08-03 جوامع الکلم المجلد الثامن ـ رسالة لوامع الوسائل في اجوبة مسائل التوبلية ـ مقابله

لوامع الوسائل

 

فى

 

اجوبة جوامع المسائل

 

«الرسالة‌ التوبلية»

في جواب الشيخ عبدعلي بن الشيخ علي التوبلي

 

من مصنفات

الشيخ الاجل الاوحد

الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي

اعلي‌الله‌مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 46 *»

d

الحمد للّه وليّ ما اولي من نعمه بالجود و الكرم و مالك ما اعطي من سأله من النعم و صلّي اللّه علي نبيّه مصباح الظلم و علي آله سادات الامم.

و بعــد فيقول العبد المسكين قليل‏ البضاعة كثير الاضاعة احمد بن زين الدين الاحسائي كنت في تشويش بال بمعاناة حلّ و ارتحال و اختلال احوال و للقلب جواذب من كل جانب كلّ يأخذه بوجهه منه و يصرفه عنه اذ وردت عليّ مسائل ليس في الارض لها جواب كما يشاء السائل بها الاّ ضدّ الصواب و جواب ادناها من وراء الف حجاب صدرت عن الحبر المقدّس و الطيّب المغرس الشيخ العلي الشيخ عبدعلي بن المرحوم الشيخ علي التوبلي اخذه اللّه بيده الي ما يتمنّي و زاده اللّه بمدده بما يرضي طلب فيها ما ليس عندي و لايكون عند كثير ممن بعدي و لقد القي الخطاب الي من ليس معه كلّ الجواب لانّه ظنّ ماء و هو سراب ولكنّ الميسور لايسقط بالمعسور و للّه عاقبة الامور و سمّيت هذه الاجوبة بــ لوامع‏الوسائل في اجوبة جوامع المسائل.

قال ايّده اللّه: بسم اللّه الرحمن الرحيم و به نستيعن. اقول و انا الفقير الي رحمة ربّه الملك المجيب عبدعلي بن علي بن محمّد بن علّي بن احمد الخطيب انّي كنت في ريعان الشباب و صفو عيش من الاحباب الي ان اتاني ما لم اكن في الحساب كنت في زهر الدنيا و رياضها سالكاً شعبها و اراضيها مستمرّاً علي شهواتها و اغراضها حتّي قابلتني بصدودها و اعراضها و بلّتني بسقمها و امراضها فاخذت في طلب العلوم و النظر فيما رأيته مرسوم حتّي وفّقني اللّه لتعلّم لفظ كتابه المجيد ثمّ النحو و التصريف و اللغة و علم التجويد و قرأت المعاني الظاهرة و البيان ثمّ علم الحساب و علم الميزان و قرأت اصول الفقه و اصول الكلام و الفقه و التفسير و اخبار النبي9و الامام عليهم افضل الصلوة و السلام و سافرت الخط فقرأت في الهيئة و نظرت في كتب الطب لشدّة الحاجة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 47 *»

الي ذلك و ظللت اخترق تلك الشعب و المسالك فقلت يا نفس اين قوله تعالي فاعلم انّه لا اله الاّ اللّه و قوله تعالي قل انظروا في ملكوت السموات و الارض. افلا يتدبّرون القران. انّ في ذلك لايات لاولي الالباب. و جعلنا الشمس عليه دليلاً. و في انفسكم افلا تبصرون و اين شكر المنعم و اين التكاليف و كيف طريقة ذلك و طلبت ذلک و طفقت اخذ من هنا و من هنا و قرأت قوله تعالي ادع الي سبيل ربّك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن فاوّل درجة هي المجادلة و هي اسفل الدرجات و اقلّ الدّلالات فامتطأت كاهلها و غاربَها و سرحت بريد نظري في مشارقها و مغاربها و جعلت اقلب نظري في شموسها و بدورها و كواكبها فلم‏يُجِدني من علم المجادلة في الكلام سوي معرفة اصطلاح اهل الكلام حتّي اذا هجم الليل و انسدل الظلام و هجعت عيون الانام قدمت علي المعرفة اشدّ اقدام و قمت علي الساق و الاقدام فلم‏اهتد لذلك سبيلاً و لم‏اَعِ حجّة و لا دليلاً.

لكنّي علمت انّ هذه المعارف بعضها ضروري و بعضها كسبي و الكسبي ينقسم الي عقلي و الي تسليمي فهان علي الخطب. فالضروري الذي الهمني اللّه ايّاه هو كون انّ لي صانعاً و انّه لا كالمصنوع و كلّ مصنوع له صانع و الصانع غني عن المصنوعات و كلّ مصنوع محتاج الي مدبّره و هو عدل غني عن الظلم. و قد علمت انّ من العدالة ان لايكلّفني بشي‏ء و لم‏يصفه لي و لا‏يرسل الي من يعلّمني بما يريده منّي و ذلك هو الكسبي العقلي المعتضد بالتواتر النقلي المورث للعلم القطعي. و قد وصلني انّ محمّداً9 ادّعي النبوّة و اظهر المعجز علي يده و كان من اعظم اٰياته القران المجيد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و قد عجز الناس عن الاتيان بسورة من مثله فعلمت انّه من العزير الحميد فوجب علي قبوله. و قد علمت انّ طاعة محمّد9 طاعة اللّه و معصيته معصية اللّه لقوله تعالي من يطع الرسول فقد اطاع اللّه الي غير ذلك فوجب علي قبول كلام الرسول و اتّباع امره و نهيه. ثمّ ايضاً باقي العقايد كسبيّة تسليميّة فكلّ ما اتاني منه فهو مقبول ولكنّي حفظت شيئاً و غابت عنّي اشياء و هو انّ للقران بطوناً و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 48 *»

للبطون بطون. و كذلك انّ حديثهم صعب مستصعب فلم‏اهتد لمعرقة تلك المعرفة و قد قصرت عن ادني مراقي تلك المرتبة و ان كانت كالشمس المنيرة في الظهور عند اهلها و لذلك صحّ ان‏يقال:

قد تنكرالعين ضوء الشمس من رمد   و ينكر الفمّ طعم الماء من سقم

حتّي اذا هدرت الحمامة و صاح الديك و نعق الغراب و نشرت اجنحة الطاوس و انشقّ الفجر و لاح الضياء بانت ضياء شعاع مصباح احدي القري الظاهرة التي هي المنازل في السير بيني و بين القري التي بارك اللّه فيها. فقلت لعلّي ان اسير فيها ليالي و ايّاماً امناً فجسست [فجست خ‌ل] خلال تلك الديار فتصدّي لي من ادرك تلك الشموس بقوّة بصره الذي هو عين بصيرته فاجابني بلسان حاله الذي هو اقوي من لسان المقال عند ذوي الكمال و الجلال بانّي متّخذ خليلاً لو سألني احياء الموتي لاجبته فحدّثتني نفسي بان اطلب تحقيق الخلة ليطمئنّ بها قلبي فاتيته سائلاً ارني كيف تحيي الموتي. قال او لم‏تؤمن؟ قال بلي ولكن ليطمئنّ قلبي. قال فخذ اربعة من الطير فصرهنّ اليك ثمّ اجعل علي كلّ جبل منهنّ جزء ثمّ ادعهنّ ياتينك سعياً ليت شعري ما هذه الطيور الاربعة و ما هذه الجبال العشرة؟ فلمّا علمت انّ هنا مالم‏يهتد اليه سبيلاً زاد اشتياقي لهاتيك الديار و تأسّفت علي ما مضي من الازمنة و الاعصار فلازمته فظهر لي منه بعض الظهور بحسب قابليّتي التي تعلّقت و تخلّقت بالكثافة و القصور فلم‏ازل في ذلك:

اقول للعين يا بشراك قد طلعت        شمس النهار و غابت عنك اكدار

و اغتنموا الفرص فانّها تمرّ مرّ السحاب حتّي سمعت: يا ليت قد صمّ سمعي عنه و هو داعي الفراق نسأل اللّه ساعات الاجتماع و التلاق. فقلت:

تَزَوّد من شميم عرار نجدٍ   فما بعد العشيّة من عرارٍ

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 49 *»

و خاطبت امكنة الوصال في الليالي و البكور و الآصال

اين سكّانك آلي اين هم   احجازاً يمّموها ام شئاماً
قوضوا بعد التّداني و غدت   ظلمة الليل بنا عاماً فعاماً
و تبقّي كلّ مشتاق لهم   يسأل الجندل عنهم و الرغاما
انقضي العمر و لم‏ابلغ به   حاجةً تدفع ضرّاً و اواما

و قد خلّفوا في قلبي النار لمّا سمعت من تلك الاخبار و قد خفي علي الامور و قد رجوت كشفها من ذي القابليّة العظيمة و الدرّة المكنونة اليتيمة و المرآة الصافية الكريمة مشيّد دعائم الاسلام و الدين و الحجة علينا من الحجّة علي العالمين الشيخ احمد بن المقدّس الشيخ زين الدين مدّ اللّه ظلاله و اسبل عليه نوالَه و غمسه في بحر افضاله فلمّا عزمت و حيل بيني و بين [حيل بيني و بينهم و بين. خ‌ل چاپ بصره@] عزمي و علمت انّ المدبّر غيري اتيته بمسائل كالوسائل متضرّعاً مستصرخاً مستنصراً و سائل.

هذا اخر ما قدّم امام مسائله من كلامه زيد في مقامه و بلّغه ربّه اعلي مرامه. و اعلم ايّها الاخ الناظر في هذه الكلمات انّي علي ما انا فيه من القصور عن تلك المسائل لايمكنني ارخاء عنان القلم في هذا الميدان لمايستلزم ذلك من كشف مالايجوز كشفه ولكنّي مما علمت من حاله و مقاله بلغه اللّه اعلي مناله انّه يطلب الاشارة و الاختصار و ذلك احبّ اليه من الاطالة و الاظهار فكفاني بفهمه و مراده المؤنة و امدّني من ادراكه للاشارة الخفية بالمعونة و اذا كان مايريد منه اجراء الوجوه الستّة اجريتها في الظاهر من العبارة و الباطن من الاشارة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 50 *»

البتّة ليتمّ لكلّ اهل فنّ من ذلك مطلبهم و ليعلم كلّ اناس مشربهم و الآن اريد ان انبّه علي بعض ما تقدّم من الكلمات ببعض التلويح يقوم لاهل ذلك مقام التصريح اذ قد يحتاج اليها فيما بعد.

قوله فاوّل درجة هي المجادلة و هي اسفل الدرجات و اقلّ الدلالات في قوله تعالي ادع الي سبيل ربّك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن، اعلم انّ اللّه علم خلقه كما خلقهم انّهم علي ثلاث طبقات فامر اللّه تعالي نبيّه9 ان يدعو الي سبيله اهل كلّ قسم بما هم عليه مما اتاهم اللّه و هم اولوا الافئدة و ارباب القلوب و اصحاب العلوم و السبيل المدعوّ اليه سبيل اللّه الي عباده حيث اعطاهم من كلّ ما سألوه في المداد الاوّل في الدواة الاولي و السائلون الواقفون ببابه و الفقراء اللائذون بجنابه هنالك هم اولوا الافئدة الذين يدعوهم بالحكمة و الذين اعطاهم من كلّ ما سألوه في القلم الاوّل و هم السائلون الواقفون ببابه الفقراء اللائذون بجنابه هنالك هم ارباب القلوب الذين يدعون بالموعظة الحسنة و السائلون الواقفون ببابه الفقراء اللائذون بجنابه الذين اتاهم من كلّ ما سألوه في اللوح و في الحجاب الياقوت و في اخر اكوارهم و اشكالهم و اجسامهم و هم اصحاب العلوم و اهل الآثار و الرسوم المدعوّون بالمجادلة بالتي هي احسن و سبيل اللّه الي عباده هو الوجود في تنزّلاته و هذا السبيل هو سبيل العباد الي ربّهم بما قدّر لهم من السير في منازله و مقاماته.

و اشاروا الي اوّل النازل بقولهم: نحن صنائع اللّه و الخلق بعد صنائع لنا و قول علي7 و سرّ البسملة في الباء و [سرّ خ‌ل] الباء في النقطة و انا النقطة تحت الباء كما رواه في مشارق‌ الانوار و قال9 ظهرت الموجودات من باء بسم اللّه الرحمن الرحيم كما رواه ابن ابي‏جمهور في المجلي.

و الي الثاني الصاعد كما في مختصر بصائر سعد للشيخ حسن بن سليمان الحلّي عن جابر عن ابي‏جعفر7 في قوله تعالي ولئن قتلتم في سبيل اللّه او متّم الآية فقال يا جابر اتدري ما سبيل اللّه؟ قلت لا واللّه  الاّ اذا سمعت منك. فقال القتل في سبيل علي7 و ذرّيته فمن قتل في ولايته

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 51 *»

قتل في سبيل اللّه و ليس احد يؤمن بهذه الآية الاّ وَ لَه قَتْلَةٌ و ميتة انّه من قتل فينشر حتي يموت و من يموت ينشر حتي يقتل هـ و القتل الاوّل ليس بالسيف و انّما هو بالولاية و من كان كذلك لابدّ له من القتل بالسيف و من الموت فمن قتل في الدنيا بعث مع الصاحب7 و كان معه حتي يموت و يعيش بالضعف من عمره في الدنيا و من مات في الدنيا بعث معه حتي يقتل بين يديه و انّما جري عليه الامران لانّه محّض الايمان محضاً. و ماحض‏الايمان ان كان من اولي‏الافئدة فهو الممتحن قلبه للايمان كما في الروايات. و ان كان من ارباب القلوب فقد محّض الايمان ليقينه في مقامه و لتسليمه بماوراء ذلك فهم من فهم.

و ايضاً الاشارة الي الثالث [الي السبيل الثاني خ‌ل] الصاعد بقوله7 في الدعاء تدلج بين يدي المدلج من خلقك و قول علي7 و نحن الاعراف الذين لايعرف اللّه الاّ بسبيل معرفتنا و كما روي عنهم: في تفسير قوله تعالي و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قريً ظاهرة و قدّرنا فيها السير الآية انّهم تلك القري الظاهرة التي قدّر فيها السير الي اللّه و هذا احد معنيي الروايتين في تفسير الآية.

فتنزّلات الوجود يعني ادبار العقل من اللّه و باللّه هو سبيل اللّه الي خلقه فيما سألوه بما آتاهم و ترقّيات مراتب الوجود يعني اقبال العقل الي اللّه باللّه من اللّه بين يديه رفيع الدرجات كلّ درجة تكمل فيها ثمرة تجلّي صفة و ظهور اسم من صفاته و اسمائه عزّ و جلّ تنزل الي ماتحتها بها فيها و تصعد الي ما فوقها بها عندها لا فيها فاسفل الدرجات درجة اصحاب العلوم اعلاها الصور المجرّدة عن المادّة و ادناها عالم الاجسام و الشهادة لكنّها درجة كثيرة الاخطار لايقرّ لاهلها قرار لايزالون في الظلمة في الليل و تشتدّ الظلمة عليهم في النهار يجمعهم عشرون طوراً في معارفهم علي اختلاف منازلهم و عوارفهم اعلاهم اصحاب الصور المجرّدة و ادناهم اصحاب التُرَب [القرب خ‌ل] المؤصدة و في تلك العشرين المقام حيّات و عقارب و اهوال و ظلمات و رعد و برق يجعلون اصابعهم في اٰذانهم من الصواعق حذر الموت و من قصد هدايتهم فهو كالناعق بمالايسمع و لايفهم الصوت فاذا اراد اللّه نجاة من يشاء من اولئك اخذ

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 52 *»

بناصيته و فتح له باب هدايته.

و هما قسمان من طابق قوله فعلَه و عمله قلبه تحقّق العلم في صدره و علامته دوام الخشية من اللّه قال الصادق7 اذا تحقّق العلم في الصدر خاف و من خاف [اذا خاف خ‌ل] هرب و من هرب [اذا هرب خ‌ل] نجا هـ و قال تعالي انّما يخشي اللّه من عباده العلماء و في الدعاء لا علم الاّ خشيتك و لا حكم الاّ الايمان بك ليس لمن لم‏يخشك علم و لا لمن لم‏يؤمن بك حكم. و القسم الثاني من حصلت له تلك الصورة و لم‏تعضد بما ذكر من مقتضاها و اولئك لايكادون يثبتون عليها كما قال7 العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الاّ ارتحل و لو ثبتت ثبتت لقليل شاذّ ولكنّها موقوفة الثبوت علي الطينة و هي تتحقّق بتمام اكتساب العبد لما هو عليه فالسابقة تنبت [تثبت خ‌ل] بالخاتمة كالحبّة تزرع فتورق فتحمل بالحبّة فافهم. و اما باقي الاقسام من العشرين فلهم دلالة ضعيفة تكفيهم بنسبتهم مالم‏يتجاوزوا فيما توهّموا الالفاظ التي بني عليها التوحيد و الايمان و الاسلام و هؤلاء لايجوز ان تعرض عليهم الشبهة و لايجوز لهم الخوض و لا التفتيش لانّهم يتوهّمون مايناسب الشبه و ترسخ في نفوسهم و لايفهمون مايجانس الجواب فلايكادون يدركونه و الي مثلهم اشار7 بقوله همج رعاع اتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح لم‏يستضيئوا بنور العلم و لم‏يلجئوا الي ركن وثيق هـ و لذا تراهم يميلون حيث ما مالت الريح فدرجتهم اسفل الدرجات و دلالتهم اقلّ الدلالات. و كذلك اصحاب الصور المجرّدة عن المادّه فانّهم و ان كانوا اقوي من هؤلاء الاّ انّهم يشيرون الي شي‏ء متوهّم و لايعلمون انّه مخلوق مثلهم مردود اليهم. [عليهم خ‌ل]

و اما ارباب القلوب المدعوّون بالموعظة الحسنة فانّ روح اليقين اذهب عنهم ظلمة الريب و الشكّ بنوره قال الصادق7 و اذا اشرق نور اليقين في القلب رجا و اذا رجا طلب و من طلب وجد هـ و نور اليقين هو المعاني يعني معاني العلم باللّه المجرّدة عن الصورة و المادّة و القلب ملك و وزيره نور العقل و وجهه و هو في الصدر الذي هو العلم كالنقطة في الدايرة عليها و هؤلاء تغلب عليهم آثار الفضل فيغلب عليهم الرجاء لسلامتهم من مسمّي الكثرة لانّ المعاني

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 53 *»

لاتشخّص فيها بهيئات تميّزها عند من دونها و في ذاتها و لاجل ذلك يقال للعلم انّه في اللوح المحفوظ يعني الالف المبسوط و الكتاب المسطور اشارة الي الكثرة.

و يقال للعقل انّه القلم و الالف القائم و الطور اشارة الي وحدته بالنسبة الي كثرة اللوح الاّ انّ القلم و اللوح من الوجود المقيّد و يجمع كونهما الدهر فافهم. ثمّ لمّا كان العقل ليس له اقتضاء لغير الطاعة لقربه من الخير و الوحدة فهو عند نفسه لايشهد له وجوداً في كل اطواره الّا بربّه تعالي لايحتاج فيما لم‏يَسْتَبِنْه الي المجادلة بل اذا بيّن له فيما لم‏يظهر له انّ الامر دائر بين مقتضي نفسه و بين ما طلب غيره اختار ما طلب غيره لانّه لم‏ير بوحدته الاّ ربّه. فكان اللّه بذلك له اقرب اليه من كل شي‏ء بل كلّ حركاته و سكناته في كلّ اطواره باللّه لانّ اللّه تعالي قال و عزّتي و جلالي ما خلقت خلقاً احبّ الي منك الحديث. و قال تعالي فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و يده التي يبطش بها الحديث فالموعظة الحسنة هي فتح باب يقينه فيما طلبه لانّه ابداً لايقتضي الاّ الارجح.

و مثال الموعظة الحسنة في الدليل لارباب العقول قوله تعالي قل أرأيتم ان كان من عند اللّه ثمّ كفرتم به من اضلّ ممن هو في شقاق بعيد فاذا دار الامر بين مايجوز ان يكون من اللّه و ان يكون من غيره فرضاً و هو طبق ما في العقل عند نفسه و العقل للّه و اللّه مع العقل كما قلنا سابقاً حصل الارجح و جاء الحق و زهق الباطل. فالعقل يطلب ما فيه النجاة و ذلك لايخفي علي كلّ من قطع الاعتبار من نفسه لانّه عاقل فافهم. و تصرّف في هذه القواعد بالتبصرة فانّي وضعتها للارشاد و التذكرة ان كنت علامةً حصل لك منتهي المطلب.

و امّا اولوا الافئدة فهم الذين كشفوا سبحات الجلال التي اوّلها و آخرها انفسهم و وجوداتهم من غير اشارة بل شأنهم تفقّد الاشارة و محوها حتّي صحا لهم المعلوم و هؤلاء اهل المحبّة. قال الصادق7 و اذا انجلي ضياء المعرفة في الفؤاد احبّ و اذا احبّ لم‏يؤثر ماسوي اللّه عليه هـ و شرط ذلك منهم محو المحبّة فانّها حجاب كما روي عنه7 فهؤلاء يدعون بالحكمة و هي المعرفة و هي التي ضدّها العامّ الانكار و لاتقابل بالشك و الجهل الاّ علي سبيل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 54 *»

المجاز او الحقيقة الاضافيّة. و العلم يقابله الجهل و اليقين يقابله الشكّ و هؤلاء اولوا الافئدة ينظرون بنور اللّه. قال7 اتّقوا فراسة المؤمن فانّه ينظر بنوراللّه و هو النور الذي خلق منه و ذلك النظر هو التوسّم و صاحبه المتوسّم انّ في ذلك لاٰيات للمتوسّمين

و بداية [بيانه خ‌ل] نظرهم بتلك العين من مثل سمّ الابرة ممتدّاً علي ساقين متساويين و قاعدته قوس علي هيئة قطاع اصغر فيمتدّ الساقان و تعظم درجات ذلك القوس حتي يتجاوز النهاية فاذا خرق حجاب النهاية و اخذ في اللانهاية استدار كهيئة دائرة و يكون ذلك السمّ الذي نظر منه نقطة لها فتكون تلك النقطة ممتدّةً صاعدةً في ذاتها لا الي جهة سواها من حيث ذاتها فتكون تلك الدايرة كالكرة علي تلك الممتدّة كالمحور باستدارتها عليها فتكون الدايرة هي عين النقطة و الكرة نفس محورها ظاهرها في باطنها و باطنها في ظاهرها و تلك الحقيقة لاسواها كما رواه في معاني الاخبار باسناده قال قال رسول اللّه9 التوحيد ظاهره في باطنه و باطنه في ظاهره ظاهره موصوف لايري و باطنه موجود لايخفي الحديث. فاذا تأمّل الناظر بعين ‏البصيرة ظهر له انّ اسفل الدرجات و اقلّ تلك الدلالات درجة اصحاب المجادلة بالتي هي احسن كما صرّح7 به في كلامه هذا اذا تحقّق العلم في الصدر و امّا اذا لم‏يتحقّق بعدم اجابته العمل له بل مجرّد المجادلة فلا دلالة في ذلك بحال و لا معرفة له بل انّما اكتسب جهلاً بجهل. و انّما اطلقت عنان القلم هنا علي خلاف ما وعدت لما يترتّب علي هذه المباحث و لانّها كالاصل لبعض ما يأتي.

و قوله: حتّي اذا هدرت الحمامة و صاح الديك و نعق الغراب و نشرت اجنحة الطاوس، الحمامة في الانسان الفلكي فلك القمر و في الجوزهر مظهر ينبوعه و في الانسان الآفاقي ريح الصبا و في الانسان الآدمي مادّة البلغمي التي ينبوعها من الرية و في الانسان الفلسفي الغربية. و العبارة عمّا ذكر انّ الحمامة قمر ميكائيل الغربي عند ريح الصبا من الرية بباطن المريخ و الديك شمس هواء اسرافيل عند ريح الجنوب الثائرة من كبد الفتي الشرقي و الغراب اشعّة زحل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 55 *»

بمرّة عزرائيل عند ريح الشمال الساكنة من طحال الطلق الذي ازيل عنه ريش الغراب و اجنحة الطاوس تكميل جبرئيل بنار الدبور الطائرة من المرّة الصفراء للفتي الكوشي بظاهر المريخ و ذلك عند ابتداء اعتدال المزاج بحصول الطبيعة الخامسة من الطبايع الاربع اذا اعتدلت. قال علي7 و خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكّيها بالعلم و العمل فقد شابهت اوايل جواهر عللها فاذا اعتدل مزاجها و فارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد هـ و السبع الشداد زحل و المشتري فاذا ذهب ظاهر المشتري عن زحل قال الرضا7 ما بعث اللّه نبيّاً الاّ صاحب مرّة سوداء صافية. و اما المريخ فقالوا الحديد باطنه فضّة و ظاهره ذهب و قال تعالي باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب يعني باب السور المضروب قال علي7 و انا قرن من حديد. و اما الشمس فتفيض علي زحل من ذات العقل نوراً و علي القمر من صفات العقل كذلك و علي المشتري من نور ذات اللوح و الكرسي و علي الكاتب من صفاته و علي المريخ من نور ذات الطبيعة و علي المرءآة من صفاته فاذا اعتدلت في الوزن و الصفة كانت عنها طبيعة خامسة و هي الاعتدال الذي اشار اليه علي7 باعتدال المزاج.

قوله اسعده اللّه بمدده: و انشقّ الفجر و لاح الضياء بانت ضياء شعاع مصباح احدي القري الظاهرة التي هي المنازل في السير بيني و بين القري التي بارك اللّه فيها فقلت لعلّي ان اسير فيها ليالي و ايّاماً آمناً، انشقاق الفجر ظهور الحال و القري الظاهرة هم المتعلّمون من العلماء كما قال الصادق7 نحن العلماء و شيعتنا المتعلّمون و هذا الاستدلال مبني علي رواية انّ القري التي بارك اللّه فيها هم الائمّة:. و يريد باحدي القري السراب الذي ظنّه ماءً اللّهمّ لاتؤاخذني بما يقولون و اجعلني خيراً مما يظنون و اغفرلي ما لايعلمون.

و قوله ايّده اللّه: حتي سمعت ما يا ليت قد صمّ سمعي عنه و هو داعي الفراق الخ. و هو ارتحالنا من قريتهم المحروسة من الاسواء توبلي الي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 56 *»

المعمورة المسمّي بنّي بتشديد النون تابع بغداد القديم و الكلّ من اوال حرّسها اللّه من الزوال في المبدء و المآل.

قال اطال اللّه بقاءه و اشهده لقاءه في آخرته و دنياه: فالأولي انّي مؤمّل من الجناب الاحمدي ان يبيّن لنا اختلاف الاقوال في التعبيرات من الباطن و الظاهر و كلام الصوفية المنهي عن اتّباعهم و كلام اهل الحقّ المأمور باقتفائهم و ان‏يحبّر لنا عبارة جامعة بالفاظ وجيزة يؤخذ منها صنعة المكتوم من كونه شجراً الي كونه حجراً الي كونه انساناً كاملاً و العالم العلوي و السفلي في الانسان الكامل و العالم الصغير الانساني بحيث لو وقف عليها صرفها اهل الظاهر لظاهرهم و اهل الباطن لباطنهم و اهل التأويل لتأويلهم علي حسب التفاسير التي فهمناها منكم و هي الظاهر و ظاهر الظاهر و الباطن و باطن الباطن و التأويل و باطن التأويل بحيث انّه يكمل فيه الصنعة و تولّد الانسان و قواه و اطواره و العالم الزماني و العالم الدهري و العالم السرمدي و العالم البرزخي و العالم الحشري و تقابل العقل بالجهل و اوّل المخلوقات بآخرها و المركز الارضي بالمحدّد السمائي و سكّان الافلاك بسكّان الارضين و ما بينهم و تخرج لنا مايماثلها في الانسان.

هذا آخر المسألة من المسائل الثمان التي هي كابواب الجنان و في هذا العدد اشارة الي قوله تعالي مدهامّتان و في ذلك و لذلك يتولّد الانسان. و اعلم انّه سلّمه اللّه بني سؤاله بظاهره علي امر متعذّر لانّ هذا المعني الذي يريد من تحبير العبارة و انّها تفيد تلك الجهات الستّ لا يكون الاّ بالعبارة الظاهرة و هي تفيد كلّ اهل لسان مرادهم و ليس علي ظاهره لانّه لايكون الاّ في عبارة امام معصوم و غيرالمعصوم لايطلب منه هذا فلابدّ من صرف عبارته عن ظاهرها و انّ المراد منها ما سمعناه منه و هي المبالغة في الكتمان عمّن ليس ديدنه الكتمان و الذي يفيد تفصيل سؤاله في مقابلة كلّ عالم بضدّه هو اختلاف العبارات لانّ كلّ مقام لايظهر بيان مقابلته لضدّه الاّ بمايناسبه من العبارة و البيان فعالم الغيب لايظهره الاّ الاشارة لانّ البيان يستره و عالم الشهادة علي العكس مثلاً الارض

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 57 *»

فان ابقيتها علي هذه العبارة حوت كلّ معني يراد منها لكن لايفهمه من يريد المقابلة بين الاشياء لانّ مراد ذلك ان يعرف الارض في ظاهر العالم الكبير و باطنه و العالم العلوي و السفلي و كذلك الآدمي و الفلسفي و غيرذلك بان يقال مثلاً الارض في ظاهر العالم الكبير المعروفة و في باطنه في الدرجات ظاهر السموات و الكرسي بل و باطنها و في الدركات ارض العادات و الطبيعة و الشهوات و الطغيان و الالحاد و في العالم السرمدي ارض القابليات الموات و في الانسان في ظاهره جسده و في باطنه نفسه و في الفلسفي اكليل [کليل خ‌ل@([1])] الغلبة و الجسد الحديد [الجديد خ‌ل] بل و بلاد مصر بالنسبة الي فارس و غيرذلك فاين من يأخذ من لفظ الارض كلّ معني من مقامه ممن يطلب التفصيل شتّان بين مشرق و مغرب ولكنّ الجمع بين الحقين ان يوضع كلّ شي‏ء في موضعه بلسان اهله و تعرف المقابلة بان اقول الارض في هذا المقام كذا و کذا و في ذلك المقام كذا بعبارة عليها غبار لحفظ الاسرار و هو عين ارادته. قالوا: ما كلّ ما يعلم يقال و لا كلّ ما يقال حان وقته و لا كلّ ما حان وقته حضر اهله هـ و ليس علي كشف ما لايجوز كشفه و ان اقتضي السؤال ذلك الاّ بالتلويح. و لذا قالوا: عليكم ان تسألوا و ليس علينا ان نجيب. و قال الشاعر:

و مستخبر عن سرّ ليلي اجبته   بعمياء من ليلي بلا تعيين
يقولون خبّرنا فانت امينها   و ما انا ان خبّرتهم بامين

ولكن تحتاج ايّها الناظر الي زيادة بعض الكلمات كالمقدّمة مضافة الي ما سبق تستعين بها علي تقريب البعيد و تسهيل كلّ شديد. اعلم ايّدك اللّه انّ السرمد حيث نطلقه نريد به ظرف عالم الامر في مراتبه الاربع بل الخمس و عالم المشيّة و الارادة و الابداع و هو بحر الوجود و مغرس الشجرة الكليّة و صبح الازل و النقطة المجلّلة بالستر المجلّل بالسرّ

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 58 *»

المجلّل بالسرّ و بالنفس الرحماني (بفتح الفاء) الساري في كل شي‏ء و السحاب المزجي و السحاب المتراكم و الارض الجرز و الزيت المضي‏ء و الارض الميتة و غير ذلك.

و اذا اطلق الدهر فالمراد به ظرف المجرّدات من الوجود المقيّد و هو العقول و الارواح و النفوس و الطبايع الكلية و الموادّ الدهرية الكورية و يقال لهذا المقام و اهله الجبروت و الملكوت فالعقول بل و الارواح علي حال هي الجبروت و الباقي هي الملكوت. و الحقّ انّ عالم الجبروت هو عالم العقول و الملكوت هي عالم النفوس. و اما الارواح فهي برزخ بين العالمين ان اضيفت مع الاوّل كانت من الثاني و ان اضيفت مع الثاني كانت من الاوّل.

و امّا الزمان فهو ظرف الاجسام و عالم الشهادة و الارتسام اوّلها جسم الكلّ و محدّد الجهات و آخرها الارض المعروفة. و امّا عالم المثال فهو برزخ بين العالمين واقف علي حدود الزمان و هو مقابل للدهر بوجهه و مسند ظهره الي الزمان. ثمّ اعلم انّ عالم الشهادة اذا لطف و شفّ و القي عنه ما كثف لطف زمانه فاذا كان كذلك اتّخذه الدهر اخاً و صاحباً البلد للبلد و السكّان للسكّان قال الله تعالي فان تابوا و اقاموا الصلوة و اٰتوا الزكوة فاخوانكم في الدين.

ثمّ اعلم انّ السموات في الانسان الكبير هذه السبع و لها نفوس كلّ نفس من جنس طبيعتها خلق فلكها و الوانها علي حسب طبايعها و ان لم‏تبدُ في ظاهرها لبساطتها تبدو في مقتضاها و نهايات اشعّتها و افعالها في المولّدات الثلاث و الاختلاف في الوانها وجوداً و عدماً او وجوداً باختلاف مقامات المختلفين و انظارهم و اغراضهم و هي في الانسان الآدمي عقله و علمه و وهمه و وجوده و خياله و فكره و حياته كلّ منها كمثل مايقابله في ذاته و في فعله و في لونه و في مكانه من الانسان و في فلك كلّ من كلّ و في الانسان الفلسفي يخرج السابع مع السادس دفعة فتزيل السادس يعني ظاهره لانّ باطنه يتّحد بالسابع ثمّ تعمد الي الفلك الخامس فتطهّره باصعاده و انزاله اسبوعاً ليكون مع الاوّل متّحداً بل هو الثاني ايضاً ثمّ يستخرج [تستخرج خ‌ل@] الرابع بالثالث و تطهّر الارض بالخامس و اما العالم الحشري فهو تعلّق الارواح بالاجسام بعد تألّفها بعد ان كانت متفرّقة. و الآن نشرع في المقصود

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 59 *»

علي سبيل الاختصار و الاقتصار مازجين للعبارة بين التصريح و الاشارة بمايحصل منه المراد علي غير الطريقة المطلوبة ظاهراً لانّا ان سلكنا عبارة كما قالها علي ظاهرها سلّمه اللّه خفي علي اكثر الناظرين جلّ المقاصد و ان شرحنا كلّ شي‏ء مبيّناً [بيناً خ‌ل@] استلزم بيان ما لايجوز بيانه اما من جهة كشف السرّ او من جهة تعمية المكشوف [الکشوف خ‌ل@] بدون الاشارة لانّ الغيب يتعمي بالعبارة الظاهرة و علي كلّ تقدير فنتكلّم علي مايريد كما نريد و اللّه علي كلّ شي‏ء شهيد.

قال سلّمه اللّه: ان يبيّن اختلاف الاقوال و التعبيرات من الباطن و الظاهر.

اقول: اعلم انّ اللّه سبحانه خلق الخلق علي توحيده و كتب في الانسان كلّ ما اراد منه فظهر فيه من جهة خالقه ما اراد منه و من جهته ما هو عليه و ركّب له من جهته سبحانه عقلاً في جبلّته و ذلك العقل يعرف به اوايل الاشياء ولكنّه كالبذر للعقل المكتسب المسموع و ذلك المسموع علي حسب مايتقوّي به فكانت العلماء اصحاب العقل المسموع و مسموعهم مستفاد من قواعد العلوم التي يتداولونها. و لا ريب انّ كلّ من تداول العلوم استفاد ذكاءً و صفاءً فمن نظر في الكتاب و السنّة و في العالم بذلك الذكاء المستفاد من حيث هو هو لا من حيث ابتنائه علي تلك العلوم و القواعد ليتفهّم بذكائه تلك الآيات و الآثار و يقطع من نفسه الاعتبار فقد اصاب و لايتطرّق عليه الخطاء لانّه ذكاء محكم تمسّك بمحكم و هذا هو الذي وعده اللّه بالهداية حيث يقول و الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا و انّ اللّه لمع المحسنين.

و من نظر في الكتاب و السنّة و في العالم بذلك الذكاء المستفاد من حيث ابتنائه علي تلك العلوم و القواعد كان همّه تأويل الكتاب و السنّة علي طبق مايريد و ربّما اتّبع ماتشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله و هم يحسبون انّهم يحسنون صنعاً حتي انّه يقول انّ هذه الآية لاتنطبق علي ما قرّروه و لايدري انّ ما قرّروه ليس بصواب كلّه بل فيه الصواب و الخطاء و الكتاب و السنّة و العالم صواب كلّه و ان اختلف ظاهره فليس بمختلف و الاوّل لايري فيه اختلافاً بخلاف الثاني. و الي هذه الدقيقة و الفرق في الطريقة الاشارة بقوله تعالي فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنات فرحوا بما عندهم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 60 *»

من العلم و حاق بهم ما كانوا به يستهزءون فانّ الاوّل ليس معه علم يردّ البيّنات و يأوّلها عليه بل ترك اعتبار علمه و صححه بالبيّنات لمّا نظر بذكائه و عرف البيّنات ردّ علمه اليها و صححه بها بخلاف الثاني فلأجل هذا اختلف العلماء. و ربّما توافق عالمان من جهة استعمالهما الطريقة الاولي و ربّما اختلفا مثلاً في مسألة بان سلك احدهما الاولي و الآخر سلك الطريقة الثانية و ليس لمخالفة بل قد يكون غفلةً و قد يكون لمخالفة لغرض نفساني فيصرف الآية الي ما لديه من العلم حيث لايجد ملجأ الاّ علمه و هو قوله تعالي فرحوا بما عندهم من العلم.

و اما اختلاف التعبيرات من الباطن و الظاهر فلانّ اوّل مبدع بالابداع الحروف ثمّ ركّب الاسماء و وضعها علي مسمّياتها قبل عالم الشهادة. فلما ظهر عالم الشهادة بعالم الغيب مثلاً ظهر الماء المعروف و هو العنصر الرطب البارد السيّال بالماء الاوّل الذي كان العرش عليه فلمّا ظهر بهذا العنصر الرطب السيّال و كان قد وضع علي الاوّل الماء وضعاً حقيقيّاً و كان هذا من ذلك كالجسد من الروح و شابهه في صفاته الذاتيّة و الفعلية وضع في هذا العالم عليه اسم الماء بالحقيقة الاضافيّة فهذا هو الماء الذي به حيوة كلّ شي‏ء حي في الظاهر و ذلك هو الماء الذي حيوة كلّ شي‏ء حي اي موجود في الباطن. انظر الي ما في العيون عن الرضا7 في قصّة ضيافة سلمان لابي‏ذرّ لمّا وضع سلمان بين يديه القرصين اليابسين فقلّبهما ابوذر فقال له سلمان اراك تقلّبهما واللّه لقد عمل فيهما الماء الذي حمل العرش حتي القيهما الي الملئكة و عملت فيهما الملئكة حتي القتهما الي الريح و عملت فيهما الملئكة [الريح خ‌ل@] حتي القتهما الي السحاب الحديث. و معلوم انّ ذلك الماء غير هذا الماء فلذا اختلف تعبير اهل الظاهر و اهل الباطن.

و اعجب من ذلك انّ اهل الظاهر ينكرون تلك و ينسبون اليها المجازات و هم قالوا الحقيقة لفظ مستعمل في وضع اوّل و المجاز لفظ مستعمل في وضع ثاني لعلاقة و يشترطون ان تكون [يکون خ‌ل@] الحقيقة اصلاً في الاستعمال و لايصرف عنها الاّ بنصب القرينة. و قالوا انّ حقيقة الرحمة رقّة القلب فلمّا ورد تسمية اللّه بالرحمن الرحيم ضاق

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 61 *»

عليهم المنهج فقالوا لايستلزم المجاز الحقيقة بل قد يستعمل اللفظ في غير الموضوع له فهو مجاز كالرحمن للّه و لم‏يستعمل لذي الرحمة و هي رقّة القلب الذي هو الحقيقي لانّ رقّة القلب لاتجوز علي اللّه تعالي و استعمل فيه مجازاً. ثمّ قال بعضهم و لقائل ان يقول و ان كان الرحمن مجازاً بالنظر اليه تعالي لكنّه صار حقيقة عرفيّة فيه تعالي للتبادر عند الاطلاق و هو امارة الحقيقة.

فليت شعري هل كان اللّه رحماناً و رحيماً قبل ان يخلقهم و يخلق قلوبهم و رقّتها ام لم‏يتّصف بذلك الاّ بعد ان خلقهم؟ ام اختار لهم الحقيقة و له المجاز؟ و الحقيقة ذكر و المجاز انثي تلك اذاً قسمة ضيزي. ام اتّصف بها و لم‏يسمّ نفسه حتي سمّاهم ثمّ اشتقّ له من اسمائهم اسماً اختصّ به؟ فاين يذهبون؟! افلايسمعون انّ اللّه سبحانه شي‏ء بحقيقة الشيئيّة و هم انّما كانوا شيئاً به تعالي و اسماؤه اسماء بحقيقة الاسميّة و انّما كانت اسماؤهم اسماءً بحقيقة اسمائه تعالي. و الرحمة له حقيقة و لهم حقيقة من دون تلك الحقيقة بمعني انّها حقيقة بالنسبة الي حقيقتهم كنسبة حقيقتهم الي حقيقة اللّه. و انّما تلك الرحمة التي هي رقّة القلب مجاز اذ معني المجاز انّه طريق الحقيقة الي ما لم‏تكن الحقيقة موضوعة له بسبب العلاقة. انّ اللّه سبحانه جعل الرحمة مأة جزء اخرج منها جزءاً واحداً رحم به عباده في الدنيا فبفضل ذلك الجزء من رحمته يتراحمون و تعطف الوالدة علي ولدها و تحنّ البهائم الي اولادها.

فاهل الباطن يقولون الرحمة تطلق علي اللّه بالحقيقة و ليس حقيقتها رقّة القلب و تطلق علي غيره بالنسبة اليه تعالي مجازاً و بالنسبة اليهم حقيقة. و المعني انّ حقيقتها هي الهداية و الحيوة و العلم قال تعالي أ و من كان ميتاً فاحييناه و قال تعالي فانظر الي اٰثار رحمة اللّه كيف يحيي الارض بعد موتها و هي التي بها النعم الباطنة و من آثارها رقّة القلب التي بها بعض المنافع الظاهرة و معني كونها مجازاً بالنسبة اليه انّه تعالي اذا اراد اجراء نفع احد من عباده علي يد آخر جرت آثار رحمته علي قلب ذلك الآخر فرقّ قلبه. و اليه الاشارة في التأويل بقوله تعالي فاذا انزلنا عليها الماء اهتزّت و هي في التأويل و في الباطن كذلك. و امّا اهل الظاهر فيقولون حقيقتها رقّة القلب و رحمة اللّه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 62 *»

مجاز و لايستحيون فبهذا و مثله اختلفت عبارة الفريقين.

قال: و كلام الصوفيّة المنهي عن اتّباعهم.

اعلم انّ هؤلاء كانوا يتكلّمون في الحقايق التي عرفوها بعبارة تخالف الشرع ظاهراً و تنافي الايمان بل الاسلام في اللفظ و ان ارادوا بها معني صحيحاً فانّ السنتهم كافرة في كثير من المواضع و ان كانت قلوبهم بخلاف ذلك و يجري عليهم في مواضع قوله تعالي و لعنوا بما قالوا و كانت لهم طرق يخالفون فيها الشريعة.

فمنها انّ منهم من يترك العمل مدّعياً بالوصول و انّ العمل يشغُلُ من هو بين يدي الملك و لايعلم انّ استحضار ذلك هو الذي بين يَدَي الملك و هو بالقلب و العمل بالجوارح هي خدمتها للملك و كونها بين يديه. و كذلك الحركات و البصر فانّ العبادة و الخدمة مقسّمة علي الجوارح و القلب و اللسان و الاعراض كالحركات و غيرها فايّها لم‏يقم بما كلّف به لم‏يشكر.

و منهم من يستمع الملاهي و يستمع الالحان المطربة مدّعياً انّ النفس خلقت من حركات الافلاك و نفوسِها فاذا سمعت هذه الاصوات و الملاهي طربت و تذكّرت اوطانها و اوطارها و اطوارها فانصرفت عن هذا العالم فصافحت الملئكة و صعدت الي الملكوت و ادركت حظّها. و جهلوا ما حقّقوا في مثل هذا المقام انّ هذه الملاهي انّما حرّمت لانّ النفس لاتتجاوز عنها بل تتنقّل في حركات الملاهي و نغمات الغناء لما بينهما و بين النفس من المناسبة. لانّ الغناء فضلات نفسانيّة عجزت النفس عن ابرازها في الفاظ دالّة فاخرجتها الحاناً و كذلك الملاهي بجميع اصنافها فانّها تحكي الحان الافلاك علي ما قرّر في الموسيقي فلاتزال النفس مشتغلة بتلك الاصوات و النغمات تنتقل معها و تسير بها في كل مكان سحيق. فهي في الحقيقة اشدّ من الغفلة. و لهذا [لذا خ‌ل@] سمّاه الشارع7 ملاهي لانّ النفس في غير تلك قد تلتفت الي اوطانها فتشاهد و قد تغفل. و امّا في هذه الحال فهي محجوبة بالانتقال فايّما حركة توجّهت اليه لما بينهما من المناسبة فقبل ان تتوطّن اتاها مناسب آخر نقلها عن الاوّل و هكذا فلاتزال تلعب بها الريح و تتخطّفها الاطيار ليس لها تصرّف في نفسها. فهي في الحقيقة ابداً

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 63 *»

غريبة مادامت في تلك الحال قد غربت عن الاوطان و شرّدها عن مساكنها الشيطان. و لهم كلام ما اشبهه بالحق لانّهم مزجوا حقاً بباطل و ليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء ربّك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون.

و منهم من حصر المدلولات الشرعيّة علي الامور الباطنية في الانسان و قالوا انّما اراد الشارع هذا الذي عندنا و ليس شي‏ء سواه

و لكلّ رأيت منهم مقاماً   شرحه في الكتاب مما يطول

و لايخفي حال هذه الجماعة و هم الذين نهي عن اتّباعهم لانّ من اقوالهم ما يخالف الشرع و من اعمالهم و من علومهم و من استعمالهم فمن تبعهم وقع فيما هم فيه و لنقبض العنان.

و اما قوله: و كلام اهل الحق المأمور باقتفائهم.

فهو يريد منه اهل الحق من اهل الباطن لا اهل الظاهر لما بين الصوفيّة و بينهم من البون البعيد فلا يلتبس علي ادني الناس الفرق. و انّما الالتباس في اهل الحق من اهل الباطن و في اهل الباطل من اهل الباطن فانّ عباراتهم قد تتشابه في كثير و ان اختلفوا في كثير.

فاعلم وفّقك اللّه لما يحبّ و يرضي انّ اهل الحق نظروا في الكتاب و السنة و العالم و في انفسهم كما دلّ عليه الاثر و استعانوا عليه بامتثال اوامر الشرع و اجتناب نواهيه و بالزهد في كلّ دني خسيس كالدنيا و ما فيها لها و ما فيها للآخرة نظروا فيه فما كان منه زاداً لطريقهم اخذوا منه قدر الحاجة و ما امكن الاستغناء به عنه تركوه و منهم من طلب ما فيها للآخرة لا لحاجة بل امتثالاً للامر ان توجّه الامر اليه به و مع هذا لايأسي علي ما فات و لايفرح بما اوتي. ثمّ قطعوا اعتبار انفسهم و اماتوها بمعاكسة هواها فنظروا الي الخلق بنظر اللّه فباشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون و انسوا بما استوحش منه الجاهلون و صحبوا الدنيا بابدان ارواحها معلّقة بالمحلّ الاعلي فجاهدوا في اللّه حقّ جهاده فهداهم سبيله [سبله و خ‌ل@] انّ اللّه لمع المحسنين فكشف اللّه لهم عن الحقايق الحجب و هي سبحات الجلال فالقوا الاكوان عنهم و القوا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 64 *»

انفسهم فجازوا حيث و لم و كيف و عرفوا مفصولهم و موصولهم و اخلصوا للّه العبوديّة فَآتيهم من كلّ ماسألوه احتاج العلماء في التعليم الي امثالهم و قرطاسهم و هم قد استغنوا باللّه عمّن سواه فتعرّف اليهم في كل شي‏ء حتي لم‏يجهلوه في شي‏ء قرءوا آياته في كتابه و في الآفاق و في انفسهم حتّي يتبيّن لهم انّه الحق ثمّ صعدوا حتّي شهدوه في كلّ شي‏ء و هم اصحاب محبّة اللّه و اولوا الافئدة الذين محو الموهوم فصحا لهم المعلوم. قال9 العلم نور يقذفه اللّه في قلب من يحبّ فينشرح فيشاهد الغيب و ينفسح و يحتمل البلاء و يحفظ السرّ و في بعض النقل فقيل يا رسول‌اللّه و هل لذلك من علامة؟ فقال التجافي عن دار الغرور و الترقي الي عالم النور و الانابة الي دار الخلود و الاستعداد لما بعد الموت. فاهل الحق الذين باطنهم لايخالف ظاهر الشريعة و لا باطنها و ظاهرهم طبق باطنهم و قولهم يصدّق فعلهم.

فاذا رأيت من يدّعي ذلك و يأتي بكلام غير معلوم عند سائر الناس و شهد لدعويه [لدعواه خ‌ل@] الكتاب و السنّة المعلوم من مذهب اهل العصمة جريهم عليها في معتقدهم و لايرد عنهم ما ينافيه الاّ و قد وضعه المدّعي لذلك موضعه حتّي لايكون في السنّة و لا في الكتاب اختلاف و لا تنافي و اتي علي ما يدّعيه بمثل من العالم ضربه اللّه لتلك الدعوي بياناً و برهاناً فذلك الذي يجب الاقتداء به و ان استدلّ بالكتاب و السنّة و بقي فيهما شي‏ء ولو حرف لم‏يضعه موضعه و لم‏يأت بمثل مضروب لذلك من اللّه فليس ممّن يجب الاقتداء به لجواز ان يكون الحق في ذلك الحرف الذي خالفه و لانّ المثل خلقه اللّه لذلك و لايكون آية الاّ للحق و امّا مجرّد التأويل و الاستدلال ببعض الآيات و بعض الروايات فليس دليلاً علي الصواب لجواز التأويل و اللبس و الغلبة في الخطاب والاّ

فكلّ يدّعي وصلاً بليلي   و ليلي لاتقرّ لهم بذاكا

و علامة من اقرّت له الاّ يخالف قوله قولها و هم الذين يعلمون الباطن الذي هو طبق الظاهر و مطابقته للظاهر علامة صحّته و يعلمون الظاهر الذي هو طبق الباطن و مطابقته للباطن علامة صحّته. و الي هذا المعني اشار الصادق7

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 65 *»

كما رواه الحسن بن سليمان الحلّي من تلامذة الشهيد الاوّل و هو شريك ابن فهد يروي في كتاب مختصر بصاير سعد بن عبداللّه باسناده عن الهيثم بن عروة التميمي قال قال ابوعبداللّه7 يا هيثم التميمي انّ قوماً آمنوا بالظاهر و كذّبوا بالباطن فلم‌ينفعهم ذلك شيئاً و لا ايمان ظاهر الاّ بباطن و لا باطن الاّ بظاهر هـ و كما روي في معرفة علي7 بالنورانيّة و الروايات  علي ذلك اي علي انّ صحّة كلّ بمطابقة الآخر كثير و انّ الباطن هو مكنون العلم و انّما يخاطبون الناس علي قدر احتمالهم و لذا قال الامام السجّاد7

انّي لاكتم من علمي جواهره   كي لايري الحقّ ذوجهل فيفتتنا
و قد تقدّم في هذا ابوحسن   الي الحسين و اوصي قبله الحسنا
و ربّ جوهر علم لو ابوح به   لقيل لي انت ممّن يعبد الوَثَنا
و لاستحلّ رجال مسلمون دمي   يرون اقبح ما يأتونه حَسَنا

فافهم ما القي اليك و كن من الشاكرين.

قال سلّمه اللّه: يؤخذ منها صنعة المكتوم من كونه شجراً الي كونه حجراً الي كونه انساناً كاملاً.

اقول: اعلم انّ هذه الكلمات لايجوز الكلام فيها علي التفصيل بل لابدّ من اجمال او كتمان او رمز و قد اجمع علي ذلك الحكماء بلاخلاف في ذلك. و روي ابن شهرآشوب في مناقبه انّ عليّاً7 سئل عن الصنعة و هو يخطب. فقيل له اخبرنا عن الصنعة فقال هي اخت النبوّة و عصمة المروّة انّ الناس يتكلّمون فيها بالظاهر و انا اعلم ظاهرها و باطنها هي واللّه ما هي الاّ ماء جامد و هواء راكد و نار حائلة و ارض سائلة. و سئل ايضاً عن ذلك هل هو كائن؟ فقال انّه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 66 *»

كان و هو كائن و سيكون الي يوم القيمة. قيل ممّ يكون؟ قال انّه يكون من الزيبق الرجراج و الاسرب و الزاج و الحديد المزعفر و زنجار النحاس الاخضر. فقيل زدنا بياناً فقال اجعلوا البعض ماءً و اجعلوا البعض ارضاً و افلحوا الارض بالماء و قد تمّ. فقالوا [و قالوا خ‌ل@] زدنا بياناً فقال لا زيادة علي هذا فانّ الحكماء مازادوا عليه كيما تتلاعب به الناس انتهي.

و روي الجمهور انّ جماعة سألوا اميرالمؤمنين7 قيل يا اميرالمؤمنين ماتقول فيما يخوض الناس فيه من علم الحكمة التي تسمّي الكيميا اكان ذلك غابراً او هو كائن ام انتظمه [انتظمته خ‌ل@] الحكماء ام جري عليه معان من الدهر فدثر؟ قال فاطرق رأسه مليّاً ثمّ صوّب رأسه فينا فقال انّما سألتموني عن اخت النبوّة و عصمة المروّة واللّه لقد كان و انّه لكائن الي يومنا هذا و ما في الارض من شجرة و لا مدرة و لا شي‏ء الاّ و فيه منه اصل و فصل. قيل الناس يعرفونها؟ قال الناس يعرفون ظاهرها و نحن نعلم ظاهرها و باطنها. قيل فعلّمنا يا اميرالمؤمنين. قال واللّه انّي لا اعلّم به احداً من العالمين. قيل لِمَ يا اميرالمؤمنين؟ قال واللّه لولا انّ النفس امّارة بالسوء لفعلت ذلك. قيل فاذكره لنا يا اميرالمؤمنين بشي‏ء نأخذ معناه. قال  هو نار حائلة و ارض سائلة و هواء راكد و ماء جامد. فقالوا لم‏نفهم ماقلت يا اميرالمؤمنين. فقال انّ في الاسرب و الزاج و الملح الاجاج و الزيبق الرجراج و الحديد المزعفر و زنجار النحاس الاخضر لكنزاً لايدرك له آخر تلقح بعضها ببعض فتشرق ناره عن نور شمس كائن و صبغ غير مباين. فقيل اشرحه لنا يا اميرالمؤمنين. قال اجعلوا البعض ارضاً و البعض ماءً و البعض ناراً و البعض هواءً و اصلحوا بين الطبايع تفصح عن دهن سائل و اكسير حائل. فقالوا قد فهمنا يا اميرالمؤمنين نريد منك صورة التمام. فقال لم‏يوجد للماضين من قبل ممّن الهم الحكمة ان‌يخبروا به اكثر منه هذا لتعلّموه الصبيان في المكاتب و النساء في المراتب ولكن لايحلّ لهم ان‌يتكلّموا بها الاّ هكذا لانّه علم لاهوتي نبوي علوي حقيقي خصوصيّة من اللّه لمن يشاء من عباده انتهي. رواه ابوالعباس احمد الرملي في كتابه السرّ المنير في اصول البسط و التكسير.

اقول: و لابدّ ان‌يكون للسؤال جواب الاّ انّه علي طريقهم.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 67 *»

فاعلم انّ اصله صفوة قوي الانساني [الانسان خ‌ل@] و هو يفارق من الانسان من الكيلوس و يصعد علي ذروة طور سيناء و تنبت تلك القوي شجرةً ليس في الاشجار احسن منها فخذها عبيطةً في فصل الربيع و اعصر ماءها و صفّه مرّةً واحدةً بخرقة صفيقة. ثمّ ردّ عاليه علي سافله و اطبخه به حتّي يكون سافله عالياً و انحله [انخله خ‌ل@] و هكذا و اعقده ثمّ اغسله حتّي يبيضّ ثمّ زوّجه في مدّة اربعين يوماً بابنته و تكون كفواً له ثمّ زوّجه ثلاثاً و حينئذ كان حجراً و انحله [انخله خ‌ل@] و اخدمه بستّ جاريات متواليات و حينئذ يكون شجراً و طف به في البيت الحرام اسبوعاً و خذ له ماءً من ارض مصر و ناراً من ارض فارس و قبضة تراب من بيت المقدّس و انفخ عليه من الهواء يعني بريح [ريح خ‌ل@] الجنوب و اجعل ذلك ثلاثاً و ستّاً فعالجه بالفلاحة المصلحة بالثلث اوّلاً فاذا تمّت الثلاث ظهر القمر في ثالث برج الثّور. ثمّ عالج هذا بالستّ فاذا تمّت الستّ ظهرت الشمس في التاسع‌عشر من برج الحمل. فاذا رأيت ذلك فاسجد للّه شكراً و عفّر خدّيك لجلال وجهه الكريم. و اعلم انّك قد ملكت الدنيا و كنوزها فاملك به الآخرة و قصورها و حورها و اسمع قول اللّه في هذا المقام و لاتنس نصيبك من الدنيا و احسن كما احسن اللّه اليك و لاتبغ الفساد في الارض انّ اللّه لايحبّ المفسدين.

قال ايّده اللّه: و العالم العلوي و السفلي في الانسان الكامل و العالم الصغير الانساني.

اعلم وفّقك اللّه انّ العالم العلوي في الانسان الكبير العرش الذي هو محدّد الجهات قلبه و الكرسي صدره و السموات السبع و السفلي الارضون و ما فوقها هذا ظاهر العالم العلوي و السفلي من الكبير. و اما باطنه ففؤاده الابداع الاوّل و قلبه الذي هو عرشه و هو علم الكيفوفة و البداء و علل الاشياء و عقله القلم و صدره اللوح و نفس فلك زحل وجه عقله و نفس فلك المشتري علمه و نفس فلك المريخ وهمه و نفس فلك الشمس وجوده و نفس فلك الزهرة خياله و نفس فلك عطارد فكره و نفس فلك القمر حياته و سكّان ما ذكر قواه و جنود فؤاده و قلبه حجب الغيوب و هي كثيرة باعتبار مراتبها فمنها

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 68 *»

نور و منها نار و منها ظلمة و منها برد و منها ثلج و منها رعد و منها برق و منها كروبيّون و هم رجال من الخلق الاوّل و منها برازخ الي غير ذلك. و له سبع نفوس نفس حياة و نفس عادة و نفس طبع و نفس شهوة و نفس طغيان و نفس الحاد و نفس شقاوة و سكّان ما ذكر جنّ و شياطين و الانسان الصغير. كذلك ابداعه قبضة من ابداع الكبير و كذلك قلبه و عقله و صدره الي نفوسه كما ذكر اسم باسم و طبع بطبع. و ملئكته جند عقله و قواه و شياطينه و جنّه وساوس نفسه و بحره دمه و انهاره عروقه و شجره شعره و مظهر شمسه منخره الايمن و مظهر قمره منخره الايسر و اكوار الاصغر باكوار الاكبر و اكوار الفلسفي باكوار الاصغر و ادوار الفلسفي بادوار الاصغر و ادوار الاصغر بادوار الاكبر. قال عبدالعزيز بن تمام العراقي في قصيدته في الانسان الفلسفي

و العلم في حجب الازمان([2]) معدنه   في عالم ذي اعاجيب و الوان
و العالمان جميعاً فاعلمنّ له   العلوي و الاوسط الادني شبيهان
و العالم الاصغر الانسان يشبهه   طبعاً بطبع و اركاناً باركان
هذا يدور علي هذا و ذاك له   قطب كذلك ما كرّ الجديدان
تباين و اتّصال غير منفصل   كلاهما واحد و العدّة اثنان

انتهي. و اما طبايع هذه العوالم فكذلك فالنار في الكبير كرة النار و في الصغير المرّة الصفراء و في الفلسفي الاحمر الشرقي و الهواء في الكبير الهواء و في الصغير الكبد و في الفلسفي الاصفر الشرقي و في اصطلاح آخر انّ الاحمر هو

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 69 *»

الهواء و الاصفر الشرقي هو النار و لكلّ اصطلاح مناسبة صحيحة و الماء في الكبير معروف و في الصغير الرية و في الفلسفي الغربيّة و التراب في الكبير الارض و في الصغير الجسد و في الفلسفي الارض المقدّسة و اكليل الغلبة و هكذا مما يطول الكلام فيه.

قال سلّمه اللّه: بحيث لو وقف عليها صرفها اهل الظاهر لظاهرهم و اهل الباطن لباطنهم و اهل التأويل لتأويلهم علي حسب التفاسير التي فهمناها منكم و هي الظاهر و ظاهر الظاهر و الباطن و باطن الباطن و التأويل و باطن التأويل بحيث انّه يكمل فيه الصنعة و تولّد الانسان و قواه و اطواره و العالم الزماني و العالم الدهري و العالم السرمدي و العالم البرزخي و العالم الحشري.

امّا قوله صرفها اهل الظاهر لظاهرهم الخ. فقد مرّ جوابه. و اما ذكر التفاسير الستّة فالظاهر معروف. و ظاهر الظاهر هو ما يؤخذ من مادّة الكلمة اي من حروفها و يراد منها معني و ان كان مخالفاً لقاعدة اهل اللغة كما في قوله تعالي و اوحي ربّك الي النحل ان اتّخذي من الجبال بيوتاً ففي تفسير الظاهر انّ الجبال جمع جبل و هو معروف. و في تفسير ظاهر الظاهر انّ الجبال جمع جبلّة و هي الطبيعة و في تفسير التأويل الجبال الاجساد الحيوانيّة من الانسان و غيرها. و النحل في الظاهر معروف و في الباطن آل‏محمّد سلام‏ اللّه عليهم و في التأويل نفوس العلماء و في ظاهر الظاهر النفوس التي لها قدرة علي الانتحال اي الاختيار يعني اختيار الحسن كما في قوله تعالي فيتّبعون احسنه بقرينة قوله تعالي و اوحي ربّك.

و اما التأويل فان تصرف كلاماً عن ظاهره الي معني آخر لم‏يُرد منه ظاهراً كما قال علي7 في ذكر قيام القائم7 و ماينالون [لان خ‌ل] من ادركوه من العلم بحيث يستغني كلّ منهم عن علم الآخر قال7 هو تأويل قوله تعالي يغن اللّه كلاً من سعته.

و امّا باطن التأويل فكذلك ولكن يجري فيه علي معني الباطن كما روي عن الصادق7 في قوله تعالي الم تر الي الذين قيل لهم كفّوا ايديكم و اقيموا الصلوة و اٰتوا الزكوة قال هو الحسن بن علي8 امر بالكفّ عن القتال و بالصلح او

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 70 *»

كما قال فلمّا كتب عليهم القتال قال هو الحسين بن علي8 كتب عليه القتل واللّه لو برز معه اهل الارض لقتلوا انتهي. فانظر هذا المعني فانّه تأويل باطن لانّه باطن تأويل ولكن لايجري علي ظاهر العربيّة كما تري. و كما [فيما خ‌ل] ورد في قوله تعالي و وصّينا الانسان بوالديه حسناً ما معناه انّ الانسان رسول اللّه9 و انّ الوالدين الحسن و الحسين8. و كما رواه  فرات بن ابراهيم في تفسير قوله تعالي و السماء ذات الحبك عن احدهم: قال السماء رسول اللّهو الحبك علي7 فعلي ذات رسول اللّه9.

و اما تفسير الباطن فمعلوم مثل قوله تعالي حم و هو رسول اللّه9 و الكتاب المبين و هو علي7 انّا انزلناه في ليلة مباركة و هي فاطمة3 انّا كنّا منذرين فيها يفرق كلّ امر حكيم اي امام حكيم بعد امام حكيم. و الاحاديث مشحونة بذلك. و هو ان يجري علي طريق اللغة بمعاني باطنة غير ظاهرها.

و اما تفسير باطن الباطن فلايجوز بيانه. فقد روي انّ القائم7 اذا خرج و نادي انصاره و اجتمعوا عنده دعاهم الي مبايعته فاجابوا فقال تبايعوني علي كيت و كيت فنفروا عنه و لم‏يثبت معه الاّ المسيح و احدعشر نقيباً فيجولون الارض فلايجدون ملجأً الاّ اليه فيأتونه و يبايعونه علي ما يريد منهم و هو حرف من باطن الباطن حتّي انّ الصادق7 قال ما معناه واللّه انّي لاعلم كلمة التي قالها لهم فيكفرون. و اعلم انّ القران مشحون بتفسير باطن الباطن و اذا اردت ذلك فانظر في تفسير الباطن كما في تفسر القمي فخذ ذلك المعني و قل به في تلك الآية بغير تغيير عن صورتها و لا مجاز.

و قد كشفت لك في الاشارة ما لايجوز بيانه في عبارة الاّ مرموزاً لانّه هو الكفر الاّ عند اولي الافئدة خاصّةً فانّه هو الايمان و لذا قال7 لو علم [يعلم خ‌ل] ابوذر ما في قلب سلمان لقتله او لكفّره و قال7 ما افشي احد سرّنا الاّ اذاقه اللّه حرّ الحديد انتهي. و كم من شخص ظهر منه ما كتم فجري عليه ذلك كما اشار اليه الصادق7 رواه في الكافي في بيان معرفة اللّه و فضلها و فيه ما يدلّ علي ما قلنا انّ تفسير باطن الباطن

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 71 *»

لايدركه الاّ اولوا الافئدة و انّما سواهم يكفرونهم [يکفرونه خ‌ل] بما هو الايمان باللّه حقيقةً و يقتلونهم و يحرّقونهم حيث قال7 بعد ما ذكر فضل معرفة اللّه و رغّب فيه قال7 قد كان قبلكم قوم يقتلون و يحرقون و ينشرون بالمناشير و يضيق عليهم الارض برحبها فما يردّهم عمّا هم عليه شي‏ء ممّا هم فيه من غير ترة وتروا من فعل ذلك بهم و لا اذيً بما نقموا منهم الاّ ان يؤمنوا باللّه العزيز الحميد فاسألوا ربّكم درجاتهم و اصبروا علي نوايب دهركم تدركوا سعيهم الخ.

و قوله بحيث تكمل فيه الصنعة، قد مضي الاشارة الي ذلك بحيث تكمل فيه الصنعة للعارف بها لانّه يدور علي حلّ و عقد و حلّ و عقد فالحلّ الاوّل في الصنعة نصف الكيف المكتوم و العقد الاوّل تزويجه بزوجة ثمّ بثلاث زوجات و الحلّ الثاني الجويريات الستّ و المناخل الاكسيريّة و العقد الثاني عقد الباقي [التساقي خ‌ل] الثلاث للقمر و الستّ للشمس. فكذلك الانسان الكبير له حلاّن و عقدان فالحلّ الاوّل في الدواة الاولي و في القلم و العقد الاوّل في البراق و في اللوح و الحلّ الثاني في الطبيعة و في المادّة و العقد الثاني في المثال و في الاجسام. و كذلك الانسان الصغير [الانسان خ‌ل] يحلّ في مقام الماء و الموادّ النباتيّة و يعقد في الفواكه و المطاعم و يحلّ في معدة ابيه و قواه و كبده الي صلبه و يعقد في الارحام و اذا جهلك مقام في احد هذه الثلثة فاعرفه بنظيره في الاخرَيْن فانّه مثله كلّ مبني علي صاحبه و هذا جواب قوله و تولّد الانسان الخ.

و قوله و العالم الزماني. فالعالم هو الاجسام و الزمان هو حركة الفلك. و قوله و العالم الدهري، العالم هو العقول و النفوس كما مرّ و الدهر هو حركة افلاكها. و قوله و العالم السرمدي العالم هو الابداع و المشيّة و الارادة كما قال الرضا7 و هو عالم الامر و هو اوّل مخلوق خلقه اللّه بنفسه لا بابداع آخر و لا بمشيّة اخري بل بنفسها و ان خفي عليك انّ المشيّة مخلوقة بنفسها بل لو كانت مخلوقةً كانت مخلوقةً بمشيّة اخري و يلزم الدور او التسلسل و ايضاً

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 72 *»

هي صفة و لابدّ ان تحلّ بموصوفها فلو كانت حادثةً امّا ان تكون محلاّ للحوادث او تقوم الصفة بغيره او لابشي‏ء و الكلّ باطل كذا قالوه اكثر العلماء من اهل الظاهر و من اهل الباطن. و حيث جري هذا الكلام فلابدّ من تحقيق المقام علي سبيل البيان و الالزام متوكلاً مستعيناً بالملك العلاّم.

اعلم هدانا اللّه و ايّاك انّ هذا الذي قالوه كلام ينقل و لايذوقونه و لو وصلوا الي البلد رأوا عياناً و استغنوا عن الخبر بل الحق انّ المشيّة و الارادة حادثتان و انّهما و الابداع ثلثة الفاظ معناها واحد كما قال الرضا7 لعمران الصابي و هو مذهب اهل‏البيت اجمعين: لم‏ينقل عنهم حديث يدلّ او يوهم انّهما قديمتان مع انّ الروايات و الآيات الدّالاّت علي حدوثها ماتكاد تنضبط حتّي انّ الرضا7 قال كما رواه في التوحيد الارادة من صفات الافعال فمن زعم انّ اللّه لم‏يزل مريداً شائياً فليس بموحّد انتهي. و بالجملة فانظر الي ما قال و لاتنظر الي من قال تأمّل الكلام بقلب واع و انصاف مراع. فقولهم لوكانت مخلوقةً لزم ان تكون مخلوقةً بمشيّة فيجي‏ء الدور او التسلسل غفلةً لانّ الامام7 ماترك لمحتجّ حجّةً قال خلق اللّه المشيّة بنفسها و خلق الخلق بالمشيّة. فقالوا المراد بها مشيّة العباد و هذا كلام من لم‏يفهم الخطاب. و ثانياً هل سمّي نفسه في الازل بها فعليهم الاثبات [الثبات خ‌ل] او علي الاثبات [الثبات خ‌ل] بالنفي لانّه لو سمّي نفسه بها في الازل ما وصف نفسه بنفيها. فقال لم‏يشأ و لم‏يرد، لانّ ما سمّي نفسه به و ثبت له هنالك كالعلم و القدرة لم‏يقل في حال لم‏يقدر و لم‏يعلم و لم‏يسمع و لم‏يبصر ولكنّهم لم‏يعلموا و لم‏يسمعوا و لم‏يبصروا لانّهم لمّا لم‏يدركوا خلق الشي‏ء بنفسه قالوا ما قالوا فراراً مع انّ كلّ افعالهم يحدثونها بنفسها لا بافعال اخر لم‏يسبقها شي‏ء الاّ القدرة و العلم.

و اضرب لك مثلاً لايعرض عنه الاّ متعسّف و لايتردّد فيه منصف. اعلم انّ الاجماع قام انّ‏ الصلوة لاتصحّ الاّ بنيّة و انّ تلك النيّة عبادة لانّها عندهم امّا شرط و امّا شطر و امّا عندنا فهي روح العمل. و بالجملة فلا عمل الاّ بنيّة و انّما الاعمال بالنيات الحديث فالعامل يحدث الصلوة بنيّة و النيّة هل يحدثها بنيّة ام بغير نيّة؟ ام بنفسها؟

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 73 *»

فان كانت بنفسها فقد جاء الحق و ان كانت بغير نيّة و لا بنفسها لم‏يكن عبادةً و فسدت العبادة و ان كانت بنيّة اخري فارناها ايّها المدّعي لها حتّي يجي‏ء الدور او التسلسل. قل لي ما شئت. افهم و ايّاك ان تكثر السؤال فيما ليس لك به علم فانّي اعظك ان تكون من الجاهلين. قال علي7 العلم نقطة كثّرها الجهّال انتهي.

و اما قولهم انّها صفة و الصفة لاتقوم الاّ بموصوفها الخ، فاعلم انّها صفة حادثة قائمة به قيام صدور لا قيام عروض كقيام غيرها من المخلوقات بها و كقيامي بربّي علي انّ الصائت موصوف و صفته قائمة بالهواء و كاسر العصا صفة و هو الكسر حالّة بالمكسور. فان قلت ذلك التأثّر لا التأثير. قلت كذلك التأثير قائم به قيام صدور لا عروض و الاّ كان دائماً به فهو ابداً كاسر فافهم. و انّما قالوا ذلك لانّ الصفة عندهم عرض و ذلك خطاء بل هي ذات بها حصلت الذوات الذاتية لانّ اللّه شي‏ء بحقيقة الشيئيّة و المشيّة شي‏ء باللّه و الاشياء شي‏ء بالمشيّة و اسمع قول علي7 في خطبة يوم الغدير و الجمعة اذ كان الشي‏ء من مشيّته انتهي. فاللّه سبحانه قائم بذاته في ازل الآزال وحده ليس معه غيره و هو الآن علي ما كان و المشيّة قائمة باللّه قيام صدور لا قيام عروض في مرتبة الابداع و الفعل المعبّر عنه بالامر و بالوجود المطلق في السرمد لا في ازل الازال بل في السرمد و هو ظرف عالم الامر كما ذكرناه فراجع. و الاشياء قائمة بالمشيّة في عالم الخلق المعبّر عنه بالوجود المقيّد و اوّل ما خلق اللّه من الوجود المقيّد يعني المفعولات العقل و اخرها التراب. فالمجرّدات في الدهر كما مرّ و الاجسام في الزمان. فالوجود المقيّد قائم بالمشيّة في الدهر و الزمان لا في رتبة المشيّة في السرمد. و اكرّر العبارة لتفهم المراد فانّك اذا فهمت ذلك لم‏يبق عندك علي الحقّ غبار و حصّلت جواب كلّ اعتراض و كلّ شبهة ممّا ذكر و مما لم‏يذكر و ممّا يناسب النصيحة قول الشاعر:

فمن كان ذافهم يشاهد ماقلنا   و ان لم‏يكن فهم فيأخذه عنّا

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 74 *»
فما ثمّ الاّ ما ذكرناه فاعتمد   عليه و كن في الحال فيه كما كنّا
فمنه الينا ما تلونا عليكم    و منّا اليكم ما وهبناكم منّا

و قوله و العالم السرمدي. فالعالم هو كما مرّ المشيّة و هي الذكر الاوّل و الارادة و هي العزيمة علي ما يشاء كما فسّرتا به في الكافي في رواية يونس و الابداع و هو خلق ساكن لايدرك بالسكون كما قال الرضا7 و السرمد هو حركة دوران فلكها علي نفسها و هي الكاف المستديرة علي نفسها.

و قوله و العالم البرزخي. العالم هي الارواح في القوالب المثاليّة و الطين (بفتح الياء) الباقيه مستديرة في قبورها و البرزخ هو الحائل بين الشيئين اي بين الدنيا و الآخرة في مقام احوال العباد و بين الارواح و الاجسام و هو المثال و بين الزمان و الدهر و هو ظرف بين الزمان و الدهر فيجري عليه حكم الزمان من خلفه فورد و لهم رزقهم فيها بكرةً و عشيّاً و ورد النار يعرضون عليها غدوّاً و عشيّاً و يجري عليه حكم الدهر من وجهه فورد تلك الجنّة التي نورث من عبادنا من كان تقيّاً و ورد و يوم تقوم الساعة. فهّمك اللّه من العلم المخزون [من مخزون العلم خ‌ل].

و قوله و العالم الحشري. و هو تعلّق الارواح بالاجساد و هذا هو التزويج بعد البلوغ. فقد ثبت صبغ الروح التي اكتسبته في دار التكليف من نفسها بالترديد و الرفع و الوضع و النور و الظلمة و الشدّة و الرخاء الذي هو عبارة عن التدبير و صفي الجسد بتكليسه و ثبت له ما باشر فرجعت الارواح بوصفها و صبغها الي الجسد بما فيه من القابليات لتلك الاوصاف و هو سبحانه تعالي قال سيجزيهم وصفهم. و لكلّ درجات ممّا عملوا انّه بما يعملون خبير.

قال سلّمه اللّه: و تقابل العقل بالجهل و اوّل المخلوقات بآخرها و المركز الارضي بالمحدّد السمائي و سكّان الافلاك بسكّان الارضين و مابينهم و تخرج لنا ما يماثلها في الانسان.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 75 *»

امّا مقابلته في غير الانسان بما يقابل ضدّه فالعقل يقابل الجهل و الروح يقابل ماتحت الثري و اللوح يقابل الثّري و الطبيعة تقابل الطمطام المعبّر بالظلمة و المادّة تقابل النار و الشكل يقابل الريح العقيم و جسم الكلّ يقابل البحر و العرش يقابل الحوت و الكرسي يقابل الثور و فلك البروج يقابل الصخرة و فلك المنازل يقابل الملك الحامل للارض و فلك زحل يقابل ارض الشقاوة و فلك المشتري يقابل ارض الالحاد و فلك المرّيخ يقابل ارض الطغيان و فلك الشمس يقابل ارض الشهوة و فلك الزهرة يقابل ارض الطبع و فلك عطارد يقابل ارض العادات و فلك القمر يقابل ارض الحيوة و كرة النار تقابل مرتبة مثله كمثل الكلب و الهواء يقابل السموم و الماء يقابل الماء الاجاج و التراب يقابل السبخة و المعدن يقابل مرتبة كونوا حجارة او حديداً و النبات يقابل النبات المرّ و الحيوان يقابل المسوخ و الملئكة تقابل الشياطين و الجنّ يقابل شياطين الجنّ و الانس تقابل شياطين الانس و الجامع7 يقابل ابليس. و امّا مقابلة الانسان بذلك فانّه خلق جانبه الايمن اي عقله و جنده من قبضة من العقل و من كل واحد من اتباعه قبضة الي آخر ما ذكر و خلق جانبه الايسر اي نفسه الامّارة و جندها من الجهل من قبضة و من كل واحد من اتباعه قبضة الي آخر ما ذكر. واللّه يهدي من يشاء الي صراط مستقيم.

الثانیة من مسائله ادام اللّه عليه جزيل فضله و نائله قال ما الابداع الاوّل و ما الثاني؟

اعلم انّ الابداع الاوّل عندنا هو اوّل ما خلق اللّه و قد تقدّمت الاشارة اليه و انّه فعل الفاعل و مشيّته و انّه خلق ساكن لايدرك بالسكون اي لايوصف به لانّ السكون من المبدعات و هي بالابداع. و امّا الابداع الثاني فهو الحرف [الحروف خ‌ل] الذي عليها مدار سائر اللغات. قال الرضا7 لعمران الصابي و الابداع و المشيّة و الارادة معناها واحد و اسماؤها ثلثة و كان اوّل ابداعه و ارادته و مشيّته الحروف التي جعلها اصلاً لكل شي‏ء و دليلاً علي كل مدرك و فاصلاً لكلّ شي‏ء مشكل الحديث كما في التوحيد و عند

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 76 *»

علماء الجفر انّ اوّل فعله الاختراع الاوّل و الالف، اوّل مخترع بالاختراع الاوّل و هو الاسطقصّ الاوّل و هو العنصر الاوّل الذي به نشأ سائر الموجودات و له من العدد الواحد الذي هو اسّ العدد. فبوجوده وجود ساير الاعداد و بعدمه عدم سائر الاعداد كما انّ بوجود الالف وجود سائر الحروف و بعدمه عدمها لانّ قوامها به و هي رقائق منه. و اوّل مخترع بالاختراع الثاني الباء و هي تضعيف عدد الالف. فلذا كانت مبسوطة للكثرة و هي ثاني الالف لانّ المخلوق لاينفرد فلابدّ له من نظير.

و في التوحيد عن الرضا7 انّه قال لعمران الصابي و اعلم انّ الواحد الذي هو قائم بغير تقدير و لا تحديد خلق خلقاً مقدّراً بتحديد و تقدير و كان الذي خلق خلقين اثنين التقدير و المقدّر فليس في كل واحد منهما لون و لا ذوق و لا وزن فجعل احدهما يدرك بالآخر و جعلهما مُدْرَكين بانفسهما و لم‏يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للذي اراد من الدلالة علي نفسه و اثبات وجوده واللّه تبارك و تعالي فرد واحد لا ثاني معه يقيمه و لايعضده و لايمسكه و الخلق يمسك بعضه بعضاً باذن اللّه تعالي الحديث. فدلّ انّ الاختراع و المخترع به زوجان الاّ انّ الزوجين مخترعان متغايران. و الي صحّة ما روي الاشارة بقوله تعالي و من كلّ شي‏ء خلقنا زوجين لعلّكم تذكّرون.

و ايضاً عندهم انّ الجيم اوّل مبدع منهما اي الالف و الباء بالابداع الاوّل ابدع منهما بالصورة و العدد امّا الصورة فمن اجتماع الحرفين ميل الالف الي الباء [ميل بالالف علی الباء خ‌ل] اذ كانت الالف قائمةً و الباء مبسوطةً. فظهر من ذلك زاوية حادّة هكذا  و هي الجيم. و امّا العدد فمن الالف واحد و من الباء اثنين فصارت المرتبة الثالثة و هي الجيم. فالاولي [الاول خ‌ل] للنار و الثانية للهواء و هذه للماء. و الدال ثاني مبدع بالابداع الثاني من المخترع الثاني اي من الباء لانّها اثنان فحصل من ضربها في نفسها اربعة و هو الدال و هو المرتبة الرابعة للتراب. و ربّما غيّرت بعض عباراتهم في المعني عند النقل علي طبق المذهب الحق و الاّ فعباراتهم هكذا معناه الاختراع الاوّل الالف و الاختراع الثاني الباء و الابداع الاوّل من الاختراع الاوّل الجيم و الابداع الثاني من الاختراع الثاني الدال. و اعلم انّ المستفاد من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 77 *»

النص و اللغة انّ الاختراع هو الابداع ولكن لامشاحّة في الاصطلاح.

قال سلّمه اللّه و هلمّ جرّاً في الحروف. اعلم انّ من اثبت العقول العشرة المعروفة اثبت ابداعات عشرة كليّة و الحق انّ الابداع بقول مطلق ابداعان الابداع الاوّل في الوجود المطلق نفسه و الابداع الثاني في الوجود المقيّد و هو اي الابداع الثاني الحروف. ثمّ لكل موجود في عالم الغيب و الشهادة او الاذهان او الاعتباريّات و الفرضيّات من الابداع الثاني بالابداع الاوّل ابداع خاصّ به علي قدر قابليته من الوجود و من الخلط و الاستعدادات و الاسباب و ذلك مادّة وجوده و باب استغنائه فسالت اودية بقدرها و البلد الطيّب يخرج نباته باذن ربّه و الذي خبث لايخرج الاّ نكداً و ذلك كون لانهاية له و لا نفاد فافهم فهّمك اللّه هداه و سلك بك رضاه.

و انّما كانت الحروف ابداعاً لانّ الاسماء كانت منها و كانت المعاني بالاسماء و الحروف فاذا تمّ الاسم قطرت من كلّ حرف قطرة علي ارض القابليّات و الجرز الموات فظهر بذلك الماء المعني و ذلك تأويل قوله تعالي حتّي اذا اقلّت سحاباً ثقالاً و هو الاسماء الوجوديّة بعد تركّبها من حروفها الذي هو عبارة عن تراكمه سقناه لبلد ميّت و هي ارض القابليات و الارض الجرز الموات فانزلنا به الماء و هو ما قطر من الحروف التي هي السحاب المزجي بعد اجتماعه الذي هو الركام حين ادير بعضها علي بعض فخرج من اختلاط تلك الاصوات و زجلات تلك الرعود المتتابعات معتصر قوي تلك الاضافات و المقارنات فكان معني لذلك الاسم بل كان ثمرة لذلك الطلسم فاخرجنا به من كلّ الثمرات اي المعاني الموجودة بتلك الاسماء و النبات النابت بذلك الماء و اللّه انبتكم من الارض نباتاً اي انبتكم بالماء من الارض حيث يقول و جعلنا من الماء كلّ شي‏ء حي افلايؤمنون. و لايذهب عليك انّ المعاني قبل الالفاظ في عباراتهم فتعجب من قولنا انّ الاسماء قبل المسمّيات فانّ مبني كلامهم علي الظاهر المعروف و امّا في الحقيقة فالالفاظ قبل معانيها. و ان طلبت البيان فيما خالف الاذهان فخذه و لاتلجئني الي التطويل فانّ

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 78 *»

المقتصد يكفيه القليل.

فاعلم انّ اللّه سبحانه واحد متوحّد ليس معه غيره فاوّل ما برز عنه الكلام الذي هو الابداع و هو المعبّر عنه بـكن فالبارز عنه الكاف و النون لا المعني اذ ليس قبل هذه الكلمة معني محدث و انّما كانت الاشياء كلّها بهذه الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر. و لو كان المعني قبل الكلمة لكان المعني غير محدث و كان مع اللّه غيره فوجب ان يكون المعني محدثاً باللفظ. فان قلت لو سلّمنا ذلك في الله فما (ظ) معناه فينا؟ قلت انّما خلقكم آية له كما روي في مصباح الشريعة قال الصادق7 العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة فما فقد في العبوديّة وجد في الربوبيّة و ما خفي في الربوبيّة اصيب في العبودية قال تعالي سنريهم اٰياتنا في الاٰفاق و في انفسهم حتّي يتبيّن لهم انّه الحقّ الحديث. و ذلك لانّ المعاني التي عندك قبل تلفّظك بما يدلّ علي معني ليس [ليست خ‌ل] شيئاً غير عقلك و ليست الصور الحاصلة عندك التي تسمّيها علماً غير صدرك فاذا اخبرت بشي‏ء فالمعني الذي فهمه المخاطب من لفظك انّما حدث بعد لفظك بلفظك و لم‏يسبق لذلك المعني شي‏ء من المعاني غير عقلك و انّما العقل مجموع تلك المعاني ليس العقل شيئاً و هي شي‏ء آخر و لهذا يصغّر و يكبّر و يصفّي و يكدّر انظر الي النار الكامنة في الحجر اذا حكتها الزناد ظهر الشرر فليت شعري ماذا تفهم هذا الشرر الخارج هو ذلك الكامن بنفسه فينقص كمّ الكامن او هو منه كالظاهر من الباطن و ليس لهذا الظاهر وجود قطّ قبل الحكّ و انّما هو بالحكّ شي‏ء لا قبله و الاّ لكان في الحجر علي هذه الصفة فاشرب صافياً و دع عنك الكدورات. و قال الرضا7 كما في التوحيد واللّه تبارك و تعالي سابق للابداع ليس قبله عزّ و جلّ شي‏ء و لا كان معه شي‏ء و الابداع سابق للحروف و الحروف لا تدلّ علي غير انفسها قال المأمون و كيف لاتدلّ علي غير انفسها؟ قال الرضا7 لانّ اللّه تبارك و تعالي لايجمع منها شيئاً بغير معني ابداً فاذا الّف منها احرفاً اربعةً او خمسةً او ستّةً او اكثر من ذلك او اقلّ لم‏يؤلّفها لغير معني و لم‏تك الاّ لمعني محدث لم‏يكن قبل ذلك شيئاً الحديث. فبيّن7 انّ الحروف تؤلّف لمعني لم‏يكن قبل التأليف شيئاً. و من تتبّع

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 79 *»

كلامنا هذا و ما سبق ظهر له انّ العلم نقطة كثّرها الجهّال كما قال علي7 و كل شي‏ء فيه معني كلّ شي‏ء.

قال وفّقه اللّه: و في اسماء اللّه الحسني. قد يجري الابداع الكلي في بعض الاسماء الحسني و ذلك في ثمانية و عشرين اسماً منها كلّ اسم يكون ابداعاً ثانياً لكلّي و قد يجري ذلك الاسم في جزئيّات كلّية بحكم جزئي و هي البديع و الباعث و الباطن و الآخر و الظاهر و الحكيم و المحيط و الشكور و غني الدهر و المقتدر و الربّ و العليم و القاهر و النور و المصوّر و المحصي و المبين و القابض و الحي و المحيي و المميت و العزيز و الرازق و المذلّ و القوي و اللطيف و الجامع و رفيع الدرجات و لكلّ اسم من هذه الثمانية و العشرين تجلّي في معني حيث تجلّي اللّه سبحانه بذلك الاسم في ذلك المعني. ففي العقل الاوّل باسمه البديع في مرتبة الالف كما مرّ و في النفس الكليّة باسمه الباعث في مرتبة الباء و في الطبيعة الكليّة باسمه الباطن في مرتبة الجيم و في الهباء [الهيولی خ‌ل] باسمه الآخر في مرتبة الدال و في شكل الكلّ باسمه الظاهر في مرتبة الهاء و في جسم الكلّ باسمه الحكيم في مرتبة الواو و في محدّد الجهات المعبّر عن باطنه بالعرش باسمه المحيط في مرتبة الزاء و في فلك الثوابت المعبّر عن باطنه بالكرسي باسمه الشكور في مرتبة الحاء و في فلك البروج باسمه الغني و غني الدهر في مرتبة الطاء و في فلك المنازل باسمه المقتدر في مرتبة الياء و في فلك زحل المستمدّ من نور ذات العقل الكلي باسمه الربّ في مرتبة الكاف و في فلك المشتري المستمدّ من نور ذات النفس الكليّة باسمه العليم في مرتبة اللام و في فلك المرّيخ المستمدّ من نور ذات الطبيعة الكليّة باسمه القاهر في مرتبة الميم و في فلك الشمس المستمدّ من الابداع كما يدلّ عليه بعض الروايات معني و من الكرسي كما تدلّ عليه رواية علي بن عاصم باسمه النور في مرتبة النون و في فلك الزهرة المستمدّ من نور صفة الطبيعة الكليّة باسمه المصوّر في مرتبة السين و في فلك عطارد المستمدّ من نور صفة النفس الكليّة باسمه المحصي في مرتبة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 80 *»

العين و في فلك القمر المستمدّ من نور صفة العقل الكلّي باسمه المبين في مرتبة الفاء و في كرة الاثيريّة باسمه القابض في مرتبة الصاد و في كرة الهواء باسمه الحي في مرتبة القاف و في كرة الماء باسمه المحيي في مرتبة الراء و في كرة التراب باسمه المميت في مرتبة الشين و في المعادن باسمه العزيز في مرتبة التاء و في النبات باسمه الرازق في مرتبة الثاء و في الحيوان باسمه المذلّ في مرتبة الخاء و في الملك باسمه القوي في مرتبة الذال و في الجنّ باسمه اللطيف في مرتبة الضاد و في الانسان باسمه الجامع في مرتبة الظاء و في الجامع7 باسمه رفيع الدرجات في مرتبة الغين و اختلاف افراد ذلك الجنس باختلاف تطوّرات ذلك الاسم في ظهوراته و تفاوت تلك القابليات من تلك الافراد.

و للاسماء الحسني خواصّ مختلفة تنفعل لها اشياء اذا استعملت كذلك علي الوجه المقرّر فيكون لها ابداعات.

منها ان تأخذ لكلّ حرف من اسمك اسماً اوّله ذلك الحرف المأخوذ له و تذكرها بعدد اعدادها او بعدد حروف هجائها او بعدد حروف اعدادها بعد حذف المتكرّر ثمّ تدعو بها بحرف النداء و تسأل حاجتك مثلاً محمّد يأخذ المجيد و الحليم و المعطي و الدليل و يذكرها بعدد اعدادها مثلاً المجيد سبع و خمسون و الحليم ثمانية و ثمانون و المعطي مأة و تسعة و عشرون و الدليل اربعة و سبعون الجميع ثلاث‌مأة و ثمانية و اربعون و ان كان بعد بسط حروف هجائها م ي م ج ي م ي ا د ا ل ح ا ل ا م ي ا م ي م م ي م ع ي ن ط ا ي ا د ا ل ل ا م ي ا ل ا م فيكون اثنين و اربعين و ان شئت تحذف المتكرّر فتكون تسعة او باعدادها الجفريّة مأة و خمسة و تسعون او باعداد الاسماء الجفريّة ستّون و ان كان بعدد حروف اعدادها س ب ع خ م س و ن ث م ا ن ي ة ث م ا ن و ن م ا ة ت س ع ة ع ش ر و ن ا ر ب ع ة س ب ع و ن فتكون اثنين و اربعين في هذا المثال و ان كان بحذف المتكرّر فخمسة‌عشر و ان كان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 81 *»

بحروف اعدادها الجفرية ا ر ب ع ة ث ل ث ة ا ح د ا ر ب ع ة ث م ا ن ي ة ث ل ا ث ة ا ح د ا ر ب ع ا ر ب ع ة س ب ع ة ت س ع ة ا ح د ا ر ب ع ة ث ل ث ة ا ح د ث ل ث ة ستّ و ستّون او بحذف المتكرّر فثلثة‌عشر و كذلك تفعل بمحمّد حتّي يطابقها و تذكرها بالعدد المطابق بينهما.

و منها ان تطلب من الاسماء ما يوافق حاجتك امّا في العدد او في طبيعة الحروف.

و منها ان تنظر ما بين حاجتك و بينك من عدم التوافق كأن يكون اسم احد كما حروفه فيها التواخي و الآخر فيها التناكر او النورانية و الآخر الظلمانيّة او السعيدة و الآخر النحسيّة [النحيسة خ‌ل] او الحارّة و الآخر الباردة و هكذا فتختار من الاسماء الحسني ما يحصل به التعديل بينكما فاذكر به كما مرّ. او تجمع بينه و بين اسمك و اسم حاجتك في شكل و تركّبها [رکبها خ‌ل] كلمات و تدعو بها عجميّة كانت او عربيّة بتوجّه بالٍ ملاحظاً لمدلول الاسم و حاجتك حتّي يتمّ الامر.

و منها ان تأخذ ما يوافق عدد اسمك من اعداد الاسماء الحسني امّا بالجمل الكبير اسماً او اسمين او اكثر حتّي يحصل العدد مثل محمّد اثنان و تسعون فتأخذ حي وهّاب ولي جواد اثنان و تسعون فتقرء الفاتحة 92 و سورة الم نشرح 92 و تذكر الاسماء الحي الوهّاب الولي الجواد 92 ثمّ تقول يا حي يا وهّاب يا ولي يا جواد صلّ علي محمّد و آل‏محمّد و افعل بي كذا و لاحظ حال الذكر بالحي الحيوة في كلّ شي‏ء و في الوهّاب و الجواد العطيّة لكلّ شي‏ء و في الولي القيام بكلّ شي‏ء و لتكن حاجتك امام بالك حالة الذكر و قدّم امام دعائك ذكري انّه دعاك لذلك فاستجب له و وعدك فصدّقه. و اعلم انّ القاصد اليه قريب المسافة قال تعالي و اذا سألك عبادي عنّي فانّي قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون. و اعلم انّك اذا اتيت البيوت من ابوابها فتحت لك الابواب و دخلت البيوت و الطرق كثيرة منها ما نذكره في خواصّ الاسماء الحسني و غيرها.

فمن خواصّ الاسماء الحسني اللّهو هو عند الاكثر الاسم الاعظم و له تصرّفات في العالم لاتكاد تحصي من داوم علي ذكره في خلوة و اعتكاف ظهر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 82 *»

له في العالم تصريف لايردّ و لايدفع امره فيهم و اذا رسّم في مربّع و حمله صاحب الحمي البلغميّة ذهبت عنه و كذلك يتسلّط بها علي غور المياه لوقتها و المربّع مربّع اثني‌عشر في اثني‌عشر و المراد به التكسير الكبير الذي يكون [من خ‌ل] الاسم الرباعي اربعة و عشرون اسماً فيكون ثمانية في اثني‌عشر لا اثني‌عشر في اثني‌عشر و هذا مثاله:

ا ل ل هـ ا ل ل هـ
ل هـ ا ل ل هـ ا ل
ل ا ل هـ ا ل هـ ل
هـ ل ل ا ل هـ ا ل
ا ل هـ ل ل ا ل هـ
هـ ل ا ل هـ ل ل ا
ل ا هـ ل ا ل هـ ل
ل هـ ا ا هـ ل ا ل
ل ا ا هـ ل ا هـ ل
هـ ل ا ا ل هـ ل ا
ا ل هـ ل ل ا ل هـ
ل هـ ا ل هـ ا ل ا

و ذاكره يحصل له من صفو [صفی خ‌ل] الباطن [له وضع الباطن خ‌ل] و النور و السّرّ الالهي ما يعجز عنه الواصف الاّ انّ ذلك علي حسب الاقبال و التخلّي و ان كتبه في مربّع حصلت له كرامة و قبول من الخالق و الخلق و عدده ستّة و ستّون و الملك الموكّل بهذا الاسم يا اسرافيل و السفلي قيدوش و هذه صورته:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 83 *»

9 22 19 16
20 15 10 21
14 17 24 11
23 12 13 18

الثاني الرحمن من داوم علي ذكره دبر كلّ صلوة مأة مرّة كان ملطوفاً به في جميع افعاله و اقواله. و كذا ان كتبه في وفق و هو وفق الرحمن و عدده باعتبار اللفظ مأتان و تسعة و تسعون و العلوي يا امواكيل و السفلي ايليوش [ايلوش]

74 80 68 77
69 76 71 83
75 70 82 72
81 73 78 67

و الثالث الرحيم من اتّخذه ذكراً لايسأل اللّه شيئاً الاّ اعطاه و من كتب وفقه و حمله آمنه اللّه من الآفات و سهّل عليه كلّ الاعمال و هو [هو هذا خ‌ل] وفق الرحيم و عدده مأتان و ثمانية و خمسون و العلوي يا رويائيل و السفلي صحيوش

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 84 *»

57 70 67 64
68 63 58 69
62 65 72 59
71 60 61 66

و الرابع الملك من ذكره يوم الجمعة قبل طلوع الشمس الف مرّة يسّر اللّه كلّ مطلب له و قضي له حوائج الدنيا و الاخرة و من كتبه في وفقه رزق الجاه و العزّة و الدولة و هو وفق الملك [و هو هذا خ‌ل] و عدده تسعون و العلوي يا رويائيل و السفلي صحيوش

20 25 30 15
27 18 21 24
17 28 23 22
26 19 16 29

و الخامس القدّوس من ذكره كلّ يوم في وقت الزوال مأة مرّة كفي شرّ النفس و وسواس الشيطان و ان كتب يوم الجمعة علي كسرة خبز سبّوح قدّوس ربّ الملئكة و الروح و اكلها تروّحت نفسه كما تروّحت الملئكة و من نقش مربّعه و وفقه و حمله ظهرت علي نفسه اثار الانبساط و الثبات و الصفا و هو [هذا خ‌ل] وفق قدّوس و عدده مأة و سبعون و العلوي يا عطرائيل و السفلي نهيوش

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 85 *»

42 47 36 45
37 44 39 50
43 38 49 40
48 41 46 35

السادس السلام من ادمن ذكره رزق الصحّة و السلامة في ظاهره و باطنه و دينه و احواله و كذا من كتبه في وفقه و هو هذا ò و عدده احد و ثلثون و مأة و العلوي يا همرائيل و السفلي تنيوش

25 39 35 32
36 31 26 38
30 33 41 27
40 28 29 34

السابع المؤمن من ادمن ذكره مأة و عشرين مرّة كل يوم امن من الوسواس و من حمل وفقه فلايقدر عليه الشيطان و هو وفق مؤمن و عدده مأة و ستّة و ثلثون و العلوي يا رويائيل و السفلي صحيوش

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 86 *»

33 39 36 28
37 27 30 42
26 38 41 31
40 32 29 35

الثامن المهيمن من ذكره بعد الغسل مأة مرّة اشرق علي باطنه نور و حامل وفقه يحصل له ما طلب و هو وفق مهيمن و عدد مهيمن مأة و خمس و اربعون و العلوي يارويائيل و السفلی صحيوش @شکل

التاسع العزيز من ذكره كلّ يوم اربعين مرّة و كان محتاجاً اغناه اللّه عن خلقه و كذا حامل وفقه و هو هذا ò و عدده اربعة و تسعون و العلوي يالويائيل [لوبائيل خ‌ل] و السفلي قيوش [قبيوش خ‌ل]

16 29 26 23
27 22 17 28
21 24 31 18
30 19 20 25

العاشر الجبّار من ادام ذكره خضعت له الجبابرة من الجنّ و الانس و من ذكره كل يوم احدي و ثلثين مرّة حفظ من الجنّ [و الانس خ‌ل] و من ذكره كل يوم بعدده و هو مأتان و ستّة و وضعه في وفقه و حمله قهر بذلك جميع العوالم و علويه يا اكلكائيل و سفليه لويوش و هذا وفقه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 87 *»

56 53 46 51
47 50 57 52
49 44 55 58
54 59 48 45

الحادي‌عشر المتكبّر عدده ستّمأة و اثنان و ستّون و علويه يا رويائيل و سفليه صحيوش من ادمن ذكره بعدده و حمل وفقه كان عزيزاً كبيراً في اعين الخلق و هذا وفقه:

163 168 173 158
170 161 164 167
160 171 166 165
169 162 159 172

الثاني‌عشر الخالق من اكثر من ذكره و ادام عليه و بلغ في ذكره الي خمسة الاف و مأة و عشرة ظهرت له الاجابة في الحين و اي شي‏ء اراده في ذكره ظهرت له حقيقته و عدده سبعمأة و احد و ثلثون و العلوي يا مهكائيل [ميکائيل خ‌ل] و السفلي ذلايوش و حامل وفقه يبلغ مرتبة عالية و هو هذا:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 88 *»

180 185 191 175
188 178 181 184
177 189 183 182
186 179 176 190

الثالث‌عشر الباري من ذكره كلّ يوم مأة مرّة انزل عليه الانس و الرحمة في قبره و حامل وفقه يكون مظفّراً منصوراً و عدده مأتان و ثلثة‌عشر و علويه يا جبرئيل و سفليه ايوش و هذا وفقه:

53 58 46 56
47 55 50 61
54 48 60 51
59 52 57 45

الرابع‌عشر المصوّر اذا كانت المرءة لاتحمل و ذكرته سبعة ايّام كلّ يوم بعدده و هو ثلثمأة و ستّة و ثلثون و حملت وفقه حملت باذن اللّه تعالي و العلوي يا رويائيل [روديائيل خ‌ل] و السفلي صحيوش و هذا وفقه:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 89 *»

86 91 79 80
76 83 87 90
82 77 89 88
92 85 81 78

الخامس‌عشر الغفّار عدده الف و مأتان و احد و ثمانون و العلوي يا لوخائيل و السفلي غرفريوش من ذكره بعد صلوة الجمعة مأة مرّة او بعدده و يقول يا غفّار اغفر لي ذنوبي غفر اللّه له و حامل وفقه يرزق السلامة من جميع المضارّ و هذا وفقه:

312 326 323 320
324 319 313 325
318 321 328 314
327 315 317 322

السادس‌عشر القهّار عدده ثلثمأة و ستّة و العلوي ياعطرائيل و السفلي نهيوش من ادمن ذكره قهر اعداءه و من ذكره مأة مرّة بعد ستة يوم الجمعة و فريضتها قهر عدوّه و صفا باطنه و حصل له ما طلب و حامل مربّعه يظهر علي مقابله في العداوة و المخاصمة و هو هذا:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 90 *»

76 81 70 79
71 78 73 84
77 72 83 74
82 75 80 69

السابع‌عشر الوهّاب من اكثر ذكره و هو سالك شاهد الارزاق كيف تقسم علي الخلايق و لايسأل من احد شيئاً الاّ اعطاه و لايسأل من الله تعالي حاجة الاّ نالها و هو الكبريت الاحمر و كذلك من نقشه و الزهرة في شرفها و هو سبع و عشرون درجة من الحوت لايسأل اللّه به شيئاً الاّ اعطاه ايّاه و هذا نقشه في شرفها:

ودود 64 31 27
32 26 21 63
25 29 الله 22
65 23 24 30

 

 

 

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 91 *»

و وفق حروفه المربّع هكذا :

و هـ ا ب
ب ا هـ و
هـ و ب ا
ا ب و هـ

عدد رقمه اربعة‌عشر اشارة بالشفع الي الافاضة كالجواد و عدد لفظه تسعة‌عشر اشارة بالوتر الي واحد و العلوي يارقيائيل [زقيائيل خ‌ل] و السفلي بريوش

الثامن‌عشر الرزّاق فعدده لفظاً خمسة‌عشر و ثلثمأة و رقماً ثمانية و ثلثمأة و العلوي ياامواكيل و السفلي ايليوش و هو ذكر من اذكار ميكائيل فمن ذكره يسّر اللّه عليه طعامه و شرابه و من نقشه علي مربّع و القمر في شرفه و هو ثالث الثور يسّر اللّه عليه المقسوم من الرزق و كذا من نقشه علي خاتمه و اكثر من ذكره [فی خ‌ل] ليلة النصف من شعبان و هذه صورته:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 92 *»

ر ز ز ا ق
99 2 13 201
12 198 102 3
4 101 199 11

التاسع‌عشر الفتّاح عدده اربعمأة و تسعة و ثمانون رقماً و ثمانمأة و تسعة و ثمانون لفظاً و العلوي يارحمائيل و السفلي تقطيوش من اضطر الي حاجة و ذكره بعدده بعد صلوة ركعتين و يقرء فيهما بعد الفاتحة يس و الملك فاذا سلّم ذكر الاسم بعد تكسيره بالتكسير الكبير فلايسأل اللّه حاجة الاّ اعطاه و تكسّره و انت صايم يوم الخميس عند طلوع الشمس في فضّة هذا وفقه

ف ت‌ت ا ح
7 2 799 81
798 78 10 3
4 9 79 797

العشرون العليم عدده مأة و خمسون و العلوي يالومائيل و السفلي قبيوش من اكثر من ذكره اطلعه اللّه علي دقايق العلوم و خفيّات الاسرار و من وضعه علي صفحة [صحيفة خ‌ل] من زيبق معقود في شرف عطارد و هو الخامس‌عشر من السنبلة انطقه اللّه بالحكمة و علّمه لطايف المعارف و هذه صورته:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 93 *»

20 90 40
ع يم ل
60 10 80

و يسمّي المثلّث العيسوي [و هو هذا خ‌ل] و من نقشه في فضّة و المشتري في شرفه و هو الخامس‌عشر من السرطان او المشتري في بيته و هو الحوت و القوس رزقه اللّه الفهم في علوم الشريعة و يصلح ذكراً لمن كان اسمه عيسي و هذا وفقه:

ع ل ي م
39 11 29 71
28 68 42 12
13 41 69 27

الحادي و العشرون الباسط من نقشه علي خاتم في ساعة الزهرة من نهار الجمعة و هي ما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس و تختم به كثر فرحه و سروره و زال همّه و غمّه و احبّه كلّ من راه و ان واظب عليه صاحب حال بسط اللّه عليه في رزقه الظاهر و الباطن و احيي قلبه بنور العلم و هو من اذكار اسرافيل و عدده اثنان و سبعون و العلوي ياجبرئيل و السفلي ايوش و له مربّع جليل فيه مثلّث عددي فاذا كانت الزهرة في شرفها فهو اكمل و هذه صورة المربّع [صورته خ‌ل] :

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 94 *»

@205@

و الثاني و العشرون القابض عدده تسعمأة و ثلاثة و العلوي ياعطرائيل و السفلي نهيوش من اكثر من ذكره غلب عليه الجلال و الهيبة و لايطيق احد مجالسته و من وضعه في صفحة رصاص اسود و زحل في شرفه و هو الحادي [هی الحادية خ‌ل] و العشرون من الميزان او في بيته و هي الجدي و الدلو و ذكره بعدده و قال اللهمّ اقبض علي فلان قلبه و سرّه استجيب له لوقته [بوقته خ‌ل] و هو من اذكار عزرائيل و هو سرّ لقبض الارواح و له مربّع شريف في فعله و صورته هذه:

298 305 300 ق
303 301 299 ا
302 297 304 ب
ق ا ب ض

الثالث و العشرون المعيد عدده مأة و اربعة و عشرون من ذكره اصلح به كلّ فاسد و استرجع به كلّ ذاهب و اذا وضع في مربع اربعة في اربعة بسير التداخل بطالع احد البروج المنقلبة و هي الحمل و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 95 *»

السرطان و الميزان و الجدي و علق في مهب ريح و اقام الانسان يتلو الاسم طول ليلة علي ابق او مسافر رجع الي المكان الذي خرج منه باذن اللّه و هذه صورته :

م ع ي د
5 9 71 39
68 38 6 12
11 7 37 69

الرابع و العشرون الاحد عدده ثلثة‌عشر اذا اكثر من ذكره سالك استأنس بالوحدة و استوحش من الكثرة و هو يصلح لاصحاب الفناء المستغرقين في عين الجمع المستهلكين في بحار التفريد اذا ضربت الثلثة‌عشر في ثلاثة و ذلك عدد حروفه كانت تسعة و ثلثين فاذا وضعت في مثلّث في صحيفة من رصاص و زحل في شرفه و هو الحادي و العشرون من الميزان امن حامله من صولة المعاند و قوي به علي جميع عوالمه المخالفة له و هذه صورته:

@شکل@ خ‌ل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 96 *»

و من وضعه في خاتم حديد و القمر في احد البروج الثابتة و هي الثور و الاسد و العقرب و الدّلو اعانه علي الجماع اعانة عظيمة و عدده بعدد [بقدر عدد خ‌ل] حروف سورة التوحيد لانّه معني الاحديّة و هو رتق لا فتق فيه و للسورة مربّع خمسة‌عشر في خمسة‌عشر من وضعه في رقّ ظبي في ليلة النصف من شعبان نال به الجاه و الرفعة عند جميع الناس و لايقع عليه بصر احد الاّ احبّه مهابة فهو من الاسرار الشافية و الانوار الصافية و الجُنّة الواقية و الجنّة الباقية و قطبه يشير الي الحجر المكرّم و هذه صورته :

 

فتدبّر فانّه من اعظم الاوفاق فائدة و اتمّ الاذواق عائدة و من وضعه في شرف المرّيخ و هو الثامن و العشرون من الجدي كان منصوراً في جميع حركاته و سكناته القوليّة و الفعليّة يوضع للرؤساء و الفلاحين في شرف زحل و هو الحادي و العشرون من الميزان و له من الايّام يوم السبت في الساعة الثانية و للقضاة و العلماء في شرف المشتري الخامس‌عشر من السرطان و له من الايّام يوم الخميس في الساعة الرابعة و للامراء و الجند في شرف المرّيخ و له من الايّام يوم الثلثا و للملوك و السلاطين في شرف الشمس التاسع‌عشر من الحمل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 97 *»

و لها من الايّام يوم الاحد اوّل ساعة و للنساء و الغلمان في شرف الزهرة السابع و العشرون من الحوت و لها من الايّام يوم الجمعة الساعة الاولي و للوزراء و الحسّاب في شرف عطارد الخامس‌عشر من السنبلة و له من الايّام يوم الاثنين الساعة السابعة.

الخامس و العشرون الصمد عدده مأة و اربعة و ثلثون فمن اكثر من ذكره قلّ افتقاره الي المعاني الكونيّة و اذا اكثر من ذكره صاحب حال صادقة رجعت حوائج الخلق اليه و خلوته اربعون يوماً لا نوم فيها بليل و لا فطر بنهار و من اكثر من ذكره استغني به عن الغذاء غني تامّاً و له مربّع جليل و هذه صورته:

هو الاه احد جليل
74 12 38 10
35 9 75 15
14 76 8 36

و من نقش صمد في صحيفة رصاص و علّقه عليه امن من الاحتلام في منامه مادام معلّقاً عليه. و من كتب الصاد منه تسعين مرّة و علّقه من يشتكي الصداع في عصابة و عصب بها رأسه برء. و ان كتب الاسم و محاه بزيت و سقي منه ملسوعاً برء من الم السمّ.

السادس و العشرون السميع من اكثر من ذكره في اخر كل دعاء استجيب له و من نقشه علي خاتم فضّة و القمر في شرفه يعني في ثالث الثور كما مرّ و اكثر من ذكره كان مسموع القول عند جميع الناس و يصلح ذكراً للخطباء و الوعّاظ و هذه صورته :

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 98 *»

س م ي ع
71 9 41 59
38 58 72 12
11 73 57 39

و من نقشه في مثلّث كان ذافقه و علا عند الناس قبلت كلمته بين الخاصّة و العامّة و ظهر علي اعدائه و هذه صورته :

ع ط ام
اي ل‌ي ط‌س
ط‌ل ا ع ي

 

السابع و العشرون البصير قال البوني امّا البصير و السميع فذكر جليل القدر من نقشه في وقت صالح و القاه علي مصروع افاق من ساعته بعد ان يذكر الاسم سبعمأة مرّة. و ان نقشه علي خاتم من شمس(كذا) و الشمس في شرفها و تختمّ به سمع لغات الجنّ و انقادت له الارواح الي كلمته، هذه صورة وضعه :

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 99 *»

@209@

و من كتبه علي قرطاس احمر و القاه في سمعه فتح اللّه سمعه و رزقه الحفظ و الفهم. و من القاه في دهن ورد و دهن منه من به علّة في سمعه عوفي منها باذن اللّه. و هذه صورته:

 

ب ص ي ر س م ي ع
ي ر س ع ي ص م ب
ي ي ع م ص ر ب س
ص س ر ي ي ب ع م
ر ع ب ص م ي س ي
ع م ي ي ب س ص ر
م ب ص س ر ع ي ي
س ي م ب ع ي ر ص

 

الثامن و العشرون المقتدر من علّقه علي سفينة امنها اللّه تعالي من العطب. و من ذكره اربعين مرّة امن عن كلّ بلاء و له مخمّس يوضع بسرّ التداخل فتأمّله من علّقه عليه فتح عليه اسرار ذلك الاسم. و ان علّق علي فرس سبقت غيرها. و هذه صورته :

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 100 *»

م ق ت د ر
د ر م ق ت
ق ت د ر م
ر م ق ت د
ت د ر م ق

التاسع و العشرون الحي القيّوم من نقش هذين الاسمين عند طلوع الشمس يوم الجمعة مستقبل القبلة علي طهارة و ذكر احيي اللّه ذكره و ان كان خامل الذكر و احيي اللّه رزقه و ان كان قليلاً و قس عليه [و هذه صورته خ‌ل] صورة نقشه :

ح ي ق ي و م
م ق و ح ي ي
ي م ي و ق ح
ي و ي م ح ق
و ح م ق ي ي
ق ي ح ي م و

 

و من ركّب وفقه مأة و اربعة و سبعين و حمله شاهد ذلك. و هذه صورته :

حي ق ي و م
50 14 19 39 52
48 17 الله 41 2
49 20 15 43 47
9 23 64 45 33

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 101 *»

و من وضع وفقه و هو مأة و اربعة و سبعون في مربّع خمسة و اودع باطنه اسمه تعالي حفيظ و الزهرة في شرفها احيي اللّه قلبه و حسّن خلقه و وسّع رزقه و يسّر عسره و نوّر قلبه و لايقع عليه بصر احد الاّ احبّه. و من كتبه علي شي‏ء كان محفوظاً. و يكون قطبه اسم اللّه الاعظم. و يكون محروساً في نفسه و ماله و اهله و لا يسأل شيئاً الاّ اعطاه من عرف قدره استغني به عن غيره. و هو هذه :

@211@

و من حاصل التكسير [و من التکسير خ‌ل] من هذين الاسمين هذه الكلمات المنظومة من تكسير اثنين و اربعين حرفاً بعد تداخل التكسير. فان نظمت جاءت كلمات توازي الكلمات المعجمة فان اضيفت الي الوفق العددي ظهر الفعل علي اتمّه. و قس علي ذلك ما تريد من الاسماء تجمع بين خواصّ الحروف و ضروب التكسير لانّه امتزاج طبايع الحروف بعضها ببعض بسرّ التداخل و بين خواصّ الاعداد في ترتيب طبايعها التي اودعها اللّه تعالي و هو فعلها الخاصّ بها ثمّ بيّن الذكر العربي الدال علي معني الحيوة في كل شي‏ء و القيّوميّة في كل شي‏ء. و لنقبض العنان فللحيطان اذان و تعيها اذن واعية.

اقول و الطريق في ذلك علي ما ذكره علماء هذا الشأن هو انّ تكسير الحي القيّوم علي هذه الصورة : ا ل ف ل ا م ح ا ي ا ا ل ف ل ا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 102 *»

م ق ا ف ي ا و ا و م ي م فاذا اسقطت المكرّر من الحي بقي ستّة احرف : ا ل ف م ح ي. و اذا اسقطت المكرّر من القيّوم بقي سبعة احرف : ا ل ف م ق ي و. و من ضرب هذه السبعة في تلك الستّة يحصل اثنان و اربعون حرفاً هذه صورة جدولها:

  ا ل ف م ح ي
ا ا ل ف م ح ي
ل ل ظ ق و م ص
ف ف ت ت ر م ض
م م ر ر خ ك ت
ق ق غ غ غ ض غ
ي ي ش ض ت ف ق
و و ف ف م ح س

 

فتدبّره تفز بحظّ وافر ممّا [ما خ‌ل] فهمه العلماء الربّانيّون و الحكماء الروحانيّون. و قولنا «بعد تداخل التكسير» اعني اسقاط المكرّر منها تبقي سبعة‌عشر حرفاً: ا ت ح ك ل م و ي خ ز س ش ص ض ع ف ق [ا ت ح ر س ش ص ض غ ف ق م ک ي ل و خ‌ل] و يخرج من هذه الحروف تسعة و عشرون اسماً من الاسماء الحسني و هي: الحي الحليم الحقّ الحفي الخلاّق الرحيم الرؤف السلام الخافض الشافي الشكور المصوّر المضلّ المحصي الضارّ الكريم الحكيم الغافر الغفّار الغفور الفتّاح القيّوم القوي الكافي الملك مالك ‏الملك الوكيل الوالي الودود [الوالي الوفي خ‌ل] بعدد

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 103 *»

حروف المعجم و هي التي اراد بقوله توازي الكلمات المعجمة و المعتبر خروجه من الاسماء هو هذا العدد و هذا بيان بديع و بناء رفيع.

الثلثون الملك القدير و انّما ذكر الملك هنا مع انّنا ذكرنا سابقاً لوضعه مع القدير و ظهور خاصيّة الجمع و من نقشه و القمر في شرفه علي لوح من فضّة و وضعه في اعلي دار الملك فانّ ملكه يخلّد عليه مدّة حياته و لايري فيه تضعضعاً [فيها تضعيفاً خ‌ل] و صورته ذلك :

م ل ك ق د ي ر
د ي ر م ل ك ق
ل ك ق د ي ر م
ي ر م ل ك ق د
ك ق د ي ر م ل
ر م ل ك ق د ي
ق د ي ر م ل ك

تفاوت شکل در نسخه@

الحادي و الثلثون المتعال [المتعالي خ‌ل] فمن اكثر من ذكره لايعالي احداً من الامور الاّ علاه و يصلح لمن يتعرّض لمخاصمة او محاكمة. و من وضع مربّعه و هو من رصاص و زحل في شرفه او في بيته كما مرّ و ذكر الاسم بعدده قهر به كلّ مقاوم و هو من الاسماء الجليلة و هذه صفته:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 104 *»

ملك منجي ياحي مانح مزين
114 97 105 93 101
108 91 104 112 95
102 110 98 106 94
96 109 92 100 113

تفاوت شکل در نسخه@

الثاني و الثلثون الحفيظ عدده تسعمأة و ثمانية و تسعون و هو اسم سريع الاجابة للخايف في الاسفار لايزال يذكره في مواطن الخوف و غيرها من المخاوف فلايريه اللّه مايكرهه. و من نقشه في خاتم فضّة و جعل عدده وفقاً و تكسيره (يکسره خ‌ل] حروفاً في باطن الخاتم و حمله معه لو نام في مسبعات الارض ما ناله ما يكرهه و يزيده بعده يا حفيظ احفظني. و هذه صورة مربّعه:

ح ف ي ظ
ي ظ ح ف
ظ ي ف ح
ف ح ظ ي
يا حفيظ احفظني
242 255 252 249
253 248 243 254
247 250 257 244
256 245 246 251

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 105 *»

و له مربّع يوضع بسرّ التداخل في شرف الشمس ليكون منه لحامله الحفظ من كل ما يكره و هو هذا:

ح ف ي ظ
901 9 81 7
78 6 902 12
11 903 5 79

 

الثالث و الثلثون النور عدده ستّة و خمسون و مأتان من اكثر ذكره نوّر اللّه قلبه و له مربّع جليل ‏القدر يوضع في شرف الشمس فيفيد ملكاً دائماً اسمه نافع و نور في مربّع علي هذه الصورة [من خ‌ل] سرّ الحيوة باطناً و الملك ظاهراً و هو هذا:

49 77 75 55
71 59 61 65
63 67 69 57
73 53 51 79

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 106 *»

الرابع و الثلثون الرؤف من جمع بين مربّعه الحرفي و مربّعه العددي و الزهرة في شرفها كان محبوباً عند جميع الناس و هذه صورته :

 

@214@

 

الخامس و الثلثون الكريم عدده مأتان و سبعون من نقشه في مربّع اربعة في اربعة بسرّ التداخل و القمر في شرفه علي خاتم فضّة و تختمّ به وسّع اللّه عليه رزقه و خلقه و نفعه باسراره و متّعه بانواره اذا ادام ذكره كلّ يوم بعدده و هو هذا:

ك ر ي م
39 11 199 21
198 18 42 12
13 41 19 197

 

و قيل من نقشه في ساعة الزهرة من يوم‏الجمعة علي فصّ زمرّد و جعله في خاتم بعد ذكره تسعة و ثمانين و مأة مرّة و تختمّ به ثمّ ذكره مأة مرّة و خرج من بيته لابدّ ان يجد من يعطيه شيئاً و لو خرج في النهار مأة مرّة. و اعلم انّ اعداد الحروف اشباح و من جمع بين الاعداد و الحروف في مربّع واحد كان اقرب و اسرع و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 107 *»

هذه صورته:

@215@

 

السادس و الثلثون ذوالطول من كتب سبع مرّات في سابع ساعة من السابع من الشهر بنيّة ما يرومه و يدوم علي ذكره علي طهارة يسّر اللّه عليه بلوغ مرامه. و اذا وضع في مسبّع حرفي علي رقّ طاهر بزعفران و الحق به المسبّع العددي يوم الجمعة اوّل ساعة منه او في الثامنة فرج الهمّ و صلح للالفة و اطلاق المسجونين و هذه صورته:

ذا 18و 135 45ل 13ط 23و 40ل
49ط 10و 27ل 37ذ هـ و هـ11 32ل
41و 12 19ل 29ط 46و 14ل 24ذ
33و 43ل 11ذ 28و 138 16ط
هـ12 42ل 20و 30ل 47ذ 8 و
17ل 34ذ 44و 112 22ل 39ط 7 و
ل9 26ط 36و 21ذ 31و 148

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 108 *»

السابع و الثلثون الغني من استدام علي ذكره كثرت عليه اسباب الدنيا و وسعت عليه ارزاقها. و كذلك من كتبه و علّقت ربحت تجارته و عدده اللفظي 1070 او الرقمي 1060 و له مربّع كثير النفع في ذلك و هو هذا:

257 271 268 264
269 263 258 270
262 266 273 259
272 260 261 267

الثامن و الثلثون المغني عدده احدي‌عشر مأة له مربّع جليل يوضع في شرف زحل او في شرف الشمس التاسع‌عشر من الحمل من حمله معه و ذكر الاسم بعدد حروفه ثمّ قرء سورة والضحي بعدده و قال عقيب ذلك اللّهمّ يسّر علي في اليسر الذي يسّرته علي كثير من عبادك و واظب علي ذلك اربعين يوماً ارسل اللّه اليه من يعلّمه الحكمة امّا في منامه او يقظته و من نقشه علي خاتم و الزهرة بالميزان و تختمّ به احبّه من يراه و من ذكره كل يوم احدي‌عشر مأة مرّة و احدعشر و هو عدده مع حرف النداء اغني اللّه فقره و كشف ضرّه لايسأل اللّه شيئاً من الاسباب الاّ اعطاه ما سأل فان واظب علي ذلك كان مستجاب الدعوة و هذا صورته:

م غ ن ي
9 51 999 41
998 38 12 52
53 11 39 997

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 109 *»

التاسع و الثلثون الودود 

و الاربعون الحبيب من وضع اسمه الودود و اسمه الحبيب في مثلّث مركزه جواد في باطن مربّع ستّة و تسعين و هو [عدد خ‌ل] السؤال اذ الحبيب الودود هو السؤال لايقع عليه بصر احد الاّ احبّه. و من اراد وضع هذا الشكل العظيم القدر فليضعه في الساعة الاولي من يوم‏الجمعة و الزهرة في شرفها ثمّ يواظب علي ذكر هذه الاسماء فانّه يري العجب العجاب و هذه صورته:

@217@

الحادي و الاربعون اللطيف عدده مأة و تسعة و عشرون من اكثر من ذكره كان ملطوفاً به في جميع اموره و وسّع اللّه عليه المقسوم من الرزق الا تري انّه يناسب اسمه معطي و ذكره عند الحبيب يشير الي اسمه موسع و هذه صورة وضعه:

لط ي ف
84 43 2
6 76 47

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 110 *»

و هو ذكر صالح لمن كان اسمه صالحاً لمساواته له. و من وضع مربّعه علي خاتم فضّة بوضع سر التداخل و القمر في شرفه ما تختّم به مكروب الاّ وجد برد اللطف و الاجابة و من اشتدّ به مرض او كان مقهوراً تحت سلطان طبعه و احكام عاداته و اكثر من ذكره يسّر اللّه عليه الخلاص من ذلك و هذه صورة وضعه المذكور:

ل ط ي ف
79 11 8 31
7 28 82 12
13 81 29 6

و من كتبه مرّة في جام و محاه بماء و عسل و سقاه من به مرض عافاه اللّه. و من جمع بين مربّعه الحرفي و العددي في مربّع واحد كان اسرع للاجابة هذه صورته:

@218@

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 111 *»

الثاني و الاربعون الواسع من اكثر من ذكره وسع اللّه عليه رزقه و خلقه و علمه و اتّسع له في الاجل و هذه صورته:

و ا س ع
71 59 2 5
3 8 68 58
57 69 7 4

 

الثالث و الاربعون الشهيد يصلح ذكراً لمن يطلب الشهادة و لمن يطلب المشاهدة و صورة [وفقه و خ‌ل] مربّعه هكذا:

كهيعص طه يس م
41 69 15 194
12 193 42 72
71 43 192 13

 

الرابع و الاربعون نعم‏المولي و نعم‏النصير من اكثر من ذكره كان منصوراً علي اعدائه في جميع حركاته و سكناته و لايسأل اللّه به شيئاً الاّ اعطاه اللّه ماسأل و عدده اربعة ‌و عشرون و ثمانمأئة و وفقه هذا:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 112 *»

نعم‌

160

المولي

117

ونعم

166

النصير

381

296 152 177 199
216 114 381 113
152 441 100 131

 

الخامس و الاربعون و السادس و الاربعون القوي و المتين من رسمهما علي علم و المرّيخ في شرفه كان منصوراً علي عدوّه في الحرب و كان قادراً علي طرده و من رسمهما علي طرف عمامة و الشمس في شرفها و تعمّم بها كان مهاباً عند الخاصّة و العامّة و من نقشها في لوح من حديد و المرّيخ في شرفه انقادت الملوك الي كلمته فافهم ذلك هذه صورته :

@219@

السابع و الاربعون الوارث من اكثر من ذكره و هو طالب امراً بيد غيره اورثه اللّه ايّاه امّا لغني غيره عنه او لتقصيره عن القيام به و هو ذكر يصلح للاكابر المستخلفين و ارباب الوراثة و امّا مربّعه فعلي هذه الصورة :

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 113 *»

و ا ر ث
501 199 2 5
3 8 498 198
197 499 7 4

 

الثامن و الاربعون الباعث يصلح لمن ضعفت عزيمته عن امره و من اكثر من ذكره انبعث علي كلّ خير و هو استيلاء الحيوة و الصحّة علي الابدان و حفظ القوي فاذا اردت ذلك فاتّخذ ثياباً نظيفة و دخّن بعود و مسك و قرنفل و اتل الاسم علي خلوّ معدة و طهارة قلب الي ان يحصل لك منه حال فانّ اللّه يمدّك بالقوة و يبعثك [يثبتک خ‌ل] علي افعال الطاعة و هذا مربّعه العددي و الحرفي:

@219@

التاسع و الاربعون المنتقم من اكثر من ذكره ثمّ دعا علي ظالم اخذ لوقته و هو من الاسماء القهريّة التي هي من اذكار عزرائيل و له مربّع جليل يوضع في مربّع عددي محيط به مربّع حرفي مخمّس اذا كان المرّيخ في شرفه لايحمله مظلوم بعدد حروفه الاّ انتصر به علي ظالمه في الحال و من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 114 *»

وضعه في صحيفة من حديد في ساعة المرّيخ من يوم السبت و هي الساعة الرابعة و اخذ في ذكره سبعمأة و ثلثين مرّة و هو ينظر الي الشكل نظر جلال ثمّ دعا علي ظالم اخذ لوقته و هذه صورة الشكل:

@220@

الخمسون التوّاب من وضعه في مربّع علي هذه ‏الصورة:

سول

96

علي‌‌ي

110

وفي‌‌ي

106

منجي

103

واق

107

مبين

102

الوكيل

97

منيط

109

صاحب

101

عدل

104

مبيّن

112

محمود

98

كافي

111

مانح

99

منجّد

100

كهف

105

و القمر في زيادة امنه اللّه ممّا يخاف و يسّر عليه التوبة و بدّل سيّئاته حسنات و اعانه علي الوفاء بالعهد و قرّبه و ادناه و الهمه لطائف الحكمة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 115 *»

فتدبّره ففيه اسرار عجيبة لمن كان له ذوق من الحكمة الاشراقيّة التي لايطّلع عليها الاّ آحاد المتألّهين.

الحادي و الخمسون الوكيل من اكثر من ذكره اغني الله فقره و شرح بنور التوكّل صدره و له مربّع خمسة في خمسة من نقشه في حجر من رخام و الطالع العقرب و جعله في داره لم‏يبق حيّة و لا عقرب و لا شي‏ء من الهوامّ المضرّة الاّ خرجت منها باذن اللّه تعالي و هذه صورته:

1 14 23 10 18
26 8 16 4 12
19 2 15 24 6
13 22 9 17 5
7 20 3 11 25

 

الثاني و الخمسون الهادي قال بعض علماء هذا الفنّ [الشأن خ‌ل] هو ذكر يصلح لكلّ سالك في المعركة مادام متخلّصاً الي نور و هو من الاسماء التي ليس لها مربّع فاذا اريد ادخاله في مربّع وضعت اسماء حروفه علي هذه الصورة هـ ا ء ا ل ف د ا ل ي ا ء و يصلح ذكراً لمن كان اسمه عبدالهادي و من اضاف الي الهادي العليم و الخبير و المبين و تلا ذلك مأة مرّة و قال في اخر تلاوته ياهادي اهدني الي كذا يا عليم علّمني كذا يا خبير خبّرني بكذا يا مبيّن بيّن لي كذا [بکذا خ‌ل] و سمّي ما شاء من امر ثمّ نام اطلعه اللّه في نومه علي ذلك.

الثالث و الخمسون الخبير يصلح ذكراً  لمن اراد ان يطّلع علي خفي امر في نوم او يقظة و من وضعه في مربّع و عطارد في شرفه اطّلع به علي علوم جليلة و هو هذا:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 116 *»

خ ب ي ر
201 9 3 599
4 602 198 8
7 199 601 5

 

الرابع و الخمسون ذوالجلال و الاكرام من نقشه في صندوق او باب دار في ساعة المشتري من نهار الخميس و هي الخامسة كان محفوظاً من اللصّ و السارق و من اراد امراً من الامور فليكثر [فيکثر خ‌ل] من ذكره يري العجب العجاب.

الخامس و الخمسون المذلّ من نقش وفقه اوّل ساعة من يوم الاحد و ذكره بعدده بنيّة ظالم او حاسد و هو حامل للوفق ذلّ له و كفي شرّه و هو هذا:

م ذ ل‌ل
698 61 41
62 39 699

 

السادس و الخمسون الحكيم من كتب وفقه في رقّ ظبي اوّل ساعة من يوم الاحد و حمله و هو يديم ذكره كلّ يوم ثمانية و سبعين مرّة علّمه اللّه الحكمة و اشرقها علي قلبه اذا ذكره بحضور قلب و هذه صورته:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 117 *»

ح ك ي م
39 11 19 9
18 6 42 12
13 41 7 17

 

و من ذلك اسم باسط من وضعه في مربّع تسعة في تسعة بالحروف و نقش في كلّ بيت منه باسط في رقّ طاهر بمسك محلول بماء ورد و زعفران في تاسع ساعة من يوم الاحد و حمله معه امن من التعب اذا مشي و من الم الجوع و قهر الجبّارين و طهّراللّه باطنه من الاخلاق الرديّة و الادناس البشريّة و هكذا في جميع الاسماء ممّا لم‏نذكره و ممّا ذكرنا بعض خواصّه و اعماله ما هو مذكور في محلّه.

قال سلّمه اللّه تعالي: و في اوراد الملئكة بها.

المراد بالملئكة ملائكة الاسماء المستخرجة اسماؤهم من الاسماء مثلاً اذا اردت استخراج ملائكة وهّاب فخذ عدده و هو اربعة‌عشر و استنطقه و زد عليه الملحق فيكون ديائيل و هو الملك الاوّل. ثمّ تضرب العدد في نفسه فيكون مأة و ستّة و تسعين و تلحقه بالملحق فيكون وصقائيل و هو الملك الثاني. ثمّ تكعّبه بان تضرب عدد الاوّل في عدد الثاني و تتبعه بالملحق فيكون دمذغغائيل و هو الملك الثالث. فاذا اردت الخليفة علي الثلاثة فتجمع المراتب الثلث و تستنطقه و تلحقه بالملحق فيكون دنظغغائيل و هو الملك الخليفة علي الثلثة. و اذا اردت الرئيس الحاكم عليهم فكعّب عدد الخليفة و المستنطق من التكعيب هو الملك الاعظم و الجميع تحت طاعته و هو الملك الذي كتمه هرمس و رمزه و لم‏يصرّح به فافهم فقد صرّحت به.

و اعلم انّ ورد الملئكة مذكور في محلّه يختصّ كلّ بورد يجمعها الاسم الجامع لهم و هنا ورد خاصّ و هو ذكر الاسم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 118 *»

بعدد الملك فتذكر الوهّاب مثلاً اربع‌عشرة مرّة للاوّل و مأة و ستّة و تسعين للثاني و الفين و سبعمأة و اربعاً و اربعين للثالث و الفين و تسعمأة و اربعاً و خمسين للخليفة و للرئيس بعدده. و تذكر عند كلّ رتبة من عدده اسمه و اسم صاحب تلك الرتبة ملاحظاً معني البديع و الرحمن و الباعث و الباطن غائباً فانياً بحاجتك في ظهور الذات الحق بهذه الاركان الاربعة في كلّ شي‏ء فيتحقق [تلک خ‌ل] الاثر عند تمام تلك الجمعيّة بلامهلة فافهم معني الابداع في اوراد الملائكة هذا جهة من جهات كثيرة.

قال و في الاسم الناقص عن المأة و ما يشير اليه و كيفيّة استجابة الدعاء بالاسم المشار اليه بالاسم الاعظم لانّا فهمنا منك الاشارات و لا احببنا التصريح لانّ اهل دهرنا لايحتملون ذلك و ان احتملوه لايكتمونه [يکتموه خ‌ل] و ان كتموه استعملوه فيما لايحلّ لهم.

اعلم انّ المراد بالاسم الناقص عن المأة علي الظاهر في الظاهر هو هو لانّه ابعد الاسماء عن المشاركة بين الذات و الصفات اذ ليس فيه الا مفاد الهاء و هو محض الاشارة الي الثابت و مفاد الواو و هو الامتناع عن الادراك و يحصل به تمام المأة حيث كانت الاسماء الحسني تسعة و تسعين و تمام الاسم الاعظم لانك اذا اضفت الي عدد الاسماء الحسني و هو تسعة و تسعون عدد حروفه و هو احدعشر كان مأة و عشراً و هو عدد الاسم الاعظم و هو العلي العظيم و علي ما هو الحقّ في الباطن هو معني هو الذي كان اسمه المعروف لدي جميع الخلق عدده مأة و عشر الدالّ علي عدد الجميع بعدد اسمه و علي الحيطة بالكلّ بمعناه حيث اللّه يقول و لا يؤده حفظهما و هو العلي العظيم و ذلك هو معني الاسماء الحسني كلّها و معني هو و هو معني اللّه سبحانه الذي اشار اليه علي بن الحسين8 في قوله لجابر ثمّ معرفة المعاني ثانياً و هذا جواب قوله سلّمه اللّه و مايشير اليه.

و امّا كيفية استجابة الدعاء فان تعرف الواحد ثمّ معناه ثمّ بابه فتلحظ فقرك لحاجتك فتقصد بابه و تدعو واحداً طوي بوحدته ذاتك و حاجتك و قصدك و دعاءك فيظهر معناه من بابه بحاجتك من بابها و الي هذه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 119 *»

المراتب الثلث اشار [الثلاث اشار اليه خ‌ل] علي بن الحسين7 في الحديث المشار اليه سابقاً بقوله المعرفة اثبات التوحيد اوّلاً ثم معرفة المعاني ثانياً ثمّ معرفة الابواب ثالثاً.

و قولكم و لااحببنا التصريح الخ، اعلم انّ الاسم الاعظم علي احوال فامّا الاسم الخاصّ الاكبر فان اللّه تعالي ستره عمّا سوي اوليائه المعصومين لئلا يبطل النظام لو وصل الي غير المعصوم و لا كلام لنا فيه لعدم علمنا بتركيبه و ان كان موجوداً في الحروف النورانية. و امّا غير الاسم اللفظي فمنها مايحصل بالحال الصادقة كما يظهر للمرتاضين باذكار الاسماء. و منها بتصفية الباطن و التجافي عن دار الغرور و ترك الشواغل فلايكون بينه و بين اللّه حجاب مازال العبد يتقرّب الي بالنوافل حتي احبّه الحديث. و منها ثمرة العلم باللّه و صفاته و اسمائه فيدعوه بها و للّه الاسماء الحسني فادعوه بها و هو الذي اشرنا اليه هنا فاهل زماننا فاتتهم المراتب الثلث [الثلاث خ‌ل] فهم لايحتملونه البتة و ان شرحت لهم الحال لم‏يفهموا المقال سواء عليهم ءانذرتهم ام لم‏تنذرهم لايؤمنون.

قال سلمه الله تعالي: و كذلك الاشارة الي البسط و التكسير و المزج و الوضع في بيان الوفق علي حسب الامكان.

امّا البسط فله اقسام بسط حرفي و بسط عددي و بسط التضارب و بسط الترفّع و هو ثلثة اقسام: ترفع حرفي و ترفع عددي و ترفع طبيعي. و بسط طبيعي و بسط غريزي و غير ذلك.

فالبسط الحرفي مثلاً في محمّد م ي م ح ا م ي م د ا ل. و العددي من الزبر و البيّنات مثل بعض ذلك اربعون ثمانية اربعون اربعة. فقد يراد من الاوّل م ي ح ا د ل او احدعشر او ستّة و من الثاني ا ر ب ع و ن ث م ن ي ة او ثلاثة و عشرون او احدعشر او اعداد حرف الاعداد او اثنان و تسعون من الزبر او من البيّنات مأة و اثنان و ثلثون و يتصرّف في كلّ بما يقتضيه الداعي.

و بسط التضارب كان يضرب عدد الحرف في نفسه او في اخر او في مرتبة فيستنطق حتّي يتولّد من الاسم اسم اخر او اسماء و يتصرّف فيها كذلك. او ضرب حرف من حروف الطالب في حرف من حروف المطلوب و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 120 *»

استحصال الحروف الاخري المستنطقة من حاصل الضرب.

و الترفّع العددي رفع كلّ حرف من حروف المطلوب مثلاً من رتبة الي ما فوقها و اخذ سميّه من تلك المرتبة العليا كرفع ميم محمّد الي المأت فتأخذ التاء و الحاء الي العشرات فتأخذ الفاء و الميم الاخري كذلك تاء و الدال الي العشرات فتأخذ الميم فمحصّل [فحصل خ‌ل] ذلك تفتم.

و الترفّع الحرفي اخذ الحرف الذي يلي حرف المطلوب من الحروف الابجديّة فمثلاً محمّد يؤخذ للميم نون و للحاء طاء و للميم نون و للدال هاء فيكون نطنه.

و الترفّع الطبيعي ان تأخذ للحرف الترابي حرفاً مائيّاً و للمائي رياحيّاً و للرياحي ناريّاً و تترك الناري بحاله فمثلاً محمّد الميم ناري و الحاء ترابي و كذا الدال فتترك الميم بحالها و تبدل الحاء بالزاء و الدال بالجيم فتقول مزمج.

و البسط الطبيعي عبارة عن كون كلّ حرف من الحروف الناريّة طالباً للحروف الرياحيّة التي في درجته و الرياحيّة تطلب المائيّة و المائيّة تطلب الترابية و هذا بدون ملاحظة الحروف بدرجاتها هو الطبيعي. و اذا لوحظت فهي الغريزي. و غيرذلك كبسط التواخي و التجامع و التقوي.

و التكسير قد يستعمل في البسط الابدالي بقول مطلق في تغيير الاحوال و تبديلها كالعلويّة بالسفليّة و بالعكس و النورانيّة بالظلمانيّة و بالعكس و المتّصلة بالمنفصلة و بالعكس و الروحانيّة بالجسمانيّة و هو النورانيّة و الظلمانيّة و بالعكس و الصمدانيّة بالمجوّفة و النهارية بالليليّة و بالعكس فيهما و النهاريّة هي التي للكواكب النهاريّة زحل و المشتري و الشمس و عطارد ان كان مشرِّقاً [مشرقياً خ‌ل] و الليليّة هي الكواكب الليليّة الزهرة و المريخ و القمر و عطارد ان كان مغرِّباً [مغربياً خ‌ل] فلزحل صتض‏قثظ و للمشتري رخغ‏فشذ و للشمس طمف و للعطارد نيص‏جزك و للمريخ لعراهط و للزهرة بوي‏كسق و للقمر دحل. و كذلك ابدال الصامتة اي المهملة بالناطقة اي المنقوطة و السعيدة اي المهملة و القاف و الياء و النون لانّها من الحروف النورانيّة بالنحسيّة اي المنقوطة بثلث و اثنتين و بالممتزجة اي المنقوطة بنقطة و الشرقيّة و هي النارية بالغربيّة و هي الهوائيّة و الشماليّة و هي المائيّة و الجنوبيّة و هي الترابيّة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 121 *»

بعضها ببعض و في كلّها بالعكس. و هذا بحر لا ساحل له عثر العلماء علي كثير من اسراره و كتموا كثيراً ممّا علموا و الذي جهلوه اكثر و ما اوتيتم من العلم الاّ قليلاً

و امّا التكسير فله طرق و الغاية منه مزج حروف الطالب و حاجته و المطلوب منه لتحصل منه كلمات معني كلّ كلمة هو الرابطة بين الطالب و المطلوب و حاجته المستلزمة لفعل الفاعل الغني و انفعال المحتاج بالحاجة و استغنائه بالغني و هو التكسير و له ثلاث مراتب صغير و اوسط و كبير. فالصغير ان تبسط حروف الاسم متفرّقة ثم تأخذ اخر السطر و تضعه اوّل الثاني و اوّل السطر الاوّل ثاني الثاني و ما قبل الاخر ثالث الثاني و هكذا ثم تعمل في الثالث من حروف الثاني كذلك مثاله:

ف ر د
د ف ر
ر د ف

و امّا التكسير المتوسّط ان تضع المربّع بعدد حروف الاسم و تبسط حروفه في السطر الاوّل مفرّقة و تضع الحرف الاوّل من السطر الاوّل في بيت فرسه من السطر الثاني ثم تمّم السطر الثاني علي الترتيب و تبتدي في الثالث باوّل السطر الثاني تضعه في بيت فرسه من الثالث و هكذا حتي ينتهي العمل ان كان الاسم فرداً و ان كان زوجاً كان مرّة واحدة في اخر السطر بسير الفرزان مثال الاوّل:

ع ل ي م
ي م ع ل
م ي ل ع
ل ع م ي

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 122 *»

و هو المشي في التكسير المتوسط بسير الفرس الخاصّ في الفرد [و مثال الثاني خ‌ل]

ك ه ي ع ص
ع ص ك ه ي
ه ي ع ص ك
ص ك ه ي ع
ي ع ص ك ه

 

و امّا التكسير الكبير فان تضع حروف الاسم منفصلة في السطر الاوّل فان كان ثلاثيّاً فتنقل الحرف الاوّل الي اوّل السطر الثاني و الثالث من الاوّل الي الثاني من الثاني و الثاني منه الي الثالث من الثالث [الثاني خ‌ل] و هكذا و ان شئت وضعت الثالث [الثاني خ‌ل] من الاوّل في اوّل الثاني و الثالث في الثاني من الثاني و الاوّل [من الاوّل خ‌ل] في الثالث من الثاني و هكذا مثال الاوّل:

42 47 36 45
37 44 39 50
43 38 49 40
48 41 46 35

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 123 *»

و مثال الثاني:

ق و ي
و ي ق
ي ق و
ق و ي
و ي ق
ي ق و

فيكون من الاسم الثلاثي ستّة اسماء و ان كان الاسم رباعياً كان منه اربعة و عشرون اسماً و ان كان خماسيّاً كان منه مأة و عشرون اسماً و هكذا و الضابط ان تضرب عدد حروف الاسم في عدد الصور الحاصلة من الاسم الذي اقلّ منه بحرف فيحصل من الثنائي صورتان و من الثلاثي مضروب الثلاثة في الاثنين فيكون ستّة و من الرباعي مضروب الاربعة في الستّة و من الخماسي مضروب الخمسة في الاربعة و العشرين و هكذا و امّا اسرار ذلك و خواصّه فمذكور في كتب القوم من ارادها طلبها.

قال سلّمه اللّه الثالثة: ما تفسير الحروف المقطّعة في اوايل السور و ما معني الحروف الهجائيّة الابجديّة من الالف الي الياء؟

الجواب: اعلم انّ الحروف المقطّعة في اوايل السور هي الحروف النورانيّة علي اصطلاح علماء الجفر و هي اربعة‌عشر حرفاً يجمعها قولك «صراط علي حقّ نمسكه» و هي الحروف السعيدة و باقي الحروف سواها ظلمانية [و خ‌ل] منحوسة و فيها من كلّ نوع من الحروف نصفه من [فمن خ‌ل‌] المهموسة خمسة الصاد و الحاء و السين و الكاف و الهاء و المهموسة عشرة و من المجهورة نصفها تسعة ل ق ر ا ن م ط ي ع و كذلك الشديدة و القلقلة و المذلقة و سائر الصفات المذكورة في كتب اهل التجويد و هي اي الحروف النورانيّة المقطّعة اوايل السور اربعة‌عشر حرفاً بعدد منازل القمر الطالعة و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 124 *»

الظلمانيّة اربعة‌عشر عكسها بعدد المنازل الهابطة و انّما كانت اربعة‌عشر لانّها متضمّنة للمبادي الاربعة التي دار عليها الوجود الخلق و الرزق و الحيوة و الممات من فوّارة النور و استواء الرحمن علي العرش باعطاء كلّ ذي حقّ بمسألته حقّه من غير استحقاق من الخلق لشي‏ء [بشيء خ‌ل] من مسألته و عطيّته و انّما وهبهم ما سألوه من نعمه. فهو الوهّاب الجواد و الوهّاب اربعةعشر و الجواد اربعة‌عشر و يد المعبر عنها بالقدرة و بالنعمة [عنها بالنعمة و بالنقمة خ‌ل] اربعة‌عشر. فظهر هذا العدد الشريف في هذه الحروف الشريفة لكونها قرينة لقصبة الياقوت و ابواباً للملك و الملكوت و الجبروت و سرّاً مقنّعاً بالسرّ من اللاهوت.

و اعلم انّ الحروف في اصل خلقها لم‏يكن لها معني الاّ انفسها و لذلك صدّر كل حرف في اسمه ليسهل فهمه و لاتّحاد الاسم و المسمّي في الجنسيّة و النوعيّة الاّ الهمزة صدرت بالهاء لقربها منها و للفرق بينها و بين الالف اللينيّة و لانّ الهاء مجاز الالف المتحرّكة و المتحرّكة مجاز اللينيّة و المراد بالمجاز الطريق في تولّد الحرف عند القرع او القلع او الضغط من النَفَس بفتح الفاء الذي هو مظهر النفْس بسكون الفاء و هو اي النفس المعبّر عنه بالالف اللينيّة السارية في الحروف بالقيّوميّة و هي الالف الاولي و امّا الالف اللينيّة الثانيّة التي هي من الحروف التسعة و العشرين الظاهرة في مثل قال و قائل فهي اعلي وجوه الاولي و مظاهرها. و اما الواو و الياء اذا كانتا لينتين لحقتا بهذه عند الخلوص من شرك المخرج و امتزجتا بها و تمتزج هي بتلك معهما [معها خ‌ل] لانّ هذه لاتمسّها حركة لانّ الحركة كثرة و للواو و الياء حالتان ففي حالة اللين تنمحق انّيتهما في هذه و تنمحق هي بما فيها في الاولي فافهم ضرب المثل قال اللّه تعالي و تلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الاّ العالمون.

و امّا معناها فعلي انحاء كثيرة: منها اعلم انّ الحروف علي ثلثة اقسام ملفوظ و مكتوب و مسرود فالاوّل منها ما كان اسمه ثلثة احرف و كان ثالثها هو اوّلها مثل ميم و نون و واو و الثاني ما كان اسمه ثلثة مختلفة يعني ليست معطوفة الاعجاز علي الصدور و الثالث ما كان اسمه حرفين فالاوّل ميم نون فالحرف

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 125 *»

الاوّل في اوّل سورة و الثاني في اخر سورة اشارة الي الاوّل و الاخر فالاولي سورة البقرة الصفراء و الثانية سورة نون بهموت (بهموسة خ‌ل) فاشير بهما الي حامل العالم العلوي و حامل العالم السفلي يعني الغيب و الشهادة مجموعهما اشارة الي انّ كلّ شي‏ء من فيضه لانّهما حرف صاد و هو البحر الذي تحت العرش حين قال له ادن من صاد و هو مداد القلم و كان ذلك حرفين ليسم [ليتم خ‌ل] بدء الخلق بالاثنينيّة و من كلّ شي‏ء خلقنا زوجين لعلّكم تذكّرون.

و الثاني الذي هو المكتوب سبعة الف لام صاد كاف عين سين قاف فاشير بالسبعة الي طواف الاسبوع لكمال الصنع و المصنوع و هي احد و عشرون حرفاً بعدد حروف الفاتحة بعد حذف المتكرّر اشعاراً بتضمّن السرّ و لظهور صفة الكمال في الثلثة العوالم لانّ كلّ واحد من هذه السبعة الاحرف جبروت و ملكوت و ملك فدارت الاصول عليها و تناهت اليها و نسب الي كلّ واحد منها واحد من السيّارة و يوم من الاسبوع.

و الثالث و هو المسرود منها خمسة را ها يا طا حا اشارة الي الهاء و هي اقلّ الاسماء و اظهر الاشارات و اخفاها اذ ليس بعد حذف الاشارة الاّ المسمّي و انّما قلنا اقلّ الاسماء لانّ الهاء تثبيت الثابت بعد محو الموهوم و اخره مدلول الهاء من حيث وقوعها عليه و المستدلّ بها من حيث وقوعها منه و يشار بها الي الغيب و الشهادة و هذه الخمسة كلّ منها مثني غيب لغيب و شهادة لشهادة فالخمسة للهاء و هي الليلة المباركة فاذا اشبعت ظهرت مع التسعة و التسعين بعدد الاسم الاعظم فهي في المخرج اوّل و باطن و ابنها المتولّد منها اخر و ظاهر فهو الاوّل و الاخر و الظاهر و الباطن فالهاء في عالم الامر تشهد بالبقاء و ابنها بالسرمد و هي في عالم الجبروت و الملكوت تشهد بالثبات و ابنها بالدهر و في الملك تشهد هي بالامكان [بالمکان خ‌ل] و ابنها بالزمان فالملفوظ يشهد بالاثنينيّة في الابداع و المكتوب يشهد بالكمال في المخترع و الاختراع و المسرود يشهد بوضع الدلالات و تبيين الايات.

ثمّ اعلم انّ الملفوظ حرف منه يوزن به النار و الثاني يوزن به الهواء و المكتوب منه سين يوزن به الماء و العين يوزن به التراب و الباقي منها موزون فالالف في الاولي من الكفّة اليمني من ميزان النار و اللام في الثانية من الكفّة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 126 *»

اليسري من ميزان التراب و الصاد في الثالثة من الكفّة اليسري من ميزان الهواء و الكاف في الثانية من الكفّة اليسري من ميزان الماء و الفاء في الثالثة من الكفّة اليسري من ميزان النار و امّا المسرود فكلّه موزون فالراء في الثلثة من الكفّة اليسري من ميزان التراب و الهاء في الاولي من الكفّة اليسري من ميزان النار و الياء في الثانية من الكفّة اليسري من ميزان الهواء و الطاء في الثانية من الكفّة اليسري من ميزان النار و الحاء في الاولي من الكفّة اليسري من ميزان التراب و صفة الموازين و الوزن هكذا:

و امّا مقدار كلّ حرف في الوزن من طبيعته التي اودع ايّاها من الطبايع الاربع فهذا الشكل متضمّن ذلك فاستبن منه مطلوبك فانّك [فانت خ‌ل] اذا عرفت المقدار تمكّنت من التقدير في معالجات الاعمال و تكميل الناقص و معالجة مرضي الانسان و النبات و المعدن و كلّ عقار طبيعة [طبيعته خ‌ل] علي نظم حروف اسمه العربيّة كما قلنا و هو هذا:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 127 *»

بيانه لجابر بن حيان الميزان

المعادن

الطبايع

الاوزان

النارية الهوائية المائية الترابية الكعب الاستنطاق في ميزانها

لغيرالصنعة

االدرجة30دقيقة

االمرتبة30درجة

10درج 1000000 المراتب ا ب ج د 10 ي 729000000 30 درجة
10دقايق 100000 الدرج هـ و ز ح 26 كو 24300000 30 دقيقة
10ثواني 10000 الدقايق ط ط ك ل 69 سط 810000 30 ثانية
10ثوالث 1000 الثواني م ن س ع 220 رك 27000 30 ثالثة
10روابع 100 الثوالث ف ص ق ر 470 تع 900 30 رابعة
10خوامس 10 الروابع ش ت ث خ 1800 غض 30 30 خامسة
  1 الخوامس ذ ض ظ غ 3400 غغغت 1  
      1135 1590 1358 1912        

نسخه جوامع الکلم چاپ بصره ص 127 ج8 تفاوت دارد.@

و اذا اردت معرفة حروف منازل القمر من هذه فتعرف الحروف النورانيّة و مايخصّها من المنازل لانّ الحروف النورانيّة هي الحروف الروحيّة و الحروف الظلمانيّة هي الحروف الجسمانيّة فهذا الشكل متكفّل به علي ترتيب المشارقة و اليونانيين و الفلكيين في الحروف المفردة لانّها هي التي جري عليها النظام في السلسلة النزولية و لهذا اعتمدتها دون غيرها و ان كان له اثر و هو هذا الشكل:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 128 *»

المنازل النارية المنازل الهوائية المنازل المائية المنازل الترابية
النطح     ا الهقعة   ب النثرة     ج الثريا     د
البطين   هـ الهنعة    و الطرفة    ز الدبران  ح
الجبهة   ط الذراع   ي القلب    ك العوا      ل
الزبرة     م الغفر     ن الشولة   س السماك  ع
الصرفة  ف ([3]) الزبانان  ص فرع‌مقدم   ق الذابح     ز
النعائم   ش الاكليل  ت فرع‌مؤخر ([4]) ث بلع ([5])      خ
البلدة     ذ الاخبية  ض رشا       ظ السعود   غ

شکل فوق مطابق با نسخه جوامع ناقص است ص128 ج8 چ‌بصره@

نارية ا ه ط م ف ش ذ
هوائية ب و ي ن ص ت ض
مائية ج ز ك س ق ث ظ
ترابية د ح ل ع ر خ غ

 

فالحروف النورانية اربعة ناريّة ا هـ ط م و ثلثة هوائيّة ي ن ص و ثلثة مائيّة ك س ق و اربعة ترابيّة ح ل ع ر فالاوّل في الخلق و الثاني في الحيوة و الثالث في الرزق و الرابع في الممات و من ذلك ظهورها في اوايل الاسماء الحسني فيشار بكلّ حرف الي ما يظهر فيه و ذلك في فواتح السور و غيرها فالالف الاسم منه اللّه من حيث ظاهره و من حيث باطنه كافي و هو غيب لايدرك و محيط يملك و لايملك و الباء ظاهر تسبيب و حكمة ترتيب و الاسم منه من حيث باطنه جامع و من حيث ظاهره بديع و الجيم جلال و جمال و جمع و اجمال و الاسم منه من حيث ظاهره جليل و من حيث باطنه موجد و الدال الاسم منه الدائم و هكذا الي اخر الحروف.

و من ذلك ما رواه في التوحيد و العيون عن ابي‌الحسن علي بن موسي الرضا7 قال انّ اوّل ما خلق اللّه ليعرف به خلقه الكتابة حروف المعجم و انّ الرجل اذا ضرب علي رأسه بعصا فزعم انّه لايفصح بعض الكلام فالحكم فيه ان يعرض عليه حروف المعجم ثمّ يعطي الدية بقدر ما لم‏يفصح منها. و لقد حدّثني ابي عن ابيه عن جدّه عن اميرالمؤمنين7 في ا ب ت ث قال الالف الاء اللّه و الباء بهجة اللّه و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 129 *»

التاء تمام الامر بقائم آل‏محمّد صلوات‌اللّه‌عليهم و الثاء ثواب المؤمنين علي اعمالهم الصالحة ج ح خ فالجيم جمال اللّه و جلاله و الحاء حلم اللّه عن المذنبين و الخاء خمول ذكر اهل المعاصي عند اللّه د ذ فالدال دين اللّه و الذال من ذي‏الجلال ر ز فالراء من الرؤوف الرحيم و الزاء زلازل القيامة س ش فالسين سناء اللّه و الشين شاء اللّه ما شاء و اراد ما اراد و ما تشاءون الاّ ان يشاء اللّه ص ض فالصاد من صادق الوعد في حمل الناس علي الصراط و حبس الظالمين عند المرصاد و الضاد ضلّ من خالف محمّداً و آل‏محمّد صلّي اللّه علي محمّد و آله ط ظ فالطاء طوبي للمؤمنين و حسن مآب و الظاء ظنّ المؤمنين باللّه خيراً و ظن الكافرين به تعالي سوء ع غ فالعين من العالم و الغين من الغني ف ق فالفاء فوج من افواج النار و القاف قران علي اللّه جمعه و قرانه ك ل فالكاف من الكافي و اللام لعن الكافرين في افترائهم علي اللّه الكذب م ن فالميم ملك اللّه يوم لا مالك غيره و يقول عزوجل لمن الملك اليوم ثم تنطق ارواح انبيائه و رسله و حججه فيقولون للّه الواحد القهّار فيقول جل جلاله اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم ان اللّه سريع الحساب و النون نوال اللّه للمؤمنين و نكاله للكافرين و هـ فالواو ويل لمن عصي اللّه و الهاء هان علي اللّه من عصاه لا ي فلام الف لا اله الاّ اللّه و هي كلمة الاخلاص ما من عبد قالها مخلصاً الا وجبت له الجنة و الياء يد اللّه فوق خلقه باسطة بالرزق [في الرزق خ‌ل] سبحانه و تعالي عمّا يشركون.

و في التوحيد و الخصال عن اميرالمؤمنين7 قال سأل عثمان بن عفّان رسول‌اللّه9 عن تفسير ابجد. فقال9 تعلموا تفسير ابجد فان فيه الاعاجيب كلّها ويل لعالم جهل تفسيره فقيل يا رسول‌اللّه ما تفسير ابجد؟ قال اما الالف فآلاء اللّه حرف من اسمائه و اما الباء فبهجة اللّه و اما الجيم فجنة اللّه و جمال اللّه و جلال اللّه و اما الدال فدين اللّه. و اما هوّز فالهاء هاء الهاوية ويل لمن هوي في النار و اما الواو فويل لاهل النار و اما الزاء فزاوية في النار فنعوذ باللّه مما في الزواية يعني زوايا جهنم. و اما حطّي فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر و ما نزل به جبرئيل مع الملئكة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 130 *»

الي مطلع الفجر و اما الطاء فطوبي لهم و حسن مآب و هي شجرة غرسها اللّه بيده و نفخ فيها من روحه و انّ اغصانها لتري من وراء [تري من خ‌ل] سور الجنّة تنبت بالحلي و الحلل و الثمار متدلّية علي افواههم و اما الياء فيد اللّه فوق خلقه سبحان اللّه عما يشركون. و اما كلمن فالكاف كلام اللّه لا تبديل لكلمات اللّه و لن‏تجد من دونه ملتحداً و اما اللام فالمام اهل الجنّة بينهم في الزيارة و التحيّة و السلام و تلاوم اهل النار فيما بينهم و اما الميم فملك اللّه الذي لايزول و دوام اللّه الذي لايفني و اما النون فـ‌‌‌ ن و القلم و مايسطرون فالقلم قلم من النور [ نور خ‌ل] و كتاب من النور [ نور خ‌ل] في لوح محفوظ يشهده المقرّبون و كفي باللّه شهيداً. و اما سعفص فالصاد صاع بصاع و فص بفص يعني الجزاء بالجزاء و كما تدين تدان ان اللّه لايريد ظلماً للعباد. و اما قرشت يعني قرشهم فحشرهم و نشرهم الي يوم القيمة و قضي بينهم بالحق و هم لايظلمون انتهي. و غير ذلك من المعاني المنسوبة اليها كدلالتها بصفاتها من الهمس و الجهر و الشدة و الرخاوة [الرخاء خ‌ل] و غيرها علي مثل ذلك في مسمياتها علي الاصح خلافاً للمشهور.

تذنيب: اعلم ان الحروف تدل بطبايعها و تأثيراتها [تأثرات خ‌ل] علي اثار و افاعيل علي حسب طبايعها كما اشير الي بعض ذلك سابقاً كل حرف يعطي مااودع فيه من الطبيعة علي حسب قربه منها و بعده و اذا كان في نقشه مركب من حرفين كان له فعل بنفسه و فعل بتلك الجهتين كاللام مثلاً فان لها من الطبيعة الترابية دقيقة فتعمل كذلك و هي مركبة من نون و الف و النون لها ثانية من الهوائية و الالف لها مرتبة [رتبة خ‌ل] من النارية فتعمل اللام بتلك الطبيعتين فعلاً و عملاً خاصّاً و مثال ذلك ل و هكذا ساير الحروف الا الحرف الاول و هو الالف فانه بسيط في فعله بالنسبة الي ما دونه و اما بالنسبة الي ما فوقه فانه مركب من النقطة وجوداً و لفظاً و نقشاً فهو اعمها [اعمها عملاً خ‌ل] و اعظمها و اخصها و اكرمها.

قال سلمه الله تعالي: و ما احسن الاوراد و اكمل الذكر و اعلي الافعال و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 131 *»

طريق تزكية النفس علي سبيل الاختصار و الوصول الي طريق اهل الحق؟

اقول:  هذه الاربع المسائل اخصر الجواب عنها و ابسطه ان هذه مذكورة في كتب الاصحاب شكر اللّه سعيهم في الادعية و كتب الاخلاق و كتب الشريعة و لم‏يوجد شي‏ء جل او قل بطن او علن الا و اهل‏البيت: قد اعثروا عليه. فاحسن الاوراد ما ذكروا و اكمل الذكر ما اوردوا و اعلي الافعال ما ذكروا و اوضح طريق تزكية النفس ما فعلوا و امروا به و اصلوا.

و اما المسألة الخامسة و هي الوصول الي طريق اهل الحق فاعلم انك بعد ما فهّمك اللّه الدين و الهمك اليقين و عرفك القران المبين و اطلعك علي سنّة سيّد المرسلين9 اجمعين لن‏تعدم التحري لذلك و الولوج في تلك المسالك مادمت ملاحظاً لما اشير اليه و هو انك بعد ان حصل لك العقل المكتسب تفهم بجودة الذكاء و الفطنة في معاني الكتاب و السنة و في معاني نفسك فانها ايات اللّه و في العالم كذلك قال اللّه تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتّي يتبيّن لهم انّه الحقّ و تجعل هذه الاربعة متطابقة ما اتفق لك فذلك و ما اختلف عليك فانه من المتشابه الذي يجب الايمان به و هو في الاربعة و الحكم فيه الرد الي المحكم منها من غير ان‏ترد شيئاً من المتشابه الي قاعدة من علم لم‏يكن مستندها من هذه الاربعة و لا الي شي‏ء من عادات النفس و احوالها و لاتعصّب لطريق ثبت [ثبتت خ‌ل] عليه النفس و لا غير ذلك بل بمحض التخليص و التخلّص و استعن باهل ذلك ان وجدتهم فان اللّه من كرمه لايخلي ارضه منهم و بهم قوامها و مدّ طرفك و ارفع يدك الي من لايخيب سائله و لاينفد نائله و حينئذ تعني بقوله تعالي و الذين جاهدوا فينا بالنظر في هذه الاربعة و العمل بموجبها لنهدينّهم سبلنا سبيل الراحة في الدنيا و سلامة الغيب من الشك و الريب. و سبيل التجافي عن دار الغرور و الانابة الي دار الخلود و الاستعداد للموت قبل نزوله. و سبيل العلم كما اشار اليه الصادق7 كما رواه الديلمي في اعلام الدين ما من عبد احبنا و زاد في حبنا و اخلص في معرفتنا و سئل مسألة الا نفثنا في روعه جواباً لتلك المسألة انتهي. و سبيل محبة اللّه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 132 *»

كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به الحديث. و سبيل العلم باللّه و ذلك يوجب خوف مقام ربه و يتبصر بعيوب نفسه حتي يشتغل بها عن الناس و لايعتمد علي عمل و يخاف في الطاعة كما يخاف في المعصية. و سبيل الفضل و الرجاء في اللّه حتي يشتد طلبه و يعظم امله في ربه و يرجو في معصيته كما يرجو في طاعته. و سبيل معرفته في المراتب السبع توحيده و معرفة معانيه و ابوابه و معرفة الامام7 و اركانه و النقباء و النجباء @@ و بذلك تمام الامر و هو السرّ في جميع السبل و الا فقد نهي عن السبل و حث علي السبيل الواحد. قال تعالي قل هذه سبيلي ادعو الي اللّه و قال تعالي و ان هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله فاشرب عذباً صافياً فان لكل حق حقيقة و علي كل صواب نوراً.

قال سلّمه اللّه تعالي: و معرفة روحانية [نورانية خ‌ل] الاسماء من الملأ الاعلي و خدامها.

اعلم انّ معرفة استخراج روحانيّة الاسماء لها طرق كثيرة باعتبار اختلاف تكسير الاسم و بسطه المركب او البسيط و حذف المتكرر بعد العمل و اسقاط الزمام العائد من الوفق الحرفي او عدم حذف المتكرر و باستنطاق الزوايا و المركز و الضلع و المساحة و غيرذلك او غيرذلك من الوجوه مما يطول فيها الكلام و يخرج بنا عن المرام و لنمثل بمثال استخراج [اسماء خ‌ل] الارواح من المثلث العددي لخفته و اوليته [اولويته خ‌ل] في الاوفاق الاسمية فـ‌نقول اذا اردت استخراج الملائكة من الاسم الموضوع اعداده في المثلث مثلاً فاعرف اولاً المفتاح و هو في المثلث كما تري:

2 9 4
7 5 3
6 1 8

و هو اي المفتاح 1 و هو في البيت الثاني من السطر الثالث و المغلاق و هو التسعة و العدل مجموع المغلاق و المفتاح اعني 10 و الوفق و هو عدد

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 133 *»

ضلعه 15 و مساحته و هو 45 و الضابط و هو مجموع عدد الضلع و المساحة و هو 60 و الغاية و هو ضعف الضلع و المساحة و هو 120 و الاصل و هو حاصل ضرب غايته في مغلاقه و هو في هذا المثال 1080 فهو اصل المثلث و هو الاصل الكلي الذي تحمل عليه بقية المراتب السبعة فتطرح منه عدد الملحق العلوي او السفلي و يستنطق و يضاف اليه ذلك الملحق فيكون منه الملك او الشيطان. فاذا وعيت هذه المراتب الثمانية و اردت ان تستخرج الملائكة او الاعوان الشيطانية فتحمل المفتاح و هو واحد علي اصله الكلي و هو الف و ثمانون كما ذكرنا فيكون المجتمع 1081 فاطرح منه الملحق العلوي و هو علي الاكثر احد و خمسون و قيل احد و اربعون و قيل احد و ثلثون و صورته علي اربعة وجوه قيل ايل و قيل يال و قيل ال و قيل اييل و هو الذي تمثل به و الملحق السفلي قيل طيش و هو الذي تمثل به و قيل طش و قيل طاش فاذا اسقطت من 1081 احداً و خمسين بقي ثلثون و الف فاذا استنطقته كان غل فاذا اضيف اليه الملحق كان اسم الملك الاول و هو غلائيل و اذا طرحت من 1081 عدد الملحق السفلي و هو 319 بقي 762 فاذا استنطقته كان ذسب فاذا اضفت اليه الملحق السفلي كان اسم الشيطان الاول و هو ذسبطيش و هو خادم ذلك الملك علي السفليات و ان حمل مغلاقه علي اصله الكلي و هو 1080 كان 1089 فاذا اسقطت منه الملحق العلوي 51 و استنطقت الباقي 1038 غلح و مع الملحق غلحائيل و هو الملك الثاني و اذا اسقطت [اسقط خ‌ل] منه الملحق السفلي بقي770 [719 خ‌ل] و هو ذع [ذيط خ‌ل] و مع الملحق السفلي ذعطيش [ذيططيش خ‌ل] و هو خادم غلحائيل و ان حمل عدله [عدله10 خ‌ل] علي اصله الاصلي كان الجميع1090 و بعد اسقاط عدد الملحق العلوي و الحاقه به غلطائيل و هو الملك الثالث و بعد اسقاط عدد السفلي 319 بقي771 و استنطاقه و الحاقه به ذعاطيش و هو الاسم الشيطاني الثالث خادم الملك الثالث و اذا حمل وفقه 15 علي اصله 1080 كان 1095 و بعد الاسقاط و الاستنطاق و الالحاق غمدائيل و هو الملك الرابع و بعد اسقاط عدد السفلي و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 134 *»

الاستنطاق و الالحاق ذعوطيش و هو الخادم الرابع للملك الرابع و اذا حملت مساحته 45 علي اصله 1080 كان بعد الاسقاط و الاستنطاق و الالحاق غعدائيل [غفدائيل ‌خ‌ل] و هو الملك الخامس و اذا طرح عدد السفلي319 كان بعد الاستنطاق و الالحاق ضوطيش و هو الخادم الشيطاني الخامس للملك الخامس و اذا حمل ضابطه و هو60 علي اصله كان بعد الاسقاط و الاستنطاق و الالحاق غفطائيل و هو الملك السادس و اذا طرح منه عدد السفلي 319 كان بعد الاستنطاق و الالحاق صنكاطيش [ضکاطيش خ‌ل] و هو الشيطاني السادس خادم الملك السادس و ان حمل غايته 120 علي اصله 1080 كان بعد اسقاط العلوي و الاستنطاق و الالحاق غقمطائيل و هو الملك السابع الحاكم علي الستة السابقة و اذا اسقط السفلي كان بعد الاستنطاق و الالحاق ضفاطيش و هو العون الشيطاني الحكم [الحاکم خ‌ل] علي الستة الاعوان السابقة و هو خادم غقمطائيل و بهذين تقسم علي السابقين و تزجرهم فافهم الرموز و كن بها ضنيناً فانّها من الاسرار الغامضة. و اعلم انّها الكبريت الاحمر لسرعة تأثيرها و بهذه الطريقة تستخرج ارواح جميع الاوفاق العددية. ثمّ اعلم ان الاستقصاء علي الوجوه من العددية و الحرفية المفردة و المركبة يطول به المقال و الفائدة من هذا المثال هي تحصل(ظ) [و هو يحصل خ‌ل] بهذا و عليه نقتصر.

قال سلّمه اللّه تعالي: و كذلك المعادن و السيّارات كل في وضعه لينتج لنا مقابلة العالم الكبير بالعالم الصغير بالصناعة.

اقول: اما الاشارة الي المعادن و السيارات من حيث ذواتهما فقد مضت فيه اشارات اليهما فراجعها و اما السيارة و المعادن من حيث التأثير و المقابلة فالذهب بالشمس و الفضة بالقمر و الزيبق بعطارد و الحديد بالمريخ و النحاس بالزهرة و القصدير بالمشتري و الاسرب بزحل فطبيعة النجم كطبيعة معدنه في الصناعة كما يظهر الا ان اهل الصناعة حكموا علي ان المريخ بارد رطب و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 135 *»

اهل النجوم عندهم حار يابس و اما الحديد ففي ظاهره فانه ذهب و باطنه فضة. و انما حكموا علي المريخ بانه حار يابس لظاهر فعله و للونه و لذا كان ظاهر الحديد ذهباً. و انما حكم اهل الصناعة بانه بارد رطب لباطنه لانه فضة كالحديد في باطنه و روي انه بارد رطب سعد و انه نجم اميرالمؤمنين7 فيتطابق مراد اهل الصناعة و اهل النجوم و اهل الشرع قال اللّه تعالي باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و كذا روي في زحل و انه نجم اميرالمؤمنين7 فحكم اهل الطبع علي الظاهر و اهل الشرع علي الباطن. و اما الصناعة فاعلم انهم فريقان محقّون و مبطلون لان كل عمل و كل شي‏ء تجده ففيه حق و باطل و من سلك في التدبير ما ظهر ابطل لقوله تعالي و ظاهره من قبله العذاب و اما المحقون فدخلوا باطنه و فيه الرحمة.

ثم اعلم انهم جعلوا فلك زحل من الارض الاولي و لذا قال الرضا7 ما بعث اللّه نبيّاً الا و هو صاحب مرّة سوداء صافية انتهي و المراد بذلك اكليل الغلبة بعد التطهير و التصعيد و امروا بنفي الفلك السادس لانه غريب و لايريدون الاجنبي و لذا قالوا يعني الفلاسفة العرب لاتتحمل نقل الجبال و لا حمل الصخور. و اعلم انك تأخذ الفلكين معاً الا ان احدهما صالح و هو السابع و السادس طالح و لذا اشار ابن ارفع رأس الي ذلك في روضته حيث قال:

فخذه ففيه النار و البحر و الثري   و مزن الحيا و النافحات اللواقح
ففرقه تفصيلاً الي اثنين صالح   فلا خلف بين اثنين فيه و طالح

فاخبر ان السادس طالح و قال ايضاً:

لهرمس ارض تنبت العز و الغني   اذا ما انتفي عنها غريب الحشايش

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 136 *»

و بالجملة فاذا فصّلت الحجر كما مر و استخرجت زحل و المشتري و ازلت المشتري عن زحل ثم صعدته كان هو الارض الاولي ثم تعمد الي المريخ و ماتحته و تستخرج منه الزهرة ثم تستخرج عطارد ثم تستخرج الشمس في الزهرة و تغسل الارض الجديدة بعطارد حتي تكون ارضاً مقدسة و هو ارض الحيوة التي يدور عليها فلك القمر و صعّدها كالاولي و اجعلها بيت التزويج الزيبقين و ارضاً لغرس الغصنين ليثمرا بالياقوت و اللجين.

قال سلّمه الله الرابعة: ما الشجرة في القران المجيد في قوله تعالي شجرة مباركة زيتونة و الشجرة التي [هي في الواد المقدس و الشجرة التي خ‌ل] تخرج من طور سيناء و الشجرة الطيبة و الشجرة الخبيثة و الشجرة الملعونة؟

اقول: انّ الشجرة المباركة هي شجرة الزيتون [الشجرة الزيتونة خ‌ل] بارك فيها سبعون نبياً منهم ابرهيم الخليل7 فهي كثيرة البركة يؤتدم بدهنها لقوله تعالي تنبت بالدهن و صبغ للاكلين و يسرَج به و يوقد بحطبها و يغسل الابريسم برماده و هي اول شجرة نبتت بعد الطوفان لا شرقية و لا غربية [من الشام خ‌ل] اي في الشام بين المشرق و المغرب او لايفي‏ء عليها ظل شرق و لا غرب بل هي في سواء الجبل. و روي جابر بن عبداللّه الانصاري في حديث طويل ان الشجرة محمد بن علي الباقر7 و مباركة زيتونة جعفر بن محمّد7 و في رواية طلحة بن زيد عن جعفر بن محمّد7 الشجرة المؤمن و الشجرة المباركة هي ابراهيم و الشجرة المباركة هي محمّد9 و الشجرة المباركه هي مجمع البحرين الوجوب و الامكان اي الظاهر في ظهوره و هي الشجرة الكلية تبارك اللّه الرحمن استوي برحمانيته علي عرشه عرش النور لسلطان الربوبية فاعطي كل ذي‏حق حقه و اجري لكل مربوب رزقه.

و الشجرة التي في الواد المقدس و الشجرة [التي ظ] تخرج من طور سيناء هي [الارض خ‌ل] الاولي و سبق فيها الكلام. و الوادي المقدس النفس المطمئنة و الطور الجسد المطيع الصابر. الوادي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 137 *»

المقدس القلب السليم و الطور هو العقل المستقيم. و يقال للشجرة النابتة في الطور الحيواني الناطق و هي هيولي الانسان الكريم تنبت في الربيع و هي الشجرة التي استعملها بلصيال و يقال لها حشيشة بلصيال بن جور [حور خ‌ل] الذي عمل قبة الرمان و قد نقل بعض العلماء في كتابه ان الملك الرب ظهر لبلصيال بن جور [حور خ‌ل] قال له الحقني فاخذه الي موضع محط الثلج و البرد الشديد فاراه هذه الحشيشة. و اعلم ايها الاخ السعيد انها تنبت في برج الاسد و في برج القوس فقال له خذ هذه الحشيشة و هي: و حطّها في قنينة الفاً و مأة يوم كل يوم يكتب هذا الاسم باليوناني و ترميه بالقنينة و هو هذا:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 138 *»

و بعد ذلك زن الذي في القنينة و كل وزن درهمين له اوقية زيبق و حطّ الزيبق في قدره علي نار ليّنة و الق عليه من الحشيشة فانه ينبت علي الروياص ذهب فحل ابريز و باللّه عليك لاتنسي الفقراء و المساكين هذا ما قال لبلصيال. و صفة هذه الحشيشة لونها اخضر اصفر ان شربتها تجده صفة الكمأة و ان شربتها قدر ذراع او اقل في الارض تنبت في السنة في طريقين في برج الاسد و في برج القوس مع الاحواج و فيها منافع كثيرة و الحمد للّه وحده و صلوته علي نبيّه9 انتهي.

اقول: و لذلك قال تعالي تنبت بالدهن و صبغ للاكلين لان فيها الماء الاول ذوالوجهين و الماء الابيض البراق ماء البئر المصري و الصبغ الكرشي [الکوشي خ‌ل] و الارض الزحلية و الجسد الجديد هذا يقال في الجملة للشجرات الثلث.

و اما الشجرة الطيبة فروي ابوحمزة الثمالي انه سئل الباقر7 عن قوله كشجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء فقال7 قال رسول‌اللّه9 انا اصلها و علي فرعها و الائمّة اغصانها و علمنا ثمرها و شيعتنا ورقها يا اباحمزة انّ الولد ليولد من شيعتنا فتورق ورقة فيها و يموت فتسقط منها ورقة. و قال رجل اخر جعلت فداك تؤتي اكلها كلّ حين باذن ربها قال ما يفتي الائمة شيعتهم من الحلال و الحرام. و عن ابن عباس هي شجرة في الجنة. و قيل هي كل كلمة حسنة كالتسبيحة و التحميدة او كلمة التوحيد او هي بمعني الاولي عند الحكيم او هي المؤمن او هي شجرة الخلد او هي شجرة المزن و هي شجرة تحت العرش تقطر علي البقل و الثمر و النبات فما اكلها مؤمن او كافر الاو خرج من صلبه مؤمن. و في صحيح الحلبي عن ابي‏عبداللّه7 قال النطفة تقع بين السماء و الارض علي النبات و الثمر و الشجر فيأكل الناس [منه خ‌ل] و البهائم فتجري فيهم. و في الكافي عن ابي‏اسماعيل الصيقل الرازي عن ابي‏عبداللّه7 ان في الجنة لشجرة تسمّي المزن فاذا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 139 *»

اراد [اللّه خ‌ل‌] ان يخلق مؤمناً اقطر منها قطرة فلاتصيب بقلة و لا ثمرة اكل منها مؤمن او كافر الا اخرج اللّه تعالي من صلبه مؤمناً انتهي.

و اذا قطرت منها قطرة خرقت السموات الي ان تسقط الي الارض و ذلك ان جميع من [ما خ‌ل] في الارض منه سأل اهل الاجابة و هي الافلاك التسعة فاذا اجاب الاطلس جري بساير المجيبات فله التقدير و له التسخير فكل من التسعة يمدّه بقبضة من جسده عن طبيعة جسده و فيها شعلة من روحه في تلك القبضة مستجنة فيها استجنان بسيط في بسيط و المحدّد يسخّرها في تقديرها قال الشاعر:

انظر الي العرش علي مائه   سفينة تجري باسمائه
و اعجب له من مركب دائر   قد اودع الخلق باحشائه
يسبح في لجّ بلا ساحل   في جندل الغيب و ظلمائه
و موجه احوال عشاقه   و ريحه انفاس ابنائه([6])
فلو تريه بالوري سائراً   من الف الخط الي يائه
و يرجع العود علي بدئه   و لا نهايات لابدائه
يكوّر الليل علي صبحه   و صبحه يفني بامسائه

ثم ان حركات الجوزهرّات و الممثّلات و المديرات [و خ‌ل] الخوارج و التداوير في اسراعها و رجوعها و اقامتها و استقامتها اختياريها و قسريها تدور علي اربع حركات عن اربعة اسماء و هي اللّه الرحمن الباعث الباطن و هي اركان الاسم هو اسم الذات و هو الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر و هو الاسم الذي لايقع عليه اسم و لا صفة. و قطر هذه الشجرة كل قطرة من ورقه و اوراقها قائمة باغصانها و عدد اغصانها ستمأة و عشرون الف الف الف الف الف الف الف غصن و اربعمأة و ثمانية و اربعون الف الف الف الف الف الف غصن و واحد و اربعمأة الف الف الف الف الف غصن و سبعمأة و سبعة و عشرون الف الف الف الف غصن و سبعمأة و تسعة‌عشر الف الف الف غصن و اربعمأة و تسعة و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 140 *»

ثلثون الف الف غصن و ثلثمأة و ستون الف غصن فالاول سبعة عقود و الثاني ستة عقود و الثالث خمسة عقود و الرابع اربعة عقود و الخامس ثلثة عقود و السادس عقدان و السابع عقد فهذا عدد الاغصان الكلية و في كل غصن اغصان جزئية بالنسبة الي الكلية والا فهي كلية بالنسبة الي ما فيها من الاغصان الصغار و الاغصان الصغار جزئية بالنسبة اليها و كلية بالنسبة الي الاوراق.

و اما عدد اوراقها اعني كم فيها من ورقة لاتصلح لغير واحد و لايقطر منها الا قطرة واحدة فبأن‌تقترن الي كل غصن كلي و الي كل غصن جزئي فيه و الي كل ورقة لاتصلح لقطرتين عدد نجوم السماء في كل رتبة مما مضي و ما يأتي و الي ما بين كل شيئين حتي ينتهي كل قران و نسبة بين كل نجم و كل غصن كلي او جزئي من افراد الكلي في كل الافراد مجموعة و متفرقة و هذا لايدخل في علم ما في الوجود المقيد و ذلك مما تفرد به العليم الخبير و لهذا انسد باب الغيب عما في الوجود المقيد مما حواه الوجود المطلق و المشية مما تفور به فوارة القدر و البداء من اثار ذلك الاسم الذي هو صبح الازل و هذه الشجرة صورة للشجرة الكلية المباركة.

و في مقابلة هذه الشجرة التي هي شجرة المزن شجرة تخرج في اصل الجحيم طلعها كأنه رؤس [رؤوس خ‌ل@] الشياطين تنبت في سجين طينة خبال ارض الجحيم اصلها لا علي قرار و اول نبات ورقها تحت الثري التي [الذي خ‌ل] لايعلمه الا اللّه و تتم تلك الورق في الثري فيتصلصل قطرها في الطمطام و يتصاعد كالابخرة من بين معترك تلك المركبات الخبيثات فيأخذ في ادبارها صاعدة لتلاطم امواج بحور تلك المركبات و يتكون في دركات النيران و تنسحق في عواصف الريح العقيم و تتعفّن بالبحر الاجاج و يحيي بحيوة الهالكين و تكوّر في محول السنين و ترتسم في سجين و تأتلف [تألف خ‌ل] بين الزمهرير و السعير ثم تتخطّفها جنود الشياطين و تسير بها في كل واد سحيق من السبع الارضين حتي تظهر في النبات و الثمار و البقولات فما اكلها احد مؤمن او كافر الا و خرج من صلبه كافر لعين و تلك هي الشجرة الخبيثة اجتثت من فوق

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 141 *»

الارض ما لها من قرار و هي كلمة الكفر الاولي و كلمة الكفر الاخري من فروعها كما ان تلك الشجرة الطيبة بعكسها في كل ما لها و تصرف في تأويل ذلك علي اي معني اذا عرفت الارض و جهات التصرف كما رواه في معاني الاخبار عن داود بن فرقد قال سمعت اباعبداللّه7 يقول انكم افقه الناس اذا عرفتم معاني كلامنا انّ الكلمة لتصرف علي وجوه فلو شاء انسان لصرف كلامه كيف شاء و لايكذب هـ.

و اما الشجرة الملعونة فهي الشجرة الخبيثة باطناً ولكنها لما قال فيها و الشجرة الملعونة في القران لان اكلها ليس من اصحاب اليمين الذين قال اللّه لنبيه9 في حقهم فسلام لك من اصحاب اليمين بل هم ممن قال تعالي انّ الذين يؤذون اللّه و رسوله لعنهم اللّه في الدنيا و الاخرة و هم رؤس [رؤوس خ‌ل] الشياطين و هم ثمرها قال تعالي طلعها كأنّه رؤس الشياطين فبلعنهم سميت الشجرة الملعونة المطرودة من الرحمة بعد ان قربت بالادبار الي مكان [امکان خ‌ل] الاقبال و عرضت عليهم الرحمة فلم‏يقبلوا فطردهم عن الرحمة عبارة عن ايجاب حكم مقتضي عدم قبولهم لها فان من لم‏يقبل مايقرّبه فقد ابعد نفسه لتركه القرب و باصلها في الخبيث و عدم تحققها في اصل الوجود و انما هي موجودة بالعرض و انما وجودها دعوي بلاحقيقة و لا برهان لها فبذلك كانت خبيثة فالطيبة اصلها ثابت و الخبيثة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار يثبّت اللّه الذين امنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الاخرة و يضل اللّه الظالمين و يفعل اللّه ما يشاء فمعني يضل اللّه الظالمين ايجاب الحكم عليهم بمقتضي شأن بدئهم في علم الغيب و هو ابعادهم انفسهم بتركهم ما يقربهم فافهم. و عن ابي‏عبداللّه7 انّه9 رأي قروداً اربعة‌عشر قد علوا منبره واحداً بعد واحد فلما (اصبح ظ) قصّ رؤياه علي اصحابه فسألوه عن ذلك فقال9 تصعد منبري هذا بعدي جماعة من قريش ليسوا لذلك اهلاً قال الصادق7 هم بنواميّة هـ و قيل هي شجرة الزقوم و قيل هي السكوت (السکون) لا اصل لها ثابت و لا فرع له ثابت و قيل هي شجرة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 142 *»

الحنظل و بالجملة فالمقصود موجود.

قال سلّمه اللّه تعالي: و الواد المقدس و الارض المقدسة.

قد مضت الاشارة الي هذا كما قلنا سابقاً ان الواد المقدسة القلب السليم المملو بالرضا و التسليم و الارض المقدسة النفس المطمئنة الراضية المرضية الوادي المقدس بيت التوليد و التناكح و الانوار الفرفيرية و الارض المقدسة الجسد الجديد.

قال سلّمه اللّه تعالي: و التسعة المفسدة في الارض و العشرة الجبال و الجبل الذي كلم اللّه عليه موسي تكليماً و قدس اللّه عليه عيسي تقديساً و اتخذ ابرهيم خليلاً و محمداً حبيباً و الطيور الاربعة و الثلثين اليوم و الاتمام بالعشرة و النعل الذي خلعه موسي و الاثني‏عشرة في عدة الشهور و الاربعة الحرم.

اقول: التسعة المفسدة في الارض اعداء الصالح7 اشارة الي المولود الكريم الصالح يخرجون من الارض و يهلكون في تسع تساقي كل واحد في تسقية الاول و الثاني و الثالث بقدر ربع الارض و الستة الباقية كل بقدر سدس الارض و في كل واحد يخرج مفسد و يهلك في ثلثة ايام اليوم الاول يوم التزويج و المعدن و الثاني يوم الجواري و النبات و الثالث يوم التركيب و الحيوان فقال تمتّعوا في داركم ثلثة ايّام ذلك وعد غير مكذوب فاصبحوا في الاول مصفرة وجوههم و في الثاني محمرة و في الثالث مسودة و هكذا [هذا خ‌ل] حكم و طبع و ان خالف المحسوس و اسماء هذه التسعة قدار بن سالف و مصدع بن مهرج و اخوه و اب بن مهرج و غنم بن غنم و عمير بن كرديه [کورية خ‌ل] و عاصم بن مخرمة [محزمة خ‌ل] و سبيط بن صدقة و سمعان بن مصفي و الهذيل بن عبد رب فاما اليوم الاول من الثلاثة فيخرج فيه من الارض ثلثة و الثاني ستة و اليوم الثالث يهلك في اوله ثلثة في ثلث تساقي فيظهر القمر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 143 *»

المنير و في اخره يهلك الستة الباقية في ست تساقي فيظهر المولود بكسوة الفرفير و هو المولود الصالح.

و كان هذه التسعة المفسدة خلف تسعة من الجبال العشرة و عن شمائلهم حتي ان كل جبل يمينه مصلح و شماله مفسد و الجبال العشرة اكبرها الطفها و ابقاها و هو قلب المؤمن و محدد الجهات و الصاقورة العليا و مركب العلل و علوم الكيف و اللّم و عرش الاستواء الرحماني و المنظر الاعلي و الثاني صدر العلم قال تعالي بل هو ايات بيّنات في صدور الذين اوتوا العلم و الكرسي الواسع للسموات و الارض و الكتاب المسطور و الثالث سماء الامان و سلّم الايمان و برج كيوان و جبل ظهور النور و الاستعلان و مطيع الرحمن و طريق الجنان و الرابع خزانة [خزنة خ‌ل] العلم و وعاء الحكم و مظهر العلم و حجاب الزبرجد و فلك الكوكب الاسعد و الخامس جبل السطوة و مظهر القهر العزرائيلي و الحجاب الاحمر و السادس جبل الهيولي الثانية و منبع الوجود الفياض و السابع جبل الاكوان الملكوتية المحفوظة في الخزائن الالهية و الثامن جبل الهياكل الرقمية المنزلة بالقدر المعلوم و التاسع جبل الحيوة التي حييت بظله الحيوانات و العاشر جبل الطور و القاف المذكور و هذه الجبال العشرة عاشرها حاملها و تاسعها مثل العاشر و العاشرة علي ظهر التاسع و هما سواء و الثامن و السابع يجمعهما في الظاهر مقدار واحد و الستة الباقية يجمعها مقدار واحد في الظاهر الا ان لكل واحد من هذه العشرة حكماً و يكون له و به طبع غير الاخر و العاشر يجمعها و يضمها اليه

و ذلك معني قولهم ان واحداً          سيغلب تسعاً من بنات البطارق

و لاريب ان جبل قاف محيط بالدنيا. و اما الجبل الذي كلم اللّه عليه موسي فهو جبل طور سيناء و جبل حوريث فتفقّده بكل معني فقد مر الي جميعها الاشارة. و اما الجبل الذي قدس عليه عيسي فهو جبل ساعير كذلك و قيل ساعير

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 144 *»

جبل بالحجاز يدعي جبل الشراة كان عيسي علي نبيناواله و عليه‌السلام يناجي اللّه تعالي عليه و عنده اجابة الدعاء و قيل ساعير قبة كانت مع موسي علي نبيناواله وعليه‌السلام كالتخت للملك.

و اما الجبل الذي اتخذ اللّه عليه ابرهيم عليه و علي محمد و اله السلام خليلاً يعني الذي ظهر له عليه فهو الربوة من مني في مسجد الخيف او في ايليا و هي مدينة القدس او في جبل فلسطين عند بئر شيع و هو البئر الذي حفره و بني عنده مسجداً. و اما الجبل الذي ظهر فيه محمّد9 فهو جبل فاران من جبال مكة بينه و بينها يوم [کذا في الخبر عن الرضا7 خ‌ل] ظهر فيه بربوات المقدسين فوق احساس الكروبيين.

و الطيور الاربعة ديك و غراب و طاوس و نسراً و حمامة و الوانها احمر و اصفر و ابيض و اسود و طبايعها حرارة و رطوبة و برودة و يبوسة و عناصرها نار و هواء و ماء و تراب و ملائكتها جبرئيل و اسرافيل و ميكائيل و عزرائيل و سفليّها المذهب و ميمون و ياقوت و زويعة [رويعة خ‌ل] و المراد بالطيور الاربعة المأمور بذبحها اعداؤك اذا ذبحتها حييت لك اصدقاء ناصحين ديك شهوة هواك و غراب حرص شيطانك و طاوس زينة دنياك و نسر عجب نفسك.

و اما الثلثون اليوم فهي ذوالقعدة التي صامها موسي7 في طور سيناء لتلقي التورية لان يوم الاول للعشرة المشار اليها بالجبال يوم طبايعها و الثاني هو الذي خلقت فيه عناصرها و الثالث هو الذي نمت فيه نباتاتها [نباتها خ‌ل] فهذه ثلثون يوماً و اما الاتمام بالعشر فهو بعشر ذي‏الحجة و هي اليوم الرابع لتلك العشرة الجبال و في هذا اليوم حيوة تلك الجبال و هي التي اقسم اللّه بها حيث قال تعالي و الفجر و ليال عشر و الشفع و الوتر و الليل اذا يسر فالفجر فجر جمع و هو المشعر [و المشعر خ‌ل] ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود ان قرآن الفجر كان مشهوداً و هو الامام المستشهد [الشهيد خ‌ل] في

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 145 *»

نينوي تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار و ملائكة السلم و ملائكة النصر و الليالي العشر الحسن و التسعة من ذرية الحسين7 اخيه قعدوا كما امروا و الشفع هو الزوج و هو علي7 لان العصر هو الضم قال تعالي و العصر ان الانسان لفي خسر و الوتر رسول‌اللّه9 و هو البرزخ بين البحرين الممزوجين. و الشفع يوم التروية و الوتر يوم عرفة. فافهم و الليل اذا يسر فاطمة3 عاشت بعد ابيها اربعين يوماً او خمسة و سبعين يوماً او ما شاكلها من المدة القليلة فهذه العشر [العشرة خ‌ل] تمام الميقات فنزلت التورية بعد الميقات و كان قد اخفاها موسي7 عن بني‏اسرائيل فتنة لهم و ذلك عن امر سبق من اللّه و الا فقد وعده اللّه بالاربعين ثم وعده بالثلثين و اتمها بعشر و امر بكتمانها استنطاقاً لما فيهم مما علِمَه منهم كما اقتضته ذواتهم من علمه بهم فكانت هذه العشرة حيوة الثلثين كل واحد منها حيوة ثلثة و تلك الثلثة جبل من الجبال العشرة غير تام يعني لم‏تنشأ خلقاً اخر الا بواحد من هذه العشرة.

و اما النعل الذي خلعه موسي7 فروي سعد بن عبداللّه القمي فيما سأل به صاحب‏الزمان7 انه قال ان موسي كان بالواد المقدس فقال يا ربّ اني اخلصت لك المحبة مني و غسلت قلبي عمن سواك و كان شديد الحب لاهله  فقال اللّه تبارك و تعالي اخلع نعليك اي انزع حب اهلك من قلبك ان كان محبتك لي خالصة و قلبك من الميل الي من سواي مشغولاً الحديث. و من روي انه كان من جلد حمار ميت فليس علي ظاهره لترفع مقام موسي عن ذلك كما ذكره الحجة7 و انما هو كناية عن صفة ظاهرة. و انما قيل جلد حمار لانها عرضية و الحمار كناية عن البليد و الميت كناية عن الهالك و هي صفوريا بنت شعيب لخبثها و خروجها علي وصيه يوشع و قتالها له ظالمة له فلعدم انتفاعها بصحبة موسي [و قربه خ‌ل] مع ما تشاهد من المعجزات كانت كمثل الحمار يحمل اسفاراً و الاسفار اسفار التورية يعني حاملها فلما خلعهما كانتا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 146 *»

عقربين لانهما سنخ النمام و صفته فلما القيهما الانسان من صحبة الانسانية جري عليهما المسخ فجري ميل قلبه و ميل نفسه اليهما حين القيهما فمسخا بذلك الامر الالهي [و سنته خ‌ل] سنة و مثلاً للاخرين سنة اللّه في الذين خلوا من قبل و لن‏تجد لسنّة اللّه تبديلاً و قد جري كما تري فافهم.

و اما الاثني‌عشر في عدة الشهور فان المراد بها قصبة الياقوت و الاصل ان الشمس تجري في الفلك و تقطعه في اثني‏عشر شهراً مثال لظهور شمس الوجود التي هي وجه الواجب في هذه البروج الاثني‏عشر و ذلك لان الاسم المشاراليه كان علي اربعة اركان فاخفي اللّه منها واحداً و اظهر ثلثة لفاقة الخلق اليها و لكل واحد من تلك الثلثة اربعة اركان الخلق و الرزق و الموت و الحيوة فهذه اثني‏عشر ركناً و لكل ركن ثلثون اسماً فهذه ثلثمأة و ستون اسماً و هذه الاثني‏عشر البروج و هي الاشهر الاثني‏عشر و الائمة الاثني‏عشر الذين تظهر فيهم الولاية الكبري الازلية بتمامها في الظهور واحداً بعد واحد و الاربعة الحرم ذوالقعدة و ذوالحجة و عاشورا و رجب ثلاثة سرد و واحد فرد علي و الحسن و الحسين و الفرد الحجة سلام‌اللّه‌عليهم اربعة اشهر امروا بالقعود فيها عن القتال فلم‏يمتثلوا و قاتلوا فيها اولياءاللّه فلذلك قال اللّه تعالي ذلك الدين القيّم فلاتظلموا فيهن انفسكم فالاول من الاربعة ذوالقعدة و فيه دحو الكعبة و ذلك هو علي7 و الثاني ذوالحجة و هو الحسن7 و الثالث المحرم و هو الحسين7 و الرابع رجب و هو الحجة7 قال7 ياعجبا كل العجب بين جمادي و رجب قال يااميرالمؤمنين ماهذا العجب الذي لاتزال تعجّب منه؟ قال ثكلت الاخر امّه و اي عجب يكون اعجب من اموات يضربون هام الاحياء الحديث.

و اما قوله و الايام في قولهم: لاتعاد الايام فتعاديك فالمراد بها الاركان الاثني‏عشر من الاسماء الثلاثة اعني اللّه العلي العظيم و ذلك ان الوجود الذي هو الرابطة بين الظهور و البطون ظهر الحق فيه به له فكان ذلك الظهور في اربعة‌عشر يوماً كل يوم بعد يوم علي سبيل البدلية و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 147 *»

الانتقال و هي في الحقيقة وصل و جمع و جمع جمع و وحدة بل احدية و تلك المراتب باعتبار الكثرة هي مثاني السبعة الايام في الاسبوع فاما باعتبار ايام الشأن و ايام الايلاج و اما باعتبار الليل و النهار و اما باعتبار الحركة القسرية و الحركة الاختيارية و اما باعتبار الغيب و الشهادة و اما باعتبار السيادة و العبودية الي غيرذلك فالمراد بالايام مقامات اللّه التي لاتعطيل لها في كل مكان و مظاهره في مراتب الوجود بها و معناها آل‏محمد صلوات اللّه عليهم.

روي الصدوق رحمه الله باسناده الي الصقر بن ابي دلف انه سأل اباالحسن الثالث7 حين سأله المتوكل عن قول النبي9 لاتعادوا الايام فتعاديكم ما معناه؟ قال7 نعم الايام ‏نحن ماقامت السموات و الارض فالسبت اسم رسول‌اللّه9 و الاحد اميرالمؤمنين7 و الاثنين الحسن و الحسين و الثلثاء علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و الاربعاء موسي بن جعفر و علي بن موسي و محمد بن علي و انا و الخميس ابني الحسن و الجمعة ابن ابني و اليه تجتمع عصابة الحق فهذا معني الايام فلاتعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الاخرة. و رواه بطريق اخر و رواه هبة‌اللّه الراوندي في كتاب الخرايج و الجرايح و فيه قال نعم انه لحديث رسول‌اللّه9 و اما السبت فرسول اللّه و ساق الحديث و في اخره و الجمعة القائم منا اهل‏البيت صلوات اللّه عليهم هـ .

قال سلّمه اللّه تعالي: و في قولهم تحذّر من الايام سبعاً كواملاً.

اقول: المراد بها ايام الشهر المعروفة بين الناس و هذه السبعة الايام التي هي الثالث و الخامس و الثالث‌عشر و السادس‌عشر و الاحد و العشرون و الرابع و العشرون و الخامس و العشرون و يستولي عليها حكم رجال الغيب فلايكاد يصلح فيها عمل كما روي عن الصادق7 مما هو مذكور في محله و ذكر شي‏ء منها يطول به الكلام و هذه السبعة وردت في الشهر.

و ورد في السنة اثني‏عشر يوماً كل شهر يوم. و روي عن الصادق7 ان في السنة اثني‏عشر يوماً من اجتنبها نجا و من وقع فيها هوي فاحفظوا و في كل شهر منها

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 148 *»

يوم ففي المحرم الثاني و العشرون و في صفر العاشر و في ربيع‏الاول الرابع و في ربيع‏الثاني و جمادي‏الاولي الثامن و العشرون و في جمادي‏الثانية و رجب الثاني‌عشر و في شعبان السادس و العشرون و في رمضان الرابع و العشرون و في شوال الثاني و في ذي‏القعدة الثامن و العشرون و في ذي‏الحجة الثامن هـ . و ورد في كل شهر يومان روي عن اميرالمؤمنين7 كما نقله المحدث الكاشاني انه7 قال ان في السنة اربعاً و عشرين يوماً نحسات رديات لايتم الامر الذي شرع فيها و لايعيش الطفل الذي ولد فيها و لايظفر الغازي الذي غرا فيها و لاتنمو الشجرة التي غرست فيها و في كل شهر منها يومان. ففي المحرم الحادي‌عشر و الرابع‌عشر و في صفر الاول و العشرون و في ربيع‏الاول العاشر و العشرون و في ربيع‏الثاني الاول و الحادي‌عشر و في جمادي‏الاولي الاول و الحادي‌عشر و في جمادي‏الثانية الاول و الحادي‌عشر و في رجب الحادي‌عشر و الثالث‌عشر و في شعبان الرابع مع العشرين و في رمضان الثالث مع العشرين و في الشوّال السادس و الثامن و في ذي‏القعدة السادس و العاشر و في ذي‏الحجة الثامن مع العشرين هـ . فعلي هاتين الروايتين يكون في الشهر ثمانية او تسعة او عشرة و قد تزيد ككون القمر في العقرب و غيرها و ككون سلوك الطريق في مقابلة رجال الغيب حتي ينصرفوا عنها ذلك اليوم و غيرذلك مما هو مذكور في محله.

قال سلّمه اللّه تعالي: و في قولهم عادانا من كل شي‏ء شي‏ء حتّي من الطيور العصفور و في الايام الاربعاء.

فاقول: قد روي محمد بن مسلم عن ابي‏جعفر7 ذلك في شأن العصفور و ان العصافير من سنخ الثاني فلما اتته تستسقيه قال7 لها لا و لا كرامة و في رجوعه احاطت به و قد خالطها القنابر فسقاها

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 149 *»

لاجلها و امثال ذلك مما ورد فيها.

و اما يوم الاربعاء فلعل المراد منه اربعاء لايعود كما يدل عليه ما نقل عن الرضا7 عن آبائه عن اميرالمؤمنين: انّ رجلاً قام اليه فقال يااميرالمؤمنين و اخبرنا عن يوم الاربعاء و تطيّرنا منه و اي اربعاء هو؟ فقال اخر اربعاء في الشهر و هو المحاق و فيه قتل قابيل هابيل اخاه و يوم الاربعاء القي ابرهيم7 في النار و يوم الاربعاء وضعوه في المنجنيق الحديث. و عن ابي‏الحسن الرضا7 يقول يوم الاربعاء يوم نحس مستمرّ و روي عن النبي9 بعد ان قال الاربعاء نحس مستمرّ و سئل عن ذلك قال ان اللّه جل‌ جلاله رفع اركان جهنم يوم الاربعاء و ربّع زواياها و اشدّ حرها يوم الاربعاء و ماانزل اللّه من السماء الي الارض رجساً و لا غضباً و لا نقمة الا في يوم الاربعاء. و روي عنه9 انّه قال لعلي7 احذروا يوم الاربعاء فانّه نحس الاّ للطبّ و الادوية.

ثمّ اعلم ان الجمع بين هذين الحرفين الماضيين احدهما لاتعادوا الايّام فتعاديكم و ثانيهما تحذّر من الايام سبعاً كواملاً و حتي من الايام الاربعاء ظاهر لمن تدبر ما مضي من الاشارة من ان الايام المنهي عن معاداتها هم الائمة الاثني‌عشر: و ان المأمور بالتحذر منها هذه الايام المنحوسة المشاراليها كما مر ظاهراً و باطناً هي الايام المنحوسة التي يجب معاداتها فافهم. و روي الطبرسي في اماليه باسناده الي جعفر بن محمّد7 قال قال7 السبت لنا و الاحد لشيعتنا و الاثنين لبني‏امية و الثلثاء لشيعتهم و الاربعاء لبني‏عباس و الخميس لشيعتهم و الجمعة للّه عزوجل الحديث. فاشار7 الي بعض الايام المنحوسة هنا. و انما خص الاربعاء في ذلك بالمعاداة لما فيه من كمال المطابقة ظاهراً و باطناً فان اهل الاربعاء كان فعلهم افظع و هي اربعاء لاتعود اذ ليس بعد ذهاب سلطانهم لهم سلطان و هم المحاق التي غاب فيها قمر الولاية.

و اعلم ان السلامة من نحوس هذه الايام في الالتجاء الي تلك الايام التي هي درع اللّه الحصينة و ذمام اللّه الذي لايطاول و لايحاول. و اما السلامة من نحوس الايام الظاهرة فروي انّ بعض البغداديين كتب الي ابي‏الحسن الثاني

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 150 *»

7 يسأله عن الخروج يوم الاربعاء لايدور فكتب7 من خرج يوم الاربعاء لايدور خلافاً لاهل الطيرة وقي كلّ افة و عوفي من كلّ عاهة و قضي اللّه له حاجته هـ . و اعلم ان يوم الاربعاء لعطارد و هو يكون مع النحس نحس و مع السعد سعد فلذلك كان الاربعاء علي اتباع اهل النحوس من حيث هم اتباع نحوس و علي اتباع اهل السعود من حيث هم اتباع سعود و هذه الحيثية صدقة و اعتقاد و يقين و تفويض و دعاء. فعن الصادق7 قال تصدق و اخرج اي يوم شئت. و روي حمّاد بن عثمان قال قلت لابي‏عبداللّه7 ايكره السفر في شي‏ء من الايام المكروهة مثل الاربعاء و غيره؟ فقال7 افتح سفرك بالصدقة و اخرج اذا بدا لك و اقرء آية الكرسي.

و روي عن سهل بن يعقوب الملقب بابي‌نواس انه قال قلت لابي‏الحسن علي بن محمد العسكري يا سيدي انه قد وقع الي اختيارات عن الصادق7 ماحدثني به عبداللّه بن الحسن بن مطهّر عن محمد بن سليمان الديلمي عن ابيه عن الصادق7 في كل شهر فاعرضه عليك قال افعل. فلمّا عرضته عليه و صححه قلت له يا سيدي في اكثر هذه الايام قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من النحس و المخاوف فدلني علي الاحتراز عن المخاوف فيها فربما تدعوني الضرورة الي التوجه الي الحوائج فيها. فقال7 يا سهل ان لشيعتنا بولايتنا عصمة لو سلكوا بها في لجج البحار الغامرة و سباسب البيداء الغائرة بين سباع و ذئاب و اعادي الجنّ و الانس لامنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا فثق باللّه عزوجل و اخلص في الولاء لائمتك الطاهرين و توجّه حيث شئت يا سهل اذا اصبحت و قلت ثلاثاً اصبحت اللّهم معتصماً بذمامك المنيع الذي لايطاول و لا يحاول الي اخر الدعاء الي قوله7 فاغشيناهم فهم لايبصرون و لاحول و لاقوه الا بالله العلي العظيم و قلتها عشيّاً ثلاثاً دخلت في حصن من مخاوفك و امن من محذورك و اذا اردت التوجه في يوم حذرت فيه فقدّم امام وجهك الحمد و المعوّذتين و الاخلاص و اية الكرسي و سورة القدر و خمس ايات من ال‏عمران ثم قل: اللّهمّ بك يصول الصائل و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 151 *»

بقدرتك يطول الطائل و لاحول لكل ذي‏حول الا بك و لاقوة يمتارها ذوقوة الا منك بصفوتك من خلقك و خيرتك من بريتك محمّد نبيك و عترته و سلالته عليه و: و صلّ عليهم واكفني شر هذا اليوم و ضره و ارزقني خيره و يمنه و اقض لي في متصرفاتي بحسن العاقبة [العافية خ‌ل] و بلوغ المحبة و الظفر بالامنية و كفاية الطاغية الغوية و كل ذي‏قدرة لي علي اذية حتي اكون في جنة و عصمة من كلّ بلاء و نقمة و ابدلني من المخاوف فيه امناً و من العوايق فيه يسراً حتي لايصدني صادّ عن المراد و لايحل بي طارق من اذي‏العباد انك علي كل شي‏ء قدير و الامور اليك تصير يا من ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير انتهي. فتأمّل هذا الخبر الشريف و ما اشتمل عليه من الارشاد في حصول النجاة و السلامة من حسن الاعتقاد و اليقين فيهم و الاعتماد فافهم.

قال سلّمه اللّه تعالي: و ما الكلمة في قوله و تمّت كلمة ربك الحسني. كلّا انّها كلمة هو قائلها. اليه يصعد الكلم الطيب و الكلمات التامّات و التي تلقّيها آدم من ربه و الاسماء التي علمها ادم الي غير ذلك من الكلمات القرانية. الكلمة الحسني التامة علي بني‏اسرائيل هي وعد اللّه لهم بان يهلك عدوهم و يستخلفهم في الارض و هي تأويل قوله تعالي و جعلها كلمة باقية في عقبه فبني‏اسرائيل آل‏محمّد و الكلمة الولاية و خاتم الولاية و هم الذين استخلفهم بما صبروا و جعلهم ائمة و جعلهم الوارثين و لقد كتبنا في الزبور بعد الذكر انّ الارض يرثها عبادي الصالحون.

و اما الكلمة التي هو قائلها هي كلمة سائل الرجعة اذا بدا له سوء اعماله اذا حمل الي قبره و شاهد ما هو قادم عليه قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحاً فيما تركت فيرد عليه الموكلون كلاّ انها كلمة هو قائلها و ذلك انه تقوّل كلمة الذين كفروا السفلي و انكر كلمة اللّه العليا. و اما صعود الكلم الطيب اليه فبما تحفه من جنود اللّه النور و اولي المراكز العليا منه بدئت و اليه تعود بالكمال. و الكلم الطيب كلمة الشهادتين و الصلوات الخمس [العلوية خ‌ل] و العلوية البيضاء و المقربون من اهل محبته و غير

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 152 *»

ذلك من الاعمال الصالحة و العاملين و الصالحين.

و اما الكلمات التامات و هي اللّه النور و الزين و الجمال و العماد و القوام و الصريخ و الغياث و المفرّج و المروّح و المجيب و الاله و الرحمن الرحيم و الكاشف و المنزول به الحوائج. و في مناقب ابن شاذان عن الحارث و سعد بن قيس عن علي بن ابي‏طالب7 قال قال رسول اللّه9 انا واردكم علي الحوض و انت يا علي الساقي و الحسنالرائد و الحسين7 الامر و علي بن الحسينالفارط و محمد بن عليالناشر و جعفر بن محمّدالسائق و موسي بن جعفر7 محصي المحبين و المبغضين و قامع المنافقين و علي بن موسي الرضا7 منير المؤمنين و محمد بن علي7 منزل اهل الجنة في درجاتهم و علي بن محمّد7 خطيب الشيعة و مزوجهم بحورالعين و الحسن بن علي7 سراج اهل الجنة يستضيئون به و الهادي7 شفيعهم يوم‏القيمة حيث لايأذن اللّه الا لمن يشاء و يرضي.

و فيه عن عبداللّه بن عمر بن الخطاب قال قال رسول اللّه9 لعلي بن ابي‏طالب صلوات اللّه عليه يا علي انا نذير امتي و انت هاديها و الحسن7 قائدها و الحسين7 سائقها و علي بن الحسين7 جامعها و محمد بن علي7 عارفها و جعفر بن محمد7 كاتبها و موسي بن جعفر7 محصيها و علي بن موسي الرضا7 معبّرها و منجيها و طارد مبغضيها و مدني مؤمنيها و محمد بن علي7 قائمها و سائقها و علي بن محمّد7 سائرها و عالمها و الحسن بن علي الهادي7 ناديها و معطيها و القائم الخلف7 ساقيها و مناشدها ان في ذلك لايات للمتوسمين و هي الكلمات التامّات التي لايجاوزهن برّ و لا فاجر.

و اما التي تلقّيها ادم من ربه فقيل هي كلمات علّمه جبرئيل و هي ربنا ظلمنا انفسنا و في تفسير القمي في الصحيح عن ابان بن عثمان عن ابي‏عبداللّه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 153 *»

7 الي ان قال و علّمه يعني جبرئيل الكلمات التي تلقّيها من ربه و هو: سبحانك اللهم و بحمدك لا اله الا انت عملت سوءاً و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي فاغفر لي انك خير الغافرين سبحانک اللهم و بحمدک لا اله الا انت عملت سوءاً و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي فاغفر لي انک انت التواب الرحيم. بقي الي ان غابت الشمس يعني في يوم عرفة رافعاً يديه بها فلما اصبح قام علي المشعر فدعا اللّه تعالي بكلمات فتاب عليه الحديث. و روي انهم اسماء اصحاب الكساء هـ او انوارهم التي في صلبه و هي الكلمات التامات التي مضت الاشارة الي بعض مقاماتها.

و اما الاسماء التي علمها ادم7 فاسماء المخلوقات او مسمياتها او اسماء الكلمات التي تلقّيها منه او مسمياتها المدلول عليها بالاسماء اريها و لم‏ترها الملائكة.

و اما قوله الي غيرذلك من الكلمات القرانية فجوابه ان الكلمة [الکلمات القرانيه خ‌ل] تطلق علي اللفظة و علي اللفظ الكثير و علي الذوات و علي الصفات و علي القوي و علي جميع ما في الوجود جملة و تفصيلاً و كل كلمة في اية فان تلك الاية متكفلة ببيان ما اريد منها لفظاً او معني او اشارة او ايماء او تأويلاً الي غير ذلك فحرّك تجد.

قال: و ما الصلوة الوسطي؟ و الصراط المستقيم؟ و ما الليالي العشر و الشفع و الوتر؟ و ما المدهامتان؟ و ما سدرة المنتهي؟ و ما جنة المأوي؟ و ما رأي محمّد9 حين رأي؟

اقول: اما الصلوة الوسطي فلها اطلاقات تختلف باعتبار حيثيات فالوسطي باعتبار الاولوية و الافضلية صلوة الظهر كما روي عنهم: اذ الاوسط هو الافضل و الوسطي باعتبار وسط الصلوات التي اولها الصبح و اخرها العشاء و هي بهذا الاعتبار صلوة العصر كما في صحيحة عبداللّه بن سنان و غيرها. و باعتبار العدد كثرة و قلّة و باعتبار ترتيب الطبيعي صلوة المغرب فانها ثلاث لا اربع و لا اثنتان و هي فاطمة3 و هي الوسطي في

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 154 *»

اصحاب الكساء امر اللّه بالمحافظة علي مودتها و القيام الي نصرتها عند غروب شمس النبوة و لان اول صلوة فرضت الظهر فتكون الوسطي هي المغرب فلذا كان وقتها واحداً و وقتها وجوبها اشعاراً في ضيق وقتها بوجوب المبادرة اليها و الاهتمام بها و ضيق وقتها يقتضي الامر بالمحافظة عليها. و باعتبار احترامها و التاكيد فيها بحيث علي ناسيها صيام غده كفارةً لنسيانه لها و ليس لغيرها هذه المزية و ذلك مناسب للامر بالمحافظة عليها هي صلوة العشاء. و باعتبار انها تشهدها ملائكة الليل و النهار فتكتب مرتين هي صلوة الصبح و لذا لم‏يزد فيها اعتماداً علي هاتين المرتين اشعاراً بسرعة البدار اليها لذلك اعتناءً بها و اهتماماً بشأنها. فبهذه الاعتبارات و الادلة اختلف في ايّها هي و هي من الاربعة التي اخفيت في اربعة. و قيل هي صلوة الجمعة و قيل هي الصلوات اليومية في ساير الصلوات.

و اما الصراط المستقيم فهو الطريق الي اللّه من جميع اوامره و نواهيه و معرفة الامام و في تفسير القمي عن ابي‏عبداللّه7 في قوله تعالي الصراط المستقيم قال هو اميرالمؤمنين7 و معرفته و فيه عنه7 في وصفه له فقال الف سنة صعود و الف سنة هبوط و الف سنة حدال و المراد بالحدال بالمهملتين الميل و الانعطاف كالقوس لتتمّ بالصراطين الظاهر و الباطن الدورة الوجودية من قوس الحروف الكونية و قوس الاسماء الوجودية و يلتقي العين في قاب قوسين.

و فيه عنه7 هو ادقّ من الشعر و احدّ من السيف منهم من يمرّ عليه مثل البرق و منهم من يمر عليه مثل عدو الفرس و منهم من يمر عليه ماشياً و منهم من يمر عليه حبواً و منهم من يمر عليه متعلقاً فتأخذ النار منه شيئاً و تترك شيئاً. اقول: انما كان ادق من الشعر لانه سطر قلم الابداع و لذلك يكون علي اصحاب الافئدة الذين مرّ بعض وصفهم اوسع مما بين الارض و السماء. و انما كان احدّ من السيف لانه يشق الاقدام الا لمن خفّ من كثافة بشريته و ثقلها و ما ذكر عليه من احوال السائرين عليه غير خفي علي ذوي الالباب.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 155 *»

و اما الليالي العشر و الشفع و الوتر فقد مرّت الاشارة اليها فلا حاجة الي اعادته و لا الي الزيادة خوف الاطالة.

و اما المدهامتان فهما جنتان تكونان للمقربين في الدنيا اذا ماتوا اوت ارواحهم اليهما. و في حديث المفضل بن عمر انها تظهر في اخر الرجعات عند مسجد الكوفة و ماوراء ذلك بما شاء اللّه و هي الجنة التي هبط منها ادم7. وصفتا بالمدهامتين لشدة خضرتهما و ذكر المفسرون انهما جنة اصحاب اليمين في الاخرة. و الحق انها للمقربين و لمن تبعهم في محض الايمان من اصحاب اليمين و المراد بهم الخاصّون في الدنيا و هي جنة البرزخ الا انها ظاهر لجنة الخلد. و اذا اردت الدليل و البيان فتدبر قوله تعالي جنّات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب انّه كان وعده مأتيّاً لايسمعون فيها لغواً الا سلاماً و لهم رزقهم فيها بكرةً و عشيّاً و لاريب ان البكرة و العشي انما يكون في الدنيا لا في الاخرة مع انه قال جنات عدن و ذلك لان هذه ظاهر تلك و لذا قال تلك الجنّة التي نورث من عبادنا من كان تقيّاً يعني في الاخرة فتدبّر تفهم.

و اما سدرة المنتهي فالشجرة الكلية و شجرة العلم و شجرة الاسماء و الصفات و شجرة الحروف الكونية و سدرة المنتهي شجرة في السماء السابعة غشيها نور محمّد9 ليلة المعراج و كان لجبرئيل7 ستمأة جناح و قيل ستمأة الف جناح فغمس نفسه في عين‏ الحيوان فانتفض فخلق اللّه من كل قطرة من كل ريشة ملكاً علي هيئة الجراد من الذهب فيصعدون الي سدرة المنتهي و يغشونها فيسبّحون اللّه بلفظ واحد سبحان الملك القدوس ذي‏الجلال و الاكرام. و قيل سدرة المنتهي شجرة طوبي اغصانها من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و سمّيت بذلك لانتهاء كل ملك مقرب اليها و نبي مرسل و هي في السماء السادسة و السابعة. و قيل الذي يغشيها فراش الذهب. و قيل نور مثل جراد الذهب. و اعلم ان الذهب يراد به الاعتدال و طبع الهيولي الثانية لان السدرة حكم الاولي و يغشيها حكم الثانية.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 156 *»

و اما جنة المأوي فالجنة التي تأوي اليها ارواح الشهداء و قد مرت الاشارة الي شي‏ء من ذلك.

و اما ما رأي محمّد9 حين رأي فانه رأي جبرئيل7 في صورته التي خلقه اللّه عليها مرتين احدهما بالافق الاعلي اي مطلع الشمس علي ساقه الدر مثل القطر علي البقل له ستمأة جناح قد ملأ ما بين السماء و الارض. و ثانيهما في السماء السابعة عند سدرة المنتهي كما مر و الذي رأي محمّد9 رأي ان‏ينصب علياً خليفته علي امته مازاغ البصر و ما طغي. لقد رأي من ايات ربّه الكبري قال علي7 ليس للّه اية اكبر منّي و لا نبأ اعظم منّي.

قال سلمه الله: و ما النفس الناطقة في الانسان و ما النفس الكلية في العالم الكلي و النفس المطمئنة و النفس الامارة و النباتية؟ وليكن الحق مترتّباً ليس علي قدر ما رتّبناه بل علي حسب ماتراه من الترتيب بعبارة يؤخذ منها التفاسير الستة وليكن غيرمطلوب عليك اذا عبّرت بعبارة فقل هذا علي حسب الظاهر و ان شئت قلت كذا علي ظاهر الظاهر و ان شئت قلت كذا و هلم جرّاً علي مايمكن من التفاسير.

اقول: اما النفس الناطقة في الانسان فهي المعبّر عنها بقولك انا و هي المشاراليها في الحديث من عرف نفسه فقد عرف ربّه يعني ان الشي‏ء انما يعرف بصفته و قد تعرّف اليك بك و وصف نفسه لك بك. و نقل ان في الانجيل اعرف نفسك ايّها الانسان تعرف ربّك ظاهرك للفناء و باطنك انا و في الحديث القدسي خلقت الاشياء لاجلك و خلقتك لاجلي باطنك انا و ظاهرك للفناء و في كتاب الغرر و الدرر عن اميرالمؤمنين7 الصورة الانسانية هي اكبر حجة اللّه علي خلقه و هي الكتاب الذي كتبه بيده و هي الهيكل الذي بناه بحكمته و هي مجموع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الشاهد علي كل غائب و هي الحجة علي كل جاحد و هي الصراط المستقيم الي كل خير و هي الصراط

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 157 *»

الممدود بين الجنة و النار و رواه ملامحسن في قرة العيون و غيره و في جواب اميرالمؤمنين7 للاعرابي حين سأله عن الناطقة القدسية فقال7 قوّة لاهوتيّة بدء ايجادها عند الولادة الدنيوية مقرّها العلوم الحقيقية الذهنية موادها التأييدات العقلية فعلها المعارف الربّانية سبب فراقها تخلّل الالات الجسمانية فاذا فارقت عادت الي ما منه بدءت [بدئت خ‌ل] عود مجاورة لا عود ممازجة و في حديث كميل عنه7 لها خمس قوي فكر و ذكر و علم و حلم و نباهة و ليس لها انبعاث و هي اشبه الاشياء بالنفوس الملكية و لها خاصيتان النزاهة و الحكمة و عنه7 و خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكّيها بالعلم و العمل فقد شابهت اوائل جواهر عللها الحديث. و اعلم ان الكلام عليها [عليه خ‌ل] طويل و فيما اوردنا كفاية. نعم هنا حرف واحد و هي ان هذه الناطقة اول زوج تركّب من الوجود الذي هو نوراللّه و من الماهية التي هي ظل الوجود و بهذا المرکب تتحقق الانسانية فمن الوجود كونه و من الماهية انيته و هي من كينونة الحق بمنزلة الصورة في المراة من الوجه فمن عرف نفسه عرف ربه فمن عرف الصورة عرف الوجه و من عرف وصف الصورة عرف وصف الوجه.

و اما النفس الكلية فهي بمنزلة النفس الناطقة في الانسان و في حديث الاعرابي عن اميرالمؤمنين7 لما قال السائل ما النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية فقال7 قوة لاهوتية و جوهرة بسيطة حية بالذات اصلها العقل منه بدءت و عنه وعت و اليه دلّت و اشارت و عودها اليه اذا كملت و شابهته و منها بدءت الموجودات و اليها تعود بالكمال فهي ذات اللّه العليا و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنّة المأوي من عرفها لم‏يشق ابداً و من جهلها ضلّ و غوي. و في حديث كميل عنه7 و الكلية الالهية لها خمس قوي بقاء في فناء و نعيم في شقاء و عز في ذل و فقر في غناء و صبر في بلاء و لها خاصيتان الرضا و التسليم و هذه التي مبدؤها من اللّه و اليه تعود قال اللّه تعالي و نفخت فيه من روحي و قال تعالي ياايتها النفس المطمئنة ارجعي الي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 158 *»

ربك راضية مرضية و العقل وسط الكل انتهي. و هذه هي بمنزلة تلك من الانسان الجزئي الا ان تلك قبضة من هذه لان هذه هي اللوح المحفوظ و الكتاب المسطور و هي التي اشار اليها اميرالمؤمنين7 بقوله فاذا اعتدل مزاجها و فارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد و اعلم ان هذه قد يعبر عنها بالكرسي الذي هو العلم الظاهر و قد يعبر عنها بمحل المشية الالهية و ذات الذوات الي غير ذلك من اسمائها.

و اما النفس المطمئنة فقد تطلق تارة علي ما يقابل العقل بعد قتلها و تعلمها عمل العقل حتي تطمئن و تتخلق به و هذه في الاصل هي النفس الامارة فتكون بالمجاهدة لوّامة و هي التي تلوم صاحبها علي المعصية بل قد تلومه علي الطاعة و علي المعصية لما فيها من النور فاذا غلبت عليها سطوات الجبروت لامت علي المعصية خاصة و هي التي قال تعالي و لااقسم بالنفس اللوّامة فاذا استولت علي انيتها سبحات الجبروت حتي فنيت فكلوا مما امسكن عليكم فاذا حييت بالقتل كانت اخت ‏العقل و اليه الاشارة بتأويل قوله تعالي فان تابوا و اقاموا الصلوة و اتوا الزكوة فاخوانكم في الدين و نفصّل الايات لقوم يعلمون و ان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم و طعنوا في دينكم فقاتلوا ائمة الكفر انّهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون الا تقاتلون قوماً نكثوا ايمانهم و همّوا باخراج الرسول و هو العقل فاذا كانت كذلك كانت اخت ‏العقل و كانت مطمئنة اليه بذكر اللّه.

و اما النفس الامارة فهي المقابلة للعقل و هي وجه الماهية التي ماشمت رايحة الوجود و انما كانت امارة بالسوء لان الوجود ظل الكامل فهو متهيي‏ء للكمال فله نهايات هي انحاء كمالاته يميل اليها طلباً لكمالاته و الماهية ظهره وجدت بالعرض تبعاً له فلزمها ما لزمه فهي متهيئة بالطلب [لطلب خ‌ل] كمالاتها كالوجود الا ان الوجود كماله وجود و العدم كماله عدم فلها نهايات هي انحاء كمالاتها تميل اليها طلباً لكمالاتها من الشرور و الاعدام من النفس الامارة كما ان الوجود انما ينظر الي كمالاته من الخيرات من العقل فالنفس امارة بالسوء الذي هو مناسب لوجودها لذاتها.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 159 *»

و اما النفس النباتية فقوة اصلها الطبايع الاربع و [بدؤ ظ] ايجادها عند مسقط النطفة مقرها الكبد مادتها من لطايف الاغذية فعلها النمو و الزيادة و سبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارفت عادت الي ما منه بدءت عود ممازجة لا عود مجاورة عن علي7 نقله الملا في قرة العيون و الشيخ المكي في المنازل. و في جوابه7 لكميل لها خمس قوي ماسكة و جاذبة و هاضمة و دافعة و مربية و لها خاصيّتان الزيادة و النقصان و انبعاثها من الكبد انتهي. و هي قوة جسمانية لاتجرد فيها بل تقبل القطع الحسي فافهم.

و قوله بعبارة تؤخذ منها التفاسير الستة، يريد بها تفسير الظاهر و ظاهر الظاهر و الباطن و باطن ‏الباطن و التأويل و باطن ‏التأويل و قد مضي الاشارة الي بعض ذلك فشي‏ء مبين كما اريد و شي‏ء غيرمقيد ببيان و لايمكن فيه غيرذلك و يأتي من ذلك شي‏ء ان‏شاءاللّه تعالي.

قال سلمه الله تعالي: المسئلة الخامسة قول رسول‏اللّه9 اللّهم زدني فيك تحيراً مع علو مقامه و قول علي7 لوكشف الغطاء ماازددت يقيناً

اقول: يريد ما وجه‏ الجمع بين كلامه9 مع انه اعلي مقاماً من علي7 بمالايخفي و بين كلام علي7 و الجمع بين ذلك ان رسول‌اللّه9 امر ان يسأله زيادة العلم و سأل هو ربه ان‌يزيده فيه تحيراً و المراد من طلب زيادة العلم طلب مالم‏يعلمه مما يمكن في حق الممكن مما لم‏يكن و مما يطرء من النسخ و من المحو و الاثبات من سر البداء مما لم‏يكن بعد لدوام افتقار الممكن ابداً و لدوام المدد فما افاض عليهم ففي قبضته و مالم‏يصل اليهم ففي قبضته و تلك الامدادات ظهوراته بكل لكل و لا غاية لذلك الذي يسمي فوارة النور لان ذلك ينبوع اثارالعلم المطلق و القدرة الجامعة و الكرم و الايادي الواسعة و هو سبحانه يظهر فيما يشاء لمن يشاء و لا غاية ثم و لا نهاية لتلك الظهورات لكونها اثار ربوبية الحق التي هي كينونته التي هي علمه بها و لا غاية لعلمه و لا لصفته و لا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 160 *»

لاثر تلك الصفة فان في الاطلاع الي ذلك كمال المعرفة و اليه الاشارة بقوله9 بعد هذا اللهم زدني فيك معرفة.

و لي في مثل هذا المقام كلام في بيان هياكل التوحيد و اثر تعلق العلم بالمعلوم اذا استخرجت الكنز منه عرفت ان ما طلبه9 لا غاية له بل هو وراء مالايتناهي بمالايتناهي و ان الامكان المطلق [المطلوب خ‌ل] الذي هو ظل الكينونة التي هي علمه بخلقه هو منشأ الحيرة المطلوبة فابذل جهدك في فهمه لتحظي بمكنون علمه فان العاثر عليه اعز من الكبريت الاحمر و لاتعد عيناك عنه فليس وراء عبادان قرية و هو:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قال العبد المسكين احمد بن زين‏ الدين الاحسائي في بيان ما يمكن العبارة عنه من صفة تعلق علم اللّه بالمعلومات من حيث هي معلومات اذ بدون تلك الحيثيّة لا سبيل للممكن اليه و تلك الصفة صفة رسم لا صفة قدم فان القديم يتعالي [تعالي خ‌ل] عن الحدوث بكل اعتبار و العبارات تعبير و تفهيم و ان كان ذلك النظر بعين منه فان ذلك النظر و تلك العين من المعاني و هي فينا من المعاني السفلي و هي من المعاني العليا كالشعاع من المنير و تلك العليا هي التعين الاول و هو اول مظاهر الذات فافهم.

فاقول اعلم ان اللّه سبحانه علم المعلومات بعلمه الذي هو ذاته اذ لا شي‏ء غيره بما يمكن في ذواتها و ما يمتنع في رتبة الامكان و هو اذ ذاك عالم اذ لامعلوم و علمه بها هو كينونة الذات علي ما هي عليه مما له لذاته بلااختلاف و لاتكثر و هو الربوبية اذ لامربوب فاقتضت ذواتها بما هي مذكورة به في كل رتبة من مراتب الوجوب و الجواز من الازل الي الحدث الي الابد الذي هو ذلك الازل ما يمكن لها و يمتنع في الامكان في كل رتبة بحسبها من صفة الكينونة التي هي ربوبية تلك الاقتضاءات و تلك الصفة هي نور الكينونة و ظلها و تلك الاقتضاءات هي سؤال المعلومات ما لها من تلك الصفة فحكم لها ثانياً حين سألها بسؤالها بما سألته في كل رتبة بما لها فيها و هذا الحكم هو تلك الصفة التي هي ظل الكينونة و هو الربوبية اذ مربوب و بها قام كل مربوب في كل رتبه بحسبها و تلك

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 161 *»

المعلومات بكل اعتبار لا شي‏ء الا انها لا شي‏ء في الازل بمعني الامتناع الا بما هي شي‏ء في الحدوث بمعني الامكان في الامكان و اما في الامكان فهي شي‏ء بما شاء كما شاء يعني انها شي‏ء بذلك الحكم و هو ظل الكينونة فاعطاها بحكمه و مشيته ما سألته من الوجود و امكن فيها ما اقتضته من الامكان و ان لم‏تقتضه في الوجود فيما لم‏تقتض وجوده في الوجود تقتضي وجوده في الامكان و هاتان الرتبتان اقتضاء ما يمكن لها من تلك الصفة المذكورة لانه اذا شاء اقتضت ما في الوجود في الامكان و ما في الامكان في الوجود لان ذلك هو ما لها من تلك الصفة التي هي المشية التي بها الاقتضاء و ذلك حكم الاختيار الربوبي فلم‏تقتض [يقتض خ‌ل] الا ما شاء لان مشيته هي الربوبية اذ مربوب و هي صفة الربوبية اذ لامربوب كما مر و لم‌يشأ الا ما اقتضته [من خ‌ل] مشيته و تلازمهما في التحقق الظهوري و تقدم المشية علي الاقتضاء ذاتاً كمثل تلازم الفعل و الانفعال في التحقق الظهوري كالكسر و الانكسار و تقدم الكسر علي الانكسار ذاتاً و ان تساوقا في التحقق الظهوري و تلك الربوبية اذ لامربوب التي هي الكينونة كما مر هي علمه بمخلوقاته اولاً و صفتها التي هي ظل الكينونة و ظل الربوبية اذ لامربوب علمه بمخلوقاته ثانياً قال تعالي اشارة الي الرتبتين و لايحيطون بشي‏ء من علمه الا بما شاء  فما شاء من علمه يحيطون بشي‏ء منه كما شاء فافهم و هذا العلم الذي لايحيطون بشي‏ء منه اي الكينونة هو من علمه بذاته الذي هو ذاته كيدك منك كما في رواية حمران بن اعين عن ابي‏جعفر7 و كما في رواية هشام بن الحكم عن ابي‏عبداللّه7 و له المثل الاعلي في السموات و الارض و هو العزيز الحكيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد للّه رب العالمين.

و صلي‏اللّه علي محمد و آله ‏الطاهرين.

فتفهم هذا الكلام راشداً موفقاً لتعرف مطلوبه الذي يوجب الحيرة التي لا هداية فيها و لا ضلالة و لا معرفة و لا جهالة و هو انغماسه في بحر تلك الصفة التي هي صفة الكينونة الذي لاساحل له لانه9 كلما تسنّم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 162 *»

درجة وضع له رفيع‏ الدرجات درجة و لا غاية لذلك.

و اما قوله7 لوكشف الغطاء ماازددت يقيناً مع ان مقامه دون مقام النبي9 للاجماع و حديث لولاك لما خلقت الافلاك و قول علي7انا عبد من عبيد محمّد9 و قوله7 رسول‏اللّه امامنا حيّاً و ميتاً و انا من محمد كالضوء من الضوء فتوجيهه من وجوه احدها و هو اظهرها ان المراد بكشف الغطاء الموت و الغطاء الجسد غطاء علي الروح و لما كان الانسان اذا زكّي نفسه بالعلم و جاهد [جاهدها بالجهاد خ‌ل] الجهاد الاكبر حتي يقتلها كما امره اللّه تعالي قامت قيامته و كشف عنه الغطاء و عرف موصوله و مفصوله و عرف من اين و الي اين و اذا اعتدل مزاجها و فارقت الاضداد بحيث يكون وجوده علة للاكوان كان موته الذي هو كشف الغطاء الجسماني لايزيده يقيناً لانه قد امات نفسه لقوله هجم بهم العلم علي حقيقة الامر فباشروا روح‏ اليقين و انما يزداد يقيناً بما سيكون من لم‏ينكشف له الامر علي ما هو عليه في الواقع. فلذا قال7 لو كشف الغطاء اي الجسم عن الروح بالموت ماازددت يقيناً لعدم جهله بشي‏ء من الاحوال الموعود بها التي لاتدرك الا بعد الموت و لعدم احتمال وقوع نقيض ما اشرف عليه و قول النبي9 اللهم زدني فيك تحيراً ليس من هذا القبيل فلم‏يتحقق التناقض و لنقتصر علي هذا لظهوره.

قال سلّمه اللّه تعالي: و التلفيق بين قوله7 عميت عين لاتراك و لاتزال عليها رقيباً و بين قوله تعالي لموسي7 لن‏تراني.

اقول: اعلم انه ليس شي‏ء بحقيقة الشيئية لذاته الا الواجب تعالي و ماسواه فهو شي‏ء بالواجب لابنفسه و لا بسوي الواجب غيره فمن شهد هذا المشهد فقد رأي اللّه تعالي ابداً رقيباً عليه لان كل ما سواي اللّه شي‏ء باللّه لا غير و من لم‏يراللّه تعالي كذلك فقد عمي قلبه عن الحق و حقيق لمن لم‏يتحقق تأمل قوله7 يعني الحسين7 في مناجاته يوم عرفه في الحرف الذي قبل هذه الحروف قال7 أ يكون لغيرك من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 163 *»

الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدل عليك و متي بعدت حتي تكون الاثار هي التي توصل اليك عميت عين لاتراك و لاتزال عليها رقيباً الدعاء. و فيه ماذا وجد من فقدك و ما الذي فقد من وجدك فتمثل [فبمثل خ‌ل] هذا تستبصر امرك.

و اما قوله تعالي لموسي7 لن‏تراني لما سأله القوم السبعون الذين اختارهم الرؤية و اخبرهم انها لاتصح علي اللّه اذ الاشياء انما تدرك امثالها و انما تشير الالات الي نظايرها و اَلَحّوا عليه فاستأذن ربه ان يسأله ما سألوه ليبين لهم استحالة ما طلبوا بسبب ما يترتب علي تلك المسألة فاخبره تبييناً لهم بما يترتب علي ذلك بعد ان اجابه بـلن‏تراني فلاتنافي بين الرؤية في الاول لان المراد بها تحققه [المراد تحققه بها خ‌ل] بذاته في كل شي‏ء و عدم تحقق ما سواه في كل حال و اليه الاشارة بقول الصادق7 في قوله تعالي أ ولم يكف بربّك انه علي كل شي‏ء شهيد اي موجود في حضرتك و في غيبتك و هذه رؤية الشهود و المعرفة و بين تلك الرؤية فانها رؤية الحواس و الادراك و الاحاطة.

قال سلمه الله تعالي: و التلفيق بين التوصل له بالتفكر في مصنوعاته و انما سمي العالم عالماً لانه يعلم به الصانع و بين قوله7 اعرفوا اللّه باللّه و الرسول بالرسالة و قوله7 يا من دل علي ذاته بذاته.

اعلم ان معرفة اللّه علي مراتب احدها الاستدلال بالاثار علي المؤثر و لذا قال بعضهم انما يسمي العالم عالماً لانه يعلم به الصانع اي يستدل به علي وجود صانعه و هذه معرفة المتكلمين و اهل الظاهر و هذه تفيد وجود الصانع لان الاثر يدل علي المؤثر. و اما قوله7 اعرفوا اللّه باللّه فهي معرفة اولي‏ الافئدة فالجهتان مختلفتان فلاتنافي نعم قديراد بالنظر في المصنوعات التفكر و الاعتبار لينتقل بذلك الي مشاهدة ظهور المؤثر في اثاره فاذا شاهد الظهور نفي حيث و لم و كيف و عاين ظهوره لها بها فيكون ذلك معرفة اللّه باللّه الاتسمع الي قول سيد الشهداء7 في مناجاته في دعاء يوم عرفة قال

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 164 *»

7 الهي امرتني بالرجوع الي الاثار فارجعني اليها بكسوة الانوار و هداية الاستبصار حتي ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها و مرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك علي كل شي‏ء قدير. تأمّل قوله7 حتي ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها و قوله مصون السرّ عن النظر اليها و مرفوع الهمة عن الاعتماد عليها و لانعني بالشهود الا صون السر عن النظر اليها و عدم الاعتماد عليها و هذا في الحقيقة معني اعرفوا اللّه باللّه اذ معني اعرفوا اللّه باللّه ان‌تعرفه به لا بصفة احد من خلقه فلا ند له و لا بعكس شي‏ء من خلقه فلا ضد له.

و معني قولنا ان‌تعرفه به ان يتوجه سرّك الي شي‏ء ثابت بحقيقة الشيئية كما نعت به نفسه من غيراشارة و لا كيف و لا شي‏ء سواه الدال علي ذاته بذاته بحيث لاتشهد في وجودك غيره و لا وجود لك غير وجوده الظاهر لك بك و لاتراه بسواه لان تلك عين منه رأيته به قال الشاعر:

و مخطوبة الحسن محجوبة   فلا تألفنّ سوي الفها
اذا ما تجلّت الي عاشق   و اهدت اليه شذا عرفها
تغيب الصفات و تفني الذوات   بما ابرز الحُسن من وصفها
فان رام عاشقها نظرة   و لم‏يستطعها فمن لطفها
اعارته طرفاً رأها به   فكان البصير بها طرفها

و معني اخر هو انك اذا وصف لك شخص قصراً لم‏تره و لم‏تعلم به فقال فيه مثلاً خمسة بيوت كبار فانك لاتنكر ذلك و ان قال صغار لم‏تنكر و ان قال لك

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 165 *»

ذلك القصر هل هو هكذا او لا؟ فانك تقول لا اعلم فلاتجد من نفسك نفياً و لا اثباتاً و ذلك لانك لاتعلمه و لو قال لك هو قصر مصنوع؟ قلت نعم لانك عرفته بنظائره لابنفسه. و الحق سبحانه لو قيل لك هو احمر؟ قلت لا. هو ابيض؟ قلت لا. هو طويل؟ قلت لا. هو كذا؟ قلت لا. حتّي تعدّ جميع ما يسعه وجودك و انت تنفيه. و لو قيل هو موجود؟ قلت نعم فهذا ادل دليل علي انك عرفته و الا لم‏تنف عنه ما لايليق به فلو لم‏تعلم بوجوده لما قلت نعم انّه موجود و لو عرفته بغيره كما عرفت القصر بغيره من القصور و لم‏تنكر ما قيل لك في القصر و ان كان مخالفاً للواقع لانك لاتعرفه و انكرت ما قيل لك في الحق تعالي انه بصفة شي‏ء من الخلق لانك تعرفه و لو عرفته تعالي بغيره لشبهته به و وصفته بصفته فاذا كنت قد عرفته لنفيك [لنفسک خ‌ل] مالايجوز عليه و اثباتك لمايجوز عليه ولم‏تعرفه بغيره كذلك كنت انما عرفته به لا بسواه و الاصل في ذلك ان الشي‏ء انما يعرف بصفته لا بصفة غيره. فالوهيته انما تعرف بصفتها و صفتها ما اظهر في هويتك من تلك الصفة و ذلك هو ظهوره لك بك فتعرفه بما اظهر فيك الذي هو حقيقتك و انا اعرفه بما اظهر في هويتي الذي هو حقيقتي من الوجود و هو ظهوره لي بي لا بما اظهر فيك فكل يعرفه بما تعرف له به و ليس ذلك شيئاً غيرذلك العارف و لذا قال9 من عرف نفسه فقد عرف ربّه فالمعرفة بالاثار معرفة وجود و معرفة اللّه باللّه معرفة شهود.

قال سلّمه اللّه: و ما التوفيق بين قوله تعالي لئن اشركت ليحبطنّ عملك . و ليحملنّ اثقالهم و اثقالاً مع اثقالهم و الايات الدالّة علي ان ما عمل اخيراً ينسخ الاول من خير و شر و بين قوله لايغادر صغيرة و لا كبيرة الا احصيها. لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت.

اقول: يريد بهذه الايات بيان القول بالاحباط و عدمه و اختلاف الايات ظاهراً في مفاد هذا المعني و لنا كلام في تحقيق هذه المسألة في اجوبة مسائل الشيخ الاوّاه الشهيد الشيخ عبداللّه بن محمد بن احمد بن غدير البحراني تغمده

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 166 *»

اللّه برحمته و احل بقاتله وبال نقمته في بيان بطلان القول بالاحباط بمالامزيد عليه في التحقيق و لايداني في التدقيق. فمن اراده وقف عليه في رسالتنا المذكورة و لنذكر بعض الاشارة.

و هي ان الاحباط لايتحقق في الحسنة المتحققة و اما الحسنات التي لم‏تتحقق يجري فيها الاحباط و علي هذا يحمل الايات الدالّة علي ذلك و الروايات كذلك و المراد بالمتحقق ما كان اصله ثابتاً بان قصد به وجه ‏اللّه علي الوجه المأمور به و غير المتحقق غير الخالص في اصل دواعيه فان المتحقق لايضره ما يمر عليه لانّ اصله ثابت و غيرالمتحقق اصله مجتث. فاذا جاءته [جاءت به خ‌ل] ريح الهوي طار كالرماد. و في الكافي عن معاوية بن عمار عن ابي‏عبداللّه7 قال قيل له و انا حاضر الرجل يكون في صلاته خالياً فيدخله العُجب. فقال7 اذا كان اول صلاته بنية يريد بها ربه فلايضره ما دخله بعد ذلك فليمض في صلوته و ليخسأ الشيطان. و فيه في صحيحة زرارة عن ابي‏جعفر7 قال اذا ادّي الرجل صلوة واحدة تامة قبلت جميع صلوته و ان كن غير تامات الحديث. و المراد من قوله7 غير تامّات ما هو اعم من الاجزاء بدليل قوله7 بعد و ان افسدها لم‏يقبل منه شي‏ء منها و لم‏تحسب له نافلة و لا فريضة و انما تقبل النافلة بعد قبول الفريضة و اذا لم‏يؤد الرجل الفريضة لم‏تقبل منه النافلة الحديث. فظهر ان معني الاداء تامة موافقة الشرع و ان کانت غيرتامة هو الافساد فبيّن7 ان الواحدة التامة لايتطرق اليها احباط لان اصلها ثابت و انما يتطرق الاحباط الي العمل الذي ليس له اصل و ان كان يوهم الجاهل انه عمل صالح و ليس صالح [صالحاً ظ] بل هو باطل في صورة صحيح و ليحلفنّ ان اردنا الا الحسني واللّه يشهد انهم لكاذبون فقد تكون من مثل هذه اعمال في صورة الحسنات و هي ميتة اذ لا روح فيها من النية الصادقة فاذا قوبلت بالسيئات عادلتها و اسقطتها بل هي في الحقيقة سيئات قل هل ننبّئكم بالاخسرين اعمالاً الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا و هم يحسبون انهم يحسنون صنعاً فاذا صدر من عبد عمل صالح حقيقي كان اصله متصلاً بالنور و الا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 167 *»

فليس بصالح و محتد النور لايلحق به محتد الظلمة و لاتحصل الموازنة. و بالجملة فالاحباط يتحقّق في غير الخالص لانه ليس بعمل صالح.

و اما التوفيق بين و ليحملنّ اثقالهم و اثقالاً مع اثقالهم و بين لها ما كسبت الاية فبان الاثقال التي مع اثقالهم هي في الحقيقة من لطخ طينتهم و اوزار بدع ابتدعوها فحملوا ثمارها و قال9 و من يزرع خيراً يحصد غبطة و من يزرع شراً يحصد ندامة و هو معني لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت فلاتنافي.

قال سلّمه اللّه تعالي: و ما التوفيق بين قوله7 ولكنّي اتخوّف عليكم عذاب البرزخ و بين ما دل علي انهم يحضرون الاموات في قبورهم و حسابهم.

اقول: ان تحقيق هذه المسألة مما يطول به الكلام و لايسعه المقام ولکنّي في راحة من جهة من القي اليه هذا الجواب و هو السائل لانه تكفيه الاشارة و القليل يكفيه عن تطويل العبارة. فاعلم ان الاعمال صفات العامل و لكل موجود وجودان فالاعمال وجودها الدنياوي و هو ما تري و وجودها الاخروي ما اخبر به الشارع من النعيم. و نيات العاملين ثلثة و ايام الحصاد ثلثة. فالاعمال التي لاروح لها و انما الباعث عليها من النية انما هو في الدنيا للدنيا و يوم حصاد هذا العمل الدنيا و اليه الاشارة بقوله تعالي اولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب و الاعمال التي منشأ بواعثها الخيال فيوم حصادها البرزخ و الاعمال التي دواعيها من القلوب و الافئدة فيوم حصادها الاخرة و يحصدون منها في اليومين الاولين قليلاً مما يأكلون. فمعاصي هذه الفرقة المحقة في الحقيقة كلها او جلها من القسمين الاولين لان صدور المعاصي منهم من [عن خ‌ل] امر عارض و هو لطخ الطين الخبيثة و نفوسهم الطيبة [طيبة خ‌ل] طاهرة فاذا تلوثت [تلوث خ‌ل] تلك الظواهر طهّرت في البرزخ علي حسب المقتضي و الذين يحضرونهم في قبورهم و حسابهم هم الذين يطهرونهم ليردوا عليهم يوم ‏القيمة طاهرين فلا منافاة.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 168 *»

قال سلّمه اللّه تعالي: و ما التوفيق بين الاخبار الدالة علي ان الناس يحشرون كلهم عرايا [عرياناً خ‌ل] يوم ‏القيمة و بين ما دل علي ان المؤمن يخرج مكسيّاً من حلل الجنة.

اقول: و هذه المسألة ايضاً اغرب من اختها ولكن التلويح لديه تصريح. اعلم ان الارض تأكل ما عليهم من الاكفان و تنقص منهم الارض اعراضهم و اغراضهم و يحشرون كما انشئوا [اذ خ‌ل] قال تعالي و لقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم اول مرة كما بدأكم تعودون فيعودون [فتعودون خ‌ل‌] عراة لا ستر يواري عورات معاصيهم و لا كثافة جسد تغطّي اعمالهم عن الناظرين و لا حلة تكتم نتن فائح ذنوبهم بل اسرارهم مكشوفة و احوالهم بادية معروفة قال تعالي و يوم نسيّر الجبال و تري الارض بارزة و حشرناهم فلم‌نغادر منهم احداً

و اما المؤمنون فقد اكتسبوا لباس التقوي ذلك خير فستراللّه بها عوراتهم و انوارهم اشرقت باعمالهم و حلة اخوانهم المتقين بيضت وجوههم و طيّبت روائحهم و هي حلل من الجنة انزلها سبحانه في الدنيا فلبسوها قال تعالي يا بني‌ادم قد انزلنا عليكم لباساً يواري سوأتكم و ريشاً و لباس التقوي ذلك خير ذلك من ايات اللّه لعلهم يذّكّرون و روي الصدوق في كتاب مدينة العلم باسناده الي ابي‏عبداللّه7 قال تنوّقوا في الاكفان فانّكم تبعثون بها هـ و فيه اجيدوا اكفان موتاكم فانها زينتهم.  و وري صاحب كتاب سيرالائمّة باسناده الي الصادق7 قال ان ابي اوصاني عند الموت فقال يا جعفر كفّنّي في ثوب كذا و كذا فان الموتي يتباهون باكفانهم الحديث.

و اعلم ان هذا الكفن المعروف اذا كان من مال طاهر كما قال موسي بن جعفر7 كما رواه المفيد في ارشاده الي ان قال7 و اكفان موتانا من طهر اموالنا و عندي كفني انتهي. فانه [انما خ‌ل] تبلي الارض ظاهره و يخرج مستتراً بباطنه فانهم يتباهون باكفانهم و لاتبلي الارض الا ما كان من جنسها فانهم راشداً موفقاً.

قال سلّمه اللّه: و ما معني قول جبرئيل عند موت محمد

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 169 *»

9 هذا اخر هبوطي الي الدنيا فالان اصعد منها و لاانزل ابداً و بين ما دل علي نزوله الي الارض.

اقول: معناه هذا اخر هبوطي الي الدنيا بانزال الوحي لان محمداً9 خاتم‏النبيين و اما نزوله الي الارض بعد ذلك فهي لغايات اخر كاظهار معجز لاميرالمؤمنين7 كما نزل في مسجد الكوفة عليه صلوات‌اللّه‌عليه فسأله اين جبرئيل؟ و غير ذلك و كذلك علي ابنائه الطاهرين صلوات‌اللّه‌عليهم او نزوله لاسماع الصوت و انزال [وحي خ‌ل] الالهام و غيرذلك. و اما نزوله الي الارض بالوحي فهو من خواص الانبياء: و قد مات خاتم‏ النبيين9.

قال سلمه الله تعالي: و ما التوفيق بين قوله تعالي و لا تزر وازرة وزر اخري و بين قوله تعالي و ليحملنّ اثقالهم و اثقالاً مع اثقالهم علي حسب ما نحن فيه؟ و كل ذلك لاجل المعرفة التي تمكن في حقنا بالنسبة الينا و انتزاع المعرفة من نفسي و الترقي الي الموعظة الحسنة ثم الحكمة.

اقول: قد ذكر قبل بعض الاشارة الي ذلك ان الاعمال صفة العاملين فلاتكون صفة زيد صفة لعمرو فلو وزر وزره لكان صفته صفته علي انّ الصف انما اوجدها اللّه بموصوفها فلاتكون موجودة بغيره و الا لم‏تكن صفة له فلايحمل شي‏ء من حمل مثقله و ان دعت الي حملها و هذا حكم معقول و منقول. و اما قوله تعالي وليحملنّ اثقالهم و اثقالاً مع اثقالهم فهذا معني قد تكفّل ببيانه اخبار الطينة و ان هذه الاثقال من لطخ طينتهم فلاتنافي بينها و بين الاولي.

و اما قوله سلّمه‏اللّه «علي حسب ما نحن فيه و كل ذلك لاجل المعرفة التي تمكن في حقنا بالنسبة الينا الخ» فقد اشير الي مطلوبه علي حسب ما يقتضيه الحال الا ما لايمكن القول به فقالوا:  ما كل ما يعلم يقال و لا كل ما يقال حان وقته و لا كل ما حان وقته حضر اهله هـ فكل ما حان وقته ذكر و قد اشير الي اشياء [اشياء كتمتها الاشارات كما خ‌ل] كتمتها

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 170 *»

العبارات.

قال سلمه الله تعالي السادسة: ان تصف لنا وضع دايرة العقل و ما يقابلها من الاسماء و الحروف بان يكون قوس اقبل و قوس ادبر و ما يقابلهما من الاسماء مثل ما وصفت لك و كذلك الحروف و كذلك دايرة الجهل ليمكن وضعها علي النحو الذي اشرت لك فيه.

اقول: اما معني دائرة العقل و مقابلها بدايرة الجهل فقد تقدّم ذكر ذلك و لم‏يبق الا صورة ذلك النقشيّة باعتبار ترتيب انواعها علي سبيل التمثيل. و اعلم ان وراء دائرة العقل التي حدثت من ادبر فادبر و اقبل فاقبل و حدثت بحركتي هذه الدائرة دايرة الجهل فبادبار العقل اقبل الجهل و باقباله ادبر الجهل و ستقف علي مثال كل منهما فتراهما متعاكسين في الحقايق الكونية و الاسماء و الحروف و وراء هذه دايرة الامر و الابداع و لها اسماء في الاصطلاح منها التعيّن الاول و العلم [القلم خ‌ل] المطلق و الوجود المطلق و الوحدة الحقيقية و فلك الولاية المطلقة و التجلّي الاول و الرابطة بين الظهور و البطون و المحبة الحقيقية و الحقيقة المحمديّة و قابلية الاولي و مقام اوادني و برزخ ‏البرازخ و البرزخية الكبري و احدية الجمع و وراء هذه الدائرة رتبة الذات و الوجوب و لها اسماء باعتبار الاصطلاح منها اللاتعيّن و ازل‏الازال و غيب‏الغيوب و الوجودالبحت و مجهول‌النعت و عين‌الكافور و ذات ساذج و منقطع الاشارات و المنقطع الوجداني و غيب الهوية و عين‏ المطلق و ذات بلااعتبار و مرتبة الهويّة.

و اما دايرة العقل ظاهراً فهي مشتملة علي قوس ظاهر العلم و باطناً مشتملة علي قوس ظاهر الوجود هذه صورتها:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 171 *»

و هذه دايرة الجهل و كفة السيئات من الميزان الحق و هي بعكس دايرة العقل في الوضع و في الاقتضاء و الاسماء و الصفات و فيها عكس كل‌ما في تلك الدايرة دايرة العقل بحيث لو سقط شي‏ء من دايرة العقل لم‏يسقط الا علي ضده العام من دايرة الجهل و انما لم‏نذكر اسماء الاقبال و المقابلة بصورة الاقبال و الصعود و النسبة اليه ظاهراً لوجهين احدهما ان تلك الاسماء هي معارج الاقبال و دايرة الجهل لا صعود فيها و لا اقبال لها بالذات فلم‏نذكر الاسماء المقابلة لما فيها من الاعيان. و ثانيهما ان تلك الاسماء ليست بحسني فلايجوز نسبتها اليه و هذه صورتها:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 172 *»

و اعلم انه قد بدا لنا ان نذكر اسماءها السوأي فانها اصحاب الشمال قال تعالي للذين لايؤمنون بالاخرة مثل السوء و تدبر الوضعين يظهر لك المكتوم من البين و ينحلّ عنك شرك الاين و ما لم‏يذكر في هذه الدايرة فلاجل ما قلناه سابقاً فتدبر و السلام علي محمد و اله الطاهرين.

قال سلّمه اللّه تعالي: ما حدّ الزهد المنبغي منا و الذي ينبغي لنا و الذي ينبغي استعماله؟

اقول: انّ الزهد له مراتب باعتبار مراتب الزاهدين زهد المقربين قال9 لايكون الرجل من المتّقين حتي يدع ما لابأس به خوفاً مما

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 173 *»

فيه بأس. و سئل الصادق7 عن [الزاهد خ‌ل] الزاهدين في الدنيا قال الذي يترك حلالها مخافة حسابه و يترك حرامها مخافة عقابه و زهد اصحاب اليمين ما رواه السكوني عن ابي‏عبداللّه7 قال قلت له ما الزهد في الدنيا؟ قال ويحك حرامها فتنكبه يعني ان الزهد ترك ما حرم اللّه و هو زهد اصحاب اليمين.

و اعلم ان الزهد زهد عن الفاني و رغبة في الباقي فطالب الدنيا للاخرة و لما يريد اللّه زاهد و صدقه ان‌يتوكل علي اللّه و لايعتمد علي ماسواه. قال الصادق7 ليس الزهد في الدنيا باضاعة المال و لا تحريم الحلال بل الزهد في الدنيا الا تكون بما في يديك اوثق منك بما عنداللّه عزوجل و كأنه7 يريد بقوله و لاتحريم الحلال اشارة الي قوله تعالي قل من حرّم زينة اللّه التي اخرج لعباده و الطيبات من الرزق يعني ان الزهد ليس بترك [ترک خ‌ل] ما احل اللّه بل بالثقة بما عنداللّه و عدم الركون الي دار الغرور و شكر النعم و شهودها من المتفضل بها قال ابوالطفيل عامر بن ‏واثلة سمعت اميرالمؤمنين7 يقول الزهد في الدنيا قصر الامل و شكر كل نعمة و الورع عن كل ما حرم اللّه عز و جل هـ

و شكر النعم باللسان و الجنان و الاركان و سئل علي بن الحسين7 عن الزهد فقال عشرة اجزاء فاعلي درجة الزهد ادني درجة الورع و اعلي درجة الورع ادني درجة اليقين و اعلي درجة اليقين ادني درجة الرضا الا و ان الزهد في اية من كتاب اللّه تعالي لكيلاتأسوا علي ما فاتكم و لاتفرحوا بما اتيكم. و في النهج عنه7 الزهد كله بين كلمتين من القران قال [سبحانه و خ‌ل] تعالي لكيلاتأسوا علي ما فاتكم و لاتفرحوا بما اتيكم و من لم‏يأس علي الماضي و لم‏يفرح بالاتي فقد اخذ الزهد بطرفيه هـ.

ثم اسمع قول اللّه انّا عرضنا الامانة علي السموات و الارض و الجبال الاية و اعلم ان الامانة اقتحام العقبة كما قال تعالي فلا اقتحم العقبة و العقبة علي ثلثة احوال عقبة الولاية و عقبة التكليف و عقبة التوحيد فالاولي يعني التوالي بالائمة: فكّ رقبة بهم و بمعرفتهم تفك الرقاب

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 174 *»

من النار يتيماً ذا مقربة يعني به رسول‏اللّه9 و قرباه او مسكيناً ذا متربة هو اميرالمؤمنين7 يترب بالعلم اي مستغن به كثر علمه كأنّه بقدر التراب و المراد بالتراب ما في اللوح المحفوظ مما كتب القلم و اليه الاشارة بقوله تعالي أ فلايرون انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها يعني بموت العلماء فالمراد باقتحام العقبة موالاة يتيم ذا مقربة او مسكين ذا متربة يعني محمّداً9 و اهل‏بيته:. و الثانية عقبة التكليف و هي علي ثلاث عقبات الاولي عقبة الطاعة قولاً و فعلاً بموافقة الكتاب و السنة بالاخلاص و هي رتبة العوام و الثانية عقبة حفظ الجوارح من المحارم و استعمالها في الطاعة بموافقة الكتاب و السنة بالاخلاص و هي للخواص. و الثالثة عقبة حفظ الباطن من الوساوس الشيطانية و الهواجس النفسانية بموافقة الكتاب و السنة بالاخلاص و هي للخصيصين و قدّمت هاتين العقبتين لكونهما شرطين للثالثة و هي عقبة التوحيد ان تمحو الكثرة فانها موهومة و انت فيها و تتوجه الي وحدة بحت و هي وجهه الذي حيثما تتوجه و اليه توجهك في حضرتك و غيبتك و مما ينبغي ان‏تخرق سفينة نفسك بمنقار الناقور و تطهرها من صفات الفجور لتخرج من الظلمات الي النور علي يد خضر العقل و كليم المناجاة و تقتل غلام شهوتك و تبني جدار طاعة اللّه لتستخرج كنز معرفته.

قال بعض العارفين من خرق سفينة عجبه و قتل غلام تكبره و بني جدار زهده كشف له عن سرّ معرفته بربه و قال النفس بلقيس و الدنيا عرشها و القلب سليمان و الاخرة ملكه و العقل الهدهد فسلّط يا اخي هدهد العقل بمرسوم النقل علي بلقيس النفس و هددها بجنود الحق و لاتقبل منها هدية الخداع و ارسل عليها عفريت الخوف و نكّر لها عرش شهوتها و امرها بالدخول الي صرح التسليم فاذا قامت عليها الحجة و شهدته صرحاً ممرداً بعد ماكان لجة فعند ذلك ترجع الي ربها راضية مرضية و تسعد بالسعادة الابدية مثل النفس كمثل المرأة كلما تجد [تجدد خ‌ل] لها ثوباً [ثوب خ‌ل] ظهرت به للناس ليري عليها او تدعوهم به الي نفسها انتهي.

ثم اعلم ان الطهارة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 175 *»

علي ثلثة اقسام طهارة الشريعة بالماء و التراب و طهارة الطريقة بالتوبة عن السيئات و طهارة الحقيقة بعدم رؤية الحسنات. و المعرفة علي ثلثة اقسام معرفة العبيد ذات و صفات و روح و معرفة العبادة نية و افعال و اقوال و معرفة المعبود اسماء و افعال و صفات. و العلم علي ثلاثة اضرب علم شريعة و هو يؤخذ من المنقول بنظر العين او سماع الاذن و طريقه الكسب بالدرس و السماع و ثمرته الاخبار عن اللّه و علم طريقة يدرك بالقلب بواسطة الالهام و طريقه العمل بالاول مع الاخلاص و المجاهدة و ثمرته المعرفة و علم حقيقة و هو بالسرّ بفيض الحق من غير واسطة الا نفس ذلك الفيض و طريقه العمل بالاولين و ثمرته القرب و الانس و المشاهدة فالاول شجرة ثابتة و الثاني ثمرة دانية و الثالث خاصية الهية باقية فمن ارادها فعليه بتحصيل الثمرة الكاملة و ليجتهد في احسانها و من اراد هذه فعليه بغرس الشجرة و اصلاح ارضها و تنقيتها و سقيها و كثرة تعاهدها عن الشوك و عن كل مفسد كالرياح و السبخ و كثرة السقي و قلة المضرين.

و تب عن ذلك كله توبة نصوحاً و التوبة علي ثلثة اقسام توبة بالاقوال و هي توبة العوام و توبة بالافعال و هي توبة الخواص و توبة بالاحوال و هي توبة خواص الخواص فالاولي عن السيئات و الثانية عن الحسنات و الثالثة عما سوي ‏اللّه. و اعلم ان العلماء قد ذكروا كثيراً من علوم الاخلاق و تهذيب‏ النفس و كيفية سلوك الطريق المستقيم العادل الي اللّه تعالي في كتبهم و اخبار اهل‏ العصمة: مشحونة بذلك فمن اراده وقف عليه.

قال سلّمه اللّه تعالي : السابعة  شرح قول الامام الهادي7 في رسالته لاصحابه في الامر بين الامرين و المنزلة بين المنزلتين و هذه صورته : من علي بن محمد سلام [عليکم و تحف‌العقول] علي من اتّبع الهدي و رحمة اللّه و بركاته فانه ورد علي كتابكم و فهمت ما ذكرتم من اختلافكم في دينكم و خوضكم في القدر و مقالة من يقول منكم بالجبر و من يقول بالتفويض و تفرّقكم في ذلك و تقاطعكم و ما ظهر من العداوة بينكم ثم سألتموني عنه و بيانه لكم و فهمت

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 176 *»

ذلك كله.

اقول: هذه الرسالة الشريفة نقلها الشيخ المفيد رحمه ‏الله من كتاب تحف آل‏ الرسول صلّي‏اللّه‌عليه‌وعليهم و قد اشتملت من بيان المنزلة بين المنزلتين في افعال العباد و الرد علي اهل الجبر و التفويض علي ما لايوجد مثله من البراهين القاطعة الالزامية من طريق المجادلة بالتي هي احسن و قد تضمنت ادلة الموعظة الحسنة و ادلة الحكمة علي اكمل وجه.

و ينبغي ان‌نقدم قبل الشروع في الكلام عليها كلمات في الاشارة الي بيان رتبة هذه المسألة و انها لاينبغي ان‌يخوض فيها الا الاقلون الذين هم اعز من الكبريت الاحمر و اقل من الغراب الاعصم و الي بيان اقل ما يكفي من الاعتقاد فيها لغير الاقلين و الي بيان حقيقة مبدأ المنزلة المشار اليها و الي بيان مصدرها و محلها و متعلقها و غير ذلك الا ان الكلام في ذلك كله علي سبيل الاشارة و الاختصار و الاقتصار لان بسط الكلام فيها حتي تنجلي لكل ناظر يملأ الاسفار و يفني الاعمار و يشغل الليل و النهار.

فـاقول اعلم ان هذه المسألة احد من السيف تشق الاقدام و ادق من الشعر تزل الاقدام عند المسير عليها لان فيها عقبات كئود لايقطعها بسهولة الا محمد و اهل‌بيته سلام‌اللّه‌‌عليهم حتي انهم نهوا عن الكلام فيه و حذروا كل التحذير. روي الصدوق بسنده ان رجلاً سأل اميرالمؤمنين7 عن القدر فقال بحر عميق فلاتلجه ثم سأله ثانيةً فقال7 طريق مظلم فلاتسلكه ثم سأله ثالثة فقال7 سر اللّه فلاتهتكه [فلاتتکلفه خ‌ل] و عن اميرالمؤمنين7 انه قال في القدر ان القدر سر من سر اللّه و ستر من ستر الله و حرز من حرز اللّه مرفوع من حجاب اللّه موضوع عن خلق اللّه مختوم بخاتم اللّه سابق في علم اللّه وضع اللّه العباد عن علمه و رفعه فوق شهاداتهم و مبلغ عقولهم لانهم لاينالونه بحقيقة الربانية و لا بعظمة النورانية و لا بعزة الوحدانية لانه بحر زاخر مواج خالص للّه عزوجل عمقه ما بين السماء و الارض عرضه ما بين المشرق و المغرب اسود كالليل الدامس كثير الحيات و الحيتان يعلو مرة و يسفل اخري في قعره شمس

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 177 *»

تضي‏ء لاينبغي ان يطلع عليها الا الواحد الفرد فمن تطلع عليها فقد ضاد اللّه في ملكه و نازعه في سلطانه و كشف عن سره و ستره و باء بغضب من اللّه و مأويه جهنم و بئس المصير هـ.

و انما حذر7 عنه لان العقل لايدرك الاستواء فيه لان ذلك فوق العقل و لاتعلم الطريقة المثلي فيه الا بطور وراء العقل و هو الفؤاد المعبر عنه بالتوسم في قوله تعالي ان في ذلك لايات للمتوسمين و بالوجود و بنوراللّه في قوله7 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه نعم قد يوجد من يكون عنده ذلك النور و لايعلم المنزلة. و لقد وقفت علي كثير من كلام العلماء الفحول من اهل العرفان و اصحاب الانوار الشعشعانية كشيخنا الشيخ محمد بن ابي‏جمهور الاحسائي في المجلي و شيخنا الملا في الوافي و قرةالعيون و ساير كتبه و غيرهما من العلماء الذين يشقّون بمتشابه علومهم الشعر و يستخرجون بغوامض افكارهم من لجج بحار المعاني و الاسرار الدرر فاذا وصلوا الي هذه المنزلة خبطوا خبط عشواء و تاهوا في حندسها تيه عمياء و لايزدادون بالتعمق فيها الا بُعداً و لايهتدون اليها رشداً لان تلك الانوار التي نظروا بها قد مزجوها بظلمة من علوم مبنية علي قواعد غير مشيدة بنور اللّه و انما هي من كلام بعض الحكماء ممن سقط اليه من الحق شي‏ء خفي عليه مفصوله و موصوله فهيأ له مبادي و اسباباً رتبها بفكره و من اقوال بعض العلماء ممن نال شيئاً ناقصاً فتممه من صدره و سطره و لم‌يعلموا ان الفكر و العقل و ما حواه الصدر من العلم قاصرة عن ذلك اذ لايدركه الا ما كان منه و لايعود اليه الا ما برز عنه. و لهذا قال الصادق7 كما رواه الصدوق رحمه‏الله في توحيده عنه7 لا جبر و لا قدر ولكن منزلة بينهما فيها الحق اوسع ما بين السماء و الارض لايعلمها الا العالم او من علّمها اياه العالم هـ ([7]) و الي ذلك الاشارة بما رواه في البصائر عن الصادق7 ان حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان ذكي وعر لايحتمله ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا مؤمن ممتحن قيل فمن يحتمله؟ قال7 من شئنا. و في رواية نحن نحتمله هـ.

فابان7 ان هذه المنزلة بين

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 178 *»

المنزلتين لايعلمها احد الا بتعليم العالم و هو الامام7 فلايسلكها الا الاقلون و هم المتعلمون الذين نظروا بنوراللّه. و كل من سواهم فيكفيه ان‌يعرف ان اللّه سبحانه لم‏يجبر العباد علي الافعال و لم‏يفوض اليهم الامر بل كلف تخييراً و نهي تحذيراً. فاذا اعتقد علي سبيل الاجمال انه تعالي لم‏يهمل العباد في افعالهم و لم‏يجبرهم عليها كما قال الرضا7 ان اللّه لم‏يطع باكراه و لم‏يعص بغلبة هو المالك لما ملّكهم و القادر علي ما اقدرهم عليه كان مؤدياً لما يراد منه و لايكلف الخوص في هذه اللجج الغامرة و لا معرفة المنزلة بين المنزلتين بالكنه لتعذر ذلك علي كثير من الناس. اما الاقلون المشار اليهم فعليهم ذلك لانهم مرابطون علي الثغر الذي تهجم منه جنود الشياطين علي رعيتهم من المسلمين فانهم اذا قبلوا منهم الرعية حرقت انوارهم جنود الشياطين فعليهم ذلك لتوقف الدفاع عنهم عليه و لايجوز لهم تركهم لانهم انعامهم كما قال الصادق7 في تفسير قوله تعالي متاعاً لكم و لانعامكم و قال الباقر7 الناس كلهم بهائم الا قليل من المؤمنين و المؤمن قليل [المؤمن قليل خ‌ل]

و اما مصدرها فاعلم ان اول فائض من الابداع الوجود و هو الموجود من حيث ربه لا من حيث نفسه و الماهية وجدت تبعاً للوجود و هي الحيثية الثانية اما الوجود فهو الماء الذي به حيوة كل شي‏ء و هو اثر الرحمة. قال تعالي و هو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته حتي اذا اقلت سحاباً ثقالاً سقناه لبلد ميت فانزلنا به الماء فاخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتي لعلكم تذكرون و البلد الطيب يخرج نباته باذن ربه و الذي خبث لايخرج الا نكداً فالرحمة هي النقطة التي هي السر المقنع بالسر و الرياح النفس الرحماني و الالف الاولي و بعده السحاب المزجي و هو مذكور في هذه الاية في قوله تعالي يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه و هي الحروف قبل التأليف و السحاب الثقال المشية و الابداع و عالم كن و الكاف المستديرة علي نفسها و الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر. و هذه الاربعة هي مراتب الابداع و المشية و عالم الامر. و الماء المنزل هو الوجود و البلد الميت ارض الجرز و القابليات و الماهيات و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 179 *»

الزيت المضي‏ء و الدواة الاولي و البلد الطيب الماهية الطيبة يكاد زيتها يضي‏ء و لولم تمسسه نار و الذي خبث من الماهيات لشدة انيته لايقبل الوجود الا نكداً اي الا ماجري عليه من الكون لا ما يقرّبه من اختياره.

و لا تتوهم ان الماهيات لها وجود قبل الوجود لا في العلم و لا في الاعتبار و لا في الخارج والا لاستغنت عن الوجود لانها انما كانت شيئاً بالوجود و شيئيته و هذا حكمها في كل مقام لها من الوجوب و الجواز. لايقال انها انما اوجدها كما علمها والا لزم الجبر لأنا نقول لو كان كذلك لزم ثبوت شيئيتها قبل الوجود فيلزم قدمها لانها غير موجدها [موجدة خ‌ل] فتعدد القدماء و يلزم انها اعطته علمه بها كما قاله بعض المتشرقين فيكون محتاجاً اليها في علمه بها و انما اوجدها كما علمها علي ما هي عليه مما يمكن لها لذاتها و ما يمكن لها لذاتها الا ما اقتضته من مشيته لها و ما شاءها الا كما اقتضته من مشيته اذ لا شيئية لها الا بمشيته. و انما اشتق الشي‏ء من المشية كما قال اميرالمؤمنين7 في خطبة يوم الغدير قال اذ كان الشي‏ء من مشيته  فلا ثبوت لها و لا شيئية قبل الوجود و لم‏يشأ الا ما علم اذ لايمكن في المشية الا ما علم فلا شيئية لغيره الا بمشيته. نعم الماهية هي شيئية الوجود من حيث نفسه لانه لا شيئية له من حيث موجده فافهم.

و لي كلام ذكرته في خطبة انشأتها في عيد الاضحي فيه بيان حقيقة هذه المنزلة فتدبره تظفر بمرادك و هو قولي في الثناء عليه تعالي «انشأ ما انشأ لا من شي‏ء فيكون معه و ابدأ ما اراد لا لشي‏ء و الا لما ابتدعه بل خلق الخلق علي مستقرهم اذ خلقهم بدعوة سرهم فاعطاهم ما سألوه من حكمهم و فطرهم اذ شأن المختار اختيار شأن امرهم ولو كان موجباً لجري فعله بقسرهم فتعالي في غني ذاته و عزة افعاله و صفاته عن خيرهم و شرهم بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون» انتهي. و قد تقدم مراراً الاشارة الي ذلك خصوصاً عند الكلام علي قوله9 اللهم زدني فيك تحيّراً .

و لما كانت الماهية لا وجود لها الا بتبعية الوجود كانت مشية اللّه للوجود و لجميع كمالاته اولاً و بالذات و مشيته سبحانه للماهية و لجميع كمالاتها ثانياً و بالعرض فيكون مشية العبد للحسنة بالذات لانها من كمالات

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 180 *»

الوجود من مشية اللّه لها بالذات لانه تعالي شاء الوجود و كمالاته بالذات و مشية العبد للسيئة بالذات لانها من كمالات الماهية من مشية الله لها بالعرض لانه تعالي شاء الماهية و جميع كمالاتها بالعرض و الماهية ضد عام للوجود و كل شي‏ء من كمالاتها ضد عام لعكسه من كمالات الوجود.

و اما محلها فاعلم انه لما فاض الوجود من كتم الجود انعكست عنه الماهية لانها ظله و انفعاله عند فعل القادر و يعبر عن الوجود بالنار و عن الماهية بالزيت و عنه بالكلام و عنها بالمعني و عنه بالماء و عنها بالارض الميتة و مجموعهما الانسان. و لما كان الممكن لا غناء له عن المدد في حال والا لم‏يكن حال انقطاعه عن المدد شيئاً و اليه الاشارة بقوله تعالي و ما كنا عن الخلق غافلين و كان مدده من ثمرات اقواله و افعاله و احواله لان اللّه سبحانه يوجد صفة الشي‏ء بذلك الشي‏ء والا لم‏يكن صفته بل هي شي‏ء اخر و اليه الاشارة بقول علي7 و القي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله.

و لما كان الانسان مركباً من شيئين متضادين كل منهما طالب لكماله و غذائه و لا يكون الا من جنسه و كان لكل منهما ميل و شهوة الي ما طلب و كسب لذلك السبب تركبت فيه الشهوة المركبة الا ان تركبها علي سبيل التعاقب و البدل لانها في الحقيقة شهوتان متضادتان و للوجود وجه خاص به و باب يستعمله في مطالبه و هو العقل و للماهية وجه خاص بها و باب تستعمله في مطالبها و هو النفس الامارة بالسوء يجمع منشأهما القلب فالعقل عن يمينه و النفس عن شماله و له اذنان و علي كل حال منهما داع من الرحمن فعلي اليمين داعي العقل و هو ملك مؤيد يلقي اليه المعونة من اللّه علي فعل ما طلب الوجود و ندبه اليه من كمالاته الثابتة و ذلك الملك صورة الرأس القائم الخاص بذلك الشخص من العقل الاول المنطبعة في المرءاة اليمني التي هي العقل من قلب ذلك الشخص. و علي الشمال داعي النفس و هو شيطان مقيض يلقي اليه الخذلان باللّه لا منه في تزيين فعل ما طلبت الماهية و ندبها اليه من كمالاتها المجتثة التي لا قرار لها و ذلك الشيطان صورة الرأس المنكوس الخاص بذلك الشخص من الجهل الاول المنطبعة في

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 181 *»

المرءاة الشمال التي هي النفس الامارة من قلب ذلك الشخص. و امدّ سبحانه الملك بجنود من مقتضيات الفضل و الرحمة و اللطف و الايقان و امد سبحانه الشيطان بجنود من مقتضيات العدل و الغضب و القهر و الخذلان.

فالانسان بين آمر و ناه من نفسه و جعل سبحانه للعبد الالة و الصحة و هي التي يكون العبد بها متحركاً مستطيعاً للفعل مدداً و اعانةً علي الطاعة لكنه عزوجل جعلهما صالحة للمعصية لان ذلك الصلوح من تمام قابلية كون الطاعة طاعة اذ لو لم‏يصلحا للمعصية لم‏يقدر العبد عليها و اذا لم‏يقدر عليها كان مضطراً الي الطاعة فلايكون مطيعاً اذ الطاعة لاتتحقق حتي يقدر علي المعصية و تركها و يفعل الطاعة مختاراً و الوجود و الماهية متشابهان متضادان كالشاخص و ظله و كذلك شهوتاهما و ارادتاهما و باباهما و مطلوباهما ليتحقق الاختيار و الصلوح في الالة و الصحة قال تعالي فجعلناه سميعاً بصيراً.

و الي تركب الداعي و الشهوة في الانسان المستلزمان للاختيار اشار الصادق7 فيما كتب علي يدي عبدالملك بن اعين حين كتب عبدالرحيم القصير علي يدي عبدالملك بن اعين كما رواه الصدوق رحمه الله في توحيده فكتب7 سألت عن المعرفة ما هي فاعلم رحمك اللّه تعالي ان المعرفة من صنع اللّه عزوجل في القلب مخلوق و الجحود صنع اللّه في القلب مخلوق و ليس للعباد فيهما صنع و لهم فيهما الاختيار من الاكتساب فبشهوتهم الايمان اختاروا المعرفة فكانوا بذلك مؤمنين عارفين و بشهوتهم الكفر اختاروا الجحود فكانوا بذلك كافرين جاحدين ضلالاً و ذلك بتوفيق اللّه لهم و خذلان من خذله اللّه فبالاختيار و الاكتساب عاقبهم اللّه و اثابهم. ثم قال7 بعد ذلك و سألت رحمك اللّه عن الاستطاعة للفعل فان اللّه عزوجل خلق العبد و جعل له الالة و الصحة و هو القوة التي يكون العبد بها متحركاً مستطيعاً للفعل و لا متحرك الا و هو يريد الفعل و هي صفة مضافة الي الشهوة التي هي خلق اللّه عزوجل مركبة في الانسان فاذا تحركت الشهوة في الانسان اشتهي الشي‏ء و اراده فمن ثم قيل للانسان مريد فاذا اراد الفعل و فعل كان مع الاستطاعة و الحركة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 182 *»

مستطيعاً متحركاً فمن ثم قيل للعبد مستطيع متحرك فاذا كان الانسان ساكناً غير مريد للفعل و كان معه الالة و هي القوة و الصحة اللتان بهما تكون حركات الانسان و فعله كان سكونه لعلة سكون الشهوة فقيل ساكن و وصف بالسكون فاذا اشتهي الانسان و تحركت شهوته التي ركبت فيه اشتهي الفعل و تحركت بالقوة المركبة فيه و استعمل الالة التي يفعل بها الفعل فيكون الفعل منه عند ما تحرك و اكتسبه فقيل فاعل و متحرك و مكتسب و مستطيع اولا تري ان جميع ذلك صفات يوصف بها الانسان الحديث.

فافهم ما القي اليك و ما تضمنه هذا الحديث الشريف فان في ذلك تمام بيان الحقيقة بالحق و ان اردت زيادة البيان فعليك في رسالتنا التي وضعناها في هذا الشأن لشيخنا الشيخ عبداللّه بن الشيخ محمد ابي دندن الاحسائي و برسالتنا التي كتبناها للشيخ عبداللّه بن الشيخ مبارك القطيفي الجارودي فانهما قد تكفلتا بطلبة الطالبين و رغبة الراغبين في الحق و اليقين و قد تركت اشياء ينبغي ان اذكرها هنا اكتفاء بايراد هذا الحديث لانه تكفل بها فتدبره و انما اكتفيت به لاني لو بينت ذلك طال فيه الكلام و الحمد للّه وحده.

و اما متعلقها فهو جميع ما في الارض لقوله تعالي انا جعلنا ما علي الارض زينة لها لنبلوهم ايّهم احسن عملاً و جميع الاعمال و الاقوال و الاحوال مما يتعلق به التكليف و جميع المعتقدات من مدركات العقول و الخيالات و الافكار و مظاهرها و برازخها و بالجملة كل‌ما يتعلق به التكليف و تفصيل ذلك يظهر للعارفين المراقبين العاملين.

و اعلم ان لهذه امثالاً ذكرها اللّه تعالي في كتابه علي سبيل التلويح و التنبيه و خلق تلك الامثال في الانسان و في العالم قال تعالي و كأين من اية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون و قال سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قال تعالي و تلك الامثال نضربها للناس و ما يعقلها الا العالمون و تلك الامثال لايمكن حصرها و لهذا قال الشاعر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 183 *»

كل شي‏ء فيه معني كل شي‏ء   فتفطن و اصرف الذهن الي
كثرة لاتتناهي عدداً   قد طوتها وحدة الواحد طي

ولكن [و ليکن ظ] منها كلام الانسان و منها الصورة في المرءاة و غير ذلك مما لايحصي و اظهر الامثال نور الشمس و الظل و لنمثل فيه لظهوره فـنقول ان الشمس اذا اشرقت وقع نورها الذي لايخرج عن قبضتها علي وجه الجدار و ان شئت قلت علي يمينه فظهر بظهوره الظل عن خلف الجدار و ان شئت قلت عن شماله فاستنار وجه الجدار بنور الشمس و اظلم خلف الجدار بالظل و تلك الاستنارة من الشمس و اليها تعود الا انها لاتظهر الا بالجدار اذ لولاه لم‏تظهر الاستضاءة و ان كانت موجودة عند الشمس و اولي بها من الجدار الا تري انها اذا غربت تبعتها الاستنارة و الظل الذي بدا من الجدار و اليه يعود الا انه لايظهر الا بالشمس لا منها و الا لعاد اليها لكنه لايتحقق الا بالشمس الا تري كيف تحركه و تصرفه و بتحركها يتحرك و ان لم‏يتحرك الجدار قال تعالي ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً فالجدار اولي بالظل لانه منه و يعود اليه و بالشمس لا منها و لا اليها.

فالشمس الظاهر اعني القرص الذي تشعشعت عنه الانوار مثل للوجود المطلق الذي هو عالم الامر و الابداع و المشية و النور الظاهر علي يمين الجدار هو الوجود و الظل الظاهر علي شمال الجدار هو الماهية و مجموعهما هو الانسان. و ان شئت قلت النور الظاهر علي يمين الجدار مثال للحسنة و الظل الظاهر علي شمال الجدار مثال للسيئة. و قد قلنا انفاً انه لولا الجدار لم‏يظهر نور الشمس و ان كانت اولي به لانه نورها و لولا الشمس لم‏يظهر ظل الجدار و ان كان اولي به من الشمس لانه ظله و لهذا قال تعالي في الحديث القدسي انا اولي بحسناتك منك و انت اولي بسيئاتك مني الحديث. و هو كما تقول في المثال المذكور حرفاً بحرف الشمس اولي بالنور الظاهر علي الجدار و الجدار اولي بالظل من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 184 *»

الشمس و كما تقول ارادة الشمس اي ايجادها للنور الظاهر اولاً و بالذات و للظل ثانياً و بالعرض لان ايجادها للظل انما هو تبع لايجاد النور كذلك تقول ايجاد اللّه للحسنة اولاً و بالذات و ايجاده للسيئة ثانياً و بالعرض لان ايجاده سبحانه للمعصية انما هو تبع لايجاد الطاعة لان ايجاد المعصية ثانياً من تمام قابلية الطاعة للايجاد اولاً والا لم‏تكن الطاعة طاعة و لانها انيتها كما اشير [اشرنا خ‌ل] اليه فيما مر فلاحظ تفهم ان‏شاءاللّه تعالي و لاحظ رسالتينا المذكورتين تزدد بياناً و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته و يأتي ان‏شاءاللّه تعالي زيادة بيان.

و اذ قد انتهينا الي هنا فلنشرع في المقصود علي سبيل الاختصار و الاقتصار بين تلويح و تصريح فـنقول : قوله7 و خوضكم في القدر يشير الي انكم لم‏تسلكوا طريق الحق في القدر الذي هو المقام الثالث من مقامات عالم الامر و الذي هو وضع الحدود و الهندسة و التقدير في افعال العباد حيث لم‏تستضيئوا بنور العلم و لم‌تلجئوا الي ركن وثيق.

و قوله7 و مقالة من يقول منكم بالجبر يعني به اصحاب ابي‏الحسن الاشعري و من حذا حذوهم فانهم ذهبوا الي انه لا مؤثر في الوجود الا اللّه المتعال عن الشريك في الخلق و الايجاد يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد لا علة لفعله و لا راد لقضائه لايسأل عما يفعل و هم يسألون و لا مجال للعقل في تحسين الافعال و تقبيحها بالنسبة اليه بل يحسن صدورها عنه تعالي و الاسباب التي ارتبط بها وجود الاشياء بحسب الظاهر ليست اسباباً حقيقة و لا مدخل لها في وجودها لكنه تعالي اجري عادته بانه يوجد تلك الاسباب اولاً ثم يوجد المسببات عقبها فكل من الاسباب و المسببات صادرة عنه ابتداء كذا قالوه.

و انت اذا تأملت كلامهم وجدته علي ما فيه من التناقض مثل قولهم اسباب و لا مدخل لها فانها اذا كانت اسباباً ولو ظاهراً كان لها مدخل والا فلا و رأيته ليس مغترفاً من علم و انما هو تمويه و فتنة و زيغ طلباً للاستغناء عن الحق و اهله فاما

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 185 *»

الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله مع ما فيه من لزوم نسبة الظلم الي اللّه تعالي الذي نزه نفسه عنه و تمدح بنفيه عنه و من ردِّ قوله و العمل بقولهم حيث يقول و اذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها اباءنا واللّه امرنا بها قل ان اللّه لايأمر بالفحشاء و قال ان اللّه لايظلم الناس شيئاً ولكن الناس انفسهم يظلمون و يأتي ان‏شاءاللّه ما يبرد الغليل و يشفي العليل.

و قوله7 و من يقول بالتفويض يشير به الي اصحاب واصل بن عطا من المعتزلة و من حذا حذوهم ممن يقول بالتفويض فانهم ذهبوا الي ان افعال العباد مخلوقة بقدرتهم و اختيارهم ليس للّه في ذلك مدخل فاشركوا من حيث لايعلمون. و لقد ورد عن اميرالمؤمنين7 في شأن المفوضة و هم القدرية قال7 ان ارواح القدرية تعرض علي النار غدواً و عشيّاً حتي تقوم الساعة فاذا قامت الساعة عذبوا مع اهل النار بانواع العذاب فيقولون يا ربنا عذبتنا خاصة و تعذبنا عامة فيرد عليهم ذوقوا مس سقر انا كل شي‏ء خلقناه بقدر هـ مع ما يلزم في ذلك من تكذيب الايات مثل و ما تشاءون الا ان يشاء اللّه و ابطال الروايات مثل قول الرضا7 ان اللّه لم‏يطع باكراه و لم‏يعص بغلبة و لم‏يهمل العباد في ملكه هو المالك لما ملكهم و القادر علي ما اقدرهم عليه الحديث.

و لقد رأيت كثيراً ممن يقول بالمنزلة بين المنزلتين و يكفر اهل الجبر و لايعرف مرادهم و ان كانوا مخطئين و يكفر اهل التفويض و هو منهم و ان كانوا كاذبين حيث ان من رأيت يقول ان اللّه سبحانه و تعالي ليس له في افعال عباده الا الامر و النهي القوليان المعروفان عند العامة و انه خلق لهم الالة و الصحة الصالحتين ثم رفع يده عنهم. و هذا في الحقيقة نفس التفويض و هل هذا الا مثل من امره سيده بان خذ هذه المأة الدينار و امض يوم الخميس و اشتر من سوق بغداد من فلان الشي‏ء الفلاني ثم مضي العبد عن سيده فلو كان كذلك لوقع الوصل في الحال الاولي و الفصل في الثانية و لكان للّه تعالي حالين [حالان ظ] و لما كان مالكاً لما ملكهم و لخرج عن يده ما في قبضته و لما كان مع كل شي‏ء لان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 186 *»

الحال الثانية غير الاولي و لما صح الرحمن علي العرش استوي يعني من كل شي‏ء علي السواء الي غير ذلك.

و لما لم‏يدركوا غير هذا القول و الجبر و عرفوا بطلانهما قالوا ان التفويض هو القول بالاستقلال و اما اذا قلنا انه خلق الالة و الصحة و عرّفنا النجدين و امر و نهي فهذا هو المنزلة بين المنزلتين. و لايعلمون ان ذلك نفس التفويض. و انما المنزلة بين المنزلتين هو ان نقول انه خلق بارادتنا المستخدمة لآلاتنا و ما يترتب عليه من نحو العمل افعالنا الا ان خلقه للطاعة [الطاعة خ‌ل] بالذات و للمعصية [المعصية خ‌ل] بالعرض. فلو خلقنا لا بارادته كان تفويضاً ولو خلق لا بارادتنا كان جبراً ولو خلق [خلقه خ‌ل] و خلقنا معه كل مستقل بارادته كما قال بعضهم ان كلا القدرتين متعلقتان بالفعل الواحد اولا و جوز اجتماع علتين تامتين علي معلول واحد لكنا مستغنين في ايجادنا فنكون مستغنين في وجودنا هذا هو الشرك الصريح.

ولو خلق المعصية بالذات كما تقول الجبرية لم‏يعرف الخالق من المخلوق لان اللّه سبحانه لم‏يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه للدلالة عليه. ولو خلق الطاعة بالعرض كما يلزم المفوضة لكان مراده غير الطاعة و المعصية فاذا لم‏يكن غيرهما كان مراده لم‏يكن قط فوجب ما اوجبنا و سقط ما اسقطنا.

فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا   و ان لم‌يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثَم الا ما تلوناه فاعتمد   عليه و كن في الحال فيه كما كنا

الابيات. فكأني بقوم اذا سمعوا ما اقول و فهموا معناه قالوا امنا به و كأني باخرين اذا سمعوا [سمعوه خ‌ل] تاهت خواطرهم فيه و لم‏يفهموه و ان استحسنوه.

قد يطرب القمري اسماعنا   و نحن لانفهم الحانه

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 187 *»

و كأني باخرين اذا سمعوا كلامي هذا و امثاله في كثير مما مر قالوا فيه ارتفاع لان فيهم انخفاضاً او قالوا هذيان و وزنوه بموازينهم المعوجة لانهم لايحسنون السباحة و غرقوا في تلك اللجة ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السموات و الارض و من فيهن بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون. و انما كتبت هذه الكلمات التي ليست من ظاهر المقصود لاني اتيت بها تنبيهاً للمتسرع قبل التأمل و ترهيباً للمتورع عن التحمل فافهم.

و اما حصر المفيد رحمه‏الله التفويض في معني قوله ان التفويض هو القول برفع النظر عن الخلق في الافعال و الاباحة لهم مع ما شاءوا من الاعمال و هذا قول الزنادقة و اصحاب المباحات انتهي، فان اراد معني اصطلح عليه فلا مشاحة فيه و ان اراد انه هو المعني المراد فدون ذلك خرط القتاد. اما سمع ما في رواية حريز و ابن مسكان في التعريض باصحاب التفويض عن ابي‏عبداللّه7 انه لايكون شي‏ء في الارض و لا في السماء الا بهذه الخصال السبع بمشية و ارادة و قدر و قضاء و اذن و كتاب و اجل فمن زعم انه يقدر علي نقص واحدة فقد كفر و عن ابي‏الحسن موسي بن جعفر8 قال لايكون شي‏ء في السموات و لا في الارض الا بسبع بقضاء و قدر و ارادة و مشية و كتاب و اجل و اذن فمن زعم غير هذا فقد كذب علي اللّه او رد علي اللّه انتهي. و قال الصادق7 و من زعم ان الخير و الشر بغير مشية اللّه فقد اخرج اللّه من سلطانه و من زعم ان المعاصي بغير قوة اللّه فقد كذب علي اللّه و من كذب علي اللّه ادخله اللّه النار انتهي.

و لايقال ان هذا يلزم منه الجبر لانا قد بينا مراراً في اجوبتنا في هذه المسائل المتقدمة و سيأتي ان هذا هو المنزلة بين المنزلتين و انما قال اميرالمؤمنين7 طريق مظلم فلاتسلكه لانه7 يعلم انه الصراط المستقيم احدّ من السيف و ادق من الشعر فان امكنك علي سلوكه بمصباحنا والا فلاتكذب بما لم‌تحط به علماً و لما يأتك تأويله.

و قوله7 و تفرقكم في ذلك و تقاطعكم الخ اعلم ان غير اهل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 188 *»

الحق من القائلين بالجبر و التفويض لما كانوا اصحاب الدولة و المملكة و لم‏يسلّموا و لم‏ينقادوا لاهل الحق: بل استكبروا و عتوا عتواً كبيراً تلبسوا في كل صورة حتي انخرط بهم الشيطان في وادي الخذلان الي التلبس بالعلم و خاضوا فيه بغير مصباح هدي فخبطوا في الظلمات و اسسوا الشبهات لان كل مفتون ملقن حجته يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون.

و لما كان اتباع اهل الحق ضعفاء يخافون ان يتخطّفهم الناس عاشروهم و جلسوا معهم و تكلموا معهم في ذلك، دخل علي بعضهم من الضعفاء تلك الشبهات لقرب الشبهة من ذلك اللطخ الذي تري [سري ظ] فيهم في الاظلة فقال منهم بالجبر و قال منهم بالتفويض و ذهبوا مثلهم كل مذهب. فنصبوا لهم ساداتهم: علامات عند شبهات الطرق للطريق المستقيم و جعلوا تلك العلامات مرموزة المراد مطلوبة المقصود لئلايطلع عليها الا من شاءوا كما قالوا: و جعلوا لها صورة ظاهرة تغني من اقتصر عليها اذ حسن القول ما لم‌يضمر خلافه عن قصد له اذا لم‏يقدر علي المعني المستور كاف في المأمور به لانه حينئذ هو المقدور و انما ناسبت [ناشب خ‌ل] الشبهة لمباديها فيهم و اشبهت عليهم لان داعي الحق يوحي الي عقل المرء فيميل العقل بشهوة الوجود الي احد نهاياته و مطالبه مما له او لاحد مراكبه و يري المرء ميلاً من نفسه الي ذلك الشي‏ء الذي يطلبه و داعي الباطل يوسوس الي نفس المرء الامارة فتميل النفس بشهوة الماهية الي احد نهاياتها و مطالبها مما لها او لاحد مراكبها و يري المرء ميلاً من نفسه الي ذلك الشي‏ء الذي يطلبه و ان كان الداعي الاول هو الملَك و الثاني هو الشيطان لانه الذي لايري شيئاً من خارج فيطيع الملَك و يعصي الشيطان و انما يكون ميله الي احد مطلوبيه.

فلما كان ميل النفس مشتبهاً لميل العقل و مطلوب النفس مشتبهاً لمطلوب العقل و كل من المطلوبين خلق اللّه منه كفاية طالبه بحيث لايجوز ان‌يطلب العقل [ الحق خ‌ل] من مطالبه شيئاً لايجده الا في مطالب

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 189 *»

النفس او تطلب النفس شيئاً من مطالبها لاتجده الا في مطالب العقل فلايكون ممكناً فلايكون مختاراً. و كان ايضاً الالة و الصحة صالحتين لان يستعملها العقل في مطالبه و النفس في مآربها. فلما كان كذلك اشتبه الداعيان اللذان هما من المرء و لايعلم ايهما [انهما خ‌ل] داعي العقل فيتبعه او داعي النفس فيجتنبه. فاكمل اللّه عليه الحجة بحجة منه كاملة و هي الانبياء و الاوصياء: الاقوياء الذين لايلتبس عليهم داعي الرحمن و داعي الشيطان الذين عصمهم بتسديده و ايّدهم بتأييده و اختارهم لذلك قال اللّه تعالي اللّه اعلم حيث يجعل رسالته.

فوضعوا: علي كل شي‏ء دليلاً مطابقاً و شاهداً ناطقاً لئلايضلوا فمن لم‏يأخذ عنهم هلك من حيث لايعلم و اليهم الاشارة بقول الصادق7 هيهات فات قوم و ماتوا قبل ان يهتدوا و ظنوا انهم امنوا و اشركوا من حيث لايعلمون. و لما كانت الشبهة اقرب الي الافهام الكدرة تمكنت في قلوب اهلها و اسسوا عليها اعتقاداتهم و ادخلوا ضعفاء الشيعة فيها و هم الذين ليس لهم قلوب يعقلون بها فمهد7 لضعفاء شيعته و لعلمائهم دليلاً الزامياً لهم الي ظاهر علي طريق المجادلة بالتي هي احسن ليشد به قلوب المؤمنين و يدفع به شبه المعاندين.

فقال7 اعلموا رحمكم اللّه تعالي انا نظرنا في الاثار و كثرة ما جاءت به الاخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الاسلام ممن يعقل عن اللّه عزوجل لاتخلو من معنيين اما حق فيتبع و اما باطل فيجتنب و قد اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم [في ذلک خ‌ل] ان القرآن [حق تحف.] لا ريب فيه عند جميع اهل الفرق و في حال اجتماعهم مقرّون بتصديق الكتاب و تحقيقه مصيبون مهتدون و ذلك بقول رسول‌اللّه9 لايجتمع امتي علي ضلالة فاخبر ان جميع ما اجتمعت عليه الامة كلها حق هذا اذا لم‏يخالف بعضها بعضاً و القرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله و تصديقه فاذا شهد القرآن بتصديق خبر و تحقيقه و انكر الخبر طائفة من الامة لزمهم الاقرار به ضرورةً حيث اجتمعت في الاصل علي تصديق الكتاب فان هي جحدت و انكرت لزمها الخروج من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 190 *»

الملة.

اقول: لما كان منشأ اختلاف من اختلف من الشيعة و المحبين انما هو بالاصغاء الي اقوال العامة و خوضهم في ذلك لاتباع الاهواء فاخذت بهم طرفي الافراط و التفريط عن الاستواء لان الاستواء الذي هو المنزلة بين المنزلتين لايظفر بها من نحو ذاته الا من اشهده اللّه خلق السموات و الارض و خلق نفسه فان ذلك علي حكم الاستواء و المنزلة بين المنزلتين او من علمه اياها العالم. اراد7 ان‌يمهد قاعدة من مقدمات يقينيات مسلّمات عند القائل بالجبر و التفويض اللذين هما الافراط و التفريط ليضطروا الي الاقرار بالحق و الي تركه بعد ظهوره بلا خفاء عند كل احد و في الحالين يظهر للقائلين من الشيعة فساد الطرفين. و سلك7 في التقرير ظاهراً طريق المجادلة بالتي هي احسن و لم‏يسلك طريق الحكمة لان ذلك لايذوقه الا المتوسمون و لا طريق الموعظة الحسنه لان ذلك لايمسه الا المطهرون الذين يطلبون العلم زاداً ليوم المعاد. فقال7 انا نظرنا في الاثار الخ.

قوله7 فوجدنا عند جميع من ينتحل الاسلام لان غيرهم منهم من ينفي التكليف فلايري حقاً و لا باطلاً و كذلك من لايعقل.

و قوله7 لاتخلو من معنيين اما حق فيتبع او باطل فيجتنب يعني اما حق فهو احق ان‌يتبع او باطل فيحق ان‌يجتنب لا ان كل حق متبع او كل باطل مجتنب. فان الواقع ان من الحق ما هو منبوذ و مجتنب و من الباطل ما هو متبع محمول علي الاعناق.

و قوله7 و قد اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم قرّر فيه مقدمة مسلّمة عند الخصم لانها علي النحو الذي يعتمدونه في مسألة الاجماع ‏الضروري و ان كنا نعتمده ايضاً الا ان اعتمادنا عليه من جهة اعتقادنا ان زمان التكليف لايخلو من حجة للّه معصوم مفترض الطاعة لاتكون واقعة في الارض الا و للّه فيها حكم يظهر علي يدي هذا الحجة و هو الواسطة بين اللّه و بين خلقه فاعتمادنا علي اجماع [اجتماع خ‌ل] الامة لدخول قوله7 فيهم فلو انفرد

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه  191 *»

عنهم كان هو الحجة دونهم.

فان قيل فما الفائدة في الاجماع حينئذ اذا كان الاعتماد علي قوله خاصة منضماً و منفرداً؟ قلنا قد يتحقق الفائدة فيما اذا دخل في المجمعين من لايعلم نسبه و لا اسمه فانا نحكم بحجية الاجماع حينئذ لدخول قوله7 في جملة اقوالهم و ذلك بعد استقرار المذاهب فيكون الخلاف حينئذ خلاف الاجماع و هو غير مسموع.

و اما عندهم فاجتماع اصحاب [اهل خ‌ل] الحل و العقد من امة محمد9 لقوله تعالي و من يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدي و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي الاية رتّب سبحانه الذم و الوعيد علي اتباع غير سبيل المؤمنين و ذلك يتحقق بمخالفتهم قولاً و فعلاً [فتوي خ‌ل] فيكون اتباعهم في ذلك واجباً و هو معني حجية الاجماع و لقوله تعالي و كذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس و يكون الرسول عليكم شهيداً و قبول الشهادة منهم المفهوم من الاية دليل علي كونهم عدولاً ولو حال اجتماعهم و يستحيل اجتماعهم علي الخطاء و لقوله تعالي كنتم  خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر فدل ذلك علي امرهم بكل معروف و نهيهم عن كل منكر لان الالف و اللام للاستغراق [و خ‌ل] لانهم لو امروا ببعض و نهوا عن بعض لم‏يتحقق الوصف و لم‏يكونوا خير امة.

فان قيل ان منهم من لايكون كذلك قلنا في حالة الافتراق نعم اما في حالة الاجتماع علي امر واحد فلا والا لم‏يكن خير امة لانهم حينئذ متفقون علي المنكر و هذا خلف. فاذا ثبت ذلك كان اجتماعهم حجة و هو ما نريد و لقوله9 لاتجتمع امتي علي ضلالة و هذا الحديث و ان لم‏يكن متواتراً لفظاً لكنه متواتر معني و ان اختلفت الفاظه مثل قوله9 لاتجتمع امتي علي الخطاء هـ ، سألت ربي ان لاتجتمع امتي علي الضلالة فاعطانيها هـ ، يداللّه علي الجماعة هـ، لم‏يكن اللّه ليجمع امتي علي ضلال و روي و لا علي خطاء هـ ، عليكم بالسواد الاعظم و امثال ذلك. و المتواتر بالمعني يفيد العلم المانع من النقيض و لانريد من الحجية الا ذلك. و يستحيل عادةً ان‌يجتمع هذا الخلق الكثير و الجمّ الغفير علي الخطاء و لم‏يكن

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 192 *»

من احد منهم نكير. و هذا الاجتماع بهذه المثابة لايكون الا عن دلالة و قد كشف عنها ذلك الاجماع فخلافه خلاف للدلالة فيكون الخلاف خطاء لانه لا عن دلالة و هذا معني حجية الاجماع و كلامهم في الاجماع نقول به ايضاً لا من جهة الاجتماع بل من دخول المعصوم7 فيهم.

لايقال ان الاجتماع من الكل يستحيل وقوع الخطاء عنه عادة و ان لم‏يكن الحجة فيهم لانا نقول لولم يكن فيهم استحال الصواب بل الوجود لانه العلة في ذلك كما دلت عليه النصوص منهم مثل‌ما رواه احمد بن حنبل في مسنده قال قال رسول‌اللّه9 النجوم امان لاهل السماء فاذا ذهبت ذهبوا و اهل‌بيتي امان لاهل الارض فاذا ذهب اهل‌بيتي ذهب اهل الارض. و رواه ايضاً صدر الائمة موفق بن احمد المالكي و غير ذلك. و بالجملة فلا فايدة هنا للمناقشة لحصول الاتفاق من المسلمين علي صحة هذا الاجماع و هو اجتماع جميع من ينتحل الاسلام قاطبة و حجيته [حجة خ‌ل] منا و منهم لما مرّ فاذا حصل ذلك الاجتماع علي امر كان صواباً لا شك فيه عند الكل.

و قوله7 ان القرآن حق لا ريب فيه عند جميع اهل الفرق يعني انهم اجتمعوا لا اختلاف بينهم علي ذلك عند جميع اهل فرق الاسلام علي اختلاف مذاهبهم اتفقوا علي حقية القرآن.

ثم قال7 و هم في حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب و تحقيقه يعني انهم في حال الاجتماع مقرون بتصديقه والا لم‏يكن اجتماع لانهم مختلفون في كثير من تأويل كثير من آياته ولكنهم حال الاجتماع مقرون بصحة ما دل عليه اذا اجتمعوا علي دلالته علي ذلك الشي‏ء.

فان قلت قد يجتمعون علي دلالته علي شي‏ء ولكن تلك الدلالة بالنسبة اليهم مختلفة فمنهم من دل الكتاب عنده علي ذلك الشي‏ء علماً و يقيناً [نصاً خ‌ل] و منهم من دل عنده علي ذلك الشي‏ء اعتقاداً و هو لايمنع من النقيض في نفس الامر و ان امتنع عند المعتقد و منهم من دل عنده من باب الراجحية و ان جوز النقيض فكيف يمكن الاجتماع علي الاقرار بتصديق الكتاب و تحقيقه و انما تصديقه في دلالته؟ فاذا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 193 *»

اختلفوا فيها كيف يمكن الاجتماع في الاختلاف؟

قلت مراده7 انهم اجمعوا علي ان القرآن حق و ان ما دل عليه صدق لايحتمل فيه الباطل و لا الكذب لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و انما اختلف من اختلف في انه هل يدل علي هذا الشي‏ء ام لا؟ اذ لاينكر احد من المسلمين صحة ما دل عليه حتي انك لاتجد قائلاً يقول ان هذا الشي‏ء يدل عليه الكتاب و هو باطل و انما هو اذا اراد بطلان ذلك الشي‏ء انكر الدلالة و تأوّل الكتاب و غيّره. و اما اذا اقر بالدلالة فلا سواء كانت تلك الدلالة علماً او اعتقاداً او رجحاناً اذا لم‏يبلغ النقيض المتساوي [التساوي خ‌ل] لتعيّن المصير عليه الي تلك الدلالة و يتحول الاعتقاد و الرجحان علماً بعد العلم بالاتفاق فلاتغفل.

و قوله7 فاخبر ان جميع ما اجتمعت عليه الامة كلها حق هذا اذا لم‏يخالف بعضها بعضاً يريد ان جده رسول‌اللّه9 اخبر بذلك كما مر في قوله9 لاتجتمع امتي علي ضلالة و نبه بقوله هذا اذا لم‏يخالف بعضها بعضاً علي جواب اعتراض يستشعره الخصم للالزام بامامة الاول لاجماع الصحابة الذين هم اهل الحل و العقد من امته9 يعني ان بعض الامة الذين هم اهل الحل و العقد مخالفون لهذه الدعوي كعلي بن ابي‏طالب7 و سلمان و ابي‏ذر و المقداد و عمار و اضرابهم الذين هم خواص الصحابه و لاسيما علي‏بن ابي‏طالب7 الذي قال9 فيه في المتفق‌عليه عند الرواة من الفريقين قال9 الحق مع علي و علي مع الحق يدور حيثما دار و مثله كثير فاذا خالف احداً كان الحق معه بحذافيره بنص رسول‌اللّه9 المتفق عليه فسقطت الدعوي و بطل الاستدلال.

و قوله7 فاذا شهد القرآن بتصديق خبر و تحقيقه الخ يريد به انه اذا دل علي ما دل عليه الخبر باي دلالة كانت و انكر الخبر طائفة كانوا اقرّوا بدلالته علي ما دل عليه الخبر، كذلك لزمهم الاقرار بما دل عليه الخبر ضرورةً لاقرارهم بما يوجب ذلك ضرورةً و هو اجتماعهم في الاصل علي تصديق

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 194 *»

الكتاب. ثم فرع7 علي ذلك حكم منكر ذلك بعد ذلك البيان فقال7 فان هي جحدت و انكرت لزمها الخروج من الملة اي ملة الاسلام حيث انكرت ما علم من الدين ضرورةً.

فان قلت هذا و امثاله مما ورد عن آبائه: يدل علي ان صحة الحديث و فساده انما يعلم بالعرض علي الكتاب فاذا شهد الكتاب بتصديقه وجب قبوله والا ردّ و يرد عليكم شيئان: احدهما: ان احتجاجات ائمتكم: في الرد علي مخالفيهم في ترك القول بالحجة من اللّه و قولهم كفانا كتاب اللّه في بقاء التكليف لان فيه جميع ما يحتاج اليه الخلق من امور دينهم و دنياهم قال تعالي و كل شي‏ء احصيناه في امام مبين و هو الكتاب. و ان الزاماتهم: لهم بوجوب القول بالحجة هو ان الكتاب صامت يحتاج الي ناطق به عن اللّه تعالي لانه يحتمل وجوهاً كثيرةً لاتنضبط حتي ان الثنوي يستدل به و الدهري و المجسم و غير ذلك و المحق و المبطل اصولاً و فروعاً و ما كان هذا حاله لايجوز ان‌يكون حجة اللّه علي خلقه بانه بنفسه من دون ناطق به لايقيم حجة و لا يدفع شبهة فلابد من امام ناطق به يبين محكمه من متشابهه و مجمله من مبيّنه و ناسخه من منسوخه و ينقطع الخصم بهذا لان الكتاب الناطق هو المبين للكتاب الصامت حتي ان الناطق ليأول الكتاب و يصرفه في مواضع عن ظاهره الي ما يخالف الظاهر بل الي ما لايجوز في اللغة و لا في العقول و يخبر بنسخ آية و بثبوت حكم آية نسخت تلاوتها و يجب منه قبول ذلك كلّه لانه معصوم عن الخطاء و الجهل باحكام اللّه و قد قامت الادلة القاطعة علي ذلك و شهدت له المعجزات الخارقة فتكون علي هذا تتوقف علي معرفة صحة دلالة الكتاب الصامت علي قوله لانه هو الدليل بها فلو توقفت معرفة صحة دلالة الخبر علي الكتاب كان دوراً ظاهراً.

و ثانيهما: ان الاخبار عن النبي و الائمة صلوات‌اللّه‌عليهم متظافرة متواترة المعني علي ان من قال في القرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار فاذا كان المعني المستفاد من القرآن

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 195 *»

لابد ان‌يكون مسموعاً من الاخبار فكيف يكون صحة الاخبار انما تحصل بشهادة الكتاب لها و قد قلنا ان شهادته مستفادة منها هذا خلف و هو كالاول في دوره.

قلت: قد اجيب عن ذلك كله باجوبة يطول الكلام بايرادها و ملخص بعضها ان القرآن منه ما يعرف من اللغة بحيث لايحتاج في فهمه الي سماع مثل و لاتقتلوا النفس التي حرّم اللّه و مثل فاعلم انه لا اله الا اللّه فلو ورد ما يدل علي اباحة قتل النفس المحرمة بغير حق علم انه باطل و ما يدل علي الٰهين كذلك. و منه مجمل يحتاج الي تبيينه و تفصيله مثل قوله تعالي اقيموا الصلوة و اتوا الزكوة يحتاج الي بيان عدد الركعات و احكامها و مقدار النصاب و وقته و غير ذلك فهذا لايعرض عليه الخبر و لايشهد باجماله بتصديق الخبر نعم الامر بالصلوة و وجوبها و وجوب الزكوة مثلاً من حيث الفرض يعرض عليه و يشهد بالتصديق الي غير ذلك من النظاير.

و هنا وجه و هو اعجبها لايكاد يهتدي اليه و لا الي الاستدلال به الا الاقلون و هو ان من القرآن حروفاً جامعة ليست صورة الاحاد و انطوت علي ما لايكاد يتناهي من الافراد قد عرفت من حيث جزئيتها من اللغة بحيث لايجهلها احد مثل قوله تعالي انما هو اله واحد و مثل فاعلم انه لا اله الا اللّه و لهذا قال9 ويل لمن لاكها بين لحييه ثم لم‏يتدبرها فلو كانت مما يتوقف فهمهما علي السماع لما ذمّ من لم‏يتدبرها فان كان من عرف اللغة العربية ادني معرفة عرف ان مفادها اثبات الوحدة للّه و نفي الكثرة و لم‏تعرف تلك الحروف من حيث كليتها في بادي الرأي فاذا نظر فيها اولئك الاقلون و هم الذين اليهم النظر لا الي غيرهم فان من سواهم رعاياهم و انعامهم عرفوا كليتها فلو ورد خبر مثلاً دل علي قدم الكلام بمعني انه غير محدث و لامصنوع و عرضه اولئك الاقلون عرفوا انه ان لم‏يكن محدثاً بمعني المصنوع تعددت الالهة و كذلك لو ورد خبر بقدم المشية كذلك.

و نظائر هذا الحرف في القرآن كثير و کذلک في السنة کثير و هو المشاراليه في امرهم: بالعرض علي السنة مثل لاتنقض اليقين

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 196 *»

بالشك ابداً و مثل الا بيقين مثله فاذا ورد خبر يدل علي نقض اليقين بالشك في غير ما استثني من الثلاث المسائل البلل المشتبه و غسالة الحمام و غيبة الحيوان او ورد خبران متعارضان احدهما مطابق و الاخر مفارق فما شهدت له السنة من مثل لا تنقض اليقين بالشك و مثل الناس في سعة مالم يعلموا الي غير ذلك و هو كثير في الاصول و الفروع فهو حق والا فباطل .

و اما قول بعضهم ان التميز بين محكم القرآن و متشابهه و ناسخه و منسوخه و مجمله و مبيّنه لايعلم من غير المعصوم7 و كذا قول محمد امين في الفوايد المدينة من ان المراد به عرض الحديث الذي جاء به غير الثقة علي واضحات كتاب اللّه التي هي من ضروريات الدين و المذهب فساقط من عين الاعتبار فالعرض علي الكتاب علي مثل ذلك مما لايحتاج الي الخبر في فهم المراد منه سواء كان من اللغة او بالالهام كما قال علي7 الاّ ان يؤتي اللّه عبداً فهماً في القرآن او باخلاص العمل و حسن المعرفة كما يشير اليه قوله تعالي و اتقوا اللّه و يعلّمكم اللّه و قوله تعالي و لما بلغ اشده ٰاتيناه حكماً و علماً و كذلك نجزي المحسنين و قول الصادق7 ما من عبد احبنا و زاد في حبنا و اخلص في معرفتنا و سئل عن مسألة الا نفثنا في روعه جواباً لتلك المسألة و قد تقدم او عرفت بالاثار المستفيضة بحيث افاده [افادة خ‌ل] العلم او يعلم كون هذه الاية من المحكمات او عرف بالاجماع او غير ذلك من طرق اليقين فالعرض بهذا النحو لايستلزم الدور فافهم. فكان ما ذكره الامام عليه و علي آبائه و ابنائه الطاهرين السلام جدلاً ناضحاً [ناصحاً خ‌ل] لامعاً و برهاناً قاطعاً و نوراً ساطعاً و نقضاً قامعاً و علماً نافعاً و دليلاً جامعاً علي طريقة كل من اهل الفرق الزاماً لهم بالمنزلة بين المنزلتين و انه لا جبر و لا تفويض كما مضي و يأتي و الحمد للّه وحده.

ثم لما كانت الاعمال ظاهرها و باطنها من علم او عمل او اعتقاد من علم الحقيقة او الطريقة او الشريعة فروعاً من شريعة المتعبد بها و السانّ لها و ان الاصل ظاهراً وجوب طاعته و امتثال اوامره و نواهيه و التسليم له و الرد اليه و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 197 *»

باطناً معرفة اللّه و هذا الواجب الطاعة هو السبيل الي اللّه و هو مجاز تلك الحقيقة و المعني و الباب و الوجه و الجناب الي غير ذلك اراد ان يبني علي ذلك الاسّ الراسخ قصر الولاية الباذخ الذي كل شي‏ء من التكاليف من المعتقدات و الاعمال فروعه و اتباعه.

فقال عليه افضل الصلوات و السلام فاول خبر يعرف تحقيقه من الكتاب و تصديقه و التماس شهادته عليه خبر ورد عن رسول‌اللّه9 [و تحف.] وجد بموافقة الكتاب و تصديقه بحيث لاتخالفه اقاويلهم حيث قال اني مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي اهل‌بيتي لن‌تضلوا ما تمسكتم بهما و انهما لن‌يفترقا حتي يردا علي الحوض هـ

[اقول: ظ] انما قال فاول خبر الخ ليبين ثبوت اساس ما هو بصدده و تعريضاً بالغير الذين يبنون علي غير اساس ثابت و لان في بعض شقوق هذه المسألة ما لا يدركه كل احد لا من شيعة و لا من غيرهم لدقة مأخذه و بعده عن الافهام فاذا اراد تيسيره علي المخاطبين بناه علي اصل ثابت اما بالتفريع عليه او باللزوم و غير ذلك فيكون اقطع للحجة ولو وكله الي ما يفهم منه و هو من دليل الحكمة لانكره من لم‏يكن فيها نصيب او غالط فيه بالجدل، فعل7 ذلك تسهيلاً للذكر و تقريباً في الاداء و الافهام. و انما عبر بـلن في قوله لن‌تضلوا للدلالة علي التأبيد للتنبيه علي ان المأمور بالتمسك بهم معصومون معصوم من اتبعهم من حيث هو متبع لكون كل واحد من الكتاب و منهم مبنياً علي صاحبه و الكتاب لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و لو لم‌يكونوا: معصومين لاتاه الباطل حيث ينتهي اليهم فافهم.

و في نفي الافتراق بـلن كذلك اشارة الي ان الكتاب لايكفي بدونهم و لا بيان نافع فيه الا بما بيّنوا منه فالعامل به بدونهم نابذ له وراء ظهره و المتمسك به و لم‏يتمسك بهم كباسط كفيه الي الماء ليبلغ فاه و ما هو ببالغه لا كما تأولوه الاغيار الذين لايفرقون بالليل و النهار لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة من ان المراد بنفي الافتراق هو التمسك بالكتاب و المحبة للعترة. و قد تعبدهم اللّه في كتابه علي لسان نبيه9 بقوله تعالي فاسألوا اهل الذكر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 198 *»

و قوله تعالي لعلمه الذين يستنبطونه منهم و بقوله9 لاتتقدموهم فتزلقوا و لاتتأخروا عنهم فتزهقوا و لاتعلموهم فانهم اعلم منكم الي غير ذلك و من يستنكف عن عبادته و يستكبر فسيحشرهم اليه جميعاً. و اليه الاشارة بقوله7بحيث لاتخالفه اقاويلهم يعني ان القرآن نطق و شهد بتصديق هذا الخبر و قد اجمعوا علي صحة ما صدقه الكتاب مع ما هو عليه من الشهرة بل هو من المتواتر معني نقله المعتمدون من الفريقين بطرق كثيرة و له شواهد في كتاب اللّه التي هي مناط صحته.

قال7 فلما وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب اللّه نصاً مثل قوله عزوجل انما وليكم اللّه و رسوله و الذين ٰامنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون و من يتول اللّه و رسوله و الذين ٰامنوا فان حزب اللّه هم الغالبون و روت العامة في ذلك اخباراً لاميرالمؤمنين7 انه تصدّق بخاتمه و هو راكع فشكر اللّه ذلك له و انزل الاية [فيه تحف.]

بين7 شاهد ذلك الخبر من الكتاب و قوله7 نصاً المراد بالنص هو ما لايحتمل غير ما يفهم منه لغة يعني انه لايحتمل لغة غير ما يفهم منه لا ان كل ما يفهم لغة يحتمل لجواز الاحتمال العقلي الخالي من المستند الي شي‏ء فانه7 يريد انه لايحتمل لغة غير ذلك فيلزم الحكم و الاقرار به ضرورة كما ذكر7 سابقاً لشهادة الكتاب بذلك و لايضر [يضره خ‌ل] الاحتمال العقلي بلا دليل في الاية المستشهد بها كما احتمله الاغيار من ان الولي هو المحب او الصديق او النصير و كذا المولي المالك و العبد و المعتق و الصاحب و القريب كابن‏العم و نحوه و الجار و الحليف و الابن و العم و النزيل و الشريك و ابن‏الاخت و الولي و الرب و الناصر و المنعم و المنعم‌عليه و المحب و التابع و الظهير [الصهر خ‌ل] الي غير ذلك فان الولاية التي ثبتت للّه و لرسوله هي التي ثبتت لعلي7 بنص الكتاب بلاارتياب. و كذلك قوله9 أ لست اولي بكم من انفسكم؟ قالوا بلي. قال9 من كنت مولاه فعلي مولاه. و في آخر من كنت وليه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 199 *»

فعلي وليه فالاحتمال بعد النص و البيان انما هو من قوله تعالي و ما ارسلنا من قبلك من رسول و لا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيّته فينسخ اللّه ما يلقي الشيطان ثم يحكم اللّه ٰاياته و اللّه عزيز حكيم الايات .

ثم قال7 و روت العامة اخباراً لاميرالمؤمنين7 الخ احتج عليهم بما رووا ليكون اقطع لحجتهم و ليكون اجماعاً من الفريقين و هي كثيرة. منها ما قاله الامام المتوكل علي اللّه احمد بن سليمان و قد روي عن عمر بن خطاب انه قال «تصدقت بنيف و عشرين صدقة و انا راكع لعله ان‌ينزل في مثل ما نزل في علي7 و لم‏ينزل في شي‏ء» و عن الامير الاعظم صلاح الدين باسناده عن ابن المبارك عن الحسن قال قال عمربن الخطاب «اخرجت مالي صدقة يتصدق بها علي و انا راكع اربعاً و عشرين مرّة علي ان‌ينزل في مثل ما نزل في علي بن ابي‏طالب7 فما نزل»

و من مناقب الفقيه ابن المغازلي في تفسير قوله تعالي انما وليكم اللّه و رسوله و الذين ٰامنوا قال الذين آمنوا علي بن ابي‏طالب. و في كتابه رفعه الي ابي‌عيسي رفعه الي ابن‌‌عباس قال مر سائل برسول [علي رسول خ‌ل] اللّه و سرد الحديث. قال و كان نقش خاتمه الذي تصدق به سبحان من فخري باني له عبد. و فيه ايضاً رفعه الي ابن‌عباس و ابي‏مريم قال دخلت علي عبداللّه بن عطا قال ثم حدث علينا بالحديث الذي حدثني به عن ابي‏جعفر قال كنت جالساً عند ابي‏جعفر اذ مر عليه عبداللّه بن سلام فقلت جعلت فداك هذا الذي عنده علم الكتاب؟ قال لا ولكنه صاحبكم علي بن ابي‏طالب7 الذي نزلت فيه ٰايات من كتاب اللّه و من عنده علم الكتاب فهو علي بينة من ربه و يتلوه شاهد منه انما وليكم اللّه و رسوله الاية.

و من تفسير الثعلبي ابي‏اسحق احمد بن ابراهيم رفعه الي ابي‌حكيم و السدي و غالب بن عبداللّه انما عني بقوله سبحانه انما وليكم اللّه و رسوله و تلا الاية الي قوله تعالي و هم راكعون علي بن ابي‏طالب7 لانه مر به سائل و هو راكع في المسجد فاعطاه خاتمه. و باسناده رفعه الي عبداللّه بن‌ عباس قال بينا عبداللّه بن‌ عباس جالس علي شفير

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 200 *»

زمزم يقول قال رسول‌اللّه9 اذ اقبل رجل معتمّ بعمامة فجعل ابن‌عباس لايقول قال رسول‌اللّه9 الا و قال الرجل قال رسول‌اللّه9. فقال ابن‌عباس سألتك باللّه من انت؟ فكشف عن وجهه و قال ايها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم‏يعرفني فانا جندب بن جنادة البدري ابوذر الغفاري سمعت رسول‌اللّه9 بهاتين والا صمتا و رأيته بهاتين والا فعميتا يقول علي قائد البررة و قاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله اما اني صليت مع رسول‌اللّه9 يوماً من الايام صلوة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم‏يعطه احد شيئاً فقال اللهم اشهد اني سألت في مسجد رسول‌اللّه9 فلم‏يعطني احد شيئاً و علي7 راكع فاومأ بخنصره اليمني و سرد الخبر و تلا هذه الايه. و عن عبدالرزاق في تفسير هذه الاية قال نزلت في علي. و امثاله كثير.

فجعل7 هذه الاية شاهدة لذلك الخبر و لما احتمل ان‌يكون بعض من المخالفين يقول ان الخبر المذكور هو الذي بيّن دلالة الاية فكيف يجعلونها شاهدة له فجعل بيان الاية معلوماً من الاخبار المستفيضة من طرق المخالفين فضلاً عن المؤالفين بحيث لايكاد يرتاب في ذلك الا مؤتفك مكابر لمقتضي عقله لان التجويز العقلي بغير مستند لايقبله العقل و انما يقبله شبه العقل و هو النكراء و الشيطنة.

ثم لما كان الخبر الاول مجملاً في هذا الاعتبار اردفه بالمبين تفريعاً علي ما مر و تشييداً لما اسّس و قرّر فقال7 فوجدنا رسول اللّه9 قد اتي بقوله من كنت مولاه فعلي مولاه في غدير خم و بقوله انت منّي بمنزلة هرون من موسي الا انه لا نبي بعدي. ذكر منه ما يتأدي به الغرض من الحديث و هو حديث غدير خم من المتواترات المتفق‏عليه من الفريقين لاينكره الا جاهل او مكابر.

و ذكر محمد بن يحيي بن بهران [هران خ‌ل] شارح القصيدة الموسومة بالقصص الحق في مدح خير الخلق9 قال و اما حديث يوم الغدير فهو من الاحاديث

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 201 *»

المتواترة عن النبي9 و قد روي من طرق كثيرة عن خلق كثير من الصحابة بعضها روايات اهل‏البيت: و بعضها من احاديث غيرهم من علماء الحديث و في بعض الروايات زيادات و ما ينكره الا مكابر مباهت.

فمن روايات اهل‏البيت: و شيعتهم ما رووه بالاسناد عن البراء بن عازب قال اقبلت مع النبي9 في حجة الوداع فكنا بغدير خم فنودي فينا ان الصلوة الجامعة و كسح للنبي9 تحت شجرتين فاخذ بيد علي بن ابي‏طالب7 فقال أ لست اولي بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا بلي يا رسول‌اللّه. قال هذا مولي من انا موليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فلقيه عمر فقال هنيئاً لك يا ابن ابي‏طالب اصبحت و امسيت مولي كل مؤمن و مؤمنة. و رووا بالاسناد الي زيد بن ارقم ثم ذكر علي اختلاف في اللفظ و زيادة في المعني.

ثم قال و روي بعضهم من طريق الحاكم ابي‌سعد المحسن بن كرامة و ذكر الحديث ثم قال قال الحاكم ابوسعد ره و حديث الموالاة و غديرخم قد رواه جماعة من الصحابة و تواتر النقل به حتي دخل في حد التواتر. فرواه زيد بن ارقم و ابوسعيد الخدري و ابو ايوب الانصاري و جابر بن عبداللّه الانصاري الي ان قال و اما روايات غير اهل‏البيت و شيعتهم فقد روي عن الرسالة النافعة للامام المنصور باللّه من مسند الامام احمد بن حنبل هذا الحديث المذكور و من طرق كثيرة بنحو ما سبق و حكاه ايضاً عن جامع رزين و عن مناقب ابن المغازلي الشافعي و ذكر انه رفع الحديث المذكور الي مأة من اصحاب رسول‌اللّه.

قال و ذكر محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ خبر يوم الغدير و طرقه من خمس و اربعين طريقاً و افرد له كتاباً سماه كتاب «الولاية». و ذكر ابوعباس احمد بن عقدة خبر يوم الغدير و افرد له كتاباً و طرقه من مأة طريق و خمسة طرق و لا شك في بلوغه حد التواتر و حصول العلم به و لم‏يعلم خلاف ممن تعبد [يعتدّ خ‌ل] به من الائمة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 202 *»

و هم بين محتج به و متأول له الا من ارتكب طريقة البهت و مكابرة العيار([8]) تم كلامه.

و في المستدرك بالاسناد الي زيد بن ارقم قال لما رجع رسول‌اللّه9 من حجة الوداع و نزل بغدير خم امر بدوحات([9]) فقمن قال9 كأنّي دعيت فاجبت اني قد تركت فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب اللّه و عترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن‌يفترقا حتي يردا علي الحوض. ثم قال ان اللّه جل‌وعز مولاي و انا ولي كل مؤمن و مؤمنة. ثم اخذ بيد علي7 فقال من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال و ذكر الحديث بطوله هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين و لم‏يخرجاه بطوله.

و فيه عن زيد بن ارقم نزل رسول‌اللّه9 [عشية فصلّي خ‌ل] بين مكة و المدينة عند سمرات خمس دوحات عظام فكنس الناس ما تحت السمرات([10]) ثم راح رسول‌اللّه9 عشية [هنيئة خ‌ل] فصلي ثم قام خطيباً فحمد اللّه و اثني عليه و وعظ فقال ماشاءاللّه ان يقول ثم قال ايها الناس اني تارك فيكم امرين لن‌تضلوا ان اتبعتموهما و هما كتاب اللّه و اهل‏بيتي عترتي ثم قال أ تعلمون اني اولي بالمؤمنين من انفسهم ثلاث مرّات؟ قالوا نعم فقال رسول‌اللّه9 من كنت مولاه فعلي مولاه انتهي.

و من مناقب الفقيه ابن المغازلي الواسطي الشافعي باسناده الي الوليد بن صالح عن ابن امرأة زيد بن ارقم قال اقبل نبي اللّه9 من مكة في حجة الوداع حتي نزل بغدير الجحفة بين المكة و المدينة فامر بالتنوب([11]) فقُمّ([12]) ما تحتهن من شوك ثم نادي بالصلوة جامعة فخرجنا الي رسول‌اللّه9 حتي صلّي بنا الظهر ثم انصرف الينا فقال الحمد للّه نحمده و نستعينه و نؤمن به و نتوكل عليه و نعوذباللّه من شرور انفسنا و سيّئات اعمالنا الذي لا هادي لمن

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 203 *»

اضل و لا مضل لمن هدي و اشهد ان لا اله الا اللّه و ان محمداً عبده و رسوله اما بعد ايها الناس فانه لم‏يكن لنبي من العمر الا نصف ما عمّر قبله و ان عيسي بن مريم بعث في قومه اربعين سنة و اني قد اشرعت في العشرين و اني اوشك ان‌افارقكم الا و اني مسئول و انتم مسئولون فهل بلغتكم ما انتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون نشهد انك عبد اللّه و رسوله قد بلغت رسالاته و جاهدت في سبيله و صدعت بامره و عبدته حتي اتيك اليقين فجزاك اللّه خير ما جزي نبياً عن امته فقال أ لستم تشهدون الا اله الا اللّه وحده لا شريك له و ان محمداً عبده و رسوله و ان الجنة حق و النار حق و تؤمنون بالكتاب كلّه؟ قالوا بلي. قال اشهد انكم صدقتم و صدقتموني الا و اني فرطكم و انتم تبعي يوشك ان تردوا علي الحوض فاسألكم عن ثقلي كيف تخلفوني عنهما؟ قال فاعبل([13]) [فاعد خ‌ل] علينا ما ندري ما الثقلان حتي قام رجل من المهاجرين قال بابي انت و امّي يا رسول اللّه ما الثقلان؟ فقال الاكبر منهما كتاب اللّه سبب طرف بيد اللّه و طرف بايديكم فتمسكوا به و لاتولوا و لاتضلوا و الاصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي فاجاب دعوتي فلاتقتلوهم و لا تضروهم و لا تقصروا عنهم فاني قد سألت لهم اللطيف الخبير فاعطاني ناصرهما لي ناصراً و خاذلهما لي خاذلاً و وليّهما لي وليّاً و عدوّهما لي عدوّاً فانها لم‌تهلك امة مثلكم حتي تدين باهوائها و تظاهر علي سويها و تقتل من قام بالقسط منها. ثم اخذ بيد علي بن ابي‏طالب7و رفعه فقال من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه قالها ثلثاً الخ انتهي.

و قد تواتر هذا الخبر و بلغ حد التواتر و قد ذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخ خبر يوم الغدير و طرقه من خمس و سبعين طريقاً و افرد له كتاباً سماه كتاب الولاية فقد رواه احمد بن حنبل في مسنده و رفعه من طرق جمة و ذكره الثعلبي في تفسيره و في المجمع

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 204 *»

بين الصحاح الستة لابن زيد العبدري([14]) الي الحسن بن رزين بن معاوية و ذكر ابوالعباس احمد بن محمد بن سعيد بن عقدة خبر يوم الغدير و افرد له كتاباً و طرقه من مأة و خمسين طريقاً و في الصحاح رفعه الي اثني‌عشر رجلاً من اصحاب رسول‌اللّه9 و لا شك في تواتره و اما كون الطرق التي ذكرها الطبري في كتاب الولاية خمسة و اربعين و التي ذكرها ابن عقدة مأة و خمسة. فنقل محمد بن يحيي بن بهران [هران خ‌ل] المتقدم ذكره و هذا النقل غيره و لم‌تكن عندي كتب القوم و بالجملة فقد بلغ هذا الحديث حد التواتر عند اهل الحديث و التاريخ و التفاسير و غيرهم من جميع فرق الاسلام.

و اما الحديث الثاني فرواه احمد بن حنبل في مسنده بعدة طرق و في صحيحي مسلم و البخاري من عدة طرق و في غيرهما كذلك ان النبي9 لما خرج الي تبوك استخلف علياً علي المدينة و علي اهله. فقال علي7 و ما كنت اوثر ان‌تخرج في وجه الا و انا معك. فقال اما ترضي بان‌تكون مني بمنزلة هرون من موسي الا انه لا نبي بعدي. و عن جابر بن عبداللّه عن النبي9 انه قال لعلي [اما ترضي بان‌تكون خ‌ل] انت مني بمنزلة هرون من موسي الا انه لا نبي بعدي ولو كان لكنته. عن سعد بن ابي‏وقاص عن النبي9 انه قال اما ترضي ان‌تكون بمنزلة هرون من موسي غير انه لا نبي بعدي. و روي زيد بن علي عن ابيه عن جده عن علي7 قال قال رسول‌اللّه9 و شكوت اليه ما القي من حسد الناس فقال اما ترضي ان‌تكون اخي في الدنيا و الاخرة و صاحب لوائي في الدنيا و الاخرة و ان‌تكون مني بمنزلة هرون من موسي الا انه لا نبي بعدي الخبر. و نحوه عنه ايضاً الا ان في اخره و انت اولي الناس بامّتي بعدي من تولاك فقد تولاني و من عاداك فقد عاداني. و مثله الي ان قال واللّه انت مني بمنزلة هرون من موسي و ماينطق [لاينطق خ‌ل] عن الهوي .

و عن عامر بن سعد اني

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 205 *»

لمع ابي اذ تبعنا رجل في قلبه علي علي7 بغض بعض الشي‏ء فقال يا ابااسحق ما حديث يذكره الناس عن علي7؟ قال و ما هو؟ قال انت مني كمكان هرون من موسي. قال نعم سمعت هذا من رسول‌اللّه9 يقول لعلي7 انت مني كمكان هرون من موسي. قال الرجل انت سمعت هذا من رسول‌اللّه9؟ قال نعم و ماننكر [تنکر خ‌ل] ان‌يقول رسول‌اللّه9 لعلي هذا و افضل.

و مثل هذا حديث عبد خير الحميري عن علي7 قال اقبل صخر بن حرب حتي جلس الي رسول‌اللّه9 قال الامر بعدك لمن؟ قال  لمن هو مني بمنزلة هرون من موسي فانزل اللّه عمّ يتساءلون يعني يسألك اهل مكة عن خلافة علي بن ابي‏طالب7 عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون فمنهم المصدق و منهم المكذب بولايته كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون و هو ردّ عليهم سيعرفون خلافته انها حق و يسألون عنها في قبورهم فلايبقي ميت منهم في شرق و لا غرب و لا برّ و لا بحر الا و منكر و نكير يسألانه يقولان للميت من ربك؟ و ما دينك؟ و من نبيك؟ و من امامك؟ و كان علي7 يقول لاصحابه انا واللّه النبأ العظيم الذي اختلف في جميع الامم واللّه ما للّه نبأ اعظم مني و لا للّه آية اعظم مني. فانظر الي هذا الحديث الذي رواه عبد خير الصحابي و ما اشتمل عليه من النص.

و روي ايضاً حديث المنزلة سعد بن مالك و رواه سعد بن ابراهيم بن سعد و روته عايشة بنت سعد و روته اسماء بنت عميس و سعيد بن المسيب و ابوسعيد الخدري و عامر بن سعد عن ابيه سعد و غيرهم ممن لايحتمل تواطؤهم علي الكذب فهو متواتر معني عند اهل الحديث و التاريخ. و ذكر ابن ابي‏جمهور الاحسائي محمد بن علي رحمه اللّه في كتابه المجلي و قال و يوم حديث المنزلة من المقامات المعلومة في سير المحدثين و عند ساير الرواة اجمعين و هو يوم غزاة تبوك و قد ارجف المنافقون به لما استخلفه علي المدينة و فاتهم ما دبروه بجلوسه فيها فقال7 خلفتني علي النساء و الصبيان؟ فقال النبي9 له7

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 206 *»

الا ترضي ان‌تكون مني بمنزلة هرون من موسي الا انه لا نبي بعدي اثبت له7 جميع المنازل التي كانت لهارون من موسي و استثني منه شركته في النبوة لاجل ان هارون كان شريكاً لاخيه فيها و اخوة النسب لم‏يحتج الي استثنائها لفظاً لاستثنائها عقلاً و لا ريب في ثبوت الولاية لهارون كما هي لموسي فتكون ثابتة لعلي7 كما هي رتبة ثابتة للرسول9 و ذلك قطعي.

فان قيل ان الولاية الثابتة لعلي7 ان كانت هي التي كانت لهارون في حيوة اخيه فمعلوم انها ليست لعلي7 لانه لا ولاية في حيوة النبي9 و ان كانت هي التي له بعد موته فذلك لا معني له لان هرون مات قبل اخيه و لا ولاية له بعد موت اخيه ضرورةً قلنا ان الولاية الثابتة له7 هي الولاية الثابتة لهارون في حيوته و يكون علي7 ولياً للامة في حيوة الرسول9 كما كان هارون كذلك من غير فرق فان مقام الولاية الخاصة غير مقام النبوة و اذا صح اجتماع مقام النبوة مع مثلها فلأن [فالان خ‌ل] ‌يصح اجتماع مقام الولاية معها اولي و لما مات هارون انتفت ولايته لا بالعزل عنها من اللّه لان من ولاه اللّه لايصح ا‌ن‌يعزله لعدم جواز البداء عليه لانه لا يولي الا من علم استحقاقه لها باشتماله علي الاعتدال الحقيقي الموجب للعصمة و جميع الاوصاف الكمالية و ثبوته علي الصراط المستقيم فلايصح ان‌يتغير عن هذه الصفات لاستحالة تغير علمه تعالي و انما انتفت ولاية هارون بالموت و الانتقال عن دار التكليف و علي7 عاش بعد رسول‌اللّه9 قطعاً فلا موجب لزوال ولايته و لا مقتضي لانتفائها و لا موجب لعزله عنها انتهي. و انا اوردت كلامه­ لاشتماله علي الجواب عن الاعتراض الوارد علي الحديث في عموم المنزلة و جوابه و ان كان كافياً في ذاك لكنه ليس بذلك مع ان فيه تعليلات عليلة و تحقيقات متهافتة لايليق من مثله ولكن خوف طول الكلام يمنع عن بيان ذلك و الاتيان بحقيقة البيان.

و قال7 و وجدناه يقول9 علي يقضي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 207 *»

ديني و ينجز موعدي و هو خليفتي عليكم من بعدي الخ.

و هذا الخبر جعله7 مؤيّداً لتلك المقدمة و به تمامها و هو مما لا اشكال فيه فقد رواه المؤالف و المخالف بطرق عديدة و عبارات مختلفة و هي مع ذلك متفقة المعني بحيث كان من المتواتر و لكثرة رواته و اختلاف عباراته و تقديم بعضها علي بعض و بالزيادة و النقيصة لاتكاد تجد منكراً له بل اما محتجاً به او مأولاً له مثل الخبر الذي قبله.

ثم قال7 فالخبر [الاول تحف] الذي استنبط منه هذه الاخبار خبر صحيح مجمع عليه لا اختلاف فيه عندهم و هو [ايضاً تحف] موافق للكتاب فلما شهد الكتاب بتصديق الخبر و هذه الشواهد الاخر لزم الامة الاقرار بها ضرورة اذ كانت هذه الاخبار شواهدها من القرآن ناطقة و وافقت القرآن و القرآن وافقها.

قوله7 فالخبر الذي استنبط منه الخ يمكن ان‌يكون المراد منه ان الخبر الذي هو اصل لهذه الاخبار المسلمة المجمع عليها التي وافقت الفرقان و وافقها و هذه الاخبار فروع منه صحيح مجمع عليه والا لما اجمع علي ما تفرع عليه و ذلك الخبر هو المشتمل علي معاني هذه الاخبار الاربعة او هو الاول و هذه الثلثة فروعه كما يدل عليه ظاهر اللفظ و ان يكون المراد ان الخبر المستنبط من هذه الاخبار المجمع عليها صحيح مجمع‌عليه و المراد به المعني.

و قوله استنبط منه هذه الاخبار من باب القلب الا ان سياق الكلام يدل علي الثاني من الاول يعني ان المراد به الخبر الاول و ان استنباطها منه كونه اسبق في تأسيس الولاية فتكون بعد تواتره و دلالتها علي معناه مستنبطة منه و ان كان كل واحد من هذه الاخبار متواتراً مجمعاً‌عليه لايحتاج في تحققه الي شي‏ء منها و لا الي تصديق الكتاب و انما رتب ذلك نوراً علي نور و تعليماً للاستدلال بالكتاب و الاخبار و مثل بالامور الضرورية لانها ابعد عن المعارضة و امنع للاحتمال الزاماً للمعاندين و افحاماً للمكذبين و لاجل انه وجده من دون تصديق الكتاب حجة تامة قال لا اختلاف فيه عندهم و قال و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 208 *»

هو ايضاً موافق الكتاب يعني انه زيادة علي ما هو عليه من اليقين موافق للكتاب قد شهد بتصديقه كما مر و له شواهد من الاخبار مثله في التواتر و الاجماع عليها فلما كان ضرورياً مجمعاً عليه و شهد الكتاب بتصديقه و شهدت له اخبار مجمع‌عليها لزم الامة الاقرار بها ضرورةً.

و قوله7 اذ كانت هذه الاخبار شواهدها من القرآن ناطقة و وافقت القرآن و القرآن وافقها مع انها مستقلة في الدلالة و الحجة يعني به انه اذا كان هذا حالها و شواهدها من القرآن استقبح ردها لانه رد للقرآن و هو كفر. و اما رد الضروري فقد لايكون كفراً @ فلاجل ذلك علل لزوم الاقرار بكون شواهدها من القرآن. ثم لما كان النبي9 قد احكم العبارة عما اراد من نصب الولي علماً و اماماً بحيث لايجد احد ملجاً لصرف الحديث صحيحاً تأولوا بعض الالفاظ بعد ان ظهر لهم غير مرة ان ما تأولوا غير مقصود للّه و لا لرسوله و نصب9 شواهد لنفي ذلك الاحتمال كما نصب اللّه في كتابه شواهد لنفي احتمال القاء الشيطان و هو قول اللّه تعالي فينسخ اللّه ما يلقي الشيطان ثم يحكم اللّه آياته الاية.

و ذلك لما نظروا الحديث الاول و اذا هو مستفيض متواتر لا حيلة في انكاره قالوا ان قوله9 و عترتي المراد بعترته اهله الادنون و عشيرته الاقربون فلا دلالة في ذلك علي المدعي. و هو كما تري تغطية للشمس الطالعة بالذرة لانهم ان ارادوا انها تطلق علي ذلك لغة كما زعموا فلايضرنا ذلك لو سلمناه علي ان شارح الشاطبية ذكر في قوله و عترته ثم الصحابة اهل‏البيت قال العترة ما يبقي في الارض من الشجرة بعد قطعها فتنبت فروعاً و عترة الرجل اقاربه فاذا كان العترة ما بقي من الشجرة لم‏يكن العشيرة من العترة و ليست العشيرة من اقارب الرجل الا اذا فسرت ببني ابيه الادنين لا اذا فسرت بقبيلته. و ان ارادوا ان النبي9 اراد ذلك فقد الحدوا لان رسول‌اللّه9 قد بين ذلك بقوله اهل بيتي و هم قد اقروا ان احد معنيي العترة اهله الادنون فخصّص بذلك لذلك.

ثم انه بين اهل‌البيت و خصصهم في حديث الكساء

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 209 *»

الذي رواه الخاصة و العامة بحيث لايختلف فيه مختلف حيث يقول اللهم ان هؤلاء اهل‌بيتي حتي ان ام‏سلمة لم‏يدخلها النبي9 فيهم مع انها من عياله و اخبرها انها الي خير فانزل اللّه فيهم قراناً انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل‏البيت الاية شهادة منه سبحانه لهم بانهم اهل‏البيت لاسواهم.

ثم انه9 ابان بالتنصيص علي التخصيص فقال من كنت مولاه فعلي مولاه، و من كنت وليّه فعلي وليّه، و انت مني بمنزلة هارون من موسي، علي يقضي ديني و ينجز موعدي و هو خليفتي عليكم من بعدي الي غير ذلك و ليس كل الاهل و الاولاد في الحقيقة كذلك لان اللّه يقول فمن تبعني فانه مني، انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح لان حقيقة الابوة و البنوة انما هي من جهة الارواح لا من جهة الاجساد و علي7 من اهله الادنين و اقربهم و الصق به9 من اولاده. فقال انت مني بمنزلة الروح من الجسد و قال انت مني بمنزلة الرأس من الجسد و قال انت نفسي التي بين جنبي  و قال9 كنت انا و علي من نور واحد و قال اللّه تعالي تصديقاً لذلك و انفسنا و انفسكم فهو7 قسيم النبي و نفسه9 و شقيق روحه و اخوه لكونهما رضعا من ثدي الفيض الاعلي. و صاحبه في كل موطن في معراجه و في منهاجه و في حروبه و في نسكه. و ولده الحقيقي ارضعه من اصبعه و سقاه اخلاقه و خلقه باخلاقه و ارضعه من ثدي علومه و ربّاه في حجره الي غير ذلك. آه ثم آه ثم آه كيف يعدل عنه و اني يعدل به تاللّه ليكونن في حقه غداً تأويل هذه الاية و هي قوله تعالي تاللّه ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين فعلي7 هو الآل و هو اول الآل و اليه آلَ باقي الآل صلي‌اللّه‌عليه و عليهم‌اجمعين.

ثم انه7 لما بين الدلايل الدالة علي ولايتهم اورد الدلايل الدالة صريحاً علي البراءة من اعدائهم لان كلا من الامرين مقرون بالاخر كالصلوة و الزكوة لايقبل الصلوة الا باداء الزكوة قال7 فمن منع درهماً من الزكوة فليس بمؤمن و لا مسلم و لا كرامة .

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 210 *»

فقال7 ثم وردت حقايق الاخبار عن الرسول عن الصادقين صلوات‌اللّه‌عليهم نقلها قوم ثقاة معروفون فصار الاقتداء بهذه الاخبار فرضاً واجباً علي كل مؤمن و مؤمنة لايتعداه الا اهل العناد و ذلك ان اقاويل [آل خ‌ل] الرسول متصلة بقول الله تعالي و ذلك مثل قوله في محكم كتابه «ان الذين يؤذون اللّه و رسوله لعنهم اللّه في الدنيا و الاخرة و اعد لهم عذاباً مهيناً» وجدنا نظير هذه الاية قول رسول‌اللّه9 «من آذي علياً فقد آذاني و من آذاني فقد آذي اللّه و من آذي اللّه فقد يوشك ان‌ينتفم منه» و كذلك قوله9 «من احب علياً7 فقد احبني و من احبني فقد احب اللّه تعالي» و مثل قوله في بني‏وليعة «لابعثن اليهم رجلاً كنفسي يحب اللّه و رسوله و يحبه الله و رسوله قم يا علي فسر اليهم» و قوله يوم خيبر «لابعثنّ اليهم غداً رجلاً كنفسي يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله كرّاراً غير فرّار لايرجع حتي يفتح اللّه عليه فقضي رسول‌اللّه9 بالفتح قبل التوجيه فاستشرف لكلامه اصحاب رسول‌اللّه9 فلما كان من الغد دعا علياً7 فبعثه اليهم فاصطفيه بهذه المنقبة و سمّاه كرّاراً غير فرّار و سماه محباً للّه و رسوله و اخبر ان اللّه و رسوله يحبانه.»

اقول: كلامه هذا ظاهر و ان كان قد أومي فيه اشياء منها انه قد اسس سابقاً في اثبات الولاية اصولاً ضرورية فاسس في البراءة من اعدائهم اصولاً مثل تلك مما رووه و تواتر و شهد القرآن بتصديقها فنبه بقوله و ذلك ان اقاويل الرسول9 متصلة بقول اللّه تعالي و ذلك مثل قوله تعالي «ان الذين يؤذون اللّه و رسوله لعنهم اللّه في الدنيا و الاخرة» الاية.

ثمّ قال7 و وجدنا نظير هذه الاية قول رسول‌اللّه9 من آذي علياً فقد آذاني و من آذاني فقد آذي اللّه الحديث. كذلك قوله9 فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني فبين7 ما رتّب رسول‌اللّه9 مع قوله تعالي قياساً من الشكل الاول مقدماته مسلمة ضرورة ليظهر الحال علي ذلك المنوال فافهم. و بنووليعة قال في القاموس: بنووليعة كسفينة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 211 *»

حي من كندة و كندة بالكسر لقب عمرو بن عفير ابي حي من اليمن.

و قوله7 فقضي رسول‌اللّه بالفتح قبل التوجيه يريد به ان قضاء رسول‌اللّه9 بالفتح في قوله يفتح اللّه عليه لولم يكن عن امر من اللّه بذلك لما قضي لان اللّه هو الذي يقضي و لايقضي عليه. و كذا اخباره9 بانه يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله و ليس ذلك الا لاتباعه رسول‌اللّه9 في كل حال قل ان كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه فاذا احبه كان سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به الحديث. و هذا من فروع الاصل الاول و من فروع الاصل الثاني مما طوي في استشهاده في الاية ان الذين يؤذون اللّه و رسوله و في الحديث قوله9 من آذي علياً فقد آذاني يوم التبليغ ببراءة قول جبرئيل عن اللّه تعالي لايؤدي عنك الا انت او رجل منك و من لم‏يكن منه لم‏يتبعه فمن تبعني فانه مني.

و لما كان مراده7 من تقديم هذا الكلام الذي ليس مسئولاً بيان بناء ذلك الفرع كما بيناه آنفاً علي هذا الاصل و لما قدمناه فلاحظه هناك و تم ما اصّل علي اكمل وجه قال7 و انما قدمنا هذا الشرح و البيان دليلاً علي ما اوردنا [اردنا تحف] و قوة لما نحن مبيّنوه من امر الجبر و التفويض و المنزلة بين المنزلتين و باللّه العون و القوة و عليه نتوكل في جميع امورنا.

اقول: لعمري لقد اشار الي المنزلة بين المنزلتين بما لامزيد عليه ولكنه بالاشارة و هو قوله و باللّه العون و القوة فنفي التفويض. و قوله7 نتوكل  المنزلة بين المنزلتين حيث قال عليه فادخل الجار الذي هو متعلق نتوكل علي ضمير الواجب سبحانه و اسند نتوكل الي نفسه الذي هو الخلق بمعني صدوره منه معلقاً [متعلقاً خ‌ل] عليه سبحانه و قوله في جميع امورنا نفي للجبر فافهم.

و لما فرغ من التأسيس شرع في المطلوب فقال7 فانا نبدأ من ذلك بقول الصادق7 لا جبر و لا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 212 *»

 هي صحة الخلقة و تخلية السرب و المهلة في الوقت و الزاد [مثل الراحلة تحف.] و الراحلة و السبب المهيج للفاعل علي فعله فهذه خمسة اشياء جمع بها الصادق7 [جوامع الفضل تحف] مواقع الفعل فاذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنه مطروحاً بحسبه فاخبر الصادق7 باصل ما يجب علي الناس من طلب معرفته و نطق به هذا الكتاب بتصديقه فشهد بذلك محكمات آيات رسوله لان الرسول9 لا يعدو شي‏ء من قوله9 و اقاويلهم: حدود القرآن فاذا وردت حقايق الاخبار و التمست شواهدها من التنزيل فوجد لها موافقاً و عليها دليلاً كان الاقتداء بها فرضاً لايتعدّاه الا اهل العناد كما ذكرنا في اول الكتاب و لما التمسنا [تحقيق تحف.] ما قاله الصادق7 من المنزلة بين المنزلتين و انكاره الجبر و التفويض وجدنا الكتاب قد شهد له و صدّق مقالته في هذا.

فـاقول: و باللّه المستعان ان قيل كيف استدل بكلام الصادق7 علي اثبات المنزلة بين المنزلتين و نفي الجبر و التفويض و ما قدم من المقدمة التي جعلها اساساً لهذا بدليل قوله7 و انما قدمنا هذا الشرح و البيان دليلاً علي ما اوردنا و قوة لما نحن مبيّنوه الخ و ليس فيها ذكر دليل يدل الا علي وجوب الاقتداء بعلي7 دون الائمة: قلنا اذا ثبت امامة علي7 و عصمته و وجوب طاعته ثبت لولده: الي القائم7 ما ثبت له لانه قد نص علي ذلك عن اللّه و اوجب لهم عن اللّه و عن رسوله9 ما وجب له فلا فرق في وجوب الاقتداء بهم و عصمتهم و في جميع ما يحتاج اليه الخلق من امور دينهم و دنياهم بينه و بينهم علي انه قد ذكر النص فيما مضي دالاً عليهم مثل قوله9 و عترتي اهل‌بيتي و لقد روي الخصم في النص عليهم: ما لايكاد يحصر.

فمن ذلك ما رواه الشيخ الفقيه ابوالحسن محمد بن احمد بن علي بن الحسين بن شاذان عنهم بسنده عن ابي‏سليمان الراعي لرسول‌اللّه9 قال سمعت رسول‌اللّه9 يقول ليلة اسري بي الي السماء قال لي الجليل جل جلاله امن الرسول بما انزل اليه من ربه قلت و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 213 *»

المؤمنون قال صدقت يا محمد من خلفت في امتك؟ قلت خيرها. قال علي بن ابي‏طالب؟ قلت نعم يا رب. قال يا محمد اني اطلعت الي الارض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسماً من اسمائي فلا اذكر في موضع الا ذكرتك معي فانا المحمود و انت محمد ثمّ اطلعت الثانية منها فاخترت منها علياً و شققت له اسماً من اسمائي فانا الاعلي و هو علي. يا محمد اني خلقتك و خلقت علياً و فاطمة و الحسن و الحسين و الائمة من ولده من سنخ نور من نوري و عرضت ولايتكم علي اهل السموات و اهل الارضين فمن قبلها كان عندي من المؤمنين و من جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمد لو ان عبداً من عبيدي عبدني حتي ينقطع و يصير كالشن البالي ثم اتاني جاحداً لولايتكم ماغفرت له حتي يقر بولايتكم. يا محمد أ تريد او أ تحب ان‌تراهم؟ قلت نعم يا رب. فقال لي التفت عن يمين العرش فالتفتّ فاذا انا بعلي و فاطمة و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسي بن جعفر و علي بن موسي و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و محمد المهدي صلوات‌اللّه‌عليهم في ضحضاح من نور قيام يصلون و هو في وسطهم يعني المهدي يضي‏ء كأنه كوكب درّي. فقال يا محمد هؤلاء الحجج و هذا الثائر [الثاقب خ‌ل] من عترتك و عزتي و جلالي لهو الحجة الواجبة لاوليائي و المنتقم من اعدائي بهم يمسك اللّه السموات ان‌تقع علي الارض الا باذنه هـ .

و روي بسنده عن ابن‌عباس قال قال رسول‌اللّه9 يا علي انا مدينة الحكمة و انت يا علي بابها و لن‌تؤتي المدينة الا من قبل الباب و كذب من زعم انه يحبّني و يبغضك لانك مني و انا منك لحمك من لحمي و دمك من دمي و روحك من روحي و سريرتك من سريرتي و علانيتك من علانيتي و انت امام امتي و خليفتي عليها من بعدي سعد من اطاعك و شقي من عصاك و ربح من تولاك و خسر من عاداك و فاز من لزمك و خسر من فارقك. مثلك و مثل الائمة من ولدك مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق و مثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم آخر الي يوم القيمة.

و روي بسنده عن ابن‌عباس

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 214 *»

ايضاً قال سمعت رسول‌اللّه9 يقول معاشر الناس اعلموا ان للّه باباً من دخله امن من النار و من الفزع الاكبر فقام اليه ابوسعيد الخدري فقال يا رسول‌اللّه اهدنا الي هذا الباب حتي نعرفه. قال هو علي بن ابي‏طالب سيد الوصيين و اميرالمؤمنين و اخو رسول رب العالمين و خليفة اللّه علي الناس اجمعين. معاشر الناس من احبّ ان‌يتمسك بالعروة التي لا انفصام لها فليتمسك بولاية علي بن ابي‏طالب7 فان ولايته ولايتي و طاعته طاعتي. معاشر الناس من احب ان‌يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن ابي‏طالب. معاشر الناس من سرّه ان‌يقتدي بي فعليه انيتولي بولاية علي بن ابي‏طالب7 بعدي و الائمّة من ذريتي فانهم خزائن علمي. فقام اليه جابر بن عبداللّه الانصاري فقال يا رسول‌اللّه و ما عدة الائمة؟ فقال يا جابر سألتني رحمك اللّه عن الاسلام باجمعه عدّتهم عدة الشهور و هو عنداللّه اثني‏عشر شهراً في كتاب اللّه يوم خلق السموات و الارض و عدتهم عدة العيون التي انفجرت لموسي بن عمران حين ضرب بعصاه فانفجرت منه اثنتاعشرة عيناً و عدتهم عدة نقباء بني‏اسرائيل قال اللّه تعالي و لقد اخذنا ميثاق بني‏اسرائيل و بعثنا منهم اثني‏عشر نقيباً فالائمة يا جابر اثني‏عشر اماماً اولهم علي بن ابي‏طالب و اخرهم القائم:. و روي ايضاً عن سلمان المحمدي قال دخلت علي النبي9 و اذا الحسين بن علي8 علي فخذه و هو يقبل عينيه و يلثم فاه و هو يقول انت سيد ابن سيد ابوالسادات و انت امام بن الامام ابوالائمة انت حجة ابن حجة ابوحجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم هـ الي غير ذلك مما ورد في حقهم: بطريق الخصم. و حيث كان هذا الامر مع شهرته لا اشكال فيه اقتصر7 علي اثباته من طريق الضرورة في حق الخصم في علي7 لدخول ذلك فيه عند الكل.

و لما فرغ من تمهيد ما ينبغي تمهيده للايضاح و الافصاح شرع في المقصود من بيان المنزلة بين المنزلتين و استدل بكلام الصادق7 لجمعه لكل شروط المنزلة و لانه ابعد عن التوهم الحاصل من الخصم و ممن توهّم صدقهم بان‌يكون كلامه ليس من عنده

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 215 *»

ليكون اوقع في نفوسهم و ليعلموا ان هذا شي‏ء كان عليه السلف المحقون و اقتفاهم الخلف علي ذلك و فسّر7 المنزلة بهذه الخمسة الاشياء التي يلزم من حصولها و تحققها المنزلة بين المنزلتين و هي صحة الخلقة لئلايعزم المكلف علي الفعل فلايتمكن منه اذا اعوزته الالة اما بعدمها او بفسادها او بعدم صلوحها لضد ذلك الفعل لانه اذا لم‌تصلح الالة للضد لم‏تكن صالحة للفعل اذ وجود الضد لذي الضد من تمام قابلية ضده للوجود كما اشرنا اليه سابقاً و فسّرناه في رسالتنا الموضوعة في المسألة

و الثاني تخلية السرب و هو بفتح السين و بكسرها الطريق و المراد بتخلية الطريق الايكون له صادّ عما يشتهيه من الفعل فيكون غيرمختار. و الثالث المهلة في الوقت بان‌يكون وقت الفعل الذي يميل اليه يسع كل ما يحتاج اليه الفاعل في الفعل من الحركات و السكنات و الاسباب الي غير ذلك مما يتوقف الفعل عليه. و الرابع الزاد و الراحلة اما الزاد فللقوت المستلزم عدمه لهدم البدن و تحلل القوي و الالات فالزاد ضروري له فهو شرط في البقاء للفعل مدة الفعل و ما يتوقف عليه. و اما الراحلة فشرط في قطع المسافة التي يتوقف عليها الفعل. و الخامس السبب المهيج للفاعل علي الفعل و حقيقته ميل تحرك الشهوة التي تركبت في الانسان يعني ميل وجوده الي بعض كمالاته او ميل ماهيته الي بعض كمالاتها.

فالشرط الاول في الغيب تمام الاقتضاء لما له في الامكان في كل رتبة بحسبها. و الشرط الثاني الا يحجبه من حجب الجلال حجاب بسبب تخليته من المدد و المراد بالمدد هنا ما به يقدر علي ما يراد منه كما قال7 جعل فيهم ما اذا سئلوا اجابوا هـ و الشرط الثالث ما يسع ما يراد منه عند ارادته من الزمان و الدهر و السرمد. و الشرط الرابع ما يتقوم به حيوة صدره من العلم و قلبه من اليقين و فؤاده من المعرفة فزاد الصدر العلم و راحلته مثاله و حسه المشترك و زاد قلبه اليقين و راحلته نفسه و خياله و زاد الفؤاد المعرفة و راحلته عقله و قلبه و الشرط الخامس شوق الاقتضاء لما له مما اقتضاه.

ثم لما كانت هذه الشروط موجودة بالحق لانها سبيل اللّه الي ايجاد افعالهم بهم ليجزي قوماً

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 216 *»

بما كانوا يكسبون سيجزيهم وصفهم و سبيل اللّه الحق حق لم‏يصح ان‌يخلق الا للحق و الطاعة. و لما كانت الطاعة لاتكون من فاعلها طاعة الا اذا فعلها و ترك ضدها مع القدرة عليه و لا قدرة الا بهذه الشروط الخمسة فوجب في الحكمة ان‌تكون هذه الشروط الخمسة صالحة للمعصية ليتمكن منها و ان لم‏تكن مخلوقة لها بالذات فهي مخلوقة لها بالعرض لكون صلوحها للمعصية من تمام صلوحها للطاعة من حيث هي طاعة.

و الاصل في ذلك ان الوجود نور اللّه فهو من حيث كونه حقاً باللّه لا شيئية له و هو من حيث نفسه ماهية لانها انفعال لايتحقق الفعل بدونه فالوجود شي‏ء باللّه و الماهية شي‏ء بالوجود فهي لم‌تشمّ رائحة الوجود و انما كانت بتبعية الوجود نعم الوجود لايتحقق بدونها لانه مصنوع و لايمكن ان‌يتقوم شي‏ء فرد من المخلوقات الا مع اقترانه بضده و هو قوله تعالي و من كل شي‏ء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون و قال الرضا7 و لم‏يجعل شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للذي اراد من الدلالة علي نفسه و اثبات وجوده واللّه تعالي فرد واحد لا ثاني معه يقيمه و لايعضده و لايمسكه و الخلق يمسك بعضه بعضاً باذن اللّه و مشيته الحديث.

فالماهية ظل الوجود و ما لها ظل لما له و لذلك قلنا ان الشروط للوجود بالذات و للماهية بالعرض ليصح ما للوجود بالذات و هو قوله7 يمسك الاشياء باظلتها فكانت هذه الخمسة شروطاً للفعل من طاعة او معصية و لذلک قال7 فهذه خمسة اشياء جمع بها الصادق7 مواقع الفعل فاذا نقص العبد منها خلّة كان العمل عنها مطروحاً بحسبه هـ ولو كان الامر كما قالته الاشاعرة لما سقط عنه ما يراد منه. و ان لم‏تحصل هذه الشروط فيلزم تكليف مالايطاق او كما قالته المعتزلة لم‏يتوقف الفعل علي شي‏ء منها فيلزم الشقاق فشهد الكتاب بذلك و نفي ما ظنه الجبريون حيث قال تعالي لايكلف اللّه نفساً الا وسعها . و ما تشاءون الا ان يشاء اللّه رب العالمين.

و قوله7 فاخبر الصادق7 باصل ما يجب علي الناس من طلب معرفته يريد به انه7 دلهم علي معرفة ربهم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 217 *»

حيث اسس لهم تلك المعرفة بان شروط الفعل هذه الخمسة لينتفي الجبر بتوقف الفعل عليها و ليبطل التفويض لحاجتهم اليها و عدم استقلالهم لان من وصف اللّه و عبده بالجبر و التفويض لم‏يعرفه و انما وصف و عبد شيطاناً ظالماً و اناثاً عاجزاً.

و قوله7 و نطق القران بتصديقه فشهد بذلك محكمات ايات رسوله لان الرسول9 لايعدو شي‏ء من قوله9 و اقاويلهم: حدود القرآن يعني به مثل قوله تعالي و علي اللّه قصد السبيل و منها جائر و قوله تعالي و ما رميت اذ رميت ولكن اللّه رمي . و ما تشاءون الا ان يشاء اللّه حيث جعل الحال بين بين و هي اسناد الفعل اليهم لا مطلقاً بل يكون موقوفاً علي فعله و مشيته. فقوله و علي اللّه قصد السبيل بيّن فيه ان قصد السبيل اي الحق و الخير عليه فهو منه و اليه يعود بالكمال و ان كان بالعبد القاصد المهتدي و ان السبيل الجائرة من نفسها لا من اللّه و لا اليه و ان كان لاتكون الا باللّه. و قال تعالي و ما رميت فنفي عنه حقيقة ما اسنده اليه بقوله اذ رميت ولكن اللّه رمي فيكون الرمي من اللّه بالعبد لانه نفاه عنه اولاً و اخراً و اسنده اليه ظاهراً.

و قوله تعالي و ماتشاءون نفي عنهم حقيقة ما اسنده اليهم و اخبر عنهم بقوله تشاءون المتوقف علي مشيته يعني اذا شاء اللّه شاءوا ولو استقلوا لشاءوا ما شاءوا و ان لم‏يشأ الله ولو لم‏يكن لهم اعتبار في الفعل اصلاً كما يقوله الاشعري لما صح ان‌يقال اذا شاء اللّه ان‌يشاء العبد، شاء العبد لانه اذا صح اسناد الفعل اليه كان فاعلاً و لانه لولا ذلك لما اختص زيد بفعله دون عمرو لان ذلك الفعل علي قولهم مخلوق للّه فليس احدهما اولي به من الاخر. و لما صح ان‌يقول تعالي سيجزيهم وصفهم اذ لا وصف لهم. نعم اذا قلنا انه مخلوق للّه بالفاعل صح وصف الفاعل بذلك الفعل الذي كان به سواء كان منه باللّه كالمعصية او كان من اللّه بالعبد كالطاعة. فمشية العبد للطاعة بالذات من مشية اللّه لها بالذات و مشية العبد للمعصية بالذات من مشية اللّه لها بالعرض لكونها غير مشاءة لذاتها بل للطاعة لانها من تمام قابلية الطاعة للوجود فافهم و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 218 *»

قد مر مكرراً فراجع.

و هذا هو المنزلة بين المنزلتين التي هي اوسع مما بين السماء و الارض و ذلك ان الاشعري قال ان الافعال من اللّه ليس للعباد فيها اعتبار و انما اجري عادته سبحانه انه يخلق عند اسباب ظاهراً و ليست باسباب حقيقة و لا مدخل لها في الفعل. و قال المعتزلي ان العبد مستقل بفعله علي وفق ارادته و طبق اختياره. فالاول جبر بلا شك و الثاني تفويض بلا ريب، و بينهما ما قلنا و هو ان الطاعة من اللّه و اليه تعود اليه يصعد الكلم الطيب و [من ظ] العبد لانها صفته فلاتظهر الا به لان وجودها متوقف علي وجود العبد و هو ظاهر. و المعصية من العبد و اليه تعود يا ايها الانسان انك كادح الي ربك كدحاً فملاقيه لانها صفته لكنها لاتكون الا باللّه و ما تشاءون الا ان يشاء اللّه و هذه هي المنزلة بين المنزلتين فاذا قال7 لا جبر و لا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين شهد الكتاب بقوله كما بينا سابقاً. و قوله9 و هي صحّة الخ تبيين لشروط صحة تحقق المنزلة علي حسب احوال الفاعل و باقي كلامه عليه‌صلوات‌اللّه‌وسلامه ظاهر مبين.

قال7 و خبر عنه ايضاً موافق لهذا ان الصادق7 سئل هل جبر [اجبر تحف.] اللّه العباد علي المعاصي؟ فقال الصادق7 هو اعدل من ذلك. فقيل له فهل فوض اليهم؟ فقال هو اعز و اقهر لهم من ذلك.

اقول: استشهد7 باخر من قول جده الصادق7 مما شهد به الكتاب و صدقه و وافقه و فيه مع ذلك ابطال للمنزلتين فقال7 نفياً للجبر هو اعدل من ذلك لان الذي يفعل الظلم في عبده و يعاقبه عليه و ليس للعبد فيما اجري عليه مدخل بوجه يكون جائراً ظالماً و يلزمه ايضاً ان‌يكون محتاجاً لانه ضعيف و انما يحتاج الي الظلم الضعيف. فبين بطلان منزلة الجبر بدليل عقلي قد شهد له القرآن و صدقه قال تعالي و ما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين . و ما ربك بظلاّم للعبيد . و اذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها اباءنا و اللّه امرنا بها قل ان اللّه لا يأمر بالفحشاء الاية الي غير ذلك بحيث لاينكره الا اهل العناد الذين لايقبلون الحق حتي يفتح اللّه عليهم باباً ذا عذاب شديد.

و قال

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 219 *»

7 نفياً للتفويض هو اعز و اقهر لهم من ذلك لان من اهمل عبيده في ملكه يفعلون فيه ما شاءوا حتي انهم يفعلون ما لايحب ليس بعزيز منتقم و لا بقادر قاهر لهم. فبين7 بطلان التفويض بدليل عقلي قد شهد له الكتاب و صدقه و وافقه لانك اذا تدبرت القرآن عرفت ان الخلق ليس لهم حركة و لا سكون الا واللّه له حافظ و عليه رقيب و له مقدر و هو كثير مثل اولم يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد . و اللّه من ورائهم محيط . و لا تقولنّ لشي‏ء اني فاعل ذلك غداً الا ان يشاء اللّه . و لولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاءاللّه لا قوة الا باللّه . سواء منكم من اسرّ القول و من جهر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار له معقّبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر اللّه . قل اللّه خالق كل شي‏ء و هو الواحد القهّار . و هو القاهر فوق عباده . لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون . ام حسب الذين يعملون السيّئات ان‌يسبقونا ساء ما يحكمون . ولكن ظننتم ان اللّه لايعلم كثيراً مما تعملون . نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا الايات و ما كنا عن الخلق غافلين الي غير ذلك من الايات مما ينافي التفويض.

و لاتتوهم ان هذه الايات لا دلالة فيها او في اكثرها علي المطلوب بل فيها كلها تمام الدلالة و حقيقتها و لايمنعني من بيان ذلك الا خوف التطويل. و قال الرضا7 ان اللّه لم‏يطع باكراه و لم يعص بغلبة و لم‏يهمل العباد في ملكه الحديث. فاذا انتفي المنزلتان بهذا الحديث الحق الذي شهد له الكتاب وجب علي الامة قبوله و لزمهم من ذلك القول بالمنزلة بينهما اذ لا رابعة.

قال7 و روي عنه انه قال الناس في القدر علي ثلثة اوجه رجل يزعم ان الامر مفوض اليه فقد وهّن اللّه في سلطانه فهو هالك لانه اذا ادعي ما ليس عنده وكل الي ما ادعاه و ليس له من الامر شي‏ء و ما تملك من قطمير ان‌تدعوهم لايسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم فاذا وكّل الي ما توهمه و اشتد به ظمأ الامكان حسب ذلك السراب ماء حتي اذا جاءه لم‏يجده شيئاً و وجداللّه عنده فوفاه حسابه و اي هالك افقد حيوة منه.

[قال7ظ]

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 220 *»

و رجل يزعم ان اللّه عزوجل اجبر العباد علي المعاصي و كلفهم ما لايطيقون فقد ظلّم اللّه في حكمه فهو هالك لان اللّه تعالي قال في الحديث القدسي انا عند ظن عبدي بي ان خيراً فخير و ان شرّاً فشر فاذا زعم ذلك ظلّم اللّه في حكمه بتشديد اللام جعله ظالماً فاذا فعل ذلك كان عند ظنه ذلك بان‌يعامله في الجزاء معاملة من لم‏يتجاوز عن صغيرة و لا كبيرة و كلفه من عدله ما لايطيق لظنه بربه ذلك لانه زعم انه اجبرهم فقد كلفهم ما لايطيقونه حيث يعاقبهم علي ما لا قدرة لهم علي الامتناع عنه فهو هالك و اي هالك اشد ممن حجب اللّه عنه خيره. اللهم عاملنا بعفوك و لاتعاملنا بعدلك يا كريم!

[قال7 ظ] و رجل يزعم ان اللّه كلف العباد ما يطيقون و لم‏يكلفهم ما لايطيقون فاذا احسن حمد اللّه و اذا اساء استغفر اللّه فهذا مسلم تابع [بالغ تحف و غيره]

و قوله7يزعم هنا ليس المراد به معني الاولين لانهما بمعني الكذب و الباطل و الاخير بمعني الحق و اليقين. و في القاموس الزعم مثلثة القول الحق و الباطل و الكذب ضد انتهي. فيقول هذا يزعم ان‌يتحقق و يتيقن. و في القاموس ايضاً و اكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهي. فيكون هذا الاخير علي المعني الاول ظاهراً و علي الثاني لايجري الا في الاولين صاحب الجبر و صاحب التفويض لانهما شاكّان فيما اعتقداه لمخالفته لفطرتهم و وجدانهم فان كل من له ادني تميز يجد من نفسه انه غير مجبور لظهور اختياره في جميع افعاله و غير مفوض اليه لان ارادته و افعاله لاتتم له كلما اراد بل قد يريد و لايكون ما يريد و قد يريد ثم تنقض ارادته فلايقول بخلاف وجدانه و فطرته الا و هو شاك و انما جاءه الشك بعد تركه اليقين و انما حصل له الشك الذي هو تساوي الطرفين من جهة طينته و فطرته.

و يمكن ان‌نقول ان الشك يجري علي بعض افراد القائلين بالحق مجازاً و هم الذين قالوا ذلك لا عن علم ذوقي و دليل كشفي لان من لم‏يكن كذلك لايعرف من المنزلة بين المنزلتين الا العبارة و هي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 221 *»

و ان كانت تكفيه في السلامة ما لم يركب الشطط في التأويلات و العبارات فان التصرف فيهما لغير المعاين يخرجه عن الاستقامة الا ان معرفة ذلك بهذه المنزلة لفظاً ليست معرفة حقيقة بل هي مجاز الحقيقة و هي مظنة الشك فلو عبّر عنه بذلك لذلك لم‏يكن بعيداً هذا. و الظاهر انه لايجري في المحقّ و انما اوردت هذا الاحتمال تحذيراً من حال صاحب هذا الحال و حثّاً علي معارج المعالي و الكمال.

فقوله كلّفهم ما يطيقونه اهـ يعني من الفعل و الارادة ولو جاز تكليف ما لايطاق لجاز كل‌ما يشمله ذلك و يتناوله فيثيب العاصي و ابليس و يعاقب من اطاع امره علي طاعته و غير ذلك من الامور الشنيعة. و قوله فاذا احسن حمد اللّه يشير به الي انه عرف المنزلة بين المنزلتين و ان كان علي سبيل الاجمال فاذا احسن عرف انها نعمة امتن بها عليه و وفقه لها فحمد اللّه علي تلك النعمة التي لولا فضله لما وفق لها و لا استحقها و اذا اساء استغفر اللّه تائباً منه [استغفر الله لانها بائقة خ‌ل] نهاه اللّه عنها و فعلها باختياره جرأة علي نهيه و عدم ثقة بنصحه فانه تعالي انما نهاهم لمصلحتهم قال تعالي  يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر نهاهم عما فيه هلاكهم فتركوا نصيحته و اتبعوا دعوة عدوهم الشيطان قال تعالي افتتّخذونه و ذريته اولياء من دوني و هم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً فاذا استشعر ذلك استغفر اللّه و تاب و من كان كذلك فهو مسلم فوض الامر الي اللّه و نزهه عمّا لايليق بجلاله و عمل بكتابه.

قال7 فاخبر ان من يعتقد الجبر و التفويض و دان بهما فهو علي خلاف الحق.

قوله7 فاخبر يعني الصادق7 ان من يعتقد الجبر و هو من زعم ان اللّه اجبر العباد علي المعاصي و كلّفهم مالايطيقون كما مر، و ان من يعتقد التفويض و هو من زعم ان الامر مفوّض اليه انهم هالكون لانهم علي خلاف الحق.

ثم قال7 فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطاء و ان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 222 *»

الذي يتقلّد التفويض يلزمه الباطل فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما اي بين معتقد القائل بالجبر و بين معتقد القائل بالتفويض لان القول بالجبر تظليم للّه العدل الغني المطلق و القول بالتفويض فيه لزوم المشاركة للّه في سلطانه و تصرف في ملكه لا كما اراد و ذلك كما تري. و القول بالمنزلة كما ذكرنا فيه تعظيم للّه عن ظلم العبيد كما اخبر لان افعالهم صادرة عنهم فخيرها لهم و شرّها عليهم و فيه تعظيم شأنه و كمال قدرته و سلطانه كما امر لانهم لا حول لهم عن المعاصي و لا قوّة لهم علي الطاعة الا باللّه.

ثمّ قال7 و اضرب لكلّ باب من هذه الابواب مثلاً يقرب المعني للطالب و يسهل به البحث عن شرحه يشهد به محكمات آيات الكتاب و يتحقّق تصديقه عند ذوي الالباب و باللّه التوفيق و العصمة. فاما الجبر الذي يلزم من دان به الخطاء فهو قول من زعم انّ اللّه عزوجل جبر العباد علي المعاصي و عاقبهم عليها و من قال بهذا القول فقد ظلّم اللّه في حكمه و كذّبه و ردّ عليه قوله و لايظلم ربك احداً و قوله ذلك بما قدّمت يداك و ان اللّه ليس بظلاّم للعبيد و قوله ان اللّه لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس انفسهم يظلمون مع آي كثيرة في ذلك هذا. فمن زعم ان اللّه يجبر علي المعاصي فقد احال بذنبه علي اللّه و قد ظلّمه في عقوبته و من ظلم اللّه فقد كذّب كتابه و من كذب كتابه فقد لزمه الكفر باجماع الامّة.

شرع7 في بيان ما في القول بالجبر و التفويض من المفاسد و الخروج عن الملة عقلاً و نقلاً بعد ان بيّن الدليل علي بطلانهما و صحة القول بالمنزلة بينهما بالدليل القطعي كما مر فبين خطاء القول بالجبر اولاً لما فيه من مخالفة الوجدان حيث ان الاختيار في الفاعلين من كل متحرّك بالارادة من جميع الحيوانات ظاهر لايحتاج الي تأمل عند كل احد بل عند العارفين ان الجبر غير متحقق في الخلق لا في التشريعي و لا في التكويني فانكاره لايكون عن شبهة بل عناد لا يخفي فلذا ذكره اولاً اهتماماً بابطاله بخلاف التفويض فان الاوهام سبقت علي دعوي الانية في حالة الطفولية الي ان شبّ علي ذلك و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 223 *»

شاب علي انه في زعمه مستقل و ان اعتقد ان له ربّاً و ان عليه رقيباً ولكن لم‏يعرفه و لم‏يصفة بصفته بل اعتقد الفصل بينه و بين خالقه و ان خالقه بائن منه بينونة عزلة فحصره و اشار اليه و ليس خالقه محصوراً و لا مشاراً اليه فهوّده و نصّره ابواه المادّة و الصورة فهو ميّت لم‏يبعث من قبر طبيعته فهو في الظلمات ليس بخارج منها اي ظلمات الانية و مايترتب عليها فلم‏ينكشف له الحال في هذه الحال كانكشافها للجبري. و لهذا اكثر الطايفة المحقة اشتبه عليهم مذهب المعتزلة في هذه المسألة بالحق حتّي انّهم اوّلوا التفويض علي غير حقيقته استحساناً منهم لمذهبهم فقالوا ليس هذا قدراً و انما هو المنزلة الوسطي المثلي حتي انهم اذا قالوا العدلية عنوا بهم الاماميّة و المعتزلة زعماً منهم انهم اتفقوا علي القول بالعدل هنا و ليس كذلك بل غلطوا و قال اكثر المتكلمين بالتفويض و هو لايعلم حتي انه يقول لا جبر و لا تفويض هو المذهب الحق و يريد منه ان معناه ان اللّه خلق الالة و الصحة و هي التي يكون العبد بها متحركاً مستطيعاً للفعل و امر العبد و نهاه و عرفه النجدين و اعطاه من كل مايتوقف عليه الفعل علي فهمهم ثم خلاّه و ما عنده فهو يتحرك بما عنده علي سبيل الاستقلال.

و قد ذكر الشيخ محمد بن ابي جمهور الاحسائي في شرحه علي زادالمسافرين للعلامة بعد ان ذكر مذهب الاشاعرة قال و ذهبت المعتزلة و الامامية و الزيدية المسمون في هذا البحث بالعدلية الي ان الافعال الواقعة من المكلفين بحسب مقصودهم و دواعيهم منسوبة اليهم و هم الفاعلون لها و لا تأثير للّه فيها انتهي.

و لايخفي علي العارف البصير انهم و ان لم‏يقولوا بالاستقلال ولكن معني كلامهم ذلك فلايلحظون الا اياه انظر الي ما قال هذا الشيخ و هو شيخهم و رئيسهم ليس لاحد منهم فوقه من المرتبة الا العارفون اصحاب الشهود و قال في المجلي في هذه المسألة: و الافعال الصادرة عند دواعيهم هو موجدها بالاختيار لا علي سبيل الاستقلال بل باعتبار خلق الالات. فجعل خلق الالات نفياً للاستقلال يعني انه ليس في ذلك الا خلق الالة. و قال بعد ذلك: و ليس فعل الالة مستلزماً لفعل ما يقع بها من غير فاعلها

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 224 *»

ضرورة ان حداد السيف غير قاتل الخ. و هو ظاهر كما قلنا.

ثم قال في الكتاب المشاراليه المسمي بالمجلي و هو احسن ما صنف في المعارف الخمس و له فيه تعمّقات قال في هذا الموضع: و قال بعض المعتزلة معناه ليس بمنفي القدرة و الاختيار ليكون غير فاعل البتة الذي هو معني جبره و لا مفوض اليه بحيث يكون مستقلاً بادخال افعاله في الوجود من دون العناية الالهية و التدبير الكلي بل لما اعطاه اللّه شرايط يتمكن بها من الفعل فقد جعل زمام الاختيار بيده فصح ان‌يكون فاعلاً بالحقيقة ولكن غير مستقل به بالكلية بل بواسطة خلق الالات و هو قريب الي الصواب انتهي. و لايخفي ان هذا و امثاله صريح في الاستقلال و ان قال صاحبه انه غير مستقل فان ذلك لايجديه بعد تصريحه و لهذا تنبّه ره لبعض ما قلنا فقال بعد قوله: و هذا قريب الي الصواب قال: لكنه اما ان‌يصدق عليه باعطاء هذه الشرايط انه فاعل حقيقة او لا. فمن الاول يلزم التفويض و من الثاني يلزم الجبر فلاواسطة.

ثم قال بعد ذلك: و لبعض الفضلاء وجه رابع و هو ان‌يلاحظ في هذا الفعل صحة النسبتين علي الحقيقة لان وقوع الفعل من المباشر القريب انما هو باعتبار فيض الشرايط و التوفيقات و رفع الموانع الا انه لما كان هو العلة القريبة صح اسناد التأثير اليه حقيقة ولو اسند الي العلة المقتضية لتلك الشرايط و الاسباب التي لولاها و لولا التوفيقات و الامدادات الالهية معها لما حصل شي‏ء في الوجود صح ايضاً حقيقة لان علة العلة علة بالحقيقة فلا جبر حينئذ لجواز الاسناد الي المباشر القريب بطريق الحقيقة و لا تفويض لجواز الاسناد الي العلة الذاتية و هذا بالصواب انسب مما تقدمه الا ان الواسطة بين الامرين لم‏تتعين في هذا التقرير اذ ليس فيه الا جواز الاسناد الي الطرفين فكان ذلك شركة في الفعل بين الفاعلين. بل الحق في اثبات هذه الواسطة ما سنح لهذا الفقير و هو انه قد تقرّر في باب توحيد الافعال انه لا فاعل في الوجود الا اللّه لان المتعمق في هذا المقام لاينظر الا الحق و افعاله فالكل له و به و منه و اليه، بل و ينتهي الي التوحيد الوجودي فلاتري في الوجود الا هو كل شي‏ء هالك الا وجهه فلا فاعل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 225 *»

و لا مفعول و لا اثر و لا مؤثر و في هذا المقام تنتفي نسبة شي‏ء الي غيره له الخلق كله و اليه ترجع الامور.

ثم اذا نزل المحقق عن درجة التوحيدين و لاحظ الكثرات الوجودية الظهورية بمناسباتها و اطوارها المتعددة المقتضية لحسن النظام و الترتيب الواقع علي احسن الوجوه و ابدعها وجب ان‌يلاحظ الاسباب و المسببات و اسناد آثارها اليها و يتنزل معه الي مقام الشريعة و اثبات التكليف و الاحتياج الي الشارع الظاهر بصورة النوع المرشد و المعلم بوضع السياسات و الاداب الشرعية و العقلية لاصلاح النوع و انتظام اجتماعه الضروري في بقائه و تكميل الاشخاص باخراجهم من القوة الي الفعل و كل ذلك بدون استناد افعالهم اليهم و انهم المباشرون لها المعاقبون عليها المثابون علي ايجادها محال و حينئذ لا جبر بالنسبة الي المقام الثاني و لا تفويض بالنسبة الي المقام الاول، بل امر بين الامرين بمعني ان الطالب للحق لايشتغل بمقام واحد و يجعل الاخر وراء ظهره حتي يكون في احد طرفي الافراط و التفريط بل يجب ان‌يجمع بين المقامين و يلاحظ الحالين و يعرف المرتبتين الخ.

اقول: ما ذكره من اختياره لا يؤدّي علي الظاهر الا مؤدّي القول الذي قبله و ان كان كلاماً مزخرفاً فانه بعيد عن الصواب كالاقوال التي قبله و بيان ما فيها من الخطاء فيما اقوله لك فافهمه. و اما قول بعض المعتزلة الذي ذكره فهو تفويض لا شك فيه عند من نشق نسيم العرفان. و اما القول الذي بعده فانه يشبه الحق و ليس بحق لان قوله: و ان استند الي العلة المقتضية الخ ان اراد ان غاية اقتضائها للاسباب لا غير كان تفويضاً كالاول و ان اراد بالاقتضاء ان‌تكون العلة الثانية و المعلول فيه علي السواء في القرب و البعد فهو جبر و ان اراد ان اقتضاء العلة الاولي للمعلول انما هو باقتضائها للعلة الثانية المقتضية للمعلول من اقتضاء الاولي بالذات في الخير و باقتضائها بالعرض في الشر بان‌تكون الاولي فاعلة بالثانية معلولها علي الاعتبارين لانه صفتها اي الثانية فهذا هو الحق القويم و الصراط المستقيم كما اشرنا اليه سابقاً مراراً و يأتي الا ان الظاهر من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 226 *»

كلامه الاحتمال الاول فلهذا حكمنا اليه بالخطاء و لا تغتر بقوله لان علة العلة علة فان لسانه ملحون.

و اما مااختاره شيخنا فانه لا جبر و لا تفويض و لا منزلة بين المنزلتين بل هو رأي رابع هو جبر و تفويض لان ملاحظة التوحيدين اللذين اراد جبر لا مرية فيه و ملاحظة ظاهر التكليف تفويض لا شبهة فيه و ملاحظة المحصل من المقامين معاً نفي و اثبات معاً لا عبارة عنه و لا جواب له. اللهم الا ان‌يريد ان هذه الافعال صفات الفاعلين الذين هم في ملاحظة التوحيدين ليسوا بشي‏ء و هناك كلام لشي‏ء في شي‏ء و هم في ملاحظة وجوداتهم المقيدة و ازمنتهم المحددة اشياء باللّه و افعالهم اشياء بهم و اللّه الخالق قل اللّه خالق كل شي‏ء و هو الواحد القهّار . و تحسبهم ايقاظاً و هم رقود و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال الا انهم في ازمنة وجودهم و امكنة حدودهم ايقاظ مختارون فجعلناه سميعاً بصيراً لكنه لم‏يرد فتدبر كلامه.

لايقال ان هذا مثل قوله لانا نقول ان قوله جعله اعتبارين في الاول لا شي‏ء و في الثاني شي‏ء و قولنا في الاول و في الثاني انهم شي‏ء باللّه و اللّه شاء لهم افعالهم بما شاءوها من مشية اللّه في الطاعة و بمشيته في المعصية لا منها فافهم و اشرب صافياً.

و قوله (ره): لبعض الفضلاء وجه رابع كان بعد ذكره القولين (الاوّلين ظ) [لقولين الاول خ‌ل] قال: و قد اختلف في تعيين هذه الواسطة فنقل عن بعض المتأخرين ان معناه ليس بمجبور علي جميع افعاله بحيث لايبقي له اختيار في شي‏ء منها و لا مفوض في جميعها بحيث تكون له القدرة و الاختيار علي كل شي‏ء منها بل بعضها يقع باختياره و يكون فعله بالحقيقة و بعضها واقع عليه بغير اختياره و يكون محلاً قابلاً لها و لاتكون فعله علي الحقيقة و ان صح نسبتها اليه علي سبيل المجاز من حيث كونه محلاً لها. و هذا ضعيف فان ذلك نفي للواسطة و تقسيم لافعاله علي قسمين و ظاهر الحديث اثبات واسطة يكذب عليها كل من الطرفين.

و قال بعض الاشاعرة انه ليس بمجبور من كل وجه حتي لايصح نسبة الفعل اليه البتة و لايكون مكتسباً بسبب والا لبطل التكليف و خلا عن الفايدة و لا مفوضاً تثبت له قدرة مؤثرة و اختيار يكون به علة في فعله والا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 227 *»

لزم الشرك و نفي التوحيد بل امر بين ذلك و هو كونه كاسباً مكلفاً قادراً مريداً و هذا ايضاً ضعيف لان ذلك الكسب ان كان له به دخل في التأثير بوجه‏ما هو فاعل مفوض في الفعل الذي له التأثير فيه اي شي‏ء كان و ان لم‏يكن له به دخل في التأثير بوجه البتة فلا كسب فيتحقق الجبر المنفي في الحديث فلا معني في هذه الواسطة و لا تحقق لثبوتها انتهي كلامه ناقلاً عنهم. و ذكر بعد هذين القولين قول بعض المعتزلة المتقدم و ما بعده و لايمكن الكلام علي بطلان هذه الاقوال الا بالاشارة و قد ذكرت و لقد خرجت عن الاقتصار و الاختصار و ذكرت هذه الاقوال في غير الموضع الذي ينبغي استطراداً عند ذكر اهل التفويض و لئلا تخلو هذه المسائل عن ذكر بعض اختلافهم في هذه المسألة التي تحيّر فيها الخلق و ضلت الادلاء.

و كل يدعي وصلاً بليلي   و ليلي لا تقر لهم بذاكا

الا اني سلكت في شق هذه اللجة ما لم‌يسمح به الزمان و لا الدهر و انما ذلك من بحر السرمد و ما فاض به ذلك البحر من المد فان عثرت علي ما عثرت عليه عرفت ان ليس وراء عبادان قرية و لنرجع الي ماكنا فيه.

فنقول: قال7 في بيان مايلزم القائلين بالجبر فاما الجبر الذي يلزم من دان به الخطاء فهو قول من زعم ان اللّه عزوجل جبر العباد علي المعاصي و عاقبهم عليها. و منهم من قال خلق فيهم المعاصي لا بهم بل منه تعالي اللّه عن ذلك علواً كبيراً. و من قال بهذا القول فقد ظلّم اللّه بتشديد لام ظلّم و نصب الاسم الكريم اي نسب الظلم اليه و جعله ظالماً لعباده في حكمه لانه اذا جبرهم علي معصيته او خلق فيهم معصيته لا بهم بل منه ثم عاقبهم علي ذلك فقد ظلمهم من وجهين :

احدهما انه جبرهم علي غير مصلحة تعود اليهم او خلق فيهم ما به مفسدتهم لا بهم بل منه و هو لا شك وضع الشي‏ء لا في موضعه و هو الظلم و انما كان ذلك وضع شي‏ء لا في موضعه لان كل شي‏ء بينه و بين موضعه مناسبة لائقة تكون عن ذلك مزية لاتحصل بدون ذلك الوضع. و ثانيهما ان معاقبته لهم ظلم من وجهين: احدهما انه عاقبهم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 228 *»

بما لم‏يكن منهم موجبه و هو ظلم لايخفي. و ثانيهما ان المعاقبة بدون الموجب وضع الشي‏ء في غير موضعه و هو الظلم كما قلنا.

و قال7 و كذّبه و ردّ عليه قوله يعني انه بقوله: ان اللّه جبر العباد علي المعاصي الخ، تكذيب له في قوله و ما انا بظلام للعبيد بان هذا كلام مخالف للواقع و هو التكذيب و ذلك رد لقوله في كتابه المجيد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد مثل و لايظلم ربّك احداً. فقالوا بل ظلم ربك كل احد. و مثل قوله ذلك بما قدّمت يداك فقالوا بل بقدرتك و قضائك. و قوله تعالي و ما ربك بظلام للعبيد فقالوا بل جبرهم و ظلمهم. و قال تعالي ان اللّه لايظلم الناس شيئاً فقالوا بل ظلمهم كل شي‏ء و قال تعالي ولكن الناس انفسهم يظلمون فقالوا بل ظلمهم ربهم مع آي كثير من القرآن. فمن زعم ان اللّه يجبر علي المعاصي فقد احال بذنبه علي اللّه و ذلك يستلزم ان لايعاقب فاذا عاقبه فقد ظلمه و هو البتة معاقب له فقد ظلّمه بتشديد اللام في عقوبته. و من ظلّمه كذلك فقد كذّب كتابه فقد لزمه الكفر باجماع الامة. و انما اسند الكفر الي تكذيب الكتاب دون قوله و هو سواء لوجهين :

احدهما: ان تكذيب كتابه اشنع عند الناس و في الاوهام لشهرته فلايمكن الشك لاحد في تكفير المكذّب بالكتاب. و ثانيهما: ان الكتاب مجمع عليه مقطوع به فاذا كان قطعي الدلالة و هو قطعي المتن لم‏يكن للمنكر ما يلتجي‏ء اليه و يتعلل به بخلاف القول فانه و ان وجد قطعي الدلالة لم‏يكد يوجد قطعي المتن الا اذا كان كتاباً فان منكره قد لايكفر لتحصيله الاحتمال المانع فلاجل ذلك اسند الكفر الي تكذيب الكتاب لا الي قوله.

قال7 و مثل ذلك مثل رجل ملك عبداً مملوكاً لايملك نفسه اي لايقدر علي شي‏ء و لايملك عرضا من الدنيا و يعلم مولاه ذلك منه انما قال عبداً مملوكاً لايملك نفسه اقتباساً من قوله تعالي عبداً مملوكاً لايقدر علي شي‏ء و انما قال لايقدر علي شي‏ء للتأكيد و يجوز ان‌يكون لرفع المجاز بان‌يلحظ في الملك ملك الاحسان و الجميل و ذلك يكون بين الاحرار و لايلزم منه صحة المثل لجواز الاستقلال و لاجل ملاحظة عدم جواز الاستقلال

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 229 *»

في هذا المثال قال7 اي لايقدر علي شي‏ء ثم اكده بقوله و لايملك عرضاً يعني لو قيل بجواز تملكه بالتمليك. و قوله: يعلم ذلك منه، يريد انه اذا علم المولي ذلك صح ترتب المثل عليه و هو الحكم بالظلم لانه اذا لم‌يعلم لم‌يكن فعله المرتب علي عدم العلم ظلماً لكونه اعم منه لتطرق المعذورية علي الجاهل لا علي العالم.

ثم قال7 فامره علي علم منه اي من المولي بانه لايملك نفسه و لايملك مالاً يمكن ان‌يشتري به شيئاً. بالمصير الي السوق لحاجة يأتيه بها و لم‏يملكه ثمن ما يأتيه به من حاجته.

و قوله7 و لم‏يملكه ليس المراد به الحكم بجواز التمليك لتصريحه بعدمه بل لبيان شرط التمكن من الفعل المرتب عليه صحة المثل.

ثم قال7 و علم المالك ان علي الحاجة رقيباً لايطمع احد في اخذها منه الا بما يرضي به من الثمن يعني انه لو امكن اخذها منه مجاناً لجاء العذر للمولي في عقاب عبده الذي يقدر علي اخذها مجاناً و لم‏يكن المولي ظالماً في ذلك في كثير من الصور.

ثم قال7 مع ان العبد لايملك نفسه و هذا مبالغة في عدم الاستقلال.

ثم قال7 و قد وصف مالك العبد نفسه بالعدل و النصفة و اظهار الحكمة و نفي الجور هـ لانه لولم يصف نفسه و لم‏يعلم ذلك منه كان تظليمه ليس بشناعة تظليم من وصف نفسه كذلك ثم كان منه خلاف ما وصف.

ثم قال7 و اوعد عبده عليه ان لم‏يأته بحاجته ان‌يعاقبه علي علم منه بالرقيب الذي علي حاجته انه سيمنعه و علم ان المملوك لايملك ثمنها و لم‏يملّكه ذلك هـ انما قال7 هكذا ليتحقق عدم الجهل و لايتّجه  في ذلك نوع عذر للمالك في شي‏ء من ذلك.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 230 *»

ثم قال7 فلما صار العبد الي السوق و جاء ليأخذ حاجته التي بعثه المولي لها وجد عليها مانعاً يمنع منها الا بشراء و ليس يملك العبد ثمنها هـ و كل ذلك من علم من المولي في جميع ذلك و ان ذلك هو شرط استطاعة العبد لما امر بحيث لايكون مقصراً بحسب مقدرته.

[قال7 ظ] فانصرف الي مولاه خائباً بغير قضاء حاجته فاغتاظ مولاه عليه و عاقبه عليه اليس يجب في عدله و حكمته الا يعاقبه و هو يعلم ان عبده لايملك عرضاً من عروض الدنيا و لم‏يملّكه ثمن حاجته فان عاقبه عاقبه ظالماً متعدياً عليه مبطلاً لما وصف من عدله و حكمته و نصفته هـ فاذا كان المالك ظالماً في معاقبة عبده اذا لم‏يفعل ما امره لعجزه عنه بعدم تمكينه مما لم‌يمكّن الا به فكيف علي زعم هذا القائل بالجبر الذي يعتقد ان جميع افعال العباد من اللّه هو الفاعل لها و لا مدخل للعباد بوجه‏ما و يعاقب من يشاء و يثيب من يشاء و لايسأل عما يفعل فهذا ابلغ من لزوم الجور و الظلم تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

ثم قال7 ([15])و من زعم ان اللّه يرفع عن اهل المعاصي العذاب فقد كذّب اللّه في وعيده حيث يقول بلي من كسب سيّئة و احاطت به خطيئته فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون و قوله انّ الذين يأكلون اموال اليتامي ظلماً انما يأكلون في بطونهم ناراً و سيصلون سعيراً و قوله ان الذين كفروا باياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب ان اللّه كان عزيزاً حكيماً مع آي كثيرة في هذا الفن هـ..

هذا الكلام منه7 يجوز ان‌يكون المراد منه ان القول بالجبر يلزم منه علي مقتضي قياسهم فراراً من القول بتظليم اللّه ان اللّه لايعاقب اهل المعاصي لئلايكون ظالماً و يكونون قد كذّبوا اللّه في وعيده كما قال في كتابه و يلزمهم من ذلك الكفر لتكذيبهم كتابه و يجوز ان‌يكون استطرد حكم المرجئة الذين يقولون انه لايضر مع الايمان معصية كما لاتنفع مع الكفر طاعة و لذا سموا بالمرجئة لاعتقادهم ان اللّه ارجي تعذيبهم عن المعاصي اي اخّره عنهم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 231 *»

اما لاشتراكهم فيما يلزم القائلين بالجبر اذا لم‏يقل الجبري بالتظليم من الكفر لانكارهم النص من الكتاب كاهل الجبر و اما لان من جهال شيعته من قال بقولهم كما قالوا بالجبر و التفويض كما ذكر من اول هذه الرسالة ثم بيّن7 علي الاحتمالات حكمهم و مايلزمهم.

فقال7 فمن كذّب وعيد اللّه يلزم في تكذيب اية من كتاب اللّه الكفر و هو ممن قال اللّه أ فتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحيوة الدنيا و يوم ‏القيمة يردّون الي اشد العذاب و ما اللّه بغافل عما تعملون هـ فهذه الاية و امثالها صريح في تعذيب العصاة و تخليدهم في النار فالمنكر لمدلولها كافر لدخوله في قوله و تكفرون ببعض و لاجماع الامة علي كفر من ردّ حكم الكتاب الصريح.

ثم انه7 اشار الي المنزلة بين المنزلتين بعد ابطال احدهما و هو الجبر ايضاحاً لطريقها و رداً علي من تنكّبها فقال7 بل نقول ان اللّه عزوجل يجازي العباد علي اعمالهم و يعاقبهم علي افعالهم بالاستطاعة التي ملّكهم اياها  [فامرهم و نهاهم تحف.] هـ من خلق الالة و الصحة و هي القوة التي بها يكون العبد متحركاً مستطيعاً للفعل و تخلية السرب و امكان الزاد و الراحلة و غير ذلك من السبب المهيج الي الفعل و تركيب الشهوة المركبة فيه و ميل كل من ركنيه الي ما يقتضيه و من التأييد و الخذلان عند تمام استعداده لاحد الطرفين و قد مر من هذا كثير فلاحظ و من الامر و النهي و الترغيب و الترهيب اللذين هما مفتاحا التأييد و الخذلان.

ثم قال7 بذلك نطق كتابه من جاء بالحسنة فله عشر امثالها و من جاء بالسيّئة فلايجزي الا مثلها و هم لايظلمون هـ ليبيّن بهذه الاية الشريفة ان العباد فاعلون قد اسند اليهم اعمالهم بقوله تعالي و من جاء و انهم مجازون عليها بقوله تعالي فله عشر امثالها ، فلايجزي الا مثلها رداً علي الفريقين في الطريقين.

و مثلها استشهاده7 بقوله قال جل ذكره يوم تجد كل نفس ما

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 232 *»

عملت من خير محضراً و ما عملت من سوء تودّ لو ان بينها و بينه امداً بعيداً و يحذركم اللّه نفسه هـ انما ذكر7 من هذه الاية الشريفة الي قوله تعالي و يحذركم اللّه نفسه للتنبيه علي تحقيق الوعيد و ان الامر مبني فيه علي التسديد بخلاف ما اعتقدوا.

ثم بيّن7 ان من يعمل مثقال ذرة خيراً يره و [من يعمل مثقال ذرة ظ] شراً يره. فقال7 و قال تعالي اليوم تجزي كل نفس ما كسبت لا ظلم اليوم.

ثم قال7 فهذه الايات محكمات لنفي الجبر و من دان به و مثلها في القرآن كثير اقتصرنا علي ذلك لئلايطول الكتاب و باللّه التوفيق هـ.

ثم لما فرغ من ذكر حال الجبرية و ما يلزمهم شرع في ذكر المفوضة و هم اصحاب المنزلة الثانية من المنزلتين فقال7 و اما التفويض الذي ابطله الصادق7 و خطّأ من دان به و تقلده فهو قول القائل ان اللّه جل ذكره فوض الي العباد اختيار امره و نهيه و اهملهم هـ .

ذكر7 احد معنيي التفويض و هو تفويض الاختيار في الافعال و الثاني تفويض الافعال و المآل في التأدّي الي الاستقلال واحد و معني ذلك انهم يزعمون ان اللّه فوّض اليهم اختيار الطاعات فهم مستقلون في ذلك بعد خلق الالة قادرون عليها من غير تهيئة الاسباب الوجودية من التأييدات و الالطاف و العنايات التي بها قوام تلك القدرة و الاستطاعات. و فوض اليهم اختيار المعاصي فهم مستقلون كذلك قادرون عليها من غير تهيئة الاسباب العرضية العدمية من الخذلان و التجليات القهرية التي بها قوام تلك الدواعي و القدر و الاستطاعات و المعني الثاني فرع الاول و مرتب عليه و الكلام علي الاول كلام علي الثاني.

و دعوي الاستقلال دعوي الاستغناء من الفقير الذي لا شيئية له و لا تحقق الا بالفقر الي الغني المطلق سبحانه و تعالي عما يشركون و الي ذلك الاشارة بقوله و اهملهم و قول المفوض الذي حكي7 عنه باطل لانه اذا اهمله و رفع عنه يده لم‏يكن شيئاً ولكنهم لايعلمون ولو اهملهم بان فوض اليهم ما به يفعلون ما شاءوا لم‏يكن ذلك كذلك الا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 233 *»

بان جعلهم محال ارادته و مهابط امره و نهيه فيلزمه الرضا بكل ما فعلوا.

و اليه الاشارة بقوله7 و في هذا كلام دقيق لمن يذهب الي تحريره و دقّته و الي هذا ذهب الائمة المهدية من عترة الرسول9 فانهم قالوا لو فرض اليهم علي جهة الاهمال لكان لازماً له رضا ما اختاروه و استوجبوا منه الثواب و لم‏يكن عليهم فيما جنوه العقاب اذا كان الاهمال واقعاً هـ و هو كما اشرنا اليه فلهم ان يفعلوا ما شاءوا و عليه ان‌يرضي فهم في كل حال مطيعون مستوجبون الثواب فكان الحكمة تقتضي الاّ يرسل اليهم رسولاً و لاينزل اليهم كتاباً.

ثم قال7 و تنصرف هذه المقالة علي معنيين اما ان‌يكون العباد تظاهروا عليه فالزموه قبول اختيارهم بارائهم ضرورة كره ذلك ام احبّ فقد لزمه الوهن هـ. ان كان لم‏يرض افعالهم كلها بل بعضاً منها كما هو الواقع لانه امر و نهي والا لم‏ينه اذ لو رضيها كلها لم‏تكن فائدة من امره و نهيه و حيث انه امر و نهي لم‏يفوض اليهم الاختيار باختياره بل تظاهروا عليه و فسّروه علي اختياره ما اختاروا.

و اشار7 الي المعني الثاني بقوله او يكون جل‌وعز عجز عن تعبدهم بالامر و النهي علي ارادته كرهوا او احبّوا هـ اما لعدم علمه بما يريد فيه لايزال و بما يصلحهم و اما لعدم قدرته علي انفاذ مشيته فيهم علي ما تقتضيه الحكمة من التكليف و تهيئة اسبابه كما مر متفرقا فالتقطه من اماكنه.

قال7 ففوض امره و نهيه اليهم و اجراهما علي محبتهم اذ عجز عن تعبدهم بارادته فجعل الاختيار اليهم في الكفر و الايمان هـ لا شك في لزوم القول بهذين المعنيين لمن قال بذلك و لا شك في عدم اسلام معتقد ذلك.

ثم انه7 ضرب لاهل التفويض مثلاً كما ضرب لاهل الجبر انفاً فقال7 و مثل ذلك مثل رجل ملك عبداً ابتاعه ليخدمه و يعرّف له فضل ولايته و يقف عند امره و نهيه و ادعي مالك العبد انه قادر عزيز حكيم فامر عبده و نهاه و وعده علي اتباع امره عظيم الثواب و اوعده علي معصيته اليم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 234 *»

العقاب فخالف العبد ارادة مالكه و لم‏يقف عند امره و نهيه فاي امر امره به و اي نهي نهاه عنه لم‏يأته علي ارادة المولي بل كان العبد يتبع ارادة نفسه و اتباع هواه و لايطيق المولي ان‌يرده الي اتباع امره و نهيه و الوقوف علي ارادته ففوض اختيار امره و نهيه اليه و رضي منه بكل ما يفعله علي ارادة العبد لا علي ارادة المالك و بعثه في بعض حوائجه و سمي له الحاجة فخالف علي مولاه و قصد لارادة نفسه و اتبع هواه فلما رجع الي مولاه نظر الي ما اتاه به فاذا هو خلاف ما امره به فقال له لم اتيتني بخلاف ما امرتك به؟ فقال العبد اتكلت علي تفويضك الامر الي فاتبعت هواي و ارادتي هـ..

هذا الكلام ظاهر مطابق لما صرّف في مقالتهم من المعنيين و هما اما انهم تظاهروا عليه و الزموه الرضا بكل ما فعلوا و اما انهم اعجز [انه عجز خ‌ل] من تعبدهم بامره و نهيه كما شاء ففوض اليهم فعليه ان‌يرضي بكل ما فعلوه.

ثم قال7 لان المفوض اليه غير محظور عليه فاستحال التفويض هـ . لانه لايتحقق الا بما ذكر7 من تظاهرهم عليه او عجزه عن تعبدهم بامره و نهيه و كل ذلك محال في جانب الواجب الحق سبحانه فيكون التفويض محالاً.

ثم انه ذكر7 ما يلزمهم من هذا المعتقد في صورة المثل الذي ضربه لذلك فقال7 أوليس يجب علي هذا السبب اما ان‌يكون المالك للعبد قادراً يأمر عبده باتباع امره و نهيه علي ارادته لا علي ارادة العبد و يملّكه من الطاعة بقدر ما يأمره به و ينهاه عنه فاذا امره بامر و نهاه عن نهي عرّفه الثواب و العقاب عليهما و حذره و رغبه بصفة ثوابه و عقابه ليعرف العبد قدرة مولاه بما ملّكه من الطاقة لامره و نهيه و ترغيبه و ترهيبه فيكون عدله و انصافه شاملاً له و حجته واضحة عليه للاعذار و الانذار فاذا اتبع العبد امر مولاه جازاه و اذا لم‏يزدجر عن نهيه عاقبه هـ..

لان القسمة لاتخلو علي هذا المعتقد عن احد هذين اللازمين اما ان‌يكون المالك قادراً علي نحو ما ذكره7 و يلزم من ذلك بطلان القول بالتفويض او غير قادر علي ما اراد فيهم فيلزم نفي القدرة و الالوهية.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 235 *»

و الي ذلك اشار بقوله7 او يكون عاجزاً غير قادر ففوض امره اليه احسن ام اساء اطاع ام عصي عاجزاً عن عقوبته و ردّه الي اتباع امره و في اثبات العجز نفي القدرة و التألّه و ابطال الامر و النهي و الثواب و العقاب هـ.. و هذا ايضاً ظاهر.

و ليس لقائل ان‌يقول الحصر العقلي يقتضي جواز غير المفروض كما اقتضي المفروض فهو اعم من ذلك لجواز ان‌يكون فوض اليهم لا لتظاهرهم و لا لعجزه بل يجوز ان‌يكون اختصهم ففوض اليهم يفعلون باختيارهم بعد ما خلقهم و خلق لهم ما يحتاجون اليه ففعلوا ماشاءوا باستقلال و لهذا جري الثواب و العقاب و نطق بهذا المعني ظاهر الكتاب، لانا نقول ان المفوض‌اليهم بهذا المعني لايشهدون لهم فعلاً بل فعلهم فعل اللّه لان قلوبهم محال مشيته كما مرت الاشارة اليه قال اللّه تعالي لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و قال تعالي و ما رميت اذ رميت ولكن اللّه رمي ولو كان هؤلاء مفوضاً اليهم لم‏يحصرهم بالامر و النهي فان المأمور المنهي ليس بمفوض اليه ولكنهم كما قال الصادق7 فيما رواه الصدوق في توحيده عن علي بن سالم عن ابي‏عبداللّه7 قال سألته عن الرقي اتدفع من القدر شيئاً فقال هي من القدر. و قال7 ان القدرية مجوس هذه الامة و هم الذين ارادوا ان‌يصفوا اللّه عزوجل بعدله فاخرجوه من سلطانه و فيهم نزلت هذه الاية يوم يسحبون في النار علي وجوههم ذوقوا مسّ سقر انا كل شي‏ء خلقناه بقدر هـ.

و لا شك ان قولهم بالتفويض مستلزم لنفي القدرة المطلقة اما لغلبة قدرتهم او لعجز قدرته عما يشاء او لوجود قدرة مستقلة و ذلك يوجب عدم كون قدرته مطلقة لرجوع ذلك الي الحصر و التحديد و كذلك يستلزم نفي التأله لانتفائه في بعض الممكنات و هي متساوية اليه في الوهيّته [المألوهية خ‌ل] علي حد واحد من الفقر اليها و القيام بها و كذلك يستلزم ابطال الامر و النهي لان المفوض اليه لايجوز عليه حينئذ الامر و النهي والا فليس بمفوض اليه و كذلك الثواب و العقاب.

ثم قال7 و مخالفة الكتاب اذ يقول و لا يرضي لعباده الكفر و ان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 236 *»

تشكروا يرضه لكم هـ لانه لو فوض اليهم لزمه الرضا بالكفر فاذا قالوا بذلك خالفوا الكتاب و يلزمهم ما مر.

و قال7 و قوله عزوجل اتقوا اللّه حق تقاته و لاتموتن الا و انتم مسلمون هـ لانه امرهم بالتقوي و لو فوض اليهم لم‏يأمرهم بشي‏ء. فمن قال بذلك خالف الكتاب و حقّ عليه ما مر.

قال7 و قوله تعالي و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون مااريد منهم من رزق و ما اريد ان يطعمون هـ فمن قال بالتفويض كذب بان علة خلقهم المعرفة و العبادة و يجري عليه ما مر.

ثم قال7 و قال تعالي اعبدوا اللّه و لاتشركوا به شيئاً و قوله تعالي اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و لاتولوا عنه و انتم تسمعون هـ و الاستدلال بهذه الايتين مثل ما قبلهما.

ثم قال7 فمن زعم ان اللّه تعالي فوض امره و نهيه الي عباده فقد اثبت عليه العجز لما عرفت و اوجب عليه قبول كل ما عملوه من خير او شرّ و ابطل امر اللّه و نهيه و وعده و وعيده لعلة ما زعم ان اللّه فوضها [فوضهما خ‌ل] اليه لان المفوض اليه يعمل بمشيته فان شاء الكفر او الايمان كان غير مردود عليه و لا محظور فيه. فمن دان بالتفويض علي هذا المعني فقد ابطل جميع ما ذكرناه من وعده و وعيده و امره و نهيه و هو من اهل هذه الاية افتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحيوة الدنيا و يوم القيمة يردون الي اشدّ العذاب و ما اللّه بغافل عما تعملون تعالي اللّه عما يدين به اهل التفويض علواً كبيراً هـ.

قوله7 لما عرفت يعني من المعنيين الذين ذكرهما من لزوم تظاهرهم عليه حتي الزموه ما شاءوا و من لزوم عجزه عن تكليفهم الا بان‌يفوض اليهم الاختيار و باقي الكلام كسابقه ظاهره ظاهر. و قوله7 و هو من اهل هذه الاية ظاهر في كفار قد استحقوا عذاب النار كما يدل عليه ظاهر الاية.

ثم اشار الي بيان المنزلة بين المنزلتين ظاهراً بالعبارة الموافقة فقال

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 237 *»

7 لكن نقول ان اللّه خلق الخلق بقدرته و ملّكهم استطاعة تعبدهم بها فامرهم و نهاهم بما اراد فقبل منهم اتباع امره و رضي بذلك لهم و نهاهم عن معصيته و ذم من عصاه و عاقبه عليها و للّه الخيرة في الامر و النهي يختار ما يريد و يأمر به و ينهي عما يكره و يعاقب عليه بالاستطاعة التي ملّكها عباده لاتباع امره و اجتناب معاصيه لانه ظاهر العدل و النصفة و الحكمة البالغة بالغ الحجة بالاعذار و الانذار.

قوله7 خلق الخلق بقدرته رد عليهم فيما اعتقدوه مما يلزم به العجز و قوله و ملّكهم استطاعة تعبدهم بها الخ ابطال للاستقلال المدعي. و قوله7 فامرهم و نهاهم دفع لدعوي تفويض الامر و النهي اليهم و للّه الخيرة في الامر و النهي لا لهم. و قوله بالاستطاعة التي ملّكها عباده ابطال لمعتقد اهل الجبر. و قوله و اتباع [لاتباع ظ] امره و اجتناب معاصيه نفي لمعتقد اهل التفويض. ثم بيّن ان له الخيرة و ربك يخلق ما يشاء و يختار ماكان لهم الخيرة بناء علي ما سبق و لان افعاله اجراها علي طريق الحكمة تعرفاً منه اليهم و تعريفاً لهم ما جهلوا من صفاته و افعاله.

فقال7 و اليه الصفوة يصطفي من عباده من يشاء لتبليغ رسالته و احتجاجه علي عباده اصطفي محمداً9 و بعثه برسالته الي خلقه فقال من قال من كفار قومه حسداً و استكباراً لولا نزّل هذا القرآن علي رجل من القريتين عظيم يعني بذلك امية بن ابي‏الصلت و ابامسعود الثقفي([16]) ولو فوض اختيار امره الي عباده و رضي منهم كل ما فعلوه لاجاز لقريش اختيار امية بن ابي‏الصلت و ابي‏مسعود الثقفي اذ كانا عندهم افضل من محمد9 و كذا ادب اللّه المؤمنين بقوله و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي اللّه و رسوله امراً ان‌يكون لهم الخيرة من امرهم فلم‌يجز لهم الاختيار باهوائهم و لم‏يقبل منهم الا اتباع امره و اجتناب نهيه علي يدي من اصطفاه فمن اطاعه رشد و من عصاه ضل و غوي و لزمته الحجة بما ملّكه من الاستطاعة لاتباع امره و اجتناب نهيه فمن اجل ذلك حرمه ثوابه و انزل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 238 *»

به عقابه.

هذا الكلام ظاهره ظاهر و اما حقيقة القول فقد مر عليك مراراً و هو ان كل معني ينسب الي العبد مما ملكه اللّه فهو بيد اللّه تعالي لايخرج عن قبضته فالاستطاعة بشروطها المتقدمة في يده عزوجل و اليه الاشارة بقوله تعالي الم تر الي ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً فان الظل من الشاخص و هو يتفيّأ بالشمس و تحركه بدورانها علي التفرقة فلا وجود له الا بها و ليس منها ولكنها دليله و الظل يتفيّأ بها و يسجد لها سجود اصحاب الشمال حيث دعته فادبر و لم‏يقبل و كيف لاتكون دليلاً عليه و هو مقبل اليها بادباره عنها اولم يروا الي ما خلق اللّه من شي‏ء يتفيّؤ ظلاله عن اليمين و الشمائل سجداً للّه و هم داخرون فافهم الاشارة فان التصريح يفضح السرو يغشي الفكر مايغشي من الاشباح فيرجع البصر خاسئاً و هو حسير ولكن تأمل في كل شي‏ء ينسب الي العبد فانك تجده وجوداً و كل وجود فهو في يد الموجد سبحانه لايخرج عن قبضته و اليه الاشارة بقول الرضا7 هو المالك لما ملكهم [و القادر علي ما اقدرهم خ‌ل] فنفي7 بقوله هو المالك التفويض و بقوله لما ملّكهم الجبر فلايستقل العبد بشي‏ء اذ كل شي‏ء فان دخل في الوجود فهو من اللّه و بذلك الموجود و ان لم‏يدخل بل تبع الموجود فهو باللّه و من ذلك الموجود و قد مر كراراً. و اليه الاشارة بقوله7 و لزمته الحجة بما ملّكهم من الاستطاعة الخ فاخبر بانه تعالي ملكهم الاستطاعة لكن علي نحو ما قلنا بدليل استشهاده بقول جده اميرالمؤمنين7 الاتي لعباية حين سأله فقال سألت عن الاستطاعة تملكها من دون اللّه او مع اللّه الخ.

ثم قال7 و هذا القول بين القولين ليس بجبر و لا تفويض و بذلك اخبر اميرالمؤمنين7 عباية بن ربعي الاسدي حين سأله عن الاستطاعة التي بها نقوم و نقعد و نفعل. فقال له اميرالمؤمنين7 سألت عن الاستطاعة تملكها من دون اللّه او مع اللّه؟ فسكت عباية هـ .

و انما قال له7 لما قال بها نقوم و نقعد لانه توهم انه خلقها فينا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 239 *»

فكانت عندنا علي سبيل الاستقلال لا انه توهم انها لم‏يخلقها اللّه لنا كما توهمه بعض فقال7 له تملكها من دون اللّه او مع اللّه؟ ولو كان ذلك ظنه لقال له انت خلقتها او خلقت شيئاً. و عباية بالعين المهملة فالباء الموحدة فالالف فالياء المثناة من تحت من خواص علي7.

فقال له اميرالمؤمنين7 قل يا عباية قال و ما اقول؟ قال7‏ان قلت انك انت تملكها من دون اللّه قتلتك و ان قلت تملكها مع اللّه قتلتك. قال فما اقول؟ قال لاتقول انك تملكها من دون اللّه ولكن تقول تملكها باللّه الذي يملكها من دونك هـ . تأمّل هذا الكلام فانه كما ذكرت لك حرفاً بحرف روحي فداؤه و فداء ابنائه الطيبين صلي‌اللّه‌عليه و عليهم اجمعين.

ثم قال اميرالمؤمنين7 مخاطباً لعباية فان اتاك كان ذلك من عطائه و ان سلبكها كان ذلك من بلائه هو المالك لما ملّكك و القادر علي ما عليه اقدرك اما سمعت الناس يسألون عن الحول و القوة حين يقولون لا حول و لا قوة الا باللّه؟ قال عباية و ما تأويلها يا اميرالمؤمنين؟ قال7 لا حول عن معاصي اللّه الا بعصمة اللّه و لا قوة لنا علي طاعة اللّه الا بعون اللّه. قال فوثب عباية و قبّل يديه و رجليه.

اقول تأمل هذا الحديث الشريف و اشرب من بحر العلم الثجاج [النجاح خ‌ل] ماء فراتاً فانك ان شربت منه شربة لم‏تظمأ ابداً و ان اردت دلواً تغترف به فقد بذلته لك فاشكر نعمة اللّه فان طلبت رشاء ليتوصل به الي اغتراف الماء من هذا البئر المعطلة فقد اعطيتكه و مددت لك فيه ما به تناول [تنال خ‌ل] كل ما تطلب في هذه المسألة و في غيرها فتدبر ما حرّرته تعثر علي خفايا لاتسعها الدفاتر و لاتجمعها المساتر و اترك الزمان و زن الكلام و افهم فان في الزوايا خبايا و لاتعد عيناك عما اوليناك فتخر كما خر من سلك هذا البحر المظلم بغير مصباح فلعمري لقد خر من السماء فقد تخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 240 *»

ثم قال7 و روي عن اميرالمؤمنين7 حين اتاه نجدة يسأله عن معرفة اللّه قال يا اميرالمؤمنين بماذا عرفت ربك؟ قال7 بالتمييز الذي خوّلني و العقل الذي دلّني. يجوز ان‌يكون فاعل خوّلني ضميراً عائداً الي التمييز اي خولني التمييز معرفة ربي يعني اعطاني و ان‌يكون عائداً الي اللّه تعالي و هذا ظاهر.

قال7 أفمجبول انت عليه؟ قال لو كنت مجبولاً ما كنت محموداً علي احسان و لا مذموماً علي اساءة و لكان المحسن اولي باللائمة من المسي‏ء و ذلك لانا قد بينا سابقاً ان الطاعة لاتكون من فاعلها طاعة حتي يكون و يتحقق له من نفسه داع الي المعصية و يكون ممكّناً من فعلها و تركها امتثالاً للامر فتكون بتركه ما يقتضيه هواه لامتثال الامر طائعاً. و انما نفي كونه مجبولاً لانه ينافي الاختيار و ذلك لان جعل الشي‏ء علي مقتضي امر خاص نفي لاقتضائه سوي ذلك الامر بخلاف المخلوق المختار فانه و ان كان مجبولاً لكنه مجبول من جهة الوجود علي اقتضاء الخير و الطاعة و من جهة الماهية علي اقتضاء الشر و المعصية و الماهية عكس الوجود و كل كمال لها عكس ضده العام من كمال الوجود فلزمه ان‌يكون مجبولاً علي الشي‏ء و ضده [فضده خ‌ل] العام فله ان‌يفعل الشي‏ء و يترك ضده و له ان‌يفعل الضد و يترك ذلك الشي‏ء فلايكون مجبولاً بل هو مختار لان المجبول يلزم طريقة واحدة فيما جبل عليه فافهم.

و انما قال نجدة أفمجبول انت؟ حين قال7 بالتمييز الذي خوّلني لانه يري القول بان العباد لا مدخل لهم في الاعمال [الافعال خ‌ل] فاستقوي رأيه بقوله7 بما خوّلني فسأله أفمجبول انت؟ ليقرر ما رآه فعلم7 ذلك منه فبيّن فساد رأيه بما مر ثم ذكر7 طريق المعرفة المسئول‌عنها من باب الاستدلال بالاثار علي وجود الصانع سبحانه لانه مقام نجدة.

فقال7 فعلمت ان اللّه تعالي قديم باق و ما دونه حدث زائل و ليس القديم الباقي كالحدث الزائل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 241 *»

يعني اني نظرت الي ما وقع عليه شي‏ء من حواسي و بصائري فلم‏اجد الا ما هو مصنوع ظاهر الصنع محتاج الي صانع لاتجوز عليه صفات المصنوعين والا لاحتاج الي صانع فعلمت بوجود المصنوع الزائل وجود القديم الباقي.

قال نجدة اجدك اصبحت حكيماً يا اميرالمؤمنين قال اصبحت مخيّراً فان اتيت بالسيئة مكان الحسنة فانا المعاقب عليها.

لعل نجدة هذا هو ابن‌عامر من بني‌حنيفة خارجي و قال نجدة ذلك تنبيهاً له7 علي انه مدع و ذلك لسوء ظنه به فاجابه7 بقوله اصبحت مخيّراً الخ و هذا الجواب ينفي ما يتوهمه نجدة مما يوجب الجبر و يثبت التخيير الذي لاينافي الحكمة الخلقية و لايخرج به عن العبودية بل هو حقيقة الصدق.

ثم قال7 و روي عن اميرالمؤمنين7 انه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام فقال يا اميرالمؤمنين اخبرنا عن خروجنا الي الشام بقضاء و قدر؟ قال نعم يا شيخ ما علوتم تلعة و لا هبطتم وادياً الا بقضاء و قدر من اللّه. فقال الشيخ عندالله احتسب عنائي يا اميرالمؤمنين يعني ان ما كان منا بقضاء و قدر من اللّه فلانستحق ثواباً علي ما اصابنا من العناء لانا لسنا بفاعلين. فقال مه يا شيخ فان اللّه قد عظّم اجوركم في مسيركم و انتم سائرون و في مقامكم و انتم مقيمون و في انصرافكم و انتم منصرفون و لم‏تكونوا في شي‏ء من اموركم مكرهين و لا اليه مضطرين لعلك ظننت انه قضاء حتم و قدر لازم حتي لايكون لك اختيار في شي‏ء و لا مدخل لك في فعلك لو كان الامر كذلك لم‏يستوجب المطيع ثواباً و لا العاصي عقاباً بل يستحق العاصي ثواباً لانه انما عصي بغير اختياره و لولا الجبر لم‏يعص فهو مطيع و يستحق المطيع عقاباً لانه اطاع مجبوراً و لولا الجبر لم‏يطع فهو عاص.

و هو قوله7 لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب و لسقط الوعد و الوعيد و لما الزمت الاسماء اهلها علي الحقايق يعني اذا لم‏يكن للعبد مدخل في الفعل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 242 *»

بطل الثواب و العقاب لعدم امكان تعلقهما بشي‏ء اذ الثواب للمطيع فاذا لم‏يستحقه لعدم الموجب سقط و كذا العقاب فاذا كان كذلك كان الوعد و الوعيد لغواً فيسقطان. و لما سمّي المطيع مطيعاً و العاصي عاصياً و المؤمن مؤمناً و الكافر كافراً فلاتجري الاسماء علي الحقايق فلاتكون الاسماء اسماء لان الاسماء انما الزمت اهلها علي الحقايق لانهم تحققوا باَحداث تلك المصادر – بفتح همزة احداث جمع حدث – و تلك الاحداث هي مبادي تلك الاسماء و مصادرها حقيقة.

قال7 ذلك مقالة عبدة الاوثان و اولياء الشيطان ان اللّه جل‌وعز امر تخييراً و نهي تحذيراً يعني انه تعالي امر عباده امراً غير ملجأ [ملجئ خ‌ل] للفعل و ذلك اللطف و العون منه لعباده الصالحين و ليس المراد بالامر الامر بالمعروف عند العامة والا لم‏يجب واجب بعينه لانه سبحانه خيّره فيه او جبره عليه و نهي التحذير هو الخذلان و التخلية من يده اعوذ باللّه من سخط اللّه.

لايقال ان التخلية و الخذلان يلزم منهما استقلال العبد في المعاصي لانا نقول ان المعاصي كما مر عدمية لانها من الماهية و ليس لها حظ في الوجود و انما دخلت في الوجود بالتبعية كالظل في تحققه بالشيئية في الوجود بتبعية النور من الشمس فالظل يستمد من منع الاضاءة و النور يستمد من الاضاءة فاستمداد الظل من خذلان الشمس و استمداد النور من فيض الشمس و مددها و عونها فالطاعة بعون الله و المعصية بخذلان اللّه تعالي فافهم.

ثم قال7 و لم‏يطع مكرهاً و لم‏يعص مغلوباً و لم‏يخلق السموات و الارض و مابينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار هـ . قوله ان الله لم‏يطع مكرهاً يطع مبني للمجهول و مكرهاً اسم فاعل حال من الضمير في يطع نايب فاعله يعود الي اللّه يعني ان اللّه لم‏يطعه احد من خلقه مجبوراً علي الطاعة لان الطاعة كما مر لايتحقق الا مع الاختيار و تمكنه من المعصية فلم‏يطع سبحانه مكرهاً لوجهين احدهما ان الطاعة لاتتحقق مع الاكراه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 243 *»

عليها و ثانيهما ان كل ممكن من عين او معني مجرد او غير مجرد فانما يعبد اللّه بحسب قابليته منه و يجري عليه احكامه و قدره و قضاؤه بحسب تلك القابلية فاذا جاء الخطاب سواء كان الخطاب الاول الذي هو الفيض و الماء المنزل علي ارض القابليات الارض الجرز الميتة و هو التكليف الاول و الخطاب الثاني هو التكليف الثاني فاذا جاء الخطاب و وقع علي الارض الميتة فالبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه و الذي خبث لايخرج الا نكداً فمن قبل عبد اللّه بذلك و هو حينئذ قابل مختار كما تقدم سابقاً و من لم‏يقبل عبد اللّه بذلك و هو حينئذ قابل مختار فالاول سلك طريق الفضل و الرحمة فيتصف بمقتضاهما و الثاني سلك طريق العدل و النقمة [النعمة خ‌ل] فيتصف بمقتضاهما [بصفتهما خ‌ل] و هذان القسمان هما القبضتان [النقيضان خ‌ل] فتمايز الفريقان. و في الدعاء لايخالف شي‏ء منها محبتك يعني المخلوقات كلها و قوله تعالي و للّه يسجد ما في السموات و الارض طوعاً و كرهاً فان المراد بالكره الزامها ما قبلت من حكمه و طلبت من قسمه فافهم. و قد مضي ما يبين هذا في عدة مواضع فراجعه لتفهم انه انما حكم عليها بما قبلت من حكمه فظهر ان اللّه لم‏يطع مكرهاً.

و قوله و لم‏يعص مغلوباً يعني ماتقع المعصية الا ما توافق الارادة التي ذكرنا سابقاً انها بالعرض لان وجود المعصية من تمام قابلية الطاعة للوجود فتشاء المعصية ليتحقق الطاعة فلايعصي مغلوباً انما يعصي بمشيته و ارادته و قدره و قضائه و اذنه و كتابه و تأجيله كما دلت عليه الاخبار من الائمة الاطهار.

و قوله و لم‌يخلق السموات و الارض و مابينهما باطلاً يعني كما زعمه الاشعري الذي ينفي الاصلح و الغرض من فعله لانه تعالي يقول افحسبتم انما خلقناكم عبثاً . و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون و الحمد للّه رب العالمين.

فقام الشيخ فقبّل رأس اميرالمؤمنين7 و انشأ يقول :

انت الامام الذي نرجو بطاعته   يوم النجاة من الرحمن غفرانا

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 244 *»
اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا   جزاك ربك عنا فيه رضوانا
فليس معذرة في فعل فاحشة   عندي لراكبها ظلماً و عدوانا

فدلّ قول اميرالمؤمنين7 علي موافقة الكتاب و نفي الجبر و التفويض اللذين يلزمان من دان بهما و تقلدهما الباطل و الكفر و التكذيب نعوذباللّه من الكفر و الضلالة.([17]) و هذا الكلام ظاهر.

فقال7 و مثل الاختبار بالطاعة مثل رجل ملك عبيداً كثيرة و احبّ ان يختبر عبداً علي علم منه بما يؤل اليه فملّكه من ماله ما احب و اوقفه علي امور يعرفها العبد فامره ان‌يصرف ذلك المال فيها و نهاه عن اشياء لم‏يحبّها و تقدم اليه ان‏يجتنبها و لاينفق من ماله فيها و المال ينصرف في اي الوجهين ففرّق المال احدهما في اتباع امر المولي و رضاه و الاخر في اتباع نهيه و سخطه و اسكنه دار اختبار مع علمه انه غير دائم السكني و ان له داراً غيرها و هو مخرجه اليها فيها ثواب و عقاب دائمان فاذا انفد العبد المال الذي ملّكه مولاه في الوجه الذي امره به جعل له ذلك الثواب الدائم في تلك الدار التي اعلمه انه مخرجه اليها و ان انفق المال في الوجه الذي نهاه عن انفاقه فيه جعل له ذلك العقاب الدائم في دار الخلود و قد حدّ المولي في ذلك حداً معروفاً و هذا المسكن الذي اسكنه في الدار الاولي فاذا بلغ الحد استبدل المولي ذلك المال و ابي [الجأ خ‌ل] العبد علي انه لم‏يزل مالكاً للمال و العبد في الاوقات كلها الا انه وجد الا يسلبه ذلك المال ماكان في تلك الدار الاولي التي لايستقيم سكناه فيها الا به وفي له لان من صفات مولي العبد العدل و الوفاء و النصفة و الحكمة و ليس يجب ان كان ذلك صرف ذلك المال في الوجه المأموربه ان‏يفي له بما وعده من الثواب و تفضل عليه بان استعمله في دار فانية و اثابه علي طاعته فيها نعيماً دائماً في دار باقية دائمة و ان صرف العبد المال الذي ملّكه اياه ايام سكناه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 245 *»

تلك الدار في الوجه المنهي‌عنه و خالف امر مولاه تجب عليه العقوبة الدائمة التي حذّره اياها غير ظالم له لما تقدم اليه و اعلمه و عرفه و اوجب له الوفاء بوعده و وعيده بذلك يوصف القادر القاهر اما المولي فهو اللّه عزوجل و اما العبد فهو ابن آدم المخلوق و المال قدرة اللّه الواسعة و محنته اظهار الحكمة و القدرة و الدار الفانية هي الدنيا و بعض المال الذي ملّكه مولاه هو الاستطاعة التي يملكها ابن آدم و الامور التي امر اللّه بصرف المال اليها هو الاستطاعة لاتباع الانبياء و الاقرار بما ادّوه عن اللّه عزوجل و اجتناب الاشياء التي نهي عنها هي طرق ابليس و اما وعده فالنعيم الدائم و هي الجنة و اما الدار الفانية فهي الدنيا و اما الدار الاخري فهي الباقية و هي الاخرة

اقول كلامه7 هذا لايحتاج الي بيان ثم انه7 شرع في بيان قول جده الصادق7 الذي ذكره سابقاً و اتي لذلك بتوطئته فقال7 و القول بين الجبر و التفويض هو الاختبار و الامتحان و البلوي بالاستطاعة التي يملكها العبد فانا نبدء من ذلك بقول الصادق7 لا جبر و لا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين و شرط في الاشياء الخمسة التي ذكرها و جمعت جوامع الفضل هـ . و المراد بالخمسة الاشياء التي سبق ذكرها صحة الخلقة و تخلية السرب و المهلة و الزاد و الراحلة و السبب المهيّج للفاعل فانها قد جمعت لابن آدم جوامع الفضل و التكريم قال تعالي لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم.

ثم قال7 و انا افسّرها لك بشواهد من القرآن و البيان ان‏شاءاللّه تفسير صحة الخلقه اما قول الصادق7 فان معني كمال الخلق الانساني كمال الحواس و ثبات العقل و التمييز و اطلاق اللسان بالنطق و ذلك قول اللّه تعالي و لقد كرمنا بني‏آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً فقد اخبر جل‌وعز عن تفضيله بني‏آدم علي ساير خلقه من البهائم و السباع و دوابّ البحر و الطير و كل ذي‏ حركة تدركه حواس بني‏آدم بتمييز العقل و النطق [النقل خ‌ل] و بقوله لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 246 *»

قوله يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسويك فعدلك في اي صورة ما شاء ركّبك و في ايات كثيرة هـ . اي ذكر اللّه تفضيل آدم علي ساير خلقه في آيات كثيرة.

ثم قال7 فاول نعمة اللّه علي الانسان صحة عقله و تفضيله علي كثير من خلقه لكمال العقل و تمييز البيان([18]) فمن اجل النطق ملّك اللّه ابن‌ادم غيره من الخلق حتي صار امراً باختيار. و ذلك لكمال جامعيته كان مختاراً و كان مملّكاً قال تعالي خلق لكم ما في الارض و قال تعالي فجعلناه سميعاً بصيراً.

ثم قال7 و غيره مسخّر له كما قال اللّه تعالي كذلك سخّرناها لكم لتكبروا اللّه علي ما هديكم و قال هو الذي سخر لكم البحر لتأكلوا منه لحماً طريّاً و تستخرجوا منه حلية تلبسونها و قال و الانعام خلقها لكم فيها دف‏ء و منافع و منها تأكلون و لكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون و تحمل اثقالكم الي بلد لم‏تكونوا بالغيه الا بشقّ الانفس فمن اجل ذلك اي و من اجل العقل و التمييز الذي ركّب فيه دعا اللّه الانسان الي اتباع امره و الي طاعته بتفضيله اياه باستواء الخلق و كمال النطق و المعرفة.

قوله7 باستواء الخلق يعني به انه اول مظاهر الربوبية و هو مواقع النجوم الالهية قلبه عرش الرحمن و صدره الكتاب المسطور اجتمعت فيه شئون الربوبية فلذلك قال اللّه تعالي خلقتك لاجلي و خلقت الاشياء لاجلك باطنك انا و ظاهرك للفناء هـ . فظهر كما تري باستواء الخلق و كمال النطق الذي هو منبع النزاهة و الحكمة الالهية و هما له خاصيتان و فيه فكر و ذكر و علم و حلم [و عمل خ‌ل] و نباهة و بالمعرفة و هي نور اللّه الذي ظهر به لمن شاء ان‌يعرفه فعرفه به.

ثم قال7 بعد ان ملّكهم استطاعة ما كان تعبّدهم به بقوله فاتقوا اللّه ما استطعتم و اسمعوا و اطيعوا و قوله لايكلف اللّه نفساً الا وسعها و قوله لايكلف اللّه نفساً الا ما اتيها و في ايات كثيرة يعني ذكر تمليكه استطاعة ما تعبدّهم به.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 247 *»

ثم قال7 فاذا سلب العبد حاسة من حواسه رفع العمل عنه بحاسته كقوله تعالي ليس علي الاعمي حرج و لا علي الاعرج حرج الاية فقد رفع عن كل من كان بهذه الصفة الجهاد و جميع الاعمال التي لايقوم الا بها و كذلك اوجب علي ذي اليسار الحج و الزكوة لما ملّكه استطاعة ذلك و لم‏يوجب علي الفقير الزكوة و الحج بقوله و للّه علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً و قوله في الظهار و الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة الي قوله فمن لم‏يستطع فاطعام ستين مسكيناً كل ذلك دليل علي ان اللّه لم‏يكلف عباده الا ما ملّكهم استطاعته بقوة العمل به و نهيهم عن مثل ذلك فهذه صحة الخلقة.

اقول ان بيانه7 ظاهر لايحتاج الي البيان و بعد ان فرغ7 من شرح صحة الخلقة شرع في بيان تخلية السرب فقال7 و اما تخلية السرب فهو الذي ليس عليه رقيب يحظر عليه و يمنعه العمل بما امره اللّه به و ذلك قوله فيمن استضعف و حظر عليه العمل فلم‏يجد حيلة و لم‏يهتد سبيلاً من الرجال و النساء و الولدان لايستطيعون حيلة و لايهتدون سبيلاً فاخبر ان المستضعف لم‏يخلّ سربه و ليس عليه من القول شي‏ء اذا كان مطمئن القلب بالايمان؛ يعني ان المستضعف من جهة منع السرب لايكلف مايتوقف فعله علي تخلية السرب اذا كان مطمئن القلب بالايمان اي اذا عقل انه واجب عليه مكلف به و اما اذا لم‏يكن كامل العقل بحيث لم‏يفهم التكليف فان السقوط عنه من جهة عدم التمييز و العقل لا من جهة عدم تخلية السرب.

و لما فرغ7 من الشرط الثاني شرع في بيان الشرط الثالث فقال7 و اما المهلة في الوقت فهو العمر الذي يتمتع به الانسان من حد ما تجب عليه المعرفة الي اجل الوقت و ذلك من وقت تمييزه و بلوغ الحلم الي ان‌يأتيه اجله. قد تقدم بيان المهلة في الوقت و هو في كل بحسبه ان كان العمل معرفة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 248 *»

فوقته السرمد و ان كان معقولاً كاليقين فوقته الدهر و كالعلم و ان كان محسوساً فوقته الزمان و المهلة في العمل بقدر العمل و مايتوقف عليه من الشروط فانها معتبرة في شمول [شروط خ‌ل] المهلة لها فان كان علماً فاعتبار المهلة في الوقت هو حصول انتقاش تلك الصورة في لوح الخيال و ما تقدر [تعدد خ‌ل] من ذلك [بذلک خ‌ل] من الاشباح لاتعلم العلم بهذه الالفاظ و ما هو من المحسوسات فان المهلة فيه بالزمان فان كان معقولاً فالمهلة في الدهر و هو قيام المعني في تعقل العاقل و ما تقدّر [تقوم خ‌ل] به ذلك من الاذرع و اما في مقام المعرفة يعني بالمعرفة معرفة الخواص التي هي كشف سبحات الجلال من غير اشارة فالمهلة في ذلك صحو المعلوم و محو الموهوم و ما تفرد هنالك من القامات [المقامات خ‌ل] فمقادر الصور اشبار في الدهر و تقومات المعاني اذرع في الدهر ايضاً الا ان الاذرع ميامنه و الاشبار مياسره و قامات [مقامات خ‌ل] صحو المعلوم قامات في السرمد و لكل مبدء و لكل منتهي و ما تدري نفس باي ارض تموت.

ثم قال7 فمن مات علي طلب الحق و لم‏يدرك كماله فهو علي خير و ذلك قوله تعالي و من يخرج من بيته مهاجراً الي اللّه و رسوله الاية و ان كان لم‏يعمل بكمال شرايعه لعلة ما لم‌يمهله في الوقت الي استتمام امره و قد حظر علي البالغ ما لم‌يحظر علي الطفل اذا لم‌يبلغ الحلم في قوله تعالي و قل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن الاية فلم‏يجعل عليهنّ حرجاً في ابداء الزينة للطفل و ذلك لاتجري عليه الاحكام.

قوله7 فمن مات الخ يعني به ان انحاء الحق كثيرة و مراتب الكمالات متفاوتة متعددة لاتكاد شخص يتحقق بها دفعة لقول سيد البشر محمد9 من امر اللّه تعالي و قل رب زدني علماً و قولهم: لولم نزد لنفد ما عندنا لان الممكن محتاج الي المؤثر في كل حال فهو ابداً جديد متجدد نعم قد يطلب شيئاً من الحق فمن ادركه فذلك والا فان مات علي طلبه و لم‏يدرك كماله فهو علي خير و استدل بالاية الشريفة ثم قال7 و ان لم‏يعمل بكمال شرايعه لعلة ما لم‌يمهله من الوقت الي استتمام امره لا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 249 *»

من جهة نقص في عقله او شي‏ء من الشروط الخمسة المتقدمة غير الامهال من الوقت فاذا لم‏يمهله و لم‏يقصر في شي‏ء يكون مانعاً [منه من خ‌ل] من قبله الا ضيق الوقت فهو معذور و قد وقع اجره علي اللّه. ثم بيّن7 انه لايكلف الا دون الوسع و من يحتمل التكليف فقال7 و قد حظر علي البالغ ما لم‏يحظر علي الطفل اذا لم‏يبلغ الحلم الخ و هو ظاهر.

ثم شرع في بيان الشرط الرابع فقال7 و اما قوله الزاد و الراحلة فمعناه الجدة و الثقة التي يستعين بها العبد علي ما امره اللّه به و ذلك قوله ما علي المحسنين من سبيل الاية الا تري انه قبل عذر من لم‏يجد ما ينفق و الزم الحجة كل من امكنه البلغة و الراحلة للحج و الجهاد و اشباه ذلك كذلك قبل عذر الفقراء و اوجب لهم حقاً في مال الاغنياء بقوله للفقراء الذين احصروا في سبيل اللّه الاية فامر باعفائهم و لم‏يكلفهم الاعداء لما لايستطيعون و لايملكون. تم كلامه7 في الشرط الرابع و هذا ظاهر لايحتاج الي البيان.

ثم قال7 في بيان الشرط الخامس و اما قوله [في التحف] السبب المهيّج فهو النية التي هي داعية الانسان الي جميع الافعال و حاستها القلب فمن فعل فعلاً و كان بدين لم‏يعقد قلبه علي ذلك لم‏يقبل اللّه منه عملاً الا بصدق النية كذلك اخبر عن المنافقين بقوله يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم و اللّه اعلم بما يكتمون ثم انزل علي نبيه9 توبيخاً للمؤمنين يا ايها الذين امنوا لمَ‌تقولون ما لاتفعلون الاية فاذا قال الرجل قولاً و انعقد في قلبه دعته النية الي تصديق القول باظهار الفعل و اذا لم‏يعتقد القول لم‏تتبين حقيقته و قد اجاز اللّه صدق النية و ان كان الفعل غير موافق لها لعلة مانع يمنع اظهار الفعل في قوله الا من اكره و قلبه مطمئن بالايمان و قوله لايؤاخذكم اللّه باللغو في ايمانكم الاية فدل القرآن و اخبار الرسول9 ان القلب مالك لجميع الحواس يصحح افعالها و لايبطل ما يصحح القلب شي‏ء فهذا شرح الخمسة الاشياء التي ذكرها الصادق7 انها تجمع المنزلة بين المنزلتين و هما الجبر و التفويض فاذا اجتمع في الانسان كل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 250 *»

هذه الخمسة الامثال وجب عليه العمل كملاً كما امراللّه به و رسوله9 و اذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنه مطروحاً بحسب ذلك.

بين7 السبب المهيج للفاعل و هو النية التي هي داعية الانسان الي جميع الافعال كما ذكر7 و لابد ان‌تكون النية مسبوقة بالعلم و القدرة فما لم‏يعلمه الانسان لم‏ينوه و مالم‏يقدر عليه لم‏ينوه و اذا توهم احد ان‌ينوي غير مقدورة فقد اخطأ لان ذلك تصوره و ليس التصور نية لان النيّة هي العزم و هو الميل الكائن عن الشهوة المركبة في الانسان و قد تقدم بيان ذلك فراجعه.

ثم ان النية في ظاهر القول ليست اختيارية اذ ليس متي شئت شئت و انما الاختيار في المنوي و في المشاء و انما نبّهت علي هذا المعني في مختصر القول ليفرّق ذواللب بين الداعي و التصور في هذا المقام و ليظهر ان نية المكره ليست نية حقيقة لانها و ان كانت باعثة علي الفعل المكره‌عليه لكن لا لذاته و انما هو للقاسر و اذا ردّد فيها لتعارض الشهوة المركبة فيه باختلاف جهاتها لا لسبب الوسوسة و خلط النفس اللوامة بل لتعارض المنوي و اقتضاء تلک الشهوة احد النقيضين لا علي التعيين ولو كانت نية لم‏تنفكّ عن العمل الخالص انما الاعمال بالنيّات و لذا قال7 فمن فعل فعلاً و كان بدين لم‏يعقد قلبه علي ذلك لم‏يقبل اللّه منه عملاً الا بصدق النية.

ثم قال7 فاذا قال الرجل قولاً و انعقد في قلبه دعته النية الي تصديق القول باظهار الفعل و اذا لم‏يعتقد القول بل قال لغرض لا لذات الميل الحقيقي او الطبيعي لم‏يتبيّن حقيقته يعني حقيقة القول لعدم شهوته له و قد اجاز اللّه صدق النية نية المؤمن خير من عمله و ان كان الفعل غير موافق لها لعلة مانع يمنع اظهار الفعل اذ بدون المانع لاتنفك عنه و ذلك في قوله تعالي الا من اكره و قلبه مطمئن بالايمان و الاطمينان هو صفة الايمان و هذا ظاهر.

ثم قال7 و اما شواهد القرءان علي الاختيار و البلوي بالاستطاعة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 251 *»

التي تجمع القول بين القولين فكثيرة يعني ان شواهد القرءان صريحة في المنزلة بين المنزلتين بل لاتجد اية الا و هي متضمنة للمنزلة بين المنزلتين الجبر و التفويض اما تصريحاً و اما تلويحاً بل ليس في الوجود كون الا كذلك و تلك الامثال نضربها للناس و ما يعقلها الا العالمون . و كأيّن من اية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون.

ثم قال7 و من ذلك قوله تعالي و لنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم و الصابرين و نبلو اخباركم و قال سنستدرجهم من حيث لايعلمون و قال الم أحسب الناس ان يتركوا ان‌يقولوا امنّا و هم لايفتنون و قال في الفتن التي معناها الاختبار و لقد فتنّا سليمان الاية و قال في قصة موسي فتنّا قومك من بعدك و اضلهم السامري و قول موسي ان هي الا فتنتك اي اختبارك هذه الايات تقاس بعضها الي بعض و يشهد بعضها لبعض يعني ان هذه الايات يصدق بعضها بعضاً بان الخلق لو كانوا مجبورين لما حسن الاختيار و لا الفتنة و لا البلوي ولو كانوا مفوضاً اليهم لما حسن ذلك فشهدت هذه الايات بالمنزلة بين المنزلتين.

ثم قال7 و اما ايات البلوي بمعني الاختبار فقوله ليبلوكم فيما اتيكم و قوله ثم صرفهم عنكم ليبتليكم و قوله انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة و قوله خلق الموت و الحيوة ليبلوكم ايكم احسن عملاً و قوله و اذ ابتلي ابرهيم ربه بكلمات و قوله ولو شاء اللّه لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض و كلما في القرآن من بلوي و امثالها في القرءان كثير فهي اثبات لاختبار البلوي ان اللّه عزوجل لم‏يخلق الخلق عبثاً و لا اهملهم سدي و لا اظهر حكمته لعباً بذلك اخبر قوله افحسبتم انما خلقناكم عبثاً.

و هذا رد علي اهل القول بالجبر الذين لايقولون بالاصلح و يقولون لا علة لفعله و لا مجال للعقل في تقبيح شي‏ء و لا تحسينه الي غير ذلك. و يلزم رد هذه الايات و امثالها مثل و ماخلقنا السموات و الارض و ما بينهما لاعبين و يقولون

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 252 *»

كل شي‏ء من اللّه من خير و شر و حق و باطل و ايمان و كفر و صدق و کذب فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عنداللّه ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت ايديهم و ويل لهم مما يكسبون لكنّهم يقولون ماقلنا و لاكتبنا هذا قولك ياربنا و هذه كتابتك و اللّه يقول يقولون، و كتبت ايديهم و اللّه سبحانه يقول قل يا محمد ءانتم اعلم ام اللّه لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم.

ثم انه7 فرض اعتراض معترض و لا شك انه واقع بانه علي ما ذكرتم من ايات الاختبار يلزم ان اللّه تعالي لم‏يعلم قبل اختبارهم ما هم عليه كما هو منطوق كثير من الايات كقوله تعالي و ماكان له عليهم من سلطان الا لنعلم من يؤمن بالاخرة ممن هو منها في شك فاجاب7 و هو قوله الشريف فان قال قائل فلم‏يعلم اللّه تعالي ما يكون من العباد حتي اختبرهم قلنا هو قد علم ان‌يكون منهم قبل كونه و ذلك قوله تعالي ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه حيث اخبر عن المستقبل و انما اختبرهم ليعلمهم عدله و لايعذبهم الا بحجة بعد الفعل و قد اخبر بقوله ولو انّا اهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا ارسلت الينا رسولاً و قوله و ما كنا معذبين حتي نبعث رسولاً و قوله رسلاً مبشرين و منذرين فالاختبار من اللّه بالاستطاعة التي يملّكها عبده و هو القول بين الجبر و التفويض بهذا نطق القرآن و جرت الاخبار عن آل‏الرسول صلوات اللّه عليهم. و معناه ظاهر لانه7 اخبر انه سبحانه يعلم ذلك قبل الخلق و بعد الخلق بحال واحدة.

ثم استدل بقوله تعالي اخباراً عما سيكون قبل ان‌يكون ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه و في الحقيقة لذلك السؤال اجوبة:

احدها ان‌يكون معني انه انما اختبرهم ليعلم ما هم عليه ان‌يقع علمه علي المعلوم لانه سبحانه كان عالماً و لا معلوم فاذا كان المعلوم وقع العلم علي المعلوم و لايكون الا ما علمه لان علمه اولي بحقيقة التصديق و اذا اردت الاطلاع علي خفية ذلك فراجع كلماتنا المتقدمة خاصة في ذكرنا للعلم و تضرع الي اللّه سبحانه في ان‌يكشف لك ما تفضل به علينا من غير استحقاق و كشف لنا يظهر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 253 *»

صدق ما ذكرنا فانه من اغمض ما يرد علي المخلوقين بل لايصل اليه الا واحد في كل وقت الا ان يشاءاللّه.

و ثانيها ان معني ذلك انه سبحانه خلق خلقاً استخلصهم لنفسه و جعل طاعتهم طاعته و معصيتهم معصيته و رضاهم رضاه و سخطهم سخطه و اشهدهم خلق انفسهم و خلق خلقه كلهم فاختبر باستنطاق طبايعهم و طينتهم ليتحقق ما هم عليه من الحقايق فاذا تحقق ذلك منهم تحقق ذلك عند اولئك الصفوة: و هو معني ان الله اشهدهم خلق الخلايق كلهم و علمهم علم اللّه تعالي و هو السر في قوله تعالي الا لنعلم بالنون المتكلم معه غيره او المعظم نفسه.

فاما معه غيره فكما قال الصادق7 لمفضل بن عمر نعم يا مفضل قوله تعالي و له ما في السموات و الارض و من عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون الي قوله و لايشفعون الا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون ويحك يا مفضل ألستم تعلمون ان من في السموات هم الملائكة و من في الارض هم الجن و البشر و كل ذي‏حركة فمن الذين قال و من عنده قد خرجوا من جمله الملائكة و الجن و البشر و كل ذي‏حركة فنحن الذين كنا عنده و لا كون قبلنا و لا حدوث سماء و لا ارض و لا ملك و لا نبي و لا رسول الحديث طويل و فيه انه7 استشهد علي قوله الشريف بكلام جده علي‏بن ابي‏طالب في خطبته .

و اما علي معني المعظم نفسه فان المتكلم مع صفته العظيمة جمع و هم تلك الصفة علي ان قيد التكلم و الخطاب و الغيبة غير الذات فالعلم بيعلم و نعلم و هذا الذي ذكرناه فافهمه بتوفيق اللّه تعالي و لايقال ان علمهم: علم سابق لان اللّه اعلمهم ماكان و مايكون. فلايجري هذا الكلام علي ظاهر الايات لان العلم فيها لاحق لانا نقول انهم و ان كانوا علموا ذلك لكن من جهة جواز المحو و الاثبات علي الممكن قبل ان‌يكون فلايحصل العلم قبل الوقوع لكونه مشروطاً فافهم.

و ثالثها ان المراد بعلمه اللاحق ظاهر العلم الحادث عن الاثبات بعد المحو و عن الحتم بعد الجواز فما لم‏يقع الشي‏ء لايكون حتي يكون [فيها خ‌ل] فيكون معلوماً فافهم.

و رابعها ما ذكره

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 254 *»

7 بقوله و انما اختبرهم ليعلمهم عدله و لايعذبهم الا بحجة فكنّي عن اعلامه اياهم بعلمه مجازاً الي غير ذلك من الوجوه و باقي الكلام ظاهر.

ثم قال7 جواباً عن سؤال فرضي وارد عليه من الجبرية فان قالوا ما الحجة في قول اللّه تعالي يهدي من يشاء و يضل من يشاء قلنا مجاز هذه الاية و ما شابهها و في بعض النسخ الايات، كلها علي معنيين

و في كتاب العلامة الفهامة العالم العامل البدل السيد هاشم بن السيد سليمان بن السيد اسمعيل بن السيد عبدالجواد الحسيني البحراني التوبلي تغمده اللّه برضوانه في كتابه حلية الابرار في منقبة محمد و آله الائمة الاطهار نقلاً عن احتجاج الطبرسي هكذا و يضل من يشاء و ما اشبه ذلك قلنا مجاز هذه الاية يقتضي معنيين بوضع يقتضي مكان علي و تقديم و ما اشبه ذلك في السؤال و نقصه من الجواب. اما احدهما فاخبار عن قدرته اي انه قادر علي هداية من يشاء و اضلال من يشاء و اذا اجبرهم بقدرته علي احدهما لم‌يجب لهم ثواب و لا عليهم عقاب. و هذا المعني ظاهر.

ثم لما احتمل فيه توهم انه ان كان المعني كذلك لزم الجبر اجاب7 بقوله و اذا اجبرهم بقدرته الخ ولكنه قادر علي ذلك و لايلزم الجبر لانه غني مطلق و لايصح في شأن الغني المطلق الجبر لاستلزامه الحاجة. و فيه معني دقيق قد مر نظايره و هو انه انما يخلق فيهم ضلالتهم بهم اذا ضلوا و هدايتهم بهم اذا اهتدوا.

ثم قال7 و المعني الاخر ان الهداية منه تعريفه كقوله و اما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي علي الهدي فلو جبرهم علي الهدي لم‏يقدروا علي ان‌يضلوا و ليس كلّما وردت آية مشتبهة كانت حجة علي محکم الايات اللواتي امرنا بالاخذ بها من ذلك قوله تعالي منه آيات محكمات هن ام الكتاب و اخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله الاية و قال فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 255 *»

احسنه اي احكمه و اصرحه يعني ان الاستدلال في استنباط المسائل باية بحيث تكون اصلاً و يحمل عليها ما خالف ظاهره ظاهرها من الايات انما يكون بما هو احكم الايات و اصرحه دلالة بحيث لايحتمل غير ما يفهم منه لغة و قد قدمنا بعض التوجيه و البيان لبعض ذلك في اول رسالته7 فراجعه. و قد تكون الصراحة و الاحكام باعتبار حال من يستدل له او عليه بحيث لو كان الحال تقتضي الاقناعي الذي لايرتاب فيه المستدل له او عليه كان هو المراد و قد يترك الحقيقي لذلك و هذا شأن اهل الحكمة الذين ينظرون بنور اللّه. و من ذلك توجيه الامام7 يضل من يشاء و يهدي من يشاء بالقدرة علي ذلك و بالتعريف. و هذان الوجهان و ان كانا صواباً لكن ليس في ذلك بيان الهداية و الضلالة علي الوجه الحقيقي لان المقام لايقتضي بيانه لعدم الاحتمال.

و اما الجواب الحق المبين لهذه المسألة حقيقة فانه دقيق و من تتبع كلماتنا و عرف مراداتنا هجم علي حقيقة الامر و انما تركته لاني ان اشرت اليه لم‏يدرك و ان بسطت الكلام كان وحده رسالة الا اني ذكرت في المقدمة التي وضعتها في القضاء و القدر علي تقرير السيد الشريف حقيقة المراد من ذلك و اما اسبابها فلم‏اذكرها لما ذكرت لك و الاصل في ذلك كله انه صنع بهم ما سألوه من صنعه و ما سألوه الا ما صنع بهم من ذلك السؤال ففكّ هذا القفل و لج في خزائن الغيب تخاطب بقوله هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب فما اعجب هذه الاحرف القليلة و مااكثر ما فيها من الغيوب الجليلة و ما اقل متناولها و اني لهم التناوش من مكان بعيد.

ثم قال7 اولئك الذين هديهم الله و اولئك هم اولوا الالباب و وفقنا اللّه و ايّاكم من القول و العمل لما يحب و يرضي و جنبنا و اياكم من معاصيه بمنه و فضله و الحمد للّه كثيراً كما هو اهله و صلي اللّه علي محمد و آله الطيبين و حسبنا اللّه و نعم الوكيل. تم كلامه صلوات‌اللّه و سلامه‌عليه و علي ابائه و ابنائه الطاهرين و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 256 *»

الحمد للّه رب العالمين.

قال سلّمه اللّه الثامنة:  قد سمعنا منك مذاكرة ما حاصله ان الانسان اذا استعان بالصبر الذي هو الصوم و الصلوة و زهد في هذه الدنيا و تفكر و قنع بما اعطاه اللّه و جاهد نفسه الامارة و سلط عليها العقل حصل له داعي الطاعة و بعد من المعصية لاية و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و المجاهدة مجاهدة النفس لقوله9 لاصحابه في رجوعهم من الجهاد مرحباً بالقوم الذين قضوا الجهاد الاصغر و بقي عليهم الجهاد الاكبر قيل يا رسول اللّه ما الجهاد الاكبر؟ قال9 جهاد النفس التي بين جنبيك فاذا حصل من الانسان ما قلنا ترقي لاسيما اذا تفكر في مصنوعات اللّه و التكليفات و النظام و ما دل علي ذلك من القران المجيد و وصل للمعرفة الحقيقية و ان كان تلك المعرفة تتفاوت بتفاوت الجهاد قال اللّه تعالي فضّل اللّه المجاهدين علي القاعدين درجة و لايحتاج الانسان الي كسب هذه المعرفة من العلماء و نحن قد رأينا في كتاب اللّه تعالي @ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و قوله7 اطلبوا العلم ولو بالصين و قوله7 في خبر ابي‏اسحق ايها الناس اعلموا ان كمال الدين طلب العلم و العمل به الا و ان طلب العلم اوجب عليكم من طلب المال ان المال مقسوم مضمون لكم قد قسّمه عادل بينكم و ضمنه و سيفي لكم و العلم مخزون عند اهله و قد امرتم بطلبه من اهله فاطلبوه. و قوله7 في صحيحة ابان بن تغلب قال لوددت اصحابي ضربت رؤسهم بالسياط حتي يتفقّهوا. و انت تعلم انه لا شي‏ء اعظم من المعرفة لهذا الامر و معرفة التكاليف تابعة لمعرفة المكلف لانا لانطلب معرفة الشكر الا بعد معرفة المشكور و الظاهر من ذلك ان طلب العلم من اهله مقدم علي العمل فمن عرف طريق العمل من اهله و حقيقة المعرفة وجب عليه العمل به و طريق الزهد في زماننا العمل بالحق مما يعلم الانسان بما وصله من اهله و هو الاقتصار علي الحلال و الرضا بقدر اللّه و قضائه و الحمد علي نعمائه و بلائه لقوله7 اجمع لكم الزهد في كلمتين لكيلا تأسوا علي ما فاتكم و لاتفرحوا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 257 *»

بما اتيكم كما قال تعالي في كتابه و لانه7 نهي ذلك الرجل حين زهد و عاف @ اللذّات و تجنّب هذه الاشياء المباحة فقال9 اتري ان اللّه يبيح لك لبس شي‏ء و اكل شي‏ء و يعاقبك عليه فقال يا سيدي انا نريكم تفعلون كذا و كذا فقال يا هذا ان الذي يراد منّا غير الذي يراد منكم فما الجواب في ذلك؟

اقول: اما ما ذكرت من ان المداومة علي الاعمال الصالحة و الزهد في الدنيا توصل الي المعرفة و العلم فذلك مما لاريب فيه و قد نطق به القرآن المجيد حيث يقول سبحانه و اتقوا اللّه و يعلّمكم اللّه و قال تعالي اتيناه حكماً و علماً و كذلك نجزي المحسنين فصرح في الاولي بان التقوي سبب تعليم اللّه لعبده و في الثانية لوّح لاهل التلويح اتيناه حكماً و علماً و الحكم الامامة و الولاية و العلم هو العلم باللّه و هو معرفة النفس و العلم بالاخلاق و العلم بالاحكام فبالحكم يتصرف في الاشياء و بالعلم يبلغ التصرف ثمّ نبّه ان هذا جزاء المحسنين و المحسنون هم اهل المعرفة قال تعالي هل جزاء الاحسان الا الاحسان و انما قلنا ذلك لان الجزاء ثمرة العلم [العمل خ‌ل] فجعل جزاء العارفين الحكم و العلم الي غير ذلك من الايات. و ايضاً دلت الاثار علي ذلك مثل قوله9 ليس العلم بكثرة التعلم و انما هو نور يقذفه اللّه في قلب من يحب فينشرح فيشاهد الغيب و ينفسح فيحتمل البلاء الحديث و موجب المحبة الموجبة للعلم و هو العمل قال اللّه في الحديث القدسي مازال العبد يتقرب الي بالنوافل حتي احبّه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به الحديث. و روي ملامحسن القاشاني في كتابه قرة العيون عن علي7 قال ليس العلم في السماء فينزل اليكم و لا في الارض فيخرج اليكم ولكن العلم مجبول في قلوبكم تخلقوا باخلاق الروحانيين يظهر لكم. و رواه ايضاً ابن ابي‏جمهور في المجلي علي اختلاف في الالفاظ الي غير ذلك من الاخبار.

و اما من جهة الاعتبار فلان الانسان حقيقته الوجودية هي الوجود و هي صفة الموجد العليم فكلما جاهد نفسه حتي يميتها غلب فيه جانب الربوبية

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 258 *»

الوجودية العلمية و ضعف فيه جانب الانية و العبودية التي من الجهل و الفقر و المعصية و بالعكس العكس و علي قدر ما تزرع تحصد.

و اما قوله تعالي فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الاية و كذلك الاخبار فالمراد بذلك هو ان الانسان لما كان منذ استحق الانسانية انما هو يتخلّص من المركبات الارضية و المعدنية و النباتية و الحيوانية مترقياً شيئاً فشيئاً فكان السابق عليه في الوجود الزماني دواعي الجهل و الكثرة و الانية لانه اذ ذاك في اسفل انعطاف قوس الادبار فيكون تحصيل مقدمات العلم اللدني الذي نحن بصدده متعذراً او متعسراً فاذا تعلم عند من تهيأ باستعداده من التعلم و المجاهدة حتي شاهد اليقين اشرق من نوره عليه فاخذ بيده و قوي فكره بخطابه و استنار عقله ببيانه و ثبت قلبه بهداه و عمله بالاقتداء به فينفتح له ما انفتح لشيخه و هذا احد طرق المجاهدة لانها تدعوا الي المشاهدة.

نعم لو ان شخصاً اعتدل مزاجه في اصل خلقته و وافق التوفيق استغني عن التعلم كما في الانبياء و الاوصياء بل قد يوجد في بعض افراد الناس من لايحتاج في التعلم الا الي التنبيه و الاشارة و ليس في كل ما تعلم بل في بعض و هذا غير خفي و لما كان الغالب علي الخلق عدم اعتدال المزاج من النطف و الي الاجنة الي الدنيا و كذلك في الدنيا في المآكل و المشارب و استعمال العادات و ركوب الشهوات و تقليد الاباء و اتباع الاهواء حتي غلب عليهم طبايع المركبات الخبيثات دلّهم الشارع7 علي التعلم من العلماء ليكونوا معينين لهم و ليشغلوا [ليشتغلوا خ‌ل] حواسهم الباطنة من دواعي الجهل و المعاصي باشتغالهم حواسهم الظاهرة معهم بنظايرها في النوع المغايرة لها بالمجاهدة و المشاهدة حتي تضعف تعلقات نفوسهم بتلك العادات و تتخلص من اشراك تلك المركبات شيئاً فشيئاً و تأنس بظواهر الاخلاق الالهية حتي اذا انصبغوا بذلك انفتح الباب و سمعوا الخطاب و هذا ايضاً من المجاهدة كما قلنا.

و وجه اخر ان العلم الذي يدرك بالمجاهدة و الزهد علم التوحيد الوجداني و الذي يحتاج الي التعلم ما يتعلق بالشريعة الظاهرة من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 259 *»

الاحكام و علم الاخلاق منه بالاول و منه بالثاني فلاتنافي بين المعنيين تدبّر حديث هشام الطويل من الكافي و فيه عن الصادق7 يا هشام نصب الحق لطاعة اللّه و لا نجاة الا بالطاعة و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلم و التعلم بالعقل يعتقد و لا علم الا من عالم رباني و معرفة العلم بالعقل. و عنه7 بالحكمة استخرج غور العقل و بالعقل استخرج غور الحكمة فمن علم عمل و من علم عقل و من عقل عمل و باللّه التوفيق. و اما ما ذكرتم من ان طريق الزهد في زماننا العمل بالحق الخ فكذلك الامر و هو حق لا مرية فيه الا ان هذه الامور الظاهرة بدايات و تلك غايات و لكل شي‏ء بدايات و غايات.

قال سلّمه اللّه تعالي: و لاتحسبني ان [لاتحسبن خ‌ل] الذي قلته اعتراض علي ما قلت به او شك فيه لا بل هو استرشاد و استبصار فرج عني فرج اللّه عنك و اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعم اللّه عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين.

اقول: انما قال ذلك حثاً علي سرعة الجواب و ليس به و للّه المنة شك و لا ارتياب و الصراط المستقيم الاشراق الاول و التعين الاول و الحقيقة المحمدية و الولاية المطلقة و صراط الذين انعم اللّه عليهم محالّ الصراط المستقيم صراط اللّه الذي له ما في السموات و ما في الارض و هم اهل العصمة المطهرون من الوصمة و غير المغضوب عليهم هم اشياعهم الخواص لان المغضوب عليهم هم الاعداء الماحضون من بعد ما تبين لهم الهدي و غير الضالين هم المحبون و الضالون اتباع اولئك الاعداء.

قال سلّمه اللّه تعالي: فانّي لاجد في نفسي وهناً و ركاكة ذهن و غباوة فهم و كنت اذا خلوت بنفسي تصاعدت زفراتي بل ربما تحدّرت عبراتي و لم‏اجد الي ما امرت به حيلة و لم‏اهتد سبيلاً و انّي خائف ان ارحل عن داركم قبل ان اهتدي لاقوالكم و افعالكم يا حسرتي علي ما فرطت في جنب اللّه فيا حسرتي ان حان حيني و هذه سبيلي و لم‏احذر قبيح فعالي.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 260 *»

اقول: قال ذلك هضماً لنفسه و تحقيراً لها و الا فمقامه اعلي مما نسب الي نفسه من الركاكة و الغباوة و الاثر يدل علي المؤثر و يجوز ان‌يكون اعتقد ذلك في نفسه و كفي بذلك له فخراً فقد قال7 اذا اراد اللّه بعبد خيراً بصّره بعيوب نفسه.

قال سلّمه الله تعالي: جعلنا اللّه و اياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه

و لا تحسبنّي غافلاً عن هواكم   ولكننّي من عظم ما بي اراكم
سهرت من الغرقي و بتّ من الجوي   و اني لارجو النوم حتي اراكم
و لولا خيال الطيف في النوم لم‏اكن   الي النوم مشتاقاً فمالي سواكم
صلوا و اعطفوا منّا و جوداً و رحمةً   عسي و لعلي في الديار اراكم
فمنّوا علينا باالمكاتبة التي   هي النصف من ايصالكم و لقاكم
و لاتقطعوا القنّ الذي من صفاته   كثير الخطا حتي لذاك عصاكم
فشأن العبيد القبح و الحسن شأنكم   فجودوا و عودوا للذي قد هواكم
فاني غريق الذنب ارجو انتقاذكم   اجيبوا عباد اللّه داع دعاكم
لعلي اذا فكّرت فيما ذكرتم   و علمتموني اهتدي بهداكم

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 261 *»
جزاكم الهي نعمة و فضيلة   بها انا راج رحمة من دعاكم
و صلّي الهي كلّما لاح بارق   علي من تولّي رشدكم و هداكم

جعلكم اللّه من الذين يهدون الناس فسارعوا لنا بردّ الجواب لنهتدي الي الصواب و الي اللّه المرجع و المآب و صلّي اللّه علي محمد و آله الاطياب. و كتبه الفقير الي خدمة مولاه الشيخ احمد بن الشيخ زين الدين مد اللّه ظلاله و اسبغ عليه نواله باليوم الرابع‌عشر من شهر جمادي الثانية سنة تسع و مأتين و الالف و الحمد للّه رب العالمين.

اقول: الي هنا انتهي كلامه نسخته بلفظه بلازيادة و لا نقصان بلغه اللّه آماله في الدارين و اراه في آخرته و دنياه ما تقر به العين. و اعلم انه سلمه اللّه قد استزاد مني بياناً في عمل المكتوم علي ما ذكرت سابقاً فوعدته ان اجعل ذلك في خاتمته لهذه الرسالة مع زيادة بيان و تمثيل في بعض ما ذكرنا سابقاً من الجفر فاقول باللّه المستعان

خاﺗﻤـة : في ذكر استزادة البيان في علم المولود الفلسفي، خذ الشجرة الطورية في برج الحمل فانه احسن اوقاتها ممن هو ما بين الخمسة‌عشر الي الثلثين و الاسود احسن من الاشقر و اغسله من الاوساخ و اقرضه ناعماً و ضعه في القرع الي نصفه و اربط عليه الانبيق و قطّره و اجمع من ذلك ماء كثيراً ثم ضعه كالهيئة الاولي بنار لينة كحرارة الشمس مرة واحدة و ارم الرماد و خذ الثفل و ضع عليه من ذلك الماء ثلثة امثاله في القرع و الالة العميا و ضعه في نار الزبل او علي نار لينة كحرارة الشمس الشتاء سبعة ايام ثم اخرجه و قطّره و ردّ علي الثفل كذلك من الماء و هكذا حتي تنحل نصف اليبوسة التي هي الثفل ثم ضع علي الثفل الباقي مثله من الماء و اطبخه في نار الزبل سبعة ايام ثم قطّره و اعزل القاطر و ضع علي الثفل ماء جديداً مثله و افعل كالاول حتي ينحل نصف اليبوسة فارم ما لم‌ينحل و خذ الماء الثاني المعزول و اعقده حتي يكون كالعسل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 262 *»

ثم خذ من الماء وزنة [و زنه خ‌ل] اربع مرات ضع عليه اول مرة مثله بعد تبييضه بارسال الماء و استنباطه و عفّنه في نار الزبل اربعين يوماً عدد ميقات موسي7 فيسودّ كالقار ثم اعمد الي الثلاثة الامثال الباقية فاقسمها نصفين و اسق المركب بنصفه ثلاث مرات كل مرة يعفن عشرين يوماً فيزرق في الاولي عميقاً و في الثانية سماوياً و في الثالثة ينحل كالروب و هذا الان هو الحجر الذي يشيرون اليه ثم اقسم النصف الاخر من الماء ستة اقسام و قطّر الحجر سبع مرات في كل مرة تضيف اليه سدساً من ذلك الماء و يشتد بياضه في الرابعة و يظهر النوشادر في القرع اما هنا او في الاول فضعه مع الثفل في النار سبعة ايام اول يوم نار ضعيفة ثم لاتزال كل يوم تشدّ النار و في السابع كنار السبك ثم اخرجه فانه هو الخميرة و الانفحة ثم قطّر الماء بنار لطيفة جداً كنار الجناح يقطر ماء رقيق ظاهره ابيض و باطنه احمر يصلح لعمل الحمرة ثم تزيد في النار قليلاً فيقطر ماء ابيض غليظ ثقيل اشبه الاشياء بالزيبق و هو الغربي ثم شدّ النار فيقطر اصفر كالزعفران و احمر كالياقوت و هو الزيبق الشرقي الذكر ثم اعقد الثفل و اطبخه بالماء الاول و اخرج الصبغ منه ثم طهر الباقي بالماء الثاني الابيض حتي يطهر الثفل و يكون كسحالة الفضة و في كل مرة تعمل فضع في المركب من النوشادر الذي عندك و هو الخميرة.

فاذا اردت تركيب الاكسير الابيض فخذ جزء من الثفل المطهر و الابيض [الارض خ‌ل] المقدّسة و جزء من الخميرة و هو القاضي و جزء من الشرقي و جزئين من الغربي و هو الماء الابيض الثقيل و حلّ الجميع و اعقده ثم خذ من المائين كما ذكرت لك و ضعه علي الارض و حلّ الجميع و اعقده ثم خذ مرة ثالثة كالاول و حلّ الجميع و اعقده و قد تم الاكسير الابيض واحده علي الف من النحاسين او الرصاصين يكون قمراً خالصاً علي الروباص.

و اذا اردت تركيب الاكسير الاحمر فخذ من اكسير البياض جزءاً و من الماء الاول الذي باطنه احمر جزءاً و من الصبغ الاحمر جزئين عكس ما قلنا في البياض و حلّ الجميع و اعقده و افعل ذلك ست مرات كما فعلت في الاول ثلاث مرات

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 263 *»

و ذلك معني قولهم ان واحداً سيغلب تسعاً من بنات البطارق هنا و في التزويج في السادسة يتم اكسير الحمرة واحده علي الف من القمر يكون ذهباً خالصاً علي الروباص و ان القيت احدهما علي الزيبق كان اكسيراً و ان القيت الاحمر علي الذهب كان اكسيراً و ان القيت الابيض علي الفضة كان اكسيراً فافهم فقد شرحت و لم‏اكتم و لم‏اترك الا ما يحتاج الي المشافهة و التوفيق و العمل علي النية و للتردد مدخل و اللّه الموفق للصواب.

و اما زيادة التمثيل الموعود به في صورة العمل بالحروف للطالب و المطلوب فتبسط الاسم هكذا في احمد مثلاً «ا ل ف ح ا م ي م د ا ل» و هو المركب الحرفي و بسطه في نفسه «ا ح م د» و المركب العددي «[و خ‌ل] ا ح د ث م ا ن ي ه ا ر ب ع و ن ا ر ب ع ه» و علي كل عمل و مثال المركب العددي لانه احدها اذا اردت العمل بهذه الطريقة و كان الطالب مثلاً اسمه احمد بن فاطمة فحروف عددي احرفه اثنان و اربعون و استنطاق مكعبه طمظغ [طمضغ خ‌ل] و الملك الموكل به طمظغائيل [طمضغائيل خ‌ل] و علي اسقاط عدد الملحق 51 من اصل المستنطق ثم الحاقه به حصدغائيل [حصذغائيل خ‌ل] و المطلوب العلم و حروفه عدد احرفه اربعة و عشرون و استنطاق مكعبه وعث و الملك الموكل به وعثائيل و علي اسقاط عدد الملحق 51 هكثائيل و رب ساعة العمل مثلاً الساعة الاولي من يوم الاحد الشمس و استنطاق المكعب منه هكخ لانه خمسة و عشرون و الملك الموكل به هكخائيل و علي اسقاط عدد الملحق51 دعثائيل و طالع احمد بن فاطمة برج العقرب ثمانية و عشرون و استنطاق مكعبه دفذ و الملك الموكل به دفذائيل و علي اسقاط عدد الملحق جلذائيل و البرج الطالع وقت العمل الحمل خمسة و عشرون و استنطاق المكعب هكخ و الملك الموكل به هكخائيل و علي اسقاط عدد الملحق دعثائيل و الكوكب الحالّ في العقرب و الحمل المريخ لانهما بيته و استنطاق المكعب منه ظ و الملك الموكل به ظائيل و علي اسقاط عدد الملحق

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 264 *»

طمظائيل و المنزلة حال العمل الشرطين اربع و ثلثون و استنطاق المكعب ونقغ و الملك الموكل به ونقغائيل و علي اسقاط عدد الملحق هقغائيل و الملك الموكل بالبرج الطالع حال العمل اسرافيل احد و ثلثون و استنطاق المكعب اسظ و الملك الموكل به اسظائيل و علي الاسقاط فظائيل [يظائيل خ‌ل] و خادمه الملك السفلي الجان الاحمر تسعة و عشرون و استنطاق المكعب امض و الملك الموكل به امضائيل و علي الاسقاط صذائيل و ملك طالع احمد المذكور ميكائيل اربعة و ثلثون و استنطاق المكعب منه ونقغ و الملك الموكل به ونقغائيل و علي الاسقاط هقغائيل و خادمه السفلي الاحمر ايضاً تسعة و عشرون و قد مر فيكتفي بالاول لاتحاده و ان اعاده هنا فاولي و المطلوب منه و المرغوب اليه في هذه الحاجة العليم سبحانه ثمانية و عشرون و استنطاق مكعبه دفذ و الملك الموكل به دفذائيل و علي الاسقاط جلذائيل و كذلك استخرج ملائكة الحروف بهذه الطريقة و كذا المنزلة و اليوم و الليلة الي غير ذلك من الشروط و المناسبات اذ كلما كثرت الجنود قوي الاستيلاء فكانت الاسماء المذكورة في التمثيل اثني‏عشر اسماً و هي ثلثون حرفاً و استنطاق مكعب المركب من الاسماء الاثني‏عشر زنرغغغغغغغغغغ و الملك الموكل به صاحب الهيمنة عليها كلها هو زنرغغغغغغغغغغائيل و علي الاسقاط ورغغغغغغغغغغائيل و علي عدم الاسقاط فالزاي وزنه من الهواء درجة و نظيره الممازج له الهاء من النار و تركيبه زه و النون وزنه من التراب ثانية و نظيره هو العين من الماء و تركيبه نع و الراء وزنها من الماء ثالثة و نظيره من التراب صاد و تركيبه رص و الغين وزنه من الماء خامسة و نظيره من التراب ض و تركيبه غض غض غض غض غض غض غض غض غض غض فتأليف هذا الاسم الشريف و تركيبه هكذا زه نع ر ص غض غض غض غض غض غض غض غض غض غض و علي الاسقاط الظاهر انه الاسم لايختلف باختلاف الملك و علي احتمال الاختلاف فالواو درجة من التراب و نظيرها ح فيكون تركيب الاسم و ح ر ص غض غض غض غض غض غض غض غض غض غض فالغالب

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 265 *»

علي طبيعة حروفه الماء لكثرة الحروف المائية فيه فبعد استيفاء الشروط و المناسبات يكتب في اناء من حديد بزعفران و البخور حال العمل صندل احمر.

و اعلم ان اخذ هذه النظاير انما هي علي ترتيب البروج. و منهم من يأخذها علي ترتيب العناصر فاذا اخذت كذلك اختلف التركيب و يوزن الاسم بالموازين المتقدمة و تعرف طبيعة الاسم و يعمل عليها ولكن القوم صرّحوا بان العمل علي اي الاصطلاحين صحيح. و منهم من قال ان كان العمل فيما يتعلق بالعقول و النفوس فالاولي اخذ ترتيب البروج و ان كان متعلقاً بالاجسام فالاولي اخذ ترتيب العناصر و هو اعتبار صحيح فلا بأس به بل ربما يكون متعيناً.

ثم ان هذا احد الطرق و احد جهات العمل و احد الموازين و انما اتيت به علي سبيل التمثيل لان من لم‏يعرف العمل علي وضعه التام لايتم مطلوبه. و اعلم ان المركب كلما ازداد نعومة و تكليساً و تكريراً ازداد جودة و فعلاً و هذا العمل كذلك كلما ازداد تكسيراً و تكعيباً بحيث تكثر الاعوان و القوي ازداد سرعة في الفعل و ظهور الاثر واللّه سبحانه الموفق و حيث انتهي بنا الحال الي هنا فلنقطع الكلام حامدين مصلين مستغفرين.

ثم اعلم انه سلمه اللّه تعالي كتب الي هذه المسائل و صحبتها معي الي العراق رجاء ان‌اتمها في الطريق و كتبت منها بعضاً قليلاً نحواً من اربع و عشرين ورقة و حالت دون الاتمام اسباب التعويق فلما قدمت البحرين في السنة الثانية من ذلك التاريخ استخبرني سلمه اللّه الجواب و الهم غير مجتمع لحوادث الليالي و الايام و القلب منصدع لوقوع دواهي الدهر العظام و انا اعده حتي اتي هذا التاريخ فسارعت في اجابته و ليس لي ميل الي ذلك لما هجم علي الناس من شدة الضر و البأس فان اخطأت في شي‏ء فانا معذور لو فرض ان ليس في قصور فكيف و ما انا فيه من القصور و كثرة الاضاعة من قليل البضاعة علي اني اوصيك بالتأمل فكم من خبايا في الزوايا و اياك و التسرع في التكذيب بما لم‏تعلم و ابتهل الي اللّه الفتاح في فتح مقفّلها لك و استخرج الكنز من الرمز و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 266 *»

اللّه خليفتي عليك و هو حسبنا و نعم الوكيل.

و كتب مؤلفها العبد المسكين احمد بن زين‏الدين بن ابراهيم بن صقر بن ابراهيم بن داغر الاحسائي في القرية المسماة ببني تابع البلاد القديم من البحرين و فرغت من تأليفها في الليلة الثانية و العشرين من شعبان سنة الحادية‌عشرة بعد المأتين و الالف من الهجرة النبوية علي مهاجرها و آله الطاهرين افضل الصلوة و ازكي السلام و الحمد للّه رب العالمين و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.

فهرس لوامع الوسائل

الموضوع                                                                          الصفحه

الخطبة162

مقدمة السائل162

شرح بعض المطالب من المقدمة165

المسألة الاولي: بيان اختلاف الاقوال في التعبيرات من الباطن والظاهر ـ و كلام الصوفيّة و كلام اهل الحق ـ عبارة جامعة وجيزة في صنعة المكتوم‏ ـ و العالم العلوي و السفلي في الانسان والعالم الصغير ـ و تولد الانسان و قواه و اطواره ـ والعالم الزماني و العالم الدهـري و العالـم السرمدي ـ والعـــالم البرزخي و العالم الحشري ـ و تقابل العقل بالجهــل ـ و اول المخلوقــات ـ و المركز الارضي ـ و المحدد السمائي ـ و سكّان الافلاك و سكّان الارضين و ما بينهن و ما يماثلها في الانسان .171

الجواب : 172

المسألة الثانية : ما الابداع الاول و ما الثاني190

الجواب :190

و هلم جراً في الحروف192

الجواب :192

و في اسماءاللّه الحسني194

الجواب :194

و في اوراد الملائكة بها222

الجواب :222

و في الاسم الناقص عن المأة و كيفيـة استجابة الدعاء بالاسم المشاراليه بالاسم الاعظم 223

الجواب:223

الاشارة الي البسط والتكسير والمزج والوضع في بيان الوفق224

الجواب :224

المسألة الثالثة: مــا تفسيـر الحــروف المقطعة في اوايـل السـور و مـا معني

الحروف الهجائية الابجدية228

الجواب:228

مااحسن الاوراد و اكمل الذكر و اعلي ‏الافعال و طريق تزكية النفس و الوصول

الي طريق اهل الحق؟235

الجواب :235

و معرفة نورانية الاسماء من الملأ الاعلي و خدامها236

الجواب :236

و كـذلك المعـادن و السيـارات كـل في وضعـه لينتــج لنا مقابلة العالم الكبير

بالعالم الصغير بالصناعة238

الجواب:238

المسألة الرابعة: ما الشجــرة في قوله تعــالي شجرة مباركة زيتونة و الشجرة

التي في الواد المقدس ـ و الشجرة التي تخرج من طور سينا ـ و الشجرة الطيبة ـ

و الشجرة الخبيثة ـ و الشجرة الملعونة240

الجواب :240

و الوادي المقدس و الارض المقدسة245

الجواب :245

و التسعة المفسدة في الارض ـ و العشرة الجبال ـ و الجبـل الذي كلم اللّه عليــه

موسي ‏ـ و قدس اللّه عليه عيسي‏ ـ و اتخذ ابراهيم خليلاً ـ و محمداً9 حبيباً ـ

و الطيور الاربعه ‏ـ و الثلاثين اليوم‏ ـ والاتمام بالعشره ‏ـ و النعل ‏الذي خلعه موسي ‏ـ

و الاثني‌عشر في عدة الشهور ـ و الاربعة الحرم245

الجواب: 245

و في قولهم: تحذّر من الايام سبعاً كواملاً250

الجواب:250

و في قولهم: عادانا من كل شي‏ء حتي من الطيور العصفور و في الايام الاربعــاء251

الجواب:251

و ما الكلمة في قوله: و تمت كلمة ربّك الحسني ـ كلاّ انها كلمة هو قائلها ـ اليه

يصعــد الكـلم الطيب ـ و الكـــلمات التــامات ـ و التي تلقـيها آدم من ربه ـ و

الاسماء التي علمها آدم ـ و غير ذلك253

الجواب:253

و ما الصلوة الوسطي ـ و الصراط المستقيم ـ و ماالليالي العشر و الشفع و الوتر ـ

و ما المدهامّتان ـ و ما سدرة المنتهي ـ و ما جنّة المأوي ـ و ما رأي محمّــد9حين رأي255

الجواب:255

و ما النفس النــاطقة في الانســان و ما النفـس الكلية في العالم الكلي و النفس

المطمئنة و النفس الاماره و النباتية . . . .258

الجواب:258

المسألة الخامسة: قول رســول‏اللّه9 اللهم زدنــي فيك تحيــراً» مع علـو مقامه و قول علي 7 لو كشف الغطاء ماازددت يقيناً261

الجواب:261

و التلفيق بين قوله 7 عميت عين لاتراك …  و بين قوله تعالي لموسي7 لن‏تراني264

الجواب:264

و التلفيق بين التوصل له بالتفكر في مصنوعــاته و بين قوله 7 اعـــرفوا اللّه باللّه . . . و قوله 7 يا من دل علي ذاته بذاته265

الجواب:265

و ما التوفيق بين قوله تعالي لئن اشركت ليحبطن عملك و ليحملن اثقالهم و اثقـالاً مع اثقالهم و الايـات الدالّة علي ان ما عمـل اخيراً ينسخ الاول من خير و شر و بين قوله لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الا احصيها، لها مــاكسبت و عليها ما اكتسبت267

الجواب:267

و ما التوفيق بين قوله 7 ولكني اتخوف عليكم عذاب البرزخ و بين ما دل علي انهم يحضرون الاموات في قبورهم و حسابهم.268

الجواب:268

و ما التوفيــق بين الاخبـار الدالــة علي ان الناس يحشرون كلهم عرايا و بين

مادل علي ان المؤمن يخرج مكسياً من حلل الجنة.269

الجواب:269

و ما معني قول جبرئيل عند مـــوت محمّد9 هذا آخر هبوطي الي الدنيا و بين مادل علي نزوله الي الارض270

الجواب:270

و ما التوفيــق بين قولــه تعالي و لا تزر وازرة وزر اخري و بين قولـه تعـالي و ليحملن اثقالهم و اثقالاً مع اثقالهم علي حسب ما نحن فيه . . .270

الجواب:270

المسألة السادسة: ان تصف لنا وضع دائرة العقل و ما يقابلها من الاسمــاء و الحروف . . . و كذلك دائرة الجهل . . .271

الجواب:271

ما حد الزهد المنبغي منا و الذي ينبغي لنا و الذي ينبغي استعماله273

الجواب:273

المسألة السابعة: شرح قول الامام الهادي 7 في رسالته لاصحابه في الامر بين الامرين والمنزلة بين المنزلتين . . .276

الجواب:276

بيان رتبة هذه المسألة277

الاشاعرة و المعتزلة285

الشيعة و الشبهات العامية في هذه المسألة288

تمهيد لتبيين فساد الطرفين (الجبر و التفويض)290

بيان الدلائل الدالة علي ولايتهم:298

حديث الثقلين اساس البحث في المسألة298

حديث غدير خم301

حديث المنزلة305

الاقرار بهذه الاخبار ضروري308

بيان الدلائل الدالة علي البراءة من اعدائهم310

الشروع في المقصود312

وجوب الاقتداء بعلي 7 يدل علي وجوب الاقتداء بالائمة من ولده:313

الاستدلال بكلام الصادق 7 لاثبات المنزلة بين المنزلتين315

بيان ما في الجبر والتفويض من المفاسد ـ اِبطال الجبر323

اشارة الي المنزلة بين المنزلتين332

ابطال التفويض333

بيان المنزلة بين المنزلتين337

الاستشهاد بالاحاديث339

الامتحان و الاختبار بالاستطاعة345

بيان الشرائط الخمسة في الاستطاعة346

1 ـ  صحة الخلقة346

2 ـ تخلية السرب348

3 ـ المهلة348

4 ـ الزاد و الراحلة349

5 ـ السبب المهيّج للفاعل350

الشواهد القرآنية الدالة علي المنزلة بين المنزلتين351

فرض اعتراض و الجواب عنه352

سؤال فرضي و الجواب عنه354

المسألة الثامنة: ما الجمع بين ما ورد من الايــات و الاخبـار «ان المـداومـة علي الاعمال الصالحة والمجاهدة و الزهد في الدنيـا توصـل الـي المعرفـة الحقيقيّة و لايحتــاج الانسـان الي غيـره» و بين مــاورد ايضـاً من الايـات و الاخبار «في وجوب الاخذ من العلماء الربّانيين»356

الجواب:357

تلك المسائل من باب الاسترشاد و الاستبصار359

الجواب:359

اظهار التحسر360

الجواب:360

ابيات في اظهار الخشوع360

خاتمة: في ذكر استزادة البيان في علم المولود الفلسفي361

[1] – نسخه بدل‌ها از چاپ بصره است و در موارد استثناء قيد مي شود.

([2]) ارماز خ‌ل

([3]) الطرفة خ‌ل

([4]) مؤخر خ‌ل

(([5] بلغ خ‌ل

([6]) انبائه خ‌ل

([7]) الكافي ج‏1 ص159 (عن أبي‌عبدالله7 قال: سئل عن الجبر و القدر فقال لا جبر و لا قدر و لكن منزلة بينهما فيها الحق التي بينهما لا يعلمها إلا العالم أو من علمها إياه العالم‏)

([8]) العيار رجل كثير الطواف و الحركة. العيار ايضاً جمع عير و هو الحمار.

([9]) دوحة شجرة عظيمة من اي شجر كان. جمعها دوح و جمعه دوحات .

([10]) سمرات جمع سُمْرة بضم الميم و هي شجرة من شبجر الطلح .

([11]) التنّوب شجرة عظيمة و نوع من الشجر .

([12]) قمّ جاروب كردن .

([13]) اعبل علينا اي عظم الامر علينا و ضخم .

([14]) العبدري منسوب الي بني عبدالدار

([15]) في هذا الموضع زيادة في تحف العقول:

و ان لم‏يعاقبه كذّب نفسه في وعيده اياه حين اوعده بالكذب و الظلم اللذين ينفيان العدل و الحكمة تعالي عما يقولون علواً كبيراً فمن دان بالجبر أو بما يدعو الي الجبر فقد ظلّم الله و نسبه الي الجور و العدوان اذ اوجب علي من اجبره العقوبة.

([16]) في هذا الموضع زيادة في البحار: فابطل الله اختيارهم و لم‏يجز لهم آراءهم حيث يقول أهم يقسمون رحمة ربّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا و رحمة ربك خير مما يجمعون. و لذلك اختار من الامور ما احب و نهي عما كره فمن اطاعه اثابه و من عصاه عاقبه.

([17]) في هذا الموضع زيادة في التحف: و لسنا ندين بجبر و لا تفويض لكنا نقول بمنزلة بين المنزلتين و هو الامتحان و الاختبار بالاستطاعة التي ملكنا الله و تعبدنا بها على ما شهد به الكتاب و دان به الأئمة الأبرار من آل الرسول9

([18]) في هذا الموضع زيادة في التحف: و ذلك ان كل ذي‏حركة علي بسيط الارض هو قائم بنفسه بحواسه مستكمل في ذاته ففضّل بني‌ادم بالنطق الذي ليس في غيره من الخلق المدرك بالحواس.