رسالة
في رفع الاختلاف بين ما دل علي
عصمة الملائکة و ما دل علي عصيان بعضهم
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی الله مقامه
«* الرسائل جلد 4 صفحه 220 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمدللّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطيبين و شيعتهم الانجبين و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين.
و بعد ما ظهر من آيات الكتاب و الاخبار من آل اللّه الاطهار عليهم صلوات الجبار و من اقوال العلماء الاخيار و صحيح الاعتبار من العقل الذي لايعتريه من الشبهات غبار ان الملائكة معصومون لايعصون اللّه ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و كأنه عند ذوي النهي من الاجماعيات بأنهم لايجترحون السيئات و قد روي عن اهل العصمة صلوات اللّه عليهم في بعض الملائكة العصيان فأردت انارفع الاختلاف الذي يري في بادي النظر فان في الواقع ليس في كلامهم سلام اللّه عليهم اختلاف علي قدر فهمي و شعوري.
فاقول من الايات و الاخبار الدالة علي عصمتهم ما سئل ابو محمد7 ما هذا لفظه فان قوماً عندنا يزعمون ان هاروت و ماروت ملكان اختارتهما الملائكة لما كثر عصيان بني آدم و انزلهما اللّه مع ثالث لهما الي الدنيا و انهما افتتنا بالزهرة و ارادا الزنا بها و شربا الخمر و قتلا النفس المحرمة و ان اللّه تعالي يعذبهما ببابل و ان السحرة منهما يتعلمون السحر و ان اللّه مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة فقال7 معاذ اللّه عن ذلك ان ملائكة اللّه معصومون محفوظون من الكفر و القبايح بألطاف اللّه تعالي قال اللّه عزّوجلّ فيهم لايعصون اللّه ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و قال و له من في السموات و الارض و من عنده ـ يعني الملائكة ـ لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون و قال في الملائكة
«* الرسائل جلد 4 صفحه 221 *»
ايضاً عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون الي قوله مشفقون انتهي و عن الرضا7 انه سئل عما يرويه الناس من امر الزهرة و انها امرأة فتن بها هاروت و ماروت و ما يروونه من امر سهيل و انه كان عشاراً باليمن فقال7 كذبوا في قولهم انهما كوكبان و انهما كانتا دابتين من دواب البحر فغلط الناس فظنوا انهما الكوكبان و ماكان اللّه عزّوجلّ ليمسخ اعداءه انواراً مضيئة ثم ابقاها ما بقيت السموات و الارض و ان المسوخ لمتبق اكثر من ثلثة ايام حتي ماتت و ماتناسل منها شيء و ما علي وجه الارض اليوم مسخ و ان التي وقع عليها اسم المسوخية مثل القرد و الخنزيز و الدب و اشباهها انما هي مثل ما مسخ اللّه عزّوجلّ علي صورها قوماً غضب اللّه عليهم و لعنهم بانكارهم توحيد اللّه و تكذيبهم رسله و اما هاروت و ماروت فكانا ملكين علما الناس السحر ليحترزوا به من سحر السحرة و يبطلوا به كيدهم و ماعلما احداً من ذلك شيئاً الا قالا له انما نحن فتنة فلاتكفر فكفر قوم باستعمالهم لما امروا بالاحتراز منه و جعلوا يفرقون بما تعلموه بين المرء و زوجه انتهي.
و قد اكتفيت بتلك الاخبار و الايات لانه بآية واحدة و رواية واحدة و رواية صحيحة كفاية في الاستدلال و غناء عن القيل و القال فظهر بحمد اللّه عصمة الملائكة: و اما سر عصمتهم و عدم اجتراحهم السيئات فلانهم كانوا اطراف الموجود و حروف الكلمة المصنوع و صور للمواد و لايبقي فيهم امكان الخلاف بالامكان القريب و ان كان فيهم الامكان البعيد الذي لايتعلق المشية باستخراجه فخلقهم اللّه تعالي من هذا الامكان القريب الذي لايمكن استخراج شيء من المعاصي منه اذ ليست فيه كامنة فتستخرج لان اخراج شيء عن شيء لا معني له الا انيكون هناك مادة كامنة فيه صور عديدة فيستخرج بيد التدبير ما اريد و المستخرج بالفتح لايكون الا ما كان كامناً في الامكان و المادة و ليس هو الا الصورة و الصورة من حيث انها صورة لايعقل ان
«* الرسائل جلد 4 صفحه 222 *»
يستخرج منها صورة اخري اذ ليس فيها صورة كامنة و انما الصورة كامنة في المادة فالصورة عارية عن الامكان خالية عن استعداد خروج شيء منها فالصورة من حيث انها صورة ان كانت قد خلقت اول مرة طيبة فطيبة لايمكن انتكون خبيثة في عادة اللّه في اجراء حكمته علي نهج الاتقان و اللّه سبحانه قادر علي خلاف العادة و الحكمة ولكن لايفعل ذلك ابداً كما اخبر عن نفسه و قال لو اردنا اننتخذ لهواً لاتخذناه ولكن ماكان اللّه سبحانه ليضيع ايمانكم لانه هو الرؤف الرحيم فلايفعل ابداً خلاف الحكمة كيف لا و هو غني ليس فيه داع لخلاف الحكمة اذ ليس سبحانه فيه و لميكن ظرفاً حتي يقال في حقه فيه و ان كانت الصورة قد خلقت اول مرة خبيثة فتكون خبيثة لايمكن استخراج صورة طيبة منها لان معني الصورة هو الفعل و معني المادة هو القوة و الامكان و الفعل من حيث هو الفعل لايعقل انيكون قوة و امكاناً فالصورة الطيبة طيبة ابداً و الخبيثة خبيثة ابداً و ذلك احد معاني ما روي عنهم: لو ان الناس علموا كيف خلق اللّه الخلق لميلم احد احداً و لايلزم جبر من ذلك لان اللّه سبحانه خلق كل شيء باختيار منه بكفرهم لعناهم و جعل كل شيء يداً و آلة لخلقه فلايعقل انيكون اللّه سبحانه ظالماً و جائراً و ليس المقصود هنا رفع الجبر و هو برأسه مسألة عظيمة يقتضي شرحاً بسيطاً.
فالصورة من حيث انها صورة ليست بمادة و لايمكن اخراج شيء منها و مثال ذلك كالخشب و صورة الضريح و صورة الصنم فالخشب مادة قد كمن فيه صور الطيبات و الخبيثات و صورة الاستقامة و الاعوجاج كما هو ظاهر بين فاذا استخرجت منه صورة الضريح صارت طيبة و ان استخرجت صورة الصنم كانت خبيثة فالضريح من حيث انه ضريح طيب ليس فيه صورة الصنم كامنة و انما صورة الصنم كامنة في الخشب و هو غير الضريح و الصنم ليس فيه قوة الضريح من حيث انه صنم فالصنم لايصير ضريحاً ابداً و الضريح لايصير صنماً ابداً و لايعقل انيصير كل منهما من حيث انهما هما شيئاً آخر
«* الرسائل جلد 4 صفحه 223 *»
و انما الصالح لذلك هو الخشب و لايقال ان الخشب في ضمن الضريح فاذا صار قابلاً لصورة الصنم يلزمه انيكون الضريح يصير صنماً لان الخشب مقامه في المثال مقام المادة و المادة من حيث انها مادة لايكون في ضمن الصورة ابداً بل معني المادة من حيث انها مادة هو عدم الصور و شرط وجودها عدم الصور اذا عدم الصور وجد و اذا وجد الصور فقد فلايعقل انيصير العدم الذي هو ضد الوجود الذي هو الصور صورة و وجوداً و لايجتمع الاضداد في شيء واحد ابداً الا من حيث جهة اخري فكما لايجتمع السواد و البياض لايجتمع المادة مع الصورة اذ كل منهما شرط عدم الاخري و العدم لايجتمع مع عدمه.
نعم المادة من حيث الظهور يصير في ضمن الصور و ليس ظهوره للصور الا نفس الصور لانه ليس بينهما ثالث يكون هو الظهور فظهور الخشب للضريح نفس الضريح و ظهوره للصنم نفس الصنم تجلي لهما بهما و بهما امتنع عنهما عال فوقهما خال عن صورتهما محيط بهما نافذ حكمه فيهما و كذلك الفعل المطلق في نفسه ليس بضرب و لا نصر بل هو فوقهما ليس في عرصتهما و انما ظهر في ضاد و راء و باء فيصير ضرب و ظهر في نون و صاد و راء فيصير نصر و ليس في نفسه من حيث نفسه ضاد و لا راء و لا باء و لا نون و لا صاد و لا راء بل هو فاء و عين و لام و ليس فيه ذكر ضاد و راء و باء فلو كان فيه ذكرها لاختص بها و لايقدر علي الظهور في نون و صاد و راء و كذلك ليس فيه ذكر نون و صاد و راء و لو كان فيه ذكرها لامتنع انيظهر في ضاد و راء و باء فاذا نري انه ظاهر فيهما عرفنا انه في نفسه لا اختصاص له بهما عال عنهما ظاهر بهما و ظهوره لهما ليس الا نفسهما اذ هو في نفسه لايكون الا هو و لو كان هو غير هو لكان غير هو و لايعقل انيكون هو غير هو و هما في نفسهما هما و لو كانا غيرهما لكانا غيرهما فهما هما و هو هو و لاثالث بينهما فهما بانفسهما ظهوراه لهما بهما و وجوداه في عالم الافراد.
«* الرسائل جلد 4 صفحه 224 *»
بالجملة فالمادة كماتعرف في نفسها لاتكون في ضمن الصور و الصور في نفسها فعلية محضة ليس فيها صلوح ظهور لشيء ابداً الا في قدرة القدير و هو كما اخبر عن نفسه لايفعل ما هو خلاف الحكمة و الحكمة هي التي تري فلايمكن عادة ظهور عصيان عن ملك من الملائكة بل ظهور طاعة غير طاعته التي خلق لاجلها و لذا روي منهم سجود لايركعون و منهم ركوع لايسجدون و سئل علي7 عن العالم العلوي فقال صور عارية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد فالملك حين خلق خلق معصوماً بألطاف اللّه و عنايته و لايعصون اللّه فيما يؤمرون و هم علي ما خلقوا عليه مديمون ثابتون لايرتفعون عن مقامهم و لاينخفضون و لكل منهم مقام معلوم لايجاوزون ابداً فعلي ما دل عليه الكتاب العزيز و الاخبار من آل اللّه تعالي و صحيح الاعتبار بحيث لايبقي معها غبار الملائكة معصومون مطهرون عن ارجاس المعاصي و الخطيئات فاذا ثبت ذلك بحيث لايتطرق فيه شبهة مطلقاً ان صدر عن اهل العصمة سلام اللّه عليهم اجمعين ما هو خلاف ذلك ظاهراً يجب حمله علي غير ما فهمه العقول الناقصة و الافهام القاصرة و حمله علي ما ارادوا: و لا شك انهم: لايريدون ما هو مذهبهم علي خلافه بل يريدون غير ما يبدو في بادي النظر و لذا لما رأوا: ان الناس زعموا في الملائكة جواز المعصية و وقوعها من الاخبار المتشابهة انكروا عليهم رأساً و قالوا: كذبوا ماكان الامر كذلك لما رأوا انهم يذهبون في اخبارهم: غير مرادهم فاذا ذهبوا الي ما ارادوا: لمينكروا عليهم بل صدقوهم ما رووا لانه منهم:([1]) و لهم في كلامهم تصاريف لهم من كلها مخرج و لكلامهم معان متعددة فان لميوافق قولاً منهم: معني متبادراً يوافق مذهبهم يجب حمله علي معني آخر يوافق مذهبهم سلام اللّه عليهم.
«* الرسائل جلد 4 صفحه 225 *»
فمن احاديثهم المعضلة المتشابهة في الملائكة ما روي عن القمي و العياشي عن الباقر7 انه سأله عطا عن هاروت و ماروت فقال7 ان الملائكة كانوا ينزلون من السماء الي الارض في كل يوم و ليلة يحفظون اعمال اوساط اهل الارض من ولد آدم و من الجن و يسطرونها و يعرجون بها الي السماء قال فضج اهل السماء من اعمال اوساط اهل الارض في المعاصي و الكذب علي اللّه تعالي و جرأتهم عليه و نزهوا اللّه مما يقولون و يصفون فقالت طائفة من الملائكة يا ربنا اماتغضب خلقك في ارضك و مما يصفون فيك الكذب و يقولون الزور مما يرتكبونه من المعاصي التي نهيتهم عنها و هم في قبضتك و تحت قدرتك قال فأحب اللّه عزّوجلّ انيري الملائكة سابق علمه في جميع خلقه و يعرفهم ما من به عليهم مما طبعهم عليه من الطاعة و عدل به عنهم من الشهوات الانسانية فاوحي اللّه عزّوجلّ اليهم ان انتدبوا منکم ملكين حتي اهبطهما الي الارض و اجعل فيهما الطبايع البشرية من الشهوة و الحرص و الامل كما هو في ولد آدم ثم اختبرهما في الطاعة لي و مخالفة الهوي قال فندبوا لذلك هاروت و ماروت و كانا من اشد الملائكة قولاً في العيب لولد آدم و استيثار غضب اللّه تعالي عليهم فاوحي اللّه سبحانه و تعالي اليهما اهبطا الي الارض فقد جعلت فيكما طبايع الشهوات و الحرص و الامل و امثالها كما جعلت في بنيآدم و اني آمركما ان لاتشركا بي شيئاً و لاتقتلا النفس التي حرمتها و لاتزنيا و لاتشربا الخمر.
ثم اهبطا الي الارض في صورة البشر و لباسهم فهبطا في ناحية بابل فرفع لهما بناء مشرف فاقبلا نحوه فاذاً ببابه امرأة جميلة حسناء متزينة متعطرة مسفرة مستبشرة نحوهما فلما تأملا حسنها و جمالها و ناطقاها وقعت في قلبهما اشد موقع و اشتدت بهما الشهوة التي جعلت فيهما فمالا اليها ميل فتنة و خذلان و حادثاها و راوداها عن نفسها فقالت لهما ان لي ديناً ادين به و ليس في ديني اناجيبكما الي ما تريدان الا انتدخلا في ديني فقالا و ما
«* الرسائل جلد 4 صفحه 226 *»
دينك فقالت لي الهاً من عبده و سجد له فهو ممن في ديني و انا مجيب لما يسأل مني فقالا و ما الهك فقالت الهي هذا الصنم فنظر كل الي صاحبه فقال له هاتان خصلتان مما نهينا عنه الزنا و الشرك لانا ان سجدنا لهذا الصنم و عبدنا اشركنا باللّه و هو ذا نحن نطلب الزنا و لانقدر علي مغالبة الشهوة فيه و لنيحصل بدون هذا قالا لها انا نجيبك الي ما سألت قالت فدونكما هذه الخمرة فاشربا فانها قربان لكما منه و به تبلغان مرادكما فأئتمرا بينهما و قالا هذه ثلث خصال مما نهينا عنه الشرك و الزنا و الخمر و انا لانقدر علي الزنا الا بهاتين حتي نصل الي قضاء وطرنا فقالا ما اعظم البلية بك فقد اجبناك قالت فدونكما اشربا هذه الخمر و اسجدا للصنم فشربا الخمر و سجدا.
ثم راوداها فلما تهيأت لذلك دخل عليهما سائل فرآهما علي تلك الحالة فزعرا منه فقال ويلكما قد خلوتما بهذه المرأة المعطرة الحسناء و قعدتما منها علي مثل هذه الفاحشة انكما لرجلا سوء لافعلن بكما و خرج علي ذلك فنهضت فقالت لا و الهي لاتصلان الان الي و قد اطلع هذا الرجل علينا و عرف مكانكما و هو لامحالة مخبر بخبركما فبادرا و اقتلاه قبل انيفضحنا جميعاً ثم دونكما فاقضيا وطركما مطمئنين آمنين فأسرعا الي الرجل فأدركاه فقتلاه ثم رجعا اليها فلميرياها و بدت لهما سوآتهما و نزع عنها رياشهما و اسقطا في ايديهما و سمعا هاتفاً انكما اهبطتما الي الارض بين البشر من خلق اللّه تعالي ساعة من النهار فعصيتماه بأربع من كبائر المعاصي و قد نهاكما عنها و قدم اليكما فيها و لمتراقباه و لااستحييتما منه و قد كنتما اشد من نقم علي اهل الارض المعاصي و اسجر غضبه عليهم و لما جعل فيكما من طبع خلقه البشري و كان عصمكم من المعاصي كيف رأيتم موضع خذلانه فيكم قال و كان قلبهما في حب تلك المرأة الي ان قال7 فخيرهما اللّه عزّوجلّ بين عذاب الاخرة فقال احدهما لصاحبه فنمتع من شهوات الدنيا اذ صرنا اليها الي اننصير الي عذاب الاخرة فقال الاخر ان عذاب الدنيا له انقطاع و عذاب الاخرة
«* الرسائل جلد 4 صفحه 227 *»
لا انقضاء له و ليس حقيق بنا اننختار عذاب الاخرة الشديد الدائم علي عذاب الدنيا المنقطع الفاني قال فاختارا عذاب الدنيا و كانا يعلمان الناس السحر بأرض بابل ثم لما علما الناس السحر رفعا من الارض الي الهواء فهما معذبان منكثان معلقان في الهواء الي يوم القيامة انتهي.
فاقول بحول اللّه و قوته ان احد معاني هذه الحديث الشريف ان هاروت مشتق من هار هوراً اذا انهدم و الواو و التاء مبالغة في الهدم كما زيدتا في ملكوت و جبروت و لاهوت و امثالها و المراد منه عالم الروح الذي قد انهدم جميع الصور فيه غاية الانهدام حتي يصير برزخاً بين العقل المعري عن الصور و بين النفس التي هي مقام الصور و تلك الصور لها ذكر في عالم البرزخ ذكر انهدام و عدم و لذا عبر عن عالمه بعالم الصور الرقيقة و بورق الاس الذي اعلاه في غاية الدقة و اسفله يشبه عالم الصور و ماروت ايضاً مشتق من مار البحر موراً اذا اضطربت امواجه و علا بعضه علي بعض و الواو و التاء ايضاً للمبالغة و التكثير و المراد منه عالم النفس الذي هو مقام الصور الجزئية المتكثرة المتعددة في غاية الكثرة في عالم الغيب و هما ملكان لانهما طرفا وجود الشخص فان الشخص في عالم الغيب مركب من مادة نوعية و صورة نوعية و من مادة شخصية و صورة شخصية فمادته النوعية هي الفؤاد و صورته النوعية هي العقل الذي له صورة معنوية كلية و مادته الشخصية هي الروح الرقيقة التي تشبه النفس و صورته الشخصية هي مقام النفس الجزئية الصورية و بهذه الاربع يتم شخص عالم الغيب و كلمة وجوده و لكل شيء تام لابد له من التركيب من هذه المراتب الاربع كماتري في عالم الشهادة عياناً و قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا و العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية و ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية.
فمن مركبات هذا العالم هو الكلمة التي تري تتركب من الحروف لها مادة نوعية و صورة نوعية و هما المداد الذي يمتاز عن غيره بصورته فاذا
«* الرسائل جلد 4 صفحه 228 *»
اردت انتصنع منه الكلمة كلمة ابجد مثلاً صنعت اولاً الفاً و باء و جيماً و دالاً و هي بمنزلة اللبن لعمارة كلمة ابجد و هي مقام المادة الشخصية الاتري ان اللبن صالحة لعمارة هذا البناء و غيره و لايختص به دون غيره و يمكن انيصاغ منها جدباً مثلاً و غيره فلها مقام المادة ثم اذا وضعت لبنة الالف و الباء و الجيم و الدال و رتبتها علي الترتيب المخصوص و جعلت بعضها اعلي و بعضها اسفل حصلت لك كلمة ابجد مشخصاً معيناً فرأيت عياناً ان لكلمة ابجد اربع مراتب كلية و ان كانت لكل واحد من المراتب مراتب اخر فكل مرتبة من المراتب الاربع حرف لها و طرف و هذه الحروف الظاهرة التي رأيتها يحكي كل واحد منها مرتبة من مراتبه فالالف تحكي مادتها النوعية التي هي جهة الوحدة و البساطة و عدم التعين ثم الباء التي هي دون الالف بمرتبة و هي تكريرها بمرة واحدة تحكي صورتها النوعية التي هي التعين الاول و لها صورة ما معنوية ثم الجيم التي هي تكريرها بمرتين تحكي مادتها الشخصية التي وقعت في المقام الثالث ثم الدال تحكي عن الصورة الشخصية التي منتهي المقامات بالنسبة الي تمام الشخص و رابع شروط وجوده فهذه الحروف الاربع كما تري كل واحدة لها ملكية بالنسبة الي كلمة ابجد و كلمة ابجد التي بمنزلة الشخص التام تتركب منها.
بالجملة فمقام الروح وحدها و مقام النفس وحدها قبل التركيب لهما ملكية و حرفية بالنسبة الي كلمة وجود شخص الغيب فهما ملكان البتة و اما سائر الملائكة فمقامهم دونهما فان مقامهم عالم المواد مواد عالم الشهادة و تناسبهم بعالم الشهادة اشد و تكثرهم اكثر و تناسبهما اقل اي تناسب هاروت و ماروت اللذين هما مقام الروح و النفس و لذا يكون تشنيعهما علي اوساط ولد آدم اكثر لعدم التناسب و شدة التناكر لانه كلما كان بين الشيئين تناسب و تقارب و ايتلاف و اتحاد يكون صفاتهم و افعالهم و اقوالهم اشبه و كلما يكون في ذلك ابعد يكون صفاتهم و افعالهم و اقوالهم اشد تناكراً و تبايناً فاذا نزل
«* الرسائل جلد 4 صفحه 229 *»
الملائكة البرازخ الي الدنيا و تري اعمال بنيآدم و صعدوا الي عالم الغيب و تخبرهم بما فعلوا اشتد عليهم ما فعلوا اشد من الملائكة النازلين الصاعدين و المراد بأوساط بنيآدم هم الذين لمايظهر فيهم النفس و المراتب العالية بل هم الذين يخلدون في ارض الطبايع طبايع هذه الدنيا و يتحركون و يفعلون و يقولون علي حسب طبيعتهم بلا روية و فكر هل هي من مرضات اللّه التي امر بها ام من مساخطه التي نهي عنها يأكلون و يشربون كما تأكل الانعام يتصفون بصفاتها فكل يعمل علي ما جبل عليه بدون التعمد و التفكر فالصفراوي مثلاً يصول و يتكبر و يتشهر و يجذب و يبخل و الدموي يعاشر الناس و يحب الاستيناس مع النساء و الضعفاء و يتكبر في حسن معاشرة و يتشهر و يجود و البلغمي يحلم و يتذلل و يرفق الناس و يجود علي كل احد و يحب النساء و يعاشر الناس و لايتعاهد الوفا علي شيء مع احد و طبعه كأنه لا شرط له و يصالح مع كل احد و السوداوي يبخل و يخمل و يكون نفسه دائماً في ضيق و ضنك و يحب الخلوة و يستوحش العشرة و غير ذلك من مقتضيات السوداء.
و كل واحد من اصناف هذه المرتبة من الناس شأنه كذلك يمشي علي حسب طبعه و هواه بلا روية و فكر و لايلاحظ رباً و لا نبياً و لا اماماً في صفاته و افعاله و اقواله فربما يناسب بعض صفاته في حين من الاحيان بعض مرضات اللّه سبحانه و يخالف في سائر الصفات فما وافق من الصفات من امثال هؤلاء مرضات اللّه احياناً ليس في الواقع للتقرب الي اللّه سبحانه بل اتفق بحسب طبعه فمثل هذه الاشخاص الههم هواهم في جميع امورهم حسنها و قبيحها نستجير باللّه سبحانه و نسأله انينجينا من هذه الظلمات التي بعضها فوق بعض فأهل هذه العرصة ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون كلهم مدبرون عن الحق و عن سواء السبيل محقيهم و مبطليهم و ليس حالهم الا كحال المقامرين و ان كانوا في عرصتهم بعضهم فائزين@فائزون خل@ و بعضهم خاسرين@خاسرون خل@ ولكن عند من اعتبر و ابصر و عند من فتح اللّه عين قلبه و بصيرته كلهم سواء لايعبأ
«* الرسائل جلد 4 صفحه 230 *»
باحدهم دون احد سعيدهم و شقيهم و مؤمنهم و كافرهم واقفون لديه علي سواء كلهم عبدة الشيطان كفرة بالرحمن فلذا لما رأي الملائكة اعمالهم و معاملتهم مع اللّه بادروا الي التشنيع و سألوا ربهم انيغضب عليهم و لمايعلموا ما استودع في كوامن سرايرهم من سر التفريد و حقيقة التوحيد التي يهتك تلك الاستار استار الظلمات بدعوة الانبياء و المرسلين حيناً بعد حين و هو سبحانه يعلم ما خلق من آياته و علاماته من ورائهم الايعلم من خلق و هو اللطيف الخبير.
و اما الكاملون العالمون العاملون من بني آدم فقد هتكوا هذه الاستار و جذب احديتهم الاغيار و شاهدوا آيات الملك الجبار و اذعنوا لها و توجهوا اليها في آناء الليل و اطراف النهار فوصلوا الي جوار الواحد القهار و صاروا بأنفسهم آيات اللّه و مقاماته في العوالم كلها لايخلو منهم مقام فيصدر من امرهم الملائكة العظام و لميقدروا ابداً علي جسارة و يرون انفسهم لديهم في خسارة فهم خدمهم و حشمهم بارادتهم يفعلون و باشارتهم يأتمرون و لايعصون اللّه ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون كما ورد عن اهل العصمة و الطهارة سلام اللّه عليهم ان الملائكة لخدامنا و خدام شيعتنا و لذا ورد انهم لما رأوا اعمال اوساط الناس قالوا ما قالوا و لما لميعلموا ما استبطن في كوامن هذه الاوساط من سر الايمان و الاذعان و تفريد الرحمن و تنزيه السبحان و بادروا القول فيهم عند اللطيف الخبير المدبر العليم امتحنهم بالمحن و اختبرهم فأمرهم انيندبوا و يختاروا فاختاروا من علاهم في الرتبة و الدرجة هاروت الروح و ماروت النفس و امرهما بالنزول في رتبة البشر الدنياوي فنزلا بأمر ربهما درجة درجة و عرصة عرصة و كلما نزلا في عرصة لبسا ملابس تلك العرصة و اكلا مواكلهم و شربا مشاربهم و فعلا و كسبا مكاسبهم الي ان وصلا الي هذه الدنيا و رأيا عمران بابل فلما فتحا اعينهما فاذاً بباب العمران المرأة الحسناء المتعطرة المتزينة.
«* الرسائل جلد 4 صفحه 231 *»
فاقول باب كل بيت ما توصل به اولاً ثم تدخل البيت و تجاوزه و تجاور@تجاوز خل@ البيت فهاروت و ماروت لما نزلا من عالمهما وصلا اولاً في عالم المثال و البرزخ و عالم البرزخ باب عالم الزمان للنازلين لانهم يوصلون اليه اولاً ثم يجاوزون منه حتي يوصلوا الي الدنيا فعالم المثال باب عمارة الدنيا و رأيا بالباب مرأة حسناء متزينة معطرة و اسمها زهرة فالمراد بالزهرة هي الخيال الذي عالمه عالم المثال و كوكب الزهرة هو المربي للخيال و هو كوكب اهل الطرب و البطر و النشاط و الصور المتخيلات و هذا الخيال و ان كان عالمه عالم البرزخ و هو ساكن في المتخيلة التي في ذلك العالم الا انه من عالم النفس و شأن من شئونها عوده اليها كما يكون بدؤه منها فللنفس جهتان كما يكون لجميع الاشياء جهتان جهة من نفسه و جهة الي ربه فجهتها الي ربها جهة بساطتها و تنزهها@فجهتها الي ربه جهة بساطته و تنزهه خل@ عن اندران([2]) معاصي الكثرات و جهتها الي انفسها@الي نفسه خل@ جهة انيتها و كثرتها و نفس كل شيء زوجه و زوجته قال تعالي خلق لكم من انفسكم ازواجاً فالزهرة جهة انية النفس و كثرتها و جهة توجهها الي الكثرات@الکثرات کثرات خل@ المطعم و المشرب و الملبس و المنكح و غير ذلك مما سوي اللّه سبحانه.
فهذه الزهرة هي جهة نفس النفس و هي الامارة بالسوء و الفحشاء و المنكر و البغي لان كل ما تدركه الحواس الظاهرة من السمع و البصر و الشم و الذوق و اللمس تؤدي الي الخيال و هي بأنفسها لاتدرك حسن المحسوسات و قبحها لعدم الشعور و انما المدرك المشعر هو الخيال بما فيه لا غير و النفس في عالمها مجردة لاتدرك محسوسات هذا العالم لبساطتها و تنزهها الا بواسطة الخيال البرزخ بين عالم النفس و عالم المحسوسات فالخيال هو المدرك لصور المحسوسات و هو عين النفس و بصرها في ادراك ما في عالم الدنيا اذ المناسبة بين المدرك و المدرك من الشروط التي لولاها لعدم الادراك لقوله7انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها فالخيال المدرك للصور الرابط بين العالم العلوي و السفلي هو الامر للعالم العلوي المجرد البسيط
«* الرسائل جلد 4 صفحه 232 *»
بالتوجه الي العالم السفلي المتكثر المتعدد فزهرة الخيال الواقفة بباب العمران وسوست هاروت الروح و ماروت النفس الي انتتوجها الي عالم الكثرات المتعددات التي يدعو كل واحد منها الي دينه و ديدنه.
فلما رأي هاروت و ماروت هذه الزهرة المتزينة بالالوان المختلفة من بياض الوجه و حمرة الوجنتين من الماء و النار المتضادين في محل واحد و من سواد العين و بياضها و بياض الوجه و سواد الشعر و رأيا في بدنها تجتمع الاضداد([3]) من نار الصفراء و هواء الدم و ماء البلغم و تراب السوداء و رأيا اجتماعها و امتزاجها و اتحادها بحيث صارت([4]) شيئاً واحداً و رأيا اجتماع الافلاك افلاك الحواس الباطنة([5]) مع الارض ارض البدن و رأيا في مملكتها روايح طيبة عطرة بأنواعها و طعوماً متشتتة بألوانها و انواعها و مسموعات متفرقة بانواع النغمات و رأيا في ممالكها سماء و ارضاً و انواراً و ظلمات و ليلاً و نهاراً و فواعل و مفعولات و كواكب و قوابل و اودية و بحاراً و خراباً و عمراناً و فلاتاً و جبالاً و جماداً و معادن و اشجاراً و حيواناً و برازخ بين تلك المراتب و جواهر و اعراضاً و ذوات([6]) و صفات و حركات و سكنات و نسب([7]) و اضافات و شواخص و اشباحاً و غير ذلك مما كان في هذه الدنيا من الكثرات المعجبات المتشتتات قداجتمعت صورها المتباينة و المتشابهة عند تلك الزهرة زهرة الخيال عشقا الزهرة و غفلا عن ربها المحيط بها و زعما انها هي المستقلة لان النفس وحدانية و توجهها واحد اذا توجهت الي جهة تغفل عن جهة اخري لامحالة قال سبحانه ماجعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه.
فاذا توجها الي الكثرات المتعددات غفلا عن الاحد البسيط و تحيرا في هذه الكثرات غير المتناهية و ارادا انيدخلا و يولجا فيها فلما وجدت ذلك منهما و هي امارة بالسوء امرتهما بأن الوحدة مباينة للكثرة و الواحد مضاد
«* الرسائل جلد 4 صفحه 233 *»
للمتعدد و ليس لكما قلبان تتوجهان@قلبين تتوجها خل@ بواحد الي الواحد و بواحد الي الكثرات و الي و لي رب و اله غير ربكما و الهكما و دين غير دينكما فاذا اردتما انتراوداني لابد لكما انتتدينا بديني و الا فمحال انتتراوداني من غير تدين بديني و من غير توجه الي الهي@الهتي خل@ فان كنتما قداردتما انتوصلا بي فتوجها الي ربي حتي اقضي@قضيت خل@ لكما الحاجة و لما كانا قدنزلا قبيل ذلك و لمينسيا عالمهما كل النسيان قال كل لصاحبه ربنا عهد علينا ان لانزني و لانشرك به شيئاً فهاتان الخصلتان التي نهي ربنا عنها و لماكانا قد شغفهما حب الكثرات قبلا ما امرتهما و غفلا عن ربهما الواحد المتوحد و توجها الي الكثرات و تدينا بدينها فلماقبلا دينها و ارادا انيراوداها قالت لا مادام فيكما نور الواحد الفرد لنتقدرا علي الولوج التام في الكثرات و الحظ الكامل مني و لابد لكما انتغفلا عن الوحدة المنافية للتوجه الي فاشربا من هذه الخمر التي هي قربان لكما الي صنمي و اليّ لانكما اذا شربتما منها و غفلتما عن ربكما فحينئذ تقدران علي الولوج التام و لابد لكما انتشربا من غفلة هذه الخمر التي هي مقربكم الي فشربا و سكرا و غفلا و ادبرا عن مبدئهما فشغلا بالزهرة و مكنتهما عن نفسها.
فلما ارادا الولوج فيها و الانغمار التام و الحظ الكامل شملهما عناية الرب البار الرؤف الرحيم و ارسل اليهما منبهاً فدخل عليهم رجل و قال لهما ما لكما و لهذه المرأة الحسناء المتزينة المتعطرة فالمراد من الرجل هو العقل الناصح الذي يعبد به الرحمن و يكتسب به الجنان و هو مبدؤهما المستتر فيهما لما رأي انهما قد غفلا بالكلية عن ربهما يقرع في آذان قلبهما و يصدع و ذلك من فضل اللّه سبحانه فان حجة اللّه هي الحجة البالغة و لايترك اللّه سبحانه عباده سدي حتي يفعل الشيطان في عباده ما شاء و ركب رقابهم و يذهب بهم متي شاء حيث شاء و هو سبحانه لايغفل عما يفعل الشيطان بل يظهر حجته بحيث يرتفع غبار الغفلة عن الناس ولكن الناس لا خير فيهم مع اظهاره حجته و تنبيهه اياهم
«* الرسائل جلد 4 صفحه 234 *»
يفعلون ما يفعلون يعرفون نعمة اللّه ثم ينكرونها و هو سبحانه غني عنهم و عن طاعتهم آمن من معصيتهم فلايجبرهم علي الطاعة لغنائه المطلق انا هديناه السبيل اما شاكراً و اما كفورا فلما رأت الزهرة رسول اللّه سبحانه اضطربت و تحركت عن مكانها و قالت لنتبلغا لقائي و لنتذوقا عسيلتي مع وجود هذا الرجل و هو يفضحنا كلنا و يهتك استارنا و يبين عاقبة امورنا لانه عاقل ليس بغافل و لا سكران و هو يعلم ان جمالي و حسني و تدللي ليس الا متاع هذه الدنيا الفانية و ليست عنده الا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتي اذا جاءه لميجده شيئاً و وجد اللّه عنده فوفاه حسابه و اللّه سريع الحساب.
فمع بقاء هذا الرجل لايمكن الاتيان الي الكثرات و هو ناصح مشفق مذكر يذكركما دائماً و مع تذكيره البليغ لنتقدرا علي الغور في متاعي فان اردتما انتذوقا عسيلتي فلابد لكما انتقتلاه فاذا قتلتماه([8]) يمكن وصلتي لكما فحينئذ افعلا ما اردتما غير مضطربين ساكنين آمنين و انا لااطيعكما و لاامكنكما من نفسي مع بقائه فلما اشتدت الشهوة فيهما مع قربهما الي ما ارادا لان مداومة الغفلة يزيد في الغفلة و مقاربة الشيء يشدد ما يجانسه في المقارب لان كل ما يكون في هذه الدنيا بل في كل عالم قوي في شيء يتصف هو به و هو مكمل لكل ناقص مما فيه يكمله بفضل قوته اماتري ان مقاربة النار تسخن و مقاربة الماء تبرد فكلما قربت من النار تستكمل ما هو من جنسها و تتسخن اكثر و كلما اكلت الحار تستكمل ما هو من جنسه و تتسخن و كلما اكثرت منه يهجم فيك الحرارة فلاتركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار لان النار فيهم غالبة فكلما يكون الركون اليهم اكثر يكون مس النار اشد لكم فلما عشقا النفس الامارة ركبت علي عاتقهما و امرت و نهت ما ارادت و كلما ائتمرا امراً منها امرت امراً اعظم من قبل و لاترضي لهما الا انتوصلهما الي نهاية البعد عن مبدئهما في اسفل درك من الجحيم و هو غاية مطلوبها
«* الرسائل جلد 4 صفحه 235 *»
و مرادها لنترضي عنك اليهود و لا النصاري حتي تتبع ملتهم فلمترض منهما ما فعلا بل تريد انتغلب عدوها و هو غاية مطلوبها و عدوها العقل فأمرت و نهت و تماطلت حتي يقتل عدوها فقصدا نحوه و تجسساه و تعاقبا و قتلاه.
و المراد من قتله عدم قبول امره و نهيه و عدم التوجه اليه و التغافل الكلي عنه و هو قتله كما ورد عنهم: في الايات التي نزلت في توبيخ اليهود بقتلهم الانبياء: قالوا: ما معناه ماقتلوهم و ماضربوهم ولكن امروا فلميأتمروا و نهوا فلمينتهوا فان قتلهم في اخماد نورهم و عدم التمكين لهم و كما ورد عنهم: فيمن اذاع سرهم و ترك التقية الواجبة له ما معناه هو كمن قتلنا قتل عمد.
بالجملة فاذا قتلا الرجل و رجعا الي موعدهما لميريا الزهرة يعدهم و يمنيهم فمايعدهم الشيطان الا غروراً و قالت ان اللّه وعدكم وعد الحق و وعدتكم فأخلفتكم و تلك هي([9]) عادتهن:
دع ذكرهن فما لهن وفاء | ريح الصبا و عهودهن سواء | |
يكسرن قلبك ثم لايجبرنه | و قلوبهن من الوفاء خلاء |
و مخالفة الوعد كان من ديدن اهل الدنيا خصوصاً النسوان و ذلك ارث من الشيطان يورث اولياءه و يلعب و يلهو و يكذب لعنه اللّه فلمارجعا الي الميعاد مسرعين زاعمين لنيل المراد بعد تلك الامنيات ظانين لعدم بقاء الاعتذار بعد قتل رسول الملك الجبار و بعد سجود الاصنام و غفلة الاسكار في مرور الليل و النهار فبعد ما جري عليهما جميع ذلك دخلا و لميريا المطلوب بعد زعمهم نيل المقصود و لقاء المحبوب كأنه اخذتهما فجأة بغتة و يكاد انيزهق روحهما و يفارق الجثمان فييأسا في الجملة عن متاع هذه الدنيا و توجها الي مبدءهما في الجملة فسمعا هاتفاً يهتف من عند اللّه العزيز الجبار الماعهد اليكم يا بني آدم انلاتعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين و ان اعبدوني هذا صراط
«* الرسائل جلد 4 صفحه 236 *»
مستقيم الماقل لكما لاتزنيا و لاتشربا الخمر و لاتشركا بي و لاتعبدا غيري و لاتقتلا النفس التي حرمت قتلها لم فعلتما كذا و كذا الميأتكما نذير الماعهد اليكم يا بني آدم انلاتعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين و ان اعبدوني فبقيا في الارض و علما الناس السحر.
و المراد من السحر هو خلاف العادة من الاعمال و الاوساط من الناس لعدم ظهور النفس الشاعرة فيهم لميقدروا علي اتيان خلاف العادات و لميشعروها و انما مبلغ شعورهم شعور طبيعي كالبهائم و ليس لهم فكر و تدبير في تغيير صنع اللّه و تحويل سنة اللّه العامة يأكلون و يشربون و يلعبون و يلهون كالانعام و انما التغيير و التحويل شأن ذيشعور مدبر قد قوي فيه النفس فبقوة نفسه الفعالة يفعل ما يشاء علي قدر سعة نفسه و ضيقه و اما الذين لميقو فيهم اثر النفس و كانت نفوسهم ضعيفة فيستكملون من الكاملين المكملين الذي@الذين خل@ قد قوي فيهم اثر النفس فاذا قوي اثر النفس يفعل ما يشاء اما افعالاً عليينية نورانية او افعالاً سجينية ظلمانية و كلا الافعالين شبيهة بالاخري صورة و مباينة حقيقة كالسحر و المعجز و الماء و البول و لايخلو الدنيا من صاحب المعجز و من صاحب السحر فلكل موسي فرعون و لكل حق باطل و ذلك تقدير العزيز العليم كلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ماكان عطاء ربك محظوراً فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء مرء العقل و زوجه التي هي النفس فيفرقون بينهما بالقاء الخلاف و الوسوسة للنفس حتي نشزت عن زوجها و لمتطعه و لمتؤد حقه و اعرضت عنه و هو ايضاً يعرض عنها و يهجرها في المضاجع و يضربها ضرباً فان اطاعت فلايبغو عليها سبيلاً و ان لمتطع رفع العناية عنها فطلقها اما رجعياً ان رجعت و اطاعت او بائناً فتصير نفس امارة سجينية.
فالهجران في المضجع هو عذاب الدنيا فان الاضطجاع و النوم هو في الدنيا كما روي الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا و الضرب هو عذاب القبر
«* الرسائل جلد 4 صفحه 237 *»
و التنبيه و الضرب لايكون الا في اليقظة و مقام القبر مقام ايقاظ و الطلاق الرجعي هو عذاب البرزخ الذي ينفرق بين الروح و الجسد فان اطاعت رجع الروح بعد فاستأنست في ظله و يكون امرها يختم بخير و اما الطلاق البائن فنعوذ باللّه هو العذاب الاكبر الاخروي الذي لايرجي انقطاعه و لايرجع العقل اليها ابداً و خذلها و اطلقها و طردها@اطردها خل@ عن فنائه و جواره و هو العذاب المخلد نعوذ باللّه من غضب اللّه.
بالجملة بعد انييأسا من وصال متاع هذه الحسناء المتزينة المتعطرة الدنياوية العرضية الفانية التي هي السوأي المستقبحة المنتنة الاخروية فان النفس الامارة هي الحية الخبيثة السجينية و هي باب ظاهره فيه الرحمة و باطنه من قبله العذاب و هي في مقابل الباب الذي في عليين الذي باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و توجها الي مبدئهما سمعا هاتفاً يهتف ماذا جزاء اعمالكما و انا اجزيكما و اعذبكما اما في الدنيا او في الاخرة و اخيركما بين عذاب الدنيا و عذاب الاخرة فاخترا([10]) ما شئتما فقال احدهما نختار عذاب الاخرة الاجلة و نتمتع في نعيم الدنيا العاجلة و لايبعد ان قائل هذا القول هو ماروت لانه واقف في مقام النفس دان الي الدنيا مستأنس بها لغلبة جهة الانية و الماهية و الظلمة فيه و يكاد انيصير امارة بالسوء الا ان رحم ربه([11]) و قال الاخر بل نختار عذاب الدنيا فان عذابها منقطع و يصير عاقبة امرنا خيراً و عذاب الاخرة لا انقطاع له و هو مما لايطاق فنختار عذاب الدنيا المنقطع و القائل هو هاروت الذي يغلب فيه جهة الروحانية النورانية العقلانية فأطاعه ماروت فاختارا عذاب الدنيا.
و المراد من عذاب الدنيا هو عذاب البرزخ الذي هو ادني من عذاب الاخرة و الدنيا الاصلية هي البرزخ و ان هذه الدنيا هي الدنيا العرضية اماتري يقول رفعهما الي الهواء فلايعذبهما في الارض و الارض هي هذه الدنيا و الهواء هو اعلي من الارض و هو مقام الريح التي تشتق من الروح و الروح عالمه عالم
«* الرسائل جلد 4 صفحه 238 *»
المثال و المراد بالروح هو الروح الحيواني البرزخي لا الروح الملكوتي الاخروي فان عذاب عالم الروح عذاب اخروي مخلد لاينقطع و اما سر ذلك فلان العوالم كلية ثلثة عالم الدنيا و عالم البرزخ و عالم الاخرة و لكل منها اهل و لكل واحد من اهلها فعال اما حسن او قبيح و لكل عمل جزاء مقرر من عند اللّه سبحانه كما هو مشهود في هذه الدنيا فان من المكاسب ما هو جزاؤه و ربحه اكثر و منها ما هو اقل و قال سبحانه و ماتجزون الا ما كنتم تعملون و قال سيجزيهم وصفهم فكما ان العمل الدنياوي غير العمل البرزخي كذلك جزاء العمل الدنياوي غير جزاء العمل البرزخي لان الجزاء هو العمل من حيث الاعلي و كذلك العمل الاخروي غير العمل البرزخي و الدنياوي و جزاؤه غير جزائهما فالعمل الدنيوي قل او كثر جزاؤه بأسره في الدنيا فاذا كان احد يعمل بمرتبته الدنياوية حسناً او قبيحاً يري جزاءه في الدنيا.
و الاعمال الدنياوية هي التي يظهر من الانسان بلاروية و فكر و تدبير و تردد بل بحسب العادات و الطبايع الدنيوية و مثال ذلك علي وجه اوضح الذي يري من له ادني شعور حال الصلوة فانه قام الرجل و يؤذن و يكبر و يقرأ و يركع و يسجد و يتشهد و يسلم و ربما يفعل جميع ذلك في محلها الذي قد قرره الشارع7 و لايشك و لايظن و لايسهو و يتم الركعات علي ما قرر و هو في خلال جميع هذه الاعمال يبيع و يشتري و يأكل و يشرب و يجامع بل قد يسرق و يزني و يشرب الخمر في خياله بحيث لو تدبر و تفكر بعد الفراغ من الصلوة يري انه قد تم صلوته و تسبيحه و لايخل بشيء من اعماله البدنية بحيث لو توجه احد غيره([12]) اليه يري انه قد تم صلوته بأحسن ما ينبغي انيتم و هو بنفسه يري من نفسه انه في خلال جميع ذلك لايتوجه الي الله سبحانه طرفة عين و تلك الاعمال يظهر منه تامة علي حسب الظاهر بالعادة التي جعلها اللّه في خلقة الانسان و سائر الحيوان لمصالح لاتحصي.
«* الرسائل جلد 4 صفحه 239 *»
فهذه الاعمال التامة الظاهرة هي الدنياوية و تلك الخيالات هي الاعمال البرزخية فربما يسجد بظاهره في نهاية الخضوع و الخشوع و يكرر التسبيح و التنزيه لربه و هو يجامع في خياله اما حلالاً او حراماً و ربما يقنت و يدعو اللّه سبحانه في نهاية الابتهال و يقول سبحان من دانت له السموات و الارض بالعبودية و شهدت له بالوحدانية و اقرت له بالربوبية و هو يلطم الايتام و الضعفاء و يسرق و يقتل في خياله و لربما يقرأ الحمد للّه رب العالمين الي آخره و هو يغتاب المؤمنين و يهتك المسلمين و يشتم المستضعفين في خياله و ربما يقرأ قل هو اللّه احد الي آخره في نهاية الفصاحة و يؤدي جميع الحروف من المخارج علي حسب ما قرر في علم القراءة بحيث اذا سمعها احد تمني حالته و قراءته و هو في خياله يثبت الاضداد و الانداد للّه سبحانه بأنه ينبغي بعد الصلوة الاتيان الي فلان و فلان و تحدث عنده بكذا و كذا لجلب المنافع و طلب العزة و ربما يكبّر و يفصح بالالف و الهاء و يكون اللّه العظيم عند نفسه احقر من كل شيء بحيث يلتفت الي كل شيء يوهم انينتفع به([13]) و يتوجه اليه و لايتوجه الي اللّه العظيم بلحظة و ما اوضح هذه الاعمال التي نزعم انها عبادة خصوصاً في حال صلواتنا نعوذ باللّه من هذه الصلوات فما افضح حالنا هذا حالنا في حال الطاعة فما حالنا في حال المعصية نعوذ باللّه من طاعتنا فضلاً عن معصيتنا فمن كانت محاسنه مساوي فكيف تزعم بمعاصيه و مساويه.
و العجب ثم العجب ممن يزعم ان بهذه الاعمال يرتقي الي درجات اللاهوت و يتخلص من شوائب الناسوت و اعجب من هذا من يعجب بهذه الاعمال و يمن علي اللّه المتعال فكأنه بأداء ركعة من صلواته التي هي ابغض عند اللّه من الزنا يحمل عرش ربه علي كتفيه فان نظر احد اليه بنظر الخفة يتوقع عليه صاعقة من السماء او عذاباً اليماً.
«* الرسائل جلد 4 صفحه 240 *»
بالجملة هذه حالي و حال من كان مثلي فما ادري كيف مآلي الا انيرحمني ربي ببركة اوليائي فان القنوط من رحمته من اعظم الخطيئات من اعمالي يا ربي و مولاي اعترفت عندك بسوءة حالي و انك قادر علي العفو و تبديل سيئاتي الي الحسنات و انك انت مجيب الدعوات ربنا عاملنا بفضك يا ذا الجود و الاحسان يا ارحم من كل رحيم.
بالجملة فاللّه سبحانه العدل الحكيم قد قضي في حكمته انيجزي عمل كل عامل ما يقتضيه حسناً كان او قبيحاً كلا في عالمه فالحسنات الدنياوية ثوابها و جزاؤها دنياوي@دنيوية خل@ لان العمل هو الجزاء كما بين في محله و كذلك السيئات الدنياوية عقابها دنياوي@دنياوية خل@ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً في الدنيا يره في الدنيا او في البرزخ يره فيه او في الاخرة يره فيها و من يعمل مثقال ذرة شراً في اي عالم يره في ذلك العالم و هذا احد اسباب بقاء الكفار و المنافقين لانهم ربما يعملون اعمالاً حسنة دنياوية كماتري من صلوتهم@صلواتهم خل@ و صيامهم و غير ذلك و بحكم العدل يرون ثواب اعمالهم في هذه الدنيا فاذا ماتوا و سلب عنهم هذا اللباس العرضي الذي يقتضي تلك الاعمال لايبقي لهم عمل ابداً كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف و ليس لهم يومئذ شيء الا ان الريح البرزخية جعلته هباء منثوراً و كذلك احد اسباب ابتلاء المؤمنين المتوسطين في هذه الدنيا اعمالهم العرضية الموبقة فاذا ورد مثل هذا المصلي عرصة البرزخ ترك صلوته في هذه الدنيا و ورد البرزخ عارياً و يظهر له ما تخيل@يتخيل خل@ في اثنائها بل ما تخيل@يتخيل خل@ في آناء الليل و اطراف النهار و يري كل عمل منه علي صورة خاصة من صور الحيوانات الموذية الضارية يعذبونه@تعذبونه خل@ دائماً من غير فتور نعوذ باللّه.
و كذلك حال اهل@العمل خل@ الاخرة فمنهم من يعمل في هذه الدنيا اعمالاً حسنة بل ربما يعمل في البرزخ اعمالاً حسنة و يعمل في نفسه و ذاتيته اعمالاً موبقة
«* الرسائل جلد 4 صفحه 241 *»
من الكفر و الشرك و البغض لاولياء اللّه و الحب لاعدائه فتكون اعماله بالنسبة اليه عرضية ليست منه و لا اليه و انما هي من لباسه العرضي و ترجع اليه و كذلك اعماله البرزخي من لباسه البرزخي ليست منه و لا اليه و انما هي من اللباس و اليه تعود و كذلك المؤمن يمكن انيظهر منه اعمال سيئة في هذه الدنيا ليست منه و لا اليه و انما هي من لباسه العرضي الدنياوي بدؤها منه و عودها اليه و في البرزخ كذلك فترجع السيئات الي حيوانيته التي يركبها منها بدئت و اليها تعود فاذا طار منها طير نفسه الحسنة يبقي الموبقات مع الحيوان في رتبة الدنيا و هو يدخل الجنة طيباً طاهراً لميعص اللّه طرفة عين و انما يعصيه الحيوان و يرجع اليه لومه و عذابه فكان جميع المعاصي منه عرضية و ذاتيته طيبة طاهرة تعمل الحسنات من الحب في اللّه([14]) و البغض في اللّه و سائر الاعمال التي ترجع اليهما.
بالجملة لكل عالم اهل و لكل اهل عمل و لكل عمل جزاء و لايجوز في الحكمة جزاء عمل في عالم من غير عالمه فان اعلي الاعمال هو الجزاء اماتري انك اذا عذبت احداً في هذه الدنيا بانواع العذاب لاتقدر علي تعذيب مثاله لان عقوباتك لاتجاوز بدنه و لو عذبته عمر الدنيا بانواع العذاب و العذاب الدنياوي و لو كان علي قدر عمر الدنيا لايكافيء سيئة برزخية ولو كانت مقدار جناح البعوض و كذلك عذاب عمر البرزخ لايكافيء مثقال ذرة من سيئة عالم النفس و كذلك ثواب اعمال تلك العوالم حرفاً بحرف ماتري في خلق الرحمن من تفاوت.
فهاروت و ماروت لما كان خلافهما و عصيانهما عصيان برزخي لانه صدر من خيالهم بدوام التفكر في الليل و النهار في مشتهيات النفس بحيث تنصبغ مثالهم في الشهوات الدنياوية رفعهما اللّه سبحانه في الهواء هواء عالم المثال و ذلك لايكون الا بعد الموت الدنياوي و خلع الاعراض و لميعذبهم
«* الرسائل جلد 4 صفحه 242 *»
في الارض ارض الدنيا لان عذابها و لو كان اشد العقوبات لاتكافيء ما عملا من خيالهما فيعذبهما في الهواء الي يوم القيامة فاذا قامت الساعة المتصلة بعالم الهواء يفرغان من حساب ما عملاه و لما كانا في قلبهما يعلمان انهما يخطئان و يعلمان ان اللّه سبحانه يعلم و انشاء عذبهما و انشاء تجاوز عنهما و يبغضان العصيان ذاتاً كما كانا عند كل خطيئة قال احدهما لاخر هذا هو الخصلة التي نهانا عنه ربنا و يظهر من لحن كلامهما انهما لميرضيا علي ما فعلا و انما غلبهما الشهوة و لذلك تذكرا مرة ذاتاً و فعلا ما فعلا مرة اخري عرضاً.
و المراد من ارتفاع الزهرة ايضاً هو الارتفاع الي عالمها و عالمها سماء هذه الدنيا و سماء الدنيا سما و علا من هذه الدنيا و هو ايضاً عالم المثال. و صلي اللّه علي محمد و آله الطيبين و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين هذا هو الذي يخطر ببالي في امر هاروت و ماروت اللذين قدعصيا ربهما و امر الزهرة و اما هاروت و ماروت اللذان من الملائكة قدمر في حديث ابي محمد7 ما يغني من جوع الشبهة.
و قدتمت هذه الكلمات علي يد العاصي القاصر ابن محمد جعفر باقر في ليلة الرابععشر من شهر ربيع المولود من سنة 1275 اللهم اغفر لي و لوالدي و لاخواني المؤمنين.
([3]) في بدنها الذي هو مجتمع الاضداد خل.
([13]) بتوهم انه ينتفع به. خل