن ذلك و تعالي و اما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الاشياء شبيه كذلك ربنا و قول القائل ان ربنا عزوجل احدي المعني يعني به انه لاينقسم في وجود و لا عقل و لا وهم كذلك ربنا عزوجل هـ ، و مثل معناه ما في رواية الفتح بن يزيد الجرجاني عن ابي‌الحسن الرضا عليه‌السلم و قال التفتازاني في اعراب كلمة لا اله الا الله ما حاصله ان لفظة الله موضوعة للذات المتشخصة لا للمفهوم الكلي و الا لم‌تكن لا اله الا الله مفيده للتوحيد قيل عليه يمكن ان‌يستدل علي ان لفظة الله موضوعة للمفهوم الكلي (الكلي فانها خ‌ل) لو كانت موضوعة للذات المتشخصة لم‌تكن قل هو الله احد مفيدة للتوحيد اذ التوحيد انما يستفاد منه لو افاد ان هذا (لو قارن هذا خ‌ب) المفهوم الكلي احد لا فرد سواه و اما اذا افاد ان هذا الذات المتشخصة احد فلايستفاد منه الا ان هذا الفرد من هذا المفهوم الكلي احد و لايستفاد منه انه لا فرد لهذا المفهوم سواه قيل فيه اولاً انما يتجه علي تقدير كون هو ضمير الشأن و الجملة بعده مبتدأ و خبر خبر عنه اما علي تقدير كونه راجعاً الي المعبود كما ورد في التفسير انهم قالوا له صلي الله عليه و آله اخبرنا عن الهك ما هو فنزلت الآية‌ اي قل في جوابهم هو الله احد فيكون احد خبراً بعد خبر فلا اتجاه له و ثانياً انه علي تقدير ذلك فالتوحيد مستفاد من آخرها و هو قوله و لم‌يكن له كفواً احد فتأمل هـ

، اقول لابأس بايراد بعض الايراد علي بعض ما ذكرنا عن بعضهم و بيان بعض ما قد يخفي من كلام ائمة الهدي عليهم‌السلم مما استفدته من كلامهم صلوات الله عليهم اجمعين: فقول اهل اللغة ان احد بمعني واحد مبني علي ظاهر اللغة (اللغة اما ان اللغة لان اللغة خ‌ب) العربية

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 64 *»

انحاء استعمالاتها سبعون نحواً روي الشيخ المفيد و محمد بن حسن الصفار في بصائر الدرجات باسنادهما عن ابي‌عبدالله عليه‌السلم انه (انه قال خ‌ل) اني لاتكلم علي سبعين وجهاً في كلها المخرج هـ ، (المخرج و باسناده عن محمد بن مسلم عن ابي‌عبدالله (ع) انا نتكلم بالكلمة لها سبعون وجهاً لنا من كلها المخرج هـ ، خ‌ل) و باسنادهما عن محمد بن مسلم (و روي محمد بن محمد بن الحسن خ‌ل) في البصائر عن احمد بن محمد بن عن (محمد عن خ‌ب) ابن محبوب عن الاحول عن ابي‌عبدالله عليه‌السلم قال انتم افقه الناس ما عرفتم معاني كلامنا هـ ، و روي (رواه خ‌ب) المفيد و روي صاحب البصائر عن ابي‌بصير قال سمعت اباعبدالله عليه‌السلم يقول لاني (اني خ‌ل) لاتكلم بالكلمة الواحدة لها سبعون وجهاً ان‌شئت اخذت كذا و ان‌شئت اخذت كذا هـ ، و بالجملة فالاحاديث في هذا المعني مستفيضة و اسفل الوجوه ما هو المعروف الجاري علي السنة العرب و البوادي مثل جعل الاحد و الواحد بمعني واحد و من ثم تنبه اهل العرفان لشيء آخر فجعلوا الاحد لتفريد الذات و الواحد للاسماء و الصفات فاذا قيل احد في ذاته دل علي انفراد الذات عن كل ما سواها و دل علي بساطتها و اذا قيل واحد في صفاته و اسمائه دل علي اختصاصها فقط و لم‌يدل علي بساطتها و لا علي اتحادها و كذا لو قلت واحد في صفته و اسمه فلاتتوهم من ذكري الصفات و الاسما ء بالجمع ان المانع من افادة واحد البساطة و الانفراد ذكري لها بالجمع اذ لا فرق في الافادة بين الجمع و الانفراد بخلاف ما (ما لو خ‌ل) قلت احد في صفاته و اسمائه فانه لو فرض استعماله في الصفات و الاسماء كان اما ان‌يكون جرياً علي الظاهر من كون احد بمعني واحد او ان المعني ان صفاته و اسماءه ليس فيهما نسب او ارتباط بحيث يكون يحدث من الوصف و التسمية اقتران بالذات او ارتباط او نسبة غير ما يراد منهما لانفسهما فافهم فانه دقيق عميق.

و معني آخر للفرق ان الاحدية هي جهة التوحيد في اربعة انحاء: الاول انه تعالي واحد في ذاته ليس له ضد قال تعالي و قال الله لاتتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد،

 و الثاني انه تعالي واحد في صفاته فليس له ند قال

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 65 *»

ليس كمثله شيء

 و الثالث انه تعالي واحد في فعله فليس له شبيه قال تعالي هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه و قال تعالي الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء.

و الرابع انه تعالي واحد في عبادته قال تعالي فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لايشرك بعبادة ربه احداً. فالطرق اربعة هو تعالي واحد في كل واحد و يجمعها معني احد فمثال ذلك في هذا اللفظ المحسوس و لله المثل الاعلي واحد واحد واحد واحد يجمعها اربعة فان الاربعة الآية (آية خ‌ل) الاحدية و واحد واحد واحد واحدية (واحد آية خ‌ل) الواحدية (الوحدانية خ‌ل) و ايضاً واحد من نوع العدد فيلحظ عدد قواه و هي تسعة عشر تنقص عن التمام بواحد و هو من نوع العدد فيلحظ عدد قواه و هي تسعة عشر تنقص عن التمام بواحد و هو من نوع العدد فيلحظ عدد قواه و هي تسعة عشر و هكذا لانها من نوع الصفات المفتقرة في الوجود و التحقق و البقاء الي الذوات (الذات خ‌ل) و بها يكون (كان خ‌ل) التمام.

فاذا اردت تمام عدد قوي واحد فاضفه الي احد فيتم عدد الوجود الراجح اعني العشرين المستنطقة (المستنبطة خ‌ل) بالكاف المعبر بها عن المشية التي هي اكبر آيات الذات و لايلحظ عدد قوي احد لانه ليس من نوع العدد (الاحد خ‌ل) فلايتمم (فلايتم خ‌ل) عدد العشرين بواحد منه.

و اما قول اهل اللغة ان احد اول العدد تقول احد و اثنان و احدعشر و احدي عشرة فان المراد من احد هنا الواحد فلذا (و لذا خ‌ل) قيل في احد اصله واحد فابدل الواو همزة و حذفت الالف التي في واحد لعدم صلوحها للابتداء لعدم تحركها لانها صورة بلاحركة و قيل (قيل اصل خ‌ل) احد وحد فابدلت الهمزة من الواو المفتوحة كما ابدلت من المضمومة مثل اجوه في وجوه و من المكسورة مثل اشاح في وشاح و لم‌يبدلوا من الواو المفتوحة الا في احد في وحد و امرأة (امرأة في خ‌ب) اناة من الوني بمعني الفتور و هذا جار علي ظاهر اللغة من ان الاحد بمعني الواحد لما فيه من الخفة فانه في احد‌عشرة (احد عشر خ‌ب) اخف من واحدعشر و لما فيه كما قيل انه بمعني الاول و منه يوم الاحد اي يوم الاول من الاسبوع و هذا من الفروق ايضاً فان واحد لايكون بمعني اول و علي قول

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 66 *»

صاحب القاموس جمعه آحاد انه يحتمل ان‌يكون (يكون آحاد خ‌ب) جمع واحد او جمع احد بمعني واحد علي استعمال ظاهر (ظاهر اللغة خ‌ل).

و اما احد من حيث هو باعتبار (باعتبار مقتضي خ‌ل) مادته و هيئته فلايصح ان‌يكون له جمع لان الجمع مناف له حينئذ فاذا جمع كان ما جمع بمعني الواحد و لذا قال او ليس له جمع ثم ردد فقال او الاحد لايوصف به الا الله لان مقتضي مادته و هيئته محض الوحدة و الانفراد و البساطة و الاتحاد و لذا قال ابن الاثير في النهاية و هو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد و كذلك (كذا خ‌ب) قال غيره و ما مثلوا به لمعني ما بني له من انك تقول ما جاءني احد كما قاله الازهري و غيره غلط لان النفي الذي استفادوه انما هو من تأليف الكلام مع احد فلم‌يكن احد نفسه بني لنفي ما يذكر معه من العدد وانما حصل لهم من ما النافية و معني انه بني لنفي ما يذكر معه من العدد ان الالف و الحاء و الدال الفت علي هذه الهيئة لنفي السواء مطلقاً و لما كان الممكن لاينفك عن السوي اختص الوصف باحد بالله عزوجل فالنفي المشار اليه افادته مادة احد و هيئته و لهذا لايستعمل الواحد بمعني الاول و يأتي ان‌شاء الله تعالي بيان ما اردنا بيانه.

و قول الازهري و الواحد هو المتفرد بالذات في عدم المثل و النظير يدل علي ما اشاروا اليه من ان الواحد ليستعمل (يستعمل خ‌ب) لتفريد الصفات فانك اذا قلت زيد واحد الناس دل علي انه منفرد بصفاته و لايدل علي انه بسيط او انه اولهم او انه لايشابههم في الذات (بالذات خ‌ب) او في الخلقة او غير ذلك مما هو ذاتي له بل دل علي انه منفرد عنهم بصفاته او بافعاله مما يدل سياق الكلام عليه بخلاف احد فان قول الازهري فيه و الاحد المتفرد بالمعني يدل علي انه ناف للمشاركة في نفس الذات فلايشابهه في ذاته الغير لا في مادة الذات و لا في صفاتها التي هي الذات كما نشير الي بيانه ان‌شاء الله تعالي.

و قيل الاحد هو الذي لايتجزأ و لايقبل الانقسام و لا نظير له و لايقبل هذين الوصفين الا الله تعالي و هذا القول يطابق قول الازهري في المعني اذ الانفراد الذي دل عليه احد ليس في الصفات كما دل عليه الواحد بل الانفراد المستفاد من احد هو ما اختص بمعني الذات فمن

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 67 *»

صدق عليه احد لايتجزأ و الا لشاركه في معناه كل متجز و لايقبل الانقسام و الا لشاركه كل قابل للانقسام و لا نظير لذاته في الكنه و البساطة و التجرد و قطع جميع النسب و التعلقات و الارتباطات و جميع انواع المشابهة و جهاتها و من وجد في معناه و ذاته شيء من هذه الامور المشار الي نفيها عن ذات من صدق عليه احد لايصدق عليه احد (احد و الا لم‌يكن من صدق عليه احد خ‌ب) متفرداً بالمعني بل شاركه في معناه من في معناه شيء من هذه الامور المنفية عن معني من صدق عليه احد هذا خلف.

و قول السيد نعمة الله في قول الصدوق الاحد معناه انه واحد في ذاته في شرح هذا الكلام هذا مبني علي ترادف الواحد و الاحد كما هو احد القولين فيه انا قد قدمنا ان الاحد هو المتفرد في جهات اربع عن المشاركة في ذاته و صفاته و افعاله و عبادته بمعني انه باعتبار تعدد جهات التوحيد الذي افاده (افاده احد خ‌ل) من وصف من صدق عليه (عليه فان من صدق عليه خ‌ل) احد لابد ان‌يكون واحداً في ذاته بمعني انه واحد لا اثنان و واحداً (واحد خ‌ل) في صفاته بمعني انه متفرد بها و واحداً في افعاله بمعني ان ماسواه لايقع منه فعل مشابه لشيء من افعاله كما قال تعالي هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء و واحداً في عبادته لان عبادته التي يستحقها و تليق بجلاله (بجلاله بمعني انه لابد خ‌ل) ان‌يقطع العابد نظره عن الالتفات الي ما سواه في التوجه اليه تعالي و الدعاء و الرجاء و الخوف و الاعتماد و التوكل و الثقة و التفويض و المعول و في كل شيء مما يرجع الي الخلق و الرزق و الممات و الحيوة من المقاصد و الاعمال و الافعال و الاحوال و الاقوال بحيث لايجد في وجوده و لا في وجدانه شيئاً غير معبوده عزوجل و من تفرد في هذه الجهات الاربع التي افاد الواحد التفرد كل (المتفرد بكل خ‌ب) واحدة منها فهو الاحد.

و لايقال في تثبيت التوحيد احد في ذاته احد في صفاته احد في افعاله احد في عبادته لما بين المعني المقصود و المعني المستفاد من احد من التدافع الا ان‌يراد من الاحد معني الواحد بالجريات علي ظاهر اللغة لان الواحد يفيد الانفراد و الاحد يفيد الاتحاد و ما ورد علي السيد نعمة الله من جهة ما استفاد

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 68 *»

(استفاده خ‌ل) من عبارة الصدوق من الترادف وارد علي عبارة الصدوق و بالطريق (الصدوق بالطريق خ‌ب) الاولي.

و قول الصدوق يجوز ان واحداً من الدواب او الطير (و الطيور خ‌ب) او الوحوش او الانس و قال عليه السيد نعمة الله محصل هذا الفرق ان الواحد يطلق علي الانسان و غيره بخلاف الاحد فانه لايطلق الا علي الانسان يعني ان الواحد يطلق علي الانسان و غيره بخلاف الاحد فانه لايطلق الا علي (الي خ‌ل) الانسان يعني ان الواحد اعم مورداً لكونه يطلق علي من يعقل و غيره و لايطلق الاحد الا علي من يعقل كما تقدم.

اقول و هذا احد الفروق و هو كذلك الا ان قوله في الواحد لكونه يطلق علي من يقعل و غيره فيه ان صدقه علي من يعقل ليس كصدق احد علي من يعقل لان صدق واحد علي من يعقل من حيث الانفراد لاغير بخلاف احد فان صدقه عليه من حيث الاتحاد فلايجتمعان فيمن يعقل بجهة واحدة ليصح كون الواحد اعم مورداً فافهم.

و ما ذكره المحققون وجهاً آخر للفرق بين الواحد و الاحد اذا (اذا ما خ‌ب) وقعا في سياق مثل هذا النفي و هو ان قولك ليس في الدار واحد لايقتضي استغراق النفي مطلقاً فيجوز ان‌يكون فيها اثنان بخلاف قولك ليس في الدار احد فانه يقتضي استغراق الآحاد و غيرها.

اقول هذا متجه الا انه لم‌يكن ذلك حاصلاً من خصوص لفظ احد و الا لكان بنفسه مفيدا للعموم اذا وقع في سياق الثبوت فلاتفيد سورة التوحيد ما اريد منها من محض التوحيد الذي دلت عليه و ما قيل من انها انما افادت التوحيد بآخرها غلط فاحش فان قوله و لم‌يكن له كفؤاً احد انما وقع مباناً (بياناً خ‌ب) لما دل عليه (عليه احد خ‌ل) في اولها لان الاحد الذي يقع في سياق النفي كما مثلوا به انما دل علي استغراق الآحاد بمعونة النفي لانهم يريدون منه مفهوم كلي فانهم اذا اجابوا به سؤال هل في الدار احد قالوا في الدار احد و لا يدل علي الوحدة فيما يفهمون منه بل يصدق علي ما اذا كان في الدار مائة و لو كان بني لنفي ما يذكر معه من العدد لما صح قولهم في الدار احد و ان كان جواباً لان العموم في السؤال انما استفيد من النفي و الاستفهام نعم هذا يصح في واحد لانه يصح فيه ان‌يقال انه بني لنفي ما يذكر معه من العدد و لهذا قلنا تقول هو

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 69 *»

تعالي واحد في ذاته واحد في صفاته واحد في افعاله واحد في عبادته و لاتقول احد في ذاته احد في صفاته احد في افعاله احد في عبادته.

و الحق الذي اجراه (اجراه الله خ‌ل) المتفضل الكريم المبتديء بالنعم قبل استحقاقها عزوجل علي خاطري و له الحمد و الشكر ان احد الواقع في الاثبات كما هو في اول سورة التوحيد هو المفيد ببنية (بنيته خ‌ب) المركبة من مادته و صورته لا غير ذلك لمحض التوحيد الذي استفاد الاشارة اليه بعض الاعلام فيما رواه عاصم بن حميدة (حميد خ‌ل) قال سئل علي بن الحسين عليهما السلام عن التوحيد فقال عليه‌السلم ان الله عزوجل علم انه يكون في آخر الزمان اقوام منعمون متعمقون (اقوام متعمقون خ‌ب) فانزل الله قل هو الله احد و الآيات من سورة الحديد الي قوله عليم بذات الصدور فمن رام وراء ذلك فقد هلك هـ ، بان المراد من هذا الكلام اعجاز الاقوام المتعمقين حيث تنحط افهامهم و مبالغ ادراكاتهم عن الوصول الي ادني ما ضمنها مما يدل علي توحيده و اما ما فهمه البعض الآخرون من ان المراد ردع الاقوام المتعمقين عن التعمق و الاقتصار علي ظاهرها و الاكتفاء عن فهمها بان‌يقرأها (يقرأوها خ‌ب) كما تقرأها (يقرأها خ‌ل) الناس و تقول (يقول خ‌ب) كذلك الله هو ربي كذلك الله ربي و يكفيه هذا القول عن معرفة المراد منها مع انها لو اجمتمعت الانس و الجن علي ان‌يأتوا بمثلها لم‌يأتوا بمثلها و لو كان بعضهم لبعض ظهيراً و لاريب ان المعني الاول اوفق بمقام القرآن الذي تضمنت الكلمة الواحدة منه كل ما يحتاج اليه الخلق كما يأتي في تفسير الصمد فان قوله قل هو الله احد اشتمل علي جميع انحاء مدارك التوحيد بما لايحيط به الا الله تعالي و من اطلعهم عليه من انبيائه و رسله و حججه صلي الله عليهم اجمعين و انا اشير الي بيان ما قسم لي من معرفته و توحيده من قوله احد بنسبة مقامه و قدر حالي .

فاقول ان احد اذا وقع في الاثبات و الكلام المبتدأ به كما في اول سورة التوحيد دل بمادته و صورته علي محض التوحيد و الانفراد و التجريد (التجرد خ‌ب) عن جميع الاعتبارات و النسب و الارتباطات و التعلقات و الغايات و عن

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 70 *»

كل ما يصدق عليه اسم غير محض الذات البحت فالاحد هو الذي لايصدر منه شيء و لايصدر من شيء و لايصل اليه شيء و لايصل الي شيء و لا في شيء و لا فيه شيء و لا علي شيء و لا عليه شيء و لايرتبط بشيء و لايرتبط به شيء و لايضاف الي شيء و لايضاف اليه شيء و لاينتهي الي شيء و لاينتهي اليه شيء و لايقع علي شيء و لايقع عليه شيء و لاينتسب الي شيء و لاينتسب اليه شيء و لايجهل شيئاً و لايجهله شيء و لايتعلق بشيء و لايتعلق به شيء (شيء و لايقترن بشيء خ‌ل) و لايقترن به شيء و لايتجزي و لاينقسم في وهم او فرض او حكم او وجود او وجدان و لايضاده شيء و لايناده شيء و لايشاركه شيء و لايساويه شيء و لايشابهه شيء و لايدانيه شيء و لايستغني عنه شيء و لايعرف بعموم و لا بخصوص و لا بكلية و لا بجزئية و كل ما يجوز حضوره معه بتحقق او تجويز في كون او امكان او بفرض او بذكر او اشارة حسية او عقلية في وجود خارجي او ذهني او نفس امر بكل مايجري عليه اسم الامكان فليس باحد حقيقة اذ يلزم من كل ما ذكر او لم‌يذكر من جنس ما ذكر شيء هو احد و شيء آخر و لايكون من يحضر معه شيء غيره في الخارج او في الذهن او في نفس الامر بكل اعتبار و فرض احداً علي الحقيقة لان من هو احد لايكون غير احد.

و كل ما اشرنا اليه و ما لم‌نشر اليه مما دخل في الامكان لايتناوله لفظ احد الواقع في سياق الثبوت ابتداء لا باثبات و لا بنفي و اما الاثبات فظاهر مما ذكرنا و اما النفي فلأن احد و ان اعتبر فيه التجرد عما ذكر و نحوه لايصح ان‌ينسب اليه (اليه نفي خ‌ل) ما نفي عنه و انما نفي ما نفي عنه منسوب الي نفس (نفي خ‌ب) المنفي كما قال الرضا عليه‌السلم كنهه تفريق بينه و بين خلقه و غيوره تحديد لما سواه الحديث، يعني انك اذا قلت انه تعالي ليس بجسم لم‌يكن ليس بجسم وصفاً سلبياً له كما توهمه المتكلمون و انما هو تحديد للجسم ففي نفس الامر هو وصف للجسم لكونه مسلوباً منفياً عن اوصاف القديم الفعلية فضلاً عن الصفات الذاتية عزوجل فالنفي وصف للمنفي و تمييز له بالنفي فافهم. و ما قاله الرازي ذكروا في الفريق بين الواحد و الاحد وجوهاً احدها  ان الواحد يدخل في

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 71 *»

الاحد و الاحد لايدخل فيه و ثانيها انك اذا قلت فلان لايقاومه واحد جاز ان‌يقال لكنه يقاومه اثنان بخلاف الاحد و ثالثها ان الواحد يستعمل في الاثبات و الاحد في النفي هـ ، كذا في البحار مبني علي الوجه الظاهر من اللغة كما اشرنا اليه سابقا من تضمنه الشمول من جهة فهمهم منه الاطلاق او العموم و من ثم لايعرفون منه انه بني في نفسه للتفريد و نفي ماسواه الا بمعونة وقوعه بعد النفي و لو كان المفهوم منه لنفسه كما عندهم الوحدة المحضة لكان لايفيد اذا وقع بعد النفي الوحدة كما تقول في واحد في قولك ما في الدار واحد فانه يجوز ان‌يكون فيها اثنان و ذلك لدلالته في نفسه علي الوحدة فكان بين قولهم بأنه بني لنفي ما يذكر معه من العدد و بين تمثيلهم بوقوعه بعد النفي تدافع لايدفع و اضطراب لايرفع و توهم لاينفع فان احد بني لنفي مطلق الكثرة و ما يؤدي مؤداها كالتعدد (كالعدد خ‌ب) و الانقسام و التجزية و الاقتران و النسب و المدركية فان من جاز ان‌يدركه غيره كان مثني بذلك لما بينهما من الاقتران الحاصل من ادراك المدرك له و (او خ‌ل) ادراكه لغيره لان ادراكه تعالي الفعلي لمدركاته لما سواه يحصل منه اقتران بين المدرك بكسر الراء والمدرك بفتح الراء و لذا حكمنا علي الفعل و الفعلي بالحدوث لما بينهما من الاقتران اللازم من الارتباط و اما ادراكه بذاته لما سواه عزوجل فليس علي نحو ما في الامكان و الممكنات و لذا قلنا انه لايعرف (لايعرفه خ‌ب) الا هو فما (مما خ‌ل) يوصف به تعالي من الادراك لايحيط به الامكان كما قال سيد الساجدين عليه‌السلم و استعلي ملكك علواً سقططت الاشياء دون بلوغ امده و لايبلغ ادني ما استأثرت به من ذلك اقصي نعت الناعتين ضلت فيك الصفات و تفسخت دونك النعوت و حارت في كبريائك لطائف الاوهام كذلك انت الله الاول في اوليتك و علي ذلك انت دائم لاتزول هـ ، و المراد بقوله و استعلي ملكك و الله اعلم اي تملكك و احاطتك بمملوكاتك لانه لايدخل تحت الضوابط الامكانية فلايجري عليه فرض الاقتران و تجويزه لا خارجاً و لا ذهناً و لا في نفس الامر و صح فرضه و وقوعه في الادراك الفعلي للفرق بين الرب و العبد.

و قال السيد نعمة الله

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 72 *»

ايضاً و ذكر الشهيد طاب ثراه ان الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الي الذات و الاحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الي الصفات، اقول اما ان الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الي الذات فمن قوله تعالي و قال الله لاتتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد و قد دل واحد علي نفي الشريك بالنسبة الي الذات الا انه لما كان الواحد مصدراً للاعداد بمعني ان الاعداد انما تتألف من صفاته او من تكرره علي القولين كان مفيداً بمفهوم وحدته لانفراد الذات و نفي الشريك في الذات و هو الضد الذي يلزم من مفهومه افادة العدد فلذا افاد نفي الشركة في الذات بمعني ان لايكون له ثان او يكون ثانياً لغيره فافاد نفي التعدد و هذا معني قولنا انه يقتضي نفي الضد الذي يلزم من وجوده التعدد و الحاق هذا المعني بنفي الشركة في الصفات هو المراد من معناه اذ لايفيد بساطة الذات فاذا قيل بالنسبة الي الذات صح لكون المراد منه نفي تعدد الذات لا بساطتها و هو بهذا الاعتبار متجه و اما ان الاحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الي الصفات فممنوع نعم لو عكس كان كلامه وجه لان الواحد يفيد نفي التعدد الراجع الي الصفات و الاحد يفيد ذلك بمفهوم ما دل عليه من الوحدة و يفيد البساطة و عدم الانقسام و التجزية الراجع الي الذات.

و عبارة الصدوق (ره) في التوحيد هكذا: الواحد الاحد معناه انه واحد في ذاته ليس بذي ابعاض و لا اجزاء و لا اعضاء الخ، معناها المراد كما ذكرنا و قول  بعض الحكماء و الواحد كيفما ادرته (اردته خ‌ل) او جزيته لم‌يزد فيه شيء و لم‌ينقص (لاينقص خ‌ل) منه شيء الخ، و (في خ‌ل) الاستدلال علي التوحيد الخاص (الخالص خ‌ب) بان من لم‌يكن قبله شيء و لا بعده يجب ان‌يكون متوحداً بالازل ربما يرد علي ظاهره شيئان احدهما انه يجوز ان‌يكون معه اشياء و ان لم‌تكن قبله او بعده كما يذهب اليه اصحاب وحدة الوجود و كما نقل عن الملظي (عن ثاليس الملطي خ‌ب) من قدم العالم و ثانيهما ان ظاهر قول هذا البعض فهو المتوحد بالازل ان الازل ظرف للقديم عزوجل وقتي او مكاني و كلا الاحتمالين باطل و الا تعددت القدماء. و اما قولهم بان احد مخصوص بمن يعقل و يمتنع من الدخول في الضرب و العدد و التشبيه

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 73 *»

و في شيء من الحساب و هو متفرد بالاحدية و الواحد علة العدد و ان لم‌يدخل بكله يدخل ببعضه كما تقول نصف واحد و ثلثة و يدخل في الضرب و القسمة و التجزية و الاحد ممتنع من هذه كلها فصحيح يحصل بها الفرق بينهما.

و اما قول الباقر عليه‌السلم الاحد الفرد المتفرد الاحد (و الاحد خ‌ب) و الواحد بمعني واحد فالذي يظهر لي ان قوله عليه‌السلم بمعني واحد انما يجتمعان في حالة واحدة و هي التفرد بالصفة و الفعل اي لايشابهه (لايشابه خ‌ب) في صفة و لا فعل و الفرد الشامل لعدم الانقسام و التام في اتحاده معني الاحد لا معني الواحد و هذا مايفهم منهما و يظهر لي ان الواحد في بعض وجوه العربية انه هو المباين الذي لاينبعث من شيء و لايتحد بشيء و هذا من معاني الاحد فباعتبار ما يدلان عليه بمادتهما و صورتهما يجتمعان في التفرد بالصفة (في الصفة خ‌ب) و بنفي الشركة و يفترقان في نسبة التفرد بالذات الي الاحد و في نسبة التفرد بالصفات الي الواحد و من هذا المعني قوله تعالي في توحيد الذات بصفاته و قال الله: لاتتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد حيث اعتبروا التعدد الذي هو من انحاء العدد و لو اعتبر الاتحاد لاقتضي المقام و الله سبحانه اعلم ان‌يقال انما هو اله واحد (احد خ‌ل) هذا ما ظهر لي و الله سبحانه و رسوله و ابن رسوله صلي الله عليه و آله اعلم.

و اما ان ابناء العدد من الواحد و ليس الواحد من العدد فيحتمل ان المراد ان العدد يتألف منه او من امثاله فعلي الاحتمال الاول تكون مواد الاعداد بالتوليد منه او بالتكرير في قوالب قوابل المراتب و علي الثاني فمواده مظاهره في قوابل قوالب المراتب فالاول كالجزء للكل و الثاني كالكلي في الجزئي و علي كل تقدير فبين الواحد و العدد نسبةما و لهذا نبهنا علي هذا في قولنا و قال الله لاتتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد الي آخره الا (الي خ‌ب) انه لما كان الواحد مصدراً للاعداد بمعني ان الاعداد انما يتألف (تتألف خ‌ب) من صفاته او من تكرره الخ، و قوله عليه‌السلم في الوجه الثاني من الوجهين اللذين يثبتان فيه تعالي اي يصح اطلاقهما عليه تعالي و قول القائل ان ربنا عزوجل احدي المعني يعني به انه لاينقسم في وجود و لا عقل و لا وهم كذلك ربنا عزوجل يراد من

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 74 *»

قوله عليه‌السلم احدي المعني في بيان معني واحد انه احدي المعني يعني به انه لاينقسم في وجود اي وجدان و لا عقل و لا وهم ان واحد يستعمل في بعض معاني احد الواقع في الكلام المثبت الابتدائي فان هذا الكلام الذي فسر عليه السلم معني الواحد بانه الذي لايقبل الانقسام في المحال الثلاثة مطلقاً انه احدي المعني لصحة استعماله بارادة المستعمل له في هذا المعني الذي هو احد معاني احد لانهما انما يفترقان اذا اجتمعا كما اذا قيل هو الواحد الاحد و وجوب تقديم الواحد في الذكر علي الاحد فلاتقول الاحد (الاحد الواحد خ‌ب) لعموم الواحد و خصوص الاحد.

و اما ما نقلنا (نقلناه خ‌ب) عن المحقق التفتازاني ما قاله في اعراب كلمة لا اله الا الله فنظره فيه بيان معني الاسم الكريم و نحن الباعث لنا علي ما نقلنا بيان معني الاحد الا ان كلامه لما تضمن ما يفيد التوحيد الذي نطلبه نحن من لفظ احد اقتضي ذكره و اقتضي ذكره ان‌نشير الي بعض بيان ما ظهر لنا منه فاقول ان المفهوم سواء كان كلياً ام (او خ‌ب) شخصياً يصح (لايصح خ‌ل) ان‌يطلب به معرفة مدلول الاسم الكريم لان المفهومات لاتجري علي حريم القدم لانها مدركات و القدم لاتطلب معرفته بما تدركه الافهام الحسيرة لان المهفومات صفات الحوادث و كذا الكلية‌و الجزئية فانهما من صفات الحوادث و الاسم الكريم مشتق علي الاصح فهو اسم لذات متصفة بالالوهية اي الجامعة لجميع صفات القدس كالعزيز و القدوس و لجميع صفات الاضافة كالعليم و السميع و البصير و لجميع صفات الخلق كالخالق و الرازق و انما كان علماً علي المعبود عزوجل بالغلبة و ليس موضوعاً بازاء الذات البحت و الا لزم الاقتران المستلزم للحدوث سواء كان للخارجي للزوم الاقتران و وقوع التمييز الممتنع ام للذهني للزوم المدركية الممتنعة و الاحاطة المستحيلة و وقوعه في لا اله الا الله مفيد للتوحيد لانه يدل علي ذات ليس معها غيرها في كنه و لا صفة و لا رتبة و لا وصف و لا فعل و لا عبادة فلاتشتبه بشيء (بشيء ليحتاج خ‌ب) في تمييزها الي تشخص و لا في تمام لتحتاج في تناوله الي عموم اذ التشخص و العموم شيء غير الشيء يلزم من وجود كل (الكل خ‌ب) منهما

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 75 *»

التعدد و التركيب فاذا اريد بالتشخص عدم الاشتباه في كل حال من احوال الذكر لكل شيء من السوي وجوداً او وجداناً في الخارج او في جميع المشاعر و في نفس الامر لفظاً او غيره لا التمييز (لتمييز خ‌ب) و التحديد بما يحويه الامكان انتفي مطلق المفهوم الكلي حتي مايفيده الضمير (ضمير خ‌ل) الشان لانه يفيد ما يستعمل في مقامه من خصوص و عموم فيما يجريان فيه و من التقدس (القدس خ‌ب) عن صفات الامكان فيما يتنزه (تنزه خ‌ب) في نفسه اي نفس ضمير الشأن عن مطلق الاشارة الجبروتية العقلية و النفسية و الحسية فلا كلي و لا جزئي فسقط اعتراض قيل الاول و قيل الثاني فعلي هذا لافرق بين ان‌يراد من الضمير ضمير الشأن او ضمير المعبود من جهة الكلية و الجزئية و انما اتي باحد لنفي ما توهموا من الكثرة و التشبيه و وصف الاله باوصاف (وصف خ‌ب) ما سواه.

فهم و ان‌فهموا من ضمير الشأن و من لوازم اثبات الشركاء و التشبيه معني المفهوم الكلي او الجزئي او التشخص او غيرها الا ان الوحي الناطق بسورة التوحيد لايريد الا تجريد هو عن مطلق الاشارات المتضمنة لما يلزم منه مايدخل في الامكان مطلقاً بكل اعتبار و لو في الوجدان و لان احد اوضح و ابين في دلالته علي الوحدة و البساطة و عدم الاشتراك فيما يوهم منافاة التوحيد و لاجل ذلك حمل علي الاسم الكريم و ان كان في نفس الامر يراد منه ما يراد من احد و ان كان في الاصل (الاسماء خ‌ب) اسماً لذات و صفة الا انه غلب في الاستعمال حتي كان اختص (اخص خ‌ل) من احد الاتري ان الاسم الكريم لايصح اطلاقه علي غير المعبود بالحق عزوجل و لو جاز ان‌يدل علي المفهوم الكلي و لو بالفرض او الجزئي كذلك لصح اطلاقه علي غير المعبود بالحق عزوجل و لو في بعض الاحوال و لا كذلك احد الا انه اذا حمل علي الاسم الكريم افاد قطع الربط و النسب و نفي السوي و ما توهمه بعضهم من ان اول السورة لايفيد التوحيد و انما يفيده آخرها غلط فاحش و اي توحيد اجل و اكمل مما افاده اول السورة من التوحيد و اما آخرها فانما افاد التوحيد لانه شارح لاولها فالصمد تفسير لاحد و الصمد فسر بانه لم‌يلد و لم‌يولد و لم‌يكن له كفواً احد و

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 76 *»

ذلك ان الاسم الكريم لشموله لجميع الاسماء كان اخص بالمعبود عزوجل من جميع الاسماء اذ لايحيط بجميع الاسماء و الصفات التي لها حظ في الكمال الا الله المعبود سبحانه و تعالي فصلح (فيصح خ‌ب) اختصاصه به لشموله لجميع الاسماء كذلك و لما كانت ذاته المقدسة عزوجل مع كونها تامة فوق التمام و كاملة فوق الكمال بسيطة متفردة بالوحدة الحقية (الحقية التي خ‌ل) لايحتملها الامكان (الانسان خ‌ب) و يستحيل فرضها فيه كان ما يكون مختصاً به بحيث يكون اولي بالدلالة علي صفة (صفته خ‌ل) الدالة عليه بكمال الوحدة و البساطة و التجرد الذي يليق بحسب نهاية الامكان بجلاله من جميع الاسماء و ما كان كذلك يجب ان‌يكون اول (ادل خ‌ل) الاسماء علي التوحيد و لاجل ذلك اختص بكلمة‌ التوحيد اعني لا اله الا الله و الواضع للغة عزوجل (جل اعلم خ‌ل) بما صنع و لو علم ان في الاسماء اخص منه به و اشمل منه بالجهات (لجهات خ‌ل) التوحيد و التجريد لجعله في الكلمة التي الفها للدلالة علي توحيده و انما حمل عليها احد مع انه اخص من احد و اعم في شمول الاسماء و الصفات لان احد ابين في الظاهر و اجلي في الدلالة علي التوحيد من جهة حروف مادته.

و قد اشرنا قبل هذا ان الاسم الكريم و ان كان الاتيان به في السورة الشريفة مسبوقاً بدعوي المشركين الالوهية لغيره عزوجل و ذلك يلزم منه ارادة المفهوم الكلي كما توهمه كثير من المتكلمين و المنطقيين و قد سبق ذكر بعض كلامهم الا ان المتكلم عزوجل انما ينطق وحيه بالحق الواقع المطابق للواقع لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و هو تعالي ينفي المفهومية و الكلية عنه لانهما من حدود خلقه و قد قال عزوجل و لايحيطون به علماً، ليس كمثله شيء و هو السميع البصير فامر نبيه صلي الله عليه و آله بما يعلم من الحق بانه الواحد الفرد الذي ليس بمفهوم مدرك و لا بكلي و لا جزئي و لابكل و لاجزء و لابكثير و لاقليل (بقليل خ‌ب) و لاينسب اليه شيء و لاينسب الي شيء و لايرتبط به شيء و لايرتبط بشيء و لايجده من وجد غيره و لايفقده من فقد غيره فقال قل يا محمد هو الله احد فاراد بقوله الله المتعين بذاته من غير تعيين سواء اريد بهو ضمير

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 77 *»

الشأن ام ضمير المعبود الذي وقع الخطاب في ذكر معرفته كما اشرنا اليه سابقاً و لهذا قال عمار بن ياسر قال اميرالمؤمنين عليه‌السلم: الله معناه المعبود الذي يأله فيه الخلق و يؤله اليه و الله هو المستور عن درك الابصار المحجوب عن الاوهام و الخطرات و قال الباقر عليه‌السلم: الله معناه المعبود الذي اله الخلق عن درك مائيته و الاحاطة بكيفيته و تقول العرب اله الرجل اذا تحير في الشيء فلم‌يحط به علماً و وله اذا فزع الي شيء مما يحذره و يخافه فالاله هو المستور عن حواس الخلق هـ

فصرح هذا الخبران و غيرهما بأن الله يطلق علي المعبود الذي لايحاط بكنهه و لايعرف معني صفته مع ان المستفاد من ظاهرهما ان الضمير ضمير الشأن و ظاهر قول الباقر عليه‌السلم في قول الله (في قوله خ‌ب) تبارك و تعالي قل هو الله احد قال: قل اي اظهر ما اوحينا اليك و نبأناك به بتأليف الحروف التي قرأناها لك ليهتدي بها من القي السمع و هو شهيد و هو اسم مكني مشار الي غائب فالهاء تنبيه عن معني ثابت و الواو اشارة الي الغائب عن الحواس كما ان قولك هذا اشارة الي الشاهد عند الحواس و ذلك ان الكفار نبهوا عن الهتهم بحرف اشارة الشاهد المدرك فقالوا هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالابصار فاشر انت يا محمد الي الهك الذي تدعو اليه حتي نراه و ندركه و لانأله فيه فأنزل الله تبارك و تعالي قل هو الله احد فالهاء تثبيت للثابت و الواو اشارة الي الغائب عن درك الابصار و لمس الحواس و انه تعالي عن ذلك بل هو مدرك الابصار و مبدع الحواس هـ ، ان الضمير عائد الي اله (الاله خ‌ل) المعبود بالحق و مع هذا لايختلف المعني المقصود منه باختلاف الضمير كما ذكرنا مكرراً فالاحد توضيح لمعني الله و الصمد يراد منه توضيح و بيان لجميع ما يراد من معاني احد و اختلاف تفسيره في الاخبار لاختلاف معاني ما يراد به من معاني احد قال الباقر عليه‌السلم و حدثني ابي زين العابدين عن ابيه الحسين بن علي عليهم‌السلم انه قال الصمد الذي لاجوف له و الصمد الذي قد انتهي سؤدده و الصمد الذي لايأكل و لايشرب و الصمد الذي لاينام و الصمد الدائم الذي لم‌يزل و لايزال، قوله عليه‌السلم الذي لاجوف له يراد منه انه لامدخل

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 78 *»

(لايدخل خ‌ل) فيه لان كل ما سواه كرة مجوفة لان كل مفعول يدور علي فعله تعالي و فعله نقطة يدور المفعول عليها دورة حقيقية كما تدور اشعة السراج عليه اذ كل جزء من الاشعة يدور علي وجهه من شعلة السراج فالجزء قائم بحرارة وجهه التي هي رأس من مس النار لدهن السراج قيام صدور و قائم باستنارة وجهه التي هي وجهه من الشعلة المرئية من السراج قيام تحقق اي قياماً ركنياً و هذا القيام من الجهتين هو كون ذلك الجزء كرظ مجوفة من اعتبارين اعتبار قيام الصدور و اعتبار القيام الركني و فعل ذلك الجزء صمد بالنسبة الي الجزء المتقوم به و هذا الفعل وجه من الفعل الكلي و الفعل الكلي صمد بالنسبة الي المفاعيل الصادرة‌عنه و كرة بالنسبة الي نفسه لانه تعالي احدث الفعل بنفسه اي بنفس ذلك الفعل فهو كرة بنفسه بلاكيف و المعبود عزوجل صمد بلاكيف و ليس كصمدية الفعل بالنسبة الي المفعول لاشتراكهما في المصنوعية (المصنوعية و في خ‌ل) الامكان و ان اختلفا في الشدة و الضعف و المعبود عزوجل له المثل الاعلي فلايشبهه شيء في شيء و لايقاس علي شيء في شيء و لايعرف بشيء و كل شيء يدل عليه سبحان ربك رب العزة عما يصفون و هو (هي خ‌ب) تلويح الي المعني المذكور و قوله عليه‌السلم: و الصمد الذي قد انتهي سؤدده بضم اوله و بعده همزة ساكنة السيادة و هي العزة و الجلالة يعني ان عزته و جلالته لاتحتمل الزيادة و لو جاز فرض شريك له تعالي لاحتمل الزيادة و كذا لو جاز فرض مدان له تعالي من فحوي قوله تعالي و لعلا بعضهم علي بعض و عبر عن عدم امكان المساوي و المداني بانتهاء اذ لا نهاية لسؤدده (لسؤدده بل سؤدده خ‌ب) وراء ما لايتناهي بما لايتناهي اذ لو امكن فرض المساوي و المداني امكن فرض التفرد بالزيادة عن تلك النسبتين هذا بمقتضي المجادلة بالتي هي احسن.

و اما مقتضي الحكمة بأن (فأن خ‌ب) يقال ان امكان فرض المساوي و المداني ممتنع في غير الامكان الا انه تعالي رب العزة و الجلالة و هذا اشارة الي قوله سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين و قوله عليه‌السلم و الصمد الذي

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 79 *»

لايأكل و لايشرب يلحن به للمتعلمين من شيعته الذين علمهم سيدهم علي بن محمد الهادي عليه و علي آبائه و ابنائه الطاهرين السلام بقوله في الزيارة الجامعة الكبيرة محقق لما حققتم مبطل لما ابطلتم في قوله من اراد الله بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم، و قوله عليه‌السلم و الصمد الذي لاينام صرح بعدم غفلته عن خلقه من قوله تعالي و ما كنا عن الخلق غافلين و النوم في الممكن (الممكن يكون خ‌ل) اذا تعبت النفس من معاناة تدبير الغذاء و معاناة الاعمال و الحركات اجتمعت في القلب لتستريح من تعب تدبيرها لاحوال البدن و غذائه و شؤونه المتعلقة به و باحوال نفسه و شؤونها و هو سبحانه و تعالي لايمسه لغوب و لايحلقه تكلف بل هو تعالي في حال الفعل و عدم الفعل حاله واحدة و (واحد خ‌ب) لايتغير بشيء و لايغيره شيء و لاتختلف عليه الاحوال اذ ليس فعله كفعل احد من خلقه و انما امره اذا اراد شيئاً ان‌يقول له كن فيكون و لا كاف و لا نون و انما هو فعال لما يشاء و مشيته و ارادته (ارادته فعله خ‌ب) لا غير ذلك و ما امره الا كلمح البصر او هواقرب و ما كان (ما كان هو خ‌ب) سبحانه عن الخلق بغافل و آية ذلك كالسراج فانه غير غافل عن شيء من الاشعة اذ لو غفل عن شيء لم‌يوجد شيء لان من جاز عليه ان‌يغفل عن شيء جاز ان‌يغفل عن كل شيء كما هو لازم للممكن المحصور.

و ايضاً النوم حال غير اليقظة و من ينام فاحواله مختلفة و الصمد هو ذو الحال الواحدة و هو تصريح بالوحدة المطلقة و قوله عليه‌السلم و الصمد الدائم الذي لم‌يزل و لايزال هـ ، بفتح الزاي (الزاي اي خ‌ل) لم‌يزل بقرينة لايزال اي لم‌يزل دائماً و لايزال اي هو الدائم ازلاً و ابداً و يجوز لم‌يزل بضم الزاي اي الصمد هو الدائم الذي لم‌يتغير دوامه و لم‌يحل و هو معني عدم تغير حاله ازلاً و ابداً لانه صمد و صمد لانه احد و قال الباقر عليه‌السلم كان محمد بن الحنفية (ره) يقول الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره هـ ، و هو معني احد اذ ما هو قائم بغيره كرة مجوفة و هو التلويح السابق بأن الصمد الذي لا جوف له و هو من اللحن للمتعلمين الذي طعامهم من مطر الماء الذي جعل منه كل شيء حي حيث امر

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 80 *»

(امرهم خ‌ل) بالنظر اليه كما قال تعالي فلينظر الانسان اي المتعلم الي طعامه و الذي شرابهم من اللبن كما قال تعالي من بين فرث و دم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين و اطعمهم و سقاهم من تعليمه من اراد الله بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم.

 و قال غيره الصمد المتعالي عن الكون و الفساد هـ ، لان الكون كثرة و امتزاج و الفساد تفرق و احتياج و قال و الصمد الذي لايوصف بالتغاير لان التغاير كثرة و ائتلاف و تناف و اختلاف و قال الباقر عليه‌السلم الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر و لا ناه هـ ، و يشير به الي انه الذي قد انتهي سؤدده و جلالته فهو احد في عزته لايساوي و لايداني كما اشرنا اليه سابقاً اي لا آمر الا هو و لا ناه غيره و المطاع الحق صمد يدور علي امره المأمورون و علي نهيه المنهيون و لو كان مأموراً و منهياً تعالي شأنه لغيره كان كرة مجوفة لوح لمن شاء الي ذلك انه صمد لأنه احد.

و سئل علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلم عن الصمد فقال الصمد الذي لاشريك له و لايؤوده حفظ شيء و لايعزب عنه شيء هـ ، من له شريك في ذاته بالضدية كان ذا جهتين جهة ذاته بها تميز (يتميز خ‌ل) و جهة ضده بها يشترك و ما كان كذلك كان يدور علي جهة الاشتراك فلايكون احداً و لايكون صمداً و من له شريك في صفاته كان متصفاً بجهة الاشتراك محتاجاً الي صفة غيره فلايكون احداً من شورك في صفته لان قد اتصف بصفة غيره او بما يصلح لغيره فتجري عليه الشركة و التركيب و الاحتياج و اذا كانت جميع الاشياء لا قوام لها الا بالمدد و الامداد لانها انما تقوم بموادها قيام تحقق و موادها من شعاع امره المفعولي و هو المدد و بامداده و هو تقومها بفعله قيام صدور و تقومها بفعله في سبع مراتب تقومت اكوانها بمشيته و اعيانها بارادته و هيئاتها بقدره و نظامها بقضائه و ظهوراتها في مراتب اكوانها باذنه و وقت ظهوراتها في كل رتبة من مراتب اكوانها ابتداء و انتهاء و بقاء بتأجيله و اثبات صور اكوان مراتبها بكتابه كل من (بكتابه كان خ‌ل) حفظ جميع الاشياء لايؤوده و آية ذلك ما ضربه تعالي من خلق السراج و اشعته فان كل شيء منها قد تقوم بمادته من شعاع اشعته تقوم

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 81 *»

تحقق و بحرارة النار الكامنة في غيبه تقوم صدور.

و ايضاً كما لايؤوده حفظ شيء منها لايعزب عنه شيء منها لما ذكرنا من احتياج كل شيء في جميع انحاء وجوده و تحققه في ذاته و في كل شِيء من صفاته و احواله و افعاله الي مدده و امداده كما اشرنا اليه و كيف يؤده اي يثقله حفظ شيء او يعزب عنه و الثقل و العزوب من جملة مصنوعاته التي هي اثر مقتضي ذاته كما تري ان السراج لايؤده حفظ شيء من اشعته و لايعزب عنه شيء منها و السراج و اشعته آية ذلك و لو جاز ان‌يؤده حفظ شيء او يعزب عنه شيء لما كان احداً لان ذلك المثقل و (او خ‌ل) العازب له صانع آخر قديم لايؤوده حفظه و لايعزب عنه لايكون من له ضد او ند احداً و لا صمداً كما ذكرنا في الاشارة و في التلويح من ان من لغيره (لغيره معه خ‌ب) ذكر ما في حالة (حال خ‌ل) ما لايكون احداً و لا صمداً لانه كرة مجوفة (متجوفة خ‌ب) بذلك الذكر و الاحد المتفرد بذاته و صفاته و افعاله و عبادته عن كل ما سواه و هو الصمد.

و قال زين العابدين (و قال زيد بن خ‌ب) علي بن الحسين عليهما‌السلم: الصمد الذي اذا اراد شيئاً ان‌يقول (قال خ‌ل) له كن فيكون و الصمد الذي ابدع الاشياء فخلقها اضداداً و اشكالاً و ازواجاً و تفرد بالوحدة بلاضد و لا شكل و لا مثل و لا ند هـ ، يعني ان الذي اذا اراد شيئاً قال (شيئاً ان‌يقول خ‌ب) له كن فيكون من غير تكلف و لا احتيال و لا لغوب و لا امتهان هو الصمد اذ لو لحقه من ارادته للشيء حال كان متحولاً عن حاله الاول فلايكون صمداً فلايكون احداً و من ابدع الاشياء و اخترعها اضداداً و اشكالاً مختلفة و ازواجاً متشابهة ابانة لها من شبهه ليعلم ان لاضد له و لا شكل و لا شبه و لاند في ذاته و لا في افعاله و لا في ملكه و لا في صفاته فهو الاحد الصمد اذ لو اتصف بشيء مما خلقها عليه لعرف به كما عرف المصنوع به فلم‌يكن احداً صمداً كما لم‌يكن المصنوع احداً صمداً.

و عن الصادق جعفر بن محمد عن ابيه الباقر عن ابيه عليهم‌السلام: ان اهل البصرة كتبوا الي الحسين بن علي عليهما السلم يسألونه عن الصمد فكتب اليهم بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فلاتخوضوا في القرآن و لاتجادلوا فيه و لاتتكلموا فيه بغير علم فقد سمعت

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 82 *»

جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول من قال في القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار و ان الله سبحانه قد فسر الصمد فقال الله احد الله الصمد ثم فسره فقال لم‌يلد و لم‌يولد و لم‌يكن له كفؤاً احد لم‌يلد لم‌يخرج منه شيء كثيف كالولد و سائر الاشياء الكثيفة التي لم‌يخرج (يخرج خ‌ل، تخرج خ‌ب) من المخلوقين و لا شيء لطيف كالنفس و لاتنشعب (لاتتشعب خ‌ل) منه البدوات كالسنة و النوم و الخطرة و الهم و الحزن و البهجة و الضحك و البكاء و الخوف و الرجاء و الرغبة و السآمة و الجوع و الشبع تعالي عن ان‌يخرج منه شيء و ان‌يتولد منه شيء كثيف او لطيف و لم‌يولد لم‌يتولد من شيء و لم‌يخرج من شيء كما تخرج الاشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء و الدابة من الدابة و النبات من الارض و الماء من الينابيع و الثمار من الاشجار و لا كما تخرج الاشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين و السمع و الاذن و الشم من الانف و الذوق من الفم و الكلام من اللسان و المعرفة و التمييز من القلب و كالنار من الحجر لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء و لا في شيء و لا علي شيء مبدع الاشياء و خالقها و منشئ الاشياء يتلاشي ما خلق للفناء بمشيته و يبقي ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الله الصمد الذي لم‌يلد و لم‌يولد عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال و لم‌يكن له كفواً احد هـ ، قوله عليه‌‌السلم و ان الله سبحانه قد فسر الصمد اي بينه و اوضحه و هذا المعني انما يصح في الثاني اي في قوله ثم فسره فقال لم‌يلد و لم‌يولد الخ، و اما الاول اي قوله ان الله سبحانه قد فسر الصمد فقال الله احد الله الصمد فان الصمد هو التفسير لاحد و هو اي احد تفسير للمعني المراد من الله كما اشرنا اليه في التلويح و الاشارة من ان المراد من الاسم الكريم علي فرض كون هو ضمير الشأن او ضمير المعبود بالحق سبحانه هو المعني الذي يدل عليه احد بظاهره و باطنه الا ان احد لما كان من جهة لفظه ادل علي التوحيد و التجريد و التفريد من الاسم الكريم و ان كان (كان هو خ‌ب) في نفس الامر هو اخص من الاحد و الاخص ادل علي التوحيد و التفريد من حيث المعني و ما بالمعني اخص و ادل مما باللفظ الا ان (لان خ‌

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 83 *»

ب) اللفظ اذا دل كان اظهر دلالة فلذا حمل علي الاسم الكريم و الاسم الكريم لما تفرد عن سائر الاسماء بسعة شموله لمعاني الكمالات حتي اعتني باستعماله المشركون لآلهتهم حمل عليه الصمد الدال بلفظه علي الوحدة و عدم قبوله للقسمة و الا مدخل فيه و عدم احتياجه الي شيء و عدم استغناه شيء عنه في شيء في حال من الاحوال و قيامه بنفسه و عدم قيام غيره بدونه في حال و امثال هذه المعاني لظهور دلالة مادته عليها و ان كان اسم (الاسم خ‌ل) الكريم ادل عليها من جهة المعني.

ففي القول الاول لايكون الصمد مفسراً بشيء بل هو تفسير و تبيين لما خفي في الاسم الكريم و في احد و ابهم من المعاني التي لوحنا بها و اشرنا اليها نعم في القول الثاني هو مفسر بقوله لم‌يلد و لم‌يولد و لم‌يكن له كفواً احد و انما جعله عليه‌السلم مفسراً في القول الاول مع ان (انه خ‌ب) ظاهر حقه و باطنه ان‌يكون تفسيراً لما قبله لانه في نفس الامر مفسر بما قبله كما هو مفسر بما بعده اذ لولا انه يراد منه ما يراد مما قبله لفسر بما لايصلح ان‌يوصف به القديم عزوجل كالمصمت و المقصود في جهة و بذاته و امثال هذه مما لايجوز علي المعبود عزوجل فصح بمثل هذا اللحاظ ان‌يكون مفسراً بما قبله كما فسر بما بعده و (او خ‌ب) ان المراد من قوله قد فسر الصمد اي قد ذكره ليفسر ثم فسر (فسره خ‌ب) بقوله ثم فسره الخ، و قوله عليه‌السلم و لاتنشعب (لاتتشعب خ‌ل) منه البدوات اي ما يبدو منه يعني ما يظهر و يبرز منه كالسنة بكسر السين و هي النعاس و هو (هي خ‌ب) الفتور الذي يتقدم النوم و قوله و البهجة فيه تصريح بالرد علي من قال انه عزوجل اشد الاشياء بهجة و سروراً بكمال ذاته لعدم تناهي رضاه بما يحب لذاته من ذاته كما اشار اليه ملاصدرا (الملا صدر الدين خ‌ب) الشيرازي في كتابه الاسفار و غيره و من شاركه في هذا الرأي الباطل ممن تقدم عليه و من تأخر منه (عنه خ‌ل) اذ لو جاز عليه شيء من هذه الستة عشر من هذه البدوات و امثالها لما جاز ان‌يقول انه تعالي لم‌يلد لصدق الولادة علي من‌يخرج منه شيء من هذه الستة عشر و امثالها كما تصدق الولادة علي من يخرج منه شيء كثيف كالولد و كسائر الاشياء الكثيفة التي

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 84 *»

تخرج من المخلوقين.

و قوله و لم‌يولد يريد به عليه‌السلم معني ما اراده من لم‌يلد يعني كما لايكون منه شيء كذلك هو تعالي لم‌يكن من شيء اي لم‌يخرج من شيء كما تخرج الاشياء الكثيفة من عناصرها لان الشيء الكثيف اذا خرج من كثيف انما يخرج منه لانه خلق منه و لهذا اخبر عليه‌السلم انها عناصر و اصول للخارجة منه و مثل باشياء يفهم منها كل الفروع من اصولها كالشيء من الشيء كالنبات من الارض و الخاتم من الفضة و كالدابة من الدابة ان الولد يتكون من نطفة تخرج من بين صلب ابيه من اربعة اشياء العظم و المخ و العصب و العروق و من ترائب امه من اربعة اشياء اللحم و الدم و الجلد و الشعر و من ستة من الله النفس و الحواس الخمس فالامور الثمانية خرجت من عناصرها الاربعة التي في (من خ‌ل) الاب و الام و كالنبات من الارض فانه اذا وقع المطر انحل جزآن منه بجزء من النار و جزء من الهواء و جزء من التراب و الكل في الارض و لهذا كانت كثيفة لتركيبها (لتركبها خ‌ب) من الثلثة العناصر فكانت الاجزاء الخمسة نباتاً عناصره التي تولد منها في الارض كما ذكرنا و كالماء النابع من الينابيع فان الينابيع هي اصل هذا النابع اذ المراد من الينابيع الماء المسلوك في الارض لانه اصله و العنصر هو الاصل (الاصل و ذلك خ‌ل) كما قال تعالي فسلكه ينابيع في الارض و كالثمار من الاشجار فان اصل الثمرة الشجرة لا الغذاء الذي تجذبه العروق لان الذي تجذبه العروق شيء واحد و هو ماء مشاكل انحل به التراب (تراب مشاكل خ‌ل) و المراد بالمشاكلة مساواة اجزائهما في الوزن بالقدر الذي يحصل به الاعتدال في الطبايع و هو واحد في النخل (للنخل خ‌ل) و الرمان و العنب و شجرة العنب اذا وصل اليها الغذاء كانت اصل العنب و شجرة الرمان اذا وصل اليها ذلك الغذاء كانت اصل الرمان و النخلة اذا وصل اليها الغذاء كانت اصل الرطب فالعنصر القريب للثمرة هو الشجرة.

و قوله و لا كما يخرج (تخرج خ‌ل) الاشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين فأن البصر سواء قلنا انه بخروج الشعاع ام بالانطباع ام (او خ‌ب) بالحكاية بأن‌تكون

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 85 *»

رطوبة العين تحكي صورة المرئي ام بأن‌تدرك النفس صورة ملكوتية تشابه الصورة المحسوسة خارج من العين فهي (فهو خ‌ب) مركز.

 و السمع من الاذن فان السمع الذي هو ادرك المسموعات من الاصوات انما هو قوة من الروح البخاري الذي هو النفس (النفس النباتية خ‌ب) تدرك الصوت الذي يقرع الجلد الرقيق المنشور علي خرق الاذن فيختلف القرع باختلاف الحرف فان من الحروف ما يخرج عند القرع و هو الذي ينقطع النفس عند خروجه اذا نطقت به ساكناً مثل الميم و اللام تقول ام و ال و منها ما يخرج عند القلع اذا اجريت النفس بعد قطعه كحروف القلقلة مثل القاف و الطاء تقول اق و اط فيخرج الحروف (الحرف خ‌ل) من مخرجه عند اجراء النفس بعد قطعه و منها مايخرج عند ضغط النفس كالشين و السين فانه يخرج عند تضييق النفس تقول اش و اس فتميز الروح الحاسة الحروف باختلاف القرع و القلع و الضغط في مادة الصوت و هيئته فالادراك يخرج من الدماغ الي خرق الاذن ليميز الصوت اذا ضربت الحروف طبل الاذن يتميز بينها باصواتها الواقعة علي ذلك الجلد الرقيق الشبيه بالطبل فيخرج من الدماغ الي الجلد المضروب علي ذلك الخرق فكانت تلك الاذن مركزاً لذلك الحاس.

فقوله عليه‌السلم و لا كما تخرج الاشياء اللطيفة من مراكزها يدل علي ان الحاس هو القوة البخارية لا ان المدرك للامور المحسوسة هو النفس و المدرك بفتح الراء صورة ملكوتية تشابه هذه الصور (الصورة خ‌ب) المحسوسة فتدرك النفس المحسوسة بادراك نظائرها الملكوتية كما توهمه الملاصدرا الشيرازي اذ لو كان المدرك بكسر الراء هو النفس لم‌يحسن ان‌يقال ان الاذن مركز للنفس و لا ان ادراكها يخرج من الاذن لان المادي لا‌يكون مركزاً للمجرد و كذلك الشم من الانف و الذوق من الفم و الكلام من اللسان و المعرفة و التمييز من القلب كلها مثل السمع من الاذن من كونها لها مصادر و قوي تنشأ منها و تخرج من مراكزها الظاهرة.

و قوله عليه‌السلم و كالنار من الحجر يعني ان مخرج النار من الحجر كمخرج الشم من الانف من كون الحجر مركزا للنار من جهة الخروج كما ان الانف مركزاً للشم من جهة الخروج و لما

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 86 *»

(و الا خ‌ب) لم‌يكن للنار مصدر غير الحجر و غيره من المذكورات كالشم و الكلام لها مصادر غير مراكزها لكنها متساوية من حيث المخرج و المركز (المخرج خ‌ل) كرر كاف التشبيه للفرق بينها و بين النار في المصدر و المركز و انما جعلت مواضع مخارجها مراكزها (مراكز خ‌ب) لدوران ادراكاتها علي خروجها من هذه المواضع فلذا كانت تدول علي هذه المواضع في تحققها.

و قوله لا اي لايتولد من شيء بل هو الله الصمد يعني الذي لا من شيء و لا منه شيء (شيء لا من شيء خ‌ل) بدئ و لا في شيء حل و لا علي شيء حمل مبدع الاشياء من كل من سواه بقدرته يتلاشي ما خلق للفناء و التلاشي بمشيته لذلك و يبقي ما خلق للبقاء بعلمه اي بما شاء من ابقائه و اراد.

روي الصدوق في توحيده قال قال وهب بن وهب القرشي سمعت الصادق عليه‌السلام يقول: قدم وفد من فلسطين علي الباقر عليه‌السلام فسألوه عن مسائل فاجابهم ثم سألوه عن الصمد فقال تفسيره فيه الصمد خمسة احرف فالالف دليل علي انيته و هو قوله عز و جل شهد الله انه لا اله الا هو و ذلك تنبيه و اشارة الي الغائب عن درك الحواس و اللام دليل علي الهيته بانه هو الله و الالف و اللام مدغمان لايظهران علي اللسان و لايقعان في السمع و يظهران في الكتابة دليلاً (دليلان خ‌ل)‌ علي ان الهيته بلفظه (بلطفه خ‌ب) خافية لاتدرك بالحواس و لايقع (لاتقع خ‌ل) في لسان واصف و لا اذن سامع لان تفسير الاله هو الذي اله الخلق عن درك ماهيته (مائيته خ‌ل) و كيفيته بحس او بوهم بل هو مبدع الاوهام و خالق الحواس و انما يظهر ذلك عند الكتابة دليل علي ان الله سبحانه اظهر ربوبيته في ابداع الخلق و تركيب ارواحهم اللطيفة في اجسادهم الكثيفة فاذا نظر عبد الي نفسه لم‌ير روحه كما ان لام الصمد لايتبين و لايدخل في حاسة من الحواس الخمس فاذا نظر الي الكتابة (الكتاب خ‌ب) ظهر له ما خفي و لطف فمتي تفكر العبد في ماهية (مائية خ‌ل) الباري و كيفيته اله منه و تحير و لم‌تحط فكرته بشيء يتصور له لأنه عزوجل خالق الصور فاذا نظر الي خلقه ثبت له انه عزوجل خالقهم و مركب ارواحهم في اجسادهم و اما الصاد فدليل علي انه عزوجل صادق و قوله

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 87 *»

صدق و كلامه صدق و دعا عباده الي اتباع الصدق بالصدق و وعد بالصدق دار الصدق و اما الميم فدليل علي دوام ملكه و انه الملك الحق لم‌يزل و لايزال و لايزول ملكه و اما الدال فدليل علي دوام ملكه و انه عزوجل دائم تعالي عن الكون و الزوال بل هو عزوجل يكون الكائنات الذي كان بتكوينه كل كائن ثم قال عليه‌السلام: لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عزوجل حملة لنشرت التوحيد و الاسلام و الايمان و الدين و الشرائع من الصمد و كيف لي بذلك و لم‌يجد جدي اميرالمؤمنين عليه‌السلام حملة لعلمه حتي كان تنفس (يتنفس خ‌ل) الصعداء و يقول علي المنبر: سلوني قبل ان‌تفقدوني فان بين الجوانح مني لعلماً (علماً خ‌ل) جماً هاه هاه الا لااجد (هاه الا اجد خ‌ب) من يحمله و اني عليكم من الله الحجة البالغة فلاتتولوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من اصحاب القبور ثم قال الباقر عليه‌السلام الحمد لله الذي من علينا و وفقنا لعبادة الاحد الصمد الذي لم‌يلد و لم‌يولد و لم‌يكن له كفواً احد و جنبنا عبادة الاوثان حمداً سرمداً و شكراً واصباً و قوله عزوجل لم‌يلد و لم‌يولد يقول لم‌يلد عزوجل فتكون (فيكون خ‌ب) له ولد يرثه ملكه و لم‌يولد فيكون له والد فيشركه في ربوبيته و ملكه و لم‌يكن له كفواً احد فيعاونه في سلطانه هـ .

اقول قوله عليه‌السلام تفسيره (تفسيره اي خ‌ب) الصمد فيه ليس خاصاً بالصمد بل كل كلمات الله عزوجل علي هذا النحو و كما ان الصمد للولي (ان المولي خ‌ب) المطلق اذا شاء ان‌يخرج كلما يحتاج اليه الخلق من لفظه علي نحو (نحو ما خ‌ل) اشار اليه كذلك سائر كلمات الله للولي المطلق ان‌يخرج من كل كلمة كلما يحتاج اليه الخلق كما سمعت من تفسير اميرالمؤمنين عليه‌السلام لابن عباس (ره) في باء بسم الله الرحمن الرحيم من اول الليل الي آخره ثم قال له لو طال الليل لاطلنا و قال عليه‌السلام ما معناه لوشئت لاوقرت سبعين بغلاً او جملاً من تفسير (تفسير باء خ‌ل) بسم الله الرحمن الرحيم و قوله عليه‌السلام تفسيره فيه يعني في لفظه و نقشه يعني ان ما‌يراد من الصمد بعد ما وصف الاسم الكريم باحد لبيان معناه المراد منه في الرد علي من قالوا (قال خ‌ل) لرسول الله صلي الله عليه و آله هذا

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 88 *»

(هذه خ‌ب) آلهتنا المحسوسة المدركة بالابصار فاشر انت يا محمد الي الهك الذي تدعوا اليه فقال تعالي رداً عليهم قل يا محمد ان الذي يشار اليه لايصح ان‌يكون الهاً و الذي ادعوا اليه الله احد منزه عن الاشارة و الاحساس و الادراك و لايرتبط بشيء و لايرتبط به شيء و ليس فيه (به خ‌ب) جهة و جهة و لا حيث (حيث و حيث خ‌ل) و لا لم و لا شيء  يصح في شيء من خلقه و لما كانت المعاني التي يريدها من لفظ احد تخفي عليهم قال الله الصمد يعني ان معني احد هو الصمد الذي ليس شيء ما يوهم شيئاً من صفات الخلائق مطلقاً.

فلما كانت تلك المرادات قد تخفي (لاتخفي خ‌ل) علي كثير من الناس بمعني انهم لايفهمونها من لفظ الصمد لان الصمد مايفهمون منه الا ما دلت عليه لغتهم بينها لهم بعبارة اجلي من لفظة الصمد فقال مرادي من الصمد لم‌يلد اي لم‌يخرج منه شيء بكل اعتبار و بكل معني علي ما بينه الحسين بن علي عليهما السلام كما تقدم و لم‌يولد اي لم‌يخرج من شيء علي نحو ما تقدم ثم عمم و اطلق في البيان فقال معني الصمد الذي نريده (يريده خ‌ل) هنا انه لم‌يكن له كفؤاً احد يعني لم‌يكن له كفواً شيء في شيء من كل شيء و الباقر صلوات الله عليه بين ذلك و اشار اليه ببيان قوله تفسيره فيه الخ (الخ ما ذكر خ‌ب) فاشار بان الالف دليل علي انيته و ليس في الحروف الا الف واحد فنفي عليه‌السلام بكون الالف دليلاً علي انيته انية كل من سواه بمعني انه ليس (ليس لشيء خ‌ب) من الاشياء انية الا ما اخترع له و اشتق من فعله تعالي له من الانية و لاجل هذا قلنا انه لا اله الا هو في ذاته و اشار بان اللام دليل علي الهيته فنفي باثبات الهيته الهية ماسواه اذ لو كان لغيره الهية لما حسن ان‌يقال ان اللام دليل علي الهيته الا علي جهة المشاركة فكما تدل علي الهيته تدل علي الهية غيره و الدلاة الغير المحضة لايكون مميزة (المختصة لاتكون مخيرة خ‌ل) فلاتكون مع المشاركة (المشاركة الا خ‌ل) دالة (دالة الا خ‌ب) علي النوع و افراد النوع متساوية في (عن خ‌ل) الاتصاف (الاتصاف من خ‌ل) النوعي و لا نوع للقديم فلا مشاركة في كل ما ينسب اليه.

فبدلالة اللام علي الالهية الحقيقية (الحقيقية دلالة حقيقية خ‌ب) تنتفي الهية كل

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 89 *»

من سواه (سواه و كذلك دلالة الالف و باقي حروف الصمد فلاجل هذا صار الصمد صالحاً لبيان احد فيما يدل عليه من الوحدة الحقيقة لان المراد من الصمد كما تقدم من يراد معني لم‌يلد و لم‌يولد و لم‌يكن له كفواً احد المبين في كلام الحسين بن علي عليه‌السلام الا ما اراد اولئك الطغام الذين قال الله فيهم ان هم الا كالانعام خ‌ب) . . .

(الي هنا وجد في النسخ الشريفة )