01-06 الرسائل المجلد الاول – رسالةالارجوزة في المشاعر الانسانية ـ مقابله

الارجوزة في شرح المشاعر الانسانية

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی‌ الله مقامه

 

فصل (1): في المشاعر التنزلية الدنيوية

المشعر الاول: في قوة السمع

المشعر الثاني: في القوة الباصرة

المشعر الثالث: في القوة الشامة

المشعر الرابع: في القوة الذائقة

المشعر الخامس: في القوة اللامسة

فصل (2): في المشاعر الباطنية المثالية

المشعر الاول: في الحس المشترک

المشعر الثاني: في المتخيلة

المشعر الثالث: في المتفکرة

المشعر الرابع: في المتوهمة

المشعر الخامس: في المتعلمة

المشعر السادس: في المتعقلة

تنبيه: في ان هذه المشاعر الا الحس المشترک موجودة في الحيوانية التي هي مرکب الانسان

الخاتمة: في بيان الحصص الشمسية و الکرسية و العرشية في المولود

فصل (3): في المشاعر الغيبية

المشعر الاول: في المشعر النفساني

المشعر الثاني: في المشعر العقلاني

المشعر الثالث: في المشعر النوراني

المشعر الرابع: في المشعر الامري

المشعر الخامس: في المشعر الکينوني

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 460 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حمدا لمن غاب عن المشاعر   باسرها من باطن و ظاهر
مصلياً علي النبي المعتمد   ثم علي الممسوس في ذات الاحد
ثم علي ادلة ‌التعريف   مواقع الصفات في التوصيف
و بعد فالعبد علي الرضا   يقول يا شيعة آل المرتضي
حيوا علي ارجوزة المشاعر   من فضل سيدي ابي‌المفاخر
ثبتنا الله علي الايمان   ماحصل الموجود بالارکان
و الله يقضي بلقاء القائم   له ولي و بالنعيم الدائم

فصل: في ادني المشاعر التنزلية الدنيوية

مشاعر الانسان خمس و عشر   او بزيادة و کل معتبر
فخمسة منها تنزلية   و فوق هاتي خمسة ذاتية
و ماسواها عندنا غيبية   فظاهرية و باطنية
فالمبتدأ من تلک سمع و بصر   شم و ذوق ثم لمس فانحصر
و هذه مشاعر الانسان   مشارکاً لسائر الحيوان

المشعر الاول: في قوة السمع

السمع ما ادرکت الاصوات من   فضل شعور الروح فافهم و افتطن
و الصوت ما يحدث من حراک   في الجسم من ضغط او اصطکاک
بمثل ما يحدث في بادي النظر   من بين اصطکاک زند و حجر
تکيف الجسم لدي التلاقي   منها کقطن حال الاحتراق
و مايلي ذا الجسم في التکيف   يکتسب الکيف بلا تکلف

«* الرسائل جلد 1 صفحه 461 *»

و حيثما ذا الکيف للجسم حصل   صار مصوتا بما قد انفعل
يکمل التالي بالکيفية   بفضل ما له من الفعلية
و بعد ما تکمل الملاصق   منه کذا کمل جسم لاحق
فکل فرد معه مطابق   کان له ما قد حواه السابق
فينتهي لجلدة و هي التي   قوة سمع خلفها استقرت
تکيف الجلدة ثم العصبة   ثم البخاري ثم حس فانتبه
مفروشة تکون حيثما تکن   تأتي من الدماغ في قعر الاذن
فالصوت لم‌يحصل بلاتمجمج   من حرکة الهواء و التموج
اذ رب وقت هبت العواصف   و الصوت معدوم و انت عارف
فتلک الاصوات لدي الافهام   للضغط بين الريح والاجسام
و ماسوي ذلک قول باطل   و عن حلي الاعتبار عاطل
لافرق في تموج الهواء   و في سکونها لدي الوعاء
بل الوصول غالب اذا سکن   و ذاک امر واضح لمن فطن
لکنه يمکن ان يکون في   بطؤ و سرعة دخيلا فاکتف
اذ ربما الجسم الذي تکملا   يصل و منه تلوه ما انفعلا
و ربما تذهبه الريح الي   نحو سوي السامع اذ ما عدلا
و في السکون يلزم التکمل   لکل الاجسام لما تنفعل
کجمرة تکمل الفحوم في   وقت سکونها بلاتعسف
لکنها تعدل في الهبوب   عن شمأل الفحوم للجنوب
و الجسم للحمل يکون قابلا   اي قابل الصوت اذا ما حصلا
لکن بعض الجسم للقبول   اسرع من بعض لدي الوصول
و سرعة القبول من لطافته   و البطؤ للقبول من کثافته

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 462 *»

فاسرع الاجسام للقبول من   جميعها الهواء مما قد زکن
و الماء قد قدم في ذا الباب   علي الترابيات و التراب
فالماء و الهواء فالتراب في   ذا الحکم بعضها لبعض يقتفي
اذ تسمع الصوت من الجدران   ايضا و هکذا من العمران
لکنها من کونها کثيفة   لاتحمل اللفظية الضعيفة
نحو الحرارة الضعيفة التي   لاتحرق المرطوب کالقوية
و کل جسم للقبول يسرع   کذاک عنه الصوت ايضا يقلع
و کل ما يبطيء في المطاوعة   يکون بالعکس بلا منازعة
فاسرع الاجسام في انطباع   اسرعها ايضا لدي انقلاع
و ذاک کالصلب من الاجناس   من صفر او حديد او نحاس
ففي جميعها تري الحرارة   تدوم فيها و هي مستعارة
دوامها في صلب الاجسام غلب   بعکس ما في الرخو منها کالخشب
فالماء و الهواء للقياس   لايمسکان الصوت کالجراس
و الترب لايدوم في التصوت   لما تري فيه من التفتت
لخلوه من الرطوبة التي   تربط الاجزاء بلا تشتت
و الاختصاص بالهواء في الخبر   حمل علي الغالب عند ذي‌بصر

المشعر الثاني: في القوة الباصرة

ما تدرک الالوان في حال النظر   فتلک قوة تسمي بالبصر
و تلک الاضواء بها تکيفت   و بعد ما تکيفت تعرفت
او تلک الوان لقد تضوأت   بهيأة الجسم لقد تهيأت
و هي التي عبر في النفوس   عنها بذي الاشباح و العکوس
و الشبح المرئي ما رکب من   کيف و کم فاعرفنه و استبن
فأول کيفية لونية   و الثان مقدارية سطحية

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 463 *»

و الکم والکيف من الاعراض   کالعرض و الحمرة و البياض
و العرض الذي للاجسام حصل   کحال يقول لکن بالمحل
فنسبة الاشباح للشواخص   ما قد ذکرت عند عقل خالص
و الشبح الحاصل للاجسام   قسم قسمين لدي انقسام
متصل و هو الذي بها اتصل   منفصل و هو الذي عنه فصل
و مبدأ الاشباح شبح متصل   و سائر الاشباح عنه تنفصل
و هي التي تظهرها المرايا   من جملة الجهات و الزوايا
و معني الاظهار قبولها لها   لما تهيأت بها فانتبها
من غير انها تکون في الهواء   و هذه تظهرها من الخفاء
و ذاک لايقبله للرقة   فلايري فيه و لو بالدقة
فليس في الهواء شبح مطلقا   و في الجدار غلظة محققا
فانه من اختلاف السطح   ذا لايري فيه بغير القدح
لکنها المرآة تقبله لما   تکيفت بلونه مسلما
و القول في الهواء للتأثير   لا من تأثر لدي الخبير
فهذه حائمة حول الشبح   فيها بها و ذاک امر اتضح
و هي التي قد سميت بالعکس   لانها واقعة بالعکس
و ذاک امر في الخواتيم ظهر   لدي المرايا واضحا لمن نظر
فانظر لدي المرآة نحو القاف   تراه بالعکسبلاتنافي
و لو تقع معکوسة في الاخري   منصوبة کذا ق تراها جهرا
و ليس معني الانفصال واقعا   عن ذاک انفصاله مودعا
و هو يمر في هواء البين   بسرعة حتي يقع في العين
لانه کما مضي کيفية   عارضة و تلک مقدارية
و تلک من محلها لاتنتقل   و بمحل آخر لاتتصل
لانها فعلية صورية   و ليست القوة في الفعلية

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 464 *»

فالجوهر الذي تضمن القوي   يمکنه الانتقال مما قد حوي
يکون في امکنة عديدة   بهذه القاعدة السديدة
من جهة القوة و الصلوح   بعکس ما قلت علي الوضوح
فذاک في اي مکان اذ ثوي
و هکذا اذ ينتقل ذاک الي
  تصير بالفعل له احدي القوي
مکان آخر علي ما انتقلا
والنقل في فعلية لايعقل   و تلک من مکانها لاتنقل
اذ نفس الانتقال القبول   نقلا کما اثبته الفحول
و نفسه القوة و القوة لا   توجد في الاعراض عند العقلا
لانها من حيثها العرضية   صورة محض و هي الفعلية
و هي علي التحقيق طرف المادة   و کل الاطراف اليها عائدة
فطرف الشيء لدي البصائر   کيف يصير طرف شيء آخر
فالعکس عن شاخصه لاينفصل   و عنه للغير اذا لاينتقل
فمعني الانفصال التکمل   من بعد تکميل علي ما فصلوا
اذ ذلک الجسم الذي تصورا   صور بالتکميل جسما آخرا
مستخرجة مکمونة من قوة   بفضل ما کانت له من صورة
فذاک خارجا اذا ما حصلا   مطابقا لذي الذي قد کملا
منطبقا عليه منه حاصلا   تحسبه کأن منه انفصلا
و بعد ما عرفت من ان الشبح   لايعقل المرور فيه و اتضح
عرفت انه لدي انطباع   منطبع بغير الانتزاع
فليس يحتاج الي المرور في   امکنة و لا الي وقت يفي
فينطبع فيها لدي المقابلة   بمحضها من غير فصل الفاصلة
يصل الي المرآة بالتساوي   عکس القريب و البعيد الثاوي
و ان يکن بون بدا بينهما   مقدار بعد بين ارض و سما
و هکذا ان قوبلت مرايا   يظهر في الکل لدي الزوايا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 465 *»

من غير الاختلاف في الحصول   في القرب و البعد لدي الوصول
و منه الانفصال في التعبير   عن انفصال النور و المنير
لان ذي المنبثة التي انجلت   ليست سوي اشباح عنه انفصلت
و لاتصال بعض هذي بالاخر   تدرک نورا واحدا عند النظر
تکون في اتصالها شديدة   و ان تکن حقيقة عديدة
کذا الذي انبث من السراج   فانه العکوس للوهاج
و تلک مخروطية متصلة   لکنها حقيقة منفصلة
کالصبرة المرئية التي تري   واحدة اذا اليها نظرا
من بعدها واحدة کبيرة   و ان تکن حباتها کثيرة
فليس ذا المنبث في الخلال   الا عکوسا ذات الاتصال
لکنما المرآة اذ ما وضعت   لدي المنير متوحدا حکت
لفقد الاختلاف في السطوح   فکل جزء منه في الصلوح
يحکي مقابلا لها تمامه   بشکل خط مستقيم القامة
فبعضها يقابل المنيرا   و بعضها الجدار و السريرا
تحکيهما المرآة بالمطابقة   بعکس جدران فلا موافقة
لماتري من عدم المساواة   في سطحها کذاک للتضريسات
و الضرس مع صغر علي الوضوح   مقابل لجملة‌ السطوح
يقابل الجدران و المنيرا   و ان يکن في حده صغيرا
و ذا الذي يقابل المنيرا   يحکي من المنير الصغيرا
و لم‌يکن يحکيه للتفتت   تمامه لکن علي التشتت
فما تبدي عکس شيء منهما   في کل ضرس اجل ما قد علما
فانت من هذي العکوس اذ بدت   تشاهد الانوار قد توحدت
لکنما المرآة مما اتصلت   اجزاؤها و تلک قد تصقلت
فکان يحکي الجزء منها اذ بدا   مقابل لذاک شيئا واحدا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 466 *»

و ليس يحکي غيره منطبعا   بذلک الوضع الذي قد وضعا
لناظر في موقف قد وقفا   و يحصل الخلف اذا تخلفا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و تلک غير ما ذکرت سابقا   فلايرد نقض علي ما حققا
لانها جميعها معروفة   بکمها و کيفها موصوفة
تکون تحتاج لدي الظهور   من الخفاء لضياء النور
وتلک نفس النور و الضياء   فارتفع النقض بلامراء
والضوء غير اللون بالبداهة   فاعرفهما و احذر عن السفاهة
فهذه جميعها ضوئية   و ما ذکرت اولا لونية
لايظهر القسمان في الهواء   اصلا وان في وسعة الفضاء
يظهر في کثيفة الاجسام   ضوئيه العکوس کالرخام
بعکس ما کانت من اللونية   فتلک لاتظهر کالضوئية
و ما تراه مستضيئا في الهواء   اهبية منبثة بين الفضاء
و لايري من اجل ما قد حققا   من فوق ذا الهبا ضياء مطلقا
و زرقة مرئية من السما   من ظلمة و من ضياء ضمما
لافرق في الوقوع دفعة بلا   تمهل من غير سبق حصلا
ما بينها و بين هاتي في الاثر   قريبة بعيدة حال النظر
تحتاج من ضعف تکمل المحل   لشاخص او لمنير استقل
فهذه علي المحل وجدت   اذ قابلتهما و الا فقدت
کحاجة المفتاح في التحرک   الي محرک بلاتفکک
لکنما القوي في التکمل   يحتمل الاثار بالتأمل
کحرکة الاحجار في الهواء   من بعد رفع اليد في البقاء
و کالسراج الثان من بعد الاول   مشتعلا تراه بعد ما انفصل

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 467 *»

و هکذا مثل الذي تعلما   من بعد ما علمه من علما
فمثلها من قوة التکمل   تبرز الاثار بلا تعلل
مما لها من الکمال الکامن   الي ظواهرها من البواطن
لکنما الاشباح ما تأثرت   الا ظواهرها التي قد ظهرت
فتلک لاتمسک عارضاً ظهر   و شاخص اعرض عنه و نفر

٭     ٭     ٭     ٭

ان الجليدية مما علما   جسم صقيل کالمرايا فاعلما
فهي اذا قوبلت الشواخصا   يحصل فيها عکس ما تشخصا
فيها اذا صار الشبح منطبعا   الي البخاري الروح منها انطبعا
و هو الذي مستودع في العصبة   جوفاء ثم الحس منها ينتبه
فينطبع في الحس اذ به اشتعل   روح الحيوة فالشبح فيه حصل
اسفله مرتبط بالجسم   له خواص الجسم من ذا الرسم
فذاک حساس و حي مدرک   فبعد الانطباع فيه يدرک
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و کل نقطة من الذي استوي   سطوحه مما يکون قد حوي
کانت تحاذي نقطة من التي   تضمن الشاخص فافهم و اثبت
فينطبع جزء و نقطة اذا   من ذاک في جزء و نقطة کذا
ينطبع التمام في التمام   شرط المساواة لدي القيام
و ما من المرآة کان اکبرا   الشبح منه تاما ما ظهرا

٭     ٭     ٭     ٭

و الجسم ان کان مفرطحاً تري   فيه محاذيه عظيماً ظهرا
فکل نقطة اذا يحاذي   منه بجزء واسع محاذي
فهو يحاذي شاخصاً کبيرا   و ان يکن في حده صغيرا
کالشبح في الانسان من نصف الفلک   ان کنت انساناً و ذا عين فلک

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 468 *»

من ذاک ذا التفرطح الذي جعل   في کل عين ربنا عزوجل
فانطبعت من صور کثيرة   فيها و تلک قطعة صغيرة

٭     ٭     ٭     ٭

و في الصغير الکبير ما ظهر   و لايقع فيه بصورة الکبر
لايعقل انطباعه کبيرا   بل ينطبع فيه اذا صغيرا
فالشبح العظيم من شخص الجبل   في نقطة‌ صغيرة لقد حصل
لان تلک نقطة تحاذي   تفرطحاً للجبل المحاذي
فذلک العکس اذا منه انفصل   مستدرجا في درجات السير حل
و صار فيها کلها صغيرا   شيئاً فشيئاً اذ حوي المسيرا
ففي الجليدية اذ ما وقعا   في نقطة منها و فيها انطبعا
صار بقدرها اذا من الصغر   و نفسها صغيرة کما ظهر
فيدرک الناظر بالصغيرة   في ساعة واحدة کثيرة
و ما يرد فيه من التناقض   نرفعه محسوساً بلاتعارض
من ان ما يدرکه الانسان   مع شاخص حقيقة سيان
و هو يکون واقعا کبيرا   و ينطبع فيها اذا صغيرا
قضية کاذبة لا صادقة   و لن تري فيها من المطابقة

٭     ٭     ٭     ٭

ما قلته مشاهد محسوس   لذهن کل عاقل مأنوس
کذاک لاتشک في الوجدان   مطابقاً بالحس و العيان
و سر ذا ان الوقوع يختلف   عند المرايا لاختلافها فقف
فالشبح في ذات تفرطح ظهر   من اقتضائها بهيأة الصغر
و في التي کالکأس حيثما وقع   من اقتضائها کبيرا ليقع
فانه فيها يقع کبيرا   و ان يکن شاخصه صغيرا
کماتري خطاً بدا في المنظرة   و هو صغير و کبيراً اظهره

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 469 *»

کذا اذا نظرت في المنظار   من جانبيه عند الاستبصار
من جانب وجدت شبح الشاخص   اعظم من ذاک بعقل خالص
بعکس ما من آخر لقد ظهر   مقرباً مبعداً حال النظر
فالشبح في کل المرايا ظهرا   لکن بالهيآت قد تغيرا
فکلما ينعکس الشبح الي   اخري فهيأة هناک حصلا
کذا اذا له المرايا قوبلت   مقابلات هيآت حصلت
فالشبح في احدي المرايا قد وقع   و بعدها منها الي الغير انطبع
مختلف الهيأة و اللون لما   اختلفت الوانها مسلما
ففي الجليدية ذا اذ وقعا   منها الي الروح البخاري انطبعا
و بعد ما اذا الشبح في الروح سلک   منه يقع في الحس و هو المشترک
و ذاک برزخ علي الاجمال   ما بين هذا الجسم والمثال
و عالم الحس يکون اوسعا   من عالم الاجسام حتماً واقعا
و ان يکن من المثال اضيق   لکنه للانطباع اليق
من الجليدية و هي واضحة   کأس علي عدسة مفرطحة
فالشبح اولاً يقع صغيراً   فيها ففي الحس يقع کبيرا
فيدرک الحس اذا کما هي   و ذاک تقدير من الاله
و ربما عبر عن ذا المعني   بالنفس مستنبطة و تعني
فهي اذا قوبل الاشياء بها   تصير مستنبطة فانتبها
تستنبط الهيأة و المقدارا   منها معينين استظهارا
مدرکة مطابقاً للواقع   لمابدا في العين غير تابع

٭     ٭     ٭     ٭

و تدرک القريب و البعيدا   کما هما اذا هما اريدا
و الشبح من کليهما قد وقعا   في السطح واحداً و فيه انطبعا
و القرب و البعد من المعاني   و ما لها شبح لدي العيان

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 470 *»

لان اسباب القياس في البصر   ايضاً ذوات الشبح في حال النظر
و هي هي الاجسام اعني الفاصلة   مابين مرئي وراء حاصلة
لو لم‌تکن لم‌تدرک البعيدا   و لا القريب حيثما اريدا
نحو جدار في بعيد يقع   و من ورائه جدار ارفع
فاول يمنع من الوصول   اشباح الاجسام من الفصول
فلاتري البعد اذا مشاهدا   لکن تراهما جداراً واحدا
و هذه مرئية اذ ما تقع   ففي الجليدية شبحها انطبع
ينطبع القريب في الاسافل   و في الاعالي البعيد حاصل
تميز النفس علي القياس   بينهما بها لدي الاحساس
مثال ذاک واضحا يشاهد   اذ نظرت انت نحو الابجد
و الفها تفرض کالمرآت   و الباقيات بعد مرئيات
هذا و منه الفرق ايضاً ينجلي   بين الصحيحين و بين الاحول
يدرک واحداً صحيح العين   لکنه يشاهد الشبحين

٭     ٭     ٭     ٭

ان الصحيح العين لما طابقت   عيناه في الوضع الطبيعي وافقت
احداهما تحرکا للاخري   و تابعت لتلک الاخري قهرا
بحيث اذ تحرکت احداهما   لجانب کذاک الاخري دائما
من فوق او يمين او يسار   تحرکت ايضاً بذا المقدار
في حالة الرؤية و العيان   بلا زيادة و لا نقصان
و سر ذاک ان العصبتين   آتيتان جانب العينين
من الدماغ و اذا ما التقتا   في الملتقي حينئذ شعبتا
تطلب کل بعد ذاک عينا   واحدة يسري و اخري يمني

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 471 *»

يمناهما تحرکت فاليسري   للاتصال شايعتها قهرا
و الملتقي کقطعة من الخشب   اذ کان اثنان لها من الشعب
فالشبحان الواقعان فيهما   کانا مطابقين مما علما
في اللون و الهيأة و المکان   من غير تمييز لدي العيان
لانه من اجل الاختلاف   فذاک منتف من الاکتاف
و لايقال شاخص اليسار   اقرب لليسري لدي الابصار
والشاخص الواقع في اليمين   اقرب لليمني علي اليقين
فاختلفا اذاً و لو مکانا   و انت قد انکرته عيانا
اذ المراد بالمکان الواحد   ما کان للشاخص في الموارد
و الشبح المنفصل الذي انفصل   منه الي کلتيهما لقد وصل
اما القريب و البعيد نسبة   فنحن لاننکره حقيقة
فحيث اغمضت من العينين   احداهما تجد بغير مين
و حال الانفتاح لاتقدر علي   تمييز ذين واقعياً کاملا
لکنما الخطان خارجين   شبه العمودين من العينين
کانا عمودين علي الشاخص في   حال الخروج منهما في الموقف
لايحصل القدرة للنفس علي   تمييز فرق الشبحين فاصلا
و شاخص اقرب من احداهما   في حده ابعد من اخراهما
و نحن لانريد بالخطين   ما زعموا من الشعاعيين
بل المراد هيهنا المواجهة   تامة من کل عين و جهة
فسر ادراکک ذين واحدا   هذا کما عرفته مشاهدا
لا ما زعمه بعض ما قد سبقا   من اتحاد ذين عند الملتقي
لان العصبتين اذ ما اتتا   اليهما في الملتقي التقتا
فتفضلان حالة الاتيان   منه الي العينين بالبرهان

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 472 *»

صورته مرسومة في الحاشية   فانظر اليها فتراها حاکية
و قد عرفت شرط الاستقامة   من قبل في المرآة و العلامة
و تان تأتيان للعينين   علي انحراف واقع في البين
فکيف يعقل المرور للشبح   منحرفاً للملتقي کما وضح
و عند ميل مقلة للمؤخر   و مقلة للموق نحو المبصر
تصير شکل العصبتين معهما   اذا کما في هامش قد رقما
فکيف يجري الشبح نحو الفوق   من مقلة‌ مائلة للموق
لو کان ذاک الملتقي محققاً   مجمع نورين علي ما سبقا
لما رأيت شاخصاً من مقلة   من قطبها لموقها مائلة
في حال انغماض الاخري المائلة   من قطبها من عدم المقابلة
و لايقال ان شبحا انطبع   في العين من بعد انطباعه يقع
لنحو الالتواء مستقيما   و منه نحو الملتقي مقيما
کما اذا فرضت في الزوايا   له ثلاثة من المرايا
في العين ثم في مکان الالتوا   مرآة اخري في مکان الالتقا
بصورة التثليث فالشبح يقع   فيها و ذاک الشبح في الکل انطبع
فينطبع مرتباً محققا   حتي يقع ذلک نحو الملتقي
من اجل ما عرفت من ان الشبح   کان من الشاخص حيثما برح
فيها يقع لکنه بالعکس   و منه قد سميته بالعکس
فلازم حينئذ ان يقعا   في الملتقي بعکس ما قد وقعا
موضع الالتواء في حال النظر   و انما المثال في القاف ظهر

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 473 *»

رأيتها مقلوبة في الملتقي   منصوبة عند مکان الالتوا
لانه منتصباً فيها انطبع   في الملتوي کذاک منصوباً يقع
هذا بما يبدو من الفساد   فيما اذا قلت بالاتحاد
و ذاک من ادراکک الشبحين   للشاخصين المتساويين
من جهة الصفات شبحاً واحدا   في حال الادراک اذا ما اتحدا
بل تدرک الاشباح من ذاک اذا   تلک تساوت في الصفات هکذا
فبعد ما فصلته فقد ظهر   خطاء الاتحاد عند ذي بصر

٭     ٭     ٭     ٭

و الاحول العين يري مشاهدا   ايضاً من الشاخص شبحاً واحدا
بشرط ان تميل عيناه معا   بجانب فتدرکان واقعا
و انه له يري شبحين   لکن لدي تخالف العينين
عين علي الوضع الطبيعي اذا   ما بقيت بعکس الاخري للاذي
کان تميل هذه الي الجهة   بعکس هذه لدي المواجهة
لاي نحو کان في الابصار   من فوق او يمين او يسار
يري علي الشاخص ذاک دائماً   شبحاً صريحاً و کذاک مبهما
و سره اذا وضعت اصبعا   في تحت مقلة فهمت واقعا
لان في العينين اذ ما حصلا   خلف في الاوضاع علي ما نقلا
اذ قوبلت احداهما لجانب   بايما کان من الجوانب
ما کانت الاخري لتلک تابعة   و ما تحرکت علي المطاوعة
کما اذا فرضت تين في الالف   اعلا و اسفلا فحکم يختلف
قوبلت السفلي اذاً بالباء   بمستقيم الخط في الترائي
و المستقيم الخارج الذي انفصل   من جانب العليا عن الباء عدل
و کان واصلا لنقطة تلت   خارج تلک الباء و هي انفصلت
و الصورة التي تکون حاکية عن شکلها مرسومة في الحاشية

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 474 *»

فالشبح الصريح في السفلي وقع   لکنما المبهم في العليا يقع
و لايقال ان العليا ان تکن   تواجه الباء فشبح لم‌يخن
فهو علي صراحة فيها وقع   من غير ابهام و الا لم‌يقع
فيها صراحة و لا ابهاما   فکيف ما اعلمته اعلاما
لان ذي القوة کانت التي   قطب الجليدية استقرت
في غاية القوة في الابصار   لما يحاذي الروح البخاري
في العصبة الجوفاء و هي تضعف   شيئاً فشيئاً حيث کانت تعطف
و منه اذ نظرت للشيء تري   لخاص من شبحين ظهرا
رأيت نفسه صريحاً قائماً   و الطرف الخارج منه مبهما
کما اذا نظرت نحو الکلمة   في اول السطر تراها قائمة
صريحة و انت تقرأها و ما   تري سواها بعد الا مبهما
و انت لست قارئاً في الحال   للغير الا بعد الانتقال
لانها تواجه القطب و ما   يواجه القطب سواها فاعلما
فالکلمات اللاحقات الکلمة   تواجه الاطراف و هي مبهمة
و قد رسمت الباء في ما قد ذکر   فانظر اليها و تدبر و اعتبر
کانت تحاذي تلک قطب السفلي   بلا المحاذاة لقطب العليا
تحاذي الاطراف مع العليا فما   رأيتها من ذاک الا مبهما
و عکس نفسها يقع في السفلي   من المحاذاة صريحاً اصلا
و انما مؤفة العينين ما   رأت من الشاخص الا مبهما
من المواد الغليظة التي   اصابت العين و فيها انصبت
فتلک اذ اصابت المؤفة   صار اذاً قوتها ضعيفة
و السر في ادراک فصل وقعا   اما ذراعين و اما اذرعا
ما بين شبحين فللقياس   للنفس في الادراک و الاحساس
و ان اردت سره محققا   فراجعن ما ذکرت سابقا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 475 *»

فان هذي نبذة في الباصرة   محکمة متقنة مبتکرة
بعيدة عن الاساطير الاول   خالية عن الخطاء و الزلل
عليک بعد فهمها بالتصديق   و انما الله ولي التوفيق

المشعر الثالث: في القوة الشامة

و ما تشم في القوي هي التي   في جوف عصبتين قد اودعت
و تان العصبتان تأتيان   من الدماغ و تدليان
في جوف منخرين في اعلاهما   علي تخلخل فبادر و افهما
ان شئت ان تري برأي العين   شکهلما فحلمتا الثديين
فانت مدرک بها الروايحا   اذا تکيفت بهذي واضحا
تدرکها بها بصيراً عارفا   بواسط الهواء اذ تکيفا
يصير ذو رائحة مکملا   لما يليه حيثما تکملا
بفضل ما له من الفعلية   و هذه فعلية ريحية
و ذلک الهواء اذ تکملا   صار لتاليه اذاً مکملا
فينتهي الامر علي البيان   للحلمتين فتکيفان
فمنهما تکيف البخاري   من بعد و هو فيهما لساري
فالحس منه هکذا تکيفا   و کان حياً مدرکاً معرفا
و هذه عند ذوي البصائر   تکون مثل سائر المشاعر
کيفية الادراک في کل علي   حد سواء فتدبر کاملا
تکيفت جميعها کما ظهر   من غير الاختلاف فارجع البصر
فهل تري في الخلق من فطور   و من تفاوت لدي الظهور
و ربما ينفصل الاجزاء من   ذوي روايح صغار او نتن
و هي بنفسها تکون تنتقل   للحلمتين و اليهما تصل
نحو البخار فتکيفان   بها کما اثبت بالبرهان

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 476 *»

و هکذا مرتباً حتي يصل   ايضا الي الحس علي ما قد نقل

المشعر الرابع: في القوة الذائقة

ما سميت من القوي بالذائقة   ما تدرک الطعوم و هي صادقة
تثبت في الاعصاب في اللسان   مفروشة کالسمع في الاذان
و هذه من الدماغ ناشية   لنحوها عن الطعوم حاکية
ليس لها طعم علي الفعلية   في نفس هذه من الذوقية
ذو الطعم اذ خولط باللعاب   ينفذ في اللسان و الاعصاب
و الطعم بالقوة فيها حاصل   منها الي الفعل اذا ينتقل
بهيأه التکميل و التکمل   لماحوي الطعم من التشاکل
و بعد الاستخراج و الاظهار   تکمل الروح البخاري الساري
فصار للحس اذاً مکملا   فيدرک الطعم لما تکملا

المشعر الخامس: في القوة اللامسة

اللمس ما اودع في الاعصاب   مقتفياً للذوق في ذا الباب
و تلک اعصاب تکون ناشية   من الدماغ و تکون سارية
في کل الاعضاء و في کل البدن   تدرک کيفية ما به اقترن
حرارة کانت ام البرودة   يبوسة کانت ام الرطوبة
و تدرک الالام و هي واردة   علي الطباع و لها معاندة
و هکذا في سائر الکيفيات   و انت مدرک بها في الحالات
هذا و ذو کيفية اذا اقترن   بالجلد و هو قد احاط بالبدن
يکمل الجلد بذي الفعلية   فصار بالفعل له الکيفية
و الحکم في الاعصاب و البخاري   و الحس في انفعالها لجاري
و هذه في ظاهر من البدن   اقوي من الباطن فيه قوة

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 477 *»

لان الاحتياج في ما ظهرا   الي تحرز يکون اکثرا
لکنها تضعف في البواطن   و القلب عند ضعفها لساکن
کيلا تحس بمرور المارة   من الفضول الحادات الحارة
و هکذا ما بالاسافل اقترن   لاجل ان لايتعلم البدن
لانها محل واردات   مناسبات او منافرات
لکن ما قد کان في الايدي سکن   اقوي من الساکن في کل البدن
اذ خلقت تان للاستعمال   في اغلب الاعمال في الاحوال
و في الاصابع ثم في الانامل   لانها الالات في المشاغل
و تلک في سبابة الاصابع   اقوي للاحتياج في المواضع
و انما القوة فيها مخبرا   الاعتدال عند من تذکرا
و الضعف فيها فقد الاعتدال   من غير الازدياد و الاقلال
لانها تري برأي العين   اشد احساساً لدي الجنبين
و انما المطلوب في الاحوال   ما کان شيء غير الاعتدال
و ذاک مطلوب لان المعتدل   في اللمس من خاصة لاينفعل
لاتغلبن احدي من الکيفيات   عليه بل کل علي المساوات
لکنما الغالب فيه اثرا   کيفية بالغير ما تأثرا
الا لبعد مدة مديدة   و هذه قاعدة سديدة
و ذلک القدر من البيان   يکفيک في المشاعر الحيواني

فصل: في المشاعر الباطنية المثالية

و الباطنيات من المشاعر   تکون خمساً عند اهل الظاهر
الحس و الخيال و المصرفة   و الوهم والحفظ من الموصفة
و الحس من هذي اولا حصل   في باطن الدماغ و البطن الاول
في اول البطن من المظاهر   ثم الخيال ساکن في الاخر
و تالياهما کذاک ظهرا   في الثان منه اولاً و آخرا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 478 *»

في اول الثالث بيت الاخر   آخره خال من المشاعر
لان هذاک للالام محل   فقوة هناک منها تنفعل
من عدم الاحساس بالالام   اجل وقوع العين في الامام
و لو تأملت بالاستقلال   في ذي التي کانت من المثال
فسبعة لان کل مشعر   من فلک يکون عند المخبر
و تسعة لعدة الافلاک   في کل عالم لدي الادراک
ظهور کل في المواليد ظهر   فالکل ثابت لکل في النظر
و الحفظ عندهم من المثال   و عندنا ليس بالاستدلال
من الدماغية بالبيان   بل کان دهريا من الانسان
فهذه عند البصير ستة   صريحة او سبعة او تسعة

المشعر الاول: في الحس المشترک

المشعر الاول حس مشترک   مشترک لان فيه يشترک
مشترک للخمس في الاحوال   او بين هذا الجسم و المثال
مرادنا منه الحيوة الجارية   و هي عن الافلاک …..
تکون حيوانية و هي التي   توصف عند الحد بالدراکة
مظهرها من تلک الافلاک القمر   کغيرها في الغير حيثما ظهر
تقوم فوق عالم الاجسام   و تحت ذا المثال في المقام
فالحس ذاک مدرک في الحالات   جميع ما تحسه بالالات
من شأنه الاحساس محضاً مطلقا   بحسب الالات علي ما اتفقا
منصبغاً بصبغها مکيفا   بکيفها کما عرفت آنفا
قبل اکتسابه بالانصباغ   ليس له صبغ من الاصباغ
و ليس فيه واقعاً محققا   من تلک الادراکات شيء مطلقا
يحس بالالات للمحسوسات   من مبصراتها او الملموسات

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 479 *»

او غيرها و ذاک مما حصلا   بين مکمل و ما تکملا
هذا و لو يرفع ذاک مطلقا   ففعله به لما تعلقا
و ما بدت غيبية الحيوة   فتلک الاجسام شهاديات
الا لدي التعديل اذ ترققت   فهي بها تشابهاً تعلقت
فما تعلق الحيوة بالبدن   حتي به الروح البخاري يقترن
و بعد ما تولد البخاري   في القلب فهو اول القرار
لان ذاک الروح في ذا الحال   يشابه الحيوة في الخصال
و فيه ليس حرکة في البادية   الا انبساطية انقباضية
و ضعفها يکون من رطوبته   في القلب حيثما بدا و غلظته
في اللطف و الصفاء اذ ترققا   و صاعداً الي الدماغ ارتقي
و منه في المخ و الاعصاب سري   فيه اذاً فعل الحيوة ظهرا
ففعلها يظهر في الاعضاء   في درجاتها بالاقتضاء
اذا بدا باللمس في کل البدن   في العين هکذا بالابصار اقترن
و هکذا في الانف و اللسان   بالشم و الذوق و في الاذان
علي تکيف و الاکتساب   في کل الاعضاء و في الاعصاب
فالروح من کل اذا تکيفا   کماعرفت ذاک فيها آنفا
و انها بنفسها من حيث هي   ليس لها فعل لدي التنبه
ليس لها من قبل ان تعلقا   بما ذکرت قبل فعل مطلقا
ففي هويتها بدا مثالها   فاظهرت عنها اذا افعالها
من اجل ذاک تنسب الاضاءة   للزيت لا للنار في الاراءة
اذ کانت المشکوة تستضيء   يکاد زيتها اذا يضيء
و تنسب الافعال للاعضاء   لانها الالات للاجراء
مظهر فعل الحس في الاثار   کالزيت و هو مظهر للنار
لو لم‌تکن للحس تلک الالات   مظهرة لم‌تدرک المحسوسات

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 480 *»

و في السموات کما اشاروا   مع انها دخان او بخار
و ذلک الحس بها تعلقا   اجل تناسب لها قد حققا
قد فقد الادراک للمحسوسات   و ذليس ذا الا لفقد الالات
مع التي فيها من الحيوة   و انها الحس لدي الاثبات
فالحس في عالمه مشترکا   لما حوي الالات کان مدرکا
و ليس ذا الادراک بالبرهان   محققا في عالم الجسماني
و عالم الحس من المقام   يکون فوق عالم الاجسام
بدرجة و منه الفي ظاهرة   جوالة الشعلة ذاک دائرة
و العين اذ کانت من الجسماني   مدامة محصورة في الان
لايعقل المرور فيها للشبح   لذاک من ماض و آت فاتضح
و شاخص الحال بلانزاع   فيها بدا شبحا للانطباع
ادراکها له کما قد اتضح   يکون نفس انطباع ذا الشبح
 ليس فيها شبح الاستقبال   کذا من الماض بالاستقلال
و هکذا في سائر الحواس قس   حال جميعها عليها و اقتبس
اذ کلها محصورة في الحال   مدامة من غير الانتقال
و الحس خارج عن الاوقات   من واقعات او من آتيات
و کان عنها خارجا في الجملة   و بائنا عنها بغير عزلة
من الاداني اذا تکيفا   و صورة منها اذا ما اکتنفا
يمکنه ادراکها في الحال   کذاک في الماض و الاستقبال
لکنه لما بدا متصلا   بالجسم و المثال اعلي اسفلا
يمکنه امساکها ما اتصلت   بذي الزمانيات حتي انفصلت
لابد في ادراکها اذا لها   من اتصالها لما قلت بها
فشعلة اذا بالاستقلال   لو لم‌تقع جوالة في الحال
لم‌يکن الادراک للحس اذا   لما مضي منها اذا ما نبذا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 481 *»

و انها دائرة قد رکبت   من النقاط و بعد ما ترتبت
جميعها واقعة في الماضية   من غير تلک النقطة المحاذية
فالحس محتاج الي الزمان   عکس المثاليات بالبرهان
فهي بالاکتساب اذ تصورت   و صورة الشيء لديها حضرت
تدرکها حينئذ مجردة   من غير اتصالها منفردة
تدرکها لما تکيفت و قد   علت عن المواد التي تعد
من الزمانيات و هي کسبت   اول مرة و هذي اکتسبت
فعينک التي من الجسماني   تحتاج في الادراک للزمان
و الحس صاعداً من الزمان لا   يکون محتاجاً اليه مجملا
اما الخيال خالصاً منه بدا   فليس يحتاج اليه ابدا
من بعد الاکتساب و التکيف   يحتمل الصور بلاتکلف
فالشبح من شاخصه اذا انفصل   و بعد الانطباع للعين وصل
لم‌ينفصل من نفس ذاک الشاخص   شيء و من جزئيه لم‌ينتقص
يکون يبقي في محله علي   ما کان قبل الشبح ان ينفصلا
لانها بنفسها تکيفت   منه و من اوصافه تعرفت
من غير ان يکون شيء صاعدا   من نفس شاخص اليها ابدا
کذاک في الحس اذا منها وقع   واسطة الروح البخاري و انطبع
فالعين في رتبته تبقي اذا   مادة و صورة و هکذا
تبقي کما ذکرت بالبرهان   لوازم الرتبة في الزمان
و هکذا في حال الانتقال   منه الي الخيال و المثال
لايصعد الشيء من الزمان   الي المثالية بالبيان
من جزئي الشاخص لا من التي   في العين والحس بدت من صورة
فالشيء لايصعد عن مبوئه   تجاوزاً عما وراء مبدئه
فحيثما اجتمع المحسوسات   صورتها في الحس بالحسيات

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 482 *»

فهو باعلاه المثالي علي   ما قد ذکرته بدا مکملا
للصورة‌ العالية الکامنة   في قوة الخيال فافهم و اثبت
فمنه ايضاً هذه تکملت   کملها و تلک منه انفعلت

٭     ٭     ٭     ٭

و عالم المثال بالبرهان   يکون فوق عالم الزمان
باسرها و کان دهرياً اذا   نسبته الي الزمان مأخذا
فللمواليد له محققا   ادراک ما مضي و ما قد سبقا
تخبر عما وقعت في الماضية   من البلايا الحادثات الجارية
من موت او طاعون او وباء   من بسط او من قحط او غلاء
کذاک يدرکون ما بعد يقع   فيما سيأتي مثل ما قبل وقع
کما به تخبر بالرؤيا التي   رأيتها و هي من الصادقة
کما به اخبر الانبياء   بما يقع بعد و الاولياء
و ليس کل علمهم منحصرا   بعلم اخبار کما قد اشعرا
بل من علومهم من العيان   مشاهدين الي الاوان
اما الزمانيات بالاجمال   فکلها محصورة في الحال
ليس لها دهرية من اجل ذا   لاينطبع في العين شبه ما مضي
کذاک سائر الحواس الظاهرة   فقس جميعها علي ذي الباصرة
اما التي کانت من المثال   تدرک للماض و الاستقبال
و بينها و بين هاتي نسبة   برازخ بين المثال و الزمن
مشاعر الحس و تلک اذ علت   عن الزمان مجملاً و انفصلت
لتدرک الاشباح مما قد مضي   و مجملاً زمانه قد انقضي
لکنه لما زمانياً جعل   لايدرک الماضي  غير المتصل
فتدرک الشعلة و هي حاضرة   جوالة من اجل ذاک دائرة
لکنه يحتاج في العيان   الي الزمانية و الزمان

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 483 *»

و ذي المثاليات اعني المرة   عن الزمان اذ خرجت بالمرة
ليدرک الذي عليه قد مضي   وقت طويل و زمانه انقضي
بعد انفصاله من الزمان   مادة و صورة في الان
فربما الانسان منه اخبرا   بما رأي عن سنة او اکثرا
و کون شاخص الزمان فسدا   مادة و صورة و ما بدا
فالمشعر الصرف المثالي اذ عدا   من الزمان فله ان يقصدا
ايقاع ما لم‌يأت بعد مدة   و انه لما يعد العدة
يقصد ان يبني حائطا اذا   في سنة کذا و في ارض کذا
و يقصد التزويج بعد حين   بامرأة کذا علي التعيين
و هکذا في سائر الايقاعات   من المعاملات و العبادات
يفعل ما يقصده يسيرا   ان وافق التقدير التدبيرا
فذلک القصد الذي قبل العمل   من عالم المثال صرفاً قد حصل
سمي في اصطلاحنا بالنية   و العقل و الشعور و الروية
و يعجز الحس من الزماني   عن قصد ما يأتي من الزمان
لانها لما تکن محصورة   في وقتها کانت اذا مقصورة
فهذه الاشباح فيها انطبعت   في وقت الانطباع اذ ما وقعت
کذلک الحس الذي کان يري   ذا القطر النازل خطاً ظاهرا
فانها کذاک لاتقدر علي   ان تقصد الذي يجئ مستقبلا
لانها في وقتها مندرجة   و ان علت عن الزمان درجة
بقدر ان تدرک خطاً القطر   و تدرک الشعلة دائر الاثر
و شعلة لو لم‌تکن محققا   دائرة لما احست مطلقا
فکيف يقصد الذي ما برزا   و بعد مدة يکون بارزا
فقصده مقارن بالحال   و ليس قاصدا للاستقبال
ليس لها استشعار او روية   لما سيأتي او مضي دنية

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 484 *»

اذ رب کون الشاخص الزماني   افسد بالدهور و الاحيان
کالعين اذ لاتدرکن ابدا   الشبح مما کونه قد فسدا

٭     ٭     ٭     ٭

و الحس لايحس بالادراک   ما لم‌يقع من اجل الانهماک
لايدرکنها للانغمار   بين الزمانيات بالاصرار
فليس مدرکاً لشيء لم‌يقع   في اعين الزمان عکس ما وقع
فيدرک المواضي المتصلة   به اذا ما لم‌تکن منفصلة
و ان يکن في نفسه اوسع من   هذا الزمان کالمثال فافتطن
فانه ايضاً يکون اوسعا   من الزمان درجات واقعا
و يدرک الاشباح و هي واقعة   و ربما لم‌تدرک المنطبعة
و کان مدرکاً لدي الاعراض   عن الزمانيات والاعراض
اعراضه بالنوم و الرياضات   علي اختلاف صاحبي المقامات

٭     ٭     ٭     ٭

و يدرک الحس اذا ما اعرضا   آتية الاشباح قدر ما مضي
لکن بالزمان لما اتصلا   بشدة فلم‌يمز ما حصلا
بانه من الزمانيات او   من ذلک الحس علي ما قد رووا
کعدم التمييز في ذي الدائرة   حين من الشعلة کانت ظاهرة
بانها تکون من ايهما   لکن عن تأمل لتفهما
فانت بين النوم و اليقظة قد   تري من الاشباح شبحا ما انوجد
تدرک ما تکون بعد آتية   بقدر الاعراض کمثل الماضية
بشرط اتصالها بالحاصلة   تقديرها تدرک ذي المتصلة

٭     ٭     ٭     ٭

فالقصد و النية و الروية   و الذکر و الحفظ من العلوية

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 485 *»

اي کلها للمشعر المثالي   اذ ليس محصوراً بالاستدلال
من الزمانيات ذاک اذ علا   ليدرکن ما مضي و انفصلا
يدرک ما مضت و ما قد وقعت   من صور بدت و فيه انطبعت
مسميا بالحفظ و الذکر لما   يحفظها کذا بامثالهما
و الذکر صوري خيالي اذا   او معنوي وهمي و غير ذا
و هکذا يمکنه تصوير ما   لم‌يره تصوير ما تقدما
مسمياً بالقصد والروية   کذا بما ضاهاهما کالنية
فهذه لما مضي و يأتي   من المشاعر المثاليات
و هذه خصالها لما علت   عن الزماني و عنه انعدلت
لم‌تک من خصال هذي الظاهرة   و لا من الحس کما سنذکره

٭     ٭     ٭     ٭

مشاعر الحيوة للحيوان   مع الزمانية و الزمان
اکتسبت منها جميعها لما   اتصلت بها علي ما علما
فنکتسب منها لدي التوافق   بلا روية و قصد سابق
تري و تسمع و تشم مطلقا   من غير قصد سابق محققا
بالانف و الاذنين و العينين   فالکل مضطر بغير تين
تضطر في ادراک مدرکات   تدرکها مع صحة الالات
بحيث اذ ما قصد المثال ان   يمنع عن ادراکها لايقدرن
الا بسد المنفذ الذي انفتح   اي ذلک الذي للادراک صلح
اذ تلک في الادراک مثل النار   في وصف الاحراق بالاضطرار
اذا اردت انت ان لاتسخنا   فلتبعد النار لکي لاتسخنا
لابد في القرب علي التيقن   حکماً من التسخين و التسخن
فلن تري شيئاً من التبرد   في القرب ان تقصد و ان لم‌تقصد
کذلک العين في الانفتاح   تظهر فيها صورة الاشباح

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 486 *»

فالشبح فيها اضطراراً ظهرا   و ان قصدت عامداً ان لاتري
و هکذا في سائر الحواس   کذاک في الحس لدي الاحساس

٭     ٭     ٭     ٭

فهذه الحيوة في احوالها   من غير قصد اصدرت افعالها
في السمع و الشم و في الذوق و في   ابصارها و لمسها و تقتفي
في کل ما يصدر من حراک   في الجذب و الدفع و في الامساک
تغضب او تضرب بالنارية   تلين او ترفق بالمائية
و بالهوائية بذلاً تبذل   و بالترابية بخلاً تبخل
تصدرها بالخلط کيفما اقتفي   من غير قصد سابق کما مضي
خلط من الاخلاط حيثما غلب   خواصه تظهر من غير التعب
فالاسد الباسل بالصفراء   يفترس الناس لدي الهيجاء
کذلک الحمار في بلادته   بمقتضي البلغم من برودته
و قس علي ما قلته ما لم‌يقل   و احسن الاقوال ما قل و دل

٭     ٭     ٭     ٭

و انما الانسان بالبيانات   مشارک فيها مع الحيوانات
في عرضية الحيوة الفانية   و مصدر بها . . . . . . . . . . . . . . . . .
فذلک الانسان ايضا مدرک   بها ولکن ما بها ليدرک
يسمع او يبصر او يشم او   يذوق او يلمس او فيما حووا
من صولة او منع او عطاء   من جذب او دفع او انزواء
و هکذا من المعاملات   و غيرها من المعاشرات
و اغلب الاشخاص في افعالهم   کانوا علي ما قلت في احوالهم
في جمع الاموال و في البخل و في   منحائهم ليلاً نهاراً فاعرف
کشيمة الانعام لا بل هم اضل   الا قليلاً منهم بل الاقل
و الناس بعد کلهم بهائم   من آکل و شارب و نائم

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 487 *»

فرب انسان جبان کان لا   يقدر علي الخروج خوفاً وجلا
من بيته في ليلة الظلام   من جبنه لعلة السوداء
و الناس يخرجون في الاعصار   في ليلة کذا بلا انکار
و هو اذا في نفسه تفکرا   بعلم عاديه عليه ظهرا
ان من السوداء جبنه ظهر   و ليس في خارج بيته ضرر
و لايزيل علمه عند القلق   و لو حملته لربا صعق
و ربما تري شجاعاً باسلا   مجاهداً محارباً مقاتلا
جداً يسل السيف في المعارک   مقتحماً بحبوحة المهالک
يعلم بالعادي ان الحرب ضر   تهوراً ليس يبالي بالضرر
و ليس ذا الا من الصفراء   يفعله من اجل الاقتضاء
و رب منهوم حريص ما سکن   في الليل و النهار من عين الفطن
يجمع من حرام او حلال   في فسحة الايام و الليالي
و ذاک ايضاً حين ما تفکرا   فناء دنياه و ما لها يري
بالقوة الفکرية المثالية   اموالها يري يقيناً فانية
يعلم بالعادي ان المرء لا   يعيش فيها بل يموت عاجلا
يترک ما يجمعه للورثة   يصرف في مصرفه من يرثه
صارفة زوجتها للمال   رافعة الرجلين للرجال
مع کل ما ذکرته لايقدرن   امساک نفسه لکيلا يدخرن
لان في حياته المطبعة   بطبع خلط غالب لايدفعه
يضطر في الحرص و في الجمع و قد   يعلم بالعادي موتاً بعد غد
مادام حياً يجمع المال کما   يبصر او يسمع ذاک دائما
و ان يکن يعلم بالنفساني   بانه يموت و هو فاني
و علمه ذلک لايمنعه   عن جمع الاموال و لايدفعه
و هکذا في سائر الاعمال   من علقة الاولاد و العيال

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 488 *»

و کلها من اجل خلط غالب   من دافع او ماسک او جاذب
فالامر الناهي في ابدانهم   ليس سوي الاخلاط في اعيانهم
هواهم يکون تابعاً لها   و کلهم ساعون في آمالها
بحيث لايعصون اذ ما امرت    و يؤثرون کل شيء اثرت
يشقون في الاسباب و الاثاث   کالحيوانات بلا اکتراث
ان هم اذاً من قاعد و قائم   الا کفرقة من البهائم
بل هم اضلون لما اعطوه من   قصد و من روية کما زکن
لولا الذي من علينا ربنا   من فضله اذا هلکنا کلنا
انا ظلمنا ربنا انفسنا   فاغفر لنا و تب علينا نجنا
بحق من ارسلته مبشرا   برحمة و آله خير الوري
فتلک الادراکات مما علما   تکون من هذه الحيوة فاعلما
من غير قصد سابق و نية   بلا تفکر و لا روية
مع ان حيوانية الانسان لا   تکون بالاصل و بالذات اولا
فهذه في غيرهم اولي بان   تصدر ذي الافعال من غير فطن
بلا روية و لا قصد و لا   نية مايفعله مستقبلا

٭     ٭     ٭     ٭

و ما تري منها من الافعال   فکلها من فضل ذي الجلال
کامرة اليعسوب في البيوت   و هکذا من نسج العنکبوت
و هکذا من التي عنها عجز   شعور الانسان فذا منها اعز
و بعضها يثبت للحيوان   مشارکا فيه مع الانسان
و طفلها يعرف ثدي امه   للمص و الضرع اذا ما امه
و طفل الانسان لدي الولادة   لايعرف الثدي من البلادة
في مدة فذاک يوما يوما   يعرف ثدي الام ثم الاما
مع ذاک کلا ليس في الحيوان من   عقل و لا روية کما زکن

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 489 *»

فالله في اصلاحنا تفضل   عليه دل ما روي المفضل
اما تري الي الحمار کيف ذل   للطحن و الحمولة التي يقل
و هو يري الخيول جدا سالمة   تکون في مضمارها منعمة
و هکذا الي البعير صعبة   کيف تطيع للصبي ذلة
و لايطيقها من الرجال   جمع کثير حال الاستقلال
و هکذا للثور في الاثارة   و هو شديد يخرب العمارة
و الفرس الکريم کيف يحتمل   للسيف و السنان و هو لايمل
و هکذا الي القطيع حيثما   يرعاه راع واحد مسلما
و لو تخالفا تفرق الغنم   ليس علي الراعي شيء غير غم
فانها لو کانت العقل لها   لامتنع النوق اذا عن اللهي
و هکذا في سائر السباع لو   کانت ذوات نية کما رأوا
توازرت اذا علي الخليقة   حاجت الناس علي الخليقة
لکنها تخاف من آثارهم   و هيبة تغيب عن ابصارهم
تکون للانسان کالمقموعة   و عنهم من رعبهم ممنوعة
اخافها الله من الانسان   جميعها بالفضل و الاحسان
من بيتها في الکلب جداً جعلا   عطفاً علي مالکه تفضلا
فيحرس الانسان کالحراس   في ظلمة الليل بلانعاس
فانظر الي الحديث کيف يستدل   بالعقل خالصا علي ما قد نقل
بانها مع التي ذکرت لک   ليس لها روية بغير شک
فذاک نقلي لاهل الظاهر   دليل عقل لذوي البصائر
فهذه الصنائع العجيبة   طبعاً بدت و ان تکون غريبة
امثالها عرفت في الانسان   في الرجل الشجاع و الجبان
فهي في الاصدار بلاروية   في امرها اولي علي السجية
من القوي خمس لها کذاک ما   تخصها اثنتان ايضا فاعلما

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 490 *»

و انما الخمسة سمع و بصر   شم و ذوق ثم لمس حيث مر
و الاثنتان الرضاء والغضب   افعالها قد عد ارباب العدد
الظلم و الغشم و جمع المال   و الحب للاولاد والعيال
و تلک لو کانت لها مثالية   تعلق النفس بها الانسانية
تعلقت لا شک بالحيوان   کدأبها الجاري في الانسان
و ان يکن في غاية‌البلادة   کالطفل في ساعته الولادة
و صار دهريا مخلدا اذا   ما عاد کالانسان ان کان کذا
و خلقه من الحديث قد ظهر   ان شئت راجع و تدبر في الخبر
کم من حکيم غافل لقد زعم   ان لها من القوي اذ ما حکم
من حفظ او وهم و من تفکر   و من تصرف و من تدبر
لما يري فيها من العجائب   افعالها الصادرة الغرائب
و هذه اذ ما تکن فيها کما   ظن من الانسان کانت اعلما
اذ ذاک لاينسج کالعناکب   و ليس في الحيلة کالثعالب
فکانت الحيوان في الاحوال   اتقن صنعا منه في الافعال
و ذاک لايقدر علي الاياب   و ان سعي للحفظ في الذهاب
لکنما الحمار منها ابلدا   لايخطئن في الطريق عامدا
فمن يقل بالفضل في الحمار   و الحفظ و العلم علي الاصرار
فهو من الحمار کان ابلدا   و لايصل الي الصواب ابدا
و لايليق ذاک بالتکلم   و لا بتعليم و لا تعلم
فهذه الافعال و الصناعات   تصدر بالطبع من الحيوانات
و ان تکن في غاية الاحکام   و غاية الاتقان و الابرام
اذا تعالي الله في خلقته   لها علي ما قلت من حکمته
اصلاح دنيانا و نظمها کما   من الحديث وافياً قد علما
و ما تري للطفل في الولادة   من عدم الشعور و البلادة
و هکذا ما يشبه الشعور من   اولادها فلاتغرن و افتطن
من التقاط الفرخ للحب اذا   ما کان سر البيض عنه نبذا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 491 *»

و ما من الجدي الرضيع قد برا   من مصه الثدي اذا تولدا
فذاک نفسه الدليل بل ادل   علي شعورها الذي منها حصل
بانه منها طبيعياً ظهر   لا من روية و قصد معتبر
فمثل ذي الافعال منها صدرا   و ما ترقت اولا و آخرا
سبحان من يخلق الافراخ علي   ذاک لاحتياجها تفضلا
لکنما الانسان اذ تولدا   اعطاه ما يحتاج بل و ازيدا
ان لم تر الجميع انت ظاهرا   شيئا فشيئا متدرجا تري
فيه تري من الترقيات   يوما فيوما في الزمان الاتي
يکون يستزيد بالتعلم   و يدرک الکلام بالتکلم
لو لم‌يکن فيه علي الصواب   ما يرتقي به من الاسباب
لم‌يستزد شيئاً من الکمال   و ما حوي التدبير في الافعال
يعرف ثديي امه ترقيا   و الابوين اولا و ثانيا
و يعرف الحروف و هي مفردة   ثم مرکباتها معددة
ثم المعاني التي لها الي   ان يدرک الجهات بعد کاملا
ثم الحروف بعد ما قد کتبت   مفردة و هکذا اذ رکبت
ثم المعاني التي تبادرت   ثم المجازات علي ما ظهرت
و هکذا شيئاً فشيئاً ساعة   من بعد ساعة مضت لا دفعة
و ما ذکرته تجد في نفسکا   و الناس في انفسهم فادرکا
فيرتقون بعد ما تدرجوا   عن الطبيعيات اذ ما عرجوا
ان الطبيعيات في البيان   دفعية بالحس و العيان
فکان في الطفل من الانسان   ما لم‌يکن في سائر الحيوان
و انما الظلي لايعبأ به   اذ کان في الحيوان فافهم و انتبه
و انها بالنص و البرهان   مبدأ ظهورها من الانسان
من بطن الام حين ما تولدا   و فيه ايضا حيث فيه اوجدا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 492 *»

في بطنها من کثرة الرطوبات   لايدرک الشيء من المحسوسات
فانه ليس لذاک الطفل في   مأواه في البطن سوي اللمس الخفي
قد کان لايسمع لايبصر لا   يشم لا يذوق فيه اولا
و انما العلوم لامحالة   استنبطت منها اذا تکن له
و تلک تستنبط منها اولا   فاولا بغيرها لن تحصلا
يصور المبصر ذاک حيثما   رآه بالعين و لولاها لما
فهو الي الدنيا اذا ما ظهرا   و انفتح العين له اذا يري
تصور المبصر بعده اري   في عالم المثال مثل ما رعي
و هکذا في سائر الحواس   لکنه الضعيف في الاحساس
و غاية الضعف يکن له اذا   تصور الشيء و منه اخذا
ناطقة النفس تعلقت به   و ان تکن في الضعف في غايته
اضعف منها لاتري محققا   لکن في الحيوان ليست مطلقا
و ان تجد انت بلا اغماض   اظلال بعض ذاک في الابعاض
کحرکة المفتاح فاعلم انها   ظليه ما خرجت من ذاتها
فاذ رأينا نحن في انفسنا   شيئاً فشيئاً فتزيد معلنا
و لم‌نجد مبدأ الاستزادة   في احد الاسنان في الافادة
کذاک في البطن بلاتعبد   تعلم انها من التولد
و بعد ذا دليلنا قول علي7   و سر ما قلناه منه ينجلي
اذ يشرح الارواح شرحا واضحا   و حيث يشرح النفوس شارحا
و قد وجدنا انه يقول في   ذلک للتعريف و التعرف
اول ما تعلق النفس التي   من بينها توصف بالناطقة
بهذه الابدان اذ تولدت   في عرصة الدنيا و فيها وجدت
و قد علمنا ان ما تعلقت   تلک بابدان سوي ما حققت
من سائر الحيوان مما قد بدت   في عودها بالامتزاج فسدت

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 493 *»

المشعر الثاني: في المتخيلة

ان الخيال قوة مثالية   بنفسها من الزمان عالية
تدرک منها صور المحسوسات   من نحو مسموعات او ملموسات
مظهره الزهرة في الايات   فوق الزمان و الزمانيات
فتلک لانحصارها فيه کما   ذکرت سابقا و مما علما
باسرها لم‌تدرک الا في الحال   و غاب عنها الماض و الاستقبال
کذلک الحس الذي قد اشترک   لبرزخية لها فيها سلک
لم‌يدرک الماضي الا ما اتصل   بالحال غير مدرک لما انفصل
اما المثال الصرف اذ لم‌ينحصر   في ذلک الزمان غير منحصر
فليس يحتاج الي الزمان   في مدرکاته علي البرهان
في صور له تکون حاصلة   يکون مدرکاً و لو بالفاصلة
و ان تکن نفس المثاليات   اکتسبت من الزمانيات
في اول الزمان في عمر البدن   و مر ستون عليه في الزمن
و ذي الزمانيات عوداً فسدت   تواتر الاحداث و هي ما بدت
و سر ذاک انه ما انحصرا   في الوقت و المکان مما اشعرا
فشخصه تحت السماء مطلقا   لايحبسن اجل ما قد سبقا
ما حبس المثال في المکان   و لم‌تحط وقت به زماني
من اجل هذاک يکون عاليا   عن الزمان کله مستعليا
عال عن الجسم و ما في حوزته   مکانه و وقته و نسبته
فليس يحتاج الي الظهور   في موقف منه الي المرور
فيدرک الصورة مما حصلت   من قبل بالسنين و هي انفصلت
من غير ان‌يدرک ما قد حصلا   من قبلها مرتباً مفصلا
يظهر في المکان و الوقت اذا   کانا زمانيين لکن هکذا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 494 *»

لانه تساوت اجزاؤهما   اذ نسبا اليه نسبة هما
مرآته اي زمان وجدا   حاکية له فذا فيها بدا
کذاک في اي زمان وجدت   مرآته جبهته فيها بدت
و في انکسارها يعود عاجلا   منه الي عالمه و اقبلا
فثانياً ان وجدت فيها ظهر   و ان تعددت فذا کذا حصر
و هو بنفسه يکون واحدا   و من تعددها لما تعددا
من انکسارها اذا ما انکسرا   و من تغيرها لما تغيرا
هذا و منه بعد ذاک ينجلي   ظهور خاتم الوصيين علي7
في اربعين صورة من النظر   اذ کان فيها کلها لقد ظهر
فهو بنفسه النفيس قد بدا   فيها جميعها و ما تعددا
في کلها ابن عم الرسول   ابوالحسن و الزوج للبتول
فتلک اذ کانت من المثال   اکتسبتها قبل في الاحوال
و تلک للتصورات الحاصلة   . . . . . . . . . . . خمستها مفصلة
محل الاکتساب حيث اکتسبت   من الحواس الخمس اذ ما اکسبت
بها ابتداء حالة الاکساب   بدونها من بعد الاکتساب

المشعر الثالث: في المتفکرة

الفکر قوة من المثال   و انه عن الخيال عال
مظهرها عطارد الافلاک   بها للانسان من الادراک
مدرکة للنسب الحکمية   ذا ادرکتها و هي تصديقية
بين التي تکون في الخيال   و بين ما في الوهم بالاجمال
و بين ما بينهما تحققا   معني و صورة علي ما حققا
اذ ما توجهت الي المرتسمة   من اللوات في الخيال مرسمة

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 495 *»

رائية صورة زيد اولا   و صورة القيام بعد حاصلا
من وصلها حاکمة بان ما   بينهما الايجاب مما علما
و اذ رأت في عرصة الخيال   صورة شخصين بالاستقلال
و صورة الحب رأت في الواهمة   من اقترانها تکون حاکمة
بان هذي نسبة الايجاب   و العکس في السلب علي الصواب
بان هذي نسبة ايجابية   کذا من اقترانها بالسلبية
کذاک في الشدة و الضعف اذا   رآهما في الوهم تحکم هکذا
و انما الحب من المعاني   کذاک وصفاه علي البرهان
ليس له من صورة الخيال   و لا لوصفيه علي الاجمال
فهذه مدرکة التصديقات   ايجاباً او سلباً علي التحقيقات
علي الخصوصية ما حوت هنا   طبعاً و صورة علي ما بينا
و ما حوت من معنوية الفتن   اي واهمية لدي من . . . . . .
هذا کما ان عطارداً تري   من يغر طبع خاص قد ظهرا
مع السعيد کان سعداً مذ بدا   مقارناً للنحس نحس ابدا
من حيث هو هو ماحوي سعادة   و لا نحوسة علي الارادة
من اعتداله الذي قد خرجا   عن الحدود قد بدا ممتزجا
کذلک الفکر الذي تنشي من   ذاک فطبعاً هکذا عند الفطن
فحين الالتفات للخيال   صورته و حال الانتقال
من ذلک الخيال و الصورية   لعرصة الوهم فمعنوية
فالفکر منهما علي التيقن   اعلي اذا من عدم التعين
و ان رأيت الفکر ادني منهما   من اجل ما توقفت عليهما
لايقدر الفکر علي الحکم اذا   لم‌يسبقا و منهما ما اخذا
فالفکر قبل ليس يدرک النسب   بعدهما يدرکها بلاتعب
کما تري ان عطارداً علا   عن فلک الزهرة قدراً منزلا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 496 *»

کذا من المريخ باطناً لما   لم‌يتعين صورة و ابهما
دونهما يکون وضعاً نسبة   و منهما اعلي يکون رتبة
فآية الشمس اذا يکون ذا   وضعاً و رتبة لما کان کذا
وضعاً تکون في السماء الرابعة   و رتبة تکون فوق السابعة
تکون اعلي اجل الاکتساب   منها و نورها بلا ارتياب
و الفکر ايضاً آية للمادة   في خلق الانسان بلامضادة
بکل صورة لما تصورا   و کان في اي لباس ظهرا

المشعر الرابع: في المتوهمة

الوهم مدرک لدي الاشعار   ما جردت عن صور المقدار
ذاتاً و هذه بها مقترنة   فعلا فذاک قوة معينة
مظهرها المريخ في الظهور   اذ لن تري في الخلق من فطور
مظهرها في العالم الکبير   مربياً في العالم الصغير
ما ادرکت بها من المعاني   ان شئت بالدليل و البرهان
ما اقترنت بالصور المرتسمة   مما ذکرت في الخيال فاعلمه
صورية التصورات و هي ما   خصت بصورة علي ما علما
و ان تکن من معنوية الصور   لها مثالية اذ ما تختبر
فانت اذ رأيت لحس الشاة   و شمها للجدي في الفلاة
مخصوصة صورة هاتين يقع   في عرصة الخيال فيها تنطبع
فتشرف الوهم اذاً عليهما   مستخرجاً صورة حب منهما
ليس لها طول و لا عرض و لا   عمق و لا طعم و لون فاعقلا
و صورة الذئبة و الشاة اذا   تابعت الذئبة اياها کذا
اذ قسمت هناک في الخيال   فتدرک العدوان و التفالي
و هکذا ليس له من الصور   اي من خياليتها کما ظهر

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 497 *»

بل معنوية و يمتاز بها   ذاک عن الحب علي ما نبها
فالوهم مدرک لدي الاحوال   ما اقترنت بالصور الخيال
فهذه غير الخيال في القوي   يسهل تمييزهما لمن دعا
اذ الخيال کان مدرک الصور   فذاک مدرک المعان . . . . . .
تغفل عن معني المحبة التي   بينهما واقعة للغفلة
لو کانتا واحدة انت لما   غفلت عن احداهما مسلما
فاذ تري الصورة غير المعني   مدرک هذين کذا اذ يعني
فالصور اذ ما في الخيال ارتسمت   تکون کالالفاظ اذ ما رقمت
کذا معانيها لدي البيان   تکون مثل هذه المعاني
و ذا الذي مستخرج من الصور   فالوهم مدرک له کما ظهر
فالوهم تلک آية للعاقلة   تکون من ادني المقام حاصلة
اذ رکبا جزئية المعاني   کلتاهما بالحس و العيان
احداهما المقترنات بالصور   احداهما المجردات فاعتبر
کذا الخيال آية للعالمة   تکون في ادني المقام قائمة
اذ تان ايضا تدرکان للصور   و الفرق ايضا بين هاتين ظهر
واحدة من تين تدرک التي   تکون مقدارية في الصورة
اخراهما للصور المجردة   من المثالية فادر القاعدة

المشعر الخامس: في المتعلمة

من القوي اذا عرفت الواهمة   عليک بعدها اذاً بالعالمة
کانت من المثال ايضاً وصلت   عن المشاعر التي قد فصلت
مدرکة هذي من المعددة   للصور العلمية المجردة
مظهرها في العالم الکبير   سادس الافلاک لدي الخبير
اي عن مواد الزمان عارية   عنها و عن صورتها و عالية

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 498 *»

کذاک عن صورته الخيال   اي عن تصوراتها في البال
و هکذا عن معنوية‌ بدت   و قوة الوهم اذا ما وجدت
و هکذا عن کل تصديق حصل   في قوة الفکر و في المشعر حل
مربياً في العالم الصغير   و مظهراً في العالم الکبير
خليفة النفس بالاستقلال   في العالم الادني اي المثال
لان بين القوتين للصور   اذ جردت مدرکتان في النظر
و ذاک من جزئية المعاني   الي التي کانت من الزمان
يدرکه الاخري علي الاجمال   ان جردت عن خصلة‌ المثال
فذاک عما کان حسياً کذا   من الزمانيات فادر المأخذا
فهذه دراکة لکل ما   تکون دونها فبادر و افهما
تدرکها کلا علي الاطلاق   من اجل فعل النفس بالاشراق
دراکة فليس فيها مطلقا   مادونها حس علي ما حققا
فلن تري فيها بالاستدلال   ما کان في الوهم و في الخيال
و ما بدا في الفکر . . . . . .   و ما بذي العين تراه رائيا
لانها کما بدت محققة   ما کان بين هذه مفرقة
فاروقة بان کل واحدة   تکون غير غيرها بالقاعدة
فهي علي جميعها مستعلية   لکلها آمرة و ناهية
فانها لو وقعت في رتبة   ما ادرکت لغيرها للغفلة
لکنها اذ ما تکن مستعلية   علي جميعها و عنها عالية
کانت اذاً بنفسها منفردة   مدرکة لکلها مجردة
عن کل ما يخصها من النسب   و رتبها و عن لوازم الرتب
لما ذکرته دليل ظاهر   تشير الالات الي النظائر
اذا فهمت هذه فالعالمة   لکلها مدرکة و عالمة
انت بها اذا اردت المعرفة   تجرداً کما وصفت بالصفة

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 499 *»

ففکرن في العلم بالحب و في   علمک بالبغض فجداً تعرف
فهل تري بالوصف اياه هما   في حال الامتياز ام غيرهما
و العلم بالطول و بالطويل   هل کان هذين لدي التمثيل
و العلم باللون هي اللون تري   و العلم بالطعوم طعماً مخبرا
و هکذا في سائر المعاني   من المثالي الي الزماني
فانت لو نظرت فيها کلها   عرفت ان العلم هذا غيرها
فهو الذي في نفسه منفرد   و عن صفات کلها مجرد
اذ لو بدا في نفسه مصورا   بصورة خاصة تصورا
لکان لايمکنه ادراک ما   کان سواها اجل ما تقدما
و الشيء کان ابداً منحصرا   بالحصن خاصاً اذا ما انحصرا
فالعين اذ ما لم‌تکن ملونة   في نفسها بخاص مقترنة
تدرک للالوان و هي اختلفت   بذلک الوصف اذا ما اتصفت
اذ لو تکن في نفسها زرقاء   و واجهتها صفحة خضراء
ادرکت الصفراء‌ خضراء اذا   فواجب ذا ان يکون هکذا
فتلک بين کلها مميزة   تدرک محسوساتها مميزة
اذ تلک نسبة الي المعددة   تکون عن قيودها مجردة
انت اذا اردتها ان تدرکا   وجدتها تأملا في نفسکا

المشعر السادس: في المتعقلة

اذا عرفت ما مضت مفصلة   عليک بالسادس منها العاقلة
فهي في الانسان من المعددة   ما تدرک المعاني المجردة
من غير اقتران هذي بالصور   اذا اردتها بامعان النظر
بلا اقتران بالمعاني التي   تکون دون حدها في الرتبة
مظهرها من هذي الافلاک زحل   في العالم الکبير طبقاً حيث حل

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 500 *»

مرتباً لها لدي البيان   في العالم الصغير في الانسان
و تلک ايضاً آية العقل اذا   ما کان کلياً علي ما اخذا
آيته في عالم المثال   خليفة له بالاستدلال
و الفرق بينها و بين العالمة   يعلم عند الاتسام بالسمة
فان هذا مدرک الکليات   و کان ذاک مدرک الجزئيات
يشترکان في المجردات   يختلفان في خلاف آتي
کلية مدرک هذا کبري   جزئية مدرک ذاک صغري
اذ مدرک الکلي لابد و ان   يکون کلياً کذا ليدرکن
و مدرک الجزئي جزئي کذا   ليدرکنه کيف کان مأخذا
اذ بين کل مدرک و مدرک   لابد من تناسب فادرک
للخبر الذي ذکرت آنفا   اذاً فلا اذکره مستأنفا
و انت حيثما عرفت العالمة   و ما تليها هذه علي السمة
فالعالم المحسوس ذو تغير   تدرکه الاولي لدي التدبر
و کل ذي تغير فحادث   تدرکه الاخري اذا تحدث
وان من هاتين کل واحدة   تغاير الاخري علي المشاهدة
فمدرکا واحدا اذ ما کائنا   لواحد لکان ما ادرکتا
ايضا کذاک و الخلاف ظاهر   ما بين مدرکيهما لناظر
و انما الجزئي عند الفصل   معناه کان غير معني الکلي
و هکذا لاشک ان الصغري   معناه کان غير معني الکبري
من ذاک اي من اختلاف فيهما   و مدرکيهما علي ما وسما
تحتاج في اخذ نتيجة الي   ذين کليهما معاً لتحصلا
و هکذا تکون محتاجاً الي   مدرک هاتين معاً تعقلا
لو کانتا شيئاً و مشعراً علي   ترادف اللفظ اذاً ما نقلا
ما کنت محتاجاً الي اللفظين   بل واحد کفي بغير مين

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 501 *»

وهذه القوة منه ربما   تضعف في شخص اذا تفهما
حينئذ فمنه لايقدر علي   قاعدة کلية لتشملا
فمثل ذاک مدرک بالعالمة   تغيير شيء حادث اذ علمه
و کل ذي تغير فحادث   لايدرکن من ضعفها فليلبث
لان هذا الشيء ذو تغير   من البديهيات في التدبر
من البديهيات تلک الصغري   بداهة اذ نسبت لکبري
اوليهما يدرک من صراحته   لايدرک الاخري لاجل دقته
من ذاک فيها کان محتاجاً الي   معلم له لان يحصلا
لکن اذا ما علم الکلية   يقدر علي فروعها الجزئية
فذاک من قوتها و رب من   اوتي باباً واحداً من ذي المنن
يستخرج العلوم منه کلها   ظاهرة باطنة تنبها
فالعلم نقطة کما يقال   واحدة کثرها الجهال
فمن يحط بهذه خبيرا   اوتي خيراً وافياً کثيرا
و منه الاختلاف بين الحکماء   في درجاتهم و بين العلماء
فرب من اوتي باباً واحدا   و منه الف الف باب وجدا
و آخر باباً من الابواب   و تحته يکون الف باب
و رب من اوتي باباً تحته   اقل من الف علي ما انتبهوا
کذا الي ان يبلغ الامر الي   عشرة ابواب اذا تنزلا
حينئذ فکان فوق کل ذي   علم عليم عالم بالمأخذ
کم من حکيم کان محتاجاً الي   حکيم آخر زماناً جاهلا
و هو اليه لايکون بالغا   في عمره و لايکون فارغا
فالامر اذ ما کان بين الحکماء   علي تفاوت کما تقدما
فکيف بينهم و بين من بدي   مستعلياً من الائمة الهدي
فذلک القدر من البيان قد   کفي کفاية لطالب الرشد

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 502 *»

من غير ان هيهنا شيء بقي   يستلزم التنبيه للتحقق

تنبيــه

و ذي المثاليات ايضاً کلها   تکون حيوانية فانتبها
و ان تکن تخص بالانسان   و لم‌تجد في سائر الحيوان
من غير ذاک الحس في اعيانها   و انما ذلک من نقصانها
و کلها توجد في الحيوان   اي ما يکون مرکب الانسان
و عرضه العارض و اللاحق به   حين نزوله فبادر و انتبه
من موطن اصلي اذ ما نزلا   لما تکون دونه متکملا
بمقتضي قول علي7 عاملا   تغربوا و سافروا تکملا
لو لم‌يسافر ذاک استکمالا   لم‌يکتسب علماً و لا کمالا
فقدر الله به له السفر   ميسراً له النزول بالقدر
اذ ذاک في موطنه اذا لبث   يلزم في خلقته لغو عبث
في عالم المثال اذ ما حبسا   فمن لباسه کذا تلبسا
فصار هذا بدن اي عرضي   حينئذ له لدي التعرض
له مشاعر و اعضاء و ذا   قد کان حبة اذا ما اخذا
و انه في حالة الانزال   ليس له تعين کمالي
اذ زرعت في عالم المثال   تلک تلاشت عند الاضمحلال
اذا بدا في الزرع فيما بينها   و بين الاجزاء التي من زينها
اي التي کانت مشاعر البدن   فعل و انفعال اذ بها اقترن
في کل جزء هيهنا اذ وقعا   بطبعه منفعلا تطبعا
اذ نبتت من تلک الارض ثانياً   و هي علي السوق استوت تخافيا
فسنبلت سنابلاً عديدة   في الارض و هي حبة وحيدة
في کل ذي سنبلة حبات   غير التي في غيرها ملقاة
ملقي المثال صار فيها کلها   اذاً علي هيأتها تشابها
افعاله من التي تختص به   حينئذ اظهر عنها فانتبه

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 503 *»

القي في هوية‌ المتعلقة   فصار فيها عاقلاً و عاقلة
و هکذا في کل مشعر اذا   القي ذا به يسمي هکذا
في کل رتبة اذا ما وقعا   بطبعها حينئذ تطبعا
و کان فيها مدرکاً اذا لما   تدرکها تلک اذاً ما استعملا
و مدرک يدرک فيها حقا   في کلها هو المثال الملقي
فهذه عاقلة و عالمة   فکراً خيالاً و کذاک الواهمة
اسماء للامثلة الملقاة   في ذي هويات المفصلات
فما ذکرتها من المقامات   بکلها اسماء للهويات
نعم مثال ربما يسمي   باسم هويته مجازاً رسما
و انما ذلک للمجاورة   فليعرف المثال من تذکره
و اعلم بان هذه الهويات   من المثالية برزخيات
فهي بکلها من المقام   تکون فوق عالم الاجسام
من هذه فکل جزء نازل   اذا عرفتها لدي التنزل
يظهر في جزء مناسب له   بعد صفائه علي ما هو هو
ففي بسائطها بسائطها بدت   و في المواليد کذا انوجدت
فعرشها في عرشها يبدو و في   کرسيها کرسيها في الموقف
و هکذا في سائر المظاهر   من جملة‌ الافلاک و العناصر
هنا اذا تألف العناصر   و امتزجت بامتزاج ظاهر
فمن تألفها هنا تداخلت   و من تداخلها اذا تفاعلت
لها من امتزاجها اذا بدت   صورة وحدانية توحدت
صارت اذاً دماً من الصفاء   في الکبد مع تشاکل الاجزاء
منه الي القلب الصنوبري جري   تجره اذا تحري صائرا
روحاً بخارياً لطيفاً کالقمر   کجسم فلکه لطافة ظهر
فيشتعل حينئذ بما اشتعل   ذاک به و هو الحيوة لادلل

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 504 *»

فهي اذا ادرکت المحسوسات   بما يحسها الي الممسوسات
يصير حساً و محله اذا   يصير اول الدماغ مأخذا
و هکذا في الدرجات العالية   من الدماغية اعني الباقية
في کل موقف يصير مظهرا   لمشعر من التي قد اشعرا
و ذلک البخار حيثما بدا   ليس مثالياً يصير ابدا
بل ذاک في جميعها جسماني   و عرضي دنيوي فاني
في الدرجات الست حيثما جري   لذي المثاليات . . . . . . . . .
و ما له من الصعود مانع   اليه في المولود و هو جامع
و ذو تفرد عن الانداد   مستعلياً عن جملة‌ الاضداد
و دونه من سائر الاناسي   بذاک لايقاس في القياسي
اذاً فکم من واقف في الخامسة   و کان لايصعد نحو السادسة
و هکذا في الدرجات الدانية   رابعة ثالثة و ثانية
و يمکن الوقوف للمولود في   دانية منها لدي التوقف
و تشرق التي تکون فوقها   قدراً عليها بالضياء و البها
حينئذ يدرک ذا بالظل   و ما من العليا له من اصل
و ذا لان الفلک الاعلي اذا   يشرق علي الادني فذاک هکذا
يکتسب الخواص التي له   فطبعه فهيهنا ينتبه
فذلک الظل بالاستدلال   تطبع الداني بطبع العالي
اذ اشرق الزهرة او عطارد   علي القمر في حالة التوارد
يطبع هذين اذا تطبعا   و ذاک في رتبته قد وقعا
هذا و ظل ما يکون غالبا   کان مشابهاً له اذ القيا
من ذا تري للمتوقفين في   مرتبة‌ خصلة من لم‌يقف
و لايساوي الظل ذا الظل و ما   کان کأصل بدل مسلما
فذان ليسا ذين في التوصف   ما کل ذي صباحة بيوسف

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 505 *»

فلايغرنک في البلاد   اذا تقلبوا لدي الرشاد
و ما تري في عرصة الحيوانات   من التي ذکرت بالبيانات
مشابهاً لها علي الاجمال   من فکر او وهم و من خيال
و ما لها من قبضة‌ لدي النظر   من هذه الافلاک من سوي القمر
و ذاک من اظلال الافلاک بدا   و رب جاهل اليها اسندا

الخاتمـــة

في بيان الحصص الشمسية و الکرسية و العرشية

ما کان في الوجود من مولود   بل کل موجود لدي الوجود
لابد من اربع مراتب له   في حده حتي يصير هو هو
لو لم‌يکن واحدة منها لما   يصير ذاک شيئا تاما
مرتبة المادة النوعية   مرتبة المادة الشخصية
کذلک الصورة و هي تنقسم   ايضاً علي قسمين مما قد علم
فلايري شيء من الاشياء   لا في الثري و لا علي السماء
و هکذا في الغيب و الشهادة   الا و هذه له وسادة
و هذه توجد في السرير   کلا و لايخفي علي البصير
اما المراتب الثلثة التي   تکون قبل الصورة الشخصية
ما للسريرية فيها مطلقا   تعين من قبل ان تحققا
بل کان فيها ذا و غيرها علي   حد سواء قبل ان يکملا
فاذ بدت في هذه اختصت بها   و انطبعت بطبعها تنبها
فان تکن طيبة فهي اذا   تصير فيها هکذا و هکذا
فهذه في الصورة الخمرية   خبيثة و العکس في الحلية

٭     ٭     ٭     ٭

و تلک ايضاً في الحواس التي   ذکرت آنفاً لقد ثبتت
منها ثلث قبل ان تعينا   واحدة اذا بدت تعينا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 506 *»

بهذه تعينت و هي التي   موصوفة في الوصف بالشخصية
و تلک ما تساوق الوجودات   بل هي نفسها من الموجودات
فهيهنا المادة النوعية   لهذه حصتها العرشية
و انها الادراک محضاً و هو لا   يختص مشعراً علي ما فصلا
و انها ايضاً لها الذکر الاول   و العقل بالقوة حيثما حصل
لها کذاک صورة نوعية   من تلک و هي الحصة الکرسية
و تلک مورد التعين الاول   للذکر اولاً و عزم استقل
و هکذا المادة الشخصية   بهذه حصتها الشمسية
و هي التي قوة الاستفادة   موجودة فيها لدي الافادة
فتلک حيث اشرقت علي الحصص   اشراقها في کل حصة لخص
في زحلية تصير عاقلة   و هکذا في غيرها منفعلة
فذي المراتب الثلث العليا   نزولاً اذ ما اقترنت في الدنيا
بصورة‌ المشاعر المرتبة   لتمت الاربع منها مرتبة
فذي الثلث قبل الاقتران   بها کما بدي لدي البيان
ليس لها تعين بمشعر   فذاک لايخفي لدي التدبر
و هذه المشاعر المفصلة   بل کل مشعر کما نفصله
لکانت الابواب للجنان   او کانت الابواب للنيران
فالحس اذ ما قوبل المرضية   لله من ذي الصور الحسية
کصورة الزهاد و المساجد   و صورة المقاتل المجاهد
و سائر الاشياء نحو العبرة   و رؤية القدرة من ذي القدرة
کذاک من مرضية الاصوات   نحو استماع العلم و الايات
و هکذا صورة ما شم و ما   تذوقه اذ لم‌تکن محرما
من حيث الاعتبار و التدبر   و رؤية القدرة و التدبر
صار حيوة اي سماوية اذ   کان کذا من الذي به اخذ

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 507 *»

فهيهنا صار سماء اولي   اي باب جنة تکون ادني
و ان يقع فيها من المسخوطات   لله في مقابل المرضيات
لصار للنيران اعني الاعلي   من تلک ذا باباً و ارضاً اولي
و تلک ارض الموت بالالات   و ان حوت کونية الحيوة
فداعي الله هنا اجيبوا   لله و الرسول استجيبوا
اذا دعاکم لما يحييکم   فانما الحيوة فيما يحکم
کذا بما قد کان من عطارد   اذا تفکرت لدي التوارد
و کنت في فکرک مثبتاً لما   اثبته الله تعالي مسلما
صارت اذاً منک سماء ثانية   باباً الي ثانية الثمانية
و سالکاً مسالک الاقران   بلا دليل و بلا برهان
کأن تقول مستدلاً ساکنا   انا وجدنا هکذا آباءنا
صارت اذاً باباً لنحو الثانية   من طبقاتها حذاء العالية
و هذه النار من المعدودات   ماوقعت في الارض ارض العادات
و ارضها عن الحکيم نقلا   ماوقعت في تحت الارض الاولي
و صورة الخيرات اذ تخيلا   بحصة الزهرة اذ ما اقبلا
صارت له باباً مفتحاً الي   ثالثة الجنات مما عملا
و هي التي تکون ايضاً واقعة   فوق التي ذکرت تحت الرابعة
و صورة الشرور اذ تخيلا   بما ذکرت هيهنا تخيلا
صارت له باباً الي النار التي   قد وقعت في الارض في الثالثة
کذا اذا احب بالشمسية   لله في الله من المرضية
کان يحب الاولياء صادقا   و کل ما قد امروا محققا
صارت الي الجنان نحو الرابعة   باباً له هناک او للسابعة
و في سماء الحب هيهنا حصل   له مدارج علي ما قد فعل
صارت له باباً لنحو الرابعة   من طبقات النار او للسابعة

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 508 *»

واقعة في الارض ترديداً کما   عرفت ذا الترديد في ما رقما
و بعد ارض الطبع تلک نقلا   تکون ارض الشهوات . . . .
و ان توهم المعاني التي   اقترنت و هي من المحبوبة
بحصة المريخ صارت هيهنا   تلک له باباً علي ما بينا
الي التي واقعة في الخامسة   خامسة و تلک تحت السادسة
او التي تکون منها واقعة   رابعة و في السماء الرابعة
و ان بها بعکسها توهما   صارت له بالعکس باباً فاعلما
و هکذا بمشترية اذا   تعلم العلوم اذ ما اخذا
صارت له باباً لنحو السادسة   من هذه الجنان او للخامسة
و ان بها بعکسها تعلما   صارت له بعکس ما تقدما
و ان تعقل المعاني التي   تجردت بالحصة‌ الزحلية
من اعتقادات صحيحة علي   ما بين الله و من قد ارسلا
صارت له باباً الي السابعة   مما حواها و الي السادسة
لکن اذا حصل عکسها بها   صارت له باباً اذا يعکسها
و الارض هذه من الشقاوة   و ذات ترديد بلاتفاوت
سبعة ابواب لها کما علم   لکل باب منهم جزء قسم
و هکذا في الحصة الکرسية   و مثلها في الحصة العرشية
فمنهما اذ حصل المرضيات   من الکمالات کما في الايات
فصارتا باباً له للثامنة   مما حوي حتي يصير مأمنه
مقامه اذا مقام الرضوان   سقف المکان ذاک عرش الرحمن
مطلس ذاک من النقصان   من کثرات عالم الاکوان
و فرش ذلک المقام العالي   طرز بالکمال و الجمال
و تان من ذي الحصص العرشية   ان اکسبا عرشية کرسية
لصارتا باباً لذي الجزاء   للثور او للصخرة الصماء

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 509 *»

و اعلم بان هذه في الاخرة   ليست بنفسها يقيناً ظاهرة
فليست الابواب ذي متصلة   في الذات حيثما تکون حاصلة
بالدرجات في اتصالها و لا   بالدرکات فاعرفنها فاصلا
و انما هي الحظائر التي   تکون بين نارها و الجنة
من اجل ذاک يمکن الرجوع   من بعضها و يمکن الوقوع
لانها واقعة جميعها   في عالم التدريج ما تنبها
فيمکن المحو للاسماء هنا   کذاک الاثبات علي ما برهنا
فليس هيهنا مقام اليأس   بالله نستجير من ذا اليأس

فصل: في المشاعر الغيبية

المشعر الاول: في المشعر النفساني

اعلم بان المشعر النفساني   من هذه المشاعر الانساني
ما يدرک المرء به جميع ما   ادرک في المثال مما علما
و کل ما في عالم المثال   ادرک تدريجاً من الاعمال
و کل ما ادرک بالتدريج ذا   في عالم الزمان حساً و کذا
و هکذا ظهور علم قد خفي   عليه کي يحصل بالتکلف
لايترقب هيهنا بروز ما   لم‌يک عاملا له مسلما
و ليس ينسي الشيء مما علما   اذ کان عاملا له مقدما
هناک تبقي جملة الاعمال   کانت من الدنيا ام المثال
صغيرة کبيرة فذاک لا   يغادرنها علي ما عملا
ما ضره من اصل او من فرع   لانه مقام جمع الجمع
لان دنيوية الاعمال   و علمها تجمع في المثال
مع المثاليات تلک ظاهرة   تجمع بعد کلها في الاخرة
لکنها ظاهرة فيها علي   تجرد مادة اذ نقلا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 510 *»

عارية عن المواد التي   تمدها خالية عن قوة
فکلها تکون بالفعل اذا   و ليس فيها الانتظار مأخذا
و الانتظار في جميع الاکوار   تکون في القوة حتي الاظهار
لاسيما اوقاتها ليست علي   تدرج عرضاً علي ما فصلا
فکيف الانتظار للشيء هنا   و ما لها تدرج مبرهنا
و نفس ذي الانات عند الاخرة   مع ما بدا فيها تکون حاضرة
فيها اليها کنت ناظراً کما   تنظر في کفک عيناً عالما
ماکان في کفک کيف يوضح   فهيهنا اوضح بل و اوضح
اذ کنت فيها انت ظاهراً بها   و هي ظهوراتک مما نبها
و انما الظاهر فيها اظهر   من نفسها فکيف عنه يستر
و هيهنا لست تراها ظاهرة   من حجب تکون عنک ساترة
لکنما الغطاء عنک اذ کشف   حقيقة الامر عليک تنکشف
فلاتغادر هيهنا صغيرة   مما عملته و لا کبيرة
اذاً وجدت ما عملت حاضرا   و کنت منها فائزاً و حاضرا
و ان ذا بالموت الاختياري   يمکن او بالموت الانتظاري
فکل ما زرعته في الدنيا   کذاک في البرزخ زرعاً سقيا
من جملة العلوم و الاعمال   تحصدها فيها بالاستقلال
اذ ما زرعت انت شيئاً فيهما   فيها فلاتطمع بها مسلما
فليس للانسان الا ما سعي   و سعيه عما قريب ليري
فهيهنا بما اتصفت وصفا   هناک يجزيک الجزاء الاوفي
فهو سيجزيهم لدي الجزاء   هناک وصفهم علي الوفاء
و انت اذ عرفت نوع المعرفة   في هذه الرسالة المؤلفة
تقدر علي معرفة الافراد   عليک بالجهد في الازدياد

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 511 *»

المشعر الثاني: في المشعر العقلاني

اذا عرفت المشعر النفساني   فالثان منها المشعر العقلاني
من المعاني يدرک المرء بها   ما کان کلياً اذا تنبها
الجبروتي الذي عري عن   مجردات الصور اعلم و افتطن
من ملکوتية او من التي   مادة کانت من الملکية
فهي عن الجميع اذ تجردت   و من خصوصياتها اذ ما عدت
و ذاک صارت وسط الکل اذا   و قطب کلها و قلبها کذا
و عالماً بالکل قبل کلها   و حينما و بعدها تنبها
و هذه قبلية بعدية   رتبية ليست بتدريجية
فذلک المشعر علمها بها   من قبل کونها کبعد کونها
فخارجاً اذ ما عدا ذلک عن   رتبتها باسرها فيطلقن
لانها بکلها منفية   عنه بمثل الصور الحرفية
فهذه ايضاً لدي التعداد   منفية کلا عن المداد
ان يکن المداد ذا عين الالف   بغيرها تصوراً لايأتلف
و هکذا لو کان عين الباء   لما يصير ظاهراً في التاء
لو کان بعض هذه الحروف   ما کان غيره لدي الوقوف
لو کان کلها لکان بعضها   بعضاً له لکنه تنزها
و الصمغ و التوتج و العفص کذا   ابعاضه لاذي الحروف مأخذا
ليست بکله و لا ببعضه   و تلک لاتفرض عند فرضه
و انما کانت له ظهورات   تطوراته علي الاشارات
و عن جميع مالها اذ جردا   في کلها و بعضها لقد بدا
فقبل کونها و بعد رتبة   قد کان ذا تقدم لامدة
و هو ممدها يکون ابدا   و تلک تستمد منها سرمدا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 512 *»

لولاه لم‌تکن و لولاها فقد   کان و من تلک الحروف ما استمد
قد کان حين کونها و هذه   منفية عنه علي التنزه
فالالف الحرفي اذ ما نظرت   بعينها التي اعيرت و اعترت
فنفسها عنه نفت و غيرها   فيها رأته ظاهراً منزها
بحيث من لسانه المعارة   يقول واضحاً بلا اشارة
ما في الديار من سوي المداد   لابس مغفر من الاضداد
و ما خلت عن شخصه الجهات   و هو الحمي و الحي و الفلوات
و ليس ممکناً لها هذا النظر   من غير ان تغفل عنها في الخبر
و ما ذکرته لدي الارشاد   يمکنها بالنظر المدادي
فذاک ايضاً هيهنا کما وصف   محققاً عين المداد للالف
اعارها المداد مستعارة   فهي اضمحلت حال الاستعارة
فهيهنا لها علي التحقق   من غير هذي العين شيء مابقي
و هيهنا قالوا اذا تنبهوا   جميعها هالک الا وجهه
و تلک مادام لها البقاء لا   تنظر بعينها اليه فاعقلا
لکنها کانت علي الاشارة   ناظرة بعينها المعارة
فاعلم بانه اولوا الالباب   قد علموا بان في ذا الباب
علي الذي هناک الاستدلال   الا بما کان هنا مجال
فما تري في الخلق نوعاً ابدا   من ذي تفاوت و ان شخصاً بدا
فانت بعد ما لوازم الرتب   وضعت في موضعها کما وجب
تقدر علي ادراک نوع ساري   في الکل جريا في الجميع جاري
في العالم الاعلي عليک اذ خفي   شيء من العالم الادني استکشف
لانما النوع علي ما حققا   ما کان فيه اختلاف مطلقا
فانت حيثما عرفت الواحدا   في عالم الشهود اذ ما اسندا
بانه يکون ربع الاربعة   و هکذا من الکسور الواقعة

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 513 *»

تقدر علي اثبات ذا الحکم اذا   في عالم الغيب يقيناً هکذا
لان ذاک الحکم کلي و لا   يمکن الاختلاف فيه حاصلا
فنسبة الغيبي من بين النسب   مادة و صورة اذا انتسب
کنسبة الشيء الزماني . . . .   مادة و صورة کان . . . .
لانما النسبة امر کلي   و انها لاتختلف في الکل
ففي الربوبية شيء اذ خفي   عند العبودية ذاک تعرف
و هکذا في عکسه لانها   جوهرة و تلک کانت . . . .
فانت اذ عرفت نسبة الالف   مع المداد هيهنا کما وصف
لتعرف النسبة فيها مأخذا   بين الحروف الملکوتي کذا
مع المداد الجبروتي هنا   اذ کهناک هيهنا مبرهنا
و انت في عالمک الاصلي من   تلک الحروف کنت حرفاً و افتطن
تکون حرفاً منه في الوقوف   و المؤمنون سائر الحروف
فانت حيثما نظرت عامدا   بالجبروتي الذي فيک بدا
اذ کان ذا بعينه الکلية   هناک لا بعينک الجزئية
حينئذ منها رأيت نفسکا   کذاک نفس الغير نفساً هالکا
نفسک او غيرک انت هيهنا   رأيت انواراً له تفطنا
فهيهنا تتلو النبي اولي   بالمؤمنين المخلصين کلا
يا جوهراً به الوجود قاما   و الناس بعد عرض تماما
هنا تقول المؤمنون الناس   و سائر الناس اذاً نسناس
فذلک الوجود في الماهيات   کان هو الظاهر في المرئيات
من اجل ذاک ينسب الذرات ذا   لنفسه اذ في البيان اخذا
و تلک اولية الماهيات   کذاک الاوصاف من المرضيات
و تلک ماهياتها و في الخبر   الا و نحن النذر الاولي صدر
و کل مؤمن نذير رفعة   لمن يکون دونه اي رتبة

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 514 *»

کذاک ما ذکرت من قول علي   انا صلوة المؤمنين ينجلي
و ان اردت انت ذاک في المثل   فانظر الي زيد تري فيه حصل
اليه حيثما نظرت اولا   تراه انساناً بصيراً عاقلا
و هکذا في حالة القيام   تراه انساناً بلا ابهام
و هکذا في حالة المشي و في   سرعة مشيه لدي التعرف
فانما السريع للماشي اثر   و ذاک للقائم حيثما ظهر
و هو لزيد اثر و قد بدا   و ذا للانسان اذا ما اسندا
فذاک الانسان بزيد واقعا   ان قائما ان ماشيا ان مسرعا
لانما الانسان في کليته   ليس له من صورة في رتبته
عن صورة ‌القائم و الماشي اذا   علا فکان في الجميع نافذا
فحيثما عرفت في الشهود ذا   فهو لدي الغيب يکون هکذا
فهيهنا ما کان من صلوة   و کل ما اوتي من زکوة
کذاک بالمعروف حيثما امر   کذا عن المنکر حيثما انزجر
تشهدها في رجل محققا   و کلها فيه تقول مطلقا
اذا تقول يامقلب الفلک   وحدک وحدک انت لاشريک لک
و انت في الجميع کنت قائما   مصلياً و حاجاً و صائما
ان ذکر الخير فکنتم کله   اوله آخره و اصله
بذلک المشعر انت ثمة   عرفت بالنبي و الائمة
عرفتهم بذلک المشعر في   مقام قطبيتهم في الموقف
و هکذا في موقف الامامة   من نظر بالوصف و العلامة
اما مقام ذي الامامة التي   في عرضنا فذاک في البشرية

المشعر الثالث: في المشعر النوراني

اذا عرفت مشعر العقلاني   فهيهنا عليک بالنوراني

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 515 *»

و هو الذي ربه الانسان عرف   به بما قد کان نفسه وصف
و هو الي النور يکون مسندا   لانه النور و مما وردا
من اجل ذا عبر في الحقيقة   بهذه العبارة الدقيقة
منها کميل بن زياد اذ سأل   نور لقد اشرق من صبح الازل
لاخر الحديث فالنوراني   مما بدا فسر بالرباني
و انما المراد من ذا النور   مقابل الظلمة و الديجور
و ذلک النور لدي التوصيف   مقام ذات الله في التعريف
مقام ذات الله اعني العليا   لم‌يشق من يعرفها في الدنيا
من کان جاهلا بها فقد غوي   و غير عارف بها لقد هوي
فعارف بالله من بهم عرف   و جاهل بالله من عنهم جنف
اما الذي کان يعم النورا   و الظلمات هکذا ظهورا
فهو مقام ما تعم العليا   من العموم و کذاک الدنيا
و تلک ما يعرفها کل احد   تعرفاً يجده کل ما انوجد
تعرفت لکل شيء فهي لا   يجهلها شيء علي ما نقلا
فذلک النور الذي استضاء به   هياکل التوحيد عند المنتبه
يختص بالذين هم قد آمنوا   هياکل التوحيد ممن احسنوا
و انما الله وليهم و لا   يکون للکفار مولي فاعقلا
و قد علمت انهم اذ آمنوا   مااشرکوا بربهم و احسنوا
فليس فيهم ظاهراً و باطنا   من غير نور ربهم مبينا
فذي المعية التي معهم تفي   معية لاتتناهي فاعرف
بحيث کان ينفذ الولاية   فيهم بکلهم بلا نهاية
فهيهنا اذ ادرکوا ما ادرکوا   بربهم . . . . . . . . . . . .
لايملکون معه نفعاً و لا   ضراً و لا غيرهما تذللا
من ربهم کانوا في الاضمحلال   کميت يوضع للغسال

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 516 *»

تحسبهم کذاک ايقاظاً هنا   في کهفهم و هم رقود باطنا
و هم يقلبون في الاحوال   لجانب اليمين و الشمال
و هم بحول الله يعملونا   اذ ما يقومون و يقعدونا
و ليس حولهم من الشيطان   کحول اهل البغي و الطغيان
فانهم قد باض في صدورهم   شيطانهم و دب في جحورهم
حينئذ فهو باعينهم نظر   و هکذا في کل صادر صدر
و صار کالروح اذا فيه کذا   محرکاً مسکناً اذ نفذا
فکان وحده اذا استولي علي   قلوبهم و کان فيهم عاملا
اي بشراکة من النور اذا   ما کان يستولي عليها نافذا
لکنما الرحمن مستول علي   عرش وجود من ذکرت اولا
و قلبهم اذ کان عرشه فلا   سبيل للشيطان فيهم داخلا
اذا فمعني قوله اني اري   ما لاترونه صريحاً ظهرا

٭     ٭     ٭     ٭

فيغوين الناس اجمعينا   الا عباد الله مخلصينا
و الملخصون الذين اخلصوا   لله وحده و قد تخصصوا
بحيث لايوجد فيهم مطلقا   شوب من الابليس مما حققا
حينئذ هم الذين صدقوا   عند صلاتهم اذا ما نطقوا
نحن بحول الله کنا نعمل   نقوم او نقعد في ما نفعل
و هم يصدقون في ذا المدعي   لانهم ما نطقوا عن الهوي
عن غير انطاق من الاله اذ   جميع ما يشغلهم عنه نبذ
اذ ليس بعد الحق في الاحوال   الا الذي کان من الضلال
فما سوي النور لدي الظهور   يکون ظلمة و عکس النور
و ماسوي الحق يکون باطلا   و هو من الشيطان اذ ما حصلا
و عوده ايضاً الي الشيطان   فهم عباده لدي البيان

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 517 *»

اما عباد الله اجمعونا   فهم بامر الله يعملونا
من ذاک قيل للنبي وافيا   و ما رميت اذ رميت راميا
من يطع الرسول في الاعمال   فقد اطاع الله ذا الجلال
تمحضوا في النور مدخلا اذا   في نور ربهم و مخرجاً کذا
فکل ما تنسبه للنور   فهو لهم ايضاً بلا فطور
لا فرق في البين علي ما نقلا   الا العبودية حسب مجملا
و بدؤهم منه و عودهم کذا   اليه في النسبة‌ فادر المأخذا
کما اذا رأيت زيداً قاعدا   و قائماً و راکعاً و ساجدا
لا فرق بينه و بين القاعد   و غيره اذ قام في المشاهد
من غير انه يکون واحدا   و هذه اربعة تعددا
و بدؤها و عودها کان الي   زيد و عنه ابداً ان تنقلا
بل هو وحده يکون قاعدا   و راکعاً و ساجداً منفردا
ليس له فيها شريک مطلقا   و الغير فيها لم‌يکن محققا
من احدية يکون نافذا   فيها بغير مانع اذ نفذا
اذ ليس محدوداً بحدها فلا   يمنع من النفوذ فيها منزلا
اذ کان محدوداً بحد القاعد   ما کان منه نافذاً في الساجد
فذا الذي من النفوذ مانع   الحد و الصورة فيها يمنع
فذلک الحد اذا ما ارتفعا   من بينها و بين . . . . . واهما
ففي نفوذه اذاً لاينتظر   و هو عن النفوذ فيها ما حظر
مادام زيد ثابتاً و هي له   يکون فيها نافذاً فانتبهوا
بحيث لايشارکنه احد   فيها و في نفوذه لدي المدد
و لا بمعني انه روح و ذي   ابدانه في نفسه و انبذ
و لا بمعني ان زيدا مادة   و تلک صورة بلا مضادة
لانما الروح هنا غير البدن   و ان يکن لطيفة عند الفطن

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 518 *»

لکنما اللطيف في التلطف   غير الکثيف کان في التعرف
کذلک الاخر اذ هي التي   تصلح للظهور اي بالصورة
و هي ظهورها و منها استخرجت   من المکملات اذ ما اخرجت
لم‌تک صورة‌ فکانت و هي هي   فتلک غيرها لذي التنبه
اما غيور الزيد نسبة الي   صفاته ليس کذاک منزلا
فانها تکون تحديداً لها   لا بينه و بينها تنبها
فهو هي اثباتاً او وجودا   و هي هو عياناً او شهودا
و ليس في البيان ذاتاً هو هي   اي احدية اذا لاينتهي
کذاک للترکيب ليست هي هو   تعدداً و کثرة اذ نبهوا
و هذه الحالات حالات بها   اشار في الاخبار ارباب النهي
فما ذکرتها کما تشاهد   اربعة و ان زيداً واحد
فانها ليست بواحد و لا   يکون ذاک مما تلک فصلا
لکنما الوحدة ليست هيهنا   من سنخ ذي الوحدات مما بينا
فليست الوحدة من ذي الاربعة   حتي تکون معها مصادقة
بل ليست الکثرة من اضدادها   و لاتکون تلک من اندادها
بل هي لاحد لها تنزها   من اجل ذا تظهر فيها وحدها
و انما الظاهر في الظهور   من نفسه اظهر في المنظور
و کان اولي منه اذ يشاهد   و منه في مکانه لاوجد
فليس شيء هيهنا سواه   اذ معه يمنع ما عداه
فذاک ما عداه لايذکر معه   و معه غيوره ممتنعة
فبين زيد و صفاته اذا   عرفت ما هنا ذکرت مأخذا
اعلم بان هذه نوعية   جارية في الکل بالکلية
فانه صفات ذاک النور   منسوبة اليه في الظهور
و هذه اسماؤه و الاسم ما   انبأنا عن المسمي فاعلما

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 519 *»

فکل اسم عنه ايضاً انبأ   کما تري القائم عنه منبأ
اذ کان ذاک الاسم من اسمائه   فحاکياً يصدق في انبائه
لانه بنفسه زيد ظهر   بصورة‌ القيام عند ذي بصر
فعند من کان مبيناً يخبر   تعرفاً يکون منه اظهر
فهو بنفسه يکون مخبرا   عن نفسه عنها اذا ما اخبرا
فغيره هناک لايشاهد   و ان زيدا قائم و قاعد
ان شئت سمه هنا بالنور   کذا صفاته لدي الظهور
محمداً کذا علياً و الحسن   کذلک الحسين من حيث الفطن
لانه اسماؤه الحسني التي   امرت ان تدعو بها في الدعوة
هنا قل الله من الرجاء   ادعوا او الرحمن في دعاء
فادع محمداً اذا شئت و ان   شئت علياً فادع ايها الفطن
والله من اسمائه لا نور   اوجد من جميعها و اظهر
لکنه من شدة النور خفي   و غيره لم‌ير قلب العارف
بحيث لم‌يبق سواه فهو هو   بلاشريک و هو کان وحده
من عبد الاسم و في حال النظر   رأي له غير المسمي قد کفر
و الاسم و المعني معاً اذا عبد   و الاسم غيره يري اذا ورد
و بين ذاک الاسم و المعني جمع   اشرک بالله و في الشرک وقع
لکنه من عبد المعني علي   ايقاع الاسماء عليه عاملا
اولئک الاقوام کانوا في الوري   صحب اميرالمؤمنين مخبرا
فانما المؤمن اذ ما نظرا   عارفاً انطواءه تذکرا
تحت ظهور نوره هنا کما   تذکر القائم ايضاً عادما
و معني الانطواء تحته هنا   وجدان الامتناع معه معلنا
فعجزه عن درک ذا النور يري   من لمعاته اذا ما نظرا
اذا رآه رؤية منزها   للقلب و القلب اذا توجها

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 520 *»

کذاک هيهنا اذا ينتبه   ايضا رأي الوصول لايمکنه
اذ کلما توجه اضمحلا   في جنب نوره و ما استقلا
الجأه هناک کله الطلب   اي ذلک الهيکل حيثما طلب
اي بشرية الهياکل التي   تکون باباً لجناب الکعبة
و هي التي يظهر فيها النور   اذ کان للنور هنا ظهور
حينئذ فهو لدي الباب يقف   فيه يري جنابه کما وصف
و هو الي مطلوبه يبلغ في   حضرته في حالة التوقف
يري الجناب فيه من جنابه   ابدي کذا جنابه من بابه
فهو اذا رأي الجناب اظهرا   فيرفع اليدين کي تکبرا
يقوم عنده کعبد خاضع   لربه الجليل في التواضع
آلاء ربه اذا تذکرا   اثني عليه حامداً و شاکرا
اذا تذکر الصفات الحاوية   له کذا لغيره و الطاوية
اناب هيهنا و خر راکعا   اقر باسمه العظيم خاضعا
فقام بعده مقراً واصفا   بانه اکبر من ان يوصفا
فخر ساجداً علي ذلته   و هو علي الاقرار في رفقته
بانه اعلي من القيام في   حضرته توقفا في الموقف
فقال في سجوده معفرا   ذکر السجود حيثما تذکرا
قال مقراً و بحمده هنا   و الفعل محذوف هنا مبرهنا
يقر هيهنا بالجاء الطلب   اياه اي بشکله اذا طلب
و انه الباب الذي به ابتلي   کل الوري في الله جل و علا
فصار للخلق اذاً معرفته   معرفة الله کذاک طاعته
لانه هو المطاع الظاهر   بين المطيعين اذا ما جاوروا
فليس لله سوي معرفته   معرفة کذاک غير طاعته
فعنه من عدا هنا تجاوزا   فهو عن الله لقد تجاوزا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 521 *»

و کل من اعرض عن ذکري هنا   معيشة ضنک له مبينا
عنا فعينيه اذا ما اعمي   نحشره يوم الحساب اعمي
فحسرة يقول يا رب لما   حشرتني اعمي و مم ذا العمي
من ربه يسمع في الجواب   ما کنت تقرأه من الکتاب
فقد لعناهم هنا بکفرهم   و فسرت بکفرهم بسترهم
فاعلم بان سائر المعارف   ما حصلت من دونهم زخارف
اذا عرفته من الائمة   هنا عرفته يقيناً ثمة
من غيرهم لاتعرف الله و ان   شققت فيها الشعر ايها الفطن
و کل من يعرف من الحقائق   حقيقة من سابق و لاحق
يعرفها بالقطع في ظهور   منها و ما في الخلق من فطور
معرفة الماء ففي البحار   يجعل او في الحوض و الانهار
اذا عرفت الماء فيه بالصفة   فهي و الا لفقدت المعرفة
معرفة النبات بالقرار   في احد النجوم و الاشجار
معرفة الحيوان و الانسان   کذا في الافراد علي العيان
فالجنس في افراده مشهود   و ما له في غيرها وجود
و انه معرفة الحقائق   ممنوعة بهذه الدقائق
من دونها عند اولي الالباب   فلتدخل البيوت بالابواب
و ان هذه لدي قطع النظر   عن الظهورات فما لها اثر
اذا عرفت ذاک بالبرهان   فلتعلمن بعلمک العيان
بانه معرفة الله کذا   تکون في اسمائه قلنا خذا
و انت لو قطعت عنها النظرا   في غيرها لم‌تر عنه اثرا
و ما سمعته من العوام   و هم من الغفلة کالانعام
لفظ و لفظ الماء للعطشان   ليس بنافع لدي البيان
و انما يروي من الظماء ما   سمي بالماء فبادر و افهما

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 522 *»

و انما يؤثر الجوهر في   کل مقام فاطلبنه و اعرف
و ما له ايضاً من الوجود   الا في الاسماء علي المشهود
لفظية الاسماء لاتنبئ عن   شيء من الجوهر عند ذي فطن
و هيهنا قد قيل قول حاصله   لو کان غيره اتتک رسله
من عند غير الله اذ لم‌يأتنا   رسل کذا فيما سيأتي . . .
اذا علمنا ان غير الله لا   يکون موجوداً و الا ارسلا
لو کان موجوداً له ظهورا   رأيت في الخلق کذاک نورا
فالله لما کان موجوداً بدا   له ظهور في الوري محمدا
قد عرف الله به من عرفه   من ليس عارفاً به لن يعرفه
متخذاً الهه هواه ذا   و ليس بالله اذاً ما اتخذا
و اعلم بان هيهنا اسماؤه   في الخلق هم بالقطع انبياؤه
خذ ما ذکرت آمناً و شاکرا   محوت الاوهام لمن تذکرا
فذلک القدر کفي اهل الوفا   و نصرة الله حسبي و کفي

المشعر الرابع: في المشعر الامري

و منه الامري و منه واضحا   يدرک الانسان وجوداً راجحا
بذاک يدرک التعين الاول   ما ليس قبله تعين حصل
ان شئت ان تميزه مميزا   من غيره مدرکة فميزا
فانت ان ادرکته فلتفتطن   بانه فيک و الا و افتطن
کأن تکون منه ناظرا الي   افراد نوع کالحديد مثلا
وجدتها محدودة تکثرت   بحيث لايحصي علي ما کثرت
اذا قطعت عن حدودها النظر   و عن تکثرها بمطمح البصر
مراعيا لنوعه الواحداني@   اي نسبة لها علي العيان
فهيهنا وجدت شيئاً واحدا   و لاتري فيه الحدود ابدا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 523 *»

و قد اذيبت کلها فيه و قد   تلاشت الجميع حيثما ورد
بحيث لاتکون انت واجدا   الا لدي النظرة شيئاً واحدا
فبينه و بين ذي الانواع   من غيره تجمع لدي اجتماع
من ذهب او صفر او نحاس   او غيرها بذلک المقياس
من هذه المعادن المنطرقة   وجدتها تکثرا متفقة
لکنما الکثرة ليست هيهنا   لکثرة الافراد منها معلنا
فعن تميزاتها اقطع النظر   و عن حدودها علي ما قد ظهر
رأيت معدناً هناک واحدا   منطرقاً و الغير فيه ما بدا
فبينه و بين ما لاينطرق   تجمع هکذا علي ما قد سبق
وجدت ذين متعددين   و قد تغايرا بغير مين
عن الحدود حيث تقطع النظر   وجدت مطلقاً و واحداً ظهر
کذاک حتي ينتهي الامر الي   مطلق الاجسام علي ما فصلا
کذلک الامر علي الاجمال   في کثرات عالم المثال
کذاک في العوالم الثمانية   حتي تراها مطلقات عالية
حينئذ کذاک تقطع النظر   عن کثراتها کما بدا و مر
وجدت شيئاً واحداً مرکبا   فذاک من دهريتين رکبا
و هو الوجود اذ بدا مقيدا   و جائز الامکان اذ ما وجدا
و انه الماء الذي قد نزلا   من عارض المشية اذ ما انزلا
و ان ماهيته بالايجاز   هي انصباغه من الجواز
من ارضه و هي تصير هيهنا   تلاشياً کما بدا مبينا
فغاية الکثرة هيهنا تجد   اثنين و الثالث معهما فقد
قد تم شخص الدهر منهما هنا   من غير الانتظار اذ تعينا
فذاک من اعلي وجوده الي   اسفل ماهيته تنزلا
يکون اثنين فان وجدت ذا   کذا بلا زيادة فحبذا

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 524 *»

و ذا هو الذات التي بالعليا   توصف في العليا کذا في الدنيا
و انها في النفس عن کلتيهما   بريئة عالية فلتفهما
فان تجد اکثر من اثنين   لما وجدته بغير مين
و ما وصلت باطناً و ظاهرا   اليه بل وجدت شيئاً آخرا
سميته عندک بالوجود   و ليس ذا به علي المشهود
بل هو من ذاک ظهور نسبة   و دونه ذاک الظهور رتبة
و ذان الاثنان علي ما برهنا   ليسا بصرفين بسيطين هنا
بل کل واحد لقد رکب من   اثنين هکذا علي ما قد زکن
حينئذ فهو علي ما حققا   رکب من اربعة محققا
فهو مرکب من اثني اثنين   من کل شيء فخلقنا زوجين
لکنها ليست هنا باربعة   دهرية اي صرفة فاتبعه
بل هذه دهرية لکن من   اعلاه حيثما تدبر الفطن
فانت لو اغضمت في حال النظر   عن طرفي جزئيه حيث تعتبر
اذاً تري هناک صرفتين   هما تکونان بسيطتين
و ليستا بسيطتين واقعا   من اجل ترکيب هنا قد وقعا
اذ ليس يعقل البسيط کونه   اثنين و هو ليس يخفي بونه
فذا الذي من صرفتين رکبا   بلا تفکک له مرکبا
تکون ماهيته متصفة   اي بوجوده وجوداً فاعرفه
وجوده بعکسها قد ظهرا   لانه مصور تصورا
حينئذ لاتقدر الغفلة عن   احداهما تفککاً علي العلن
اذ لايکونان هنا شيئين   بل ذان نصفان بغير مين
و نصف ما کان حقيقياً لما   کنت تراه مستقلاً فاعلما
بنفسه لايستقل ابدا   في الذهن و الخارج و هو ما بدا
فاعلم بان الواحد الحقيقي   اذا طلبته علي التحقيق

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 525 *»

في الوصف ما رکب من نصفين   حقيقيين لا اضافيين
فصاعدا اذا رأيت واحدا   علي الذي ذکرته مشاهدا
حينئذ انت وجدت واضحا   مما وجدته وجوداً راجحا
لان ذين اذ تضايفا کذا   هذا بذاک قائم ذاک بذا
فان وجدت واحداً تکثرا   رأيت من ذينک فيه اکثرا
وجدت منه هيهنا ظهورا   و کان ما طلبته مهجورا
و اشتبه الامر عليک واقعا   فخذ بما هنا ذکرت قاطعا

المشعر الخامس: في المشعر الکينوني

اعلم بان المشعر الکينوني   افضلها يا صاحب الفنون
فانه اعلي من الجميع بل   ليس بمشعر بما قل و دل
و ليس من ذاک الي العقلاني   بمشعر منک علي البرهان
اذ کنت انت و المشاعر التي   حويتها في صورة و کثرة
و ما لها تجاوز عن حد کا   فانت منها غيرها لن تدرکا
اذ لاتحد الادوات الا   انفسها محدودة محلا
ان شئت ادراک الذي قد خرجا   اي عن مقام الکثرات مخرجا
اطفئ سراج ما يکون مدرکا   للمتعددات مما ادرکا
فيطلع الصبح المضيء الواحد   انور منه حيثما تشاهد
بل نوره لم‌يک حيث کانا   الا به محققاً عيانا
فانظر اليها بالمشاعر التي   منها اذا ما وقعت في الکثرة
لغيرها بغيرها انظر شاهدا   عليه ما جاؤا به مستشهدا
فلتعرف الله بلا جهالة   بالله و الرسول بالرسالة
کذا اولي الامر علي ما نقلا   بالامر بالمعروف حتي تکملا
اي اعرف الله بما عرف به   للخلق نفسه بصيراً و انتبه

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 526 *»

و ما به عرف نفسه ذکر   في سورة التوحيد فاقرأ و اعتبر
و لتعرف الرسول هکذا بما   عرف نفسه به معلما
من صفة الانباء و الاخبار   عن ربه احداً علي الاشعار
کذا اولي الامر بما قد اظهروا   من امر ربهم اذا ما امروا
و امر غيره هو الامر بما   يکون منکراً اذا تکلما
فصاحب الامر هو الذي رجع   له الامور کلها مما وقع
فانت ان قدرت ان تصعد من   مقام الامکان و ما بعد زکن
تقدر علي بحت بسيط واجدا   و لاتکون غيره مشاهدا
بل تجد الوجدان و الوجودا   منک هنا ممتنعاً مفقودا
بل لاتجد غيرک سرمديا   يکون ذاک الغير او دهريا
الا هنا ممتنعاً محضاً کما   وجدت وجدانک منه عادما
اذ کل ماسوي الوجود الذاتي   ممتنعاً صرفاً لدي الاثبات
و ان اردت صحة الوجدان   في ما وجدته بالامتحان
فصحة الوجدان ان لاتجدا   هناک بالوجدان الا الاحدا
ما غيره ممتنع صرف معه   و کل الاغيار هنا ممتنعة
حينئذ فانت ما وجدت ذا   اذ معه ممتنعاً کنت کذا
بل کل ما عبر عنه بينا   وجدت غيراً لائقاً به هنا
اذ عنه لاتعبير ايضاً مطلقا   اذ ليس شيء غيره محققا
حينئذ تعرف ان علما   فعل و لاينقل مما علما
ان يعرف الشيء بذاته هنا   مما يکون منه فعلا معلنا
حينئذ فلاتقول انه   بالعلم لايعلم الا هو هو
بل هو هو و انت لاتقول   ذلک موضوع و ذا محمول
بل هو قل و انت في التقدير   لست تراه مرجع الضمير
حاشا بل المرجع غيره لما   رکب من هاء و واو فاعلما

 

 

«* الرسائل جلد 1 صفحه 527 *»

فهاؤها تکون للتثبيت في   تثبيتک الثابت عند العارف
و واوها اشارة للغائب   اذا تکلمت مع المخاطب
و انه ليس من التغاير   بغائب اذ کان غير الحاضر
فالهاء و الواو کلامه و لا   کلام عنه مطلقاً من العلي
و عنه اذ لايمکن التعبير   فاسکت و انت عارف خبير
و الحمد لله الحکيم اولاً   و آخراً و عاجلاً و آجلا
کذلک الصلوة في الاحوال   علي النبي المصطفي و الال

٭     ٭     ٭     ٭

قد تمت الارجوزة الشريفة علي يد ناظمها العبد الضعيف عليرضا الشريف في ليلة الاربعاء الثانية من شهر صفر من شهور سنة سبع و تسعين بعد المأتين و الالف (1297) حامداً مصلياً مستغفراً.