رسالة فی معنی حدیث رواه ابوالاسود الدؤلی
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 373 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و الصلوة و السلام علي مظهر لطفه محمد و آله اجمعين.(الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم و مبغضيهم و منكري فضائلهم الي يوم الدين. خل).
اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني المقيد بوثائق الآمال و الاماني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي انه قد اتتني مسائل عويصة مشكلة ضلت عندها احلام العلماء و افهام الحكماء و قد اتت في وقت تهجم الاشغال و تراكم دواعي الاختلال و وقوع حادثة عظيمة كادت انتزال (تزول. خل) لها الجبال و قد اوجبت بلبال البال و اختلال الاحوال و حدوث الامراض المانعة من استقامة الحال و اني يسعني في مثل هذه الحالة جواب السؤال و ازالة الاشكال لاسيما جواب هذه المسائل التي هي من مكنونات علم اميرالمؤمنين عليهالسلام المفضال و لاسيما في مثل هذا الزمان الذي سري الداء العضال في عامة الخلق من الناس و الرجال و هو الجهل الذي هو داء لا دواء له و التعصب الذي هو مرض لاشفاء له و انا مع تلك الحالة و هذا الزمان و بين هذا الخلق الذين هم رجال و لا رجال المتخذين عادات و احوال ربات الحجال مع هذا المرض الذي لايبرأ علي كل حال ماعسي اناقول و اشرح و ابوح من المعقول و المنقول فان اقتصرت علي ما عند الناس فما استفاد السائل و ان اجملت حقيقة المقال عاد الاشكال و ان فصلت اخاف اباحة ما لميؤذن لنا في ابانته و ان سكت اخاف اناكون مانعا للحكمة من اهلها فوالله لقد تحيرت غاية التحير حين ابتلائي بوقت قد مد الجور باعه و اسفر الظلم قناعه و دعا الغي اتباعه فلبوه من كل جانب و مكان و اجابوه باللسان و الجنان الا اني آت بما هو الميسور من المقال و اشير اشارة اجمالية الي حقيقة الحال بنحو لاتناله ايدي افهام اولئك الرجال و لا رجال
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 374 *»
انيدعون من دونه الا اناثا و انيدعون الا شيطانا مريدا لعنه الله و اني في سعة مع من اخاطب فانه سلمه الله تعالي و ايده بكثرة خبره و دقة نظره يفك الرموز و يستخرج الكنوز نسأل الله التوفيق و الهداية الي سواء الطريق و نعتذر من جنابه السامي البسط في المقال لما ذكرت له من حقيقة الحال و آت بما هو الميسور اذ لايسقط بالمعسور و الي الله ترجع الامور و جعلت كلامه سلمه الله متنا و جوابي كالشرح له كما هو عادتي في اجوبة المسائل و (الله خل) المستعان و عليه التكلان.
قال سلمه الله تعالي بعد البسملة: السلام علي اولياء الله المنتجبين ثم علي التابعين لهم باحسان، و ذكر بعض الابيات في التأسف علي حصول تلك الواقعة العظمي و البلية الكبري التي وقعت في ارض كربلاء من لايسعنا الوقت و الحال و الاقبال لذكرها و بسط الكلام في شرحها فانها و لعمري ابيات تفتت الاكباد و تقدح الزناد مع اشتمالها علي المعاني و الدقايق التي مااحلت (ماحلت. خل) الا في الفؤاد و مابرزت الا لاهل المحبة و الوداد، (و. خل) قال ثم المرجو الجواب عن هذه المسائل القليلة من جناب الاخ الجليل بل السيد النبيل بل نعم الخليل بل من حق لي ان اتمثل بقول من صدق قيلا:
قد تخللت مسلك الروح مني
و لذا سمي الخليل خليلا
و منه اسأل ذكرا لا كمثل ذكري بل شيئا فوق قدري.
اقول في قوله اطال الله بقاه و ايده و ابقاه: «و منه اسأل ذكرا لا كمثل ذكري» شيء رفيق (دقيق. خل) و هو ان الجواب لايكون الا مطابقا للسؤال علي حسب مقام السائل و لقد قالوا عليهمالسلام اذا زدتم في السؤال حرفا واحدا لزدنا في الجواب حرفا واحدا فلايكون الجواب الا في مقام السائل و السؤال عند ذكرهم في الكون الاول و العالم الازل في مقام (المقام. خل) الثاني و لذا قال عزوجل بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون و ذلك الذكر جواب ما سألوا لما سألهم انيسألوه بقوله الست بربكم و محمد نبيكم و علي و
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 375 *»
الائمة الطيبون من ولده و فاطمة الزاكية (الزكية. خل) الصديقة (عليهم السلام. خل) اولياؤكم فاجابوا اي سألوا انيعطيهم ما هو مدد بقائهم في اقبالهم و ادبارهم فاعطاهم الله سبحانه و تعالي ما ذكروا له انيعطيهم ثم نسوا ذكرهم الذي هو جواب سؤالهم في كونهم و وجودهم فمنهم من اعرض فعيرهم الله بقوله بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون و منهم من اقبل فاستعد لقبول الجواب اذا سئل فخاطبهم الله سبحانه بقوله تعالي فاسئلوا اهل الذكر انكنتم لاتعلمون و الجواب انثي و السؤال ذكر و الانثي انما خلقت من فاضل طينة الذكر من ضلعه الايسر فلايكون الذكر الا دون الذاكر سواء ذكره او ذكر من يذكر له فانه لايذكر له الا ما فيه و منه و اليه فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد فالذكر لايكون الا عند مقام الذاكر و المذكور و السائل و المسؤول الا ان الخلق لما تنزلوا عن الخزانة الاولي العلياء و سروا في الخزائن السفلية نسوا مقاماتهم و جهلوا مراتبهم فالعالم يذكرهم و لكنه لايسعه انيذكر الا مايناسب مقام السائل و مرتبته فاذا ذكر اعلي من تلك الرتبة و ان كان مرتبة السائل في (مرتبة. خل) العرض فقد فضح الحكمة و اتي بما نهاه الله سبحانه و لميؤد الامانة الي اهلها و انه سبحانه و تعالي يقول ان الله يأمركم انتؤدوا الامانات الي اهلها و يقول سبحانه لاتؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما و ارزقوهم فيها و اكسوهم و قولوا لهم قولا معروفا فان الواقفين في مقام الجسم لو ذكر لهم شيء من احوال عالم النفوس لميتحملوا و الواقفين في عالم النفوس اذا ذكر لهم شيء من احوال عالم العقول لميتحملوا و يأخذون في التكذيب و التبري و هكذا و هذا معني درجات الايمان علي ما فصل في الكافي برواية ثقة الاسلام باسناده الي ابيعبدالله عليهالسلام (و. خل) الي هذه الدقيقة الانيقة يشير قول الشاعر:
و مستخبر عن سر ليلي اجبته
بعمياء من ليلي بلا تعيين
يقولون خبرنا فانت امينها
و ما انا ان خبرتهم بامين
(و انا اقول. خل) خطابا لذلك الذكر الكريم و النبأ العظيم كما قال الشاعر:
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 376 *»
اخاف عليك من غيري و مني
و منك و من مكانك و الزمان
فلو اني جعلتك في عيوني
الي يوم القيامة ماكفاني
فعلي هذا لايجوز الجواب الا بمثل ذكر السائل فاذا اردنا توجيه هذه العبارة فنحمل التفاوت و العدم المثلية كالتفاوت بين الاكسير و الحجر و بين الشمس و القمر و تمكين القابلية و تصفية الطوية يكشف (بكشف. خل) الغطاء لظهور قوله تعالي و اتقوا الله و يعلمكم الله و التقوي هو الانصاف و الاصغاء و التجنب عن عدم التوجه و قلة المراجعة و الاقبال بكله الي العالم المعلم و المجيب المبين فبعد هذه الشرائط يرد من الله سبحانه ببركة اوليائه التعليم و يظهر للسائل ما لاعين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر علي قلب بشر حسب ما يؤدي اليه نظره و الكلام في هذا المقام طويل و القلب كليل و البدن عليل والله سبحانه يقول الحق و (هو. خل) يهدي السبيل.
و كذلك الكلام في قوله ايده الله بمدده: «بل شيئا فوق قدري»، لان فوق قدر الشيء لاذكر له و لا اشارة اليه (و لا خل) عبارة عنه ان اريد بالقدر كونه في السلسلة الطولية و كذلك في السلسلة العرضية ان كان المراد بالقدر مقام القدر (القدور. خل) و الحدود التي متوليها الناه (المناة خل) و الاذواد و الحفظة الرواة (الرواد خل) الذين بهم ملأ الله السموات و الارض اي سموات المقبولات و ارض القابليات في كل اطوار الممكنات و المكنونات (المكونات. خل) حتي ظهر ان لا اله الا الله فان فوق القدر بمعني الهندسة و الحدود لا كلام و لا بيان و لا اشارة و لا تلويح و لا عبارة و لا تصريح و لا سكوت و لاحال من احوال ما يجري به القدر كيف ذلك و لكل نبأ مستقر كيف ذلك و ما منا الا له مقام معلوم و انا لنحن الصافون و انا لنحن المسبحون كل صف قدرهم في صفه، و لايقال لهم شيء فوق قدرهم من احوال الصف المتقدم عليهم الا اذا تقدم عليهم فيكون في صفهم يجري عليه احوال ذلك الصف و كل صف متصل كانه بنيان مرصوص فافهم الاشارة بصريح العبارة و تعيها اذن واعية.
(و اما. خل) الخليل فهي اربعة احرف و الخل كالحب الا ان الفرق بينهما
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 377 *»
ان الخاء حرف جهوري من حروف الاستعلاء و اللام حرف متوسط بالمعنيين و هو حرف رقيق لايفخم الا في لفظ الجلالة اذا كان ما قبله مفتوحا او مضموما و اما الحاء فهي من اواسط الخلق (اوسط الحلق. خل) الذي هو اعلي الغيب و الباء حرف من عالم الشهادة و لذا كان محمد صلي الله عليه و آله حبيبا و ابراهيم خليلا مع ان الحب عشرة و الخل ستة مائة و ثلاثين فافهم الفرق ان كنت من اهل الجمع و ارق الي مقام التمكين و ان سكنت مع اصحاب التلوين و لايسع الكلام الا هكذا و ليس وراء عبادان قرية.
(قال) سلمه الله تعالي: مسألة- ما معني حديث ابيالاسود الدؤلي الذي بعضه: الكلام كل (كله خل) اسم و فعل و حرف فالاسم ما انبأ عن المسمي و الفعل ما انبأ عن حركة المسمي و الحرف لما (ما. خل) انبأ عن معني ليس باسم و لا فعل و اعلم يا اباالاسود ان الاشياء ثلاثة ظاهر و مضمر و شيء ليس بظاهر و لا مضمر الي آخره، و قد تلقته العلماء رواية و دراية حتي الراوي نفسه اساسا لعلم النحو و ان الاسم فيه حروف و اصوات قولية كزيد فحسب و ان الفعل منبيء عن حركة الفاعل كقام و ان الحرف رابطة لهما في اصطلاح التخاطب فما الدليل علي الاستدلال بالحديث علي غير ذلك.
(اقول. خل)- الكلمة عند اهل البيت عليهمالسلام كالكلام علي قسمين كلمة تدوينية و كلمة تكوينية و قد نطق بهما الكتاب و السنة.
اما الاول (الاولي. خل) فظاهرة بينة لا خلف فيها و لا نكر يعرفها كل احد و لاينكرها عاقل و امرها معلوم و حكمها مفهوم و ليس السؤال عن ذلك.
و اما الثانية فقد نطق بها القرآن و قال عز من قائل بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم فسماه سبحانه و تعالي كلمة و هي (هو. خل) عين من الاعيان و حقيقة من الحقايق و ذات من الذوات و قال تعالي فتلقي آدم من ربه كلمات و قد طرق سمعك الاخبار الكثيرة الواردة في ان الكلمات هم الائمة السادات عليهم سلام الله (السلام. خل) من رب البريات و هم اعيان الوجود و ذوات
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 378 *»
الحقايق من اهل الغيب و الشهود و قال تعالي و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات الله قال مولانا و سيدنا الكاظم عليهالسلام في جواب سؤال يحيي بن اكثم قاضي بغداد ان الابحر السبعة (سبعة. خل) عين اليمين و عين الكبريت و عين الطبرية و عين افريقية و جمة ماسيدان و جمة فاجروان (ناجروان. خل) و اما الكلمات فنحن الكلمات التي لايستقصي فضلنا و لايستحصي و قال تعالي و اذا ابتلي ابرهيم ربه بكلمات فاتمهن و قد استفاضت الاخبار و تواردت (تواترت. خل) ان الكلمات هم الائمة السادات سلام الله عليهم مادامت الارضون و السموات في جميع اطوار المقبولات و القابليات و ابتلي الله سبحانه ابراهيم عليهالسلام بولايتهم فاتمهن اي اتي بما كلف به من طاعتهم و الخضوع لهم و الانقياد لامرهم و المتابعة (لحكمهم الي انيبلغ في الطاعة و الانقياد و المتابعة. خل) و المشايعة الي انخصه الله سبحانه بين جميع الانبياء و المرسلين و الملائكة المقربين بل جميع الخلق اجمعين و سماه شيعة (شيعته. خل) في قوله عز من قائل و ان من شيعته لابرهيم اي من شيعة علي اميرالمؤمنين عليهالسلام و قال تعالي و لقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون اي وصلنا لهم الامام بعد امام و ماقطعنا الحجة و ما اخفينا الحجة بل وصلنا الامامة ماننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها و قال تعالي الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه و القول هو اطوار الخلق و احسن القول (هو. خل) آل محمد عليهمالسلام فالذي يتبعهم فيتبع احسن القول و قال تعالي و حق عليهم القول و المراد به العذاب باتفاق من المفسرين و ليس العذاب صوتا مصاغا علي هيئة الالفاظ و قال تعالي و اذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لايوقنون و لاريب ان هذا القول الواقع ليس هو اللفظ و العبارة بل هو حقيقة ذات ولاية و قد اشار اليها الله سبحانه بقوله الحق سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج و قد ورد عن (طريق. خل) اهل البيت عليهمالسلام و اظن ان جنابك رأيته في تفسير علي بن ابراهيم بن هاشم القمي انه عليهالسلام قال
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 379 *»
العذاب الواقع هو مولانا القائم (عليهالسلام و. خل) عجل الله فرجه و هو العذاب الواقع علي الكفار (الكافرين. خل) و المنافقين من الله سبحانه و هو القول الواقع الذي يتعقبه خروج دابة الارض، و قد ورد مستفيضا كما هو المعلوم بالبراهين القطعية من العقلية و النقلية ان دابة الارض اميرالمؤمنين عليهالسلام روحي له الفداء و هو الذي يتحرك و يدب في ارض الامكان لاسواه و حركة كل متحرك بفاضل حركته او بنورها و شعاعها و هذا هو السر في هذا التعبير و الا كان يمكن انيعبر باحسن منها الا ان التعبير بغيرها يفوت المراد لفهم اهل الاستعداد الناظرين بالفؤاد فافهم فما اسعدك لو وفقت لفهمها، و قال عليهالسلام في الزيارة اشهد انكم كلمة التقوي و باب الهدي و قال عليهالسلام ما معناه نحن الكلمة العليا و المثل الاعلي و الاسماء الحسني، و بالجملة اطلاق الكلمة علي الذوات الحقيقة النورية في القرآن و في احاديث امناء الرحمن اكثر من انيسطر و اجلي من انينكر و قد ذكرت لك شرذمة منها و دللتك عليها فاذا تعينتهما (تعينتها. خل) وجدت الامر عيانا كالشمس في رابعة النهار.
(و. خل) كذلك الكتاب علي قسمين: تكويني و تدويني، اما سمعت قول اميرالمؤمنين عليهالسلام انا كتاب الله الناطق و قال تعالي و تري كل امة جاثية كل امة تدعي الي كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون و كتاب الله في هذه الاية اميرالمؤمنين عليهالسلام كما وردت به الرواية و قوله تعالي و كل شيء احصيناه كتابا و قال تعالي و كل شيء احصيناه في امام مبين فاذا تبين لك ما ذكرنا من الدلائل الواضحات و الآيات المحكمات ان الكلمة تطلق علي الذوات و ان هذا الاطلاق هو الغالب في تعبيرات (اهل البيت. خل) الائمة عليهمالسلام فحينئذ يصرف الكلام الي المعنيين و الاطلاقين و لاضير في ذلك و لميبق هناك الا القول بعدم جواز اطلاق المشترك في اكثر من معني واحد و قد ذكرنا في كثير من رسائلنا و مباحثاتنا و اجوبتنا للمسائل جواز ذلك و انه هو الاصل لوجود المقتضي و ارتفاع المانع فاذا كان كذلك و قد تبين لمن تتبع كلماتهم عليهمالسلام و تصفح
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 380 *»
اطلاقاتهم ان كلماتهم لها وجوه كثيرة و جهات عديدة كلها مرادة لمن يفهم لغاتهم كلا (كل. خل) بحسبه فلايراد لمن لميطلع علي معني ذلك المعني الا بعد البيان فاذا كان اللفظ له اطلاقات كثيرة و ورد و لمتكن هناك قرينة معينة يحمل علي جميع المعاني كما هو الاصل في القرآن و كلمات امناء الرحمن الا انينصوا علي مقصودهم و يبينوا مرادهم فيتعين و من هذه الجهة تجد اختلاف التفاسير منهم عليهمالسلام علي اختلاف الجهات و الكل هو المراد و قد قال عليهالسلام اني لأتكلم بكلمة و اريد منها احد (و. خل) سبعين وجها لي لكل منها المخرج فاذا تبين لك ما ذكرنا و وضح لديك (لك. خل) ما سطرنا تبين لك ان المراد من الكلام في حديث اميرالمؤمنين عليهالسلام برواية ابي الاسود الدؤلي ما هو الاعم من الكلام التكويني و التدويني، و الاسم و الفعل والحرف اعم من الاسم التدويني اللفظي و الاسم التكويني المعنوي و الفعل التدويني اللفظي و التكويني المعنوي و الحرف كذلك ابقاء للكلام علي عمومه فان الكلام اعم من المصطلح عليه عند النحويين من انه ما تضمن كلمتين بالاسناد و من الكلام اللغوي الذي ما يتلفظ به الانسان اذ لو حمل علي الكلام الاصطلاحي ما صح القول بان الكلام كله اسم و فعل و حرف بل هذا التقسيم للكلمة لا للكلام فان الكلام مركب من كلمتين مخصوصتين لا مطلقا فاذا حمل الكلام علي ما هو المعروف عند العوام يلزم التجوز و هو خلاف الاصل لاسيما في مقام التعريف و التقسيم اللذين مبناهما علي التوضيح و التبيين كما هو المعلوم عند اصحاب العلوم من اهل الحقايق و الرسوم فعلي هذا البيان تبين انه وجب حمل الكلام علي حقيقة ايراد (حقيقته و يراد. خل) العموم من ماهية اللفظ و القول بان الكلام موضوع للفظ الموضوع بشهادة اهل العرف و اهل اللغة كما صرح به جنابك السامي بقولك «و قد تلقته العلماء رواية و دراية حتي الراوي نفسه اساسا لعلم النحو» الي آخره يعني ان هذا المعني هو المتبادر عندهم حتي عرفوا ذلك من كلامه ضعيف جدا و باطل قطعا لان التبادر احد العلامات الدالة علي الوضع و الامور التي يثبت بها الوضع الالهي اللغوي ليست منحصرة في التبادر و عدم
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 381 *»
صحة السلب بل قالوا انها عشرة و عدوا منها العقل و لكنهم ذكروا ان مذهب سليمان بن عباد من القول بالمناسبة الذاتية بين اللفظ و المعني لما كان باطلا ما جاز اثبات اللغة بالعقل المحض فعلي قولهم لو صح مذهب سليمان جاز اثبات اللغة بالعقل مع انهم في مسألة الوجود انه في اطلاقه علي الله سبحانه و علي غيره هل هو بالاشتراك اللفظي او المعنوي او الحقيقة بعد الحقيقة او الحقيقة و المجاز و غيرها تمسكوا بادلة كلها عقلية فمن قائل بان الوجود لو كان مشتركا معنويا يلزم التركيب في الله سبحانه و من قائل بان الاشتراك لو كان لفظيا يلزم ان يكون الله معدوما سبحانه و تعالي و انيكون البينونة بينه و بين خلقه بينونة (عزلة لا بينونة. خل) صفة و من قائل لو كان الاطلاق علي الحقيقة و المجاز يلزم العلاقة و المرابطة الموجبة للتحديد في ذاته سبحانه و غيرها من اقوالهم التي يطول الكلام بذكرها و جنابك السامي احاط بها علما و لميستند احد في هذه الاحوال الي التبادر و الاطراد و عدم صحة السلب و الاستصحاب و العقل الملفق بالنقل و امثالها من الامور التي يتمسكون بها عند اثبات اللغة.
و كذلك كلامهم في لفظ الجلالة انه موضوع لامر كلي ينحصر في الفرد او امر جزئي علم لذات الله سبحانه و تمسكوا في احتجاجاتهم بادلة عقلية و لميستندوا الي الامور التي جعلوها مستندا عند اثبات اللغة مع انهم ينكرون المناسبة الذاتية و ينكرون اثبات اللغة بالعقل و لنا في هذا المقام تحقيق شريف اوضحناه في كثير من مباحثاتنا و مصنفاتنا و رسائلنا و ذكرنا ان الممتنع من اثبات اللغة بالعقل هو ادراك العقل بان اللفظ الفلاني موضوع للمعني الفلاني اقتراحا من عنده من غير ما سمعه و عرفه من اطلاق اهل اللسان في الاصطلاح الذي يقع به التخاطب و هذا لايتأتي لغير المعصوم عليهالسلام و من اشهده الله خلق السموات و الارض من اتباعه و اوليائه المخصوصين بامداداته و فيوضاته و ان قلنا بالمناسبة الذاتية فان وجوه المناسبات عديدة و العلة الداعية للوضع من المناسبة المرجحة لايعلمها الا واضعها او من له اطلاع علي علم الغيب و اما اذا كان الواضع هو الله سبحانه كما هو الحق في المسألة عند اهل التحقيق من علماء
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 382 *»
الاصول و غيرهم فالعقل له طريق الي اثبات اللغة بملاحظة الحكمة فانه سبحانه حكيم يضع الاشياء في مواضعها و بفتح هذا الباب يفتح له في المقام الف باب و من كل باب الف باب فيعلم بالبديهة ان الاسم اللفظي علامة للمعني و الحكيم لايدع العلامة المناسبة و يعدل الي غيرها مع حصول الاختلاف فاذن لميجعل الاشياء في مواضعها و اتي بترجيح المرجوح او بالترجيح من غير مرجح فاذا كان الواضع حكيما لميجعل الاصل في المعني فرعا في اللفظ و لا الفرع في المعني اصلا في اللفظ و لميجعل المتساويين في المعني مختلفين في اللفظ بالتابعية و المتبوعية و الاصالة و الفرعية فاذا كان كذلك و اللفظ الواحد اذا اطلق علي معنيين فصاعدا يكون للعقل (العقل. خل) طريقا الي التمييز بين الاطلاقين من الاشتراك اللفظي و الاشتراك المعنوي و الحقيقة و المجاز و الحقيقة بعد الحقيقة و يعرف ذلك بالمناسبات الحكمية التي تقتضيها حكمة الله سبحانه في خلق البرية فان امر الله واحد و حكمه واحد و صنعه متقن و امره محكم و له الحمد و له الشكر من رب ما اوضح امره و ابين حكمه له الحكم و اليه ترجعون فعلي هذا فلاريب ان الطفرة في الوجود باطلة و الذوات اشرف من الالفاظ و الصفات التدوينية كما تقضي به الضرورة و تثبته قاعدة امكان الاشراف و لاشك ان الذات اصل و الصفات فرع فلوكان اللفظ الذي يطلق علي الذات مجازا و اللفظ الدال علي الصفات حقيقة لزم التخلف في الحكمة و كان الاصل في الحقيقة فرعا و الفرع اصلا و هذا محال علي الله سبحانه فوجب انيكون اللفظ المطلق علي الاصل حقيقة قطعا و لو لمتتبادر اليه الاذهان و لو لمتدركه افهام عامة اهل اللسان فيكون سبيله سبيل الحقيقة المهجورة و المجاز الراجح فكم من معاني للالفاظ كانت مخفية في وقت و ظاهرة في وقت آخر و لو اردنا شرح حقيقة الحال و ذكر الامثال لبيان هذا المقال لادي بنا الي التطويل مع ما انا عليه من قلة الاقبال و اختلال البال و لكنه يظهر لجنابك بادني تأمل.
فحينئذ وجب انيكون اطلاق الكلمة و الكلام علي الذوات و الحقايق حقيقة و علي الصفات و الحدود اللفظية مجازا و لكن امارات الحقيقة حيث
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 383 *»
كانت موجودة في الاطلاق اللفظي تمنع عن مجازيته فيكون الاطلاق اما من باب الاشتراك اللفظي او المعنوي فحيث انه لا دليل علي الاشتراك اللفظي و هنا جهة جامعة للمعنيين و الوحدة اشرف من الكثرة و الواضع هو الله سبحانه و فعله سبحانه علي احسن الوجوه فوجب انيكون الاشتراك معنويا لا لفظيا لوجود الجهة الجامعة و كونها هي الوحدة و الاصل عدم التعدد و الكثرة فوجب (فوجد. خل) المقتضي و ارتفع المانع و لما كان الفردان ليسا متساويين بل بينهما فرق عظيم في القوة و الضعف وجب انلايكون الاطلاق علي التواطي و لما كان الفرق ليس بالعلية و المعلولية و لا بالاثرية و المؤثرية لميكن الاطلاق من باب الحقيقة بعد الحقيقة لضرورة ان الالفاظ ليست آثارا و اشعة للحقايق و الذوات فلميبق الا القول بالتشكيك فتكون الكلمة تطلق علي الحقايق و الذوات من التكوينيات و علي الصفات و المعاني و سائر التدوينيات بالاشتراك المعنوي علي التشكيك فوجب حمل ما ورد من قوله عليهالسلام في حديث ابي الاسود علي ما هو الاعم من الحقايق و الصفات اي الالفاظ التدوينية.
فعلي هذا البيان المحقق المكرر المردد ظهر ان الاسم كل ما انبأ عن المسمي ذاتا كان او صفة لفظا كان او معنا فالشعاع اسم للسراج و نور الشمس اسم لها و القائم و القاعد و سائر الاسماء (اسماء. خل) الفاعلين و المفعولين اي معاني هذه الالفاظ اسماء للشخص و لذا قال مولانا الرضا سلام الله عليه (و آبائه و ابنائه. خل) الاسم صفة الموصوف و العجب كل العجب انه يمر علي مسامع الناس من الادعية و الزيارات و غيرها من الاحاديث المحكمات ما هو صريح فيما اقول و لكنهم لايلتفتون اليه و كأين من آية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون اما قرأوا في زيارة اميرالمؤمنين عليهالسلام السلام علي اسم الله الرضي هل هو عليهالسلام لفظ من الالفاظ او صوت من الاصوات اما يبصرون ام كيف يحكمون و قال مولانا الصادق ابوعبدالله جعفر بن محمد عليه و علي آبائه و ابنائه السلام نحن الاسماء الحسني التي امركم الله انتدعوه
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 384 *»
بها و قال عليهالسلام روحي له الفداء في تفسير بعض فقرات خطب اميرالمؤمنين عليهالسلام الي انقال عليهالسلام و هو المسمي و نحن اسماؤه و هو المحتجب و نحن حجبه و قال ايضا عليهالسلام في حديث ما معناه نحن الاسماء الحسني و الامثال العلياء و النعم التي لاتحصي و هل ترخص نفسك انتقول انهم سلام الله عليهم الفاظ و حروف و اصوات صيغت علي هيئات خاصة بالقرع و القمع و لايقول به جاهل من الجهال و لا مجنون من المجانين و قد ذكر رسول الله صلي الله عليه و آله (في الدعاء الذي علمه ابنته الطاهرة الصديقة سلام الله عليها و علي ابيها و بعلها و بنيها الي انقال (ص). خل) و بالاسم الذي خلقت به عيسي بن مريم من روح القدس و بالاسم الذي خلقت به العرش و بالاسم الذي خلقت به الكرسي و بالاسم الذي خلقت به الروحانيين و بالاسم الذي خلقت به الجن و الانس و بالاسم الذي خلقت به جميع الخلق و بالاسم الذي خلقت به جميع ما اردت من شيء و بالاسم الذي قدرت به علي كل شيء الدعاء، و قال صلي الله عليه و آله في دعاء علمه جبرائيل عن الله سبحانه و بالاسم الذي ينشيء السحاب الثقال و يسبح الرعد بحمده و بالاسم الذي كشف به ضر ايوب و استجاب ليونس عليهالسلام في ظلمات ثلث و بالاسم الذي به وهب لزكريا يحيي نبيا الي انقال صلي الله عليه و آله: و بالاسم الذي تطوي له (به. خل) السموات كطي السجل للكتب الي انقال صلي الله عليه و آله: و بالاسماء التي رفع بها ادريس عليهالسلام مكانا عليا الي انقال صلي الله عليه و آله: و بالاسم الذي خلقت به جبلات الخلق كلهم و قال صلي الله عليه و آله: و بالاسم الذي سمي نفسه و استوي به علي عرشه فاستقر به علي كرسيه و خلق به ملائكته و سمواته و ارضه و جنته و ناره و ابتدع به خلقه الي انقال صلي الله عليه و آله: و بالاسم الذي اشرقت به الشمس و اضاء به القمر و به جرت البحار و نصبت به الجبال و بالاسم الذي قام به العرش و الكرسي و قال صلي الله عليه و آله: و بالاسم الذي وضع علي الجنة فازلفت و علي الجحيم فسعرت و علي النار فتوقدت و علي الاسماء فاستقلت و قامت بلاعمد و لاسند و علي النجوم
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 385 *»
فتزينت و علي الشمس فاشرقت و علي القمر فانار و اضاء و علي الارض فاستقرت و علي الجبال فرست و علي الرياح فذرت و علي السحاب فامطرت و علي الملائكة فسبحت و علي الانس و الجن فاجابت و علي الطير و النمل فتكمت (فتكلمت.ظ) و علي الليل فاظلم و علي النهار فاستنار و علي كل شيء فسبح و بالاسم الذي استقرت به الارضون علي قرارها و الجبال علي امكانها (اماكنها. ظ) و البحار علي جدودها (حدودها .خل) و الاشجار علي عروقها و النجوم علي مجاريها و السموات علي بنائها و حملت الملائكة عرش الرحمن بقدرة ربها و امثال ذلك من الادعية و الاحاديث و الزيارات ما لايحصيه قلم الاحصاء و يمكن (لايمكن. خل) انيستقصي و هل هذه الاسماء التي خلق الله بها حقايق الموجودات و ذوات الكائنات حروف هجائية صيغت عنها الفاظ من اصوات متولدة من جذب الهواء و ادخاله في جوف القلب ثم اخراجه نفسا و تقطيعه في الحلق و وسط الفم و الشفة حروفا و هلتجوز انيكون هذا علة و سببا لخلق العرش و الكرسي و السموات و هل الهواء الا مخلوق من العرش و الكرسي و متفرع عن (السموات و الكرة. خل) الاثيرية و اين هذا من ذاك (ذلك. خل) و الا فجاءت الطفرة و كان الخلق علي غير الرؤية (روية خل) و وجدت الموجودات علي خلاف احكام الصنعة، و الضرورة تقضي بفساد التوالي و لايستريبه ذو فهم مستقيم.
فظهر لك مما ذكرناه و تلوناه عليك من الاحاديث و الادعية و الزيارات ان الاسم علي قسمين تكويني وجودي ذاتي حقيقي و وصفي و تدويني و لفظي فالاسم التكويني فرد و قسم من الكلمة التكوينية و الاسم التدويني قسم و فرد من الكلمة التدوينية فالكلمة مطلقا تكوينية كانت امتدوينية ان انبأت عن المسمي فهي اسم و ان انبأت عن حركة المسمي فهي فعل و الفعل اصله المشيئة الكلية و هو قوله تعالي انما امره اذا اراد شيئا انيقول له كن فيكون و لفظة ان يؤول ما بعده الي المصدر فتقدير الكلام انما امره قول كن و قال عليهالسلام يا من قوله فعل و فعله امر و امره ماض علي ما يشاء و هذا الامر ليس
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 386 *»
بلفظي و انما هو كوني من غير لفظ و حدود لقول مولانا الرضا عليهالسلام في الارادة الي انقال عليهالسلام ارادته احداثه لاغير لانه لايهم و لايروي و لايفكر و انما يقول للشيء كن فيكون من غير لفظ و لا كيف لذلك كما انه لا كيف له و كيف يكون ذلك هو الفعل التدويني مع ان النحاة قالوا ان الفعل هو الدال علي المعني المستقل المقترن باحد الازمنة الثلاثة و اين الاقتران باحد الازمنة من مقام اللاكيف و كيف يكون علة الحقايق و الذوات المجردة و الغير المجردة من الجواهر و الاعراض اضعف الموجودات التي هي الالفاظ التي عدت من مقام الاعراض لقد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام خلق الله الاشياء بالمشية و خلق المشية بنفسها و المشيئة هي الفعل التكويني الذي استفادت الذوات من ذاتها تذوتاتها و الصفات من صفاتها تذوتاتها و كيف يكون ذلك لفظ من الالفاظ المؤلف من الحروف من الاصوات و ذلك لايكون ابدا، فالفعل يكون تكوينيا و تدوينيا و كل منها فرد و قسم للكلمة بحسبها و ان انبأت الكلمة عن معني رابطي نسبي ظهوره في غيرها لا في نفس الكلمة تكوينية ام تدوينية فهو الحرف فالحرف التكويني قسم من الكلمة التكوينية و الحرف التدويني قسم من الكلمة التدوينية.
و حيث ان الكتاب انما يكون بالكلمة و الكلام فيكون الكتاب ايضا علي قسمين تكويني و تدويني فاذا كان الكتاب كذلك فيكون السور القرآنية التي تألف الكتاب منها علي قسمين تكوينية و تدوينية و تكون الآيات التي تألفت منها السور القرآنية علي قسمين تكوينية و تدوينية فعلي هذا تكون فاتحة الكتاب المشتملة علي الآيات السبع المثاني علي قسمين تكوينية و تدوينية و السبع المثاني علي قسمين تكويني و تدويني و البسملة علي قسمين تكوينية و تدوينية فمن هذا البيان التام تبين (يبين. خل) لك معني قول اميرالمؤمنين عليهالسلام و روحي له الفداء انا النقطة تحت الباء من غير تجوز اذ لو اريد البسملة التدوينية يلزم ارتكاب التجوزات بمزيد التكلفات و الله سبحانه و تعالي قال لنبيه صلي الله عليه و آله قل و ما انا من المتكلفين ما ادري ما اقول،
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 387 *»
ضاع الكلام فلا كلا
مَ و لا سكوت معجبُ
لو اذن لي بالبيان لاريتكم من عجائب المطالب و غرائب المقاصد ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر علي قلب بشر و لكن الحكم لله و انا اليه راجعون.
فيتبين (فتبين. خل) لك الدليل الواضح و البيان اللائح علي ارادة غير ما عرفه الناس من هذا الحديث الشريف و معرفة الناس للوجه المعروف عندهم و عدم معرفتهم للوجوه الاخر المطوية في كلامهم عليه (عليهم ظ) السلام لايوجب بطلانها و عن رسول الله صلي الله عليه و آله رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها و اداها كما سمع فرب حامل فقه الي من هو افقه منه و رب حامل فقه و ليس بفقيه و لو صح ما ذكر لزم انيكون ما يأتي به مولانا الحجة عليه و علي آبائه السلام من غرائب الامور و عجائبها و خفيات المطالب و مكنوناتها باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار و ما فهموا مما ذكر جنابك لايتم الا بتجوزات و تكلفات و تخصصات كلها خلاف قواعد اهل اللغة و اهل اللسان لانه يجب انيحمل الكلام علي الكلمة لان الكلام (عندهم. خل) ليس باسم و لا فعل و لا حرف بل انما هو مركب من اسمين او من اسم و فعل لا غير ذلك فوجب ارتكاب التجوز و جعل الكلام بمعني الكلمة و هذا اقل ما يتفق في كلام العرب نعم يطلق الكلمة علي الكلام كثيرا كقولهم كلمة التوحيد و بخلاف اطلاق الكلام علي الكلمة فانه نادر جدا ان لمننف الاطلاق بالمرة و ثانيا ان العلماء قد اجمعوا ان «ما» من ادوات العموم و ان اختلفوا في ان الدلالة علي العموم من اصل الوضع ام لا فاذا خصصت قول اميرالمؤمنين عليهالسلام ان الاسم ما انبأ عن المسمي بالمنبئات اللفظية التدوينية و يكون ذلك تخصيصا علي خلاف الاصل و قولهم ما من عام الا و قد خص مع ان هذه الكلية ان صدقت كذبت لايوجب ذلك و كذلك عدم فهم عامة الناس لما (ما. خل) ذكرنا لك فان عدم الوجدان لايدل علي عدم الوجود مع ورود ما ذكرنا (ذكرناه. خل) في الكتاب و السنة و استعمالات العلماء و الحكماء من اهل دليل الموعظة الحسنة و
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 388 *»
الحكمة فان فهمت و اتقنت ما ذكرناه فاشكر الله علي هذه النعمة العظمي و الا فاسأل الله انيصلح وجدانك و يتمم عليك احسانا باحسانك.
(قال): (و. خل) ايضا فيلزم علي ذلك التأويل نفي القسمة و تأخير البيان عن وقت الحاجة و كون الثلاثة اسما او فعلا و عليه سم و عليه فتجد (فعلا و عليه يتحد. خل) الثلاث و المسمي حتي اذا قلنا ان الاسم حروف و اصوات فهي اسم او فعل اسم و لا حرف و قد دل حديث هشام علي ان الاسم غير المسمي و علي ما قلناه يلزم انيكون هو هو.
(اقول) اما قولكم «و ايضا فيلزم علي ذلك التاويل نفي القسمة» و فيه (ففيه. خل) ان القسمة ثابتة بحالها الا ان في كل مقام بحسبه لان الكلمة التكوينية انما تقسم (تنقسم. خل) علي حسب مراتبها و افرادها في الذوات و الصفات الحقيقية و الكلمة التدوينية الي اقسامها اللفظية كما ذكروها و ان صدق ذلك التعريف عليه فالفعل و الحرف من جهة انهما حادثان مخلوقان ممكنان ينبئان عن المبدأ الحق سبحانه و تعالي فيكونا (فيكونان. خل) اسمين الهيين من جهة ملاحظة الدلالة بالاستقلال و عدمه و الاقتران و عدمه يتولد منها اقسام فيكون الاسم من حيث عدم الاقتران مع الاستقلال و الفعل من حيث الاقتران و الاستقلال و الحرف من حيث عدم الاقتران و عدم الاستقلال فلا منافاة اذن فصح انتقول كل الموجودات تكوينية و تدوينية من حيث انباؤها عن الحق سبحانه اسم و بهذا المعني يقال لاميرالمؤمنين عليهالسلام و اولاده الطيبين الطاهرين (عليهمالسلام. خل) انهم اسماء الله سبحانه لتمحضهم سلام الله عليهم في هذا الانباء و عدم ظهور ما يوجب الاعراض و الحجب منهم عليهمالسلام و ليس موجود من الموجودات بهذه المثابة في الانباء و الدلالة بالمعصية في غالب الموجودات و ترك الاولي في الانبياء و غيرهم من الملائكة و اما الاربعة عشر معصومون (المعصومون. خل) سلام الله عليهم من حيث انهم السابقون الاولون الذين يسبحون الله بالليل و النهار اي في الغيب و الشهادة
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 389 *»
لايفترون فلايتركون الاولي ففي كل احوالهم هم المنبئون عن الله سبحانه من الذوات و الصفات و الجواهر و الاعراض فهم الاسماء في كل الاحوال بخلاف غيرهم فانهم حين المعصية و ترك الاولي لاينبئون عن الله سبحانه ففي حال التجرد عن جلباب الانية اسماء و عند مشاهدتها و التوجه اليها حجب فالاسم علي كل الاحوال هم سلام الله عليهم و غيرهم اسماء في حال الانباء و الاخبار و هو حين التوجه الي الله سبحانه في الحال و المقال او عند التجرد عن حدود الانية و هم سلام الله عليهم يختلفون في الاعظمية و غيرها و قد اشار عليهالسلام في دعاء بعد كل ركعتين من صلوة الليل الي هذه الدقيقة و الاختلافات بقوله عليهالسلام متصاعدا و باسمائك الحسني و امثالك العليا و نعمك التي لاتحصي هؤلاء هم الائمة عليهمالسلام غير اميرالمؤمنين و رسول الله صلي الله عليهما ثم عطف القول علي اميرالمؤمنين عليهالسلام بقوله: و باكرم اسمائك عليك و احبها لديك و اقربها منك وسيلة و اشرفها عندك منزلة و اجزلها لديك ثوابا و اسرعها في الامور اجابة و هذه الصفات نسبة اميرالمؤمنين عليهالسلام مع ان الائمة (مع الائمة. خل) عليهمالسلام ثم اشار الي الاعظم الاقدم رسول الله صلي الله عليه و آله في مقام الحقيقة بقوله عليهالسلام: و باسمك المكنون و المخزون الاكبر الاعز الاجل الذي تحبه و تهواه و ترضي به عمن دعاك فاستجبت له دعاءه و حق عليك انلاترد سائله و هذه الصفات نسبة رسول الله صلي الله عليه و آله ثم لما فرغ عن بيان تلك الرتبة العليا الاولي الفائزة درجة السبق علي كل الحوادث و ذكر مراتبهم في الاسمية اشار الي الرتبة الثانية من مراتب الوجود فقال عليهالسلام علي وجه الاجمال: و بكل اسم هو لك في التوراة و الانجيل و الزبور و الفرقان اشار الي اعظم الاسماء في هذه الرتبة و هم اولو العزم و ذكر القرآن في مقام الاجتماع الحقيقة الاولية ثم اشار الي باقي الاسماء من اسماء الحسني بقوله عليهالسلام: و بكل اسم دعاك به حملة عرشك و ملائكتك و انبياؤك و رسلك و اهل الكرامة عليك من خلقك و قد فصلنا هذا المعني و كثيرا (في كثير. خل) من مباحثاتنا و رسائلنا باكمل بسط
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 390 *»
و بيان و اوضح تفصيل و تبيان.
و بالجملة فالموجودات كلها من العلويات و السفليات و الذوات و الصفات و الجواهر و الاعراض اسماء الله سبحانه فلا قسمة في هذا النظر و هذا اللحاظ فان الكلمة الكلية الكبري التي انزجر لها العمق الاكبر الله سبحانه بهذا المعني و اليه الاشارة في الدعاء و اسمك (باسمك. خل) المكنون المخزون الذي استقر في ظله فلايخرج منه الي غيره فاي قسمة بهذا النظر فان القسمة تقتضي وجود امور متعددة و هي المقسم و القسم و القسيم و لايصح انيكون كل منها عين الآخر و الا بطلت القسمة فبهذا النظر فالكل اسم حتي المقسم و القسم و القسيم و اذا نظرت الي ان الموجودات كلها مخترعة مبتدعة و كلها تنبيء عن الحركة التكوينية الالهية المعبر عنها بالحركة بنفسها و احداثها للموجودات و اختراعها و ابتداعها كانباء قام علي الحركة الصادر عنها القيام فيكون الكائنات و الممكنات و الحادثات فعل (فعلا ظ) باعتبار انبائها عن الحركة التي بها وجدت الكائنات اي المشيئة الكبري التي هي الفعل بانصدارها عنها و باصدارها لاشعتها و انوارها و آثارها و حيث تكون يدا لها فالخلق بهذا اللحاظ فعل يصدق عليه قوله عليهالسلام و الفعل ما انبأ عن حركة المسمي فالمشية الكلية فعل و الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله. خل) فعل و حقايق الانبياء فعل و الرعية فعل و اصل الحقيقة فعل و افرادها من حيث دلالتها و انباؤها بانها محدثة عن الحركة فوجودها انباء عن الحركة فعل و هكذا ساير الموجودات الحادثات و الفقراء الممكنات الا ان منها افعال تامة و منها افعال ناقصة كما ذكرنا في الاسم فافهم فلا قسمة في هذا النظر ايضا محصول (لحصول. خل) هذا الانباء في كل حادث فاين الاسم في هذا النظر و هذا اللحاظ و اين القسمة ح فلاقسمة و اذا نظرت الي ان الكائنات و الممكنات و المكنونات كلها متلاشية مضمحلة لا استقلال بها و لا تذوت و لا تحقق و لا تأصل و لا استقلال و لا اقتران فتكون بهذا المعني حروفا لا اسم و لا فعل (حرفا لا اسما و لا فعلا. خل) و هذا الحكم جار في كل شيء و ان عظم رجل (و
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 391 *»
جل. خل) فاذا قال سبحانه لنبيه صلي الله عليه و آله الذي لا خلق و لا ممكن اشرف و اقوي و اعظم و اجل منه ليس لك من الامر شيء (و. خل) ما رميت اذ رميت و لكن الله رمي فما ظنك بساير الخلق، فعلي هذا اللحاظ و النظر يكون كل شيء من الكلمات المعنوية و اللفظية حرفا فاين القسمة اذن لعدم المقسم و القسم و القسيم فظهر لك من هذا البيان المكرر المردد ان كل شيء من الاشياء اسم في لحاظ و هو فعل في لحاظ و هو حرف في لحاظ و المقسم هي الحقيقة اللابشرط المجرد عن جميع الجهات الكاشفة عنها السبحات بلا كيف و لا اشارة المجرد عن لحاظ كونها دليل (دليلا. خل) و آية او انها منبئة او انها شيء (و انها منئبة او شيء. خل) من الاشياء و هو قول اميرالمؤمنين عليهالسلام في الحقيقة انها كشف سبحات الجلال من غير اشارة فتلك الحقيقة المجردة هي المقسم فمن جهة دلالتها علي الحق سبحانه الذي هو المسمي يكون اسما و من جهة دلالتها علي الحركة الايجادية التي هي الفعل يكون فعلا و من جهة اضمحلالها و تلاشيها و فنائها و عدم استقلالها في الدلالة علي معني في نفسها بل دلالتها في غيرها بمدد متصل يأتيها من بحر الفيض بلا كيف و لا اشارة يكون حرف (حرفا. خل).
و لما كانت الموجودات في القوس النزولية نسيت مبدأها في الغالب و وقفت في كل مرتبة من المراتب تظهر آثار تلك المرتبة عليها و تدعي بها و تسمي باسمها بحكم الغلب (الغالب. خل) كما تقول لمن غلب عليه المرة الصفراء صفراوي و ان كان فيه الدم و البلغم و السوداء و لمن غلب عليه الدم دموي و هكذا مع وجود باقي الطبايع فيه كانت الموجودات منها الغالب عليه ظهور الاسمية فيقال انه اسم و منها الغالب عليه ظهور الفعلية يقال انه فعل و منها الغالب عليه ظهور الحرفية فيقال انه حرف و الا فكل شيء اسم في مقام و فعل في مقام و حرف في مقام لظهور صدق تعريف مولانا و سيدنا اميرالمؤمنين عليهالسلام و روحي له الفداء عليه من قوله الاسم ما انبأ عن المسمي و الفعل ما انبأ عن حركة المسمي و الحرف ما انبأ عن معني ليس باسم و لا فعل و لك ان
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 392 *»
تقول لا قسمة و لك انتقول تصح القسمة فيكون الاسم و الفعل و الحرف امورا ثابتة في كل شيء بالجهات و الاعتبارات و لك انتقول بعض الاشياء اسم ليس بفعل من جهة الظهور و بعضها فعل ليس باسم و لا حرف و بعضها حرف ليس باسم و لا فعل و المثال للثاني في عالم اللفظ و التدوين لفظ «علي» فانه يكون اسما جامدا لكونه علما لأميرالمؤمنين عليهالسلام و يكون اسما مشتقا لانه مبالغة و هي صيغة فعيل و يكون فعل ماض من علا يعلو و يكون حرفا من الحروف الجارة التي يجر ما سوي احمد و عمر اما احمد فمن جهة وزن الفعل و اما عمر فمن جهة العدل التقديري و لولا تقدير العدالة كان مجرورا بعلي لان تقدير العدل منعه عن الصرف و حيث ان هذا التقدير ما ثبت فيكون عند طائفة مجرورا مكسورا مخفوضا (ظ) فافهم وفقك الله لما يحب و يرضي و يسعدك بالتقوي.
و اما قول جنابك السامي «و تأخير البيان عن وقت صدور الخطاب» اذا كان المخاطب لايعرف المقصود و المراد لاجمال في الكلام و اغلاق يصعب فهمه علي العوام او لارادة معني غير معروف عند غالب الانام و تأخير المتكلم مراده عن وقت صدور الخطاب جايز بلا اشكال و قد صرح بذلك رسول الله صلي الله عليه و آله في الحديث المتقدم ذكره رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فاداها كما سمع رب حامل فقه الي من هو افقه منه و رب حامل فقه و ليس بفقيه و اما تأخير البيان عن وقت حاجة المخاطب او المكلف اذا لميكن الكلام جاريا مجري الخطاب فذلك لايجوز قطعا بلا اشكال و الا يلزم العبث و الاغراء بالباطل و هما بديهي البطلان الا ان حاجة الناس في تعليماتهم و البيان لهم مختلفة فقد يكون الشيء ثابتا موجودا متحققا و لكن المصلحة تقتضي عدم ذكره و بيانه حتي يأتي وقت (وقته. خل) و قد قال مولانا الصادق عليهالسلام ما كل ما يعلم يقال و لا كل ما يقال حان وقته و لا كل ما حان وقته حضر اهله الاتري ان ولاية اميرالمؤمنين عليهالسلام كانت ثابتة موجودة متحققة يجب علي الكل الاذعان لها و الانقياد و الاعتقاد بها و قد ذكر الله سبحانه اياها
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 393 *»
في القرآن في مواضع عديدة مثل آية و انفسنا و انفسكم و آية التطهير و قوله تعالي يا ايها الذين آمنوا اتقو الله و كونوا مع الصادقين و قوله تعالي ما كان لاهل المدينة و من حولهم من الاعراب انيتخلفوا عن رسول الله و لايرغبوا بانفسهم عن نفسه و قوله تعالي انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون و قوله تعالي و لو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول الي قوله تعالي و يسلموا تسليما و قوله تعالي و انه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم و قوله تعالي قال هذا صراط علي مستقيم و امثالها من الآيات الدالة علي خلافته و وصايته عليهالسلام و كذلك الاحاديث النبوية مثل قوله صلي الله عليه و آله يا علي لحمك لحمي و دمك دمي و حربك حربي و سلمك سلمي و الايمان مخالط لحمك و دمك كما خالط لحمي و دمي و قوله صلي الله عليه و آله انت مني بمنزلة هرون من موسي و قوله صلي الله عليه و آله يا علي انت تقضي ديني و تنجز عداتي و انت الخليفة بعدي و امثالها من الاحاديث التي لو ذكرناها كالآيات يقتضي انيكون مجلدا ضخيم الحجم.
و بالجملة فهذه الآيات و الروايات علي كثرتها كلها وردت و ما التفت الناس اليها و ما عرفوا المقصود منها معرفة واضحة و لا تبين لهم حقيقة الامر الي ان امر (امره. خل) الله سبحانه و تعالي في حجة الوداع بما امر و ذلك بعد مضي ثلاثة و عشرين من بعثته صلي الله عليه و آله فتبين (فبين. خل) يوم الغدير و اعلن و شرح و اتقن و اوضح الامر فاذا كان هذا الامر العظيم اقتضت المصلحة تأخير بيانها فيما ورد به الكتاب و السنة فغيره اعظم و اعظم و كما ان الانسان و غيره من الحيوان و النبات تتدرج شيئا فشيئا و عند كل مقام يظهر لها احكام و آثار فالشخص حين كونه في مقام النطفة اي حاجة له في بيان تفسير سورة البقرة مثلا و كذلك اذا كان في مقام العلقة و المضغة و العظام و اكتساء اللحم الي انيلج فيه الروح الي انيخرج الي هذه الدنيا الي انيجعل له التمييز و الرشد فهناك يجب البيان له علي مقتضي مقامه بعض البيان لا كل البيان مع ان القرآن
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 394 *»
موجود و معانيه معلومة قبل انتخلق نطفته فضلا عن غيرها من المراتب و بالجملة لايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة و لكن الكلام في تحققها و حصولها فلو كان كلما يدل عليه الكتاب و السنة يجب شرحهما و تفسيرهما لزم النقص في حكمة الله و النقص في الائمة سلام الله عليهم حيث انهم لميذكروا لعامة الناس جميع ما في القرآن و الاحاديث النبوية علي قائلها آلاف الثناء و التحية و قد قالوا عليهمالسلام انا نعلم اهل جابلقا و جابلسا من معاني القرآن ما لو ذكرنا لكم حرفا واحدا منها لكفرتم و هكذا ما يظهر في كل زمن بعد زمن و قرنا بعد قرن من المعاني المكنونة في الكتاب و السنة ما لمتكن ظاهرة في الزمن المتقدم و لمتزل العلوم تظهر من مكنونات العلوم المستودعة في الفاظ الكتاب و السنة ما لمتكن ظاهرة (من. خل) قبل الي ظهور مولانا و سيدنا عجل الله فرجه و جعلنا الله فداه فانه يظهر المعاني الغريبة العجيبة من كتاب الله ما تستوحش منها العلماء العظام و الفضلاء الفخام فهل تجوز و ترخص نفسك (لنفسك. خل) انتقول هذا المعني الذي لميكن ظاهرا من القرآن قبل ظهوره عليهالسلام انتكون باطلة و غيرمقصودة لانه يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة و هذا كلام ضعيف جدا لايلتفت اليه و لايعرج عليه.
و كذلك ما بيناه من تفسير قوله عليهالسلام في حديث ابي الاسود من ان الكلام اعم من التكويني و التدويني و جعلنا الاسم اعم من التكويني و التدويني كالفعل و الحروف (الحرف. خل) فان الناس ما نضجت طبايعهم و لابلغت مقدار تحمل هذه المعاني الدقيقة الي هذا الزمان الذي هو مبدأ المائة في الكون الثاني اي الكون الغيبي فان كل كون يدور علي اثني (اثنتي ظ) عشر (عشرة ظ) مائة فلما تم المائة الثاني (الثانية. خل) عشر (عشرة ظ) من الهجرة تمت الاحكام المتعلقة بالقشور و الظواهر و آن اوان الاحكام الغيبية في مبدأ المائة الثالث (الثالثة ظ) عشرة (الثالثة عشر. خل) التي هي اول الدورة الثاني فعرفنا الله سبحانه المراد منه بدلائل الكتاب و السنة و دلالة العقل المستنير كما شرحت لك من الآيات القرآنية و الاحاديث المعصومية ما تبين لك المقال و اتضح لك
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 395 *»
الحال و قبل هذا الوقت لمتكن الحاجة اي حاجة الخلق في اظهار هذه المعاني الدقيقة و المطالب الخفية المستودعة في طي عبارات الكتاب و السنة فضلا عن اشاراتها كما بينا لك و اوضحنا و لميكن لهذا المعني الآخر ذكر من قبل يعني لميكونوا ملتفتين و لا متوجهين و الا فالامر ظاهر و الحكم بين و الآن تبين ان الذي كانوا يتكلفونه و يجعلونه مجازات تفسير كلام الائمة السادات (ع) و تصحيحها و الآن ببركة هداية اهل الذكر تبين الامر و استراحوا من تلك التكلفات و التجوزات و اظن جنابك السامي قد اطلع علي اقوالهم و تفسيراتهم و اختلاف توجيهاتهم و تكلف ارتكاب التجوزات في قول اميرالمؤمنين عليهالسلام كل ما في القرآن في الحمد و كل ما في الحمد في البسملة و كل ما في البسملة في الباء و كل ما في الباء في النقطة و انا النقطة تحت الباء و لكن الآن بهذا البيان المكرر المردد حصلت الراحة ببيان ان الكتاب تكويني و تدويني و البسملة تدوينية و تكوينية و الباء تكوينية و تدوينية و السورة تكوينية و تدوينية و الآيات تكوينية و تدوينية فتقول انه عليه السلام النقطة تحت باء البسملة التكوينية كما ان النقطة المدونة تحت الباء البسملة التدوينية و لكن لايراد بها النقطة التمييزية (التميزية. خل) بل يراد بها النقطة العلية و هي الالف اللينية فمنهم (منهم. خل) سلام الله عليهم فاتحة الكتاب التكونية و هم السبع المثاني و القرآن العظيم في التكوين كما ان الحمد سبع آيات ثني في كل صلوة فيقال لها السبع المثاني في التدوين و هكذا الكلام في غيرها من المطالب و الاحكام فانها قبل ذلك كانوا يجدوها (يجدونها ظ) المشقة و الزحمة و الآن بعون الله و منه اتضح الامر و حصلت الراحة و الله الموفق للهداية و الرشاد.
و اما قولكم السامي «و كون الثلاثة اسما او فعلا» فاعلم انه لا منافاة بين كون الثلاثة اسما او فعلا و بين التقسيم الي الفعل و الاسم و الحرف لما بينا لك من شأن الامكان فانه يحتمل كل شيء و كل جهة يكون منشأ حكم من الاحكام و لقد ذكرنا في كثير من مباحثاتنا ان في الامكان لميكن جامد و كل ما فيه مشتق و محال انيكون الحادث جامدا بل يجب انيكون مشتقا لان الحادث اما
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 396 *»
اسم فاعل او اسم مفعول و المفعول اما مفعول مطلق او مفعول به او مفعول له او مفعول فيه او مفعول معه فلايخلو حادث من الحوادث من واحد منها و هذه كلها مشتقات فاين الجامد اذن، فاسماء الفاعلين (و. خل) المفعولين كلها مشتقة و الافعال مشتقة فلا جامد في الوجود الامكان (الامكاني. خل) ابدا و مع ذلك صححنا ماقالته النحاة ان الاسم علي قسمين مشتق و جامد و بينا وجه عدم المنافاة من ان الحادث له جهتان جهة اثرية و حدوث و انصدار و مفعولية و مربوبية و جهة انية و حجاب و ظلمة فبالجهة الاولي كلها مشتقات و بالجهة الثانية جوامد الا ان الموجودات منها ما غلبت (غلب. خل) عليه جهة المبدأ و الحدوث (و. خل) مشاهدة الفاعل فيسمي مشتقات و منها ما غلبت عليه جهة الانية من اصحاب الظلمات الغاسقات المدلهمات فيسمي جامدا فالموجودات كلها مشتقة من حيث صدورها و اقتطاعها عن فعل الله سبحانه و كلها جوامد من حيث الانية الساجدة للشمس من دون الله و منها مشتقات و هي الناظرة (الي. خل) المبدأ الحق مثل الانبياء و الملائكة و الاولياء و منها جوامد و هي الناظرة الي الانية الكفار (كالكفار. خل) و المخالفين، و السلام.
(و اضاف الكاتب في آخر النسخة: و هذه آخر مصنفاته في سر من رأي و آخر رسائله و آخر زيارته لائمته عليهمالسلام).